المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب دخول مكة - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٢

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب دخول مكة

‌باب دخول مكة

يُسَنُّ نَهَارًا مِنْ أَعْلَاهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ وَسُنَّ خُرُوجٌ مِنْ مَكَّةَ مِنْ أَسْفَلِهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى وَسُنَّ دُخُولُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ فَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ،

قوله: (كداء) بالفتح والمد: التثنية العليا بأعلى مكة عند المقبرة، ولا ينصرف، للعلمية والتأنيث، وذكر بعض فيه أيضا الصرف، وتسمى تلك الناحية: المعلى. قوله: (وكدى) مثل مدى: موضع بأسفل مكة بقرب شعب الشافعيين. وبخطه أيضاً على قوله: (كدى) ويعرف الآن بباب شبيكة. قوله: (من باب بني شيبة) هو الذي بإزائه الآن الباب المعروف بباب السلام. قوله: (فإذا رأى البيت) أي: أول مرة. قوله: (رفع يديه) يعني: للدعاء. قوله: (أنت السلام) أي: اسم الله تعالى. قوله: (ومنك السلام) أي: التحية.

ص: 139

حَيِّنَا رَبِّنَا بِالسَّلَامِ اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا وَزِدْ مَنْ عَظَّمَهُ وَشَرَّفَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ، وَرَآنِي لِذَلِكَ أَهْلًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اللَّهُمَّ إنَّك دَعَوْتَ إلَى حَجِّ بَيْتِك الْحَرَامِ وَقَدْ جِئْتُكَ لِذَلِكَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي وَاعْفُ عَنِّي وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ

قوله: (بالسلام) أي: السلامة. قوله: (بيتك الحرام) سمي بالحرام؛ لأن حرمته انتشرت. وأريد بتحريم البيت سائر الحرم. قاله العلماء. "شرح إقناع". قوله: (يرفع بذلك صوته) أي: إذا كان رجلاً.

ص: 140

ثُمَّ يَطُوفُ مُتَمَتِّعٌ لِلْعُمْرَةِ ومُفْرِدٌ وقَارِنٌ لِلْقُدُومِ وَهُوَ الْوُرُودُ وَيَضْطَبِعُ غَيْرُ حَامِلِ مَعْذُورٍ فِي كُلِّ أُسْبُوعِهِ وَيَبْتَدِئُهُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَيُحَاذِيهِ أَوْ بَعْضَهُ بِكُلِّ بَدَنِهِ

قوله: (ثم يطوف

إلخ) أي: وهو تحية الكعبة، وتحية المسجد الصلاة، وتجزيء عنها الركعتان بعد الطواف، وهذا لا ينافي أن تحية المسجد الحرام الطواف؛ لأنه مجمل، وهذا تفصيله، ذكر معناه في "الإقناع" و "شرحه". والحاصل: أن تحية الكعبة مقدمة على تحية المسجد. قوله: (وهو الورود) وهو تحية الكعبة. قوله: (حامل معذور) هو بالإضافة، أي: غير حامل شخصا معذوراً كمريض، وصغير، فلا يستحب في حق الحامل الطائف اضطباع، ولا رمل، كما سيأتي. هكذا ينبغي أن يفهم، ويدل له قول العلامة ابن قندس عند قول "الفروع": أو حامل معذور، أي: المعذور إذا حمله آخر، ليطوف به، لا يرمل الحامل. انتهى.

قوله: (في كل أسبوعه) فإذا فرغ سواه. قوله: (فيحاذيه

إلخ) فيه أن محاذاته أو بعضه بكل البدن غير ممكنة، فلعل المراد: محاذاة جهته، والمراد: أنه لا يبتديء الطواف بحيث يكون بعض أجزائه قد تجاوز موضعه، بل لا بد أن يبتديء: إما قبله، ليمر بكل بدنه عليه، أو يبتديء من محاذاته كذلك، أو بعد

ص: 141

وَيَسْتَلِمُهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ لَمْ يُزَاحِمْ وَاسْتَلَمَهُ بِيَدِهِ وَقَبَّلَهَا فبِشَيْءٍ وَيُقَبِّلُهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَوْ بِشَيْءٍ وَلَا يُقَبِّلُهُ وَاسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِكَ،

