الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الربا والصرف
الربا: تَفَاضُلٌ فِي أَشْيَاءَ وَنَسَاءٌ فِي أَشْيَاءَ مُخْتَصٌّ بَأَشْيَاءَ وَرَدَ الشَّرْعِ بِتَحْرِيمِهَا فَيَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ فِي كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ وَإِنْ قَلَّ كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ لَا فِي مَاءٍ
باب الربا والصرف
الربا مقصور، أصله: الزيادة.
قوله: (ونساء) في "المصباح": النسيء مهموز على فعيل، ويجوز الإدغام؛ لأنه زائد، هو: التأخير، والنسيئة فعيلة مثله، وهما اسمان من: نسأ الله أجله، من باب نفع، وأنسأه بالألف: إذا أخره. انتهى. وأما النساء، فبالمد، كما في "المطلع" وعبارته: النسيئة، والنساء بالمد: التأخير، وحيث جاء النساء في الكتاب، فهو ممدود، ولا يجوز قصره. انتهى مختصراً. قوله: (فيحرم
…
إلخ) هو كالتفسير لقوله: (تفاضل في أشياء) كما أن قوله في أول الفصل الآتي: (ويحرم ربا النسيئة بين ما اتفقا
…
إلخ) كالتفسير لقوله: (ونساء في أشياء) محمد الخلوتي. قوله: (وإن قل) بحيث لا يتأتى كيله، لعدم العلم بتساويهما.
قوله: (لا في ماء) يعني: لعدم تموله عادة. قال في "المبدع": وفيه نظر؛
وَلَا فِيمَا لَا يُوزَنُ عُرْفًا لِصِنَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَمَعْمُولٍ مِنْ نُحَاسٍ وحَدِيدٍ وحَرِيرٍ وَقُطْنٍ ونَحْوِ ذَلِكَ وَلَا فِي فُلُوسٍ عَدَدًا وَلَوْ نَافِقَةً وَيَصِحُّ بَيْعُ صُبْرَةٍ بجِنْسِهَا وَإِنْ عَلِمَا كَيْلَهُمَا وتَسَاوِيَهُمَا أَوْ لَا وَتَبَايَعَاهُمَا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَكِيلَتَا فَكَانَتَا سَوَاءً وحَبٍّ جَيِّدٍ بخَفِيفٍ
إذ العلة عندنا ليست هي المالية. قاله في "شرح الإقناع". وقد يقال: سلمنا ذلك، لكن مرادهم: أن ما ذكر من إباحة الأصل، وعدم التمول عادة، ضعف العلة فيه، التي هي الكيل، فلم تؤثر. محمد الخلوتي.
قوله: (لصناعته) أي: لارتفاع سعره بها. قوله: (من نحاس) كأسطال، ودسوت. قوله:(وحديد) كنعال، وسكاكين. قوله:(وحرير) كثياب. قوله: (ونحو ذلك) كأكسية من صوف. قوله: (ولا في فلوس) يعني: يتعامل بها. قوله: (فكيلتا) أي: في المجلس؛ لأن قبض ذلك، هو شرط بقاء العقد، ولذا عبر بالفاء التي للتعقيب. قوله:(فكانتا سواء) وإلا لم يصح.
لَا بمُسَوَّسٍ وَلَا مَكِيلٍ بِجِنْسِهِ وَزْنًا وَلَا مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ كَيْلًا إلَّا إذَا عُلِمَ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فِي مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ وَيَصِحُّ إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَيْلًا وَوَزْنًا وَجُزَافًا وبَيْعُ لَحْمٍ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ إذَا نَزَعَ عَظْمَهُ وبِحَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَبغَيْرِ مَأْكُولٍ وعَسَلٍ بِمِثْلِهِ إذَا صُفِّيَ وفَرْعٍ مَعَهُ غَيْرُهُ لِمَصْلَحَتِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا بِنَوْعِهِ كَجُبْنٍ بِجُبْنٍ وسَمْنٍ بِسَمْنٍ مُتَمَاثِلًا وبِ غَيْرِهِ كَزُبْدٍ بِمَخِيضٍ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إلَّا مِثْلُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ لِاسْتِخْرَاجِهِ مِنْهُ لَا مَا مَعَهُ مَا لَيْسَ لِمَصْلَحَتِهِ كَكِشْكٍ بِنَوْعِهِ
قوله: (من جنسه) كلحم بقر بلحم بقر. قوله: (كبغير مأكول) تشبيه.
