المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في آداب الخلاء وفي الاستنجاء - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ١

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا]

- ‌[فَرْعٌ دُخَانُ النَّجَاسَةِ]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي مُقْتَضِي سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ النَّفْلِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعْهُمَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ قَصْرِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

الفصل: ‌(فصل) في آداب الخلاء وفي الاستنجاء

وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَدْهُ كَمَا زِدْتُ ذَلِكَ بِقَوْلِي (لَا ضِدُّ الطُّهْرِ) فَلَا يَأْخُذُ بِهِ (إنْ لَمْ يَعْتَدْ تَجْدِيدَهُ) بَلْ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَخُّرُ طُهْرِهِ عَنْ حَدَثِهِ بِخِلَافِ مَنْ اعْتَادَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَلَا سَبِيلَ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ الْمَحْضِ فِي الطُّهْرِ وَإِلَّا أَخَذَ بِالطُّهْرِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَعَدَمِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْأَصْلِ وَالتَّحْقِيقِ، لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ لُزُومَ الْوُضُوءِ بِكُلِّ حَالٍ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْد جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا.

(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

ــ

[حاشية الجمل]

يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ بِالضِّدِّ وَفِي الشَّفْعِ بِالْمِثْلِ مُرَادُهُ الضِّدُّ، وَالْمِثْلُ بِالنِّسْبَةِ لِأَوَّلِ الْمَرَاتِبِ اهـ ح ف، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا نَصُّهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا حَدَثًا وَطُهْرًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَيَنْظُرُ مَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ تَذَكَّرَ طُهْرًا فَقَطْ، أَوْ حَدَثًا كَذَلِكَ أَخَذَ بِمِثْلِهِ، أَوْ ضِدِّهِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا فِيهِ أَيْضًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا أَخَذَ بِضِدِّ مَا قَبْلَهُمَا إنْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا وَهَكَذَا يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِضِدِّهِ إذَا ذَكَرَهُ فِي الْوِتْرِ وَيَأْخُذُ فِي الشَّفْعِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِمِثْلِ الْفَرْدِ الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ اعْتِبَارِ عَادَةِ تَجْدِيدِهِ وَعَدَمِهَا فَإِذَا تَيَقَّنَهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَهُ وَقَبْلَ الْعِشَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ مُحْدِثٌ أَخَذَ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ؛ إذْ هُوَ أَوَّلُ أَوْقَاتِ الِاشْتِبَاهِ بِضِدِّ الْحَدَثِ فَيَكُونُ فِيهِ مُتَطَهِّرًا وَفِي الشَّفْعِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ يَلِيهَا بِمِثْلِهِ فَيَكُونُ فِيهِ مُحْدِثًا إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِيمَا بَعْدَ الْفَجْرِ مُتَطَهِّرًا فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا فِيمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَفِيمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ مُتَطَهِّرًا أَخَذَ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ بِضِدِّهِ فَيَكُونُ مُحْدِثًا إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِيمَا قَبْلَ الْفَجْرِ مُتَطَهِّرًا وَفِيمَا بَعْدَهُ مُحْدِثًا فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ كَانَ قَبْلَ الْعِشَاءِ مُتَطَهِّرًا وَكَذَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَكَذَا بَعْدَهُ؛ إذْ الظَّاهِرُ تَأَخُّرُ طُهْرِهِ عَنْ حَدَثِهِ فِي الْجَمِيعِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَخْذَ بِالضِّدِّ تَارَةً وَبِالْمِثْلِ أُخْرَى إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْحَدَثَ دُونَ مَا إذَا عَلِمَ الطُّهْرَ وَهُوَ لَا يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالْمِثْلِ فِي الْمَرَاتِبِ كُلِّهَا اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ) أَيْ تَيَقَّنَ كَوْنَهُ رَافِعًا لِلْحَدَثِ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ أَيْ تَيَقَّنَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا لِلطُّهْرِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ) وَهُوَ تَأَخُّرُ الْحَدَثِ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ أَيْ عَدَمُ الرَّافِعِ أَيْ عَدَمُ تَأَخُّرِ الْحَدَثِ عَنْ الطُّهْرِ وَهَذَا يُعَارَضُ بِالْمِثْلِ فَيُقَالُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ أَيْ وَهُوَ تَأَخُّرُ الطُّهْرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَمَا الْمُرَجِّحُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي تَيَقَّنَهُ تَحَقَّقَ رَفْعُهُ لِلْحَدَثِ قَطْعًا إمَّا لِمَا قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْحَدَثُ فَقَوِيٌّ جَانِبُهُ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ أَحَدَ حَدَثَيْهِ رُفِعَ يَقِينًا، وَالْآخَرَ يُحْتَمَلُ وُقُوعُهُ قَبْلَ الطَّهَارَةِ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا أَيْضًا وَبَعْدَهَا فَيَكُونُ نَاقِضًا لَهَا فَهِيَ مُتَيَقَّنَةٌ وَشَكَّ فِي نَاقِضِهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ أَيْ وَهُوَ تَأَخُّرُ الطُّهْرِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ أَيْ عَدَمُ الرَّافِعِ أَيْ عَدَمُ تَأَخُّرِ الطُّهْرِ عَنْ الْحَدَثِ وَيُعَارَضُ بِالْمِثْلِ أَيْضًا فَيُقَالُ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَمَا الْمُرَجِّحُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَجِّحَ اعْتِيَادُ التَّجْدِيدِ الْمُقْتَضِي لِكَوْنِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا قَبْلَهُمَا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ فِيمَا سَبَقَ تَقْدِيرُهُ فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا يَأْخُذُ بِهِ أَيْ إنْ تَذَكَّرَهُ اهـ لِكَاتِبِهِ، وَقَوْلُهُ " فَإِنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ " وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ وَلَوْ بِمَرَّةٍ فِي عُمُرِهِ الْمَاضِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَقَوْلُهُ: وَالنَّوَوِيُّ فِي الْأَصْلِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحُ الْمَحَلِّيِّ فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا فِي الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي لَا يَنْظُرُ إلَى مَا قَبْلَهُمَا فَيَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ بِكُلِّ حَالٍ احْتِيَاطًا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ) مَرْجُوحٌ قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يُرْفَعُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا الشَّكُّ فِي خُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَيُصَلُّونَ ظُهْرًا، ثَانِيهَا الشَّكُّ فِي بَقَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فَيَغْسِلُ، ثَالِثُهَا الشَّكُّ فِي وُصُولِ مَقْصِدِهِ فَيُتِمُّ، رَابِعُهَا الشَّكُّ فِي نِيَّةِ الْإِتْمَامِ فَيُتِمُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ رُخَصٌ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْيَقِينِ وَحِينَئِذٍ فَكُلُّ رُخْصَةٍ كَذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَذْكُورَاتِ بَلْ غَيْرُ الرُّخَصِ يَقَعُ فِيهَا ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ]

(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ) أَيْ فِي بَيَانِ آدَابِهِ، وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِهِ فِي الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ فِي آدَابِ قَاضِي الْحَاجَةِ بَدَلَ الْخَلَاءِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي آدَابِ الْخَلَاءِ) الْآدَابُ جَمْعُ أَدَبٍ وَهُوَ الْأَمْرُ الْمَطْلُوبُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْدُوبًا أَوْ وَاجِبًا وَجَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مَنْدُوبٌ إلَّا تَرْكَ الِاسْتِقْبَالِ وَتَرْكَ الِاسْتِدْبَارِ وَالِاسْتِنْجَاءَ فَوَاجِبَاتٌ، وَالْخَلَاءُ بِالْمَدِّ، وَالْقَصْرِ وَقَدَّمَ هَذَا الْفَصْلَ عَلَى الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ السَّلِيمِ وَأَخَّرَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ) إنَّمَا أَعَادَ الْعَامِلَ وَهُوَ " فِي " لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ " آدَابِ " مُسَلَّطَةٌ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ اهـ عَنَانِيٌّ.

وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْبَرِّ أَعَادَ الْجَارَّ إشَارَةً إلَى التَّغَايُرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِالْأَدَبِ مَا يَشْمَلُ

ص: 80

(سُنَّ لِقَاضِي الْحَاجَةِ) مِنْ الْخَارِجِ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ أَيْ لِمُرِيدِ قَضَائِهَا (أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ لِمَكَانِ قَضَائِهَا وَيَمِينِهِ لِانْصِرَافِهِ) عَنْهُ لِمُنَاسَبَةِ الْيَسَارِ لِلْمُسْتَقْذَرِ وَالْيَمِينِ لِغَيْرِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالسُّنِّيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَحَقِيقَةُ الِاسْتِنْجَاءِ إزَالَةُ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْ الْفَرْجِ بِمَاءٍ، أَوْ حَجَرٍ بِشَرْطِهِ فَشَرْطُ الْمَاءِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِقْدَارًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَشَرْطُ الْحَجَرِ أَنْ يَكُونَ جَامِدًا طَاهِرًا إلَخْ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ وَأَصَابَ غَيْرَهُ سُمِّيَ إزَالَةَ نَجَاسَةٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: لِقَاضِي الْحَاجَةِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْآدَابِ الَّتِي تُطْلَبُ حَالَ قَضَائِهَا كَقَوْلِهِ وَأَنْ يَعْتَمِدَ يَسَارَهُ وَلَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَيَسْتَتِرَ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْآدَابِ الَّتِي تُطْلَبُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ بِقَدْرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ لِمُرِيدِ قَضَائِهَا فَتَأْوِيلُهُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ إلَى بَعْضِ الْآدَابِ كَقَوْلِهِ أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ وَيُنَحِّيَ مَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْآدَابِ الَّتِي تُطْلَبُ بَعْدَ قَضَائِهَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْقَاضِي مَنْ فَرَغَ مِنْ قَضَائِهَا كَقَوْلِهِ وَلَا يَسْتَنْجِيَ بِمَاءٍ فِي مَكَانِهِ وَيَسْتَبْرِئَ مِنْ بَوْلِهِ وَقَوْلِهِ: وَعِنْدَ انْصِرَافِهِ إلَخْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ لِمَكَانِ قَضَائِهَا) أَيْ وَلَوْ فِي صَحْرَاءَ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بِقَصْدِ قَضَائِهَا فِيهِ صَارَ مُسْتَقْذَرًا وَأَمَّا كَوْنُهُ يَصِيرُ مُعَدًّا فَلَا يَصِيرُ إلَّا بِإِرَادَةِ الْعَوْدِ إلَيْهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا فِيهِ بِالْفِعْلِ مَا لَمْ يَكُنْ مُهَيَّأً لِذَلِكَ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَهْيِئَتِهِ لِقَضَائِهَا تَسْكُنُهُ الْجِنُّ وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَكْرُوهَاتِ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ الْجَدِيدِ لَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْوًى لَهُمْ إلَّا بِاسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ الْحَشِّ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَأْوًى لَهُمْ بِمُجَرَّدِ تَهْيِئَتِهِ وَعَلَى قِيَاسِهِ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ لِمَكَانِ إرَادَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيفًا بِقَصْدِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَانْظُرْ قَوْلَهُمْ يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا بِالْقَصْدِ هَلْ يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا لِمَنْ قَصَدَ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَكَذَا إذَا تَكَرَّرَتْ فِيهِ هَلْ يَصِيرُ مُعَدًّا لِلَّذِي قَصَدَ فَقَطْ، أَوْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا لِلَّذِي قَصَدَ فَقَطْ وَقَالَ شَيْخُنَا الشَّبْرامَلِّسيُّ يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَ الْعَلَّامَةُ م ر أَنَّ هَذِهِ الْآدَابَ الْمَذْكُورَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لِدُخُولِ مَكَانِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَوْ لِغَيْرِ قَضَائِهَا كَأَخْذِ شَيْءٍ، أَوْ وَضْعِهِ حَتَّى التَّكَلُّمِ نَعَمْ مَا لَا يُنَاسِبُ إلَّا قَضَاءَهَا نَحْوُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَنَحْوُ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَسَارِ فَمُخْتَصٌّ بِقَاضِيهَا وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَيَعْتَمِدُ يَسَارَهُ رَاجِعًا لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْمُتَقَدِّمِ فَهُوَ شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَهَلْ نَحْوُ الْكِيمَانِ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا مِنْ الْمُعَدِّ مَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِمُنَاسَبَةِ الْيَسَارِ لِلْمُسْتَقْذَرِ) أَيْ كُلِّ يَسَارٍ لِكُلِّ مُسْتَقْذَرٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ " إنَّ مَا لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ يَكُونُ بِالْيَمِينِ " أَعَمُّ مِنْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَيَشْمَلُ نَحْوَ نَقْلِ أَمْتِعَةٍ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ فَيَكُونُ بِالْيَمِينِ عَلَى مَا قَالَهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَ لَهَا صُورَةٌ فِي الْخَارِجِ؛ إذْ الدَّاخِلُ إلَى الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ مِنْ شَرِيفٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْيَسَارَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُسَاوٍ لَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي خُصُوصِ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ لِغَيْرِهِ) وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَا تَكْرِمَةَ فِيهِ وَلَا إهَانَةَ يَكُونُ بِالْيَمِينِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ بُدِئَ فِيهِ بِالْيَمِينِ وَخِلَافُهُ بِالْيَسَارِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ بِالْيَسَارِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ مُسْتَقْذَرٍ لِمُسْتَقْذَرٍ، أَوْ مِنْ مَسْجِدٍ لِمَسْجِدٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا بُدِئَ بِهِ فِي الْأَوْجَهِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ الْبِقَاعِ شَرَفًا وَخِسَّةً نَعَمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْبَيْتِ الْحَرَامِ يَظْهَرُ مُرَاعَاةُ الْكَعْبَةِ عِنْدَ دُخُولِهَا، وَالْمَسْجِدِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا لِشَرَفِهَا، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْيَمِينَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِلصَّلَاةِ مِنْ الصَّحْرَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَالْخِلَافِ فِيمَا تَقَدَّمَ الْحَمَّامُ، وَالْمُسْتَحِمُّ وَالسُّوقُ وَمَكَانُ الْمَعْصِيَةِ وَمِنْهُ الصَّاغَةُ اهـ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ: قَوْلُهُ: وَالْيَمِينَ لِغَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُسْتَقْذَرِ يَشْمَلُ مَا لَا شَرَفَ فِيهِ وَلَا خِسَّةَ فَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ كَالشَّرِيفِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ شَرْحِهِ خِلَافَهُ لَكِنْ فِي تَصْوِيرِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ إمَّا مِنْ شَرِيفٍ لِمَا دُونَهُ فَيُقَدِّمُ الْيَسَارَ، أَوْ لِمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَيُقَدِّمُ الْيَمِينَ، أَوْ لِمَا يُسَاوِيهِ فَيَتَخَيَّرُ كَآخِرِ الْمَسْجِدِ وَمِنْهُ صُعُودُ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ، أَوْ نَحْوُ بَيْتَيْنِ مِنْ دَارٍ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ نَعَمْ يُقَدِّمُ يَمِينَهُ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْكَعْبَةِ إلَى الْمَسْجِدِ كَعَكْسِهِ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ:

(فَرْعٌ) يَحْرُمُ دُخُولُ الصَّاغَةِ وَنَحْوهَا مِنْ أَمْكِنَةِ الْمَعَاصِي إلَّا لِحَاجَةٍ بِقَدْرِهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِمَكَانِ قَضَائِهَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ خَلَاءً، أَوْ غَيْرَ خَلَاءٍ لِأَنَّ

ص: 81

يُقَدِّمُ دَاخِلُ الْخَلَاءِ يَسَارَهُ وَالْخَارِجُ يَمِينَهُ (وَ) أَنْ (يُنَحِّيَ) عَنْهُ (مَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ) مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَاسْمِ نَبِيٍّ تَعْظِيمًا لَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمُرَادَ بِالْخَلَاءِ الْمُعَدُّ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْأَصْلِ عَامَّةً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِمَا إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ لَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَفِي كُلٍّ عُمُومٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الشَّارِحُ لَمْ يَنْظُرْ لِهَذَا الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الْآدَابَ الْآتِيَةَ إنَّمَا تَخُصُّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ فَالْكَلَامُ فِيهِ تَأَمُّلٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: دَاخِلُ الْخَلَاءِ أَيْ وَلَوْ صَغِيرًا بِأَمْرِ وَلِيِّهِ أَوْ حَامِلًا لِغَيْرِهِ، أَوْ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ الْمَخْصُوصَةِ كَوَضْعِ مَاءٍ، وَإِزَالَةِ قَذَرٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ بِقَاضِي الْحَاجَةِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ لِشُمُولِهِ الصَّحْرَاءَ قَدْ يُرَدُّ بِأَنْ يُرَادَ بِالْخَلَاءِ مَا يَشْمَلُهُ وَسَيَأْتِي مَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ تَعْمِيمَ الْحُكْمِ دُونَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: دَاخِلُ الْخَلَاءِ) الْخَلَاءُ فِي الْأَصْلِ الْمَكَانُ الْخَالِي، نُقِلَ إلَى الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عُرْفًا اهـ ح ل وَقَوْلُهُ: إلَى الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ إلَخْ لَوْ قَالَ إلَى الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لَكَانَ أَعَمَّ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُنَحِّيَ مَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ) يَدْخُلُ فِيهِ مَا عُلِمَ عَدَمُ تَبَدُّلِهِ مِنْ نَحْوِ التَّوْرَاةِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ: دُونَ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ إلَّا مَا عُلِمَ عَدَمُ تَبَدُّلِهِ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْسُوخًا اهـ سم وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ اهـ ع ش وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ وَكَانَ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَيْ " مُحَمَّدٌ " سَطْرٌ وَ " رَسُولُ " سَطْرٌ وَ " اللَّهِ " سَطْرٌ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ: وَلَمْ يَصِحَّ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ ذَلِكَ شَيْءٌ كَمَا فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْعَزِيزِ لِلْحَافِظِ حَجّ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَفِي حِفْظِي قَدِيمًا أَنَّهَا كَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلَ لِيَكُونَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَوْقَ الْجَمِيعِ زَادَ فِي نُورِ النِّبْرَاسِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ كَانَتْ مَقْلُوبَةً حَتَّى إذَا خُتِمَ بِهَا كَانَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ كَمَا فِي خَوَاتِمِ الْحُكَّامِ الْيَوْمَ، وَالْكِبَارِ وَالتُّجَّارِ، وَإِلَّا لَوْ كَانَتْ مُسْتَوِيَةً وَخَتَمَ بِهَا كَانَ مَقْلُوبًا وَقَدْ يَتَّفِقُ أَنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَكُونُ أَعْجَمِيًّا وَالْخَتْمُ مَقْلُوبًا يَعْسُرُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَبِي بَكْرٍ نِعْمَ الْقَادِرُ هُوَ اللَّهُ، وَنَقْشُ خَاتَمِ عُمَرَ كَفَى بِالْمَوْتِ دَاعِيًا يَا عُمَرُ وَنَقْشُ خَاتَمِ عُثْمَانَ لَتَصْبِرَنَّ، أَوْ لَتَنْدَمَنَّ، وَنَقْشُ خَاتَمِ عَلِيٍّ الْمُلْكُ لِلَّهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ) لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ التَّعْظِيمِ بَلْ مَا يَقْتَضِي الْعِصْمَةَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَمِنْ الْمُعَظَّمِ أَسْمَاءُ اللَّهِ الْخَاصَّةُ بِهِ، أَوْ الْمُشْتَرَكَةُ بِقَصْدِهِ وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَلَوْ عَوَامَّهُمْ قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا أَسْمَاءُ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ كَالصُّلَحَاءِ، وَالْأَوْلِيَاءِ فَإِنْ دَخَلَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ غَيَّبَهُ فِي نَحْوِ عِمَامَتِهِ وَيَحْرُمُ تَنْجِيسُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ الِاسْتِنْجَاءِ فَرَاجِعْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ قُرْآنٍ، أَوْ غَيْرِهِ) سَوَاءٌ كَانَ الْقُرْآنُ مَكْتُوبًا بِالْخَطِّ الْعَرَبِيِّ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَالْهِنْدِيِّ لِأَنَّ ذَوَاتَ الْحُرُوفِ لَيْسَتْ قُرْآنًا، وَإِنَّمَا هِيَ دَالَّةٌ عَلَيْهِ اهـ ع ش وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَحْرِيمَ إدْخَالِ الْمُصْحَفِ الْخَلَاءَ بِلَا ضَرُورَةٍ إجْلَالًا لَهُ وَتَكْرِيمًا، وَالْمَنْقُولُ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر كَكُلِّ مَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ وَالْمُشْتَرَكُ كَعَزِيزٍ وَكَرِيمٍ وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَمَا يُوَحَّدُ نَظْمُهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَالْمُخْتَصِّ إنْ قُصِدَ بِهِ الْمُعَظَّمُ أَوْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا.

