المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَابُ الْغُسْلِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا (مُوجِبُهُ) خَمْسَةٌ (مَوْتٌ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ١

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا]

- ‌[فَرْعٌ دُخَانُ النَّجَاسَةِ]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي مُقْتَضِي سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ النَّفْلِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعْهُمَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ قَصْرِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

الفصل: ‌ ‌(بَابُ الْغُسْلِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا (مُوجِبُهُ) خَمْسَةٌ (مَوْتٌ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ

(بَابُ الْغُسْلِ)

بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا (مُوجِبُهُ) خَمْسَةٌ (مَوْتٌ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ

ــ

[حاشية الجمل]

[بَابُ الْغُسْلِ]

هُوَ لُغَةً سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا بَدَنًا أَوْ غَيْرَهُ وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ بِنِيَّةٍ وَاجِبَةٍ فِي غَيْرِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَنْدُوبَةٍ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ الْفَاعِلِ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَمَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ يَجِبُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نُسِخَ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي حَدِيثٍ أَوْ أَثَرٍ أَوْ نَقْلٍ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ ثَانِي مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ وَأُخِّرَ عَنْ الْوُضُوءِ لِقِلَّتِهِ كَمَا أُخِّرَتْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُمَا لِذَلِكَ وَلِصِحَّتِهِمَا مَعَهَا قِيلَ وَكَانَ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ نُسِخَ وَسَكَتُوا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَيَقْرُبُ كَوْنُهُ مِنْ خَصَائِصِهَا، قَالَ السُّهَيْلِيُّ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَقِيَّةً مِنْ دِينِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا بَقِيَ مِنْهُ الْحَجُّ وَالنِّكَاحُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مُنْحَصِرٌ فِي ثَلَاثِ أَطْرَافٍ: الْأَوَّلُ فِي مُوجِبَاتِهِ، وَالثَّانِي فِي وَاجِبَاتِهِ، وَالثَّالِثُ فِي سُنَنِهِ وَلَا يَجِبُ فَوْرًا أَصَالَةً، وَلَوْ عَلَى الزَّانِي خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مَعْنَاهُ لُغَةً وَشَرْعًا لِطُولِ الْعِبَارَةِ فِيهِ وَلِلِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهِ مَصْدَرًا أَوْ اسْمَ مَصْدَرٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ: وَهَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِإِسْقَاطِ التَّعْرِيفِ فَانْظُرْ مَا حِكْمَةُ إسْقَاطِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ) أَيْ مَصْدَرُ الْغُسْلِ وَاسْمُ مَصْدَرٍ لَاغْتَسَلَ وَقَوْلُهُ وَبِضَمِّهَا أَيْ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِهِ. وَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ مِنْ الضَّمِّ وَأَفْصَحُ لُغَةً لَكِنَّ الضَّمَّ أَشْهَرُ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْكَارُهُ غَلَطٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحَيْثُ ضُمَّ جَازَ فِيهِ ضَمُّ ثَانِيهِ تَبَعًا لِأَوَّلِهِ اهـ فَيْض اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ غَسَلَ غَسْلًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالِاسْمُ الْغُسْلُ بِالضَّمِّ وَجَمْعُهُ أَغْسَالٌ، مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْمَضْمُومَ وَالْمَفْتُوحَ بِمَعْنًى وَعَزَاهُ إلَى سِيبَوَيْهِ، وَقِيلَ الْغُسْلُ بِالضَّمِّ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ الِاغْتِسَالِ.

وَفِي التَّهْذِيبِ الْغُسْلُ بِالضَّمِّ تَمَامُ غَسْلِ الْجَسَدِ كُلِّهِ، وَالْمَصْدَرُ الْغَسْلُ بِالْفَتْحِ اهـ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَاقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي غَسْلِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغُسْلَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِضَمِّ الْغَيْنِ فِي غَسْلِ الْبَدَنِ أَشْهَرُ مِنْ الْفَتْحِ وَالْفَتْحُ فِي غَسْلِ الثَّوْبِ أَشْهَرُ مِنْ الضَّمِّ فَافْهَمْ اهـ مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ مُوجِبُهُ) أَيْ السَّبَبُ فِي وُجُوبِهِ مَوْتٌ أَيْ، وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ السِّقْطُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ م ر اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا مُوجِبُهُ مَوْتٌ) الْمُوجِبُ بِكَسْرِ الْجِيمِ الْمُقْتَضِي لِلشَّيْءِ وَالطَّالِبُ لَهُ وَالْمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْمُوجِبِ بِكَسْرِهَا وَيُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلِ بِالسَّبَبِ وَعَنْ الثَّانِي بِالْمُسَبَّبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ سم وَالْمُرَادُ بِالْمُوجِبِ مَا يَشْمَلُ الْإِيجَابَ عَلَى الْغَيْرِ لِقَوْلِهِ مَوْتٌ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ مُوجِبَةٌ لِذَاتِهَا فَلَا تَرِدُ النَّجَاسَةُ الْمَجْهُولَةُ فِي الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ تَعْمِيمِ الْبَدَنِ لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَا لِذَاتِ النَّجَاسَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَ الْمَوْتَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْإِيجَابَ عَلَى الشَّخْصِ نَفْسِهِ وَإِلَى أَنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْغَيْرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْعَيْنِ اهـ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ الْوَاجِبُ فِي مَسْأَلَةِ النَّجَاسَةِ لَيْسَ خُصُوصَ الْغُسْلِ بَلْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ فَرَضَ كَشْطَ الْجِلْدِ كَفَى بِخِلَافِهِ فِي الْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَكْفِي كَشْطُ الْجِلْدِ انْتَهَتْ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيّ قَوْلُهُ مُوجِبُهُ مَوْتٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ بِمَعْنَى سَبَبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ أَوْ وَجَبَ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا فِي الْكَافِرِ وَالْمَيِّتِ، وَالْمُرَادُ الْمُوجِبُ لِذَاتِهِ فَلَا يَرِدُ تَنَجُّسُ جَمِيعِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ بِكَشْطِ الْجِلْدِ مَثَلًا فَمَا فِي التَّحْرِيرِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مَوْتٌ) وَهُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ الْحَيَاةُ، وَقِيلَ عَرَضٌ يُضَادُّهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَمِثْلُهُ مَا يَلِيهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَدَمُ الْحَيَاةِ أَيْ بِالْفِعْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ وُجُودِيٌّ أَيْ كَيْفِيَّةٌ يَخْلُقُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَيِّ تُضَادُّ الْحَيَاةَ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ عَدَمِيٌّ أَيْ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّنْ اتَّصَفَ بِهَا وَعَلَى هَذَا فَالتَّقَابُلُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ تَقَابُلُ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَقَابُلُ التَّضَادِّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ، وَقِيلَ عَرَضٌ يُضَادُّهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِيَ سَبْقَ الْحَيَاةِ فَيَدْخُلُ السِّقْطُ فِي الْمَيِّتِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

وَفِي التُّحْفَةِ مَا يَقْضِي خِلَافَهُ حَيْثُ جَعَلَ الْمَوْتَ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ صَادِقًا عَلَى السِّقْطِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ سم بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُقَارَنَةِ سَبْقُ الْوُجُودِ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ

ص: 149

لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ.

(وَحَيْضٌ) لِآيَةِ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] أَيْ الْحَيْضِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِيمَا يَأْتِي الِانْقِطَاعُ وَالْقِيَامُ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّحْقِيقِ بِالِانْقِطَاعِ.

ــ

[حاشية الجمل]

الْمُرَادُ بِهَا مَعْنَى الْعَدَمِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ إلَخْ رَاجِعًا إلَيْهِ أَيْضًا لَكِنْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ اتِّحَادُ هَذَا مَعَ الثَّانِي اهـ هَذَا.

وَفِي الْمَقَاصِدِ إبْقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَرَدُّ الثَّانِي إلَيْهِ وَعِبَارَتُهُ وَالْمَوْتُ زَوَالُهَا أَيْ الْحَيَاةِ أَيْ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّنْ يَتَّصِفُ بِهَا بِالْفِعْلِ، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ قَالَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ أَيْ عَمَّا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ وَصِفَتِهِ الْحَيَاةُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ عَدَمُ مَلَكَةٍ كَالْعَمَى الطَّارِئِ بَعْدَ الْبَصَرِ لَا كَمُطْلَقِ الْعَدَمِ هَذَا.

وَفِي حَوَاشِي السُّيُوطِيّ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْمَوْتَ جِسْمٌ وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا الْجِسْمَ الَّذِي هُوَ عَلَى صُورَةِ كَبْشٍ لَا يَمُرُّ بِحَيٍّ إلَّا مَاتَ كَمَا أَنَّ الْحَيَاةَ الَّتِي هِيَ جِسْمٌ عَلَى صُورَةِ فَرَسٍ لَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إلَّا حَيِيَ. وَأَمَّا الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْبَدَنِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ، فَإِنَّمَا هُوَ أَثَرُهُ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ تَسْمِيَتُهُ بِالْمَوْتِ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ لَا الْحَقِيقَةِ أَوْ مِنْ بَابِ الْمُشْتَرَكِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَمْرُ فِي النِّزَاعِ قَرِيبٌ اهـ.

وَرَدَّهُ حَجّ فِي عَامَّةِ فَتَاوِيهِ فَقَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا جِسْمٍ، وَحَدِيثُ يُؤْتَى بِالْمَوْتِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ إلَخْ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ اهـ ثُمَّ صَحَّحَ كَوْنَهُ أَمْرًا وُجُودِيًّا اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِ الْمَوْتِ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ، وَمِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ الدَّالِّ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ فَغَرَضُهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى الدَّعْوَى وَالِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ تَقْيِيدِ كَلَامِهِ هُنَا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّ الشَّهِيدَ يَحْرُمُ غُسْلُهُ وَالْكَافِرُ لَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَالسِّقْطُ الَّذِي بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَلَمْ تَظْهَرْ إمَارَةُ حَيَاتِهِ يَجِبُ غُسْلُهُ مَعَ أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ سَبْقَ مَوْتٍ لَهُ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَاكَ غُسْلَ السِّقْطِ الْمَذْكُورِ انْتَهَتْ وَالدَّلِيلُ الَّذِي يَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَفِي م ر هُوَ الْإِجْمَاعُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ مَا هُنَاكَ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْحَيْضُ) اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ أَيْ زَمَنُ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ نَفْسَ الْحَيْضِ فِيمَا قَبْلَهُ بِلَفْظِ الْأَذَى فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْحَيْضِ الْمَحِيضَ لَكَانَ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّفْسِيرِ بِالْحَيْضِ يَحُوجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ لَفْظُ زَمَنُ اهـ رَشِيدِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ أَيْ الْحَيْضُ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى زَمَنِهِ وَعَلَى مَكَانِهِ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ، وَإِنَّمَا دَلَّتْ عَلَى حُرْمَةِ الْقُرْبَانِ قَبْلَ الْغُسْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ التَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْغُسْلِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ فَهُوَ وَاجِبٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ الْحَيْضُ) أَيْ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلِاعْتِزَالِ فِي نَفْسِ الْحَيْضِ أَيْ الدَّمِ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْحَيْضِ مُوَافَقَةً لِلْمَتْنِ اهـ أَطْفِيحِيٌّ وَالِاعْتِزَالُ، وَإِنْ كَانَ شَامِلًا لِسَائِرِ بَدَنِهَا إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ بَيَّنَتْ ذَلِكَ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَلَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى مَكَانِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَيْهِ يُوهِمُ مَنْعَ قُرْبَانِهَا فِي مَحِلِّهِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ وَيُوهِمُ أَيْضًا أَنَّ الِاعْتِزَالَ خَاصٌّ بِالْفَرْجِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا حف. (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ فَهُوَ سَبَبٌ بِشَرْطِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ، وَقِيلَ يَجِبُ بِالْخُرُوجِ فَقَطْ، وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِغُسْلِ الشَّهِيدِ الْجُنُبِ فَاسْتَشْهَدَتْ حَائِضٌ، فَإِنَّا نُغَسِّلُهَا عَلَى هَذَا دُونَ الْآخَرِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ) الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ إمَّا حَقِيقَةً بِأَنْ أَرَادَ صَلَاةَ مَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ مِنْ نَافِلَةٍ أَوْ مَقْضِيَّةٍ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، إذْ بِدُخُولِهِ تَجِبُ الصَّلَاةُ وَيَجِبُ تَحْصِيلُ شُرُوطِهَا، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْفِعْلَ فَهُوَ مُرِيدٌ حُكْمًا لِكَوْنِ الشَّارِعِ أَلْجَأَهُ إلَى الْفِعْلِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْإِرَادَةِ فَهُوَ مُرِيدٌ بِالْقُوَّةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوجِبَ الِانْقِطَاعُ مَعَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ الْإِرَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ دُخُولُ الْوَقْتِ اهـ شَيْخُنَا حف. (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ) أَيْ صَحَّحَ اعْتِبَارَ الِانْقِطَاعِ وَالْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ فِي نَحْوِ الْحَيْضِ فَالْمُصَحَّحُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ مَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي الْخُرُوجَ وَالِانْقِطَاعَ وَالْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ، وَهَذَا التَّصْحِيحُ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي كُلٍّ مِنْ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ بَلْ هِيَ مُوَزَّعَةٌ فَالثَّلَاثَةُ فِي غَيْرِ التَّحْقِيقِ وَاثْنَانِ مِنْهَا فِي التَّحْقِيقِ وَبِهَذَا صَحَّ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّحْقِيقِ بِالِانْقِطَاعِ فَلَا تَنَافِي أَوْ يُقَالُ صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ تَلْوِيحًا، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ صَرِيحًا فَتَأَمَّلْ انْتَهَى شَيْخُنَا أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ يَجِبُ بِإِرَادَةِ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الِانْقِطَاعُ فَهُوَ صَحَّحَهُ ضِمْنًا اهـ عَنَانِيٌّ وَعِبَارَتُهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّحْقِيقِ) إلَخْ عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَالْخُرُوجُ وَإِرَادَةُ الصَّلَاةِ.

ص: 150

(وَنِفَاسٌ) ؛ لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٌ مُجْتَمِعٌ (وَنَحْوُ وِلَادَةٍ) مِنْ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ، وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَجَنَابَةٌ) وَتَحْصُلُ لِآدَمِيٍّ حَيٍّ فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ بِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

اهـ وَمِنْ لَازِمِ إرَادَةِ الصَّلَاةِ الِانْقِطَاعُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مُوجِبُهُ الْحَيْضُ وَالِانْقِطَاعُ وَإِرَادَةُ نَحْوِ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِانْقِطَاعَ صَرِيحًا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَبَيَّنَ قَوْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ إلَخْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَنِفَاسٌ) هُوَ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَ عَلَيْهَا غُسْلَانِ أَحَدُهُمَا لِهَذَا الدَّمِ وَالْآخَرُ لِلْوِلَادَةِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَنِفَاسٌ إنْ قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا تَلَازُمَ؛ لِأَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ، ثُمَّ طَرَأَ الدَّمُ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهَذَا الدَّمُ يَجِبُ لَهُ الْغُسْلُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ وَهِيَ حَامِلٌ أَمَّا هِيَ فَيَجُوزُ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا حَالَ الْحَمْلِ الْبَعْضُ لَا الْكُلُّ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَنَحْوُ وِلَادَةٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَحِلِّهَا الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِيهِ وَفَصَلَ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ عَنَانِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَنَحْوُ وِلَادَةٍ أَيْ، وَلَوْ لِأَحَدِ تَوْأَمَيْنِ فَيَجِبُ بِهَا الْغُسْلُ وَيَصِحُّ مِنْهَا قَبْلَ وِلَادَةِ الْآخَرِ حَيْثُ لَمْ تَرَ دَمًا مُعْتَبَرًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا وِلَادَةٌ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مِنْ طَرِيقِهَا الْمُعْتَادِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَلَوْ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ، وَقَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي انْسِدَادِ الْفَرْجِ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي خُرُوجِ الْمَنِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَارِضًا أَوْ خِلْقِيًّا، وَنُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ الزِّيَادِيِّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ) أَيْ أَخْبَرَ الْقَوَابِلَ بِأَنَّهُمَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ، وَلَوْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ انْتَهَى شَيْخُنَا حف.