قوله: (كجبن) تمثيل على اللف والنشر المرتب. وبخطه أيضاً على قوله: (كجبن) أي: وزناً. قوله: (وسمن) أي: كيلاً، وإن كان مائعاً، وإلا فوزناً. قوله:(وبغيره) أي: بفرع غير نوعه. قوله: (ككشك) فيه أنه لا يمكن جعله كشكاً، إلا بانضمام القمح إلى اللبن، كما أنه لا يمكن جعله جبناً، إلا بانضمام الإنفحة إليه، فلم جعل هذا مما ليس لمصلحته، وذاك مما هو لمصلحته؟ ويمكن الفرق بينهما؛ بأن ضم البر إلى اللبن ليس علة في بقاء أحدهما على حاله، ولا في وجوده، بخلاف ضم الملح إلى السمن، والإنفحة إلى الجبن، وأما تسمية هذا: كشكاً، فإنما نشأت عن الهيئة الاجتماعية، ولو أبقي أحدهما منفرداً عن الآخر، لم يفسد. محمد الخلوتي.
وَلَا بِفَرْعِ غَيْرِهِ وَلَا فَرْعٍ بِأَصْلِهِ كَأَقِطٍ بِلَبَنٍ وَلَا نَوْعٍ مَسَّتْهُ النَّارُ بِنَوْعِهِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ وَالْجِنْسُ مَا شَمَلَ أَنْوَاعًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ وَفُرُوعُهَا أَجْنَاسٌ، كَالْأَدَقَّةِ وَالْأَخْبَازِ وَالْأَدْهَانِ وَاللَّحْمُ وَاللَّبَنُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِمَا وَالشَّحْمُ وَالْمُخُّ وَالْأَلْيَةُ
قوله: (ولا بفرع غيره) أي: فيما معه مما ليس لمصلحته، كما هو سياق كلامه، فلا تناقض، ككشك بهريسة.
قوله: (والجنس: ما
…
إلخ) أي: الجنس هو: الشامل لأشياء مختلفة بأنواعها، قال في "الإقناع": فكل شيئين فأكثر أصلهما واحد، فهما جنس واحد، وإن اختلفت مقاصدهما، كدهن ورد، وبنفسج، وزنبق، وياسمين، ونحوها إذا كانت كلها من دهن واحد، أي: كالشيرج، فهي جنس واحد. قال في "شرحه": لاتحاد أصلها، أي: وهو الشيرج مثلاً، وإنما طيبت بهذه الرياحين، فنسبت إليها، فلم تصر أجناساً. انتهى المقصود.
قوله: (واللبن أجناس) أي: ذو أجناس. قوله: (باختلاف أصولهما) أي: بسبب. مصنف. قوله أيضا على قوله: (باختلاف أصولهما) أي: اللحم واللبن، فلحم الضأن والمعز جنس، والبقر والجواميس جنس، وكذا اللبن.
وَالْقَلْبُ وَالطِّحَالُ وَالرِّئَةُ وَالْكُلْيَةُ وَالْكَبِدُ وَالْكَارِعُ أَجْنَاسٌ وَيَصِحُّ بَيْعُ دَقِيقٍ رِبَوِيٍّ بِدَقِيقِهِ إذَا اسْتَوَيَا نُعُومَةً ومَطْبُوخِهِ بِمَطْبُوخِهِ وخُبْزِهِ بِخُبْزِهِ إذَا اسْتَوَيَا نِشَافًا أَوْ رُطُوبَةً وعَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ ورَطْبِهِ بِرَطْبِهِ ويَابِسِهِ بِيَابِسِهِ ومَنْزُوعِ نَوَاهُ بِمِثْلِهِ لَا مَعَ نَوَاهُ بِمَا مَعَ نَوَاهُ وَلَا مَنْزُوعِ نَوَاهُ بِمَا نَوَاهُ فِيهِ وَلَا حَبٍّ بِدَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ وَلَا دَقِيقِ حَبٍّ بِسَوِيقِهِ وخُبْزٍ بِحَبِّهِ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ وَلَا نِيئِهِ بِمَطْبُوخِهِ وَلَا أَصْلِهِ بِعَصِيرِهِ وَلَا خَالِصِهِ أَوْ مَشُوبِهِ بِمَشُوبِهِ وَلَا رَطْبِهِ بِيَابِسِهِ كَرُطَبٍ وَلَا الْمُحَاقَلَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ وَيَصِحُّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَلَا الْمُزَابَنَةِ وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِالتَّمْرِ إلَّا فِي الْعَرَايَا وَهِيَ بَيْعُهُ خَرْصًا بِمِثْلِ مَا يَئُولَ إلَيْهِ إذَا جَفَّ كَيْلًا
قوله: (والكارع أجناس) أي: ذات. قوله: (ولا المحاقلة) مأخوذة من الحقل، وهو: الزرع إذا تشعب قبل أن يغلظ سوقه. محمد الخلوتي.
