المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) في صلاة النفل - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ١

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا]

- ‌[فَرْعٌ دُخَانُ النَّجَاسَةِ]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي مُقْتَضِي سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ النَّفْلِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعْهُمَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ قَصْرِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

الفصل: ‌(باب) في صلاة النفل

- صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا» وَالسُّجُودُ لِلْمُصِيبَتَيْنِ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُمَا (وَيُظْهِرُهَا) أَيْ: السَّجْدَةَ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ وَلِانْدِفَاعِ نِقْمَةٍ وَلِلْفَاسِقِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرَهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ (لَا لَهُ) أَيْ لِلْفَاسِقِ الْمَذْكُورِ (إنْ خَافَ) ضَرَرَهُ (وَلَا لِمُبْتَلًى) لِئَلَّا يَتَأَذَّى مَعَ عُذْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِالْفَاسِقِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَاصِي لِشُمُولِ الْمَعْصِيَةِ الصَّغِيرَةِ بِغَيْرِ إصْرَارٍ مَعَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ لِرُؤْيَةِ مُرْتَكِبِهَا وَقَوْلِي وَيُظْهِرُهَا إلَخْ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ (وَهِيَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) خَارِجَ الصَّلَاةِ فِيمَا مَرَّ فِيهَا.

(وَلِمُسَافِرٍ فَعَلَهُمَا) أَيْ: السَّجْدَتَيْنِ (كَنَافِلَةٍ) فَيَأْتِي فِيهِمَا مَا مَرَّ فِيهَا وَسَوَاءٌ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(بَابٌ) فِي صَلَاةِ النَّفْلِ

ــ

[حاشية الجمل]

الدِّينِ بِرُؤْيَةِ الْفَاسِقِ أَوْلَى اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا) وَفِي الْحَدِيثِ «مُصِيبَةٌ فِي الْمَالِ وَلَا مُصِيبَةٌ فِي الْوَلَدِ وَمُصِيبَةٌ فِي الْوَلَدِ وَلَا مُصِيبَةٌ فِي النَّفْسِ وَمُصِيبَةٌ فِي النَّفْسِ وَلَا مُصِيبَةٌ فِي الدِّينِ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُمَا) وَيَسْجُدُ الْمُبْتَلَى لِرُؤْيَةِ مُبْتَلًى آخَرَ وَالْفَاسِقُ لِرُؤْيَةِ فَاسِقٍ آخَرَ إلَّا إنْ اتَّحَدَا جِنْسًا وَنَوْعًا وَمَحَلًّا وَقَدْرًا نَعَمْ فِي سُجُودِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ فِي الْقَدْرِ نَظَرٌ وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ سم عَدَمُ تَصَوُّرِ الِاتِّحَادِ فِي الْعِصْيَانِ فَرَاجِعْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَسْجُدُ لِرُؤْيَةِ فَاسِقٍ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ زَجْرَهُ سَجَدَ مُطْلَقًا أَوْ الشُّكْرَ عَلَى السَّلَامَةِ مِمَّا اُبْتُلِيَ بِهِ لَا يَسْجُدُ إنْ كَانَ مِثْلَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ فِسْقُ الرَّائِي أَقْبَحَ وَيَجْرِي هَذَا فِيمَا لَوْ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَاءِ وَالْعِصْيَانِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَيْ: السَّجْدَةُ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُ السُّجُودِ لِذَلِكَ إلَّا إنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ ثَرْوَةٌ أَوْ جَاهٌ أَوْ وَلَدٌ مَثَلًا بِحَضْرَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعَلِمَ بِالْحَالِ فَيُخْفِيهِ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى مَعَ عُذْرِهِ) فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَوْ مَجْلُودٍ فِي نَحْوِ زِنًا وَلَمْ يَعْلَمْ تَوْبَتَهُ أَظْهَرَهَا لَهُ فَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُبْتَلَى الْمَعْذُورُ فَاسِقًا مُتَجَاهِرًا أَظْهَرَهَا لَهُ وَبَيَّنَ السَّبَبَ وَهُوَ الْفِسْقُ وَبِهِ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّهُ يُبَيِّنُ السَّبَبَ قَبْلَ السُّجُودِ، وَقَدْ يُقَالُ بَلْ يُبَيِّنُ السَّبَبَ فِي سُجُودِهِ بِأَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَى بِهِ فُلَانًا وَهُوَ كَذَا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ الصَّغِيرَةُ بِغَيْرِ إصْرَارٍ) أَيْ: أَوْ مَعَ إصْرَارٍ وَلَمْ تَغْلِبْ مَعَاصِيهِ الَّتِي يُتَجَاهَرُ بِهَا عَلَى طَاعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِالْإِصْرَارِ فَقَطْ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَغْلِبَ مَعَاصِيهِ عَلَى طَاعَتِهِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ " مَعَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ " الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ أَيْضًا السُّجُودُ فَكَلَامُ الْأَصْلِ هُوَ الْأَوْلَى تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ مَشَايِخُنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَلَوْ بَعْدَ فِعْلِ الْمُكَفِّرِ وِفَاقًا لِلسُّبْكِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ إنَّهَا تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ النِّعْمَةِ أَوْ انْدِفَاعِ النِّقْمَةِ وَأَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَا أَوْ تَكَرَّرَ أَحَدُهُمَا أَوْ رَأَى فَاسِقًا وَمُبْتَلِيًا كَفَاهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَبَبِهَا اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَمِنْهُ فَوَاتُهَا بِطُولِ الْفَصْلِ وَالْإِعْرَاضِ وَلَوْ مَعَ قِصَرِهِ وَعَدَمُ قَضَائِهَا إذَا فَاتَتْ وَلَوْ مَنْذُورَةً وَمِنْهُ تَكَرُّرُهَا بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ وَلَوْ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ كَعَاصٍ مَثَلًا فَيَسْجُدُ كُلَّمَا رَآهُ وَلَهُ جَمْعُ أَسْبَابٍ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا جَمْعُ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ وَفَارَقَ الطَّهَارَاتِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّدَاخُلِ وَمِنْهُ النِّيَّةُ فَيَنْوِي سُجُودَ الشُّكْرِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهُ عَنْ نِعْمَةٍ أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ سَبَبًا بِعَيْنِهِ فَإِنَّ عَيْنَهُ كَانَ عَنْهُ وَلَهُ السُّجُودُ لِغَيْرِهِ بِشَرْطِهِ انْتَهَتْ.

(فَرْعٌ) مَشَى م ر عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ لِلسَّهْوِ إذَا حَصَلَ مِنْهُ سَهْوٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَلَا مَحْذُورَ فِي لُزُومِ كَوْنِ الشَّيْءِ يُجْبَرُ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ انْتَهَى وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ وَقَدْ أَوْضَحَهَا النَّاشِرِيُّ فِي كُتُبِهِ فَانْظُرْهَا اهـ سم.

(قَوْلُهُ أَيْ: السَّجْدَتَيْنِ) أَيْ: سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَلَا يَجُوزُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِسَجْدَةٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَا بِرُكُوعٍ مُفْرَدٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِصَلَاةٍ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ أَوْ بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ وَمِنْ ذَلِكَ صُورَةُ الرُّكُوعِ عِنْدَ تَحِيَّةِ الْعُظَمَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَيَأْتِي فِيهِمَا مَا مَرَّ فِيهَا) فَالْمَاشِي يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ وَالرَّاكِبُ يُومِئُ إلَّا إنْ كَانَ فِي مَرْقَدٍ فَيُتِمُّهُ فِيهِمَا اهـ حَلَبِيٌّ.

[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ]

(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَهُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ وَاصْطِلَاحًا: مَا عَدَا الْفَرَائِضَ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ الصُّوفِيَّةِ فَنَاءُ الْعَبْدِ فِي شُهُودِ نَفْسِهِ عِنْدَ شُهُودِ رَبِّهِ وَفِي فَائِهِ السُّكُونُ وَالتَّحْرِيكُ أَوْ التَّحْرِيكُ فِي الْأَمْوَالِ وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِجَبْرِ خَلَلٍ يَحْصُلُ فِي الْعِبَادَاتِ الْأَصْلِيَّةِ غَيْرُ مُبْطِلٍ لَهَا أَوْ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ مَنْدُوبَاتِهَا كَتَرْكِ خُشُوعٍ وَتَدَبُّرِ قِرَاءَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَفِعْلِ نَحْوِ غِيبَةٍ فِي الصَّوْمِ

اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْعِبَادَةُ إمَّا قَلْبِيَّةٌ كَالْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ وَالرِّضَا وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَمَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَالطَّهَارَةِ مِنْ الرَّذَائِلِ وَأَفْضَلُهَا الْإِيمَانُ وَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا، وَقَدْ يَكُونُ تَطَوُّعًا بِالتَّجْدِيدِ، وَإِمَّا بَدَنِيَّةٌ كَالْإِسْلَامِ وَالصَّلَاةِ

ص: 477

وَهُوَ مَا رَجَّحَ الشَّرْعُ فِعْلَهُ وَجَوَّزَ تَرْكَهُ وَيُرَادِفُهُ السُّنَّةُ وَالتَّطَوُّعُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ وَالْحَسَنُ (صَلَاةُ النَّفْلِ قِسْمَانِ قِسْمٌ لَا تُسَنُّ) لَهُ (جَمَاعَةٌ كَالرَّوَاتِبِ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَأَفْضَلُهَا الْإِسْلَامُ وَفِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِيمَانِ ثُمَّ الصَّلَاةِ ثَمَّ الصَّوْمِ ثُمَّ الْحَجِّ ثُمَّ الزَّكَاةِ، وَفَرْضُ كُلٍّ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ نَفْلِهِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً وَفَرْضُ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ الْفَرَائِضِ الْبَدَنِيَّةِ وَنَفْلُهَا أَفْضَلُ النَّوَافِلِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَتْ أَفْضَلَ أَعْمَالِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَقِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ وَلُبْثٍ وَطَهَارَةٍ وَسَتْرٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَتَرْكِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَزَادَتْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِهِمَا وَالْكَلَامُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْهَا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي شَغْلِ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بِوَاحِدَةِ مِنْهَا وَهَذَا أَوْجَهُ وَأَدَقُّ وَإِلَّا فَصَوْمُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ اخْتِلَافَ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا كَمَا يُقَالُ التَّصَدُّقُ بِالْخُبْزِ لِلْجَائِعِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَاءِ وَلِلْعَطْشَانِ عَكْسُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ مِنْ غَنِيٍّ شَدِيدِ الْبُخْلِ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ أَوْ صِيَامِ يَوْمٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر هُنَا وَتَقَدَّمَ نَقْلُ عِبَارَتِهِ هُنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ بِالْحَرْفِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَ الشَّرْعُ فِعْلَهُ) يُحْتَمَلُ تَفْسِيرُ مَا بِحُكْمٍ فَتَشْمَلُ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ فَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ رَجَحَ فِعْلُهُ مَا عَدَا الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَبِقَوْلِهِ وَجُوِّزَ تَرْكُهُ الْوَاجِبَ وَيُحْتَمَلُ تَفْسِيرُ مَا بِعِبَادَةٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا إلَّا الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ، وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ رُجِّحَ فِعْلُهُ صِفَةً كَاشِفَةً وَبِقَوْلِهِ وَجُوِّزَ تَرْكُهُ يَخْرُجُ الْوَاجِبُ اهـ شَيْخُنَا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ مَا رُجِّحَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلنَّفْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا لِخُصُوصِ نَفْلِ الصَّلَاةِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ وَيُرَادِفُهُ السُّنَّةُ إلَخْ) وَقِيلَ التَّطَوُّعُ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ بِخُصُوصِهِ أَيْ: لَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ وَلَا أَمَرَ بِهِ بَلْ يُنْشِئُهُ الْإِنْسَانُ بِاخْتِيَارِهِ وَالسُّنَّةُ مَا وَاظَبَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْتَحَبُّ مَا فَعَلَهُ أَحْيَانًا أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَحِينَئِذٍ فَالْمَنْدُوبُ وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ وَالْحَسَنُ يُرَادِفُ كُلٌّ مِنْهَا الثَّلَاثَةَ أَيْ: التَّطَوُّعَ وَالْمُسْتَحَبَّ وَالسُّنَّةَ وَعَلَيْهِ فَالسُّنَّةُ أَفْضَلُهَا ثُمَّ الْمُسْتَحَبُّ ثُمَّ التَّطَوُّعُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَالْحَسَنُ) لَعَلَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ وَإِلَّا فَالْحَسَنُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ قِسْمٌ لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ) أَيْ: دَائِمًا وَأَبَدًا بِأَنْ لَمْ تُسَنَّ أَصْلًا أَوْ تُسَنُّ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَالْوِتْرِ فَصَحَّ عَدُّهُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ اهـ شَيْخُنَا وَبَدَأَ بِهَذَا الْقِسْمِ مَعَ أَفْضَلِيَّةِ الثَّانِي لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَتَبَعِيَّتِهِ لِلْفَرَائِضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَدَّمَهُ لِانْضِمَامِ بَعْضِهِ إلَى الْفَرْضِ وَلِكَثْرَةِ وُقُوعِ أَفْرَادِهِ وَعُمُومِهَا وَلِكَوْنِهِ كَالْبَسِيطِ وَلِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَخَّرَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَعْرِيفِهِ فَقْدُ الْقِسْمَيْنِ مَعًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا قِسْمٌ لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ) أَيْ: وَلَوْ صَلَّى جَمَاعَةً لَمْ يُكْرَهْ اهـ شَرْحُ م ر وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى وَهَلْ الْأَوْلَى تَرْكُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي اقْتِدَاءِ الْمُسْتَمِعِ بِالْقَارِئِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَيَكُونُ فِعْلُهَا فِي الْجَمَاعَةِ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ جَعْلُهَا كَذَلِكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ فِي التَّرَاوِيحِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَا أَفْضَلُ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى حُصُولُ الثَّوَابِ فِيهَا فَإِنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي عَدَمَ الثَّوَابِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يُرِدْ بِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى كَوْنَهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ بَلْ إنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ كَالرَّوَاتِبِ) أَيْ: وَكَالضُّحَى وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَلَمْ يُذْكَرْ لِهَذَا الْقِسْمِ إلَّا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ اهـ شَيْخُنَا وَمِنْهُ رَكْعَتَانِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرٍ بِمَنْزِلِهِ وَكُلَّمَا نَزَلَ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ النُّزُولَيْنِ وَبِالْمَسْجِدِ عِنْدَ قُدُومِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ وَيَكْتَفِي بِهِمَا عَنْ رَكْعَتَيْ دُخُولِهِ وَعَقِبَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَمَّامِ وَيُكْرَهُ فِعْلُهُمَا فِي مَسْلَخِهِ بَلْ يَفْعَلُهُمَا فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِحَيْثُ تَنْقَطِعُ النِّسْبَةُ عَنْ كَوْنِهِمَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ وَرَكْعَتَانِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلسَّفَرِ وَلِمَنْ دَخَلَ أَرْضًا لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا وَلِمَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ قَبْلَ الْوَقَاعِ وَيُنْدَبَانِ لَهَا أَيْضًا وَبَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْكَعْبَةِ مُسْتَقْبِلًا بِهِمَا وَجْهَهَا وَقَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَعِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَلَوْ بَعْدَ نِسْيَانِهِ، وَقَدْ صَلَّى لِلْحِفْظِ الْأَوَّلِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَرَكْعَتَانِ لِلِاسْتِخَارَةِ وَلِلْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلِلتَّوْبَةِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهَا رَجَعَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَابَ مِمَّا فَعَلَهُ فِي نَهَارِهِ فَإِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ دَلَّ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يُلَاحَظْ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِصَلَاةِ الْغَفْلَةِ

ص: 478

التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ (وَالْمُؤَكَّدِ مِنْهَا رَكْعَتَانِ قَبْلَ صُبْحٍ وَ) رَكْعَتَانِ قَبْلَ (ظُهْرٍ وَ) رَكْعَتَانِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَرُوِيَتْ سِتًّا وَأَرْبَعًا وَرَكْعَتَيْنِ فَهُمَا أَقَلُّهُمَا أَيْ: بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَحْصُلُ بِنَفْلٍ قَبْلَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ وَبَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَاهَا لَمْ تَنْعَقِدْ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهَا وَإِذَا فَاتَتْ سُنَّ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ وَصَلَاةُ الزَّوَالِ بَعْدَهُ وَهِيَ رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ مَرَّةً كُلَّ يَوْمٍ وَإِلَّا فَجُمُعَةٍ وَإِلَّا فَشَهْرٍ وَإِلَّا فَسَنَةٍ وَلَا فَمَرَّةً فِي الْعُمْرِ وَهِيَ أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ وَهُوَ الْأَحْسَنُ نَهَارًا أَوْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لَيْلًا كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ وَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ فَرَّقَهَا فَفَعَلَ فِي لَيْلَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَفِي لَيْلَةٍ أُخْرَى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ شَرْطَ حُصُولِ سُنَّتِهَا أَنْ يَفْعَلَهَا مُتَوَالِيَةً حَتَّى تُعَدَّ صَلَاةً وَاحِدَةً وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَيَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ زَادَ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَفِي كُلٍّ مِنْ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَكُلٍّ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَالْجُلُوسِ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَ فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا وَقَبْلَ السَّلَامِ مَرَّةً إنْ صَلَّاهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ وَمَرَّتَيْنِ إنْ صَلَّاهَا بِإِحْرَامَيْنِ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك تَوْفِيقَ الْهُدَى وَأَعْمَالَ أَهْلِ الْيَقِينِ وَمُنَاصَحَةَ أَهْلِ التَّوْبَةِ وَعَزْمَ أَهْلِ الصَّبْرِ وَجِدَّ أَهْلِ الْخَشْيَةِ وَطَلَبَ أَهْلِ الرَّغْبَةِ وَتَعَبُّدَ أَهْلِ الْوَرَعِ وَعِرْفَانَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى أَخَافَك اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مَخَافَةً تَحْجِزُنِي عَنْ مَعَاصِيك حَتَّى أَعْمَلَ بِطَاعَتِك عَمَلًا اسْتَحَقَّ بِهِ رِضَاك وَحَتَّى أَنَاصِحَك بِالتَّوْبَةِ مِنْك وَحَتَّى أُخْلِصَ لَك النَّصِيحَةَ حَيَاءً مِنْك وَحَتَّى أَتَوَكَّلَ عَلَيْك فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا حَسُنَ ظَنِّي بِك سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُكَرَّرُ الدُّعَاءُ وَلَوْ قِيلَ بِالتَّكْرَارِ كَانَ حَسَنًا.

