الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِلَّا فَيَمِينٍ) بِالْجَرِّ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَلِّي حَاجَةٌ فَيَنْصَرِفُ لِجِهَةِ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ (وَتَنْقَضِي قُدْوَةٌ بِسَلَامِ إمَامٍ) التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَا فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهَا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ (فَلِمَأْمُومٍ) مُوَافِقٍ (أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَسُجُودِ سَهْوٍ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ (ثُمَّ يُسَلِّمَ) وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ فِي الْحَالِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ مَعَ كَرَاهَةِ تَطْوِيلِهِ وَإِلَّا فَيَقُومُ فَوْرًا بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ قَعَدَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ) هُوَ (ثِنْتَيْنِ) إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الثَّانِيَةِ وَلِخُرُوجِهِ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بِالْأُولَى بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ (وَلَوْ مَكَثَ) بَعْدَهَا لِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ (فَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ) وَيَسَارِهِ إلَى الْمِحْرَابِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.
ــ
[حاشية الجمل]
انْصِرَافِهِ مِنْ مَكَانِ مُصَلَّاهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَمِينٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُنَافِيهِ أَنَّهُ يُسَنُّ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ الذَّهَابُ فِي طَرِيقٍ وَالرُّجُوعُ فِي أُخْرَى اهـ وَيُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ مَعَ التَّيَامُنِ أَنْ يَرْجِعَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ الْأُولَى وَإِلَّا رَاعَى مَصْلَحَةَ الْعَوْدِ فِي أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ شَهَادَةُ الطَّرِيقَيْنِ لَهُ أَكْثَرُ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ الِانْصِرَافُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيُنَافِي مَا قَرَّرَهُ أَوَّلًا لَكِنْ مَا قَرَّرَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الِانْصِرَافُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى مَكَان آخَرَ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْجِدِ هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْأُجْهُورِيُّ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَتَنْقَضِي قُدْوَةً إلَخْ) أَتَى بِهَذَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَلِمَأْمُومٍ إلَخْ اهـ ح ل أَيْ وَإِلَّا فَمَحَلُّهُ فِي بَابِ الْقُدْوَةِ وَالْقُدْوَةُ بِتَثْلِيثِ الْقَافِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْقُدْوَةُ اسْمُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ إذَا فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ تَأَسِّيًا وَالضَّمُّ أَكْثَرُ مِنْ الْكَسْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهَا إلَخْ) أَفْهَمُ مِنْهُ لَوْ سَلَّمَ مَعَهُ لَمْ يَضُرَّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي م ر فِي شَرْحِهِ اهـ ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا تَضُرُّ مُقَارَنَةُ الْمَأْمُومِ لَهُ فِيهَا وَلِذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ خَلْفَ الْإِمَامِ حِينَئِذٍ لَمْ تَنْعَقِدَ صَلَاتُهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ خِلَافًا لحج وَالْخَطِيبِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ.
(قَوْلُهُ فَلِمَأْمُومٍ أَنْ يَشْتَغِلَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ الْمُوَافَقَةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر يَنْبَغِي أَنَّ تَسْلِيمَهُ عَقِبَهُ أَوْلَى حَيْثُ أَتَى بِالذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ وَإِلَّا بِأَنْ أَسْرَعَ الْإِمَامُ فَلِلْمَأْمُومِ الْإِتْيَانُ بِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَقُومُ فَوْرًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَزِيدَ فِي قُعُودِهِ عَلَى قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ فَإِنْ زَادَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَطْوِيلُ قُعُودِهِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ضَابِطَهَا قَدْرُ الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ ضَعِيفَةٌ وَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا بَعْضُ الْحَوَاشِي اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَعَدَ) أَيْ: قَدْرًا زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ اهـ شَرْحُ م ر اهـ ع ش وَفِيهِ أَنَّ قُعُودَهُ حِينَئِذٍ فِي مَحَلِّ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ تَطْوِيلَهَا عِنْدَ م ر لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ حَجّ يَضُرُّ إنْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ ضَابِطُهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبِرْمَاوِيِّ قُبَيْلَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مَا نَصُّهُ، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى م ر قَالَهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ طَالَتْ فَمَا الْفَرْقُ، وَقَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ أَنَّ مَا قَالَهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ بِعَيْنِهَا فَلَا يَضُرُّ التَّطْوِيلُ فِيهَا وَهُنَا لَا تُطْلَبُ مِنْهُ فَافْتَرَقَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَكَثَ إلَخْ) هَذَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَسْتَقْبِلُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ الْأَفْضَلُ عَكْسُهُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَرْجِيحُهُ فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ الصِّفَةَ الْأُولَى يَصِيرُ مُسْتَدْبِرًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قِبْلَةُ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمْ يَتَوَسَّلُ بِهِ إلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى اهـ رَشِيدِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُنْدَبُ جَعْلُ يَمِينِهِ لِلْقَوْمِ وَلَوْ حَالَ دُعَائِهِ إلَّا فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ فِي مُقَابَلَةِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ فَيَجْعَلُ يَسَارَهُ إلَيْهِمْ لِئَلَّا يَسْتَدْبِرَ الْقَبْرَ الشَّرِيفَ وَيُنْدَبُ لِمَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَهُ لِجِهَةِ الْقَبْرِ أَيْضًا وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا زِيدَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَمَامِ الْحُجْرَةِ وَخَلْفَهَا فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِلْأَدَبِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَيَسَارَهُ إلَى الْمِحْرَابِ) أَيْ: حَتَّى عِنْدَ الدُّعَاءِ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر.
[بَابُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]
(بَابٌ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ) لَا يُقَالُ الشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ وَيَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَ هَذَا الْبَابِ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا اشْتَمَلَ عَلَى مَوَانِعِهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ انْعِقَادِهَا حَسُنَ تَأْخِيرُهُ اهـ شَرْحُ م ر لَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ إنَّمَا يُنَاسِبُ صَنِيعَ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ ذَكَرَ الْمَوَانِعَ فِي بَابِ الشُّرُوطِ وَعَقَدَ لَهَا فَصْلًا فَقَالَ: تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِحَرْفَيْنِ إلَخْ وَلَا يُنَاسِبُهُ صَنِيعُ الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَوَانِعَ فِي هَذَا الْبَابِ صَرِيحًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ انْتِفَاءَهَا وَعَدَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِانْتِفَائِهَا عَدَمُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ وُجُودِهَا، وَعَدَمُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى انْعِقَادِ الصَّلَاةِ فَالْإِيرَادُ عَلَى الْمَنْهَجِ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَقَدْ عَرَفْت مِنْ تَرْجَمَةِ الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهُ كَانَ الْأَنْسَبُ هُنَا التَّعْبِيرُ بِالْفَصْلِ لِانْدِرَاجِ
بَابٌ بِالتَّنْوِينِ (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) جَمْعُ شَرْطٍ بِالْإِسْكَانِ وَهُوَ لُغَةً تَعْلِيقُ أَمْرٍ بِأَمْرٍ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِإِلْزَامِ الشَّيْءِ وَالْتِزَامِهِ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ فَشُرُوطُ الصَّلَاةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ
ــ
[حاشية الجمل]
مَا هُنَا تَحْتَ صِفَةِ الصَّلَاةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِالتَّنْوِينِ) أَيْ: لِقَطْعِهِ عَنْ الْإِضَافَةِ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ الْأَذَانِ وَتَالِيهِ وَيَجُوزُ تَرْكُهُ عَلَى نِيَّةِ الْإِضَافَةِ لِلْجُمْلَةِ بَعْدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ إلَخْ) شُرُوطُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مَعْرِفَةُ إلَخْ بِمُلَاحَظَةِ الْعَطْفِ قَبْلَ الْإِخْبَارِ فَيَكُونُ الْخَبَرُ هُوَ الْجُمْلَةَ وَكَانَ حَقُّ الْإِعْرَابِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا لَكِنْ أَعْطَى إعْرَابَهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَالشَّارِحُ أَخْرَجَ الْمَتْنَ عَنْ ظَاهِرِهِ حَيْثُ أَضْمَرَ لِلْخَبَرِ مُبْتَدَأً فَيَكُونُ الْخَبَرُ إمَّا قَوْلُهُ جَمْعُ شَرْطٍ وَإِمَّا مَحْذُوفٌ أَيْ: تِسْعَةٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَهِيَ تِسْعَةٌ لِاقْتِرَانِهِ بِالْوَاوِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جَمْعُ شَرْطٍ أَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ تِسْعَةٌ وَقَوْلُهُ هِيَ تِسْعَةٌ بَيَانٌ لَهُ وَلَيْسَ خَبَرًا؛ لِأَنَّهُ مُقْتَرِنٌ بِالْوَاوِ وَالْجُمْلَةُ إذَا وَقَعَتْ خَبَرًا لَا تَقْتَرِنُ بِهَا وَلَيْسَ الْخَبَرُ قَوْلُهُ مَعْرِفَةُ وَقْتِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ قَدَّرَ لَهُ مُبْتَدَأً وَهُوَ قَوْلُهُ أَحَدُهَا وَانْظُرْ حِكْمَةَ تَغْيِيرِ إعْرَابِ الْمَتْنِ عَمَّا كَانَ مُتَبَادِرًا مِنْهُ فَتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ جَمْعُ شَرْطٍ) وَيَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: لُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ وَعَادِيٌّ وَعَقْلِيٌّ. فَاللُّغَوِيُّ: كَأَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إنْ جَاءُوك. وَالشَّرْعِيُّ: كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ. وَالْعَادِيُّ: كَنَصْبِ السُّلَّمِ لِطُلُوعِ السَّطْحِ. وَالْعَقْلِيُّ: كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِالْإِسْكَانِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ " وَهُوَ لُغَةً إلَخْ " وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَمَعْنَاهُ لُغَةً الْعَلَامَةُ هَذَا وَذَكَرَ م ر فِي شَرْحِهِ أَنَّ السَّاكِنَ مَعْنَاهُ أَيْضًا الْعَلَامَةُ وَعِبَارَتُهُ الشُّرُوطُ جَمْعُ شَرْطٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ لُغَةً الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ أَيْ: عَلَامَاتُهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ أَيْ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ إلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ لَا الْعَلَامَةُ وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَعْنَى الشَّرْطِ بِالْفَتْحِ اهـ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحْكَمِ وَالْعُبَابِ وَالْوَاعِي وَالصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَالْمُجْمَلِ وَدِيوَانِ الْأَدَبِ وَغَيْرِهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ تَعْلِيقُ أَمْرٍ إلَخْ) فَقَدْ عَلَّقَ هُنَا صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى وُجُودِ شَرَائِطِهَا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الْإِنْسَانُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ اهـ زي.
(قَوْلُهُ بِإِلْزَامِ الشَّيْءِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّارِطِ وَالْتِزَامُهُ أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فَالشَّارِعُ مَثَلًا عَلَّقَ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا سَيَذْكُرُ مِنْ الشُّرُوطِ كَأَنَّهُ قَالَ: إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فَأَلْزَمَ الْمُكَلَّفَ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ وَالْمُكَلَّفُ الْتَزَمَ بِذَلِكَ اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ: خَارِجٌ يَلْزَمُ إلَخْ فَلَمْ يَدْخُلْ الرُّكْنُ فِي التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ دَاخِلٌ اهـ شَيْخُنَا وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ شَيْءٌ كَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَوَانِع فَإِنَّهُ إذَا انْتَفَى فِي الصَّلَاةِ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ شَيْءٌ بِخِلَافِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ إذَا عُدِمَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَبِالثَّانِي السَّبَبُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ كَالْقَرَابَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ وَجِهَةِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا وُجُودُ الْإِرْثِ وَمِنْ عَدَمِهَا عَدَمُهُ بِخِلَافِ الشَّرْطِ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ وَبِالثَّالِثِ اقْتِرَانُ الشَّرْطِ بِالسَّبَبِ كَوُجُودِ الْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ مَعَ النِّصَابِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ أَوْ بِالْمَانِعِ كَالدَّيْنِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ لِوُجُوبِهَا وَإِنْ لَزِمَ الْوُجُودُ فِي الْأَوَّلِ وَالْعَدَمُ فِي الثَّانِي لَكِنْ لِوُجُوبِ السَّبَبِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَانِعِ فِي الثَّانِي لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيّ مَا نَصُّهُ وَقَيَّدَ بِذَاتِهِ زَادَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ لِيَدْخُلَ الشَّرْطُ الْمُقَارِنُ لِلسَّبَبِ أَوْ الْمَانِعُ فَإِنَّ لُزُومَ الْوُجُودِ لِلْأَوَّلِ وَالْعَدَمِ لِلثَّانِي لِمُقَارَنَةِ مَا ذُكِرَ لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَذِكْرُهُ إيضَاحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَنَا يَلْزَمُ مِنْ كَذَا كَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ وَصُدُورِهِ عَنْهُ وَخَصَّ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ ذَلِكَ الْقَيْدَ بِشِقِّ التَّعْرِيفِ الثَّانِي وَالْوَجْهُ رُجُوعُهُ لِأَوَّلِهِ أَيْضًا لِيَدْخُلَ فَقْدُ الشَّرْطِ الْمُقَارِنِ لِمُوجِبٍ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَإِنَّ صِحَّتَهَا لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ لَا لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا فَتَأَمَّلْ فَإِنْ قُلْت هَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الرُّكْنَ قُلْت يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسْمًا الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَمْيِيزُ الشَّرْطِ عَنْ بَعْضِ مَا عَدَاهُ كَالسَّبَبِ وَالْمَانِعِ وَمِثْلُ ذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ كَالسَّيِّدِ وَيَجُوزُ أَنْ تُفَسِّرَ مَا بِخَارِجٍ بِقَرِينَةِ اشْتِهَارِ أَنَّ الشَّرْطَ خَارِجٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ الرُّكْنُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ مَا لَمْ تَبْطُلْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَشُرُوطُ الصَّلَاةِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ أَيْ: إذَا أَرَدْت بَيَانَ الشُّرُوطِ الْمُبَوَّبِ لَهَا فَهِيَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ إلَخْ وَمَا
وَلَيْسَتْ مِنْهَا وَهِيَ تِسْعَةٌ بِالِاكْتِفَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ بِطُهْرِ الْحَدَثِ وَبِجَعْلِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ شَرْطًا تَجَوُّزًا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحَقِيقَةً عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ أَحَدُهَا (مَعْرِفَةُ) دُخُولِ (وَقْتٍ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فَمَنْ صَلَّى بِدُونِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ.
(و) ثَانِيهَا (تَوَجُّهٌ) لِلْقِبْلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ
ــ
[حاشية الجمل]
عِبَارَةٌ عَنْ خَارِجٍ عَنْ الْمَاهِيَّةِ فَيَخْرُجُ الرُّكْنُ عَنْ التَّعْرِيفِ بِتَفْسِيرِ مَا بِمَا ذُكِرَ فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ " وَلَيْسَتْ مِنْهَا " مُسْتَدْرَكٌ عَلَى تَفْسِيرِ مَا بِمَا ذُكِرَ أَشَارَ لَهُ ع ش انْتَهَى هَكَذَا اُشْتُهِرَ أَنَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الشَّيْءِ يُسَمَّى رُكْنًا إنْ كَانَ دَاخِلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَشَرْطًا إنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا وَلَمْ يَلْتَزِمْ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بَلْ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالشَّرْطِ فِيمَا عَبَّرَ عَنْهُ بَعْضٌ آخَرُ بِالرُّكْنِ وَبِالْعَكْسِ، وَقَدْ سُئِلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لِمَ عَدُّوا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ شَرْطَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ وَرُكْنَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَى مَنْ عَدَّهُمَا مِنْ الْأَرْكَانِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَعُدَّهُمَا مِنْ الْأَرْكَانِ فِيهَا أَيْضًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي الِاصْطِلَاحِ فَلِمَنْ شَاءَ أَنْ يُسَمِّيَ الرُّكْنَ شَرْطًا وَبِالْعَكْسِ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاعْتِذَارِ عَمَّنْ عَبَّرَ بِالرُّكْنِ فِيمَا عَبَّرَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِالشَّرْطِ وَبِالْعَكْسِ بِأَنَّهُ أَرَادَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ الصَّادِقُ ذَلِكَ بِالرُّكْنِ وَالشَّرْطِ اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ تِسْعَةٌ) وَعَدَّهَا صَاحِبُ الْحَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَزَادَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ ثَلَاثَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِالِاكْتِفَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَخْ) أَيْ: وَإِلَّا لَكَانَتْ عَشْرَةً وَقَوْلُهُ وَبِجَعْلِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ إلَخْ أَيْ وَإِلَّا لَكَانَتْ سِتَّةً اهـ شَيْخُنَا وَإِضَافَةُ انْتِفَاءٍ لِلْمَانِعِ لِلْجِنْسِ؛ إذْ هِيَ انْتِفَاءَاتٌ ثَلَاثَةٌ فَهِيَ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ:
أَوَّلُهَا: تَرْكُ النُّطْقِ.
وَثَانِيهَا: تَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ عَمْدًا وَتَرْكُ فِعْلِ فُحْشٍ أَوْ كَثُرَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا.
وَثَالِثُهَا: تَرْكُ مُفْطِرٍ وَأَكْلُ كَثِيرٍ وَبِإِكْرَاهٍ اهـ لِكَاتِبِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ مِنْ شُرُوطِهَا أَيْضًا الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَالْعِلْمُ بِفَرْضِيَّتِهَا وَبِكَيْفِيَّتِهَا وَتَمْيِيزُ فَرَائِضِهَا مِنْ سُنَنِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِالصَّلَاةِ فَلَوْ جَهِلَ كَوْنَ أَصْلِ الصَّلَاةِ أَوْ صَلَاتَهُ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا أَوْ الْوُضُوءَ أَوْ الطَّوَافَ أَوْ الصَّوْمَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَرْضًا أَوْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ مَا فَعَلَهُ لِتَرْكِهِ مَعْرِفَةَ التَّمْيِيزِ الْمُخَاطَبِ وَأَفْتَى حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ مِنْ الْعَامَّةِ فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَّتِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ أَيْ وَسَائِرُ عِبَادَاتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِفَرْضٍ نَفْلًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَجْمُوعِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْ: الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّيِّ هُنَا مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرَائِضَ صَلَاتِهِ مِنْ سُنَنِهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ مَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ.
وَقَدْ عُلِمَ أَيْضًا أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ فَرْضِيَّةَ جَمِيعِ أَفْعَالِهَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَدَائِهِ سُنَّةً بِاعْتِقَادِ الْفَرْضِ وَهُوَ غَيْرُ ضَارٍّ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ إنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّيِّ هُنَا إلَخْ أَمَّا فِي غَيْرِ مَا هُنَا فَهُوَ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ إلَخْ وَهَذَا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ إنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ وَلَا يُنَاسِبُهُ السِّيَاقُ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِالِاكْتِفَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ بِطُهْرِ الْحَدَثِ) أَيْ: لِأَنَّ طُهْرَ الْحَدَثِ يَسْتَلْزِمُهُ وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ الْإِنْسَانِ مُتَطَهِّرًا وَهَذَا قَدْ يَتَّصِفُ بِهِ الْكَافِرُ كَمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِبَقَاءِ طُهْرِهِ اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِطُهْرِ الْحَدَثِ) أَيْ: لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ تَجَوُّزًا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ عَدِّهِ شَرْطًا لِكَوْنِ الشَّرْطِ عِنْدَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا وُجُودِيًّا وَقَوْلُهُ وَحَقِيقَةً عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ أَيْ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الشَّرْطِ وُجُودِيًّا فَعَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَجَازُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ الْمُصَرَّحَةِ حَيْثُ شَبَّهَ انْتِفَاءَ الْمَانِعِ بِالشَّرْطِ فِي تَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَاسْتُعِيرَ لَفْظُ الشَّرْطِ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مَعْرِفَةُ وَقْتٍ) الْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ هُنَا مُطْلَقُ الْإِدْرَاكِ لِيَصِحَّ جَعْلُهَا شَامِلَةً لِلْيَقِينِ وَالظَّنِّ وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهَا الْإِدْرَاكُ الْجَازِمُ وَهُوَ لَا يَشْمَلُ الظَّنَّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ يَقِينًا) بِأَنْ شَاهَدَ الشَّمْسَ غَارِبَةً وَقَوْلُهُ أَوْ ظَنًّا بِأَنْ اجْتَهَدَ لِغَيْمٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُمَا مَنْصُوبَانِ إمَّا عَلَى الْحَالِ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَإِمَّا عَلَى النِّيَابَةِ عَنْ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الْمُؤَكَّدِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَمَنْ صَلَّى بِدُونِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) أَيْ: إلَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَلَمْ يُلَاحِظْ صَاحِبَةَ الْوَقْتِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَتَقُومُ عَنْ الْفَائِتَةِ اهـ ح ل وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ أَيْضًا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِالِاجْتِهَادِ وَإِلَّا صَلَّى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ) هَذَا شَأْنُ كُلِّ مَا لَهُ نِيَّةٌ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْجَزْمِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْأَذَانِ وَفِطْرِ رَمَضَانَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ عِلْمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَدُخُولِ الْوَقْتِ مَثَلًا فَيُجِيبُ الْمَسْئُولُ بِقَوْلِهِ الظَّاهِرُ كَذَا هَلْ
(و) ثَالِثُهَا (سَتْرُ عَوْرَةٍ) وَلَوْ خَالِيًا فِي ظُلْمَةٍ (بِمَا)
ــ
[حاشية الجمل]
يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ يُقَالُ: إنْ ظَهَرَ لَهُ أَمَارَةٌ تُرَجِّحُ عِنْدَهُ مَا أَجَابَ بِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حِينَئِذٍ الظَّاهِرُ كَذَا يُفِيدُ السَّائِلَ أَنَّ هَذَا رَاجِحٌ عِنْدَ الْمُجِيبِ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ وَافَقَ الْوَاقِعَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَسَتْرُ عَوْرَةٍ) أَيْ: عِنْدَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ وَمِنْ الْعَجْزِ احْتِيَاجُهُ لِفُرُشِ سُتْرَتِهِ عَلَى نَجِسٍ مَحْبُوسٍ عَلَيْهِ أَوْ تَنَجُّسُهَا مَعَ عَجْزِهِ عَمَّا يَغْسِلُهَا بِهِ أَوْ مَنْ يَغْسِلُهَا لَهُ أَوْ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَيَجِبُ قَطْعُ ثَوْبِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ بِقَطْعِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى أُجْرَةِ ثَوْبٍ يُصَلِّي فِيهِ وَلَا نَظَرَ لِثَمَنِ مَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُبَاعُ فِيهَا مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ ثُمَّ قَالَ: وَيَجِبُ قَبُولَ عَارِيَّةِ السُّتْرَةِ وَاسْتِئْجَارَهَا وَسُؤَالَهَا إنْ جَوَّزَ الْإِعْطَاءَ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَتِهَا وَلَا قَرْضِهَا وَلَوْ مِنْ نَحْوِ طِينٍ فِيهِمَا وَإِنْ خَالَفَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي ذَلِكَ وَلَا ثَمَنَهَا مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَا يَصِحُّ لَوْ وَقَعَ وَلَا صَلَاتُهُ عَارِيًّا وَيَحْرُمُ غَصْبُهَا مِنْ مَالِكِهَا إلَّا لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُضِرَّيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسَتْرُ عَوْرَةٍ) أَيْ: عَنْ الْعُيُونِ مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّى عَارِيًّا وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ صَلَّى عَارِيًّا أَيْ: صَلَّى الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ اعْتِمَادِهِ وَلَا تَحْرُمُ رُؤْيَتُهُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يُكَلَّفُ غَضَّ الْبَصَرِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَحِكْمَةُ السَّتْرِ فِي الصَّلَاةِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مُرِيدِ التَّمَثُّلِ بَيْنَ يَدَيْ كَبِيرٍ مِنْ التَّجَمُّلِ بِالسَّتْرِ وَالتَّطَهُّرِ وَالْمُصَلِّي يُرِيدُ التَّمَثُّلَ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ الْمُلُوكِ وَالتَّجَمُّلُ لَهُ بِذَلِكَ أَوْلَى وَيَجِبُ السَّتْرُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَمْشُوا عُرَاةً» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْعَوْرَةُ الَّتِي يَجِبُ سَتْرُهَا فِي الْخَلْوَةِ السَّوْأَتَانِ فَقَطْ مِنْ الرَّجُلِ وَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَإِطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ اهـ وَفَائِدَةُ السَّتْرِ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَحْجُبُهُ شَيْءٌ فَيَرَى الْمَسْتُورَ كَمَا يَرَى الْمَكْشُوفَ أَنَّهُ يَرَى الْأَوَّلَ مُتَأَدِّبًا وَالثَّانِيَ تَارِكًا لِلْأَدَبِ فَإِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى كَشْفِهَا لِاغْتِسَالٍ جَازَ بَلْ صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ بِجَوَازِ كَشْفِهَا فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ الْحَاجَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِجَوَازِ كَشْفِهَا فِي الْخَلْوَةِ إلَخْ أَيْ: بِلَا كَرَاهَةٍ أَيْضًا وَلَيْسَ مِنْ الْغَرَضِ حَاجَةُ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ أَنْ يَكُونَا مُسْتَتِرَيْنِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَعُدَّ مِنْ الْأَغْرَاضِ كَشْفُهَا لِتَبَرُّدٍ وَصِيَانَةِ الثَّوْبِ عَنْ الْأَدْنَاسِ وَالْغُبَارِ عِنْدَ كَنْسِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ وَالْمُرَادُ ثَوْبُ التَّجَمُّلِ دُونَ غَيْرِهِ نَعَمْ لَا يَجِبُ سَتْرُهَا عَنْ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ نَظَرُهُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةِ مَا فِيهَا فَوَاجِبٌ فَلَوْ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ الْغَرِيبَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَالْعَوْرَةُ لُغَةً: النُّقْصَانُ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ وَسُمِّيَ الْمِقْدَارُ الْآتِي بِهَا لِقُبْحِ ظُهُورِهِ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَعَلَى مَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ شَرْحُ م ر ثُمَّ قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ لِلذَّكَرِ أَنْ يَلْبَسَ لِصَلَاتِهِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَيَتَقَمَّصَ وَيَتَعَمَّمَ وَيَتَطَيْلَسَ وَيَرْتَدِيَ وَيَتَّزِرَ أَوْ يَتَسَرْوَلَ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَوْبَيْنِ فَقَمِيصٌ مَعَ رِدَاءٍ أَوْ إزَارٍ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْلَى مِنْ رِدَاءٍ مَعَ إزَارٍ أَوْ سَرَاوِيلَ وَمِنْ إزَارٍ مَعَ سَرَاوِيلَ وَحَاصِلُهُ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَقَمِيصٌ فَإِزَارٌ فَسَرَاوِيلُ وَيَلْتَحِفُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ إنْ اتَّسَعَ وَيُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ فَإِنْ ضَاقَ اتَّزَرَ بِهِ وَيَجْعَلُ شَيْئًا مِنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِي الصَّلَاةِ ثَوْبٌ سَابِغٌ لِجَمِيعِ بَدَنِهَا وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ كَثِيفَةٌ وَإِتْلَافُ الثَّوْبِ وَبَيْعُهُ فِي الْوَقْتِ كَإِتْلَافِ الْمَاءِ وَلَا يُبَاعُ لَهُ مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ فِيهِ صُورَةٌ وَأَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَأَنْ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَأَنْ يُغَطِّيَ فَاهُ فَإِنْ تَثَاءَبَ غَطَّاهُ بِيَدِهِ نَدْبًا أَيْ: الْيَسَارِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا وَيُكْرَهُ أَنْ يَشْتَمِلَ اشْتِمَالَ الصَّمَّاءِ وَالْيَهُودِ بِأَنْ يُجَلِّلَ فِي الْأَوَّلِ بَدَنَهُ بِالثَّوْبِ ثُمَّ يَرْفَعُ طَرَفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَفِي الثَّانِي بِأَنْ يُجَلِّلَ بَدَنَهُ بِالثَّوْبِ بِدُونِ وَضْعِ طَرَفَيْهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّي الرَّجُلُ مُلْتَثِمًا وَالْمَرْأَةُ مُتَنَقِّبَةً اهـ وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ أَنْ يَرُدَّ الْكِسَاءَ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَرُدُّ ثَانِيَهُ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَطِّيهِمَا جَمِيعًا اهـ قَامُوسٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ خَالِيًا فِي ظُلْمَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ خَالِيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَهِيَ أَوْضَحُ وَهَذِهِ الْغَايَةُ
أَيْ: بِجُرْمٍ (يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا) مِنْ أَعْلَى (وَجَوَانِبَ) لَهَا لَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَلَوْ رُئِيَتْ مِنْ ذَيْلِهِ كَأَنْ كَانَ بِعُلُوٍّ وَالرَّائِي أَسْفَلُ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ (وَلَوْ) سَتَرَهَا (بِطِينٍ وَنَحْوِ مَاءٍ كَدِرٍ) كَمَاءٍ صَافٍ مُتَرَاكِمٍ بِخُضْرَةٍ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ التَّطْيِينُ
ــ
[حاشية الجمل]
لِلتَّعْمِيمِ لَا لِلرَّدِّ؛ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ وَلَا فِي شَرْحِ م ر فِيهَا خِلَافًا وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِطِينٍ وَنَحْوِ مَاءٍ كَدِرٍ هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّطْيِينِ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَقْصُودِ وَكَالطِّينِ الْمَاءُ الْكَدِرُ وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِلْمَشَقَّةِ وَالتَّلْوِيثِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ التَّطْيِينُ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ غَرَضَهُ بِهِ الْجَوَابُ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُ هَذَا الْحُكْمِ هُنَا وَأَنْتَ لَمْ تَذْكُرْهُ فَلَمْ تُوفِ بِمَا فِي الْأَصْلِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ ذَكَرَهُ ضِمْنًا أَيْ: أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَيْ مِنْ الْغَايَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ بِطِينٍ إلَخْ وَغَرَضُهُ أَيْضًا الرَّدُّ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا عَلِمْت اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ أَيْ بِجُرْمٍ) خَرَجَ بِهِ الْأَلْوَانُ كُلُّهَا فَلَا يَكْتَفِي بِهَا وَكَذَا الظُّلْمَةُ وَبِهَذَا انْدَفَعَ الْإِيرَادُ عَنْهُ وَعَنْ أَصْلِهِ وَلَا تَكْفِي الْخَيْمَةُ الضَّيِّقَةُ وَنَحْوُهَا وَدَخَلَ الْحَرِيرُ لِرَجُلٍ وَإِنْ حَرُمَ بِأَنْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَلَوْ طِينًا وَنَحْوَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ النَّجِسُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرُ الْحَرِيرِ فِيهَا وَلَوْ نَحْوَ طِينٍ كَمَا مَرَّ وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى الْمَغْصُوبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يَجِدْ الرَّجُلُ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَكَذَا السَّتْرُ بِهِ حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهُ وَلَوْ مُتَنَجِّسًا اهـ عُبَابٌ، وَقَوْلُهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَحْوَ الطِّينِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ لَمْ يُصَلِّ فِي الْحَرِيرِ وَبِهِ أَجَابَ م ر سَائِلَهُ عَنْهُ وَيَنْبَغِي كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْحَرِيرِ مَعَ وُجُودِ نَحْوِ الطِّينِ إذَا أَخَلَّ بِمُرُوءَتِهِ وَحِشْمَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ كُلُّ ذَلِكَ وَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ نَحْوِ الطِّينِ الْحَشِيشُ وَالْوَرِقُ حَيْثُ أَخَلَّ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ إلَّا نَحْوَ الطِّينِ وَكَانَ يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِمَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا) أَيْ: فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ كَذَا ضَبَطَهُ ابْنُ عُجَيْل وَالنَّاشِرِيُّ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا مُنِعَ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ الْقُرْبِ لِلْمُصَلِّي جِدًّا لِإِدْرَاكِ لَوْنِ بَشَرَتِهِ لَا يَضُرُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَرِيبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَوْ رُئِيَتْ الْبَشَرَةُ بِوَاسِطَةِ شَمْسٍ أَوْ نَارٍ وَكَانَتْ بِحَيْثُ لَا تُرَى بِدُونِ تِلْكَ الْوَاسِطَةِ لَمْ يَضُرَّ وَالْمُرَادُ الْمَنْعُ بِالنِّسْبَةِ لِمُعْتَدِلِ الْبَصَرِ عَادَةً كَمَا فِي نَظَائِرِهِ كَذَا نُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِمَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا) أَيْ: وَإِنْ حَكَى حَجْمَهَا كَسِرْوَالٍ ضَيِّقٍ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ وَخِلَافُ الْأُولَى لِلرَّجُلِ فَلَا يَكْفِي مَا يَحْكِي لَوْنَهَا بِأَنْ يَعْرِفَ مَعَهُ نَحْوَ بَيَاضِهَا مِنْ سَوَادِهَا كَزُجَاجٍ وَقَفَ فِيهِ وَمُهَلْهَلٍ اسْتَتَرَ بِهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ اللَّوْنَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ السَّتْرِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ كَالْأَصْبَاغِ الَّتِي لَا جُرْمَ لَهَا مِنْ نَحْوِ حُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ فَإِنَّ الْوَجْهَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا وَإِنْ سَتَرَتْ اللَّوْنَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ سَاتِرًا وَالْكَلَامُ فِي السَّاتِرِ مِنْ الْأَجْرَامِ وَمِثْلُ الْأَصْبَاغِ الَّتِي لَا جُرْمَ لَهَا وُقُوفُهُ فِي ظُلْمَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَا تَكْفِي الْخَيْمَةُ الضَّيِّقَةُ وَنَحْوُهَا اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
وَقَوْلُهُ " وَلَا تَكْفِي الْخَيْمَةُ الضَّيِّقَةُ وَنَحْوُهَا " قَالَ حَجّ: وَمِنْهُ قَمِيصٌ جَعَلَ جَيْبَهُ بِأَعْلَى رَأْسِهِ وَزِرَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِثْلُهَا وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ ذَلِكَ عَنْ الطَّبَلَاوِيِّ وَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَرَدَّهُ عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْمَسْتُورِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ لِهَذَا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لَا مِنْ أَسْفَلِهَا) أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَلَوْ رُئِيَتْ مِنْ ذَيْلِهِ) أَيْ رَآهَا غَيْرُهُ وَلَوْ بِالْفِعْلِ أَمَّا لَوْ رَآهَا هُوَ كَأَنْ طَالَ عُنُقُهُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فَلَوْ رُئِيَتْ مِنْ ذَيْلِهِ أَيْ: رُئِيَتْ فِي قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ سَوَاءٌ رَآهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ لَا لِتَقَلُّصِ ثَوْبِهِ بَلْ لِنَحْوِ جَمْعِ ذَيْلِهِ عَلَى عَقِبَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُمَا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَتْرُهَا) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهُوَ اسْمُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ سَتْرُهَا كَائِنًا بِطِينٍ أَوْ نَحْوِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِطِينٍ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثَّوْبِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَنَحْوُ مَاءٍ كَدِرٍ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَاءِ الْمَذْكُورِ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَجَبَ ذَلِكَ أَوْ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ ثُمَّ الْخُرُوجِ إلَى الشَّطِّ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِيَأْتِيَ بِهِمَا فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَجَبَ ذَلِكَ وَإِنْ نَالَهُ بِالْخُرُوجِ مَشَقَّةٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَلَّى عَارِيًّا
أَوْ نَحْوُهُ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْ طَوْقِهِ فِي رُكُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ بَطَلَتْ عِنْدَهُمَا فَلْيَزُرَّهُ أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَعَوْرَةُ رَجُلٍ) حُرًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَمَنْ بِهَا رِقٌّ) وَلَوْ مُبَعَّضَةً (مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا تَنْظُرْ الْأَمَةُ إلَى عَوْرَتِهِ» وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَقِيسَ بِالرَّجُلِ مَنْ بِهَا رِقٌّ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَمَةِ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى الشَّطِّ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ وَقَفَ فِي الْمَاءِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَخْرُجُ إلَى الشَّطِّ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَأْتِيَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ وَعَوْدِهِ بِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ) أَيْ: وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مَحَلِّ فَقْدِهَا مَا قِيلَ فِي فَقْدِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ وَيَكْفِي السَّتْرُ بِلِحَافٍ الْتَحَفَ بِهِ امْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلَانِ وَإِنْ حَصَلَتْ مُمَاسَّةٌ مُحَرَّمَةٌ كَمَا لَوْ بَانَ بِإِزَارِهِ ثُقْبَةٌ فَوَضَعَ غَيْرُهُ يَدَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ وَيَكْفِي السَّتْرُ إلَخْ هُوَ هَكَذَا فِي شَرْحِ م ر بِالْحَرْفِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ تُرَى عَوْرَتُهُ) أَيْ: لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تُرَ بِالْفِعْلِ وَيَكْفِي سَتْرُ ذَلِكَ وَلَوْ بِلِحْيَتِهِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ عِنْدَهُمَا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَرَهَا أَحَدٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِحَيْثُ تُرَى إلَخْ مَا لَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تُرَى مِنْهُ لِكَوْنِهِ ضَيِّقًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ إنْ رُئِيَتْ بِالْفِعْلِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ رَأَى عَوْرَتَهُ مِنْ طَوْقِ قَمِيصِهِ الضَّيِّقِ ضَرَّ وَلَوْ كَانَ أَعْمَى وَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ الضَّيِّقِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ بَصِيرًا لَرَأَى عَوْرَتَهُ لَمْ يَضُرَّ اهـ مِنْ ع ش عَلَى م ر بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ.