قوله: (بمثل ما يؤول إليه) الظاهر: أن المراد ما يؤول إليه نوعه، سواء
فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِمُحْتَاجٍ لِرُطَبٍ وَلَا ثَمَنٍ مَعَهُ بِشَرْطِ الْحُلُولِ وَتَقَابُضِهِمَا بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ ففِي نَخْلٍ بِتَخْلِيَةٍ فِي تَمْرٍ بِكَيْلٍ فَلَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مَشَيَا فَسَلَّمَ الْآخَرُ صَحَّ وَلَا تَصِحُّ فِي بَقِيَّةِ الثِّمَارِ وَلَا زِيَادَةُ مُشْتَرٍ وَلَوْ مِنْ عَدَدٍ فِي صَفَقَاتٍ وَيَصِحُّ بَيْعُ نَوْعَيْ جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ بِنَوْعَيْهِ كَدِينَارٍ قِرَاضَةً، وَهِيَ قِطَعُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وصَحِيحٍ بصَحِيحَيْنِ أَوْ قِرَاضَتَيْنِ أَوْ صَحِيحٍ بصَحِيحٍ وحِنْطَةٍ حَمْرَاءَ وَسَمْرَاءَ ببَيْضَاءَ وتَمْرٍ
كان ذلك الرطب مما لو ترك لصار تمراً، وهو الغالب، أو مما لو ترك لصار حشفا لا تمراً، كما في بعض الأنواع، كما تقدم في زكاة الخارج من الأرض.
قوله: (فيما دون
…
إلخ) أي: لا فيها ولا فيما زاد عليها، ويبطل البيع فيها في جميع المعقود عليه، وإنما لم يصح في هاتين الصورتين فيما دون الخمسة، لجهل المبيع إذن. قوله:(ولا ثمن معه) أي: نقد.
قوله: (بشرط
…
إلخ) هذان شرطان للعرايا، كما في "شرح المصنف" ونص عبارته: وبقي للعرايا شرطان، نبه عليهما بقوله: (بشرط
…
إلخ) قوله: (ولا تصح) أي: العرايا، أي: صورتها. قوله: (ولا زيادة مشتر) أي: ما رخص فيه، فشمل صورة الخمسة فما فوقها.
فتأمل. قوله: أيضاً على قوله: (وزيادة مشتر) علم منه جواز زيادة البائع.
مَعْقِلِيٍّ وَبَرْنِيِّ بِإِبْرَاهِيمِيِّ ونَوَى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى ولَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ وصُوفٍ بِمَا عَلَيْهِ صُوفٌ ودِرْهَمٍ فِيهِ نُحَاسٌ ِنُحَاسٍ أَوْ بمُسَاوِيهِ فِي غَشٍّ وذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ بِمِثْلِهَا وتُرَابِ مَعْدِنٍ وصَاغَةٍ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ومَا مُوِّهَ بِنَقْدٍ مِنْ دَارٍ وَنَحْوِهَا بِجِنْسِهِ ونَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ بِمِثْلِهِ أَوْ تَمْرٍ لَا رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ وَمَعَهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِمُدَّيْنِ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُقْصَدُ كَخُبْزٍ فِيهِ مِلْحٌ بِمِثْلِهِ وبِمِلْحٍ وَيَصِحُّ أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفًا والْآخَرِ فُلُوسًا أَوْ حَاجَةًأَوْ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفًا وَفُلُوسًا وَنَحْوِهِ وقَوْلُهُ لِصَائِغٍ صُغْ لِي خَاتَمًا وَزْنُهُ دِرْهَمٌ أُعْطِيَكَ
قوله: (وصاغة) أي: وتراب الصاغة، برادة نحو حلي ذهب أو فضة مع ما يختلط به من نحو تراب، كما هو المتعارف فيما بينهم الآن بمصر. قوله: (كمد عجوة
…
إلخ) هذه تسمى: مسألة مد عجوة ودرهم، لتمثيلها بذلك، وللبطلان فيها مأخذان، احدهما: سد ذريعة الربا، وفي كلام الإمام إيماء إلى ذلك. الثاني: وهو مأخذ القاضي وأصحابه أن الصفقة إذا اشتملت على شيئين مختلفي القيمة، يقسط الثمن على قيمتهما، وهذا يؤدي هنا،
مِثْلَ زِنَتِهِ وأُجْرَتَك دِرْهَمًا. وَلِلصَّائِغِ أَخْذُ الدِّرْهَمَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مُقَابَلَةِ الْخَاتَمِ والثَّانِي أُجْرَةٌ لَهُ وَمَرْجِعُ كَيْلِ عُرْفِ الْمَدِينَةِ ووَزْنِ عُرْفِ مَكَّةَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا لَا عُرْفَ لَهُ هُنَاكَ يُعْتَبَرُ فِي مَوْضِعِهِ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ رُدَّ إلَى أَقْرَبِ مَا يُشْبِهُهُ بِالْحِجَازِ وَكُلُّ مَائِعٍ مَكِيلٌ
إما إلى يقين التفاضل، وإما إلى الجهل بالتساوي، وكلاهما مبطل للعقد، فإنه إذا باع درهماً ومداً يساوي درهمين، بمدين يساويان ثلاثة، فالدرهم في مقابلة ثلثي مد، ويبقى مد في مقابلة مد وثلث، وذلك ربا، فلو فرض التساوي كمد يساوي درهماً، ودرهم يساوي درهماً ودرهم، لم يصح أيضاً؛ لأن التقويم ظن وتخمين، فلا تتحقق معه المساواة، والجهل بالتساوي، كالعلم بالتفاضل. انتهى. منصور البهوتي. وقوله: في المأخذ الأول: سد ذريعة الربا، أي: لأن ذلك قد يكون حيلة على الربا الصريح، كبيع مئة في كيس بمئتين، جعلا للمئة الثانية في مقابلة الكيس، وهو قد لا يساوي درهماً.