وَلَوْ تَرَكَ تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا وَلَا فِعْلُهَا فِي الِاعْتِدَالِ بَلْ يَأْتِي بِهَا فِي السُّجُودِ وَمِنْهَا صَلَاةُ الرَّغَائِبِ أَوَّلَ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ بِدْعَتَانِ قَبِيحَتَانِ مَذْمُومَتَانِ وَحَدِيثُهُمَا بَاطِلٌ، وَقَدْ بَالَغَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي إنْكَارِهَا اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ التَّابِعَةُ لِلْفَرَائِضِ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ وَالْمُرَادُ بِالتَّبَعِيَّةِ تَبَعِيَّتُهَا لَهَا فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَإِنْ فَعَلَتْ قَبْلَهَا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ التَّابِعَةُ إمَّا صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إنْ قُلْنَا: الرَّوَاتِبُ خَاصَّةٌ بِالتَّابِعَةِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا أَعَمُّ كَانَتْ صِفَةً مُخَصَّصَةً انْتَهَتْ وَالْحِكْمَةُ فِيهَا أَنَّهَا تُكْمِلُ مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرَائِضِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْجَابِرَ لِلْفَرَائِضِ هُوَ الرَّوَاتِبُ دُونَ غَيْرِهَا وَلَوْ مِنْ جِنْسِ الْفَرَائِضِ كَصَلَاةِ اللَّيْلِ وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ تَبَعًا لِظَاهِرِ حَجّ مَا يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ وَشُرِعَ لِتَكْمِيلٍ إلَخْ عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَإِذَا اُنْتُقِصَ فَرْضُهُ كَمَّلَ مَنْ نَفْلُهُ وَكَذَا بَاقِي الْأَعْمَالِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ مِنْ نَفْلِهِ قَدْ يَشْمَلُ غَيْرَ سُنَنِ ذَلِكَ الْفَرْضِ مِنْ النَّوَافِلِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا قَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ: اُنْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ» فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا اُنْتُقِصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ اهـ بَلْ قَدْ يَشْمَلُ هَذَا تَطَوُّعًا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْفَرِيضَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ سبحانه وتعالى لَمْ يُوجِبْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ غَالِبًا إلَّا وَجَعَلَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ نَافِلَةً حَتَّى إذَا قَامَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ وَفِيهِ خَلَلٌ مَا يُجْبَرُ بِالنَّافِلَةِ الَّتِي مِنْ جِنْسِهِ فَلِذَا أُمِرَ بِالنَّظَرِ فِي فَرِيضَةِ الْعَبْدِ فَإِذَا قَامَ بِهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ جُوزِيَ عَلَيْهَا وَأُثْبِتَتْ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَلَلٌ كُمِّلَتْ مِنْ نَافِلَتِهِ حَتَّى قَالَ الْبَعْضُ إنَّمَا تَثْبُتُ لَك نَافِلَتُك إذَا سَلِمَتْ لَك الْفَرِيضَةُ انْتَهَتْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي خِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ سم بَلْ وَقَعَ فِي الْمُنَاوِيِّ أَيْضًا مَا يُصَرِّحُ بِتَخْصِيصِ الْجَبْرِ بِالرَّوَاتِبِ وَعِبَارَتُهُ وَخُصَّتْ الضُّحَى بِذَلِكَ لِتَمَحُّضِهَا لِلشُّكْرِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ جَابِرَةً لِغَيْرِهَا بِخِلَافِ الرَّوَاتِبِ انْتَهَتْ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ لَمْ يَقْصِدْ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا الْجَبْرَ لِغَيْرِهَا وَإِنْ اتَّفَقَ حُصُولُهُ بِهَا فَلَيْسَ أَصْلًا فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا هَذَا وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ نَوَى بِهَا ابْتِدَاءً جَبْرَ الْخَلَلِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَوْ عُلِمَ الْخَلَلُ كَتَرْكِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مَثَلًا اهـ ع ش عَلَى م ر وَانْظُرْ هَلْ شُرِعَتْ الرَّوَاتِبُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ أَوْ تَرَاخَتْ عَنْهَا؟ وَاَلَّذِي بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ نَقْلًا عَنْ الْعَلَّامَةِ م ر الثَّانِي لَكِنْ يُحَرَّرُ وَقْتُ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي حَاشِيَةِ الذَّخَائِرِ عَلَى التَّحْرِيرِ الْجَزْمُ بِأَنَّهَا شُرِعَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ رَكْعَتَانِ قَبْلَ صُبْحٍ) وَيُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُهُمَا لِلِاتِّبَاعِ وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بِآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عُمْرَانِ أَوْ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ أَوْ بِأَلَمْ نَشْرَحْ وَأَلَمْ تَرَ كَيْفَ وَأَنْ يَضْطَجِعَ بَعْدَهُمَا وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَلَعَلَّ حِكْمَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ بِذَلِكَ ضَجْعَةَ الْقَبْرِ حَتَّى يَسْتَفْرِغَ وَسِعَهُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَيَتَهَيَّأَ لِذَلِكَ

ص: 479

(بَعْدَهُ وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ مَغْرِبٍ وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ عِشَاءٍ وَوِتْرٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا (بَعْدَهَا) أَيْ: الْعِشَاءِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ: الْمُؤَكَّدِ مِنْهَا (زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ ظُهْرٍ وَ) رَكْعَتَيْنِ (بَعْدَهُ) لِخَبَرِ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» رَوَاهُ

ــ

[حاشية الجمل]

فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ بِنَحْوِ كَلَامٍ أَوْ تَحَوُّلٍ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَقْضِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَهُ فِي نِيَّتِهِمَا عَشْرُ كَيْفِيَّاتٍ سُنَّةٌ الصُّبْحِ سُنَّةُ الْفَجْرِ سُنَّةُ الْبَرْدِ سُنَّةُ الْوُسْطَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا الْوُسْطَى سُنَّةُ الْغَدَاةِ وَلَهُ أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ السُّنَّةِ وَيُضِيفَ فَيَقُولَ رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْ الْبَرْدِ رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى رَكْعَتَيْ الْغَدَاةِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ سُنَّةُ الصَّلَاةِ الَّتِي يُثَوِّبُ فِي آذَانِهَا أَوْ يَقْنُتُ فِيهَا أَبَدًا اهـ ح ل وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّاتُ تَصْلُحُ لِلْفَرْضِ كَمَا تَصْلُحُ لِلنَّفْلِ وَلَعَلَّ الْمُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا وُجُوبُ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِيَّةِ فِي الْفَرْضِ وَوُجُوبُ عَدَمِهِ فِي السُّنَّةِ وَالْمُرَادُ بِتَخْفِيفِهِمَا عَدَمُ تَطْوِيلِهِمَا عَلَى الْوَارِدِ فِيهِمَا حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى آيَةَ الْبَقَرَةِ وَأَلَمْ نَشْرَحْ وَالْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ آيَةَ آلِ عُمْرَانِ وَأَلَمْ تَرَ كَيْفَ وَالْإِخْلَاصُ لَمْ يَكُنْ مُطَوِّلًا لَهُمَا تَطْوِيلًا يُخْرِجُ بِهِ عَنْ حَدِّ السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ بَلْ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهَا لِيَتَحَقَّقَ الْإِتْيَانُ بِالْوَارِدِ.

وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَضْطَجِعَ وَيُحَصِّلَ أَصْلَ السُّنَّةِ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ فُعِلَتْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ؛ لِأَنَّهَا الْهَيْئَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْقَبْرِ فَهِيَ أَقْرَبُ لِتَذَكُّرِ أَحْوَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ تِلْكَ الْحَالَةُ فِي مَحَلٍّ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّا يَسْهُلُ فِعْلُهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ بِنَحْوِ كَلَامٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ الذِّكْرِ أَوْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَمْيِيزُ الصَّلَاةِ الَّتِي شُرِعَ فِيهَا وَيَنْبَغِي أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِنَحْوِ الْكَلَامِ لَا يُفَوِّتُ سُنَّةَ الِاضْطِجَاعِ حَتَّى لَوْ أَرَادَهُ بَعْدَ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ حَصَّلَ بِهِ السُّنَّةَ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ وَكَانَتَا وَاجِبَتَيْنِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَصَائِصِهِ كَمَا فِي الْعُبَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ مَغْرِبٍ) ذُكِرَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا حَتَّى يَنْصَرِفَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ انْتَهَى شَرْحُ الرَّمْلِيِّ وَقَوْلُهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِبَعْدِيَّةِ الْمَغْرِبِ بَلْ بَعْدِيَّةِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّهَا؛ لِأَنَّ شَأْنَ النَّاسِ الِانْصِرَافُ سَرِيعًا عَقِبَ الْمَغْرِبِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ تَطْوِيلَهُمَا سُنَّةٌ لِكُلِّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُطَوِّلَهُمَا إلَى انْصِرَافِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ سَنَّ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى يَنْصَرِفَ مَنْ يَنْصَرِفُ عَادَةً أَوْ مَنْ دَعَاهُ إلَى الِانْصِرَافِ أَمْرٌ عَرَضَ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَالْكَلَامُ حَيْثُ فَعَلَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ انْصِرَافَهُ لِيَفْعَلَهُمَا فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَبَعْدَ عِشَاءٍ) أَيْ: وَلَوْ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَةَ وَيُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَاجَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ بِمُزْدَلِفَةَ لَا بِعَرَفَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُ الشَّيْخِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْحَاجُّ السُّنَّةَ وَصَلَّى الْعِشَاءَ بِعَرَفَةَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَوِتْرٌ بَعْدَهَا) عِبَارَتُهُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْوِتْرَ مِنْ الرَّوَاتِبِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَيْ: كَلَامُ الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ مِنْ الرَّوَاتِبِ صَحِيحُ بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِ الرَّاتِبَةِ عَلَى التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ أَوْ رَاتِبَتَهَا لَمْ يَصِحَّ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ مِنْهَا أَيْضًا صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الرَّاتِبَةَ يُرَادُ بِهَا السُّنَنُ الْمُؤَقَّتَةُ، وَقَدْ جَرَيَا عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ انْتَهَتْ وَيُسَنُّ أَنْ يُقَالَ بَعْدَهُ ثَلَاثًا سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثُمَّ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك وَبِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك اهـ شَرْحُ م ر.

(فَائِدَةٌ) وَقَعَ سُؤَالٌ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ فَاتَهُ الْوِتْرُ وَأَرَادَ صَلَاتَهُ هَلْ يُقَدِّمُهُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ عَنْهَا؟ وَإِذَا أَخَّرَهُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ هَلْ فِعْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ أَوْلَى أَوْ تَأْخِيرُهُ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الضُّحَى؟ فِيهِ نَظَرٌ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّ تَأْخِيرَهُ إلَى وَقْتِ الضُّحَى أَوْلَى كَغَيْرِهِ مِنْ النَّوَافِلِ اللَّيْلِيَّةِ الَّتِي تَفُوتُهُ وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ وِرْدٌ اعْتَادَهُ لَيْلًا وَلَمْ يَفْعَلْهُ اهـ بِالْمَعْنَى أَقُولُ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْفَرْضِ كَانَ مِنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الْفَرْضِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ مِنْ التَّنَفُّلُ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ لَا يَنْعَقِدُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ فَطُلِبَ تَأْخِيرُهُ إلَى وَقْتٍ لَا يُكْرَهُ فِيهِ التَّنَفُّلُ اتِّفَاقًا وَهُوَ وَقْتُ الضُّحَى اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) هَذَا لَا يُفِيدُ التَّأْكِيدَ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَاظَبَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَانِيَةِ الْبَاقِيَةِ انْتَهَتْ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي إثْبَاتِ الْمُدَّعَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَلَمْ يَنْوِ الْمُؤَكَّدَ وَلَا غَيْرَهُ انْصَرَفَ لِلْمُؤَكَّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ

ص: 480

التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (وَأَرْبَعٍ قَبْلَ عَصْرٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَرَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ مَغْرِبٍ) لِلْأَمْرِ بِهِمَا فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِخَبَرِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» (وَجُمُعَةٌ كَظُهْرٍ) فِيمَا مَرَّ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ الظُّهْرِ مُشْعِرٌ بِمُخَالَفَتِهَا الظُّهْرَ فِي سُنَّتِهَا الْمُتَأَخِّرَةِ.

(وَيَدْخُلُ وَقْتُ

ــ

[حاشية الجمل]

وَالطَّلَبُ فِيهِ أَقْوَى اهـ شَرْحُ م ر وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْأَرْبَعَ الْقَبْلِيَّةَ وَفَصَلَ بَيْنَهَا بِالسَّلَامِ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُ الْأَوَّلَيْنِ لِلْمُؤَكَّدِ بَلْ يَقَعُ ثِنْتَانِ مُؤَكَّدَتَانِ وَثِنْتَانِ غَيْرُ مُؤَكَّدَتَيْنِ بِلَا تَعْيِينٍ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ وَالطَّلَبُ فِيهِ أَقْوَى صَرْفُ الْأَوَّلَيْنِ لِلْمُؤَكَّدَتَيْنِ مُطْلَقًا وَهَلْ الْقَبْلِيَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْبَعْدِيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ هُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ أَنَّ الْبَعْدِيَّةَ أَفْضَلُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى فِعْلِ الْفَرِيضَةِ وَأَقُولُ الْأَقْرَبُ التَّسَاوِي كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْبَهْجَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَلَهُ إذَا أَخَّرَ الْمُتَقَدِّمَةَ أَنْ يُحْرِمَ بِالثَّمَانِيَةِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَحْرَمَ حِينَئِذٍ بِأَرْبَعٍ انْصَرَفَ لِلْمُؤَكَّدَاتِ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ وَلَا بُدَّ فِي إحْرَامِهِ مُطْلَقًا أَنْ يُعَيِّنَ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةَ أَوْ هُمَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِعْلُ هَذِهِ الرَّوَاتِبِ فِي الْحَضَرِ آكَدُ مِنْهُ فِي السَّفَرِ فَلَا يُطْلَبُ تَرْكُهَا فِيهِ وَإِنْ طَالَ وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا بِتَشَهُّدَيْنِ وَيَجُوزُ بِتَشَهُّدٍ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِالْقَبْلِيَّةِ عَنْ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ بَلْ لَوْ تَعَارَضَا قَدَّمَ الْإِجَابَةَ وَفِي الْمَجْمُوعِ مَحَلُّ نَدْبِ تَقْدِيمِهَا مَا لَمْ يَشْرَعْ الْمُقِيمُ فِي الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الشُّرُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ اهـ حَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَرْبَعٌ قَبْلَ عَصْرٍ) بِرَفْعِ أَرْبَعٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَالْمَعْنَى وَزِيَادَةُ أَرْبَعٍ عَلَى الْعَشْرِ الْمُؤَكَّدَةِ فَإِنْ قُلْت يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَرَكْعَتَانِ قُلْت لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَرَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ مَغْرِبٍ) وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، فَإِنْ تَعَارَضَتْ هِيَ وَفَضِيلَةُ التَّحْرِيمِ لِإِسْرَاعِ الْإِمَامِ بِالْفَرْضِ عَقِبَ الْأَذَانِ أَخَّرَهُمَا إلَى مَا بَعْدَهَا وَلَا يُقَدِّمْهُمَا عَلَى الْإِجَابَةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا أَيْ: اللَّذَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَيْ: وَكَذَا سَائِرُ الرَّوَاتِبِ وَإِنَّمَا خَصَّ هَاتَيْنِ بِالذِّكْرِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِفِعْلِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ عِنْدَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ الْمُفَوِّتِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَلِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ وَقَوْلُهُ أَخَّرَهُمَا إلَى مَا بَعْدَهَا أَيْ: وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي التَّأْخِيرِ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَالْحَاصِلِ مَعَ تَقْدِيمِهِمَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ حُصُولَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ فِعْلِ الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةِ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ مَعَ إمَامِ الثَّانِيَةِ سُنَّ تَقْدِيمُ الرَّاتِبَةِ وَتَرْكُ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأُولَى زِيَادَةُ فَضْلٍ كَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ فِقْهِ الْإِمَامِ وَقَوْلِهِ وَلَا يُقَدِّمُهُمَا عَلَى الْإِجَابَةِ أَيْ:؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ وَلِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْعِشَاءِ) أَيْ فَأَكْثَرُ؛ إذْ عِبَارَتُهُ.