(قَوْلُهُ مِنْ طَوْقِهِ) أَيْ: أَوْ مِنْ كُمِّهِ الْوَاسِعِ وَيَجِبُ إرْخَاؤُهُ وَإِنْ رُئِيَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْإِرْخَاءِ كَمَا فِي كُمِّ الْمَرْأَةِ الْوَاصِلِ إلَى ذَيْلِهَا بِخِلَافِ الْقَصِيرِ لِنَحْوِ الرُّسْغِ مَثَلًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بَطَلَتْ عِنْدَهُمَا) أَمَّا قَبْلَهُمَا فَلَا تَبْطُلُ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَفِيمَا إذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ إحْرَامِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلْيَزُرَّهُ إلَخْ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْبُطْلَانِ قَبْلَهُمَا إذَا لَمْ تُرَ بِالْفِعْلِ فَإِنْ رَآهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَهُمَا بَطَلَتْ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى رُئِيَتْ بِالْفِعْلِ مِنْ طَوْقِهِ وَنَحْوِهِ كَكُمِّهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ بِالْفِعْلِ فَفِي الضِّيقِ لَا ضَرَرَ وَفِي الْوَاسِعِ تَبْطُلُ عِنْدَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لَا قَبْلَهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ فَلْيَزُرَّهُ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا وَبِضَمِّ الرَّاءِ فِي الْأَحْسَنِ لِتُنَاسِبَ الْوَاوَ الْمُتَوَلِّدَةَ لَفْظًا مِنْ إشْبَاعِ ضَمَّةِ الْهَاءِ الْمُقَدَّرَةِ الْحَذْفِ لِخَفَائِهَا وَكَأَنَّ الْوَاوَ وَلِيَتْ الرَّاءَ وَقِيلَ لَا يَجِبُ ضَمُّهَا فِي الْأَفْصَحِ بَلْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ قَدْ يَكُونُ قَبْلَهَا مَا لَا يُنَاسِبُهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَشُدُّ) بِضَمِّ الدَّالِ اتِّبَاعًا لِعَيْنِهِ وَبِفَتْحِهَا لِلْخِفَّةِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا أَيْضًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجَارْبُرْدِيِّ كَابْنِ الْحَاجِبِ اسْتِوَاءُ الْأَوَّلَيْنِ وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ إنَّ الْفَتْحَ أَفْصَحُ يُنَازَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَظَرَهُمْ إلَى إيثَارِ الْأَخَفِّيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى الِاتِّبَاعِ؛ لِأَنَّهَا أَنْسَبُ بِالْفَصَاحَةِ وَأَلْيَقُ بِالْبَلَاغَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَعَوْرَةُ رَجُلٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمَرْأَةَ فَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي طَوَافِهِ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مُبَعَّضَةً) أَخْذُهَا غَايَةٌ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الزَّائِدَةُ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ لَا لِلْخِلَافِ لِجَرَيَانِهِ فِي الْأَمَةِ مُطْلَقًا وَنَبَّهَ عَلَى زِيَادَتِهَا بِقَوْلِهِ الْآتِي وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ إلَخْ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ: خَالِصَةً كَانَتْ أَوْ مُبَعَّضَةً فَفِي الْخَالِصَةِ قَوْلٌ ثَانٍ أَنَّ عَوْرَتَهَا مَا عَدَا الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَفِي الْمُبَعَّضَةِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ كَالرَّجُلِ وَكَالْحُرَّةِ وَالثَّالِثُ هُوَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَمَةِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ م ر وع ش وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعَوْرَتُهَا أَيْ: الْأَمَةِ فِي الصَّلَاةِ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ وَكَذَا مَعَ الرِّجَالِ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءِ وَأَمَّا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَجَمِيعُ بَدَنِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَأَمَّا فِي الْخَلْوَةِ فَكَالرَّجُلِ كَمَا قَالَهُ حَجّ وَقَالَ شَيْخُنَا كَالْحُرَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) شَمِلَ الْبَشَرَةَ وَالشَّعْرَ وَإِنْ خَرَجَ بِالْمَدِّ عَنْ الْعَوْرَةِ اهـ قَالَ عَلَى الْجَلَالِ أَمَّا نَفْسُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَلَيْسَتَا مِنْهَا لَكِنْ يَجِبُ سَتْرُ بَعْضِهَا لِيَحْصُلَ سَتْرُهَا اهـ شَرْحُ م ر وَكَذَا عَوْرَتُهُ مَعَ النِّسَاءِ الْمَحَارِمِ وَمَعَ الرِّجَالِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا مَعَ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ فَجَمِيعُ بَدَنِهِ، وَأَمَّا فِي الْخَلْوَةِ فَسَوْأَتَاهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ) لَعَلَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَهُ إلَّا أَنَّ م ر فِي شَرْحِهِ ذَكَرَ الرِّوَايَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ غَيْرِ وَاوٍ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) هُوَ تَتِمَّةُ الْحَدِيثِ وَالْمُرَادُ الْعَوْرَةُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِقَرِينَةِ الْإِظْهَارِ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالرَّجُلِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَوْرَةِ عَامٌّ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ، وَالْأُنْثَى الْحُرَّةُ خَرَجَتْ عَنْهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَأَبْقَى هَذَا الْعَامُّ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَالْأَمَةِ عَلَى حَالِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) أَيْ: اتِّفَاقًا مِنْ الْخَصْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ يُوجِبُ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ سَتْرُ بَاقِي الْبَدَنِ غَيْرِ
(و) عَوْرَةُ (حُرَّةٍ غَيْرُ وَجْهٍ وَكَفَّيْنِ) ظَهْرًا وَبَطْنًا إلَى الْكُوعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُونَا عَوْرَةً؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى إبْرَازِهِمَا (وَخُنْثَى كَأُنْثَى) رِقًّا وَحُرِّيَّةً وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَوْ اقْتَصَرَ الْخُنْثَى الْحُرُّ عَلَى سِتْرِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ (وَلَهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (سَتْرُ بَعْضِهَا بِيَدٍ) لِحُصُولِ مَقْصُودِ السِّتْرِ (فَإِنْ وَجَدَ كَافِيهِ) أَيْ: بَعْضَهَا (قَدَّمَ) وُجُوبًا (سَوْأَتَيْهِ) أَيْ: قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ؛ لِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَسُمِّيَا سَوْأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ انْكِشَافَهُمَا يَسُوءُ
ــ
[حاشية الجمل]
الرَّأْسِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكَالرَّجُلِ الْأَمَةُ فِي الْأَصَحِّ إلْحَاقُهَا بِالرَّجُلِ وَالثَّانِي عَوْرَتُهَا كَالْحُرَّةِ إلَّا رَأْسُهَا أَيْ: عَوْرَتُهَا مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَرَأْسَهَا انْتَهَتْ. وَهَذَا الْقِيَاسُ قِيَاسُ شَبَهٍ لَا قِيَاسُ عِلَّةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْجَامِعَ لَيْسَ عِلَّةً لِلْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ نَعَمْ يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ لَنَا وَجْهًا بِأَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ خَاصَّةً وَهُوَ لَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ، وَلَنَا وَجْهٌ أَيْضًا فِي الْحُرَّةِ وَهُوَ أَنَّ بَاطِنَ قَدَمَيْهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَلَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي الصَّلَاةِ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهَا إنْ كَانَتْ عَاجِزَةً عَنْ سَتْرِهَا أَوْ سَتَرَتْهَا فَوْرًا بِلَا فِعْلٍ كَثِيرٍ وَلَا اسْتِدْبَارِ قِبْلَةٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِنْ جَهِلَتْ الْعِتْقَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا سَيِّدُهَا: إنْ صَلَّيْت صَلَاةً صَحِيحَةً فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهَا فَصَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ صَحَّتْ صَلَاتُهَا مُطْلَقًا وَعَتَقَتْ إنْ عَجَزَتْ عَنْ السَّتْرَةِ وَإِلَّا فَلَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ غَيْرُ وَجْهٍ وَكَفَّيْنِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الثَّوْبُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْقَدَمَيْنِ وَلَيْسَ مُمَاسًّا لِبَاطِنِ الْقَدَمِ فَيَكْفِي السَّتْرُ بِهِ لِكَوْنِ الْأَرْضِ تَمْنَعُ إدْرَاكَ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَلَا تُكَلَّفُ لُبْسَ نَحْوِ خُفٍّ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ لَكِنْ يَجِبُ تَحَرُّزُهَا فِي سُجُودِهَا وَرُكُوعِهَا عَنْ ارْتِفَاعِ الثَّوْبِ عَنْ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَهَذِهِ عَوْرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا عَوْرَتُهَا عِنْدَ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ مُطْلَقًا وَعِنْدَ الرِّجَالِ الْمَحَارِمِ فَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَجَمِيعُ الْبَدَنِ، وَأَمَّا عِنْدَ النِّسَاءِ الْكَافِرَاتِ فَقِيلَ جَمِيعُ بَدَنِهَا وَقِيلَ مَا عَدَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ وَأَمَّا فِي الْخَلْوَةِ فَكَالْمَحَارِمِ وَقِيلَ كَالرَّجُلِ اهـ وَقَوْلُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] أَيْ مَحَلَّ زِينَتِهِنَّ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الزِّينَةَ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ وَانْظُرْ وَجْهَ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى الَّذِي هُوَ كَوْنُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى إبْرَازِهِمَا أَيْ: خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَلَا حَاجَةَ تَأَمَّلْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ عَوْرَةَ الْأُنْثَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجَانِبِ جَمِيعُ بَدَنِهَا وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَحَارِمِ مَا عَدَا سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا تَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ وَارِدَةً فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ الْخُنْثَى الْحُرُّ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مُقْتَصِرًا عَلَى مَا ذَكَرُوا وَيَطْرَأَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ وَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ الْعَدَدَ لَوْ كَمُلَ بِالْخُنْثَى لَمْ تَنْعَقِدْ لِلشَّكِّ وَإِنْ انْعَقَدَتْ بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَثَمَّ خُنْثَى زَائِدٌ عَلَيْهِ ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ وَكَمُلَ الْعَدَدُ بِالْخُنْثَى لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا الِانْعِقَادَ وَشَكَكْنَا فِي الْبُطْلَانِ غَيْرُ وَارِدٍ هُنَا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي شَرْطٍ رَاجِعٍ إلَى ذَاتِ الْمُصَلِّي وَهُوَ السَّتْرُ وَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ شَكَّ فِي شَرْطٍ رَاجِعٍ لِغَيْرِهِ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الذَّاتِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَهُ سَتْرُ بَعْضِهَا) أَيْ: يَكْفِيهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْكَلَامِ الْإِجْزَاءُ اهـ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُرَاعَى السُّجُودُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَهُ سَتْرُ بَعْضِهَا إلَخْ) أَيْ: جَوَازُ إنْ كَانَ فَاقِدًا لِلسُّتْرَةِ أَوْ تَخَرَّقَتْ وَأَمْكَنَهُ تَرْقِيعُهَا وَوُجُوبًا إنْ لَمْ يُمْكِنُهُ تَرْقِيعُهَا فَاسْتَعْمَلَ الْجَوَازَ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّامِ فِي الْمَعْنَى الْأَعَمِّ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: يَكْفِيهِ أَخْذًا مِنْ مُقَابِلِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ بِيَدِهِ وَيَكْفِيهِ بِيَدِ غَيْرِهِ وَإِنْ حَرُمَ وَلَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْمَكْشُوفُ قَدْرَ يَدِهِ أَوْ أَكْبَرَ وَلَوْ جَمِيعَ الْعَوْرَةِ وَخَصَّ شَيْخُنَا الْوُجُوبَ بِالْأَوَّلِ وَفِي الْعُبَابِ يَجِبُ عَلَى الْعَارِي وَضْعُ ظَهْرِ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى قُبُلِهِ وَالْأُخْرَى عَلَى دُبُرِهِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَهُ سَتْرُ بَعْضِهَا بِيَدِهِ) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ السَّاتِرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَسْتُورِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ وَرَدَ بِمَنْعِ ذَلِكَ أَمَّا سَتْرُهَا هُنَا بِيَدِ غَيْرِهِ فَيَكْفِي قَطْعًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ لِحُصُولِ مَقْصُودِ السَّتْرِ) فَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ السَّتْرُ وَوَضْعُ الْيَدِ فِي السُّجُودِ فَهَلْ يُرَاعِي السُّجُودَ أَوْ السَّتْرَ قَالَ الْعَلَّامَةُ م ر يُرَاعِي السُّجُودَ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ وَهُوَ يُحْتَاطُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي غَيْرِهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُلْقِينِيُّ: يُرَاعِي السَّتْرَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لَكِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السُّجُودِ عَلَى الْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَأَقَرَّهُ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ عَلَيْهِ وَاجِبَانِ وَمِثْلُهُ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَدَ كَافِيهِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ الْبَعْضِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ يَسُوءُ
صَاحِبَهُمَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكْفِهِمَا قَدَّمَ (قُبُلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ بِهِ إلَى الْقِبْلَةِ فَكَانَ سَتْرُهُ أَهَمُّ تَعْظِيمًا لَهَا وَلِأَنَّ الدُّبُرَ مَسْتُورٌ غَالِبًا بِالْأَلْيَيْنِ.
(و) رَابِعُهَا وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (عِلْمٌ بِكَيْفِيَّتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ بِأَنْ يَعْلَمَ فَرْضِيَّتَهَا وَيُمَيِّزَ فُرُوضَهَا مِنْ سُنَنِهَا نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَهَا كُلَّهَا فَرْضًا أَوْ بَعْضَهَا وَلَمْ يُمَيِّزْ وَكَانَ عَامِّيًّا وَلَمْ يَقْصِدْ نَفْلًا بِفَرْضٍ صَحَّتْ.
(و) خَامِسُهَا (طُهْرُ حَدَثٍ) عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاةُ مُحْدِثٍ (فَإِنْ سَبَقَهُ) الْحَدَثُ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُتَطَهِّرًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ كَمَا لَوْ تَعَمَّدَهُ (وَتَبْطُلُ) أَيْضًا (بِمُنَافٍ) لَهَا
ــ
[حاشية الجمل]
صَاحِبُهُمَا) فِي الْمُخْتَارِ سَاءَهُ سَوْأَةً مِنْ بَابِ قَالَ وَمَسَاءَةً بِالْمَدِّ وَمَسَائِيَّةٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ بِهِ إلَى الْقِبْلَةِ) اُنْظُرْ لَوْ تَنَفَّلَ صَوْبَ مَقْصِدِهِ فَهَلْ يُقَالُ هُوَ قِبْلَتُهُ أَوْ لَا الظَّاهِرُ الثَّانِي لِشَرَفِ الْجِهَةِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الزِّيَادِيَّ قَرَّرَ وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْقُبُلِ وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَوَاشِي عَنْ شَيْخِنَا وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَعِلْمٌ بِكَيْفِيَّتِهَا) يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ م ر أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالصَّلَاةِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا كَالْوُضُوءِ وَالصَّوْمِ وَالطَّوَافِ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِزِيَادَتِهِ هُنَا بَلْ كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ فِي الْوُضُوءِ وَإِحَالَةُ مَا هُنَا عَلَيْهِ إذْ صَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ بِالصَّلَاةِ حَيْثُ ذَكَرَهُ فِيهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي غَيْرِهَا كَالْوُضُوءِ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْلَمَ فَرْضِيَّتَهَا) هَذَا فِي الْفَرْضِ وَيُقَالُ فِي النَّفْلِ بِأَنْ يَعْلَمَ كَوْنَهَا نَفْلًا وَهَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَكَيْفِيَّةُ الشَّيْءِ صِفَتُهُ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فِي الْوَاقِعِ اهـ شَيْخُنَا وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ إذْ كَوْنُهَا فَرْضًا وَكَوْنُ بَعْضِهَا فَرْضًا سُنَّةٌ مِنْ صِفَتِهَا الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا فِي الْوَاقِعِ فَهُوَ تَفْسِيرٌ حَقِيقِيٌّ لَا تَفْسِيرُ مُرَادٍ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ إنْ اعْتَقَدَهَا كُلَّهَا فَرْضًا) أَيْ: كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فَرْضًا وَإِلَّا فَالْعِلْمُ بِأَنَّهَا فَرْضٌ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ بِأَنْ يَعْلَمَ فَرْضِيَّتَهَا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ إنْ اعْتَقَدَهَا كُلَّهَا فَرْضًا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ عَالِمًا وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُمَيِّزْ وَكَانَ عَامِّيًّا كُلٌّ مِنْهُمَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ بَعْضُهَا اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَكَانَ عَامِّيًّا) الْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرَائِضَ صَلَاتِهِ مِنْ سُنَنِهَا وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ اهـ م ر اهـ ع ش لَكِنْ عَلَى الثَّانِي يَكُونُ قَوْلُهُ وَكَانَ عَامِّيًّا ضَائِعًا مَعَ قَوْلِهِ وَلَمْ يُمَيِّزْ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّيِّ هُنَا مَنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ زَمَنًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِأَنْ يُمَيِّزَ فِيهِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَبِالْعَالِمِ مَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ زَمَنًا تَقْضِي الْعَادَةُ فِيهِ بِأَنْ يُمَيِّزَ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ نَفْلًا بِفَرْضِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَلَمْ يَقْصِدْ فَرْضًا بِنَفْلٍ أَيْ: لَمْ يَقْصِدْ الْفَرْضَ نَفْلًا أَيْ: لَمْ يَعْتَقِدْهُ إيَّاهُ فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ) هَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ الشُّرُوطِ فَانْظُرْ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِهِ هُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ سَبَقَهُ بَطَلَتْ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاةُ مُحْدِثٍ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْضَحُ مِنْ هَذِهِ وَنَصُّهَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا عِنْدَ إحْرَامِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَحْرَمَ مُتَطَهِّرًا ثُمَّ أَحْدَثَ نَظَرَ فَإِنْ سَبَقَهُ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَعَمَّدَهُ) لَكِنَّ الْبُطْلَانَ فِي صُورَةِ التَّعَمُّدِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي صُورَةِ السَّبْقِ فِيهِ خِلَافٌ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَإِنْ سَبَقَهُ حَدَثُهُ غَيْرُ الدَّائِمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ لِبُطْلَانِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْقَدِيمِ وَنُسِبَ لِلْجَدِيدِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بَلْ يَتَطَهَّرُ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ لِعُذْرِهِ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَمَعْنَى الْبِنَاءِ أَنْ يَعُودَ إلَى الرُّكْنِ الَّذِي سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِيهِ وَيَجِبُ تَقْلِيلُ الزَّمَانِ وَالْأَفْعَالِ قَدْرَ الْإِمْكَانِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبِدَارُ الْخَارِجُ عَنْ الْعَادَةِ فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ بَابَانِ فَسَلَكَ الْأَبْعَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ طَهَارَتِهِ الْعَوْدُ إلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَمْ مَأْمُومًا يَبْغِي فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ عُذْرٌ مُطْلَقًا فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُنْفَرِدُ وَالْإِمَامُ الْمُسْتَخْلِفُ أَمَّا حَدَثُهُ الدَّائِمُ كَسَلَسِ بَوْلٍ فَغَيْرُ ضَارٍّ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ وَإِنْ أَحْدَثَ مُخْتَارًا بَطَلَتْ قَطْعًا عَلِمَ كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ أَمْ كَانَ نَاسِيًا وَلَوْ نَسِيَ الْحَدَثَ فَصَلَّى أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ إلَّا الْقِرَاءَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ فَيُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي إثَابَتِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ كَانَ جُنُبًا نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ عَدَمُ إثَابَتِهِ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ عَدَمُ إثَابَتِهِ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى قَصْدِهَا فَقَطْ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ م ر أَنَّ قِرَاءَةَ الْجُنُبِ لَا بِقَصْدِ الْقُرْآنِ يُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ الذِّكْرِ وَهُوَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَصْرِفْهَا عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ لِنِسْيَانِهِ الْجَنَابَةَ وَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ ثَوَابِهَا مِنْ الطَّهَارَةِ وَهُنَاكَ انْصَرَفَتْ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ لِعَدَمِ قَصْدِهَا فَصَارَتْ ذِكْرًا فَأُثِيبَ عَلَى الذِّكْرِ، وَقَدْ يُقَالُ نِسْيَانُهُ الْجَنَابَةَ لَا يَقْتَضِي قَصْدَ الْقُرْآنِيَّةِ فَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهَا ثَوَابَ الذِّكْرِ لِانْصِرَافِهَا عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُثَابَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَصَدَهَا إلْغَاءً لِقَصْدِهَا لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش
(عَرَضَ) كَانْتِهَاءِ مُدَّةِ خَوْفٍ وَتَنَجُّسِ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ (لَا) إنْ عَرَضَ (بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْ الْمُصَلِّي كَأَنْ كَشَفَتْ الرِّيحُ عَوْرَتَهُ أَوْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِهِ نَجِسٌ رَطْبٌ أَوْ يَابِسٌ (وَدَفَعَهُ حَالًا) بِأَنْ سَتَرَ الْعَوْرَةَ وَأَلْقَى الثَّوْبَ فِي الرَّطْبِ وَنَفَضَهُ فِي الْيَابِسِ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَانْتِهَاءِ مُدَّةِ خُفٍّ) أَيْ: إلَّا إنْ افْتَتَحَهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَقْصِيرِهِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ وَاقِعًا فِي مَاءٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لِضَرُورَةِ الْحُكْمِ بِالْحَدَثِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَفَارَقَ دَفْعَ النَّجَسِ حَالًا فِيمَا مَرَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْهَدْ صَلَاةً مَعَ حَدَثٍ بِلَا إعَادَةٍ نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بِقَدْرٍ لَا تَسَعُهُ الْمُدَّةُ صَحَّ عَلَى الْأَوْجَهِ لِإِمْكَانِ اقْتِصَارِهِ عَلَى قَدْرِ مَا تَسَعُهُ مِنْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَإِنْ قَصَّرَ فِي دَفْعِهِ بِأَنْ فَرَغَتْ مُدَّةُ خُفٍّ فِيهَا أَيْ: الصَّلَاةِ بَطَلَتْ قَطْعًا لِتَقْصِيرِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ إلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ أَوْ الْوُضُوءِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ فِي الْخُفِّ رِجْلَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ لَمْ يُؤَثِّرْ إذْ مَسْحُ الْخُفِّ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا تَأْثِيرَ لِلْغُسْلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَمِثْلُهُ غَسْلُهُمَا بَعْدَهَا لِمُضِيِّ مُدَّةٍ وَهُوَ مُحْدِثٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ فِي الْمَاءِ رِجْلَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِهَا وَاسْتَمَرَّ إلَى انْقِضَائِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَدَثٍ يَطْرَأُ ثُمَّ يَرْتَفِعُ وَأَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ دَخَلَ فِيهَا ظَانًّا الْبَقَاءَ فَإِنْ قَطَعَ بِانْقِطَاعِ الْمُدَّةِ فِيهَا اتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ عَدَمُ انْعِقَادِهَا وَفَارَقَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ عَوْرَتُهُ تَنْكَشِفُ فِي رُكُوعِهِ حَيْثُ حَكَمَ بِانْعِقَادِهَا عَلَى الصَّحِيحِ بِعَدَمِ قَطْعِهِ ثُمَّ بِالْبُطْلَانِ بَلْ صِحَّتُهَا مُمْكِنَةٌ بِأَنْ يَسْتُرَهَا بِشَيْءٍ عِنْدَ رُكُوعِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ إذْ كَيْفَ يُقَالُ بِانْعِقَادِهَا مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ صِحَّتِهَا وَكَيْفَ تَتَحَقَّقُ نِيَّتُهَا نَعَمْ إنْ كَانَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ يُدْرِكُ مَعَهُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ انْعَقَدَتْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ كَشَفَتْ الرِّيحُ عَوْرَتَهُ) الرِّيحُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْحَيَوَانُ وَلَوْ آدَمِيًّا كَذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الرِّيحِ الْآدَمِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْبَهِيمَةُ وَلَوْ مُعَلَّمَةً اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُمَيِّزَ يَضُرُّ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ قَصْدًا فَيَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِالرِّيحِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ أَمْكَنَ إلْحَاقُهُ بِهِ هَذَا وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ الضَّرَرُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَعَلَّلَهُ بِنُدْرَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُرَاجَعْ أَقُولُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الِانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ مُكْرَهًا فَإِنَّهُ يَضُرُّ وَإِنْ عَادَ حَالًا وَعَلَّلُوهُ بِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِي الصَّلَاةِ فَاعْتَمِدْهُ انْتَهَتْ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الرِّيحَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيُضَرُّ الْآدَمِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَكَذَا غَيْرُ الْآدَمِيِّ مِنْ حَيَوَانٍ آخَرَ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَتَبْطُلُ بِكَشْفِ عَوْرَةِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ بِإِكْرَاهِ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى كَشْفِهَا وَكَذَا لَوْ أَكْرَهُهُ عَلَى الِانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهُ فَأَحْرَفَهُ عَنْهَا أَوْ ضَايَقَهُ كَذَلِكَ إنْ عَادَ حَالًا فِيهِمَا انْتَهَتْ قَالَ سم عَلَى حَجّ وَلَوْ تَكَرَّرَ كَشْفُ الرِّيحِ وَتَوَالَى بِحَيْثُ احْتَاجَ فِي السَّتْرِ إلَى حَرَكَاتٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ فَالْمُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ وَرَأَيْت بِهَامِشٍ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ مَا نَصُّهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ صَلَّتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَعُتِقَتْ فِي الصَّلَاةِ وَوَجَدَتْ خِمَارًا تَحْتَاجُ فِي مُضِيِّهَا إلَيْهِ إلَى أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ أَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّكَشُّفِ مِنْ أَنَّ صَلَاتَهَا تَبْطُلُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَأَلْقَى الثَّوْبَ فِي الرَّطْبِ) يَنْبَغِي أَوْ غَسَلَ النَّجَاسَةَ حَالًا كَأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ نُقْطَةُ بَوْلٍ فَصَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ حَالًا بِحَيْثُ طَهَّرَ مَحَلَّهَا بِمُجَرَّدِ صَبِّهِ حَالًا وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْبَدَنَ كَالثَّوْبِ فِي ذَلِكَ بِجَامِعِ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِذَا وَقَعَ عَلَيْهِ نُقْطَةُ بَوْلٍ مَثَلًا فَصَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَوْرًا بِحَيْثُ طَهُرَ الْمَحَلُّ بِمُجَرَّدِ الصَّبِّ حَالًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ نَجَسٌ جَافٌّ فَأَلْقَاهُ عَنْهُ حَالًا بِنَحْوِ إمَالَتِهِ فَوْرًا حَتَّى سَقَطَ عَنْهُ النَّجَسُ؛ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ إلْقَاءِ النَّجَسِ الْجَافِّ فَوْرًا وَصَبِّ الْمَاءِ عَلَى النَّجَسِ الرَّطْبِ فَوْرًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْتُ عَنْ الْمُغْنِي فِيمَا لَوْ أَصَابَهُ فِي الصَّلَاةِ نَجَاسَةٌ حُكْمِيَّةٌ فَغَسَلَهَا فَوْرًا أَنَّ أَوَّلَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ يُفْهِمُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ وَآخِرُهُ يُفْهِمُ خِلَافَهُ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ إلْقَاءِ النَّجَاسَةِ حَالًا لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ لَكِنْ يَلْزَمُ إلْقَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ لِكَوْنِهِ فِيهِ وَبَيْنَ عَدَمِ إلْقَائِهَا صَوْنًا لِلْمَسْجِدِ عَنْ التَّنْجِيسِ لَكِنْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي مُرَاعَاةُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَإِلْقَاءُ النَّجَاسَةِ حَالًا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ إزَالَتُهَا فَوْرًا بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَتَطْهِيرِ الْمَسْجِدِ لَكِنْ يُغْتَفَرُ إلْقَاؤُهَا فِيهِ وَتَأْخِيرُ التَّطْهِيرِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُنَا فَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي إلَخْ وَافَقَ عَلَيْهِ م ر فِي الْجَافَّةِ وَمَنَعَهُ فِي الرَّطْبَةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ وَآخِرُهُ يُفْهِمُ خِلَافَهُ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ إلَى وَقْتِ الْغُسْلِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَمَلَ الثَّوْبَ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي كَلَامِ
فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيُغْتَفَرُ هَذَا الْعَارِضُ الْيَسِيرُ.
(و) سَادِسُهَا (طُهْرُ نَجِسٍ) لَا يُعْفَى عَنْهُ (فِي مَحْمُولٍ وَبَدَنٍ وَمُلَاقِيهِمَا) فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْمُولِ وَالْمُلَاقِي أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَإِنْ فُهِمَ الْمُرَادُ مِمَّا يَأْتِي (وَلَوْ نَجِسَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا (بَعْضُ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَجَهِلَ) ذَلِكَ الْبَعْضَ فِي جَمِيعِ الشَّيْءِ (وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ مَعَهُ؛ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ مَا بَقِيَ جُزْءٌ مِنْهُ بِلَا
ــ
[حاشية الجمل]
شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ، وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا عَلَى نَحْوِ مُصْحَفٍ أَوْ فِي نَحْوِ جَوْفِ الْكَعْبَةِ فَالْوَجْهُ مُرَاعَاتُهُمَا وَلَوْ جَافَّةً لِعِظَمِ حُرْمَتِهِمَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَلْقَى الثَّوْبَ فِي الرَّطْبِ) مَحَلُّ جَوَازِ إلْقَائِهِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَمَّا فِيهِ فَلَا يَجُوزُ إلْقَاؤُهُ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ ضَاقَ أَلْقَاهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَإِنْ لَزِمَ تَنْجِيسُ الْمَسْجِدِ فَإِنْ نَحَّى الْيَابِسَ بِكُمِّهِ أَوْ عُودٍ بِيَدِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَأَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا فِيمَا لَوْ صَلَّى عَلَى نَحْوِ ثَوْبٍ مُتَنَجِّسِ الْأَسْفَلِ وَرِجْلُهُ مُبْتَلَّةٌ ثُمَّ رَفَعَهَا فَارْتَفَعَ مَعَهَا الثَّوْبُ لِالْتِصَاقِهِ بِهَا أَنَّهُ إذَا انْفَصَلَ عَنْ رِجْلِهِ فَوْرًا وَلَوْ بِتَحْرِيكِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ اهـ ح ل وَلَوْ رَأَيْنَا فِي ثَوْبِ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ بِهَا وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ كَمَا لَوْ رَأَيْنَا صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا مَنْعُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُنَا وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ إلَخْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ تَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَعَلِمْنَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ صَلَّى مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ الْبُطْلَانَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَلْقَى الثَّوْبَ فِي الرَّطْبِ وَنَفَضَهُ فِي الْيَابِسِ) لَعَلَّ صُورَةَ إلْقَاءِ الثَّوْبِ فِي الرَّطْبِ أَنْ يَدْفَعَ الثَّوْبَ مِنْ مَكَان طَاهِرٍ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْقُطَ وَلَا يَرْفَعُهُ بِيَدِهِ وَلَا يَقْبِضُهُ وَيَجُرُّهُ فَإِنَّ ذَلِكَ حَمْلٌ لِلنَّجَاسَةِ وَلَعَلَّ صُورَةَ نَفْضِهِ فِي الْيَابِسِ أَنْ يُمِيلَ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ حَتَّى تَسْقُطَ أَوْ يَضَعَ إصْبَعَهُ عَلَى جُزْءٍ طَاهِرٍ مِنْ ثَوْبِهِ وَيَدْفَعُهُ إلَى أَنْ يَسْقُطَ أَمَّا لَوْ قَبَضَ عَلَى مَحَلِّهَا وَجَرَّهُ أَوْ رَفَعَهُ فَهُوَ حَامِلٌ لَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم
(قَوْلُهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ) وَلَيْسَ مِنْ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ حَمْلُ مَا لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالتَّنْجِيسِ لِمُلَاقِيهِ كَمَيِّتَةٍ لَا دَمَ لَهَا فَإِذَا حَمَلَهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ كَحَمْلِهِ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا فَغَسَلَ مَذْبَحَهُ وَبَيْضٍ مَذَرٍ وَسَمَكٍ مَيِّتٍ وَإِنْ جَازَ أَكْلُهُ بِمَا فِي جَوْفِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَبَدَنٌ) أَيْ: وَلَوْ دَاخِلَ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ ذَلِكَ فِي الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَغْلَظُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا) وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ كَثُرَ ذَرْقُ الطُّيُورِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْأَرْضِ وَكَذَا الْفُرُشُ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا فِيمَا يَظْهَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ كَمَا قَيَّدَ الْعَفْوَ بِذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيِّنٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ رَطْبًا أَوْ رِجْلُهُ مُبْتَلَّةٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ تَحَرِّي غَيْرِهِ مَحَلَّهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَجَسَ بَعْضُ شَيْءٍ إلَخْ) هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مَحَلُّهُمَا بَابُ النَّجَاسَةِ فَذِكْرُهُمَا هُنَا اسْتِطْرَادِيٌّ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا) أَيْ: وَضَمِّهَا أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ نَصَرَ وَعَلِمَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَمُضَارِعُهُ بِفَتْحِهَا وَضَمِّهَا قَالَهُ الْجَلَالُ فِي قَوْلِهِ إنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَجِسَ بَعْضُ شَيْءٍ مِنْهَا وَجَهِلَ إلَخْ) وَيَحْرُمُ التَّضَمُّخُ بِالنَّجِسِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي الْبَدَنِ بِلَا حَاجَةٍ وَكَذَا الثَّوْبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَمَا فِي التَّحْقِيقِ مِنْ تَحْرِيمِهِ فِي الْبَدَنِ فَقَطْ مُرَادٌ بِهِ مَا يَعُمُّ مَلَابِسَهُ لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ قَضِيَّةُ هَذَا الْحَمْلِ عَدَمُ حُرْمَةِ تَنْجِيسِ ثَوْبٍ غَيْرِ مَلْبُوسٍ لَهُ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ بَلْ الْمُرَادُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُلَابِسَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) مَحَلُّهُ فِي الْمَكَانِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَسْلُ الْكُلِّ بَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي جَانِبٍ مِنْهُ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ خَفِيَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَكَانِ كَبَيْتٍ وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ إنْ ضَاقَ عُرْفًا وَإِلَّا فَلَا وَلَهُ الصَّلَاةُ فِي كُلِّهِ وَلَوْ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ إلَّا قَدْرَ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ ثَوْبِهِ وَجَهِلَ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ اجْتَنَبَهُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا نَجَاسَتَهُ وَلَمْ نَتَيَقَّنْ طَهَارَتَهُ وَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ لَاقَى بَعْضَهُ رَطْبًا لَا يُنَجِّسُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ؛ إذْ لَا نَنْجَسُ بِالشَّكِّ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ إذْ لَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي النَّجَاسَةِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ دُونَ الطَّهَارَةِ اهـ أَقُولُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ مَسَّهُ فِيهَا بَطَلَتْ أَيْضًا، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا أُعْطِيَ حُكْمَ الْمُتَنَجِّسِ جَمِيعَهُ، وَجَبَ اجْتِنَابُهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَجَّسْ مَا مَسَّهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ كَمَا فِي النَّجِسِ الْجَافِّ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ
غَسْلٍ وَعَلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ بِاجْتِهَادٍ طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ نَجِسًا لَمْ يَكْفِ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاجْتِهَادِ بَلْ يَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ حَتَّى لَوْ تَنَجَّسَ أَحَدُ كُمَّيْنِ وَجَهِلَهُ وَجَبَ غَسْلُهُمَا فَلَوْ فَصَلَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا كَفَاهُ غَسْلُ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ كَالثَّوْبَيْنِ وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ فِي مُقَدِّمِ الثَّوْبِ مَثَلًا وَجَهِلَ مَحِلَّهُ وَجَبَ غَسْلُ مُقَدِّمِهِ فَقَطْ.