قوله: (والثاني أجرة له) وغاية ما فيه، أنه جمع بين بيع وإجارة، وهو صحيح كما تقدم، لا أنه شرط عقد في عقد، الذي هو بيعتان في بيعة المنهي عنه.
فصل
ويحرم ربا النسيئة بَيْنَ مَا اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ كَمُدَبَّرٍ بِمِثْلِهِ أَوْ شَعِيرٍ وك حُلُولٌ وَقَبْضٌ بِالْمَجْلِسِ تَنْبِيهٌ لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا إلَّا فِي صَرْفِهِ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ وَيُحْمَلُ نَسَاءٌ فِي مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ وَفِي مَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا فَضْلٍ كَثِيَابٍ وَحَيَوَانٍ وَتِبْنٍ
قوله: (بين ما اتفقا
…
إلخ) ما: واقعة على مثنى، وقوله:(اتفقا) بمراعاة معنى "ما" صلة أو صفة. قوله: (قبض) تنبيه: القبض هنا وحيث اعتبر، شرط لبقاء العقد لا لصحته، وإلا لم يتقدم المشروط. منصور البهوتي. قوله: (إلا في صرفه بفلوس
…
إلخ) تبع فيه "التنقيح" وهو مخالف لم تقدم في أول الباب، ولما جزم به في "الإقناع" لكن ما ذكره هو الصحيح كما في "الإنصاف" و "التنقيح"، خلافاً لما في "الإقناع".
فتدبر.
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كَالِئٍ بِكَالِئٍ وَهُوَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلَا بِمُؤَجَّلٍ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ وَلَا تَصَارُفُ الْمَدِينَيْنِ بِجِنْسَيْنِ فِي ذِمَّتَيْهِمَا وَلَا نَحْوُهُ وَيَصِحُّ إنْ أُحْضِرَ أَحَدُهُمَا
قوله: (وهو دين) بالرفع على حذف مضاف، أي: وهو بيع دين بدين، وهذا تفسير لبيع الكاليء بالكاليء، فالكاليء هو الدين نفسه، ويجوز قراءته بالجر على إبقاء المضاف إليه بحاله؛ لأن الدليل عليه، وهو:(بيع) موجود قبله، ثم اعلم: أن قول المصنف؛ وهو: (ولا يصح بيع كاليء بكاليء) شامل لأربع صور، وهي: بيعه حالاً أو مؤجلاً بحال لمن هو عليه أو غيره. وقوله: (ولا بمؤجل
…
إلخ) شامل لصورتين: بيعه حالاً أو مؤجلا بمؤجل لمن هو عليه، وكذا بالأول لغير من هو عليه، فالصور ثمان، على أن قوله: (ولا مؤجل
…
إلخ) داخل تحت عموم ما قبله، فهو من قبيل عطف الخاص على العام. فتدبر ذلك. قوله:(ونحوه) بأن يكون لأحدهما على صاحبه بر، وعليه له شعير، فتبايعانهما. قوله: (ويصح إن أحضر أحدهما
…
إلخ) اعلم: أن هذه المسألة من بيع الدين لمن هو عليه، وقد ذكرها المصنف أيضاً في باب السلم، وملخص الكلام فيها: إنه إذا باع الدين لمن هو عليه، فإما أن يبيعه بمعين أو بموصوف في الذمة، كما إذا كان لزيد على عمرو قمح معلوم، فباعه زيد عليه بدراهم معينة أو في الذمة، فإنه
أَوْ كَانَ أَمَانَةً وَمَنْ وَكَّلَ غَرِيمُهُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ وأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَبَاعَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ أَخْذُهُ
يصح في الصورتين، بشرط قبض زيد للعوض في صورة ما إذا باعه بموصوف مطلقاً، أعني: سواء كان بين هذا العوض وبين الدين ربا النسيئة؛ بأن كانا مكيلين أو موزونين أولا؛ بأن كان أحدهما مكيلاً أو موزوناً، والآخر مخالف له، وكذا لا بد من قبض زيد للعوض فيما إذا باعه بمعين، حيث كان بين العوضين علة ربا النسيئة؛ بأن كانا مكيلين أو موزونين، ولا بد في ذلك كله من شرط آخر لم ينبه عليه المصنف هنا، وهو أن لا يكون بين العوض الذي يأخذه زيد مثلا، وبين أصل دينه الذي على عمرو ربا النسيئة، كما لو كان القمح الذي على عمرو عوض دراهم، فإنه لا يجوز لزيد أن يعتاض عنه دنانير، كما بين ذلك المصنف في آخر البيع. وعبارة "الإقناع" عند ذكر المسألة في السلم نصها: لكن إن كان الدين من ثمن مكيل أو موزون باعه بالنسيئة، فإنه لا يصح أن يأخذ عوضه ما يشارك المبيع في علة ربا فضل أو نسيئة، وتقدم آخر كتاب البيع. انتهى بمعناه. فتدبر.