(فَرْعٌ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ رَكْعَتَيْنِ فَصَاعِدًا انْتَهَتْ اهـ حَلَبِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَالَ الشَّيْخُ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ رَكْعَتَيْنِ فَصَاعِدًا ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ أَيْ: الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَصَاعِدًا أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ خُصُوصُ الرَّكْعَتَيْنِ بَلْ الرَّكْعَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَالثَّلَاثِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ اسْتِدْلَالِهِمْ عَلَيْهِ أَيْضًا بِهَذَا الْحَدِيثِ كَأَنَّهُ لِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فِيهِ «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَنْقُولُ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَجُمُعَةٌ كَظُهْرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ إنْ أَغْنَتْ عَنْ الظُّهْرِ سُنَّ قَبْلَهَا أَرْبَعٌ وَبَعْدَهَا أَرْبَعٌ كَالظُّهْرِ وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْهَا سُنَّ قَبْلَهَا أَرْبَعٌ لَا بَعْدَهَا وَسُنَّ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعٌ وَبَعْدَهَا أَرْبَعٌ اهـ ع ش عَلَى م ر بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ وَيَنْوِي بِقَبْلِيَّةِ الْجُمُعَةِ سُنَّتَهَا) وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُقُوعِهَا خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ كُلِّفَ بِالْإِحْرَامِ بِهَا وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ إجْزَائِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَهَا؛ لِأَنَّ التَّابِعَ كَمَتْبُوعِهِ وَالْجُمُعَةُ لَا تُقْضَى اهـ شَيْخُنَا ح ف وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ عِنْدَ قَوْلِهِ وَسُنَّ قَضَاءُ نَفْلٍ مُؤَقَّتٍ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ إلَخْ) إنَّمَا عَبَّرَ الْأَصْلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَقَاسَهُ بِالظُّهْرِ، وَقَدْ أَشَارَ لِذَلِكَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مُشْعِرٌ بِمُخَالَفَتِهَا الظُّهْرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ يُشْعِرُ بِاسْتِوَائِهَا فِي التَّأَكُّدِ أَوْ فِي عَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ

ص: 481

الرَّوَاتِبِ قَبْلَ الْفَرْضِ بِدُخُولِ وَقْتِهِ وَبَعْدَهُ) وَلَوْ وِتْرًا (بِفِعْلِهِ وَيَخْرُجَانِ) أَيْ: وَقْتًا الرَّوَاتِبُ الَّتِي قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ (بِخُرُوجِ وَقْتِهِ) فَفِعْلُ الْقَبْلِيَّةِ فِيهِ بَعْدَ الْفَرْضِ أَدَاءً.

(وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الرَّوَاتِبِ (الْوِتْرُ) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ وَهِيَ الْوِتْرُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَذِكْرُ أَفْضَلِيَّتِهِ وَجَعْلُهُ قِسْمًا مِنْهَا وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ) وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا نَفْلٌ مِنْ سُنَّةِ الْعِشَاءِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ (وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ) رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» .

ــ

[حاشية الجمل]

الْبَعْضَ وَالْبَعْضَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ قَبْلِ الْفَرْضِ) هُوَ حَالٌ مِنْ الرَّوَاتِبِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْجُمَلَ وَشِبْهَهَا بَعْدَ الْمَعَارِفِ أَحْوَالٌ وَجَازَ مَجِيئُهَا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْجُزْءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا صِفَتَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ بِفِعْلِهِ) فِيهِ تَسَمُّحٌ إذْ وَقْتُ الْبَعْدِيَّةِ يَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ فَرْضِهَا وَإِنْ تَوَقَّفَ فِعْلُهَا عَلَى فِعْلِ الْفَرْضِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِفِعْلِ الْفَرْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَبَعْدَهُ بِفِعْلِهِ) فَلَوْ فَعَلَهَا قَبْلَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْوِتْرَ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ إلَّا بِفِعْلِ الْعِشَاءِ أَيْ: وَلَوْ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا فَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ الْعِشَاءِ وَأَرَادَ فِعْلَ الْوِتْرِ قَضَاءً قَبْلَ فِعْلِهَا كَانَ مُمْتَنِعًا وَبِهِ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَلَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الرَّاتِبَةِ بِقُرْبِ فِعْلِ الْفَرْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَلَوْ وِتْرًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ لَا لِلرَّدِّ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَيَخْرُجَانِ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ) فِيهِ أَنَّ الْبَعْدِيَّةَ تَصِيرُ قَضَاءً بِخُرُوجِ وَقْتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ خَرَجَ وَقْتُهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ بِفِعْلِهِ وَالْخُرُوجُ فَرْعُ الدُّخُولِ قَالَهُ ح ل وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ اللُّغْزُ لَنَا صَلَاةٌ خَرَجَ وَقْتُهَا وَمَا دَخَلَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهَا الْوِتْرُ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ.

(تَنْبِيهٌ) أَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ الْوِتْرُ ثُمَّ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ بَقِيَّةُ الرَّوَاتِبِ الْمُؤَكَّدُ ثُمَّ غَيْرُ الْمُؤَكَّدِ ثُمَّ الضُّحَى ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ أَوْ سَبَبٍ غَيْرِ فِعْلٍ كَالزَّوَالِ ثُمَّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالتَّحِيَّةِ وَسُنَّةُ الْوُضُوءِ ثُمَّ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي وَيَدْخُلُ وَقْتُ الْوِتْرِ بِفِعْلِ الْعِشَاءِ وَلَوْ جَمْعَ تَقْدِيمٍ لَكِنْ إنْ كَانَ مُسَافِرًا حِينَئِذٍ وَأَقَامَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْوِتْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ عَقِبَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَمَتَى دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ جَازَ لَهُ فِعْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَسَعُ فِعْلَ الْعِشَاءِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.

(فَرْعٌ) نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي الْوِتْرَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّهُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ النَّذْرُ فَأَقَلُّ عَدَدٍ مِنْهُ مَطْلُوبٌ لَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ هُوَ الثَّلَاثَةُ فَيَنْحَطُّ النَّذْرُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قُلْنَا: إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْوِتْرِ انْعَقَدَتْ عَلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ إنْ أَحْرَمَ بِالثَّلَاثِ ابْتِدَاءً حَصَلَ بِهَا الْوِتْرُ وَبَرِئَ مِنْ النَّذْرِ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ مُسَمَّى الْوِتْرِ امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَإِنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ بِالْإِحْدَى عَشْرَةَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ وَيَقَعُ بَعْضُ مَا أَتَى بِهِ وَاجِبًا وَبَعْضُهُ مَنْدُوبًا اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ) أَيْ أَتْحَفَكُمْ وَقَوْلُهُ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ أَيْ: الْأَحْمَرِ مِنْهَا وَهُوَ الْإِبِلُ الْحُمْرُ وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ وَفِي دَلَالَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمُدَّعَى نَظَرٌ فَقَدْ وَرَدَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَلَوْ قَالَ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ) بِسُكُونِ الْمِيمِ جَمْعُ أَحْمَرَ أَوْ حَمْرَاءَ، وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَجَمْعُ حِمَارٍ اهـ ع ش وَالْأَحْمَرُ مِنْ أَلْوَانِ الْإِبِلِ الْمَحْمُودَةِ وَالْإِبِلُ أَنْفَسُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ يَضْرِبُونَ بِهَا الْمَثَلَ فِي نَفَاسَةِ الشَّيْءِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ تَشْبِيهَ أُمُورِ الْآخِرَةِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّقْرِيبِ إلَى الْأَفْهَامِ وَإِلَّا فَذَرَّةٌ مِنْ الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْ الْأَرْضِ بِأَسْرِهَا وَأَمْثَالِهَا مَعَهَا لَوْ تُصُوِّرَتْ اهـ اط ف وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَفِي الشَّوْبَرِيِّ قِيلَ الْمُرَادُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فَيُتَصَدَّقُ بِهَا وَقِيلَ الْمُرَادُ قِنْيَتُهَا وَتَمَلُّكُهَا وَكَانَتْ مِمَّا يَتَفَاخَرُ بِهِ الْعَرَبُ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا نَفْلٌ إلَخْ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ شَرْطُ الْإِيتَارِ بِرَكْعَةٍ سَبْقُ نَفْلٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُنَّتُهَا لِتَقَعَ هِيَ مُوتِرَةٌ لِذَلِكَ النَّفْلِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهَا وِتْرًا فِي نَفْسِهَا أَوْ مُوتِرَةً لِمَا قَبْلَهَا وَلَوْ فَرْضًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ إلَخْ) وَلَوْ صَلَّى مَا عَدَا أَخِيرَةَ الْوِتْرِ أُثِيبَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ ثَوَابَ كَوْنِهِ مِنْ الْوِتْرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ وَمِثْلُهُ مَنْ أَتَى بِبَعْضِ التَّرَاوِيحِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ أَتَى بِبَعْضِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِهَا لَيْسَ لَهُ أَبْعَاضٌ مُتَمَيِّزَةٌ بِنِيَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ) سُئِلَ شَيْخُنَا ز ي عَنْ شَخْصٍ صَلَّى أَقَلَّ الْوِتْرِ نَاوِيًا الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ ذَلِكَ عَنَّ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَقَلِّ مُرِيدًا الْأَكْمَلَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا أَفْتُونِي مَأْجُورِينَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا تَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى

ص: 482

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ «أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ» فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ، وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ» فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهَا حَسِبَتْ فِيهِ سُنَّةُ الْعِشَاءِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَا أَقْطَعُ بِجَوَازِ الْوِتْرِ بِهَا وَبِصِحَّتِهِ لَكِنْ أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَالِبُ أَحْوَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُكْرَهُ الْإِيتَارُ بِرَكْعَةٍ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ.

(وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ) فِي الْوِتْرِ (الْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ) فِي الْأَخِيرَةِ (أَوْ تَشَهُّدَيْنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَلَا يَجُوزُ فِي الْوَصْلِ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ وَلَا فِعْلُ أَوَّلِهِمَا قَبْلَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (وَالْفَصْلُ) بَيْنَ الرَّكَعَاتِ بِالسَّلَامِ كَأَنْ يَنْوِيَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ (أَفْضَلُ) مِنْهُ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْأَقَلِّ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» وَلِهَذَا قَالُوا كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْإِتْيَانُ بِأَكْمَلِ الْوِتْرِ فَقَالُوا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا إذَا أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ أَحْرَمَ بِهِ شَفْعًا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ تَقْرِيرٌ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ الْأَعْلَى وَفِي الثَّانِيَةِ الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ ثُمَّ الْفَلَقَ ثُمَّ النَّاسَ مَرَّةً مَرَّةً وَلَوْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ قَرَأَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ مَا ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَصَلَ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَطْوِيلُ الثَّالِثَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ إلَخْ) أَخَّرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لَبْسٌ مُرَادًا مِنْهُ الْوُجُوبُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ) فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ صَحَّ مَا عَدَا الْإِحْرَامَ السَّادِسَ فَلَا يَصِحُّ وِتْرًا ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا غَالِطًا اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْإِيتَارُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ وَإِلَّا فَهِيَ سُنَّةٌ وَالْمُرَادُ الْكَرَاهَةُ الْخَفِيفَةُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ) أَيْ: لِأَنَّ الثَّانِيَ فِيهِ تَشْبِيهٌ بِالْمَغْرِبِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ تَشْبِيهِ الْوِتْرِ بِالْمَغْرِبِ وَفِيهِ أَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا صَلَّى الْوِتْرَ ثَلَاثًا بِتَشَهُّدَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ وَلَا تَشَبَّهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» أَيْ بِتَشَهُّدَيْنِ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ بِثَلَاثٍ وَفِي الْعُبَابِ فَإِنْ وَصَلَ الثَّلَاثَ كُرِهَ.

وَعِبَارَةُ الْكَنْزِ لِلْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ وَيُكْرَهُ الْوَصْلُ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَإِذَا زَادَ وَوَصَلَ فَخِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَا قِيلَ إنَّ وَصْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ رَدَّهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه بِأَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُوقِعْ فِي حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ كَمَا هُنَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ فِي الْوَصْلِ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ) أَيْ: وَقَدْ أَحْرَمَ بِهِ وِتْرًا وَقَوْلُهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ: مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِهِ وَإِنْ حَصَلَ بِذَلِكَ مُطْلَقُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يُرِدْ بِمَا سَبَقَ أَفَادَهُ الْجَوْجَرِيُّ لَكِنْ قَالَ وَالِدُ شَيْخِنَا: هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَأَنْ يَنْوِيَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ أَيْ فَإِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ يَنْوِيَ عَشْرَةً بِتَشَهُّدٍ وَيُسَلِّمَ ثُمَّ يَنْوِيَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ بِتَشَهُّدٍ وَيُسَلِّمَ سَوَاءٌ تَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ مِنْ الْعَشَرَةِ بِدُونِ سَلَامٍ أَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّشَهُّدَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَصْلِ كَمَا عَلِمْت وَهَذَا مِنْ الْفَصْلِ، وَأَمَّا إيقَاعُ التَّشَهُّدِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ فَالظَّاهِرُ امْتِنَاعُهُ أَوْ يَنْوِي ثَمَانِيَةً بِتَشَهُّدٍ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَنْوِي الثَّلَاثَةَ بِتَشَهُّدٍ وَيُسَلِّمُ اهـ ح ل

وَعِبَارَةُ ز ي وَلَوْ صَلَّى عَشْرًا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ فَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا فَصْلٌ لَا وَصْلٌ وَلَمْ أَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ إنَّ قَضِيَّةَ تَعْبِيرِهِمْ بِالسَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَلَّمَ سِتَّ تَسْلِيمَاتٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَسِتًّا بِتَسْلِيمَةٍ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ وَإِنْ وُجِدَ مُطْلَقُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يَرِدْ إلَّا كَذَلِكَ رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهَا بَلْ دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّتُهُ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَالْفَصْلُ أَفْضَلُ) أَيْ: إنْ سَاوَاهُ عَدَدًا اهـ شَرْحُ م ر أَيْ: فَصْلُ الْأَخِيرَةِ بِإِحْرَامٍ مُسْتَقِلٍّ أَفْضَلُ سَوَاءٌ فَصَلَ مَا قَبْلَهَا أَوْ وَصَلَهُ وَلَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَهُ فِيهِ أَنْ يَنْوِيَ سُنَّةَ الْوِتْرِ وَمُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ أَوْ مِنْ الْوِتْرِ أَوْ الْوِتْرُ أَيْضًا وَلَا يَصِحُّ بِنِيَّةِ الشَّفْعِ وَلَا بِنِيَّةِ سُنَّةِ الْعِشَاءِ وَلَا بِنِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ مَا حَاصِلُهُ لَوْ كَانَ صَلَّى الْوِتْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ مَوْصُولَةً أَدْرَكَهَا جَمِيعَهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ مَفْصُولَةً خَرَجَ بَعْضُهَا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَوْصُولَةً وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا أَدْرَكَهَا فِي الْوَقْتِ وَإِذَا صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ خَرَجَ بَعْضُهَا عَنْ الْوَقْتِ هَلْ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا وَقَعَ فِيهِ فَكَأَنَّهُ

ص: 483

بِالسَّلَامِ وَغَيْرِهِ.

