الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب
الحجر:
مَنْعُ مَالِكٍ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ ولِفَلَسٍ: مَنْعُ حَاكِمٍ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ الْمَوْجُودِ مُدَّةَ الْحَجْرِ وَالْمُفْلِسُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا مَا يَدْفَعُ بِهِ حَاجَتَهُ وعِنْدَ الْفُقَهَاءِ، مَنْ دَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ وَالْحَجْرُ عَلَى ضَرْبَيْنِ لِحَقِّ الْغَيْرِ عَلَى مُفْلِسٍ ورَاهِنٍ ومَرِيضٍ وقِنٍّ وَمُكَاتَبٍ
كتاب الحجر للمفلس وغيره
قوله: (منع مالك
…
إلخ) عبارة "الإقناع": منع الإنسان، وهي أليق بقوله الآتي:(وقن)؛ لأنه ليس بمالك على الصحيح. قوله: (الموجود) أي: حال الحجر. قوله: (والمفلس
…
إلخ) أي: لغة. قوله: (من لا مال له) أي: نقد. قوله: (ولا ما يدفع به حاجته) أي: من العروض. قوله: (لحق) أي: حظ. قوله: (الغير) أي: غير المحجور عليه. قوله: (كعلى مفلس) لحق الغرماء. قوله: (وراهن) لحق مرتهن في رهن لازم. قوله: (ومريض) مرض موت مخوف، وما بمعناه فيما زاد على الثلث لحق الورثة. قوله:(ومكاتب) أي: لحق سيد.
ومُرْتَدٍّ ومُشْتَرٍ بَعْدَ طَلَبِ شَفِيعٍ أَوْ تَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ الثَّانِي لِحَظِّ نَفْسِهِ ك عَلَى صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَمَجْنُونٍ وَلَا يُطَالَبُ وَلَا يُحْجَرُ بِدَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ وَلِغَرِيمٍ مِنْ أَرَادَ سَفَرًا سِوَى جِهَادٍ مُتَعَيَّنٍ وَلَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ أَوْ لَا يَحِلُّ قَبْلَ مُدَّتِهِ وَلَيْسَ بِدَيْنِهِ رَهْنٌ يُحْرَزُ أَوْ كَفِيلٌ مَلِيءٌ مَنْعُهُ
قوله: (ومرتد) أي: لحق المسلمين؛ لأن تركته فيء. قوله: (بعد طلب شفيع) على القول بأنه لا يملكه بالطلب لحق الشفيع، والصحيح أنه يملك الشقص بالطلب. قوله:(أو تسليمه المبيع) أي: تسليم البائع المشتري المبيع بثمن حال إذا امتنع مشتر من أداء ثمن. قوله: (وماله بالبلد أو قريب منه) أي: فيحجر عليه في جميع ماله لحق بائع. قوله: (ولغريم من أراد
…
إلخ) أي: ولغريم مدين ولو ضامنا، فلو أراد المدين وضامنه معا سفرا، فله منعهما ومنع أحدهما، أيهما شاء حتى يوثق بما ذكر. قاله في "الإقناع".
وقد يتوقف في كونه له منعهما معا، فإنه بمنع الضامن يصدق على الأصيل أن بدينه كفيل مليء، فلا يمنع من السفر، كما هو مفهوم قوله:(وليس بدينه رهن يحرز أو كفيل مليء) وعلم منه: أنه لو كان الضامن غير مليء،
حَتَّى يُوثِقَهُ بِأَحَدِهِمَا لَا تَحْلِيلَهُ إنْ أَحْرَمَ وَيَجِبُ وَفَاءُ حَالٍّ فَوْرًا عَلَى قَادِرٍ بِطَلَبِ رَبِّهِ فَلَا يَتَرَخَّصُ مَنْ سَافَرَ قَبْلَهُ وَيُمْهَلُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَيَحْتَاطُ إنْ خِيفَ هُرُوبُهُ بِمُلَازَمَتِهِ أَوْ بِكَفِيلٍ أَوْ تَرَسَّمَ وَكَذَا لَوْ طَلَبَ تَمْكِينَهُ مِنْهُ مَحْبُوسٌ أَوْ تَوَكَّلَ فِيهِ وَإِنْ مَطَلَهُ حَتَّى شَكَاهُ وَجَبَ عَلَى حَاكِمٍ أَمْرُهُ بِوَفَائِهِ بِطَلَبِ غَرِيمِهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَمَا غَرِمَ بِسَبَبِهِ فَعَلَى مُمَاطِلٍ
وأراد المضمون سفرا، فله منعه حتى يأتي بضامن مليء أو رهن يحرز، وكذا لو كان بالدين رهن لا تفي قيمته به، فله أن يطلب زيادة الرهن حتى تبلغ قيمةُ الجميع قدر الدين، أو يطلب منه ضامنا بما بقي من الدين بعد قيمة الرهن. قوله أيضا على قوله: (ولغريم من أراد سفرا
…
إلخ) لم يقيده بالطويل، قال الشيخ منصور البهوتي: فمقتضاه العموم، ولعله أظهر. انتهى. والمصنف تابع في ذلك "للتنقيح"، وقيده في "الإقناع" بالطويل يعني: فوق مسافة القصر، وهو تابع للموفق وابن أخيه وجماعة، قال في "الإنصاف": ولعله أولى.
قوله: (إن أحرم) أي: بحج أو عمرة ولو نفلا. قوله: (بطلب ربه) أي: أو عند أجله إن كان مؤجلا. قوله: (قبله) أي: قبل الوفاء بعد الطلب. قوله: (بقدر ذلك) أي: بقدر ما يصير به قادرا من إحضار ونحوه.
وَإِنْ تَغَيَّبَ مَضْمُونٌ فَغَرِمَ ضَامِنٌ بِسَبَبِهِ أَوْ شَخْصٌ لِكَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ رَجَعَ بِهِ عَلَى مَضْمُونٍ وَكَاذِبٍ وَإِنْ أَهْمَلَ شَرِيكٌ بِنَاءَ حَائِطِ بُسْتَانٍ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَمَا تَلِفَ مِنْ ثَمَرَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْهُ وَلَوْ أَحْضَرَ مُدَّعًى بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ لِمُدَّعٍ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ إحْضَارِهِ وَرَدُّهُ حَبْسَهُ وَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ وَتَجِبُ
قوله: (وإن تغيب
…
إلخ) أطلقه الشيخ تقي الدين في موضع، وقيده بقادر على الوفاء في آخر. قال المصنف في "شرحه": ولعل المراد: إن ضمنه بإذنه، وإلا فلا فعل له ولا تسبب. قوله: (فغرم ضامن
…
إلخ) أي: غرم شيئا زائدا على الدين، لنحو رسول القاضي وغيره مما يؤخذ ظلما، وأما أصل الدين، فالرجوع به تقدم في باب الضمان. فتدبر. قوله:(اتفقا عليه) أي: على بنائه، فبنى أحدهما ما عليه وأهمل الآخر. قوله:(بسبب ذلك) أي: بسبب الإهمال. قوله: (ضمن) أي: المهمل. قوله: (لزمه مؤنة إحضاره) فإن ثبت لمدع، فمؤنة إحضاره ورده على المدعى عليه، كما في "الإقناع".
قوله: (فإن أبى) يعني: مدين وفاء ما عليه بعد أمر الحاكم له بطلب ربه، فهو عطف على قوله: (وإن مطله
…
إلخ) قوله: (حبسه) وظاهره:
تَخْلِيَتُهُ إنْ بَانَ مُعْسِرًا أَوْ يُبْرِئَهُ أَوْ يُوَفِّيَهُ عَزَّرَهُ وَيُكَرِّرُ وَلَا يُزَادُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَكْثَرِ التَّعْزِيرِ بَاعَ مَالَهُ وَقَضَاهُ وَتَحْرُمُ مُطَالَبَةُ ذِي عُسْرَةٍ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ وَمُلَازَمَتُهُ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ وَدَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ كَثَمَنِ وقَرْضٍ أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ وَالْغَالِبُ بَقَاؤُهُ أَوْ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ وأَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ حُبِسَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ تُخْبِرَ بَاطِنَ حَالِهِ وَلَا يَحْلِفُ
ولو أجيراً خاصا، أو امرأة مزوجة.
قوله: (فإن أصر) أي: أقام على الامتناع. نقله في "المطلع" عن ابن القطاع وغيره. قوله: (فإن ادعاها
…
إلخ) وإن طلب رب دين تفتيش مدعي عسرة، فعلى الحاكم إجابته. قوله:(عن عوض كثمن) عوضه للبيع. قوله: (وقرض) أي: عوضه ما دفع لمقترض. قوله: (أو عن غير عوض) أي: مالي، كمهر وضمان. قوله: (أن تخبر
…
إلخ) أي: تعلم، وبخطه أيضا على قوله:(أن تخبر) خبرت الشيء
مَعَهَا أَوْ يَدَّعِيَ تَلَفًا وَنَحْوَهُ وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بهِ وَيَحْلِفُ مَعَهَا وَيَكْفِي فِي الْحَالَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ بِالتَّلَفِ أَوْ الْإِعْسَارِ وَتُسْمَعُ قَبْلَ حَبْسٍ كبَعْدَهُ
أخبره، من باب قتل، خبرا: علمته. "مصباح".
قوله: (ونحوه) كنفاد ماله في النفقة أو غيرها. قوله: (ويقيم بينة) ولا يعتبر فيها خبرة باطنه. قوله: (ويحلف معها) أي: مع بينة التلف ونحوه، أنه لا مال له في الباطن؛ لأن اليمين على أمر محتمل غير ما شهدت به البينة، فلا يكون مكذبا لها، ولا يعتبر في هذه البينة أن تخبر باطن حاله، بخلاف بينة العسرة، فإنه لا بد فيها أن تكون ممن يخبر باطن حاله؛ لأنها شهادة على نفي قبلت للحاجة، على أن شهادة النفي لا ترد مطلقاً؛ إذ لو شهدت أن هذا وارثه لا وارث له غيره، قبلت، وأيضا: فالشهادة بالإعسار وإن تضمنت النفي، فهي تثبت حالة تظهر وتقف عليها بالمشاهدة، بخلاف ما إذا شهدت أنه لا حق له، فإن هذا مما لا يوقف عليه، والحاصل: أن بينة المعسر إن شهدت بنحو تلف حلف معها ولم يعتبر فيها خبرة الباطن، ولم يحلف معها، ويكتفى فيها باثنين، كما في "الإقناع". فتدبر.