قوله: (أو كان أمانة) والآخر مستقر في الذمة؛ لأنه خرج عن كونه بيع دين بدين إلى كونه بيع دين بعين، وأن يكون في ذلك بسعره في يوم المصارفة، على ما يأتي آخر الباب. محمد الخلوتي.
وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَبَعَثَ إلَى غَرِيمِهِ دِينَارًا وَتَتِمَّتُهُ دَرَاهِمُ أَوْ أَرْسَلَ إلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَقَالَ لِلرَّسُولِ خُذْ قَدْرَ حَقِّك مِنْهُ دَنَانِيرَ، فَقَالَ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ خُذْ صِحَاحًا بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يَجُزْ
فصل
والصرف: بيع نقد بنقد وَيَبْطُلُ كَسَلَمٍ بِتَفَرُّقٍ يَبْطُلُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ قَبْلَ تَقَابُضٍ وَإِنْ تَأَخَّرَ فِي بَعْضٍ بَطَلَا فِيهِ فَقَطْ
قوله: (وتتمته دراهم) لم يجز؛ لأنه من مسألة: مد عجوة ودرهم. "شرحه". قوله: (أو أرسل) أي: من عليه دنانير للرسول الذي أرسله إلى من عليه دراهم، وقال ذلك المرسل في حال إرساله: إذا وصلت إلى من أرسلتك إليه، فخذ منه قدر حقك منه دنانير صحاحاً نظير مالك، فقال المرسل إليه للرسول: خذ مني دراهم صحاحاً في نظير ما لك من الدنانير، لم يجز له؛ لأنه لم يوكله في الصرف. محمد الخلوتي.
قوله: (قبل تقابض) أي: من الجانبين في صرف، ومن جانب واحد في السلم؛ إذ المعتبر فيه قبض رأس ماله، وأما المسلم فيه، فمن شرطه التأجيل، فالتفاعل مستعمل في حقيقته ومجازه معاً، وهو جائز عندنا، وفاقاً للشافعي. محمد الخلوتي.
وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي قَبْضٍ فِي صَرْفٍ وَنَحْوِهِ مَا دَامَ مُوَكِّلُهُ بِالْمَجْلِسِ وَلَا يَبْطُلُ بِتَخَايُرٍ فِيهِ وَإِنْ تَصَارَفَا عَلَى عَيْنَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ
قوله: (ويصح التوكيل) أي: الوكالة، يعني: أنها تستمر صحيحة ما دام الموكل في المجلس، فمتى فارق أحد العاقدين صاحبه قبل التقابض، بطل العقد، ففسدت الوكالة. قوله:(ولا يبطل بتخاير فيه) وكذا سائر ما يشترط فيه القبض، فيفسد الشرط فقط. قوله:(وإن تصارفا على عينين) إلى قوله: (من غير جنسه) قال ابن نصر الله: مقتضى صحة البيع مع تفريق الصفقة، صحة البيع هنا فيقدر الخالص بقسطه من عوضه الآخر. انتهى.
قال منصور البهوتي قلت: ليس هذا من قبيل تفريق الصفقة؛ لأن معناه: أن يجمع بين ما يصح بيعه وما لا يصح، وهنا كل من المعيب وعيبه يصح بيعه، وإنما بطل العقد؛ لأنه باعه غير ما سمي له. انتهى.