فَلَوْ أَلْقَتْ قِطْعَةَ لَحْمٍ أَوْ دَمًا جَامِدًا، وَلَمْ يَتَخَلَّقْ، وَلَمْ تُخْبِرْ الْقَوَابِلَ بِأَنَّهَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ أَوْ عَلَقَةٌ أَوْ مُضْغَةٌ كَذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ أَوْ الْوُضُوءُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَكَّ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُ مَنِيٌّ أَوْ وَدْيٌ وَسُئِلَ الْعَلَامَةُ م ر عَمَّا لَوْ عَضَّ كَلْبٌ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَخَرَجَ مِنْ فَرْجِهِ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فَهَلْ هَذَا الْحَيَوَانُ نَجِسٌ كَالْكَلْبِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ وَطْءِ كَلْبٍ لِحَيَوَانٍ طَاهِرٍ حَتَّى يَجِبَ تَسْبِيعُ الْمَخْرَجِ مِنْهُ، وَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِهِ؛ لِأَنَّهُ وِلَادَةٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ غَيْرُ نَجِسٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ مَاءِ الْكَلْبِ وَأَنَّهُ لَا غُسْلَ بِخُرُوجِهِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلْغُسْلِ هِيَ الْوِلَادَةُ الْمُعْتَادَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ دُودٌ مِنْ الْجَوْفِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ حَيَوَانٌ تَوَلَّدَ فِي الْجَوْفِ وَخَرَجَ مِنْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا لَا تُوجِبُ الْغُسْلَ مُتَمَسِّكًا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ اهـ شَيْخُنَا حف وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ الْوِلَادَةُ بِلَا بَلَلٍ فِي نِسَاءِ الْأَكْرَادِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِهَا لِلْمَحَلِّيِّ، وَكَذَا وِلَادَةٌ بِلَا بَلَلٍ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَالثَّانِي يَقُولُ الْوَلَدُ لَا يُسَمَّى مَنِيًّا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ الْغُسْلُ عَقِبَهَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ بِتَصْحِيحِهِ فِي إلْقَاءِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ بِلَا بَلَلٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَنَحْوِهَا وَفِيهِ أَنَّ الْوِلَادَةَ وَإِلْقَاءَ مَا ذُكِرَ لَيْسَا مَنِيًّا؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ خُرُوجُ الْوَلَدِ، وَكَذَا الْعَلَقَةُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ذُو دَلَالَةٍ عَلَى الْمَنِيِّ أَوْ ذُو مَنِيٍّ مُنْعَقِدٍ اهـ ع ش اهـ أَطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ) ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ الْغُسْلُ عَقِبَهُمَا وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ وَتَفْطُرُ بِهِ لَوْ كَانَتْ صَائِمَةً وَلَا يَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ وَأَقَرَّهُ الْعَلَّامَةُ الطَّبَلَاوِيُّ.

وَأَمَّا إلْقَاءُ بَعْضِ الْوَلَدِ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، وَإِنْ عَادَ فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَعِنْدَ الْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَلَا يَجِبُ إلَّا بِإِلْقَاءِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ حُكْمَ الْوَلَدِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الْفِطْرُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَوُجُوبِ الْغُسْلِ وَأَنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ بَعْدَ كُلٍّ يُسَمَّى نِفَاسًا وَتَزِيدُ الْمُضْغَةُ عَلَى الْعَلَقَةِ بِكَوْنِهَا تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ وَيَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِبْرَاءُ وَيَزِيدُ الْوَلَدُ عَنْهُمَا بِأَنَّهُ تَثْبُتُ بِهِ أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ وَوُجُوبُ الْغُرَّةِ فِيهِمَا بِخِلَافِهِمَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(فَائِدَةٌ) يَثْبُتُ لِلْعَلَقَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْوِلَادَةِ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَفِطْرُ الصَّائِمَةِ بِهَا وَتَسْمِيَةُ الدَّمِ عَقِبَهَا نِفَاسًا وَيَثْبُتُ لِلْمُضْغَةِ ذَلِكَ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَحُصُولُ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ لَمْ يَقُولُوا فِيهَا صُورَةٌ أَصْلًا، فَإِنْ قَالُوا فِيهَا صُورَةٌ، وَلَوْ خَفِيَّةً وَجَبَ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ غُرَّةٌ وَثَبَتَ مَعَ ذَلِكَ بِهَا أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ أَكْلُهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر.

(قَوْلُهُ وَجَنَابَةٌ) وَهِيَ لُغَةً الْبُعْدُ وَشَرْعًا أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ أَيْ اعْتِبَارِيٌّ يَقُومُ بِالْبَدَنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَاسْتُعْمِلَتْ

ص: 151

(بِدُخُولِ حَشَفَةٍ أَوْ قَدْرِهَا) مِنْ فَاقِدِهَا (فَرْجًا) قُبُلًا أَوْ دُبُرًا، وَلَوْ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ بَهِيمَةٍ نَعَمْ لَا غُسْلَ بِإِيلَاجِ حَشَفَةِ مُشْكِلٍ وَلَا بِإِيلَاجٍ فِي قُبُلِهِ لَا عَلَى الْفَاعِلِ وَلَا الْمَفْعُولِ بِهِ (و) تَحْصُلُ (بِخُرُوجِ مَنِيِّهِ أَوَّلًا مِنْ مُعْتَادٍ أَوْ) مِنْ (تَحْتِ صُلْبٍ) لِرَجُلٍ وَهُوَ الظَّهْرُ (وَتَرَائِبَ) لِامْرَأَةٍ

ــ

[حاشية الجمل]

فِي الْمَذْكُورِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يُبْعِدُ الشَّخْصَ عَنْ الْمَسْجِدِ وَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهِمَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُطْلَقُ الْجَنَابَةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَلَا عَلَى السَّبَبِ الَّذِي هُوَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ أَوْ دُخُولُ الْحَشَفَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَشَرْعًا تُطْلَقُ عَلَى دُخُولِ الْحَشَفَةِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِشَرْطِهِمَا وَعَلَى أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ يَقُومُ بِالْبَدَنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ بِلَا مُرَخِّصٍ وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَدَثِ. (قَوْلُهُ بِدُخُولِ حَشَفَةٍ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ، وَلَوْ غَلِيظَةً أَوْ فِي غَابَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهَا فِي مَحَلّ لَا يَجِبُ غُسْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَجِبُ غُسْلُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الطَّاهِرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا) أَيْ، وَإِنْ جَاوَزَ طُولُهَا الْعَادَةَ اهـ زِيَادِيٌّ.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً، وَهَذَا فِي مَقْطُوعِهَا بِخِلَافِ فَاقِدِهَا خِلْقَةً فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ حَشَفَةِ أَقْرَانِهِ اهـ. (قَوْلُهُ قُبُلًا أَوْ دُبُرًا) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالنَّائِمُ وَالْمُكْرَهُ كَغَيْرِهِ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا بِهِ وَيَلْزَمُهُ الْغُسْلُ إذَا بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ وَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ انْتَهَى، قَالَ الشَّارِحُ دُونَ غَيْرِهِ كَالْوُضُوءِ لِصِحَّةِ نِيَّتِهِ فَيُصَلِّي بِهِ إذَا بَلَغَ عَلَى الصَّحِيحِ انْتَهَى قَالَ الشَّيْخُ قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ سَيَأْتِي فِي الْحَجِّ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ الْوَلِيُّ عَنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ أَنَّهُ يُوَضِّئُهُ لِلطَّوَافِ وَيَنْوِي عَنْهُ وَيَغْسِلَ أَعْضَاءَهُ وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ بِذَلِكَ فَلَوْ كَانَ جُنُبًا فَهَلْ يَصِحُّ تَغْسِيلُهُ وَتَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ لِغُسْلٍ إذَا مَيَّزَ أَوْ بَلَغَ فِيهِ نَظَرٌ.

وَقِيَاسُ ارْتِفَاعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِوُضُوئِهِ ارْتِفَاعُ الْجَنَابَةِ بِغُسْلِهِ فَلْيُرَاجَعْ سم وَقَوْلُهُ وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ بِذَلِكَ أَيْ لِضَرُورَةِ الطَّوَافِ كَالْمُمْتَنِعَةِ يُغَسِّلُهَا زَوْجُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ ثَمَّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ ارْتِفَاعِهِ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ مَيَّزَ وَهُوَ بِذَلِكَ الطُّهْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ لِنَحْوِ صَلَاةٍ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ هُنَا تَأَمَّلْ اهـ لِكَاتِبِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ، وَلَوْ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ بَهِيمَةٍ) تَعْمِيمٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَشَفَةِ وَالْفَرْجِ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَلَوْ كَانَتْ الْبَهِيمَةُ نَحْوَ سَمَكَةٍ، وَلَوْ مَيْتَةً كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا غُسْلَ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ الْحَشَفَةِ وَالْفَرْجِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَبِخُرُوجِ مَنِيُّهُ) أَيْ، وَلَوْ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ لِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ طَاهِرًا مُوجِبًا لِلْغُسْلِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ مِنْ مُعْتَادٍ) أَيْ، وَلَوْ لِعِلَّةٍ أَوْ مِنْ قَبْلِي الْمُشْكِلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الظَّهْرُ) أَيْ آخِرُ فِقْرَاتِهِ الْوَاقِعُ تَحْتَ الْحِزَامِ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَالصُّلْبُ فِقْرَاتُ الظَّهْرِ تَحْتَ عِظَامِ الرَّقَبَةِ مَعْدِنُ الْمَنِيِّ، وَكَذَا تَرَائِبُ الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ عِظَامُ صَدْرِهَا.

وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَالْفَقَارُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْقَافِ جَمْعُ فَقَارَةٍ وَاسْتُعْمِلَ الْفَقَارُ لِلْوَاحِدِ تَجَوُّزًا أَوْ فِي الْمَطَالِعِ وَنُسِبَ للأفنلي كَسْرُ الْفَاءِ أَيْضًا وَالْفَقَارُ بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ مَا تَنَضَّدَ مِنْ عِظَامِ الصُّلْبِ مِنْ لَدُنْ الْكَاهِلِ إلَى الْعَجْبِ قَالَهُ فِي الْمُحْكَمِ وَهُوَ بَيْنَ كُلِّ مِفْصَلَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُنَّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَبْعٌ فِي الْعُنُقِ وَخَمْسٌ فِي الصُّلْبِ وَاثْنَا عَشَرَ فِي أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ اهـ وَبِهَامِشِهِ قَوْلُهُ مَا تَنَضَّدَ أَيْ انْشَقَّ قَالَ فِي التَّعْرِيفِ نَضَدَهُ نَضًّا كَضَرَبَ جَعَلَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ وَالنَّضَدُ مُحَرَّكًا كَالْمَنْضُودِ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ مُنْشَقٍّ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ فَقَارَةُ الظَّهْرِ بِالْفَتْحِ الْخَرَزَةُ وَالْجَمْعُ فَقَارٌ بِحَذْفِ الْهَاءِ، مِثْلُ سَحَابَةٍ وَسَحَابٍ وَلَا يُقَالُ فِقَارَةٌ بِالْكَسْرِ، وَالْفِقْرَةُ لُغَةً فِي الْفَقَارَةِ وَجَمْعُهَا فِقَرٌ وَفِقْرَاتٌ، مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَسِدْرَاتٍ اهـ.

(فَائِدَةٌ) فِي بَعْضِ الْمَوَادِّ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ خَلَقَ اللَّهُ فِي آدَمَ تِسْعَةَ أَبْوَابٍ سَبْعَةٌ فِي رَأْسِهِ وَهِيَ عَيْنَاهُ وَمَنْخِرَاهُ وَأُذُنَاهُ وَفَمُهُ وَاثْنَانِ فِي قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ وَخَلَقَ اللَّهُ فِي فِيهِ لِسَانًا يَنْطِقُ بِهِ وَأَرْبَعَ ثَنِّيَاتٍ، وَأَرْبَعَ رُبَاعِيَّاتٍ، وَأَرْبَعَةَ أَنْيَابٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ ضِرْسًا وَجَعَلَ فِي رَقَبَتِهِ ثَمَانِ فِقْرَاتٍ، وَفِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَقَارَةً وَفِي جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثَمَانِيَةَ أَضْلَاعٍ وَفِي الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ سَبْعَةً مُسْتَوِيَةً مَبْسُوطَةً وَوَاحِدٌ أَعْوَجُ لِلْعِلْمِ السَّابِقِ أَنَّ حَوَّاءَ مِنْهُ، ثُمَّ خَلَقَ الْقَلْبَ فَجَعَلَهُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْ الصَّدْرِ وَخَلَقَ الْمَعِدَةَ أَمَامَ الْقَلْبِ وَجَعَلَ الرِّئَةَ كَالْمِرْوَحَةِ لِلْقَلْبِ وَخَلَقَ الْكَبِدَ فَجَعَلَهَا فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَرَكَّبَ الْمَرَارَةَ وَخَلَقَ الطِّحَالَ فَجَعَلَهُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْ الصَّدْرِ مُحَاذِيًا إلَى الْكَبِدِ وَالْآخَرَ فَوْقَ الطِّحَالِ وَجَعَلَهَا بَيْنَ تِلْكَ الْحُجُبِ وَرَاءَ الْأَمْعَاءِ وَرَكَّبَ شَرَاشِيرَ الصَّدْرِ وَخَلَطَهَا بِالْأَضْلَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ وَتَرَائِبَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ " تَحْتَ " مُسَلَّطَةٌ عَلَى تَرَائِبَ فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ إلَّا

ص: 152

وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ (وَانْسَدَّ الْمُعْتَادُ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ قَالَ نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» وَخَرَجَ بِمَنِيِّهِ مَنِيُّ غَيْرِهِ وَبِأَوْ لَا خُرُوجُ مَنِيِّهِ ثَانِيًا كَأَنْ اسْتَدْخَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ فَتَعْبِيرِي بِمَنِيِّهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَنِيِّ وَقَوْلَيْ أَوَّلًا مَعَ التَّقْيِيدِ بِتَحْتِ الصُّلْبِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فَالصُّلْبُ وَالتَّرَائِبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ فِي الْحَدَثِ فِيمَا مَرَّ ثَمَّ وَيَكْفِي فِي الثَّيِّبِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ إلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِهَا عِنْدَ قُعُودِهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْغُسْلِ كَالظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ الْكَلَامُ فِي مَنِيٍّ مُسْتَحْكَمٍ، فَإِنْ لَمْ يُسْتَحْكَمْ

ــ

[حاشية الجمل]

الْخَارِجَ مِنْ تَحْتِ التَّرَائِبِ دُونَ الْخَارِجِ مِنْهَا نَفْسِهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ إلَّا الْخَارِجُ مِنْ تَحْتِ الصُّلْبِ لَا الْخَارِجُ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ هَذَا.

وَفِي الْمَجْمُوعِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ أَيْ وَعَلَى قِيَاسِهِ التَّرَائِبُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الصُّلْبُ وَالتَّرَائِبُ هُنَا كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُنْفَتِحِ فِي نَفْسِ الصُّلْبِ وَالْمُنْفَتِحِ فِي نَفْسِ الْمَعِدَةِ وَاضِحٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ الْمَعِدَةِ أَوْ مِنْ فَوْقِهَا بِالْقَيْءِ أَشْبَهَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ وَأَنَّ الْخِلْقِيَّ يَنْقُضُ مَعَهُ الْخَارِجُ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمُنْفَتِحِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عِنْدَ حَجّ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا اهـ ح ل.

وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ مَنِيِّ الرَّجُلِ فِي ظَهْرِهِ وَمَنِيِّ الْمَرْأَةِ فِي تَرَائِبِهَا كَوْنُهَا أَكْثَرَ شَفَقَةً مِنْهُ عَلَى الْأَوْلَادِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَانْسِدَادُ الْمُعْتَادِ) أَيْ انْسِدَادًا عَارِضًا وَإِلَّا فَيُوجِبُ الْغُسْلَ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْمُهَا هِنْدُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ فَلَمَّا مَاتَ خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَبَتْ، ثُمَّ عُمَرُ كَذَلِكَ فَخَطَبَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَضِيَتْ فَزَوَّجَهَا لَهُ ابْنُهَا لِكَوْنِهِ ابْنَ ابْنِ عَمِّهَا لِلَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ الْمُتَوَفَّاةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَصَلَّى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ غَيْرُهُ وَلَهَا مِنْ الْعُمْرِ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ أُمُّ سُلَيْمٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَاسْمُهَا سَهْلَةُ، وَقِيلَ رُمَيْلَةُ بِنْتُ مِلْحَانَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا، وَيُقَالُ لَهَا الرُّمَيْصَاءُ، وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ مِنْ فَاضِلَاتِ الصَّحَابِيَّاتِ وَهِيَ وَأُخْتُهَا أُمُّ حَرَامٍ خَالَتَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي طَلْحَةَ وَرَوَى جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رَأَيْتُنِي دَخَلْت الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِرُمَيْصَاءَ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ» ، وَهَذِهِ مَنْقَبَةٌ لَهَا عَظِيمَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَالَ فِي التَّقْرِيبِ أُمُّ سُلَيْمِ بِنْتُ مِلْحَانَ بْنِ خَالِدٍ الْأَنْصَارِيَّةُ وَالِدَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يُقَالُ اسْمُهَا سَهْلَةُ أَوْ رُمَيْلَةُ أَوْ رُمَيْتَةُ أَوْ مُلَيْكَةُ أَوْ أُنَيْفَةُ وَهِيَ الْعُمَيْصَاءُ أَوْ الرُّمَيْصَاءُ اشْتَهَرَتْ بِكُنْيَتِهَا وَكَانَتْ مِنْ الصَّحَابِيَّاتِ الْفَاضِلَاتِ مَاتَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي) قَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ اسْتَحْيَا بِيَاءٍ قَبْلَ الْأَلِفِ يَسْتَحْيِي بِيَاءَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا يَسْتَحْيِ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ فِي الْمُضَارِعِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْحَقِّ أَيْ لَا يَتْرُكُ الْأُمُورَ الْحَقَّةَ مَخَافَةَ الْحَيَاءِ مِنْ بَيَانِهَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ بَيَانِ الْحَقِّ وَضَرْبِ الْمَثَلِ بِالْبَعُوضَةِ وَشَبَهِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] فَكَذَا أَنَا لَا أَمْتَنِعُ مِنْ سُؤَالِي عَمَّا أَنَا مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ إنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْحَيَاءِ فِي الْحَقِّ وَلَا يُبِيحُهُ، وَإِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ اعْتِذَارًا بَيْنَ يَدَيْ سُؤَالِهَا عَمَّا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ مِمَّا يَسْتَحْيِ النِّسَاءُ فِي الْعَادَةِ مِنْ السُّؤَالِ عَنْهُ، وَذَكَرَهُ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَضَتْ لَهُ مَسْأَلَةٌ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ السُّؤَالِ حَيَاءً مِنْ ذِكْرِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيَاءٍ حَقِيقِيٍّ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ خَيْرٌ كُلُّهُ وَالْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إلَّا بِخَيْرٍ وَالْإِمْسَاكُ عَنْ السُّؤَالِ فِي هَذَا الْحَالِ لَيْسَ بِخَيْرٍ بَلْ هُوَ شَرٌّ فَكَيْفَ يَكُونُ حَيَاءً اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ يُقَالُ اسْتَحْيَا يَسْتَحْيِي بِيَاءَيْنِ عَلَى وِزَانِ يَسْتَفْعِلُ وَيَجُوزُ فِيهِ يَسْتَحِي بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ مِنْ اسْتَحَى يَسْتَحِي عَلَى وِزَانِ يَسْتَفِعْ وَيَجُوزُ يَسْتَحِ عَلَى وِزَانِ يَسْتَفْ.

(قَوْلُهُ مَنِيُّ غَيْرِهِ) كَأُمٍّ وُطِئَتْ فِي قُبُلِهَا وَكَانَتْ نَائِمَةً أَوْ صَغِيرَةً وَاغْتَسَلَتْ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا الْمَنِيُّ فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَإِنْ وُطِئَتْ فِي دُبُرِهَا وَاغْتَسَلَتْ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا إعَادَةُ الْغُسْلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ فَالصُّلْبُ وَالتَّرَائِبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ) صَوَابُهُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ إذْ الْخَارِجُ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّهُ مَعْدِنُ الْمَنِيِّ اهـ س ل. (قَوْلُهُ وَيَكْفِي فِي الثَّيِّبِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْبِكْرِ بُرُوزُهُ عَنْ الْفَرْجِ إلَى الظَّاهِرِ وَيَكْفِي فِي الثَّيِّبِ إلَخْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْكَلَامُ) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ مِنْ تَحْتِ صُلْبِ إلَخْ. وَأَمَّا الْكَلَامُ الْأَوَّلُ وَهُوَ خُرُوجُهُ مِنْ الْفَرْجِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ مُسْتَحْكِمًا بَلْ، وَلَوْ خَرَجَ لِعِلَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ، ثُمَّ الْكَلَامُ أَيْ فِي الْخَارِجِ مِنْ الثُّقْبَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ مُسْتَحْكِمٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ اسْمُ فَاعِلٍ

ص: 153

بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَيُعْرَفُ) الْمَنِيُّ (بِتَدَفُّقٍ) لَهُ (أَوْ لَذَّةٍ) بِخُرُوجِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ لِقِلَّتِهِ (أَوْ رِيحِ عَجِينٍ) وَطَلْعِ نَخْلٍ (رَطْبًا أَوْ) رِيحِ (بَيَاضِ بَيْضٍ جَافًّا) ، وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ وَيَتَلَذَّذُ بِهِ كَأَنْ خَرَجَ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ وَرَطْبًا وَجَافًّا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ (فَإِنْ فُقِدَتْ) خَوَاصُّهُ الْمَذْكُورَةُ (فَلَا غُسْلَ) يَجِبُ بِهِ، فَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنُ الْخَارِجِ مَنِيًّا أَوْ وَدْيًا كَمَنْ اسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ الْخَارِجَ مِنْهُ أَبْيَضَ ثَخِينًا تَخَيَّرَ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا فَيَغْتَسِلُ

ــ

[حاشية الجمل]

لَا بِفَتْحِهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُخْتَارِ وَأَحْكَمَ فَاسْتَحْكَمَ أَيْ صَارَ مُحْكَمًا حَيْثُ صَرَّحَ بِأَنَّ اسْتَحْكَمَ لَازِمٌ فَالْوَصْفُ مِنْهُ اسْمُ فَاعِلٍ عَلَى مُسْتَفْعِلٍ بِالْكَسْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ هَذَا فَسَادٌ اسْتَحْكَمَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ) هُوَ صُورَةُ غَيْرِ الْمُسْتَحْكِمِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ اسْتِحْكَامِهِ خُلُوَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ، وَإِنْ قِيلَ بِهِ، إذْ ذَاكَ غَيْرُ مَنِيٍّ أَصْلًا اهـ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقَةِ الْمُعْتَادِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ طَرِيقَةِ الْمُعْتَادِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ بِهِ مُطْلَقًا اسْتَحْكَمَ أَوْ لَا كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ أَيْ إنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا فَلَا فَرْقَ، وَلَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَنِيِّ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ وَإِذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ الْمَنَافِذِ وَكَانَ الِانْسِدَادُ خِلْقِيًّا فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ م ر وَيُوجِبُهُ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ حَجّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ عَنْ الْأَصْحَابِ) أَيْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنهم اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِتَدَفُّقٍ) وَهُوَ الْخُرُوجُ بِدَفَعَاتٍ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ أَوْ لَذَّةٍ هِيَ إدْرَاكُ الْمُلَائِمِ لِلنَّفْسِ أَوْ يُقَالُ هِيَ الْمُسْتَطَابُ مِنْ الشَّيْءِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا بِتَدَفُّقٍ لَهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ وَلَا كَانَ لَهُ رِيحٌ وَقَوْلُهُ أَوْ لَذَّةٍ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ وَلَا كَانَ لَهُ رِيحٌ فَأَيُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخَوَاصِّ وُجِدَتْ اكْتَفَى بِهَا، إذْ لَا يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، وَهَلْ، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ مَثَلًا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التِّسْعِ؛ لِأَنَّهَا حَدُّ الْإِمْكَانِ وَقَوْلُهُ، فَإِنْ فُقِدَتْ خَوَاصُّهُ الْمَذْكُورَةُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُجُودِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخَوَاصِّ وَعَلَى فَقْدِهَا جَمِيعِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ غَيْرَ هَذِهِ كَكَوْنِ مَنِيِّ الرَّجُلِ أَبْيَضَ ثَخِينًا وَمَنِيِّ الْمَرْأَةِ أَصْفَرَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ رِيحِ عَجِينٍ) أَيْ سَوَاءُ الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ بَيَاضِ بَيْضٍ أَيْ سَوَاءٌ الدَّجَاجُ وَغَيْرُهُ.

(فَائِدَةٌ) جَمِيعُ الْبُيُوضِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ إلَّا بَيْظَ النَّمْلِ، فَإِنَّهُ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لَبَنَ الْخُفَّاشِ يُشْبِهُ الْمَنِيَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ) أَيْ لَا مِنْ عَجِينٍ وَبَيَاضٍ الْبَيْضِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَلَا غُسْلَ يَجِبُ بِهِ) ، وَهَلْ يُسَنُّ أَوْ لَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَنُقِلَ عَنْ زي أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ بَلْ يُجْزَمُ قُلْت وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَحْصُلْ شَكٌّ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ مُتَعَاطٍ عِبَادَةً فَاسِدَةً، فَإِنْ حَصَلَ شَكٌّ فَهِيَ مَسْأَلَةُ التَّخْيِيرِ الْآتِيَةِ خُصُوصًا، وَقَدْ حَكَمُوا عَلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنِيٍّ فَمِنْ أَيْنَ تَأْتِي السُّنِّيَّةُ تَأَمَّلْ اهـ أُجْهُورِيٌّ. (قَوْلُهُ أَبْيَضَ ثَخِينًا) ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيَاضِ وَالثِّخَنِ دُونَ الرِّيحِ؛ لِأَنَّهُمَا مَنَاطُ الِاشْتِبَاهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَعَلَّ بَعْضَ الْخَوَاصِّ كَاللَّذَّةِ وُجِدَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِلنَّوْمِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَالُوا إنَّهُ لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ نَائِمَةً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا غُسْلٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْضِ شَهْوَتَهَا، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اللَّذَّةِ فِي النَّوْمِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ تَخَيَّرَ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا) أَيْ، وَلَوْ بِالشَّهْوَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ التَّخْيِيرُ عَلَى وُجُودِ عَلَامَةٍ اهـ شَيْخُنَا فَلَوْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ إلَّا الصَّلَاةَ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ حَجّ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَمَّا اخْتَارَهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِذَا اخْتَارَ غَيْرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ.

وَأَمَّا لَوْ رَجَعَ عَمَّا اخْتَارَهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ كَأَنْ اخْتَارَ أَوَّلًا كَوْنَهُ مَنِيًّا، وَلَمْ يَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ اخْتَارَ أَنَّهُ مَذْيٌ فَفِيهِ خِلَافٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ الْبُطْلَانَ لِلتَّرَدُّدِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَيَظْهَرُ أَنَّ لَهُ الِاخْتِيَارَ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَلَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا الِانْعِقَادَ وَلَا نُبْطِلُهَا بِالشَّكِّ انْتَهَتْ، وَلَوْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا وَاغْتَسَلَ وَصَلَّى، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَنِيٌّ حَقِيقَةً فَهَلْ يَجِبُ إعَادَةُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ أَوْ لَا نُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ ز ي وُجُوبُ الْإِعَادَةِ وَاخْتَارَ الْعَلَّامَةُ سم عَدَمَ وُجُوبِهَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ بِأَنَّ وُضُوءَ الِاحْتِيَاطِ مُتَبَرِّعٌ بِهِ وَلَا كَذَلِكَ هَذَا؛ لِأَنَّنَا أَلْزَمْنَاهُ الْغُسْلَ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا وَإِذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا وَاغْتَسَلَ وَكَانَ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ هَلْ يَنْدَرِجُ نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ عَدَمُ الِانْدِرَاجِ، وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يَنْدَرِجُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَيَنْدَرِجُ عَلَى كَلَامِ الْعَلَّامَةِ سم وَهُوَ الْوَجْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ فَيَغْتَسِلُ أَيْ إنْ اخْتَارَ كَوْنَهُ مَنِيًّا وَحِينَئِذٍ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُسْلِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْجَنَابَةِ وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ غُسْلُ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ إذَا اخْتَارَ كَوْنَهُ مَذْيًا؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ أَيْضًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ

ص: 154

أَوْ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ يُعْرَفُ بِمَا ذُكِرَ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَابْنُ الصَّلَاحِ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْحَقُّ.

(وَحَرُمَ بِهَا) أَيْ بِالْجَنَابَةِ (مَا حَرُمَ بِحَدَثٍ) مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَمُكْثُ مُسْلِمٍ) بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَوْ مُتَرَدِّدًا (بِمَسْجِدٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ مَعَ وُجُودِهِ لِلتَّرَدُّدِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إمَّا جُنُبٌ أَوْ حَامِلُ نَجَاسَةٍ، وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ فَأَمْرَانِ مُنْفَصِلَانِ عَنْ الصَّلَاةِ فَلَا مُقْتَضَى لِتَحْرِيمِهِمَا مَعَ الشَّكِّ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْبَدَنِ أَمَّا الثَّوْبُ فَلَا مَا لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصَابَ غَيْرَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلُهُ، وَإِنْ اخْتَارَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ مَذْيٌ لَكِنْ لَوْ أَرَادَ صَاحِبُهُ بِأَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ أَصَابَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَاخْتَارَ هُوَ كَوْنَهُ مَذْيًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ إطْلَاقِ أَنَّ الْمَنِيَّ يُعْرَفُ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْخَوَاصِّ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيّ) هُوَ أَبُو الْحَسَنِ تَقِيُّ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي الْأَنْصَارِيُّ وُلِدَ بِسُبْكٍ مِنْ أَعْمَالِ الْمَنُوفِيَّةِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَتَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ وَأَخَذَ الْحَدِيثَ عَنْ الشَّرَفِ الدِّمْيَاطِيِّ وَالتَّفْسِيرَ عَنْ الْعِرَاقِيِّ وَالْقِرَاءَاتِ عَنْ ابْنِ الرُّفَيْعِ وَالْأُصُولَ وَالْمَعْقُولَاتِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَالنَّحْوَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ وَالتَّصَوُّفَ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ الْمُتَوَفَّى بِجَزِيرَةِ النِّيلِ عَلَى شَاطِئِهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ رَابِعَ جُمَادَى الْآخَرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْ بِالْجَنَابَةِ) وَأَمَّا الْوِلَادَةُ فَهِيَ فِي مَعْنَاهَا بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ السَّابِقِ فَحُكْمُهَا حُكْمُهَا. وَأَمَّا الْمَوْتُ فَلَا يَحْرُمُ بِهِ شَيْءٌ. وَأَمَّا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا يَحْرُمُ بِهِمَا اهـ شَيْخُنَا.