أَوْ يَسْأَلَ سُؤَالَ مُدَّعٍ وَيُصَدِّقُهُ فَلَا وَإِنْ أَنْكَرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِقُدْرَتِهِ أَوْ حَلَفَ بِحَسَبِ جَوَابِهِ حُبِسَ وَإِلَّا حَلَفَ مَدِينٌ وَخَلَّى
قوله: (أو يسأل
…
إلخ) يعني: أو يطلب مدعي العسرة من الحاكم أن يسأل رب الدين عن عسرته؛ بأن يقول للحاكم: إن المدعي يعرف أني معسر، فأسأله عن ذلك، فيقول المدعي، وهو رب الدين: نعم، هو صادق في دعواه العسرة، فلا يحبس إذن. فقول المصنف:(سؤال مدع) مفعول بقوله: (يسأل)، كأنه قال: أو يطلب السؤال، لا أنه مفعول مطلق حتى يكون التقدير: أو يسأل مثل سؤال المدعي. فتدبر. قوله: (فلا) أي: فلا يحبس في المسائل الثلاث، وهي ما إذا أقام بينة بعسرته، أو تلف ماله ونحوه، أو صدقه مدع على ذلك. "شرحه" قوله:(وإن أنكر) أي: مدع عسرته. قوله: (بقدرته) أي: لتسقط عنه اليمين. قوله: (حبس) حتى يبرأ أو تظهر عسرته. قوله: (وإلا حلف مدين وخلي) أي: وإن لم يكن دينه عن عوض مالي كأرش جناية، ولم يعرف له مال سابق، ولم يقر أنه مليء، ولم يقم بينة بإعساره، ولم يصدقه غريمه في دعوى الإعسار، ولا أقام غريمه بينة بقدرته، ولا حلف الغريم بحسب جوابه، فإنه يحلف مدين أنه لا مال له، أو أنه معسر ويخلى سبيله، فإن فقد شيء من القيود السبعة، فإنه لا يحلف إلا في صورتين، إحداهما: أن يقيم بينة بالتلف فإنه يحلف معها، والأخرى: أن يسأل سؤال خصمه، فيكذبه، ولا يحلف الخصم، فإن المدين يحلف أيضا،
وَلَيْسَ عَلَى مَحْبُوسٍ قَبُولُهُ مَا يَبْذُلُهُ غَرِيمُهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَّةٌ فِيهِ وَحَرُمَ إنْكَارُ مُعْسِرٍ وَحَلِفُهُ وَلَوْ تَأَوَّلَ وَإِنْ سَأَلَ الْحَاكِمَ غُرَمَاءُ مَنْ لَهُ مَالٌ لَا يَفِي بِدَيْنِهِ أَوْ بَعْضُهُمْ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ إجَابَتُهُمْ وَيُسَنُّ إظْهَارُ حَجْرِ سَفَهٍ وَفَلَسٍ والْإِشْهَادُ عَلَيْهِ
فصل
ويتعلق بحجره أَحْكَامٌ أَحَدُهَا تَعَلُّقُ حَقِّ غُرَمَائِهِ بِمَالِهِ
والصورتان مذكورتان في المتن، وفي الثانية منهما نوع مخالفة؛ لأنا نقول برد اليمين، والله أعلم، فليحرر. قوله أيضا على قوله: (وإلا حلف مدين
…
إلخ) أي: وإن لم يكن دينه عن عوض كصداق، ولم يعرف له مال؛ لأن الأصل بقاؤه، ولم يقر أنه مليء، ولم يحلف مدع طلبت يمينه.
"شرحه"، ولم يقم بينة بقدرته.
قوله: (وحلفه): لا حق عليه، قوله:(لزمه إجابتهم) لا إن سأله مفلس وحده، فإن لم يسأله أحد منهم، لم يحجر عليه.
قوله: (أحكام) أي: أربعة. قوله: (حق غرمائه) أي: كلهم. قوله: (بماله) أي: الموجود والحادث.
فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقِرَّ بِهِ عَلَيْهِمْ أَوْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ تَدْبِيرٍ وَلَا أَنْ يَبِيعَهُ لِغُرَمَائِهِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ بِكُلِّ الدَّيْنِ وَيُكَفِّرُ هُوَ وسَفِيهٌ بِصَوْمٍ إلَّا إنْ فُكَّ حَجْرُهُ وَقَدَرَ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ وَنَحْوِهِمَا صَحَّ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّهِ وَإِنْ جَنَى شَارَكَ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءَ وَقُدِّمَ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ قِنُّهُ بِهِ
قوله: (بغير تدبير) يعني: ووصية، ولعل مثله تعليق. قوله:(بكل الدين) لاحتمال غريم آخر. قوله: (ويكفر هو
…
إلخ) أي: وجوباً. وقوله: (إلا
…
إلخ) أي: فلا يجب إذن الصوم، بل يجوز بعتق، لا أنه يجب بغير الصوم ولو مع القدرة عليه؛ لأن المعتبر في الكفارات وقت الوجوب على المذهب، كما يأتي في الظهار. فتدبر. قوله: (بشراء
…
إلخ) أي: يجب سواء علم بائع ونحوه حجره أو لا. قوله: (ونحوهما) كضمان التصرف. قوله: (وتبع) أي: لا يشارك الغرماء ولو جاهلاً، لكن له أخذ عينه، كما يأتي فقط. قوله:(به) أي: بما لزمه في ذلك. قوله: (من جنى عليه قنه) أي: بلا إذن السيد أو به حيث علم التحريم وعدم وجوب الطاعة، وإلا فبذمة سيد، فيكون أسوة الغرماء، كما لو جنى السيد نفسه، كما يعلم مما تقدم في الرهن. فتدبر.
الثَّانِي: أنَّ من وَجَدَ عَيْنَ مَا بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ أَعْطَاهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَوْ أَجَّرَهُ وَلَوْ نَفْسَهُ وَلَمْ يَمْضِ مِنْ مُدَّتِهَا شَيْءٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ حَجْرِهِ جَاهِلًا بِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَلَوْ قَالَ الْمُفْلِسُ أَنَا أَبِيعُهَا وَأُعْطِيكَ ثَمَنَهَا أَوْ بَذَلَهُ غَرِيمٌ
قوله: (عين ما باعه) أي: لمفلس. قوله: (أو أقرضه) إياه، أو دفعه ثمنا لعين خرجت مستحقة، فإن تلف الثمن، فهو أسوة الغرماء. قوله: (رأس مال
…
إلخ) حال. قوله: (ونحو ذلك) كشقص أخذه مفلس منه بشفعة. قوله: (فهو أحق بها
…
إلخ) قال في "الإقناع": لو حكم حاكم بكونه أسوة الغرماء، نقض حكمه نصاً. انتهى. وصرح به المصنف أيضاً فيما يأتي في أدب القاضي. قوله:(جاهلاً) أي: لا عالما لدخوله على بصيرة، ويتبع ببدلها بعد فك الحجر عنه، فإن كانت باقية، فله أخذها. قوله أيضا على قوله:(جاهلا به) أي: فله أخذ عينه، وليس له مشاركة الغرماء، كما تقدم.
قوله: (أو بذله غريم) أي: من ماله أو مال مفلس، لكن إن بذله غريم مفلس، فبذله المفلس لبائع، فلا فسخ له، لزوال العجز عن تسليم الثمن. ومن قلنا:
أَوْ خَرَجَتْ وَعَادَتْ لِمِلْكِهِ وَقَرَعَ إنْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ وَشُرِطَ كَوْنُ الْمُفْلِسِ حَيًّا إلَى أَخْذِهَا وبَقَاءُ كُلِّ عِوَضِهَا فِي ذِمَّتِهِ
له أخذ عينه، فله تركها، والضرب مع الغرماء، هكذا في "شرحه" ومحله إذا كانت المعاملة للمفلس قبل الحجر عليه، أما إذا كانت بعده، فإنه لا مشاركة أصلا، سواء كان جاهلا أو عالماً، كما تقدم في قول المصنف كـ "الإقناع":(وإن تصرف في ذمته بشراء أو إقرار ونحوهما، صح، وتبع به بعد فكه) أي: فلا يشارك الغرماء غير أنه إذا كان جاهلاً بحجره، فإن له أخذ عين ماله، كما قال المصنف وغيره ولو بعد حجره جاهلا به، فتنبه فإن كلام الشرح موهم كما تقدم.
قوله: (لملكه) أي: بفسخ أو عقد أو غيرهما، كرجوع في هبة ولده.
قوله: (بين البائعين) لأن كلا منهما يصدق عليه أنه أدرك متاعه عند من أفلس، وكذا لو كان البائع لها على المفلس أكثر، فذكر البائعين تمثيل.
قوله: (وشرط كون المفلس
…
إلخ) أي: وشرط لرجوع من وجد عين ماله عند من أفلس، ستة شروط: واحد في المفلس، وواحد في العوض، وأربعة في العين، زاد في "الإقناع" سابعاً وهو: كون صاحب العين حياً، وعلى الأول تقوم ورثته في الرجوع مقامه. وعلم من كلامه: أن حلول الثمن ليس شرطاً، وسيصرح بحكمه.