أقول: ما ذكره منصور البهوتي يخالفه قوله: تبعاً لغيره عند قول المصنف: (وإن ظهر في بعضه بطل فيه فقط) ما نصه: بنى على تفريق الصفقة، فقد أثبت ما نفاه أولاً، والأظهر: أنه إذا كان العيب من غير الجنس، فإنه من تفريق الصفقة، لكن إن كان العيب في كل دينار مثلا، لم يصح العقد، أما في قدر الغش؛ فلأنه غير ما سمي له، وأما في الخالص، فلجهل قدره وقت العقد، وأما إذا كان العيب في بعض الدنانير دون بعض، فما لا عيب فيه، صح العقد فيه بناء على تفريق الصفقة، وما فيه عيب، لم يصح
وَلَوْ بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ خَبَرِ صَاحِبِهِ وَظَهَرَ غَصْبٌ أَوْ عَيْبٌ فِي جَمِيعِهِ وَلَوْ يَسِيرًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ ظَهَرَ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ فِيهِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ فَلِآخِذِهِ الْخِيَارُ فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ وَإِنْ أَمْسَكَ فَلَهُ بِالْمَجْلِسِ لَا مِنْ جِنْسِ السَّلِيمِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ جُعِلَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا وَكَذَا سَائِرُ أَمْوَالِ الرِّبَا إذَا بِيعَتْ بغَيْرِ جِنْسِهَا مِمَّا الْقَبْضُ شَرْطٌ فِيهِ فَبُرٌّ بِشَعِيرٍ وُجِدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَأَرْشٌ بِدِرْهَمٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ جَازَ وَإِنْ تَصَارَفَا عَلَى جِنْسَيْنِ فِي الذِّمَّةِ إنْ تَقَابَضَا قَبْلَ الافتراق
في غشه، ولا في خالصه، لما تقدم من التعليل. فتأمل ذلك بلطف، والله أعلم.
وليس بشرط تفريق الصفقة أن يشتمل العقد على ما لا يقبل الصحة أصلاً، بل على ما لم تحصل فيه الصحةز فتدبر.
قوله: (ولو بوزن
…
إلخ) المراد: ولو كان طريق العلم بوزنه المشاهدة لوزن متقدم، أو الإخبار بوزنه. قوله: (إن جعل
…
إلخ) أي: الأرش.
وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فقَبْلَ تَفَرُّقٍ لَهُ إبْدَالُهُ أَوْ أَرْشُهُ وبَعْدَهُ لَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشٍ وأَخَذَ بَدَلِهِ بِمَجْلِسِ رَدٍّ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ فَتَفَرَّقَا قَبْلَ رَدِّ وَأَخْذِ بَدَلِهِ بَطَلَ وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلِكُلٍّ حُكْمُ نَفْسِهِ وَالْعَقْدُ عَلَى عَيْنَيْنِ رِبَوِيَّيْنِ مِنْ جِنْسٍ ك كَمِنْ جِنْسَيْنِ إذْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَرْشٌ مُطْلَقًا
قوله: (فقبل تفرق) أي: من مجلس العقد. قوله: (فتفرقا) لو أتى بالواو، لكان أحسن؛ لأنه لا معنى للتفريع هنا؟ ! قال الشيخ منصور البهوتي: ويمكن أن تكون رابطة داخلة على أداة شرط مقدرة قبل قوله: (تفرقا)، وقوله فيما بعد:(بطل)، جواب لذلك الشرط المقدر، وهو وجوابه جواب للشرط المذكور. شيخنا محمد الخلوتي. ويمكن الجواب: بأن الفاء لمجرد العطف على الشرط لا للتفريع فلا يحتاج إلى تقدير. قوله: (مطلقا) أي: سواء كان من جنس السليم أو غيره، وسواء كان ثمناً أو مثمناً، وسواء كان قبل التفرق أو بعده؛ لأنه إن كان من الجنس، أدى إلى التفاضل، وإن كان من غيره، أدى إلى مسألة: مد عجوة ودرهم. محمد الخلوتي.
وَإِنْ تَلِفَ عِوَضٌ قُبِضَ فِي صَرْفِ ثُمَّ عُلِمَ عَيْبُهُ وَقَدْ تَفَرَّقَا فُسِخَ وَرُدَّ الْمَوْجُودُ وَتَبْقَى قِيمَةُ الْمَعِيبِ فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ فَيَرُدُّ مِثْلَهَا أَوْ عِوَضَهَا إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَصِحُّ أَخْذُ أَرْشِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ
فصل
ولكل الشِّرَاءُ مِنْ الْآخَرِ مِنْ جِنْسِ مَا صَرَفَ بِلَا مُوَاطَأَةٍ
قوله: (في صرف) أي: من جنس واحد، وإلا تعين أرش. قاله منصور البهوتي. قوله:(ثم علم عيبه) بأن أخبره ثقة كان قد شاهده قبل تلفه.
محمد الخلوتي. قوله: (فسخ) أي: فسخه حاكم.
