المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الأذان والإقامة] - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ١

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا]

- ‌[فَرْعٌ دُخَانُ النَّجَاسَةِ]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي مُقْتَضِي سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ النَّفْلِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعْهُمَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ قَصْرِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

الفصل: ‌[باب الأذان والإقامة]

إدْرَاكُ قَدْرِ وَقْتِهِ لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُدْرِكْ قَدْرَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ حَاضَتْ أَوْ جُنَّ وَالتَّقْيِيدُ بِطُهْرٍ لَا يُقَدَّمُ، مِنْ زِيَادَتِي.

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْقَدْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ع ش وَشَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَدْرَكَ قَدْرَهُ) لَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى إدْرَاكِ قَدْرِ الْفَرْضِ الثَّانِي مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِإِدْرَاكِهِ فِي وَقْتِ نَفْسِهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْمَانِعَ إنَّمَا طَرَأَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَيَلْزَمُ الْخُلُوُّ مِنْهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ قَائِمًا بِهِ فِي وَقْتِ الْأُولَى كُلِّهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ مَثَلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ حَاضَتْ فِيهِ اهـ ع ش عَلَى م ر قَالَ الشَّوْبَرِيُّ بَعْدَ تَقْرِيرِ هَذَا الْكَلَامِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ اهـ وَالْإِيرَادُ لسم وَصُورَتُهُ قَوْلُهُ مَعَ فَرْضِ فِعْلِهَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِيمَا سَبَقَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ وَلَوْ زَالَتْ الْمَوَانِعُ، وَقَدْ بَقِيَ قَدْرُ تَحَرُّمٍ فَأَكْثَرَ لَزِمَتْ مَعَ فَرْضٍ قَبْلَهَا نُصَّ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ) فِيهِ إنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَانِعَ يَسْتَغْرِقُ وَقْتَ الْأُولَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إمْكَانَ تَقْدِيمِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ شَيْخُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمْ.

[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

(بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) وَحُكْمُهُمَا وَمَا يُطْلَبُ فِيهِمَا وَعَبَّرَ بِالْبَابِ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي بَابِ الْمَوَاقِيتِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْأَصْلَ بِالْفَصْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَرْجَمْ بِالْبَابِ فِيمَا سَبَقَ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الْكِتَابِ اهـ ع ش وَالْأَذَانُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً الْإِعْلَامُ يُقَالُ آذَنَ بِالشَّيْءِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ أَوْ أَذَّنَ بِتَشْدِيدِهَا أَذَانًا وَتَأْذِينًا وَأُذَيْنًا بِمَعْنَى أَعْلَمْ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] وَقَوْلُهُ {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] وَشَرْعًا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ يُعْرَفُ بِهَا دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْإِقَامَةُ مَصْدَرُ أَقَامَ بِالْمَكَانِ يُقِيمُ إقَامَةً وَأَقَامَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَأَقَامَ الشَّيْءَ أَيْ أَدَامَهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} [البقرة: 3] وَهِيَ لُغَةً كَالْأَذَانِ وَشَرْعًا أَلْفَاظًا مَخْصُوصَةً تُقَالُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُقِيمُ إلَى الصَّلَاةِ وَنَقَلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ أَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَوَّلُ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ بِنَائِهِ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَهُ وَقِيلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالرِّوَايَاتُ الْمُصَرِّحَةُ بِأَنَّ الْأَذَانَ فُرِضَ بِمَكَّةَ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا شَيْءٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَأَوَّلُ ظُهُورِ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ فِي الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِصَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْ فِيهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ وَفِي الْمَوَاهِبِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَّامَةِ الزَّرْقَانِيُّ مَا نَصُّهُ وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَكِنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا شَيْءٌ وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ بِمَكَّةَ، وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُصَلِّي بِغَيْرِ أَذَانٍ مُنْذُ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ إلَى أَنْ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ إلَى أَنْ وَقَعَ التَّشَاوُرُ فِي ذَلِكَ فَأَمَرَ بِهِ بَعْدَ رُؤْيَا ابْنِ زَيْدٍ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَجَزْمُهُ بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ عِنْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي حَاشِيَةِ ع ش عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا ح ل وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهَا الرُّكُوعُ وَالْجَمَاعَةُ وَافْتِتَاحُ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّ صَلَاةَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ كَانَتْ لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا جَمَاعَةَ وَكَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ يَسْتَفْتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَكَانَ دَأْبُهُ صلى الله عليه وسلم فِي إحْرَامِهِ لَفْظُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ سِوَاهَا أَيْ كَالنِّيَّةِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الرُّكُوعِ قَوْله تَعَالَى لِمَرْيَمَ {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْخُضُوعُ وَالصَّلَاةُ لَا الرُّكُوعُ الْمَعْهُودُ كَمَا قِيلَ لَكِنْ فِي الْبَغَوِيّ قِيلَ إنَّمَا قُدِّمَ السُّجُودُ عَلَى الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِمْ وَقِيلَ: كَانَ الرُّكُوعُ قَبْلَ السُّجُودِ فِي الشَّرَائِعِ كُلِّهَا وَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ بَلْ لِلْجَمْعِ هَذَا كَلَامُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الزَّرْقَانِيُّ وَهُوَ كَالْإِقَامَةِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَأَبُو نُعَيْمٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مَجَاهِيلُ «أَنَّ آدَمَ لَمَّا نَزَلَ الْهِنْدَ اسْتَوْحَشَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَنَادَى بِالْأَذَانِ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهُ لِلصَّلَاةِ هُوَ الْخُصُوصِيَّةُ انْتَهَتْ.

(فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ فِي السَّمَاءِ جِبْرِيلُ وَأَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ فِي الْإِسْلَامِ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ وَأَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِمَكَّةَ حَبِيبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَوَّلُ مَنْ زَادَ الْأَذَانَ

ص: 295

(سُنَّ) عَلَى الْكِفَايَةِ (أَذَانٌ) بِمُعْجَمَةٍ (وَإِقَامَةٌ) لِمُوَاظَبَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَيْهِمَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» (لِرَجُلٍ وَلَوْ مُنْفَرِدًا) بِالصَّلَاةِ وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي خِلَافَتِهِ وَأَوَّلُ مَنْ بَنَى الْمَنَارَة بِمِصْرَ مُسْلِمُ بْنُ مَخْلَدٍ اهـ مِنْ فَتَاوَى ابْنِ جَرِيرٍ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ سُنَّ أَذَانٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ فَائِتَةً) اشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَتْنًا وَشَرْحًا عَلَى سِتِّ دَعَاوَى سَنَّهُمَا وَكَوْنُهُمَا عَلَى الْكِفَايَةِ وَكَوْنُهُمَا لِرَجُلٍ وَكَوْنُ الرَّجُلِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَكَوْنُهُمَا لِمَكْتُوبَةٍ وَكَوْنُهَا وَلَوْ فَائِتَةً فَأَثْبَتَ الْأُولَى بِالْمُوَاظَبَةِ وَأَثْبَتَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَالْخَامِسَةَ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَأَثْبَتَ الرَّابِعَةَ بِالْخَبَرِ الْآتِي وَأَثْبَتَ السَّادِسَةَ بِخَبَرِ مُسْلِمٍ اهـ شَيْخُنَا وَلَهُ مَوَاطِنُ غَيْرِ الصَّلَاةِ يُطْلَبُ فِيهَا يَأْتِي بَعْضُهَا فِي الْعَقِيقَةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَهْمُومِ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يُؤَذِّنُ فِي أُذُنِهِ، فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْهَمَّ كَمَا رَوَاهُ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ يَرْفَعُهُ وَرَوَى أَيْضًا مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ، فَإِنَّهُ يُؤَذَّنُ فِي أُذُنِهِ وَيُسَنُّ أَيْضًا إذَا تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ أَيْ تَمَرَّدَتْ الْجَانُّ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ يَدْفَعُ شَرَّهُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَهُ أَدْبَرَ وَلَا تَرِدُ هَذِهِ الصُّوَرُ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي أَذَانٍ مَعَهُ إقَامَةٌ وَهَذِهِ لَا إقَامَةَ فِيهَا مَا سِوَى أَذَانِ الْمَوْلُودِ وَأَمَّا هُوَ فَأَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ فِي الْعَقِيقَةِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر زَادَ حَجّ وَالْمَصْرُوعُ وَالْغَضْبَانُ وَعِنْدَ مُزْدَحَمِ الْجَيْشِ وَعِنْدَ الْحَرِيقِ قِيلَ وَعِنْدَ إنْزَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ قِيَاسًا عَلَى أَوَّلِ خُرُوجِهِ لِلدُّنْيَا لَكِنَّهُ رَدَّهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ.

وَقَوْلُهُ سِوَى أَذَانِ الْمَوْلُودِ قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ هَلْ وَلَوْ وُلِدَ كَافِرًا أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا بُعْدَ فِي الْأَوَّلِ أُخِذَ بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ اهـ أَقُولُ وَقَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ وَإِنْ أُطْلِقَتْ مَحْمُولَةً عَلَى أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَمَعْنَى وِلَادَتِهِمْ عَلَى الْفِطْرَةِ أَنَّ فِيهِمْ قَابِلِيَّةَ الْخِطَابِ لَوْ وُجِّهَ إلَيْهِمْ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِنَا حَتَّى إذَا مَاتُوا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَا يُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانُوا جَمَاعَةً قَالَ م ر أَمَّا فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ فَهُمَا سُنَّةُ عَيْنٍ وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُ م ر بِقَوْلِهِ إنَّهُمَا سُنَّةُ عَيْنٍ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ الْمُنْفَرِدِ أَذَانٌ لِصَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ وَمُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا فَعَلَهُ غَيْرُهُ لِأَجْلِ صَلَاتِهِ سَقَطَ عَنْهُ اهـ ع ش وَقَرَّرَ هَذَا الْإِيرَادَ أَيْضًا الشَّوْبَرِيُّ وَالْحَلَبِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرِدُ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ عُرُوضَ التَّعَيُّنِ بِسَبَبِ الِانْفِرَادِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ كِفَائِيًّا بِالنَّظَرِ لِأَصْلِهِ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ اهـ لِكَاتِبِهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ سُنَّةٌ) أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُنْفَرِدِ وَكَذَا فِي حَقِّهِ تَعَيُّنُهُمَا عَلَيْهِ عَارِضٌ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقِيلَ سُنَّةُ عَيْنٍ فِي حَقِّهِ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ اهـ (قَوْلُهُ لِمُوَاظَبَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَيْهِمَا) السَّلَفُ هُمْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَتَابِعُوهُمْ وَالْخَلَفُ مَنْ بَعْدَهُمْ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ سَلَفَ يَسْلُفُ سَلَفًا بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مَضَى وَالْقَوْمُ السِّلَافُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَسَلَفُ الرَّجُلِ آبَاؤُهُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْجَمْعُ أَسْلَافٌ وَسِلَافٌ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا وَالْخَلَفُ الْقَرْنُ بَعْدَ الْقَرْنِ يُقَالُ هَؤُلَاءِ خَلَفُ سَوْءٍ لِقَوْمٍ لَاحِقِينَ بِنَاسٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْأَذَانِ مَا يَشْمَلُ الْإِقَامَةَ أَوْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْأَذَانِ فَقَطْ اهـ ح ل وَتَتِمَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ «ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَرَكَهُ لِلثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ حِينَ ذَكَرَ لَهُ شُرُوطَ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانَهَا وَيُسَنُّ أَنْ يَتَحَوَّلَ لِلْإِقَامَةِ مِنْ مَحَلِّ الْأَذَانِ وَأَنْ يَقْعُدَ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا يَجْتَمِعُ النَّاسُ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ فَلَا يُؤَخِّرُهَا لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلِاجْتِمَاعِهِمْ لَهَا عَادَةً قَبْلَ وَقْتِهَا نَعَمْ يُسَنُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ أَوْ سُكُوتٍ وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَهُمَا لِخَبَرِ «الدُّعَاءِ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ» وَآكَدُهُ سُؤَالُ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِرَجُلٍ) اسْمُ جِنْسٍ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَكْثَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُنْفَرِدًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّهِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَدْعُوًّا بِهِ وَيُرِيدُ الصَّلَاةَ فِيهِ وَيُصَلِّي بِالْفِعْلِ فِيهِ فَمَحَلُّ سُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ فِيمَا إذَا بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ مَدْعُوًّا بِهِ بِأَنْ يَكُونَ فِي خُطَّةِ مَحَلِّ الْأَذَانِ وَأَنْ يُرِيدَ الصَّلَاةَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الطَّلَبُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنْ بَلَغَهُ إلَخْ أَيْ وَلَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ فِي مَحَلِّ الْأَذَانِ أَوْ أَرَادَ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ بِالْفِعْلِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَدْعُوًّا بِهِ، وَأَمَّا إنْ

ص: 296

(لِمَكْتُوبَةٍ وَلَوْ فَائِتَةً) لِمَا مَرَّ وَلِلْخَبَرِ الْآتِي وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَسَارُوا حَتَّى ارْتَفَعَتْ ثُمَّ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ» بِخِلَافِ الْمَنْذُورَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالنَّافِلَةِ

(وَ) سُنَّ لَهُ (رَفْعُ صَوْتِهِ بِأَذَانٍ فِي غَيْرِ مُصَلَّى أُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَذَهَبُوا) رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَهُ إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك

ــ

[حاشية الجمل]