(وَلَوْ غَسَلَ بَعْضَ نَجِسٍ) كَثَوْبٍ (ثُمَّ) غَسَلَ (بَاقِيَهُ فَإِنْ غُسِلَ مَعَ مُجَاوِرِهِ) مِمَّا غُسِلَ أَوَّلًا (طَهُرَ) كُلُّهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ غُسِلَ دُونَ مُجَاوِرِهِ (فَغَيْرُ الْمُجَاوِرِ) يَطْهُرُ وَالْمُجَاوِرُ نَجِسٌ بِمُلَاقَاتِهِ وَهُوَ رَطْبٌ لِلنَّجِسِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْجُسْ بِالْمُجَاوِرِ مُجَاوِرُهُ الرَّطْبُ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمُجَاوِرِ لَا تَتَعَدَّى إلَى مَا بَعْدَهُ كَالسَّمْنِ الْجَامِدِ يَنْجُسُ مِنْهُ مَا حَوْلَ النَّجَاسَةِ فَقَطْ وَتَعْبِيرِي بِبَعْضٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنِصْفٍ.
(وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ نَحْوِ قَابِضٍ) كَشَادٍّ بِيَدِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
بَعْدَ مَسِّهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ مَا مَسَّهُ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ مَسِّهِ قَبْلَهَا أَوْ أَثْنَائِهَا مَعَ مُفَارَقَتِهِ وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَأَمَّا الْوُقُوفُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا مَعَ الِاسْتِمْرَارِ فَمَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْمُتَّجَهُ مَعْنًى أَنَّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ خَارِجَهُ ثُمَّ مَسَّهُ أَوْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا لِلشَّكِّ فِي الْمُبْطِلِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ بِاجْتِهَادٍ إلَخْ) أَيْ: وَعَلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ شَقَّ الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ الِاجْتِهَادُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ الشَّقُّ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ وَأَنَّهُ لَوْ أَصَابَ شَيْءٌ رَطْبٌ طَرَفًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ نَجَاسَةَ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُهُمَا) فَلَوْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِأَنَّ النَّجِسَ هَذَا الْكُمُّ مَثَلًا قَبْلَ خَبَرِهِ فَيَكْفِي غَسْلُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ غَسَلَ بَعْضَ نَجَسٍ ثُمَّ بَاقِيَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ حَيْثُ غَسَلَ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ فَإِنْ غَسَلَهُ فِي إنَاءٍ مِنْ نَحْوِ جَفْنَةٍ بِأَنْ وَضَعَ نِصْفَهُ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ مَاءً يَغْمِزُهُ لَمْ يَطْهُرْ حَتَّى يَغْسِلَهُ دَفْعَةً كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ؛ إذْ كَلَامُهُ مُقَيِّدٌ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَا فِي نَحْوَ الْجَفْنَةِ مُلَاقٍ لَهُ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَيُنَجِّسُهُ وَحَيْثُ تَنَجَّسَ الْمَاءُ لَمْ يَطْهُرْ الثَّوْبُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا نَحْوَ الْجَفْنَةِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ الثَّوْبِ مُرْتَفِعٍ عَنْ الْإِنَاءِ وَانْحَدَرَ عَنْهُ الْمَاءُ حَتَّى اجْتَمَعَ فِي الْجَفْنَةِ وَلَمْ يُصَلِّ الْمَاءُ إلَى مَا فَوْقَ الْمَغْسُولِ مِنْ الثَّوْبِ طَهُرَ، وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ سم عَنْ الشَّارِحِ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَعِبَارَتُهُ أَيْ سم.
(فَرْعٌ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ غَسْلِ النِّصْفِ النَّجِسِ فِي جَفْنَةٍ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ إذَا وَضَعَ نِصْفَ الشَّيْءِ فِي الْجَفْنَةِ وَنِصْفَهُ الْآخَرَ مُسْتَعْلٍ فَإِنْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى بَعْضِ الْمُسْتَعْلِي أَوَّلًا ثُمَّ غَمَرَ مَا فِي الْجَفْنَةِ بِالْمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ فِي الْجَفْنَةِ إلَى أَوَّلِ غَيْرِ الْمَغْسُولِ بِحَيْثُ يُلَاقِيهِ طَهُرَ كُلُّ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعْلِيَ لَمَّا طَهُرَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَغْمُرْهُ الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ مَعَ غَيْرِهِ لَمْ يَبْقَ الْبَعْضُ النَّجِسُ وَارِدٌ وَإِنْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى مَا فِي الْجَفْنَةِ بِحَيْثُ صَارَ سَطْحُ الْمَاءِ الْمُجْتَمِعِ مُلَاقِيًا لِأَوَّلِ الَّذِي لَمْ يَصُبَّهُ الْمَاءُ لَمْ يَطْهُرْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْبَاقِيَ النَّجِسَ يَصِيرُ وَارِدًا، وَقَدْ اعْتَمَدَ م ر مَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَرَدَ اسْتِدْلَالُهُ بِتَطْهِيرِ الْإِجَانَةِ بِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِي غَسْلِهَا إلَى الْإِدَارَةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ غَسْلُ الْإِجَانَةِ بِغَيْرِ الْإِدَارَةِ كَالثَّوْبِ كَأَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَى جَوَانِبِهَا أَوَّلًا وَكَأَنْ يَعُمَّهَا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَوْ غَسَلَ نِصْفَهُ أَوْ نِصْفَ ثَوْبٍ نَجِسٍ ثُمَّ النِّصْفُ الثَّانِي بِمَاءٍ جَاوَرَهُ طَهُرَ مَا نَصُّهُ، سَوَاءٌ غَسَلَهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ جَفْنَةٍ أَمْ فِيهَا وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مِمَّا غُسِلَ أَوَّلًا) حَالٌ مِنْ مُجَاوِرٍ أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْمُجَاوِرِ بَعْضَ مَا غُسِلَ أَوَّلًا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمُجَاوِرِ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً فَلَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ الثَّوْبِ وَاشْتَبَهَ فَغَسَلَ نِصْفَهُ ثُمَّ بَاقِيَهُ طَهُرَ كُلُّهُ وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ الْمُجَاوِرَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ نَجَاسَةِ الْبَعْضِ الَّذِي غُسِلَ أَوَّلًا اهـ ع ش عَلَى م ر رَأْيٌ حَتَّى تَسْرِي إلَى مُجَاوِرِهِ مِمَّا غُسِلَ أَوَّلًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْجُسْ بِالْمُجَاوِرِ إلَخْ) رَدٌّ لِلْقَوْلِ الضَّعِيفِ الَّذِي حَكَاهُ م ر فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَطْهُرُ مُطْلَقًا حَتَّى يَغْسِلَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ تَسْرِي وَرُدَّ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمُجَاوِرِ لَا تَتَعَدَّى لِمَا بَعْدَهُ كَالسَّمْنِ الْجَامِدِ يَنْجُسُ مِنْهُ مَا حَوْلَ النَّجَاسَةِ فَقَطْ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْجُسْ بِالْمُجَاوِرِ مُجَاوِرَهُ إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى التَّعْلِيلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مُجَاوِرَهُ مَا لَوْ لَاقَى هَذَا الْمُجَاوِرَ الْمَحْكُومَ بِنَجَاسَتِهِ شَيْءٌ مِنْ خَارِجَ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مُلَاقِيهِ حَيْثُ يُنَجِّسُهُ وَبَيْنَ مُجَاوِرِهِ حَيْثُ لَا يُنَجِّسُهُ أَنَّهُ لَوْ نَجَّسَ مُجَاوِرَهُ لَزِمَ عَوْدُ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي فُرِضَ طُهْرُهُ بِخِلَافِ الْمُلَاقَى اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا بَعْدَ الْمُجَاوِرِ حَيْثُ لَا يُنَجِّسُ وَبَيْنَ مَا لَاقَى الْمُجَاوِرَ مِنْ خَارِجَ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِنَجَاسَةِ غَيْرِ الْمُجَاوِرِ لَاقْتَضَى نَجَاسَةَ مُجَاوِرِهِ وَهَكَذَا فَيَلْزَمُ عَدَمُ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ مُطْلَقًا اللَّازِمِ لَهُ الْمَشَقَّةُ بِخِلَافِ مُلَاقِي الْمُجَاوِرِ لَا يَلْزَمُ عَلَى نَجَاسَتِهِ مَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِبَعْضِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَلَوْ غَسَلَ بَعْضَ نَجِسٍ إلَخْ أَعَمُّ مِنْ
أَوْ نَحْوِهَا (طَرَفَ) شَيْءٍ كَحَبْلٍ (مُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ) وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِمُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ فَكَأَنَّهُ حَامِلٌ لَهُ فَلَا يَضُرُّ جَعْلُ طَرَفِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لِعَدَمِ حَمْلِهِ لَهُ وَلَوْ كَانَ طَرَفُهُ مُتَّصِلًا بِسَاجُورِ كَلْبٍ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِي عُنُقِهِ أَوْ بِحِمَارٍ بِهِ نَجِسٌ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ حُبِسَ بِمَكَانٍ نَجَسٍ صَلَّى وَتَجَافَى عَنْ النَّجَسِ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ جَبْهَتِهِ بِالْأَرْضِ بَلْ يَنْحَنِي لِلسُّجُودِ إلَى قَدْرِ لَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَاقَى النَّجَسَ ثُمَّ يُعِيدُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا يَضُرُّ نَجَسٌ يُحَاذِيهِ) لِعَدَمِ مُلَاقَاتِهِ لَهُ وَقَوْلِي يُحَاذِيهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ يُحَاذِي صَدْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
(وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ) بِقَيْدِ زِدْته بِقَوْلِي
ــ
[حاشية الجمل]
تَعْبِيرِهِ بِنِصْفِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَلَوْ غَسَلَ نِصْفَ نَجِسٍ إلَخْ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ طَرَفٌ مُتَّصِلٌ بِنَجِسٍ) سَوَاءٌ كَانَ اتِّصَالُهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الرَّبْطِ بِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ النَّجَسُ يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مُتَّصِلٌ بِنَجِسٍ مَا لَوْ كَانَ الطَّرَفُ الْآخَرُ مُتَّصِلًا بِشَيْءٍ طَاهِرٍ وَذَلِكَ الطَّاهِرُ مُتَّصِلٌ بِالنَّجِسِ فَيَفْصِلُ وَيُقَالُ إنْ كَانَ النَّجِسُ لَا يَتَحَرَّك بِتَحْرِيكِ الْمُصَلِّي وَاتَّصَلَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِالْمُتَّصِلِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الرَّبْطِ بِهِ ضَرَّ وَإِنْ كَانَ النَّجِسُ لَا يَتَحَرَّك بِتَحْرِيكِ الْمُصَلِّي أَوْ كَانَ الِاتِّصَالُ لَا عَلَى وَجْهِ الرَّبْطِ لَمْ يَضُرَّ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِعُ لِلْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ طَرَفُهُ مُتَّصِلًا بِسَاجُورِ كَلْبٍ إلَخْ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِيهِ ضِيقٌ لِعَدَمِ إفَادَتِهِ لِلتَّفْصِيلِ الَّذِي عَلِمْته هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ م ر اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ جَعْلُ طَرَفِهِ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ نَحْوُ قَابِضٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ طَرَفُهُ مُتَّصِلًا إلَخْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُتَّصِلٌ بِنَجِسٍ وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ أَيْ: إنْ كَانَ مَرْبُوطًا بِالسَّاجُورِ أَوْ الْحِمَارِ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ حُكْمَ الْمَفْهُومِ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُخَالِفَهُ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مُتَّصِلًا بِسَاجُورِ كَلْبٍ) أَيْ: مَرْبُوطًا وَمَشْدُودًا خِلَافًا لِلشَّيْخِ الْخَطِيبِ حَيْثُ لَمْ يَعْتَبِرْ الرَّبْطَ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ بِسَاجُورِ كَلْبٍ) أَيْ: أَوْ بِسَفِينَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِحَيْثُ تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ فَهِيَ كَالدَّابَّةِ وَصُورَتُهَا أَنْ تَكُونَ فِي الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ جَرُّ الصَّغِيرَةِ فِي الْبَرِّ أَنَّهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ حَمَلَ طَرَفَ حَبْلٍ مَرْبُوطٍ بِوَتَدٍ مَرْبُوطٍ بِهِ حَبْلُ سَفِينَةٍ فِيهَا نَجِسٌ مُتَّصِلٌ بِهِ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَ الْحَبْلَيْنِ رَبْطٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمُخْتَارِ السَّاجُورُ خَشَبَةٌ تُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْكَلْبِ يُقَالُ: كَلْبٌ مَسْجُورٌ اهـ.
(قَوْلُهُ صَلَّى وَتَجَافَى) أَيْ صَلَّى الْفَرْضَ فَقَطْ اهـ ع ش عَلَى م ر وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَابِسًا لِثَوْبٍ طَاهِرٍ وَإِلَّا فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ نَجِسٌ يُحَاذِيهِ) نَعَمْ يُكْرَهُ إنْ قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُحَاذِيًا لَهُ عُرْفًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ إلَخْ) لَمَّا ذَكَرَ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ طَهَارَةِ بَدَنِهِ وَمَلْبُوسِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ذَكَرَ مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةً مِمَّا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ وَصَلَ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ مَا لَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ إلَخْ وَالْمُرَادُ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ الْعَامِدُ الْعَالِمُ وَلَوْ غَيْرَ مَعْصُومٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ حَجّ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَلَوْ وَصَلَ أَيْ مَعْصُومٌ؛ إذْ غَيْرُهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي انْتَهَتْ أَيْ:؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَعْصُومِ مَتَى وَصَلَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّزْعُ مُطْلَقًا أَمِنَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَوْ لَا أَيْ: وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ فَوَاتُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَهْدَرَ دَمَهُ لَمْ يُبَالِ بِضَرَرِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ اهـ ح ل وَهَذَا عَلَى كَلَامِ حَجّ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ م ر وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْصُومِ وَغَيْرِهِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى تَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَصْلُ بِالنَّجِسِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّوْبَةِ بِالصَّلَاةِ اهـ ع ش اهـ اط ف وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَلَوْ وَصَلَ أَيْ الْمُكَلَّفُ الْمَعْصُومُ الْمُخْتَارُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْمُهْدَرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ النَّزْعُ مُطْلَقًا وَالْمُكْرَهُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا النَّزْعُ مُطْلَقًا فَالتَّفْصِيلُ فِي الْمَتْنِ مَشْرُوطٌ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ اهـ شَيْخُنَا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي غَيْرِ الْمَعْصُومِ أَنَّهُ كَالْمَعْصُومِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى تَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوَصْلُ بِالنَّجِسِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّوْبَةِ بِالصَّلَاةِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْجَبْرِ أَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ مُخْتَارًا مَعَ فَقْدِ الطَّاهِرِ الصَّالِحِ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا فِي النَّزْعِ وَإِنْ فَعَلَهُ مَعَ وُجُودِ الطَّاهِرِ الصَّالِحِ وَجَبَ نَزْعُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَرَرًا وَإِنْ فَعَلَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا وَإِنْ فَعَلَ بِهِ حَالَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ كَصِغَرِهِ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا، وَحَيْثُ وَجَبَ نَزْعُهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَا طَهَارَتُهُ مَا دَامَ الْعَظْمُ النَّجِسُ مَكْشُوفًا لَمْ يَسْتَتِرْ وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَطَهَارَتُهُ وَلَمْ يَنْجُسْ الْمَاءُ بِمُجَرَّدِ مُرُورِهِ عَلَى الْعَظْمِ وَلَوْ قَبْلَ اكْتِسَائِهِ بِاللَّحْمِ وَالْجِلْدِ وَلَا الرَّطْبِ إذَا لَاقَاهُ اهـ م ر اهـ سم.
وَمَال أَيْضًا إلَى أَنَّهُ لَوْ حَمَلَهُ أَيْ: مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ النَّزْعُ مُصَلٍّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَقِيَاسُ الْمُسْتَجْمِرِ الْبُطْلَانُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَظْمَ مَعَ الْوَصْلِ صَارَ كَالْجُزْءِ فَلَا يَنْجُسُ مُلَاقِيهِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الِاسْتِجْمَارِ.
(فَرْعٌ) لَوْ وَشَمَ كَافِرٌ نَفْسَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ
(لِحَاجَةٍ) إلَى وَصْلِهِ (بِنَجَسٍ) مِنْ عَظْمٍ (لَا يَصْلُحُ) لِلْوَصْلِ (غَيْرُهُ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِفَقْدِ الطَّاهِرِ (عُذِرَ) فِي ذَلِكَ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ قَالَ
ــ
[حاشية الجمل]
نَزْعُهُ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْوَشْمُ هُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ نَحْوُ نِيلَةٍ لِيَزْرَقَّ أَوْ يَخْضَرَّ وَفِيهِ تَفْصِيلُ الْجَبْرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ بَابَهُ أَوْسَعُ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ بِرِضَاهُ حَالَ تَكْلِيفِهِ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ إزَالَتِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ مُنِعَ ارْتِفَاعُ الْحَدَثِ عَنْ مَحَلِّهِ لِتَنَجُّسِهِ وَإِلَّا عُذِرَ فِي بَقَائِهِ وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَحَيْثُ لَمْ يُعْذَرْ فِيهِ وَلَاقَى مَاءً قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا أَوْ رَطْبًا نَجَّسَهُ.
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا بِمَا صُورَتُهُ: مَا قَوْلُكُمْ دَامَ فَضْلُكُمْ فِي كَيٍّ يَتَعَاطَوْنَهُ أَهْلُ دِمَشْقَ وَيُسَمُّونَهُ بِكَيِّ الْحِمَّصَةِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُكْوَى مَحَلُّ الْأَلَمِ ثُمَّ يُعَفَّنَ مُدَّةً بِمُخِّ الْغَنَمِ ثُمَّ يُجْعَلَ فِيهِ حِمَّصَةٌ تُوضَعُ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ تُلْقَى مِنْهُ، وَقَدْ عَظُمَتْ الْبَلِيَّةُ بِفِعْلِ ذَلِكَ فَمَا حُكْمُ الصَّلَاةِ فِيهَا؟ هَلْ يَكُونُ كَاللُّصُوقِ وَالْمَرْهَمِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ زَمَنَ مُكْثِهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَكْوِيِّ أَمْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
وَأَجَابَ شَيْخُنَا الشبراملسي بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قِيَاسُ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ خِيَاطَةَ الْجُرْحِ وَمُدَاوَاتَهُ بِالنَّجِسِ كَالْجَبْرِ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُ مَا دَهَنَهُ بِهِ مِنْ النَّجَسِ مَقَامَهُ عُفِيَ عَنْهُ وَلَا يُنَجِّسُ مَا أَصَابَهُ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي كَيِّ الْحِمَّصَةِ مِثْلُهُ فَإِنْ قَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فِي مُدَاوَاةِ الْجُرْحِ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَلَا يَضُرَّ انْتِفَاخُهَا وَعِظَمُهَا فِي الْمَحَلِّ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ قَائِمَةً وَبَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ يَجِبُ نَزْعُهَا، فَإِنْ تُرِكَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ضَرَّ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَقَدْ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ حَيْثُ عُذِرَ فِي الْوَشْمِ فَلَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا وُجُودُ النَّجَاسَةِ مَعَ حُصُولِهَا بِفِعْلِهِ لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ أَثَرَ الْوَشْمِ يَدُومُ أَوْ تَطُولُ مُدَّتُهُ إلَى حَدٍّ يَزِيدُ عَلَى مَا يَحْصُلُ لِمَنْ يَفْعَلُ الْحِمَّصَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُهَا وَعَوْدُ بَدَلِهَا كَمَا لَا يَضُرُّ تَغْيِيرُ اللُّصُوقِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَإِنْ بَقِيَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ الْفَقِيرُ عَلِيٌّ الشَّبْرامَلِسِيُّ وَكُتِبَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَلَّفَ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً جَمَعَ فِيهَا فَأَوْعَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ عَظْمَهُ) خَرَجَ مَا لَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ مُحَرَّمٌ نَجِسٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَقَايَأَهُ وَإِنْ كَانَ وُصُولُهُ إلَيْهِ بِإِكْرَاهٍ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ وَصْلِ الْعَظْمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ الْحَاجَةُ إلَى وَصْلِهِ) كَخَلَلٍ فِي الْعُضْوِ أَوْ نَحْوِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَخِيَاطَةُ الْجُرْحِ بِخَيْطٍ نَجِسٍ وَدَوَاؤُهُ بِدَوَاءٍ نَجِسٍ كَالْجَبْرِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا الْوَشْمُ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ بِنَجِسٍ) وَمِثْلُهُ بِالْأُولَى دَهْنُهُ بِهِ أَوْ رَبْطُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ عَظْمٍ) أَيْ: وَلَوْ مُغَلَّظًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ لِلْوَصْلِ غَيْرُهُ) أَيْ أَصْلًا وَقْتَ إرَادَتِهِ حَتَّى لَوْ صَلَحَ غَيْرُهُ وَكَانَ هَذَا أَصْلَحَ أَوْ أَسْرَعَ إلَى الْجَبْرِ لَمْ يَجُزْ الْوَصْلُ بِهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَنْجَبِرُ سَرِيعًا إلَّا بِعَظْمِ نَحْوِ الْكَلْبِ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ عُذْرٌ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ وَأَقَرَّهُ الْعَلَّامَةُ زي وَلَوْ تَعَارَضَ نَجِسٌ غَيْرُ مُغَلَّظٍ وَنَجِسٌ مُغَلَّظٌ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْمُغَلَّظِ مَعَ كَوْنِهِ بَطِيءَ الْبُرْءِ وَكَوْنِ الْمُغَلَّظِ سَرِيعَهُ، وَلَوْ وَجَدَ عَظْمَ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ فَقَطْ قُدِّمَ عَظْمُ الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ أَغْلَظُ مِنْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ فِي قِيَاسِ الْخِنْزِيرِ عَلَى الْكَلْبِ حَيْثُ قَالُوا فِي تَوْجِيهِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ؛ إذْ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخِنْزِيرَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِ أَكْلِهِ بِخِلَافِ الْكَلْبِ فَفِيهِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ.
(قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِفَقْدِ الطَّاهِرِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ لِفَقْدِ الطَّاهِرِ يُوهِمُ أَنَّ الطَّاهِرَ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِلْوَصْلِ يَمْنَعُ مِنْ الْوَصْلِ بِالنَّجِسِ وَلَيْسَ مُرَادًا انْتَهَى ع ش.
(قَوْلُهُ لِفَقْدِ الطَّاهِرِ) الْمُرَادُ بِفَقْدِهِ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ مِمَّا جَوَّزَهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ إذَا وُجِدَ الطَّاهِرُ الصَّالِحُ أَيْ: فِيمَا إذَا وَصَلَ لِفَقْدِهِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلْوَصْلِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَ الْفَقْدِ وَلَا يَبْعُدُ ضَبْطُهُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الطَّلَبِ عِنْدَ احْتِمَالِ وُجُودِهِ لَكِنْ أَيُّ حَدٍّ يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ بِمَا قَالُوهُ فِي تَعَلُّمِ نَحْوِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ قَالُوا يَجِبُ وَلَوْ بِالسَّفَرِ وَلَوْ لِفَرْقِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَقَالَ شَيْخُنَا يُعْتَبَرُ بِمَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ وَيُفَرَّقُ عَلَى كَلَامِ شَيْخِنَا الشبراملسي بَيْنَ مَا هُنَا وَالتَّيَمُّمِ بِأَنَّهُ هُنَاكَ تَكَرَّرَ الْوُضُوءُ كُلَّ وَقْتٍ وَلَهُ بَدَلٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ عُذِرَ فِي ذَلِكَ) لَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَإِمَامَةِ
فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ النَّزْعِ ضَرَرًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ أَوْ وَجَدَ صَالِحًا غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (نَزْعُهُ) أَيْ النَّجَسُ وَإِنْ اكْتَسَى لَحْمًا (إنْ أَمِنَ) مِنْ نَزْعِهِ (ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَلَمْ يَمُتْ) لِحَمْلِهِ نَجِسًا تَعَدَّى بِحَمْلِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهِ كَوَصْلِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجَسٍ فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَ الْحَاكِمَ نَزْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ الضَّرَرَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ النَّزْعِ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ رِعَايَةً لِخَوْفِ الضَّرَرِ فِي الْأَوَّلِ وَلِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُسْتَجْمِرِ بِجَامِعِ عَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ وَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْأُمِّيِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ فِيهِ كَوْنُهُ غَيْرَ صَالِحٍ لِتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْمَأْمُومِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ إذَا وُجِدَ الطَّاهِرُ) أَيْ مُطْلَقًا لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ النَّزْعِ ضَرَرًا) أَيْ: أَيَّ ضَرَرٍ وَبِهِ فَارَقَتْ مَا بَعْدَهَا فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ وُجِدَ صَالِحًا غَيْرُهُ) وَهُوَ الطَّاهِرُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الصَّلَاحِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ جَعَلَ سُرْعَةَ الْجَبْرِ بِعَظْمِ الْكَلْبِ عُذْرًا قِيلَ: وَلَمْ يُقَيِّدْ الشَّارِحُ بِالصَّالِحِ الطَّاهِرَ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ وَجَدَ نَجَسًا صَالِحًا صَلَاحِيَّةَ مَا وَصَلَ بِهِ لَكِنْ دُونَهُ فِي النَّجَاسَةِ بِأَنْ كَانَ هَذَا مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ وَمَا وَصَلَ بِهِ مِنْ مُغَلَّظٍ فَيَجِبُ نَزْعُ مَا وَصَلَ بِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ النَّزْعِ ضَرَرًا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ) ، وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَوُجُودُهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ فَيَحْرُمُ الْوَصْلُ بِهِ وَيَجِبُ نَزْعُهُ فَلَوْ وَجَدَ عَظْمًا يَصْلُحُ وَعَظْمَ آدَمِيٍّ كَذَلِكَ وَجَبَ تَقْدِيمُ النَّجِسِ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَكَلَامُ الشَّارِحِ كَمَا تَرَى يُفِيدُ امْتِنَاعَ الْجَبْرِ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مَعَ وُجُودِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ نَجِسًا وَيَبْقَى مَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ صَالِحٌ غَيْرُهُ فَيَحْتَمِلُ جَوَازَ الْجَبْرِ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ إلَّا مُبِيحَ التَّيَمُّمِ فَقَطْ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِبَقَاءِ الْعَظْمِ هُنَا فَالِامْتِهَانُ دَائِمٌ اهـ ح ل وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِامْتِنَاعِ بِعَظْمِ نَفْسِهِ إذَا أَرَادَ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ أَمَّا إذَا وَصَلَ عَظْمَ يَدِهِ مَثَلًا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أُبِينَ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ إصْلَاحٌ لِلْمُنْفَصِلِ مِنْهُ وَلِمَحَلِّهِ وَيَكُونُ هَذَا مِثْلُ رَدِّ عَيْنِ قَتَادَةَ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إصْلَاحَ مَا خَرَجَ مِنْ عَيْنِ قَتَادَةَ فَرَدَّهُ إلَى مَحَلِّهِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِانْفِصَالِهِ حَصَلَ لَهُ احْتِرَامٌ وَطُلِبَتْ مُوَارَاتُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ نَزْعُهُ إلَخْ) أَيْ: وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَمَحَلُّ إجْبَارِهِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَقْلُوعُ مِنْهُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَمَا لَوْ وَصَلَهُ ثُمَّ جُنَّ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ إلَّا إذَا أَفَاقَ وَكَمَا لَوْ حَاضَتْ لَمْ تُجْبَرْ إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ النَّزْعِ إذَا مَاتَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ اهـ م ر عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ النَّزْعِ عَلَى الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي وُجُوبِ النَّزْعِ حَمْلُهُ لِنَجَاسَةٍ تَعَدَّى بِهَا وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ الصَّلَاةُ لِمَانِعٍ مِنْ وُجُوبِهَا قَامَ بِهِ اهـ ع ش وَمِنْ الضَّرَرِ الَّذِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بُطْءُ الْبُرْءِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَوَصْلِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا إلَخْ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ وَصْلِ الشَّعْرِ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِنَجِسٍ حَرُمَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بِطَاهِرٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ آدَمِيٍّ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهَا حَرُمَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَيَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَيَجُوزُ بِإِذْنِهِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ الْوَصْلُ بِالشَّعْرِ النَّجِسِ حَرَامٌ حَتَّى عَلَى الرِّجَالِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَصْلُ شَعْرِهَا بِشَعْرٍ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَلَمْ يَأْذَنْهَا فِيهِ زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ.
وَيَجُوزُ رَبْطُ الشَّعْرِ بِخُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ وَيَحْرُمُ أَيْضًا تَجْعِيدُ شَعْرِهَا وَنَشْرُ أَسْنَانِهَا وَهُوَ تَحْدِيدُهَا وَتَرْقِيقُهَا وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ وَتَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ مَعَ السَّوَادِ وَالتَّنْمِيصُ وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ وَالْحَاجِبِ الْمُحَسَّنِ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا فِي ذَلِكَ جَازَ لَهَا؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَزَيُّنِهَا لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ الْأَوْجُهُ وَإِنْ جَرَى فِي التَّحْقِيقِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فِي الْوَصْلِ وَالْوَشْرِ فَأَلْحَقَهُمَا بِالْوَشْمِ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا وَيُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الشَّيْبَ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ شَعْرِهِ وَيُسَنُّ خَضْبُهُ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ خَضْبُ كَفَّيْهِمَا وَقَدَمَيْهِمَا تَعْمِيمًا؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِحَلِيلِهَا أَمَّا النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ فَلَا وَخَرَجَ بِالْمُزَوَّجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ غَيْرُهُمَا فَيُكْرَهُ لَهُ وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ الْخِضَابُ عَلَيْهِمَا إلَّا لِعُذْرٍ اهـ شَرْحُ م ر بِالْحَرْفِ انْتَهَتْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَنَشَرَتْ الْمَرْأَةُ أَنْيَابَهَا نَشْرًا مِنْ بَابِ وَعَدَ إذَا حَدَّدَتْهَا وَرَقَّقَتْهَا فَهِيَ نَاشِرَةٌ وَاسْتَنْشَرَتْ الْمَرْأَةُ سَأَلَتْ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ لَزِمَ الْحَاكِمَ نَزْعُهُ) أَيْ: قَهْرًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْآحَادُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَيَجُوزُ إنْ أَمِنَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ ضَرَرًا) بِأَنْ خَشِيَ نَحْوَ شَيْنٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ أَيْ: بَلْ يَحْرُمُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ بِلَا إعَادَةٍ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَغُسْلُهُ فِي صُورَةِ الْمَيِّتِ وَلَا يُنَجِّسُ مَاءً قَلِيلًا وَلَا مَائِعًا وَلَا رَطْبًا إذَا لَمْ يَكْسُ لَحْمًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ) أَيْ: بَلْ يَحْرُمُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا إعَادَةَ وَهَذَا هُوَ
الثَّانِي لِزَوَالِ التَّكْلِيفِ.
(وَعُفِيَ عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ عَرِقَ لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ فِيهِ عَلَى الْحَجَرِ (فِي حَقِّهِ) لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُعْتَمَدُ فِي صُورَةِ الْمَيِّتِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ يَجِبُ النَّزْعُ لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ حَامِلٌ نَجَاسَةً تَعَدَّى بِحَمْلِهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعِيدُ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ جَمِيعَهَا حَتَّى لَوْ أُحْرِقَتْ وَصَارَتْ رَمَادًا وَذَرَتْ فِي الْهَوَاءِ فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا كَمَا كَانَتْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ حَامِلٌ نَجَاسَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِلِقَائِهِ نُزُولُهُ الْقَبْرَ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى لِقَائِهِ إذْ هُوَ أَوَّلُ مَنْزِلَةٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَقِيلَ الْمَعَادُ مِنْ أَجْزَائِهِ مَا مَاتَ عَلَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِزَوَالِ التَّكْلِيفِ) أَيْ: مَعَ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ أَيْ: الْمَيِّتِ نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ تَجِبُ إزَالَتُهَا لِفَقْدِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ الْعِلَّةِ اهـ شَيْخُنَا وَلِيَخْرُجَ مَا لَوْ وَصَلَ شَعْرَهُ بِشَعْرٍ نَجِسٍ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ تَجِبُ إزَالَتُهُ وَقَطْعُهُ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ هَتْكٌ لِلْحُرْمَةِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِزَوَالِ التَّكْلِيفِ) أَيْ: مَعَ مَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ فَيَحْرُمُ نَزْعُهُ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ يَنْزِلُ أَوَّلَ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَهُوَ الْقَبْرُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِلِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ حَامِلٌ لِنَجَاسَةٍ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي غُسْلِهِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا لِسُقُوطِ التَّعَبُّدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لَا يُنْزَعُ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ خُلُوِّهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فَيَأْمُرُهُ وَلِيُّهُ بِذَلِكَ لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ التَّعَدِّي إنَّمَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ لَا وُجُوبَ النَّزْعِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي غُسْلِهِ أَيْ: وَلَا الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي الْقُلْفَةِ الْمُتَعَذِّرِ غُسْلُ مَا تَحْتَهَا بِدُونِ قَطْعِهَا حَيْثُ قَالُوا لَا تُقْطَعُ إذَا مَاتَ وَيُدْفَنُ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَصَلَاةٍ؛ لِأَنَّ النَّجِسَ الْمَوْصُولَ بِهِ لِكَوْنِهِ مُقَوِّمًا لِعُضْوٍ مِنْ الْآدَمِيِّ اُغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْقُلْفَةِ كَذَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا ح ف
(قَوْلُهُ وَعُفِيَ عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) أَيْ عَنْ أَثَرِ مَحَلِّهِ وَكَذَا عَمَّا يُلَاقِيهِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ غَالِبًا عَادَةً وَلَوْ بِرُكُوبٍ أَوْ جُلُوسٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَيَّدَ الْمَتْنُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّهِ وَقَيَّدَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَانِ الْقَيْدَانِ لَيْسَا خَاصَّيْنِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يَجْرِيَانِ فِي سَائِرِ مَسَائِلِ الْعَفْوِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فَقَدْ قَالَ زي قَوْلُهُ فَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا وَمِثْلُ الْمُسْتَجْمِرِ كُلُّ ذِي خَبَثٍ آخَرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اهـ فَأَفَادَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِقَوْلِ الْمَتْنِ فِي حَقِّهِ يَجْرِي فِي كُلِّ نَجَاسَةٍ مَعْفُوٍّ عَنْهَا وَفِي شَرْحِ م ر ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، فَلَوْ وَقَعَ الْمُتَلَوِّثُ بِذَلِكَ أَيْ: بِدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ اهـ فَأَفَادَ أَنَّ تَقْيِيدَ الْعَفْوِ بِالصَّلَاةِ جَارٍ فِي سَائِرِ الْمَعْفُوَّاتِ الْمَذْكُورَاتِ هُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَرِقَ) أَيْ مَحَلُّ الِاسْتِجْمَارِ أَيْ: وَلَوْ تَلَوَّثَ بِأَثَرِ النَّجَاسَةِ الَّذِي فِيهِ مُلَاقِيهِ مِنْ الثِّيَابِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَلَوْ عَرِقَ زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا مَا فِي الْأَصْلِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَقَالَ فِيهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ وَالثَّانِي فِيمَا جَاوَزَهُمَا اهـ وَيَنْبَغِي الْعَفْوُ عَمَّا يُجَاوِزُ الْحَشَفَةَ إلَى الثَّوْبِ الَّتِي يُلَاقِيهَا لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبُرُلُّسِيَّ وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا م ر فَنُقِلَ لَهُ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ خِلَافُ ذَلِكَ فَأَنْكَرَهُ وَطَلَبَ مِنْ الْقَائِلِ إحْضَارَ فَتْوَاهُ لِيَنْظُرَهَا ثُمَّ رَاجَعَ م ر الْفَتَاوَى فَوَجَدَ الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا لَوْ أَصَابَ ذَكَرَ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ أَوْ دُبُرَهُ الثَّوْبُ الْمُلَاقِي لَهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ اهـ وَمَعْنَاهُ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُجَاوِزْ مَا ذُكِرَ عُفِيَ عَنْهُ وَإِنْ أَصَابَ الثَّوْبُ الْمُلَاقِي بِقَرِينَةِ السُّؤَالِ اهـ قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا إنْ لَاقَى رَطْبًا آخَرَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ عَرِقَ إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ وَالْأَوْجَبُ غَسْلُ الْمُجَاوِزِ وَهَلْ الْمُرَادُ غَسْلُهُ فَقَطْ وَلَوْ اتَّصَلَ بِمَا فِيهِمَا أَوْ مَا لَمْ يَتَّصِلْ وَالْأَوْجَبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ قِيَاسُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ وُجُوبُ غَسْلِ الْجَمِيعِ وَهُوَ الْوَجْهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَعَرِقَ مِنْ بَابِ تَعِبَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ عَرِقَ عَرَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ عَرْقَانُ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ وَلَمْ يُسْمَعْ لِلْعَرَقِ جَمْعٌ اهـ وَفِي الْقَامُوسِ الْعَرَقُ مُحَرَّكٌ وَسَخُ جِلْدِ الْحَيَوَانِ وَيُسْتَعَارُ لِغَيْرِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا إلَخْ) بَلْ لَوْ قَبَضَ عَلَى يَدِهِ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَطْهُرُ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا) أَيْ: أَوْ حَمَلَ حَامِلَهُ وَمِثْلُ الْمُسْتَجْمِرِ كُلُّ ذِي خَبَثٍ آخَرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اهـ زي.