قوله: (ولكل الشراء
…
إلخ) قال في "الشرح الكبير": وإن باع مدي تمر رديء بدرهم، ثم اشترى بالدرهم تمراً جيداً، أو اشترى من رجل دينارا صحيحاً بدراهم، وتقابضا، ثم اشترى منه بالدراهم قراضة من غير مواطأة ولا حيلة، فلا بأس به. انتهى. وانظر هل قوله: وتقابضا، شرط
وَصَارِفُ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ أَعْطَى أَكْثَرَ لِيَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْهُ فَفَعَلَ جَازَ وَلَوْ بَعْدَ تَفَرُّقٍ وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ وخَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَأَعْطَى دِينَارًا صَحَّ
في ذلك؟ ومقتضى القواعد أنه إن تعلق بالدراهم حق توفية، كأن كانت معدودة، فلا بد في صحة التصرف فيها من قبضها، بخلاف ما لو كانت معينة جزافاً، فلعل كلامه مبني على الأول.
قوله: (وصارف فضة
…
إلخ) هو مبتدأ خبره الجملة الشرطية بعده، فقوله:(أعطى) بالبناء للفاعل، وعلى تقدير أداة الشرط، أي: إن أعطى
…
إلخ، وجملة:(جاز) جواب الشرط. قوله: (أعطى) أي: فضة.
قوله: (والزائد أمانة) فلو دفع له ستين ليأخذ منها خمسين، فتلف منها بلا تعد ولا تفريط، عشرة قبل التمييز، كان التالف عليها أسداساً، فيضع على الدافع واحداً وثلثي واحد، وذلك سدس العشرة، ويبقى له ثمانية وثلث، وذلك سدس الخمسين الباقية؛ لأن مجموع الستين بينهما أسداساً سدس للدافع كبقية الأموال المشتركة، وقد توقف في ذلك جماعة؛ لقلة التأمل. قوله:(وخمسة دراهم) الأولى نصبه بفعل شرط مقدر، أي: وإن صرف خمسة دراهم، بدليل الفاء في (فأعطي) المبني للمفعول.
وَلَهُ مُصَارَفَتُهُ بَعْدَ بِالْبَاقِي وَلَوْ اقْتَرَضَ الْخَمْسَةَ وَصَارَفَهُ بِهَا عَنْ الْبَاقِي أَوْ دِينَارًا بِعَشَرَةِ فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ ثُمَّ اقْتَرَضَهَا عَنْ الْبَاقِي صَحَّ بِلَا حِيلَةٍ وَهِيَ التَّوَسُّلُ إلَى مُحَرَّمٍ بِمَا ظَاهِرُهُ الْإِبَاحَةُ، وَالْحِيَلُ كُلُّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَقَضَاهُ دَرَاهِمَ مُتَفَرِّقَةً كُلَّ نَقْدَةٍ بِحِسَابِهَا مِنْهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ وَزْنًا فَوَفَّاهَا عَدَدًا فَوُجِدَتْ وَزْنًا أَحَدَ عَشَرَ فالزَّائِدُ مُشَاعٌ مَضْمُونٌ وَلِمَالِكِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ
قوله: (وله) أي: لقابض الدينار. قوله: (مصارفته) أي: الدافع. قوله: (بالباقي) أي: في بقية الدينار، أو عن الباقي. قوله:(أو ديناراً) بالنصب عطفاً على اللفظ، أو المحل من قوله:(فضة) على الوجهين، هكذا يفهم من تقرير بعض الشيوخ والشروح. والأقرب أنه مفعول بمحذوف معطوف على:(اقترض) من قوله: (ولو اقترض الخمسة) تقديره: أو صرف دينارا بعشرة
…
إلخ. قوله: (بلا حيلة) أي: مواطأة، ليتوصلا إلى التفرق قبل قبض ما يشترط قبضه. قوله:(مشاع مضمون) وفيما تقدم: (والزائد أمانة) الفرق بينهما: أن الدافع هنا لم يعلم بالزائد، بل دفع له الجميع على أنه حقه،
وَمَنْ بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ بِإِخْبَارِ صَاحِبِهِ بِوَزْنِهِ وَتَقَابَضَاهُ وَافْتَرَقَا فَوَجَدَهُ نَاقِصًا بَطَلَ الْعَقْدُ وزَائِدًا وَالْعَقْدُ عَلَى عَيْنَيْهِمَا بَطَلَ أَيْضًا وفِي الذِّمَّةِ وَقَدْ تَقَابَضَا وَافْتَرَقَا فَالزَّائِدُ بِيَدِ قَابِضٍ مُشَاعٌ مَضْمُونٌ وَلَهُ دَفْعُ عِوَضِهِ مِنْ جِنْسِهِ وغَيْرِهِ وَلِكُلٍّ فَسْخُ الْعَقْدِ وَيَجُوزُ الصَّرْفُ وبِ مَغْشُوشٍ وَلَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ وَيَحْرُمُ كَسْرُ السِّكَّةِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يُخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَلْ هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ وَالْكِيمْيَاءُ غِشٌّ فَتُحَرَّمُ
وقبضه الآخذ على أنه عوض ماله، فكان مضموناً عليه، بخلاف ما إذا علم بأنه أكثر من حقه، فإنهما تراضيا ودخلا على كون الزائد أمانة.