كَانَ مَدْعُوًّا بِهِ بِأَنْ سَمِعَهُ مِنْ مَكَان وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَصَلَّى فِيهِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْأَذَانُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ اهـ وَمِثْلُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ لِمَكْتُوبَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ، وَقَوْلُهُ: لِرَجُلٍ مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْضًا لِمَكْتُوبَةٍ) هَلْ الْمُرَادُ وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَيُؤَذِّنُ لِلْمُعَادَةِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهَا عَقِبَ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ تَلْحَقُ بِالنَّقْلِ الَّذِي تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَيُقَالُ فِيهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ النَّفْسُ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ اهـ سَمِّ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: وَسَائِرُ النَّوَافِلِ شَمِلَ الْمُعَادَةَ فَلَا يُؤَذَّنُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يُؤَذَّنْ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهَا نَفْلٌ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ حَيْثُ لَمْ يُؤَذَّنْ لِلْأُولَى سُنَّ الْأَذَانُ لَهَا لِمَا قِيلَ إنَّ فَرْضَهُ الثَّانِيَةُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَائِتَةً) أَخْذُهُ غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يُقِيمُ لَهَا وَلَا يُؤَذِّنُ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ حَقٌّ لِلْوَقْتِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ الْأَصَحِّ هُوَ حَقٌّ لِلْفَرِيضَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، فَإِنْ قُلْت مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْفَرِيضَةِ يَنْتَقِضُ بِمَا يَأْتِي فِي تَوَالِي فَوَائِتَ أَوْ مَجْمُوعَتَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ لِغَيْرِ الْأُولَى (قُلْت) لَا يُنَاقِضُهُ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّانِيَةِ تَبَعًا حَقِيقَةً فِي الْجَمْعِ أَوْ فِي صُورَةٍ فِي غَيْرِهِ صَيَّرَهَا كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْأُولَى فَاكْتَفَى بِالْأَذَانِ لَهَا اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(فَرْعٌ) نَظَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي سَنِّ الْأَذَانِ فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْ الْمَجْمُوعَتَيْنِ إذَا نَوَى جَمْعَ التَّأْخِيرِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ وَيَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلْوَقْتِ أَوْ لِلصَّلَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ أُذِّنَ وَإِلَّا فَلَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ لَهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَدِيمِ الْمُعْتَمَدِ حَقٌّ لِلصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ فَائِتَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أُذِّنَ لَهَا فِي وَقْتِهَا وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثُ رضي الله عنهم اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَإِذَا كَانَتْ الْفَائِتَةُ هِيَ الصُّبْحَ أُذِّنَ لَهَا مَرَّتَيْنِ وَوَالَى بَيْنَهُمَا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَتَثْوِيبٌ فِي صُبْحٍ اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: فَسَارُوا) وَالْحِكْمَةُ فِي سَيْرِهِمْ مِنْهُ وَلَمْ يُصَلُّوا فِيهِ أَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا وَانْظُرْ حِكْمَةَ سَيْرِهِمْ إلَى الِارْتِفَاعِ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْطَعُوا الْوَادِيَ إلَّا حِينَئِذٍ وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «ارْحَلُوا بِنَا مِنْ هَذَا الْوَادِي، فَإِنَّ فِيهِ شَيْطَانًا» اهـ اط ف (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ) قَالَ بَعْضُهُمْ فِي تَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ دُونَ اللَّامِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَعْنَى أَذَّنَ أَعْلَمَ النَّاسَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيَحْضُرُوهَا لَا بِمَعْنَى الْأَذَانِ الْمَشْهُورِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا يُنَافِي سِيَاقَ الشَّارِحِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَذَانَ الَّذِي وَقَعَ كَانَ شَرْعِيًّا اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِسَنِّ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ فِي الْفَائِتَةِ بَلْ لِلْجَمَاعَةِ فِيهَا وَهُوَ بَعْضُ الْمُدَّعِي اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُطْلَبَانِ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَلْ يُكْرَهَانِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَكْتُوبَةً فِي الْمُتَعَارَفِ بَلْ لَيْسَتْ صَلَاةً شَرْعِيَّةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي اهـ ح ل وَقَوْلُهُ شَرْعِيَّةٌ صَوَابُهُ عُرْفِيَّةٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوهَا فِي تَعْرِيفِ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِمْ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ إلَخْ بِالتَّأْوِيلِ كَمَا عَلِمْت.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ رَفْعُ صَوْتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَرْفَعُ الْمُنْفَرِدُ صَوْتَهُ بِالْأَذَانِ فَوْقَ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ فَوْقَ مَا يُسْمِعُ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَيُبَالِغُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْجَهْرِ مَا لَمْ يُجْهِدْ نَفْسَهُ انْتَهَتْ وَالرَّفْعُ الْمَذْكُورُ سُنَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الرَّفْعِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ وَسَيَأْتِي أَنَّ ضَابِطَهُ فِي الْمُنْفَرِدِ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَفِي الْجَمَاعَةِ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ وَاحِدًا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَسُنَّ رَفْعُ صَوْتِهِ) أَيْ فَوْقَ مَا تَسْمَعُ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ فِي أَذَانِ الْإِعْلَامِ وَفَوْقَ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ فِي أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ اهـ شَيْخُنَا فَحِينَئِذٍ لَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْجَهْرَ شَرْطٌ إذْ ذَاكَ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ السَّمَاعِ وَهَذَا فِيمَا زَادَ اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: أُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ حَجّ (وَقَوْلُهُ وَذَهَبُوا) تَبِعَ فِيهِ أَصْلَ الرَّوْضَةِ وَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ فَلَا يَرْفَعُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ ذَهَبُوا أَمْ مَكَثُوا اهـ م ر اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَذَهَبُوا) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلَوْ لَمْ يَذْهَبُوا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ تَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَإِلَّا تَوَهَّمُوا وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا سِيَّمَا فِي وَقْتِ الْغَيْمِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ وَالْمَسْجِدَ وَالْجَمَاعَةَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَكَذَا الِانْصِرَافُ وَوُقُوعُ الصَّلَاةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ وَلَوْ غَيْرَ الْمُصَلِّينَ أَوْ غَيْرَ الْمُنْصَرِفِينَ اهـ (قَوْلُهُ: قَالَ لَهُ) أَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمَقُولَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَفِي شَرْحِ مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ لِلنَّجَّارِيِّ أَنَّ الْمَقُولَ لَهُ

ص: 297

أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنَتْ لِلصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» أَيْ سَمِعْت مَا قُلْته لَك بِخِطَابٍ لِي وَيَكْفِي فِي أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) سُنَّ (عَدَمُهُ فِيهِ) أَيْ عَدَمُ رَفْعِ صَوْتِهِ بِالْأَذَانِ فِي الْمُصَلَّى الْمَذْكُورِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَالتَّصْرِيحُ بِسُنَّ رَفْعُ الصَّوْتِ وَعَدَمُ رَفْعِهِ لِغَيْرِ الْمُنْفَرِدِ مَعَ قَوْلِي وَذَهَبُوا مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَتَعْبِيرِي بِمُصَلًّى أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَسْجِدٍ وَتَعْبِيرِي بِسُنَّ عَدَمُ الرَّفْعِ فِيمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ السَّنِّ وَسُنَّ إظْهَارُ الْأَذَانِ فِي الْبَلَدِ وَغَيْرِهَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ كُلُّ مَنْ أَصْغَى إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ غَيْرِهِ

(وَ) سُنَّ (إقَامَةٌ) لَا أَذَانٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِلْمَرْأَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَبُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ بَادِيَتِكِ) قِيلَ: إنَّ أَوْ لِلشَّكِّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لِلتَّنْوِيعِ وَهِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ) أَيْ غَايَةُ صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ وَالْمَدَى بِفَتْحِ الْمِيمِ يُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَهُوَ غَايَةُ الشَّيْءِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَالْمُرَادُ هُنَا الصَّوْتُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَلَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ الْغَايَةَ وَالنِّهَايَةَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: جِنٌّ وَلَا إنْسٌ) قُدِّمَ الْجِنُّ عَلَى الْإِنْسِ لَعَلَّهُ لِسَبْقِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي الْخَلْقِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ قُدِّمَ الْجِنُّ لِتَأَثُّرِهِمْ بِالْأَذَانِ أَكْثَرَ مِنْ تَأَثُّرِ الْإِنْسِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِمَّا يَصِحُّ إضَافَةُ السَّمَاعِ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَعَمَّ وَيَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، «فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إنْسٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا حَجَرٌ وَلَا شَجَرٌ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ لَهَا لِسَانًا تَشْهَدُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَهُ الْحَاوِي فِي شَرْحِ مُسْنَدِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَدَخَلَ فِي الْجِنِّ إبْلِيسٌ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَهُوَ شَهَادَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لَا عَلَيْهِ فَلَا يُقَالُ هُوَ عَدُوٌّ لِبَنِي آدَمَ فَكَيْفَ يَشْهَدُ لَهُ وَدَخَلَ فِي الْإِنْسِ الْكَافِرُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ أَيْضًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ بِشَعَائِرِ الدِّينِ فَيُجَازَى عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا الثَّوَابُ إنَّمَا يَحْصُلُ لِلْمُؤَذِّنِ احْتِسَابًا بِالْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ قَوْلُهُ «إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ بِالْأَذَانِ وَمَنْ لَازِمَهُ إيمَانُهُ لِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ سَمِعْت مَا قُلْته لَك) أَيْ جَمِيعَ ذَلِكَ وَهُوَ أَنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ إلَخْ اهـ زي وَلَفْظُ الْمَاوَرْدِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي سَعِيدٍ إنَّك رَجُلٌ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَأَذِّنْ وَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ إلَى آخَرِ» الْحَدِيثِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ سَمِعْته أَيْ قَوْلَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ كَمَا بَيَّنَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ بِخِلَافِ ذِكْرِ الْغَنَمِ وَالْبَادِيَةِ، فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَفَهِمَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ وَأَنَّ سَمِعْته عَائِدٌ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُمْ وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَوَافَقَهُ حَجّ اهـ مِنْ التَّوْشِيحِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلسُّيُوطِيِّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِخِطَابٍ لِي) مُقْتَضَاهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ كَانَ يُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: إسْمَاعُ نَفْسِهِ) أَيْ إنْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يَسْمَعُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ) أَيْ الْأَذَانِ لِلْجَمَاعَةِ أَوْ لِأَهْلِ الْبَلَدِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ سَنُّ رَفْعِ الصَّوْتِ زِيَادَةً عَلَى مَا ذُكِرَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلِجَمَاعَةٍ جَهْرٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّهُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ تَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَإِلَّا تَوَهَّمُوا وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا سِيَّمَا فِي وَقْتِ الْغَيْمِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَرْفَعُ الْمُنْفَرِدُ صَوْتَهُ نَدْبًا لَا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ السَّنِّ أَيْ وَالْمُدَّعَى سَنُّ الْعَدَمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ عَدَمَ السَّنِّ صَادِقٌ بِالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ سَنِّ الْعَدَمِ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْفِعْلَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَسُنَّ إظْهَارُ الْأَذَانِ فِي الْبَلَدِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ حُصُولَ سُنَّةِ الْأَذَانِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ إظْهَارُهُ الَّذِي هُوَ إظْهَارُ الشِّعَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَكْفِي فِي تَحَقُّقِهِ لِأَهْلِ الْبَلَدِ إسْمَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي تَحَقُّقِهِ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ كَبُرَتْ الْبَلَدُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ فِيهَا بِحَيْثُ يَظْهَرُ فِيهَا قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ أُذِّنَ فِي جَانِبٍ مِنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ أَيْ سُنَّةُ الْإِظْهَارِ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْجَانِبِ فَقَطْ فَعُلِمَ أَنَّ إظْهَارَ الْأَذَانِ وَهُوَ ظُهُورُ الشِّعَارِ غَيْرُ الْأَذَانِ وَأَنَّ الْأَذَانَ لِلْجَمَاعَةِ أَوْ لِأَهْلِ الْبَلَدِ يَكْفِي فِيهِ سَمَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَأَمَّا ظُهُورُ الشِّعَارِ فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ فِي حُصُولِ سُنَّةِ إظْهَارِ الْأَذَانِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْبُلْدَانِ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِهَا لَوْ أَصْغَوْا إلَيْهِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالضَّابِطُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ أَهْلِهَا لَوْ أَصْغَوْا إلَيْهِ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ الْبَلَدِ مِنْ ظُهُورِ الشِّعَارِ كَمَا ذُكِرَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَنَّ أَذَانَ الْجَمَاعَةَ يَكْفِي فِيهِ سَمَاعُ وَاحِدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِأَدَاءِ أَصْلِ سُنَّةِ الْأَذَانِ وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِأَدَائِهِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ إقَامَةٌ لَا أَذَانٌ لِغَيْرِهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ يُخْشَى

ص: 298

وَالْخُنْثَى مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ لِأَنَّهَا لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى رَفْعِ صَوْتٍ وَالْأَذَانِ لِإِعْلَامِ الْغَائِبِينَ فَيُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّفْعِ وَالْمَرْأَةُ يُخَافُ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهَا الْفِتْنَةُ فَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا، فَإِنْ أَذَّنَا لِلنِّسَاءِ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعْنَ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فَوْقَهُ كُرِهَ بَلْ حَرُمَ إنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ وَذِكْرُ سُنَّ الْإِقَامَةِ لِلْمَرْأَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَلِلْخُنْثَى مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ رَفْعِ الْمَرْأَةِ صَوْتَهَا بِهِ الْفِتْنَةُ وَالْإِقَامَةُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ وَلَيْسَ فِيهَا رَفْعٌ كَالْأَذَانِ، وَالثَّانِي يَنْدُبَانِ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَكِنْ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا فَوْقَ مَا تَسْمَعُ صَوَاحِبُهَا. وَالثَّالِثُ: لَا يَنْدُبَانِ الْأَذَانُ لِمَا مَرَّ وَالْإِقَامَةُ تَبَعٌ لَهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَسُنَّ إقَامَةٌ لَا أَذَانٌ لِغَيْرِهِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يُطْلَبُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لَا بِأَنْفُسِهِنَّ وَلَا بِتَحْصِيلِ رَجُلٍ يُؤَذِّنُ لَهُنَّ وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِغَيْرِ نِسَاءِ ذُكُورَةٍ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ النِّسَاءَ وَالْخَنَاثَى لَهُنَّ أَذَانٌ وَأَنَّ أَذَانَ النِّسَاءِ يَصِحُّ مِنْ الْإِنَاثِ وَالرِّجَالِ وَالْخَنَاثَى وَلِلْخَنَاثَى يَصِحُّ مِنْ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى لَا يُسَنُّ الْأَذَانُ مِنْ نَفْسِهِمَا وَيُسَنُّ أَنْ يُحَصِّلَا لَهُمَا ذَكَرًا يُؤَذِّنُ لَهُمَا سَوَاءٌ كَانَتَا مُنْفَرِدَتَيْنِ أَوْ مُجْتَمَعِينَ لَمْ يَحْصُلْ تَعَارُضٌ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ حُرِّرَ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ أَحَدِ الْمُرَادَيْنِ دُونَ الْآخَرِ (وَقَوْلُهُ مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُمَا تَحْصِيلَ الْإِقَامَةِ سَوَاءٌ كَانَا مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ أَيْ مُنْفَرِدٌ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي حَدِّ نَفْسِهِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ أَيْ مُجْتَمِعٌ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ أَوْ مَعَ أَبْنَاءِ الْجِنْسِ الْآخَرِ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ، وَأَمَّا بَيَانُ مَنْ يُقِيمُ لَهُنَّ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْخَمْسَةِ فَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِغَيْرِ نِسَاءِ ذُكُورَةٍ فَحِينَئِذٍ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ قَوْلُهُ مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ لَا تَقْتَضِي أَنَّ الْخُنْثَى يُؤَذِّنُ لِلْخَنَاثَى وَلَا لِلْخَنَاثَى مَعَ النِّسَاءِ لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمُرَادِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، فَإِنْ صَحَّ انْدَفَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي الَّذِي أَوْرَدَهُ الْحَلَبِيُّ تَأَمَّلْ اهـ لِكَاتِبِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِاجْتِمَاعِ الْخَنَاثَى الْخُلَّصِ وَبِاجْتِمَاعِ النِّسَاءِ الْخُلَّصِ وَبِاجْتِمَاعِ الْجِنْسَيْنِ وَتَقْتَضِي أَنَّ الْخُنْثَى يُقِيمُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لَكِنَّ إقَامَتَهُ لِلْخَنَاثَى الْخُلَّصِ وَلَهُنَّ مَعَ النِّسَاءِ يُعْلَمُ امْتِنَاعُهَا مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَلِغَيْرِ نِسَاءٍ ذُكُورَةٌ إلَى أَنْ قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ وَخَنَاثَى انْتَهَى، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَخَنَاثَى صَادِقٌ بِكَوْنِهِنَّ مُنْفَرِدَاتٍ أَوْ مُجْتَمَعَاتٍ مَعَ النِّسَاءِ وَإِقَامَتُهُ لِلنِّسَاءِ الْخُلَّصِ لَمْ يُعْلَمْ امْتِنَاعُهَا مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي بَلْ يُعْلَمُ جَوَازُهَا وَحِينَئِذٍ فَيَشْكُلُ مَعَ قَوْلِ م ر وَكَذَا أَيْ لَا يَصِحُّ لَوْ أَذَّنَ الْخُنْثَى لِلرِّجَالِ أَوْ لِلنِّسَاءِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ أَذَانِهِ لَهُنَّ حَيْثُ امْتَنَعَ وَإِقَامَتُهُ لَهُنَّ حَيْثُ جَازَتْ تَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ) أَيْ طَلَبِ نُهُوضِهِمْ أَيْ قِيَامِهِمْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ:، فَإِنْ أَذَّنَا لِلنِّسَاءِ إلَخْ) صُوَرُ أَذَانِهِمَا سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إمَّا أَنْ تُؤَذِّنَ لِنَفْسِهَا وَحْدَهَا أَوْ لِلنِّسَاءِ أَوْ لِلْخَنَاثَى وَالْخُنْثَى كَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُحَرَّمَةٌ مَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ مَعَ عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْمُحَرَّمَةُ فَأَذَانُ الْمَرْأَةِ لِلْخَنَاثَى وَأَذَانُ الْخُنْثَى لِلنِّسَاءِ وَرَفْعُ صَوْتِهِ فِي هَذِهِ فَوْقَ مَا يَسْمَعْنَ وَأَذَانُهُ لِلْخَنَاثَى، وَالثَّلَاثَةُ الْجَائِزَةُ أَذَانُ الْمَرْأَةِ لِنَفْسِهَا وَأَذَانُ الْخُنْثَى لِنَفْسِهِ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءِ يُعْلَمُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ شَرْحِ م ر حَيْثُ قَالَ وَلَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ لِلْخَنَاثَى لَمْ يَصِحَّ أَذَانُهَا وَأَثِمَتْ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَتْ الْخُنْثَى لِلنِّسَاءِ أَوْ الْخَنَاثَى إلَى أَنْ قَالَ أَمَّا إذَا أَذَّنَ كُلٌّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ لِلنِّسَاءِ كَانَ جَائِزًا غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ اهـ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ.

إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت عَدَمَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ كَلَامِ م ر وَالشَّارِحِ فِي صُورَةِ أَذَانِ الْخُنْثَى لِلنِّسَاءِ حَيْثُ نَصَّ فِيهَا م ر عَلَى الْحُرْمَةِ وَنَصَّ الشَّارِحُ عَلَى الْجَوَازِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ أَذَّنَا لِلنِّسَاءِ إلَخْ وَوَجْهُ دَفْعِ الْمُخَالَفَةِ أَنْ م ر قَيَّدَ الْحُرْمَةَ فِيهَا بِمَا لَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ فَوْقَ مَا يَسْمَعْنَ وَالشَّارِحُ قَيَّدَ الْجَوَازَ بِقَوْلِهِ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعْنَ لَكِنْ تَبْقَى الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ أَوْ فَوْقَهُ مَعَ أَنَّ م ر نَصَّ عَلَى الْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ كَمَا عَلِمْت وَلَا جَوَابَ عَنْ هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ غَيْرُ أَنَّ الشَّارِحَ قَدْ جَرَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى ضَعِيفٍ وَهَذَا يَكْفِي فِي الْجَوَابِ تَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهَ تَعَالَى) أَيْ فَيَحْصُلُ لِقَائِلِهِ ثَوَابُ الذِّكْرِ الْمَخْصُوصِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ ذِكْرًا مَا لَمْ تَقْصِدْ الْأَذَانَ الشَّرْعِيَّ، فَإِنْ قَصَدَتْهُ حَرُمَ عَلَيْهَا ذَلِكَ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَهُ كُرِهَ) الْمُعْتَمَدُ حِينَئِذٍ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا أَيْ قَصَدَتْ الْأَذَانَ أَمْ لَا، كَانَ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ أَمْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ لِلنِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِنَّ حَرُمَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَلْ حَرُمَ إنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ) وَإِنَّمَا جَازَ غِنَاءُ الْمَرْأَةِ مَعَ سَمَاعِ الرَّجُلِ لَهُ إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُ فِتْنَةً؛ لِأَنَّ فِي تَجْوِيزِ الْأَذَانِ لَهَا حَمْلًا لِلرَّجُلِ عَلَى الْإِصْغَاءِ وَالنَّظَرِ إذْ هُمَا لِلْمُؤَذِّنِ حَالَ أَذَانِهِ سُنَّةٌ وَهُمَا مُوقِعَانِ لَهُ فِي الْفِتْنَةِ بِخِلَافِ تَمْكِينِهَا مِنْ الْغِنَاءِ لَيْسَ فِيهِ حَمْلُ أَحَدٍ عَلَى مَا يَفْتِنُهُ أَلْبَتَّةَ لِكَرَاهَةِ

ص: 299

(وَأَنْ يُقَالَ فِي نَحْوِ عِيدٍ) مِنْ نَفْلٍ تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَصُلِّيَ جَمَاعَةً كَكُسُوفٍ وَتَرَاوِيحَ (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ.

وَيُقَاسُ بِهِ نَحْوُهُ وَالْجُزْءَانِ مَنْصُوبَانِ الْأَوَّلُ بِالْإِغْرَاءِ وَالثَّانِي بِالْحَالِيَّةِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَرَفْعُ أَحَدِهِمَا وَنَصْبُ الْآخَرِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الجمل]

اسْتِمَاعِهِ تَارَةً أَيْ إذَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ فِتْنَةٌ وَتَحْرِيمُهُ أُخْرَى أَيْ إذَا خُشِيَ فِتْنَةٌ وَرَفْعُ صَوْتِهَا بِالتَّلْبِيَةِ وَلَوْ فَوْقَ مَا يَسْمَعُ صَوَاحِبُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ ثَمَّ مُشْتَغِلٌ بِتَلْبِيَتِهِ مَعَ أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَا يُسَنُّ الْإِصْغَاءُ لَهَا بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ تَقْيِيدٌ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْمَحَارِمِ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ وَظِيفَةِ الرِّجَالِ فَفِيهِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ وَهُوَ حَرَامٌ كَعَكْسِهِ اهـ م ر اهـ زي وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا حُرْمَةَ رَفْعِ صَوْتِ الْمَرْأَةِ بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا؛ لِأَنَّ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ مَطْلُوبٌ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا عَدَمُ حُرْمَةِ رَفْعِ صَوْتِهَا بِالْقِرَاءَةِ قَالَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ جَهْرِهَا بِهَا فِي الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ وَعَلَّلُوهُ بِخَوْفِ الِافْتِتَانِ اهـ ح ل وَلَا يَحْرُمُ الْأَذَانُ عَلَى الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرِّجَالِ فَلَيْسَ فِي فِعْلِهِ تَشْبِيهٌ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْأَذَانِ عَلَى الْمَرْأَةِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَخَوْفِ الِافْتِتَانِ بِسَمَاعِهَا وَالْحُكْمُ إذَا عُلِّلَ بِعِلَّةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ عِلَّتَيْنِ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ إحْدَاهُمَا وَالتَّشَبُّهُ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْأَمْرَدِ فَيَنْتَفِي تَحْرِيمُ الْأَذَانِ عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقَالَ فِي نَحْوِ عِيدٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ عِنْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَعِنْدَ الصَّلَاةِ لِيَكُونَ نَائِبًا عَنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ اهـ حَجّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْإِقَامَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ اهـ م ر وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَأْتِي بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِجَمْعِ النَّاسِ وَإِلَّا أَتَى بِهِ أَيْضًا لِجَمْعِهِمْ اهـ ع ش وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْمُؤَذِّنِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَيَكُونُ الْمُنَادِي الْمَذْكُورُ ذَكَرًا مَثَلًا أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْأَقْرَبُ الِاشْتِرَاطُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْإِقَامَةِ اهـ اط ف وَهَلْ تُسَنُّ إجَابَةُ ذَلِكَ لَا يَبْعُدُ سَنُّهَا بِلَا حَوْلٍ وَلَا قُوَّةٍ إلَّا بِاَللَّهِ وَيَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ لِنَحْوِ الْجُنُبِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ: كَرَاهَةُ ذَلِكَ أَيْ قَوْلُهُ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ لَا كَرَاهَةَ قَوْلِهِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ إجَابَةِ الْحَائِضِ وَنَحْوهَا بِذَلِكَ وَنَحْوِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَجِّهَ اسْتِحْبَابَ إجَابَةِ ذَلِكَ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى إجَابَةِ الْمُقِيمِ بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يَسْتَنْهِضُ الْحَاضِرِينَ لِلْقِيَامِ إلَيْهَا، وَأَمَّا أَخْذُهُ مِنْ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ بِذَلِكَ إذَا قَالَ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا قِيلَ لِفَوَاتِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يَحْرُمُ لِتَعَاطِيهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَذَّنَ قَبْلَ الْوَقْتِ حَيْثُ حَرُمَ لِكَوْنِهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر التَّصْرِيحُ فِي هَذِهِ بِكَرَاهَةِ الْأَذَانِ لِغَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَذَّنَ لَا بِنِيَّةِ الْأَذَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْلٍ تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ إلَخْ) خَرَجَ الْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالنَّفَلُ الْمَذْكُورُ إذَا صَلَّى فُرَادَى فَلَا يُقَالُ فِيهِ مَا ذُكِرَ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ النَّافِلَةُ الَّتِي لَا تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا أَوْ الَّتِي تُسَنُّ فِيهَا إذَا صُلِّيَتْ فُرَادَى وَالْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشَيِّعِينَ لَهَا حَاضِرُونَ فَلَا حَاجَةَ لِإِعْلَامِهِمْ انْتَهَتْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُشَيِّعِينَ لَهَا لَوْ كَثُرُوا وَلَمْ يَعْلَمُوا وَقْتَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ لِلصَّلَاةِ أَنَّهُ يُسَنُّ ذَلِكَ وَلَا بُعْدَ فِيهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَتَرَاوِيحُ) وَكَذَا وِتْرٌ تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ لَهُ وَتَرَاخَى فِعْلُهُ عَنْ التَّرَاوِيحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا إذَا فَعَلَ عَقِبَهَا، فَإِنَّ النِّدَاءَ لَهَا نِدَاءٌ لَهُ كَذَا قِيلَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَرَاخَى فِعْلُهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْإِقَامَةِ لَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً هُنَا اهـ شَرْحُ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِوُرُودِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ) ، فَإِنْ قِيلَ حَيْثُ كَانَ الْكُسُوفُ ثَابِتًا بِالنَّصِّ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرَهُ فِي الْمَتْنِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعِيدَ لِأَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الْكُسُوفِ أَوْ لِتَكَرُّرِهِ وَهُمْ قَدْ يُقَدِّمُونَ الْمَقِيسَ عَلَى الْمَقِيسِ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ بِالْإِغْرَاءِ) وَهُوَ أَمْرُ الْمُخَاطَبِ بِلُزُومِ أَمْرٍ يُحْمَدُ بِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِغْرَاءُ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمَحْذُوفُ وُجُوبًا اهـ لِكَاتِبِهِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنَتْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ وَرُفِعَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَنُصِبَ الْآخَرُ عَلَى الْإِغْرَاءِ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْحَالِ فِي الثَّانِي انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَرُفِعَ أَحَدُهُمَا أَرَادَ بِهِ الْمَفْهُومَ الْعَامَّ الشَّامِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْأَحَدِ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ رَاجِعٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ

ص: 300

وَكَالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ الصَّلَاةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَ) أَنْ (يُؤَذِّنَ لِلْأُولَى فَقَطْ مِنْ صَلَوَاتٍ وَالَاهَا) كَفَوَائِتَ وَصَلَاتِي جَمْعٍ وَفَائِتَةٍ وَحَاضِرَةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْأَذَانِ وَيُقِيمُ لِكُلٍّ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأُولَيَيْنِ رَوَاهُ فِي أُولَاهُمَا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي ثَانِيَتِهِمَا الشَّيْخَانِ وَقِيَاسًا فِي الثَّالِثَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوَالِ أَوْ وَالَى فَائِتَةً وَحَاضِرَةً لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْأَذَانِ لَمْ يَكْفِ لِغَيْرِ الْأُولَى الْأَذَانُ لَهَا وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتْ فَوَائِتَ لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى

(وَمُعْظَمُ الْأَذَانِ مُثَنَّى) هُوَ مَعْدُولٌ عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ (وَ) مُعْظَمُ (الْإِقَامَةِ فُرَادَى) قُيِّدَتْ مِنْ زِيَادَتِي بِالْمُعْظَمِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ أَوَّلَ الْأَذَانِ أَرْبَعٌ وَالتَّوْحِيدَ آخِرَهُ وَاحِدٌ وَالتَّكْبِيرُ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ وَلَفْظُ الْإِقَامَةِ فِيهَا مُثَنَّى مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ اسْتَثْنَى لَفْظَ الْإِقَامَةِ وَاعْتَذَرَ فِي دَقَائِقِهِ عَنْ تَرْكِ التَّكْبِيرِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى نِصْفِ لَفْظِهِ فِي الْأَذَانِ كَانَ كَأَنَّهُ فَرْدٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا قُلْنَاهُ فَالْإِقَامَةُ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً

ــ

[حاشية الجمل]

فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ مَنْ فَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَجْهَيْنِ رَاجِعٌ لِلْأَحَدِ بِاعْتِبَارِ كُلٍّ مِنْ الْفَرْدَيْنِ فَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الِابْتِدَاءُ بِجَامِعَةٍ وَهُوَ نَكِرَةٌ بِلَا مُسَوِّغٍ عَلَى أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَاهُ قُلْنَا الْمُسَوِّغُ الْفَائِدَةُ اهـ سم اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ هَلُمُّوا إلَى الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ أَوْحَى عَلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْعُبَابِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وك الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ الصَّلَاةَ إلَخْ أَيْ فِي أَدَاءِ أَصْلِ السُّنَّةِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ لِوُرُودِهِ عَنْ الشَّارِعِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُؤَذِّنَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَذَانٍ فَفِيهِ عَطْفُ مَصْدَرٍ مُؤَوَّلٍ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ وَهُوَ شَائِعٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُؤَذِّنَ لَلْأُولَى إلَخْ) أَيْ يُؤَذِّنَ، فَإِذَا أَذَّنَ كَانَ لِلْأُولَى وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْأُولَى بَلْ لَوْ أَطْلَقَ كَانَ مُنْصَرِفًا لِلْأُولَى فَلَوْ قَصَدَ بِهِ الثَّانِيَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْتَفِيَ بِهِ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى أَيْ فَيَحْرُمُ بِقَصْدِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ لِلْأُولَى فَقَطْ) يَشْكُلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَذَانَ حَقٌّ لِلْفَرِيضَةِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ طَلَبُهُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ جَمْعَ الصَّلَوَاتِ صَيَّرَهَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: كَفَوَائِتِ) اُنْظُرْ لَوْ تَذَكَّرَ فَوَائِتَ فَأَذَّنَ وَشُرِطَ فَتَذَكَّرَ فَوَائِتَ أُخَرَ فَهَلْ يَكْفِي لَهَا الْأَذَانُ الْمَذْكُورُ وَلَا يَضُرُّ وُقُوعُهُ قَبْلَ تَذَكُّرِهِ أَوْ يُعِيدُهُ عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَهُ كَدُخُولِ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا لَوْ أَذَّنَ لِحَاضِرَةٍ فَفَرَغَ مِنْهَا فَتَذَكَّرَ فَائِتَةً فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَهَا لَيْسَ كَدُخُولِ وَقْتِهَا الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَصَلَاتِي جَمْعٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأُولَى وَقَدْ وَقَعَ الْأَذَانُ فِي وَقْتِهَا وَبِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ يُؤَذِّنُ لِلثَّانِيَةِ أَذَانًا آخَرَ وَاعْتَمَدَهُ مَشَايِخُنَا، وَلَوْ أَذَّنَ لِصَلَاةٍ ثُمَّ أَرَادَ تَقْدِيمَ غَيْرِهَا فَالْوَجْهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهَا أَذَانًا آخَرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ فِي أُولَاهُمَا الشَّافِعِيُّ) عِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُبَادِرُ بِفَائِتٍ إلَخْ نَصُّهَا وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ «أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى ذَهَبَ هَوِي مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى كُفِينَا أَيْ شَرَّ الْعَدُوِّ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ» اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالْهُوِيُّ كَغَنِيٍّ وَيُضَمُّ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر هُنَا «وَقَدْ فَاتَهُ صلى الله عليه وسلم صَلَوَاتٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَضَاهَا وَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَجَازَ لَهُمْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْقِتَالِ وَلَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ انْتَهَى.

إذَا عَلِمْتَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى قَوْلِهِ وَيُقِيمُ لِكُلٍّ وَيَكُونُ تَارِكًا لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْمَتْنِ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ وَانْظُرْ مَا عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَحَاضِرَةٍ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا إلَخْ) بِأَنْ صَلَّى فَائِتَةً قَبْلَ الزَّوَالِ ثُمَّ حَصَلَ الزَّوَالُ قَبْلَ سَلَامِهِ وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ مُؤَدَّاةً لِآخِرِ وَقْتِهَا وَأَذَّنَ لَهَا ثُمَّ عَقِبَ سَلَامِهِ دَخَلَ وَقْتُ مُؤَدَّاةٍ أُخْرَى فَيُؤَذِّنُ لَهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فَوَائِتَ إلَخْ) أَيْ وَأَعَمُّ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى شَامِلٌ لِمَا إذَا وَالَى بَيْنَ الْفَوَائِتِ وَلَهَا إذَا لَمْ يُوَالِ مَعَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَالِ يُؤَذِّنُ لِغَيْرِ الْأُولَى، وَوَجْهُ الْعُمُومِ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ لَا يَشْمَلُ صَلَاتَيْ الْجُمَعِ وَالْفَائِتَةِ وَالْحَاضِرَةِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَمُعْظَمُ الْأَذَانِ) أَيْ مُعْظَمُ أَنْوَاعِ لَفْظِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ إنْ عَدَّ التَّكْبِيرَ مَرَّتَيْنِ وَهِيَ تَكْبِيرٌ ثُمَّ شَهَادَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ شَهَادَةٌ لِرَسُولِهِ ثُمَّ حَيْعَلَةُ صَلَاةٍ ثُمَّ حَيْعَلَةُ فَلَاحٍ ثُمَّ تَكْبِيرٌ ثُمَّ تَوْحِيدٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْ تَرْكِ التَّكْبِيرِ) أَيْ عَنْ تَرْكِ اسْتِثْنَائِهِ وَالْمُرَادُ التَّكْبِيرُ أَوَّلُهَا، وَأَمَّا آخِرُهَا فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا فِي الْأَذَانِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْفَعَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ أَيْ يَأْتِيَ بِهِ شَفْعًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ شَفَعْت الشَّيْءَ شَفْعًا مِنْ بَابِ نَفَعَ ضَمَمْته إلَى الْفَرْدِ وَشَفَعْت الرَّكْعَةَ جَعَلْتهَا شَفْعًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا قُلْنَاهُ) أَيْ أَنْ يَشْفَعَ مُعْظَمَ الْأَذَانِ وَيُوتِرَ مُعْظَمَ الْإِقَامَةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَالْإِقَامَةُ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً إلَخْ) وَإِنَّمَا كَانَتْ الْإِقَامَةُ أَنْقَصَ مِنْ الْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ أَمْرَانِ يَتَقَدَّمَانِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِهَا فَكَانَ الثَّانِي مِنْهُمَا أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ ثَانٍ لِأَوَّلٍ يُفْتَتَحُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَكْبِيرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَكَانَ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ

ص: 301

وَالْأَذَانُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِالتَّرْجِيعِ وَسَيَأْتِي.

(وَشُرِطَ فِيهِمَا تَرْتِيبٌ وَوَلَاءٌ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِمَا مُطْلَقًا (وَلِجَمَاعَةٍ جَهْرٌ) بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ لِأَنَّ تَرْكَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ وَيَكْفِي إسْمَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَضُرُّ فِي الْوَلَاءِ تَخَلُّلٌ يَسِيرٌ سُكُوتٌ أَوْ كَلَامٌ (وَ) شُرِطَ فِيهِمَا (عَدَمُ بِنَاءِ غَيْرٍ) عَلَى أَذَانِهِ أَوْ إقَامَتِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْأَوَّلِ كَتَكْبِيرَاتِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ أَوْفَى صِفَةً مِنْ الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ مُرَتَّلًا وَيُرْفَعُ بِهِ الصَّوْتُ فَكَانَ أَوْفَى قَدْرًا مِنْهَا كَالرَّكْعَتَيْنِ لَمَّا كَانَتَا أَوْفَى صِفَةً بِالْجَهْرِ كَانَتَا أَوْفَى قَدْرًا بِالسُّورَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَقْصَرُ مِنْ الْأُولَى وَفِيهِ أَنَّ الْأَرْكَانَ فِيهِمَا ثَلَاثَةٌ وَأَنَّ الْآيَةَ تَكْفِي فِي إحْدَاهُمَا وَأَنَّهُ يَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فِي الثَّانِيَةِ فَالثَّانِيَةُ أَطْوَلُ مِنْ الْأُولَى إلَّا أَنْ يُقَالَ يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ بِأَذْكَارٍ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْكَانِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ بَابِهِ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَنْقَصُ بِاعْتِبَارِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْخُطَبَاءِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الْوَعْظِ فِي الْأُولَى وَالِاخْتِصَارِ فِي الثَّانِيَةِ وَتَخْفِيفِهَا مَا أَمْكَنَ وَقَدْ قِيلَ إنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى وَتَقْصِيرَ الثَّانِيَةِ مِنْ جَهْلِ الْخُطَبَاءِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَذَانُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً إلَخْ) وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ أَنَّهُ لَوْ أُتِيَ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يُخِلُّ بِمَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ إذَا خَفَّفَ مُشَدَّدًا بِحَيْثُ لَمْ يُخِلَّ بِمَعْنَى الْكَلِمَةِ لَمْ يَصِحَّ أَذَانُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فَكُّ الْإِدْغَامِ فِي أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ أُتِيَ بِالْأَصْلِ وَلَا إخْلَالَ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَكِّ الْإِدْغَامِ فِي التَّشَهُّدِ حَيْثُ قِيلَ إنَّهُ يَضُرُّ بِأَنَّ أَمْرَ الصَّلَاةِ أَضْيَقُ مِنْ الْأَذَانِ فَيُحَافِظُ فِيهِ عَلَى كَمَالِ صِفَاتِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَيَجِبُ أَنْ يَحْتَرِزَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَغْلَاطٍ تُبْطِلُ الْأَذَانَ بَلْ يَكْفُرُ مُتَعَمِّدُ بَعْضِهَا كَمَدِّ بَاءِ أَكْبَرَ وَهَمْزَتِهِ وَهَمْزَةِ أَشْهَدُ وَأَلْفِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ وَعَدَمِ النُّطْقِ بِهَاءِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ لَا تَشْتَبِهُ بِهِ وَلَا اللَّهُ الْأَكْبَرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالتَّرْجِيعِ) وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَرْبَعًا وَلَا سِرًّا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا جَهْرًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَذَانِ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ صَحَّ أَذَانُهُ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهِمَا تَرْتِيبٌ) أَيْ بِحَيْثُ يُنْسَبُ بَعْضُ كَلِمَاتِهِمَا إلَى بَعْضٍ فَلَا يَعْتَمِدُ بِغَيْرِ مَا رُتِّبَ وَيُعِيدُهُ فِي مَحَلِّهِ وَيُكْرَهُ عَدَمُ تَرْتِيبِهِ إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى وَإِلَّا حَرُمَ وَلَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُ وَلَاءٌ فَلَا يُعْتَدُّ بِغَيْرِ الْمُتَوَالِي وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ إلَّا فِي أَعْجَمِيٍّ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَعَاجِمَ وَلَا يَضُرُّ فِيهِمَا لَحْنٌ لَكِنْ يُكْرَهُ لِلْقَادِرِ وَقِيلَ يَحْرُمُ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْنَى وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَاسِمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَوَلَاءٌ) فَيُؤَخِّرُ رَدَّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ إلَى الْفَرَاغِ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْذُورًا سُومِحَ لَهُ فِي التَّدَارُكِ مَعَ طُولِهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِوَجْهٍ، فَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْ ذَلِكَ لِلْفَرَاغِ فَخِلَافُ السُّنَّةِ كَالتَّكَلُّمِ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَيْنَ كَلِمَاتِهِمَا مُطْلَقًا) أَيْ لِلْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِدِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ جَمِيعِهِمْ فَيُخَالِفُ قَوْلَهُ وَيَكْفِي إسْمَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ وَيُشْتَرَطُ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ وَسَمَاعُ جَمَاعَةٍ أَذَّنَ لَهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ اهـ وَعَلَى هَذَا فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَيَكْفِي سَمَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَرْكَ كُلٍّ مِنْهَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ وَيُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ، فَإِنْ عَكَسَ وَلَوْ نَاسِيًا لَمْ يَصِحَّ وَيَبْنِي عَلَى الْمُنْتَظِمِ مِنْهُ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى وَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ فِي خِلَالِهِ أُتِيَ بِالْمَتْرُوكِ وَأَعَادَ مَا بَعْدَهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إسْمَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) ظَاهِرُهُ بِالْفِعْلِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ حُضُورُ الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي فِي الْخُطْبَةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالسَّمَاعِ بِالْقُوَّةِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَذَانِ إعْلَامُ مَنْ يَسْمَعُ لِيَحْضُرَ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ، فَإِنَّهُ حَضَرَ بِالْفِعْلِ فَاكْتُفِيَ مِنْهُ بِالسَّمَاعِ بِالْقُوَّةِ اهـ ع ش وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَسْمَعَ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ عِنْدَهُ كَلَامُهُ أَوْ يَكْفِي سَمَاعُ صَوْتٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ الْأَذَانُ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الْكَلِمَاتُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَلَامٌ) أَيْ وَلَوْ عَمْدًا وَمِثْلُ الْكَلَامِ يَسِيرُ نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٌ أَوْ جُنُونٌ لِعَدَمِ إخْلَالِ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ الرِّدَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ مَا مَضَى إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْإِقَامَةَ فِي ذَلِكَ لَقُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ فِي الْأَوَّلَيْنِ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا يَضُرُّ الْيَسِيرُ مِنْ الْكَلَامِ وَالسُّكُوتِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِمَا الْقَطْعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْفَاتِحَةَ وَلَا يُنْدَبُ الِاسْتِئْنَافُ فِي ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا نِيَّةٌ بَلْ عَدَمُ الصَّارِفِ عَمْدًا فَلَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيمَا أَذَّنَ لَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ بِنَاءِ غَيْرٍ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ حَالَ اشْتِرَاكِهِمْ فِي الْأَذَانِ مِنْ تَقْطِيعِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ بِحَيْثُ يَذْكُرُ أَحَدُهُمْ

ص: 302

لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ فِي لَبْسٍ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَهْرِ مُطْلَقًا وَاشْتِرَاطُ التَّرْتِيبِ وَالْوَلَاءِ فِي الْإِقَامَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَدُخُولُ وَقْتٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِلْإِعْلَامِ بِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ (إلَّا أَذَانَ صُبْحٍ فَمِنْ نِصْفِ لَيْلٍ) يَصِحُّ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»

(وَ) شُرِطَ (فِي مُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ إسْلَامٌ

ــ

[حاشية الجمل]