جزء منه، لكن بحيث يكون كل بدنه محاذيا للجزء الباقي، والعبارة تضيق عن أداء المعنى المراد. محمد الخلوتي. وبخطه أيضاً على قوله: (فيحاذيه

إلخ) فإن لم يفعل؛ بأن ابتدأ الطواف من جانب الركن من جهة الباب، بحيث خرج شيء من بدنه عن محاذاة الحجر، لم يحتسب بذلك الشوط. قال والد المصنف فيما رأيته بخطه على هامش "المحرر": وذلك بأن يقف مقابل الحجر حتى يكون مبصراً لضلعي البيت، اللذين عن أيمن الحجر وأيسره. وهذا احتراز من أن يقف في ضلع الباب ويستلمه منه، فلا يكون محاذياً له ببدنه كله، فمتى رأى الضلع الآخر، فقد حاذاه بكل بدنه.

قوله: (ويستلمه) أي: يمسه. قوله: (ويقبله) أي: من غير صوت. قوله: (ولا يقبله) أي: ما أشار به. قوله: (إيماناً بك) مفعول له، أي: فعلت ذلك إيماناً بك، أي: لأجل إيماني أنك حق فعلت ذلك. كذا في "المطلع"،

ص: 142

وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك، وَوَفَاءً بِعَهْدِك، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَيُرْمِلُ طَائِفٌ مَاشِيًا غَيْرَ حَامِلِ مَعْذُورٍ ونِسَاءٍ، ومُحْرِمٍ مِنْ مَكَّةَ أَوْ قُرْبَهَا فَيُسْرِعُ الْمَشْيَ، وَيُقَارِبُ الْخُطَى فِي ثَلَاثَةِ أَشْوَاطٍ ثُمَّ بَعْدَهَا يَمْشِي أَرْبَعَةَ وَلَا يَقْضِي فِيهَا رَمَلَ.

وقوله: لأجل

إلخ، أراد به التنبيه على إرادة الحصر، وعلى أنه مفعول له. محمد الخلوتي.

قوله: (وتصديقا بكتابك) روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: لما أخذ الله تعالى الميثاق على الذرية، كتب كتاباً وألقمه الحجر، فهو يشهد للمؤمن بالوفاء، وعلى الكافر بالجحود. ذكره الحافظ أبو الفرج. انتهى.

"مطلع". فالمراد من كتابه تعالى هنا: غير القرآن. محمد الخلوتي. قوله: (ووفاء بعهدك) لعله قوله: (ولله على الناس) الآية. [آل عمران: 97]. قوله: (ويرمل) كيطلب. قوله: (أو قربها) أي: فلا يسن هو، ولا الاضطباع لهم. قوله:(ولا يقضي فيها رمل) أي: فات.

ص: 143

والرَّمَلُ أَوْلَى مِنْ الدُّنُوِّ مِنْ الْبَيْتِ وَالتَّأْخِيرُ لَهُ أَوْ لِلدُّنُوِّ أَوْلَى وَكُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ اسْتَلَمَهُمَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهِمَا لَا الشَّامِيِّ وَهُوَ أَوَّلُ رُكْنٍ يَمُرُّ بِهِ وَلَا الْغَرْبِيِّ وَهُوَ مَا يَلِيهِ وَيَقُولُ حَاذَى الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ اللَّهُ أَكْبَرُ وبَيْنَ الْيَمَانِيِّ وَبَيْنَهُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَيَقُولُ فِي بَقِيَّةِ طَوَافِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا

قوله: (استلمهما) ولا يقبل إلا الحجر الأسود. قوله: (اللهم اجعله حجاً مبروراً

إلخ) قال صاحب "المطالع": الحج المبرور هو: الخالص الذي لا يخالطه مأثم. وقال الأزهري: المبرور المتقبل، وسعيا مشكوراً، أي: اجعله عملا متقبلا يزكو لصاحبه ثوابه، والتقدير -والله أعلم- اجعل حجي حجاً مبروراً، وسعيي سعيا مشكوراً، وذنبي ذنباً مغفوراً. انتهى. "مطلع" ملخصاً.