1 -

(قَوْلُهُ وَمُكْثُ مُسْلِمٍ) قَالَ حَجّ، وَهَلْ ضَابِطُهُ هُنَا كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ يَكْتَفِي هُنَا بِأَدْنَى طُمَأْنِينَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَظَ كُلَّ مُحْتَمَلٍ وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِي الِاعْتِكَافِ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يُسَمَّى اعْتِكَافًا وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى عَدَمِ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ بِالْمُكْثِ فِيهِ مَعَ الْجَنَابَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَدْنَى مُكْثٍ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَهَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ تَوَقَّفَ فِيهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قُلْت وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي كَإِدْخَالِ النَّجَاسَةِ وَالْمَجَانِينَ وَالصِّبْيَانِ مَعَ عَدَمِ الْأَمْنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَيَجُوزُ النَّوْمُ فِيهِ لِغَيْرِ الْجُنُبِ، وَلَوْ غَيْرَ أَعْزَبَ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ نَعَمْ إنْ ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ شَوَّشَ عَلَيْهِمْ حَرُمَ وَيَحْرُمُ إدْخَالُ النَّجَاسَةِ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِنَعْلِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَا الْبَوْلُ فِي إنَاءٍ وَنَحْوِهِ وَالْحِجَامَةُ وَالْفَصْدُ فِيهِ خِلَافُ الْأَوْلَى لِانْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ وَلَا يَحْرُمُ إخْرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا تَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ مُسْلِمٍ) أَيْ بَالِغٍ غَيْرَ نَبِيٍّ بِمَا يُعَدُّ مُكْثًا عُرْفًا، وَلَوْ دُونَ قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَمَّا الصَّبِيُّ فَيَجُوزُ لَهُ الْمُكْثُ جُنُبًا كَالْقِرَاءَةِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ. وَأَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمِنْ خَصَائِصِهِ الْمُكْثُ جُنُبًا كَقِرَاءَتِهِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَكَذَا عَلِيٌّ رضي الله عنه بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمَرْحُومِيِّ عَلَى الْخَطِيبِ قَوْلُهُ مُسْلِمٍ أَيْ بَالِغٍ أَمَّا الصَّبِيُّ الْجُنُبُ فَيَجُوزُ لِوَلِيِّهِ تَمْكِينُهُ مِنْ الْمُكْثِ كَالْقِرَاءَةِ اهـ. (قَوْلُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ) أَمَّا إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ كَأَنْ احْتَلَمَ فِي الْمَسْجِدِ لَيْلًا وَأَغْلَقَ بَابَهُ أَوْ خَافَ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ فِيهِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِغَيْرِ تُرَابِهِ بِأَنْ كَانَ مُبَلَّطًا أَوْ مُرَخَّمًا وَجَلَبَتْ الرِّيحُ فِيهِ تُرَابًا أَجْنَبِيًّا. وَأَمَّا تُرَابُهُ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ كَأَنْ كَانَ تُرَابِيًّا فَيَحْرُمُ التَّيَمُّمُ بِهِ لَكِنْ يَصِحُّ كَالتُّرَابِ الْمَمْلُوكِ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا التَّيَمُّمُ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا جَنَابَةٌ أُخْرَى وَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ مِنْ بَدَنِهِ مِمَّا لَا يَضُرُّهُ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَرَدِّدًا) ، وَمِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ لِأَخْذِ حَاجَةٍ وَيَخْرُجَ مِنْ الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ وُقُوفٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَخَلَهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ الْبَابِ الْآخَرِ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ خَارِجَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْغُسْلُ إلَّا فِي الْحَمَّامِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إلَّا مِنْهُ كَخِزَانَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهَا لَهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فَيَتَيَمَّمُ وَيَدْخُلُ وَيَمْكُثُ بِقَدْرِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ فُسْحَةٌ عَظِيمَةٌ وَنَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَتَيَمَّمَ وَيَمْكُثَ، وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ فَاقِدَ الْمَاءِ أَوْ الْعَاجِزَ عَنْهُ لِنَحْوِ مَرَضٍ لَوْ تَيَمَّمَ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّمْلِيِّ. (قَوْلُهُ بِمَسْجِدٍ) هَذَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ

ص: 155

لَا عُبُورُهُ قَالَ تَعَالَى {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] بِخِلَافِ الرِّبَاطِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمَسْجِدُ شَائِعًا فِي أَرْضٍ بَعْضُهَا مَمْلُوكٌ، وَإِنْ قَلَّ غَيْرُ الْمِلْكِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُفَارِقُ التَّفْصِيلَ السَّابِقَ فِي التَّفْسِيرِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الْقُرْآنِ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ بِأَنَّ الْمَسْجِدِيَّةَ لَمَّا انْتَهَتْ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْمُكْثُ كَأَنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاكِثٌ فِي مَسْجِدٍ شَائِعٍ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ مَعَ التَّفْسِيرِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُبْهَمٍ فِيهِ بَلْ مُتَمَيِّزٌ عَنْهُ فَلَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَسَّ مُصْحَفًا شَائِعًا وَأَيْضًا فَاخْتِلَاطُ الْمَسْجِدِيَّةِ بِالْمِلْكِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى مَسْجِدًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُصْحَفُ إذَا اخْتَلَطَ بِالتَّفْسِيرِ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى مُصْحَفًا إنْ زَادَ عَلَيْهِ التَّفْسِيرُ كَمَا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَيْضًا بِمَسْجِدٍ) وَمِثْلُهُ رَحْبَتُهُ وَهِيَ مَا وُقِفَ لِلصَّلَاةِ حَالَةَ كَوْنِهَا جُزْءًا مِنْهُ، وَهَوَاؤُهُ وَلَوْ طَائِرًا فِيهِ وَجَنَاحٌ بِجِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ وَشَجَرَةٌ أَصْلُهَا فِيهِ، وَإِنْ جَلَسَ عَلَى فَرْعِهَا الْخَارِجِ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَصْلُهَا خَارِجًا عَنْهُ وَفَرْعُهَا فِيهِ وَمَكَثَ عَلَى فَرْعِهَا فِي هَوَائِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى فَرْعِ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا خَارِجٌ عَنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ وَفَرْعُهَا فِي هَوَائِهَا؛ لِأَنَّ هَوَاءَهَا لَا يُسَمَّى عَرَفَاتٍ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْجُنُبُ مُسْتَلْقِيًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُنَكِّسًا بِحَيْثُ صَارَ بَعْضُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ خَارِجَهُ أَوْ جَعَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ فِيهِ وَالْأُخْرَى خَارِجَةً وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَفَى ذَلِكَ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَإِلَّا فَلَا وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَتَثْبُتُ الْمَسْجِدِيَّةُ بِالْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِلصَّلَاةِ أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَمَعْنَاهَا إنْ تَتَكَرَّرَ صَلَاةُ النَّاسِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَمَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَصْلَهُ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ بِقَرَافَةِ مِصْرٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا اهـ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ لَا عُبُورِهِ) أَيْ الْمُرُورُ بِهِ بِأَنْ كَانَ لَهُ بَابَانِ فَدَخَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَخَرَجَ مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ وَاحِدٌ فَيَمْتَنِعُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ زي وَلَا يُكَلَّفُ الْإِسْرَاعَ بَلْ يَمْشِي عَلَى عَادَتِهِ نَعَمْ هُوَ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ عِنْدَ أَمْنِهِمَا التَّلْوِيثَ مَكْرُوهٌ وَلِلْجُنُبِ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَلَوْ عَبَّرَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ إذْ الْحُرْمَةُ إنَّمَا هِيَ لِقَصْدِ الْمَعْصِيَةِ لَا الْمُرُورِ، وَلَوْ دَخَلَ عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ مَتَى وَصَلَ لِلْبَابِ الْآخَرِ رَجَعَ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّرَدُّدَ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا فِيهِ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَيَتَيَمَّمُ لِذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرِّبَاطِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ كَمُصَلِّي الْعِيدِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِمَا لِلْجُنُبِ. وَأَمَّا مَا بَعْضُهُ مَسْجِدٌ كَأَنْ وَقَفَ حِصَّةً شَائِعَةً، وَإِنْ قُلْت مَسْجِدًا فَكَالْمَسْجِدِ فِي حُرْمَةِ الْمُكْثِ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِدَاخِلِهِ التَّحِيَّةُ وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ فَوْرًا وَكَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَكَذَا الصُّفُوفُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَهَلْ شَرْطُ الْحُرْمَةِ تَحَقُّقُ الْمَسْجِدِيَّةِ أَوْ يُكْتَفَى بِالْقَرِينَةِ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِفَاضَةُ كَافِيَةٌ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمُ أَصْلَهُ كَالْمَسَاجِدِ الْمُحْدَثَةِ بِمِنًى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ وَكَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ قَالَ سم وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّحِيَّةِ أَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَاسْتُحِبَّتْ فِي الشَّائِعِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ مَسْجِدٌ بَلْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَفِيهِ جِهَةٌ مَسْجِدِيَّةٌ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ يُخِلُّ بِتَعْظِيمِهِ، وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَسْجِدٍ وَالشَّائِعُ بَعْضُهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ فَالْمَاكِثُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَيْسِيرِ الْوُقُوفِ عَلَى غَوَامِضِ أَحْكَامِ الْوُقُوفِ، ثُمَّ مَوْضِعُ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ أَيْ وَقْفِ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا مِنْ أَصْلِهِ حَيْثُ أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ الْأَرْضِ أَجْزَاءً وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِيهِ نَقْلًا وَهُوَ عَجِيبٌ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي فَتَاوِيهِ الَّتِي جَمَعَهَا ابْنُ أَخِيهِ فَقَالَ: وَمِنْ الْغَرَائِبِ إذَا كَانَ لَهُ حِصَّةٌ فِي أَرْضٍ مُشَاعَةٍ وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا لَمْ يَصِحَّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(فَائِدَةٌ) قَالَ حَجّ كُلُّ الْأَرْضِ يَصِحُّ جَعْلُهَا مَسْجِدًا إلَّا مَسْجِدَ الضِّرَارِ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَالْمَطَافِ وَالْأَقْصَى وَالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَالْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ هَلْ وُقِفَتْ بِصِيغَةٍ أَوْ هِيَ وَقْفٌ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وَقْفِيَّةِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِبِنَائِهَا الْأَنْبِيَاءَ، وَهَلْ يَجُوزُ الْمُكْثُ فِي حَرِيمِ زَمْزَمَ بِالْجَنَابَةِ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى الْمَسْجِدِ وَحَرِيمُهَا لَا يَدْخُلُ فِي وَقْفِيَّتِهِ، وَهَلْ مَا يَخْرُجُ لِلْعِمَارَةِ مِنْ نَحْوِ تُرَابٍ وَحَصًى تَسْتَمِرُّ حُرْمَتُهُ مِنْ حُرْمَةِ الِاسْتِجْمَارِ بِهِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَالتَّيَمُّمِ أَوْ يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ وَبَابِهَا إذَا جُدِّدَ، وَهَلْ الْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ فِي مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا الْحَقِّ فِيهِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ هِيَ سَابِقَةٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ فَلَا

ص: 156

وَنَحْوِهِ.

(وَقِرَاءَتُهُ لِقُرْآنٍ بِقَصْدِهِ) ، وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَهُ مُتَابَعَاتٌ تُجْبِرُ ضَعْفَهُ لَكِنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ كَأَنْ قَالَ عِنْدَ الرُّكُوبِ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] وَعِنْدَ الْمُصِيبَةِ {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] بِغَيْرِ قَصْدِ قُرْآنٍ فَلَا تَحْرُمُ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَتَحِلُّ أَذْكَارُهُ لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ، إذْ غَيْرُ أَذْكَارِهِ كَمَوَاعِظِهِ وَأَخْبَارِهِ كَذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِهِ الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ وَلَا مِنْ الْقِرَاءَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

تَرِدُ عَلَى مَنْعِ الْبِنَاءِ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ، وَلَوْ مَسْجِدًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ هَدْمُهُ اهـ رَحْمَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَقِرَاءَتُهُ لِقُرْآنٍ) فَرْعٌ سَامِعُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ حَيْثُ حَرُمَتْ هَلْ يُثَابُهُ لَا يَبْعُدُ الثَّوَابُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ اسْتِمَاعٌ لِلْقِرَاءَةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ الْحُرْمَةَ عَلَى الْقَارِئِ اهـ م ر قَالَهُ الشَّيْخُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ بِهَامِشِ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ بِقَصْدِهِ) أَيْ، وَلَوْ مَعَ قَصْدِ غَيْرِهِ اهـ س ل. (قَوْلُهُ أَيْضًا بِقَصْدِهِ) بِأَنْ يَقْصِدَ بِمَا يَقْرَؤُهُ الْمَعْنَى الْقَدِيمَ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ سبحانه وتعالى وَمَعْنَى عَدَمِ الْقَصْدِ أَنْ يَقْصِدَ بِالْقِرَاءَةِ التَّعَبُّدَ؛ لِأَنَّنَا مُتَعَبِّدُونَ بِذِكْرِ الْقُرْآنِ جَمِيعِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَحْكَامًا أَوْ مَوَاعِظَ أَوْ قَصَصًا فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ كَالْجَنَابَةِ حُمِلَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَى التَّعَبُّدِ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ الْمَعْنَى الْقَدِيمَ حِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ فَقَوْلُهُمْ إنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الْقَائِمُ بِذَاتِهِ تَعَالَى إلَّا بِالْقَصْدِ فَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ وَهُوَ الذِّكْرُ اهـ شَيْخُنَا ح ف، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَصْدِ الذِّكْرِ بِالْقِرَاءَةِ مُلَاحَظَةُ الذِّكْرِ فِي جَمِيعِ الْقِرَاءَةِ قِيَاسًا عَلَى تَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ أَوْ يَكْفِي قَصْدُ الذِّكْرِ فِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ فِي الْأَثْنَاءِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَعَدَمُ مُلَاحَظَةِ الذِّكْرِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ يُبْطِلُهَا لِشَبَهِهَا بِالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ اهـ اط ف.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ) صَادِقٌ بِالْحَرْفِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نُطْقَهُ بِحَرْفٍ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ شُرُوعٌ فِي الْمَعْصِيَةِ فَالتَّحْرِيمُ لِذَلِكَ لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى قُرْآنًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ، أَيْ وَلَوْ حَرْفًا، وَإِنْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ وَشَرْطُ الْحُرْمَةِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ، وَلَوْ تَقْدِيرًا وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ وَقَيَّدَهَا شَيْخُنَا بِلِسَانِهِ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الشَّهَادَةُ وَالْحِنْثُ وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَيَظْهَرُ هُنَا عَدَمُ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ عَدَمِ إيجَابِهَا عَلَيْهِ بَدَلًا عَنْ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَقْرَأْ الْجُنُبُ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ بِلَا وَكُسِرَ آخِرُهُ لِئَلَّا يَلْتَقِيَ سَاكِنَانِ الْهَمْزَةُ وَاللَّامُ وَبِضَمِّهَا عَلَى الْخَبَرِ الْمُرَادِ بِهِ النَّهْيُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) أَيْ؛ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْحِجَازِ ضَعِيفَةٌ، وَهَذَا الْخَبَرُ مِنْهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لَهُ مُتَابَعَاتٌ) أَيْ مُقَوِّيَاتٌ أَيْ طُرُقٌ تُقَوِّيهِ بِأَنْ يَرُدَّ مَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقٍ إلَى آخَرَ صَحِيحَةً أَوْ حَسَنَةً اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بَلْ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) أَيْ فَقَطْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ أَجْنَبَ وَفَقَدَ الطَّهُورَيْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَالْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ التَّنَفُّلُ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُثَابُ عَلَى قِرَاءَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَحْنَثُ لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ صَارِفَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَبَيْنَمَا يُوجَدُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ.

وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَصْدِ الْقُرْآنِ، وَلَوْ لِمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَاتِحَةِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِنْ آخِرِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) قَالَ الشَّيْخُ الْخَطِيبِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ لَا بِقَصْدِ الْقُرْآنِ جَازَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ الْكَافِرُ) فِي خُرُوجِهِ بِمَا سَبَقَ نَظَرٌ، إذْ كَلَامُهُ السَّابِقُ فِي الْحُرْمَةِ وَهِيَ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَلَا يَمْنَعُ إلَخْ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ إنَّمَا هُوَ لِلْحُرْمَةِ وَالْمَنْعِ مَعًا أَيْ أَمَّا الْكَافِرُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ وَلَا مِنْ الْقِرَاءَةِ) الْأَخْصَرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ أَحْوَجَهُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لَكِنَّ شَرْطَ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ تَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ وَبِذَلِكَ فَارَقَ حُرْمَةَ بَيْعِ الطَّعَامِ لَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ لَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي تَعْيِينِ مَحِلِّهِ وَيَمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ إلَّا بِإِذْنِ مُسْلِمٍ بَالِغٍ أَوْ لِنَحْوِ اسْتِفْتَاءٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ لَنَا، وَلَوْ كَانَ جُنُبًا قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، وَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ عُزِّرَ وَدُخُولُنَا أَمَاكِنَهُمْ كَذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ مُسْلِمٍ بَالِغٍ أَيْ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَقَوْلُهُ أَوْ مَصْلَحَةٍ لَنَا كَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَلَوْ تَيَسَّرَ غَيْرُهُ أَيْ أَوَّله لَكِنَّ حُصُولَهَا مِنْ جِهَتِنَا كَاسْتِفْتَائِهِ أَوْ دَعْوَاهُ عِنْدَ قَاضٍ جَلَسَ فِيهِ أَيْ الْمَسْجِدِ

ص: 157

لَكِنْ شَرْطُ حِلِّ قِرَاءَتِهِ أَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ وَبِالْقُرْآنِ غَيْرُهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ.

(وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْغُسْلِ مِنْ جَنَابَةٍ وَنَحْوهَا (نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ نَحْوِ جَنَابَةٍ) كَحَيْضٍ أَيْ

ــ

[حاشية الجمل]

أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِذْنُ فِيهِ لِأَجْلِهِ كَدُخُولِهِ لِأَكْلٍ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ تَفْرِيغِ نَفْسِهِ فِي سِقَايَتِهِ الَّتِي يُدْخَلُ إلَيْهَا مِنْهُ. أَمَّا الَّتِي لَا يُدْخَلُ إلَيْهَا مِنْهُ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ دُخُولِهَا بِلَا إذْنِ مُسْلِمٍ نَعَمْ لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَنْجِيسُهُمْ مَاءَهَا أَوْ جُدْرَانَهَا مُنِعُوا وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْإِذْنُ فِي الدُّخُولِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لَكِنَّ شَرْطَ حِلِّ قِرَاءَتِهِ) أَيْ تَعْلِيمِهِ الْقِرَاءَةَ وَتَعَلُّمِهِ لَهَا. وَأَمَّا الْمُعَانِدُ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ وَيُمْنَعُ مِنْ تَعَلُّمِهِ وَلِوَلِيِّ الصَّبِيِّ تَمْكِينُهُ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا كَالْقِرَاءَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى الْمُكْثِ فِيهِ اهـ ح ل.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَيَجُوزُ تَعْلِيمُهُ لِكَافِرٍ غَيْرِ مُعَانِدٍ وَرُجِيَ إسْلَامُهُ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِقِرَاءَتِهِ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى إقْرَائِهِ، إذْ قِرَاءَتُهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا مُطْلَقًا وَعَبَّرُوا فِي الْكَافِرِ بِعَدَمِ الْمَنْعِ مِنْ الْمُكْثِ وَالْقِرَاءَةِ، وَلَمْ يُعَبِّرُوا بِالْجَوَازِ لِبَقَاءِ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اهـ. (قَوْلُهُ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ) ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ مُنِعَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَنْعِ كَوْنُهُ مِنْ الْإِمَامِ بَلْ يَجُوزُ مِنْ الْآحَادِ؛ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) أَيْ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ تَبَدُّلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ تَعْظِيمًا لَهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْكُتُبِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْغُسْلِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا وَالْمُرَادُ بِأَقَلِّهِ الْقَدْرُ الَّذِي لَا يَصِحُّ الْغُسْلُ بِدُونِهِ فَالْغُسْلُ الْمَنْدُوبُ كَالْوَاجِبِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ شِبْهَ اسْتِخْدَامٍ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْغُسْلِ فِي التَّرْجَمَةِ الْأَعَمَّ مِنْ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَبِالضَّمِيرِ فِي مُوجِبِهِ الْوَاجِبَ وَفِي أَقَلِّهِ وَأَكْمَلِهِ الْأَعَمَّ إذْ الْوَاجِبُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ بِالْوُجُوبِ لَا أَقَلَّ لَهُ وَلَا أَكْمَلَ اهـ حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الضَّمِيرُ فِي مُوجِبِهِ لِلْأَعَمِّ أَيْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ أَيْضًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُوجِبَ لِجِنْسِ الْغُسْلِ أَيْ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ بَلْ لَا مَعْنَى لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْوَاجِبِ، إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ مَا ذُكِرَ وَلَا وَجْهَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) أَيْ مِنْ الْمُغْتَسِلِ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ صَبِيًّا وَتَنْصَرِفُ نِيَّتُهُ إلَى مَا عَلَيْهِ لِلْقَرِينَةِ، وَكَذَا نَائِبُهُ كَزَوْجِ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمُمْتَنِعَةِ مِنْ الْغُسْلِ بَعْدَ حَيْضِهَا، وَلَوْ كَافِرَةً وَلَهُ وَطْؤُهَا إلَى إسْلَامِهَا، وَلَوْ تَبَعًا أَوْ إلَى حَيْضٍ آخَرَ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ لِلْغُسْلِ فَإِذَا أَسْلَمَتْ انْقَطَعَ الْحِلُّ حَتَّى تَغْتَسِلَ، وَكَذَا الْمُمْتَنِعَةُ يُكَرَّرُ وَطْؤُهَا إلَى زَوَالِ الِامْتِنَاعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) أَيْ أَوْ الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ أَوْ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ فِيمَا سِوَى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلِاسْتِلْزَامِ رَفْعِ الْمُطْلَقِ رَفَعَ الْمُقَيَّدَ فِيهَا، إذْ رَفْعُ الْمَاهِيَّةِ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا يُقَالُ الْحَدَثُ حَيْثُ أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلْأَصْغَرِ غَالِبًا، وَلَوْ نَوَى جَنَابَةَ جِمَاعٍ، وَقَدْ احْتَلَمَ أَوْ الْجَنَابَةَ الْمُخَالِفَ مَفْهُومُهَا لِمَفْهُومِ الْحَيْضِ وَحَدَثُهُ حَيْضٌ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ مَعَ الْغَلَطِ، وَإِنْ كَانَ مَا نَوَاهُ مَعَهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ مِنْهُ كَنِيَّةِ الرَّجُلِ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ غَلَطًا كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعْتَمَدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ نَعَمْ يَرْتَفِعُ الْحَيْضُ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسُهُ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ إيجَابَ الْغُسْلِ فِي النِّفَاسِ بِكَوْنِهِ دَمَ حَيْضٍ مُجْتَمِعٍ وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ اسْمَ النِّفَاسِ مِنْ أَسْمَاءِ الْحَيْضِ وَذَلِكَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ مُشْتَرَكٌ، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْبَيَانِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَوْ نَوَى الْجُنُبُ بِالْغُسْلِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ غَالِطًا وَصَحَّحْنَاهُ لَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهُ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ وَلَا عَنْ رَأْسِهِ، إذْ وَاجِبُ رَأْسِهِ الْغُسْلُ وَاَلَّذِي نَوَاهُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلُ النَّائِبُ عَنْ الْمَسْحِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْغُسْلِ وَتَرْتَفِعُ عَنْ بَاقِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِوُجُوبِهَا فِي الْحَدَثَيْنِ، وَهَلْ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ عَنْ رَأْسِهِ لِإِتْيَانِهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْوُضُوءِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِارْتِفَاعِهِ عَنْهُ أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِمْ إنَّ جَنَابَتَهُ لَا تَرْتَفِعُ عَنْ رَأْسِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ إنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُسْلِ وَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَيَرْتَفِعُ عَنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَعَ بَقَاءِ جَنَابَتِهَا وَلَا يَلْحَقُ بِالرَّأْسِ فِيمَا تَقَدَّمَ بَاطِنُ لِحْيَةِ الذَّكَرِ الْكَثِيفَةِ وَعَارِضَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَغْسُولِهِ أَصَالَةً وَتَرْتَفِعُ الْجَنَابَةُ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ الْعِمَادِ خِلَافًا لِمَا يَحُثُّهُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ وَارْتَضَاهُ فِي الْمُهِّمَّاتِ اهـ شَرْحُ م ر.

وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْجُنُبَ إنْ كَانَ قَصْدُهُ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إنَّ النِّيَّةَ بِالْقَلْبِ رَفْعُ جَنَابَتِهِ

ص: 158

رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْغُسْلِ كَصَلَاةٍ (أَوْ أَدَاءِ) غُسْلٍ (أَوْ فَرْضِ غُسْلٍ) وَفِي مَعْنَاهُ الْغُسْلُ الْمَفْرُوضُ وَالطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ

ــ

[حاشية الجمل]

عَنْ كُلِّ الْبَدَنِ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَقَدْ وَافَقَ اللَّفْظُ الْقَصْدَ فَلَا غَلَطَ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِ فِي نِيَّتِهِ لِلْأَكْبَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغَلَطِ هُنَا مَا قَرَّرَهُ النُّحَاةُ فِي بَابِ الْبَدَلِ مِنْ سَبْقِ اللِّسَانِ لِشَيْءٍ مَعَ قَصْدِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْجَهْلُ أَيْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ النَّاوِي لِجَهْلِهِ أَنَّ تَطْهِيرَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ يَكْفِي عَنْ الْأَكْبَرِ فَلَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ الْمُتَطَهِّرُ إلَّا الْأَصْغَرَ فَمُوَافَقَةُ لَفْظِهِ لِقَصْدِهِ مُسَلَّمَةٌ وَقَوْلُهُ فِي الْإِشْكَالِ فَلَا غَلَطَ مَمْنُوعٌ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَطِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْجَهْلُ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْإِشْكَالِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ إلَخْ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ فِي نِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْغَرِ مُعْتَقِدًا كِفَايَتَهُ عَنْ الْأَكْبَرِ تَعَرُّضًا لَهُ مَعَ عُذْرِهِ بِالْجَهْلِ لِاتِّحَادِ مُوجِبِ الْحَدَثَيْنِ عَنْ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْمَنْوِيِّ تَطْهِيرُهَا مَا عَدَا الرَّأْسَ وَهُوَ تَعْمِيمُهَا بِالْغُسْلِ وَلِاخْتِلَافِ ذَلِكَ الْمُوجِبِ فِي الرَّأْسِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ إلَّا مَا نَوَاهُ وَهُوَ الْأَصْغَرُ، وَهَذَا مَدْرَكُ وَالِدِ م ر الْمَذْكُورُ وَفِي تَقْرِيرِهِمْ لِنِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ غَالِطًا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: قَوْلُهُ صَحَّ مَعَ الْغَلَطِ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ تَصْوِيرَ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ، فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ مَا عَلَيْهِ لِظَنِّهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَقِّ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَظُنَّ حُصُولَ الْحَيْضِ لَهُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَصَوُّرِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ خُنْثَى اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ، ثُمَّ خَرَجَ دَمٌ مِنْ فَرْجِهِ فَظَنَّهُ حَيْضًا فَنَوَاهُ، وَقَدْ أَجْنَبَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ فَصُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ دَمٌ فَيَظُنُّهُ لِجَهْلِهِ حَيْضًا فَيَنْوِي رَفْعَهُ مَعَ أَنَّ جَنَابَتَهُ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِهَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا تُطْلَقُ عَلَى السَّبَبِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ نِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ بِمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ لَهَا وَهُوَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ح ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَيْ رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ أَيْ إذَا نَوَى الْمُغْتَسِلُ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْجَنَابَةِ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ رَفْعَ حُكْمِ الْحَدَثِ وَرَفْعَ حُكْمِ الْجَنَابَةِ لَا رَفْعَ نَفْسِ الْحَدَثِ وَلَا رَفْعَ نَفْسِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ هُنَا وَالْجَنَابَةَ مَحْمُولٌ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى نَفْسِ الْمُوجِبَاتِ لِلْغُسْلِ وَهُوَ لَا يَرْتَفِعُ، وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ فَكَانَ قَوْلُ الْمُغْتَسِلِ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْجَنَابَةِ الْمُرَادُ مِنْهُ رَفْعُ حُكْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِالْحَدَثِ أَوْ بِالْجَنَابَةِ نَفْسَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّمَا كَانَ رَفْعُ الْحُكْمِ هُوَ الْمُرَادُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْغُسْلِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَيْ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ فَإِذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ أَيْ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْغُسْلِ وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْحَدَثِ وَحُكْمُ الْجَنَابَةِ الَّذِي نَوَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ اهـ.

(قَوْلُهُ كَصَلَاةٍ) بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِنِيَّةِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لِلْوُضُوءِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ هُنَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بَعْضَهَا اكْتَفَى بِهِ، وَإِنْ نَفَى بَعْضَهَا إلَّا آخَرَ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى مِنْهَا غَيْرَ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ وُقُوعُهُ مِنْهُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا كَأَنْ نَوَى الرَّجُلُ الْحَيْضَ، وَقَدْ أَجْنَبَ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ غَالِطًا صَحَّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا عَلِمْت رَفْعُ حُكْمِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ لَا نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُرْفَعُ وَالْحُكْمُ يُضَافُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابُهُ وَإِضَافَتُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ كَإِضَافَتِهِ لِكُلِّهَا فَذِكْرُ السَّبَبِ وَعَدَمُهُ سِيَّانِ وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَصِحَّ هَذَا فِي صُورَةِ الْعَمْدِ إلَّا أَنَّهُمْ نَظَرُوا فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَلَاعِبًا وَذَكَرُوا أَنَّ الْحَيْضَ يَرْتَفِعُ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسُهُ مَعَ الْعَمْدِ لِتَعْلِيلِهِمْ إيجَابَ الْغُسْلِ فِي النِّفَاسِ بِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٍ وَتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ اسْمَ النِّفَاسِ مِنْ أَسْمَاءِ الْحَيْضِ وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَنِيَّةِ الْأَدَاءِ بِالْقَضَاءِ وَعَكْسِهِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ نِيَّةِ الْغُسْلِ) ، فَإِنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَدَاءِ الْغُسْلِ وَالْغُسْلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدَاءِ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ لَا وَقْتَ لَهُ مُقَدَّرٌ شَرْعًا

ص: 159

بِخِلَافِ نِيَّةِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَذِكْرُ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَنَحْوِ الْجَنَابَةِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِأَدَاءٍ أَوْ فَرْضِ الْغُسْلِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَدَاءِ فَرْضِ الْغُسْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ نِيَّةَ مَنْ بِهِ سَلَسُ مَنِيٍّ كَنِيَّةِ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا (مَقْرُونَةً بِأَوَّلِهِ) أَيْ الْغُسْلِ فَلَوْ نَوَى بَعْدَ غُسْلِ جُزْءٍ وَجَبَ إعَادَةُ غُسْلِهِ (وَتَعْمِيمُ ظَاهِرِ بَدَنِهِ) بِالْمَاءِ حَتَّى الْأَظْفَارِ وَالشَّعْرِ وَمَنْبَتِهِ، وَإِنْ كَثُفَ

ــ

[حاشية الجمل]