(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ بِيَدِهِ خَاتَمٌ عَلَيْهِ لَفْظُ الْجَلَالَةِ وَاسْتَنْجَى بِهَا بِحَيْثُ تُصِيبُ النَّجَاسَةُ اسْمَ اللَّهِ حَرُمَ هَذَا إنْ قَصَدَ بِنَقْشِ الْجَلَالَةِ التَّبَرُّكَ فَإِنْ قَصَدَ مُجَرَّدَ تَمْيِيزِ الْخَاتَمِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ وَسَمَ نَعَمَ الصَّدَقَةِ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ وَقَدْ دَلَّ كَلَامُهُمْ عَلَى جَوَازِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَمَرَّغُ فِي النَّجَاسَاتِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِهِ التَّمْيِيزَ فَلَوْ ذَكَرَ مَعَ لَفْظِ الْجَلَالَةِ مَا يَصْرِفُهَا إلَى التَّبَرُّكِ كَأَنْ نَقَشَ عَلَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ فَيَنْبَغِي الِامْتِنَاعُ هَكَذَا قَرَّرَهُ م ر.

وَفِي النَّاشِرِيّ بَعْضُهُ وَقَدْ يُتَّجَهُ التَّحْرِيمُ هُنَا مُطْلَقًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَسْمَ مَطْلُوبٌ وَبِأَنَّ التَّنْجِيسَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَقَدْ لَا يُوجَدُ وَبِأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ التَّنْجِيسِ وَالتَّعْرِيضِ لِلتَّنْجِيسِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا مَا نَصُّهُ وَلَوْ تَخَتَّمَ فِي يَسَارِهِ بِمَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ نَزَعَهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ لِحُرْمَةِ تَنْجِيسِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى، ثُمَّ أَطْلَقَ م ر الْحُرْمَةَ آخِرًا اهـ سم. (قَوْلُهُ: كَاسْمِ نَبِيٍّ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا وَكَذَا الْمَلَائِكَةُ سَوَاءٌ عَامَّتُهُمْ وَخَاصَّتُهُمْ وَكُلُّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ مُخْتَصٍّ، أَوْ مُشْتَرَكٍ، وَقُصِدَ بِهِ الْمُعَظَّمُ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَصْدِ كَاتِبِهِ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَالْمَكْتُوبُ لَهُ وَلَوْ تَخَتَّمَ فِي يَسَارِهِ بِمَا عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ وَجَبَ نَزْعُهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ لِحُرْمَةِ تَنْجِيسِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَيْضًا: كَاسْمِ نَبِيٍّ) أَيْ، أَوْ مَلَكٍ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجّ

ص: 82

وَحَمْلُهُ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَحْمِلُ ذِكْرَ اللَّهِ.

(وَ) أَنْ (يَعْتَمِدَ) فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَوْ قَائِمًا يَسَارَهُ نَاصِبًا يُمْنَاهُ بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ هُنَا وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَيَعْتَمِدُ جَالِسًا يَسَارَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَبَعْضُهُمْ أَخَذَ بِمُقْتَضَاهُ فَقَالَ: وَيَعْتَمِدُهُمَا قَائِمًا وَمَا قُلْنَاهُ أَوْجَهُ.

(وَ) أَنْ (لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرَهَا) فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ وَخَوَاصِّهِمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ حَيْثُ عَبَّرَ بِجَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ وَهَلْ يُلْحَقُ بِعَوَامِّهِمْ عَوَامُّ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ صُلَحَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَحَلُّ نَظَرٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ أُولَئِكَ مَعْصُومُونَ وَقَدْ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَزِيَّةٌ لَا تُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ مَكْرُوهٌ) صَرَّحَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِلَّا فَعَدَمُ الْحُرْمَةِ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ سُنَّ إلَخْ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ خُصُوصُ الْكَرَاهَةِ لِاحْتِمَالِ خِلَافِ الْأَوْلَى اهـ ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ مَكْرُوهٌ أَيْ وَلَوْ نَحْوَ مُصْحَفٍ، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ الْحَدَثُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ بِالْحُرْمَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ) أَيْ لِشُمُولِهِ غَيْرَ ذِكْرِ اللَّهِ كَالنَّبِيِّ، وَالْمَلَكِ وَقَوْلُهُ: وَأَوْلَى أَيْ لِإِسْنَادِهِ الْحَمْلَ إلَى مَحَلِّ الذِّكْرِ لَا إلَى الذِّكْرِ نَفْسِهِ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى التَّجَوُّزِ اهـ سم.

. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَأَنْ يَعْتَمِدَ يَسَارَهُ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ نَاصِبًا يُمْنَاهُ اهـ شَيْخُنَا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْ الدَّعْوَتَيْنِ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ أَخَذَ بِمُقْتَضَاهُ إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ الْبَعْضُ قَيَّدَ بِالْبَوْلِ فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ بَالَ قَائِمًا فَرَّجَ بَيْنَهُمَا فَيَعْتَمِدُهُمَا انْتَهَتْ هَذَا، وَأَمَّا حُكْمُ الْغَائِطِ فَإِنْ خَافَ مِنْهُ التَّنْجِيسَ اعْتَمَدَهُمَا مَعًا، وَإِلَّا اعْتَمَدَ الْيَسَارَ فَقَطْ اهـ ع ش عَلَى م ر فَتَعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَبَعْضُهُمْ إلَخْ مُرَادُهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَأَنَّهُ نَقَلَ عِبَارَتَهُ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: فَلَوْ بَالَ قَائِمًا إلَخْ اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مُخَالِفًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ فِي عِبَارَتِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَخَرَجَ بِالْبَوْلِ الْغَائِطُ قَائِمًا فَهُوَ كَالْجَالِسِ فِي اعْتِمَادِ يَسَارِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَامُ مَكْرُوهًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَعَمْ إنْ خَشِيَ التَّنْجِيسَ فِي حَالَةٍ تَعَيَّنَ خِلَافُهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ إلَخْ) .

(تَنْبِيهٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِدْبَارِهَا كَشْفُ دُبُرِهِ إلَى جِهَتِهَا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ بِأَنْ يَجْعَلَ ظَهْرَهُ إلَيْهَا كَاشِفًا لِدُبُرِهِ حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ إذَا اسْتَقْبَلَ أَوْ اسْتَدْبَرَ وَاسْتَتَرَ مِنْ جِهَتِهَا لَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ أَيْضًا عَنْ الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ لِجِهَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْفَرْجُ مَكْشُوفًا إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ حَالَ الْخُرُوجِ لِأَنَّ كَشْفَ الْفَرْجِ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ لَيْسَ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَا مِنْ اسْتِدْبَارِهَا خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ كَثِيرٌ مِنْ الطَّلَبَةِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مَعْنَى اسْتِقْبَالِهَا وَاسْتِدْبَارِهَا فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ قَضَى الْحَاجَتَيْنِ مَعًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الِاسْتِتَارِ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إذَا اسْتَقْبَلَهَا، أَوْ اسْتَدْبَرَهَا فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ أَيْ لَا تَسْتَقْبِلُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِغَائِطٍ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ جَعْلُ الشَّيْءِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ وَالِاسْتِدْبَارَ جَعْلُ الشَّيْءِ جِهَةَ دُبُرِهِ فَلَوْ اسْتَقْبَلَ وَتَغَوَّطَ، أَوْ اسْتَدْبَرَ وَبَالَ لَمْ يَحْرُمْ وَكَذَا لَوْ اسْتَقْبَلَ وَلَوَى ذَكَرَهُ يَمِينًا وَيَسَارًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِوُجُودِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْعَوْرَةِ وَالْخَارِجِ مَعًا فِي الْعَكْسِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ سُقُوطُ مَا شَنَّعَ بِهِ بَعْضُ أَكَابِرِ الْفُضَلَاءِ أَوْ الْعُلَمَاءِ عَلَى بَعْضِ الطَّلَبَةِ حِينَ تَوَقَّفَ فِي حُكْمِ تَعَارُضِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُمَا مَعًا فَضْلًا عَنْ تَعَارُضِهِمَا فَذَكَرَ شَيْخُنَا لَهُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ غَفْلَةً عَنْ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا لَوْ نَزَلَا مَعًا فَلَيْسَ مِنْ التَّعَارُضِ بَلْ يُقَالُ إنَّهُمَا أَشَدُّ حُرْمَةً فَيُجْتَنَبُ إذَا تَعَذَّرَ اجْتِنَابُهُمَا مَعًا فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ وَافْهَمْ انْتَهَتْ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ مِنْ كَلَامِ سم.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَيَحْرُمَانِ أَيْ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الصَّحْرَاءِ بِعَيْنِ الْفَرْجِ، وَلَوْ مَعَ عَدَمِهِ بِالصَّدْرِ لِعَيْنِ الْقِبْلَةِ لَا لِجِهَتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَتْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلَهُ بِعَيْنِ الْفَرْجِ أَيْ الْخَارِجِ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ بِالْفَرْجِ الْمَذْكُورِ جَعْلُهُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِدْبَارُ بِهِ بِجَعْلِهِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي تُقَابِلُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ فَإِذَا تَغَوَّطَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ بِصَدْرِهِ فَهُوَ مُسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ فَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ صَدْرُهُ، أَوْ ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ وَبَالَ، أَوْ تَغَوَّطَ بِلَا سُتْرَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.

لِأَنَّهُ إمَّا مُسْتَقْبِلٌ، أَوْ مُسْتَدْبِرٌ أَيْ مَا لَمْ يُلْفِتْ ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ إلَى جِهَةِ الْيَمِينِ، أَوْ الشِّمَالِ وَوَجَّهَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَدْبَرَ بِالْخَارِجِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ سَاتِرٌ إلَّا أُنْثَيَاهُ وَذَكَرُهُ، أَوْ أُنْثَيَاهُ فَقَطْ وَذَلِكَ غَيْرُ كَافٍ فِي السَّتْرِ لَكِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ

ص: 83

(بِسَاتِرٍ) أَيْ مَعَ مُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ وَيُكْرَهَانِ حِينَئِذٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي تَذْنِيبِهِ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُمَا خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهَانِ (وَيَحْرُمَانِ بِدُونِهِ) أَيْ السَّاتِرِ (فِي غَيْرِ مُعَدٍّ) لِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا

ــ

[حاشية الجمل]

بِالصَّدْرِ لَا بِالْفَرْجِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْجِعَ وَاحِدٌ غَالِبًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ فَإِذَا جَعَلَ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَتَغَوَّطَ فَالشَّارِحُ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ يُسَمِّيَانِهِ مُسْتَقْبِلًا، وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَتَغَوَّطَ يُسَمِّيَانِهِ مُسْتَدْبِرًا وَالشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ كَغَيْرِهِ يَعْكِسُونَ ذَلِكَ، وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَبَالَ فَالْأَوَّلُ مُسْتَقْبِلٌ اتِّفَاقًا وَالثَّانِي مُسْتَدْبِرٌ كَذَلِكَ نَعَمْ يَقَعُ الْخِلَافُ الْمَعْنَوِيُّ فِيمَا لَوْ جَعَلَ صَدْرَهُ، أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَأَلْفَتَ ذَكَرَهُ يَمِينًا، أَوْ شِمَالًا وَبَالَ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ وَلَا مُسْتَدْبِرٍ عِنْدَ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بِخِلَافِهِ عِنْدَ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ وَغَيْرِهِ اهـ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ مِنْ الْمُهِمِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِبْلَةِ هُنَا هَلْ هُوَ الْعَيْنُ، أَوْ الْجِهَةُ؟ وَيَحْتَمِلُ الْعَيْنَ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ حَيْثُ أُطْلِقَ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ وَيَحْتَمِلُ الْجِهَةَ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنْ شَرِّقُوا، أَوْ غَرِّبُوا اهـ وَلَعَلَّ الْمُتَّجَهَ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ قَالَهُ وَكَذَا رَأَيْت م ر اعْتَمَدَهُ، ثُمَّ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ.

(فَرْعٌ) أَشْكَلَ عَلَى بَعْضِ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ قَوْلُهُمْ لَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَشِمَالِهَا جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فَلَوْ تَعَارَضَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ قُدِّمَ الِاسْتِدْبَارُ فَتَوَهَّمُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا مَعَ إمْكَانِهِمَا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِتَعَارُضِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا فَلَا مَعْنَى لِتَقْدِيمِ الِاسْتِدْبَارِ وَهُوَ خَطَأٌ وَاضِحٌ بَلْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُمْكِنُ مِنْهُمَا فَإِنْ أَمْكَنَا فَهُوَ مَعْنَى تَعَارُضِهِمَا وَهَذَا وَاضِحٌ لَكِنَّ الزَّمَانَ أَحْوَجَ إلَى التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: بِسَاتِرٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ زُجَاجٍ اهـ م ر وَانْظُرْ هَلْ يَحْصُلُ السَّتْرُ هُنَا بِيَدِهِ، أَوْ لَا يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ مُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي بِنَاءٍ مُسَقَّفٍ أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتُرُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ وَالِدُ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَوْ قَضَى حَاجَتَهُ قَائِمًا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتُرَ مِنْ عَوْرَتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ صِيَانَةً لِلْقِبْلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَنْتَهِي لِلرُّكْبَةِ قِيلَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ بَالَ عَلَى مُرْتَفِعٍ وَجَبَ السَّتْرُ إلَى الْأَرْضِ صِيَانَةً لِلْقِبْلَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْقِبْلَةَ إنَّمَا تُصَانُ عَنْ الْخَارِجِ مَعَ الْعَوْرَةِ، أَوْ مَا هُوَ حَرِيمٌ لَهَا وَهُوَ مِنْ الرُّكْبَةِ إلَى أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ خَاصَّةً دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَفْرَطَ طُولُهُ بِأَنْ كَانَ السَّاتِرُ الْمَذْكُورُ لَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ إلَى قَدَمَيْهِ لَوْ كَانَ جَالِسًا لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَصِيرًا جِدًّا بِحَيْثُ يَسْتَتِرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ بِدُونِ السَّاتِرِ الْمَذْكُورِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ أَيْ السَّاتِرِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُكْتَفَى بِدُونِهِ حَرِّرْ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلسَّاتِرِ عَرَضٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ وَفِي كَلَامِ حَجّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرَضٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ لَا السَّتْرُ قَالَ: لَا يُقَالُ تَعْظِيمُهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِحَجْبِ عَوْرَتِهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ لِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ، وَالْجِمَاعِ إلَيْهَا اهـ ح ل، وَقَوْلُهُ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فِي شَرْحِهِ وَهِيَ عِبَارَتُهُ، وَأَمَّا عَرَضًا فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقَائِمُ، وَالْجَالِسُ فَسُتْرَةُ الْقَائِمِ فِيهِ كَسُتْرَةِ الْجَالِسِ اهـ. (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ السَّتْرُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَفِي حَقِّ الْقَائِمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَرْضِ إلَى السُّرَّةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَحْصُلُ بِالْوَهْدَةِ وَالرَّابِيَةِ وَالدَّابَّةِ وَكَثِيبِ الرَّمْلِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا إرْخَاءُ الذَّيْلِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا بِصَدْرِهِ وَحَوَّلَ قُبُلَهُ عَنْهَا وَبَالَ لَمْ يَحْرُمْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَلَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَجَبَ الِاجْتِهَادُ حَيْثُ لَا سُتْرَةَ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَمِنْهُ حُرْمَةُ التَّقْلِيدِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ لِذَلِكَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَغْلِبْهُ الْخَارِجُ، أَوْ يَضُرَّهُ كَتْمُهُ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فِي تَذْنِيبِهِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ كِتَابٍ صَغِيرٍ جَعَلَهُ لِلشَّرْحِ الْكَبِيرِ كَالدَّقَائِقِ لِلْمِنْهَاجِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ) هُوَ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي حَقِيقَتِهِ الَّتِي هِيَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْخَارِجُ بِهِ مِنْ مَجَازِ الْمُجَاوَرَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ " إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ " أَيْ الْمَكَانَ الْمُهَيَّأَ لِذَلِكَ وَيَجُوزُ حَمْلُ أَتَيْتُمْ عَلَى أَرَدْتُمْ، وَالْغَائِطِ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ إخْرَاجُ الْفَضْلَةِ الْمَخْصُوصَةِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ " أَيْ الْمَكَانَ الْمُهَيَّأَ " لِذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَائِطِ فِي الْحَدِيثِ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ حَيْثُ قَالَ عَلَى مَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ بِمَا ذُكِرَ وَفَسَّرَ الْحَوَاشِي مَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ بِالْفَضَاءِ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَائِطِ فِي الْحَدِيثِ