ص: 144

وَذَنْبًا مَغْفُورًا رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاهْدِنِي السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ وَيَدْعُو وَيَذْكُرُ بِمَا أَحَبَّ وَتُسَنُّ الْقِرَاءَةُ فِيهِ وَلَا يُسَنُّ رَمَلٌ، وَلَا اضْطِبَاعٌ فِي غَيْرِ هَذَا الطَّوَافِ وَمَنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا لِعُذْرٍ

قوله: (ومن طاف راكباً أو محمولاً

إلخ) اعلم: أن مسألة الحمل تشتمل على أربع وستين صورة، وذلك لأنه: إما أن ينوي الحامل والمحمول عن المحمول وحده، أو عن الحامل وحده، أو ينوي كل منهما عن نفسه فقط، أو عن صاحبه فقط، أو كل واحد منهما عن نفسه وصاحبه، أو الحامل عن نفسه وصاحبه، والمحمول عن نفسه فقط، أو عن صاحبه فقط، أو عكسه بأن ينوي المحمول عن نفسه وصاحبه، والحامل عن نفسه فقط، أو عن صاحبه فقط، أو ينوي الحامل عن نفسه أو صاحبه أو عنهما، والمحمول لم ينو شيئا، أو عكسه؛ بأن ينوي المحمول عن نفسه أو صاحبه أو عنهما، والحامل لم ينو شيئا، أو لا توجد نية من واحد منهما أصلا. فهذه ست عشرة صورة، وكل منها، إما أن تكون مع العذر أولا، وعلى كل تقدير: إما أن يكون ذلك في طواف أو سعي، فهي أربع وستون صورة،

ص: 145

_________

وهي من حيث الإجزاء وعدمه على ثلاثة أقسام: قسم منها يقع الطواف والسعي عن المحمول وحده، وقسم عن الحامل وحده، وقسم لا يقع عن واحد منهما. وقد صرح صاحب "الإقناع" رحمه الله تعالى بوقوع كل من الطواف والسعي في حال العذر، عن المحمول في ثلاث صور منها، وعن الحامل في صورتين. فأما صور الإجزاء عن المحمول، فإحداها: أن ينوي الحامل والمحمول عن المحمول، الثانية: أن ينوي كل منهما عن نفسه، الثالثة: أن ينوي المحمول عن نفسه، والحامل لم ينو شيئا، ففي هذه الثلاث الصور لا يقع الطواف والسعي إلا عن المحمول وحده، وأما صورتا الإجزاء عن الحامل وحده، فإحداهما: أن ينوي الحامل والمحمول عن الحامل، والثانية: أن ينوي الحامل عن نفسه فقط، والمحمول لم ينو شيئا، ففي هاتين الصورتين يقع الإجزاء عن الحامل. كل ذلك مع العذر، وقد عن لي أن أضع شباكاً للست عشرة المتقدمة، فإن كل منها يعلم حكم باقيها ونفرضها في حالة العذر، وأنبه على صور الإجزاء وعدمه، وهذه صورته: عذر:

ص: 146

_________

نويا عن المحمول وحده يجزيء عنه وحده

نويا عن الحامل وحده يجزيء عنه وحده

نوى كل عن نفسه فقط يجزيء عن المحمول وحده

نوى كل عن صاحبه فقط لا يجزيء عن واحد منهما // نوى كل عن نفسه وصاحبه لا يجزيء عن واحد منهما

نوى الحامل عن نفسه وصاحبه والمحمول عن نفسه فقط

نوى المحمول عن نفسه وصاحبه والحامل عن نفسه فقط لا يجزيء عن واحد منهما

نوى الحامل عن نفسه وصاحبه والمحمول عن صاحبه فقط لا يجزيء عن واحد منهما /// نوى المحمول عن نفسه وصاحبه والحامل عن صاحبه فقط لا يجزيء عن واحد منهما