وَإِنْ أُرِيدَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْفِعْلُ سَاوَى نِيَّةَ الْغُسْلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْعِبَادَةِ اهـ ع ش وَفِيهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ بِالْمَنْدُوبِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا بِخِلَافِ نِيَّةِ الْغُسْلِ) أَيْ فَلَا تَكْفِي مَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ أَوْ نَحْوِهِ كَنَوَيْتُ الْغُسْلَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ وَفِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّهَا تَكْفِي خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ نَحْوِ مَسِّ الْمُصْحَفِ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا قَصَدَ حَاجَةً تُعَلِّمُهُ كَمَا فِي الْوُضُوءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً) أَيْ وَبِهِ فَارَقَ الْوُضُوءَ، وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْوَاجِبِ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَرَدَّدَ الْقَصْدُ فِيهِ بَيْنَ أَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ الْعَادِي كَالتَّنْظِيفِ وَالنَّدْبِ كَالْعِيدِ وَالْوُجُوبِ كَالْجَنَابَةِ احْتَاجَ إلَى التَّعْيِينِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدَثُ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَادَةً أَصْلًا وَلَا مَنْدُوبًا لِسَبَبٍ وَلَيْسَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ سَبَبًا لِلتَّجْدِيدِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُجَوِّزَةٌ لَهُ فَقَطْ لَا جَالِبَةٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَيْهَا فَافْهَمْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِمَّا يُكْتَبُ بِالتِّبْرِ فَضْلًا عَنْ الْحِبْرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَنِيَّةِ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ) أَيْ فَيَنْوِي الِاسْتِبَاحَةَ وَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالطَّهَارَةِ عَنْهُ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَجْلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا وَهُوَ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْمُرَادُ مِنْهَا رَفْعُ حُكْمِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَائِمِ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِحُكْمِهِ حُكْمُهُ الْعَامُّ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ لِدَائِمِ الْحَدَثِ وَفِيهِ هَلَّا حُمِلَ فِي حَقِّهِ عَلَى الْحُكْمِ الْخَاصِّ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا نَقَلَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ هَذَا السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ مَا لَفْظُهُ، فَإِنْ قِيلَ الْحَدَثُ الَّذِي يَنْوِي رَفْعَهُ هُوَ الْمَنْعُ وَالْمَنْعُ يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ قُلْت الْحَدَثُ مَنْعٌ مُتَعَلِّقُهُ كُلُّ صَلَاةٍ فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً وَكُلُّ طَوَافٍ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِ الْأَسْبَابِ، وَهَذَا الْمَنْعُ الْعَامُّ الْمُتَعَلِّقُ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ إنَّمَا يَرْتَفِعُ بِهِ مَنْعُ خَاصِّ الْمُتَعَلِّقِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ النَّوَافِلِ فَقَطْ أَوْ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا يُسْتَبَاحُ مَعَهَا وَالْخَاصُّ غَيْرُ الْعَامِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ الْخَاصَّ صَحَّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ اهـ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي الْوُضُوءِ فَلَا تَغْفُلْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا) أَيْ وَهُوَ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْعِ لَا تَكْفِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ النِّيَّاتِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ مَقْرُونَةٌ بِأَوَّلِهِ) بِالرَّفْعِ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَيَصِحُّ نَصْبُهَا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ عَامِلُهُ الْمَصْدَرُ الْمَلْفُوظُ بِهِ أَوَّلًا وَهُوَ نِيَّةُ وَتَقْدِيرُهُ وَأَقَلُّهُ أَنْ يَنْوِيَ كَذَا نِيَّةً مَقْرُونَةً اهـ شَرْحُ م ر وَلَا يَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِيَّةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَالِ أَنْ تَكُونَ نَفْسُ صَاحِبِهَا فِي الْمَعْنَى وَهِيَ هُنَا غَيْرُهُ، إذْ الِاقْتِرَانُ غَيْرُ النِّيَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ الْمَذْكُورُ هُنَا الْمُشْتَقُّ وَهُوَ مَقْرُونَةٌ لَا الْمَصْدَرُ وَهُوَ الِاقْتِرَانُ فَمَا هُنَا مِثْلُ قَوْلِك جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ فَالنَّصْبُ عَلَى الْحَالِيَّةِ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا مَقْرُونَةً بِأَوَّلِهِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَفَطَّنَ مَنْ يَغْتَسِلُ مِنْ نَحْوِ إبْرِيقٍ لِدَقِيقَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا طَهَّرَ مَحَلَّ النَّجْوِ بِالْمَاءِ غَسَلَهُ نَاوِيًا رَفْعَ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ غَفَلَ عَنْهُ بَعْدُ بَطَلَ غُسْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْمَسِّ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ أَوْ إلَى كَلَفَّةٍ لَفَّ خِرْقَةً عَلَى يَدِهِ اهـ وَهُنَا دَقِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إذَا نَوَى كَمَا ذُكِرَ وَمَسَّ بَعْدَ النِّيَّةِ وَرَفَعَ جَنَابَةَ الْيَدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ حَصَلَ بِيَدِهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ فَقَطْ فَلَا بُدَّ مِنْ غُسْلِهِ بَعْدَ رَفْعِ حَدَثِ الْوَجْهِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لِتَعَذُّرِ الِانْدِرَاجِ حِينَئِذٍ اهـ حَجّ اهـ ع ش وَالْمُخَلِّصُ لَهُ مِنْ الِاحْتِيَاجِ لِغَسْلِ الْيَدِ ثَانِيًا أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ هَذَا الْمَحِلِّ أَيْ مَحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ عَنْهُ فَقَطْ فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُ الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ حَتَّى الْأَظْفَارِ إلَخْ) أَيْ فَالْبَشَرَةُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ النَّاقِضِ فِي الْوُضُوءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا حَتَّى الْأَظْفَارِ وَالشَّعْرِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ غَسَلَ أَصْلَ الشَّعْرِ دُونَ أَطْرَافِهِ بَقِيَتْ الْجَنَابَةُ فِيهِ وَارْتَفَعَتْ عَنْ أُصُولِهَا فَلَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ الْآنَ أَوْ قَصَّ مِنْهُ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَغْسِلُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَغْسِلْ الْأُصُولَ أَوْ غَسَلَهَا، ثُمَّ قَصَّ مِنْ الْأَطْرَافِ مَا يَنْتَهِي لِحَدِّ الْمَغْسُولِ بِلَا زِيَادَةٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِالْحَلْقِ أَوْ الْقَصْرِ لِبَقَاءِ جَنَابَتِهِ بَعْدَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ اهـ ع ش عَلَى م ر، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّشِيدِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَنَصُّهُ فَلَوْ لَمْ يَعُمَّهُ أَيْ الشَّعْرَ كَأَنْ غَسَلَ بَعْضَهُ بَقِيَتْ جَنَابَةُ الْبَاقِي فَيَجِبُ غُسْلُهُ عَنْ الْجَنَابَةِ حَتَّى لَوْ قَطَعَهُ، وَلَوْ مِنْ أَسْفَلِ مَحَلِّ الْغُسْلِ أَوْ نَتَفَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ بِالْقَطْعِ أَوْ النَّتْفِ كَمَا نَقَلَهُ

ص: 160

وَمَا يَظْهَرُ مِنْ صِمَاخَيْ الْأُذُنَيْنِ، وَمِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ قُعُودِهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَمَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ مِنْ الْأَقْلَفِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ كَمَا فِي الْوُضُوءِ

ــ

[حاشية الجمل]

الشِّهَابُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَقِيَ بَعْضُ الشَّعْرِ بِلَا غَسْلٍ كَانَ مُخَاطَبًا بِرَفْعِ جَنَابَتِهِ بِالْغُسْلِ، وَالْقَطْعُ وَنَحْوُهُ لَا يَكْفِي عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَمَا يَظْهَرُ) مِنْ صِمَاخَيْ الْأُذُنَيْنِ بِأَنْ يَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ وَيَضَعَهَا بِرِفْقٍ عَلَى الْأُذُنِ مُمَيِّلًا لَهَا لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَعَاطِفِهَا مِنْ غَيْرِ نُزُولٍ لِلصِّمَاخِ فَيَضْرِبُهُ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الصَّائِمِ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَتَعَيَّنُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَإِنَّمَا سُنَّ تَعَهُّدُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِ الْمَاءِ وَأَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مُمَيِّلًا لَهَا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْغِمَاسُ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَتْ الْإِمَالَةُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ إذَا وَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الصِّمَاخَيْنِ بِسَبَبِ الِانْغِمَاسِ مَعَ إمْكَانِ الْإِمَالَةِ يَبْطُلُ صَوْمُهُ كَمَا أَفَادَ قَوْلُهُمْ يَتَأَكَّدُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ الْفِطْرِ بِوُصُولِ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ إذَا بَالَغَ الْفِطْرُ هُنَا لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ الْفِطْرِ إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ أُذُنَيْهِ لَوْ انْغَمَسَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَغْسَالِ الْوَاجِبَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهَا الْمَنْدُوبَةُ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهَا فِي الطَّلَبِ أَمَّا لَوْ اغْتَسَلَ لِمُجَرَّدِ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ وَوَصَلَ الْمَاءُ بِسَبَبِهِ إلَى بَاطِنِ الْأُذُنِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كِتَابِ الصَّوْمِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ.

وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ إلَخْ مَا نَصُّهُ بِخِلَافِ حَالَةِ الْمُبَالَغَةِ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءٍ غَيْرِ مَشْرُوعَيْنِ كَأَنْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي أَنْفِهِ أَوْ فَمِهِ لَا لِغَرَضٍ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ وَالْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الرَّابِعَةِ وَخَرَجَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ سَبْقُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ مِنْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ فَلَا يُفْطِرُ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أُذُنَيْهِ فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوهَا فَسَبَقَ الْمَاءُ إلَى الْجَوْفِ مِنْهُمَا لَا يُفْطِرُ وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ إمَالَةِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ لِعُسْرِهِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَصِلُ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ أَوْ دِمَاغِهِ بِالِانْغِمَاسِ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ أَنْ يَحْرُمَ الِانْغِمَاسُ وَيُفْطِرُ قَطْعًا نَعَمْ مَحِلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْغُسْلِ لَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُفْطِرُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا لَا يُفْطِرُ بِسَبْقِهِ مِنْ غَسْلِ نَجَاسَةٍ بِفِيهِ، وَإِنْ بَالَغَ فِيهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ صِمَاخَيْ الْأُذُنَيْنِ) بِكَسْرِ الصَّادِ فَقَطْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ قُعُودِهَا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَدَاخِلِ الْفَمِ حَيْثُ عُدَّ هَذَا مِنْ الظَّاهِرِ وَذَاكَ مِنْ الْبَاطِنِ هُوَ أَنَّ بَاطِنَ الْفَمِ لَيْسَ لَهُ حَالَةٌ يَظْهَرُ فِيهَا تَارَةً وَيَسْتَتِرُ أُخْرَى وَمَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ جَلَسَتْ عَلَى قَدَمَيْهَا وَيَسْتَتِرُ فِيمَا لَوْ قَامَتْ أَوْ قَعَدَتْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَانَ كَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَهِيَ مِنْ الظَّاهِرِ فَعُدَّ مِنْهُ فَوَجَبَ غَسْلُهَا دَائِمًا كَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ بِخِلَافِ دَاخِلِ الْفَمِ اهـ حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَمَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَزَالَهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهَا وَهِيَ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهِمَا مَا يَقْطَعُهُ الْخَاتِنُ مِنْ ذَكَرِ الْغُلَامِ وَيُقَالُ لَهَا غُرْلَةٌ بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمَحِلُّ وُجُوبِ غَسْلِ مَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ إنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ بِأَنْ أَمْكَنَ فَسْخُهَا وَإِلَّا وَجَبَتْ إزَالَتُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ بَيَانِ الْأَقَلِّ بِالنِّيَّةِ وَتَعْمِيمِ ظَاهِرِ الْبَدَنِ وَقَوْلُهُ لَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الظَّاهِرِ أَيْ بَلْ يُسَنَّانِ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً، وَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ لِلْغُسْلِ، وَلَمْ يُغْنِ الْوُضُوءُ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا بِوُجُوبِ كِلَيْهِمَا كَمَا فِي حَجّ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِهَا لحج وَلَا يَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ، وَإِنْ انْكَشَفَ بَاطِنُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ بِقَطْعِ سَاتِرِهِمَا، وَكَذَا بَاطِنُ الْعَيْنِ وَهُوَ مَا يَسْتَتِرُ عِنْدَ انْطِبَاقِ الْجَفْنَيْنِ، وَإِنْ انْكَشَفَ بِقَطْعِهِمَا كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَكَانَ وَجْهُ نَفْيِ هَذَا هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ قُوَّةُ الْخِلَافِ هُنَا وَعَدَمُ إغْنَاءِ الْوُضُوءِ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا بِوُجُوبِ كِلَيْهِمَا كَالْوُضُوءِ، وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ رِعَايَتُهُ بِالْإِتْيَانِ بِهِمَا مُسْتَقِلَّيْنِ انْتَهَتْ وَغَرَضُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إلَخْ الِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ هَذَا هُنَا مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُ وَحَاصِلُ الِاعْتِذَارِ أَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَوْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ أَوْ الِاسْتِنْشَاقَ كُرِهَ لَهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَدَارَكَ

ص: 161

وَلَا غَسْلُ شَعْرٍ نَبَتَ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْأَنْفِ، وَكَذَا بَاطِنُ عُقَدِهِ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ (وَأَكْمَلُهُ إزَالَةُ قَذَرٍ) بِمُعْجَمَةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ نَجِسًا كَمَنِيٍّ وَوَدْيٍ اسْتِظْهَارًا.

(فَتَكْفِي غَسْلَةٌ) وَاحِدَةٌ (لِنَجَسٍ وَحَدَثٍ) ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُمَا وَاحِدٌ، وَقَدْ حَصَلَ (ثُمَّ) بَعْدَ إزَالَةِ الْقَذَرِ (وُضُوءٌ)

ــ

[حاشية الجمل]

ذَلِكَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ غُسْلِهِ، ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ لَمْ يَحْتَجْ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ إلَى إعَادَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ فِي الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ إلَى إعَادَةِ غَسْلِهِمَا بَعْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ بَطَلَتْ بِالْحَدَثِ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ لَمْ يَحْتَجْ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ إلَى إعَادَتِهِ قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ قَضِيَّةَ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ الَّتِي هِيَ مَلْحَظُ السُّنِّيَّةِ أَنْ تُسَنَّ الْإِعَادَةُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الِانْدِرَاجِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ حَصَلَتْ السُّنِّيَّةُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ الْمَأْمُورِ بِهَا لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ سُنَّ الْوُضُوءُ لِمُرَاعَاتِهِ فَبِالْوُضُوءِ الْأَوَّلِ حَصَلَتْ سُنَّةُ الْغُسْلِ الْمَأْمُورُ بِهَا لِلِاتِّبَاعِ وَبِالْوُضُوءِ ثَانِيًا حَصَلَ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا غَسْلُ شَعْرٍ نَبَتَ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْأَنْفِ) أَيْ، وَإِنْ طَالَ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ، وَكَذَا بَاطِنُ عُقَدِهِ) أَيْ عُقَدِ شَعْرِ ظَاهِرِ الْبَدَنِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ لِشَعْرِ دَاخِلِ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ أَيْضًا، وَكَذَا بَاطِنُ عُقَدِهِ) أَيْ إنْ تَعَقَّدَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَثُرَ اهـ حَجّ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَصَّرَ صَاحِبُهُ بِأَنْ لَمْ يَتَعَهَّدْهُ بِدُهْنٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ تَكَلُّفِهِ تَعَهُّدَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر أَمَّا إذَا تَعَقَّدَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ) أَيْ لِسَلَامَتِهِ مِمَّا أَوْرَدَ عَلَى مَنْطُوقِهِ مِنْ الظُّفُرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَغَيْرُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُنْدَرِجٌ فِي الْبَشَرَةِ، إذْ هِيَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَكْمَلَهُ) أَيْ الْغُسْلَ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(تَنْبِيهٌ) مِنْ السُّنَنِ هُنَا التَّسْمِيَةُ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنْ يَقْتَصِرَ هُنَا عَلَى بِسْمِ اللَّهِ لَكِنْ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُضِيفَ إلَيْهَا الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا عَلَى قَصْدِ الْقِرَاءَةِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ أَرَادَ الرَّجُلُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى وَصِفَةُ التَّسْمِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ، فَإِنْ زَادَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ جَازَ وَلَا يَقْصِدُ بِهَا الْقِرَاءَةَ انْتَهَتْ وَعِبَارَتُهُ فِي الْوُضُوءِ، فَإِنْ زَادَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ جَازَ وَلَا يَقْصِدُ بِهَا الْقِرَاءَةَ انْتَهَتْ، ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْمَلَ التَّسْمِيَةِ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَإِنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَقَطْ حَصَلَ أَفْضَلِيَّةُ التَّسْمِيَةِ بِلَا خِلَافٍ اهـ فَتَأَمَّلْهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ إزَالَةُ قَذَرٍ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يَغْسِلُ الْقَذَرَ قَبْلَ غَسْلِ مَحِلِّهِ عَنْ الْحَدَثِ بِأَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى الْغُسْلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَغْتَسِلَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَبُولَ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ اسْتِظْهَارًا) أَيْ طَلَبًا لِظُهُورِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ فَتَكْفِي غَسْلَةٌ لِنَجَسٍ وَحَدَثٍ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةً أَوْ عَيْنِيَّةً وَزَالَتْ أَوْصَافُهَا بِتِلْكَ الْمَرَّةِ هَذَا مَحَلُّ خِلَافِ الشَّيْخَيْنِ وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنِيَّةً، وَلَمْ تَزُلْ أَوْصَافُهَا وَجَبَ لِصِحَّةِ الْغُسْلِ تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِهِمَا اهـ شَيْخُنَا ح ف وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَالْعَيْنِيَّةِ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا لَمْ تَحِلَّ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْعُضْوِ سَوَاءٌ كَثُرَ الْمَاءُ أَوْ قَلَّ أَوْ أَزَالَهَا بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاتِهِ لَهَا وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ قَطْعًا وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهَا بِغَيْرِ الْمُغَلَّظَةِ أَيْضًا فَغَسْلُهَا بِدُونِ تَتْرِيبٍ أَوْ بِهِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ السَّبْعِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ هُنَا مَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ قَبْلَ غُسْلِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهِ ثَمَّ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا هُنَا انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ أَوْ بِهِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ السَّبْعِ وَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ تَصِحُّ النِّيَّةُ قَبْلَ السَّابِعَةِ فَأَجَابَ م ر بِعَدَمِ صِحَّتِهَا قَبْلَهَا، إذْ الْحَدَثُ إنَّمَا يَرْتَفِعُ بِالسَّابِعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَرْنِ النِّيَّةِ بِهَا وَعِنْدِي إنَّهَا تَصِحُّ قَبْلَهَا حَتَّى مَعَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ كُلَّ غَسْلَةٍ لَهَا مَدْخَلٌ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ فَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِأَوَّلِ الْغُسْلِ الْوَاقِعِ وَالسَّابِعَةُ وَحْدَهَا لَمْ تَرْفَعْ، إذْ لَوْلَا الْغَسَلَاتُ السَّابِقَةُ عَلَيْهَا مَا رَفَعَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مُوجَبَهُمَا وَاحِدٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ يَعْنِي أَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْحَدَثُ وَالْخَبَثُ وَاحِدٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وُضُوءٌ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْغُسْلُ مَسْنُونًا خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْوَاجِبِ كَالْمَحَامِلِيِّ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ قَبْلَ الْغُسْلِ، ثُمَّ فِي أَثْنَائِهِ وَيَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ إنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ وَإِلَّا نَوَى لَهُ نِيَّةً مُعْتَبَرَةً

