الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالنَّارِ فِيهِمَا) لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِهَا لِكَثْرَتِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مَعَ التَّقْيِيدِ فِيهِمَا مِنْ زِيَادَتِي وَبِالتَّقْيِيدِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ
(بَابُ الْأَحْدَاثِ)
ــ
[حاشية الجمل]
بِقَوْلِي إنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ أَنَّ الْجَوَازَ لَا شَكَّ فِيهِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَفْعٌ بَلْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِمْ فِي الْأَطْعِمَةِ بِأَنَّ الْحِجَارَةَ وَنَحْوَهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا مَا أَضَرَّ بِالْبَدَنِ أَوْ الْعَقْلِ وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْحُرْمَةِ بِإِضَاعَةِ الْمَالِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْإِضَاعَةَ إنَّمَا تَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ وَمَا هُنَا لِقَصْدِ التَّدَاوِي وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ التَّدَاوِي بِاللُّؤْلُؤِ فِي الِاكْتِحَالِ وَغَيْرِهِ وَرُبَّمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الذَّهَبِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ) أَيْ مُتَمَوَّلٌ وَأَمَّا الْخَاتَمُ فَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّهُ كَالْمُمَوَّهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ وَمُوِّهَ بِفِضَّةٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا كَانَ فِضَّةً وَمُوِّهَ بِذَهَبٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا قَرَّرَهُ شَبْشِيرِيٌّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إلَخْ) لَوْ شَكَّ هَلْ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْحُرْمَةُ وَلَا يُشْكِلُ بِالضَّبَّةِ عِنْدَ الشَّكِّ لِأَنَّ هَذَا أَضْيَقُ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الْفِعْلِ مُطْلَقًا وَيُحْتَمَلُ الْحِلُّ وَمَحَلُّ هَذَا فِي الْأُولَى أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ فِيهَا بِالْحُرْمَةِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ بَعْضُ الْخُبَرَاءِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَاءً يُسَمَّى بِالْجَادِّ وَأَنَّهُ يُخْرِجُ الطِّلَاءَ وَيُحَصِّلُهُ وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ النَّارِ مِنْ غَيْرِ مَاءٍ فَإِنَّ الْقَلِيلَ لَا يُقَاوِمُهَا فَيَضْمَحِلُّ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْأَئِمَّةِ هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ لِنُدْرَتِهِ كَالْعَارِفِينَ بِهِ نَعَمْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا خُلِطَ بِالزِّئْبَقِ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِهَا وَإِنْ كَثُرَ وَبِتَسْلِيمِهِ فَيَظْهَرُ اعْتِبَارُ تَجَرُّدِهِ عَنْ الزِّئْبَقِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَابْنُ الرِّفْعَةِ) هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهِيرُ بِابْنِ الرِّفْعَةِ الْأَنْصَارِيِّ الْمِصْرِيِّ وُلِدَ بِمِصْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَأَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ السُّبْكِيُّ وَجَمَاعَةٌ تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
[بَابُ الْأَحْدَاثِ]
(بَابُ الْأَحْدَاثِ) أَيْ بَابُ بَيَانِ حَقِيقَتِهَا وَأَحْكَامِهَا الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا هُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّرَاجِمِ كَالْكِتَابِ، وَالْفَصْلِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَصْلُهُ بَوَبَ بِوَزْنِ فَعَلَ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا فَصَارَ بَابَ وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكِتَابِ كَمَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا بَابٌ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِيهِ النَّصْبَ بِتَقْدِيرِ اقْرَأْ أَوْ افْهَمْ، أَوْ خُذْ بَابَ وَجَوَّزَ فِيهِ جَدُّنَا الشَّمْسُ الْبِرْمَاوِيُّ الْكَسْرَ أَيْضًا وَتَقْدِيرُهُ اقْرَأْ فِي بَابِ، أَوْ اُنْظُرْ فِي بَابِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ لِبَقَاءِ أَحَدِ رُكْنَيْ الْإِسْنَادِ فِيهِ وَهُوَ الْخَبَرُ وَهُوَ لُغَةُ مَا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِفُرْجَةٍ فِي سَاتِرٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ وَعَكْسُهُ، وَإِنْ شِئْت قُلْت هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَدْخَلِ لِلشَّيْءِ أَوْ الْمَخْرَجِ مِنْهُ وَهَذَا أَخْصَرُ وَأَحْسَنُ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْرَامِ كَبَابِ الدَّارِ مَجَازٌ فِي الْمَعَانِي كَهَذَا الْبَابِ مَثَلًا وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَفُرُوعٍ وَمَسَائِلَ غَالِبًا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِنَّمَا بُوِّبَتْ الْكُتُبُ؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ إذَا قَرَأَ بَابًا وَشَرَعَ فِي آخَرَ كَانَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَبْعَثَ كَالْمُسَافِرِ إذَا قَطَعَ مَسَافَةً وَشَرَعَ فِي أُخْرَى وَلِذَلِكَ جُعِلَ الْقُرْآنُ سُوَرًا وَقَالَ السَّيِّدُ الصَّفَوِيُّ: لِأَنَّهَا أَسْهَلُ فِي وِجْدَانِ الْمَسَائِلِ وَالرُّجُوعِ إلَيْهَا وَأَدْعَى لِحُسْنِ التَّرْتِيبِ وَالنَّظْمِ وَإِلَّا لَرُبَّمَا تُذْكَرُ الْمَسَائِلُ مُنَشَّرَةً فَتَعْسُرُ مُرَاجَعَتُهَا أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ هَذَا الْبَابَ عَلَى بَابِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ مُحْدِثًا أَيْ لَهُ حُكْمُ الْمُحْدِثِ، وَكَانَ الْأَصْلُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُولَدُ جُنُبًا فَنَاسَبَ تَأْخِيرُ الْغُسْلِ مُطْلَقًا عَنْ مُوجِبَاتِهِ، وَتَأْخِيرُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْوُضُوءِ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الرَّفْعَ لِلطَّهَارَةِ فَرْعُ وُجُودِهَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَحْدَاثِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ النَّاقِضَ يَنْقُضُ الشَّيْءَ أَيْ يُزِيلُهُ مِنْ أَصْلِهِ نَحْوُ نَقَضْت الْجِدَارَ أَيْ أَزَلْته مِنْ أَصْلِهِ فَيَلْزَمُ عَلَى مَنْ عَبَّرَ بِهَا أَنَّ الْوُضُوءَ انْتَقَضَ مِنْ أَصْلِهِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ الَّتِي فُعِلَتْ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمَنْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِأَسْبَابِ الْحَدَثِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَسْبَابَ غَيْرُ الْحَدَثِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً أَيْ أَسْبَابٌ هِيَ الْحَدَثُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَنْ عَبَّرَ بِمُبْطِلَاتِ الطَّهَارَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ وَلَيْسَ شَرْطًا مَعَ أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يُولَدُ مُحْدِثًا فَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ طُهْرٌ يُبْطِلُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَلِتَقَدُّمِ السَّبَبِ طَبْعًا الْمُنَاسِبُ لَهُ تَقَدُّمُهُ وَضْعًا كَانَ تَقْدِيمُهَا هُنَا عَلَى الْوُضُوءِ أَظْهَرَ مِنْ عَكْسِهِ الَّذِي هُوَ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ وُجِّهَ بِأَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ مُحْدِثًا أَيْ لَهُ حُكْمُ الْمُحْدِثِ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَعْرِفَ أَوَّلًا الْوُضُوءَ، ثُمَّ نَوَاقِضَهُ وَلِذَا لَمَّا لَمْ يُولَدْ.
جَمْعُ حَدَثٍ وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُنَا الْأَصْغَرُ غَالِبًا وَهُوَ لُغَةً الشَّيْءُ الْحَادِثُ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَعَلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِأَسْبَابِ الْحَدَثِ يَقْتَضِي تَفْسِيرَ الْحَدَثِ بِغَيْرِ الثَّانِي
ــ
[حاشية الجمل]
جُنُبًا اتَّفَقُوا عَلَى تَقْدِيمِ مُوجِبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) أَيْ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ لَا فِي نِيَّةِ النَّاوِي اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْقَلْيُوبِيِّ فِي قَوْلِهِ غَالِبًا أَيْ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَكْبَرِ فِي نِيَّةِ الْجُنُبِ بِقَرِينَةِ حَالِهِ انْتَهَتْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِغَيْرِ الْغَالِبِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الطَّهَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ رَفْعُ حَدَثٍ إلَخْ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَصْغَرَ، وَالْأَكْبَرَ اهـ لِكَاتِبِهِ.