نوى الحامل عن نفسه والمحمول لم ينو شيئا يجزيء عنه وحده

نوى المحمول عن نفسه فقط والحامل لم ينو شيئا يجزيء عن المحمول وحده

نوى الحامل عن صاحبه فقط والمحمول لم ينو شيئا لم يجزيء عن واحد // نوى المحمول عن صاحبه فقط والحامل لم ينو شيئا لا يجزيء عن واحد منهما

نوى الحامل عن نفسه وصاحبه والمحمول لم ينو شيئا لا يجزيء عن واحد منهما

نوى المحمول عن نفسه وصاحبه والحامل لم ينو شيئا لا يجزيء عن واحد منهما

لم توجد نية من الحامل والمحمول أصلا لا تجزيء عن واحد منهما

ص: 147

وَلَا يُجْزِئُ عَنْ حَامِلِهِ إلَّا إنْ نَوَى وَحْدَهُ أَوْ نَوَيَا جَمِيعًا عَنْهُ ورَاكِبًا كَطَوَافٍ وَإِنْ طَافَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ أَوْ قَصَدَ فِي طَوَافِهِ غَرِيمًا وَقَصَدَ مَعَهُ طَوَافًا بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ تَوَجَّهَ الْإِجْزَاءُ قَالَهُ فِي "الْفُرُوعِ"

قوله: (ولا يجزيء عن حامله) بخلاف وقوف، فيجزيء عنهما.

قوله: (بنية حقيقية، لا حكمية) قال العلامة ابن قندس: النية الحقيقية: أن ينوي الطواف حقيقة، والنية الحكمية: أن يكون قد حصلت له نية قبل، ثم استمر حكمها ولم يقطعها، وهو معنى قولهم: استصحاب حكم النية هو: أن لا ينوي قطعها. انتهى. قوله: في الحكمية قد حصلت له نية قبل.

معناه والله أعلم: أن ينوي الطواف قبل الشروع فيه، ثم يعرض له غريم في الطواف، فيتبعه لملازمته مستصحباً لحكم تلك النية، أي: غير قاطع لها، فلا يجزئه الطواف في هذه الحالة، وهذا بخلاف ما لو لم يعرض له غريم، بل شرع في الطواف مستصحباً لحكم تلك النية، فإنه يصح طوافه بشرط قرب الزمن بين النية والشروع، وأما النية الحقيقية، فهي: ما قارنت الطواف الذي قصد معه ملازمة الغريم؛ بأن ينوي عند الشروع فيه الطواف، فإنه لا يضر مع ذلك قصد الغريم، كما لو نوى الصوم وقصد معه هضم الطعام، أو نوى الصلاة وإدمان السهر، لكن ثوابه ينقص بذلك.

ص: 148

وَيُجْزِئُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ لَا خَارِجَهُ أَوْ مُنَكِّسًا وَنَحْوَهُ أَوْ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ أَوْ شَاذَرْوَانَ الْكَعْبَةِ أَوْ نَاقِصًا، وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ نَجِسًا وفِيمَا لَا يَحِلُّ لِمُحْرِمٍ لُبْسُهُ يَصِحُّ طَوَافُهُ وَيَفْدِي وَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ لِحَدَثٍ فِيهِ وَيَبْتَدِئُهُ لِقَطْعٍ طَوِيلٍ وَإِنْ كَانَ قَطَعَهُ يَسِيرًا أَوْ أُقِيمَتْ صَلَاةٌ أَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ وَهُوَ فِيهِ صَلَّى وَبَنَى مِنْ الْحَجَرِ فَلَا يَعْتَدُّ بِبَعْضِ شَوْطٍ قَطَعَ فِيهِ

قوله: (منكسا) يجوز فتح الكاف، صفة لمصدر محذوف، أي: طاف طوافاً منكسا، ويجوز كسرها، ويكون حالا، أي: طاف منكسا طوافه.

"مطلع" قوله: (ونحوه) كالقهقرى. قوله: (أو على جدار الحجر) لا إن مسه بيده، فيصح. قوله:(أو شاذروان الكعبة) خلافا للشيخ تقي الدين، فيصح عنده الطواف عليه، وعلى الأول: لو مس الجدار بيده في موازاة الشاذروان، صح طوافه اعتبارا بجملته، كما لا يضر التفات المصلي بوجهه.