(وَسُنَّ تَأْخِيرُهُ عَنْ صَلَاةِ لَيْلٍ) مِنْ رَاتِبَةٍ أَوْ تَرَاوِيحَ أَوْ تَهَجُّدٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» (وَلَا يُعَادُ) نَدْبًا وَأَنْ أُخِّرَ عَنْهُ تَهَجُّدٌ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ لَمْ يُعِدْهُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «لَا وَتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» (و) سُنَّ تَأْخِيرُهُ (عَنْ أَوَّلِهِ) أَيْ: اللَّيْلِ (لِمَنْ وَثِقَ بِيَقِظَتِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ (لَيْلًا) سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِهَا لَمْ يُؤَخِّرْهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ» وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَاقْتُصِرَ فِي الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي سَنِّ التَّأْخِيرِ عَلَى مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ (وَ) سُنَّ (جَمَاعَةٌ فِي وِتْرِ رَمَضَانَ) وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ التَّرَاوِيحَ أَوْ فَعَلَتْ فُرَادَى بِنَاءً عَلَى سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوِتْرِ

ــ

[حاشية الجمل]

صَلَّاهَا كُلَّهَا فِي الْوَقْتِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ سم عَنْ حَجّ فِي رَوَاتِبِ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْجَمِيعَ وَأَدْرَكَ بَعْضَهَا فِي الْوَقْتِ وَقَعَتْ كُلُّهَا أَدَاءً اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ بِالسَّلَامِ وَغَيْرِهِ) كَالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَسُنَّ تَأْخِيرُهُ) أَيْ: جَمِيعِهِ اهـ شَرْحُ م ر ثُمَّ قَالَ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِي أَيْ: جَمِيعِهِ إنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ كُلِّهِ وَإِنْ صَلَّى بَعْضَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي جَمَاعَةٍ وَكَانَ لَا يُدْرِكُهَا آخِرَ اللَّيْلِ وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ يُصَلِّي بَعْضَ وِتْرِ رَمَضَانَ جَمَاعَةً وَيُكْمِلُهُ بَعْدَ تَهَجُّدِهِ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ كُلِّهِ فَقَدْ قَالُوا إنَّ مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ لَمْ يُوتِرْ مَعَ الْجَمَاعَةِ بَلْ يُؤَخِّرُهُ إلَى اللَّيْلِ فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ صَلَّى نَافِلَةً مُطْلَقَةً وَأَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ اهـ وَقَوْلُهُ صَلَّى نَافِلَةً مُطْلَقَةً أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مَأْمُومًا أَوْ إمَامًا لَكِنْ لَوْ كَانَ إمَامًا وَصَلَّى وِتْرَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ كُرِهَ الْقُنُوتُ فِي حَقِّهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

وَلَوْ تَعَارَضَ الْكَثْرَةُ وَالتَّأْخِيرُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ مَعَ الْقِلَّةِ بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى رَكْعَةٍ مَثَلًا أَفْضَلُ مِنْ التَّقْدِيمِ مَعَ الْكَثْرَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ ح ل ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ وَلَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى أَوَّلَ اللَّيْلِ صَلَّى إحْدَى عَشْرَةَ وَلَوْ صَلَّى آخِرَهُ صَلَّى ثَلَاثًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِحْدَى عَشْرَةَ أَوْلَى مُحَافَظَةً عَلَى كَمَالِ الْعِبَادَةِ اهـ وَمِثْلُهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف كَلَامَهُمَا وَاعْتَمَدَهُ وَضَعَّفَ كَلَامَ الشَّوْبَرِيِّ وَالْحَلَبِيِّ.

(قَوْلُهُ عَنْ صَلَاةِ لَيْلٍ) قِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا مَا عَدَا الْوِتْرَ وَإِلَّا فَالْوِتْرُ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا وَتَقْدِيمُ الْوِتْرِ عَلَى التَّهَجُّدِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّهَجُّدَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ نَوْمٍ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ فَإِنْ فَعَلَ الْوِتْرَ بَعْدَ نَوْمٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ تَهَجُّدًا وَوِتْرًا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ نَوْمٍ كَانَ وِتْرًا لَا تَهَجُّدًا فَبَيْنَ الْوِتْرِ وَالتَّهَجُّدِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ وَيَنْفَرِدُ التَّهَجُّدُ فِيمَا إذَا كَانَ بَعْدَ نَوْمٍ وَلَمْ يَنُوبُهُ الْوَتْرُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ إلَخْ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا فِيهِ؛ لِأَنَّ جَعَلَ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولٍ وَإِلَى مَفْعُولَيْنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَوْنِهِ مَفْعُولًا فِيهِ ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ هُوَ آخِرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَا يُعَادُ نَدْبًا) أَيْ: وَلَوْ وِتْرَ رَمَضَانَ وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ صَلَّاهُ أَوَّلًا فُرَادَى فَلَا يُعَادُ وَلَوْ أُعِيدَ لَمْ يَنْعَقِدْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ النَّفَلَ الَّذِي تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ تُسَنُّ إعَادَتُهُ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَا يُعَادُ نَدْبًا) أَيْ: لَا تُطْلَبُ إعَادَتُهُ فَإِنْ أَعَادَهُ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ عَامِدًا عَالِمًا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَعَمْ إنْ أَعَادَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا كَإِحْرَامِهِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ غَالِطًا اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أُخِّرَ عَنْهُ تَهَجُّدٌ) كَانَ الْأَنْسَبَ أَنْ يَعْتَنِيَ بِمَا تَرَكَهُ الْأَصْلُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ فِي مُنَاقَشَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عُنِيَ بِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَّرَ التَّهَجُّدَ رُبَّمَا يُقَالُ يَصِحُّ أَنْ يُوتِرَ ثَانِيًا لِيَكُونَ مُمْتَثِلًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» ) جَاءَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُلْزِمُ الْمُثَنَّى الْأَلِفَ اهـ شَيْخُنَا وَهَذَا فِي الْأَدَاءِ أَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا مَانِعَ مِنْ وِتْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي لَيْلَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ بِيَقَظَتِهِ) أَيْ: وَلَوْ بِإِيقَاظِ غَيْرِهِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ أَمْ لَا) وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّاهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ صَلَّاهُ جَمَاعَةً حَيْثُ سُنَّتْ فِيهِ وَلَوْ صَلَّاهُ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ صَلَّاهُ مُنْفَرِدًا وَلَا يُقَالُ يُصَلِّي بَعْضَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ جَمَاعَةً وَيُؤَخِّرُ بَعْضَهُ لِغَيْرِ الْأَوَّلِ بَلْ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهُ كُلِّهِ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ مِنْ التَّأْخِيرِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ) هَلَّا قَالَ آخِرَهُ؟ وَمَا حِكْمَةُ الْإِظْهَارِ؟ وَلَعَلَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الْآخِرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي) أَيْ: قَوْلُهُ أَمْ لَا الشَّامِلُ لَهَا الْمَتْنُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَاسْتِحْبَابُ تَأْخِيرِهِ لِمَنْ لَا تَهَجُّدَ لَهُ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْوُثُوقِ فِيمَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ مِنْ زِيَادَتَيْ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَجَمَاعَةٌ فِي وِتْرِ رَمَضَانَ) أَيْ: وَلَوْ قَضَاءً كَالتَّرَاوِيحِ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَقْضِيَّةِ مِنْ الْخَمْسِ فَهَذَا أَوْلَى فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى سَنِّ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَسُنَّ جَمَاعَةً فِي وِتْرِ رَمَضَانَ أَيْ: سَنُّ الْجَمَاعَةِ فِي الْوِتْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِسَنِّ الْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمُحَلَّى وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوِتْرِ بِنَاءً عَلَى نَدْبِهَا فِي

ص: 484

عَقِبَ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُسَنُّ فِيهِ الْقُنُوتُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ.

(وَكَالضُّحَى وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ وَأَفْضَلُ مِنْهُ سِتٌّ (وَأَكْثَرُهَا) عَدَدًا (اثْنَتَا عَشْرَةَ

ــ

[حاشية الجمل]

التَّرَاوِيحِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ الْآتِي انْتَهَتْ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ خِلَافًا وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ إنَّهَا تُسَنُّ فُرَادَى كَمَا صَرَّحَ بِهَذَا الْخِلَافِ فِي الْمَوَاهِبِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمُحَلَّى فِيمَا سَيَأْتِي وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي التَّرَاوِيحِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَا أَفْضَلُ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيَاءِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الِاعْتِذَارِ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ هَذَا الْحُكْمِ هُنَا مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُ هُنَا فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُوفَ فِي الْأَصْلِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ اُسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا بِذِكْرِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَمْ يُخِلَّ بِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ هُنَا شَرْحُ م ر وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ آخِرَ وِتْرِهِ أَيْ: آخِرَ مَا يَقَعُ وِتْرًا فَشَمِلَ ذَلِكَ مَنْ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ كُلَّ السَّنَةِ لِإِطْلَاقِ مَا مَرَّ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَنَتَ فِيهِ فِي غَيْرِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَطُلْ بِهِ الِاعْتِدَالُ كُرِهَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ طَالَ بِهِ وَهُوَ عَامِدٌ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَهُوَ كَقُنُوتِ الصُّبْحِ فِي لَفْظِهِ وَمَحَلِّهِ وَالْجَهْرِ بِهِ وَاقْتِضَاءِ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَكَالضُّحَى) وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ اهـ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(فَرْعٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ غَيْرُ صَلَاةِ الضُّحَى اهـ م ر وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ وَنَصُّهُ وَمِمَّا لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْإِشْرَاقِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَهِيَ غَيْرُ صَلَاةِ الضُّحَى اهـ وَعَلَيْهِ فَتَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ انْعَقَدَتْ وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِصَلَاةٍ أُخْرَى يَنْوِي بِهَا ذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ حَصَلَتْ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ اهـ ع ش عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ وَمِنْ فَوَائِدِ صَلَاةِ الضُّحَى أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُصْبِحُ عَلَى مَفَاصِلِ الْإِنْسَانِ الثَّلَاثِمِائَةِ وَسِتِّينَ مِفْصَلًا كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى وَحَكَى الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ أَنَّهُ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الْعَوَامّ أَنَّ مَنْ قَطَعَهَا يَعْمَى فَصَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَتْرُكُهَا أَصْلًا لِذَلِكَ وَلَيْسَ لِمَا قَالُوهُ أَصْلٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِمَّا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لِيَحْرِمَهُمْ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ لَا سِيَّمَا إجْزَاؤُهَا عَنْ تِلْكَ الصَّدَقَةِ اهـ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ أَقُولُ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ مَا اُشْتُهِرَ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ مَنْ صَلَّاهَا تَمُوتُ أَوْلَادُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ وَهُمَا أَفْضَلُ فِي ذَلِكَ مِنْ الشَّمْسِ وَالضُّحَى وَإِنْ وَرَدَتَا أَيْضًا؛ إذْ الْإِخْلَاصُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَالْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبُعَهُ بِلَا مُضَاعَفَةٍ اهـ شَرْحُ م ر وَيَقْرَؤُهُمَا أَيْضًا فِيمَا لَوْ صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا بِإِحْرَامٍ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَمِثْلُهُ كُلُّ سُنَّةٍ تَشَهَّدَ فِيهَا بِتَشَهُّدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَقْرَأُ السُّورَةَ فِيهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَةٍ فِي خَصَائِصِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَوْصَلَهَا إلَى مِائَةٍ خُصُوصِيَّةٍ وَوَاحِدَةٍ فَقَالَ مَا نَصُّهُ أَخْرَجَ الْأَصْبَهَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ صَلَّى الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي دَهْرِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ عَشْرَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَإِذَا تَشَهَّدَ سَلَّمَ وَاسْتَغْفَرَ سَبْعِينَ مَرَّةً وَسَبَّحَ سَبْعِينَ مَرَّةً سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَّ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَشَرَّ أَهْلِ الْأَرْضِ وَشَرَّ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ» اهـ وَيُسَنُّ أَنْ يَدْعُوَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى بِهَذَا الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ إنَّ الضُّحَى ضَحَاؤُك وَالْبَهَا بَهَاؤُك وَالْجَمَالُ جَمَالُك وَالْقُوَّةُ قُوَّتُك وَالْقُدْرَةُ قُدْرَتُك وَالْعِصْمَةُ عِصْمَتُك اللَّهُمَّ إنْ كَانَ رِزْقِي فِي السَّمَاءِ فَأَنْزِلْهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ فَأَخْرِجْهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَيَسِّرْهُ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فَطَهِّرْهُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَقَرِّبْهُ بِحَقِّ ضَحَائِكَ وَبِهَائِك وَجَمَالِك وَقُوَّتِك وَقُدْرَتِك آتِنِي مَا آتَيْت عِبَادَك الصَّالِحِينَ اهـ مِنْ بَعْضِ الْحَوَاشِي.

(قَوْلُهُ وَأَكْثَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ) هَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ

ص: 485

وَأَفْضَلُهَا) نَقْلًا وَدَلِيلًا (ثَمَانٍ) وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ نَدْبًا كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى أَيْ: صَلَاتَهُ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَرِيبٌ مِنْهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنْ صَلَّيْت الضُّحَى عَشْرًا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْك ذَلِكَ الْيَوْمَ ذَنْبٌ وَإِنْ صَلَّيْتهَا ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنِي اللَّهُ لَك بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» وَوَقْتُهَا فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الِاسْتِوَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ إلَى الزَّوَالِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِوَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ وَنُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ وَقْتَهَا مِنْ الطُّلُوعِ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا إلَى الِارْتِفَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبْعُ النَّهَارِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَقَوْلِي وَأَفْضَلُهَا ثَمَانٍ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا.

(وَكَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ) غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (لِدَاخِلِهِ)

ــ

[حاشية الجمل]

فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ ضُحًى إنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامُ الْخَامِسُ فَلَا يَصِحُّ ضُحًى ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَنَظِيرِهِ مِمَّا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ عَدَدًا) لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَهُ فِي الْوِتْرِ وَهَلْ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَفْضَلُهَا نَقْلًا ثَمَانٍ فَقَوْلُهُ هُنَا عَدَدًا أَيْ: لَا فَضْلًا بِخِلَافِهِ ثُمَّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهَا ثَمَانٍ) فِي حَجّ مَا نَصُّهُ.

(تَنْبِيهٌ) مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الثَّمَانِ أَفْضَلُ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَا يُنَافِي قَاعِدَةَ أَنَّ الْعَمَلَ كُلَّمَا كَثُرَ وَشَقَّ كَانَ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ يَفْضُلُ الْكَثِيرَ فِي صُوَرٍ كَالْقَصْرِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ بِشُرُوطِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ نَدْبًا) وَيَجُوزُ فِعْلُهُ الثَّمَانِ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَيَنْبَغِي جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ فِي الْأَخِيرَةِ وَجَوَازُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ شَفْعٍ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَشَهُّدٌ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ ثُمَّ آخَرَ فِي الْأَخِيرَةِ أَوْ تَشَهَّدَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَآخَرَ بَعْدَ السَّادِسَةِ وَآخَرَ بَعْدَ الْأَخِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْبِيضَ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ حَكِيمًا يُخَاطِبُ كُلَّ إنْسَانٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ فَلَمَّا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ آخِرَ اللَّيْلِ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِالْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ أَمَرَهُ بِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ) أَيْ: مِنْ الضُّحَى يَدُلُّ لَهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: وَيُخَصَّصُ بِالثَّمَانِ وَقَالَ ح ل مَا شَاءَ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ مِنْ الطُّلُوعِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ وَقْتٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبُعُ النَّهَارِ) أَيْ: لِيَكُونَ فِي كُلِّ رُبُعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ فَفِي الرُّبُعِ الْأَوَّلِ الصُّبْحُ وَفِي الثَّانِي الضُّحَى وَفِي الثَّالِثِ الظُّهْرُ وَفِي الرَّابِعِ الْعَصْرُ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ» وَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ عِشْرِينَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي أَخْفَافِهَا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبُعُ النَّهَارِ) وَهُوَ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ وَسُمِّيَتْ بِهِ؛ إذْ الضُّحَى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ هُوَ وَقْتُ شِدَّةِ إشْرَاقِ الشَّمْسِ فَفِي الْمُخْتَارِ ضَحْوَةُ النَّهَارِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ثُمَّ بَعْدَهُ الضُّحَى وَهِيَ حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ أَيْ: يَشْتَدُّ ضَوْءُهَا مَقْصُورَةً تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ ثُمَّ بَعْدَهُ الضَّحَاءُ مَفْتُوحٌ مَمْدُودٌ مُذَكَّرٌ وَهُوَ عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ إلَّا عَلَى تَقَوُّلٍ مِنْهُ قَامَ بِالنَّهَارِ حَتَّى أَضْحَى كَمَا تَقُولُ مِنْ الصَّبَاحِ حَتَّى أَصْبَحَ اهـ

(قَوْلُهُ وَكَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ) الْإِضَافَةُ غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهَا التَّحِيَّةُ لِرَبِّ الْمَسْجِدِ تَعْظِيمًا لَهُ لَا لِلْبُقْعَةِ فَلَوْ قَصَدَ سُنَّةَ الْبُقْعَةِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْبُقْعَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ بُقْعَةٌ لَا تُقْصَدُ بِالْعِبَادَةِ شَرْعًا وَإِنَّمَا تُقْصَدُ لِإِيقَاعِ الْعِبَادَةِ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالتَّحِيَّةُ مَا يَحْيَا بِهِ الشَّيْءُ أَيْ يَعْظُمُ بِهِ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَكَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ لِدَاخِلِهِ) وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنْ دَخَلَ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَضْلِ زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَزَادَ غَيْرُهُ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّهَا الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَصَلَاةُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ أَيْ: دُعَاؤُهُمْ وَفِي الْأَذْكَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ يُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا لِحَدِيثِ أَوْ شُغُلٍ أَوْ نَحْوِهِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ أَرْبَعًا قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَالْقَرْضُ الْحَسَنُ وَالذِّكْرُ الْكَثِيرُ وَصَلَاةُ سَائِرِ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الْكَلْبَ وَالْحِمَارَ وَالْغُرَابَ الْأَبْقَعَ اهـ وَقَوْلُهُ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ إلَخْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مَعَ تَيَسُّرِهِ وَتُسَنُّ التَّحِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَشَاعًا كَأَنْ وَقَفَ حِصَّةً شَائِعَةً مَسْجِدًا عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّحِيَّةِ أَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَاسْتُحِبَّتْ فِي الشَّائِعِ؛ لِأَنَّ مَا مِنْ