وكَوْنُ كُلِّهَا فِي مِلْكِهِ إلَّا إذَا جَمَعَ الْعَقْدُ عَدَدًا فَيَأْخُذُ مَعَ تَعَذُّرِ بَعْضِهِ مَا بَقِيَ والسِّلْعَةِ بِحَالِهَا لَمْ تُوطَأْ بِكْرٌ وَلَمْ يُجْرَحْ قِنٌّ ولَمْ تَخْتَلِطْ بِغَيْرِ مُتَمَيِّزٍ ولَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَاتُهَا بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَنَسْجِ غَزْلٍ وَخَبْزِ دَقِيقٍ وَجَعْلِ دُهْنٍ صَابُونًا ولَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ كَشُفْعَةٍ وجِنَايَةٍ
قوله: (عددا) كثوبين فأكثر، قوله:(مع تعذر بعضه) يعني: بتلف إحدى العينين أو بعضهما، كموت أحد عبدين أو قطع يده، فيأخذ الباقي بقسطه، ويطالب ببقية الثمن، بخلاف ما لو كانت العينان بحالهما، فقبض من الثمن مقدار ثمن إحداهما، فإنه يمنع رجوعه في العينين وفي إحداهما، والفرق: أن المقبوض من الثمن يقسط على المبيع، فيقع القبض من ثمن كل واحدة، بخلاف التلف، فإنه لا يلزم من تلف إحداهما تلف شيء من الأخرى. ومفهومه: أنه لا يرجع في البعض مع بقاء البعض الآخر كما في الأخذ بالشفعة. قوله: (والسلعة بحالها) يعني: حين انتقلت عنه؛ بأن لم تنقص ماليتها بذهاب صفة مع بقاء عينها. منصور البهوتي. قوله: (لم توطأ بكر) إلى قوله: (صابوناً) بيان لمعنى كون السلعة بحالها. قوله أيضا على قوله: (لم توطأ بكر) يعني: لا ثيب بلا حمل. قوله: (ولم يجرح قن) أي: جرحاً تنقص به ماليته. قوله: (كشفعة) بأن اشترى المفلس شقصا مشفوعاً أو غير المفلس ثم يفلس، فليس لبائعه في
ورَهْنٍ وَإِنْ أَسْقَطَهُ رَبُّهُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ ولَمْ تَزِدْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَتَجَدُّدِ حَمْلٍ لَا إنْ وَلَدَتْ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ بِقَوْلِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا بِلَا حَاكِمٍ وَهُوَ فَسْخٌ
الصورتين رجوع فيه؛ لتعلق حق الشفيع به، هذا كله قبل الطلب، وأما بعده، فقد دخل في ملك الشفيع به.
قوله: (ورهن) لعله رهن لازم. قوله: (وتجدد حمل) أي: في بهيمة.
قوله: (بقول) لا بفعل، كأخذ العين ولو نوى به الرجوع. قوله:(ولو متراخيا) كرجوع أب في هبة وكرد لعب. قوله: (بلا حاكم) لثبوته بالنص، كفسخ المعتقة، قوله:(وهو فسخ) يعني: أن رجوع رب العين فيها فسخ حقيقة أو حكما؛ لأنه قد لا يكون هناك عقد يفسخ، كاسترجاع الزوج الصداق الذي انفسخ النكاح فيه مما يسقطه قبل فلس المرأة إذا باعته ثم عاد إليها ونحوه، وإلا فيرجع إلى ملكه قهراً حيث استمر في ملكها بصفته. قاله في "شرح الإقناع". ولم يعدوا هذا قسما من أقسام الخيار، لعله لندوره. قوله أيضاً على قوله:(وهو فسخ) أي: كالفسخ وقد لا يكون ثم عقد يفسخ، كاسترجاع زوج الصداق إذا انفسخ النكاح على وجه يسقطه قبل فلس المرأة، وكانت باعته ونحوه، ثم عاد إليها، وإلا فسيرجع إلى ملكه قهراً حيث استمر في ملكها بصفته. منصور البهوتي.
لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ وَلَا قُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمٍ فَلَوْ رَجَعَ فِيمَنْ أَبَقَ صَحَّ وَصَارَ لَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ تَلِفَ فمِنْ مَالِهِ وَإِنْ بَانَ تَلَفُهُ حِينَ رَجَعَ بَطَلَ اسْتِرْجَاعُهُ وَإِنْ رَجَعَ فِي شَيْءٍ اشْتَبَهَ بِغَيْرِهِ قُدِّمَ تَعْيِينُ مُفْلِسٍ وَمَنْ رَجَعَ فِيمَا ثَمَنُهُ مُؤَجَّلٌ أَوْ فِي صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ لَمْ يَأْخُذْهُ قَبْلَ حُلُولِهِ وَلَا حَالَ إحْرَامِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ نَقْصُ كَهُزَالٍ وَنِسْيَانِ صَنْعَةٍ وصَبْغُ ثَوْبٍ أَوْ قَصْرُهُ مَا لَمْ يَنْقُصْ بِهِمَا وَلَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ وَهِيَ لِبَائِعٍ وَظَهَرَ
قوله: (لا يحتاج إلى معرفة) أي: معرفة مرجوع فيه. قوله: (ولا قدرة) أي: قدرة مفلس. قوله: (وإن بان تلفه حين رجع
…
إلخ) ومنه لو رجع في أمة وطئها المفلس ثم تبين أنها كانت حملت قبل الرجوع؛ إذ الاستيلاد إتلاف. قوله: (قدم تعيين مفلس) يعني: على تعيين ربه. قوله: (ومن رجع) أي: أراد الرجوع. "شرح" منصور. قوله: (وهو) أي: الراجع دون المفلس، فلا أثر لإحرامه. قوله:(قبل حلوله) أي: فلا يباع في الديون الحالة؛ لتعلق بائعه به. قوله: (ولا صبغ ثوب) ويكون المفلس شريكا لآخذ بالصبغ، سواء كان الصبغ من مال مفلس أو اشتراه من آخذ أو من أجنبي. فتدبر.
فِي التَّنْقِيحِ رِوَايَةُ كَوْنِهَا لِمُفْلِسٍ وَلَا غَرْسُ أَرْضٍ أَوْ بِنَاءٌ فِيهَا قَبْلَ قَلْعِ وَاخْتَارَهُ وَيُسَوِّي حُفَرًا وَلِمُفْلِسٍ مَعَ الْغُرَمَاءِ الْقَلْعُ وَيُشَارِكَهُمْ آخِذٌ بِالنَّقْصِ فَلِآخِذِ الْقَلْعُ وَضَمَانُ نَقْصِهِ أَوْ أَخْذُ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ بِقِيمَتِهِ أَيْضًا سَقَطَ وَإِنْ مَاتَ بَائِعٌ مَدِينًا فَمُشْتَرٍ أَحَقُّ بِمَبِيعِهِ
قوله: (كونها لمفلس) ولعله الصحيح. قوله: (ولا غرس أرض) وكذا زرع ويبقى لحصاد بلا أجرة. قوله: (أو بناء فيها) بمعنى مبني. قوله: (واختاره غريم) أي: وحده بدليل ما بعده، فيضمن الغريم نقص الأرض بمعنى أنه يضرب لرب الأرض به معهم. قوله:(القلع) أي: ويلزمهم إذن تسوية الأرض. قوله: (فإن أباهما أيضاً) أي: مع إباء المفلس والغرماء القلع. قوله: (مدينا) حال، أي: أو أفلس. قوله: (أحق بمبيعه) أي: من الغرماء يضرب له معهم بالثمن إن لم يكن أخذه. وتقدم أنه إن كان حين البيع معسراً، فله الفسخ. منصور البهوتي. قوله: وتقدم
…
إلخ
وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ الثَّالِثُ أَنْ يَلْزَمَ الْحَاكِمَ قَسْمُ مَالِهِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وبَيْعُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فِي سُوقِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ الْمُسْتَقِرِّ فِي وَقْتِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَسَمَهُ فَوْرًا وَسُنَّ إحْضَارُهُ مَعَ غُرَمَائِهِ وبَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ وأَنْ يَبْدَأَ
يشير به إلى أنه إن ظهر كونه معسرا حين البيع، كان لبائع الفسخ، وإلا فهو أسوة الغرماء، وفيه إشارة إلى أنه لا معارضة بين ما هنا وما تقدم، حيث حكموا هناك بأن له الفسخ، وهنا؛ بأنه أسوة الغرماء؛ لأن ما هنا فيما إذا كان قد مات وذاك فيما قبل فتدبر.
قوله: (ولو قبل قبضه) أي: ولو مكيلا ونحوه. قوله: (بثمن مثله
…
إلخ) العبرة بوقت البيع لا بوقت الشراء كما علم من المتن. وعلم منه أيضا أنه لا يجوز بدون ثمن المثل. قال في "شرح الإقناع": قوله: (المستقر) أي: من نقد البلد أو غالبه كرهن. قوله: (في وقته) أي: وقت البيع، فلا عبرة بحال الشراء. قوله:(فوراً) حال من (قسم) و (بيع) أي: من غير بطء، وهو في الأصل مصدر فارت القدر فوراً: غلت. قوله: (وسن إحضاره
…
إلخ) علم منه: أنه لا يحتاج الحاكم إلى استئذان المفلس في البيع؛ لأنه محجور عليه محتاج إلى قضاء دينه، فجاز بيع
بِأَقَلِّهِ بَقَاءً وأَكْثَرِهِ كُلْفَةً وَيَجِبُ تَرْكُ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ لِمِثْلِهِ مَا لَمْ يَكُونَا عَيْنَ مَالِ غَرِيمٍ وَيَشْتَرِي أَوْ يَتْرُكُ لَهُ بَدَلَهُمَا وَيَبْذُلُ أَعْلَى بِصَالِحٍ ومَا يَتَّجِرَ بِهِ أَوْ آلَةَ تَحَرُّفٍ وَيَجِبُ لَهُ وَلِعِيَالِهِ أَدْنَى نَفَقَةِ مِثْلِهِمْ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَكِسْوَةٍ
ماله بغير إذنه كالسفيه، وإنما ندب إلى إحضاره أو وكيله وقت البيع؛ لفوائد، منها: أن يحضر ثمن متاعه ويضبطه. ومنها: أنه أعرف بالجيد من متاعه، فإذا حضر تكلم عليه. ومنها: أنه تكثر فيه الرغبة. ومنها: أنه أطيب لنفسه، وأسكن لقلبه. فتدبر.
قوله: (بأقله بقاء) أي: مما يسرع إليه الفساد كطعام رطب وفاكهة. قوله: (وأكثره كلفة) الواو بمعنى "ثم"، يعني: كالحيوان، قال في "الإقناع": فيبيع أولا ما يسرع فساده ثم الحيوان، ثم الأثاث، ثم العقار.
قوله: (من مسكن) بفتح الكاف وكسرها: المنزل والبيت. "مطلع".