قاله في "الإقناع" و "شرحه". قال في "شرحه": وعلى قياسه لو مس أعلا جدار الحجر. انتهى. فيصح طوافه. قوله: (فلا يعتد ببعض شوط قطع فيه

إلخ) وشروط الطواف ثلاثة عشر: إسلام، وعقل، ونية، ستر

ص: 149

فَإِذَا تَمَّ تَنَفَّلَ بِرَكْعَتَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا ب {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، والْإِخْلَاصِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَتُجْزِئُ مَكْتُوبَةٌ عَنْهُمَا وَيُسَنُّ عَوْدُهُ إلَى الْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ والْإِكْثَارُ مِنْ الطَّوَافِ كُلَّ وَقْتٍ وَلَهُ جَمْعُ أَسَابِيعَ بِرَكْعَتَيْنِ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ وتَأْخِيرُ سَعْيِهِ عَنْ طَوَافِهِ بِطَوَافٍ وغَيْرِهِ

عورة، وطهارة حدث لا لطفل، وطهارة خبث حتى لطفلٍ، وتكميل السبع، وجعل البيت عن يساره، والطواف بجميع البيت، وأن يطوف ماشيا مع القدرة، وأن يوالي بينه، وكونه في المسجد، وأن يبتديء من الحجر الأسود.

وسننه عشر: استلام الحجر، وتقبيله أو ما يقوم مقامه، واستلام الركن اليماني، واضطباع، ورمل، ومشي في مواضعه، ودعاء، وذكر، ودنو من البيت وركعتا الطواف.

قوله: (خلف المقام) وله فعلها خارج المسجد حيث شاء. قوله: (وله جمع أسابيع

إلخ) أي: فلا يكره الفصل بين السبع وركعتيه، كما لا يكره الفصل بين الفرض وراتبته، بخلاف قراءة آية السجدة والسجدة.

ص: 150

وَإِنْ فَرَغَ مُتَمَتِّعٌ ثُمَّ عَلِمَ أَحَدَ طَوَافَيْهِ بِلَا طَهَارَةٍ وَجَهِلَهُ لَزِمَهُ الْأَشَدُّ وَهُوَ جَعْلُهُ لِلْعُمْرَةِ فَلَا يَحِلُّ مِنْهَا بِحَلْقٍ لِفَرْضِ وَعَلَيْهِ بِهِ دَمٌ وَيَصِيرُ قَارِنًا

قوله: (وإن فرغ متمتع

إلخ) اعلم: أن عبارة المصنف "كالإقناع" غير ظاهرة المراد فيما يظهر، وذلك لأنه إذا فرغ المتمتع من أفعال عمرته وحجه، فقد أتى بطوافين وسعيين، فإذا تذكر أن أحد طوافيه بلا طهارة وجهله، فلم يعلم أهو طواف العمرة أم طواف الحج؟ فإنا نلزمه بالعمل بالأحوط، وهو الأشد عليه، ليخرج من العهدة بيقين، فباعتبار أنه إذا قدر الفاسد هو طواف العمرة، فسد سعيها، ولزمه دم لحلقها، وصار قارناً لإحرامه بالحج قبل طواف عمرته، نلزمه التزام ذلك، وباعتبار أنه إذا قدر الفاسد هو طواف الحج، يفسد سعيه فقط، نلزمه التزام ذلك أيضاً، فيتلخص من ذلك: أنه يعيد طواف الحج وسعيه، ويجزئانه عن النسكين، ويلزمه دمان أحدهما: لحلقه، والآخر: لقرانه أو لتمتعه، فقد عاملناه بالأحوط، وهو الأشد عليه بالاعتبارين. وعبارة المصنف "كالإقناع" ظاهرة في أن الأشد، هو: اعتبار كون الطواف الفاسد، طواف العمرة لا غير، وأنه يجزئه طواف الحج عن النسكين، وإذا كان كذلك، فينبغي أن يجزئه السعي أيضا عن النسكين، لوقوعه بعد طواف