ص: 162

لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ أَوْ بَعْضَهُ عَنْ الْغُسْلِ، (ثُمَّ تَعَهُّدُ مَعَاطِفِهِ) وَهِيَ مَا فِيهِ انْعِطَافٌ وَالْتِوَاءٌ كَإِبْطٍ وَغُضُونِ بَطْنٍ (وَتَخْلِيلُ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ) بِالْمَاءِ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ الْعَشْرَ فِيهِ فَيُشَرِّبُ بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ (ثُمَّ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ) وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ هَذَيْنِ مَعَ ذِكْرِ اللِّحْيَةِ مِنْ زِيَادَتِي (ثُمَّ) إفَاضَتُهُ عَلَى (شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ الْيَمِينَ فِي طُهُورِهِ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ وَأَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِ الْمَاءِ

ــ

[حاشية الجمل]

فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ لَا تُنْدَبُ إعَادَتُهُ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ تُنْدَبُ إعَادَتُهُ.

قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش، فَإِنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَإِلَّا نَوَى بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَفَائِدَةُ بَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بَعْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ بِنِيَّتِهِ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ انْتَهَتْ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ مِنْ انْدِرَاجِهِ فِي الْغُسْلِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَهُوَ الْقَائِلُ بِعَدَمِ الِانْدِرَاجِ فَلَا يَحْصُلُ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ إلَّا بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ الْغُسْلِ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي هَذَا اهـ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْوُضُوءَ لِلْغُسْلِ فَتَارَةً يَكُونُ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ وَتَارَةً لَا فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ فَإِمَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْغُسْلِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ مِنْ نِيَّةٍ مَنْ نِيَّاتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَإِنْ تَوَضَّأَ بَعْدَ الْغُسْلِ، فَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فَكَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ فَيَكْفِيهِ نِيَّةُ سُنَّةِ الْغُسْلِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْغُسْلِ تَعَيَّنَ أَنْ يَنْوِيَ بِالْوُضُوءِ سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَإِنْ تَوَضَّأَ بَعْدَهُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إرَادَةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَعَدَمِهَا اهـ شَيْخُنَا ح ف لَكِنَّ قَوْلَهُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ سَبَبُهُ عِنْدَهُ عَدَمُ الِانْدِرَاجِ وَلَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي هَذَا الشِّقِّ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا، ثُمَّ وُضُوءٌ) لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، هَلْ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْوُضُوءِ فِي الْأُولَى أَوْ غَسْلِ مَا غَسَلَ فِي الثَّانِيَةِ لِتَحْصُلَ لَهُ السُّنَّةُ أَمْ لَا؟ أَجَابَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَا يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْغُسْلِ إلَى إعَادَتِهِ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ وَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِهِ لِتَحْصِيلِهَا فِيمَا إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ فَتَاوَى وَأَجَابَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ أَيْ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ تَأَمَّلْ وَمِثْلُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي طَلَبِ الْوُضُوءِ وَسَائِرِ السُّنَنِ الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ وَالْغُسْلُ الْوَاجِبُ لِتَمْكِينِ الْحَلِيلِ مِنْ الْكَافِرَةِ وَغُسْلِ الْحَائِضِ لِنَحْوِ الْإِحْرَامِ فَلْيُحَرَّرْ.

(فَرْعٌ) لَوْ تَوَضَّأَ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ مَثَلًا، ثُمَّ أَرَادَ الْغُسْلَ فِي الْحَالِ فَهَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِلْغُسْلِ أَوْ يَكْتَفِي بِوُضُوءِ نَحْوِ الْأَكْلِ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ عَنْ غُسْلِ دُخُولِهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي اهـ م ر أَعْنِي الِاكْتِفَاءَ.

(فَرْعٌ) هَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِكُلِّ أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَثَلًا أَوْ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ الشَّيْخُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَدْ تَعَرَّضَ لِنَقْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي هَامِشٍ الْعُبَابِ فَرَاجِعْ الْحَاشِيَةَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعَهُّدُ مَعَاطِفِهِ) أَيْ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَأَعْلَى بَدَنِهِ عَلَى أَسْفَلِهِ وَالشِّقِّ الْأَيْمَنِ مِنْ رَأْسِهِ عَلَى الْأَيْسَرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَإِبْطٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبِسُكُونِهَا وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَتَأَبَّطَ الشَّيْءَ وَضَعَهُ تَحْتَ إبْطِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْإِبْطُ مَا تَحْتَ الْجَنَاحِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هُوَ الْإِبْطُ وَهِيَ الْإِبْطُ، وَمِنْ كَلَامِهِمْ وَرَفَعَ السَّوْطَ حَتَّى بَرِقَتْ إبْطُهُ وَالْجَمْعُ آبَاطٌ، مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ وَيَزْعُمُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ كَسْرَ الْبَاءِ لُغَةٌ وَهُوَ غَيْرُ ثَبْتٍ وَتَأَبَّطَ الشَّيْءَ جَعَلَهُ تَحْتَ إبْطِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَغُضُونِ بَطْنٍ) أَيْ وَدَاخِلِ سُرَّةٍ وَبَيْنَ الْبَيْنِ وَتَحْتَ أَظْفَارٍ وَرُكْبَتَيْنِ وَدَاخِلِ أُذُنَيْنِ وَمُوقِ عَيْنٍ، وَكَذَا الْمَقْبَلُ مِنْ الْأَنْفِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْغُضُونُ مَكَاسِرُ الْجِلْدِ وَمَكَاسِرُ كُلِّ شَيْءٍ غُضُونٌ أَيْضًا الْوَاحِدُ غَضَنٌ مِثْلُ أَسَدٍ وَأُسُودٍ وَفَلَسٍ وَفُلُوسٍ. (قَوْلُهُ فَيُشَرِّبُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إفَاضَتُهُ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ) وَيُقَدَّمُ مُقَدِّمُهُ عَلَى مُؤَخِّرُهُ، وَكَذَا الْأَيْسَرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفَارَقَ غُسْلَ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخِّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدِّمِ لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَى الْحَيِّ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِاسْتِوَائِهِمَا مَرْدُودٌ وَعَلَى الْفَرْقِ لَوْ فَعَلَ هُنَا مَا يَأْتِي ثَمَّ كَانَ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمُقَدِّمِ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ دُونَ مُؤَخِّرِهِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ مُقَدِّمِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ الْبُدَاءَةُ فِي الرَّأْسِ بِالْأَيْمَنِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ

ص: 163

(وَدَلْكٌ) لِمَا وَصَلَتْ إلَيْهِ يَدُهُ مِنْ بَدَنِهِ احْتِيَاطًا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَتَثْلِيثٌ) كَالْوُضُوءِ فَيَغْسِلُ رَأْسَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثَلَاثًا، ثُمَّ الْأَيْسَرَ ثَلَاثًا وَيُدَلِّكُ ثَلَاثًا وَيُخَلِّلُ ثَلَاثًا (وَوَلَاءٌ) كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ثَمَّ وَالْأَصْلُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ (وَأَنْ تُتْبِعَ غَيْرُ مُحِدَّةٍ أَثَرَ نَحْوِ حَيْضٍ) كَنِفَاسٍ (مِسْكًا) بِأَنْ تَجْعَلَهُ عَلَى قُطْنَةٍ وَتُدْخِلَهَا فَرْجَهَا بَعْدَ اغْتِسَالِهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ لِلْأَمْرِ بِهِ مَعَ تَفْسِيرِ عَائِشَةَ لَهُ بِذَلِكَ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَتَطْيِيبًا لِلْمَحَلِّ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مِسْكًا (فَطِيبًا) ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ (فَطِينًا) ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ فَالْمَاءُ كَافٍ أَمَّا الْمُحَدَّةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُ الْمِسْكِ وَالطِّيبِ نَعَمْ تَسْتَعْمِلُ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ قُسْطٍ

ــ

[حاشية الجمل]

الزَّرْكَشِيُّ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَا يُفِيضُهُ يَكْفِي كُلَّ رَأْسِهِ وَإِلَّا بَدَأَ بِالْأَيْمَنِ كَمَا يَبْدَأُ بِهِ الْأَقْطَعُ وَفَاعِلُ التَّخْلِيلِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ أَيْ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْغَاسِلَ يُقَلِّبُهُ أَوَّلًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيُغَسِّلُ الْأَيْمَنَ مِنْ خَلْفٍ، ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى " ظَهْرِهِ فَهَاتَانِ مَرَّتَانِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَيْسَرِ وَفِي غَسْلِ الْأَيْسَرِ مَرَّتَانِ كَهَاتَيْنِ فَيَكُونُ تَقْلِيبُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ الْمُقَدِّمَ أَيْمَنَ وَأَيْسَرَ أَوْ لَا، فَإِنَّهُ يُقَلِّبُهُ مَرَّتَيْنِ أَوَّلًا عَلَى الْأَيْسَرِ لِيَغْسِلَ الْأَيْمَنَ مِنْ خَلْفٍ، ثُمَّ عَلَى الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ مِنْ خَلْفٍ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَيْفِيَّتَيْنِ وَظَهَرَ رَدُّ الشَّارِحِ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ. (قَوْلُهُ وَدَلْكٌ) أَيْ دَعْكٌ وَتَمْرِيسٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ دَلَكَهُ مَرَسَهُ وَدَعَكَهُ وَذَلِكَ غَيْرُهُ إذَا مَرَسَهُ وَتَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لِمَا وَصَلَتْ إلَيْهِ يَدُهُ) هَذِهِ إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعَانَةٌ فِي غَيْرِ مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ يَدُهُ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا وَهِيَ الَّتِي نَقَلَهَا ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ عِنْدَهُمْ فَكَلَامُ الشَّارِحِ صَحِيحٌ وَمَنْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ نَظَرَ لِلْحَقِيقَةِ الْأُخْرَى الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا خَلِيلٌ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَمَدَةٍ عِنْدَهُمْ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ مَا لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ يَدُهُ يَتَوَصَّلُ إلَى دَلْكِهِ بِيَدِ غَيْرِهِ مَثَلًا، إذْ الْمُخَالِفُ يُوجِبُ ذَلِكَ اهـ حَجّ انْتَهَتْ.

وَحَاصِلُ تَحْرِيرِ كَيْفِيَّةِ الدَّلْكِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَتَحْرِيرِ الْخِلَافِ فِيهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الرِّسَالَةِ مَعَ شَرْحِهَا لِلنَّفْرَاوِيِّ الْكَبِيرِ وَنَصُّهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى جَسَدِهِ أَنْ يَتَدَلَّكَ مَعَ الْقُدْرَةِ بِيَدَيْهِ أَوْ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ سِوَاهُمَا، وَلَوْ بِخِرْقَةٍ وَيَكُونُ الدَّلْكُ مُقَارِنًا لِلصَّبِّ أَوْ بِإِثْرِ صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ الْمَدْلُوكِ وَهَكَذَا يَفْعَلُ حَتَّى يَعُمَّ جَسَدَهُ بِالْمَاءِ وَالدَّلْكِ، وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ بِدُونِ الدَّلْكِ لَا يُسَمَّى غُسْلًا عِنْدَ مَالِكٍ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى انْغِمَاسًا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِلصَّبِّ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْ الْعُضْوِ لَصَارَ مَسْحًا. وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الدَّلْكِ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ فِيمَا يَصِحُّ لَهُ مُبَاشَرَتُهُ لَا فِي دَلْكِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ سَقَطَ وَعَمَّمَ جَسَدَهُ بِالْمَاءِ، وَإِنْ اسْتَنَابَ غَيْرَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالدَّلْكُ لَا يَصِحُّ بِالتَّوْكِيلِ إلَّا لِذِي آفَةٍ أَوْ عَلِيلٍ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِنَابَةِ عَلَى الْعَاجِزِ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ هُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَمَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الِاسْتِنَابَةُ قَالَ الْمَوَّاقُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا عَجَزَ عَنْهُ سَاقِطٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَشْبَهَ بِيُسْرِ الدِّينِ فَيُوَالِي صَبَّ الْمَاءِ وَيُجْزِئُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَوَلَاءٌ) ، وَكَذَا التَّسْمِيَةُ وَالذِّكْرُ عَقِبَهُ وَالِاسْتِقْبَالُ وَيَأْتِي هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ تَرْكِ النَّفْضِ وَتَرْكِ التَّنْشِيفِ وَالِاسْتِعَانَةِ فِي صَبِّ الْمَاءِ وَتَرْكِ التَّكَلُّمِ لِغَيْرِ عُذْرٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ غَيْرُ مُحِدَّةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْإِحْدَادِ وَهُوَ تَرْكُ الزِّينَةِ وَالِامْتِنَاعُ مِنْهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، وَلَوْ خَلِيَّةً أَوْ عَجُوزًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُ الْمُحِدَّةِ الصَّائِمَةُ وَالْمُحْرِمَةُ فَلَا يَسْتَعْمِلَانِ شَيْئًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ إلْحَاقُ الْمُحْرِمَةِ إلَخْ ضَعِيفٌ اهـ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ إثْرَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحِهِمَا اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ نَحْوِ حَيْضٍ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وُجُودُ الدَّمِ، وَلَوْ دَمَ فَسَادٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ فَمَنْ لَا دَمَ لَهَا لَا تَتَّبِعُ شَيْئًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ مِسْكًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَقِيلَ بِفَتْحِ الْمِيمِ الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ مُعَرَّبُ مشك بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مِسْكًا) أَيْ أَوْ وَجَدَتْهُ، وَلَمْ تُرِدْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ فَالْمَاءُ) أَيْ مَاءُ الْغُسْلِ كَافٍ أَيْ فِي دَفْعِ الْكَرَاهَةِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا اللَّوْمُ فِي تَرْكِ هَذِهِ السُّنَّةِ أَيْ أَوْ مَاءٌ آخَرُ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ وَالْمُرَادُ بِكِفَايَتِهِ الْغُسْلُ الشَّرْعِيُّ لَا إدْخَالُ الْمَاءِ فِي الْفَرْجِ بَدَلَ الطِّيبِ وَيُسَنُّ أَنْ تُقَدِّمَ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الطِّينِ نَوَى الزَّبِيبِ، ثُمَّ نَوَى التَّمْرِ، ثُمَّ مُطْلَقَ النَّوَى، ثُمَّ مَا لَهُ رِيحٌ طَيِّبٌ، ثُمَّ الْمِلْحَ، ثُمَّ الْمَاءَ، فَإِنْ تَرَكَتْ ذَلِكَ كُرِهَ وَلَا يُنْدَبُ لَهَا تَطْيِيبُ مَا أَصَابَهُ دَمُ الْحَيْضِ مِنْ بَقِيَّةِ بَدَنِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ مِنْ قُسْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ

ص: 164

أَوْ أَظْفَارٍ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ الْمُحْرِمَةِ بِهَا وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْمُحَدَّةِ مَعَ ذِكْرِ نَحْوِ وَالطِّينِ مِنْ زِيَادَتِي (وَأَنْ لَا يَنْقُصَ) فِي مُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ (مَاءُ وُضُوءٍ عَنْ مُدٍّ وَغُسْلٍ عَنْ صَاعٍ) تَقْرِيبًا فِيهِمَا لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ حَتَّى لَوْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ وَأَسْبَغَ أَجْزَأَ وَيُكْرَهُ الْإِسْرَافُ فِيهِ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ.

(وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ (بِخِلَافِ وُضُوءٍ) فَيُسَنُّ تَجْدِيدُهُ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (صَلَّى بِهِ) صَلَاةً مَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ خَبَرَ «مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» .

ــ

[حاشية الجمل]

وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تُبْدَلُ الْقَافُ كَافًا وَالطَّاءُ تَاءً شَيْءٌ مِنْ عَقَاقِيرِ الْبَحْرِ مَعْرُوفٌ وَالْقُسْطُ الْهِنْدِيُّ هُوَ عُودُ الْبَخُورِ الْمَعْرُوفُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَشَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ أَظْفَارٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الظَّاءِ شَيْءٌ مِنْ الطِّيبِ أَسْوَدُ مُغْلَقٌ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى شَكْلِ ظُفُرِ الْإِنْسَانِ يُجْعَلُ فِي الدَّغْتَةِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ الْمُحْرِمَةِ بِهَا) ضَعِيفٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَيَحْتَمِلُ مَنْعُهَا مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ مُطْلَقًا لِقَصْرِ زَمَنِ الْإِحْرَامِ غَالِبًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ اهـ م ر اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَنْقُصَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا فَقَوْلُهُ مَاءُ وُضُوءٍ فَاعِلٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَمَفْعُولٌ عَلَى الثَّانِي اهـ شَوْبَرِيٌّ وَيَجُوزُ أَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ مَعَ كَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً وَهُوَ مُتَعَدِّيًا لَا غَيْرَ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَجُوزُ فِيهِ ضَمُّ الْيَاءِ وَكَسْرُ الْقَافِ مُخَفَّفَةً اهـ شَيْخُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ عَدَمُ النَّقْصِ لَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُدِّ وَالصَّاعِ وَعَبَّرَ آخَرُونَ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ الْمُدُّ وَالصَّاعُ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا قَالَ الْخَطِيبُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الرِّفْقَ مَحْبُوبٌ اهـ س ل. (قَوْلُهُ فِي مُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ) أَمَّا غَيْرُهُ فَيُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَسَدِهِ صلى الله عليه وسلم زِيَادَةً وَنَقْصًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» فَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْوُضُوءِ عَنْ الْمُدِّ وَالْغُسْلِ عَنْ الصَّاعِ نَعَمْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَضَئِيلُ الْخِلْقَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِنْ الْمَاءِ قَدْرًا يَكُونُ نِسْبَتُهُ إلَى جَسَدِهِ كَنِسْبَةِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ إلَى جَسَدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَمُتَفَاحِشُهَا فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَعَظْمِ الْبَطْنِ وَغَيْرِهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ مِقْدَارٍ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَدَنِهِ كَنِسْبَةِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ إلَى بَدَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ «تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ فِيهِ قَدْرُ ثُلْثَيْ مُدٍّ» وَجَاءَ أَيْضًا أَنَّهُ «تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ يَسَعُ رِطْلَيْنِ» وَجَاءَ أَيْضًا عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ» وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ «كَانَ يَغْتَسِلُ بِخَمْسَةِ مَكَاكِيكَ وَيَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ» وَهُوَ إنَاءٌ يَسَعُ الْمُدَّ.

وَفِي رِوَايَةٍ «كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ قَدَحٍ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا» وَهِيَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأُسْتَاذِ الْأَعْظَمِ وَالْعَارِفِ الْأَفْخَمِ الْأَكْرَمِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهَا كَانَتْ اغْتِسَالَاتٍ فِي أَحْوَالٍ وَجَدَ فِيهَا أَكْثَرَ مَا اسْتَعْمَلَهُ وَأَقَلَّهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي قَدْرِ مَاءِ الطَّهَارَةِ يَجِبُ اسْتِيفَاؤُهُ بَلْ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ كَمَا مَرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ) وَهُوَ بِالْمِصْرِيِّ رِطْلٌ تَقْرِيبًا اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جَدَّدَ وُضُوءَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً مَا بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا غَيْرُ مَشْرُوعٍ اهـ ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُهُ التَّيَمُّمُ وَوُضُوءُ دَائِمِ الْحَدَثِ عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمَثَّلَهُ ع ش. (قَوْلُهُ فَيُسَنُّ تَجْدِيدُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ فَلَمَّا نُسِخَ وُجُوبُهُ بَقِيَ أَصْلُ طَلَبِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَيُسَنُّ تَجْدِيدُهُ) ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ مَاءٍ لَا يَكْفِيهِ اسْتَعْمَلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي طِرَازِ الْمَحَافِلِ وَيَتَيَمَّمُ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ أَوْ تَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ صَلَّى بِهِ) أَيْ وَلَوْ سُنَّةَ الْوُضُوءِ.

وَفِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ غَيْرَ سُنَّةِ الْوُضُوءِ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّسَلْسُلُ إلَّا إذَا قُلْنَا لَا سُنَّةَ لِلْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ بِلَالٍ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ صَلَاةً مَا) أَيْ، وَلَوْ رَكْعَةً إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، وَكَذَا صَلَاةُ جِنَازَةٍ وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ لَا نَحْوِ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ لِعَدَمِ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَلَاةً وَلَا طَوَافٍ، وَإِنْ كَانَ مُلْحَقًا بِالصَّلَاةِ، فَإِنْ جَدَّدَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ كُرِهَ تَنْزِيهًا وَصَحَّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ حَرُمَ وَعِنْدَ الْعَلَّامَةِ حَجّ إنْ قَصَدَ بِهِ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا وَنُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ ز ي أَيْضًا نَعَمْ لَوْ عَارَضَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْهُ وَيُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِمَاسِحِ الْخُفِّ وَفِي الْوُضُوءِ الْمُكَمَّلِ بِالتَّيَمُّمِ لِجِرَاحَةٍ وَنَحْوِهَا. وَأَمَّا التَّيَمُّمُ نَفْسُهُ فَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ، وَلَوْ مُكَمِّلًا لِلْوُضُوءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ وَفِي الْوُضُوءِ الْمُكَمَّلِ بِالتَّيَمُّمِ إلَخْ أَيْ فَيُعِيدُ الْغُسْلَ دُونَ التَّيَمُّمِ قَالَ حَجّ وَفِي كَوْنِ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ الطَّهَارَةِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ إنَّمَا هُوَ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِ بَعْضِهَا الْآخَرِ اهـ ح ل.

(فَرْعٌ)

ص: 165

(وَمَنْ اغْتَسَلَ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ) كَجَنَابَةٍ وَجُمُعَةٍ (حَصَلَا) أَيْ غُسْلَاهُمَا (أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ) غُسْلُهُ (فَقَطْ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِي كُلٍّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ النَّفَلُ فِي الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فَأَشْبَهَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ التَّحِيَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ بِصَلَاةٍ، وَقَدْ حَصَلَ وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ وَقَوْلِي لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِجَنَابَةٍ وَجُمُعَةٍ.

(وَمَنْ أَحْدَثَ وَأَجْنَبَ) ، وَلَوْ مُرَتَّبًا هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ أَحْدَثَ، ثُمَّ

ــ

[حاشية الجمل]

كَثِيرٌ مِنْ الطَّلَبَةِ تَخَيَّلَ إشْكَالًا يَتَعَلَّقُ بِالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَلَّى بِالْأَوَّلِ طَلَبَ لَهُ التَّجْدِيدَ فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ وَأَقُولُ لُزُومُ التَّسَلْسُلِ مَمْنُوعٌ وَتَخَيُّلُهُ غَفْلَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَطْلُبُ التَّجْدِيدَ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ وَأَرَادَ صَلَاةً أُخْرَى مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ وَإِرَادَةُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى وَبَقَاءُ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُرِيدَ وَأَنْ لَا يَبْقَى وُضُوءُهُ فَأَيْنَ لُزُومُ التَّسَلْسُلِ فَاعْرِفْهُ وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ صَلَّى وَأَرَادَ التَّجْدِيدَ فَحَصَلَ لَهُ جَنَابَةٌ فَاغْتَسَلَ لَهَا هَلْ يَدْخُلُ الْوُضُوءُ الْمُجَدَّدُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَرَادَهُ صَارَ مَطْلُوبًا أَمْ لَا وَأَقُولُ قِيَاسُ انْدِرَاجِ حَدَثِهِ الْأَصْغَرِ فِي الْجَنَابَةِ حُصُولُهُ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُنْدَبُ لِلْجُنُبِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً وَلِلْحَائِضِ بَعْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا الْوُضُوءُ لِنَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ، وَهَذَا الْوُضُوءُ لَا تُبْطِلُهُ نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ كَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ، وَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ جِمَاعٌ آخَرُ وَلِهَذَا يَلْغُزُ فَيُقَالُ لَنَا وُضُوءٌ لَا تُبْطِلُهُ الْأَحْدَاثُ وَهُوَ هَذَا قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ لَا يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ أَوْ يَقُصَّ أَظَافِرَهُ أَوْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ أَوْ عَانَتَهُ أَوْ يُخْرِجَ دَمًا أَوْ يُبَيِّنَ جُزْءًا مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ جُنُبٌ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ تُرَدُّ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَيُبْعَثُ عَلَيْهَا فَتَعُودُ بِصِفَةِ الْجَنَابَةِ وَيُقَالُ إنَّ كُلَّ شَعْرَةٍ تُطَالِبُ بِجَنَابَتِهَا.

قَالَ شَيْخُنَا وَفِي عَوْدِ نَحْوِ الدَّمِ نَظَرٌ، وَكَذَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْعَائِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّمَا هُوَ الْأَجْزَاءُ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا لَا نَقْصَ نَحْوِ عُضْوٍ مَثَلًا فَرَاجِعْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَقَوْلُهُ وَيُقَالُ إنَّ كُلَّ شَعْرَةٍ تُطَالِبُ بِجَنَابَتِهَا وَفَائِدَتُهُ التَّوْبِيخُ وَاللَّوْمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَاعِلِ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ قَصَّرَ كَأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَغْتَسِلْ وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ فَجَأَهُ الْمَوْتُ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَمَنْ اغْتَسَلَ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ إلَخْ) أَمَّا إذَا اغْتَسَلَ لِنَفَلَيْنِ كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ، فَإِنْ نَوَاهُمَا فَظَاهِرٌ أَوْ أَحَدَهُمَا حَصَلَ الْآخَرُ قِيلَ مِنْ جِهَةِ الثَّوَابِ وَسُقُوطِ الطَّلَبِ، وَقِيلَ مِنْ جِهَةِ السُّقُوطِ فَقَطْ وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْفِهِ، فَإِنْ نَفَاهُ لَمْ يَحْصُلْ أَصْلًا. وَأَمَّا إذَا اغْتَسَلَ لِفَرْضَيْنِ، فَإِنْ كَانَا وَاجِبَيْنِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَجَنَابَةٍ وَحَيْضٍ حَصَلَا سَوَاءٌ نَوَاهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِ أَوْ نَفَاهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَا وَاجِبَيْنِ لَا بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَنَذْرَيْنِ أَوْ نَذْرٍ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَجَنَابَةٍ وَغُسْلِ جُمُعَةٍ مَنْذُورٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ إلَّا مَا نَوَاهُ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَمَنْ اغْتَسَلَ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ إلَخْ، وَلَوْ طُلِبَ مِنْهُ أَغْسَالٌ مُسْتَحَبَّةٌ كَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَجُمُعَةٍ وَنَوَى أَحَدَهَا حَصَلَ الْجَمِيعُ لِمُسَاوَاتِهَا الْمَنْوِيَّةَ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَسْبَابُ أَغْسَالٍ وَاجِبَةٍ وَنَوَى أَحَدَهَا؛ لِأَنَّ مَبْنَى الطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ كَجَنَابَةٍ وَجُمُعَةٍ) أَيْ كَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَغُسْلِ جُمُعَةٍ وَإِلَّا فَنَفْسُ الْجَنَابَةِ لَيْسَتْ فَرْضًا وَنَفْسُ الْجُمُعَةِ لَيْسَتْ نَفْلًا اهـ عَشْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ فَقَطْ) قَالَ حَجّ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَاجِبِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ، وَكَذَا عَكْسُهُ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّهُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ بِذَلِكَ لِعُذْرِهِ وَأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ أَوْ أَحَدِ نَفَلَيْنِ فَأَكْثَرَ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ حَصَلَ الْآخَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الطَّهَارَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّدَاخُلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُصُولِ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ سُقُوطُ طَلَبِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ اهـ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ بِذَلِكَ فَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ غَلَطًا حَصَلَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ اهـ سم وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِأَحَدِ الْوَاجِبَيْنِ إلَخْ قَالَ الشَّيْخُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي وَاجِبَيْنِ عَنْ حَدَثٍ إمَّا وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ حَدَثٍ كَجَنَابَةٍ وَالْآخَرُ عَنْ نَذْرٍ فَالْمُتَّجَهُ عِنْدَ م ر أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا لَا تَتَضَمَّنُ الْآخَرَ أَمَّا نِيَّةُ الْمَنْذُورِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا نِيَّةُ الْآخَرِ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ جِنْسٌ آخَرُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَنْ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ كَانَا عَنْ نَذْرَيْنِ اتَّجَهَ عَدَمُ حُصُولِ أَحَدِهِمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم.

(فَرْعٌ) وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ غُسْلٌ مَسْنُونٌ وَأَرَادَ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْهُ وَعَنْ حَدَثٍ تَيَمُّمًا وَاحِدًا، هَلْ يَجُوزُ التَّشْرِيكُ وَيَحْصُلَانِ حَرَّرَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ وَهِيَ الْحُصُولُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَعَ كَلَامٍ طَوِيلٍ يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ إلَخْ) التَّعْبِيرُ بِهِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ " شَغْلُ ".

وَفِي الْمُخْتَارِ شَغْلٌ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا مَعَ ضَمِّ الشِّينِ فِيهِمَا، وَشَغْلٌ بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ

ص: 166