وَعِبَارَةُ حَ ل وَمِثْلُ الْمُسْتَجْمِرِ مَنْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَدَمِ بَرَاغِيثَ وَمَنْ مَعَهُ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ فِيهِ مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلَ وَقُلْنَا: لَا يَنْجُسُ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ
إذْ لَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا.
(و) عُفِيَ (عَمَّا عَسُرَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ يَتَعَذَّرُ (الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا مِنْ طِينِ شَارِعٍ
ــ
[حاشية الجمل]
فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِذَلِكَ كَمَا عَلِمْت انْتَهَتْ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَسْأَلَةَ طِينِ الشَّارِعِ وَدَمِ الْبَرَاغِيثِ مُقَيَّدَتَانِ بِالْعَفْوِ فِي حَقِّ الشَّخْصِ نَفْسِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ) بِخِلَافِ حَمْلِ طَاهِرِ الْمَنْفَذِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا نَظَرَ لِلْخَبِيثِ بِبُطْلَانِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي دَفْعِهِ كَمَا فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي لِحَمْلِهِ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ فِي صَلَاتِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ حَمْلَ الْمَذْبُوحِ وَالْمَيِّتِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَمْ يَطْهُرْ بَاطِنُهُ وَلَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ فِي حَقِّهِ كَالْمَحْمُولِ لِلْعَفْوِ عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ وَيَلْحَقُ بِحَمْلِ مَا ذُكِرَ حِلُّ حَامِلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا أَيْضًا بِحَمْلِهِ مَاءً قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةً وَقُلْنَا لَا يَنْجُسُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ.
وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي بَيْضَةً اسْتَحَالَتْ دَمًا وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا أَوْ عُنْقُودًا اسْتَحَالَ خَمْرًا أَوْ قَارُورَةً مُصَمَّمَةَ الرَّأْسِ بِرَصَاصٍ وَنَحْوه فِيهَا نَجَسٌ بَطَلَتْ وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي قَبْضِ طَرَفِ شَيْءٍ مُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ أَنَّهُ لَوْ مَسَكَ الْمُصَلِّي بَدَنَ مُسْتَجْمِرٍ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ مَسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّيَ أَوْ مَلْبُوسَهُ أَنَّهُ يَضُرُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ فِي نَحْوِ مَائِعٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ لِعُسْرِ صَوْنِهِ عَنْهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمُسْتَجْمِرِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِتَضَمُّخِهِ بِالنَّجَاسَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ مُجَامَعَةِ زَوْجَتِهِ قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ بِالْمَاءِ أَوْ اسْتِنْجَائِهَا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ مَسَكَ الْمُصَلِّي بَدَنَ مُسْتَجْمِرٍ أَوْ ثَوْبَهُ إلَخْ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ مَسَكَ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مُصَلِّيًا مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُصَلِّي الْمُسْتَجْمِرِ بِالْأَحْجَارِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ اتَّصَلَ بِطَاهِرٍ مُتَّصِلٍ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَقَدْ صَدَقَ عَلَى هَذَا الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ الْمُمْسِكِ لِلْمُصَلِّي الْمَذْكُورِ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُتَّصِلٌ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَهُوَ بَدَنُ الْمُصَلِّي الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَقَدْ اتَّصَلَ بِالْمُصَلِّي وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ كَمَا لَا يَخْفَى؛ إذْ هُوَ مُغَالَطَةٌ؛ إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الطَّاهِرِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُصَلِّي مُتَّصِلًا بِنَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي وَهَذَا النَّجَسُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمْسِكِ الَّذِي هُوَ مَنْشَأُ التَّوَهُّمِ؛ وَلِأَنَّا إذَا عَفَوْنَا عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْمُصَلِّي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ بِالْوَاسِطَةِ أَوْ بِغَيْرِ الْوَاسِطَةِ، وَعَدَمُ الْعَفْوِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ الْغَيْرِ بَلْ هُوَ بِالْوَاسِطَةِ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْهُ بَعْدَهَا الَّذِي هُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ بِحَمْلِهِ لِثِيَابِهِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ إلَى حَمْلِهَا لِصِدْقِ مَا مَرَّ عَلَيْهَا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يُوَافِقُ عَلَيْهِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا) قَالَ حَجّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا يَتَخَلَّلُ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ مِنْ نَحْوِ الصِّئْبَانِ وَهُوَ بَيْضُ الْقَمْلِ يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ فُرِضَتْ حَيَاتُهُ ثُمَّ مَوْتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعُمُومِ الِابْتِلَاءِ بِهِ مَعَ مَشَقَّةِ فَتْقِ الْخِيَاطَةِ لِإِخْرَاجِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَعُفِيَ عَمَّا عَسُرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ: عُفِيَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنَّحْوِ خُصُوصُ الطَّوَافِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مُقَيَّدٌ بِالصَّلَاةِ وَالطَّوَافُ مِثْلُهَا.
(قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ يَتَعَذَّرُ) أَيْ:؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ بِالتَّعَذُّرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ أَيْ: لَا يُمْكِنُ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعَسُّرِ أَيْ: يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لَكِنْ بِعُسْرٍ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مِنْ طِينِ شَارِعٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ الْمُرُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَارِعًا كَدِهْلِيزِ بَيْتِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَارِعًا أَيْ: فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَحَلُّ الَّذِي عَمَّتْ الْبَلْوَى بِاخْتِلَاطِهِ بِالنَّجَاسَةِ كَدِهْلِيزِ الْحَمَّامِ وَمَا حَوْلَ الْفَسَاقِي مِمَّا لَا يُعْتَادُ تَطْهِيرُهُ إذَا تَنَجَّسَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ عَمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ وَتَطْهِيرِهِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بَلْ مَتَى تَيَقَّنَتْ نَجَاسَتُهُ وَجَبَ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَمِنْهُ مَمْشَاةُ الْفَسَاقِيِ فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ طِينِ شَارِعٍ) أَيْ: وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمُغَلَّظٍ وَخَرَجَ بِهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إذَا بَقِيَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُعْفَى عَنْهَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ أَيْ كَالْبَوْلِ الَّذِي فِي الشَّوَارِعِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَزَلَ كَلْبٌ فِي حَوْضٍ مَثَلًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ وَانْتَقَضَ وَأَصَابَ الْمَارِّينَ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُحْتَمَلُ الْعَفْوُ إلْحَاقًا لَهُ بِطِينِ الشَّوَارِعِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الِابْتِلَاءُ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَيْسَ كَالِابْتِلَاءِ بِطِينِ الشَّوَارِعِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ سَالِمٍ الشَّبْشِيرِيِّ
نَجِسٍ يَقِينًا) لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا (وَيَخْتَلِفُ) الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (وَقْتًا وَمَحِلًّا مِنْ ثَوْبٍ وَبَدَنٍ) فَيُعْفَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ وَفِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْكُمِّ وَالْيَدِ، أَمَّا الشَّوَارِعُ الَّتِي لَمْ يُتَيَقَّنْ نَجَاسَتُهَا فَمَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهَا وَإِنْ ظَنَّ نَجَاسَتَهَا عَمَلًا بِالْأَصْلِ.
(و) عُفِيَ عَنْ (دَمِ نَحْوِ بَرَاغِيثَ وَدَمَامِيلَ)
ــ
[حاشية الجمل]
الْعَفْوُ عَمَّا تَطَايَرَ مِنْ طِينِ الشَّوَارِعِ عَنْ ظَهْرِ الْكَلْبِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ مَا يَتَطَايَرُ مِنْهُ فِي زَمَنِ الْأَمْطَارِ؛ لِأَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالتَّحَفُّظِ مِنْهُ وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا جَرَتْ عَادَةُ الْكِلَابِ بِهِ مِنْ طُلُوعِهِمْ عَلَى الْأَسْبِلَةِ وَرُقُودِهِمْ فِي مَحَلِّ الْكِيزَانِ وَهُنَاكَ رُطُوبَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَمِمَّا شَمِلَهُ طِينُ الشَّارِعِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ لَهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ يَحْصُلُ مَطَرٌ بِحَيْثُ يَعُمُّ الطَّرَقَاتِ وَمَا يَقَعُ مِنْ الرَّشِّ فِي الشَّوَارِعِ وَتَمُرُّ فِيهِ الْكِلَابُ وَتَرْقُدُ فِيهِ بِحَيْثُ تُتَيَقَّنُ نَجَاسَتُهُ بَلْ وَكَذَا لَوْ بَالَتْ فِيهِ وَاخْتَلَطَ بَوْلُهَا بِطِينِهِ أَوْ مَائِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ عَيْنٌ مُتَمَيِّزَةٌ فَيُعْفَى مِنْهُ عَمَّا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا يُكَلَّفُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ مِنْهُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ.
وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ عَنْ مَمْشَاةٍ بِمَسْجِدٍ بِرَشِيدٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْبَحْرِ وَبِالْمَسْجِدِ وَطُولُهَا نَحْوُ مِائَةِ ذِرَاعٍ ثُمَّ إنَّ الْكِلَابَ تَرْقُدُ عَلَيْهَا وَهِيَ رَطْبَةٌ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْعَفْوِ فِيمَا لَوْ مَشَى عَلَى مَحَلٍّ تَيَقَّنَ نَجَاسَتُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طِينِ الشَّارِعِ بِعُمُومِ الْبَلْوَى فِي طِينِ الشَّارِعِ دُونَ هَذَا إذْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمَشْي عَلَيْهَا دُونَ الشَّارِعِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ طِينِ الشَّارِعِ) يَعْنِي مَحَلَّ الْمُرُورِ وَلَوْ غَيْرَ شَارِعٍ وَمِثْلُ الطِّينِ مَاؤُهُ وَسَوَاءٌ أَصَابَهُ ذَلِكَ مِنْ الشَّارِعِ أَوْ مِنْ شَخْصٍ أَصَابَهُ أَوْ مِنْ مَحَلٍّ انْتَقَلَ إلَيْهِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ انْتَقَضَ وَلَا يُكَلَّفُ التَّحَرُّزَ فِي مُرُورِهِ عَنْهُ وَلَا الْعُدُولَ إلَى مَكَان خَالٍ مِنْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ سم قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ فِي طِينِ الشَّارِعِ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَوْ اخْتَلَطَ بِنَجَاسَةِ كَلْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لَا سِيَّمَا فِي مَوْضِعٍ تَكْثُرُ فِيهِ الْكِلَابُ؛ لِأَنَّ الشَّوَارِعَ مَعْدِنُ النَّجَاسَاتِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَاعْتَمَدَهُ م ر قَالَ وَإِذَا مَشَى فِي الشَّارِعِ الَّذِي بِهِ طِينٌ مُتَيَقِّنُ النَّجَاسَةِ وَأَصَابَهُ وَمَشَى فِي مَكَان آخَرَ فَتَلَوَّثَ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَكَانِ الثَّانِي أَيْضًا فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَتْ وَوَجَدْت بِهَامِشِهِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَكَانِ الثَّانِي أَيْضًا أَيْ: إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْجِدٍ وَإِلَّا فَلَا يُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ يُصَانُ عَنْ النَّجَاسَةِ وَيَمْتَنِعُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ بِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ نَجِسٌ يَقِينًا) أَيْ: وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ رِوَايَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ مَا يُفِيدُ ثُبُوتَ النَّجَاسَةِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إلَخْ) مَا لَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَنْ يُنْسَبَ صَاحِبُهُ لِقِلَّةِ التَّحَفُّظِ أَوْ يَكْثُرَ بِحَيْثُ يُحَالُ عَلَى حُصُولِ سَقْطَةٍ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْكُمِّ وَالْيَدِ) وَيُعْفَى فِي حَقِّ الْأَعْمَى مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّ الْبَصِيرِ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الْعَفْوَ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ تَعَلَّقَ بِالْخُفِّ وَإِنْ مَشَى فِيهِ بِلَا نَعْلٍ وَقِيَاسُهُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلٍ تَعَلَّقَ بِالْقَدَمِ إذَا مَشَى فِيهِ حَافِيًا، وَمِيَاهُ الْمَيَازِيبِ وَالسُّقُوفِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِطَهَارَةِ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجِسٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ اهـ شَرْحُ م ر وَمِثْلُهَا الْحَوَائِجُ الْمَنْشُورَةُ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَسُئِلَ شَيْخُنَا ز ي عَمَّا يَعْتَادُهُ النَّاسُ كَثِيرًا مِنْ تَسْخِينِ الْخُبْزِ فِي الرَّمَادِ النَّجِسِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَفُتُّونَهُ فِي اللَّبَنِ وَنَحْوه فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ حَتَّى مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِينِهِ بِالطَّاهِرِ وَلَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ وَهُوَ وَجِيهٌ مُرْضٍ بَلْ يَعْنِي عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ وَصَارَ مُشَاهَدًا شِوَاءُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ بِأَنْ انْفَتَحَ بَعْضُهُ وَدَخَلَ فِيهِ ذَلِكَ كَدُودِ الْفَاكِهَةِ وَالْجُبْنِ وَمِثْلُهُ الْفَطِيرُ الَّذِي يُدْفَنُ فِي النَّارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ النَّجَسِ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ نَحْوُ بَرَاغِيثَ) أَيْ: مِنْ كُلِّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ كَبَقٍّ وَبَعُوضٍ وَهُوَ النَّامُوسُ وَلَوْ فِي حُصْرِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يُنَامُ عَلَيْهَا اهـ ح ل وَالْبَرَاغِيثُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ بُرْغُوثٌ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ قَلِيلٌ قِيلَ وَيُكْرَهُ سَبُّهُ لِحَدِيثِ «لَا تَسُبُّوا الْبُرْغُوثَ فَإِنَّهُ أَيْقَظَ نَبِيًّا لِلصَّلَاةِ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا آذَاك الْبُرْغُوثُ خُذْ قَدَحًا مِنْ مَاءٍ وَاقْرَأْ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ {وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا} [إبراهيم: 12] الْآيَةَ، ثُمَّ قُلْ فَإِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَكُفُّوا شَرَّكُمْ وَأَذَاكُمْ عَنَّا ثُمَّ تَرُشُّهُ حَوْلَ الْفِرَاشِ فَإِنَّك تَأْمَنُ مِنْ شَرِّهِمْ» وَدُخَانُ الْكِبْرِيتِ وَالرَّاوَنْدِ يَهْرُبْنَ مِنْهُ وَيَمُتْنَ وَإِذَا رَمَيْت فِي حُفْرَةٍ وَرَقَ الدِّفْلَةِ فَإِنَّهُنَّ يَأْوِينَ فِيهَا وَيَقِفْنَ كُلُّهُنَّ فِيهَا اهـ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ لِلدَّمِيرِيِّ.
(قَوْلُهُ وَدَمَامِيلُ) جَمْعُ دُمَّلٍ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ
كَقَمْلٍ وَجُرُوحٍ (وَدَمِ فَصْدٍ وَحَجْمٍ بِمَحِلِّهِمَا وَوَنِيمِ ذُبَابٍ) أَيْ: رَوْثِهِ وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ وَلَوْ بِانْتِشَارِ عَرَقٍ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ (لَا إنْ كَثُرَ بِفِعْلِهِ) مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية الجمل]
وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَعَ الْفَتْحِ وَهُوَ عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَقَمْلٍ) أَيْ: وَبَقٍّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ وَيُعْفَى عَنْ دَمِ قَمْلَةٍ اخْتَلَطَ بِجِلْدِهَا وَكَذَا لَوْ اخْتَلَطَ دَمُهَا بِدَمِ قَمْلَةٍ أُخْرَى لِلْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ جِلْدُ قَمْلَةٍ بِدَمِ قَمْلَةٍ أُخْرَى فَلَا يُعْفَى عَنْهُ حِينَئِذٍ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْبَقُّ هُوَ الْبَعُوضُ وَالظَّاهِرُ شُمُولُهُ لِلْبَقِّ الْمَعْرُوفِ بِبِلَادِنَا قَالَ الشَّاعِرُ
مِنْ الْبَقِّ وَالْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلِ أَشْتَكِي
…
إلَيْك إلَهِي بَاعِدْ الْكُلَّ عَنِّي
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَقَمْلٍ) أَيْ: وَإِنْ اخْتَلَطَ بِقِشْرَتِهَا كَأَنْ دَعَكَهَا بِيَدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِقِشْرَةِ غَيْرِهَا كَأَنْ قَتَلَ وَاحِدَةً فِي الْمَحَلِّ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الْأُولَى وَاخْتَلَطَ دَمُ الْأُولَى بِقِشْرَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ ثُمَّ إنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى يَدِهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَوَضَعَهَا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ مَائِعٍ فَقِيلَ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا نَجُسَ مَا وَضَعَ يَدَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا فَلَا يُنَجِّسُهُ بَلْ يُعْفَى عَنْهُ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ بِمَحَلِّهِمَا) أَيْ الدَّمَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا دَمُ الْبَرَاغِيثِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَدَمُ الْفَصْدِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ تَخْصِيصَ مَحَلِّهِمَا بِدَمِ الْفَصْدِ وَالْحَجْمِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر لَكِنْ رُجُوعُ الْقَيْدِ لِدَمِ الْبَرَاغِيثِ لَا يَظْهَرُ لَهُ مُحْتَرَزٌ فَالْأَوْلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلدَّمَيْنِ أَيْ: دَمِ الدَّمَامِيلِ وَنَحْوِهَا وَدَمِ الْفَصْدِ وَالْحَجْمِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ بِمَحَلِّهِمَا مَا يَغْلِبُ السَّيَلَانُ إلَيْهِ عَادَةً وَمَا حَاذَاهُ مِنْ الثَّوْبِ فَإِنْ جَاوَزَهُ عُفِيَ عَنْ الْمُجَاوِزِ إنْ قَلَّ اهـ شَوْبَرِيٌّ فَإِنْ كَثُرَ الْمُجَاوِزُ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ أَنَّهُ إنْ اتَّصَلَ الْمُجَاوِزُ بِغَيْرِ الْمُجَاوِزِ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ وَإِنْ انْقَطَعَ أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُ وَجَبَ غَسْلُ الْمُجَاوِزِ فَقَطْ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ سم وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحَلِّ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ وَقْتَ الْخُرُوجِ وَاسْتَقَرَّ فِيهِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ سَالَ وَقْتُ الْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ لَمْ يَضُرَّ وَلَوْ انْفَصَلَ فِي مَوْضِعٍ يَغْلِبُ مِنْهُ تَقَاذُفُ الدِّمَاءِ فَيُحْتَمَلُ الْعَفْوُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ مِنْ الْبَدَنِ وَعَادَ إلَيْهِ فَقَدْ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ اهـ وَلَوْ أَصَابَ الثَّوْبَ مِمَّا يُحَاذِي الْجُرْحَ فَلَا إشْكَالَ فِي الْعَفْوِ فَلَوْ سَالَ فِي الثَّوْبِ وَقْتَ الْإِصَابَةِ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ فِي أَجْزَاءِ الثَّوْبِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْبَدَنِ اهـ وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ الدَّمَ إذَا انْتَقَلَ إلَى الثَّوْبِ الْمُلَاقِي لِمَوْضِعِ خُرُوجِهِ عُفِيَ عَنْهُ وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِانْتِقَالِ الدَّمِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ انْتِقَالًا يَمْنَعُ الْعَفْوَ عَنْ كَثِيرِهِ أَنْ يَنْتَقِلَ عَمَّا يَنْتَشِرُ إلَيْهِ عَادَةً انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَوَنِيمُ ذُبَابٍ) فِي الْمِصْبَاحِ وَنَمَ الذُّبَابُ يَنِمُ مِنْ بَابِ وَعَدَ وَنِيمًا سُمِّيَ خَرْؤُهُ بِالْمَصْدَرِ قَالَ
لَقَدْ وَنَمَ الذُّبَابُ عَلَيْهِ حَتَّى
…
كَأَنَّ وَنِيمَهُ نُقَطُ الْمِدَادِ
(قَوْلُهُ رَوْثُهُ) وَكَذَا بَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهُ بَوْلٌ وَبَوْلُ الْخُفَّاشِ وَرَوْثُهُ كَذَلِكَ وَلَعَلَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْبَوْلِ فِي الطُّيُورِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْمُشَاهَدُ عَدَمُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَا إنْ كَثُرَ) أَيْ: نَحْوُ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَدَمِ الدَّمَامِيلِ كَمَا قَصَرَهُ فِي الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ فِي الْمَتْنِ تَشْمَلُ دَمَ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَقَوْلُهُ بِفِعْلِهِ أَيْ: وَلَوْ بِإِكْرَاهٍ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِعْلُ غَيْرِهِ بِرِضَاهُ كَفِعْلِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِدَمِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لَا إنْ كَثُرَ بِفِعْلِهِ) هَذَا الْقَيْدُ رَاجِعٌ لِدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَالدَّمَامِيلِ لَا لِدَمِ الْفَصْدِ وَالْحَجْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِفِعْلِهِ وَفِعْلُ مَأْذُونِهِ كَفِعْلِهِ فَيُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ إنْ كَانَ بِمَحَلِّهِ وَلَا لِوَنِيمِ الذُّبَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِفِعْلِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ) قَرَّرَ م ر أَنَّهُ لَوْ غُسِلَ ثَوْبٌ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ أَيْ: وَلَوْ نَجِسَةً لَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ الدَّمِ فِيهِ وَيُعْفَى عَنْ إصَابَةِ هَذَا الْمَاءِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ: أَمَّا إذَا قَصَدَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ الَّتِي هِيَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ أَثَرِ الدَّمِ مَا لَمْ يَعْسُرْ فَيُعْفَى عَنْ اللَّوْنِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ ع ش عَلَى م ر وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُدْرِكَهُ الطَّرَفُ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ عُفِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ أَوْ اخْتَلَطَ بِأَجْنَبِيٍّ وَإِنْ أَدْرَكَهُ فَإِمَّا أَنْ يَخْتَلِطَ بِأَجْنَبِيٍّ أَمْ لَا فَإِنْ اخْتَلَطَ ضَرَّ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِطْ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَجْنَبِيًّا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا عُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجْنَبِيًّا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَنَافِذِ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ مِنْهَا لَمْ يَعْفُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِلُزُومِ الِاخْتِلَاطِ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا عُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ وَكَذَا الْكَثِيرُ إنْ كَانَ بِمَحَلِّهِ وَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ دَمِ الْفَصْدِ وَالْحَجْمِ، وَأَمَّا دَمُهُمَا فَلَا تَضُرُّ كَثْرَتُهُ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ
فَإِنْ كَثُرَ بِفِعْلِهِ كَأَنْ قَتَلَ بَرَاغِيثَ أَوْ عَصَرَ الدَّمَ لَمْ يُعْفَ عَنْ الْكَثِيرِ عُرْفًا كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْمَجْمُوعِ وَالْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ فِي الْمَذْكُورَاتِ مُقَيَّدٌ بِاللَّبْسِ لِمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ لَوْ حَمَلَ ثَوْبَ بَرَاغِيثَ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ إنْ كَثُرَ دَمُهُ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى تَمَامِ لِبَاسِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الْبَقِيَّةُ
ــ
[حاشية الجمل]
مَأْذُونِهِ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ م ر وَعِنْدَ حَجّ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ اخْتَلَطَ بِأَجْنَبِيٍّ إنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ قَلِيلًا وَعِنْدَهُ أَيْضًا يُعْفَى عَنْ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَنَافِذِ إذَا اخْتَلَطَ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا كَالْمُخَاطِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ قَلِيلًا اهـ شَيْخُنَا وَمِمَّا يُعْفَى عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ الدَّمُ الَّذِي عَلَى الْعِظَامِ وَفِي الْعُرُوقِ وَمَنْ صَرَّحَ بِطَهَارَتِهِ أَرَادَ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الطَّاهِرِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ أَجِدْ فِي ذَلِكَ نَصًّا صَرِيحًا لِأَئِمَّتِنَا إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ الثَّعْلَبِيَّ الْمُفَسِّرَ قَالَ بِالطَّهَارَةِ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَظَرٌ لِأَنَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَعَلَّلَهُ بِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَثُرَ بِفِعْلِهِ إلَخْ) فَإِنْ كَثُرَ لَا بِفِعْلِهِ عُفِيَ عَنْهُ وَإِنْ تَفَاحَشَ بِإِهْمَالٍ غَسَلَهُ اهـ ح ل أَيْ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَحَلَّهُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ قَتَلَ بَرَاغِيثَ) أَيْ: لَا فِي نَحْوِ نَوْمٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ فِي الْمَذْكُورَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ أَصَابَهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ فَلَوْ كَانَتْ الْإِصَابَةُ بِفِعْلِهِ قَصْدًا كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ حَمَلَ ثَوْبٌ نَحْوَ بَرَاغِيثَ وَصَلَّى فِيهِ أَوْ فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَلْبُوسِهِ لَا لِغَرَضٍ مِنْ تَجَمُّلٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ نَامَ فِي ثَوْبِهِ فَكَثُرَ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ الْتَحَقَ بِمَا يَقْتُلُهُ مِنْهَا عَمْدًا لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ مِنْ الْعُرْيِ عِنْدَ النَّوْمِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بَحْثًا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلنَّوْمِ فِيهِ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَلَوْ وَقَعَ الْمُتَلَوِّثُ بِذَلِكَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْعَفْوِ بَيْنَ الْبَدَنِ الْجَافِّ وَالرَّطْبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّطُوبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ عَرَقٍ وَنَحْوِ مَاءِ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَلَوْ لِلتَّبَرُّدِ أَوْ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْمَاءِ حَالَ شُرْبِهِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ حَالَ أَكْلِهِ أَوْ بُصَاقٌ فِي ثَوْبِهِ أَوْ مُمَاسَّ آلَةٍ نَحْوُ فَصَادَ مِنْ رِيقٍ أَوْ دُهْنٍ وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَا يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْبَدَنِ لِعُسْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ وَسَائِرُ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْهُ مَا لَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ الْمُبْتَلَّ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَاءُ الْوَرْدِ وَمَاءُ الزَّهْرِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ إذَا رَشَّ عَلَى ثِيَابِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ وَاَلَّذِي يَرُشُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِسَبِيلٍ مِنْ مَنْعِ مَنْ يُرِيدُ الرَّشَّ مِنْهُ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِمُدَاوَاةِ عَيْنِهِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ وَلَا يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْبَدَنِ أَيْ: وَلَوْ مِنْ غَسْلٍ قَصَدَ بِهِ مُجَرَّدَ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ عَرَفَ بَدَنَهُ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ الْمُبْتَلَّةَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِاللُّبْسِ) أَيْ: وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَلْقَمِيُّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَحَلًّا نَجِسًا لَمْ يَقُلْ بِالْعَفْوِ عَنْهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْرِشَ هَذَا الثَّوْبَ الزَّائِدَ عَلَى تَمَامِ لِبَاسِهِ عَلَى ذَلِكَ وَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِحَاجَةِ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَخَفُّ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مُقَيَّدٌ بِاللُّبْسِ) أَيْ وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ لُبْسَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا عَفَا عَمَّا فِيهِ مِنْ الدَّمِ صَارَ كَالطَّاهِرِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مَا لَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى تَمَامِ لِبَاسِهِ) أَيْ: لَا لِغَرَضٍ مِنْ تَجَمُّلٍ وَنَحْوِهِ اهـ حَجّ وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الزَّائِدِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ.
(فَرْعٌ) إذَا وَضَعَ الثَّوْبَ فِي إجَّانَةٍ وَفِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ أَوْ نَحْوُهُ وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ وَيَتَنَجَّسُ الْمَاءُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ وَدَمُ الْبَرَاغِيثِ لَا يَزُولُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُعَالَجَتِهِ حَتَّى يَزُولَ ثُمَّ يُصَبُّ الْمَاءُ الطَّهُورُ عَلَى الثَّوْبِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَيَغْفُلُ عَنْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَيَنْبَغِي لِغَاسِلِ هَذَا الثَّوْبِ أَنْ لَا يَغْسِلَ فِيهِ ثَوْبًا آخَرَ طَاهِرًا وَيَتَحَرَّزُ عَمَّا يُصِيبُهُ مِنْ غُسَالَتِهِ وَيَنْبَغِي الْعَفْوُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْغُسَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّوْبِ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ لِلْعَفْوِ عَنْهَا وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالْبِلَّةِ الْبَاقِيَةِ فِي الثَّوْبِ بَعْدَ الْعَصْرِ يُعْفَى عَنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّوْبِ.
وَلَوْ غَسَلَ النَّجَاسَةَ بِالْعَفْوِ عَنْهَا ثُمَّ وَقَعَ مِنْهَا قَطْرَةٌ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ تَنَجَّسَ وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَصْلِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ شَيْئًا عُفِيَ عَنْهُ أَمْ لَا؟ يَحْتَمِلُ الْعَفْوَ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ فَرْعٌ زَادَ عَلَى أَصْلِهِ وَيَرْجِعُ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ تَنَجَّسَ رِيقُهُ بِالدَّمِ ثُمَّ ابْيَضَّ وَبَزَقَ لَا يُعْفَى عَنْهُ اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُعَالَجَتِهِ حَتَّى يَزُولَ تَقَدَّمَ عَنْ سم تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أُرِيدَ تَطْهِيرُهُ مِنْ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُرِيدَ تَنْظِيفُهُ مِنْ الْأَوْسَاخِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ مُعَالَجَةُ الدَّمِ حَتَّى يَزُولَ.
(قَوْلُهُ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ: دَمِ الْبَرَاغِيثِ الْبَقِيَّةِ مِنْ دَمِ الدَّمَامِيلِ وَدَمِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَوَنِيمِ الذُّبَابِ اهـ ح ل وَفِي صَنِيعِ الشَّارِحِ مُؤَاخَذَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لِدَمِ الْبَرَاغِيثِ
وَاعْلَمْ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ رَشْحَاتٌ تَمُصُّهَا مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ ثُمَّ تَمُجُّهَا وَلَيْسَ لَهَا دَمٌ فِي نَفْسِهَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(و) عُفِيَ عَنْ (قَلِيلِ دَمٍ أَجْنَبِيٍّ) لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ وَيُعْرَفَانِ بِالْعُرْفِ (لَا) عَنْ قَلِيلِ دَمِ (نَحْوَ كَلْبٍ) لِغِلَظِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ (وَكَالدَّمِ) فِيمَا ذُكِرَ (قَيْحٌ) وَهُوَ مِدَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ (وَصَدِيدٌ) وَهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ يُخَالِطُهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا (وَمَاءُ جُرُوحٍ وَمُتَنَفِّطٌ لَهُ رِيحٌ) قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ أَمَّا مَاءٌ لَا رِيحَ لَهُ فَظَاهِرٌ كَالْعَرَقِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ.