وَعِبَارَةُ ح ل: وَالْمُرَادُ بِهِ إلَخْ أَيْ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ لَا فِي نِيَّةِ النَّاوِي؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ فِي عِبَارَةِ النَّاوِي مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَرَفْعُ الْمُطْلَقِ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ الْأَصْغَرُ، أَوْ الْأَكْبَرُ وَهَذَا مِمَّا اكْتَفَوْا فِيهِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ " الْأَصْغَرُ غَالِبًا " أَيْ فَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْأَكْبَرِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ التَّبَادُرَ عَلَامَةُ الْحَقِيقَةِ وَهَذَا فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ لَا فِي عِبَارَةِ النَّاوِي لِلْوُضُوءِ، أَوْ الْغُسْلِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا يُطْلَقُ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ وَالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَأَمَّا إطْلَاقُهُ عَلَى الْأَسْبَابِ فَقَالَ الْعَلَّامَةُ سم ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَجَازِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي: إنَّهُ صَارَ فِي الْأَسْبَابِ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ لُغَوِيٌّ أَيْضًا وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَأَحْدَثَ الْإِنْسَانُ إحْدَاثًا وَالِاسْمُ الْحَدَثُ وَهِيَ الْحَالَةُ الْمُنَاقِضَةُ لِلطَّهَارَةِ إذْ الْحَدَثُ إنْ صَادَفَ طَهَارَةً نَقَضَهَا وَرَفَعَهَا، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْهَا فَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَى الشَّخْصِ أَحْدَاثٌ اهـ بِحُرُوفِهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ) أَيْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ وُجُودَهُ لَا أَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ الَّتِي لَا وُجُودَ لَهَا فِي الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ مَوْجُودٌ لِمَا قِيلَ: إنَّ أَهْلَ الْبَصَائِرِ تُشَاهِدُهُ ظُلْمَةً عَلَى الْأَعْضَاءِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ) أَيْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَا جَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى الرَّاجِحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَصْغَرِ وَجَمِيعِ الْبَدَنِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُغْسَلُ وُجُوبًا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَهُوَ فِي الرَّأْسِ جُزْءٌ مُبْهَمٌ وَيَتَعَيَّنُ بِوُقُوعِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَدُخُولِ الْمَنْدُوبِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ اسْمِ الْوُضُوءِ لَهُ وَقِيلَ بِجَمِيعِهَا فَيَدْخُلُ الْمَنْدُوبُ مِنْهَا وَقِيلَ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَيَرْتَفِعُ بِغَسْلِ الْوَاجِبِ مِنْهَا وَمَنْعِ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا، أَوْ بِبَعْضِهَا وَلَوْ بِبَعْضِ غَسْلِهِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ الَّذِي هُوَ غَسْلُ كُلِّهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ) وَهُوَ التُّرَابُ فَإِنَّهُ مُرَخِّصٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ اهـ ح ل وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْمُرَخِّصِ فَقْدُ الطَّهُورَيْنِ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَسْبَابِ) جَمْعُ سَبَبٍ وَهُوَ لُغَةً مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَيْرِهِ وَعُرْفًا مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ وَيُقَالُ إنَّهُ وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ مُعَرِّفٌ لِلْحُكْمِ أَيْ نَقْضِ الْوُضُوءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ) أَيْ لَوْ كَانَ، وَإِلَّا فَهِيَ أَسْبَابٌ مُطْلَقًا وَلِذَلِكَ صَحَّتْ النِّيَّةُ الْمُضَافَةُ إلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ مِنْهَا مَثَلًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْأَسْبَابِ بِوَاسِطَةِ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ، أَوْ الْمُرَادُ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي جَعْلِهِ مُتَرَتِّبًا عَلَيْهِ مَعَ جَعْلِهِ جُزْءًا فِي تَعْرِيفِهِ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ حَيْثُ قَالَ بِمَنْعِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ إلَخْ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَيْسَ جُزْءًا مِنْ التَّعْرِيفِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْقَلْيُوبِيِّ قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا تَرَتُّبُ الْمَنْعِ عَلَى الْأَحْدَاثِ أَيْ الْأَسْبَابِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا تَرَتُّبُهُ عَلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمَا مُتَقَارِنَانِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّرَتُّبِ تَوَقُّفُهُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ مُتَأَخِّرٌ عَمَّا يُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالْمُتَرَتِّبِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّرَتُّبِ وَالتَّوَقُّفِ عَدَمُ الِانْفِرَادِ لِوُجُودِ التَّلَازُمِ بَيْنَ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ، وَالْمَنْعِ اهـ ح ف.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ) لَمْ يَقُولُوا حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَخِّصٍ بَلْ رَافِعٌ لَهُ فَالتَّيَمُّمُ إنَّمَا هُوَ رُخْصَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِالْمُرَخِّصِ فَقْدُ الطَّهُورَيْنِ فَهَذَا يَأْتِي فِي الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ وَالْمَنْعِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ:، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي) هَهُنَا بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ إرَادَةَ الثَّانِي بِالْأَحْدَاثِ يَحْتَاجُ لِمَعُونَةٍ وَقَرِينَةٍ، وَالْكَلَامُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الثَّانِي بِخِلَافِ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِأَسْبَابِ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الثَّانِي بِحَسَبِ التَّبَادُرِ فَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ الْقَرِينَةُ هُنَا هِيَ قَوْلُهُ: هِيَ خُرُوجٌ إلَخْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ إلَخْ) لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ بِهَذَا الْكَلَامِ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْأَصْلِ لِاتِّحَادِ
إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً (هِيَ) أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا (خُرُوجُ غَيْرِ مَنِيِّهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ الْحَيِّ عَيْنًا أَوْ رِيحًا طَاهِرًا أَوْ نَجَسًا جَافًّا أَوْ رَطْبًا مُعْتَادًا كَبَوْلٍ أَوْ نَادِرًا كَدَمٍ انْفَصَلَ أَوْ لَا (مِنْ فَرْجٍ) دُبُرًا كَانَ أَوْ قُبُلًا (أَوْ) مِنْ (ثَقْبٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
مَضْمُونِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَمَا عَبَّرَ هُوَ بِهِ فَإِنَّ مَضْمُونَ كُلٍّ مِنْهُمَا التَّبْوِيبُ لِلْأَحْدَاثِ بِمَعْنَى الْأَسْبَابِ سَوَاءٌ جُعِلَتْ الْإِضَافَةُ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ بَيَانِيَّةً، أَوْ حَقِيقِيَّةً؛ لِأَنَّ الْمُتَرْجَمَ لَهُ عَلَيْهِمَا هُوَ الْمُضَافُ الَّذِي هُوَ نَفْسُ الْأَسْبَابِ بِلَا شُبْهَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْأَصْلِ اعْتِرَاضٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فَإِنْ أَرَادَ الِاعْتِرَاضَ بِأَنَّهُ سَمَّى تِلْكَ الْأُمُورَ أَسْبَابًا مَعَ أَنَّهَا أَحْدَاثٌ فَهُوَ مَدْفُوعٌ بِأَنَّهَا تُسَمَّى أَسْبَابًا أَيْضًا وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي ارْتِكَابِ إحْدَى التَّسْمِيَتَيْنِ تَأَمَّلْ، قَالَهُ الشَّيْخُ، بَقِيَ أَنَّ اسْتِفَادَةَ إطْلَاقِ الْحَدَثِ عَلَى السَّبَبِ لَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْأَصْلِ عَلَى جَعْلِ الْإِضَافَةِ حَقِيقِيَّةً؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْغَيْرَ وَهَذَا مَا نَظَرَ إلَيْهِ الشَّارِحُ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ بَابُ أَسْبَابٍ هِيَ الْحَدَثُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيَانِيَّةِ كَوْنُ الثَّانِي مُبَيِّنًا لِلْمُرَادِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالْأَكْثَرُ تَسْمِيَةُ هَذِهِ بِإِضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: هِيَ أَرْبَعَةٌ لَا غَيْرُ) ، وَالْحَصْرُ فِيهَا تَعَبُّدِيٌّ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا مَعْقُولَ الْمَعْنَى وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقَسْ عَلَيْهَا نَوْعٌ آخَرُ، وَإِنْ قِيسَ عَلَى جُزْئِيَّاتِهَا اهـ ح. (قَوْلُهُ: خُرُوجُ غَيْرِ مَنِيِّهِ) أَيْ تَيَقُّنُ خُرُوجِ إلَخْ وَيُقَدَّرُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ طُهْرٍ أَوْ حَدَثٍ بِظَنِّ ضِدِّهِ فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَأْتِي مِنْهَا لَمْ يَضُرَّ وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِالْخُرُوجِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ بِالْخَارِجِ وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَتَسَاهَلُوا فِيهِمَا أَقُولُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ، وَالْخُرُوجُ هُوَ الْمُوجِبُ وَالِانْقِطَاعُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ، وَالْقِيَامُ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا شَرْطٌ لِتَضَيُّقِ الْوُجُوبِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِالدُّخُولِ إنْ لَمْ يَعُدْ مِنْ الدَّاخِلِ شَيْءٌ كَمَا يَأْتِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: هِيَ خُرُوجٌ إلَخْ أَخْرَجَ الدُّخُولَ فَلَا نَقْضَ بِهِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْخَارِجِ وَهُوَ أَوْلَى أَيْ وَلَوْ مِنْ الْبَاسُورِ أَيْ النَّابِتِ دَاخِلَ الدُّبُرِ أَمَّا مَا يَنْبُتُ خَارِجَهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ مَنِيِّهِ) أَيْ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَوَضِّئِ) لَوْ قَالَ " الشَّخْصِ " لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْحَدَثَ الَّذِي لَا يَكُونُ عَقِبَ وُضُوءٍ كَالْمَوْلُودِ؛ لِأَنَّهُ يُولَدُ مُحْدِثًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ طُهْرٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ النَّقْضَ بِالْفِعْلِ اهـ ق ل مَعَ زِيَادَةٍ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَوَضِّئِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ مِنْهُ أَحْدَاثٌ مُتَرَتِّبَةٌ كَأَنْ لَمَسَ، ثُمَّ مَسَّ، ثُمَّ بَالَ لَمْ يُسَمَّ غَيْرُ الْأَوَّلِ حَدَثًا وَسَيَأْتِي فِيمَا لَوْ نَوَى بَعْضَ أَحْدَاثِهِ الصَّادِرَةِ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ سَوَاءٌ أَوُجِدَتْ مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا وَسَوَاءٌ أَنَوَى الْأَوَّلَ، أَوْ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا هُنَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْأَحْدَاثِ النَّاقِضَةِ وَمَا يَأْتِي فِي مُطْلَقِ الْأَحْدَاثِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: أَيْ الْمُتَوَضِّئِ) أَيْ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَإِلَّا فَالْمُتَوَضِّئُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: الْحَيِّ) لَمْ يَقُلْ الْوَاضِحِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الدُّبُرِ أَيْضًا اهـ س ل. (قَوْلُهُ: مُعْتَادًا كَبَوْلٍ) وَمِنْ الْمُعْتَادِ الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ، وَالْمَنِيُّ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِبَعْضِ كُتُبِ النَّوَوِيِّ أَنَّهَا مِنْ النَّادِرِ مُرَادُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ كَالْبَوْلِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: كَدَمٍ) وَلَوْ مِنْ الْبَاسُورِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَيَنْقُضُ خُرُوجُ نَفْسِ الْبَاسُورِ، أَوْ زِيَادَةُ خُرُوجِهِ وَكَذَا مَقْعَدَةُ الْمَزْحُورِ وَلَا يَضُرُّ دُخُولُهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَوْ بِقُطْنَةٍ وَلَا يَضُرُّ فَصْلُ شَيْءٍ عَلَى الْقُطْنَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: انْفَصَلَ أَوَّلًا) أَيْ فِي غَيْرِ نَحْوِ وَلَدٍ لَمْ يَنْفَصِلْ فَلَا نَقْضَ بِهِ لِاحْتِمَالِ انْفِصَالِ جَمِيعِهِ فَوَاجِبُهَا الْغُسْلُ لَا الْوُضُوءُ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ كَانَتْ مُتَطَهِّرَةً فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ إذَا لَمْ تَتَحَقَّقْ اتِّصَالَهُ بِالنَّجَاسَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوِلَادَةَ بِلَا بَلَلٍ، وَإِلْقَاءِ نَحْوِ الْعَلَقَةِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ لَا يَنْقُضُ بِخِلَافِ خُرُوجِ عُضْوٍ مُنْفَصِلٍ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ وَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا بَرَزَ بَعْضُ الْعُضْوِ لَا يُحْكَمُ بِالنَّقْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُنْفَصِلٌ؛ لِأَنَّا لَا نَنْقُضُ بِالشَّكِّ فَإِنْ تَمَّ خُرُوجُهُ مُنْفَصِلًا حَكَمْنَا بِالنَّقْضِ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الشَّيْخُ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ النَّقْضِ بِخُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ مَعَ اسْتِتَارِ بَاقِيهِ فَهَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ اتِّصَالَ الْمُسْتَتِرِ مِنْهُ بِنَجَاسَةٍ، أَوْ لَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ وَمَالَ شَيْخُنَا لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ التَّحْقِيقِ لَوْ أَدْخَلَ فِي قُبُلٍ، أَوْ دُبُرٍ طَرَفَ عُودٍ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ حَتَّى يُخْرَجَ وَلَهُ فِي الْحَالِ مَسُّ الْمُصْحَفِ لَا صَلَاةٌ وَطَوَافٌ؛ لِأَنَّهُ حَامِلُ مُتَنَجَّسٍ قُلْت لَا إشْكَالَ أَمَّا فِي الدُّبُرِ فَظَاهِرٌ لِاتِّصَالِهِ بِالنَّجَاسَةِ فِيهِ، وَأَمَّا فِي الْقُبُلِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّصَلَ بِالْمَعِدَةِ، أَوْ مَشَى عَلَى نَجَاسَةِ بَاطِنِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيهِ اهـ فَيْض اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ فَرْجٍ) شَامِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُنْثَى لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ وَلِمَخْرَجِ الْبَوْلِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ ثَقْبٍ)" أَوْ " مَانِعَةُ جَمْعٍ
بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَضَمِّهَا (تَحْتَ مَعِدَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَفْصَحِ (وَالْفَرْجُ مُنْسَدٌّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] الْآيَةَ وَلِقِيَامِ الثَّقْبِ الْمَذْكُورِ مَقَامَ الْمُنْسَدِّ وَالْغَائِطُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجُ لِلْمُجَاوَرَةِ وَخَرَجَ بِالْفَرْجِ وَالثَّقْبِ الْمَذْكُورَيْنِ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ كَدَمِ فَصْدٍ وَخَارِجٍ مِنْ ثَقْبٍ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ فِيهَا أَوْ مُحَاذِيهَا وَلَوْ مَعَ انْسِدَادِ الْفَرْجِ أَوْ تَحْتَهَا مَعَ انْفِتَاحِهِ فَلَا نَقْضَ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْضِ وَلِأَنَّ الْخَارِجَ فِي الْأَخِيرَةِ لَا ضَرُورَةَ إلَى مَخْرَجِهِ وَفِيمَا عَدَاهَا بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ إذْ مَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ وَهَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَيَنْقُضُ مَعَهُ الْخَارِجُ مِنْ الثَّقْبِ مُطْلَقًا وَالْمُنْسَدُّ حِينَئِذٍ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا وُضُوءَ بِمَسِّهِ وَلَا غُسْلَ بِإِيلَاجِهِ وَلَا بِالْإِيلَاجِ
ــ
[حاشية الجمل]
لَا مَانِعَةُ خُلُوٍّ وَقَوْلُهُ: تَحْتَ مَعِدَةٍ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِهِ مِنْ نَاحِيَةِ الْقُبُلِ، أَوْ الدُّبُرِ خِلَافًا لِتَوَسُّطِ الزَّرْكَشِيّ كَابْنِ النَّقِيبِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَحْتَ مَعِدَةٍ) أَيْ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهَا، وَالْمُرَادُ بِالْقُرْبِ أَنْ يَكُونَ الثَّقْبُ فِي الْعَوْرَةِ لِإِخْرَاجِ مَا لَوْ انْفَتَحَ فِي الرُّكْبَةِ أَوْ السَّاقِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: تَحْتَ مَعِدَةٍ أَيْ مِمَّا يَقْرُبُ مِنْهَا فَلَا عِبْرَةَ بِانْفِتَاحِهِ فِي السَّاقِ، وَالْقَدَمِ، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ) مُقَابِلُهُ ثَلَاثُ لُغَاتٍ مَعْدَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْعَيْنِ فِيهِمَا وَمِعِدَةٌ بِكَسْرِهِمَا اهـ شَيْخُنَا لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمِصْبَاحِ - وَمِثْلُهُ فِي الْمُخْتَارِ - الْمَعِدَةُ مِنْ الْإِنْسَانِ مَقَرُّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَتُخَفَّفُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَتُجْمَعُ عَلَى مِعَدٍ كَسِدْرَةٍ وَسِدَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْجُ مُنْسَدٌّ) أَيْ انْسِدَادًا عَارِضًا وَحِينَئِذٍ يُعْطَى الثَّقْبُ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ النَّقْضَ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ وَجَوَازَ وَطْءِ الزَّوْجَةِ فِيهِ وَعَدَمَ النَّقْضِ بِنَوْمِهِ مُمَكِّنًا لَهُ اهـ ح ف. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْجُ مُنْسَدٌّ) أَيْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ اهـ زِيَادِيٌّ يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ: وَلَا بِإِيلَاجٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالِانْسِدَادِ الِالْتِحَامَ لَمْ يَتَأَتَّ الْإِيلَاجُ فِيهِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَالْفَرْجُ مُنْسَدٌّ) أَيْ أَحَدُ الْفَرْجَيْنِ مُنْسَدٌّ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْ الثَّقْبِ مُنَاسِبًا لِلْمُنْسَدِّ، أَوْ مُنَاسِبًا لَهُمَا مَعًا اهـ ح ف وح ل. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] الْآيَةَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ نَظْمَ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ حَدَثٌ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَأَجَابَ الْأَزْهَرِيُّ بِأَنَّ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ} [النساء: 43] بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهِيَ لِلْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثِينَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ إلَخْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى، أَوْ عَلَى سَفَرٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ، أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَكَانَ مِنْ الْعَالِمِينَ بِالْقُرْآنِ أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا أَيْ وَحَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ النَّوْمِ، أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ، أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ إلَخْ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: الْمَكَانُ الْمُطْمَأَنُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ الْمُطْمَأَنُّ فِيهِ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْمُنْخَفِضُ عَلَى الْكَسْرِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ) مِنْ تَتِمَّةِ مَعْنَى الْغَائِطِ الْمُرَادِ مِنْ الْآيَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لَا اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ الْمُنْخَفِضُ وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ اللُّغَةِ أَنَّ الْغَائِطَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُتَّسِعِ وَلِهَذَا سُمِّيَ بِهِ الْغَيْطَ فَكَانَ الْقِيَاسُ غَائِطًا لَكِنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّهُ نُقِلَ فِي اللُّغَةِ إلَى خُصُوصِ الْمَكَانِ الْمُطْمَئِنِّ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ شَرْعًا فِيمَا ذَكَرُوهُ فَلَهُ اسْتِعْمَالَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَتُقْضَى أَيْ تُخْرَجُ وَتُفَرَّغُ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ مَا يُحْتَاجُ إلَى خُرُوجِهِ الْمُتَضَرَّرِ بِبَقَائِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْمُضَارِعِ فِي تُقْضَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ الِاسْمِ أَنْ تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ بِالْفِعْلِ لَكِنْ هَلْ تَكْفِي صَلَاحِيَّتُهُ لِقَضَائِهَا، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إعْدَادِهِ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجُ) أَيْ مِنْ الدُّبُرِ، أَوْ الْقُبُلِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَشْهُورٍ نَقَلَهُ السُّيُوطِيّ وَحِكْمَةُ اشْتِهَارِهِ فِي الْخَارِجِ مِنْ الدُّبُرِ دُونَ الْقُبُلِ أَنَّهُ جَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَرَادَ الْبَوْلَ يَبُولُ فِي أَيِّ مَكَان، وَإِذَا أَرَادَ الْفَضْلَةَ الْمَخْصُوصَةَ يَذْهَبُ إلَى مَحَلٍّ يَتَوَارَى فِيهِ عَنْ النَّاسِ تَأَمَّلْ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجُ أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الَّذِي هُوَ الْبَوْلُ، وَالْغَائِطُ لَا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ لِيَشْمَلَ الرِّيحَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِإِخْرَاجِهِ الْمَكَانُ الْمَذْكُورُ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْفَرْجِ وَالثَّقْبِ إلَخْ) أَيْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْفَرْجِ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ: خُرُوجُ شَيْءٍ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ انْسِدَادِ الْفَرْجِ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ، أَوْ الْوَاوُ لِلْحَالِ اهـ شَيْخُنَا وَكَتَبَ الْقَلْيُوبِيُّ لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا وَقَدْ يُقَالُ مَا ذُكِرَ هُنَا تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهَا اهـ، وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْخَارِجَ يَنْقُضُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمِنْهَاجِ بِتَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ وَقَالَ م ر وَالثَّانِي يَنْقُضُ لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّ الْخُرُوجِ تَحَوَّلَ إلَى مَا ذُكِرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ) أَيْ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الثَّقْبِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ الْمَعِدَةِ أَوْ لَا فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ اهـ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: فَيَنْقُضُ مَعَهُ الْخَارِجُ مِنْ الثَّقْبِ مُطْلَقًا) أَيْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ اهـ شَيْخُنَا أَيْ وَتَنْتَقِلُ إلَيْهِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْأَصْلِيِّ وَمِنْهَا الِاكْتِفَاءُ فِيهِ
فِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ وَحَيْثُ أُقِيمَ الثَّقْبُ مَقَامَ الْمُنْسَدِّ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ مِنْ إجْزَاءِ الْحَجَرِ وَإِيجَابِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ وَالْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ بِهِ أَوْ الْإِيلَاجِ فِيهِ وَإِيجَابِ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَوْقَ الْعَوْرَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَلِخُرُوجِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَصْلِيَّ وَالْمَعِدَةُ مُسْتَقَرُّ الطَّعَامِ مِنْ الْمَكَانِ الْمُنْخَسِفِ تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّرَّةُ أَمَّا مَنِيُّهُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَأَنْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ - وَهُوَ الْغُسْلُ
ــ
[حاشية الجمل]
بِالْحَجَرِ وَمِنْهَا سُتْرَةٌ عَنْ الْأَجَانِبِ وَفِي الصَّلَاةِ وَلَوْ حَالَ السُّجُودِ لَوْ كَانَ فِي الْجَبْهَةِ مَثَلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَكَشْفُهَا يُبْطِلُهَا خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَانْظُرْ قَدْرَ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ وَيُبْطِلُ كَشْفُهُ فِي الْجَبْهَةِ وَغَيْرِهَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَحَيْثُ أُقِيمَ إلَخْ هُوَ فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ خِلَافًا لِمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَتُهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ حَبِيبٍ الْمَاوَرْدِيُّ الْبَصْرِيُّ تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الصَّيْمَرِيّ وَالْإسْفَرايِينِيّ الْمُتَوَفَّى بِبَغْدَادَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَلْخَ رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَلَهُ مِنْ الْعُمْرِ سِتٌّ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بِبَابِ حَرْبٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ أُقِيمَ الثَّقْبُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِلِانْسِدَادِ الْعَارِضِ وَالْخِلْقِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فِي الْخِلْقِيِّ فَيَثْبُتُ لِلْمُنْفَتِحِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْمُنْفَتِحِ يُخْرِجُ الْمَنَافِذَ فَالْخَارِجُ مِنْهَا لَيْسَ بِنَاقِضٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَرَجَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمَ انْتِقَاصِ الْوُضُوءِ إذَا نَامَ مُمَكِّنًا لَهَا أَيْ الثُّقْبَةِ الْمُنْفَتِحَةِ مِنْ الْأَرْضِ اهـ ز ي وَحَمَلَ بَعْضُ الْحَوَاشِي كَلَامَهُ عَلَى الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ اهـ شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ) لَوْ انْفَتَحَ الْأَصْلِيُّ هَلْ تَرْجِعُ لَهُ الْأَحْكَامُ وَتَلْغُو جَمِيعُ أَحْكَامِ الْمُنْفَتِحِ اُنْظُرْ مَا حُكْمُهُ.