قوله: (فوجده ناقصاً) ظاهره: لا فرق بين المعين وما في الذمة. ونقله في "المغني" عن ابن عقيل صريحاً، ومقتضى ما تقدم: أنه يصح فيما إذا كانا في الذمة بقدر الناقص. منصور البهوتي. قوله: (وفي الذمة
…
إلخ) علم منه: صحة العقد على نقد بنقد في الذمة. وهو ينافي اشتراط صاحب "المستوعب" التعيين، وينافي قوله في "شرحه": وهو مراد من أطلق
فصل
ويتميز ثمن عن مثمن بباء البدلية ولو أن أحدهما نَقْدٌ وَيَصِحُّ اقْتِضَاءُ مِنْ آخَرَ إنْ أُحْضِرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَ أَمَانَةً وَالْآخَرُ مُسْتَقِرٌّ فِي الذِّمَّةِ بِسِعْرِ يَوْمِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِنِصْفِ دِينَارٍ لَزِمَهُ شِقٌّ ثُمَّ إنْ اشْتَرَى آخَرَ بِنِصْفٍ آخَرَ لَزِمَهُ شِقٌّ أَيْضًا وَيَجُوزُ إعْطَاؤُهُ عَنْهُمَا صَحِيحًا لَكِنْ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي أَبْطَلَهُ وقَبْلَ لُزُومِ الْأَوَّلِ يُبْطِلُهُمَا
قوله: (مستقر) احترز من رأس مال السلم، والتماثل هنا المشار إليه:(بسعر يومه) أي: يوم الاقتضاء من حيث القيمة، لتعذره من حيث الصورة. قاله في "المغني"، نقله منصور البهوتي في "حاشيته". قوله:(بسعر يومه) لئلا يتخذ وسيلة إلى الربا. محمد الخلوتي. قوله: (ولا يشترط حلوله) أي: إذا لم يجعل للمقضي فضلا، لأجل تأجيل ما في الذمة؛ لأنه إذا لم ينقصه من سعره، فقد رضي بتعجيل ما في الذمة من غير عوض، وهذا مفهوم من قوله:(بسعر يومه). قوله أيضا على قوله: (ولا يشترط حلوله) أي: ما في الذمة.
وَتَتَعَيَّنُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ بِتَعْيِينٍ فِي جَمِيع عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَتُمْلَكُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إبْدَالُهَا وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا الْمُنَقِّحُ: إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَى وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ فَإِنْ تَلِفَتْ فَمِنْ ضَمَانِهِ وَيَبْطُلُ غَيْرُ نِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَعِتْقٍ وصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً أَوْ مَعِيبَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا وفِي بَعْضٍ هُوَ كَذَلِكَ فَقَطْ ومِنْ جِنْسِهَا يُخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخِ وَإِمْسَاكٍ بِلَا أَرْشٍ إنْ تَعَاقَدَا عَلَى مِثْلَيْنِ وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ لَا بَعْدَ الْمَجْلِسِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ
قوله: (وتتعين
…
إلخ) التعيين له صورتان، الأولى: بالإشارة من غير تسمية المشار إليه، كبعتك هذا بهذا، الثانية: بالإشارة مع التسمية، كبعتك هذا الثوب بهذه الدراهم، والظاهر: اختصاص البطلان إذا ظهرت معيبة من غير جنسها، بالثانية دون الأولى، بل هو عيب فيها يثبت فيها الفسخ. نعم إن كان المعقود عليه يشترط فيه التماثل، ثم ظهر عيب من غير الجنس يخل به، بطل العقد؛ لعدم التماثل على ما تقدم، فإذا لم يسم النقد، لم يحكم ببطلان العقد، لكن يكون كالعيب من الجنس، هذا ملخص ما نقله منصور البهوتي عن ابن قندس. قوله:(وتملك به) أي: سبب التعين، وإلا فالملك بالعقد. قوله:(فإن تلفت) أي: دراهم أو دنانير معينة، فمن ضمان من صارت إليه، إن لم تحتج إلى وزن وعد. قوله:(وإلا فله أخذه) أي: لا من جنس السليم. قوله: (من غير الجنس) أي: جنسها، مما لا يشاركه في العلة.
وَيَحْرُمُ الرِّبَا بِدَارِ حَرْبٍ وَلَوْ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ لَا بَيْنَ سَيِّدٍ وَرَقِيقِهِ وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا فِي مَالِ كِتَابَةٍ
قوله: (في مال كتابة) يعني: فقط، بأن عوضه عن مؤجلها دونه.