ص: 84

الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا أَيْضًا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَضَى حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ فَقَالَ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا حَوِّلُوا بِمَقْعَدَتِي إلَى

ــ

[حاشية الجمل]

مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْفَضَاءُ غَيْرُ الْمُعَدِّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْغَائِطُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ الْوَاسِعُ مِنْ الْأَرْضِ، وَالْجَمْعُ غِيطَانٌ وَأَغْوَاطٌ، ثُمَّ أُطْلِقَ الْغَائِطُ عَلَى الْمَكَانِ الْمُسْتَقْذَرِ مِنْ الْإِنْسَانِ كَرَاهَةَ تَسْمِيَتِهِ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُطْمَئِنَّةِ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُجَاوَرَةِ اهـ، ثُمَّ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ نَهْيُهُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ حَيْثُ امْتَنَعَا عَلَى الْمُكَلَّفِ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَلِيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ الْفَاعِلُ اهـ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَانْظُرْ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ وَنَحْوَهُ لَوْ جَلَسَ عَلَى قَصْرِيَّةٍ لِلْبَوْلِ، أَوْ الْغَائِطِ هَلْ يَكُونُ كَالْبِنَاءِ فَلَا يُطْلَبُ لَهُ سَتْرٌ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ السَّتْرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَدٍّ لِذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمُعَدِّ، وَأَمَّا الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ فَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُمَا دُونَ اسْتِدْبَارِهِمَا وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا سَاتِرَ كَالْقِبْلَةِ بَلْ أَوْلَى وَمِنْهُ السَّحَابُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ) أَيْ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَدَمٍ أَوْ وَدْيٍ، أَوْ مَذْيٍ، أَوْ دُودٍ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ لَا رِيحٍ وَجِمَاعٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِحُرْمَةِ مَا ذُكِرَ بِدُونِ سَاتِرٍ فِي غَيْرِ مُعَدٍّ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي ذَلِكَ اهـ حَلَبِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(تَنْبِيهٌ) خَرَجَ بِالْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا بِجِمَاعٍ، أَوْ بِدَمِ فَصْدٍ وَحِجَامَةٍ، وَإِخْرَاجِ قَيْءٍ، أَوْ رِيحٍ، أَوْ مَنِيٍّ، أَوْ إلْقَاءِ نَجَاسَةٍ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكَهُ تَعْظِيمًا لَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) فَإِنْ قُلْت إنْ شَرَّقْنَا اسْتَقْبَلْنَا، وَإِنْ غَرَّبْنَا اسْتَدْبَرْنَا قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ دَانَاهُمْ فَإِنَّهُمْ إذَا شَرَّقُوا لَمْ يَسْتَقْبِلُوا، وَإِذَا غَرَّبُوا لَمْ يَسْتَدْبِرُوا اهـ ز ي. (قَوْلُهُ: وَرَوَيَا أَيْضًا إلَخْ) لَيْسَ غَرَضُهُ مِنْ هَذَا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ الِاسْتِدْلَالَ بَلْ غَرَضُهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَوَّلِ اهـ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إهْمَالُ الْمَتْنِ بِلَا دَلِيلٍ وَلَيْسَتْ عَادَتَهُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: غَرَضُهُ بِالدَّلِيلِ الْأَوَّلِ الِاسْتِدْلَال عَلَى قَوْلِهِ وَيَحْرُمَانِ إلَخْ وَبِالثَّانِي الِاسْتِدْلَال عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ إلَخْ؛ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَبِالثَّالِثِ الِاسْتِدْلَال عَلَى حُكْمِ الْمُعَدِّ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ التَّفْصِيلِ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ، وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يَضُمَّهُ لِلدَّلِيلِ الثَّانِي فَيُشِيرُ إلَى مُعَارَضَتِهِمَا لِلْأَوَّلِ فَأَشَارَ إلَى الْجَمْعِ تَبَعًا لِغَرَضِ الِاسْتِدْلَالِ اهـ لِكَاتِبِهِ.

(قَوْلُهُ: قَضَى حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ) أَيْ فِي غَيْرِ مُعَدٍّ مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَوْلُهُ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ أَيْ مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ فَهُوَ دَلِيلٌ لِجَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ بِالسَّتْرِ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ لِجَوَازِ الِاسْتِدْبَارِ لِلْقِبْلَةِ مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ أَيْ فِي الْمُعَدِّ فَقَالَ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا أَيْ الْكَرَاهَةَ أَيْ قَالُوا بِهَا حَوِّلُوا بِمَقْعَدَتِي إلَى الْقِبْلَةِ فِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْمُعَدِّ بِغَيْرِ سَاتِرٍ، وَقَوْلُهُ: الْمُفِيدِ لِلتَّحْرِيمِ أَيْ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُ وَهُوَ عَدَمُ وُجُودِ السَّاتِرِ وَأَنَّ الْمَحَلَّ غَيْرُ مُعَدٍّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ حَفْصَةَ) يَعْنِي أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما وُلِدَتْ وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْبَيْتَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَتَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَتُوُفِّيَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إحْدَى، أَوْ خَمْسٍ، أَوْ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ، أَوْ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَهِيَ ابْنَةُ سِتِّينَ سَنَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرَّبَعِيُّ مَوْلَاهُمْ الْقَزْوِينِيُّ رَوَى عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ الْبَغْدَادِيِّ وَغَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ الْخَصْلَةَ، أَوْ الْفَعْلَةَ الدَّالَّ عَلَيْهَا الْكَلَامُ السَّابِقُ فَالْمَعْنَى أَوَقَدْ فَعَلُوا كَرَاهَةَ ذَلِكَ أَيْ قَالُوا بِكَرَاهَتِهِ حَوِّلُوا إلَخْ اهـ بُرُلُّسِيٌّ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: أَوَقَدْ فَعَلُوهَا) أَيْ الْخَصْلَةَ الَّتِي هِيَ الْكَرَاهَةُ أَيْ اعْتَقَدُوهَا اهـ تَقْرِيرٌ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ اعْتَقَدُوهَا وَقَدْ فَعَلُوهَا أَوْ أَكَرِهُوهَا وَقَدْ فَعَلُوهَا أَيْ فَعَلُوا بِمُقْتَضَاهَا وَهُوَ الِاجْتِنَابُ اهـ. (قَوْلُهُ: حَوِّلُوا بِمَقْعَدَتِي) أَيْ اجْعَلُوا مَقْعَدَتِي أَيْ الْمَحَلَّ الَّذِي أَقْتَضِي فِيهِ الْحَاجَةَ إلَى الْقِبْلَةِ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمَقْعَدَتِي صِلَةُ حَوِّلُوا وَهِيَ زَائِدَةٌ اهـ تَقْرِيرٌ عَشْمَاوِيٍّ وَكَانَتْ مَقْعَدَتُهُ صلى الله عليه وسلم لَبِنَتَيْنِ كَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اهـ تَقْرِيرُ بَعْضِهِمْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

قَوْلُهُ: فَعَلُوهَا أَيْ

ص: 85

الْقِبْلَةِ» فَجَمَعَ أَئِمَّتُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِحَمْلِ أَوَّلِهَا الْمُفِيدِ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لِسَعَتِهِ لَا يَشُقُّ فِيهِ اجْتِنَابُ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِخِلَافِ مَا اسْتَتَرَ فِيهِ بِذَلِكَ فَقَدْ يَشُقُّ فِيهِ اجْتِنَابُ مَا ذُكِرَ فَيَجُوزُ فِعْلُهُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكَهُ أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمُعَدِّ لِذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَقْيِيدِي بِالسَّاتِرِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَبِعَدَمِهِ فِي الثَّانِي مَعَ التَّقْيِيدِ فِيهِمَا بِغَيْرِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) أَنْ (يَبْعُدَ) عَنْ النَّاسِ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَحْوهَا إلَى حَيْثُ لَا يُسْمَعُ لِلْخَارِجِ مِنْهُ صَوْتٌ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ (وَ) أَنْ (يَسْتَتِرَ) عَنْ أَعْيُنِهِمْ فِي ذَلِكَ بِمُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ وَلَوْ بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ إنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ بِنَاءٍ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ

ــ

[حاشية الجمل]

الْكَرَاهَةَ بِمَعْنَى اعْتَقَدُوهَا، أَوْ بِمَعْنَى فَعَلُوا مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، أَوْ بِمَعْنَى وَقَعَتْ مِنْهُمْ فَهُوَ تَوْبِيخٌ لَهُمْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ حَوِّلُوا بِمَقْعَدَتِي إلَى الْقِبْلَةِ إلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا كَرِهُوا مَا نُقِلَ عَنْهُمْ اعْتِمَادًا عَلَى فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَعْلِهِ مَقْعَدَتَهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ فِي رَدِّ مَا فَهِمُوهُ، وَالْمَقْعَدَةُ اسْمٌ لِنَحْوِ حَجَرَيْنِ يَجْلِسُ قَاضِي الْحَاجَةِ عَلَيْهِمَا وَبَيْنَهُمَا مُنْخَفِضٌ اهـ. (قَوْلُهُ: فَجَمَعَ أَئِمَّتُنَا إلَخْ) هَذَا الْجَمْعُ يَدُلُّ عَلَى التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ إلَخْ وَقَوْلَهُ وَرَوَيَا أَيْضًا إلَخْ وَقَوْلَهُ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ إلَخْ، وَوَجْهُ التَّعَارُضِ أَنَّ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ مُطْلَقًا أَيْ مَعَ السَّاتِرِ وَبِدُونِهِ، وَالْآخَرَانِ يَدُلَّانِ عَلَى جَوَازِهِمَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِدْبَارِ وَالثَّانِي مِنْهُمَا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّلَاثَةِ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ مُطْلَقًا أَيْ مَعَ السَّاتِرِ وَبِدُونِهِ، وَالْآخَرَانِ يَدُلَّانِ عَلَى الْجَوَازِ مَعَ السَّاتِرِ وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ فِي الْحَمْلِ الدَّافِعِ لِلتَّعَارُضِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ مَا اسْتَتَرَ فِيهِ بِذَلِكَ يَرْجِعُ لِلْأَخِيرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ فِي الْمُعَدِّ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَنْظُرْ لِلْمُعَدِّ وَغَيْرِهِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَجَمَعَ أَئِمَّتُنَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَجَمَعَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ قَالَ ق ل عَلَيْهِ فَنِسْبَةُ الْجَمْعِ لِلْأَصْحَابِ كَمَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ كَالْمَنْهَجِ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ عَلَى فَضَاءٍ لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْفَضَاءَ الْمَذْكُورَ إلَخْ بِخِلَافِ مَا اسْتَتَرَ فِيهِ بِذَلِكَ أَيْ بِخِلَافِ بِنَاءٍ اسْتَتَرَ فِيهِ بِذَلِكَ إلَخْ كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم أَيْ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكَهُ هَذَا يُوَافِقُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَا قَدَّمَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى أَيْ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ إنْكَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُولَئِكَ النَّاسِ وَأَمْرِهِ بِتَحْوِيلِ مَقْعَدَتِهِ إلَى الْقِبْلَةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ) أَيْ فِي الْمَكَانِ الْغَيْرِ الْمُعَدِّ مَعَ السَّاتِرِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَيْ فَهُوَ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى بَلْ وَالْمَكْرُوهَ لِلتَّشْرِيعِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ اهـ تَقْرِيرُ بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكَهُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمُعَدِّ إلَخْ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَصِيرَ مُعَدًّا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ مَعَ قَصْدِ الْعَوْدِ إلَيْهِ لِذَلِكَ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُعَدٍّ قَيْدٌ فِي الْحُرْمَةِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ لَهُ مَحَلًّا فِي الصَّحْرَاءِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ وَأَعَدَّهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لَا يَحْرُمُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ أَيْضًا وَمِنْهُ مَا يَقَعُ لِلْمُسَافِرِينَ إذَا نَزَلُوا بِبَعْضِ الْمَنَازِلِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَبِعَدَمِهِ فِي الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: وَيَحْرُمَانِ بِدُونِهِ إلَخْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبْعُدَ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْبُعْدُ ضِدُّ الْقُرْبِ وَقَدْ بَعُدَ بِالضَّمِّ بُعْدًا فَهُوَ بَعِيدٌ أَيْ مُتَبَاعِدٌ وَأَبْعَدَ غَيْرَهُ وَبَاعَدَهُ وَبَعَّدَهُ تَبْعِيدًا اهـ بِحُرُوفِهِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ بَعُدَ بِالضَّمِّ لَازِمٌ، وَإِنَّ أَبْعَدَ مُتَعَدٍّ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَالُ أَبْعَدَ فِي الْمَكَانِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ بَعُدَ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ " أَبْعَدَ " يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا فَاللَّازِمُ أَبْعَدَ زَيْدٌ عَنْ الْمَنْزِلِ بِمَعْنَى تَبَاعَدَ، وَالْمُتَعَدِّي أَبْعَدْتُهُ اهـ وَعَلَيْهِ تَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا فَيُبْعِدُ وَيَبْعُدُ اللَّازِمُ مُسْتَوِيَانِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَأَنْ يَبْعُدَ عَنْ النَّاسِ) أَيْ وَلَوْ فِي الْبَوْلِ وَيُسَنُّ أَنْ يُغَيِّبَ شَخْصَهُ حَيْثُ أَمْكَنَ اهـ شَرْحُ م ر وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَائِلِ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَغَوِّطِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِهِمْ) أَيْ عَمَّنْ يُحْتَمَلُ مُرُورُهُ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ لِعَوْرَتِهِ وَلَا يَغُضُّ بَصَرَهُ بِالْفِعْلِ عَنْهَا وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ مَا فَائِدَةُ السَّتْرُ عَنْ أَعْيُنِهِمْ مَعَ الْبُعْدِ عَنْهُمْ إلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ أَيْ فِي حَالِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِهِمْ) أَيْ بِغَيْرِ نَحْوِ زُجَاجٍ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَبِغَيْرِ مَاءٍ صَافٍ بِخِلَافِ سَاتِرِ الْقِبْلَةِ كَمَا مَرَّ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ) أَيْ فِي الْأَغْلَبِ فَإِنْ حَصَلَ السَّتْرُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَفَى وَهَذَا فِي حَقِّ الْجَالِسِ أَمَّا الْقَائِمُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ سَتْرِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ اهـ لِكَاتِبِهِ.

وَعِبَارَةُ ح ل: قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ حَصَلَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِدُونِ ذَلِكَ لِضَعْفِ بَدَنِ قَاضِي الْحَاجَةِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ سُتْرَةً شَرْعًا وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَا يَحْصُلُ بِهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ زَادَ، أَوْ نَقَصَ

ص: 86

فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ مُسْقَفٍ أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ حَصَلَ السَّتْرُ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْأَدَبَ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ نَظَرِ عَوْرَتِهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهَا وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِتَارُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ فِي الْخَلْوَةِ كَحَاجَةِ الِاغْتِسَالِ وَالْبَوْلِ وَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجَةِ أَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَيَحْرُمُ كَشْفُهَا

(وَ) أَنْ (يَسْكُتَ) حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ عَنْ ذِكْرٍ وَغَيْرِهِ فَالْكَلَامُ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَإِنْذَارِ أَعْمَى

ــ

[حاشية الجمل]

وَمَا ذَكَرُوهُ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ انْتَهَتْ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ: وَالتَّقْيِيدُ بِثُلُثَيْ ذِرَاعٍ وَبِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ تَوَهُّمِ اتِّحَادِ سَاتِرِ الْقِبْلَةِ، وَالْأَعْيُنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ: مُسْقَفٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ) أَيْ عَادَةً وَلَيْسَ دَاخِلَهُ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ، وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا سَيَأْتِي اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: حَصَلَ السَّتْرُ بِذَلِكَ) عِبَارَةُ م ر كَفَاهُ السَّتْرُ بِنَحْوِ جِدَارٍ، وَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا: حَصَلَ السَّتْرُ بِذَلِكَ) أَيْ عَنْ الْأَعْيُنِ وَلَا حَاجَةَ لِلْمُرْتَفِعِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُرْتَفِعِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ النَّظَرُ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّطَلُّعِ فَيَحْصُلُ السَّتْرُ بِذَلِكَ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْ الْجِدَارِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ هَذَا فِي السَّتْرِ عَنْ الْقِبْلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ كَمَا مَرَّ تَعْظِيمُهَا وَلَا يَحْصُلُ مَعَ ذَلِكَ وَهُنَا عَدَمُ رُؤْيَةِ عَوْرَتِهِ لِمَنْ يُحْتَمَلُ مُرُورُهُ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهَا وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ مَا ذُكِرَ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إلَخْ) هَذَا النَّفْيُ صَادِقٌ بِصُوَرٍ ثَلَاثَةٍ: إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ وَيَغُضُّ نَظَرَهُ، أَوْ لَا يَغُضُّ وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فَالسَّتْرُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِتَارُ) أَيْ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ غَضِّ الْبَصَرِ لَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ عَلَيْهِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ جَوَازُ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ سَافِرَةً وَعَلَى الرِّجَالِ الْغَضُّ؛ لِأَنَّ الْعَوْرَةَ هُنَا أَقْبَحُ قَالَهُ حَجّ اهـ ح ل.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَوُجُوبُ غَضِّ الْبَصَرِ لَا يُسْقِطُ وُجُوبَ السَّتْرِ نَعَمْ إنْ عُلِمَ غَضُّ الْبَصَرِ بِالْفِعْلِ لَمْ يَجِبْ السَّتْرُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ) أَيْ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ فَقَوْلُهُ: يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ إلَخْ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ إلَخْ أَيْ إذَا كَانُوا يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ وَلَا يَغُضُّونَ فَالْحَمْلُ فِي الشِّقَّيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا فِي تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى الْمَفْهُومِ مِنْ كَوْنِ الِاسْتِتَارِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُسْتَحَبًّا اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: فِي الْخَلْوَةِ) بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ الْمُرَادُ بِهَا الْبِنَاءُ الْمُسْقَفُ، أَوْ الَّذِي يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ اهـ شَيْخُنَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَلَوْ صَحْرَاءَ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ أَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَيَحْرُمُ كَشْفُهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا يَغُضُّونَ، أَوْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَحَلُّ عَدِّ ذَلِكَ أَيْ الِاسْتِتَارِ مِنْ الْآدَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَرَى عَوْرَتَهُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا أَمَّا بِحَضْرَتِهِ فَيَكُونُ وَاجِبًا؛ إذْ كَشْفُهَا بِحَضْرَتِهِ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَوُجُوبُ غَضِّ الْبَصَرِ لَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ وَلَوْ أَخَذَهُ الْبَوْلُ وَهُوَ مَحْبُوسٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ جَازَ لَهُ التَّكَشُّفُ وَعَلَيْهِمْ الْغَضُّ فَإِنْ احْتَاجَ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا مَاءً بِحَضْرَةِ النَّاسِ جَازَ لَهُ كَشْفُهَا أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِيهَا وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا، وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ وَفَارَقَ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَظِيرِهَا مِنْ الْجُمُعَةِ حَيْثُ خَافَ فَوَاتَهَا إلَّا بِالْكَشْفِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ جَعَلَهُ جَائِزًا لَا وَاجِبًا قَالَ: لِأَنَّ كَشْفَهَا يَسُوءُ صَاحِبَهَا بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْتُ انْتَهَتْ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَذَهُ الْبَوْلُ أَيْ بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَشَقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُصُولُهُ إلَى حَدٍّ يُخْشَى مَعَهُ مِنْ عَدَمِ الْبَوْلِ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ، ثُمَّ تَعْبِيرُهُ بِالْجَوَازِ يَقْتَضِي إبَاحَتَهُ مُطْلَقًا وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِتَرْكِهِ وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُ كَشْفُهَا أَفْهَمَ حُرْمَةَ الِاسْتِنْجَاءِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إمْكَانُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي مَحَلٍّ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْكَشْفُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ) الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا حَالَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْآدَابَ لِلْمَحَلِّ، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَالْكَلَامُ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُرْآنِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَهَلْ مِنْ الْكَلَامِ مَا يَأْتِي بِهِ قَاضِي الْحَاجَةِ مِنْ التَّنَحْنُحِ عِنْدَ طَرْقِ بَابِ الْخَلَاءِ مِنْ الْغَيْرِ لِيَعْلَمَ هَلْ فِيهِ أَحَدٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا وَبِتَقْدِيرِهِ فَهُوَ لِحَاجَةٍ وَهِيَ دَفْعُ دُخُولِ مَنْ يَطْرُقُ الْبَابَ عَلَيْهِ لِظَنِّهِ خُلُوَّ الْمَحَلّ اهـ ع ش عَلَى م ر

ص: 87

فَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ خَبَرَ «النَّهْيِ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْغَائِطِ.»

(وَ) أَنْ لَا يَقْضِيَ حَاجَتَهُ (فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) ولَا فِي جُحْرٍ وَمَهَبِّ رِيحٍ وَمُتَحَدَّثٍ لِلنَّاسِ وَتَحْتَ مَا يُثْمِرُ لِلنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ بَلْ أَوْلَى وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ لِلْكَرَاهَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْكَثْرَةِ أَمَّا الْجَارِي فَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ الْكَرَاهَةُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْبَوْلُ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ (وَ) لَا (فِي جُحْرٍ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ الثَّقْبُ وَأُلْحِقَ بِهِ السَّرَبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَهُوَ الشَّقُّ

ــ

[حاشية الجمل]

قَوْلُهُ: فَلَوْ عَطَسَ) هُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَبَابِ نَصَرَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ) وَلَا يُطْلَبُ تَشْمِيتُهُ لِعَدَمِ طَلَبِ الْحَمْدِ مِنْهُ لَفْظًا اهـ تَقْرِيرُ بَعْضِهِمْ وَهَلْ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مِنْ أَنَّ الذِّكْرَ الْقَلْبِيَّ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ وَهَذَا مَطْلُوبٌ فِيهِ بِخُصُوصِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ أَنَّهُ لَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ قُلْت: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى مَا يُسْمِعُ بِهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيكَ إذَا لَمْ يُسْمِعْ بِهِ نَفْسَهُ لَا أَثَرَ لَهُ حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَجْزِيهِ فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى قِرَاءَةً وَلَا ذِكْرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ إلَخْ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى كَرَاهَةُ التَّحَدُّثِ عَلَى الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ فَلَوْ قَالَ لِحَدِيثِ إلَخْ لَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّعَى بِخِلَافِ مَا فَعَلَهُ اهـ ح ف.

(قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) أَيْ مَمْلُوكٍ لَهُ، أَوْ مُبَاحٍ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ أَوْ الْمُسَبَّلِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا لَكِنْ فِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَبْحِرًا لَا يَحْرُمُ اهـ ح ل وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ بِالنَّهَارِ أَمَّا بِاللَّيْلِ فَيُكْرَهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مُسْتَبْحِرًا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَبُولُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ أَيْ مَمْلُوكٍ لَهُ، أَوْ مُبَاحٍ قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ الْقَلِيلِ وَاسْتِقْذَارِ الْكَثِيرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَبْحِرًا بِحَيْثُ لَا تَعَافُهُ الْأَنْفُسُ بِحَالٍ فِيمَا يَظْهَرُ لَا يُقَالُ لِمَ لَمْ يَحْرُمْ فِي الْمَاءِ مُطْلَقًا إذَا كَانَ عَذْبًا؛ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ فَيَكُونُ كَالطَّعَامِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الطَّعَامُ يَنْجُسُ وَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُ مَائِعِهِ، وَالْمَاءُ لَهُ قُوَّةُ دَفْعِ النَّجَاسَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَلْحَقْ هُنَا بِالْمَطْعُومَاتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ فِي الْقَلِيلِ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ أَمَّا الْجَارِي فَيُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْلًا فَيُكْرَهُ أَيْضًا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ بِاللَّيْلِ مَأْوَى لِلْجِنِّ وَحَيْثُ حَرُمَ الْبَوْلُ أَوْ كُرِهَ فَالتَّغَوُّطُ أَوْلَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وَيَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا يَحْرُمُ قَضَاؤُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِّ وَلَوْ انْغَمَسَ مُسْتَجْمِرٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ حَرُمَ وَإِنْ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فِي الْبَوْلِ فِيهِ لِمَا فِيهِ هُنَا مِنْ تَضَمُّخِهِ بِالنَّجَاسَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَنَحْوُهُ بِقُرْبِ الْقَبْرِ الْمُحْتَرَمِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا الْبَوْلَ إلَى جِدَارِهِ بِالْبَوْلِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَحْوِ عَظْمٍ مِمَّا يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ وَيَحْرُمُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِإِنَاءٍ بِخِلَافِ الْفَصْدِ فِيهِ لِخِفَّةِ الِاسْتِقْذَارِ فِي الدَّمِ وَلِذَا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ بِشَرْطِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ بَيْنَ الْقُبُورِ الْمُتَكَرِّرِ نَبْشُهَا لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ اهـ سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا: فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) أَيْ غَيْرِ مُسَبَّلٍ وَلَا مَوْقُوفٍ وَصُورَةُ الْمَوْقُوفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَقِفَ إنْسَانٌ ضَيْعَةً مَثَلًا يَمْلَأُ مِنْ غَلَّتِهَا نَحْوَ صِهْرِيجٍ، أَوْ فَسْقِيَّةٍ أَوْ أَنْ يَقِفَ بِئْرًا فَيَدْخُلَ فِيهِ مَاؤُهُ الْمَوْجُودُ وَالْمُتَجَدِّدُ تَبَعًا، وَإِلَّا فَالْمَاءُ لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ قَصْدًا اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ لِلْكَرَاهَةِ) حَاصِلُ كَرَاهَةِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي اللَّيْلِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الْجِنِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ كَتَنْجِيسِ الْعَظْمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَنَجَّسُ هُنَا، أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ مَا يَتَنَاوَلُوهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَكَذَا يُكْرَهُ فِي النَّهَارِ إلَّا فِي الرَّاكِدِ الْمُسْتَبْحِرِ، وَالْجَارِي الْكَثِيرِ وَيُكْرَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ بِقُرْبِ الْمَاءِ الَّذِي يُكْرَهُ قَضَاؤُهَا فِيهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ فِي الْمَوَارِدِ، وَصَبُّ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ كَالْبَوْلِ فِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ إلَخْ) عَبَّرَ بِهِ لِيَأْتِيَ عَلَى الْقَوْلِ فِي الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ إذَا كُوثِرَ فَصَارَ كَثِيرًا بِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ مِنْ حَالَةٍ إلَى حَالَةٍ أُخْرَى وَالطُّهْرُ يُجَامِعُ الِاسْتِحَالَةَ بِخِلَافِ التَّطَهُّرِ فَصَحَّ قَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ النَّجَسِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْفَاعِلِ لَا الطُّهْرُ الَّذِي هُوَ أَثَرُ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ جَارِيًا أَوْ رَاكِدًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ مُبَاحًا أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ كَمَا فِي ع ش اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي حَجَرٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَدٍّ بِالْفِعْلِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْكَرَاهَةِ بِقَصْدِ إعْدَادِهِ لِذَلِكَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ السَّرَبُ إلَخْ) فِي الْمِصْبَاحِ السَّرَبُ بِفَتْحَتَيْنِ بَيْتٌ فِي الْأَرْضِ لَا مَنْفَذَ لَهُ وَهُوَ الْوَكْرُ وَانْسَرَبَ الْوَحْشُ فِي سَرَبِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْرَابٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْفَذٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَهُوَ النَّفَقُ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ الْحَجَرُ وَالثَّقْبُ مُتَرَادِفَانِ عَلَى

ص: 88

وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ مَا قِيلَ إنَّ الْجِنَّ تَسْكُنُ ذَلِكَ فَقَدْ تُؤْذِي مَنْ يَبُولُ فِيهِ وَكَالْبَوْلِ الْغَائِطُ (وَمَهَبِّ رِيحٍ) لِئَلَّا يُصِيبَهُ رَشَاشُ الْخَارِجِ (وَمُتَحَدَّثٍ) لِلنَّاسِ (وَطَرِيقٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ، قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» تَسَبَّبَا بِذَلِكَ فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا كَثِيرًا عَادَةً فَنُسِبَ إلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى احْذَرُوا سَبَبَ اللَّعْنِ الْمَذْكُورِ وَأُلْحِقَ بِظِلِّ النَّاسِ

ــ

[حاشية الجمل]

مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ مَا فِيهِ اسْتِدَارَةٌ وَالسَّرَبُ وَالشَّقُّ عَلَى مَا فِيهِ اسْتِطَالَةٌ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ شَقَقْته شَقًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَالشَّقُّ بِالْفَتْحِ انْفِرَاجٌ فِي الشَّيْءِ وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ، وَالْجَمْعُ شُقُوقٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَانْشَقَّ الشَّيْءُ إذَا انْفَرَجَ وَالشِّقُّ بِالْكَسْرِ نِصْفُ الشَّيْءِ، وَالْجَانِبُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ مَا قِيلَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ بَلْ غَيْرُ الْجِنِّ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ تَحْرِيمُهُ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا يَتَأَذَّى بِهِ، أَوْ يَهْلِكُ اهـ حَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمَهَبِّ رِيحٍ) أَيْ مَوْضِعِ هُبُوبِهَا وَقْتَ هُبُوبِهَا فَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الرِّيحِ بِالْبَوْلِ.

وَفِي كَلَامِ حَجّ أَيْ جِهَةَ هُبُوبِهَا الْغَالِبُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَابَّةً بِالْفِعْلِ اهـ ح ل وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ م ر أَنَّ الْمُرَادَ مَا تَهُبُّ فِيهِ بِالْفِعْلِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَمَهَبُّ رِيحٍ أَيْ مَحَلُّ هُبُوبِهَا وَقْتَ هُبُوبِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الْمُشْتَرَكَةُ بَلْ يَسْتَدْبِرُهَا فِي الْبَوْلِ وَيَسْتَقْبِلُهَا فِي الْغَائِطِ الْمَائِعِ لِئَلَّا يَتَرَشْرَشَ بِذَلِكَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَمَهَبِّ رِيحٍ) هَذَا فِي الْبَوْلِ ظَاهِرٌ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ إذَا كَانَ مَائِعًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ اهـ ح ف.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَا يُكْرَهُ اسْتِدْبَارُ الرِّيحِ عِنْدَ التَّغَوُّطِ بِغَيْرِ مَائِعٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ عَوْدِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ عَلَيْهِ إذْ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُصِيبَهُ رَشَاشُ الْخَارِجِ) أَيْ بَوْلًا، أَوْ غَائِطًا رَقِيقًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَبُولُ وَيَتَغَوَّطُ مَائِعًا كُرِهَ لَهُ اسْتِقْبَالُهَا أَوْ يَتَغَوَّطُ مَائِعًا فَقَطْ كُرِهَ لَهُ اسْتِدْبَارُهَا كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِخَوْفِ عَوْدِ الرَّشَاشِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمُتَحَدَّثٍ) أَيْ مُبَاحٍ، أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ بِمُبَاحٍ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَغَيْرَ مُبَاحٍ حَرُمَ، وَإِنْ كَانَ لَكِنْ يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ بِمُحَرَّمٍ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ لَا يَبْعُدُ نَدْبُهُ وَرُبَّمَا وَجَبَ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِمَنْعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمُتَحَدَّثٍ لِلنَّاسِ) أَيْ مَمْلُوكٍ لَهُ، أَوْ مُبَاحٍ أَمَّا إذَا كَانَ مِلْكَ الْغَيْرِ فَيَحْرُمُ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِأَنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَطَرِيقٍ) أَيْ مَسْلُوكٍ، وَهُوَ مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ طُرُقٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ مُرُورِ النَّاسِ وَلَوْ بِالصَّحْرَاءِ أَمَّا الطَّرِيقُ الْمَهْجُورُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَإِذَا قَضَى حَاجَتَهُ فِي الطَّرِيقِ وَتَلِفَ بِهَا شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّلَفِ بِالْقُمَامَاتِ حَيْثُ يَضْمَنُ وَاضِعُهَا بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَاجَةِ أَنْ تَكُونَ عَنْ ضَرُورَةٍ وَأُلْحِقَ غَيْرُ الْغَالِبِ بِالْغَالِبِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش اهـ ح ف وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر وَلَوْ زَلِقَ أَحَدٌ فِيهِ وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاعِلِ، وَإِنْ غَطَّاهُ بِتُرَابٍ، أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي التَّالِفِ فِعْلًا وَمَا فَعَلَهُ جَائِزٌ لَهُ اهـ وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ عَمَّا لَوْ تَغَوَّطَ فِي الطَّرِيقِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُغَطِّيَهُ بِتُرَابٍ مَثَلًا أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُغَطِّيهِ بَلْ يُبْقِيهِ بِحَالِهِ لِيُجْتَنَبَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الْمَلْعُونَيْنِ لِأَنَّهُمَا مَلْعُونَانِ لَا لَاعِنَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا لَمَّا تَسَبَّبَا فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا نُسِبَ اللَّعْنُ إلَيْهِمَا فَيَكُونُ مَجَازًا مُرْسَلًا فَفِي الْحَدِيثِ مَجَازَانِ اهـ شَيْخُنَا.

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّجَوُّزَ فِي الْإِسْنَادِ فَيَكُونُ مَجَازًا عَقْلِيًّا مِنْ إسْنَادِ الْوَصْفِ الَّذِي حَقُّهُ أَنْ يُسْنَدَ لِلْفَاعِلِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَى الْمَفْعُولِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَلْعُونَانِ، وَالْعَلَاقَةُ تَسَبُّبُهُمَا فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا هَذَا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا فِي الطَّرَفِ حَيْثُ شُبِّهَ اللَّعْنُ الْوَاقِعُ عَلَيْهِمَا بِالْوَاقِعِ مِنْهُمَا بِجَامِعِ تَعَلُّقِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَاسْتُعِيرَ اللَّعْنُ الْوَاقِعُ مِنْهُمَا لِلْوَاقِعِ عَلَيْهِمَا وَاشْتُقَّ مِنْهُ اللَّعَّانَانِ بِمَعْنَى الْمَلْعُونَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَالْإِسْنَادُ حَقِيقِيٌّ لَا تَجَوُّزَ فِيهِ فَالتَّجَوُّزُ إمَّا فِي الطَّرَفِ، وَإِمَّا فِي الْإِسْنَادِ لَا فِيهِمَا مَعًا كَمَا تَوَهَّمَهُ الْبَعْضُ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ اتَّقُوا أَنْ يُحْمَلَا عَلَى الْفِعْلَيْنِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: فَقَالَ الَّذِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَخَلَّى الَّذِي وَتَكْفِي الْمُطَابَقَةُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى فَلَا يَضُرُّ الْإِفْرَادُ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَا عَلَى الشَّخْصَيْنِ بِتَقْدِيرِ اتَّقُوا فِعْلَ اللَّعَّانَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَسَبَّبَا إلَخْ فَلَا حَذْفَ فِي الَّذِي يَتَخَلَّى وَمُطَابَقَتُهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ اللِّعَانُ الْمَأْخُوذُ مِنْ لَاعَنَ اسْمُ فَاعِلٍ بِمَعْنَى مَلْعُونٍ كَقَوْلِهِمْ سِرٌّ كَاتِمٌ بِمَعْنَى مَكْتُومٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي يَتَخَلَّى إلَخْ) إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْإِخْبَارِ بِالْمُثَنَّى إلَى الْمُفْرَدِ

ص: 89

فِي الصَّيْفِ مَوَاضِعُ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ وَشَمِلَهُمَا لَفْظُ مُتَحَدَّثٍ بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ مَكَانُ التَّحَدُّثِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّغَوُّطَ فِي الطَّرِيقِ مَكْرُوهٌ وَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهُ حَرَامٌ وَأَقَرَّهُ وَكَالطَّرِيقِ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَحَدَّثُ (وَ) تَحْتَ (مَا) أَيْ شَجَرٍ (يُثْمِرُ) صِيَانَةً لِلثَّمَرَةِ الْوَاقِعَةِ عَنْ التَّلْوِيثِ فَتَعَافَهَا الْأَنْفُسُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ.