ثُمَّ قَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّ الْأَحْكَامَ تَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِيِّ مِنْ الْآنَ وَتَلْغُو أَحْكَامُ الْمُنْفَتِحِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الدَّرْسِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
1 -
(قَوْلُهُ: فَوْقَ الْعَوْرَةِ) رَاجِعٌ لِإِيجَابِ السَّتْرِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّقْبَ أُقِيمَ مَقَامَ الْمُنْسَدِّ وَلَا يَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْعَوْرَةِ كَمَا سَبَقَ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ سَرَتْ لِلشَّارِحِ مِنْ شَيْخِهِ الْمَحَلِّيِّ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُ التَّفْرِيعُ عَلَى الْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ وَلَنَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ قَائِلٌ بِأَنَّ الثَّقْبَ إذَا كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا يَنْقُضُ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ لِلْأَصْلِيِّ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ الْمَحَلِّيِّ وَلَوْ انْسَدَّ مَخْرَجُهُ وَانْفَتَحَ تَحْتَ مَعِدَتِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمُعْتَادُ نَقَضَ وَكَذَا نَادِرٌ كَدُودٍ فِي الْأَظْهَرِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُنْسَدِّ فِي الْمُعْتَادِ ضَرُورَةً أَوْ انْفَتَحَ فَوْقَهَا أَيْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ بِأَنْ انْفَتَحَ فِي السُّرَّةِ فَمَا فَوْقَهَا كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ وَهُوَ - أَيْ الْأَصْلِيُّ - مُنْسَدٌّ، أَوْ تَحْتَهَا وَهُوَ مُنْفَتِحٌ فَلَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ فَوْقَهَا بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ؛ إذْ مَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ تَدْفَعُهُ إلَى أَسْفَلَ وَمِنْ تَحْتِهَا لَا ضَرُورَةَ إلَى مَخْرَجِهِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ وَالثَّانِي يَنْقُضُ.
لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّ الْخُرُوجِ تَحَوَّلَ مَخْرَجُهُ إلَى مَا ذُكِرَ وَحَيْثُ قِيلَ بِالنَّقْضِ فِي الْمُنْفَتِحِ فَقِيلَ لَهُ حُكْمُ الْأَصْلِيِّ مِنْ إجْزَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ فِيهِ بِالْحَجَرِ وَإِيجَابِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ، وَالْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَوْقَ الْعَوْرَةِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَخُرُوجِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عَنْ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَصْلِيَّ أَمَّا الْأَصْلِيُّ فَأَحْكَامُهُ بَاقِيَةٌ وَلَوْ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مَسْدُودَ الْأَصْلِيِّ فَمُنْفَتِحُهُ كَالْأَصْلِيِّ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَ الْمَعِدَةِ، أَوْ فَوْقَهَا وَالْمُنْسَدُّ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا يَجِبُ بِمَسِّهِ وُضُوءٌ وَلَا بِإِيلَاجِهِ، أَوْ الْإِيلَاجِ فِيهِ غُسْلٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ، أَوْ مُخَالَفَتِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْقِيَاسِ) أَيْ عَلَى بَقِيَّةِ أَقْسَامِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهَا لَا تُزَالُ بِالْحَجَرِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعِدَةُ مُسْتَقَرُّ الطَّعَامِ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّرَّةُ أَيْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ اهـ ع ش أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا السُّرَّةُ) أَيْ وَمَا حَاذَاهَا مِنْ خَلْفِهِ وَجَوَانِبِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ الْمَكَانِ الْمُنْخَسِفِ إلَخْ هَذِهِ حَقِيقَتُهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ وَاللُّغَوِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامُ نَفْسُ السُّرَّةِ وَمَا حَاذَاهَا مِنْ خَلْفِهِ وَجَوَانِبِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِمَا فِي الدَّقَائِقِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنِيُّهُ) أَيْ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ إلَخْ وَمِثْلُهُ الْوِلَادَةُ بِلَا بَلَلٍ بِخِلَافِ إلْقَاءِ بَعْضِ الْوَلَدِ فَيَنْقُضُ وَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) وَمِنْ فَوَائِدِ عَدَمِ النَّقْضِ بِالْمَنِيِّ صِحَّةُ صَلَاةِ الْمُغْتَسِلِ بِدُونِ وُضُوءٍ قَطْعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَوْ قُلْنَا بِالنَّقْضِ لَكَانَ فِيهَا بِدُونِ وُضُوءٍ خِلَافٌ، وَنِيَّةُ السُّنِّيَّةِ لِوُضُوئِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَوْ نَقَضَ لَنَوَى بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ صَلَّى مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ مَا لَمْ يُحْدِثْ، أَوْ يَجِدْ الْمَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ، وَتَيَمُّمُهُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْجَنَابَةِ رُدَّ بِأَنَّهُ غَلَطٌ؛ إذْ الْجَنَابَةُ مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّةِ الْفَرْضِ الثَّانِي بِدُونِ تَيَمُّمٍ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يُبِيحُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْمُحْدِثِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ)
بِخُصُوصِهِ - فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَعَ إيجَابِهِمَا الْغُسْلَ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا فَلَا يُجَامِعَانِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ فَيُجَامِعُهُ وَدَخَلَ فِي غَيْرِ مَنِيِّهِ مَنِيُّ غَيْرِهِ فَيَنْقُضُ فَتَعْبِيرِي بِمَنِيِّهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَنِيِّ.