ص: 486

مُتَطَهِّرًا مَرِيدِ الْجُلُوسِ فِيهِ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَ رَاتِبَةٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ عَنْ قُرْبٍ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي (وَتَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ) بِتَسْلِيمَةٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا آخَرَ سَوَاءٌ أَنَوَيْت مَعَهُ أَمْ لَا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَلَاةٍ قَبْلَ الْجُلُوسِ، وَقَدْ وُجِدَتْ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ نِيَّةُ التَّحِيَّةِ

ــ

[حاشية الجمل]

جُزْءٍ مِنْهُ إلَّا وَفِيهِ جِهَةُ مَسْجِدِيَّةٍ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ يُخِلُّ بِتَعْظِيمِهِ وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْجِدٍ وَالشَّائِعُ بَعْضُهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ فَالْمُكْثُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ الرِّبَاطُ وَمَا بُنِيَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ عَلَى صُورَةِ الْمَسْجِدِ وَأَذِنَ بَانِيهِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَمِثْلُ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ الْمُحْتَكَرَةُ وَالْأَرْضُ الَّتِي لَا تَجُوزُ عِمَارَتُهَا كَاَلَّتِي بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ أَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَمِنْهُ الْبَلَاطُ وَنَحْوُهُ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ مَسْجِدًا حَيْثُ اُسْتُحِقَّ إثْبَاتُهُ فِيهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِمَنَافِعَ تَشْمَلُ الْبِنَاءَ وَنَحْوَهُ وَتَصِحُّ التَّحِيَّةُ فِيهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ غَيْرُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أَمَّا هُوَ فَيَبْتَدِئُ فِيهِ بِالطَّوَافِ الَّذِي هُوَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا مَسْجِدٌ يُسْتَحَبُّ لِدَاخِلِهِ تَرْكُ تَحِيَّتِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَإِنْ كَانَ دَاخِلُهُ يُرِيدُ الطَّوَافَ فَالسُّنَّةُ لَهُ الطَّوَافُ وَهُوَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ فَإِنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الطَّوَافِ حَصَلَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَإِنْ صَلَّاهُمَا دَاخِلَ الْبَيْتِ وَتُوُقِّفَ فِيهِ بِأَنَّ الْبَيْتَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ فَتَحِيَّةُ الْبَيْتِ الطَّوَافُ فَلَوْ صَلَّى مُرِيدُ الطَّوَافِ التَّحِيَّةَ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ دَاخِلَهُ الطَّوَافَ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَحِيَّةَ الْحَرَمِ الْإِحْرَامُ وَعَرَفَةَ الْوُقُوفُ وَمِنًى الرَّمْيُ وَلِقَاءُ الْمُسْلِمِ السَّلَامُ اهـ ح ل فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ غَيْرُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَتَارَةً يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ غَيْرِهِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ دَاخِلُهُ الطَّوَافَ وَتَارَةً لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا أَرَادَ الطَّوَافَ اهـ.

(قَوْلُهُ مُتَطَهِّرًا مُرِيدًا الْجُلُوسَ إلَخْ) كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَطَهِّرًا أَمْ مُحْدِثًا وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ قَبْلَ جُلُوسِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لِدَاخِلِهِ عَلَى وُضُوءٍ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُرِيدًا الْجُلُوسَ أَوْ لَا وَقَوْلُ الشَّيْخِ نَصْرٍ لِمُرِيدِ الْجُلُوسِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ إذْ الْأَمْرُ بِهَا مُعَلَّقٌ عَلَى مُطْلَقِ الدُّخُولِ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ وَإِقَامَةً لِلشِّعَارِ كَمَا يُسَنُّ لِدَاخِلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْإِقَامَةَ بِهَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ مُدَرِّسًا يَنْتَظِرُ كَمَا فِي مُقَدَّمَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَمْ لَا وَإِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ خِلَافَهُ لِعَدَمِ اسْتِحْضَارِهِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ أَدَخَلَ زَحْفًا أَوْ حَبْوًا أَمْ غَيْرَهُمَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ) أَيْ: وَلَوْ فِي نَافِلَةٍ كَالْعِيدِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَّا إنْ قَرُبَ قِيَامُ مَكْتُوبَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ مَعَ إمَامِهِ وَكَانَتْ الْجَمَاعَةُ مَشْرُوعَةً لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ كَانَ خَطِيبًا، وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْخُطْبَةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ التَّرْكُ أَوْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي مَكْتُوبَةٍ أَوْ خَافَ فَوْتَ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ كَمَا فِي الرَّوْنَقِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ طَوَافَ الْقُدُومِ إذَا خَشِيَ فَوْتَ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُرِيدًا لِلطَّوَافِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ لِحُصُولِهَا بِرَكْعَتَيْهِ وَيَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِهَا عَنْ فَرْضٍ ضَاقَ وَقْتُهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ عَنْ قُرْبٍ) أَيْ وَإِنْ تَلَاصَقَتْ الْمَسَاجِدُ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ شَيْخُنَا ور وَتُسَنُّ التَّحِيَّةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْمُتَلَاصِقَةِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا ز ي؛ لِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ الْوَجْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَتَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ فَلَوْ صَلَّاهُمَا خَارِجَهُ لَمْ يَكْفِ وَلَوْ أَحْرَمَ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا انْقَلَبَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ بِرَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ) وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ أَفْضَلُ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا جَائِزَةٌ وَتَكُونُ كُلُّهَا تَحِيَّةً فَإِنْ سَلَّمَ ثُمَّ أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ لِلتَّحِيَّةِ لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا مِنْ جَاهِلٍ فَتَنْعَقِدُ نَفْلًا مُطْلَقًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَتَكُونُ كُلُّهَا تَحِيَّةً وَذَلِكَ حَيْثُ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ابْتِدَاءً فَلَوْ أَطْلَقَ فِي إحْرَامِهِ حُمِلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى سُنَّةَ الظُّهْرِ وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ م ر أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا آخَرَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَنْذُرْهَا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهَا مُسْتَقِلَّةً؛ لِأَنَّهَا بِالنَّذْرِ صَارَتْ مَقْصُودَةً فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ وَلَا تَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ نُوِيَتْ مَعَهُ أَمْ لَا) هَذَا فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ، وَأَمَّا ثَوَابُهَا

ص: 487

مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بِخِلَافِ نِيَّةِ سُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ مَعَ مِثْلِهَا أَوْ فَرْضٍ فَلَا تَصِحُّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحْصُلُ بِرَكْعَةٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَسَجْدَةِ شُكْرٍ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَعْنَى مَا فِيهِ وَتَفُوتُ بِالْجُلُوسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَقَصُرَ الْفَصْلُ.

(وَقِسْمٌ تُسَنُّ) أَيْ: الْجَمَاعَةُ (لَهُ كَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ) لِمَا سَيَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا (وَتَرَاوِيحُ وَقْتَ وِتْرٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

الْخَاصُّ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِنِيَّتِهَا اهـ عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ نُوِيَتْ مَعَهُ أَمْ لَا) أَيْ: مَا لَمْ يَنْفِهَا وَيَنْوِي عَدَمَهَا وَإِلَّا لَمْ يُحَصِّلْ فَضْلَهَا لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ؛ إذْ لَمْ تُنْوَ لَمْ يُحَصَّلْ فَضْلُهَا وَعَلَى حُصُولِ فَضْلِهَا وَإِنْ لَمْ تُنْوَ يُشْكِلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَابِعَةٌ وَدَاخِلَةٌ فِيهِ فَكَأَنَّهَا نُوِيَتْ حُكْمًا اهـ ز ي بِإِيضَاحٍ.

(قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ الْآخَرِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ) مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ سُنَّةُ الْوُضُوءِ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاسْتِخَارَةِ وَقُدُومِ الْمُسَافِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَيَتَّجِهُ فِي ذَلِكَ جَوَازُ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ نِيَّةِ سُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ مَعَ مِثْلِهَا) كَنِيَّةِ سُنَّةِ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ وَكَنِيَّةِ الْعِيدَيْنِ مَعًا وَكَنِيَّةِ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَعًا فَهَذَا كُلُّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ إنَّهَا لَا تَحْصُلُ بِرَكْعَةٍ إلَخْ) أَيْ: عَلَى الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَقَدْ قِيلَ إنَّهَا تَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ لِحُصُولِ إكْرَامِ الْمَسْجِدِ الْمَقْصُودِ بِمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ جَوَابًا عَنْ تَمَسُّكِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْمَذْكُورَاتِ بِمَعْنَى مَا فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ رَكْعَتَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكُلِّ إكْرَامُ الْمَسْجِدِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ) وَلَا تَفُوتُ بِهَا التَّحِيَّةُ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَتَفُوتُ بِالْجُلُوسِ) أَيْ: مُتَمَكِّنًا لَا مُسْتَوْفِزًا كَعَلَى قَدَمَيْهِ أَيْ: بِأَنْ جَلَسَ عَامِدًا عَالِمًا بِأَنَّ عَلَيْهِ التَّحِيَّةَ مُعْرِضًا عَنْهَا وَأَمَّا لَوْ جَلَسَ لِيَسْتَرِيحَ ثُمَّ يَقُومُ لَهَا فَلَا تَفُوتُ إلَّا بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا اهـ ح ل وَلَا تَفُوتُ بِالْقِيَامِ إنْ لَمْ يَطُلْ بِخِلَافِ مَاذَا طَالَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ زي أَيْ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَخَرَجَ بِطُولِ الْوُقُوفِ مَا لَوْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ جِدًّا فَدَخَلَهُ وَلَمْ يَقِفْ فِيهِ بَلْ قَصَدَ الْمِحْرَابَ مَثَلًا وَزَادَ مَشْيُهُ إلَيْهِ عَلَى مِقْدَارِ رَكْعَتَيْنِ فَلَا تَفُوتُ التَّحِيَّةُ بِذَلِكَ اهـ ع ش وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي أَنَّ فَوَاتَهَا فِي حَقِّ ذِي الْحَبْوِ وَالزَّحْفِ بِمَاذَا وَلَوْ قِيلَ لَا تَفُوتُ إلَّا بِالِاضْطِجَاعِ؛ لِأَنَّهُ رُتْبَةٌ أَدْوَنُ مِنْ الْجُلُوسِ كَمَا أَنَّ الْجُلُوسَ أَدْوَنُ مِنْ الْقِيَامِ فَكَمَا فَاتَتْ بِهَذَا فَاتَتْ بِذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ كَذَا يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْمُضْطَجِعِ أَوْ الْمُسْتَلْقِي أَوْ الْمَحْمُولِ إذَا دَخَلَ كَذَلِكَ اهـ ابْنُ حَجَرٍ وَهَلْ تَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ بِالْحَدَثِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا احْتِمَالَاتٌ أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا اهـ شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ) لَوْ تَوَضَّأَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ هَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا إحْدَى السُّنَّتَيْنِ وَتَدْخُلُ الْأُخْرَى أَوْ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِأَنْ يُصَلِّي ثِنْتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَثِنْتَيْنِ سُنَّةَ الْوُضُوءِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ نَوَى بِهِمَا إحْدَى السُّنَّتَيْنِ أَوْ هُمَا اكْتَفَى بِهِ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ فِي صَلَاتِهِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَلَا تَفُوتُ بِهَا سُنَّةُ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ الْوُضُوءِ فِيهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَلَا كَذَلِكَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَهْوًا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْجُلُوسِ الْإِعْرَاضَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ الْجُلُوسُ الْيَسِيرُ لِنَحْوِ الْوُضُوءِ كَمَا لَوْ جَلَسَ لِيُحْرِمَ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ أَوْ أَرَادَ صَلَاتَهَا مِنْ جُلُوسٍ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ إذَا دَخَلَ عَطْشَانًا ثُمَّ جَلَسَ لِيَشْرَبَ إنْ جَلَسَ مُتَمَكِّنًا فَاتَتْ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ لِلْوُضُوءِ مُتَمَكِّنًا بَلْ مُسْتَوْفِزًا كَعَلَى قَدَمَيْهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَنْ دَخَلَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُقَصِّرٌ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ مَكْرُوهٌ فَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ عَطْشَانًا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَقِسْمٌ تُسَنُّ لَهُ) أَيْ دَائِمًا فَقَوْلُهُ كَعِيدٍ إلَخْ الْكَافُ اسْتِقْصَائِهِ؛ إذْ لَمْ يَبْقَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ، وَأَمَّا وِتْرُ رَمَضَانَ فَقَدْ أَدْخَلَهُ فِي الْقِسْمِ السَّابِقِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوِتْرَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا تُسَنُّ فِيهِ دَائِمًا وَأَبَدًا اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَتَرَاوِيحُ وَقْتَ وِتْرٍ) وَلَا تَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدَدٍ بَلْ قَالَ أُصَلِّي قِيَامَ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَارُضَ لِلْعَدَدِ لَا يَجِبُ وَتُحْمَلُ نِيَّتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ فِي التَّرَاوِيحِ وَهُوَ رَكْعَتَانِ كَمَا لَوْ قَالَ: أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ الصُّبْحَ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِالصِّحَّةِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ مِنْ الْعَدَدِ شَرْعًا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ زِيَادَةِ الْوُفُودِ عِنْدَ فِعْلِ التَّرَاوِيحِ خُصُوصًا مَعَ تَنَافُسِ أَهْلِ الْإِسْبَاعِ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ جَائِزٌ إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ وَالْإِحْرَامُ كَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَهُوَ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ أَوْ وَقْفٍ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَاقِفُهُ وَلَمْ تَطَّرِدْ الْعَادَةُ بِهِ

ص: 488

وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ لَيَالِيَ مِنْ رَمَضَانَ وَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى النَّاسُ بِصَلَاتِهِ فِيهَا وَتَكَاثَرُوا فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ فِي الرَّابِعَةِ وَقَالَ لَهُمْ صَبِيحَتَهَا خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ

ــ

[حاشية الجمل]