قوله: (وخادم) واحد الخدم غلاما أو جارية. قوله: (وما يتجر به) لمؤنة إن كان تاجراً
وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يُقَسَّمَ وَأُجْرَةِ مُنَادٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَتَبَرَّعْ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ عَيَّنَا مُنَادِيًا غَيْرَ ثِقَةٍ رَدَّهُ حَاكِمٌ بِخِلَافِ بَيْعِ مَرْهُونٍ ضَمِنَهُمَا إنْ تَبَرَّعَا وَإِلَّا قَدَّمَ مَنْ شَاءَ
قوله: (وتجهيز ميت) أي: تلزمه مؤنته غير زوجة، ويكفن هو ومن يلزمه كفنه في ثلاثة أثواب إن كان رجلا، وخمسة إن كان امرأة، من ملبوس مثله في الجمع والأعياد. وقدم في "الرعاية" في ثوب واحد. وإن تلف شيء من ماله تحت يد أمين الحاكم، فمن ضمان مفلس. قوله:(حتى يقسم) أي: إلى أن يفرغ الحاكم من قسمة ماله بين الغرماء، ومحل ذلك إذا لم يكن لمفلس كسب يفي بنفقته وكسوته، وإن كان كسبه دون ذلك كملت من ماله. قاله في "الإقناع". فتدبر. قوله:(وأجرة مناد) وهو السمسار الذي يدخل بين البائع والمشتري لإمضاء البيع. "مطلع". قوله: (من المال) أي: مقدمة على ديون الغرماء، ونظيره ما يستدان على تركة الميت لمصلحة التركة، فإنه مقدم على الديون الثابتة في ذمة الميت. "إقناع".
وَيُبْدَأُ بِمَنْ جَنَى عَلَيْهِ قِنُّ الْمُفْلِسِ فَيُعْطَى الْأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ الْأَرْشِ فَيُخْتَصُّ ثُمَّ يَبْدَأُ بِمَنْ عِنْدَهُ رَهْنٌ فَيُخْتَصُّ بِثَمَنِهِ دَيْنٌ حَاصَصَ الْغُرَمَاءَ وَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ رُدَّ عَلَى الْمَالِ ثُمَّ بِمَنْ لَهُ عَيْنُ مَالٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا مِنْ مُفْلِسٍ فَيَأْخُذُهُا
قوله: (بمن جنى عليه قن المفلس) أي: قبل الحجر أو بعده، وأما من جنى عليه المفلس، فهو أسوة الغرماء، كما تقدم أول الفصل. فإن قلت: قد تقدمت هذه المسألة أيضاً في قوله: (وقدم من جنى عليه قنه به) قلت: نعم، ولكن بين هنا كيفية التقديم، وأن المراد منه: دفع الأقل من القيمة والأرش.
فتدبر. قوله: (فيعطى) أي: يعطيه الحاكم أو أمينه. قوله: (الأقل من ثمنه أو الأرش) أي: ولا شيء لمجني عليه غير ذلك، هذا إذا كانت الجناية بغير إذن السيد، فإن كانت بإذنه، تعلقت بذمته، كما في كتاب الجنايات، فيضرب للمجني عليه بجميع أرشها مع الغرماء. قاله في "شرح الإقناع". قوله:(ثم بمن عنده رهن) أي: لازم؛ بأن يكون مقبوضا وإلى ذلك أشار بقوله: (عنده) حيا كان المفلس أو ميتاً، لتعلق حقه بعين الرهن وذمة الراهن، بخلاف الغرماء، قوله:(عين مال) مبيعة أو مؤجرة ونحوهما على ما تقدم. قوله: (أو استأجر عيناً) عطف على قوله: (له عين مال) قوله: (فيأخذها) يعني: فلا تنفسخ الإجارة بالفلس، ولمفلس مع الغرماء
وَإِنْ بَطَلَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ضَرَبَ لَهُ بِمَا بَقِيَ ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِيَ عَلَى قَدْرِ دُيُونِ مَنْ بَقِيَ وَلَا يَلْزَمُهُمَا بَيَانُ أَنْ لَا غَرِيمَ سِوَاهُمْ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ رَبُّ حَالٍّ رَجَعَ عَلَى كُلِّ غَرِيمٍ بِقِسْطِهِ وَلَمْ تَنْقَضِ
بيعها مسلوبة المنفعة تلك المدة، ولهم تأخير البيع حتى تنقضي مدة الإجارة، فإن اختلفوا، قدم قول من طلب البيع في الحال.
قوله: (وإن بطلت) بموت العين التي استأجرها من المفلس وعجل له أجرتها. قوله: (ضرب له .... إلخ) أي: إن لم تكن عين الأجرة باقية، وإلا فيأخذ منها قدر الباقي، وإن كان ذلك بعد قسم المال، رجع على الغرماء بحصته. فتدبر. قوله:(بما بقي) أي: من الأجرة المعجلة. قوله: (أن لا غريم سواهم) أي: بخلاف الورثة؛ لئلا يأخذ ما لا حق له فيه. قوله: (بقسطه) يعني: ولا بعد إتلاف قابض ما قبضه، بخلاف ما إذا قبض أحد الشريكين شيئا من الدين المشترك. قال في "شرح الإقناع": ولعل الفرق أن بالحجر تعلق حق جميع الغرماء بماله، فتخصيص بعضهم باطل، كما سبق، بخلاف مسألة القبض من المشترك؛ إذ المدين فيها غير محجور عليه. وبخطه أيضاً على قوله:(بقسطه): اعلم: أن الطريق في توزيع مال المفلس على الغرماء: أن تجمع الديون التي تريد التوزيع عليها،
وَمَنْ دَيْنُهُ مُؤَجَّلٌ لَا يَحِلُّ وَلَا يُوقَفُ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذا حَلَّ
وتنسب كل دين واحد من الغرماء إلى مجموع الدين، فتعطيه من مال المفلس بتلك النسبة، فإذا كان مال المفلس ثلاث مئة، ودينه ست مئة، لغريم منها أربع مائة، ولآخر مئتان، فنسبة حصة صاحب الأربع مئة من جملة الدين، وهو ست مئة، تجدها ثلثين، فتعطيه من مال المفلس ثلثيه، وقد علمت: أن مال المفلس في المثال ثلاث مئة، فيخصه منها مئتان، وكذلك تنسب حصة صاحب المئتين من جملة الدين، كما تقدم تجدها ثلث الدين، فتعطيه من مال المفلس ثلثه، وهو مئة، فإذا ظهر في هذا المثال بعد القسمة غريم ثالث دينه مئتان، فإنك تضمنها إلى الدين السابق، فيكون مجموع الدين ثمان مائة، فنسبة الأربع مائة منها النصف، ونسبة المئتين منها الربع، فظهر أن لصاحب المثتين ربع مال المفلس، فيأخذ من أخذ المئتين ربعهما خمسين، ومن آخذ المئة ربعها خمسة وعشرين، فيكمل معه خمسة وسبعون، وهي ربع مال المفلس، ويبقى مثلها في يد صاحب المئتين الذي أخذ أولاً من مال المفلس مئة؛ لأن هذا الثالث أخذ منها خمسة وعشرين، ويبقى عند صاحب الأربع مائة مئة وخمسون، وهي نصف مال المفلس، وعلى هذا فقس. والله تعالى أعلم.
وَيُشَارِكُ مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ قَبْلَ قِسْمَةٍ فِي الْكُلِّ وفِي أَثْنَائِهَا فِيمَا بَقِيَ وَيَضْرِبُ لَهُ بِكُلِّ دَيْنِهِ ولِغَيْرِهِ بِبَقِيَّتِهِ وَيُشَارِكُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ قَبْلَ حَجْرٍ وَبَعْدَهُ وَلَا يَحِلُّ بِجُنُونٍ وَلَا مَوْتٍ إنْ وَثَّقَ وَرَثَتُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ الْأَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ التَّرِكَةِ وَيَخْتَصُّ بِهَا رَبُّ حَالٍّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَيِّتٍ وَارِثٌ حَلَّ وَلَيْسَ لِضَامِنٍ مُطَالَبَةُ رَبِّ حَقٍّ بِقَبْضِهِ مِنْ تَرِكَةِ مَضْمُونٍ عَنْهُ أَوْ يُبْرِئَهُ وَلَا يَمْنَعُ دَيْنٌ انْتِقَالَهَا إلَى وَرَثَةٍ
قوله: (في الكل) أي: كل مال مفلس. قوله: (ويشارك مجني عليه) أي: من جنى عليه المفلس، وهذا أزيد مما تقدم. قوله:(ولا يحل مؤجل بجنون) أي: ولا فلس مطلقاً، سواء وثق الدين أم لا. قوله:(أو التركة) حيث لم يكن بالدين توثقة من المدين الميت. قوله: (أو لم يكن وارث حل) أي: ولو ضمنه الإمام، فيأخذه كله ولا يسقط شيء في مقابلة الأجل، وإن ضمنه ضامن وحل على أحدهما، لم يحل على الآخر، أي: بأن مات الضامن المؤجل، فإنه يحل عليه فقط إذا لم توثق ورثته، أو مات المضمون وكان الضامن غير مليء، فإنه يحل على المضمون فقط بشرطه. قوله:(ولا يمنع دين انتقالها) ويتعلق بها كلها حق غرماء، وإن لم يستغرقها دين، سواء كان
وَيَلْزَمُ إجْبَارُ مُفْلِسٍ مُحْتَرِفٍ عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ فِيمَا يَلِيقُ بِهِ ل بَقِيَّةِ دَيْنِهِ كَوَقْفٍ وَأُمِّ وَلَدٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا مَعَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِقَضَائِهَا
لله تعالى كزكاة، أو لآدمي ثبت في الحياة، أو تجدد بعد الموت بسبب يقتضي الضمان، كحفر بئر تعدياً، وصح تصرف وارث في التركة ببيع وغيره، لكن لا يجوز لهم التصرف إلا بشرط الضمان، فلا تتوقف صحة تصرفهم على الضمان على ما هو المتبادر من عبارة "المبدع" و "شرح المنتهى" وغيرهما، خلافاً لظاهر الإقناع وضمن الورثة بتصرفهم في التركة الأقل من قيمة التركة أو الدين، فإن تعذر، فسخ تصرفهم. قاله في "الإقناع" تبعاً "للمبدع" وغيره، وعبارة "شرح المنتهى": فسخ العقد. انتهى. قال في "شرح الإقناع": فعليها: إن تصرفوا بعتق لم يتأت فسخه، وعليهم الأقل من قيمته أو الدين، كما لو أعتق السيد الجاني، والراهن الرهن. انتهى.
فائدة: متى خلى الورثة بين التركة والغرماء، سقطت مطالبتهم بالديون. ونصب الحاكم من يوفيهم منها، ولم يملكها الغرماء بذلك. فتدبر.