(وَ) أَنْ (لَا يَسْتَنْجِيَ بِمَاءٍ فِي مَكَانِهِ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يُعَدَّ) لِذَلِكَ بَلْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِئَلَّا يُصِيبَهُ رَشَاشٌ يُنَجِّسُهُ بِخِلَافِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ وَالْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ (وَ) أَنْ (يَسْتَبْرِئَ مِنْ بَوْلِهِ) عِنْدَ انْقِطَاعِهِ بِتَنَحْنُحٍ وَنَتْرِ ذَكَرٍ

ــ

[حاشية الجمل]

إشَارَةً إلَى أَنَّهُمَا لِخِسَّتِهِمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَيُقَالُ الْمُطَابَقَةُ مَوْجُودَةٌ؛ لِأَنَّ " الَّذِي " يُطْلَقُ عَلَى الْمُثَنَّى وَالْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69] اهـ مَرْحُومِيٌّ، أَوْ يُقَالُ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَأَنَّهُ قِيلَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ وَاَلَّذِي يَتَخَلَّى فِي ظِلِّهِمْ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: مَوَاضِعُ اجْتِمَاعِهِمْ) أَيْ لِنَحْوِ حَدِيثٍ مُبَاحٍ أَمَّا الْحَرَامُ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ لَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ تَنْفِيرًا لَهُمْ لَمْ يَبْعُدْ وَقَدْ يَجِبُ إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَعْصِيَةٍ وَلَا يُكْرَهُ فِي الِاجْتِمَاعِ لِمَكْرُوهٍ إنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّ وَيَنْبَغِي فِي الشَّكِّ الْكَرَاهَةُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاجْتِمَاعِ الْإِبَاحَةُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّغَوُّطَ فِي الطَّرِيقِ مَكْرُوهٌ) أَيْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ دُفِعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَقَوْلُهُ: وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ مَرْجُوحٌ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وَهُوَ وَجْهٌ، وَإِنْ سَكَتَا عَلَيْهِ فِي الشَّهَادَاتِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَاهُ هُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتَحْتَ مَا يُثْمِرُ) أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْإِثْمَارِ عَادَةً كَالْوَدِيِّ الصَّغِيرِ، وَالْمُرَادُ بِتَحْتَ: مَا يَصِلُ إلَيْهِ الثَّمَرُ السَّاقِطُ غَالِبًا عَادَةً وَبِالثَّمَرِ مَا يُقْصَدُ بِهِ الِانْتِفَاعُ أَكْلًا كَالتُّفَّاحِ، أَوْ شَمًّا كَالْيَاسَمِينِ أَوْ تَدَاوِيًا كَوَرَقِ الْوَرْدِ، أَوْ دَبْغًا كَالْقَرَظِ أَوْ اسْتِعْمَالًا كَالسِّدْرِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَعَافُ الْأَنْفُسُ الِانْتِفَاعَ بِهِ بَعْدَ تَلْوِيثِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَسَقْيُ الشَّجَرِ بِالْمَاءِ النَّجَسِ كَالْبَوْلِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَتَحْتَ مَا يُثْمِرُ) يَنْبَغِي إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ لَهُ، وَالْأَرْضُ لَهُ، أَوْ كَانَا مُبَاحَيْنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ لَهُ دُونَ الْأَرْضِ فَإِنْ جَازَ لَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ بِأَنْ كَانَ الْمَالِكُ يَرْضَى بِذَلِكَ فَالْكَرَاهَةُ مِنْ جِهَةِ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ جَاءَتْ الْحُرْمَةُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ دُونَ الثَّمَرَةِ فَالْكَرَاهَةُ لِلثَّمَرَةِ، وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ مَا لَا يُؤْكَلُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نَحْوِ دَوَاءٍ أَوْ دِبَاغٍ وَمَا يَشْمَلُ الْأَوْرَاقَ الْمُنْتَفَعَ بِهَا كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: فَتَعَافَهَا الْأَنْفُسُ) فِي الْمُخْتَارِ عَافَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ يَعَافُهُ عِيَافًا كَرِهَهُ فَلَمْ يَشْرَبْهُ فَهُوَ عَائِفٌ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى الْمَصْدَرِ قَبْلَهُ.

وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ

تَنْصِبُهُ أَنْ ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ

(قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا مِنْ شَأْنِ نَوْعِهِ أَنْ يُثْمِرَ لَكِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْإِثْمَارِ عَادَةً كَالْوَدِيِّ الصَّغِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ فَيُكْرَهُ الْبَوْلُ تَحْتَهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ مَا يُطَهِّرُهُ قَبْلَ أَوَانِ الْإِثْمَارِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ) نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي الْمُعَدِّ هَوَاءٌ مَعْكُوسٌ كُرِهَ ذَلِكَ فِيهِ كَمَا يُكْرَهُ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَبْرِئَ مِنْ بَوْلِهِ) فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَسَمِعَ صَوْتَ إنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ» اهـ وَقَوْلُهُ: بِحَائِطٍ أَيْ بُسْتَانٍ مِنْ النَّخْلِ عَلَيْهِ جِدَارٌ وَقَوْلُهُ: وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَيْ كَبِيرٍ تَرْكُهُ عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُ بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ أَيْ كَبِيرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْصِيَةِ أَيْ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ أَيْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ السِّرَّ فِي تَخْصِيصِ الْبَوْلِ وَالنَّمِيمَةِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَهُوَ أَنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَفِيهِ أُنْمُوذَجُ مَا يَقَعُ فِي الْقِيَامَةِ مِنْ الْعَذَابِ وَالثَّوَابِ، وَالْمَعَاصِي الَّتِي يُعَاقَبُ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَوْعَانِ حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِعِبَادِهِ وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ عز وجل الصَّلَاةُ وَمِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ الدِّمَاءُ، وَأَمَّا الْبَرْزَخُ فَيُقْضَى فِيهِ مُقَدِّمَاتُ هَذَيْنِ الْحَقَّيْنِ وَوَسَائِلُهُمَا فَمُقَدِّمَةُ الصَّلَاةِ الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ، وَالْخَبَثِ وَمُقَدِّمَةُ الدِّمَاءِ النَّمِيمَةُ فَيُبْدَأُ فِي الْبَرْزَخِ بِالْعِقَابِ عَلَيْهِمَا اهـ فِي. (قَوْلُهُ: بِتَنَحْنُحٍ وَنَتْرِ ذَكَرٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِنَحْوِ مَشْيٍ، أَوْ وَضْعِ الْمَرْأَةِ يُسْرَاهَا عَلَى عَانَتِهَا، أَوْ نَتْرِ ذَكَرٍ ثَلَاثًا بِأَنْ يَمْسَحَ بِإِبْهَامِ يُسْرَاهُ وَمُسَبِّحَتِهَا مِنْ مَجَامِعِ الْعُرُوقِ إلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ وَيَنْتُرَهُ بِلُطْفٍ وَلَا يَجْذِبَهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ؛ لِأَنَّ إدْمَانَ ذَلِكَ يَضُرُّهُ وَقَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ يَضَعُ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى تَحْتَ ذَكَرِهِ وَالسَّبَّابَةَ فَوْقَهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مِنْ

ص: 90

وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ عَدَمُ عَوْدِهِ وَقَالَ الْقَاضِي بِوُجُوبِهِ وَهُوَ قَوِيٌّ دَلِيلًا.

(وَ) أَنْ (يَقُولَ عِنْدَ وُصُولِهِ) مَكَانَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ (بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ أَتَحَصَّنُ مِنْ الشَّيْطَانِ (اللَّهُمَّ) أَيْ يَا اللَّهُ (إنِّي أَعُوذُ) أَيْ أَعْتَصِمُ (بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ وَ) عِنْدَ (انْصِرَافِهِ)

ــ

[حاشية الجمل]

تَفَرُّدَاتِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْغَائِطِ أَيْضًا وَلَا بُعْدَ فِيهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَانْظُرْ بِمَاذَا يَحْصُلُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقِيَاسُ مَا فِي الْمَرْأَةِ أَنَّهُ يَضَعُ الْيُسْرَى عَلَى مَجْرَى الْغَائِطِ وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهِ لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ إنْ كَانَ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَنَتْرِ ذَكَرٍ) هُوَ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ كَمَا ضَبَطَهُ شَارِحُ التَّحْرِيرِ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ الْجَذْبُ بِخِلَافِهِ بِالْمُثَلَّثَةِ فَإِنَّهُ ضِدُّ النَّظْمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي الْمُخْتَارِ فِي مَبْحَثِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ النَّتْرُ جَذْبٌ بِشِدَّةٍ وَبَابُهُ نَصَرَ وَفِي الْحَدِيثِ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَعْنِي بَعْدَ الْبَوْلِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَنَتْرُ ذَكَرٍ أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بَعْدَ النُّونِ، وَالْجَذْبُ، وَأَمَّا بِالْمُثَلَّثَةِ فَهُوَ الرَّمْيُ بِالتَّفْرِيقِ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِلُطْفٍ وَلَا يَجْذِبَهُ لِأَنَّ إدْمَانَ ذَلِكَ يَضُرُّهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ) مِنْهُ الْمَشْيُ وَأَقَلُّهُ كَمَا قِيلَ سَبْعُونَ خُطْوَةً.

وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهِ سَبْعُونَ خُطْوَةً اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ بَلْ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْقِطَاعُهُ بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ عَوْدِهِ) زَادَ فِي الْكِفَايَةِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ يَقْطَعُ الْبَوْلَ عَلَى مَا قِيلَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي بِوُجُوبِهِ) مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ وُجُوبِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهُ إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قَضَى حَاجَتَهُ، أَوْ لَا دَخَلَ لَهَا، أَوْ لِغَرَضٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ انْصِرَافِهِ أَيْ إذَا قَضَى الْحَاجَةَ، وَإِلَّا فَلَا يَقُولُ شَيْئًا اهـ ح ف.

وَعِبَارَةُ الْقَلْيُوبِيِّ قَوْلُهُ: غُفْرَانَكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إلَخْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِقَاضِي الْحَاجَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَقُولُ مَا يُنَاسِبُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ وُصُولِهِ) أَيْ قَبْلَ وُصُولِ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَوْ مِنْ أَوَّلِ دِهْلِيزٍ طَوِيلٍ، وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ اهـ قَلْيُوبِيٌّ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: أَيْ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، أَوْ لِبَابِهِ وَإِنْ بَعُدَ مَحَلُّ الْجُلُوسِ عَنْهُ فَإِذَا غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ قَالَهُ بِقَلْبِهِ انْتَهَتْ وَلَا مَانِعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحَصِّنُهُ كَمَا إذَا تَلَفَّظَ بِهِ فَلَوْ كَانَ الْجِنِّيُّ أُطْرُوشًا فَلَا مَانِعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُلْهِمُهُ أَنَّ هَذَا ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْبُنْيَانِ بَلْ يَقُولُهُ فِي الصَّحْرَاءِ أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ الْقُرْآنَ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا يَزِيدُ " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَيْسَ مَحَلَّ ذِكْرٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ إلَخْ) ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْبَسْمَلَةُ هُنَا عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ التَّعَوُّذَ هُنَاكَ لِلْقِرَاءَةِ، وَالْبَسْمَلَةَ مِنْ الْقُرْآنِ فَقُدِّمَ التَّعَوُّذُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ) دَخَلَ الْخَلَاءَ بِطِفْلٍ لِقَضَاءِ حَاجَةِ الطِّفْلِ فَهَلْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ عَلَى وَجْهِ النِّيَابَةِ عَنْ الطِّفْلِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ، أَوْ يَقُولَ: إنَّهُ يَعُوذُ بِكَ، أَوْ لَا يُسَنُّ قَوْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ يَعُوذُ بِك، أَوْ إنِّي أُعِيذُهُ بِك وَفِي ظَنِّي أَنَّ الْغَاسِلَ لِلْمَيِّتِ يَقُولُ بَعْدَ الْغُسْلِ مَا يَقُولُهُ الْمُغْتَسِلُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْ التَّوَّابِينَ إلَخْ أَوْ اجْعَلْنَا، وَإِيَّاهُ إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ شَرْحُ الْمِنْهَاجِ أَوْ شَرْحُ الْعُبَابِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْ ذَلِكَ إرَادَةُ أُمِّ الطِّفْلِ وَضْعَ الطِّفْلِ فِي مَحَلٍّ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَمِنْهُ إجْلَاسُهُ عَلَى مَا يُسَمُّونَهُ بِالْقَصْرِيَّةِ فِي عُرْفِهِمْ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا الذِّكْرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إبْلِيسَ نَجَسُ الْعَيْنِ لَكِنْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَنَّهُ طَاهِرُ الْعَيْنِ كَالْمُشْرِكِ وَاسْتَدَلَّ «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمْسَكَ إبْلِيسَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا» وَلَوْ كَانَ نَجَسًا لَمَا أَمْسَكَهُ فِيهَا وَلَكِنَّهُ نَجَسُ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ الطَّبْعُ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ تَأْدِيَةُ السُّنَّةِ إلَّا بِتَأْخِيرِ الِاسْتِعَاذَةِ عَنْ الْبَسْمَلَةِ وَيُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي تَأْخِيرِ الْحَمْدِ عَنْ سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ انْصِرَافِهِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَإِنْ بَعُدَ كَدِهْلِيزٍ طَوِيلٍ كَمَا مَرَّ اهـ ق ل. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَعِنْدَ انْصِرَافِهِ إلَخْ) فِيهِ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُمَا أَيْ الْعَامِلَانِ الْمُخْتَلِفَانِ " يَقُولَ " وَ " عِنْدَ " وَمَعْمُولُ " يَقُولَ "" بِسْمِ اللَّهِ " وَمَعْمُولُ " عِنْدَ " لَفْظُ " وُصُولِهِ " وَ " انْصِرَافِهِ " مَعْطُوفٌ عَلَى " وُصُولِهِ " الَّذِي هُوَ مَعْمُولُ " عِنْدَ " وَ " غُفْرَانَك " مَعْطُوفٌ عَلَى " بِسْمِ اللَّهِ " الَّذِي هُوَ مَعْمُولُ " يَقُولَ " اهـ ح ل.

ص: 91

عَنْهُ (غُفْرَانَكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي) أَيْ مِنْهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ ابْنُ السَّكَنِ وَغَيْرُهُ.

وَفِي الثَّانِي النَّسَائِيّ، وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ وَالْمُرَادُ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ، وَسَبَبُ سُؤَالِهِ الْمَغْفِرَةَ عِنْدَ انْصِرَافِهِ تَرْكُهُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ خَوْفُهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ هَضَّمَهُ ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ وَبَقِيَتْ آدَابٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.

(وَيَجِبُ اسْتِنْجَاءٌ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى الْقَوْلِ الْمُجَوِّزِ لَهُ، أَوْ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: غُفْرَانَكَ) نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ بَدَلٌ مِنْ اللَّفْظِ بِفِعْلِهِ وَهُوَ اغْفِرْ لِي فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِمَحْذُوفٍ، أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ أَوْ مُطْلَقٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَافَانِي) .

وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ نُوحًا عليه الصلاة والسلام كَانَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَاقَنِي لَذَّتَهُ وَأَبْقَى فِي مَنْفَعَتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي أَذَاهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي وَأَمْسَكَ عَلَيَّ مَا يَنْفَعُنِي وَيُسَنُّ أَنْ يُكَرِّرَ غُفْرَانَك وَمَا بَعْدَهُ ثَلَاثًا كَمَا فِي الدُّعَاءِ عَقِبَ الْوُضُوءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْخَاءِ، وَالْبَاءِ) قَالَ حَجّ وَبِإِسْكَانِهَا وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْإِسْكَانَ تَخْفِيفٌ فَلَا يُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا بَيَانُ الصِّيغَةِ الْأَصْلِيَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَجَمْعُ الْخَبِيثِ خُبُثٌ بِضَمَّتَيْنِ مِثْلُ بَرِيدٍ وَبُرُدٍ وَجَمْعُ الْخَبِيثَةِ خَبَائِثُ وَأَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ، وَالْخَبَائِثِ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَالْإِسْكَانُ جَائِزٌ عَلَى لُغَةِ تَمِيمٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ ذِكْرُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا فَقِيلَ: إنَّ الْخُبُثَ الْمَكْرُوهُ وَقِيلَ الشَّرُّ وَقِيلَ الْكُفْرُ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ أُخَرَ وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى الْمَعَانِي هُوَ الْخُبْثُ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالشَّارِحُ ضَبَطَهُ بِضَمِّهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ) الذَّكَرُ ضِدُّ الْأُنْثَى وَجَمْعُهُ ذُكُورٌ وَذُكْرَانٌ وَذِكَارَةٌ كَحَجَرٍ وَحِجَارَةٍ اهـ مُخْتَارٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَسَبَبُ سُؤَالِهِ إلَخْ) حَكَى الْمُؤَلِّفُ هَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّمْرِيضِ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ز ي عَنْ شَيْخِهِ الطَّنْدَتَائِيُّ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يَتَدَارَكُ مَا أَمَرَهُ الشَّارِعُ بِتَرْكِهِ وَأَثَابَهُ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أُوجِبَ التَّدَارُكُ عَلَى مَنْ أُوجِبَ عَلَيْهِ التَّرْكُ وَأَثَابَهُ عَلَيْهِ كَالْحَائِضِ فِي تَرْكِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ مَلْحَظَ طَلَبِ التَّدَارُكِ كَثْرَةُ الثَّوَابِ، وَالْإِنْسَانُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الْحَالَةِ) أَيْ، وَإِنْ طُلِبَ تَرْكُهُ خُصُوصًا إنْ صَحِبَهُ تَرْكٌ قَلْبِيٌّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ) أَيْ فَلَمَّا رَأَى شُكْرَهُ قَاصِرًا عَنْ بُلُوغِ هَذِهِ النِّعَمِ تَدَارَكَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ آدَابٌ إلَخْ) مِنْهَا أَنْ لَا يَأْكُلَ وَلَا يَشْرَبَ وَلَا يَسْتَاكَ لِأَنَّهُ يُورِثُ النِّسْيَانَ وَأَنْ يَضَعَ رِدَاءَهُ وَأَنْ يَجْلِسَ عَلَى نَشَزٍ وَأَنْ لَا يَبْصُقَ فِي بَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ وَأَنْ لَا يَقُولَ: أَهَرَقْتُ الْبَوْلَ بَلْ بُلْتُ اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ مُلَخَّصًا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَبُولَ قَائِمًا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْخُلَ الْخَلَاءَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَلَا حَافِيًا وَلَا يَعْبَثَ وَأَنْ لَا يَنْظُرَ إلَى الْخَارِجِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَرُؤْيَةِ الْحَجَرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ هَلْ قَلَعَ شَيْئًا، أَوْ لَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمِنْهَا أَنْ يَكْشِفَ ثَوْبَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ قَلِيلًا قَلِيلًا إلَّا لِعُذْرٍ وَمِنْهَا أَنْ يَسْدُلَ ثَوْبَهُ كَذَلِكَ عِنْدَ انْتِصَابِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(فَائِدَةٌ) مَنْ أَكْثَرَ مِنْ الْكَلَامِ خُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِّ وَمَنْ أَدَامَ نَظَرَهُ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ اُبْتُلِيَ بِصُفْرَةِ الْوَجْهِ وَمَنْ تَفَلَ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ اُبْتُلِيَ بِصُفْرَةِ الْأَسْنَانِ وَمَنْ امْتَخَطَ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اُبْتُلِيَ بِالصَّمَمِ وَمَنْ أَكَلَ عِنْدَ قَضَائِهَا اُبْتُلِيَ بِالْفَقْرِ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ التَّلَفُّتِ اُبْتُلِيَ بِالْوَسْوَسَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ اسْتِنْجَاءٌ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ وَعَبَّرَ بِالْوُجُوبِ مُرَاعَاةً لِرَدِّ قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْمُزَنِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا بِعَدَمِ وُجُوبِهِ قِيَاسًا عَلَى الْأَثَرِ الْبَاقِي بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إلَى أَنَّ الْحَجَرَ لَا يُجْزِئُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى تَعَيُّنِ الْحَجَرِ وَهُوَ بِالْمَاءِ يُقَالُ لَهُ اسْتِطَابَةٌ مِنْ الطِّيبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ يَطْلُبُ طِيبَ نَفْسِهِ وَبِالْحَجَرِ يُقَالُ لَهُ اسْتِجْمَارٌ مِنْ الْجِمَارِ وَهِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ وَقِيلَ الِاسْتِطَابَةُ كَالِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَاقَةَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ إنَّ الَّذِي مِنْ خَصَائِصِنَا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ شَيْخُنَا الشبراملسي، وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي بُسْتَانِ الْعَارِفِينَ إنَّ أَوَّلَ مَنْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ إبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام وَشُرِعَ مَعَ الْوُضُوءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَقِيلَ فِي أَوَّلِ الْبَعْثَةِ حِينَ عَلَّمَهُ جِبْرِيلُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ مُسْتَنْجٍ وَمُسْتَنْجًى مِنْهُ وَمُسْتَنْجًى بِهِ وَمُسْتَنْجًى فِيهِ فَالْمُسْتَنْجِي هُوَ الشَّخْصُ، وَالْمُسْتَنْجَى مِنْهُ الْبَوْلُ أَوْ الْغَائِطُ، وَالْمُسْتَنْجَى بِهِ الْمَاءُ، أَوْ الْحَجَرُ وَالْمُسْتَنْجَى فِيهِ الْقُبُلُ، أَوْ الدُّبُرُ