(وَلَوْ صَلَّى بِنَجِسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (لَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ) عَلِمَهُ ثُمَّ (نَسِيَ) فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ التَّطْهِيرِ وَتَجِبُ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَسِ بِخِلَافِ مَا احْتَمَلَ حُدُوثُهُ بَعْدَهَا فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا
ــ
[حاشية الجمل]
دَلِيلًا حَتَّى يَقِيسَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ ذَكَرَ عِبَارَةَ التَّحْقِيقِ وَهِيَ لَيْسَتْ دَلِيلًا شَرْعِيًّا حَتَّى يَقِيسَ غَيْرَ مَا فِيهَا عَلَى مَا فِيهَا تَأَمَّلْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ إلَخْ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ إضَافَةَ الدَّمِ لِلْبَرَاغِيثِ لِكَوْنِهَا مُشْتَمِلَةً عَلَيْهِ الْآنَ فَإِضَافَةُ الدَّمِ إلَيْهَا لِلْمُلَابَسَةِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ وَقَلِيلُ دَمِ أَجْنَبِيٍّ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ دَمَ غَيْرِهِ وَدَمَ نَفْسِهِ إذَا جَاوَزَ مَحَلَّ سَيَلَانِهِ غَالِبًا أَوْ انْتَقَلَ عَنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ مِنْ الْعُضْوِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ عُضْوِهِ إلَى عُضْوِهِ الْآخَرِ وَشَمِلَ الْعَفْوُ مَا لَوْ كَانَ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا عُرْفًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِلتَّوَسُّعِ فِي الدَّمِ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيُعْرَفَانِ بِالْعُرْفِ) فَفِي الْأُمِّ الْقَلِيلُ مَا تَعَافَاهُ النَّاسُ أَيْ: عَدُّوهُ عَفْوًا اهـ ح ل وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَقَلِيلٌ هُوَ أَمْ كَثِيرٌ فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَاتِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثْرَةَ اهـ شَرْحُ م ر ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ وَلَوْ دَمَ نَفْسِهِ كَالْخَارِجِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ لِثَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَخَرَجَ حَالَ حَلْقِهِ وَاخْتَلَطَ دَمُهُ بِبَلِّ الشَّعْرِ أَوْ حَكَّ نَحْوَ دُمَّلٍ حَتَّى أَدْمَاهُ لِيَسْتَمْسِكَ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ ثُمَّ ذَرَّهُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَالدَّمِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مِدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَهُوَ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا) وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَى نَتِنٍ وَفَسَادٍ وَمِمَّا يُعْفَى عَنْهُ الْبَلْغَمُ إذَا كَثُرَ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ وَمَتَى أُرِيدَ غَسْلُ نَجِسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَجَبَ فِيهِ مَا فِي غَيْرِهِ وَمِنْهُ التَّسْبِيعُ وَالتُّرَابُ فِي نَحْوِ الْكَلْبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمُتَنَفِّطٌ) وَهُوَ الْبَقَابِيقُ الَّتِي تَطْلُعُ فِي الْبَدَنِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ لَهُ رِيحٌ قَيْدٌ فِي مَاءِ الْجُرُوحِ وَمَا بَعْدَهُ اهـ ح ل وَمِثْلُ تَغَيُّرِ الرِّيحِ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَفِي الْمِصْبَاحِ نَفِطَتْ يَدُهُ نَفَطًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَنَفِيطًا إذَا صَارَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مَاءٌ الْوَاحِدَةُ نَفِطَةٌ وَالْجَمْعُ نَفِطٌ مِثْلُ كَلِمَةٍ وَكَلِمٍ وَهُوَ الْجُدَرِيُّ وَرُبَّمَا جَاءَ عَلَى نَفِطَاتٍ، وَقَدْ تُخَفَّفُ الْوَاحِدَةُ وَالْجَمْعُ بِالسُّكُونِ اهـ
(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى بِنَجَسٍ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَطَهُرَ نَجِسٌ إلَخْ أَيْ: فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا فِي اعْتِقَادِهِ فَقَطْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لَمْ يَعْلَمْهُ) أَيْ: حَالَ ابْتِدَائِهِ بِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ عَلِمَهُ إلَخْ أَيْ: عَلِمَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) أَقُولُ فِي إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَغْلِيبٌ؛ إذْ الْإِعَادَةُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا فِي الْوَقْتِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ مَا يَشْمَلُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ سم عَلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا عَلَى التَّرَاخِي اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي إمَّا بِإِمْعَانِ النَّظَرِ أَوْ بِالْبَحْثِ عَنْهُ فَإِذَا لَمْ يَرَهُ وَلَا أُخْبِرَ بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ الشَّهْرِ نُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ النِّسْيَانِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ مَعْذُورٌ؛ إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ ثِيَابِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهَا بَلْ يَعْمَلُ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا مِنْ الطَّهَارَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِ) تَعْلِيلٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأُولَى فَعَلَّلَهَا م ر بِأَنَّهَا طَهَارَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ فَلَوْ عَلَّلَ الشَّارِحُ لِلْأُولَى بِذَلِكَ لَفُهِمَتْ الثَّانِيَةُ بِالْأَوْلَى اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ التَّطْهِيرِ) مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ فَوْرًا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى اهـ ح ل وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فَالْمَرْجُوُّ مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ لِرَفْعِهِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كُلُّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَسِ) أَيْ: فَلَوْ فَتَّشَ عِمَامَتَهُ فَوَجَدَ فِيهَا قِشْرَ قَمْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا تَيَقَّنَ إصَابَتَهُ فِيهَا اهـ زي بِهَامِشٍ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُؤْمَرُ بِتَفْتِيشِهَا أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَيَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِ السِّرْجِينِ وَشَعْرِ نَحْوِ الْحِمَارِ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي عَلِمَ وُجُودَهُ فِيهَا بَلْ الِاحْتِرَازُ فِي هَذَا أَشَقُّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ) أَيْ بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ حَيْثُ
لَكِنْ تُسَنُّ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(و) سَابِعُهَا (تَرْكُ نُطْقٍ) عَمْدًا بِغَيْرِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَدُعَاءٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي (فَتَبْطُلُ بِحَرْفَيْنِ) أَفْهَمَا أَوْ لَا كَفَمٍ وَعَنْ (وَلَوْ فِي نَحْوِ تَنَحْنُحٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
قَالُوا يَجِبُ قَضَاءُ مَا شَكَّ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ الْفِعْلُ لِلصَّلَاةِ وَلَا بُدَّ فَلَا يُكَلَّفُ الْإِعَادَةَ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَنَّ ثَوْبَهُ كَانَتْ مُتَنَجِّسَةً حَالَ صَلَاتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهَا بِكَلَامٍ مُبْطِلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَرْجِعُ فِي فِعْلِهِ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَيَجِبُ تَعْلِيمُ مَنْ رَآهُ يُخِلُّ بِعِبَادَةٍ فِي رَأْيِ مُقَلِّدِهِ عَيْنًا إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ إنْ قُوبِلَ بِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مَعَ عَدَمِ بَذْلِهَا وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ عَلَيْهَا بَذْلُهَا وَمَحَلُّ الْوُجُوبِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَحَاصِلِ النَّجَاسَاتِ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْمَاءِ، وَقِسْمٌ: يُعْفَى عَنْهُ فِيهِمَا، وَقِسْمٌ: يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ، وَقِسْمٌ: بِعَكْسِ ذَلِكَ، فَالْأَوَّلُ: مَعْرُوفٌ، وَالثَّانِي: مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ، وَالثَّالِثُ: قَلِيلُ الدَّمِ، وَالرَّابِعُ: الْمَيْتَةُ الَّتِي لَا دَمَ لَهَا سَائِلَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِنَحْوِ نَجِسٍ أَوْ كَشْفِ عَوْرَةِ مُبْطِلٍ لَزِمَهُ قَبُولُهُ أَوْ بِنَحْوِ كَلَامٍ مُبْطِلٍ فَلَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ لَا مَرْجِعَ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يَبْطُلُ سَهْوُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ سَهْوًا مَا هُوَ كَالْفِعْلِ أَوْ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالنَّجِسِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ تُسَنُّ) تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَلَوَاتٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا زَادَ عَلَى مَا تَيَقَّنَ فِعْلُهُ وَسَوَاءٌ تَيَقَّنَ تَرْكُهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَيُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الشَّكِّ هُنَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ ذَاكَ شَكٌّ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ وَهَذَا شِرْكٌ فِي شَرْطِهِ فَكَانَ أَخَفَّ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَتَرْكُ نُطْقٍ) أَيْ: بِالْجَارِحَةِ الْمَخْصُوصَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مَثَلًا فَلَا تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ وَهُوَ الْقَلْيُوبِيُّ الْبُطْلَانُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ خَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ عَنْ م ر أَنَّهُ إذَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ قُوَّةَ النُّطْقِ وَصَارَ يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهَا مِنْ النُّطْقِ بِهَا اخْتِيَارًا مَتَى أَرَادَ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ مَتَى أَرَادَ كَانَ ذَلِكَ كَنُطْقِ اللِّسَانِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِنُطْقِهِ بِذَلِكَ بِحَرْفَيْنِ اهـ
وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَاهُ أَنْ يَثْبُتَ لِلْعُضْوِ الَّذِي ثَبَتَتْ لَهُ تِلْكَ الْقُوَّةُ جَمِيعَ أَحْكَامِ اللِّسَانِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ بِهِ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ كَفَى وَكَذَا لَوْ تَعَاطَى بِهِ عَقْدًا أَوْ حَلًّا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَقْدِ وَالْحِلِّ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ مِنْ الْأَخْرَسِ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ عَمْدًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ إلَّا إنْ تَكَرَّرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ أَيْ: مَعَ نَحْوِ حَرَكَةِ عُضْوٍ يُبْطِلُ تَحْرِيكُهُ ثَلَاثًا كَلَحْيٍ لَا شَفَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ بِحَرْفَيْنِ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ وَلَوْ مِنْ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ إنَّمَا أَخَذَهُ غَايَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِهِ لِكَوْنِهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي وَجْهِ دُخُولِهِ فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ الْمَخْلُوقُ وَالْقُرْآنُ لَمَّا كَانَ مُعْجِزًا خَارِجًا عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ خُصَّ بِكَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ شَارَكَهُ فِيهِ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ فِي أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ حَجّ: وَكَالْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ تَبَدُّلِهِمَا كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ بِحَرْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ اهـ ع ش عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِمُتَعَلِّقَاتِ الْقُرْآنِ الْمَحْذُوفَةِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا مِنْهُ وَإِنْ قَصَدَ أَنَّهَا مُتَعَلِّقُ اللَّفْظِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَتَبْطُلُ بِحَرْفَيْنِ) أَيْ مُتَوَالِيَيْنِ أَسْمَعَ بِهِمَا نَفْسَهُ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ اهـ ح ل وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ.
(تَنْبِيهٌ) هَلْ يُضْبَطُ النُّطْقُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي نَحْوِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ فَيَضُرُّ سَمَاعُ حَدِيدِ السَّمْعِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمُعْتَدِلُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ اهـ حَجّ أَقُولُ الْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النُّطْقِ، وَقَدْ وُجِدَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَتَبْطُلُ بِحَرْفَيْنِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ نَهَقَ نَهِيقَ الْحَمِيرِ أَوْ صَهَلَ كَالْفَرَسِ أَوْ حَاكَى شَيْئًا مِنْ الطَّيْرِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ لَعِبًا وَإِلَّا بَطَلَتْ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي نَحْوِ تَنَحْنُحٍ إلَخْ) كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَبِحَرْفِ مَعَهُمْ أَوْ مَمْدُودٍ؛ لِأَنَّ ظُهُورَهُ مِنْ التَّنَحْنُحِ
كَضَحِكٍ وَبُكَاءٍ وَأَنِينٍ وَنَفْخٍ وَسُعَالٍ وَعُطَاسٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ) كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ وَإِنْ أَخْطَأَ بِحَذْفِ هَاءِ السَّكْتِ (أَوْ) حَرْفٍ (مَمْدُودٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَدَّةَ أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَأَنْ قَامَ إمَامُهُ لِزَائِدٍ فَقَالَ لَهُ: أَقْعُدُ أَمْ لَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ لِلنُّحَاةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إجَابَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية الجمل]
يَضُرُّ كَظُهُورِ الْحَرْفَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ فِي نَحْوِ تَنَحْنُحٍ) أَيْ: لِغَيْرِ غَلَبَةٍ وَلِغَيْرِ تَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي اهـ شَيْخُنَا وَلَوْ جَهِلَ بُطْلَانَهَا بِالتَّنَحْنُحِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ عُذِرَ لِخَفَائِهِ عَلَى الْعَوَامّ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ كَضَحِكٍ) خَرَجَ بِهِ التَّبَسُّمُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِيهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبُكَاءٍ) وَلَوْ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلَيْنِ وَأَنِينٍ) وَمِثْلُهُ التَّأَوُّهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَنَفْخٍ) أَيْ: مِنْ فَمٍ أَوْ أَنْفٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَعُطَاسٍ) يُقَالُ عَطَسَ يَعْطِسُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ اهـ مِصْبَاحٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ) أَيْ: فِي نَفْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ عَدَمَ الْإِفْهَامِ كَعَكْسِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَقْصُودِ الْكَلَامِ وَالْإِعْرَاضِ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهِ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ لَحْنٌ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ مَا لَا يُفْهِمُ كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ كَقِ أَيْ: إنْ نَطَقَ بِهِ مَكْسُورًا فَإِنْ نَطَقَ بِهِ مَفْتُوحًا لَمْ تَبْطُلْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ حِينَئِذٍ عَنْ مَوْضُوعِهَا وَهُوَ الْأَمْرُ وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ قَصَدَ بِهَا الْأَمْرَ مَعَ الْفَتْحِ أَنَّهُ يَضُرُّ انْتَهَتْ. وَتَسْمِيَةُ ق حَرْفًا إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الصُّورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ فِعْلُ أَمْرٍ عِنْدَ النُّحَاةِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ) أَيْ وَعِ مِنْ الْوَعْيِ أَوْ فِ مِنْ الْوَفَاءِ وَشِ مِنْ الْوَشْيِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ فِي الشَّيْءِ مَا يُخَالِفُ لَوْنَهُ وَمِنْهُ رحمه الله {لا شِيَةَ فِيهَا} [البقرة: 71] اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْوِقَايَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِبَيَانِ كَوْنِ هَذَا الْحَرْفِ مُفْهِمًا، وَأَمَّا الْمُصَلِّي فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ قَصَدَ كَوْنَهُ مِنْ الْوِقَايَةِ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ كَوْنَهُ مِنْ الْقَلَقِ مَثَلًا فَلَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْهِمٍ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ، وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ وَهُوَ التَّعَمُّدُ وَعِلْمُ التَّحْرِيمِ اهـ سَمِّ عَلَى حَجّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْوِقَايَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تُحْمَلُ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ الْوِقَايَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَافَ الْمُفْرَدَةَ وُضِعَتْ لِلطَّلَبِ وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا وَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَالْقَافُ مِنْ الْقَلَقِ وَنَحْوِهِ جُزْءُ كَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا فَإِذَا نَوَاهَا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ وَإِذَا لَمْ يَنْوِهَا حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ قَالَ حَجّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِبْطَالِ زِيَادَةِ يَا قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فِي التَّشَهُّدِ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هُنَا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ اهـ وَأَقَرَّهُ سَمِّ وَقَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ أَيْ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَلَوْ أَتَى بِحَرْفٍ لَا يُفْهِمُ قَاصِدًا بِهِ مَعْنَى الْمُفْهِمِ هَلْ يَضُرُّ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلْإِفْهَامِ وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ مَا يُفْهِمُ تَضَمَّنَ قَطْعَ النِّيَّةِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَ مَا لَا يُفْهِمُ فِي مَعْنَى مَا يُفْهِمُ صَارَ كَالْكَلِمَةِ الْمَجَازِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضَمُّنِهِ قَطْعَ النِّيَّةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَوْ حَرْفٌ مَمْدُودٌ) أَتَى بِهِ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْحَرْفَيْنِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْحَرْفَ الْمَمْدُودَ حَرْفٌ وَاحِدٌ وَلَا نَظَرَ لِلْإِشْبَاعِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ) وَكَانَ جَائِزًا فِيهَا ثُمَّ حَرُمَ قِيلَ بِمَكَّةَ وَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَرُمَ مَرَّتَيْنِ فَفِي مَكَّةَ حَرُمَ إلَّا لِحَاجَةٍ وَفِي الْمَدِينَةِ حَرُمَ مُطْلَقًا وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ مَا يُشِيرُ لِذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ يَقَعُ) أَيْ: لُغَةً وَقَوْلُهُ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ أَيْ: هُنَا وَإِلَّا فَكَمَا يَكُونُ حَرْفَيْنِ يَكُون حَرْفًا وَلَوْ غَيْرَ مُفْهِمٍ، وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يَنْبَنِي الْكَلَامُ مِنْهُ لُغَةً حَرْفَانِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْكَلَامَ لُغَةً مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش التَّقْيِيدُ بِالْحَرْفَيْنِ هُوَ بِحَسَبِ مَا اُشْتُهِرَ فِي اللُّغَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّضِيُّ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ وَلَوْ حَرْفًا وَعِبَارَتُهُ الْكَلَامُ مَوْضُوعٌ لِجِنْسِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَلِمَةً عَلَى حَرْفٍ كَوَاوِ الْعَطْفِ أَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَلِمَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُهْمَلًا أَوْ لَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْحَدِيثِ لَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ غَيْرِ الْمُفْهِمِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْمُفْهِمُ فَأَجَابَ بِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِالْمُفْهِمِ لَيْسَ فِي عُرْفِ
فِي حَيَاتِهِ مِمَّنْ نَادَاهُ وَالتَّلَفُّظُ بِقُرْبَةٍ كَنَذْرٍ وَعِتْقٍ بِلَا تَعْلِيقٍ وَخِطَابٍ (وَلَوْ) كَانَ النَّاطِقُ بِذَلِكَ (مُكْرَهًا) لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا.
(لَا بِقَلِيلِ كَلَامٍ) حَالَةَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا لَهَا) أَيْ: الصَّلَاةَ
ــ
[حاشية الجمل]
الشَّرْعِ بَلْ عُرْفٌ خَاصٌّ لِلنُّحَاةِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي مُصْطَلَحِهِمْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ) وَكَذَا بَعْدَ مَمَاتِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ إجَابَةِ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ شَقَّ عَدَمُ إجَابَتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ حِينَئِذٍ بَلْ تَحْرُمُ فِي الْفَرْضِ وَيَبْطُلُ بِهَا وَتَجُوزُ فِي النَّفْلِ وَيَبْطُلُ بِهَا وَالْإِجَابَةُ فِيهِ أَوْلَى إنْ شَقَّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَسَيِّدِنَا عِيسَى تَجِبُ إجَابَتُهُ وَتَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ اهـ ح ل وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَثُرَ وَلَزِمَ عَلَيْهِ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ مِمَّنْ نَادَاهُ) أَيْ: أَوْ سَأَلَهُ كَمَا فِي إجَابَةِ الصَّحَابَةِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ أَمَّا خِطَابُهُ ابْتِدَاءً فَتَبْطُلُ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ تَرَدُّدِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ نَادَى وَاحِدًا فَأَجَابَهُ آخَرُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إجَابَتُهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مِمَّنْ نَادَاهُ) أَيْ: وَلَوْ بِكَثِيرِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَلَوْ مَعَ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ كَخِطَابِهِ وَالْمُرَادُ بِالْإِجَابَةِ جَوَابُ كَلَامِهِ وَإِذَا تَمَّتْ الْإِجَابَةُ بِالْفِعْلِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مَكَانَهُ وَلَوْ كَانَ الْمُجِيبُ إمَامًا وَلَزِمَ تَأَخُّرُهُ عَنْ الْقَوْمِ أَوْ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ حَالًا أَوْ عِنْدَ التَّلَبُّسِ بِالْمُبْطِلِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِجَابَةِ أَوْ يُغْتَفَرُ لَهُ عَوْدُهُ إلَى مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُمْ مُتَابَعَتُهُ فِي مَحَلِّهِ الْآنَ كَشِدَّةِ الْخَوْفِ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَلْبَ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ وَفِيهِ بُعْدٌ وَالْوَجْهُ الْمَيْلُ إلَى الثَّانِي إلَّا إنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَتَجِبُ إجَابَتُهُمْ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَلَوْ فِي الْفَرْضِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَخِطَابِهِمْ أَيْضًا وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ إجَابَتَهُمْ مَنْدُوبَةٌ وَضُعِّفَ وَأَمَّا إجَابَةُ غَيْرِهِمْ فَحَرَامٌ فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا وَمَكْرُوهَةٌ فِي النَّفْلِ إلَّا الْوَالِدُ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ بَعِيدًا إنْ شَقَّ عَلَيْهِ عَدَمُ الْإِجَابَةِ فَلَا تُكْرَهُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمِيعِ وَمِثْلُ النَّفْلِ الْمُعَادَةُ فِي حَقِّ الْوَالِدَيْنِ؛ لِأَنَّهَا نَفْلٌ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِلَا تَعْلِيقٍ وَخِطَابٍ) رَاجِعَانِ لِكُلٍّ مِنْ النَّذْرِ وَالْعِتْقِ فَالنَّذْرُ الْخَالِي عَنْ التَّعْلِيقِ وَالْخِطَابِ أَحَدُ قِسْمَيْ نَذْرِ التَّبَرُّرِ وَهُوَ الْمُنْجَزُ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا أَمَّا نَذْرُ التَّبَرُّرِ الْمُنْجَزُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى خِطَابٍ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَك كَذَا وَنَذْرُ التَّبَرُّرِ الْمُعَلَّقُ بِحُدُوثِ نِعْمَةٍ أَوْ ذَهَابِ نِقْمَةٍ وَنَذْرُ اللَّجَاجِ بِأَقْسَامِهِ فَإِنَّهَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَقْسَامِ النَّذْرِ إلَّا أَحَدُ قِسْمَيْ نَذْرِ التَّبَرُّرِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْخِطَابِ وَالْعِتْقِ الْخَالِي عَنْ التَّعْلِيقِ وَالْخِطَابُ كَقَوْلِهِ عَبْدِي حُرٌّ فَهَذَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى طَرِيقَتِهِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى خِطَابٍ أَوْ عَلَى تَعْلِيقٍ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا اتِّفَاقًا هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ مِنْ الْقُرْبِ إلَّا نَذْرُ التَّبَرُّرِ وَالْمُنْجَزُ الْخَالِي عَنْ الْخِطَابِ وَالتَّعْلِيقِ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ النَّذْرِ وَبِخِلَافِ الْعِتْقِ بِأَقْسَامِهِ وَبِخِلَافِ سَائِرِ الْقُرَبِ كَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْكُلَّ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ اهـ شَيْخُنَا وَهُوَ حَاصِلُ مَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مُكْرَهًا) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ لِنُدْرَتِهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْحَدَثِ وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ كَالنَّاسِي انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ لَا بِقَلِيلِ كَلَامٍ) أَيْ: مُفْهِمٍ أَوْ غَيْرِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ نَاسِيًا لَهَا أَيْ لِلصَّلَاةِ فَهُوَ قَاصِدٌ بِخِلَافِ نِسْيَانِهِ تَحْرِيمَهُ فَإِنَّهُ كَنِسْيَانِ نَجَاسَةٍ فِي ثَوْبِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَقَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ أَيْ قَلِيلِ الْكَلَامِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لَا بِقَلِيلِ كَلَامٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَضَابِطُ الْقَلِيلِ سِتُّ كَلِمَاتٍ عُرْفِيَّةٍ فَأَقَلُّ اهـ ق ل أَيْ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ اهـ وَلَوْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِكَلَامِهِ سَاهِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ يَسِيرًا عَامِدًا لَمْ تَبْطُلْ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لَمْ تَبْطُلْ هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا كَلَامٌ كَثِيرٌ مُتَوَالٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْكَثِيرِ سَهْوًا وَهُوَ مُبْطِلٌ ثُمَّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ هُنَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْبُطْلَانَ فَأَكَلَ عَامِدًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فَأَكَلَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَلَيْهِ لِتَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى تَهَاوُنِهِ فَأَبْطَلَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَفَرْقٌ أَيْضًا بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ الْعَمْدِ كَالْحَرْفِ الَّذِي لَا يُفْهِمُ مُغْتَفَرٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ عَمْدًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَلَوْ أَكَلَ فِي صَلَاتِهِ نَاسِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَهَا فَبَلَعَ بَقِيَّةَ الْمَأْكُولِ عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ ع ش عَلَى م ر عِنْدَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَتَرْكُ مُفْطِرٍ وَأَكْلٍ كَثِيرٍ فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْأَكْلِ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا ثُمَّ عَامِدًا كَمَسْأَلَةِ الْكَلَامِ
(أَوْ سَبَقَ) إلَيْهِ (لِسَانُهُ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ فِيهَا (وَقَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ) بِخِلَافِ مَنْ بَعُدَ إسْلَامُهُ وَقَرُبَ عَنْ الْعُلَمَاءِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ (وَلَا بِتَنَحْنُحٍ لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ) لَا لِتَعَذُّرِ غَيْرِهِ كَجَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى
ــ
[حاشية الجمل]
فِيهَا نَاسِيًا ثُمَّ عَامِدًا لَيْسَتْ كَهَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَلْ الصَّوْمُ يَبْطُلُ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ سِيقَ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْقَلِيلِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ أَيْ: الْقَلِيلِ أَيْضًا فَالْمُغْتَفَرُ فِي الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ الْقَلِيلُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) خَرَجَ بِجَهْلِ تَحْرِيمِهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا فَتَبْطُلُ كَمَا لَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ دُونَ إيجَابِهِ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ إذْ حَقُّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ الْكَفُّ وَلَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ فَسَلَّمَ مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ ثَانِيًا فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُومُ قَدْ سَلَّمْت قَبْلَ هَذَا فَقَالَ كُنْت نَاسِيًا لِشَيْءٍ مِنْ صَلَاتِي لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِوُجُودِ الْكَلَامِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ظَانًّا تَمَامَ صَلَاتِهِ فَتَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا فَكَالْجَاهِلِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ فِيهَا) هَذَا مُشْكِلٌ إذْ مَا ثَبَتَ لِلْجِنْسِ يَثْبُتُ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ تَحْرِيمُ جِنْسِ الْكَلَامِ الْمُطْلَقِ وَيَجْهَلُ تَحْرِيمَ بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْجِنْسُ الْحَقِيقِيُّ الْمَنْطِقِيُّ بَلْ مُرَادُهُ بِجِنْسِ الْكَلَامِ غَيْرُ مَا أَتَى بِهِ أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: تَحْرِيمُ بَعْضِ أَفْرَادِ جِنْسِ الْكَلَامِ انْتَهَى شَيْخُنَا. وَقَوْلُهُ " غَيْرُ مَا أَتَى بِهِ " الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْغَيْرِ مَا زَادَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ كَأَنْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَتَيْنِ وَجَهِلَ الْبُطْلَانَ بِهِمَا وَعَلِمَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا مُبْطِلٌ كَالثَّلَاثَةِ فَمَا فَوْقَهَا، وَكَأَنْ تَكَلَّمَ بِسِتَّةٍ وَاعْتَقَدَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِهَا وَاعْتَقَدَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا كَالسَّبْعَةِ مُبْطِلٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِالسِّتَّةِ فَمَا دُونَهَا وَيَعْلَمُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا مُبْطِلٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ فِيهَا) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ صَلَاةِ نَحْوِ الْمُبَلِّغِ وَالْفَاتِحِ يَقْصِدُ التَّبْلِيغَ أَوْ الْفَتْحَ فَقَطْ الْجَاهِلِ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ امْتِنَاعَ جِنْسِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِأَنْ سَمِعَ الْمَأْمُومُونَ صَوْتَ الْإِمَامِ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ حِينَئِذٍ فَيَضُرُّ وَقَوْلُهُ نَحْوُ الْمُبَلِّغِ أَيْ كَالْإِمَامِ الَّذِي يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِإِعْلَامِ الْمَأْمُومِينَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ) يَظْهَرُ ضَبْطُ الْبَعِيدِ بِمَنْ لَا يَجِدُ مُؤْنَةً يَجِبُ بَذْلُهَا فِي الْحَجِّ تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ أَصَالَةً بِخِلَافِ الْحَجِّ وَعَلَيْهِ فَلَا يُمْنَعُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إلَّا الْأَمْرُ الضَّرُورِيُّ لَا غَيْرُ فَيَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَطَاقَهُ وَإِنْ بَعُدَ وَلَا يَكُونُ نَحْوُ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ عُذْرًا لَهُ وَيُكَلَّفُ بَيْعَ نَحْوِ قِنِّهِ الَّذِي لَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ اهـ حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ " وَيَظْهَرُ ضَبْطٌ إلَخْ " وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُضْبَطَ بِمَا لَا حَرَجَ فِيهِ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ م ر انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِيمَنْ عَلِمَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالسَّفَرِ أَمَّا مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ وَرَأَى أَهْلَهَا عَلَى حَالَةٍ ظَنَّ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا مَا تَعَلَّمَهُ مِنْهُمْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ مَا تَعَلَّمَهُ غَيْرُ كَافٍ فَمَعْذُورٌ وَإِنْ تَرَكَ السَّفَرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَالْمُرَادُ بِالْعُلَمَاءِ الْعَالِمُونَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا بِتَنَحْنُحٍ لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ) أَيْ: تَنَحْنُحٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ أَوْ حَرْفِ مَدٍّ وَإِلَّا فَالصَّوْتُ الْغُفْلُ أَيْ: الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَإِنْ كَثُرَ التَّنَحْنُحُ لِلتَّعَذُّرِ وَظَهَرَ بِكُلِّ مَرَّةٍ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ: نَعَمْ التَّنَحْنُحُ لِلْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ لَا يُبْطِلُهَا وَإِنْ كَثُرَ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَوَاهِرِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ) بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ لِتَعَذُّرِهَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ) أَيْ: مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ حَتَّى لَوْ نَذَرَ سُورَةً وَتَنَحْنَحَ لَهَا ضَرَّ، نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ صَلَاةِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ كَجَهْرِ مُبَلِّغٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ سَمَاعُ الْأَرْبَعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ عُذِرَ فِيهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازَ التَّنَحْنُحِ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْبَلْغَمِ بِحَلْقِهِ إذَا خَشِيَ أَنْ يَنْخَنِقَ بِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ جَوَازَهُ لِلصَّائِمِ لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ تُبْطِلُ صَوْمَهُ بِأَنْ نَزَلَتْ لِحَدِّ الظَّاهِرِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْ إمَامِهِ وَلَوْ مُخَالِفًا حَرْفَانِ بِتَنَحْنُحٍ لَمْ يَلْزَمْهُ مُفَارِقَتُهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَحَرُّزُهُ عَنْ الْمُبْطِلِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: قَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى عَدَمِ عُذْرِهِ فَتَجِبُ مُفَارَقَتُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَثُرَ مَا قَرَأَهُ عُرْفًا فَيَصِيرُ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا مُبْطِلًا وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى
التَّنَحْنُحِ لَهُ (وَلَا بِقَلِيلٍ نَحْوُهُ) أَيْ: نَحْوُ التَّنَحْنُحِ مِنْ ضَحِكٍ وَغَيْرِهِ (لِغَلَبَةٍ) وَخَرَجَ بِقَلِيلِهِ وَقَلِيلِ مَا مَرَّ كَثِيرُهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ، وَقَوْلِي أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا التَّقْيِيدُ فِي الْغَلَبَةِ بِالْقَلِيلِ وَتُعْرَفُ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ، وَقَوْلِي رُكْنٌ قَوْلِيٌّ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقِرَاءَةِ.
(وَلَا) تَبْطُلُ (بِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ) غَيْرِ مُحَرَّمٍ (إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ) بِهِمَا كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ سُبْحَانَ رَبِّي وَرَبِّك، أَوْ لِعَاطِسٍ رَحِمَك اللَّهُ فَتَبْطُلُ بِهِ بِخِلَافِ رحمه الله وَخِطَابِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ
ــ
[حاشية الجمل]
يَرْكَعَ بَلْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ اللُّزُومِ بَعْدَ رُكُوعِهِ أَيْضًا لِجَوَازِ سَهْوِهِ كَمَا لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَهَلْ الْأَوْجَهُ الْمُفَارَقَةُ عِنْدَ الرُّكُوعِ أَوْ يَنْتَظِرُهُ نُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ م ر أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ سم وَحِينَئِذٍ فَإِذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَتَى الْمَأْمُومُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قِيلَ فِي الْمُخَالِفِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَا انْتَقَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ عَنْ اعْتِقَادٍ وَالْمُوَافِقُ مَتَى تَذَكَّرَ رَجَعَ فَجَازَ انْتِظَارُهُ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ احْتِمَالًا قَرِيبًا وَلَوْ جَهِلَ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِالتَّنَحْنُحِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِيهَا عُذْرٌ لِخَفَائِهِ عَلَى الْعَوَامّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ عَدَمُ اللُّزُومِ بَعْدَ رُكُوعِهِ وَيَنْتَظِرُهُ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ فَإِذَا قَامَ مِنْ السُّجُودِ وَقَرَأَ عَلَى الصَّوَابِ وَافَقَهُ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَنْتَبِهْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى الصَّوَابِ اسْتَمَرَّ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَوْ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي لَهُ مَا يُوَافِقُ هَذَا الْبَحْثَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَلَا بِقَلِيلٍ نَحْوُهُ لِغَلَبَةِ) الْمُرَادِ أَنَّ الْقَلِيلَ عُرْفًا لَا يَضُرُّ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ سم الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ مِنْ الْحُرُوفِ فِي ذَلِكَ لَا بِاعْتِبَارِهِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الطَّبَلَاوِيَّ يَعْتَمِدُ ذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِقَلِيلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ كَثُرَ التَّنَحْنُحُ وَنَحْوُهُ لِلْغَلَبَةِ وَظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ وَكَثُرَ عُرْفًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَاهُ فِي الضَّحِكِ وَالسُّعَالِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا لِقَطْعِ ذَلِكَ نَظْمَ الصَّلَاةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ مَرَضًا مُزْمِنًا فَإِنْ صَارَ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَمْ يَخْلُ زَمَنٌ مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ الصَّلَاةَ بِلَا نَحْوِ سُعَالٍ مُبْطِلٍ لَمْ تَبْطُلْ كَسَلَسِ الْمُحْدِثِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقِرَاءَةِ) وَجْهُ الْأَعَمِّيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ يَشْمَلُ الْقِرَاءَةَ وَغَيْرَهَا كَالتَّشَهُّدِ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ بِالْقِرَاءَةِ يَشْمَلُ الرُّكْنَ وَغَيْرَهُ فَيُوهِمُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالتَّنَحْنُحِ لِتَعَذُّرِ السُّورَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِابْنِ حَجَرٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي ضَبْطِ الذِّكْرِ أَنَّهُ مَا نَدَبَ الشَّارِعُ إلَى التَّعَبُّدِ بِلَفْظِهِ وَفِي الدُّعَاءِ أَنَّهُ مَا تَضَمَّنَ حُصُولَ شَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ نَصًّا فِيهِ كَقَوْلِهِ كَمْ أَحْسَنْت إلَيَّ وَأَسَأْت وَقَوْلُهُ أَنَا الْمُذْنِبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ غَيْرُ مُحَرَّمَيْنِ وَصُورَةُ الذِّكْرِ الْمُحَرَّمِ أَنْ يَأْتِيَ بِأَلْفَاظٍ لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا، وَأَمَّا الدُّعَاءُ الْمُحَرَّمُ فَظَاهِرٌ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ بِهِمَا) أَيْ: غَيْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِخِلَافِ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ سُبْحَانَ رَبِّي إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لَا يَعْقِلُ كَالْأَرْضِ وَالْقَمَرِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ رحمه الله عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَجُوزُ التَّشْمِيتُ بِقَوْلِهِ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ وَيُسَنُّ لِمَنْ عَطَسَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ وَيُسْمِعَ نَفْسَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِ وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ كَانَ نَاطِقًا عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ سَلَامُهُ غَيْرَ مَنْدُوبٍ وَيَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) فَإِذَا سَمِعَ بِذِكْرِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَضُرَّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ كَالتَّشَهُّدِ فَإِنَّ فِيهِ الْخِطَابَ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالتَّشَهُّدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَالْمُرَادُ بِخِطَابِ الرَّسُولِ الْمُغْتَفَرُ خِطَابُهُ بِكَلَامٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَاطَبَهُ بِكَلَامٍ آخَرَ خَالٍ عَنْهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ بَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ.
وَعِبَارَةُ سُلْطَانٍ قَوْلُهُ وَرَسُولُهُ أَيْ وَلَوْ عِنْدَ سَمَاعِهِ لِذِكْرِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَأَنْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ الصَّلَاةُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَقَوْلِهِ جَاءَك فُلَانٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ قَدْ نَصَرَك اللَّهُ فِي وَقْعَةِ كَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَلَا دُعَاءَ فِيهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا جَوَابَ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ وَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
(وَلَا بِنَظْمِ قُرْآنٍ بِقَصْدِ تَفْهِيمٍ وَقِرَاءَةٍ) كَيَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُ فِي أَخْذِ شَيْءٍ أَنْ يَأْخُذَهُ كَمَا لَوْ قَصْدُهُ الْقِرَاءَةُ فَقَطْ فَإِنْ قَصَدَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ وَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ مَا لَوْ أَتَى بِكَلِمَاتٍ مِنْهُ مُتَوَالِيَةٍ مُفْرَدَاتُهَا فِيهِ دُونَ نَظْمِهَا كَقَوْلِهِ يَا إبْرَاهِيمُ
ــ
[حاشية الجمل]
فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنَّ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ إذَا اشْتَمَلَا عَلَى خِطَابٍ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَالْمُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ الْخِطَابُ فِيهِمَا لِلَّهِ أَوْ لِرَسُولِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْ مِنْ كَوْنِ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْخِطَابِ يُبْطِلُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا دُعَاءٌ فِيهِ خِطَابٌ لِمَا لَا يُعْقَلُ كَقَوْلِهِ يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك وَشَرِّ مَا فِيك وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْك وَكَقَوْلِهِ إذَا رَأَى الْهِلَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَك رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ، ثَانِيهَا: إذَا أَحَسَّ بِالشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِقَوْلِهِ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ ثَالِثُهَا: لَوْ خَاطَبَ الْمَيِّتَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ رَحِمَك عَافَاك اللَّهُ غَفَرَ اللَّهُ لَك؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ خِطَابًا وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ مَيِّتًا لَمْ تَطْلُقْ انْتَهَتْ. وَمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ فِيهَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر.