لَا امْرَأَةٌ عَلَى نِكَاحٍ وَلَا مَنْ لَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ كَفَّارَةٌ وَيَحْرُمُ عَلَى قَبُولِ هِبَةٍ وصَدَقَةٍ ووَصِيَّةٍ وتَزْوِيجِ أُمِّ وَلَدٍ وخُلْعِ عَلَى عِوَضٍ يُوَفِّي مِنْهُ دَيْنَهُ ورَدِّ مَبِيعٍ وإمْضَائِهِ وأَخْذِ دِيَةٍ عَنْ قَوَدٍ ونَحْوِهِ
قوله: (ولا من لزمه حج) يعني: أو نفقة واجبة؛ لأنه إتمام تصرف سابق على الحجر، فلم يحجر عليه فيه. قوله:(أو كفارة) أي: فلا يجبر على إيجار نفسه، كوقفه وأم ولده في ذلك قوله: (ويحرم على قبول هبة
…
إلخ) أي: لما فيه من الضرر بتحمل المنة، ولو كان المتبرع ابناً له، ولا يملك الحاكم قبض ذلك بلا إذن لفظي أو عرفي من المدين، ولا غير المدين وفاء دينه مع امتناعه، وكذا لو بذله غير الدين، وامتنع ربه من أخذه منه، فإن قلت: تقدم أن وفاء الدين عن الغير لا يتوقف على إذن المدين، حتى أن للموفي الرجوع إذا نواه. قلت: يمكن حمل ذلك على ما إذا لم يوجد من الإعسار، فلم يقم الموفي عن المدين بواجب؛ لأن العسر المعسر يقول له:(وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة)[البقرة: 280]. فما تقدم مقيد، فلا تغفل. قوله:(وتزويج أم ولد) يعني: ولو لم يكن يطؤها، لما فيه من تحريمها بالنكاح. قوله:(وإمضائه) لأنه إتمام تصرف سابق على الحجر، فلم يحجر عليه فيه. قوله:(عن قود) ثم إن اقتص، فلا شيء للغرماء، وإن
وَيَنْفَكُّ حَجْرُهُ بِوَفَاءِ وَصَحَّ الْحُكْمُ بِفَكِّهِ مَعَ بَقَاءِ بَعْضِ فَلَوْ طَلَبُوا إعَادَتَهُ لِمَا بَقِيَ لَمْ يُجِبْهُمْ وَإِنْ ادَّانَ فَحُجِرَ عَلَيْهِ تَشَارَكَ غُرَمَاءُ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ والثَّانِي وَمَنْ فُلِّسَ ثُمَّ ادَّانَ لَمْ يُحْبَسْ وَإِنْ أَبَى مُفْلِسٌ، أَوْ وَارِثٌ الْحَلِفَ مَعَ شَاهِدٍ لَهُ بِحَقٍّ فَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْحَلِفُ الرَّابِعُ انْقِطَاعُ الطَّلَبِ عَنْهُ فَمَنْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ شَيْئًا لَمْ يَمْلِكْ طَلَبَهُ حَتَّى يَنْفَكَّ حَجْرُهُ
فَصْلٌ
وَمَنْ دَفَعَ مَالِهِ
عفا على مال ثبت وتعلق به دينهم، وله العفو مجاناً؛ لأن المال لم يجب عيناً، خلافاً لـ "الإقناع" هنا.
قوله: (ومن فلس) أي: ثبت فلسه عند حاكم وحكم به.
فصل في أحكام تتعلق بالمحجور عليه
لحظ نفسه، وهم: الصغير، والسفيه، والمجنون، ذكوراً كانوا أو إناثاً، والحجر عليهم عام في المال والذمة إلا بإذن. تدبر. قوله:(ومن دفع) أي:
بِعَقْدٍ أَوْ لَا إلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ رَجَعَ فِي بَاقٍ وَمَا تَلِفَ عَلَى مَالِكِهِ عَلِمَ بِحَجْرِ أَوْ لَا وَيَضْمَنُ جِنَايَةً وإتْلَافَ مَا لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ وَمِنْ إعْطَاءِ مَالًا ضَمِنَهُ آخِذُهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ وَلِيُّهُ لَا إنْ أَخَذَهُ لِيَحْفَظَهُ كَأَخْذِهِ مَغْصُوبًا لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ وَمَنْ بَلَغَ رَشِيدًا أَوْ مَجْنُونًا ثُمَّ عَقَلَ وَرَشَدَ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِلَا
دفعاً معتبراً؛ بأن يكون من غير محجور عليه، فدفع نحو صغير كلا دفع، فيصير مضموناً على القابض، كما في "مغني ذوي الأفهام" لابن عبد الهادي.
قوله: (بعقد) كبيع وإجارة وقرض. قوله: (أو لا) كوديعة وعارية. قوله: (في باق) أي: في مدفوع باق قوله: (فعلى مالكه) أي: غير مضمون على قابضه. قوله: (علم) أي: الدافع. قوله: (بحجر) أي: المدفوع إليه أولاً؛ لأنه مظنة الشهرة. قوله: (ويضمن
…
إلخ) أي: المحجور عليه لحظ نفسه. قوله: (جناية، وإتلاف ما لم يدفع إليه) أي: الجناية عليه؛ لتعديه بوضع يده عليه من غير إذن شرعي من المالك. تدبر. قوله: (ومن أعطاه) أي: أي شخص غير محجور عليه أعطاه المحجور عليه ماله، ضمنه الآخذ إلى أن يأخذه ولي الدافع. قوله: (حتى يأخذه، أي: إلى أن يأخذه
…
إلخ) قوله: (وليه) إن يأخذه لينتفع به. قوله: (ولم يفرط) أي: فيهما. قوله: (ومن بلغ) أي: أي صغير بلغ ذكراً كان، أو أنثى، أو خنثى. قوله:(رشيداً) أي: أو سفيهاً
حُكْمٍ وَأُعْطِيَ مَالَهُ لَا قَبْلَ ذَلِكَ بِحَالٍ وَبُلُوغِ ذَكَرٍ وَإِمْنَاءٍ أَوْ تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ أَوْ نَبَاتِ شَعْرٍ خَشِنٍ حَوْلَ قُبُلِهِ وأُنْثَى بِذَلِكَ وبِحَيْضٍ وَحَمْلُهَا دَلِيلُ إنْزَالِهَا وَقَدْرُهُ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَإِنْ طَلُقَتْ زَمَنَ إمْكَانِ بُلُوغٍ وَوَلَدَتْ
ثم رشد، انفك الحجر عنه برشده. وقوله:(رشيداً) حال من فاعل بلغ.
قوله: (وأعطي ماله) ويستحب بإذن قاض، وإشهاد برشد، ودفع ليأمن التبعة. قوله:(لا قبل ذلك) المذكور من البلوغ والعقل والرشد بحال، أي: ولو صار شيخاً. قوله: (بإمناء) أي: إراقة مني يقظة أو مناماً، أو جماع، أو غيرهما. قوله:(خشن) أي: قوي. قوله: (وأنثى بذلك) أي: المذكور من الثلاثة. قوله: (دليل إنزالها) لإجراء الله العادة بخلق الولد من مائهما. قوله: (وقدره) أي: قدر زمن يحكم ببلوغها إذا ولدت لستة أشهر، فيحكم ببلوغها منها؛ لأنه اليقين، هذا إذا كانت توطأ؛ بأن كانت مزوجة أو مملوكة. قوله: (وإن طلقت زمن
…
إلخ) أي: بعد تسع سنين، أي: وكانت لا توطأ؛ بأن لم تكن مملوكة مثلاً، كما يفهم من "شرح" المصنف كـ "الإقناع".
لِأَرْبَعِ سِنِينَ أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِمُطَلِّقٍ وَحُكِمَ بِبُلُوغِهَا مِنْ قَبْلِ الطَّلَاقِ وبِسِنٍّ أَوْ نَبَاتٍ حَوْلَ قُبُلَيْهِ أَوْ إمْنَاءٍ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ أَوْ حَيْضٍ مِنْ قُبُلٍ أَوْ هُمَا مِنْ مَخْرَجٍ
قوله: (لأربع سنين) يعني: فأقل منذ طلقت. قوله: (من قبل الطلاق) أي: احتياطاً للنسب. قوله: (حول قبليه) أي: لا حول أحدهما. قاله القاضي وغيره. قوله: (أو هما من مخرج) يعني: أنه إذا خرج المني والحيض من الخنثى المشكل من مخرج واحد، فإنه يحكم ببلوغه مع بقاء إشكاله، ولا إشكال في ذلك، بل يتعين حمل كلامهم على هذا، والله أعلم، ثم إن الضمير المنفصل معطوف على المجرور، أعني: قوله: (بسن
…
إلخ) فهو من وضع المرفوع موضع المجرور، ويحتمل أنه فاعل بفعل محذوف، انفصل لحذف عامله مع حرف
وَالرُّشْدُ إصْلَاحُ الْمَالِ وَلَا يُعْطَى مَالَهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ، وَمَحِلُّهُ قَبْلَ بُلُوغٍ بلَائِقٍ بِهِ ويُؤْنَسُ رُشْدُهُ فَوَلَدُ تَاجِرٍ بِأَنْ يَتَكَرَّرَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ فَلَا يُغْبَنُ غَالِبًا غَبْنًا فَاحِشًا ووَلَدِ رَئِيسٍ وَكَاتِبٍ
مصدري، والأصل أو أن يخرجا من مخرج، فحذف الموصول مع الفعل، فانفصل الضمير، والله أعلم. قوله أيضاً على قوله تعالى:(أو هما من مخرج) أي: المني والحيض.