ص: 92

وَهُوَ مِنْ نَجَوْت الشَّيْءَ أَيْ قَطَعْته فَكَأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ يَقْطَعُ بِهِ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ (مِنْ خَارِجٍ مُلَوَّثٍ لَا مَنِيٍّ) وَلَوْ نَادِرًا كَدَمٍ إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ فَيَكُونُ وَاجِبًا مِنْ الْخَارِجِ الْمُلَوَّثِ، وَمُسْتَحَبًّا مِنْ خُرُوجِ دُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوْثٍ، وَمَكْرُوهًا مِنْ خُرُوجِ رِيحٍ، وَحَرَامًا بِالْمَطْعُومِ الْمُحْتَرَمِ، وَمُبَاحًا وَهُوَ الْأَصْلُ وَلَا يُسْتَعَانُ فِيهِ بِأُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ - لِأَنَّهُ خُفِّفَ فِيهِ -، وَلَا شَمِّ يَدِهِ بَعْدَهُ فَإِنْ شَمَّهَا فَوَجَدَ رِيحَ النَّجَاسَةِ لَمْ يَضُرَّ إنْ كَانَ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ وَيَضُرُّ إنْ كَانَ مِنْ الْمُلَاقِي لِلْمَحَلِّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَائِهَا فَتَجِبُ إعَادَتُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124] فَقَالُوا: هَذِهِ الْكَلِمَاتُ عَشَرَةٌ خَمْسَةٌ فِي الْوَجْهِ وَخَمْسَةٌ فِي الْبَدَنِ فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى هِيَ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَالسِّوَاكُ وَالِاكْتِحَالُ، وَالْخَمْسَةُ الَّتِي فِي الْبَدَنِ الْخِتَانُ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ فَمِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَيَجِبُ اسْتِنْجَاءٌ) أَيْ لَا عَلَى الْفَوْرِ بَلْ عِنْدَ إرَادَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ، أَوْ خَوْفِ انْتِشَارِ النَّجَاسَةِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَمُضَيَّقًا بِضِيقِهِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وَلَوْ اقْتَضَى الْحَالُ تَأْخِيرَ الِاسْتِنْجَاءِ فَجَفَّفَ بَوْلَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يُصِيبَهُ جَازَ اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ مَا يُجَفِّفُ بِهِ الْمَحَلَّ أَمْ لَا لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي نَحْوِ الْمَشْيِ لِمَسْكِ الذَّكَرِ الْمُتَنَجِّسِ بِيَدِهِ جَازَ إنْ عَسُرَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ حَائِلٍ يَقِيهِ النَّجَاسَةَ انْتَهَتْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا حَاصِلُهُ وَقَدْ يُقَالُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْسُرْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي حَقِّ غَيْرِ نَبِيِّنَا؛ لِأَنَّ فَضَلَاتِهِ طَاهِرَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُهُ لِلتَّنَزُّهِ وَبَيَانِ الْمَشْرُوعِيَّةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ نَجَوْت الشَّيْءَ) أَيْ مِنْ مَصْدَرِهِ وَهُوَ النَّجْوُ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ الْمَزِيدَ يُشْتَقُّ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي الْمُخْتَارِ وَالنَّجْوُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَطْنِ وَاسْتَنْجَى مَسَحَ مَوْضِعَ النَّجْوِ، أَوْ غَسَلَهُ وَالنَّجْوُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وَالنَّجْوُ أَيْضًا السِّرُّ بَيْنَ اثْنَيْنِ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَنَجَا الْغَائِطُ نَجْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ خَرَجَ وَيُسْنَدُ الْفِعْلُ إلَى الْإِنْسَانِ أَيْضًا فَيُقَالُ: نَجَا الرَّجُلُ إذَا تَغَوَّطَ وَيَتَعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ، وَتَسَتَّرَ النَّاجِي بِنَجْوَةٍ وَهِيَ الْمُرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ وَاسْتَنْجَيْت غَسَلْت مَوْضِعَ النَّجْوِ، أَوْ مَسَحْته بِحَجَرٍ، أَوْ مَدَرٍ، وَالْأَوَّلُ مَأْخُوذٌ مِنْ اسْتَنْجَيْت الشَّجَرَ إذَا قَطَعْته مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْغَسْلَ يُزِيلُ الْأَثَرَ وَالثَّانِي مِنْ اسْتَنْجَيْت النَّخْلَةَ إذَا الْتَقَطْت رُطَبَهَا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَقْطَعُ النَّجَاسَةَ بَلْ يُبْقِي أَثَرَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ قَطَعْته) أَوْ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ إذَا قَطَعْتهَا فَهُوَ لُغَةً الْقَطْعُ وَطَلَبُ النَّجَاةِ وَشَرْعًا إزَالَةُ الْخَارِجِ الْمُلَوَّثِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْ الْفَرْجِ بِمَاءٍ، أَوْ حَجَرٍ بِشَرْطِهِ كَمَا يَأْتِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ حَقِيقَةً فِي مُتَّصِلِ الْأَجْزَاءِ اتِّصَالًا قَوِيًّا عَبَّرَ بِكَأَنَّ وَقَوْلُهُ: يَقْطَعُ بِهِ أَيْ قَطْعًا حَقِيقِيًّا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَا مَنِيٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَادِرًا) هِيَ لِلرَّدِّ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ وَلِلتَّعْمِيمِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَقَوْلُهُ: كَدَمٍ أَيْ دَمِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ اسْتِحَاضَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَوْ نَادِرًا أَيْ وَلَوْ كَانَ الْخَارِجُ الْمُلَوَّثُ نَادِرًا وَهَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ النَّادِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ الْحَجَرِ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ: كَدَمٍ أَيْ حَيْضًا، أَوْ نِفَاسًا، أَوْ اسْتِحَاضَةً وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ " إنَّ الْحَجَرَ لَا يَصِلُ إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ " مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِ عَدَمِ وُصُولِ الْحَجَرِ إلَيْهِ الْخِرْقَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْحَجَرِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي بَوْلِ الثَّيِّبِ الَّذِي وَصَلَ إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ لَيْسَ لِأَجْلِ عَدَمِ وُصُولِ الْحَجَرِ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ بَلْ لِانْتِشَارِ الْبَوْلِ وَنَجَاسَتِهِ وَمُجَاوَزَتِهِ مَحَلَّهُ الْمُعْتَادَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ) فِيهِ أَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ لَا يَشْمَلُ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ مُخَفَّفٌ كَمَا يَأْتِي فَلَعَلَّ فِيهِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ، أَوْ تَخْفِيفًا لَهَا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل.

قَوْلُهُ: إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ أَيْ لِمَعْنَى الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِالْمَحَلِّ عِنْدَ مُلَاقَاةِ عَيْنٍ نَجِسَةٍ مَعَ رُطُوبَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ مُزِيلٌ لَهَا بِهَذَا الْمَعْنَى لَكِنَّ كَلَامَهُ الْآتِيَ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمُلَوَّثِ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجَاسَةِ هُنَا عَيْنُهَا لَا الْوَصْفُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا:

ص: 93

(بِمَاءٍ) عَلَى الْأَصْلِ (أَوْ بِجِلْدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ كَجِلْدٍ دُبِغَ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُذَكًّى وَحَشِيشٍ وَخَزَفٍ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَوَّزَهُ حَيْثُ فَعَلَهُ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

ــ

[حاشية الجمل]

إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ) قِيلَ إنَّهُ مُفَعْوَلٌ لِأَجْلِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْفَاعِلَ لَمْ يَتَّحِدْ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ الْإِزَالَةِ الشَّخْصُ وَفَاعِلَ الْوُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءُ إلَّا أَنْ يُقَالَ اتَّحَدَ فِي الْمَعْنَى وَالتَّأْوِيلِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَيَسْتَنْجِي الشَّخْصُ وُجُوبًا إزَالَةً فَاتَّحَدَ حِينَئِذٍ، أَوْ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الِاتِّحَادَ فِي الْفَاعِلِ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَعْلِيلَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إزَالَةٌ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ قَالَ تَجِبُ الْإِزَالَةُ لِأَجْلِ الْإِزَالَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مُطْلَقًا، وَالْعَامِلُ فِيهِ " اسْتِنْجَاءٌ " - لِأَنَّهُ مِنْ مَعْنَاهُ -، أَوْ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُزِيلًا إلَخْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَعْلِيلُ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إزَالَةٌ خَاصَّةٌ وَقَوْلُهُ: إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ عَامٌّ لِكُلِّ نَجَاسَةٍ اهـ شَيْخُنَا وَأَجَابَ شَيْخُنَا ح ف بِأَنَّا نُجَرِّدُ الِاسْتِنْجَاءَ عَنْ مَعْنَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَيْ أَنَّهُ بِمَعْنَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، أَوْ الْحَجَرِ فِي مَحَلِّ الْخَارِجِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْلِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ جَارِيًا عَلَى الْكَثِيرِ الْغَالِبِ وَكَانَ مُرَادُهُ بِهَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ يُسْتَغْنَى عَنْ الدَّلِيلِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ شَيْخُنَا.

وَشَمِلَ مَاءَ زَمْزَمَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْخَطِيبِ وحج وَقَالَ شَيْخُنَا خِلَافُ الْأَوْلَى لِمَا قِيلَ: إنَّهُ يُورِثُ الْبَاسُورَ، وَيُلْحَقُ بِهِ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى، أَوْ الْكَرَاهَةِ مَا نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم وَمَاءُ الْكَوْثَرِ، وَالْمَاءُ الْمَغْصُوبُ عَلَى أَهْلِهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِجَامِدٍ طَاهِرٍ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى شُرُوطِ الْحَجَرِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى شُرُوطِهِ مِنْ حَيْثُ الْخَارِجُ وَهِيَ سِتَّةٌ وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثًا إلَخْ إشَارَةٌ إلَى شُرُوطِهِ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا: أَوْ بِجَامِدٍ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَافًّا لَا رُطُوبَةَ فِيهِ وَلَا فِي الْمَحَلِّ بِغَيْرِ عَرَقٍ وَهَلْ مِثْلُ الْعَرَقِ مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ، ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ أَيْضًا قَبْلَ جَفَافِ الْمَحَلِّ، ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ حِينَئِذٍ بِالْحَجَرِ الظَّاهِرُ لَا وَقَوْلُهُمْ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَاطُ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ مَحَلُّهُ فِي نَجَاسَةٍ عُفِيَ عَنْهَا فَلَمْ تَجِبْ إزَالَتُهَا وَالنَّجَاسَةُ الَّتِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ تَجِبُ إزَالَتُهَا وَلَا يُعْفَى عَنْهَا فَيَضُرُّ اخْتِلَاطُهَا بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: قَالِعٍ) أَيْ وَلَوْ حَرِيرًا لِلرِّجَالِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بِإِبَاحَتِهِ لَهُمْ كَالضَّبَّةِ الْجَائِزَةِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ اللُّبْسِ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْحُكْمُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَتَفْصِيلُ الْمُهِمَّاتِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَغَيْرِهِمْ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا فِي الْعُرْفِ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَمَا ذَهَبَ لَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّبَّةِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الِاحْتِيَاجَ إلَيْهَا.

ثُمَّ أُلْحِقَ بِهَا الصَّغِيرَةُ الَّتِي لِلزِّينَةِ لِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ فِيهَا وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْحَرِيرِ أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ فَجَازَ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ فَإِنْ فُرِضَ حَاجَةٌ إلَيْهِ لِفَقْدِ غَيْرِهِ جَازَ لِلرِّجَالِ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَجِلْدٍ دُبِغَ) مِثَالٌ لِمَا وُجِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ وَهَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ الْمَدْبُوغُ لَا يَجْزِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُؤْكَلُ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ بِقَوْلِهِ، وَالْمَدْبُوغُ انْتَقَلَ بِالدَّبْغِ إلَخْ وَكَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَدْبُوغِ خِلَافُ الْأَصَحِّ مِنْهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ جِلْدٌ دُبِغَ دُونَ غَيْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ فِيهِمَا وَجْهُ الْإِجْزَاءِ فِي الْمَدْبُوغِ أَنَّهُ انْتَقَلَ بِالدَّبْغِ عَنْ طَبْعِ اللُّحُومِ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يُؤْكَلُ وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي غَيْرِ الْمَدْبُوغِ أَنَّهُ مَطْعُومٌ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ هُوَ يُقَدُّ فَيُلْحَقُ بِالثِّيَابِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُذَكًّى هَذِهِ الْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ لَا لِلرَّدِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ وَنَبَّهَ بِهَا عَلَى دَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْمُذَكَّى أَصْلُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ نَجَسٌ فَرُبَّمَا يُسْتَصْحَبُ فِيهِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا كَجِلْدٍ دُبِغَ) قَالَ فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ إلَّا جِلْدَ الْمُصْحَفِ أَيْ الْمُنْفَصِلَ الَّذِي انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ، أَوْ لَمْ تَنْقَطِعْ لِغِلَظِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ وَإِنَّمَا حَلَّ مَسُّهُ فِي الْأَوَّلِ مَعَ الْحَدَثِ لِخِفَّتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَى قِيَاسِهِ كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ أَشَدُّ حُرْمَةً اهـ حَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَخَزَفٍ) وَهُوَ مَا شُوِيَ مِنْ الطِّينِ حَتَّى صَارَ فَخَّارًا.

وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الْخَزَفُ الطِّينُ الْمَعْمُولُ آنِيَةً قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ وَهُوَ الصَّلْصَالُ، وَإِذَا شُوِيَ فَهُوَ الْفَخَّارُ اهـ ع ش لَكِنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ الْأَعَمُّ مِنْ الْمَشْوِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ فَعَلَهُ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ إلَخْ) إنَّمَا جَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ فَعَلَهُ دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ لَا أَنَّهُ جَوَّزَهُ بِالْقَوْلِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَرَ بِهِ إلَخْ أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ لَنَا وَلَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْ

ص: 94

وَأَمَرَ بِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَنَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَقِيسَ بِالْحَجَرِ غَيْرُهُ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ وَالْمَدْبُوغُ انْتَقَلَ بِالدَّبْغِ عَنْ طَبْعِ اللُّحُومِ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ، وَخَرَجَ بِالْمُلَوَّثِ: غَيْرُهُ - كَدُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوْثٍ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ لِفَوَاتِ مَقْصُودِهِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَخْفِيفِهَا لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ -، وَبِزِيَادَتِي " لَا مَنِيٍّ ": الْمَنِيُّ فَكَذَلِكَ لِذَلِكَ، وَبِالْجَامِدِ: الْمَائِعُ غَيْرُ الْمَاءِ، وَبِالطَّاهِرِ

ــ

[حاشية الجمل]

لَا يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَلِذَلِكَ أَتَى بِالثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَنَهَى صلى الله عليه وسلم إلَخْ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ اهـ تَقْرِيرُ عَشْمَاوِيٍّ لَكِنَّ فِيهِ أَنَّ الْعَدَدَ غَيْرُ مُدَّعًى هُنَا حَتَّى يُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بَلْ ادَّعَاهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ وَيَمْسَحُ ثَلَاثًا وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِهَذَا الدَّلِيلِ نَفْسِهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ) الْبَاءُ بِمَعْنَى " فِي " وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي شَرْحِ السَّعْدِ عَلَى الْبُرْدَةِ تَخْصِيصُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَصِحَّ إبْدَالُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ صَحَّ فَلَا امْتِنَاعَ كَمَا هُنَا فَيَصِحُّ التَّرْكِيبُ وَلَوْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ الثَّانِيَةِ بِمَعْنَى فِي كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.