(وَ) ثَانِيهَا (زَوَالُ عَقْلٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا وُضُوءَ بِإِلْقَاءِ الْوَلَدِ الْجَافِّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ انْعَقَدَ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّهِ اسْتَحَالَ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِخُصُوصِهِ) أَيْ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ مَنِيًّا، وَقَوْلُهُ: بِعُمُومِهِ أَيْ بِعُمُومِ كَوْنِهِ خَارِجًا، وَقَوْلُهُ: كَزِنَا الْمُحْصَنِ أَيْ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الرَّجْمُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ زِنَا مُحْصَنٍ وَلَمْ يُوجِبْ أَدْوَنَهُمَا وَهُوَ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ زِنًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: كَزِنَا الْمُحْصَنِ) أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ قَدْ يُوجِبُ الْأَمْرَيْنِ بَلْ أَكْثَرَ كَالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ يُوجِبُ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ - وَهُوَ الْكَفَّارَةُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ جِمَاعًا -، وَأَدْوَنَهُمَا وَهُوَ الْقَضَاءُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ فِطْرًا، وَأَدْوَنَ مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ التَّعْزِيرُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالطَّهَارَةِ، أَوْ الْحَدِّ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَكُونُ بِالصَّوْمِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا أَصَالَةُ الْعِتْقِ فَتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلَا يَرِدُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ جِمَاعًا مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِعُمُومِ الْكَفَّارَةِ كَوْنِهِ مُفْطِرًا وَلَا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِخُصُوصِ كَوْنِهَا غَمُوسًا مَعَ التَّعْزِيرِ بِعُمُومِ كَوْنِهَا مَعْصِيَةً لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْأَعَمُّ الْمُفِيدُ أَنَّ الْأَدْوَنَ بَعْضُ الْأَعَمِّ وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ كَفَّرَ فِي رَمَضَانَ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ) أَيْ الْأَدْوَنَ الَّذِي هُوَ الْوُضُوءُ وَإِيجَابُهُ فَرْعُ إبْطَالِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ) أَيْ الرَّافِعِ أَوْ الْمُبِيحِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَلَا يَرِدُ الْوُضُوءُ مِنْهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ إلَخْ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُمَا قَدْ يُجَامِعَانِ الْوُضُوءَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْحَجِّ يُسَنُّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الْغُسْلُ لِنَحْوِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ، أَوْ كَانَ مَعَهَا مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ سُنَّ لَهَا الْوُضُوءُ وَهَذَا يَشْمَلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَيُتَصَوَّرُ أَنَّهُمَا يُجَامِعَانِهِ وَلَا يَمْنَعَانِ صِحَّتَهُ فِي صُورَةٍ اهـ كَلَامُ الْإِيعَابِ وَقَدْ أَشَارَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِرَدِّهِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الْحَجِّ مِنْ سُنِّيَّةِ الْغُسْلِ لِنَحْوِ الْإِحْرَامِ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِعَدَمِ مُجَامَعَتِهِمَا لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِبَاحَةِ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا؛ إذْ الْمَقْصُودُ فِي بَابِ الْحَجِّ النَّظَافَةُ مَعَ غَلَبَةِ التَّعَبُّدِ فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِبَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَهُمَا بِخِلَافِهِ مَعَ الْمَنِيِّ فَإِنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ صَحَّ غُسْلُهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ وُضُوءَهُ بَاقٍ وَلَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ بَقَائِهِ وَتَرْكِ الْوُضُوءِ كَانَ فِي صِحَّةِ غُسْلِهِ خِلَافٌ وَأَيْضًا إذَا قُلْنَا بِبَقَائِهِ نَوَى بِالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِبَقَائِهِ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ فَظَهَرَتْ الْفَائِدَةُ فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ اهـ م ر وَأَقُولُ يُتَصَوَّرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَائِضِ فَيُقَالُ فَائِدَةُ الْحُكْمِ بِبَقَاءِ الْوُضُوءِ أَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَلَمْ تَنْوِ الْوُضُوءَ أَجْزَأَ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا وَيُقَالُ إذَا اغْتَسَلَتْ مَعَ الْحُكْمِ بِبَقَاءِ الْوُضُوءِ نَوَتْ بِالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَإِلَّا نَوَتْ رَفْعَ الْحَدَثِ لَا يُقَالُ الْفَائِدَتَانِ تُتَصَوَّرَانِ فِي الْغُسْلِ قَبْلَ الشِّفَاءِ مِنْ الْمَنِيِّ بِخِلَافِ الْحَيْضِ لَا يُتَصَوَّرَانِ إلَّا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا لَا يَمْنَعُ الْفَائِدَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِمَا وَفِي الدَّوَامِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُجَامِعَانِهِ أَيْ فِي الدَّوَامِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَحَاصِلُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ قَاسَ الدَّوَامَ عَلَى الِابْتِدَاءِ فِي الْبُطْلَانِ وَفِيهِ أَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْأَسْبَابَ الْمَذْكُورَةَ تُنَافِي الْوُضُوءَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَكَيْفَ تُجْعَلُ مُنَافَاتُهُمَا لِلْوُضُوءِ ابْتِدَاءً أَصْلًا وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مُنَافَاتُهُمَا لَهُ فِي الدَّوَامِ اهـ لِكَاتِبِهِ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجّ، وَإِنَّمَا نَقَضَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا أَغْلَظُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَصِحُّ الْوُضُوءُ مَعَ خُرُوجِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ سَلَسٌ اهـ شَيْخُنَا وَضَعَّفَهُ ع ش.
وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ أَفْهَمَ أَنَّ السَّلِيمَ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ حَالَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَهِيَ لَا تُسْتَبَاحُ مَعَ الْجَنَابَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ الْإِطْفِيحِيُّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ قَوْلَهُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَزَوَالُ عَقْلٍ) أَيْ تَيَقُّنُ زَوَالِهِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ وَلِهَذَا يُقَالُ إنَّ مُرْتَكِبَ الْفَوَاحِشِ لَا عَقْلَ لَهُ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى التَّمْيِيزِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَيُعَرَّفُ بِأَنَّهُ صِفَةٌ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ الْحَسَنِ
أَيْ تَمْيِيزٍ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ غَيْرِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَغَيْرُ النَّوْمِ مِمَّا ذُكِرَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الذُّهُولِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ كَمَا أَشْعَرَ بِهَا الْخَبَرُ؛ إذْ السَّهُ الدُّبُرُ وَوِكَاؤُهُ حِفَاظُهُ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْهُ لَا يَشْعُرُ بِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْقَبِيحِ وَهَذَا يُزِيلُهُ الْإِغْمَاءُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْغَرِيزِيِّ وَيُعَرَّفُ بِأَنَّهُ صِفَةٌ غَرِيزِيَّةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ أَيْ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَهَذَا لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْجُنُونُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَعَرَّفَهُ الْحُكَمَاءُ بِأَنَّهُ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْبَدَنِ تَعَلُّقَ تَدْبِيرٍ وَتَصَرُّفٍ وَهُوَ قِسْمَانِ وَهْبِيٌّ وَكَسْبِيٌّ فَالْوَهْبِيُّ مَا عَلَيْهِ ضَابِطُ التَّكْلِيفِ، وَالْكَسْبِيُّ مَا يُكْتَسَبُ مِنْ تَجَارِبِ الدَّهْرِ، وَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ وَلَهُ شُعَاعٌ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مَنْبَعُهُ وَأُسُّهُ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ يَجْرِي مِنْهُ مَجْرَى النُّورِ مِنْ الشَّمْسِ وَالرُّؤْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ وَمَنْ عَكَسَ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ اسْتِلْزَامُهُ لَهُ وَأَنَّهُ تَعَالَى يُوصَفُ بِهِ دُونَ الْعَقْلِ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَهُوَ فِي الْإِنْسَانِ، وَالْجِنِّ، وَالْمَلَكِ لَكِنَّهُ فِي النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ أَكْمَلُ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ إلَى الْأَرْضِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْضَرَك ثَلَاثَ خِصَالٍ لِتَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَتَتَخَلَّى عَنْ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ: وَمَا هُنَّ قَالَ: الْحَيَاءُ، وَالدِّينُ، وَالْعَقْلُ فَقَالَ اخْتَرْت: الْعَقْلَ فَقَالَ جِبْرِيلُ لِلْحَيَاءِ وَالدِّينِ: ارْتَفِعَا فَقَدْ اخْتَارَ غَيْرَكُمَا