قوله: (والرشد) هو في الأصل: إصلاح وإصابة الصواب، رشد رشداً، من باب: تعب، ورشد يرشد، من باب: قتل كما في "المصباح". قوله: (ولا يعطى ماله
…
إلخ) أي: من بلغ رشيداً ماهراً. قوله: (حتى يختبر) أي: يمتحن. قوله: (ومحله قبل بلوغ) اعلم: أنه لا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء، والمصلحة والمفسدة. ولو قال المصنف: قبيل بالتصغير لأشعر بذلك. قال في "الإقناع": وبيع الاختبار وشراؤه صحيح، أي: لقوله تعالى: (وابتلوا اليتامى)[النساء: 6] ولا يأمر بغير صحيح. قوله: (ويؤنس) أي: يعلم. قوله: (فولد تاجر) من يبيع ويشتري لطلب الربح. قوله: (وولد رئيس
…
إلخ) الرئيس: شريف القدر، من رأس يرأس بفتحتين رئاسة تشرف قدره، يعني: أولاد الكبار الذين
بِاسْتِيفَاءٍ عَلَى وَكِيلِهِ وأُنْثَى بِاشْتِرَاءِ قُطْنٍ وَاسْتِجَادَتِهِ وَدَفْعِهِ وأُجْرَتِهِ لِلْغَزَّالَاتِ وَاسْتِيفَاءٍ عَلَيْهِنَّ وأَنْ يَحْفَظَ كُلَّ مَا فِي يَدِهِ عَنْ صَرْفِهِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ أَوْ حَرَامٍ كَقِمَارٍ وَغِنَاءٍ وَشِرَاءِ مُحَرَّمٍ وَمَنْ نُوزِعَ فِي رُشْدِهِ فَشَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ ثَبَتَ وَإِلَّا فَادَّعَى عِلْمَ وَلِيُّهُ حَلَفَ
يصان أثمالهم عن الأسواق، يختبر الواحد منهم؛ بأن تدفع إليه نفقته مدة، لينفقها في مصالحه، فإن صرفها واستوفى على وكيله فيما وكله فيه، واستقصى عليه، دل ذلك على رشد، فيعطى ماله، وإلا فلا. تدبر.
قوله: (وأنثى
…
إلخ) يعني أن الأنثى يؤنس رشدها ويعلم؛ بأن يفوض إليها ما يفوض إلى ربة البيت من غزل بنفسها أو بمن تدفعه إليه بأجرة المثل، وتوكل في شراء الكتان ونحوه، وحفظ الأطعمة من الهر والفأر وغير ذلك، فإن وجدت ضابطة لما في يدها مستوفية من وكيلها، فهي رشيدة يدفع إليها مالها، وإلا فلا. قوله:(فيما لا فائدة فيه) يعني: وإن لم يكن حراماً. قوله: (ومن نوزع) أي: نازعه وليه. قوله: (عدلان) لأنه قد يعلم بالاستفاضة، كالنسب. قوله:(حلف) فإن نكل لم يقض عليه.
وَمَنْ تَبَرَّعَ فِي حَجْرِهِ فَثَبَتَ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا رَشِيدًا نَفَذَ فَصْلٌ
وَوِلَايَةُ مَمْلُوكٍ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وصَغِيرٍ وَبَالِغٍ مَجْنُونٍ لِأَبٍ بَالِغٍ رَشِيدٍ ثُمَّ لِوَصِيِّهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ وَثَمَّ مُتَبَرِّعٌ أَوْ كَافِرًا عَلَى كَافِرٍ
قوله: (في حجره) أي: ظاهراً. قوله: (فثبت كونه مكلفاً) أي: حال التبرع. قوله: (رشيداً) نظراً إلى نفس الأمر.
قوله: (وولاية مملوك) صغير وكبير، ذكر وأنثى. قوله:(وصغير) عاقل أو لا. قوله: (لأب بالغ رشيد
…
إلخ) خرج بالأب الجد والأم، وبالبالغ غيره، كابن عشر، إذا أتت زوجته بولد بعد نصف سنة منذ أمكن اجتماعه بها، فإنه يلحقه نسب ذلك الولد، ولا تكون ولايته له. ولا لوصيه قبل الولادة، وكذا ولد سفيه، فوليهما الحاكم. ومع هذا لا يحكم ببلوغ الأب بمجرد ذلك، كما سيأتي في أواخر اللعان؛ لأنا إنما ألحقنا به الولد مع الإمكان حفظاً للنسب، واحتياطاً له. ولا يثبت به مهر، ولا تثبت به عدة. وسكت عن اشتراط الحرية، وصرح باشتراطها في "الإقناع" قال في "شرحه": لكن تثبت ولاية مكاتب على ولده التابع له في الكتابة. وهل
ثُمَّ حَاكِمٍ وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا فَإِنْ عُدِمَ فَأَمِينٌ يَقُومُ مَقَامَهُ وَحَرُمَ تَصَرُّفُ وَلِيِّ صَغِيرٍ مَجْنُونٍ إلَّا بِمَا فِيهِ حَظٌّ أَوْ حَابَىَوْ زَادَ عَلَى نَفَقَتِهِمَا أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ
للولي أن يوكل فيما هو ولي فيه؟ قال ابن نصر الله في "حواشي الفروع": له ذلك في الأصح، سواء كان أبا، أو وصيه، أو حاكماً. قال: وكذلك يخرج في ناظر الوقف. وهل وكيل الناظر مثله في قبول قوله فيما صرفه أو لا؟ احتمالان.
قوله: (وتكفي العدالة ظاهراً) أي: في أب ووصيه والحاكم. قال الإمام أحمد رضي الله عنه: أما حكامنا اليوم فلا أرى أن يتقدم إلى أحد منهم، ولا يدفع إليه شيئاً. وأما عدالة كافر، فتعتبر بحسب دينه؛ بأن يمتثل ما يعتقده واجباً، وينتهي عما يحرمونه، ويراعي مروءته. قوله:(فإن عدم) يعني: حاكم أهل. قوله: (فأمين يقوم مقامه) يعني: من أم وغيرها. قوله: (ولي صغير) أي: وسفيه. قوله: (فإن تبرع) بصدقة أو هدية أو هبة. قوله: (أو حابى) المحاباة: المسامحة، مأخوذ من حبوته إذا أعطيته. قاله في "المصباح" قوله:(أو من تلزمهم مؤنته) نحو زوجة، عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، على رأي الكوفيين وابن مالك، أي: أو نفقة من تلزمهما
…
إلخ.
بِالْمَعْرُوفِ ضَمِنَ وَتُدْفَعُ إنْ أَفْسَدَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ فَإِنْ أَفْسَدَهَا أَطْعَمَهُ مُعَايَنَةً وَإِنْ أَفْسَدَ كِسْوَتَهُ سَتَرَ عَوْرَتَهُ فَقَطْ فِي بَيْتٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحَيُّلٌ لَوْ بِتَهْدِيدٍ
قوله: (بالمعروف) متعلق بالنفقة لا بزاد، والمعنى: النفقة الكائنة بالمعروف، يضمن الزائد عليها. قوله:(ضمن) أي: ما تبرع به، أو حابى به، والزائد عليها. ومتى كان خلط قوته أرفق به، وألين في الخبز، وأمكن في حصول الأدم، فهو أولى، وإن كان إفراده أرفق به أفرده مراعاة للمصلحة. قوله:(إن أفسدها) علم منه: أن من لم يفسدها، يجوز أن يعجل له ما جرت به عادة أهل بلده. "شرح إقناع". قوله:(بيوم) صفة لـ (يوماً) المنصوب بتدفع على الظرفية، أي: بقدر نفقة يوم، أي: يدفع الولي نفقة المفسد لها كل يوم بقدره، ولا يزيده على ذلك، فإن فعل، ضمن. قوله:(معاينة) أي: حال كونه معايناً له، وإلا كان مفرطاً. قوله:(ولو بتهديد) وزجر وصياح عليه. ومتى أراه الناس ألبسه ثيابه، فإذا عاد إلى البيت نزع عنه وستر عورته فقط. ويقيد مجنون بنحو حديد؛ لخوف عليه أو منه.
وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَرْتَهِنَ مِنْ مَالِهِمَا لِنَفْسِهِ غَيْرَ أَبٍ وَلَهُ وَلِغَيْرِهِ مُكَاتَبَةُ قِنِّهِمَا وعِتْقُهُ عَلَى مَالِ وتَزْوِيجُهُ لِمَصْلَحَةٍ وإذْنُهُ فِي تِجَارَةٍ وسَفَرٌ بِمَالِهِمَا مَعَ أَمْنِ ومُضَارَبَتُهُ بِهِ وَلِمَحْجُورٍ رِبْحُهُ كُلُّهُ ودَفْعُهُ مُضَارَبَةً بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ
قوله: (وسفر بمالهما) يعني: لتجارة وغيرها؛ بأن عرض له سفر؛ لأنه أحظ لهما، ولأنه عادة البالغين في أموالهم. ومقتضى إطلاقه كـ "الإنصاف" و "المبدع": جواز ذلك حتى في البحر مع غلبة السلامة. وفي "الإقناع": في غير البحر. أي: وأما فيه فلا. تدبر. قوله: (ولمحجوز ربحه كله) أي: ولا أجرة لولي في نظير اتجاره به، التجارة بمال المحجور عليه أولى من تركها. وفي "الاختيارات": تستحب التجارة بمال اليتيم؛ لقول عمر وغيره: اتجروا في أموال اليتامى؛ لئلا تأكلها الصدقة. قوله: (ودفعه مضاربة) ظاهره ولو لنحو ولده، ولعله غير مراد؛ لما سيأتي في الوكالة: أن من لا تقبل شهادته له كنفسه.
وبَيْعُهُ نَسَاءً وقَرْضُهُ وَلَوْ بِلَا رَهْنٍ لِمَصْلَحَةٍ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَالْأَوْلَى أَخْذُهُ وَإِنْ تَرَكَهُ فَضَاعَ الْمَالُ لَمْ يَضْمَنْهُ وهِبَتُهُ بِعِوَضٍ ورَهْنُهُ لِثِقَةٍ لِحَاجَةٍ وَإِيدَاعِهِ وشِرَاءُ عَقَارٍ وبِنَاؤُهُ بِمَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ لِمَصْلَحَةٍ وشِرَاءُ أُضْحِيَّةٍ ل مُوسِرٍ ومُدَاوَاتُهُ وتَرْكُ صَبِيٍّ
قوله: (وبيعه نساء) يعني: لمليء، وكان الثمن المؤجل أكثر مما يباع به حالا. قوله:(وقرضه .. لمصلحة) كحاجة سفر، أو خوف على المال من هلاك بنحو نهب أو غرق، وكان لمليء، ومن الحظ في القرض، كما ذكره القاضي: أن يكون للمحجور عليه مال في بلد، فيريد نقله إلى بلد آخر، فيقرضه الولي من رجل في ذلك البلد، ليقضيه بدله في بلده، قاصداً الولي بذلك حفظه من الغرر والمخاطرة في نقله. قال: أو يكون مما يتلف بتطاول مدته، أو حديثه خير من قديمه، كالحنطة، فيقرضه خوفا من السوس، أو خوفاً من نقص قيمته وأشباه ذلك. نقله في "الإقناع" وأقره.