ص: 151

وَيُجْزِئُهُ الطَّوَافُ لِلْحَجِّ عَنْ النُّسُكَيْنِ وَيُعِيدُ السَّعْيَ وَإِنْ جَعَلَ مِنْ الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ ودَمُ وَإِنْ كَانَ وَطِئَ بَعْدَ حِلِّهِ مِنْ عُمْرَتِهِ لَمْ يَصِحَّا وَتَحَلَّلَ بِطَوَافِهِ الَّذِي نَوَاهُ بِحَجِّهِ مِنْ عُمْرَتِهِ الْفَاسِدَةِ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِحَلْقِهِ وَدَمٌ لِوَطْئِهِ فِي عُمْرَتِهِ

الحج المقدرة صحته، فلا يظهر حينئذ وجه قوله:(ويعيد السعي) ويحتمل أن مراده بقوله: (ويجزئه الطواف للحج عن النسكين) أي: الطواف الذي يأتي به بعد التذكر.

قوله: (ويعيد السعي) أي: سعي الحج، لجواز كونه بعد طواف فاسد، لكن كان حق العبارة أن يقول: ويعيد الطواف والسعي، ويجزئان عن النسكين. فتأمل ذلك ولا تستعجل.

قوله: (عن النسكين) أي: الحج والعمرة، كالقارن ابتداء. قلت: الظاهر لزوم الطواف، لاحتمال أنه الذي بلا طهارة، فلا يسقط فرضه إلا بيقين. منصور. قوله:(وإن جعل من الحج) أي: إن قلنا بذلك، وتقدم أن الصحيح لزوم الأشد. قوله:(ودم) أي: للتمتع. قوله: (من عمرته الفاسدة) أي: ولزمه قضاؤها، كما يعلم مما تقدم من لزوم قضاء ما فسد من حج أو عمرة، وأما الحج هنا، فالظاهر عدم لزوم قضائه، لعدم انعقاده.

والله أعلم.

ص: 152

فصل

ثم يخرج للسعي من باب الصفا فَيَرْقَى الصَّفَا لِيَرَى الْبَيْتَ فَيَسْتَقْبِلُهُ وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ ثَلَاثًا: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا هَدَانَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعَدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ وَلَا يُلَبِّي ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَمْشِي حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَلَمِ نَحْوُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَيَسْعَى مَاشٍ سَعْيًا شَدِيدًا إلَى الْعَلَمِ الْآخَرِ ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَرْقَى الْمَرْوَةَ فَيَقُولُ كَمَا قَالَ عَلَى الصَّفَا وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ مَا بَيْنَهُمَا فَيُلْصِقُ عَقِبَهُ بِأَصْلِهِمَا

قوله: (بأصلهما) إن لم يرقهما، كما في "الإقناع".

ص: 153

ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ وَيَسْعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ إلَى الصَّفَا يَفْعَلُهُ سَعْيًا ذَهَابُهُ سَعْيَةٌ وَرُجُوعُهُ سَعْيَةٌ فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ يُحْتَسَبْ بِذَلِكَ الشَّوْطُ وَيُشْتَرَطُ نِيَّةٌ ومُوَالَاةٌ وكَوْنُهُ بَعْدَ طَوَافِ وَلَوْ مَسْنُونًا وَتُسَنُّ مُوَالَاتُهُ بَيْنَهُمَا وطَهَارَةٌ وَسُتْرَةٌ لَا اضْطِبَاعٌ وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى وَلَا تَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا وَتُسَنُّ مُبَادَرَةُ مُعْتَمِرٍ بِذَلِكَ وتَقْصِيرُهُ لِيَحْلِقَ وَيَتَحَلَّلَ مُتَمَتِّعٌ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا وَلَوْ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مُتَمَتِّعٌ وَمُعْتَمِرٌ إذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ وَلَا بَأْسَ بِهَا فِي طَوَافِ الْقُدُومِ سِرًّا

قوله: (وموالاته) أي: بين أجزائه. قوله: (وكونه بعد طواف) أي: طواف نسك. قوله: (بذلك) أي: الطواف والسعي. "شرح" منصور.

ص: 154