بَعْضَ الْكَلِمَةِ وَغَيْرُهُ بَاقِيَهَا وَيَنْبَغِي حُرْمَةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ طُرُوُّ ذَلِكَ يُبْطِلُ خُصُوصَ الْأَذَانِ وَيَنْبَغِي كَوْنُهُ ذِكْرًا فَلَا يَحْرُمُ لَكِنَّ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِكَوْنِهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً خِلَافُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ فِي لَبْسٍ) أَيْ لَبْسِ الْأَذَانِ بِغَيْرِهِ فَلَا يُدْرَى أَهُوَ ذِكْرٌ مَحْضٌ أَمْ أَذَانٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَدُخُولُ وَقْتٍ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اُعْتُدَّ بِأَذَانِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَم اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ لِلْجُمُعَةِ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُطْبَةِ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ أَشْبَهَتْ الصَّلَاةَ وَقِيلَ: إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ اهـ حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَدُخُولُ وَقْتٍ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهُ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا فَتَقْيِيدُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ نَعَمْ تَبْطُلُ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُصَلِّي فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِنِيَّتِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ) أَيْ وَيَكُونُ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَاطٍ لِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ وَهُوَ صَغِيرَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَبَالَغَ الْعَلَّامَةِ م ر فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ كَبِيرَةٌ نَعَمْ إنْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اعْتَدَّ بِهِ وَفَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ ثُمَّ لَا هُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَتُشْكِلُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الْأَذَانِ لِنَحْوِ الْمَنْذُورَةِ فَلْيُحَرَّرْ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَمَّا حَرُمَ إيقَاعُ الصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا بِأَنَّهُ لَمَّا طُلِبَ فِي وَقْتِهَا لَهَا كَانَ الْإِتْيَانُ بِهِ قَبْلَهُ كَالْإِتْيَانِ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ الْمَنْذُورَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَذَانَ صُبْحٍ فَمِنْ نِصْفِ لَيْلٍ) أَيْ شِتَاءً وَصَيْفًا وَالْأَوْلَى كَوْنُ الْأَذَانِ فِي الشِّتَاءِ فِي نِصْفِ سُبْعِ اللَّيْلِ وَفِي الصَّيْفِ فِي سُبْعِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ أَنَّهُ إعْلَامٌ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَالْأَذَانُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَيْسَ إعْلَامًا بِالْوَقْتِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِعْلَامَ بِالْوَقْتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إعْلَامًا بِأَنَّهُ دَخَلَ أَوْ قَارَبَ أَنْ يَدْخُلَ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الصُّبْحُ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا مَرْغُوبٌ فِيهَا وَالصُّبْحُ غَالِبًا عَقِبَ نَوْمٍ فَنَاسَبَ أَنْ يُوقِظَ النَّاسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَتَأَهَّبُوا وَيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ اهـ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِنِيَّتِهِ حَرُمَ أَنْ يُقَالَ هُنَا بِالتَّحْرِيمِ حَيْثُ أَذَّنَ بِنِيَّتِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ دَخَلَ نِصْفُ اللَّيْلِ وَأَذَّنَ لِلصُّبْحِ وَكَانَ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي هَذَا الْأَذَانُ لِلْعِشَاءِ وَهَلْ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَذَانِ الْمَوْلُودِ وَنَحْوه، فَإِذَا أَتَى بِهِ الشَّخْصُ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا عَقِبَهُ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ أَذَانٌ آخَرُ أَوَّلًا وَأَقُولُ هَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَغْسَالٌ مَسْنُونَةٌ وَاغْتَسَلَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَكْفِي وَأَيْضًا الْأَذَانُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ) وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ بِلَالٍ بِالْأَذَانِ أَنَّهُ لَمَّا عُذِّبَ لِيَرْجِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ صَارَ يَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ فَجُوزِيَ بِوِلَايَةِ الْأَذَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ، قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَذَانَ الصُّبْحِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَزْيَدَ مِنْ كَوْنِهِ بِلَيْلٍ وَقَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَتَوَقَّفَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ) وَكَانَ مَعَهُ بِلَالٌ يُعْلِمُهُ بِالْوَقْتِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ أَذَانَ الْأَعْمَى وَحْدَهُ مَكْرُوهٌ اهـ شَيْخُنَا وَكَانَ اسْمُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ عُمَرَ وَقِيلَ الْحُصَيْنُ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ وَعَمِيَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ وَاسْمُ أَبِيهِ قَيْسُ بْنُ زَائِدَةَ وَاسْمُ أُمِّهِ عَاتِكَةُ اهـ ق ل وَقَوْلُهُ وَعَمِيَ بَعْدَ بَدْرٍ إلَخْ كَلَامٌ سَاقِطٌ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ الصَّرِيحَ فِي أَنَّهُ كَانَ أَعْمَى قَبْلَ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّ سُورَةَ عَبَسَ مَكِّيَّةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفَاسِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي مُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ إسْلَامٌ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُنَصِّبْهُ حَاكِمٌ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا أَمِينًا عَارِفًا بِالْوَقْتِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ مُوَقِّتٍ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ نَصْبُهُ، وَإِنْ صَحَّ أَذَانُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ، وَأَمَّا قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ مَنْ صَحَّ أَذَانُهُ صَحَّ نَصْبُهُ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْإِمَامِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَسَيَأْتِي عَنْهُ فِي نَصْبِ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ

ص: 303

وَتَمْيِيزٌ) مُطْلَقًا (وَلِغَيْرِ نِسَاءٍ ذُكُورَةٌ) فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْ كَافِرٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ وَخَنَاثَى كَإِمَامَتِهِمَا لَهُمْ أَمَّا الْمُؤَذِّنُ وَالْمُقِيمُ لِلنِّسَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذُكُورَةٌ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْخُنْثَى يُسَنُّ لَهُ الْإِقَامَةُ لِنَفْسِهِ دُونَ الْأَذَانِ وَذِكْرُ الْمُقِيمِ وَتَقْيِيدُهُ الذُّكُورَةَ بِغَيْرِ النِّسَاءِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَسُنَّ إدْرَاجُهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ أَيْ الْإِسْرَاعِ بِهَا (وَخَفْضُهَا) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَتَرْتِيلُهُ) أَيْ الْأَذَانِ أَيْ التَّأَنِّي فِيهِ لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي خَبَرِ الْحَاكِمِ إلَّا الْخَفْضَ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِلْغَائِبَيْنِ وَالْإِقَامَةُ لِلْحَاضِرَيْنِ فَاللَّائِقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ فِيهِ (وَتَرْجِيعٌ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَذَانِ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِخَفْضِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمَعْلُومَ فَالْوَجْهُ أَنَّ مَا هُنَا مِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى وَلَعَلَّهُ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْضِرًا لِمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِئْجَارُ لِلْأَذَانِ بِشَرْطِ أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً وَأُجْرَةً مَعْلُومَتَيْنِ نَعَمْ إنْ قَالَ الْإِمَامُ اسْتَأْجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صَحَّ وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا أَوْ يَقِفَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَهُنَاكَ مُتَبَرِّعٌ، وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْأَذَانِ وَلَا يَصِحُّ إفْرَادُهَا بِأُجْرَةٍ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ فِيهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَمْيِيزٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ اعْتِمَادًا عَلَى أَذَانِهِ وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ لِغَيْرِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَفِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، وَأَمَّا لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ فَيَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَعَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ نِسَاءٍ ذُكُورَةٌ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ مُطْلَقٌ أَيْ وَلَوْ فِي أَذَانٍ نَحْوُ الْمَوْلُودِ مِمَّا يُطْلَبُ لَهُ الْأَذَانُ كَخَلْفِ الْمُسَافِرِ أَوْ لَا قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُشْعِرُ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ أَيْ الْأَذَانَ شَرْعًا أَقْوَالٌ مَخْصُوصَةٌ تُعْرَفُ بِهَا أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِأَذَانٍ فَلْيُرَاجَعْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْ كَافِرٍ) وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إذَا أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ وَيَسْتَأْنِفُ مَا مَضَى نَعَمْ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ عِيسَوِيٍّ وَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ وَهُوَ مِنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْيَهُودِ يُنْسَبُونَ إلَى ابْنِ عِيسَى إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْبَهَانِيِّ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أُرْسِلَ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ اعْتَقَدَ رِسَالَتَهُ وَنُبُوَّتَهُ لَزِمَهُ تَصْدِيقُهُ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ أُرْسِلْت إلَى كَافَّةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِرِجَالٍ وَخَنَاثَى) الْمُتَبَادِرُ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ أَذَّنَتْ لِلرِّجَالِ الْمُرِيدِينَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَذَانُهَا خَلْفَ الْمُسَافِرِ وَلَوْ رَجُلًا وَلَا فِيمَا لَوْ تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُشْرَعُ فِيهِ الْأَذَانُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حُرْمَةِ أَذَانِهَا أَنَّهُ مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ وَفِي فِعْلِهَا لَهُ تَشَبُّهٌ بِهِمْ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي مِنْ وَظَائِفِهِمْ الْأَذَانُ لِلصَّلَاةِ لَا مُطْلَقًا أَمَّا عَلَى التَّعْلِيلِ بِحُرْمَةِ نَظَرِهِمْ إلَيْهَا فَمُقْتَضَاهُ حُرْمَةُ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يُسَنُّ النَّظَرُ لِلْمُؤَذِّنِ حَيْثُ أَذَّنَ لِلصَّلَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي بِالدَّرْسِ حُرْمَةُ أَذَانِهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَنَّ م ر سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ.

فَأَجَابَ بِأَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهَا لَا تُؤَذِّنُ اهـ وَمَا نُقِلَ عَنْ م ر لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ أَذَانِهَا، وَإِنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ طَلَبِهِ مِنْهَا لِتِلْكَ الْأَحْوَالِ وَعَدَمُ الطَّلَبِ لَا يَسْتَدْعِي الْحُرْمَةَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَخَنَاثَى) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ أَذَانِ وَإِقَامَةِ الْخُنْثَى لِلْخَنَاثَى فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا تَقَدَّمَ بِمَا إذَا اجْتَمَعَ الْخُنْثَى مَعَ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذُكُورَةٌ أَيْ بَلْ يُشْتَرَطُ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ مَا هُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ أَذَانُ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعْنَ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهِ أَيْ فَهُوَ لَيْسَ بِأَذَانٍ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ رَفْعٌ حَرُمَ إنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى الرَّفْعِ مَعَ عَدَمِ أَجْنَبِيٍّ وَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى طَرِيقَتِهِ هُوَ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ وَقَعَ لِكَثِيرٍ التَّوَقُّفُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِسْرَاعُ بِهَا) إذْ أَصْلُ الْإِدْرَاجِ الطَّيُّ وَمِنْهُ إدْرَاجُ الْمَيِّتِ فِي أَكْفَانِهِ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِإِدْخَالِ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ فِي بَعْضٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَرْتِيلُهُ) يُسْتَثْنَى التَّكْبِيرُ، فَإِنَّهُ يَجْمَعُ كُلَّ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي نَفَسٍ لِخِفَّةِ لَفْظِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ فِي نَفَسٍ قَالَ حَجّ أَيْ مَعَ وَقْفَةٍ لَطِيفَةٍ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ فَالْأَوْلَى الضَّمُّ وَقِيلَ الْفَتْحُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْقِيَاسُ ضَمُّ رَاءِ أَكْبَرَ الْأُولَى وَالْقَوْلُ بِفَتْحِهَا أَمْرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَبَعًا لِلْمُبَرِّدِ وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: أَيْ التَّأَنِّي فِيهِ) وَهُوَ أَنْ يَأْتِي بِكُلِّ كَلِمَةٍ فِي نَفَسٍ إلَّا التَّكْبِيرَ، فَإِنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي نَفَسٍ لِخِفَّةِ لَفْظِهِ وَيُزَادُ مَعَ ذَلِكَ امْتِدَادُ الْحُرُوفِ وَتَطْوِيلُهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيعٌ فِيهِ) وَحِكْمَتُهُ تَدَبُّرُ كَلِمَتَيْ الْإِخْلَاصِ لِكَوْنِهِمَا الْمُنْجِيَتَيْنِ مِنْ الْكُفْرِ الْمُدْخِلَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَذَكُّرُ خَفَاءَهُمَا فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ ظُهُورَهُمَا؛ لِأَنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَخْ) وَيَأْتِي بِالْأَرْبَعِ وَلَاءً قَالَ فِي الْعُبَابِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِمَا سِرًّا أَوَّلًا أَتَى بِهِمَا بَعْدَ الْجَهْرِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِخَفْضِ

ص: 304

الصَّوْتِ قَبْلَ إعَادَتِهِمَا بِرَفْعِهِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لِلثَّانِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَهُمَا وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ رَجَعَ إلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بَعْدَ أَنْ تَرَكَهُ أَوْ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا (وَتَثْوِيبٌ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَّعَ (فِي) أَذَانَيْ (صُبْحٍ) لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ وَخَرَجَ بِالصُّبْحِ مَا عَدَاهَا فَيُكْرَهُ فِيهِ التَّثْوِيبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَقِيَامٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى عَالٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ» وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ وَوَضَعَ مُسَبِّحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الصَّوْتِ) الْمُرَادُ بِخَفْضِهِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ بِقُرْبِهِ أَوْ أَهْلَ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ وَاقِفًا عَلَيْهِمْ وَالْمَسْجِدُ مُتَوَسِّطُ الْخُطَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذُكِرَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْإِسْرَارِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْجَهْرِ اهـ شَرْحُ م ر، وَإِذَا عَلِمْت الْمُرَادَ بِالسِّرِّ سَقَطَ مَا أَوْرَدَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الضَّعِيفَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَهْرِ أَوْ لِمَجْمُوعِ السِّرِّ وَالْجَهْرِ وَحَاصِلُ الْإِيرَادُ أَنَّ التَّرْجِيعَ سُنَّةٌ فِي الْأَذَانِ لَا مِنْهُ وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْجَهْرَ لَمْ يَبْطُلْ الْأَذَانُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الْتِزَامُ أَنَّهُ لَوْ أُسْقِطَ الْجَهْرُ لَمْ يَبْطُلْ الْأَذَانُ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ كَافٍ فِي صِحَّةِ الْأَذَانِ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْمُرَادِ بِالسِّرِّ اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلتَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَتَسْمِيَةُ الْأَوَّلِ بِهِ مَجَازٌ مِنْ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ إذْ هُوَ سَبَبُ الرُّجُوعِ اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَتَثْوِيبٌ) بِيَاءٍ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ تَثُوب بِإِسْقَاطِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَابَ إذَا رَجَّعَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ ثُمَّ عَادَ فَدَعَا إلَيْهَا بِذَلِكَ وَأَصْلُهُ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مُسْتَصْرِخًا يُلَوِّحُ بِثَوْبٍ لِيُرَى فَسُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيبًا لِذَلِكَ وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ احْتِمَالٌ بِرُكْنِيَّتِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَخَصَّ التَّثْوِيبَ بِالصُّبْحِ لِمَا يَعْرِضُ لِلنَّائِمِ مِنْ التَّكَاسُلِ بِسَبَبِ النَّوْمِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي أَذَانَيْ صُبْحٍ) أَيْ وَلَوْ فَائِتًا اهـ شَرْحُ م ر أَيْ فَيُثَوِّبُ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ الْفَائِتِ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ أَذَانَيْ الصُّبْحِ الْفَائِتِ وَيُوَالِي بَيْنَهُمَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ إلَخْ) وَلَا يَلْتَفِتَ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ وَلَوْ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الِالْتِفَاتِ عَدَمُ سَمَاعِ بَعْضِهِمْ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) أَيْ الْيَقَظَةُ لَهَا خَيْرٌ مِنْ رَاحَةِ النَّوْمِ أَيْ لَذَّتِهِ وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّلَاةَ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ وَالنَّوْمُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقِيَامٌ فِيهِمَا) فَيُكْرَهُ لِلْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعِ أَشَدَّ كَرَاهَةً وَلِلرَّاكِبِ الْمُقِيمِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ لِلرُّكُوبِ لَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يُؤَذِّنَ إلَّا بَعْدَ نُزُولِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِلْفَرِيضَةِ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ وَلَا الْمَشْيِ لِاحْتِمَالِهِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ فَفِي الْأَذَانِ أَوْلَى وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ فِيمَا ذُكِرَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُجْزِئُ مِنْ الْمَاشِي، وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مِنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُمَا لِغَيْرِهِ كَأَنْ كَانَ ثَمَّ مَعَهُ مَنْ يَمْشِي وَفِي مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ غَيْرُهُ اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ وَإِلَّا لَمْ يُجِزْهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فِي مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ كَمَا فِي الْمُقِيمِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ وَهُوَ يَمْشِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْإِقَامَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأَذَانُ فَيُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى عَالٍ مُطْلَقًا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى عَالٍ كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ لِلِاتِّبَاعِ وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ إلَّا إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِكِبَرِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي الْبَحْرِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ مَنَارَةٌ سُنَّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى الْبَابِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَى سَطْحِهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى عَالٍ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَيَدُلُّ لَهُ قُوَّةٌ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَأَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ قَائِمًا وَعَلَى عَالٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ انْتَهَتْ.