قوله: (بعوض) يعني: قدر قيمته فأكثر. قوله: (لثقة) أي: عدل. قوله: (وشراء أضحية لموسر) أي: من ماله كثير، وكان اليتيم يعقلها، كما في "المغني"؛ لأنه يوم سرور، فيحصل بذلك جبر قلبه، وإلحاقه بمن له أب، كالثياب الحسنة. وتحرم صدقة وهدية الولي بشيء منها، وتقدم. تدبر.
بِمَكْتَبٍ بِأُجْرَةٍ وشِرَاءُ لُعَبٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ لِصَغِيرَةٍ مِنْ مَالِهَا وبَيْعُ عَقَارِهِمَا لِمَصْلَحَةٍ وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ أَوْ زِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ
قوله: (بمكتب) المكتب، كجعفر: موضع تعليم الكتابة. قاله في "المصباح". وله تعليمه أيضاً الرماية، والأدب، وما ينفعه، واداء الأجرة عنه من ماله؛ لأن ذلك من مصالحه أشبه ثمن مأكوله. قوله: (وشراء لعب
…
إلخ) جمع لعبة كغرفة: ما يلعب به، كما في "المصباح".
وهل لولي صغيرة أن يجهزها إذا زوجها بما يليق بها من قماش لبدنها، وفرش على عادة البنات في ذلك؟ قال ابن نصر الله: لا أعلم فيه نقلا، والظاهر: جوازه، بل هو أولى من شراء اللعب ونحوها. انتهى. ونقله في "شرح الإقناع" مسلماً غير معزو. قوله:(غير مصورة) كبلا رأس.
قوله: (وبيع عقارهما لمصلحة) أي: كاحتياج إلى نفقة، أو كسوة، أو قضاء دين، أو ما لا بد منه، وليس له ما تندفع به حاجته، وكخوف عليه من هلاك بغرق أو خراب ونحوه. أو يكون في بيعه غبطة؛ بأن يبذل فيه زيادة كثيرة على ثمن مثله، ولا يتقيد بالثلث، أو يكون في مكان
وَيَجِبُ قَبُولُ وَصِيَّةٍ لَهُمَا بِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا إنْ لَمْ تَلْزَمْهُمَا أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا حَرُمَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَخْلِيصُ حَقِّهِمَا إلَّا بِرَفْعِ مَدِينٍ لِوَالٍ يَظْلِمُهُ رَفَعَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّ مَغْصُوبٍ إلَّا بِكُلْفَةٍ عَظِيمَةٍ
لا ينتفع به، ولا غلة له، كخراب محلته، أو نفعه قليل، فيبيعه ويشتري له في مكان يكثر نفعه. أو يرى شيئاً يباع، في شرائه غبطة، ولا يمكنه شراؤه إلا ببيع عقاره. أو لكونه له جار سوء. فأنواع المصلحة كثيرة لا تنحصر.
قوله: (ويجب قبول وصية
…
إلخ) ومثلها هبة. وعلم منه: أنه ليس لوليهما شراء من يعتق عليهما مطلقاً؛ لأنه تبرع قوله: (نفقة) أي: لهما. قول: (أو غيره) كوجود غني أقرب، وقدرة موصى به على الكسب. قوله:(وإلا حرم) ولعله مع الصحة. قوله: (وإن لم يمكنه تخليص حقهما) يعني: من دين أو عين. قوله: (إلا برفع مدين) أي: أو من عنده العين. قوله: (إلا بكلفة عظيمة) يؤخذ منه: أن الإنسان إن لم يمكنه
فصل
ومن فك حجره فَسَفِهَ أُعِيدَ وَلَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِ إلَّا حَاكِمٌ كَمَنْ جُنَّ وَلَا يَنْفَكُّ إلَّا بِحُكْمِهِ وَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ بِلَا إذْنِ وَلِيُّهُ لِحَاجَةٍ لَا عِتْقُهُ وتَزْوِيجُهُ بِلَا إذْنِهِ
أخذ حقه إلا برفع من هو عليه لوال يظلمه، جاز رفعه. قال في "شرح الإقناع" والظاهر: أن ذلك في تخليص مال نفسه جائز، وفي تخليص مال موليه واجب، حيث أفضى الترك إلى ضياعه، وأنه ينبغي غعلام من عليه الحق قبل رفعه للظالم إن أمكن بلا ضرر من تعد، أو هرب، ونحوهما.
قوله: ومن فك حجره
…
إلخ) لتكليف ورشد، أي: بخلاف من بلغ سفيها أو مجنوناً، فإن النظر في ماله لوليه قبله من أب وغيره، استصحابا للأصل والشيخ الكبير إذا اختل عقله، حجر عليه بمنزلة المجنون. قوله (فسفه) كتعب تعبا، وجزل جزالة. قوله:(أعيد) أي: أعاد الحاكم الحجر عليه، كما يفهم من "شرحه"، و"الإقناع". قوله:(كمن جن) ولا يفتقر إلى حكم، خلافاً لـ "الإقناع". قوله: (ويصح تزوجه
…
إلخ) أي:
لِحَاجَةٍ وإجْبَارُهُ لِمَصْلَحَةٍ كَسَفِيهَةٍ وَإِنْ أَذِنَ لَمْ يَلْزَمْ تَعَيُّنُ الْمَرْأَةِ وَيَتَقَيَّدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْزَمُ وَلِيًّا زِيَادَةُ زَوْجٍ بِهَا لَا زِيَادَةُ إذْنٍ فِيهَا وَإِنْ عَضَلَهُ اسْتَقَلَّ فَلَوْ عَلِمَهُ يُطَلِّقُ اشْتَرَى لَهُ أَمَةً وَيَسْتَقِلُّ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مَقْصُودُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ بِنَسَبٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ قِصَاصٍ، أُخِذَ بِهِ فِي لْحَالِ وَلَا يَجِبُ مَالٌ عَفَى عَلَيْهِ وبِمَالٍ فَبَعْدَ فَكِّهِ وَتَصَرُّفُ وَلِيُّهُ كَوَلِيِّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ
السفيه البالغ، وكذا السفيهة.
قوله: (لحاجة) منفعة أو خدمة. قوله: (كسفيهة) لوليها إجبارها لمصلحة. قوله: (ويتقيد بمهر المثل) فلا يزيد عليه؛ لأنه تبرع لم يؤذن فيه.
قوله: (ويستقل
…
إلخ) أي: سفيه. قوله: (بالمال) كطلب بحد قذف.
قوله: (وإن أقر بحد) أي: بموجبه من زناً وقذف، قوله: (ولا يجب
…
إلخ) أي: حالاً.
فَصْلٌ: وَلِوَلِيِّ غَيْرِ حَاكِمٍ وَأَمِينِهِ الْأَكْلُ لِحَاجَةٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ الْأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ بِيَسَارِهِ وَمَعَ
قوله: (ولولي غير حاكم
…
إلخ) وأما الحاكم وأمينه، فلا يأكلان من مال اليتيم ونحوه شيئاً؛ لأنهما يستغنيان بمالهما في بيت المال. قوله:(موليه) قال في "المصباح"/ وليت على الصبي والمرأة، فالصبي والمرأة مولي عليه، والأصل وزان مفعول. انتهى. يعني: أنه قبل الإعلال مولوي على وزن مضروب، فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، وقلبت الضمة كسرة، كما في رميت الشيء، فهو مرمي، فهذا زنة اسم المفعول، وأما الفاعل، فيقال: وال، وولي، فعيل بمعنى فاعل. ومنه:(الله ولي الذين 'منوا)[البقرة: 257] أي: مدبرهم وقائم بهم، وكل من قام بشيء، أو ولي أمر أحد، فهو وليه، كما في "المصباح"، وقد ظهر لك من عبارة المصباح: أن قول المصنف: (موليه) من باب الحذف والإيصال، والأصل: مولي عليه له. فتدبر. قوله: (الأقل) منصوب بالمصدر المعرف باللام، أعني قوله:(الأكل) وهو قليل، كقول الشاعر:
عَدَمِهَا مَا فَرَضَهُ لَهُ حَاكِمٌ وَلِنَاظِرِ وَقْفٍ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ أَكْلٌ بِمَعْرُوفٍ وَمَنْ فُكَّ حَجْرُهُ فَادَّعَى عَلَى وَلِيُّهُ تَعَدِّيًا أَوْ مُوجِبَ ضَمَانٍ وَنَحْوِهِ أَوْ الْوَلِيُّ وُجُودَ ضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَوْ تَلَفٍ أَوْ قَدْرَ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ فَقَوْلُ وَلِيٍّ مَا لَمْ يُخَالِفْهُ عَادَةٌ وَعُرْفٌ وَيَحْلِفُ غَيْرَ حَاكِمٍ لَا فِي دَفْعِ مَالٍ بَعْدَ رُشْدٍ أَوْ عَقْلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ
ضعيف النكاية أعداءه
…
يخال الفرار يراخي الأجل
قوله: (ما فرضه له
…
إلخ) أي: قدره. قوله: (حاكم) أي: لمصلحة.
قوله: (بمعروف) أي: حيث لم يشترط له شيء. قوله: (أو موجب ضمان) يعني: بلا بينة. قوله: (ونحوه) كعدم مصلحة في بيع عقار. قوله: (أو غبطة) أي: مصلحة. قوله: (أو تلف) أي: ولم يذكر سبباً، أو ذكر خفياً. وأما الظاهر فلا بد من بينة عليه. ثم يقبل قوله كالوكيل. قوله:(أو كسوة) أي: لمحجور عليه، أو لمن تلزمه نفقته من نحو زوجة وقريب ورقيق. أو قدر نفقة على عقاره، ولو في عمارة بمعروف، ولو من مال الولي ليرجع.
وظاهره: لا تقبل دعواه اقتراضا عليه؛ لأنه خلاف الظاهر.
مُتَبَرِّعًا وَلَا فِي قَدْرِ زَمَنِ إنْفَاقٍء وَلَيْسَ لِزَوْجِ رَشِيدَةٍ حَجْرٌ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعٍ زَائِدٍ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا وَلَا لِحَاكِمٍ حَجْرٌ عَلَى مُقَتِّرٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ
قوله: (ولا في قدر زمن إنفاق) أي: كما لو قال وصي: أنفقت عليك ثلاث سنين، وقال يتيم: بل مات أبي من سنتين، وأنفقت علي من موته، فقول يتيم بيمينه؛ لأن الأصل موافقته. قوله: (ولا حاكم حجر على مقتر
…
إلخ) واختار الأزجي من أصحابنا، وابن سريج، وأبو سعيد الإصطرخي من الشافعية: بلى، بمعنى أنه ينفق عليه جبرا بالمعروف، لا أنه يمنع من العقود والتصرف في ماله. قاله في "شرحه".