فِي زَمَنِهِ وَعَمِلَهَا اهـ شَرْحُ م ر وَمِنْ الْبِدَعِ مَا يُفْعَلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبُلْدَانِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ الْكَثِيرَةِ السَّرَفِ فِي لَيَالٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ السَّنَةِ كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مُضَاهَاةُ الْمَجُوسِ فِي الِاعْتِنَاءِ بِالنَّارِ وَمِنْهَا إضَاعَةُ الْمَالِ فِي غَيْرِ وَجْهِ الْحِلِّ وَمِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ اجْتِمَاعِ الصِّبْيَانِ وَأَهْلِ الْبَطَالَةِ وَلَعِبِهِمْ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ وَامْتِهَانِهِمْ الْمَسَاجِدَ وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا وَحُصُولِ الْأَوْسَاخِ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي يَجِبُ صِيَانَةُ الْمَسْجِدُ عَنْ أَفْرَادِهَا، وَمِنْ الْمَفَاسِدِ أَيْضًا مَا يُفْعَلُ فِي الْجَوَامِعِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ وَتَرْكِهَا إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ تُرْفَعْ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْيَهُودِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَأَكْثَرُ مَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَهُوَ حَرَامٌ وَيُشْبِهُهُ وُقُودُ الشَّمْعِ الْكَثِيرِ لَيْلَةَ بَدْرٍ وَعَرَفَةَ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ حَرَامٌ شَدِيدُ التَّحْرِيمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَقْتَ وِتْرٍ) خَبَرٌ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَالتَّقْدِيرُ وَوَقْتُهَا يَكُونُ وَقْتَ وِتْرٍ فَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَيْسَ قَيْدًا فِي سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَقْتُ وِتْرٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَوَقْتُهَا وَقْتُ وِتْرٍ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِتَرَاوِيحَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ لَهَا وَقْتَيْنِ وَقْتَ وِتْرٍ تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُ وَقْتِ وِتْرٍ لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً) أَيْ: فِي حَقِّ غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَلَهُمْ فِعْلُهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَالسِّرُّ فِي كَوْنِهَا عِشْرِينَ أَنَّ الرَّوَاتِبَ أَيْ: الْمُؤَكَّدَةَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ فَضُوعِفَتْ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَضُوعِفَتْ فِيهِ أَيْ وَجُعِلَتْ بِتَضْعِيفِهَا زِيَادَةً فِي رَمَضَانَ وَإِلَّا فَالرَّوَاتِبُ مَطْلُوبَةٌ فِي رَمَضَانَ أَيْضًا أَوْ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ مِثْلَاهُ اهـ رَشِيدِيٌّ وَكَانَتْ لَيْلًا لِقُوَّةِ الْأَبْدَانِ فِيهِ بِالْفِطْرِ وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ عَدَمِ الرِّيَاءِ وَفِعْلُهَا بِالْقُرْآنِ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ أَوْلَى وَأَفْضَلُ مِنْ تَكْرِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا وَمِنْ تَكْرِيرِ سُورَةِ الرَّحْمَنِ أَوْ هَلْ أَتَى فِي جَمِيعِهَا وَمِنْ تَكْرِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ بَعْدَ كُلِّ سُورَةٍ مِنْ التَّكَاثُرِ إلَى الْمَسَدِ كَمَا اعْتَادَهُ غَالِبُ الْأَئِمَّةِ بِمِصْرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ لَيَالِيَ مِنْ رَمَضَانَ) هِيَ ثَلَاثَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ وَالْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ وَالسَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَقَوْلُهُ " وَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ " أَيْ: ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا الْبَقِيَّةُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهَا فِي بَيْتِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ مِنْ ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها وَاسْتَمَرَّ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ فُرَادَى إلَى آخِرِ الشَّهْرِ وَهَذَا كَمَا تَرَى يُشْعِرُ بِإِنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ إلَّا فِي آخِرِ سِنِي الْهِجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا مَرَّةً ثَانِيَةً وَلَا وَقَعَ عَنْهَا سُؤَالٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهَا شُرِعَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ حِينَ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ تِسْعُ لَيَالٍ لَكِنْ صَلَّاهَا مُفَرَّقَةً لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَالْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالسَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَانْتَظَرُوهُ لَيْلَةَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ وَقَالَ: خَشِيت إلَخْ، وَعَنْ «النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ لَيَالٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَا نُدْرِكَ الْفَلَاحَ» انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ فِي الرَّابِعَةِ) أَيْ: وَانْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حِينَئِذٍ وَصَارُوا يَفْعَلُونَهَا فِي بُيُوتِهِمْ إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَهِيَ سَنَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ الْهِجْرَةِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ وَانْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ إلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَفَعَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَجَمَعَهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلَّى بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَنَامُوا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ " فَجَمَعَهُمْ عُمَرُ " أَيْ: جَمَعَ الرِّجَالَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ قُرْآنًا وَجَمَعَ النِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ وَقِيلَ عَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ اهـ ق ل عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ «خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» ) أَيْ: يَشُقُّ عَلَيْكُمْ فِعْلُهَا فَتَتْرُكُونَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَإِلَّا فَالْعَجْزُ الْكُلِّيُّ يُسْقِطُ التَّكْلِيفَ مِنْ أَصْلِهِ وَفِيهِ كَيْفَ يَأْتِي هَذَا مَعَ قَوْلِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَلَا يُنَافِي فَرْضَ شَيْءٍ آخَرَ فِي الْعَامِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ»

ص: 489

صَحِيحٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ وَسُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعٍ مِنْهَا تَرْوِيحَةً؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَوَّحُونَ عَقِبَهَا أَيْ: يَسْتَرِيحُونَ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا بِمَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا أَشْبَهَتْ الْفَرِيضَةَ فَلَا تُغَيَّرُ عَمَّا وَرَدَ وَذِكْرُ وَقْتِهَا مِنْ زِيَادَتِي (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ (أَفْضَلُ) مِنْ الْأَوَّلِ لِتَأَكُّدِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

فَمَنَعَهُمْ مِنْ التَّجْمِيعِ فِي الْمَسْجِدِ إشْفَاقًا عَلَيْهِمْ وَفِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ خَشِيت أَنْ تَتَوَهَّمُوا فَرْضِيَّتَهَا وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ يَنْدَفِعُ بِبَيَانِهِ لَهُمْ عَدَمَ فَرْضِيَّتِهَا اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ إلَخْ أَيْ: خَشِيت الْمَشَقَّةَ عَلَيْكُمْ بِتَوَهُّمِ فَرْضِيَّتِهَا أَوْ فَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا بِسَبَبِ الْمُلَازَمَةِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ إنْ لَازَمَ عَلَى جَمَاعَتِهَا فُرِضَتْ هِيَ أَوْ جَمَاعَتُهَا أَوْ هُمَا أَوْ أَنَّهُ تَعَالَى خَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهَا فَرْضًا فَيُلَازِمَ عَلَيْهَا أَوْ لَا؟ فَلَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ) سَمَّاهَا بِذَلِكَ لِوُقُوعِهَا فِيهِ وَإِلَّا فَصَلَاةُ اللَّيْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَنْصَرِفُ لِلتَّهَجُّدِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ عَجَزَ عَنْ الشَّيْءِ عَجْزًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَجِزَ عَجَزًا مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ لِبَعْضِ قَيْسِ غَيْلَانَ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهَذِهِ اللُّغَةُ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ عِنْدَهُمْ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ فَارِسٍ بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ لَا يُقَالُ عَجِزَ الْإِنْسَانُ بِالْكَسْرِ إلَّا إذَا عَظُمَتْ عَجِيزَتُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ كَانُوا يَقُومُونَ) أَيْ: يَتَعَبَّدُونَ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ إلَخْ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ سَنَةٍ كَانَ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ لِلْعِرَاقِيِّ أَنَّ جَمْعَ عُمَرَ كَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعَةَ عَشْرَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَقَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ طَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَصْدَرَ الْحَاجِّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا وَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ وَفِيهِ وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ انْتَهَى وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّ عُمَرَ أَقَرَّ النَّاسَ عَلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى رَمَضَانًا وَاحِدًا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ وَفِي رَمَضَانَ الثَّانِي جَمَعَ النَّاسَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْ يَسْتَرِيحُونَ) أَيْ: مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ طَوَافًا كَامِلًا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ وَهَذَا بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ طَوَافٌ وَهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى مُسَاوَاةِ أَهْلِ مَكَّةَ اجْتَهَدُوا فَأَدَّاهُمْ اجْتِهَادُهُمْ إلَى أَنْ يَجْعَلُوا بَدَلَ كُلِّ طَوَافٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَصَارَتْ عِنْدَهُمْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَقِيلَ إنَّ بَعْضَ خُلَفَاءِ الْمَدِينَةِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ تِسْعَةَ ذُكُورٍ فَاخْتَلَفُوا فَأَدَّاهُمْ اجْتِهَادُهُمْ إلَى جَعْلِهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ لِيُصَلِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَكَانَ ابْتِدَاءُ حُدُوثِ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ وَلَمَّا كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه الْعِشْرُونَ لَهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ وَمَعَ ذَلِكَ يُثَابُونَ عَلَيْهَا فَوْقَ ثَوَابِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَيَنْوُونَ بِالْجَمِيعِ التَّرَاوِيحَ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لِغَيْرِهِمْ لِشَرَفِهِمْ بِهِجْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَوَطَنُهُ وَدَفْنُهُ وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ وُجِدَ فِيهَا أَوْ فِي مَزَارِعِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا بِهَا وَالْعِبْرَةُ فِي قَضَائِهَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ أَيْ فَمَنْ فَاتَتْهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فَلَهُ قَضَاؤُهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ أَوْ فَاتَتْهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ فَلَهُ قَضَاؤُهَا وَلَوْ فِي الْمَدِينَةِ عِشْرِينَ وَلَوْ أَدْرَكَ بَعْضَ رَمَضَانَ فِي الْمَدِينَةِ وَبَعْضَهُ فِي غَيْرِهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَهَلْ يَكْفِي فِي إدْرَاكِ الْيَوْمِ جُزْءٌ مِنْ لَيْلَتِهِ أَوْ مِنْ نَهَارِهِ أَوْ مِنْهُمَا كُلٌّ مُحْتَمَلِ وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِكُلِّ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ وَقَدْ حَكَى الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ وَالِدَهُ الْحَافِظَ لَمَّا وُلِّيَ إمَامَةَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَحْيَا سُنَّتَهُمْ الْقَدِيمَةَ فِي ذَلِكَ مَعَ مُرَاعَاةِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَكَانَ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً عَلَى الْمُعْتَادِ ثُمَّ يَقُومُ آخِرَ اللَّيْلِ فِي الْمَسْجِدِ بِسِتَّ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَيَخْتِمُ فِي الْجَمَاعَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَتْمَتَيْنِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَهُمْ عَلَيْهِ إلَى الْآنِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ: لَمْ تَنْعَقِد إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا انْعَقَدَتْ نَفْلَاهُ مُطْلَقًا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا بِمَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ) إلَخْ وَبِهَذَا فَارَقَتْ سُنَّةَ الظُّهْرِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ الْقَبْلِيَّةَ وَصَلَّاهَا بَعْدَ الظُّهْرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهَا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ يَجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى سُنَّةَ عِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَمَلَتْ نِيَّتُهُ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ نِصْفُهَا مُؤَدًّى وَنِصْفُهَا مَقْضِيٌّ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَوْ جَمَعَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثِنْتَانِ مِنْهَا سُنَّةُ الْعِشَاءِ وَوَاحِدَةٌ وِتْرٌ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ أَيْ: هَذَا الْقِسْمُ أَفْضَلُ)

ص: 490

بِسِنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهِ (لَكِنَّ الرَّاتِبَةَ) لِلْفَرَائِضِ (أَفْضَلُ مِنْ التَّرَاوِيحِ) لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا دُونَ التَّرَاوِيحِ وَأَفْضَلُ النَّفْلِ صَلَاةُ عِيدٍ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ خُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ ثُمَّ وِتْرٌ ثُمَّ رَكْعَتَا فَجْرٍ ثُمَّ بَاقِي الرَّوَاتِبِ ثُمَّ التَّرَاوِيحُ ثُمَّ الضُّحَى ثُمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالتَّحِيَّةِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمُرَادُ مِنْ التَّفْضِيلِ مُقَابَلَةُ جِنْسٍ بِجِنْسٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِعَدَدٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ الشَّارِعِ الْعَدَدَ الْقَلِيلَ أَفْضَلَ مِنْ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ بِدَلِيلِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ أَوْلَى قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَحَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذُكِرَ فَمَا مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ فِي قَوْلِهِ لَكِنَّ الرَّاتِبَةَ إلَخْ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي إلَّا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ تَفْضِيلَ الْأَفْرَادِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ أَيْ: كُلُّ فَرْدٍ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْقِسْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَكِنَّ الرَّاتِبَةَ إلَخْ انْتَهَتْ وَإِنَّمَا أَخَّرَ هَذَا الْقِسْمَ مَعَ كَوْنِهِ أَفْضَلَ إمَّا؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْجَمَاعَةُ طَارِئَةٌ أَوْ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الرَّوَاتِبِ وَالرَّاتِبَةُ تَابِعَةٌ لِلْفَرَائِضِ وَالتَّابِعُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مَتْبُوعِهِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاتِبَةَ) أَيْ: مُطْلَقًا مُؤَكَّدَةً أَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ اهـ ع ش عَلَى م ر وَإِنْ كَانَ فِي الْعِلَّةِ قُصُورٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِمُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهَا أَيْ: عَلَى جِنْسِهَا وَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا شَرُفَتْ بِشَرَفِ مَتْبُوعِهَا اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّرَاوِيحِ) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ تَفْضِيلُ التَّرَاوِيحِ عَلَى الرَّاتِبَةِ لِسَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) أَيْ: مَعَ إظْهَارِهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّرَاوِيحَ وَاظَبَ عَلَيْهَا لَكِنَّهُ لَمْ يُظْهِرْهَا اهـ شَيْخُنَا ح ف وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ دُونَ التَّرَاوِيحِ أَيْ: دُونَ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى جَمَاعَةِ التَّرَاوِيحِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ فِي تَفْضِيلِهَا فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَأَفْضَلُ النَّفْلِ صَلَاةُ عِيدٍ) أَيْ: بِقِسْمَيْهِ وَصَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ عُكِسَ التَّفْضِيلُ فِي التَّكْبِيرِ اهـ شَرْحُ م ر وَوَجْهُ أَفْضَلِيَّةِ الْعِيدِ شَبَهُهَا بِالْفَرْضِ فِي الْجَمَاعَةِ وَتَعَيُّنُ الْوَقْتِ وَلِلْخِلَافِ فِي أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَوْلُهُ ثُمَّ كُسُوفٌ وَجْهُ تَقْدِيمِهَا عَلَى الْخُسُوفِ تَقْدِيمُ الشَّمْسِ عَلَى الْقَمَرِ فِي الْقُرْآنِ وَالْأَخْبَارِ وَلِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا أَكْثَرُ وَوَجْهُ تَقْدِيمِهِمَا عَلَى الِاسْتِسْقَاءِ خَوْفُ فَوْتِهِمَا بِالِانْجِلَاءِ كَالْمُؤَقَّتِ بِالزَّمَانِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ وَجْهُ تَقْدِيمِهَا عَلَى الْوِتْرِ طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا كَالْفَرِيضَةِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ وِتْرٌ وَجْهُ تَقْدِيمِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ وُجُوبُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَكْعَتَا فَجْرٍ وَجْهُ تَقْدِيمِهِمَا عَلَى بَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَقَوْلُهُ ثُمَّ بَقِيَّةُ الرَّوَاتِبِ وَالْمُؤَكَّدُ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ ثُمَّ التَّرَاوِيحُ وَجْهُ تَقْدِيمِهَا عَلَى الضُّحَى مَشْرُوعِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا دُونَهَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ الضُّحَى وَجْهُ تَقْدِيمِهَا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ كَوْنُهَا مُؤَقَّتَةً بِزَمَانٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ وِتْرٌ) أَيْ: جِنْسُهُ وَلَوْ رَكْعَةً وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ ثُمَّ وِتْرٌ ظَاهِرُهُ وَلَوْ رَكْعَةً وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ الثَّلَاثَةُ فَأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرَّكْعَةِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْمَطْلَبِ الْأَوَّلِ اهـ ح ل.

(فَائِدَةٌ) ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إلَى وُجُوبِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَدَاوُد إلَى وُجُوبِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَبَعْضُ السَّلَفِ إلَى وُجُوبِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَالْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْوِتْرِ مَشْهُورٌ كَذَا فِي تَعْلِيقِ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ عَلَى مُسْلِمٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ بَاقِي الرَّوَاتِبِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ جُمْلَةِ بَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ أَوْ الْمُرَادُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَيَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَرَتُّبِ ثَوَابٍ كَثِيرٍ عَلَى فِعْلٍ قَلِيلٍ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُؤَكَّدَ الرَّوَاتِبِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مُؤَكَّدِهَا اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ) أَيْ: غَيْرِ سُنَّةِ وُضُوءٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ ثُمَّ سُنَّةُ الْوُضُوءِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَيْضًا ثُمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ) أَيْ: بَعْضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ أَيْ: بِسَبَبٍ هُوَ فِعْلٌ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إلَخْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَفْضَلَهَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِمَا ثُمَّ التَّحِيَّةُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا وَتَحَقُّقِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا يَأْتِي يُخَالِفُهُ وَيَقْتَضِي أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) أَيْ وَكَرَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَةِ فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ: إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك وَأَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي

ص: 491

ثُمَّ سُنَّةُ الْوُضُوءِ عَلَى مَا يَأْتِي ثُمَّ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَتَأْخِيرِي سُنَّةَ الْوُضُوءِ عَمَّا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ تَبِعْت الْمَجْمُوعَ وَالْأَوْفَقُ بِظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهَا فِي رُتْبَتِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا تَعَلُّقٌ بِسَبَبٍ غَيْرِ فِعْلٍ كَصَلَاةِ الزَّوَالِ.

(وَسُنَّ قَضَاءُ نَفْلٍ مُؤَقَّتٍ) إذَا فَاتَ كَصَلَاتَيْ الْعِيدِ وَالضُّحَى وَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ» اهـ وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ عَلَى مُخْتَصَرِ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك أَيْ: أَطْلُبُ مِنْك مَا هُوَ خَيْرٌ لِي فِي عِلْمِك أَيْ: أَطْلُبُ مِنْك إلْهَامَ شَيْءٍ هُوَ خَيْرٌ لِي فِي عِلْمِك أَيْ: انْشِرَاحَ نَفْسِي لَهُ هَذَا عَلَى اعْتِبَارِ هَذَا، وَأَمَّا عَلَى عَدَمِهِ فَالْمَعْنَى أَطْلُبُ مِنْك فِعْلَ مَا هُوَ خَيْرٌ لِي فِي عِلْمِك وَذَلِكَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ بَعْدَ فِعْلِ الِاسْتِخَارَةِ هَلْ يَفْعَلُ مَا انْشَرَحَتْ لَهُ نَفْسُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ فَإِنَّهُ قَالَ ثُمَّ لِيَمْضِ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ لِمَا انْشَرَحَتْ لَهُ نَفْسُهُ وَعَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ هُوَ الْخَيْرُ وَإِنْ لَمْ تَنْشَرِحْ لَهُ نَفْسُهُ فَإِنَّ فِيهِ الْخَيْرَ قَالَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ اهـ.

وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَهَذَا الثَّانِي لِلسُّبْكِيِّ عَنْ الزَّمْلَكَانِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: كَانَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الزَّمْلَكَانِيُّ يَقُولُ: إذَا اسْتَخَارَ الْإِنْسَانُ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ فَلْيَفْعَلْ مَا بَدَا لَهُ سَوَاءٌ انْشَرَحَتْ لَهُ نَفْسُهُ أَمْ لَا فَإِنَّ فِيهِ الْخَيْرَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ اهـ وَقَوْلُهُ وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك أَيْ: أَطْلُبُ مِنْك أَنْ تَجْعَلَ لِي قُدْرَةً عَلَيْهِ وَالْبَاءُ فِي بِعِلْمِك وَقُدْرَتِك يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعَانَةِ وَأَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعْطَافِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} [القصص: 17] أَيْ بِحَقِّ عِلْمِك وَقُدْرَتِك الشَّامِلَيْنِ لَهُ قَالَهُ ك وَمُفَادُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهَا فِي بِعِلْمِك لِلظَّرْفِيَّةِ وَقَوْلُهُ فَاقْدُرْهُ لِي يُقَالُ قَدَرْت الشَّيْءَ أَقْدُرُهُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ قَدَرًا مِنْ التَّقْدِيرِ قَالَ شِهَابُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي كِتَابِ أَنْوَارِ الْبُرُوقِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا التَّيْسِيرُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فِي الْمَحَلَّيْنِ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ أَيْ: اجْعَلْنِي رَاضِيًا بِهِ.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْحَطَّابُ الْمَالِكِيُّ مَحَلَّ نَظَرٍ فَقَالَ: هَلْ وَرَدَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ؟ لَمْ أَقِفْ فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَرَأَيْت بَعْضَ الْمَشَايِخِ يَفْعَلُهُ اهـ قُلْت قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ إنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَخِيرُ لِغَيْرِهِ» اهـ وَقَوْلُهُ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ أَيْ فِي أَثْنَاءِ دُعَائِهِ عِنْدَ ذِكْرِهَا بِالْكِنَايَةِ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ إنَّ هَذَا الْأَمْرَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَيُسَمِّيهِ خَيْرٌ لِي إلَخْ وَيَقُولُ فِي الثَّانِي أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَيُسَمِّيهِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ سُنَّةُ الْوُضُوءِ) تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ دُونَ الْإِعْرَاضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ م ر وَكَذَا رَكْعَتَا الزَّوَالِ بِطُولِ الْفَصْلِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) أَيْ: الصَّلَاةُ فِيهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَالْمُفَضَّلُ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ بِاللَّيْلِ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بِالنَّهَارِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ مَجْمُوعَهُمَا مُؤَخَّرٌ رُتْبَةً عَنْ بَقِيَّةِ النَّوَافِلِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ: فِي مَعْنَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسَبَبٍ هُوَ فِعْلُ مَا تَعَلَّقَ بِسَبَبٍ غَيْرِ فِعْلٍ كَصَلَاةِ الزَّوَالِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ بَعْدَهُ فَذَاتُ السَّبَبِ تَارَةً يَكُونُ سَبَبُهَا فِعْلًا وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَ فِعْلٍ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَهِيَ رَكْعَتَانِ إلَخْ عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَهِيَ رَكْعَتَانِ وَأَكْمَلُهَا أَرْبَعٌ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَسُنَّ قَضَاءُ نَفْلٍ مُؤَقَّتٍ) أَيْ: فِي الْأَظْهَرِ وَمُقَابِلُهُ لَا يُسَنُّ كَغَيْرِ الْمُؤَقَّتِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ فَلَا تُقْضَى؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ خَارِجَ الْوَقْتِ فَكَذَا مَتْبُوعُهَا اهـ شَيْخُنَا أُشْبُولِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر فِي بَابِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَعَلِمَ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى جُمُعَةٌ إلَخْ مَا نَصُّهُ هَلْ سُنَّتُهَا كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ وَتَرَكَ سُنَّتَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ تُقْضَ أَوَّلًا بَلْ يَقْضِيهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَرْضُهَا الْقَضَاءَ، فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ: بَقِيَ مَسْأَلَتَانِ لَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا: إحْدَاهُمَا تَابِعَةُ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يُصَلِّهَا فِي وَقْتِهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقْضَى أَيْ سُنَّةُ جُمُعَةٍ اهـ وَنُقِلَ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ مِثْلُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ وَدَاخِلَةٍ فِي عُمُومِ أَنَّ النَّفَلَ الْمُؤَقَّتَ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ اهـ.

(فَائِدَةٌ) اُنْظُرْ هَلْ يُقْضَى النَّفَلُ مِنْ الصَّوْمِ أَيْضًا إذَا فَاتَهُ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْدَبَ الْقَضَاءُ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ نَدْبِ قَضَاءِ النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ هُنَا وَنُقِلَ عَنْ الشَّبْشِيرِيِّ خِلَافُهُ مُعَلَّلًا لَهُ بِأَنَّ لَهُ مَعَانِيَ، وَقَدْ فَاتَتْ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا وَقْفَةٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى

ص: 492

كَمَا تُقْضَى الْفَرَائِضُ بِجَامِعِ التَّأْقِيتِ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَضَى رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمُتَأَخِّرَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَمَّا نَامَ فِي الْوَادِي عَنْ الصُّبْحِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي مُسْلِمٍ نَحْوُهُ وَخَرَجَ بِالْمُؤَقَّتِ الْمُتَعَلِّقُ بِسَبَبٍ كَكُسُوفٍ وَتَحِيَّةٍ فَلَا يُقْضَى.

(وَلَا حَصْرَ لِمُطْلِقٍ) مِنْ النَّفْلِ وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ «قَالَ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ذَرٍّ الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ اسْتَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ فِي نِيَّتِهِ فَإِنْ (نَوَى فَوْقَ رَكْعَةٍ تَشَهَّدَ آخِرًا) وَعَلَيْهِ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) تَشَهَّدَ آخِرًا (وَكُلُّ رَكْعَتَيْنِ

ــ

[حاشية الجمل]

شَرْحِ الْبَهْجَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَوْمُ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ مَا نَصُّهُ وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا فَاتَهُ صَوْمٌ مُؤَقَّتٌ أَوْ اتَّخَذَهُ وِرْدًا سُنَّ قَضَاؤُهُ اهـ وَهُوَ يُفِيدُ طَلَبَ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا يَتَقَيَّدُ بِقَضَاءِ صَوْمِ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ إذَا فَاتَ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ كَمَا تُقْضَى الْفَرَائِضُ) قَدَّمَ الْقِيَاسَ عَلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّ مُفَادَهُ عَامٌّ بِخِلَافِ النَّصِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ إذَا ذَكَرَهَا) أَيْ أَوْ اسْتَيْقَظَ؛ لِأَنَّ التَّذَكُّرَ خَاصٌّ بِالنِّسْيَانِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الِاسْتِيقَاظَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) أَتَى بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَضَاءَ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ كَمَا يَقُولُ بِهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وَيَحْمِلُهُ عَلَى الْفَرْضِ وَالثَّانِي فِيهِ التَّصْرِيحُ بِقَضَاءِ النَّفْلِ وَهُوَ الْمُدَّعَى اهـ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ قَضَى رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الظُّهْرِ) أَيْ: لَمَّا اشْتَغَلَ عَنْهَا بِالْوَفْدِ اهـ شَرْحُ م ر وَوَاظَبَ عَلَى قَضَائِهَا دُونَ قَضَاءِ سُنَّةِ الْفَجْرِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ وَاظَبَ عَلَى قَضَائِهَا وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَى قَضَاءِ سُنَّةِ الْفَجْرِ مَعَ أَنَّهَا آكَدُ وَوَقْتُ قَضَائِهَا لَيْسَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ؟ قُلْتُ: أُجِيبَ بِأَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ فَاتَتْهُ مَعَ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَلَوْ وَاظَبَ عَلَى قَضَائِهَا لَتَأَسَّى بِهِ كُلُّ مَنْ فَاتَتْهُ؛ إذْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ الْحِرْصُ عَلَى اقْتِفَاءِ آثَارِهِ وَالْمُتَابَعَةِ لَهُ فِي أَفْعَالِهِ فَيَشُقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا لِذَلِكَ بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْمُؤَقَّتِ الْمُتَعَلِّقُ إلَخْ) وَخَرَجَ أَيْضًا الْمُطْلَقُ نَعَمْ لَوْ قَطَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا اُسْتُحِبَّ قَضَاؤُهُ وَكَذَا لَوْ فَاتَهُ وِرْدُهُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ كَكُسُوفٍ إلَخْ) أَيْ وَكَاسْتِسْقَاءٍ وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ سَقَوْا قَبْلَهَا اجْتَمَعُوا لِشُكْرٍ وَدُعَاءٍ وَصَلَّوْا اهـ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ قَضَاءٌ لِمَا فَاتَ وَأَجَابَ عَنْ هَذَا م ر هُنَا بِقَوْلِهِ وَالصَّلَاةُ بَعْدَ الِاسْتِسْقَاءِ شُكْرٌ عَلَيْهِ لَا قَضَاءٌ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَقْضِي) أَيْ: لَا يُسَنُّ قَضَاؤُهُ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ وَهَلْ يَجُوزُ أَوَّلًا اُنْظُرْهُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَا يَقْضِي) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَذَرَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِفَوَاتِ سَبَبِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ: النَّفَلُ الْمُطْلَقُ مَا لَا يَتَقَيَّدُ أَيْ مَا لَيْسَ مُحَدَّدًا بِوَقْتٍ وَلَا مُعَلَّقًا بِسَبَبٍ اهـ ق ل.

(قَوْلُهُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ) أَيْ: خَيْرُ شَيْءٍ وَضَعَهُ الشَّارِعُ لَيَتَعَبَّدَ بِهِ اهـ شَيْخُنَا وَهُوَ بِالْإِضَافَةِ لِيَظْهَرَ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا وَأَمَّا تَرْكُ الْإِضَافَةِ وَإِنْ صَحَّ فَلَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ قُرْبَةٍ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ بِإِضَافَةِ مَوْضُوعٍ أَيْ: أَفْضَلُ عِبَادَةٍ وَرَدَتْ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِتَنْوِينِهِمَا وَيَلْزَمُهُ مُسَاوَاةُ الصَّلَاةِ لِغَيْرِهَا وَفَوَاتُ التَّرْغِيبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ اُسْتُكْثِرَ أَوْ أَقَلَّ وَكُلٌّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اهـ.

(فَائِدَةٌ) قَالُوا طُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ فَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا مَثَلًا وَطَوَّلَ الْقِيَامَ أَفْضَلُ مِمَّنْ صَلَّى ثَمَانِيًا وَلَمْ يُطَوِّلْهُ وَهَلْ يُقَاسَ بِذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا وَطَوَّلَ فِيهِمَا وَصَلَّى آخَرُ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا وَلَمْ يُطَوِّلْ فِيهِمَا زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّا إنَّمَا فَضَّلْنَا ذَاتَ الْقِيَامِ عَلَى غَيْرِهَا نَظَرًا لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِطُولِ الْقِيَامِ وَمَا هُنَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْقُعُودِ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِيهِ وَحَيْثُ زَادَتْ كَثْرَةُ الْعَدَدِ بِالرُّكُوعَاتِ وَالسُّجُودَاتِ وَغَيْرِهَا كَانَتْ أَفْضَلَ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ) أَيْ: وَيُسَلِّمَ مَتَى شَاءَ مَعَ جَهْلِهِ كَمْ صَلَّى اهـ خَطِيبٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ مِنْ رَكْعَةٍ) أَيْ: بِلَا كَرَاهَةٍ وَلَا خِلَافِ الْأَوْلَى بِخِلَافِهَا فِي الْوِتْرِ لِلْخِلَافِ فِي جَوَازِهَا فِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى فَوْقَ رَكْعَةٍ) أَيْ: نَوَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى رَكْعَةٍ سَوَاءٌ عَيَّنَ قَدْرًا أَوْ لَا وَلَا يُقَالُ سَيَقُولُ أَوْ قَدْرًا؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَيْ: مِنْ حَيْثُ حُكْمُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ تَشَهَّدَ آخِرًا) وَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ) أَيْ: وَعَلَى الثَّانِي يَقْرَؤُهَا فِيمَا قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ أَقُولُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ لِلْفَرِيضَةِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِالسُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ لَمَّا طُلِبَ لَهُ جَابِرٌ وَهُوَ السُّجُودُ كَانَ كَالْمَأْتِيِّ بِهِ بِخِلَافِ هَذَا اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَوْ وَكُلُّ رَكْعَتَيْنِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى تَشَهُّدَيْنِ لَهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إنْ كَانَتْ شَفْعًا وَرَكْعَةً إنْ كَانَتْ وَتْرًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ.

وَعِبَارَةُ الْحِجَازِيِّ كَبَسْطِ الْأَنْوَارِ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَشَهُّدَيْنِ اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إنْ

ص: 493

فَأَكْثَرَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ فِي الْفَرَائِضِ فِي الْجُمْلَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ اخْتِرَاعُ صُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تُعْهَدْ وَقَوْلِي فَأَكْثَرَ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ (أَوْ) نَوَى (قَدْرًا) رَكْعَةً فَأَكْثَرَ (فَلَهُ زِيَادَةٌ) عَلَيْهِ (وَنَقْصٌ) عَنْهُ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (إنْ نَوَيَا وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ بِلَا نِيَّةٍ عَمْدًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا نَوَاهُ (فَإِنْ قَامَ لِزَائِدٍ سَهْوًا) فَتَذَكَّرَ (قَعَدَ

ــ

[حاشية الجمل]

كَانَتْ شَفْعًا وَرَكْعَةٍ إنْ كَانَتْ وِتْرًا انْتَهَتْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَإِنْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَهُ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَفِي كُلِّ ثَلَاثٍ وَكُلِّ أَرْبَعٍ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ فِي الْفَرَائِضِ فِي الْجُمْلَةِ قُلْت: الصَّحِيحُ مَنْعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَهَكَذَا يُفِيدُ جَوَازَ التَّشَهُّدِ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ مَثَلًا وَيُفِيدُ جَوَازَهُ فِي كُلِّ خَمْسٍ فَإِنْ قُلْت: هَذَا اخْتِرَاعُ صُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَلْتُمْنَعْ كَالتَّشَهُّدِ كُلَّ رَكْعَةٍ قُلْت التَّشَهُّدُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ مَعْهُودِ الْجِنْسِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَةٍ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ الصَّحِيحُ مَنْعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِعَشْرِ رَكَعَاتٍ إنَّمَا تَبْطُلُ إذَا تَشَهَّدَ عَشْرَةَ تَشَهُّدَاتٍ بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ إذَا تَشَهَّدَ بَعْدَ رَكْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي قَبْلَ الْأَخِيرَةِ بَطَلَتْ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ فَأَكْثَرُ) أَيْ فَكُلُّ أَكْثَرَ سَوَاءٌ الْأَوْتَارُ وَالْأَشْفَاعُ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) قُيِّدَ بِهِ لِإِدْخَالِ التَّشَهُّدِ فِي الْخَمْسَةِ وَالسَّبْعَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمَعْنَى عَهْدِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْفَرَائِضِ أَنَّهُ عُهِدَ فِيهَا التَّشَهُّدُ بَعْدَ عَدَدِ وِتْرٍ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ شَخْصِ الْعَدَدِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَة) لَعَلَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ عِنْدَ فِعْلِ ذَلِكَ قَصْدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَأَتَى بِهَا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ زِيَادَةٌ أُخْرَى فَقَامَ إلَيْهَا بَعْدَ النِّيَّةِ وَأَتَى بِهَا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ زِيَادَةٌ أُخْرَى فَأَتَى بِهَا كَذَلِكَ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ أَيْضًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ كُلَّ رَكْعَةٍ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَنْعُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَوِّلْ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ اهـ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَإِنْ لَمْ يُطَوِّلْ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الرَّبَاعِيَةِ مَثَلًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَمْ يُطَوِّلْ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَأَمَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا طَوَّلَ بِالتَّشَهُّدِ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ تَطْوِيلَهَا مُبْطِلٌ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْفَرْضِ اسْتَقَرَّتْ فَلَمْ يَنْظُرْ لِإِحْدَاثِ مَا لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ اهـ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَتَى جَلَسَ فِي الثَّالِثَةِ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ مَا فَعَلَهُ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ عُلِمَ هَذَا مَعَ دُخُولِ هَذَا فِي مَنْطُوقِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَأَكْثَرَ مَعْطُوفٌ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَالتَّقْدِيرُ فَكُلٌّ أَكْثَرُ فَدَخَلَ فِيهِ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَا عَدَا الْأُولَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ قَيْدٍ فِي الْمَتْنِ يُخْرِجُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَالتَّقْدِيرُ فَأَكْثَرُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَقْوَالِ التَّشَهُّدَاتِ فِي الرَّكَعَاتِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ إلَخْ سَاقِطُ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ قَوْلُ الشَّارِحِ فَعُلِمَ إلَخْ أَيْ: بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ وَكُلُّ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهُوَ الْمُمْتَنِعُ، وَأَمَّا إذَا تَشَهَّدَ بَعْدَ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَالِ التَّشَهُّدَاتِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَعُلِمَ إلَخْ بَلْ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي الْمَتْنِ وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ اعْتِبَارِ قَيْدٍ لِإِخْرَاجِ هَذِهِ الصُّورَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ لَوْ اُعْتُبِرَ الْقَيْدُ لَمْ تَخْرُجْ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ تَشَهَّدَ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ لَا بَعْدَ الْأُولَى فَتَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْأَعْدَادِ قَبْلَ كُلِّ تَشَهُّدٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدَ ثُمَّ ثَلَاثًا وَيَتَشَهَّدَ ثُمَّ أَرْبَعًا وَهَكَذَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ فَلَهُ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ) أَيْ: وَالْإِتْيَانُ بِمَنْوِيِّهِ أَفْضَلُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ إنْ نَوَيَا) أَيْ: الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِهِ مُتَيَمِّمٌ لِفَقْدِ الْمَاءِ، وَقَدْ وَجَدَهُ فِي أَثْنَاءِ عَدَدٍ نَوَاهُ أَمَّا هُوَ فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ اهـ ل ح.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَصَدَ النَّقْصَ فِي أَثْنَاءِ رَكْعَةٍ بِتَرْكِ بَاقِيهَا فَهَلْ يَصِحُّ وَيَتْرُكُ بَاقِيَهَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِجَوَازِ تَرْكِ النَّفْلِ أَوْ تَبْطُلُ وَيَخْتَصُّ قَصْدُ النَّقْصِ بِرَكَعَاتِ كَامِلَةٍ حَرَّرَهُ وَالْقَلْبُ إلَى الْبُطْلَانِ أَمْيَلُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ بَطَلَتْ) أَيْ بِصَيْرُورَتِهِ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ فِي الزِّيَادَةِ وَبِالتَّشَهُّدِ مَعَ السَّلَامِ فِي النَّقْصِ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي النَّقْصِ كَهَوِيٍّ مِنْ قِيَامٍ أَوْ تَشَهُّدٍ فِي جُلُوسٍ أَوْ فِي الزِّيَادَةِ كَشُرُوعِهِ فِي الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شُرُوعٌ فِي مُبْطِلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ قَعَدَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ وَلَمْ يَصِرْ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَعُودَ لِلْقُعُودِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِحَرَكَتِهِ

ص: 494

ثُمَّ قَامَ لَهُ) أَيْ: لِلزَّائِدِ (إنْ شَاءَ) ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ قَعَدَ وَتَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ.

(وَهُوَ) أَيْ: النَّفَلُ الْمُطْلَقُ (بِلَيْلٍ) أَفْضَلُ مِنْهُ بِالنَّهَارِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ (وَبِأَوْسَطِهِ أَفْضَلُ) مِنْ طَرَفَيْهِ إنْ قَسَّمَهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ (ثُمَّ آخِرُهُ) أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ إنْ قَسَّمَهُ قِسْمَيْنِ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ فَقَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ» وَقَالَ «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» وَقَالَ «يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى أَيْ أَمْرُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» رَوَى الْأَوَّلَ مُسْلِمٌ وَالثَّانِيَيْنِ الشَّيْخَانِ.

(وَسُنَّ سَلَامٌ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) نَوَاهُمَا أَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» وَفِي خَبَر ابْنِ حِبَّانَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (وَتَهَجُّدٌ) أَيْ: تَنَفُّلٌ بِلَيْلٍ بَعْدَ نَوْمٍ

ــ

[حاشية الجمل]

فَيَمْتَنِعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا وَيُفَرَّقُ عَلَى هَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ وَإِنْ لَا بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثُمَّ مَا يُبْطِلُ تَعَمُّدُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِجَبْرِهِ وَهُنَا عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِحَرَكَتِهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَ لَهُ) أَيْ: أَوْ فَعَلَهُ مِنْ قُعُودٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ قَعَدَ أَيْ: اسْتَمَرَّ قَاعِدًا اهـ.

(قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ) وَهُوَ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» وَتَقَدَّمَ حَمْلُهُ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: إنْ قَسَمَهُ قِسْمَيْنِ) أَيْ: نِصْفَيْنِ وَكَذَا لَوْ قَسَمَهُ أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَاعًا عَلَى نِيَّةِ أَنَّهُ يَقُومُ ثُلُثًا وَاحِدًا أَوْ رُبُعًا وَاحِدًا وَيَنَامُ الْبَاقِيَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ مَا يَقُومُهُ آخِرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَسَمَهُ أَجْزَاءً يَنَامُ جُزْءًا وَيَقُومُ جُزْءًا ثُمَّ يَنَامُ جُزْءًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجْعَلَ مَا يَقُومُهُ وَسَطًا فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ جُزْءًا رَابِعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُومَ الثَّالِثَ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ الْوَسَطِ وَالْأَخِيرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ لِيُطَابِقَ الْجَوَابُ السُّؤَالَ فَيُقَدَّرُ فِي السُّؤَالِ أَيُّ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْجَوَابِ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْحَاجَةِ فَيُقَالُ الصَّلَاةُ جَوْفُ اللَّيْلِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُرْفَعُ جَوْفٌ وَعَلَى الثَّانِي يُنْصَبُ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ جَوْفُ اللَّيْلِ) أَيْ وَسَطُهُ فَهُوَ دَلِيلٌ لِكَوْنِ الْوَسَطِ أَفْضَلَ وَقَوْلُهُ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَإِلَّا لَوْ ضُمَّ إلَيْهِ السُّدُسُ الْأَخِيرُ لَقَالَ ثُلُثَيْهِ وَقَوْلُهُ وَيَقُومُ ثُلُثُهُ هَذَا الثُّلُثُ هُوَ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ فَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَارِكًا لِدَلِيلِ قَوْلِهِ ثُمَّ آخِرَهُ الَّذِي بَيَّنَهُ بِالنِّصْفِ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَتْنِ عَلَى الْأَفْضَلِ مُطْلَقًا الَّذِي هُوَ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ «فَقَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا» هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا لِلنِّصْفِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ «وَقَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا» ) قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا رِوَايَتَانِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْ: أَمْرُهُ) أَيْ: حَامِلُ أَمْرِهِ وَهُوَ الْمَلَكُ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي إلَخْ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّرْهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِسْبَةُ النُّزُولِ إلَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرُ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مَحَلَّ هَذَا النُّزُولِ آخِرُ الثُّلُثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا نَفْسُ الثُّلُثِ الثَّالِثِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ النُّزُولَ فِي هَذَا الْوَقْتِ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ اهـ عَمِيرَةُ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ مَنْ يَدْعُونِي إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إمَّا دَفْعُ الْمَضَارِّ أَوْ جَلْبُ الْمُسَارِّ وَذَلِكَ إمَّا دُنْيَوِيٌّ وَإِمَّا دِينِيٌّ فَفِي الِاسْتِغْفَارِ إشَارَةٌ إلَى الْأَوَّلِ وَفِي السُّؤَالِ إشَارَةٌ إلَى الثَّانِي وَفِي الدُّعَاءِ إشَارَةٌ إلَى الثَّالِثِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الدُّعَاءُ مَا لَا طَلَبَ فِيهِ نَحْوُ يَا اللَّهُ وَالسُّؤَالُ لِلطَّلَبِ وَأَنْ يُقَالَ الْمَقْصُودُ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ اهـ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ مَعًا عَلَى حَدِّ وقَوْله تَعَالَى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [البقرة: 245] بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ النَّصْبُ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ وَالرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَأُعْطِيَهُ فَأَغْفِرَ لَهُ وَلَيْسَتْ السِّينُ لِلطَّلَبِ بَلْ أَسْتَجِيبُ بِمَعْنَى أُجِيبُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالثَّانِيَيْنِ الشَّيْخَانِ) فِيهِ تَغْلِيبٌ وَإِلَّا فَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَتَهَجُّدٌ) وَهُوَ مُؤَكَّدٌ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ أَبِي شُجَاعٍ وَثَلَاثُ نَوَافِلَ مُؤَكَّدَاتٌ صَلَاةُ اللَّيْلِ إلَخْ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ أَيْ تَنَفُّلٌ بِلَيْلٍ أَيْ: وَلَوْ بِالْوِتْرِ فَهُوَ حِينَئِذٍ وِتْرٌ وَتَهَجُّدٌ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْضُ وَلَوْ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا كَالنَّفْلِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْيَقِظَةِ يُقَالُ: هَجَدَ إذَا نَامَ وَتَهَجَّدَ إذَا زَالَ نَوْمُهُ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ هَجَدَ هُجُودًا مِنْ بَابِ قَعَدَ نَامَ اللَّيْلَ فَهُوَ هَاجِدٌ وَالْجَمْعُ هُجُودٌ مِثْلُ رَاقِدٍ وَرُقُودٍ وَقَاعِدٍ وَقُعُودٍ وَوَاقِفٍ وَوُقُوفٍ وَهَجَدَ أَيْضًا مِثْلُ رَاكِعٍ وَرَكَعَ وَهَجَدَ أَيْضًا صَلَّى بِاللَّيْلِ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ وَتَهَجَّدَ صَلَّى وَنَامَ كَذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ نَوْمٍ) أَيْ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ مَجْمُوعَةً جَمْعَ تَقْدِيمٍ أَيْ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر.

(فَرْعٌ) يَدْخُلُ وَقْتُ التَّهَجُّدِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَفِعْلِهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ نَوْمٍ فَهُوَ كَالْوِتْرِ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى فِعْلِ الْعِشَاءِ وَلَوْ جَمْعَ تَقْدِيمٍ مَعَ الْمَغْرِبِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ بَعْدَ نَوْمٍ اهـ م ر وَمُقْتَضَى قَوْلِ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ أَيْ التَّهَجُّدُ الصَّلَاةُ بَعْدَ نَوْمٍ وَلَوْ فِي وَقْتٍ لَا تَكُونُ النَّاسُ فِيهِ نِيَامًا انْتَهَى أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ

ص: 495

قَالَ تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء: 79] .

(وَكُرِهَ تَرْكُهُ لِمُعْتَادِهِ) بِلَا ضَرُورَةٍ «قَالَ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخِلَّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَإِنْ قَلَّتْ وَالسُّنَّةُ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ إلَّا التَّرَاوِيحَ فَيَجْهَرُ فِيهَا كَذَا اسْتَثْنَاهَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَوَافِلِ اللَّيْلِ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَيُسَنُّ لِمَنْ قَامَ يَتَهَجَّدُ أَنْ يُوقِظَ مَنْ يَطْمَعُ فِي تَهَجُّدِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا وَيَتَأَكَّدُ إكْثَارُ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارُ فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَفِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ آكَدُ وَعِنْدً السَّحَرِ أَفْضَلُ (و) كُرِهَ (قِيَامٌ بِلَيْلٍ يَضُرُّ) كَقِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا «قَالَ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ فَقُلْت: بَلَى فَقَالَ: فَلَا تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ فَإِنَّ لِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا» إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَمَّا قِيَامٌ لَا يَضُرُّ وَلَوْ فِي لَيَالٍ كَامِلَةٍ فَلَا يُكْرَهُ فَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم «إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْلَ» وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا (و) كُرِهَ (تَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ بِقِيَامٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِيِ»

ــ

[حاشية الجمل]

بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سَمِّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَتُهُ عَلَى حَجّ وَهَلْ يَكْفِي النَّوْمُ عَقِبَ الْغُرُوبِ بِيَسِيرٍ أَوْ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ انْتَهَتْ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِهَا وَيُوَافِقُ هَذَا مَا نُقِلَ عَنْ حَاشِيَةِ م ر عَلَى الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّوْمُ وَقْتَ نَوْمٍ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ} [الإسراء: 79] أَيْ: صَلِّ بِهِ أَيْ: بِالْقُرْآنِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَرْكُهُ لِمُعْتَادِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ز ي: وَيُنْدَبُ قَضَاؤُهُ إذَا فَاتَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْعَادَةِ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ الْحَيْضِ وَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَصَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ حُصُولُهَا بِمَرَّةٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مِثْلَ فُلَانٍ) قِيلَ: إنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَرَدَّهُ الْحَافِظُ حَجّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِ فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا ضَعِيفَةٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلِمَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ عَنَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَفْضَحُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ) أَيْ: الْمُطْلَقَةِ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَبَقَ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.

وَعِبَارَةُ هَذَا الشَّارِحِ هُنَاكَ إلَّا نَافِلَةَ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةَ فَيُتَوَسَّطُ فِيهَا بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِ، وَمَحَلُّ التَّوَسُّطِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى حَيْثُ لَمْ يُسْمَعْ أَجْنَبِيٌّ وَذَكَرْنَا ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ سَمَاعَ مَنْ يَلِيهِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَجْهَرَ تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لِمَنْ قَامَ يَتَهَجَّدُ إلَخْ) وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَنْوِيَ الشَّخْصُ الْقِيَامَ لِلتَّهَجُّدِ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَنْ يَمْسَحَ الْمُتَيَقِّظُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] إلَى آخِرِ الْآيَاتِ فِي آلِ عِمْرَانَ وَأَنْ يَفْتَحَ تَهَجُّدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَأَنْ يَنَامَ مَنْ نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَذْهَبَ نَوْمُهُ وَلَا يُعْتَادُ مِنْهُ إلَّا مَا يُظَنُّ مُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ ظَاهِرَةً وَلَوْ أَعْمَى وَتَحْتَ سَقْفٍ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ إنْ صَحَّ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ تَذَكُّرًا لِعَجَائِبِ السَّمَاءِ وَمَا فِيهَا فَيَدْفَعُ بِذَلِكَ الشَّيْطَانَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَحِكْمَةُ تَخْفِيفِهِمَا الْمُبَادَرَةُ إلَى حَلِّ الْعُقْدَةِ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ حَلِّ الْعُقْدَتَيْنِ قَبْلَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ «الشَّيْطَانَ يَأْتِي لِلْإِنْسَانِ بَعْدَ نَوْمِهِ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ عُقَدٍ وَيَقُولُ لَهُ عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى انْحَلَّتْ وَاحِدَةٌ وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ الثَّانِيَةُ وَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ انْحَلَّتْ الثَّالِثَةُ» اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَقِيَامٌ بِلَيْلٍ) أَيْ: سَهَرٌ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ بِقِيَامٍ أَيْ بِصَلَاةٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْقِيَامِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ يَضُرُّ) أَيْ: بِحَسَبِ شَأْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ بِالْفِعْلِ إنْ كَانَ كُلَّ اللَّيْلِ وَبِالْفِعْلِ إنْ كَانَ بَعْضَ اللَّيْلِ فَفَرْقٌ بَيْنَ قِيَامِ الْكُلِّ يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَقِيَامِ الْبَعْضِ يُكْرَهُ إنْ ضَرَّهُ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ يَضُرُّ أَيْ: شَأْنُهُ الضَّرَرُ أَوْ يَنْشَأُ عَنْهُ الضَّرَرُ بِالْفِعْلِ فَالْأَوَّلُ كَقِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِ الضَّرَرَ فَيُكْرَهُ مُطْلَقًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ ضَرَرِهِ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الضَّرَرَ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَأَمَّا مَا يَضُرُّ بِالْفِعْلِ فَيُكْرَهُ وَلَوْ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ كَلَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ هَذَا.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَقِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا لِمَنْ يَضُرُّهُ انْتَهَتْ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ؛ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ كَقِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ) أَيْ: دَائِمًا أَيْ: فَيُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ فَرُبَّمَا يَفُوتُ بِهِ مَصَالِحُ النَّهَارِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْرَاكٍ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ بِاللَّيْلِ مَا فَاتَهُ بِالنَّهَارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ وَلِزَوْرِك عَلَيْك حَقًّا وَالْمُرَادُ بِالزَّوْرِ الزَّائِرُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الضَّيْفِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَذَا بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ أَمَّا قِيَامٌ لَا يَضُرُّ) أَيْ: بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ شَأْنُهُ الضَّرَرَ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي سَائِرِ اللَّيَالِي بَلْ فِي بَعْضِهَا اهـ ل ح.

(قَوْلُهُ أَحْيِ اللَّيْلَ) أَيْ: بِصَلَاةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا بِغَيْرِهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ قِيَامِ كُلِّ اللَّيْل دَائِمًا) ؛ إذْ ظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ الْكَرَاهَةِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ بِالْفِعْلِ وَكَتَبَ أَيْضًا إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ) أَمَّا تَخْصِيصُ غَيْرِهَا بِالصَّلَاةِ

ص: 496