فَقَالَا: لَا نَرْتَفِعُ قَالَ: أَعَصَيْتُمَا قَالَا: لَا وَلَكِنْ أُمِرْنَا أَنْ لَا نُفَارِقَ الْعَقْلَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَهَلْ الْعَقْلُ مِنْ قَبِيلِ الْأَعْرَاضِ، أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْجَوَاهِرِ، أَوْ لَا وَلَا وَعَلَى كُلٍّ هَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالنَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ أَمْ هُوَ كُلِّيٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ حَيٍّ مَخْلُوقٍ وَعَلَى ذَلِكَ هَلْ هُوَ مِنْ الْكُلِّيِّ الْمُشَكِّكِ، أَوْ الْمُتَوَاطِئِ الْجَوَابُ هُوَ عِنْدَ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ عَرَضٌ قَائِمٌ بِالْقَلْبِ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْمَادَّةِ مُقَارِنٌ لَهَا فِي الْفِعْلِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَمْيِيزٍ) وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي مُتَّصِلًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِجُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ) ، وَالْجُنُونُ مَرَضٌ يُزِيلُ الشُّعُورَ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ، وَالْإِغْمَاءُ هُوَ زَوَالُ الشُّعُورِ مَعَ فُتُورِ الْأَعْضَاءِ، وَأَمَّا السُّكْرُ فَهُوَ خَبَلٌ فِي الْعَقْلِ مَعَ طَرَبٍ وَاخْتِلَاطِ نُطْقٍ اهـ دَمِيرِيٌّ وَأَمَّا النَّوْمُ فَهُوَ رِيحٌ لَطِيفَةٌ تَأْتِي مِنْ الدِّمَاغِ إلَى الْقَلْبِ فَتُغَطِّي الْعَيْنَ فَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَى الْقَلْبِ فَهُوَ النُّعَاسُ وَلَا نَقْضَ بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: بِجُنُونٍ) أَيْ وَلَوْ مَعَ التَّمْكِينِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ " أَوْ إغْمَاءٍ " أَيْ وَلَوْ مَعَ التَّمْكِينِ أَيْضًا اهـ شَرْحُ م ر وَلِهَذَا التَّعْمِيمِ يُشِيرُ صَنِيعُ الْمَتْنِ حَيْثُ قَصَرَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى زَوَالِهِ بِنَوْمِ الْمُمَكِّنِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ زَوَالُهُ بِجُنُونِ، أَوْ إغْمَاءِ الْمُمَكِّنِ فَيَنْقُضُ اهـ لِكَاتِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ح ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لَا زَوَالُهُ بِنَوْمِ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَهُ خَرَجَ الْإِغْمَاءُ وَالسُّكْرُ فَلَا يُفِيدُ التَّمْكِينُ مَعَهُمَا قَالَ ابْنُ حَجّ إجْمَاعًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ نَوْمٍ) أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمَا أَمَّا فِي الْأَنْبِيَاءِ فَلَا نَقْضَ بِهِمَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى إدْخَالِ الْمَذْهُولِ وَالْمَعْتُوهِ، وَالْمُبَرْسَمِ، وَالْمَطْبُوبِ أَيْ الْمَسْحُورِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ:«الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ» ) فِي الْحَدِيثِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ دَلَّ عَلَيْهَا بِإِثْبَاتِ الْوِكَاءِ الَّذِي هُوَ مِنْ مُلَائِمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ وَتَشْبِيهُ الْعَيْنَيْنِ - الْمُرَادُ مِنْهُمَا الْيَقَظَةُ - بِالْوِكَاءِ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ اهـ طَبَلَاوِيٌّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَتَقْرِيرُ الِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ أَنَّهُ شَبَّهَ السَّهَ بِقِرْبَةٍ مُمْتَلِئَةٍ وَحَذَفَ الْمُشَبَّهَ بِهِ وَذَكَرَ لَازِمَهُ وَهُوَ الْوِكَاءُ وَتَقْرِيرُ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ أَنَّهُ شُبِّهَتْ الْعَيْنَانِ بِالْوِكَاءِ، ثُمَّ حُذِفَتْ الْأَدَاةُ هَذَا إيضَاحُ عِبَارَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الذُّهُولِ) وَجْهُ الْأَبْلَغِيَّةِ أَنَّهُ أَقْوَى فِي زَوَالِ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ وَأَنَّهُ يَنْقُضُ مَعَ التَّمْكِينِ، وَالْمَظِنَّةُ بِمَعْنَى الظَّنِّ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ فَلِذَلِكَ أَبْطَلَ اسْتِصْحَابُ الْأَصْلِ يَقِينَ الطَّهَارَةِ ثُمَّ انْتَقَلَ الْحُكْمُ إلَى النَّوْمِ فَصَارَ نَاقِضًا، وَإِنْ كَانَ مَسْدُودَ الْمَخْرَجِ، أَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ خُرُوجِ شَيْءٍ كَإِخْبَارِ مَعْصُومٍ لَهُ بِعَدَمِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهُ الْمَعْصُومُ تَوَضَّأْ، أَوْ لَا تَتَوَضَّأْ وَجَبَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ فِيهِمَا سَوَاءٌ نَامَ أَمْ لَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الْمَظَانُّ جَمْعُ مَظِنَّةٍ بِكَسْرِ الظَّاءِ وَهُوَ مَوْضِعُ الشَّيْءِ، وَمَعْدِنُهُ مِفْعَلَةٌ مِنْ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَكَانَ الْقِيَاسُ فَتْحَ الظَّاءِ وَإِنَّمَا كُسِرَتْ لِأَجْلِ الْهَاءِ انْتَهَتْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إذْ السَّهُ) بِضَمِّ الْهَاءِ؛ إذْ أَصْلُهُ سَتَهٌ حُذِفَتْ عَيْنُهُ وَيُجْمَعُ عَلَى أَسْتَاهٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ وِكَاءُ السَّتِّ بِحَذْفِ لَامِهِ اهـ صِحَاحٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا نَصُّهُ: الِاسْتُ الْعَجُزُ وَيُرَادُ بِهِ حَلْقَةُ الدُّبُرِ وَالْأَصْلُ سَتَهٌ بِالتَّحْرِيكِ وَلِهَذَا يُجْمَعُ عَلَى أَسْتَاهٍ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَيُصَغَّرُ عَلَى سُتَيْهٍ وَجَمْعُ التَّكْسِيرِ، وَالتَّصْغِيرُ يَرُدَّانِ الْأَشْيَاءَ إلَى أُصُولِهَا وَقَدْ يُقَالُ سَهٌ بِالْهَاءِ وَسِتٌّ بِالتَّاءِ
وَالْعَيْنَانِ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقَظَةِ وَخَرَجَ بِزَوَالِ الْعَقْلِ النُّعَاسُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ وَأَوَائِلُ نَشْوَةِ السُّكْرِ فَلَا نَقْضَ بِهَا وَمِنْ عَلَامَاتِ النُّعَاسِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ (لَا) زَوَالُهُ (بِنَوْمِ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَهُ) أَيْ أَلْيَيْهِ مِنْ مَقَرِّهِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا نَقْضَ لَا مِنْ خُرُوجِ شَيْءٍ حِينَئِذٍ مِنْ دُبُرِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْ قُبُلِهِ لِنُدْرَتِهِ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ نَامَ مُحْتَبِيًا أَيْ ضَامًّا ظَهْرَهُ وَسَاقَيْهِ بِعِمَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا نَقْضَ بِهِ وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ قَاعِدًا، هَزِيلًا، بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَإِنْ اخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ عَلَى قَفَاهُ مُلْصِقًا مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ.
(وَ) ثَالِثُهَا (تَلَاقِي بَشَرَتَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) وَلَوْ خَصِيًّا وَعِنِّينًا وَمَمْسُوحًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا لَكِنْ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] أَيْ لَمَسْتُمْ كَمَا قُرِئَ بِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
فَيُعْرَبُ إعْرَابَ يَدٍ وَدَمٍ وَفِي الْحَدِيثِ الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ بِالْهَاءِ وَيُرْوَى بِالتَّاءِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِي الْوَصْلِ بِالتَّاءِ وَفِي الْوَقْفِ بِالْهَاءِ عَلَى قِيَاسِ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَالْأَصْلُ سَتِهَ سَتَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا كَبِرَتْ عَجِيزَتُهُ، ثُمَّ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ وَدَخَلَهُ النَّقْصُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ فَحَذَفُوا الْعَيْنَ تَارَةً وَقَالُوا سَهٌ وَاللَّامَ تَارَةً وَقَالُوا سَتٌ ثُمَّ اجْتَلَبُوا هَمْزَةَ الْوَصْلِ عِوَضًا عَنْ اللَّامِ وَأَسْكَنُوا الْعَيْنَ تَخْفِيفًا كَمَا فَعَلُوا فِي ابْنٍ وَاسْمٍ اهـ. (قَوْلُهُ: كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقَظَةِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْيَقَظَةَ لِلدُّبُرِ كَالْوِكَاءِ يَحْفَظُ مَا فِيهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: نَشْوَةِ السُّكْرِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ عَلَى الْأَصَحِّ مُقَدِّمَاتُ السُّكْرِ، وَأَمَّا بِالْهَمْزِ فَالنُّمُوُّ مِنْ قَوْلِهِمْ نَشَأَ الصَّبِيُّ نَمَا وَزَادَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ عَلَامَاتِ النُّعَاسِ إلَخْ) وَمِنْ عَلَامَاتِ النَّوْمِ الرُّؤْيَا فَلَوْ رَأَى رُؤْيَا وَشَكَّ هَلْ نَامَ، أَوْ نَعَسَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَلَوْ زَالَتْ إحْدَى أَلْيَيْهِ عَنْ مَقَرِّهَا قَبْلَ انْتِبَاهِهِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِرًّا نَقَضَ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ يَدُهُ عَلَى الْأَرْضِ لِمُضِيِّ لَحْظَةٍ وَهُوَ نَائِمٌ غَيْرَ مُمَكِّنٍ، أَوْ زَالَتْ مَعَ انْتِبَاهِهِ أَوْ بَعْدَهُ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى، أَوْ شَكَّ فِيهِ أَيْ فِي أَنَّ زَوَالَهَا قَبْلَ انْتِبَاهِهِ، أَوْ لَا، أَوْ فِي أَنَّهُ مُمَكِّنٌ مَقْعَدَهُ، أَوْ لَا، أَوْ فِي أَنَّهُ نَامَ، أَوْ نَعَسَ فَلَا نَقْضَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ نَعَمْ لَوْ رَأَى رُؤْيَا وَشَكَّ أَنَامَ، أَوْ لَا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَا لَا تَكُونُ إلَّا بِالنَّوْمِ اهـ مَتْنُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ.