(قَوْلُهُ: بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) وَقَدْ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ كَمَا لَوْ كَانَ بِمَكَانٍ لَا مَاءَ فِيهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ فَوْرًا لِئَلَّا يَجِفَّ الْخَارِجُ فَيَلْزَمَ فِعْلُ الصَّلَاةِ بِدُونِ اسْتِنْجَاءٍ اهـ م ر وَكَذَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اسْتَنْجَى بِالْحَجَرِ أَدْرَكَ الْوَقْتَ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ خَرَجَ الْوَقْتُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالْحَجَرِ غَيْرُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ إمَامُنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ح ل.

وَعِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ مَعَ شَرْحِهَا لِلْمَحَلِّيِّ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الرُّخَصِ قَالَ: لِأَنَّهَا لَا يُدْرَكُ الْمَعْنَى فِيهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُدْرَكُ فِي بَعْضِهَا فَيَجْرِي فِيهِ الْقِيَاسُ كَقِيَاسِ غَيْرِ الْحَجَرِ عَلَيْهِ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ الَّذِي هُوَ رُخْصَةٌ بِجَامِعِ الْجَامِدِ الطَّاهِرِ الْقَالِعِ وَأَخْرَجَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ عَنْ الْقِيَاسِ بِكَوْنِهِ فِي مَعْنَى الْحَجَرِ وَسَمَّاهُ دَلَالَةَ النَّصِّ انْتَهَتْ. وَكَتَبَ عَلَيْهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ عِنْدَنَا بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ بِقِسْمَيْهِ الْأَوْلَى، وَالْمُسَاوِي اهـ وَحِينَئِذٍ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِبَارَةُ الْمَانِعِ لِلْقِيَاسِ كَمَا عَلِمْت؛ لِأَنَّ مَنْ جَعَلَهُ فِي مَعْنَاهُ يَقُولُ لَا قِيَاسَ وَيَعُدُّ ذَلِكَ: فِي كَوْنِ هَذَا مِنْ الرُّخَصِ نَظَرٌ؛ إذْ يَعْتَبِرُ فِيهَا تَغَيُّرُ الْحُكْمِ إلَى سُهُولَةٍ لِأَجْلِ عُذْرٍ وَهُنَا لَا عُذْرَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ؛ إذْ يَجُوزُ وَلَوْ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ وَلَا سُهُولَةَ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ مِنْ وُجُوبٍ إلَى وُجُوبٍ فَإِنْ قُلْت الْوُجُوبُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَسْهَلُ مِنْ حَيْثُ مُوَافَقَتُهُ لِغَرَضِ النَّفْسِ قُلْت النَّفْسُ إلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ أَمْيَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالرُّخَصِ فِي بَابِ الْقِيَاسِ غَيْرَ مَعْنَاهَا الْمَعْرُوفِ فَلْيُبَيِّنْ ذَلِكَ الْغَيْرَ اهـ لِكَاتِبِهِ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَقِيسَ بِالْحَجَرِ) أَيْ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ الْحَجَرُ الْمَعْرُوفُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْجَبَلِ وَمِثْلُهُ الْحَجَرُ الْأَحْمَرُ الْمَعْرُوفُ فِي زَمَانِنَا وَهُوَ اللَّبِنُ الْمَحْرُوقُ مَا لَمْ يُعْلَمْ اخْتِلَاطُهُ بِالنَّجَاسَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَالْمَدْبُوغُ انْتَقَلَ بِالدَّبْغِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُعَدُّ مَطْعُومًا، وَإِنْ جَازَ أَكْلُهُ فِي الْمُذَكَّاةِ اتِّفَاقًا وَعَلَى الْجَدِيدِ الْمَرْجُوحِ فِي الْمَيْتَةِ أَيْ مَيْتَةِ الْمُذَكَّاةِ وَالْمُفْتَى بِهِ حُرْمَةُ أَكْلِ الْمَدْبُوغِ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ مَيْتَةَ الْمَأْكُولِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجّ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ اهـ ح ل.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَخْ أَيْ فَجَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يُؤْكَلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْأَقْوَالُ فِي جِلْدِ الْمُذَكَّاةِ، أَمَّا جِلْدُ مَيْتَتِهَا إذَا دُبِغَ فَالْقَدِيمُ مَنْعُ أَكْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَمَّا جِلْدُ مَا لَا يُذَكَّى كَالْحِمَارِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ قَطْعًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا اسْتِنْجَاءَ وَاجِبٌ لِدُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوْثٍ فِي الْأَظْهَرِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ كَالرِّيحِ وَالثَّانِي نَعَمْ؛ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ الرُّطُوبَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَجَمَعَ بَيْنَ الدُّودِ، وَالْبَعْرِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ وَقَدْ نَقَلَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ النَّوْمِ وَالرِّيحِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ يُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ رَطْبًا، أَوْ يَابِسًا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عِنْدَ تَرَطُّبِ الْمَحَلِّ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مَرْدُودٌ.

فَقَدْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَصَرَّحَ الشَّيْخُ نَصْرٌ بِتَأْثِيمِ فَاعِلِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْهُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ لِذَلِكَ أَيْ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ هَكَذَا صَنَعَ الْحَوَاشِيَ كَالْحَلَبِيِّ والشبراملسي وَلَمْ يُرْجِعُوا الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِهِ فَكَذَلِكَ إلَى الِاسْتِدْرَاكِ أَيْضًا حَتَّى يُفِيدَ رُجُوعُهَا إلَيْهِ أَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا بِوُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْمَنِيِّ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قَوْلٌ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُسَنُّ غُسْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ

ص: 95

النَّجَسُ كَبَعْرٍ، وَبِالْقَالِعِ: غَيْرُهُ كَالْقَصَبِ الْأَمْلَسِ، وَبِغَيْرِ مُحْتَرَمٍ: الْمُحْتَرَمُ كَالْمَطْعُومِ، وَبِالْمَدْبُوغِ: غَيْرُهُ فَلَا يُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ وَيَعْصِي بِهِ فِي الْمُحْتَرَمِ

ــ

[حاشية الجمل]

كَمَا قَالَ ح ل فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ ذَلِكَ الْغُسْلَ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِنْجَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُوجِبُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنِيُّ عَلَى الْفَرْجِ، أَوْ عَلَى الثَّوْبِ وَنَحْنُ نَقُولُ يُسَنُّ لَنَا غُسْلُهُ عَنْهُمَا مُرَاعَاةً لَهُ انْتَهَى لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْقَالِعِ غَيْرُهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِخِلَافِ مَا لَمْ يَقْلَعْ لِمَلَاسَتِهِ، أَوْ لُزُوجَتِهِ أَوْ رَخَاوَتِهِ، أَوْ تَنَاثُرِ أَجْزَائِهِ كَالْفَحْمِ الرَّخْوِ وَالتُّرَابِ الْمُتَنَاثِرِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَالْقَصَبِ الْأَمْلَسِ) وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّ ذِي أَنَابِيبَ أَيْ عُقَدٍ فَيَشْمَلُ الْبُوصَ وَالذُّرَةَ، وَالْخَيْزُرَانَ وَنَحْوَ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمَحَلُّ عَدَمِ إجْزَاءِ الْقَصَبِ الْأَمْلَسِ فِي غَيْرِ جُدُورِهِ وَفِيمَا لَمْ يَشُقَّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: كَالْمَطْعُومِ) وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِيهِ الرِّبَا وَهُوَ أَنْوَاعٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا مَطْعُومَ الْجِنِّ، وَالْآدَمِيِّ، وَأَمَّا مَطْعُومُ الْبَهَائِمِ كَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَالْمَطْعُومُ لَهَا وَلِلْآدَمِيِّ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَغْلَبُ فَإِنْ اسْتَوَيَا غُلِّبَ الْآدَمِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ، وَأَمَّا الثِّمَارُ، وَالْفَوَاكِهُ فَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا لَا يَابِسًا كَالْيَقْطِينِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ رَطْبًا وَيَجُوزُ يَابِسًا إنْ كَانَ مُزِيلًا وَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَيَابِسًا وَهُوَ أَنْوَاعٌ: مَأْكُولُ الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِرَطْبِهِ وَلَا يَابِسِهِ، وَمَأْكُولُ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ كَالْخَوْخِ، وَالْمِشْمِشِ وَكُلِّ ذِي نَوًى فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِظَاهِرِهِ وَيَجُوزُ بِنَوَاهُ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ وَمَا لَهُ قِشْرٌ وَمَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِلُبِّهِ، وَأَمَّا قِشْرُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا كَالرُّمَّانِ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ حَبُّهُ فِيهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ أُكِلَ رَطْبًا وَيَابِسًا كَالْبِطِّيخِ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ أُكِلَ رَطْبًا فَقَطْ كَاللَّوْزِ الْأَخْضَرِ، وَالْبَاقِلَاءِ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ يَابِسًا لَا رَطْبًا، وَإِنَّمَا جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَطْعُومٌ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ النَّجَسَ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر.

1 -

(قَوْلُهُ أَيْضًا: كَالْمَطْعُومِ) أَيْ وَلَوْ قِشْرَ بِطِّيخٍ وَأَشَارَ بِالْكَافِ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ الْمُحْتَرَمِ فِي الْمَطْعُومِ فَمِنْهُ حِجَارَةُ الْمَسْجِدِ لَا حِجَارَةُ الْحَرَمِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْهُ جِلْدُ الْمُصْحَفِ وَلَوْ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُحْتَرَمُ أَنْوَاعٌ مِنْهَا مَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ كَالْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ وَمَا كَانَ آلَةً لِذَلِكَ أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَفَلْسَفَةٍ وَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ عُلِمَ تَبْدِيلُهُمَا وَخُلُوُّهُمَا عَنْ اسْمٍ مُعَظَّمٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَمِنْهَا الْمَطْعُومُ غَيْرُ الْمَاءِ وَلَوْ عَظْمًا، وَإِنْ حُرِقَ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ وَقَالَ إنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ» فَمَطْعُومُ الْإِنْسِ أَوْلَى سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ، أَوْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ لَهُ أَوْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا لِلْآدَمِيِّ، وَالْبَهَائِمِ عَلَى السَّوَاءِ بِخِلَافِ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْبَهَائِمُ، أَوْ كَانَ اسْتِعْمَالُهَا لَهُ أَغْلَبَ وَمِنْهَا جُزْءُ حَيَوَانٍ مُتَّصِلٍ بِهِ وَلَوْ فَأْرَةً، أَوْ جُزْءُ آدَمِيٍّ مُنْفَصِلٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا إنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ حَيْثُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ وَكَانَ قَالِعًا كَشَعْرِ مَأْكُولٍ وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ وَرِيشِهِ وَيَجُوزُ بِنَحْوِ قِشْرِ الْجَوْزِ الْيَابِسِ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ لُبُّهُ فِيهِ انْتَهَتْ وَمِنْهُ حِجَارَةُ الْمَسْجِدِ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ فَإِنْ بِيعَتْ بَيْعًا صَحِيحًا وَانْقَطَعَتْ نِسْبَتُهَا عَنْهُ صَحَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا وَجَازَ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ اهـ مِنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الشَّامِلِ وَأَقَرَّهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: كَالْمَطْعُومِ) أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَحْرُمُ إلْقَاءُ الْخُبْزِ لِلْكِلَابِ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَيُرَدُّ أَوَّلًا بِأَنَّ الرَّامِيَ لِلْخُبْزِ لَمْ يَقْصِدْ تَنْجِيسَهُ وَلَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ إلْقَائِهِ لِلْكِلَابِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الشَّيْءِ كَوْنُهُ بِقَصْدٍ وَثَانِيًا بِتَقْدِيرِ أَنَّ فِيهِ تَنْجِيسًا مَقْصُودًا لِلرَّامِي لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ التَّنْجِيسِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ وَهَذَا لِحَاجَةٍ أَيُّ حَاجَةٍ وَهِيَ إزَالَةُ ضَرُورَةِ الْكِلَابِ، وَإِبْقَاءُ أَرْوَاحِهَا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْجَوَازِ إلْقَاءُ نَحْوِ قِشْرِ الْبِطِّيخِ لِلدَّوَابِّ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَنْجِيسِهَا اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَيَعْصِي بِهِ فِي الْمُحْتَرَمِ) أَيْ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِنْجَاءَ الشَّرْعِيَّ، أَوْ لَا وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّا لَا يُجْزِئُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِنْجَاءَ الشَّرْعِيَّ، وَإِلَّا فَلَا اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَيَعْصِي بِهِ فِي الْمُحْتَرَمِ) وَحُرْمَةُ الْمَطْعُومِ خَاصَّةٌ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِخِلَافِ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ بِهِ، أَوْ غَسْلِ أَيْدٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ بَحَثَ تَخْصِيصَ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ

ص: 96

رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ وَقَالَ فَإِنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ» فَمَطْعُومُ الْإِنْسِ كَالْخُبْزِ أَوْلَى وَلِأَنَّ الْقَصَبَ الْأَمْلَسَ وَنَحْوَهُ لَا يَقْلَعُ وَغَيْرُ الْمَدْبُوغِ نَجَسٌ أَوْ مُحْتَرَمٌ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الْجَامِدُ (بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ) الْمُلَوَّثُ (مِنْ فَرْجٍ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يُجْزِئُ الْجَامِدُ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ كَثَقْبٍ مُنْفَتِحٍ وَكَذَا فِي قُبُلَيِ الْمُشْكِلِ (وَ) أَنْ (لَا يَجِفَّ) فَإِنْ جَفَّ تَعَيَّنَ الْمَاءُ (وَ) أَنْ (لَا يُجَاوِزَ صَفْحَةً) فِي الْغَائِطِ وَهِيَ مَا يَنْضَمُّ مِنْ الْأَلْيَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ (وَحَشَفَةً) فِي الْبَوْلِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمَطْعُومِ بِالِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى يَجُوزَ إزَالَةُ الدَّمِ بِالْمِلْحِ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْخُبْزِ وَاسْتَبْعَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَالَ م ر يَنْبَغِي الْجَوَازُ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ، أَوْ كَانَ هُوَ أَقْوَى أَوْ أَسْرَعَ تَأْثِيرًا فِي الْإِزَالَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ النَّجَسَ إنْ تَوَقَّفَ زَوَالُهُ عَلَى نَحْوِ مِلْحٍ مِمَّا اُعْتِيدَ امْتِهَانُهُ جَازَ لِلْحَاجَةِ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: رَوَى مُسْلِمٌ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الْكُلِّ، وَالْعِصْيَانِ فِي الْمُحْتَرَمِ فَقَوْلُهُ: نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ أَيْ وَالنَّهْيُ يُفِيدُ الْفَسَادَ وَهُوَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْقَصَبَ الْأَمْلَسَ وَنَحْوَهُ: دَخَلَ فِي النَّحْوِ الْمَائِعُ غَيْرُ الْمَاءِ وَالنَّجِسُ، وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمَدْبُوغِ نَجَسٌ أَيْ فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَلِأَنَّ الْقَصَبَ الْأَمْلَسَ وَنَحْوَهُ لَا يَقْلَعُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مُحْتَرَمٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ أَيْ فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ فَمَطْعُومُ الْإِنْسِ كَالْخُبْزِ أَوْلَى اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ) أَيْ وَإِنْ حُرِقَ فَحُرْمَتُهُ بَاقِيَةٌ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِلْدِ إذَا دُبِغَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ، وَالْعَظْمِ إذَا حُرِقَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْجِلْدَ انْتَقَلَ مِنْ حَالَةِ النُّقْصَانِ إلَى حَالَةِ الْكَمَالِ فَلِذَلِكَ أَجْزَأَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِخِلَافِ الْعَظْمِ فَإِنَّ الَّذِي يَكْسِيهِ لَحْمًا كَمَا قَبْلَ حَرْقِهِ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ وَوَقَعَ لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فَإِنَّهَا وَلَعَلَّهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ) هَذَا مُدْرَجٌ مِنْ الرَّاوِي، أَوْ مِنْ نَقْلَةِ الْمَذْهَبِ اهـ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي لَيْلَةِ الْجِنِّ وَفِي آخِرِهِ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ: كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إخْوَانِكُمْ الْجِنِّ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد كَذَلِكَ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ كُلُّ عَظْمٍ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الْأُولَى فِي حَقِّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ وَالثَّانِيَةَ فِي حَقِّ كَافِرِيهِمْ قَالَ شَيْخُنَا: وَهَلْ يَأْكُلُونَ عِظَامَ الْمَيْتَةِ، أَوْ لَا رَاجِعْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْجِنَّ يَأْكُلُونَ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ يَتَغَذَّوْنَ بِالشَّمِّ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّ خَوَاصَّ الْجِنِّ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ وَلَا يَتَنَاكَحُونَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَالْخُبْزِ) أَيْ مَا لَمْ يُحْرَقْ وَإِلَا جَازَ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَطْعُومِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْعَظْمَ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِحَرْقِهِ عَنْ كَوْنِهِ مَطْعُومًا لِلْجِنِّ وَيَحْرُمُ حَرْقُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقِيلَ يَجُوزُ حَرْقُ الْعَظْمِ وَهَلْ نَفْسُ الْعَظْمِ هُوَ الْمَطْعُومُ لَهُمْ أَوْ يَعُودُ لَهُمْ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَهَلْ يَأْكُلُونَ عِظَامَ الْمَيْتَةِ أَيْضًا؟ رَاجِعْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْمَدْبُوغِ نَجَسٌ) أَيْ إذَا كَانَ جِلْدَ مَيْتَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُحْتَرَمٌ أَيْ إذَا كَانَ مِنْ مُذَكًّى.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدْبُوغِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَطْعُومٌ بِحَالِهِ أَوْ نَجَسٌ، وَالْأَوْجَهُ فِي جِلْدِ حُوتٍ كَبِيرٍ جَافٍّ أَنَّهُ إنْ قَوِيَتْ صَلَابَتُهُ بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ لَمْ يَلِنْ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ فَرْجٍ) أَيْ فَرْجٍ وَاضِحٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَثَقْبٍ مُنْفَتِحٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ انْسِدَادُ الْفَرْجِ خِلْقِيًّا وَإِلَّا أَجْزَأَ الْحَجَرُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ اهـ م ر بِالْمَعْنَى اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَجِفَّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ، أَوْ تَعِبَ يَتْعَبُ اهـ مُخْتَارٌ فَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَنْ لَا يَجِفَّ) أَيْ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ وَاتَّصَلَ فَإِنْ جَفَّ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ وَاتَّصَلَ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْجَامِدَ يَقْلَعُهُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مَا يُجَانِسُ هَذَا الْجَافَّ وَيَصِلْ إلَى جَمِيعِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَإِلَّا أَجْزَأَ الْحَجَرُ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهُ.