وَظَاهِرُهُ رُجُوعُ الْقَيْدِ لِكُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ وَالْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ وَالْغَرَضُ بِهِ إظْهَارُ الشَّعَائِرِ وَكَوْنُهُ عَلَى عَالٍ أَظْهَرُ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ.

وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ م ر وَلَا يَدُورُ عَلَيْهِ، فَإِنْ دَارَ كَفَى إنْ سَمِعَ آخِرَ أَذَانِهِ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَوَضَعَ مِسْبَحَتَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ جَعْلُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِ بِلَالٍ بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُرَادُ أُنْمُلَتَا سَبَّابَتَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ وَبِهِ يَسْتَدِلُّ الْأَصَمُّ أَوْ مَنْ هُوَ عَلَى بُعْدٍ عَلَى كَوْنِهِ أَذَانًا فَيَكُونُ أَبْلَغَ فِي الْإِعْلَامِ فَيُجِيبُ إلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسَنُّ فِيهَا ذَلِكَ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ إحْدَى يَدَيْهِ لِعِلَّةِ جَعْلِ السَّلِيمَةِ فَقَطْ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْعَلِيلَةُ سَبَّابَتَيْهِ فَيَظْهَرُ جَعْلُ غَيْرِهِمَا مِنْ بَقِيَّةِ أَصَابِعِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ أَصَابِعِهِ قَضِيَّتُهُ اسْتِوَاؤُهَا فِي حُصُولِ السُّنَّةِ بِكُلٍّ مِنْهَا وَأَنَّهُ لَوْ فُقِدَتْ أَصَابِعُهُ الْكُلُّ لَمْ يَضَعْ الْكَفَّ وَفِي

ص: 305

فِي الْأَذَانِ (وَ) تَوَجُّهٌ (لِقِبْلَةٍ) لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ وَلِأَنَّ تَوَجُّهَهَا هُوَ الْمَنْقُولُ سَلَفًا وَخَلَفًا وَذَكَرَ سَنَّ الْقِيَامِ وَالتَّوَجُّهِ فِي الْإِقَامَةِ مَعَ جَعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا قَوْلِي (وَأَنْ يَلْتَفِتَ بِعُنُقِهِ فِيهِمَا يَمِينًا مَرَّةً فِي حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) مَرَّتَيْنِ فِي الْأَذَانِ وَمَرَّةً فِي الْإِقَامَةِ (وَشِمَالًا مَرَّةً فِي حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلِ صَدْرِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَقَدَمَيْهِ عَنْ مَكَانِهِمَا لِأَنَّ بِلَالًا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْأَذَانِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقِيسَ بِهِ الْإِقَامَةُ وَاخْتُصَّ الِالْتِفَاتُ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا خِطَابُ آدَمِيٍّ كَالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا (وَ) أَنْ (يَكُونَ كُلٌّ) مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ بِذَلِكَ (صَيِّتًا) أَيْ عَالِيَ الصَّوْتِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ (حَسَنَ الصَّوْتِ) لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الْإِجَابَةِ بِالْحُضُورِ

(وَكُرِهَا) أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ (مِنْ فَاسِقٍ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا فِي غَيْرِ الْوَقْتِ (وَصَبِيٍّ) كَالْفَاسِقِ (وَأَعْمَى وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَغْلَطُ فِي الْوَقْتِ وَذِكْرُ الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمُحْدِثٍ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ

ــ

[حاشية الجمل]

حَاشِيَةِ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ سَبَّابَتَيْهِ فَلَوْ تَعَذَّرَا لِنَحْوِ فَقْدِهِمَا اتَّجَهَ جَعْلُ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصَابِعِهِ بَلْ لَا يَبْعُدُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ بِجَعْلِ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرَا وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَالُوهُ فِي التَّشَهُّدِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ سَبَّابَتُهُ لَا يَرْفَعُ غَيْرَهَا أَنَّ غَيْرَ السَّبَّابَةِ طُلِبَ لَهُ صِفَةٌ يَكُونُ عَلَيْهَا، فَرَفَعَهَا بَدَلَ السَّبَّابَةِ يُفَوِّتُ صِفَتُهَا بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَوَجَّهَ لِقِبْلَةٍ) فَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر.

وَيُكْرَهُ التَّوَجُّهُ لِغَيْرِهَا فِي الْمُنْفَرِدِ مُطْلَقًا وَفِي غَيْرِهِ إلَّا إنْ تَوَقَّفَ الْإِعْلَامُ عَلَى تَرْكِهَا كَالدَّوَرَانِ حَوْلَ الْمَنَارَةِ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ وَيَكُونُ دَوَرَانُهُ حَوْلَهَا لِجِهَةِ يَمِينِ الْمُؤَذِّنِ حَالَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَكْسُ مَا هُنَا فِي الصُّورَةِ وَكَدَوَرَانِ دَابَّةِ الرَّحَى وَالسَّاقِيَّةِ وَالدَّرَّاسَةِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِهَا مُسْتَقْبِلًا لَهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ لِجِهَةِ يَمِينِ الْمُؤَذِّنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا دَارَ لِجِهَةِ يَمِينِهِ كَانَتْ الْمَنَارَةُ عَنْ يَمِينِهِ عَكْسُ دَوَرَانِ دَابَّةِ الرَّحَا وَالسَّاقِيَّةِ فَقَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ كَذَلِكَ أَيْ يَكُونُ الدَّوَرَانُ فِيهِ لِجِهَةِ يَمِينِ الطَّائِفِ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِحَالَةِ وُقُوفِهِ وَاسْتِقْبَالِهِ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَتَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جِهَةُ يَمِينِهِ مِنْ جِهَةِ إمَامِهِ إذَا انْفَتَلَ وَدَارَ فَيَكُونُ الْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَظَهَرَ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَيْ دَوَرَانُ الطَّائِفِ عَكْسُ مَا هُنَا أَيْ دَوَرَانِ الْمُؤَذِّنِ فِي الصُّورَةِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا دَوَرَانُ إلَخْ أَيْ دَوَرَانُ الْمُؤَذِّنِ عَكْسُ دَوَرَانِ دَابَّةِ الرَّحَى أَيْضًا وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِهَا إلَخْ لَمْ أَفْهَمْهُ هَذَا مَا فَهِمْته مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:، وَأَنْ يَلْتَفِتْ بِعُنُقِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْإِتْيَانِ بِهِ مَصْدَرًا مُؤَوَّلًا وَهَلَّا أَتَى بِهِ كَسَابِقِهِ مَصْدَرًا صَرِيحًا لَا يُقَالُ أَتَى بِهِ كَذَلِكَ لِيَعْطِفَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَا صَرِيحًا يَأْتِي بِأَنْ بَعْدَهُ مَعَ رِعَايَةِ الِاخْتِصَارِ هُنَا تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ مَرَّتَيْنِ) حَالٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ قَائِلًا ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا) وَمِنْهُ التَّثْوِيبُ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَفَارَقَ كَرَاهَةَ الِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لِإِعْلَامِ الْغَائِبِينَ وَالِالْتِفَاتُ أَبْلَغُ وَالْخُطْبَةُ لِوَعْظِ الْحَاضِرِينَ فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُعْرِضَ عَنْهُمْ فَلَا يَرِدُ نَدْبُ الِالْتِفَاتِ فِي الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الْإِعْلَامُ فَلَيْسَ فِيهِ تَرْكُ أَدَبٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: عَدْلًا فِي الشَّهَادَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَدْلُ رِوَايَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ، وَأَمَّا كَمَالُهَا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ عَدْلَ شَهَادَةٍ وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ عَلَى الزَّبْدِ وَكَلَامِ شَيْخِهِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَيُكْرَهُ تَمْطِيطُ الْأَذَانِ أَيْ تَمْدِيدُهُ وَالتَّغَنِّي بِهِ أَيْ التَّطْرِيبُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ وَلَدِ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ وَسَعْدٍ الْقُرَظِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ أَوْلَادِ مُؤَذِّنِي أَصْحَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَمِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَحَوَّلَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ مَكَانِ الْأَذَانِ لِلْإِقَامَةِ وَلَا يُقِيمُ وَهُوَ يَمْشِي وَأَنْ يَفْصِلَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَبِقَدْرِ فِعْلِ السُّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَيَفْصِلُ فِي الْمَغْرِبِ بَيْنَهُمَا بِنَحْوِ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ كَقُعُودٍ يَسِيرٍ لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا عَادَةً قَبْلَ وَقْتِهَا وَعَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اسْتِحْبَابِ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَهَا يَفْصِلُ بِقَدْرِ أَدَائِهَا أَيْضًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَصَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَمَعَ ذَلِكَ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَنَقَلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ اعْتِمَادَ الصَّبِيِّ فِي تَبْلِيغِ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَبُولِ خَبَرِهِ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ وَهُوَ مَرْجُوحٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَعْمَى وَحْدَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْأَعْمَى حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَصِيرٌ يَعْرِفُ الْوَقْتَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَغْلَطُ فِي الْوَقْتِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُؤَذِّنُ بِقَوْلِ مُؤَقِّتٍ لَمْ يُكْرَهْ اهـ ح ل وَفِي الْمُخْتَارِ غَلِطَ فِي الْأَمْرِ مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ (قَوْلُهُ: وَمُحْدِثٌ) إلَّا إذَا أَحْدَثَ فِي الْأَثْنَاءِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ إكْمَالُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَطْعُهُ لِيَتَوَضَّأَ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا صُورَةٌ وَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الْأَذَانُ لِلْمُحْدِثِ اهـ ح ل وَمِثْلُ الْمُحْدِثِ ذُو نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ الْمُصَلِّي وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَبْعُدُ الْتِزَامُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْدِثِ مَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ فَلَا يُكْرَهَانِ مِنْ مُتَيَمِّمٍ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا مِنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ بِدَلِيلِ طَلَبِ نَحْوِ السُّورَةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ

ص: 306

«لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» وَقِيسَ بِالْأَذَانِ الْإِقَامَةُ (وَ) الْكَرَاهَةُ (لِجُنُبٍ أَشَدُّ) مِنْهَا لِلْمُحْدِثِ لِغِلَظِ الْجَنَابَةِ (وَ) هِيَ (فِي إقَامَةٍ) مِنْهُمَا (أَغْلَظُ) مِنْهَا فِي أَذَانِهِمَا لِقُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ.

(وَهُمَا) أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ أَيْ مَجْمُوعُهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ، وَإِنْ اقْتَصَرَ فِي الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ عَلَى الْأَذَانِ (أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ)

ــ

[حاشية الجمل]

أَذَانُهُ لِتَأْدِيَةِ الشَّعَائِرِ كُرِهَ أَنْ يَكُونَ لِمِثْلِهِ فَتَدَبَّرْ انْتَهَتْ، وَأَمَّا غَيْرُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ فَلَا يُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَذْكَارِ لَا يُكْرَهُ لَهُ فَبَقِيَّةُ الْأَذْكَارِ أَوْلَى وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي بَابِ الْأَذَانِ وَلَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ لِلْمُحْدِثِ بَلْ وَلَا لِلْجُنُبِ اهـ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إجَابَةُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِلْمُؤَذِّنِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَمُحْدِثٌ) أَيْ وَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ عَلَّلْنَا بِأَنَّهُ دَاعٍ إلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ دَاعٍ وَلَوْ لِنَفْسِهِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: لِغِلَظِ الْجَنَابَةِ) أَيْ وَلِأَنَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجُنُبُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّلَاةِ فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُحْدِثُ وَيَكْفِي أَذَانُ الْجُنُبِ بِمَسْجِدٍ وَمَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِمَعْنًى خَارِجٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ إقَامَةَ الْمُحْدِثِ أَغْلَظُ مِنْ أَذَانِ الْجُنُبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ بِتَسَاوِيهِمَا اهـ ح ل وع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَجْمُوعُهُمَا إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَذَانَ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهَا الْإِقَامَةُ سَوَاءٌ قَامَ الْإِمَامُ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ انْضَمَّ إلَى الْأَذَانِ الْإِقَامَةُ أَوْ لَا خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، وَإِنَّمَا وَاظَبَ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ عَلَى الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنُوا لِاشْتِغَالِهِمْ بِمُهِمَّاتِ الدِّينِ الَّتِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُمْ فِيهَا مَقَامَهُمْ وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَأَذَّنْت، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ أَفْضَلَ مَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً وَالْجَمَاعَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَفْضُلُ الْفَرْضَ كَرَدِّ السَّلَامِ مَعَ ابْتِدَائِهِ وَابَرَاءِ الْمُعْسِرِ، وَإِنْظَارِهِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ وَالثَّانِيَ فَرْضٌ عَلَى أَنَّ مَرْجُوحِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَيْسَتْ مِنْ جِهَةِ الْجَمَاعَةِ بَلْ مِنْ جِهَةِ خُصُوصِ كَوْنِهَا مَظِنَّةَ التَّقْصِيرِ وَأَيْضًا فَالْجَمَاعَةُ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِالْإِمَامِ؛ لِأَنَّهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إمَامَةَ الْجُمُعَةِ فَالْأَذَانُ أَفْضَلُ مِنْهَا أَيْضًا وَيَظْهَرُ أَنَّ إمَامَتَهَا أَفْضَلُ مِنْ خُطْبَتِهَا وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَفْضِيلُ الْأَذَانِ عَلَى إمَامَتِهَا تَفْضِيلُهُ عَلَى خُطْبَتِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيُسَنُّ لِلْمُتَأَهِّلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ مُتَطَوِّعًا بِهِ، فَإِنْ أَبَى رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا وَهُوَ يَجِدُ مُتَبَرِّعًا، فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَاسِقٌ وَثَمَّ أَمِينٌ أَوْ أَمِينٌ وَثَمَّ أَمِينٌ أَحْسَنُ صَوْتًا مِنْهُ وَأَبَى الْأَمِينُ فِي الْأُولَى وَالْأَحْسَنُ صَوْتًا فِي الثَّانِيَةِ إلَّا بِالرِّزْقِ رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ حَاجَتِهِ بِقَدْرِهَا أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا شَاءَ.