وَشَمِلَ ذَلِكَ أَيْ: الْخِطَابُ الْمُبْطِلُ خِطَابَ مَا لَا يَعْقِلُ كَرَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك وَشَرِّ مَا فِيك وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْك لِلْأَرْضِ آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك لِلْهِلَالِ أَوْ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لِلشَّيْطَانِ إذَا أَحَسَّ بِهِ وَرَحِمَك اللَّهُ لِلْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَا بِنَظْمِ قُرْآنٍ) أَيْ: بِصُورَةِ قُرْآنٍ عَلَى نَظْمِهِ الْمَعْرُوفِ أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِقَصْدِ تَفْهِيمٍ وَقِرَاءَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي نَحْوِ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12] مُقَارَنَةً قَصْدُ نَحْوِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ بِجَمِيعِ اللَّفْظِ إذْ عَرَّوْهُ عَنْ بَعْضِهِ يَصِيرُ اللَّفْظُ أَجْنَبِيًّا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةً وَإِنْ كَانَ الْمُرَجَّحُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ الِاكْتِفَاءُ بِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِبَعْضِهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ كَيَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ) وَكَقَوْلِهِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: 46] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُ فِي دُخُولٍ عَلَيْهِ أَوْ {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَنْهَاهُ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَسَوَاءٌ أَكَانَ انْتَهَى فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ إلَى تِلْكَ الْآيَةِ أَمْ أَنْشَأَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ التَّحْقِيقِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي مَحَلِّهَا وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ الْفَرْقَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا فَلَا يَضُرُّ وَإِلَّا فَيَضُرُّ وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلتَّخَاطُبِ وَمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ كَأَنْ ارْتَجَّ عَلَيْهِ كَلِمَةٌ فِي نَحْوِ التَّشَهُّدِ فَقَالَهَا الْمَأْمُومُ وَالْجَهْرُ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْمُبَلِّغِ فَيَأْتِي فِيهِمَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ إلَخْ) وَتَأْتِي هَذِهِ الْأَرْبَعُ فِي الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ بِالْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الْجَهْرِ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْمُبَلِّغِ اهـ زي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) أَيْ: بِأَنْ أَطْلَقَ وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ مَتَى وُجِدَتْ صَرَفَتْهُ إلَيْهَا مَا لَمْ يَنْوِ صَرْفَهُ عَنْهَا وَفِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَأَثَّرَتْ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ إلَّا بِالْقَصْدِ وَإِلَّا فَهُوَ قُرْآنٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا وَالْمُرَادُ عِنْدَ الصَّارِفِ كَمَا هُنَا وَإِلَّا فَهُوَ قُرْآنٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ عِنْدَ عَدَمِ الصَّارِفِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ وَهُوَ هُنَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ إلَخْ) وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ لَوْ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا كَفَرَ وَيَأْتِي مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا ثَمَّ سَكَتَ طَوِيلًا أَيْ: زَائِدًا عَلَى سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ ابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تِلَاوَتِهِ أَوْ النَّبِيُّ كَذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَتَبْطُلُ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَإِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ دُونَ عَكْسِهِ، وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَقَالَ الْمَأْمُومُ مِثْلَهُ أَوْ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ بَطَلَتْ أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَلِهَذَا
سَلَّامٍ كُنْ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَإِنْ فَرَّقَهَا وَقَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ.
(وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ) وَلَوْ عَمْدًا بِلَا غَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرِمُ هَيْئَتَهَا وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي أَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ.
(وَسُنَّ لِرَجُلٍ تَسْبِيحٌ) أَيْ:
ــ
[حاشية الجمل]
اُعْتُرِضَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إطْلَاقُ مَا نَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
(فَرْعٌ) قَدْ اعْتَادَ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ أَنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا قِرَاءَةَ الْإِمَامِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالُوا {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وَهَذَا بِدْعَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَأَمَّا بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِهَا فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ قَالَ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ بَطَلَتْ اهـ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا وَكَذَا إذَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ الثَّنَاءُ أَوْ الذِّكْرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا؛ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدٍ مَا لَمْ يُفِدْهُ اللَّفْظُ وَإِنْ قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ الْعُتْبِيَّةِ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَيْ: بِاللَّازِمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي قُنُوتِ رَمَضَانَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ اهـ وَحِينَئِذٍ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ أَطْلُبُ زَوْجَةً أَوْ وَلَدًا أَوْ مَالًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ قَرَأَ إنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا الْآيَةَ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ أَخْبَارِ الْقُرْآنِ وَمَوَاعِظِهِ وَأَحْكَامِهِ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الثَّنَاءَ اهـ شَرْحُ م ر.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ عِنْدَ قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ م ر يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ وَكَذَا لَوْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ مَا يُنَاسِبُهُ اهـ سَمِّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ اللَّهُ فَقَطْ فَهَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّعَجُّبَ ضَرَّ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَصَدَ الثَّنَاءَ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّعَجُّبِ كَأَنْ سَمِعَ أَمْرًا غَرِيبًا فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ عِنْدَ سَمَاعِهِ ذَلِكَ ضَرَّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى لَا إشْرَاكَ فِيهِ وَوَقَعَ السُّؤَالُ بِالدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ يُصَلِّي فَوَضَعَ آخَرُ يَدَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ غَافِلٌ فَانْزَعَجَ لِذَلِكَ وَقَالَ اللَّهُ فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ الضَّرَرُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ انْتَهَى وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ بَطَلْت وَقِيَاسُهُ أَنَّ قَوْلَهُ اللَّهُ مِثْلُهُ.
وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(فَرْعٌ) ضَرَبَتْهُ عَقْرَبٌ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَإِنْ ضَرَبَتْهُ حَيَّةٌ بَطَلَتْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْرَبَ تُدْخِلُ سُمَّهَا إلَى دَاخِلِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهَا تَغْرِزُ إبْرَتَهَا فِي دَاخِلِ الْبَدَنِ وَتُفْرِغُ السُّمَّ إلَى دَاخِلِهِ وَالسُّمُّ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ فَهُوَ جُزْءٌ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ لَكِنَّ حُصُولَ النَّجَاسَةِ فِي دَاخِلِ الْبَدَنِ لَا يُبْطِلُ وَالْحَيَّةُ تُلْقِي سُمَّهَا عَلَى ظَاهِرِ الْبَدَنِ وَهُوَ نَجِسٌ وَتَنَجُّسُ ظَاهِرِ الْبَدَنِ مُبْطِلٌ هَكَذَا ذَكَرُوهُ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ) أَيْ: وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَقَيَّدَ فِيمَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَ م ر مَا بَحَثَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ بِانْفِرَادِهَا لَمْ تَبْطُلْ وَأَجْرَاهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ فَلَا تَبْطُلُ إذَا قَصَدَ الْقِرَاءَةَ بِمَا قَبْلَ أُولَئِكَ عَلَى انْفِرَادِهِ وَبِهِ عَلَى انْفِرَادِهِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ فَإِنْ فَرَّقَهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ وَالَاهَا وَقَصَدَ بِكُلِّ حَرْفٍ أَوْ كَلِمَةٍ الْقُرْآنَ لَمْ يَضُرَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ) أَيْ: وَحْدَهَا فَإِنْ قَصَدَ مَعَهَا التَّفْهِيمَ ضَرَّ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَيَاتِ السَّابِقَةِ لَكِنْ فِي اسْتِثْنَاءِ هَذَا تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ مُسْتَثْنَيَاتٌ مِنْ النُّطْقِ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ نُطْقٌ لَكِنْ غَرَضُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهَا فِي الْحُكْمِ وَعَدَمِ الْبُطْلَانِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ مُبْطِلٌ وَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ تَخْصِيصُ قَوْلِهِ وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ أَيْ: مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَطْوِيلُ رُكْنٍ قَصِيرٍ وَفِيهِ أَنَّ التَّطْوِيلَ وَظِيفَةُ الْبَدَنِ وَالسُّكُوتَ وَظِيفَةُ اللِّسَانِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَمْدًا بِلَا غَرَضٍ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ سَكَتَ طَوِيلًا بِلَا غَرَضٍ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخِلٍّ بِهَيْئَتِهَا وَالثَّانِي تَبْطُلُ بِهِ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرِمُ هَيْئَتَهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبَابُهُ ضَرَبَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَسُنَّ لِرَجُلٍ تَسْبِيحٌ) أَيْ: سُنَّ أَنْ يَكُونَ تَنْبِيهُهُ بِالتَّسْبِيحِ وَإِنْ كَانَ التَّنْبِيهُ فِي ذَاتِهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بِالتَّسْبِيحِ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَمَا سَيَأْتِي وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بَيَانُ التَّفْرِقَةِ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا وَالتَّنْبِيهُ الْمَذْكُورُ مَنْدُوبٌ لِمَنْدُوبٍ كَتَنْبِيهِ الْإِمَامِ عَلَى سَهْوِهِ وَمُبَاحٍ لِمُبَاحٍ كَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ وَوَاجِبٍ لِوَاجِبٍ كَإِنْذَارِهِ أَعْمَى إنْ تَعَيَّنَ اهـ شَرْحُ م ر وَحَرَامٌ لِحَرَامٍ كَالتَّنْبِيهِ لِشَخْصٍ يُرِيدُ قَتْلَ غَيْرِهِ عُدْوَانًا وَمَكْرُوهٍ لِمَكْرُوهٍ كَالتَّنْبِيهِ لِلنَّظَرِ لِمَكْرُوهٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ لِرَجُلٍ) الْمُرَادُ بِالرَّجُلِ مَا قَابَلَ الْأُنْثَى فَيَشْمَلُ الصَّبِيَّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ
قَوْلُ سُبْحَانَ اللَّهِ (وَلِغَيْرِهِ) مِنْ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى (تَصْفِيقٌ) يَضْرِبُ بَطْنَ كَفٍّ أَوْ ظَهْرَهَا عَلَى ظَهْرِ أُخْرَى أَوْ ضَرْبُ ظَهْرِ كَفٍّ عَلَى بَطْنِ أُخْرَى (لَا ب) ضَرْبِ (بَطْنٍ) مِنْهَا (عَلَى بَطْنٍ) مِنْ أُخْرَى بَلْ إنْ فَعَلَهُ لَاعِبًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَلَّ لِمُنَافَاتِهِ الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا يُسَنُّ ذَلِكَ لَهُمَا (إنْ نَابَهُمَا شَيْءٌ) فِي صَلَاتِهِمَا كَتَنْبِيهِ إمَامِهِمَا عَلَى سَهْوٍ وَإِذْنِهِمَا لِدَاخِلٍ وَإِنْذَارِهِمَا أَعْمَى خَشِيَا وُقُوعَهُ فِي مَحْذُورٍ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» وَيُعْتَبَرُ فِي التَّسْبِيحِ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الذِّكْرَ وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ كَنَظِيرِهِ السَّابِقِ فِي الْقِرَاءَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَلَوْ صَفَّقَ الرَّجُلُ وَسَبَّحَ غَيْرُهُ جَازَ مَعَ مُخَالَفَتِهِمَا السُّنَّةَ وَالْمُرَادُ بَيَانُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لَا بَيَانُ حُكْمِ التَّنْبِيهِ وَإِلَّا فَإِنْذَارُ الْأَعْمَى وَنَحْوُهُ وَاجِبٌ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْذَارُ إلَّا بِالْكَلَامِ أَوْ بِالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ وَجَبَ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
(و) ثَامِنُهَا (تَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ
ــ
[حاشية الجمل]
وَلِغَيْرِهِ تَصْفِيقٌ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ أَوْ فِي خَلْوَةٍ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمَحَارِمِ أَوْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَتُصَفِّقُ؛ لِأَنَّهُ وَظِيفَتُهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي حَالَةِ خُلُوِّهَا عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَشَمِلَ مَا لَوْ كَثُرَ مِنْهَا وَتَوَالَى وَزَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ عِنْدَ حَاجَتِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ وَإِنْقَاذِ نَحْوِ الْغَرِيقِ بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا خَفِيفٌ فَأَشْبَهَ تَحْرِيكَ الْأَصَابِعِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ إنْ كَانَتْ كَفُّهُ قَارَّةً كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَفُّهُ قَارَّةً أَشْبَهَ تَحْرِيكَهَا لِلْجَرَبِ بِخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك وَقَدْ أَكْثَرَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - التَّصْفِيقَ حِينَ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُصَلِّي بِهِمْ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ وَقَوْلُ الْجِيلِيِّ تُعْتَبَرُ فِي التَّصْفِيقِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مَرَّتَيْنِ إنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ بِهِمَا الْإِعْلَامُ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ لَا بِبَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ) ، وَأَمَّا لَوْ ضَرَبَ بَطْنًا عَلَى بَطْنٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَالْفُقَرَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا وَرَجَّحَ مِنْهُمَا التَّحْرِيمَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خُصُوصًا إذَا كَانَ فِي الْمَسَاجِدِ كَمَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ جَهَلَةِ النَّاسِ كَذَا بِهَامِشٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ كَمَا يَقَعُ الْآنَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُنَادِيَ إنْسَانًا بَعِيدًا عَنْهُ وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ م ر رحمه الله مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى م ر سُئِلَ رضي الله عنه عَنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ إنَّ التَّصْفِيقَ بِالْيَدِ لِلرِّجَالِ لِلَّهْوِ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ هَلْ هُوَ مُسَلَّمٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ الْحُرْمَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا قَصَدَ التَّشَبُّهَ أَوْ يُقَالُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النِّسَاءُ يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ فِعْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ فَأَجَابَ هُوَ مُسَلَّمٌ حَيْثُ كَانَ اللَّهْوُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ، وَسُئِلَ عَنْ التَّصْفِيقِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ إنْ قَصَدَ الرَّجُلُ بِذَلِكَ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ حَرُمَ وَإِلَّا كُرِهَ اهـ.
وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى الْوَسَائِدِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ حِلُّ ضَرْبِ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَلَوْ بِقَصْدِ اللَّعِبِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ طَرَبٍ ثُمَّ رَأَيْت الْمَاوَرْدِيَّ وَالشَّاشِيَّ وَصَاحِبَيْ الِاسْتِقْصَاءِ وَالْكَافِي أَلْحَقُوهُ بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته وَأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الْقَضِيبِ وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْحِلُّ فَيَكُونُ هَذَا كَذَلِكَ اهـ وَرَأَيْت بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ وَأَفْتَى شَيْخُنَا ابْنُ الرَّمْلِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اللَّعِبَ اهـ أَقُولُ: وَقَوْلُهُ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْقَوْلَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِتَحْسِينِ صِنَاعَةٍ مِنْ إنْشَادٍ وَنَحْوِهِ وَمِنْهُ مَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ عِنْدَ مُلَاعَبَةِ أَوْلَادِهِنَّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بَلْ إنْ فَعَلَهُ لَاعِبًا إلَخْ) هَذَا أَيْضًا يَجْرِي فِيمَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّعِبَ أَكْثَرُ فِيهَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ صَفَّقَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ بَطْنٍ قَاصِدَةً اللَّعِبَ بِهِ عَامِدَةً عَالِمَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهَا وَاقْتِصَارُ كَثِيرٍ عَلَى ذِكْرِ ذَلِكَ فِي الْبَطْنِ عَلَى الْبَطْنِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ غَيْرِهَا وَإِنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَظِنَّةُ اللَّعِبِ؛ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ أَقَامَ لِشَخْصٍ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى لَاعِبًا مَعَهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ إنْ نَابَهُمَا شَيْءٌ) أَيْ: أَصَابَهُمَا وَفِي الْمِصْبَاحِ نَابَهُ الْأَمْرُ يَنُوبُهُ نَوْبَةً أَصَابَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ) وَلَا يَضُرُّ فِي التَّصْفِيقِ قَصْدُ الْإِعْلَامِ وَلَا تَوَالِيهِ وَلَا زِيَادَتُهُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بَعْدَ إحْدَى الْيَدَيْنِ عَنْ الْأُخْرَى وَعَوْدِهَا إلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ وَبِهِ فَارَقَ دَفْعَ الْمَارِّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بَيَانُ التَّفْرِقَةِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا جَوَابُ إيرَادٍ عَلَى الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ: وَسُنَّ لِرَجُلٍ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَالْجَوَابُ أَنَّ غَرَضَهُ بَيَانُ السُّنِّيَّةِ مِنْ حَيْثُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ أَيْ: يُسَنُّ لِلرَّجُلِ التَّسْبِيحُ لَا التَّصْفِيقُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ يَجِبُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ إعْلَامًا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا) أَيْ: الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَقَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ أَيْ التَّسْبِيحُ وَالتَّصْفِيقُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَصَحِّ) هَلْ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ اهـ ح ل قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صِيَانَةً لِلرُّوحِ رَاجِعْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَتَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ إلَخْ) كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ لِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ انْحَنَى إلَى حَدٍّ لَا تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ بِأَنْ صَارَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبُ مِنْهُ لِلْقِيَامِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوعًا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ
فِعْلِيٍّ عَمْدًا) فَتَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ بِخِلَافِهَا سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يُعِدْهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُغْتَفَرُ الْقُعُودُ الْيَسِيرُ قَبْلَ السُّجُودِ وَبَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ اعْتَدَلَ مِنْ الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الزَّائِدِ وَأَنَّهُ لَوْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ إمَامِهِ وَعَادَ إلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ وَخَرَجَ بِالْفِعْلِيِّ الْقَوْلِيُّ كَتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي.
(وَتَرْكُ فِعْلِ فُحْشٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
وَأَنَّهُ مَتَى انْحَنَى حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِتَلَاعُبِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السُّجُودِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ زِيَادَةُ رُكْنٍ إلَخْ) تَصْدُقُ الزِّيَادَةُ بِالرُّكْنِ الْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرِ بَلْ وَبِالرَّكْعَةِ فَحِينَئِذٍ يُطَابِقُ الدَّلِيلُ الْمُدَّعِي اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ) أَيْ: إنْ كَانَ مَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا مُعْتَدًّا بِهِ، وَأَمَّا لَوْ سَجَدَ عَلَى مَا يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ ثُمَّ رَفَعَهُ وَسَجَدَ ثَانِيًا لَمْ يَضُرَّ اهـ ح ل وَلَوْ سَجَدَ عَلَى خَشِنٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ خَوْفًا مِنْ جُرْحِ جَبْهَتِهِ ثُمَّ سَجَدَ ثَانِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ عَلَى الْخَشِنِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ فِي أَقْرَبِ احْتِمَالَيْنِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ ثَانِيهمَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ فَانْتَقَلَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ تَحَامُلِهِ عَلَيْهِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ قَبْلَ سُجُودٍ مَحْسُوبٍ لَهُ كَأَنْ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ يَدِهِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ عَلَى الْخَشِنِ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ قَبْلَ سُجُودٍ مَحْسُوبٍ لَهُ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تُمْكِنْهُ الطُّمَأْنِينَةُ بِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءَ هَذَا الْفِعْلِ فَإِنْ قَصَدَهُ بَطَلَتْ لِتَلَاعُبِهِ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الْهَوَى اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا سَهْوًا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمِعَ الْمَأْمُومُ وَهُوَ قَائِمٌ تَكْبِيرًا فَظَنَّ أَنَّهُ إمَامُهُ فَرَفَعَ يَدَهُ لِلْهَوَى وَحَرَّكَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ فَكَفَّ عَنْ الرُّكُوعِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ النِّسْيَانِ وَبِذَلِكَ يَسْقُطُ مَا نَظَرَ بِهِ سم فِيهِ فِي حَوَاشِي الْبَهْجَةِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَئِمَّةُ بِالْمَسْجِدِ فَسَمِعَ الْمَأْمُومُ تَكْبِيرًا فَظَنَّهُ تَكْبِيرَ إمَامِهِ فَتَابَعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ فَيَرْجِعُ إلَى إمَامِهِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا فَعَلَهُ لِلْمُتَابَعَةِ وَإِنْ كَثُرَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَيُغْتَفَرُ الْقُعُودُ الْيَسِيرُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي اسْتِثْنَاءِ صُوَرٍ خَمْسٍ لَا تَضُرُّ فِيهَا الزِّيَادَةُ وَقَوْلُهُ الْيَسِيرُ أَيْ: بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَدْرُهَا بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ اهـ مِنْ ع ش عَلَى م ر اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ إلَى أَنْ قَالَ الثَّالِثَةُ كَانَ قَائِمًا فَانْتَهَى إلَى الرُّكُوعِ لِقَتْلِ حَيَّةٍ لَا يَضُرُّ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ فِي الْكَافِي الرَّابِعَةُ سَجَدَ عَلَى مَكَانِ خَشِنٍ فَخَافَ جَرْحَ جَبْهَتِهِ فَرَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَلِلْقَاضِي حُسَيْنٍ احْتِمَالَانِ الْأَوَّلُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا الثَّانِي إنْ تَحَامَلَ بِثِقَلِ رَأْسِهِ بَطَلَتْ بِالْعَوْدِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَزْحَفَ عَنْ الْخُشُونَةِ وَلَا يَرْفَعَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَامَلْ لَمْ تَبْطُلْ وَيَجْرِيَانِ فِيمَنْ سَجَدَ عَلَى يَدِهِ ثُمَّ رَفَعَ وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ اهـ وَأَقَرَّ ابْنُ الرِّفْعَةِ التَّفْصِيلَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُغْتَفَرُ الْقُعُودُ الْيَسِيرُ إلَخْ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرُّكْنِيَّةَ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي صَلَاتِهِ فَهَوَى لِلسُّجُودِ فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرَّاكِعِ بَدَا لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ وَرَجَعَ لِلْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ عَادَ لِلْقِيَامِ؛ لِأَنَّ الْهَوِيَّ بِقَصْدِ السُّجُودِ لَا يَقُومُ مَقَامَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُغْتَفَرُ الْقُعُودُ الْيَسِيرُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَعَمُّدُ جُلُوسِهِ قَلِيلًا بِأَنْ جَلَسَ مِنْ اعْتِدَالِهِ قَدْرَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ الْمَطْلُوبَةِ بِالْأَصَالَةِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ الْمَطْلُوبَةُ بِالْأَصَالَةِ قَالَ سم عَلَى حَجّ تَقَدَّمَ آخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ عَنْ م ر أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْبُطْلَانُ بِزِيَادَةِ هَذَا الْجُلُوسُ عَلَى قَدْرِ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَتْ هَذِهِ الْجِلْسَةُ؛ لِأَنَّهَا عُهِدَتْ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ رُكْنٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْهَدْ فِيهَا إلَّا رُكْنًا فَكَانَ تَأْثِيرُهُ فِي نَظْمِهَا أَشَدَّ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ قَبْلَ السُّجُودِ) أَيْ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ الصَّلَاةِ اهـ شَيْخُنَا وَكَذَا يُغْتَفَرُ أَيْضًا قُعُودُ الْمَأْمُومِ الْمَسْبُوقِ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ جُلُوسِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ إلَخْ) أَنَّهُ فَاعِلُ يَأْتِي وَأَنَّهُ الثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنْهَا بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَجَوَابُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ فَيُقَدَّرُ أَخْذًا مِنْ خَبَرِ إنَّ الثَّانِيَةَ أَيْ: لَزِمَتْهُ مُتَابَعَتُهُ اهـ شَيْخُنَا وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ مَسْأَلَةٍ حَسَنَةٍ وَهِيَ مَسْبُوقٌ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ صُلْبِ صَلَاتِهِ فَسَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَأَحْدَثَ وَانْصَرَفَ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنُ كَجٍّ عَلَى الْمَسْبُوقِ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ مَنْ لَزِمَهُ السَّجْدَتَانِ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِ الْإِمَامِ انْفَرَدَ فَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ لِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ فَكَانَتْ مُبْطِلَةً اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَتَرْكُ فِعْلِ فُحْشٍ إلَخْ) عَدَّ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ شَرْطًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَرْكٌ مُبْطِلٌ وَغَايَةُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ يُقَيَّدُ بِالْعَمْدِ
كَوَثْبَةٍ فَتَبْطُلُ بِهِ وَلَوْ سَهْوًا صَلَاتُهُ لِمُنَافَاتِهِ لَهَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ (أَوْ) فِعْلٍ (كَثُرَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا) فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ (عُرْفًا) كَثَلَاثِ خُطُوَاتٍ (وَلَاءً) فَتَبْطُلُ بِهِ وَلَوْ سَهْوًا صَلَاتُهُ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ كَخُطْوَتَيْنِ وَالْكَثِيرُ الْمُتَفَرِّقُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَكَالْكَثِيرِ مَا لَوْ نَوَى ثَلَاثَةَ أَفْعَالٍ وَلَاءً
ــ
[حاشية الجمل]
وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا يَبْطُلُ مُطْلَقًا وَلِهَذَا أَعَادَ الْعَامِلَ بِقَوْلِهِ وَتَرْكُ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَرْكُ فِعْلِ فُحْشٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَزَعًا مِنْ نَحْوِ حَيَّةٍ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَرْكُ فِعْلِ فُحْشٍ) أَيْ: تَرْكُهُ مِنْ أَوَّلِ الشُّرُوعِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَلَوْ قَارَنَهَا فِعْلُ فَاحِشٍ أَوْ كَثِيرٍ مُتَوَالٍ لَمْ تَنْعَقِدْ الصَّلَاةُ لِتَبَيُّنِ الدُّخُولِ فِيهَا بِأَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ وَفِي ع ش عَلَى م ر.
(فَرْعٌ) فَعَلَ مُبْطِلًا كَوَثْبَةٍ قَبْلَ تَمَامِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ يَتَبَيَّنُ دُخُولُهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا وِفَاقًا ل م ر وَخِلَافًا لِمَا رَأَيْته فِي فَتْوَى عَنْ الْخَطِيبِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَوَثْبَةٍ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رحمه الله بِأَنَّ حَرَكَةَ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ فَتَبْطُلُ بِهَا اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ م ر فِي فَتَاوِيهِ مَا حَاصِلُهُ وَلَيْسَ مِنْ الْوَثْبَةِ مَا لَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ اهـ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ حَمْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ اسْتَمَرَّتْ الشُّرُوطُ مَوْجُودَةً مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ إنَّمَا ذَكَرُوهَا فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ الْقِيَامِ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ تَعَلُّقَهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ فَهُوَ مِنْ فِعْلِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْوَثْبَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فَاحِشَةً وَلِشُمُولِ غَيْرِ الْوَثْبَةِ مِمَّا فَحُشَ كَتَحْرِيكِ جَمِيعِ بَدَنِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْفَاحِشَةَ فِي كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَالصِّفَةِ الْكَاشِفَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ كُلَّ مَا فَحُشَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَثْبَةِ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا) أَيْ: كَثُرَ يَقِينًا وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ فِعْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهَا انْتَهَتْ. وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ بِالْبُطْلَانِ وَقِيلَ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى الْبَيَانِ اهـ مِنْ حَوَاشِي الْخَطِيبِ.
(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا) مُحْتَرَزُهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ) تَقْيِيدُهُ بِهَذَا فِي الْكَثِيرِ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ بِهِ فِي الَّذِي فَحُشَ يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي فَحُشَ مُبْطِلٌ وَلَوْ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ اهـ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ ع ش فِي الَّذِي رَفَعَ فَزَعًا مِنْ نَحْوِ حَيَّةٍ وَقَدْ أَخَّرَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا التَّقْيِيدَ عَنْ الْفَاحِشِ فَمُقْتَضَاهُ جَرَيَانُهُ فِيهِ أَيْضًا فَيُغْتَفَرُ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ الْفِعْلُ وَإِنْ كَثُرَ أَوْ فَحُشَ وَكَذَلِكَ فِي نَفْلِ السَّفَرِ يُغْتَفَرُ الْفَاحِشُ إنْ احْتَاجَ لَهُ فِي مَشْيِهِ كَنَطِّ قَنَاةٍ وَاسِعَةٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ كَثَلَاثِ خُطُوَاتٍ) اضْطَرَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَعْرِيفِ الْخُطْوَةِ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ فَإِنْ نُقِلَتْ الْأُخْرَى عُدَّتْ ثَانِيَةً سَوَاءٌ سَاوَى بِهَا الْأُولَى أَمْ قَدَّمَهَا أَمْ أَخَّرَهَا عَنْهَا إذْ الْمُعْتَبَرُ تَعَدُّدُ الْفِعْلِ وَذَهَابُ الْيَدِ وَعَوْدُهَا أَيْ عَلَى التَّوَالِي مَرَّةً وَاحِدَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَكَذَا رَفْعُهَا ثُمَّ وَضْعُهَا عَلَى مَحَلِّ الْحَكِّ وَيُسْتَحَبُّ الْفِعْلُ الْقَلِيلُ لِقَتْلِ نَحْوِ عَقْرَبٍ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِ التَّحَرُّزُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْقَلِيلَةِ الْمُتَوَالِيَةِ انْتَهَى. شَرْحُ م ر قَوْلُهُ وَذَهَابُ الْيَدِ وَعَوْدُهَا إلَخْ بِخِلَافِ الرِّجْلِ فَإِنَّ ذَهَابَهَا وَرُجُوعَهَا حَرَكَتَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْيَدَيْنِ الْيَدُ يُبْتَلَى بِتَحْرِيكِهَا كَثِيرًا بِخِلَافِ الرِّجْلِ؛ لِأَنَّ عَادَتَهَا السُّكُونُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ الْمُتَفَرِّقِ) وَقَوْلُهُ لَا إنْ خَفَّ هَذَا كُلُّهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُبْطِلٍ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَالْكَثِيرُ الْمُتَفَرِّقُ) ضَابِطُ الْمُتَفَرِّقِ أَنْ يُعَدَّ الثَّانِي مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَوَّلِ فِي الْعَادَةِ فِي التَّهْذِيبِ وَعِنْدِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ رَكْعَةٍ لِحَدِيثِ أُمَامَةَ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا مَا نَصُّهُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ حَمَلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ فِي صَلَاتِهِ عَلَى عَاتِقِهِ وَكَانَ إذَا رَكَعَ وَضَعَهَا وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا قُلْت إسْنَادُ الْحَمْلِ وَالْوَضْعِ وَالرَّفْعِ إلَيْهِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ لَكِنَّهَا عَلَى عَادَتِهَا تَتَعَلَّقُ بِهِ وَتَجْلِسُ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ لَا يَدْفَعُهَا فَإِذَا كَانَ عِلْمُ الْخَمِيصَةِ يُشْغِلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ حَتَّى اسْتَبْدَلَ بِهَا فَكَيْفَ لَا تَشْغَلُهُ هَذِهِ انْتَهَتْ بِحُرُوفِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا دَلِيلَ فِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رحمه الله مِنْ الْحَدِيثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا كَانَتْ تَتَعَلَّقُ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَدْفَعُهَا لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ كَمَالِ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ وَلَكِنْ إذَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ وَضَعَهَا فَيُسْتَدَلُّ بِوَضْعِهِ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الْغَيْرَ الْمُتَوَالِي لَا يَضُرُّ اهـ ع ش
وَفَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَلِيلِ الْفِعْلُ بِقَصْدِ اللَّعِبِ فَتَبْطُلُ بِهِ كَمَا مَرَّ (لَا إنْ خَفَّ) الْكَثِيرُ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ مِرَارًا بِلَا حَرَكَةِ كَفِّهِ فِي سُبْحَةٍ إلْحَاقًا لَهُ بِالْقَلِيلِ فَإِنْ حَرَّكَ كَفَّهُ فِيهَا ثَلَاثًا وَلَاءً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (أَوْ اشْتَدَّ جَرَبٌ) بِأَنْ لَا يَقْدِرَ مَعَهُ عَلَى عَدَمِ الْحَكِّ فَلَا تَبْطُلُ بِتَحْرِيكِ كَفِّهِ لِلْحَكِّ ثَلَاثًا وَلَاءً لِلضَّرُورَةِ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهَا صَرَّحَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
(و) تَاسِعُهَا (تَرْكُ مُفْطِرٍ وَأُكُلٍ كَثِيرٍ أَوْ بِإِكْرَاهٍ) فَتَبْطُلُ بِكُلٍّ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ
ــ
[حاشية الجمل]
لَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا قَوْلُهُ وَأُمَامَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِنْتُ بِنْتِهِ زَيْنَبُ رضي الله عنها وَاسْمُ أَبِيهَا أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ الْقُرَشِيُّ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهَا وَيَحْمِلُهَا فِي الصَّلَاةِ وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَعْدَ فَاطِمَةَ وَكَانَتْ أَوْصَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَمْ تُعَقِّبْ مِنْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَيَجُوزُ فِي أُمَامَةَ أَنْ يُنْصَبَ بِمَا قَبْلَهُ وَأَنْ يُخْفَضَ بِإِضَافَتِهِ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْفَتْحَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ، وَقَدْ قُرِئَ إنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ بِالْوَجْهَيْنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَفَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا) أَيْ: فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَكَالْفِعْلِيِّ الْقَوْلِيُّ حَتَّى لَوْ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِحَرْفَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ فَأَتَى بِأَحَدِهِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ) هُوَ أَبُو الْحَسَنِ يَحْيَى بْنُ أَبِي الْخَيْرِ الْعِمْرَانِيُّ الْيَمَانِيُّ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالزَّائِدِ وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَتَفَقَّهَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الزَّيْنُ الْبِقَاعِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ بِهِ) أَيْ: شَرْطِ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمِنْهُ مَا لَوْ قَرَصَ آخَرَ بِقَصْدِ اللَّعِبِ اهـ أَطْفِيحِيٌّ وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ بَلْ إنْ فَعَلَهُ لَاعِبًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَلَّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ لَا إنْ خَفَّ إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ كَثُرَ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ خَفِيفًا أَوْ يُعْذَرُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ) أَيْ: وَكَذَا أُذُنُهُ وَأَجْفَانُهُ وَحَوَاجِبُهُ وَلِسَانُهُ وَشَفَتَاهُ وَذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي سُبْحَةٍ) أَيْ: أَوْ فِي عَقْدِ شَيْءٍ أَوْ حِلِّهِ أَوْ لِغَيْرِ سَبَبٍ لَا يَقْصِدُ اللَّعِبَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ السُّبْحَةُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَةٌ يُسَبَّحُ بِهَا جَمْعُهَا سُبَحٌ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ اهـ.