وَفِي الْكَنْزِ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْجَافِّ كَأَنْ بَالَ، ثُمَّ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ أَمْذَى فَلَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ ز ي.

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْيَ وَالْوَدْيَ مِنْ جِنْسِ الْبَوْلِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر اهـ ح ف.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ نَقَلَهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ هُنَا أَنْ يَكُونَ الطَّارِئُ الثَّانِيَ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ ابْتِدَاءً لَكَفَى فِيهِ الْحَجَرُ وَحِينَئِذٍ يَكْفِي طُرُوُّ نَحْوِ مَذْيٍ وَوَدْيٍ وَدَمٍ وَقَيْحٍ خَرَجَ مِنْ مَثَانَةِ الْبَوْلِ أَيْ مَعِدَتِهِ بَعْدَ جَفَافِ الْبَوْلِ فِي إجْزَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِمَا إذَا خَرَجَ بَوْلٌ لِلْغَالِبِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ " يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي خُرُوجِ الْقَيْحِ وَالدَّمِ " مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ نَحْوِ بَثْرَةٍ فِي رَأْسِ الذَّكَرِ، وَأَمَّا الْمَنِيُّ فَلَيْسَ مِنْ

ص: 97

وَهِيَ مَا فَوْقَ الْخِتَانِ وَإِنْ انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَوْقَ الْعَادَةِ لِمَا صَحَّ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَكَلُوا التَّمْرَ لَمَّا هَاجَرُوا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَتَهُمْ فَرَقَّتْ بُطُونُهُمْ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ ضَبْطُهُ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِالصَّفْحَةِ وَالْحَشَفَةِ فَإِنْ جَاوَزَهُمَا لَمْ يُجْزِ الْجَامِدُ لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَفِي مَعْنَاهُ وُصُولُ بَوْلِ الثَّيِّبِ مَدْخَلَ الذَّكَرِ (وَ) أَنْ (لَا يَتَقَطَّعَ) وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهُمَا فَإِنْ تَقَطَّعَ تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْمُتَقَطِّعِ وَأَجْزَأَ الْجَامِدُ فِي غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) أَنْ (لَا يَنْتَقِلَ) الْمُلَوَّثُ عَنْ الْمَحَلِّ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَاسْتَقَرَّ فِيهِ (وَ) أَنْ (لَا يَطْرَأَ) عَلَيْهِ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْ نَجَسٍ أَوْ طَاهِرٍ رَطْبٍ فَإِنْ انْتَقَلَ الْمُلَوَّثُ أَوْ طَرَأَ مَا ذُكِرَ تَعَيَّنَ الْمَاءُ (وَ) أَنْ (يَمْسَحَ ثَلَاثًا) وَلَوْ بِأَطْرَافِ.

حَجَرٍ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ «سَلْمَانَ قَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَفِي مَعْنَاهَا ثَلَاثَةُ أَطْرَافِ حَجَرٍ بِخِلَافِ رَمْيِ الْجِمَارِ لَا يَكْفِي حَجَرٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ عَنْ ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ عَدَدُ الرَّمْيِ وَهُنَا عَدَدُ الْمَسَحَاتِ (وَ) أَنْ (يَعُمَّ) الْمَحَلَّ (كُلَّ مَرَّةٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

الْجِنْسِ فَلَا بُدَّ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ هَكَذَا تَحَرَّرَ فِي الدَّرْسِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا فَوْقَ الْخِتَانِ) فِي الْمِصْبَاحِ خَتَنَ الْخَاتِنُ الصَّبِيَّ خَتْنًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالِاسْمُ الْخِتَانُ بِالْكَسْرِ وَيُطْلَقُ الْخِتَانُ عَلَى مَوْضِعِ الْقَطْعِ مِنْ الْفَرْجِ اهـ لَكِنْ يُنْظَرُ مَا مَعْنَى الْفَوْقِيَّةِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ الْمُتَبَادَرَ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مَا تَحْتَ الْخِتَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ اعْتِبَارَ إقَامَةِ الذَّكَرِ عِنْدَ انْتِصَابِهِ جِدًّا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَكَلُوا التَّمْرَ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَرَقَّتْ بُطُونُهُمْ أَيْ وَمَنْ رَقَّ بَطْنُهُ انْتَشَرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ جَاوَزَهُمَا لَمْ يَجُزْ الْجَامِدُ) وَلَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ بِمُجَاوَزَةِ الصَّفْحَةِ، وَالْحَشَفَةِ دَائِمًا أَجْزَأَهُ الْحَجَرُ لِلضَّرُورَةِ اهـ حَجّ قَالَ م ر وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجْزِ الْجَامِدُ) أَيْ لَا فِي الْمُجَاوِزِ وَلَا فِي الدَّاخِلِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ وُصُولُ بَوْلِ الثَّيِّبِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الثَّيِّبَ إذَا بَالَتْ نَزَلَ الْبَوْلُ إلَيْهِ فَإِذَا تَحَقَّقَتْ ذَلِكَ وَجَبَ تَطْهِيرُهُ بِالْمَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَحَقَّقْهُ لَمْ يَجِبْ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ اهـ ز ي.

وَفِي ع ش عَلَى م ر وَيَتَعَيَّنُ أَيْ الْمَاءُ فِي بَوْلِ ثَيِّبٍ أَوْ بِكْرٍ وَصَلَ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ يَقِينًا وَيُوَجَّهُ مَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِهِ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ انْتِشَارُهُ عَنْ مَحَلِّهِ إلَى مَا يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ فَلَيْسَ السَّبَبُ عَدَمَ وُصُولِ الْحَجَرِ لِمَدْخَلِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْخِرْقَةِ يَصِلُ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَقَطَّعَ) التَّقَطُّعُ الِانْفِصَالُ ابْتِدَاءً، وَالِانْتِقَالُ الِانْفِصَالُ بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ، وَالِانْتِشَارُ هُوَ السَّيَلَانُ مُتَّصِلًا فِي الِابْتِدَاءِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَطَّعَ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ دَاخِلَ الصَّفْحَةِ، وَالْحَشَفَةِ؛ إذْ مَا جَاوَزَهُمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ جَاوَزَهُمَا إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَقَطَّعَ أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ الصَّفْحَةِ، وَالْحَشَفَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهُمَا أَيْ الصَّفْحَةَ، وَالْحَشَفَةَ أَيْ سَوَاءٌ أَجَاوَزَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوْ لَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَنْتَقِلَ) أَيْ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِوَاسِطَةِ إدَارَةِ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَضُرُّ النَّقْلُ الْحَاصِلُ مِنْ الْإِدَارَةِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِهِ مُضِرًّا مَحْمُولٌ عَلَى نَقْلٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ انْتَهَتْ وَيَنْبَغِي لِكُلٍّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ الِاسْتِرْخَاءُ لِئَلَّا يَبْقَى أَثَرُ النَّجَاسَةِ فِي تَضَاعِيفِ شَرْجِ الْمَقْعَدَةِ وَكَذَا أَثَرُ الْبَوْلِ فِي تَضَاعِيفِ بَاطِنِ الشُّفْرَيْنِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَاسْتَقَرَّ فِيهِ) ، وَأَمَّا قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ فَلَا يَضُرُّ الِانْتِقَالُ إلَّا إذَا جَاوَزَ الصَّفْحَةَ، وَالْحَشَفَةَ اهـ ح ف. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَطْرَأَ أَجْنَبِيٌّ) الطُّرُوُّ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ مَوْجُودًا قَبْلُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَقَلَ الْمُلَوَّثُ) أَيْ مَعَ الِاتِّصَالِ؛ إذْ الْمُنْفَصِلُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ تَقَطَّعَ إلَخْ أَيْ وَمَعَ كَوْنِهِ دَاخِلَ الصَّفْحَةِ، وَالْحَشَفَةِ؛ إذْ الْمُجَاوِزُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ جَاوَزَهُمَا إلَخْ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثًا) لَوْ شَكَّ فِي الْعَدَدِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ ضَرَّ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ كَذَا قَرَّرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ وَنَظِيرُهُ الشَّكُّ فِي التَّيَمُّمِ فِي مَسْحِ عُضْوٍ وَالشَّكُّ فِي مَسْحِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش وَلَوْ شَكَّ فِي الثَّلَاثَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يَضُرَّ قِيَاسًا عَلَى الشَّكِّ فِي غَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ اهـ حَجّ انْتَهَتْ.

وَلَوْ غَسَلَ الْحَجَرَ وَجَفَّ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ ثَانِيًا كَدَوَاءٍ دُبِغَ بِهِ وَتُرَابٍ اُسْتُعْمِلَ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ، وَفَارَقَ الْمَاءَ بِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْ حُكْمَ النَّجَاسَةِ بَلْ خَفَّفَهَا وَفَارَقَ تُرَابَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ) بِأَنْ لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الثَّانِيَةِ فَتَجُوزُ هِيَ وَالثَّالِثَةُ بِطَرَفٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَفَّفَ النَّجَاسَةَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَلِكَوْنِ التُّرَابِ بَدَلَهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ اهـ حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ) وَصِيغَةُ النَّهْيِ «لَا يَسْتَنْجِ أَحَدُكُمْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» كَمَا بَيَّنَهُ صَاحِبُ الْمَوَاهِبِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ وَلِكَوْنِ دَلَالَةِ الْحَجَرِ عَلَى الطَّهَارَةِ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ لِعَدَمِ إزَالَتِهِ الْأَثَرَ اُحْتِيجَ إلَى الِاسْتِظْهَارِ بِالْعَدَدِ كَالْعِدَّةِ، وَالْأَقْرَاءِ، وَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ بِقُرْءٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ لَمَّا كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ قَطْعِيَّةً لِإِزَالَتِهِ الْعَيْنَ، وَالْأَثَرَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَا عَدَدٍ مِنْ الْمَرَّاتِ كَالْعِدَّةِ مِنْ الْحَمْلِ وَلَوْ لَمْ يَتَلَوَّثْ الْجَامِدُ فِي غَيْرِ الْأُولَى جَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الثَّالِثَةِ وَفَارَقَ الْمَاءَ بِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْ حُكْمَ النَّجَاسَةِ بَلْ خَفَّفَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُنَجِّسُ مَا لَاقَاهَا مَعَ رُطُوبَةٍ وَمَعَ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ فِي الثَّالِثَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الثَّانِيَةِ لَا كَرَاهَةَ كَمَا لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ

ص: 98

لِيَصْدُقَ بِتَثْلِيثِ الْمَسْحِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ سَنَّ ذَلِكَ (وَ) أَنْ (يُنْقِيَ) الْمَحَلَّ فَإِنْ لَمْ يُنْقِهِ بِالثَّلَاثِ وَجَبَ إنْقَاءٌ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ (وَسُنَّ إيتَارٌ) بِوَاحِدَةٍ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِوِتْرٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم «إذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَ) سُنَّ (أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْ مُقَدَّمِ صَفْحَةٍ يُمْنَى) وَيُدِيرَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا إلَى أَنْ يَصِلَ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مُقَدَّمِهَا الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ (ثُمَّ بِالثَّانِي مِنْ) مُقَدِّمَةِ صَحْفَةٍ (يُسْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ يُمِرَّ الثَّالِثَ عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ وَالْمَسْرَبَةِ جَمِيعًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) سُنَّ (اسْتِنْجَاءٌ بِيَسَارٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

فِي الثَّوْبِ مَرَّاتٍ قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِيَصْدُقَ بِتَثْلِيثِ الْمَسْحِ) أَيْ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِهِمْ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا لَاسْتَغْنَى عَنْ هَذَا أَيْ قَوْلِهِ: وَيَعُمُّ الْمَحَلَّ كُلَّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَيَمْسَحُ ثَلَاثًا يَصْدُقُ بِتَثْلِيثِ الْمَسْحِ وَبِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمَسْحُ مُطْلَقًا فِي الْمَحَلِّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُنْقِيَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ، وَ " الْمَحَلَّ " مَفْعُولٌ بِهِ وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ، وَالْقَافِ، وَالْمَحَلُّ فَاعِلٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ نَقِيَ الشَّيْءُ يَنْقَى مِنْ بَابِ تَعِبَ نَقَاءً بِالْفَتْحِ، وَالْمَدِّ وَنَقَاوَةً بِالْفَتْحِ نَظُفَ فَهُوَ نَقِيٌّ عَلَى فَعِيلٍ وَيُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَأَنْ يُنْقِيَ الْمَحَلَّ) وَلَوْ عَرِقَ الْمَحَلُّ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عُفِيَ عَنْهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَتَيْنِ اهـ م ر اهـ ع ش.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ فَعَرِقَ مَحَلُّهُ فَإِنْ سَالَ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَخْ شَامِلٌ لِمَا لَوْ سَالَ لِمَا لَاقَى الثَّوْبَ مِنْ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ غَسْلُهُ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ وَقَدْ يُقَالُ يُعْفَى عَمَّا يَغْلِبُ وُصُولُهُ إلَيْهِ مِنْ الثَّوْبِ.

وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُعْفَى عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ نَصُّهَا: وَإِنْ عَرِقَ مَحَلُّ الْأَثَرِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ لَعَسُرَ تَجَنُّبُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ هُنَا اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إزَالَةُ هَذَا الْأَثَرِ بِصِغَارِ الْخَزَفِ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَبَقَاءُ مَا لَا يُزِيلُهُ إلَّا صِغَارُ الْخَزَفِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَلَوْ خَرَجَ هَذَا الْقَدْرُ ابْتِدَاءً وَجَبَ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ وَفُرِّقَ مَا بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ وَلَا يَتَعَيَّنُ الِاسْتِنْجَاءُ بِصِغَارِ الْخَزَفِ الْمُزِيلَةِ لَهُ بَلْ يَكْفِي إمْرَارُ الْحَجَرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَوَّثْ كَمَا اكْتَفَى بِهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ إيتَارٌ) أَيْ لَا تَثْلِيثٌ بِخِلَافِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِيهِ التَّثْلِيثُ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يُنْزِلُوا مُزِيلَ الْعَيْنِ هُنَا مَنْزِلَةَ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَخْفِيفٍ، وَالْأَمْرَ هُنَا دَائِرٌ عَلَى حُصُولِ الْإِيتَارِ فَقَطْ رِعَايَةً لِلْأَمْرِ بِهِ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِوِتْرٍ سُنَّ ثِنْتَانِ لِيَحْصُلَ فَضْلُ التَّثْلِيثِ لِنَصِّهِمْ عَلَى نَدْبِهِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِزِيَادَةِ ثِنْتَيْنِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالطَّهَارَةِ، أَوْ بِشَفْعٍ سُنَّ ثَلَاثٌ: ثِنْتَانِ لِلتَّثْلِيثِ وَوَاحِدَةٌ لِلْإِيتَارِ مَرْدُودٌ عَمَلًا بِإِطْلَاقِهِمْ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الدُّبُرِ وَكَيْفِيَّتِهِ فِي الذَّكَرِ قَالَ الشَّيْخَانِ أَنْ يَمْسَحَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْحَجَرِ وَلَوْ أَمَرَّهُ عَلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوْلَى لِلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ أَنْ يُقَدِّمَ الْقُبُلَ وَبِالْحَجَرِ أَنْ يُقَدِّمَ الدُّبُرَ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ جَفَافًا اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبْدَأَ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) وَيُنْدَبُ وَضْعُ الْحَجَرِ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ بِقُرْبِ النَّجَاسَةِ وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ فِي الِاعْتِمَادِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكُلُّ حَجَرٍ مِنْ الْأَحْجَارِ الْوَاجِبَةِ لِكُلِّ الْمَحَلِّ أَيْ يَمْسَحُ بِكُلِّ حَجَرٍ كُلَّ الْمَحَلِّ فَيَضَعُ وَاحِدًا عَلَى مُقَدَّمِ صَفْحَتِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرُّهُ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ وَيَضَعُ الثَّانِيَ عَلَى مُقَدَّمِ الْيُسْرَى وَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ وَيُمِرُّ الثَّالِثَ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ وَالْمَسْرَبَةِ وَقِيلَ يُوَزَّعْنَ بِجَانِبَيْهِ، وَالْوَسَطِ فَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى وَبِالثَّانِي الْيُسْرَى وَبِالثَّالِثِ الْوَسَطَ، وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ لَا فِي الْوُجُوبِ وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَسْرَبَةِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَبِضَمِّ الْمِيمِ مَجْرَى الْغَائِطِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَاسْتِنْجَاءٌ بِيَسَارٍ) وَسُنَّ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِنَحْوِ الْأَرْضِ، ثُمَّ يَغْسِلَهَا وَيَنْضَحَ فَرْجَهُ، وَإِزَارَهُ بَعْدَهُ وَيَعْتَمِدَ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَلَا يَتَعَرَّضَ لِلْبَاطِنِ فَإِنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ إلَخْ أَيْ وَلَوْ بِمَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ نَجَاسَتَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الدَّلْكِ دَفْعُ الْوَسْوَسَةِ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَشُمَّ فِي يَدِهِ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ بَعْدُ فَيَحْمِلَهَا عَلَى أَنَّهَا مِمَّا دَلَّكَ بِهِ لَا مِنْ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ وَقَوْلُهُ: وَيَنْضَحَ فَرْجَهُ أَيْ بِأَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْمَاءِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِدَفْعِ الْوَسْوَاسِ قَالَ سم عَلَى الْبَهْجَةِ وَلَوْ كَانَ بِهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَهَلْ يُغْتَفَرُ اخْتِلَاطُهُ بِمَا يَنْضَحُ بِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِاحْتِرَازُ عَنْ الِاخْتِلَاطِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ قُلْت، وَالْأَقْرَبُ الِاغْتِفَارُ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِطَ بِالنَّضْحِ اخْتَلَطَ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ ضَرُورِيُّ الْحُصُولِ بَلْ اغْتِفَارُ هَذَا أَوْلَى مِنْ اغْتِفَارِ الْبَلَلِ الْحَاصِلِ مِنْ أَثَرِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ، أَوْ التَّنَظُّفِ الَّذِي قَالَ الشَّمْسُ

ص: 99