وَيَجُوزُ لِلْوَاحِدِ مِنْ الرَّعِيَّةِ أَنْ يَرْزُقَهُ مِنْ مَالِهِ وَأَذَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ فَيَزِيدُ ثَوَابُهُ عَلَى ثَوَابِ غَيْرِهِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَالْأُجْرَةُ عَلَى جَمِيعِهِ وَيَكْفِي الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ إنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَقُولَ: اسْتَأْجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِجَارَةِ وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْأَذَانِ ضِمْنًا فَيَبْطُلُ إفْرَادُهَا بِإِجَارَةٍ إذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا وَفِي الْأَذَانِ كُلْفَةٌ لِرِعَايَةِ الْوَقْتِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِصَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَذَانَ فِيهِ مَشَقَّةُ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ وَمُرَاعَاةُ الْوَقْتِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ. الثَّانِي أَنَّ الْأَذَانَ يَرْجِعُ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِقَامَةُ لَا تَرْجِعُ لِلْمُقِيمِ بَلْ تَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ أَيْ إمَامِ الْمَسْجِدِ بَلْ فِي صِحَّتِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ خِلَافٌ وَشَرْطُ الْإِجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُفَوَّضًا لِلْأَجِيرِ وَلَا يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِتْيَانِ بِالْإِقَامَةِ لِتَعَلُّقِ أَمْرِهَا بِالْإِمَامِ فَكَيْفَ يَسْتَأْجِرُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ وَكَيْفَ تَصِحُّ إجَارَةُ عَيْنٍ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ وَأَنْ لَا يَكْتَفِيَ أَهْلُ الْمَسَاجِدِ الْمُتَقَارِبَةِ بِأَذَانِ بَعْضِهِمْ بَلْ يُؤَذِّنُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَيُكْرَهُ خُرُوجُ الْمُؤَذِّنِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ الْأَذَانِ مِنْ مَحَلِّ الْجَمَاعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ إلَّا لِعُذْرٍ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ وَقْتَ الْأَذَانِ مَنُوطٌ بِنَظَرِ الْمُؤَذِّنِ وَوَقْتَ الْإِقَامَةِ مَنُوطٌ بِنَظَرِ الْإِمَامِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ» وَلِأَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَقْتِ فَيَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْمُرَاصِدِ لَهُ وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ وَهِيَ لِلْقِيَامِ إلَى الصَّلَاة فَلَا تُقَامُ إلَّا بِإِشَارَتِهِ أَيْ الْإِمَامِ، فَإِنْ أُقِيمَتْ بِغَيْرِ إشَارَتِهِ أَجْزَأَتْ وَلَا إثْمَ عَلَى الْفَاعِلِ وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ لِغَيْرِهِ أَيْ لِغَيْرِ نَفْسِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَهُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ لَا يُحْسِنُهَا، وَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ صَحَّ

ص: 307

قَالُوا لِخَبَرٍ «لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَلِأَنَّهُ لِإِعْلَامِهِ بِالْوَقْتِ أَكْثَرُ نَفْعًا مِنْهَا

(وَسُنَّ مُؤَذِّنَانِ لِمُصَلَّى) مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم (فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلصُّبْحِ (قَبْلَ فَجْرٍ) بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ (وَآخَرُ بَعْدَهُ) لِخَبَرِ «أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» السَّابِقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدًا أَذَّنَ لَهَا الْمَرَّتَيْنِ نَدْبًا أَيْضًا، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَوْلِي لِمُصَلًّى أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِمَسْجِدٍ (و) سُنَّ (لِسَامِعِهِمَا) أَيْ لِسَامِعِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ عَلَى جَمِيعِهِ أَيْ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَخَلَّ بِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ فِي الْمُسَمَّى بِقِسْطِهِ أَمَّا لَوْ أَخَلَّ بِبَعْضِ كَلِمَاتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي أَخَلَّ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ بِتَرْكِ كَلِمَةٍ مِنْهُ أَوْ بَعْضِهَا بَطَلَ الْأَذَانُ بِجُمْلَتِهِ وَقَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْأَذَانِ أَيْ فَلَوْ تَرَكَهَا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُهَا وَأَمَّا مَا اُعْتِيدَ مِنْ فِعْلِ الْمُؤَذِّنِينَ مِنْ التَّسْبِيحَاتِ وَالْأَدْعِيَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْإِجَارَةِ فِي الْأَذَانِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ لَا يَسْقُطَ مِنْ أُجْرَتِهِ لِلْأَذَانِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ إذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا كُلْفَةٌ كَأَنْ احْتَاجَ إلَى سَمَاعِ النَّاسِ إلَى صُعُودِ مَحَلٍّ عَالٍ فِي صُعُودِهِ مَشَقَّةٌ أَوْ مُبَالَغَةٌ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ وَالتَّأَنِّي فِي الْكَلِمَاتِ لِيَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنْ سَمَاعِهِ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ لَهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالُوا لِخَبَرِ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ) إنَّمَا أَسْنَدَهُ لَهُمْ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ الشَّهَادَةِ لَهُ فَضْلُ الْأَذَانِ عَلَى الْإِمَامَةِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ اهـ ع ش وَكُلٌّ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ خَاصٌّ بِالْأَذَانِ فَهَذَا الِاسْتِدْلَال ظَاهِرٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْمِنْهَاجِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ أَنَّ الْأَذَانَ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ الضَّعِيفَةِ مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ الْإِمَامَةِ إنَّمَا هُوَ مَجْمُوعُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ مُؤَذِّنَانِ لِمُصَلَّى) لَعَلَّ الْمُرَادَ يُؤَذِّنَانِ عَلَى التَّنَاوُبِ هَذَا فِي وَقْتٍ وَهَذَا فِي آخَرَ لَمْ يَتَّسِعْ الْمَسْجِدُ؛ لِأَنَّهُمَا يُؤَذِّنَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ فَوَائِدِ التَّعَدُّدِ لَا أَنَّ هَذَا فَائِدَةُ التَّعَدُّدِ فَقَطْ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ جُمْلَةِ فَوَائِدِ التَّعَدُّدِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ إلَخْ انْتَهَتْ ثُمَّ قَالَ وَتُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَيَتَرَتَّبُونَ فِي أَذَانِهِمْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَالْمَسْجِدُ كَبِيرٌ تَفَرَّقُوا فِي أَقْطَارِهِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قُطْرٍ، وَإِنْ صَغُرَ اجْتَمَعُوا إنْ لَمْ يُؤَدِّ اجْتِمَاعُهُمْ إلَى اضْطِرَابٍ وَاخْتِلَاطٍ وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ كَلِمَةً كَلِمَةً، فَإِنْ أَدَّى إلَى تَشْوِيشٍ أَذَّنَ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْعَةِ إذَا تَنَازَعُوا نَعَمْ لَنَا صُورَةٌ يُسْتَحَبُّ فِيهَا اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْأَذَانِ مِنْ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَهِيَ أَذَانُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ عَلَى الْحَاضِرِينَ، فَإِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَالِبًا سِيَّمَا مَنْ امْتَثَلَ وَبَكَّرَ لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَعِنْدَ التَّرْتِيبِ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ اهـ (وَقَوْلُهُ: فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ قَبْلَ فَجْرٍ إلَخْ) وَهُوَ أَيْ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّاتِبُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ الرَّاتِبُ أَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلِسَمَاعِهِمَا مِثْلَ قَوْلِهِمَا) شَمِلَ السَّامِعَ الْمُجَامِعَ وَقَاضِيَ الْحَاجَةِ غَيْرَ أَنَّهُمَا إنَّمَا يُجِيبَانِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ عُرْفًا وَإِلَّا لَمْ تُسْتَحَبَّ لَهُمَا الْإِجَابَةُ وَمَنْ فِي صَلَاةٍ لَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ فِي حَقِّهِ بَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ، فَإِنْ قَالَ فِي التَّثْوِيبِ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ أَوْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي يَقْرَأُ فِي الْفَاتِحَةِ فَأَجَابَهُ قَطَعَ مُوَالَاتَهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا وَلَوْ كَانَ السَّامِعُ وَنَحْوُهُ فِي ذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ سُنَّ لَهُ الْإِجَابَةُ وَقَطْعُ مَا هُوَ فِيهِ، أَوْ فِي طَوَافٍ إجَابَةُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا بِأَنْ لَا يُقَارِنَهُ وَلَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ الْإِجْزَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ حَالَةِ الْمُقَارَنَةِ وَالتَّأَخُّرِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ التَّقَدُّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ سُنَّةِ الْإِجَابَةِ فِي حَالَةِ الْمُقَارَنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ الْكَامِلَةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ إذَا عَلِمَ بِأَذَانِ غَيْرِهِ أَيْ أَوْ إقَامَتِهِ وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ لِصَمَمٍ أَوْ بُعْدٍ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالسَّمَاعِ فِي خَبَرِ إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ قَالَ، وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّرْجِيعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْإِجَابَةُ فِيهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم قُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا تَسْمَعُونَ وَصَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ فِي جَمِيعِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ إلَّا بَعْضَهُ أَيْ الْأَذَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ قَالَ فِيهِ: وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا بَعْدَ مُؤَذِّنٍ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ أَصْلَ الْفَضِيلَةِ فِي الْإِجَابَةِ شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ

ص: 308

الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ قَالُوا، وَلَوْ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ (مِثْلُ قَوْلِهِمَا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَى» وَيُقَاسُ بِالْمُؤَذِّنِ الْمُقِيمُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (إلَّا فِي حَيْعَلَاتٍ وَتَثْوِيبٍ وَكَلِمَتَيْ إقَامَةٍ فَيُحَوْلِقُ) فِي كُلِّ كَلِمَةٍ فِي الْأَوَّلِ بِأَنْ يَقُولَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «، وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَيْ سَامِعُهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» أَيْ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَتِهِ إلَّا بِمَعُونَتِهِ وَيُقَاسُ

ــ

[حاشية الجمل]

إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَأَكِّدٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ إجَابَةَ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ إلَّا أَذَانَيْ الصُّبْحِ فَلَا أَفْضَلِيَّةَ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَوُقُوعِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَمَشْرُوعِيَّةِ الثَّانِي فِي زَمَنِهِ عليه الصلاة والسلام وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مَا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ وَصَارَ بَعْضُهُمْ يَسْبِقُ بَعْضًا.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَأَمَّا الْأَذَانُ الْأَوَّلُ فِي الْجُمُعَةِ فَقَدْ حَدَثَ فِي زَمَانِ الْإِمَامِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلِسَمَاعِهِمَا) أَيْ وَلَوْ بِصَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ، وَإِنْ كُرِهَ أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ إلَّا آخِرَهُ أَجَابَ الْجَمِيعُ مُبْتَدِئًا مِنْ أَوَّلِهِ وَيُجِيبُ فِي التَّرْجِيعِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَيَقْطَعْ نَحْوَ الطَّائِفِ وَالْقَارِئِ مَا هُوَ فِيهِ وَيَتَدَارَكُ مَنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ وَفَارَقَ تَكْبِيرَ الْعِيدِ الْمَشْرُوعِ عَقِبَ الصَّلَاةِ حَيْثُ يَتَدَارَكُ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بِأَنَّ الْإِجَابَةَ تَنْقَطِعُ مَعَ الطُّولِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ وَلَوْ تَرَتَّبَ مُؤَذِّنُونَ أَجَابَ الْكُلُّ مُطْلَقًا، فَإِنْ أَذَّنُوا مَعًا كَفَتْ إجَابَةٌ وَاحِدَةٌ وَخَرَجَ بِسَمَاعِهِمَا نَفْسُهُمَا وَالْأَصَمُّ فَلَا يُسَنُّ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَا تُسَنُّ إجَابَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي أُذْنَيْ الْمَوْلُودِ وَلَا عِنْدَ تَغَوُّلِ الْغِيلَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ ثَنَّى الْإِقَامَةَ حَنَفِيٌّ أُجِيبَ مَثْنَى وَبِهِ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ م ر اهـ بِرْمَاوِيٌّ (فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ فَفِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِمَا اخْتَارَهُ أَبُو شُكَيْلٍ أَنَّهُ يُجِيبُ قَائِمًا ثُمَّ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ بِخِفَّةٍ لِيَسْمَعَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُصَلِّي ثُمَّ يُجِيبُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ لَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ مَا لَمْ يُفْحِشْ الطُّولَ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِالْإِجَابَةِ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إذَا طَالَ الْفَصْلُ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: قَالُوا وَلَوْ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نَحْوَهُمَا خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا يُجِيبَانِ انْتَهَتْ وَلَعَلَّ حِكْمَةَ التَّبَرِّي احْتِمَالُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ لِلتَّخْصِيصِ بِغَيْرِ الْجُنُبِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ» اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْضًا قَالُوا وَلَوْ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ) كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَتَبْرَأُ مِنْهُ مِيلًا لِمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ إنَّ الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ لَا يُجِيبَانِ وَقَالَ وَلَدُهُ لَا يُجِيبُ الْجُنُبُ وَتُجِيبُ الْحَائِضُ لِطُولِ أَمَدِهَا اهـ ح ل هَذَا وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ كَرَاهَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَهُمْ وَفَرَّقَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ مُقَصِّرَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَطَهَّرَا عِنْدَ مُرَاقَبَتِهِمَا الْوَقْتَ وَالْمُجِيبُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ تَابِعَةٌ لِأَذَانِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ غَالِبًا وَقْتَ الْأَذَانِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ صَلُّوا) عَلَى تَتِمَّتِهِ، «فَإِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» أَيْ وَجَبَتْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81] وَقِيلَ مِنْ الْحُلُولِ بِمَعْنَى النُّزُولِ لَا مِنْ الْحِلِّ بِكَسْرِ الْحَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً قَبْلَ ذَلِكَ يَعْنِي اسْتَحَقَّ شَفَاعَتِي مُجَازَاةً لِدُعَائِهِ وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَجَابَتْ الْأَذَانَ أَوْ الْإِقَامَةَ كَانَ لَهَا بِكُلِّ حَرْفٍ أَلْفُ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَلِلرَّجُلِ ضِعْفُ ذَلِكَ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُحَوْلِقُ) تَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ عَلَى لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ وَالْمَشْهُورُ الْحَوْقَلَةُ لِتَرَكُّبِهِ مِنْ جَمِيعِ أَلْفَاظِ الْكَلِمَةِ بِتَرْتِيبِهَا وَتِلْكَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَوْلٍ وَقُوَّةٍ فَقَطْ أَوْ مِنْ الْكُلِّ لَكِنْ فِيهِ إخْلَالٌ بِالتَّرْتِيبِ وَهُوَ مَعِيبٌ وَهَلْ تُسَنُّ إجَابَةُ " الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ " أَوْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُسَنُّ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فَيُجِيبُ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ كَلِمَةٍ) أَيْ مِنْ الْحَيْعَلَاتِ وَفِي بِمَعْنَى اللَّامِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى بَابِهَا فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ اهـ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْأَكْمَلِ، فَإِنْ قَارَنَهُ كَفَى وَيَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَوَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَكْثِرُوا مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، فَإِنَّ ذِكْرَهَا يَدْفَعُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ دَاءً أَدْنَاهَا اللَّمَمُ» وَعَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ مَنْ قَالَهَا كَشَفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنْ الْبَلَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ الْهَمِّ أَدْنَاهَا الْفَقْرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ اللَّمَمُ طَرَفٌ مِنْ الْجُنُونِ اهـ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ إذْ لَوْ قَالَهُ السَّامِعُ لَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ دُعَاةً فَمَنْ الْمُجِيبُ فَسُنَّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ

ص: 309

بِالْأَذَانِ الْإِقَامَةُ قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ السَّامِعَ يَقُولُ فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَالْحَيْعَلَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَالْحَوْقَلَةُ مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَيُقَالُ فِيهَا الْحَوْقَلَةُ (وَ) يَقُولُ فِي الثَّانِي (صَدَقْت وَبَرَرْت) مَرَّتَيْنِ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبَرَرْت بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ (وَ) فِي الثَّالِثِ (أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا) لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد هَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مَرَّتَيْنِ.

(وَ) سُنَّ (لِكُلٍّ) مِنْ مُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ وَسَامِعٍ وَمُسْتَمِعٍ (أَنْ يُصَلِّي وَيُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ فَرَاغِ) مِنْ الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِالسَّامِعِ فِيهِ

ــ

[حاشية الجمل]

شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى الْحَيْعَلَتَيْنِ بِجَامِعِ الْخِطَابِ فِي كُلٍّ وَقَوْلُهُ فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ وَالْمُؤَذِّنُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي أَذَانِ الْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ أَوْ ذَاتِ الرِّيحِ أَوْ الظُّلْمَةِ بِنَحْوِ سَحَابٍ لَا بِعَدَمِ طُلُوعِ الْقَمَرِ كَمَا فِي أَوَاخِرِ الشُّهُورِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَهُوَ الْأَوْلَى أَوْ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ لَا بُدَّ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْأَذَانُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ مُطْلَقًا وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ فَيَقُولُ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ» .

(فَائِدَةٌ) مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَوْ مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، وَأَشْهَدُ أَيْ أَعْلَمُ وَأُذْعِنُ وَأَتَيَقَّنُ، وَحَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ أَقْبِلُوا عَلَيْهَا، وَالْفَلَاحُ الْفَوْزُ وَالْبَقَاءُ أَيْ هَلُمُّوا إلَى سَبَبِ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَخَتَمَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِيَخْتِمَ بِالتَّوْحِيدِ وَبِاسْمِهِ تَعَالَى كَمَا بَدَأَ بِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ) وَيَقُولُ الْمُؤَذِّنُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ بَعْضُ حُرُوفِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْحَيْعَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ حَيَّ عَلَى فَقَطْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الرَّاءِ) وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَفِي الْعُبَابِ زِيَادَةٌ وَبِالْحَقِّ نَطَقْت اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْبِرُّ بِالْكَسْرِ الْخَيْرُ وَالْفَضْلُ وَبَرَّ الرَّجُلُ يَبَرُّ بِرًّا وِزَانُ عَلِمَ يَعْلَمُ عِلْمًا فَهُوَ بَرٌّ بِالْفَتْحِ وَبَارٌّ أَيْضًا أَيْ صَادِقٌ أَوْ تَقِيٌّ وَهُوَ خِلَافُ الْفَاجِرِ وَجَمْعُ الْأَوَّلِ أَبْرَارٌ وَجَمْعُ الثَّانِي بَرَرَةٌ مِثْلُ كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ لِلْمُؤَذِّنِ صَدَقْت وَبَرَرْت أَيْ صَدَقْت فِي دُعَائِك إلَى الطَّاعَةِ وَصِرْت بَارًّا دَعَا لَهُ بِذَلِكَ أَوْ دَعَا لَهُ بِالْقَبُولِ وَالْأَصْلُ بَرَّ عَمَلُك اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ وَيُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ عَلَى الرَّاجِحِ صِيغَةُ التَّشَهُّدِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى غَيْرِهَا وَمِنْ الْغَيْرِ مَا يَقَعُ لِلْمُؤَذِّنِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ بَعْدَ الْأَذَانِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتُونَ بِهِ فَيَكْفِي.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَتَأَكَّدُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاضِعَ وَرَدَ فِيهَا أَخْبَارٌ خَاصَّةٌ أَكْثَرُهَا بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ عَقِب إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَأَوَّلُ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطُهُ وَآخِرُهُ وَفِي أَوَّلِهِ آكَدُ وَفِي آخِرِ الْقُنُوتِ وَفِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَالتَّفَرُّقِ وَعِنْدَ السَّفَرِ وَالْقُدُومِ مِنْهُ وَالْقِيَامِ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَخَتْمِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ الْكَرْبِ وَالْهَمِّ وَالتَّوْبَةِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ وَتَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَنِسْيَانِ الشَّيْءِ وَوَرَدَ أَيْضًا فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَطَنِينِ الْأُذُنِ وَالتَّلْبِيَةِ وَعَقِبِ الْوُضُوءِ وَعِنْدَ الذَّبْحِ وَالْعُطَاسِ وَوَرَدَ الْمَنْعُ مِنْهَا عِنْدَهُمَا أَيْضًا اهـ مُنَاوِيٌّ.

عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ عَلَيَّ زَكَاةٌ لَكُمْ» وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَدِيثَيْنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: «صَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَهُمْ كَمَا بَعَثَنِي» إلَخْ وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَمَّا بَذَلُوا أَعْرَاضَهُمْ فِيهِ لِأَعْدَائِهِ فَنَالُوا مِنْهُمْ وَسَبُّوهُمْ أَعْطَاهُمْ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَطْيَبَ الثَّنَاءِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَأَخْلَصَهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ مَنْدُوبَةٌ لَا وَاجِبَةٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّنَا إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ كَذَا بَحَثَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغٍ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) ، وَأَمَّا قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَهَلْ يُسَنُّ أَيْضًا أَوْ لَا أَفْتَى شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ حِينَ سُئِلَ عَمَّا يَفْعَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْإِقَامَةِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ بِدْعَةٌ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ.

(فَائِدَةٌ) وَأَوَّلُ مَا زِيدَتْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ كُلِّ أَذَانٍ عَلَى الْمَنَابِرِ فِي زَمَنِ السُّلْطَانِ الْمَنْصُورِ حَاجِي بْنِ الْأَشْرَفِ شَعْبَانَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَلَاوُونَ بِأَمْرِ الْمُحْتَسِبِ نَجْمِ الدِّينِ الطَّنْبَدِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَكَانَ حَدَثَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ أَنْ يُقَالَ قَبْلَ أَذَانِ الْفَجْرِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِمِصْرَ وَالشَّامِ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فَزِيدَ فِيهِ بِأَمْرِ الْمُحْتَسِبِ صَلَاحِ الدِّينِ الْبُرُلُّسِيِّ أَنْ يُقَالَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَى أَنْ جُعِلَ عَقِبَ كُلِّ أَذَانٍ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ الْمَخْذُولَ لَمَّا قُتِلَ أَمَرَتْ أُخْتُهُ الْمُؤَذِّنِينَ أَنْ يَقُولُوا فِي حَقِّ وَلَدِهِ السَّلَامُ عَلَى الْإِمَامِ الظَّاهِرِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ السَّلَامُ عَلَى الْخُلَفَاءِ

ص: 310

غَيْرُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ (ثُمَّ) يَقُولُ (اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ) أَيْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته، وَالتَّامَّةُ السَّالِمَةُ مِنْ تَطَرُّقِ نَقْصٍ إلَيْهَا وَالْقَائِمَةُ أَيْ الَّتِي سَتُقَامُ وَالْوَسِيلَةُ مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاَلَّذِي مَنْصُوبٌ بَدَلًا مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي أَوْ مَرْفُوعٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَذِكْرُ مَا يُقَالُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ مَعَ ذِكْرِ السَّلَامِ مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية الجمل]

بَعْدَهُ إلَى أَنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ وَجَعَلَ بَدَلَهُ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ كُلِّ أَذَانٍ إلَّا الْمَغْرِبَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَعْهُودَةِ الْآنَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَوَّلَ حُدُوثِ السَّلَامِ الْمَشْهُورِ كَانَ فِي مِصْرَ فِي عَامِ إحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ أَنَّهُ عَقِبَ عِشَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِالْخُصُوصِ ثُمَّ حَدَثَ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ إلَّا الْمَغْرِبَ لِقَصَرِ وَقْتِهَا فِي عَامِ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ أَحْدَثَهُ الْمُحْتَسِبُ بَدْرُ الدِّينِ الطَّنْبَدِيُّ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْآنَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجَابَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَوْ تَرَكَ بَعْضَهَا سُنَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي اهـ ع ش عَلَى م ر وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَا وَرَدَ «أَنَّ الدُّعَاءَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَا يُرَدُّ فَادْعُوَا» وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَمَنْ سَمِعَهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ نَهَارِك وَإِدْبَارُ لَيْلِك وَأَصْوَاتِ دُعَاتِك فَاغْفِرْ لِي وَآكَدُ الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْعُبَابِ سُؤَالُ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ أَيْ وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَهُمَا وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمُجَرَّدِ الدُّعَاءِ وَالْأَوْلَى شَغْلُ الزَّمَنِ بِتَمَامِهِ بِالدُّعَاءِ إلَّا وَقْتَ فِعْلِ الرَّاتِبَةِ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ فِي نَحْوِ سُجُودِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ دُعَاءٌ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ الدُّعَاءُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ التَّحْرِيمِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُصَلِّي الْمُبَادَرَةُ إلَى التَّحَرُّمِ لِتَحْصُلَ لَهُ الْفَضِيلَةُ التَّامَّةُ.

(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالْإِجَابَةِ يُفَوِّتُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ بَلْ أَوْ كُلَّهَا بِقِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ سُنَّةَ الْوُضُوءِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْإِجَابَةَ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْفَضِيلَةُ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ أَوْ مُغَايِرٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُمَا قُبَّتَانِ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ إحْدَاهُمَا مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ وَقِيلَ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ يَسْكُنُهَا مُحَمَّدٌ وَآلُهُ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ أَوْ صَفْرَاءَ يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ وَاجِبَ الْوُقُوعِ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى إظْهَارُ شَرَفِهِ وَحُصُولُ الثَّوَابِ لِلدَّاعِي وَالْوَفَاءُ بِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم اُطْلُبُوهَا لِي وَلَمْ يَقُلْ كَأَصْلِهِ وَالدَّرَجَةَ الْعَالِيَةَ الرَّفِيعَةَ وَخَتَمَهُ بِقَوْلِهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُمَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا سُؤَالَهُ صلى الله عليه وسلم لَهُمَا عَلَى أَنَّ هَذَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ لِتَنْجِيزِ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ أَنَّهُمَا لَهُ وَتَكُونُ سُكْنَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ فِيهَا مِنْ قَبْلِهِ صلى الله عليه وسلم إظْهَارًا لِشَرَفِهِ عَلَى غَيْرِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَقَامًا مَحْمُودًا) مَفْعُولٌ بِهِ لِابْعَثْهُ بِتَضْمِينِهِ مَعْنَى أَعْطِهِ أَوْ مَفْعُولٌ فِيهِ أَيْ ابْعَثْهُ فِي مَقَامٍ مَحْمُودٍ أَوْ حَالٌ أَيْ ابْعَثْهُ ذَا مَقَامٍ مَحْمُودٍ مُقَنِّنًا مَعَ أَنَّهُ مُعَيَّنٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْخَمُ كَأَنَّهُ قِيلَ مَقَامًا أَيْ مَقَامٌ وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ وَقَوْلُهُ مَحْمُودًا أَيْ بِكُلِّ لِسَانٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْمُصَنِّفِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ الَّذِي وَعَدْته) زَادَ فِي رِوَايَةٍ «وَأَوْرِدْنَا حَوْضَهُ وَاسْقِنَا مِنْ يَدِهِ الشَّرِيفَةِ شَرْبَةً هَنِيئَةً مَرِيئَةً لَا نَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ» وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَقَامَ الشَّفَاعَةِ) هَذَا مَا عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُفَسِّرِينَ كَمَا قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَقِيلَ شَهَادَتُهُ لِأُمَّتِهِ وَقِيلَ إعْطَاؤُهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُجْلِسَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ وَقِيلَ عَلَى الْكُرْسِيِّ وَقِيلَ هُوَ كَوْنُ آدَمَ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَوَّلِ عَرَصَاتِهَا إلَى دُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ قَالَهُ حَجّ فِي الْجَوْهَرِ الْمُنَظَّمِ وَفَائِدَةُ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ بِهِ طَلَبُ الدَّوَامِ أَوْ إشَارَةٌ لِنَدْبِ دُعَاءِ الشَّخْصِ لِغَيْرِهِ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَوْ لِإِظْهَارِ شَرَفِهِ وَعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ اهـ شَرْحُ م ر أَوْ إيصَالُ الثَّوَابِ إلَى الدَّاعِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ) أَيْ الَّذِي يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَدِّي لِذَلِكَ بِسُجُودِهِ تَحْتَ سَاقِ الْعَرْشِ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ لَمَّا فَزِعُوا إلَيْهِ بَعْدَ فَزَعِهِمْ لِآدَمَ ثُمَّ لِأُولِي الْعَزْمِ نُوحٍ فَإِبْرَاهِيمَ فَمُوسَى فَعِيسَى وَاعْتَذَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ فَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يُجَابَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ فَزِعْت إلَيْهِ مِنْ بَابِ تَعِبَ لَجَأْت اهـ

ص: 311