فَصْلٌ:
لِوَلِيٍّ مُمَيِّزٍ وَسَيِّدِهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ وَكَذَا أَنْ يَدَّعِيَ ويُقِيمَ بَيِّنَةً ويُحَلِّفَ وَنَحْوَهُ وَيَتَقَيَّدُ فَكُّ بِقَدْرٍ وَنَوْعٍ عُيِّنَا كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ فِي نَوْعٍ وتَزْوِيجٍ مُعَيَّنٍ وبَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ والْعَقْدِ الْأَوَّلِ
قوله: (لولي مميز
…
إلخ) أي: حر، يعني: من ذكر، أو أنثى، أو خنثى.
وعلم منه: أن المجنون والطفل، لا يصح تصرفهما بإذن ولا غيره. قوله:(وسيده) أي: القن المميز، ففيه استخدام. قوله:(وكذا أن يدعي) أي: على خصمه، أو خصم وليه أو سيده. قوله:(ونحوه) كمخالفة. قوله: (ويتقيد فك) أي: إطلاق تصرف المأذون له. قوله: (بقدر) كمئة دينار.
قوله: (ونوع) كبر. قوله: (عينا) أي: فلا يتعداهما. قوله: (بمعين) أي: بشخص معين. قوله: (عين ماله) أي: فلا يبيع غيرها. قوله: (والعقد الأول) من نحو بيع أو إجارة، فمتى عادت العين للموكل، لم يملك الوكيل العقد عليها ثانيا بلا إذن متجدد. وظاهره: ولو عادت بفسخ، وضعفه في "تصحيح الفروع"، وصوب الجواز منصور البهوتي.
وَهُوَ فِي بَيْعِ نَسِيئَةٍ وَغَيْرِهِ كَمُضَارِبٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ وَلَا يَتَوَكَّلَ وَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ عَلَيْهِ وَإِنْ وَكَّلَ فَكَوَكِيلٍ وَمَتَى عَزَلَ سَيِّدٌ قِنَّهُ انْعَزَلَ وَكِيلُهُ كَوَكِيلٍ ومُضَارِبٍ لَا كَصَبِيٍّ ومُكَاتَبٍ وكَمُرْتَهِنٍ أَذِنَ لِرَاهِنٍ فِي بَيْعِ وَيَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى مَالِكِهِ لِرَحِمٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ زَوْجًا لَهُ لَا مِنْ مَالِكِهِ وَلَا أَنْ يَبِيعَهُ وَمَنْ رَآهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ يَتَّجِرُ فَلَمْ يَنْهَهُ لَمْ يَصِرْ مَأْذُونًا لَهُ وَيَتَعَلَّقُ دَيْنِ
قوله: (وغيره) كبعرض. قوله: (كمضارب) أي: فيصح، لا وكيل.
قوله: (ولو لم يقيد عليه) أي: بأن أذن له في التجارة مطلقاً، بل ولو أذن له في جميع أنواع التجارة، كما في "الإقناع". وفي إيجار عبيده وبهائمه خلاف، قال في "تصحيح الفروع": الصواب الجواز إن رآه مصلحة.
منصور البهوتي. قوله: (فكوكيل) أي: يصح فيما يعجزه، أو لا يتولاه مثله. قوله: (ويصح أن يشتري
…
إلخ) أي: مأذون له. قوله: (أو قول) أي: تعليق، لا من اعترف بحريته. قوله:(أو زوجاً له) أي: ذكرا أو أنثى.
قوله: (ويتعلق دين
…
إلخ) أي: جميع، وعنه: بقدر قيمته.
مَأْذُونٍ لَهُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ ودَيْنُ غَيْرِهِ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ أُعْتِقَ لَزِمَ سَيِّدَهُ وَمَحِلُّهُ إنْ تَلِفَ وَإِلَّا أَخَذَ حَيْثُ أَمْكَنَ وَمَتَى اشْتَرَاهُ رَبُّ دَيْنٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ تَحَوَّلَ إلَى ثَمَنِهِ وبِذِمَّتِهِ فَمَلَكَهُ مُطْلَقًا
قوله: (مأذون له) أي: ولو كان المال بيده، قوله:(بذمة سيد) لا بذمة العبد، ولا رقبته. قوله:(لزم سيده) أي: فيفديه بالأقل مما عليه أو قيمة العبد. قوله: (تعلق
…
إلخ) صفة لـ (دين). قوله: (تحول) إلى ثمنه، يعني: وتجري هنا المقاصة بشرطها. قوله: (وبذمته) أي: العبد؛ بأن أقر به غير مأذون، ولم يصدقه سيده. منصور البهوتي. وبخطه أيضا على قوله: (وبذمته
…
إلخ): من هنا علم: أن دين العبد على ثلاثة أقسام: قسم يتعلق بذمة السيد، وهي: الديون التي أذن له فيها، وقسم يتعلق برقبته، وهي: ما لم يؤذن له فيه مما ثبت ببينة من الإتلافات، أو تصديق السيد، وقسم يتعلق بذمته، وهو: ما لم يثبت بغير إقرار العبد فقط. وبخطه أيضاً على قوله: (وبذمته): متعلق بمحذوف تقديره: وإن تعلق دين بذمة العبد، فالجار والمجرور متعلق بمحذوف مفهوم من المقام مع حذف الشرط وسهله تقدم أداة الشرط في قوله:(ومتى اشتراه). وقوله: (فملكه مطلقاً) معطوف على فعل الشرط المقدر.
أَوْ مَنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ بِلَا عِوَضٍ سَقَطَ وَيَصِحُّ إقْرَارُ مَأْذُونٍ وَلَوْ صَغِيرًا فِي قَدْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَبِيَدِهِ مَالٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ بِهِ صَحَّ وَيَبْطُلُ إذْنُ بِحَجْرٍ عَلَى سَيِّدِهِ وَمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ الْمُطْبَقِ لَا بِإِبَاقٍ
وقوله: (أو من تعلق برقبته) مفعول بمحذوف أيضا، تقديره: أو ملك من تعلق دينه برقبته، والجملة معطوفة بـ (أو) على فعل الشرط المقدر أيضاً.
وقوله: (سقط) جواب الشرط وما عطف عليه، والأصل: وإن تعلق دين بذمة العبد، فملكه رب الدين مطلقاً، سقط، وإن ملكه رب دين تعلق برقبته، وكان الملك بلا عوض، سقط. فتأمل في هذا المقام، فإنه مزلة أقدام. قوله:(مطلقاً) أي: بعقد أو غيره، كإرث.
قوله: (سقط) هذا من المواضع التي يسقط فيها الدين بلا عوض ولا إسقاط، ويترتب على ذلك سقوط زكاته عن مالكه، كما تقدم في الزكاة.
قوله: (فأقر به، صح) يعني: ولو أقر به حال الحجر والمنع من التصرف. قوله: (ويبطل إذن
…
إلخ) أي: إذن سيد لعبده في تجارة.
قوله: (المطبق) في "المصباح": أطبقت عليه الحمى: دامت، فهي مطبقة بالكسر على الباب. وأطبق عليه الجنون، فهو مطبق أيضا، والعامة تفتح الباء على معنى: أطبق الله عليه الحمى والجنون، أي: أدامهما، كما يقال: أحمه الله. وعلى هذا، فالأصل: مطبق عليه، فحذفت
وأَسْرٍ وَتَدْبِيرٍ وَإِيلَادٍ وَكِتَابَةٍ وَحُرِّيَّةٍ وَحَبْسٍ بِدَيْنٍ وَغَصْبٍ وَتَصِحُّ مُعَامَلَةُ قِنٍّ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مَأْذُونًا لَهُ لَا تَبَرُّعُ مَأْذُونٍ لَهُ بِدَرَاهِمَ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَهُ هَدِيَّةُ مَأْكُولٍ وَإِعَارَةٌ دَابَّةٍ وَعَمَلُ دَعْوَةٍ وَنَحْوَهُ بِلَا إسْرَافٍ وَلِ غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ قُوتِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ بِهِ كَرَغِيفٍ وَنَحْوِهِ وَلِزَوْجَةٍ وَكُلُّ مُتَصَرِّفٍ فِي بَيْتٍ الصَّدَقَةُ مِنْهُ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهِ
الصلة تخفيفاً، أو يكون الفعل مما استعمل لازماً ومتعدياً، إلا أني لم أجده.
انتهى. ومنه تعلم رجحان الكسر، وجريانه على الأصل، خلافاً لما في "شرح" منصور البهوتي من اقتصاره على الفتح.
قوله: (وغصب) أي: لمأذون. قوله: (وتصح معاملة قن) أي: لا معاملة.
صغير إلا فيما يعامل مثله فيه ما لم يعلم أنه مأذون له. قوله: (ونحوهما) أي: ولو قل. قوله: (ولغير مأذون) أي: وصف، أي: في تجارة. قوله: (ونحوه) كفلس وبيضة.
قوله: (وكل متصرف في بيت) كخادم وأجير.
بِنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ أَوْ يَضْطَرِبَ عُرْفٌ أَوْ يَكُونَ بَخِيلًا وَيَشُكُّ فِي رِضَاهُ فِيهِمَا فَيَحْرُمُ كَزَوْجَةٍ أَطْعَمَتْ بِفَرْضٍ وَلَمْ تَعْلَمْ رضَاهُ وَمَنْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ قِنٍّ عَيْبًا فَقَالَ أَنَا غَيْرُ مَأْذُونٍ لِي لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ صَدَّقَهُ سَيِّدٌ
قوله: (أو يضطرب) أي: يختلف. قوله: (ويشك) أي: المتصرف من زوجة وغيرها. قوله: (كزوجة أطعمت
…
إلخ) يعني: أن المرأة إذا كانت ممنوعة من التصرف في بيت زوجها، كالتي يطعمها قدراً معلوماً، فرضه الحاكم لها كل يوم، فإنها لا تتصدق بشيء من مال زوجها، عملا بدلالة الحال كما لو منعها بالقول الصريح فتدبر.