(قَوْلُهُ إلْحَاقًا لَهُ بِالْقَلِيلِ) هَذِهِ نُسْخَةٌ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ لَهَا وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلتَّحْرِيكِ وَاكْتَسَبَ الْجَمْعِيَّةَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ:
وَسُورَةُ أَيَّامٍ حَزَزْنَ إلَى الْعَظْمِ
اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ اشْتَدَّ جَرَبٌ) أَيْ: أَوْ حَكَّةٌ أَوْ قَمْلٌ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ اُبْتُلِيَ بِحَرَكَةٍ اضْطِرَارِيَّةٍ يَنْشَأُ عَنْهَا عَمَلٌ كَثِيرٌ أَنَّهُ يُسَامَحُ بِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ اشْتَدَّ جَرَبٌ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَالَةٌ يَخْلُو فِيهَا مِنْ هَذَا الْحَكِّ زَمَنًا يَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَإِنْ كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ انْتِظَارُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السُّعَالِ وَنَحْوِهِ فَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ اهـ ع ش عَلَى م ر عَنْ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ وَتَرْكُ مُفْطِرٍ) أَيْ: وَلَوْ بِإِدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَتَعْلِيقُهُ الْحُكْمَ عَلَى كَوْنِهِ مُفْطِرًا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَمْدِ وَالْعِلْمِ وَقَوْلُهُ وَأَكْلِ كَثِيرٍ أَيْ: غَيْرِ مُفْطِرٍ بِدَلِيلِ الْعَطْفِ أَيْ: لِكَوْنِهِ مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ الْجَهْلِ وَمُحْتَرَزُ التَّقْيِيدِ بِالْكَثِيرِ أَنَّ الْيَسِيرَ مَعَهُمَا لَا يَضُرُّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر قُلْت إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ وَعُذِرَ مَعَهُ فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَا لَوْ جَرَى رِيقُهُ بِبَاقِي طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجَّهُ كَمَا فِي الصَّوْمِ أَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ أَمَّا مُجَرَّدُ الطَّعْمِ الْبَاقِي مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ فَلَا أَثَرَ لَهُ لِانْتِفَاءِ وُصُولِ الْعَيْنِ إلَى جَوْفِهِ وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ الْأَثَرُ الْبَاقِي بَعْدَ الْقَهْوَةِ مِمَّا يُغَيِّرُ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ فَيَضُرُّ ابْتِلَاعُهُ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ لَوْنِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بِهِ عَيْنًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ اللَّوْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اكْتَسَبَهُ الرِّيقُ مِنْ مُجَاوَرَتِهِ لِلْأَسْوَدِ مَثَلًا وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ أُخِذَ مِمَّا قَالُوهُ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ إذَا تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا أَيْ: أَوْ أَمْكَنَهُ وَنَسِيَ كَوْنَهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ ابْتِلَاعِهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَالْمُفْطِرَاتُ عَشْرَةٌ يُتَصَوَّرُ مِنْهَا هُنَا أَرْبَعَةٌ: الْحَفْنَةُ، وَالرِّدَّةُ، وَالْجُنُونُ، وَوُصُولُ شَيْءٍ إلَى الْجَوْفِ. وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ لَا يُقَالُ فِيهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَالْأَخِيرُ لَا يُفْطِرُ إلَّا إنْ كَانَ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَقَوْلُهُ وَتَرْكُ مُفْطِرٍ خَرَجَ مِنْهُ السَّهْوُ وَالْجَهْلُ مَعَ الْعُذْرِ فَلِهَذَا احْتَاجَ إلَى عَطْفِ قَوْلِهِ وَأَكْلِ كَثِيرٍ أَيْ: سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، وَأَمَّا عَمْدًا فَقَدْ دَخَلَ فِي الْمُفْطِرِ وَاحْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ أَوْ بِإِكْرَاهٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمُفْطِرِ أَيْ أَوْ قَلِيلٍ بِإِكْرَاهٍ فَهَذَا مُقْتَضَى الْعَطْفِ بِأَوْ حِينَئِذٍ فَحُكْمُ الْكَثِيرِ بِالْإِكْرَاهِ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى، وَبَقِيَ مَفْهُومُ الْمَتْنِ وَهُوَ الْقَلِيلُ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ عَلَى عَادَتِهِ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ هُنَا وَلَا فِي الصَّوْمِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَأُكُلٍ كَثِيرٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ اهـ ع ش أَيْ: مَأْكُولٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَالْمَضْغُ مِنْ الْأَفْعَالِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ قَلِيلَيْنِ) هَذَا التَّعْمِيمُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعِبَارَةِ وَإِلَّا فَمُفَادُهَا إنَّمَا هُوَ الْقَلِيلُ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْكَثِيرُ مَعْلُومًا بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ بِحُرْمَتِهِ أَيْ وَبِالْبُطْلَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ أَيْضًا
قَلِيلَيْنِ كَبَلْعِ ذَوْبِ سُكَّرَةٍ وَالثَّانِي مُفَرَّقًا سَهْوًا أَوْ جَهْلًا بِحُرْمَتِهِ لِإِشْعَارِ الْأَوَّلَيْنِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا وَنَدُرْ الثَّالِثِ وَالْمَضْغُ مِنْ الْأَفْعَالِ فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ إلَى الْجَوْفِ شَيْءٌ مِنْ الْمَمْضُوغِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(وَسُنَّ أَنْ يُصَلِّي لِنَحْوِ جِدَارٍ) كَعَمُودٍ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْهُ فَلِنَحْوِ (عَصًا مَغْرُوزَةٍ) كَمَتَاعٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِخَبَرِ «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ (يَبْسُطُ مُصَلًّى) كَسَجَّادَةٍ بِفَتْحِ السِّينِ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْهُ (يَخُطُّ أَمَامَهُ) خَطًّا طُولًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ رَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» وَقِيسَ بِالْخَطِّ الْمُصَلَّى وَقُدِّمَ عَلَى الْخَطِّ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ (وَطُولُهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ (ثُلُثَا ذِرَاعٍ) فَأَكْثَرُ
ــ
[حاشية الجمل]
لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْمُفْطِرِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْعَطْفِ وَإِلَّا لَوْ عَلِمَ الْبُطْلَانَ وَجَهِلَ الْحُرْمَةَ كَانَ مِنْ قِسْمِ الْمُفْطِرِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ اهـ شَيْخُنَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ مَعْذُورًا بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ كَانَ نَاسِيًا فِي الْأَوَّلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَبَلْعِ ذَوْبِ سُكَّرَةٍ) يُقَالُ فِي فِعْلِهِ بَلِعَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الْمِصْبَاحِ بَلِعْت الطَّعَامَ بَلْعًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَالْمَاءَ وَالرِّيقَ بَلْعًا سَاكِنُ اللَّامِ وَبَلَعْته بَلْعًا مِنْ بَابِ نَفَعَ لُغَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْمَضْغُ مِنْ الْأَفْعَالِ إلَخْ) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَتْنَ بِالضَّمِّ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الْمَضْغُ وَحُكْمُهُ مَا ذُكِرَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ) أَيْ: كَالثَّلَاثِ الْمُتَوَالِيَةِ فَكَثْرَةُ الْمَضْغِ مُبْطِلَةٌ وَإِنْ قَلَّ الْمَأْكُولُ وَكَثْرَةُ الْمَأْكُولِ مُبْطِلَةٌ وَإِنْ قَلَّ الْمَضْغُ أَوْ انْتَفَى فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي الْأَكْلِ مَا لَمْ يُكْثِرْ نَفْسَ الْمَضْغِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ أَنْ يُصَلِّي لِنَحْوِ جِدَارٍ) أَيْ: وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ النَّعْشُ سَاتِرًا إنْ قَرُبَ مِنْهُ فَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ اُعْتُبِرَ لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ أَمَامَهُ سُتْرَةٌ بِالشُّرُوطِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا ز ي مِثْلُ ذَلِكَ وَأَنَّ مَرْتَبَةَ النَّعْشِ بَعْدَ الْعَصَا اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَمْ يُكْرَهْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ شَرْحُ م ر وَلْيُنْظَرْ السَّتْرُ بِسُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ فِي الْمَكَانِ الْغَيْرِ الْمَغْصُوبِ وَاَلَّذِي فِي التُّحْفَةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لَكِنْ نَقَلَ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ حُرْمَةَ الْمُرُورِ فِي السُّتْرَةِ الْمَغْصُوبَةِ وَطَلَبَ الْفَرْقَ فَلْيُنْظَرْ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَكَانَ الْمَغْصُوبَ يُنْهَى عَنْ وَضْعِ السُّتْرَةِ مِنْ أَصْلِهَا فِيهِ بِخِلَافِ وَضْعِهَا فِي مَكَان مَمْلُوكٍ فَصَارَ لِلسُّتْرَةِ الْمَغْصُوبَةِ جِهَتَانِ وَلِلْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ انْتَهَى.
وَفِي الشبراملسي عَلَى الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ أَقُولُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَكَانِ أَقْوَى مِنْ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالسُّتْرَةِ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ حَتَّى تَكُونَ السُّتْرَةُ مَانِعَةً لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ بِاعْتِبَارِهَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمَالِكِ مِنْ مَكَانِهِ بِخِلَافِ السُّتْرَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الْحَقَّ لِمَالِكِهَا إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهَا فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهَا عَلَامَةً عَلَى كَوْنِ مَحَلِّهَا مُعْتَبَرًا مِنْ حَرِيمِ الْمُصَلِّي وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى فِي مَكَان مَغْصُوبٍ وَوَضَعَ السُّتْرَةَ فِي غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي فِيهِ جَوَازُ الدَّفْعِ اعْتِبَارًا بِالسُّتْرَةِ انْتَهَى.
وَلَوْ تَعَارَضَتْ السُّتْرَةُ وَالْقُرْبُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ مَثَلًا فَمَا الَّذِي يُقَدَّمُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ يُقَدَّمُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُخْتَصِّ بِالْمُضَاعَفَةِ تَقْدِيمُ نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْهُ) الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ عَدَمُ السُّهُولَةِ انْتَهَى بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلِنَحْوِ عَصًا) أَيْ: أَوْ رُمْحٍ أَوْ نُشَّابَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الْفَرَّاءُ أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ بِالْعِرَاقِ هَذِهِ عَصَاتِي وَإِنَّمَا هِيَ عَصَايَ كَمَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَعَصَا يُرْسَمُ بِالْأَلِفِ؛ لِأَنَّهُ وَاوِيٌّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِسَهْمٍ) هُوَ مَا يُرْمَى بِهِ فِي الْقَوْسِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ كَسَجَّادَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّجَّادَةِ الْحَصِيرَ الْمَفْرُوشَةَ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ سُتْرَةً لِلْوَاقِفِ عَلَيْهَا وَلَا يَقْدَحُ فِي اعْتِبَارِهَا جَمْعُهَا كَالْمَتَاعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَخُطُّ أَمَامَهُ) فَلَوْ عَدَلَ إلَى مَرْتَبَةٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ الِاسْتِتَارِ وَيَظْهَرُ أَنَّ عُسْرَ مَا قَبْلَهَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ عَجْزِهِ عَنْهَا اهـ م ر اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ طُولًا) هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِجَعْلِهِ عَرْضًا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَلْيُجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ) أَيْ: فِي جِهَةِ الْإِمَامِ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ بِحِذَاءِ جَبِينِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ؛ لِأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ جِهَةٍ أَمَامَ الْوَجْهِ اهـ ح ل وَفِي الْحَدِيثِ نَوْعُ قَلْبٍ وَالْمَعْنَى فَلْيَجْعَلْ وَجْهَهُ مُقَابِلَ شَيْءٍ ثَابِتٍ مِنْ قَبْلُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ) مَعْنَاهُ عَدَمُ نَقْصِ أَجْرِهِ بِتَشْوِيشِ خُشُوعِهِ كَمَا حُمِلَ الْقَطْعُ فِي حَدِيثِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ عَلَى قَطْعِ الْخُشُوعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقُدِّمَ) أَيْ: الْمُصَلِّي عَلَى الْخَطِّ أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ مَقِيسًا عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ ثُلُثَا ذِرَاعٍ فَأَكْثَرُ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ قَدْرُ ذَلِكَ وَامْتِدَادُ الْأَخِيرَيْنِ كَذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ لِعُذْرِ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ بَلْ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَكَانَ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ
(وَبَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُصَلِّي (ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ) وَذِكْرُ سُنَنِ الصَّلَاةِ إلَى الْمَذْكُورَاتِ مَعَ اعْتِبَارِ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَضَبْطُهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ إلَّا التَّرْتِيبَ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا ضَبْطُ الْأَخِيرَيْنِ فَهُوَ الْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِذَا صَلَّى إلَى شَيْءٍ مِنْهَا (فَيُسَنُّ) لَهُ وَلِغَيْرِهِ (دَفْعُ مَارٍّ) بَيْنَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
بِذَلِكَ فَأَكْثَرُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ) أَيْ: بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَدِلِ وَتُعْتَبَرُ الثَّلَاثُ بِمَا فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فَفِي الْقَائِمِ قَدَمَاهُ وَفِي الْقَاعِدِ إلْيَاهُ وَفِي الْمُضْطَجِعِ جَنْبُهُ وَفِي الْمُسْتَلْقِي رَأْسُهُ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ م ر مِمَّا يُوهِمُ الْمُخَالَفَةَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَاعْتَبَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ فِي الْقَاعِدِ رُكْبَتَيْهِ وَفِي الْمُسْتَلْقِي قَدَمَيْهِ وَلَهُ وَجْهٌ إذَا كَانَ طُولُ الْمُصَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ أَيْ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُصَلِّي أَيْ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ فِي حَقِّ الْقَائِمِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فِي حَقِّ الْجَالِسِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ بُطُونِ الْقَدَمَيْنِ فِي الْمُسْتَلْقِي وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُزْءِ الَّذِي يَلِي الْقِبْلَةَ فِي الْمُضْطَجِعِ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ فَيُعْتَدُّ بِوَضْعِهَا فِي مُقَابَلَةِ أَيِّ جُزْءٍ كَانَ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ) وَلَوْ رَآهُ مُسْتَتِرًا بِالْأَدْوَنِ وَشَكَّ فِي قُدْرَتِهِ عَلَى مَا فَوْقَهُ حَرُمَ الْمُرُورُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ وَاحْتِرَامُ السُّتْرَةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ خِلَافُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَذِكْرُ سُنَنِ الصَّلَاةِ إلَى قَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِي) فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ صَرَّحَ بِالسُّنَنِ وَعِبَارَتُهُ وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى جِدَارِ إلَخْ انْتَهَتْ فَهِيَ كَعِبَارَةِ الْمَتْنِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الْحَوَاشِي عَلَى مُنَاقَشَةِ الشَّارِحِ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَأَمَّلْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ فَيُسَنُّ دَفْعُ مَارٍّ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ امْرَأَةً وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ اشْتِغَالٌ يُنَافِي خُشُوعَهُ وَلَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ دَابَّةً نُفُورًا أَوْ امْرَأَةً يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِهَا مَا لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ السُّتْرَةِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إلَيْهَا حِينَئِذٍ قَالَ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ صَلَّى بَصِيرٌ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضٍ آخَرَ وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يَسْتَقْبِلَانِهِ وَيَرَاهُمَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الشَّاخِصُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَخَلَا مِنْ أَسْفَلِ الشَّاخِصِ عَنْ التَّزْوِيقِ مَا يُسَاوِي السُّتْرَةَ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ وَلِوَالِي الْخَطِّ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا بِمِصْرِنَا فِي مَسَاجِدِهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيُسَنُّ دَفْعُ مَارٍّ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِمُرُورِهِ كَالْجَاهِلِ وَالسَّاهِي وَالْغَافِلِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خِلَافًا لحج؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ لَا مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ يُمْنَعُ مِنْ ارْتِكَابِهِ لِلْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ اهـ ح ل وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الدَّفْعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ الْمُرُورَ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا يُنْكَرُ إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْإِنْكَارُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ إلَى فَوَاتِ مَصْلَحَةٍ أُخْرَى فَإِنْ أَدَّى إلَى فَوَاتِهَا أَوْ الْوُقُوعِ فِي مَفْسَدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي مَحَلِّهِ وَهَهُنَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالدَّفْعِ لَفَاتَتْ أُخْرَى وَهِيَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكُ الْعَبَثِ فِيهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ وَالْأَسْهَلُ هُوَ الْكَلَامُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَلَمَّا انْتَفَى سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ بِالْفِعْلِ وَلِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ ارْتِكَابِ الْمَفْسَدَةِ لِلْإِثْمِ وَمَا هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَافِلًا أَوْ أَعْمَى وَلِأَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ إنَّمَا تَجِبُ إذَا كَانَ لَا يَزُولُ إلَّا بِالنَّهْيِ وَالْمُنْكَرُ هُنَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ مُرُورِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ) أَيْ: الَّذِي لَيْسَ فِي صَلَاةٍ اهـ حَجّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ فِي صَلَاةٍ لَا يُسَنُّ لَهُ الدَّفْعُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ م ر فِي كَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مُصَلِّيًا آخَرَ أَنْ يَحِلَّهُ حَيْثُ لَا فِتْنَةَ خِلَافُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ دَفْعُ الْمَارِّ فِيهِ حَرَكَاتٌ قَوِيَّةٌ فَرُبَّمَا يُشَوِّشُ خُشُوعَهُ بِخِلَافِ حَلِّ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ مُصَلِّيًا آخَرَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ دَفْعُ مَارٍّ) أَيْ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ؛ لِأَنَّهُ صَائِلٌ بِأَفْعَالٍ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالتَّلَفِ وَدَخَلَ فِي الْمَارِّ مَا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَاقِلٍ وَلَوْ حَامِلًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ آدَمِيَّةً حَامِلًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِأَفْعَالٍ قَلِيلَةٍ فَإِنْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ وُجُودِ السُّتْرَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْضِهَا سَوَاءٌ وَضَعَهَا الْمُصَلِّي أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِإِكْرَاهٍ أَوْ نَحْوِ رِيحٍ أَوْ وَضَعَهَا قِرْدٌ وَلَوْ مَغْصُوبَةً أَوْ ذَاتَ أَعْلَامٍ أَوْ مُتَنَجِّسَةً أَوْ نَجِسَةً؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ نَعَمْ لَا تُعْتَبَرُ سُتْرَةٌ فِي مَحَلٍّ مَغْصُوبٍ؛ لِأَنَّهَا لَا قَرَارَ لَهَا وَدَخَلَ فِيهَا مَا لَوْ كَانَتْ
وَبَيْنَهَا وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطِّ مِنْهَا أَعْلَاهُمَا وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» أَيْ: مَعَهُ شَيْطَانٌ أَوْ هُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ وَذِكْرُ سَنِّ الدَّفْعِ لِغَيْرِ الْمُصَلِّي مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَفَقُّهًا.
(وَحَرُمَ مُرُورٌ) وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا آخَرَ لِخَبَرِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي أَيْ: إلَى السُّتْرَةِ مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا مِنْ الْإِثْمِ فَالْبُخَارِيُّ وَإِلَّا خَرِيفًا فَالْبَزَّارُ وَالتَّحْرِيمُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمُصَلِّي بِصَلَاتِهِ فِي الْمَكَانِ وَإِلَّا كَأَنْ وَقَفَ
ــ
[حاشية الجمل]
حَيَوَانًا وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَمِنْهُ الصُّفُوفُ وَالْجِنَازَةُ كَمَا قَالَهُ حَجّ وَعَلَيْهِ حَدِيثُ «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَعْتَرِضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا» وَاعْتَمَدَ الْعَلَّامَةُ م ر أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُعَدُّ سُتْرَةً بَلْ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَأَقَرَّهُ الْعَلَّامَةُ ز ي وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تُنَافِي اعْتِبَارَ السُّتْرَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(فَرْعٌ) حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ فَلَوْ تَوَقَّفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ وَتَحْوِيلِهِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ فَهَلْ لَهُ الدَّفْعُ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ أَوَّلًا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ اهـ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الضَّمَانِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ فَإِنْ دَفَعَهُ يَكُونُ بِمَا يُمْكِنُهُ وَإِنْ أَدَّى إلَى اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَرِّ بِأَنَّ الْجَرَّ لِنَفْعِ الْجَارِّ لَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَجْرُورِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطِّ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ أَيْ: فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَيْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَيُسَنُّ دَفْعُ مَارٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ مِنْهَا حَالَ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِمَا مِنْهَا أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعَةِ أَيْ: بَعْضُهَا اهـ شَيْخُنَا وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى فَرْوَةٍ مَثَلًا وَكَانَ إذَا سَجَدَ سَجَدَ عَلَى مَا وَرَاؤُهَا مِنْ الْأَرْضِ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَقْدِيمِ الْفَرْوَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى مَوْضِعِ جَبْهَتِهِ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ عَلَى الْفَرْوَةِ فَقَطْ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَعْلَاهُمَا) أَيْ: لَا أَوَّلُهُمَا يَعْنِي أَنَّا نَحْسِبُ الثَّلَاثَةَ أَذْرُعٍ الَّتِي بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالْمُصَلَّيْ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِ الْمُصَلِّي إلَى آخِرِ السَّجَّادَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ فَارِشُهَا تَحْتَهُ كَفَتْ لَا أَنَّنَا نَحْسِبُهَا مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ إلَى أَوَّلِهَا حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا قُدَّامَهُ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوَّلِهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لَمْ تَكْفِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوَّلِهَا وَكَذَا الْمُصَلِّي اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَعْلَاهُمَا) كَذَا فِي الْمَحَلِّيّ وَغَيْرِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ الْمُصَلِّي أَوْ الْخَطُّ وَكَانَ بَيْنَ قَدَمَيْ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ أَعْلَى طَرَفِهِ الْأَعْلَى الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ لَمْ تَكُنْ سُتْرَةً مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَا يَحْرُمَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يُقَالُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَى قَدَمَيْهِ وَيَجْعَلُ سُتْرَةً وَيُلْغِي حُكْمَ الزَّائِدِ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ م ر وَمَالَ بِالْفَهْمِ إلَى أَنَّهُ يُقَالُ مَا ذُكِرَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ) مَعْنَاهُ مَا يَمْنَعُ النَّاسَ شَرْعًا مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ مَعَهُ شَيْطَانٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَجْسُرُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ فَإِذَا مَرَّ إنْسَانٌ وَافَقَهُ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ أَيْ فِعْلُهُ فِعْلُ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ أَبَى إلَّا التَّشْوِيشَ عَلَى الْمُصَلِّي وَإِطْلَاقُ الشَّيْطَانِ عَلَى الْمَارِّ مِنْ الْإِنْسِ سَائِغٌ شَائِعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى فَإِنَّمَا الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْطَانُ اهـ فَتْحُ الْبَارِي انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ مُرُورُ) مَعْطُوفٌ عَلَى فِسْقٍ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّفْرِيعِ وَانْظُرْ حِكْمَةَ عَدَمِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي الْمُضِيِّ أَوْ الْمُضَارَعَةِ اهـ شَيْخُنَا أَيْ: حَرُمَ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْعَالِمِ مُرُورٌ أَيْ: وَإِنْ أُزِيلَتْ السُّتْرَةُ حَيْثُ عَلِمَ بِوُجُودِهَا أَيْ: مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ وَإِلَّا جَازَ اهـ ح ل وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ اهـ عَزِيزِيٌّ قَالَ سم عَلَى حَجّ وَيَلْحَقُ بِالْمُرُورِ جُلُوسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَدُّ رِجْلَيْهِ وَاضْطِجَاعُهُ اهـ بِالْمَعْنَى وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَدَّ يَدَهُ لِيَأْخُذَ مِنْ خِزَانَتِهِ مَتَاعًا؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ وَرُبَّمَا شَوَّشَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَوَقَفَ وَقَوْلُهُ لَكَانَ خَيْرًا إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ أَيْ وَلَوْ وَقَفَ لَكَانَ وُقُوفُهُ خَيْرًا إلَخْ وَقَوْلُهُ خَيْرًا لَهُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرُورَ لَا خَيْرَ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَنْ يَقِفَ) اسْمُ كَانَ وَخَرِيفًا تَمْيِيزٌ وَخَيْرًا لَهُ خَبَرُ كَانَ وَفِي رِوَايَةٍ بِرَفْعِ خَيْرٍ وَعَلَيْهَا فَهُوَ اسْمُ كَانَ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ نَكِرَةً إلَّا أَنَّهَا وُصِفَتْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ اسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُهَا اهـ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمُصَلِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يَقِفُ فِيهِ إلَّا بَابَ الْمَسْجِدِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا حَرُمَ الْمُرُورُ وَسُنَّ لَهُ الدَّفْعُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لِعُذْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَارِّ وَالْمُصَلِّي أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَأَمَّا الْمَارُّ فَلِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى أَنَّهُ
بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَلَا حُرْمَةَ بَلْ وَلَا كَرَاهَةَ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ وَبِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ فُرْجَةً أَمَامَهُ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ بَلْ لَهُ خَرْقُ الصُّفُوفِ وَالْمُرُورُ بَيْنَهَا لِيَسُدَّ الْفُرْجَةَ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِيهَا لَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ لِتَقْصِيرِهِ وَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا لَكِنْ يُكْرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ غَيْرِ الشَّدِيدَةِ قَالَ وَإِذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْعَلَهَا مُقَابِلَةً لِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ وَلَا يَصْمُدَ لَهَا بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ: يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ.
(وَكُرِهَ الْتِفَاتٌ) فِيهَا
ــ
[حاشية الجمل]
قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ لِلْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْجُلُوسُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ وَهَذَا أَقْرَبُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ) أَيْ: أَوْ بِشَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ ضَيِّقٍ أَوْ بَابِ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَالْمَحَلِّ الَّذِي يَغْلِبُ مُرُورُ النَّاسِ فِيهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمَطَافِ قَالَ شَيْخُنَا ع ش وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ بِرِوَاقِ ابْنِ مَعْمَرٍ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلْمُرُورِ غَالِبًا نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا لَوْ وَقَفَ فِي مُقَابَلَةِ الْبَابِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ فُرْجَةً أَمَامَهُ) أَيْ: أَمَامَ الْمُصَلِّي وَالْفُرْجَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى السَّعَةِ وَلَوْ بِلَا خَلَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ لَوَسِعُوهُ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ بَلْ لَهُ خَرْقُ الصُّفُوفِ) أَيْ: وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَزَادَتْ عَلَى صَفَّيْنِ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ مِنْ تَخَطِّي الرِّقَابِ حَيْثُ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِصَفَّيْنِ؛ لِأَنَّ خَرْقَ الصُّفُوفِ فِي حَالِ الْقِيَامِ فَهُوَ أَسْهَلُ مِنْ التَّخَطِّي؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ الْقُعُودِ اهـ ح ل وَلَوْ أُزِيلَتْ السُّتْرَةُ حَرُمَ الْمُرُورُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ يَرَاهَا مُقَلِّدُهُ وَلَا يَرَاهَا مُقَلِّدُ الْمَارِّ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَذْهَبَ الْمُصَلِّي وَلَوْ قَبْلُ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَفِي تَحْرِيمِ الْمُرُورِ بِاعْتِقَادِ الْمَارِّ لَمْ يَبْعُدْ وَلَوْ عَجَزَ عَنْهَا حَتَّى عَنْ الْخَطِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الدَّفْعُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِيَسُدَّ الْفُرْجَةَ) أَيْ: وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّينَ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الصُّفُوفَ لَا تَكْفِي لِلسُّتْرَةِ اهـ ح ل وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ وَفِيهَا لَوْ صَلَّى إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا بَيَانُ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمَتْنِ سَابِقًا وَسُنَّ أَنْ يُصَلِّيَ إلَخْ وَأَتَى بِهِ مَنْقُولًا عَنْ الرَّوْضَةِ اهـ شَيْخُنَا وَلَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ فَوَضَعَهَا غَيْرُهُ بِلَا إذْنِهِ اعْتَدَّ بِهَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ اعْتَدَّ بِهَا أَيْ: فَيَنْبَغِي لِلْغَيْرِ وَضْعُهَا حَيْثُ كَانَ لِلْمُصَلِّي عُذْرٌ فِي عَدَمِ الْوَضْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسَنَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى خَيْرٍ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَهَلْ يَضْمَنُ الْمُصَلِّي السُّتْرَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا تَلِفَتْ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ مِنْهُ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَهِيَ عَارِيَّةٌ فَإِنْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ مَا لَمْ يَعُدْ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا بِلَا إذْنٍ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ مِلْكًا لِلْمُصَلِّي وَلَمْ يَضَعْهَا ثُمَّ أَخَذَهَا غَيْرُهُ وَوَضَعَهَا وَتَلِفَتْ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مَصْلَحَةً تَعُودُ عَلَى الْمُصَلِّي مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ مِنْ الْمُصَلِّي عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ) أَيْ: وَلَوْ تَعَذَّرَتْ السُّتْرَةُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا اهـ ع ش عَنْ الزِّيَادِيِّ وَهَلْ يَحْرُمُ الْمُرُورُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ قَالَ شَيْخُنَا: لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ حِينَئِذٍ لِفَقْدِ السُّتْرَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْجُوزًا عَنْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْعَلَهَا إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ وُقُوفُهُ عِنْدَ طَرَفِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَشْمَلُ الْمُصَلِّي كَالسَّجَّادَةِ فَهَلْ السُّنَّةُ وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكْفِيَ كَوْنُ بَعْضِهَا عَنْ يَمِينِهِ وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ مُقَابِلَةً لِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ) أَيْ: بِحَيْثُ تَسَامَتْ بَعْضُ بَدَنِهِ اهـ حَجّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ مُقَابِلَةً لِيَمِينِهِ إلَخْ أَيْ بِحَيْثُ تُحَاذِي حَاجِبَهُ الْأَيْمَنَ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ انْتَهَتْ وَلَا يُبَالِغُ فِي الِانْحِرَافِ عَنْهَا بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا سُتْرَةً وَلَيْسَ مِنْ السُّتْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا لَوْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَاسْتَنَدَ فِي وُقُوفِهِ إلَى جِدَارٍ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سُتْرَةً عُرْفًا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا يَصْمُدُ لَهَا) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ إلَّا فِي نَحْوِ جِدَارٍ عَرِيضٍ يَعْسُرُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يَخْرُجُ بِالْكَرَاهَةِ عَنْ سُنَنِ الدَّفْعِ وَحُرْمَةِ الْمُرُورِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَا يَصْمُدُ لَهَا) وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ وَهُوَ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا» اهـ ح ل إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَمَامِ مَا قَابَلَ الْخَلْفَ فَيَصْدُقُ بِجَعْلِهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عَلَى الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي مِنْ جِهَتِهَا وَقَالَ ع ش الْأَوْلَى عَنْ يَمِينِهِ لِشَرَفِ الْيَمِينِ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ الصَّمَدُ السَّيِّدُ يُقَالُ: صَمَدَ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَيْ قَصَدَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ الْتِفَاتٌ) أَيْ: كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ
بِوَجْهِهِ لِخَبَرِ عَائِشَةَ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَتَغْطِيَةُ فَمٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ.
(وَقِيَامٌ عَلَى رِجْلٍ) وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ يُنَافِي الْخُشُوعَ (لَا لِحَاجَةٍ) فِي الثَّلَاثَةِ فَإِنْ كَانَ لَهَا لَمْ يُكْرَهْ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اشْتَكَى فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ جَالِسٌ فَالْتَفَتَ إلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إلَيْنَا» الْحَدِيثَ وَخَبَرُ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ»
ــ
[حاشية الجمل]
لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الصَّلَاةِ اجْتِنَابُ الْمَذْكُورَاتِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ مَكْرُوهًا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اللَّعِبَ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِوَجْهِهِ) أَيْ: يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَكَذَا لَوْ لَوَى عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ) أَيْ: اخْتِطَافٌ بِسُرْعَةٍ قَالَ الطِّيبِيُّ سُمِّيَ اخْتِلَاسًا تَصْوِيرُ الْقُبْحِ تِلْكَ الْفَعْلَةِ بِالْمُخْتَلِسِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُقْبِلُ عَلَى رَبِّهِ سبحانه وتعالى وَالشَّيْطَانُ مُتَرَصِّدٌ لَهُ يَنْتَظِرُ فَوَاتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَإِذَا الْتَفَتَ اغْتَنَمَ الشَّيْطَانُ الْفُرْصَةَ فَسَلَبَهُ تِلْكَ الْحَالَةَ وَلَعَلَّ الْمُرَادُ حُصُولُ نَقْصٍ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ لَا أَنَّهُ يَقْتَطِعُ مِنْهَا شَيْئًا وَيَأْخُذُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَتَغْطِيَةُ فَمٍ) أَيْ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْ: وَلِمُنَافَاتِهِ هَيْئَةَ الْخُشُوعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ) يُفِيدُ أَنَّهَا مَرْفُوعَةٌ عَنْ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالصَّافِنِ بِالنُّونِ فَلَا يُكْرَهُ كَوْنُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ مَعَ الِاعْتِمَادِ عَلَى إحْدَاهُمَا لِرَاحَةٍ مَثَلًا وَيُنْدَبُ تَفْرِيقُ قَدَمَيْهِ بِنَحْوِ شِبْرٍ فَيُكْرَهُ صَفُّهُمَا وَيُسَمَّى الصَّافِدُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَهَا لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ: كَمَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ بِمُجَرَّدِ لَمْحِ الْعَيْنِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ اشْتَكَى) أَيْ: مَرِضَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَأَشَارَ إلَيْنَا الْحَدِيثَ) أَيْ: فَقَعَدْنَا هَذِهِ تَتِمَّةُ الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ وَهُوَ مَنْسُوخٌ كَحَدِيثِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ أَوْ أَجْمَعُونَ» اهـ شَوْبَرِيٌّ وَوَجْهُ النَّسْخِ أَنَّهُمْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الْقِيَامِ فَكَانَتْ صَلَاتُهُمْ فَرْضًا وَالْقَادِرُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ لِعُذْرِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ يُقَالُ تَثَاءَبْت بِالْمَدِّ وَالْهَمْزَةِ وَلَا يُقَالُ تَثَاوَبْت بِالْوَاوِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَتَثَاءَبَ بِالْهَمْزَةِ تَثَاؤُبًا مِثْلُ تَقَاتَلَ تَقَاتُلًا قِيلَ هِيَ فَتْرَةٌ تَعْتَرِي الشَّخْصَ فَيَفْتَحُ عِنْدَهَا فَمَهُ وَتَثَاوَبَ بِالْوَاوِ وَعَامِّيٌّ اهـ وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ حَيْثُ أَمْكَنَ دَفْعُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا قَالَ: هَا هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ» وَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالصَّلَاةِ بَلْ خَارِجُهَا كَذَلِكَ وَيُكْرَهُ النَّفْخُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَمَسْحُ نَحْوِ الْحَصَى لِسُجُودِهِ عَلَيْهِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَلِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاضُعَ وَالْخُشُوعَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَمَسْحُ نَحْوِ الْحَصَى ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاضُعَ وَالْخُشُوعَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَشْوِيهٌ كَأَنْ كَانَ يَعْلَقُ مِنْ الْمَوْضِعِ تُرَابٌ بِجَبْهَتِهِ أَوْ عِمَامَتِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ) وَيُسَنُّ أَنْ تَكُونَ الْيُسْرَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ حَبْسُ الشَّيْطَانِ نَاسَبَ أَنْ يَكُونَ بِهَا لِاسْتِقْذَارِهِ نَعَمْ الْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِغَيْرِهَا أَيْضًا؛ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَذًى حِسِّيٌّ وَالْمَدَارُ فِيمَا يُفْعَلُ بِالْيَمِينِ وَالْيَسَارِ عَلَيْهِ وُجُودًا وَعَدَمًا دُونَ الْمَعْنَوِيِّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِتَنْحِيَةِ أَذًى مَعْنَوِيٍّ أَيْضًا بَلْ لِرَدِّ الشَّيْطَانِ كَمَا فِي الْخَبَرِ فَهُوَ إذَا رَآهَا لَا يَقْرَبُهُ فَأَيُّ وَاحِدَةٍ رَدَّ بِهَا كَفَتْ لَكِنْ يُوَجِّهُ مَا قَالُوهُ بِأَنَّ مَا كَانَ سَبَبًا لِدَفْعِ مُسْتَقْذَرٍ يُنَاسِبُهُ الْيَسَارُ فَكَانَتْ أَوْلَى وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ أَوَضَعَ ظَهْرَهَا أَمْ بَطْنَهَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَيُسَنُّ أَنْ تَكُونَ الْيُسْرَى وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّفْعِ عَادَةً كَذَا قِيلَ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى إلَخْ قَدْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ.
وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ» نَصُّهَا أَيْ: ظَهْرَ كَفِّ يُسْرَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ الْأَكْمَلُ وَأَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الْيَمِينِ قِيلَ لَكِنَّهُ يَجْعَلُ بَطْنَهَا عَلَى فِيهِ عَكْسُ الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ الْأَمْرُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى فَمِهِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ وَضْعُهَا عَلَيْهِ إذَا انْفَتَحَ بِالتَّثَاؤُبِ أَوْ وَضْعُهَا عَلَى الْفَمِ الْمُنْطَبِقِ حِفْظًا لَهُ عَنْ الِانْفِتَاحِ بِسَبَبِ ذَلِكَ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ أَقُولُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ الْأَوَّلُ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي مَنْعِهِ مِنْ الدُّخُولِ أَمَّا لَوْ رَدَّهُ أَيْ: التَّثَاؤُبَ فَارْتَدَّ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالْيَدِ مَعَ انْتِهَائِهِ بِدُونِ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ حَقِيقَةً وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْطَانَ جِسْمٌ فَكَيْفَ يَدْخُلُ فِي قَلْبِ بَنِي آدَمَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّيَاطِينَ لَهُمْ قُوَّةُ التَّطَوُّرِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَوَّرَ بِصُورَةِ الْهَوَاءِ فَيَدْخُلَ حَقِيقَةً هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي مِثْلِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ
فَتَأْخِيرِي لَا لِحَاجَةٍ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْأَصْلِ لَهُ عَلَى الْأَخِيرِ مِنْهَا بَلْ قَدْ يُجْعَلُ قَيْدًا أَيْضًا فِيمَا يَأْتِي أَوْ فِي بَعْضِهِ.
(وَنَظَرٌ نَحْوَ سَمَاءٍ) مِمَّا يُلْهِي كَثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» وَخَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ ذَاتُ أَعْلَامٍ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ اذْهَبُوا بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ وَائْتُونِي بإنبجانيته» وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَكَفُّ شَعْرٍ أَوْ ثَوْبٍ) لِخَبَرِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمَ وَلَا أَكُفَّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظُ
ــ
[حاشية الجمل]
مَجَازٌ عَمَّا يَحْصُلُ مِنْ الْخَوَاطِرِ النَّفْسَانِيَّةِ لِلْمُصَلِّي وَلَعَلَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ عَلَى هَذَا تَصْوِيرٌ لِحَالِهِ بِحَالِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ يَقْصِدُهُ بِالْأَذَى اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ فَتَأْخِيرِي لَا لِحَاجَةٍ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الثَّلَاثَةِ لَا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى مَفْهُومِ الْأَخِيرِ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَنَظَرٌ نَحْوَ سَمَاءٍ) أَيْ وَلَوْ بِدُونِ رَفْعِ رَأْسِهِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ عَلَى مَا بَحَثَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَنَظَرٌ نَحْوَ سَمَاءٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَعْمَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَا بَالُ أَقْوَامٍ) أَيْ: مَا حَالُهُمْ وَأَبْهَمَ الرَّافِعُ بَصَرَهُ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ خَاطِرُهُ؛ لِأَنَّ النَّصِيحَةَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فَضِيحَةٌ وَقَوْلُهُ لَيَنْتَهُنَّ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ لَيَنْتَهُونَنَّ وَقَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ أَيْ: عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ تَهْدِيدًا وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالْمَعْنَى لَيَكُونَنَّ مِنْكُمْ الِانْتِهَاءُ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ أَوْ خَطْفُ الْأَبْصَارِ عِنْدَ رَفْعِهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا رَفْعُ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِدُعَاءٍ وَنَحْوه فَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ كَالْكَعْبَةِ قِبْلَةٌ لِلصَّلَاةِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ اهـ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْهَاءِ لِتَدُلَّ عَلَى وَاوِ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفَةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لَيَنْتَهُونَ وَقَوْلُهُ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْ: لَتُعْمَيَنَّ أَبْصَارُهُمْ وَكَلِمَةُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ تَهْدِيدٌ أَوْ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ أَيْ: لِيَكُنْ مِنْكُمْ الِانْتِهَاءُ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ أَوْ تُخْطَفُ الْأَبْصَارُ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى اهـ. وَقَوْلُهُ أَصْلُهُ يَنْتَهُونَ أَيْ: بَعْدَ الْإِعْلَالِ وَبَعْدَ التَّوْكِيدِ؛ إذْ الْأَصْلُ قَبْلَ التَّوْكِيدِ يَنْتَهِيُونَ اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْيَاءِ الَّتِي هِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ فَحُذِفَتْ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ لَامُ الْفِعْلِ وَوَاوُ الْجَمْعِ فَحُذِفَتْ الْيَاءُ وَضُمَّ مَا قَبْلَهَا لِمُجَانَسَةِ الْوَاوِ ثُمَّ أَكَّدَ الْفِعْلَ بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ فَصَارَ فِيهِ ثَلَاثُ نُونَاتٍ حُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ لَفْظًا لِتَوَالِي الْأَمْثَالِ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ وَاوُ الْجَمْعِ وَنُونَا التَّوْكِيدِ الْمُدْغَمَةِ فَحُذِفَتْ وَاوُ الْجَمْعِ لِدَلَالَةِ الضَّمَّةِ عَلَيْهَا فَالْفِعْلُ مُعْرَبٌ بِالنُّونِ الثَّانِيَةِ تَقْدِيرًا وَلَيْسَ مَبْنِيًّا لِعَدَمِ اتِّصَالِ نُونِ التَّوْكِيدِ بِهِ اهـ شَيْخُنَا ع ج وَالضَّابِطُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ إذَا كَانَ يُرْفَعُ بِالضَّمَّةِ فَإِنَّهُ إذَا أُكِّدَ بِالنُّونِ يُبْنَى وَإِنْ كَانَ يُرْفَعُ بِثَبَاتِ النُّونِ فَإِنَّهُ إنْ أُكِّدَ يَبْقَى عَلَى إعْرَابِهِ لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا قَرَّرْنَا أَنَّ الْإِعْرَابَ التَّقْدِيرِيَّ فِي لَتُبْلَوُنَّ خَاصَّةٌ بِخِلَافِ تَرَيْنَ وَلَنَسْفَعًا فَإِنَّهُ لَفْظِيٌّ اهـ خَالِدٌ فِي التَّصْرِيحِ اهـ شَيْخُنَا ع ج وَفِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ.
(فَائِدَةٌ) نَقَلَ الدَّمِيرِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَالَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمُقَ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ اهـ ع ش عَلَى م ر قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَلِلِاعْتِبَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْهُمُومَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ) أَيْ: كَادَتْ أَنْ تُلْهِيَنِي اهـ شَوْبَرِيٌّ أَوْ هُوَ تَعْلِيمٌ لِلْأُمَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ صلى الله عليه وسلم لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ اذْهَبُوا بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ الْمُهْدِي لَهَا وَإِنَّمَا أَمَرَ بِأَخْذِ الْأَنْبِجَانِيَّةِ مِنْهُ جَبْرًا لِخَاطِرِهِ خَوْفًا عَلَيْهِ أَنْ يَنْكَسِرَ بِرَدِّ هَدِيَّتِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ إلَى أَبِي جَهْمٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَيُقَالُ الْجَهْمُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ وَقِيلَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الصَّحَابِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَصَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مُعْظَمًا فِي قُرَيْشٍ عَالِمًا بِالْأَنْسَابِ وَكَانَ مِنْ الْمُعَمِّرِينَ شَهِدَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي الْإِسْلَامِ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقِيلَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ أَحَدُ دَافِنِي عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ غَيْرُ أَبِي الْجُهَيْمِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ مُصَغَّرًا وَهُوَ صَحَابِيٌّ أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا كِسَاءٌ غَلِيظٌ لَا عَلَمَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَمٌ فَهُوَ خَمِيصَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ، وَأَغْرَبَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَقَالَ إنَّمَا هِيَ مَنْبِجَانِيَّةٌ نِسْبَةً إلَى مَنْبِجٍ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ بِالشَّامِ وَمَنْ قَالَهَا بِهَمْزِ أَوَّلِهِ فَقَدْ غَيَّرَهُ وَنَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَكَفُّ شَعْرٍ أَوْ ثَوْبٍ) مُرَادُهُ بِالْكَفِّ مَا يَشْمَلُ تَرْكَهُمَا مَكْفُوفَيْنِ أَيْ: وَلَوْ فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ لَكِنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا لَا تَشْمَلُهَا وَالْحِكْمَةُ الشَّامِلَةُ
لِمُسْلِمٍ وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ.
(وَبَصْقٌ أَمَامًا وَيَمِينًا) لَا يَسَارًا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ» أَيْ: وَلَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ وَهَذَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَيَحْرُمُ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ
ــ
[حاشية الجمل]
لَهَا أَنَّهُ إذَا رَفَعَ شَعْرَهُ وَثَوْبَهُ عَنْ مُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ أَشْبَهَ الْمُتَكَبِّرِينَ اهـ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَكَفُّ شَعْرٍ أَوْ ثَوْبٍ) وَمِنْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُصَلِّيَ وَشَعْرُهُ مَعْقُوصٌ أَوْ مَرْدُودٌ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ كُمِّهِ مُشَمِّرٌ وَمِنْهُ شَدُّ الْوَسَطِ وَغَرْزُ الْعَذْبَةِ وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مُصَلِّيًا آخَرَ أَنْ يَحِلَّهُ حَيْثُ لَا فِتْنَةَ نَعَمْ لَوْ بَادَرَ شَخْصٌ وَحَلَّ كُمَّهُ الْمُشَمَّرَ وَكَانَ فِيهِ مَالٌ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ جَرَّهُ آخَرُ مِنْ الصَّفِّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَقِيقٌ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُ كَفِّ الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ وَتَغْيِيرٌ لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّحَمُّلِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ ثَوْبٍ) أَيْ: مَلْبُوسٍ وَلَوْ نَحْوَ شَدِّ كَتِفِهِ وَالْمُرَادُ الصَّلَاةُ مَعَ انْكِفَافِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ سَابِقًا عَلَى إحْرَامِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَمِثْلُهُ شَدُّ وَسَطِهِ وَلَوْ عَلَى جِلْدِهِ وَغَرْزُ عَذْبَةِ عِمَامَتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الْفُقَهَاءِ يَفْرِشُونَ مَا عَلَى أَكْتَافِهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا وَحَاجَةً كَدَفْعِ غُبَارٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْهُ) أَيْ: حِكْمَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَفُّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِلْقَاعِدِ وَالطَّائِفِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَبَصَقَ أَمَامًا وَيَمِينًا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ أَمَامًا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ الشَّخْصُ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ إكْرَامًا لَهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ اهـ شَرْحُ م ر ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا كُرِهَ الْبَصْقُ عَنْ الْيَمِينِ إكْرَامًا لِلْمَلَكِ وَلَمْ يُرَاعَ مَلَكُ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أُمُّ الْحَسَنَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا تَنَحَّى عَنْهُ مَلَكُ الْيَسَارِ إلَى فَرَاغِهِ مِنْهَا إلَى مَحَلٍّ لَا يُصِيبُهُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْبَصْقُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْقَرِينِ وَهُوَ الشَّيْطَانُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ إكْرَامًا لِلْمَلَكِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي عَلَى أَنَّ فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ وَقْفَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ عَنْ تَوْقِيفٍ.
وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَا يُعَدُّ فِي مُرَاعَاةِ مَلَكِ الْيَمِينِ دُونَ مَلَكِ الْيَسَارِ إظْهَارًا لِشَرَفِ الْأَوَّلِ انْتَهَتْ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَبَصَقَ أَمَامًا وَيَمِينًا) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَيْ: فِي الصَّلَاةِ أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَأَنْ صَلَّى نَفْلًا فِي سَفَرِهِ إلَى صَوْبِ مَقْصِدِهِ أَوْ صَلَّى مُطْلَقًا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ لِغَيْرِهَا وَعَلَى هَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْقِبْلَةَ لَوْ كَانَتْ عَلَى يَسَارِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْبَصْقُ إلَيْهَا عَنْ يَسَارِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ هَذَا لِيَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَأَمَامِهِ وَإِذَا احْتَاجَ فَمَا الْمُقَدَّمُ مِنْ ذَلِكَ يُحَرَّرُ كَاتِبُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبْصُقُ فِي كُمِّهِ جِهَةَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام مَدْفُونٌ جِهَةَ الْيَسَارِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَبْصُقَ فِي ثَوْبِهِ فَإِنَّ فِيهِ إذْهَابَ الصُّورَةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْيَسَارِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا هُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَمَّا فِيهِ فَيَحْرُمُ) أَيْ: إنْ أَصَابَ الْبُصَاقُ شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهِ أَمَّا الْبُصَاقُ عَلَى حُصْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ: وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ تَقْذِيرَ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ الْمَالِكُ إنْ وَضَعَهَا فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ وَمَنْ يَنْتَفِعُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً لِلصَّلَاةِ انْتَهَى ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَمَّا فِيهِ فَيَحْرُمُ) أَيْ: حِينَ بَقِيَ جُرْمُهُ لَا إنْ اسْتَهْلَكَ فِي نَحْوِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ وَحَيْثُ أَصَابَ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ دُونَ هَوَائِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْفَاعِلُ دَاخِلَهُ أَمْ خَارِجَهُ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ التَّقْذِيرُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ كَالْفَصْدِ فِي إنَاءٍ أَوْ عَلَى قُمَامَةٍ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ وَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي هَوَائِهِ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهِ وَأَنَّ الْفَصْدَ مُقَيَّدٌ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهِ مَرْدُودٌ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَمَّا فِيهِ فَيَحْرُمُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ وَتَقْذِيرُهُ وَلَوْ بِالطَّاهِرِ الْجَامِدِ حَرَامٌ وَالْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا الْكَرَاهَةُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَيَجِبُ إخْرَاجُ النَّجَسِ مِنْهُ فَوْرًا عَيْنًا عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ وَاضِعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ مُعَيَّنٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ خَادِمٌ مُعَيَّنٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ إعْلَامُهُ وَإِدْخَالُ الْبُصَاقِ فِيهِ حَرَامٌ أَيْضًا وَجُدْرَانِهِ وَلَوْ مِنْ خَارِجٍ مِثْلِهِ وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ مِنْهُ كَجِصٍّ وَحَجَرٍ وَتُرَابٍ وَغَيْرِهَا وَكَذَا الشَّمْعُ وَالزَّيْتُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَكَذَا يُكْرَهُ عَمَلُ صِنَاعَةٍ فِيهِ أَيْ: الْمَسْجِدِ إنْ كَثُرَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاعْتِكَافِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ خَسِيسَةً تَزْرِي بِالْمَسْجِدِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ حَانُوتًا يَقْصِدُ فِيهِ بِالْعَمَلِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ اهـ وَقَيَّدَ م ر قَوْلَهُ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ حَانُوتًا
خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا بَلْ يَبْصُقُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ وَيَحُكُّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ» وَيَبْصُقُ بِالصَّادِ وَالزَّايِ وَالسِّينِ.
(وَاخْتِصَارٌ) بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَمِثْلُهُمَا الْخُنْثَى.
(وَخَفْضُ رَأْسٍ) عَنْ ظَهْرٍ (فِي رُكُوعٍ) لِمُجَاوَزَتِهِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَحَذَفْت تَقْيِيدَ الْأَصْلِ الْخَفْضَ بِالْمُبَالَغَةِ تَبَعًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ.
(وَصَلَاةٌ بِمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) كَبَوْلٍ وَغَائِطٍ وَرِيحٍ (وَبِحَضْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ (طَعَامٍ) مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ (يَتُوقُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ يَشْتَاقُ (إلَيْهِ)
ــ
[حاشية الجمل]
بِمَا إذَا صَارَ ذَلِكَ الِاتِّخَاذُ مُزْرِيًا بِهِ قَالَ وَلَا يُنَافِيهِ مُقَابَلَتُهُ بِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِزْرَاءَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ ذَاتِ الصَّنْعَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي.
(فَرْعٌ) سُئِلَ م ر عَنْ الْوُضُوءِ عَلَى حَصَا الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً بِهِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(فَرْعٌ) يَحْرُمُ إلْقَاءُ نَحْوِ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً وَلَا يَحْرُمُ إلْقَاؤُهَا خَارِجَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ نَحْوِ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ تُرَابِيًّا وَمِنْ النَّحْوِ الْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ مَنْشَؤُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَوَامِّ الْمَسْجِدِ إعَادَتُهُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً أَيْ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَمُوتَ فِيهِ أَوْ تُؤْذِيَ مَنْ فِيهِ بِخِلَافِ إلْقَائِهَا خَارِجَهُ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ تُرَابِيَّةٍ لِعَدَمٍ تَرَتُّبِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ تَمُوتَ خَارِجَهُ بِلَا أَذًى لِغَيْرِهَا وَمِثْلُ إلْقَائِهَا فِيهِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي نَعْلِهِ مَثَلًا، وَقَدْ عَلِمَ خُرُوجَهَا مِنْهُ إلَى الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ إلْقَاؤُهَا خَارِجَهُ عِبَارَةُ حَجّ، وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا أَوْ دَفْنُهَا فِيهِ حَيَّةً فَظَاهِرٌ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ حِلُّهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا جَاءَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتْفُلُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَدْفِنُونَ الْقَمْلَ فِي حَصَاهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ تَحْرِيمُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ الْقَمْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَصُرَّهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ» وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ مُدْرَكًا؛ لِأَنَّ مَوْتَهَا فِيهِ وَإِيذَاءَهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بَلْ وَلَا غَالِبَ وَلَا يُقَالُ رَمْيُهَا فِيهِ تَعْذِيبٌ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَعِيشُ بِالتُّرَابِ مَعَ أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً كَدَفْنِهَا وَهُوَ الْأَمْنُ مِنْ تَوَقُّعِ إيذَائِهَا لَوْ تُرِكَتْ بِلَا رَمْيٍ أَوْ دَفْنٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا) أَيْ: فِي نَحْوِ تُرَابِهِ، وَأَمَّا الْمُبَلَّطُ فَإِنْ أَمْكَنَ دَلْكُهَا فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ أَلْبَتَّةَ كَانَ كَدَفْنِهَا وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي التَّقْذِيرِ وَمَحَلُّ كَوْنِ دَفْنِهَا بِنَحْوِ تُرَابِهِ كَافٍ إذَا لَمْ يَبْقَ وَيَتَأَذَّى بِهِ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ بِنَحْوِ إصَابَةِ أَثْوَابِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ اهـ ح ل فَالدَّفْعُ قَاطِعٌ لِلْإِثْمِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ إنْ هَيَّأَ لَهَا مَوْضِعًا قَبْلَ بَصْقِهَا ثُمَّ دَفَنَهَا فِيهِ وَفِي الدَّوَامِ دُونَ الِابْتِدَاءِ إنْ بَصَقَهَا قَبْلَ التَّهْيِئَةِ ثُمَّ دَفَنَهَا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ بِالْأَجْنَبِيِّ لِحَاجَةٍ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ: فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَإِلَّا بَصَقَ عَنْ يَمِينِهِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ نَهَى أَنْ يُصَلِّي الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا) الصَّلَاةُ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ خَارِجُهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَفِعْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ خَارِجَهَا وَفِعْلُ الْمُخَنَّثِينَ وَالنِّسَاءِ لِلتَّعَجُّبِ وَلَمَّا صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ فِيهَا وَلِأَنَّ إبْلِيسَ أَهُبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ أَوْ يُشَبِّكَهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَأَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ فِيهَا مِمَّا يَعْلَقُ بِهِ مِنْ نَحْوِ غُبَارٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ إنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ فِيهَا أَيْ: فِي الصَّلَاةِ وَأَهْلُ النَّارِ هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَهُمْ يَسْتَرِيحُونَ فِي صَلَاتِهِمْ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ يَتُوقُ إلَيْهِ) وَتَوَقَانُ النَّفْسِ فِي غَيْبَةِ الطَّعَامِ بِمَنْزِلَةِ حُضُورِهِ إنْ رُجِيَ حُضُورُهُ عَنْ قُرْبٍ بِحَيْثُ لَا يَفْحُشُ بِهِ التَّأْخِيرُ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّوْقِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مَا يَزُولُ بِهِ ذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْأَعْذَارِ الْمُرَخِّصَةِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ حَاجَتَهُ بِكَمَالِهَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ، وَأَمَّا مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا يَكْسِرُ بِهَا حِدَّةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَلَامُهُ هَذَا يُخَالِفُ الْأَصْحَابَ وَجَعَلَ الْعُذْرَ قَائِمًا إلَى الشِّبَعِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى الشِّبَعِ يَعْنِي مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ الْمَذْكُورَةُ هُنَا وَوَجْهُ عَدَمِ اللُّزُومِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَنْقَطِعَ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ تَنَاوُلِ مَا يَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ وَإِنْ طُلِبَ مِنْهُ اسْتِيفَاءُ الشِّبَعِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ اسْتِيفَائِهِ اسْتِمْرَارُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ أَكْلِ اللُّقَمِ اهـ وَقَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا بِأَنْ يَسَعَهَا كُلَّهَا أَدَاءً بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْ: يُشْتَاقُ إلَيْهِ) تَفْسِيرُ مُرَادٍ مِنْ التَّوْقُ وَإِلَّا فَهُوَ شِدَّةُ الشَّوْقِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ أَيْ: يُشْتَاقُ إلَيْهِ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ جُوعُهُ وَلَا عَطَشُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْفَاكِهَةِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ وَهُوَ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ التَّقْيِيدُ
لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ أَيْ: كَامِلَةً بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» أَيْ: الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَتَعْبِيرِي بِمُدَافَعَةِ حَدَثٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ حَاقِنًا أَوْ حَاقِبًا أَيْ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ.
(وَبِحَمَّامٍ) وَمِنْهُ مَسْلَخَةٌ (وَطَرِيقٌ) فِي بُنْيَانٍ لَا بَرِيَّةٍ (وَنَحْوُ مَزْبَلَةٍ) وَهِيَ مَوْضِعُ الزِّبْلِ كَمَجْزَرَةٍ وَهِيَ مَوْضِعُ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ (و) نَحْوُ (كَنِيسَةٍ) وَهِيَ مَعْبَدُ الْيَهُودِ
ــ
[حاشية الجمل]
بِالشَّدِيدَيْنِ فَاحْذَرْهُ.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُهُ تَتُوقُ إلَيْهِ شَامِلٌ لِمَنْ لَيْسَ بِهِ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ قَدْ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ بَلْ لَوْ لَمْ يُحْضِرْ ذَلِكَ وَحَصَلَ التَّوَقَانُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْ: كَامِلَةً) يَجُوزُ نَصْبُهُ صِفَةً لِصَلَاةٍ وَرَفْعُهُ صِفَةٌ لَهَا بِالنَّظَرِ لِلْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ فِيهِ أَنَّ الْوَاوَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْخَبَرِ وَلَا عَلَى الصِّفَةِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ جُمْلَةُ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ حَالًا وَيُقَدَّرُ الْخَبَرُ كَامِلَةً أَيْ: لَا صَلَاةَ كَامِلَةً حَالَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ حَاقِنًا إلَخْ) عِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِ م ر وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالنُّونِ أَيْ: بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: بِالْغَائِطِ بِأَنْ يُدَافِعَ ذَلِكَ أَوْ حَازِقًا بِالزَّايِ وَالْقَافِ أَيْ: مُدَافِعًا لِلرِّيحِ أَوْ حَاقِنًا بِهِمَا بَلْ السُّنَّةُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ بِطُرُوِّ ذَلِكَ لَهُ فِيهِ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ ضَرَرٍ بِكَتْمِهِ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فَلَهُ حِينَئِذٍ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَتَأْخِيرُهُ عَنْ الْوَقْتِ وَالْعِبْرَةُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ بِوُجُودِهِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ وَيَلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ فَرَدَّهُ وَعَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَعُودُ لَهُ فِي أَثْنَائِهَا انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا أَيْ: فَإِنْ ضَاقَ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ أَيْ: مَعَ ذَلِكَ إلَّا إنْ خَافَ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ بَيْنَ حُصُولِهِ فِيهَا أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مِنْ الْفَرْضِ خَرَجَ بِهِ النَّفَلُ فَلَا يَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ نَفْلٍ دَخَلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِتْمَامِ لَا يَلْحَقُهُ بِالْفَرْضِ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ عِنْدَ طُرُوءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَبِحَمَّامٍ) أَيْ: فِيهِ فَخَرَجَ سَطْحُهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَمِثْلُ الْحَمَّامِ كُلُّ مَحَلِّ مَعْصِيَةٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كُلُّ مَحَلِّ مَعْصِيَةٍ كَالصَّاغَةِ وَمَحَلِّ الْمَكْسِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَعْصِيَةُ مَوْجُودَةً حِينَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ مَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ وَتُنْدَبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَمَّامِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَذَا كُلُّ صَلَاةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا عَلَى وَجْهٍ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَخَارِجُ الْوَقْتِ مِرَارًا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ مَسْلَخُهُ أَيْ مَكَانُ سَلْخِ الثِّيَابِ أَيْ نَزْعِهَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ سَلَخْت الشَّاةَ سَلْخًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَنَفَعَ قَالُوا وَلَا يُقَالُ فِي الْبَعِيرِ سَلَخْت جِلْدَهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ كَشَطْته وَنَحَوْته وَنَحَّيْته وَالْمَسْلَخُ مَوْضِعُ سَلْخِ الْجِلْدِ اهـ فَكَأَنَّهُ تَجُوزُ بِإِطْلَاقِ الْمَسْلَخِ عَلَى مَوْضِعِ نَزْعِ الثِّيَابِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَبِحَمَّامٍ) أَيْ: غَيْرِ جَدِيدٍ بِأَنْ كُشِفَتْ فِيهِ الْعَوْرَاتُ وَإِنْ دَرَسَ أَوْ هُجِرَ مَا لَمْ يُتَّخَذْ نَحْوُ مَسْجِدٍ، وَأَمَّا الْحَمَّامُ الْجَدِيدُ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ خِلَافًا لحج وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْحَشِّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ مِنْ الِابْتِدَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ح ل وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ أَيْ: الْحَمَّامِ وَبَيْنَ الْخَلَاءِ الْجَدِيدِ بِأَنَّ الْخَلَاءَ يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا وَمَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ بِمُجَرَّدِ اتِّخَاذِهِ وَالْحَمَّامُ لَا يَصِيرُ مَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ إلَّا بِكَشْفِ الْعَوْرَةِ انْتَهَتْ. وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الْكُلِّ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا خَشْيَةَ خُرُوجِ وَقْتٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ عَنْهَا الْفَسَادَ عِنْدَنَا بِخِلَافِ كَرَاهَةِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْأَوْقَاتِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهَا أَوْقَاتًا مَخْصُوصَةً لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا فَكَانَ الْخَلَلُ فِيهَا أَشَدَّ بِخِلَافِ الْأَمْكِنَةِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي كُلِّهَا وَلَوْ كَانَ الْمَحَلُّ مَغْصُوبًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهِ كَالْحَرِيرِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُنْفَكٍّ عَنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَطَرِيقُ) لَوْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ حَيْثُ يَقَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ كُرِهَ وَإِلَّا كَأَنْ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَذْهَبْ خُشُوعُهُ فَلَا كَذَا قَرَّرَهُ م ر اهـ سم.
(قَوْلُهُ لَا بَرِّيَّةٌ) ضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى طَرِيقٍ يَنْدُرُ طَارِقُوهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلنَّجَاسَةِ لِعَدَمِ مُرُورِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا فِيهَا اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ التَّحْقِيقُ أَنَّ مَدَارَ الْكَرَاهَةِ عَلَى كَثْرَةِ مُرُورِ النَّاسِ وَمَدَارُ عَدَمِهَا عَلَى عَدَمِ الْكَثْرَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى خُصُوصِ الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ انْتَهَتْ. وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَ شَبَابِيكِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ عَلَى الشَّوَارِعِ فَتَرْكُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِيهَا أَوْلَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَنَحْوُ مَزْبَلَةٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَكَنِيسَةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَقَوْلُهُ كَبِيعَةٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْنَا دُخُولُهُمَا عِنْدَ مَنْعِهِمْ لَنَا مِنْهُ وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهَا
كَبَيْعَةٍ وَهِيَ مَعْبَدُ النَّصَارَى (و) نَحْوُ (عَطَنِ إبِلٍ) وَلَوْ طَاهِرًا كَمُرَاحِهَا الْآتِي وَالْعَطَنُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنَحَّى إلَيْهِ الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا فَإِذَا اجْتَمَعَتْ سِيقَتْ مِنْهُ إلَى الْمَرْعَى وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَبِمَقْبَرَةٍ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ نُبِشَتْ أَمْ لَا لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْجَمِيعِ خَلَا الْمَرَاحَ وَسَيَأْتِي وَخَلَا نَحْوَ الْكَنِيسَةِ فَأُلْحِقَتْ بِالْحَمَّامِ وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا أَنَّهُمَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهِ وَقَطْعُ الْخُشُوعِ وَفِي نَحْوِ الْمَزْبَلَةِ وَالْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ نَجَاسَتُهُمَا تَحْتَ مَا يُفْرَشُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يُفْرَشْ شَيْءٌ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ وَفِي غَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ نَجَاسَةُ مَا تَحْتَهَا بِالصَّدِيدِ وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ نِفَارُهَا الْمُشَوَّشُ لِلْخُشُوعِ وَأُلْحِقَ بِهِ مُرَاحُهَا بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ مَأْوَاهَا لَيْلًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِ وَلِهَذَا لَا تُكْرَهُ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَلَا فِيمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا مِنْ مِثْلِ عَطَنِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كَالْغَنَمِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ
ــ
[حاشية الجمل]
صُورَةٌ مُعَظَّمَةٌ كَمَا سَيَأْتِي اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَكَنِيسَةٍ) أَيْ: وَلَوْ جَدِيدَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَمَّامِ الْجَدِيدِ بِغِلَظِ أَمْرِهَا بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ فَأَشْبَهَتْ الْخَلَاءَ الْجَدِيدَ بَلْ أَوْلَى اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَهِيَ مَعْبَدُ النَّصَارَى) وَعَكْسُ ذَلِكَ الَّذِي اُشْتُهِرَ فِي الْعُرْفِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَمَاكِنِ الْكُفَّارِ كَهُمَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَعَطَنِ إبِلٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ كَالْوَطَنِ لِلنَّاسِ إلَّا أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى مَبْرَكِهَا عِنْدَ الْحَوْضِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِمَقْبَرَةٍ) يُسْتَثْنَى مَقْبَرَةُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ بَلْ وَيَنْكِحُونَ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي: وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ كَمَا يُفْعَلُ فِي الدُّنْيَا وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسَ عَلَيْهَا وَمِثْلُهُمْ الشُّهَدَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهِمْ شُهَدَاءُ الْمَعْرَكَةِ وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ مُتَوَجِّهًا قَبْرَ نَبِيٍّ وَتُكْرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا تَبْطُلُ فِيهِمَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ قَصَدَ التَّعْظِيمَ وَالتَّبَرُّكَ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ أَيْضًا فِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِإِخْبَارِهِ بِأَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ الْآذَانِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَبِحَمَّامٍ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَهِيَ عَشْرُ مَسَائِلَ تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بِالتَّأَمُّلِ فَاسْتَدَلَّ عَلَى سَبْعَةٍ مِنْهَا بِالنَّهْيِ وَقَاسَ ثَلَاثَةً مِنْهَا فَأَشَارَ إلَى الْقِيَاسِ بِقَوْلِهِ فَأُلْحِقَتْ أَيْ: نَحْوُ الْكَنِيسَةِ وَفِيهِ ثِنْتَانِ وَسَيَقِيسُ مَرَاحَ الْإِبِلِ عَلَى عَطَنِهَا فَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي أَيْ: اسْتِدْلَالًا وَتَعْلِيلًا وَأَشَارَ إلَى تَعْلِيلِ الْجَمِيعِ عَقْلًا بِقَوْلِهِ وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ: فِي الْمُلْحَقِ وَهُوَ نَحْوُ الْكَنِيسَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ثِنْتَانِ وَالْمُلْحَقُ بِهِ وَهُوَ الْحَمَّامُ وَقَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهِ أَيْ بِالْعَطَنِ فِي الْحُكْمِ وَالتَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا أَيْ: لِعَدَمِ الْعِلَّةِ وَهِيَ النِّفَارُ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَفِي نَحْوِ الْمُزِيلَةِ وَالْمَقْبَرَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَعِلَّتُهَا أَيْ الْكَرَاهَةُ فِي الْمَقْبَرَةِ مُحَاذَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ سَوَاءٌ مَا تَحْتَهُ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَفْتَرِقْ الْكَرَاهَةُ بَيْنَ الْمَنْبُوشَةِ بِحَائِلٍ وَغَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْقَدِيمَةِ وَالْجَدِيدَةِ بِأَنْ دُفِنَ فِيهَا أَوَّلُ مَيِّتٍ بَلْ لَوْ دُفِنَ مَيِّتٌ بِمَسْجِدٍ كَانَ كَذَلِكَ وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمُحَاذَاةِ لِبُعْدِ الْمَوْتَى عَنْهُ عُرْفًا وَيُسْتَثْنَى كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْشِيحِ مَقَابِرُ الْأَنْبِيَاءِ أَيْ: إذَا كَانَتْ لَيْسَ فِيهَا مَدْفُونٌ سِوَى نَبِيٍّ أَوْ أَنْبِيَاءَ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَكْلَ أَجْسَادِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَقَابِرُ شُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ وَاعْتِرَاضُ الزَّرْكَشِيّ كَلَامَ التَّوْشِيحِ بِأَنَّ تَجْوِيزَ الصَّلَاةِ فِي مَقْبَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ ذَرِيعَةٌ إلَى اتِّخَاذِهَا مَسْجِدًا وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ اتِّخَاذِ مَقَابِرِهِمْ مَسْجِدًا وَسَدُّ الذَّرَائِعِ مَطْلُوبٌ لَا سِيَّمَا مَعَ تَحْرِيمِ اسْتِقْبَالِ رَأْسِ قُبُورِهِمْ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ هُنَا أَيْ يُشْتَرَطُ فِي تَحَقُّقِ الْحُرْمَةِ قَصْدُ اسْتِقْبَالِهَا لِتَبَرُّكٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَيْهَا اسْتِقْبَالُ رَأْسِهِ وَلَا اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ قَبْرِ غَيْرِهِمْ مَكْرُوهٌ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ لَا تُصَلُّوا إلَيْهَا فَحِينَئِذٍ الْكَرَاهَةُ لِشَيْئَيْنِ اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ وَمُحَاذَاةُ النَّجَاسَةِ وَالثَّانِي مُنْتَفٍ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ كَوْنُ اسْتِقْبَالِهَا لِلتَّبَرُّكِ أَوْ نَحْوِهِ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشِّرْكِ وَتُكْرَهُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْأَدَبِ وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَوْدِيَةِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ نِفَارُهَا) فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَدِيثُ «إنَّ الْإِبِلَ خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ وَإِنَّ وَرَاءَ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانًا» قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ مَعْنَاهُ أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ طِبَاعِ الشَّيَاطِينِ وَأَنَّ الْبَعِيرَ إذَا نَفَرَ كَانَ نِفَارُهُ مِنْ شَيْطَانٍ يَعْدُو خَلْفَهُ فَيُنَفِّرُهُ أَلَا تَرَى إلَى هَيْئَتِهَا وَعَيْنِهَا إذَا نَفَرَتْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهَا مُرَاحُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِعَطَنِهَا بَلْ مَأْوَاهَا وَمَقِيلُهَا وَمَبَارِكُهَا بَلْ وَسَائِرُ مَوَاضِعِهَا كَذَلِكَ وَالْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَطَنِ أَشَدُّ مِنْ مَأْوَاهَا؛ إذْ نِفَارُهَا فِي الْعَطَنِ أَكْثَرُ نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِي عَطَنِهَا الطَّاهِرِ حَالَ غَيْبَتِهَا عَنْهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَمَتَى كَانَ بِمَحَلِّ الْحَيَوَانِ نَجَاسَةٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ لِعِلَّتَيْنِ وَفِي غَيْرِهَا لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَجْهُ هَذَا النَّظَرِ أَنَّ إلْحَاقَ الْبَقَرِ بِالْإِبِلِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهَا بِالْغَنَمِ وَاَللَّهُ