(فَرْعٌ) نَامَ مُمَكِّنًا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ إنْ قَصُرَ وَكَذَا إنْ طَالَ فِي رُكْنٍ طَوِيلٍ فَإِنْ طَالَ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَا يُقَالُ كَيْفَ تَبْطُلُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ عَامِدٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَتْ مُقَدِّمَاتُ النَّوْمِ تَقَعُ بِالِاخْتِيَارِ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْقَاصِدِ اهـ سم اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ أَلْيَيْهِ) مُفْرَدُهُ أَلْيَةٌ وَثَبَتَ عَنْ الْعَرَبِ حَذْفُ التَّاءِ فِي تَثْنِيَتِهَا اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الشَّوْبَرِيِّ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مَا نَصُّهُ: (قَاعِدَةٌ) كُلُّ مُؤَنَّثٍ بِالتَّاءِ حُكْمُهُ أَنْ لَا تُحْذَفَ التَّاءُ مِنْهُ إذَا ثُنِّيَ كَتَمْرَتَانِ وَضَارِبَتَانِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ حُذِفَتْ الْتَبَسَ بِتَثْنِيَةِ الْمُذَكَّرِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ لَفْظَانِ أَلْيَةٌ وَخُصْيَةٌ فَإِنَّ أَفْصَحَ اللُّغَتَيْنِ وَأَشْهَرُهُمَا أَنْ تُحْذَفَ مِنْهُمَا التَّاءُ فِي التَّثْنِيَةِ فَيُقَالُ أَلْيَانِ وَخُصْيَانِ وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فِي الْمُفْرَدِ أَلْيٌ وَخُصْيٌ فَأُمِنَ اللَّبْسُ الْمَذْكُورُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خُلِقَ مُنْسَدَّ الدُّبُرِ وَلَمْ يَنْفَتِحْ لَهُ ثَقْبٌ وَقُلْنَا إنَّ الْمُنْفَتِحَ أَصَالَةً لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِيِّ لَا يَنْقُضُ بِنَوْمِهِ غَيْرَ مُمَكِّنٍ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ دُبُرِهِ وَهَذَا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ لِنُدْرَتِهِ يَحْتَمِلُ لِنُدْرَتِهِ فِي نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ شَخْصٌ لَا نَظَرَ إلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إذَا نَدَرَ خُرُوجُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْدُرْ ذَلِكَ بِأَنْ كَثُرَ خُرُوجُهُ فَيَضُرُّ نَوْمُهُ غَيْرَ مُمَكِّنٍ قُبُلَهُ إنْ تُصُوِّرَ لَهُ تَمْكِينٌ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ: قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ فَلَوْ اعْتَادَ وَلَوْ مَرَّةً لِغَيْرِ عُذْرٍ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِنَوْمِهِ إلَّا إنْ مَكَّنَهُ وَأَمْكَنَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ إلَخْ) وَلَا عِبْرَةَ أَيْضًا بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ بَوْلٍ مِنْ قُبُلِهِ كَذَا قَالُوا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَامَ مُحْتَبِيًا) أَيْ، أَوْ عَلَى دَابَّةٍ، أَوْ مَادًّا رِجْلَيْهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ) أَيْ تَبَاعُدٌ وَانْظُرْ لَوْ سَدَّ التَّجَافِيَ بِشَيْءٍ وَنَامَ هَلْ يَنْتَقِضُ أَمْ لَا مَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِلثَّانِي اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى هَزِيلٍ لَيْسَ بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ اهـ م ر وَحِينَئِذٍ فَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ اهـ شَيْخُنَا وَالسِّمَنُ الْمُفْرِطُ كَالْهُزَالِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: عَنْ الرُّويَانِيِّ) هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ إسْمَاعِيلَ الرُّويَانِيُّ بِسُكُونِ الْوَاوِ الْقَائِلُ لَوْ احْتَرَقَتْ كُتُبُ الشَّافِعِيِّ لَأَمْلَيْتُهَا مِنْ حِفْظِي وُلِدَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَأَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ وَالِدِهِ وَتَفَقَّهَ عَلَى جَدِّهِ وَغَيْرِهِ وَأَخَذَ عَنْهُ وَلَدُهُ حَمْدٌ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَغَيْرُهُ الْمُتَوَفَّى شَهِيدًا لِقَتْلِ بَعْضِ الْمُلْحِدِينَ لَهُ بِجَامِعِ آمِلٍ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْإِمْلَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَادِيَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَلَاقِي بَشَرَتَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ إذَا تَحَقَّقْنَا الذُّكُورَةَ، أَوْ الْأُنُوثَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الرَّجُلِ حَتَّى لَوْ تَصَوَّرَتْ عَلَى صُورَةِ كَلْبٍ مَثَلًا نَقَضَ لَمْسُهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِمَسِّهَا لَهُ، أَوْ بِنَحْوِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْهُ فِي حَالِ نَوْمِهِ مُتَمَكِّنًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُقَالُ: الْأَصْلُ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ فَلَا يَرْتَفِعُ
لَا جَامَعْتُمْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَاللَّمْسُ الْجَسُّ بِالْيَدِ وَبِغَيْرِهَا أَوْ الْجَسُّ بِالْيَدِ وَأُلْحِقَ غَيْرُهَا بِهَا وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْمَعْنَى فِي النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّلَذُّذِ الْمُثِيرِ لِلشَّهْوَةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ اللَّامِسُ وَالْمَلْمُوسُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْبِيرُ بِالتَّلَاقِي لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَاقِي عَمْدًا أَمْ سَهْوًا بِشَهْوَةٍ أَوْ بِدُونِهَا بِعُضْوٍ سَلِيمٍ أَوْ أَشَلَّ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْفَرْجِ يَخْتَصُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الْمَسَّ إنَّمَا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ بِبَطْنِ الْكَفِّ، وَاللَّمْسَ يُثِيرُهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَفِي مَعْنَاهُ اللَّحْمُ كَلَحْمِ الْأَسْنَانِ، وَخَرَجَ بِهَا: الْحَائِلُ - وَلَوْ رَقِيقًا - وَالشَّعْرُ وَالسِّنُّ وَالظُّفُرُ إذْ لَا يُلْتَذُّ بِلَمْسِهَا، وَبِذَكَرٍ وَأُنْثَى: الذَّكَرَانِ وَالْأُنْثَيَانِ وَالْخُنْثَيَانِ وَالْخُنْثَى وَالذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى وَالْعُضْوُ الْمُبَانُ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ (بِكِبَرٍ) أَيْ مَعَ كِبَرِهِمَا بِأَنْ بَلَغَا حَدَّ الشَّهْوَةِ عُرْفًا وَإِنْ انْتَفَتْ لِهَرَمٍ وَنَحْوِهِ اكْتِفَاءً بِمَظِنَّتِهَا بِخِلَافِ التَّلَاقِي
ــ
[حاشية الجمل]
بِالظَّنِّ؛ إذْ خَبَرُ الْعَدْلِ إنَّمَا يُفِيدُهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا ظَنٌّ أَقَامَهُ الشَّارِعُ مَقَامَ الْعِلْمِ فِي تَنْجِيسِ الْمِيَاهِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ لحج وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَلَا نَقْضَ بِأَخْبَارِ الْعَدْلِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَيَرُدُّهُ أَيْضًا مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَنْ تَيَقَّنَ حَدَثًا وَظَنَّ ضِدَّهُ؛ إذْ الظَّنُّ شَامِلٌ لِإِخْبَارِ الْعَدْلِ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: بَشَرَتَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَيْ يَقِينًا لَا مَعَ الشَّكِّ وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ حَيْثُ عُلِمَتْ الْمُخَالَفَةُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُنَا وَفِي حَاشِيَتِهِ وَسَيَأْتِي عَنْهُ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ بِجِنِّيَّةٍ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا وَهِيَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا وُضُوءَهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِمَامَةِ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْجِنِّيِّ أَنْ يَكُونَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَكَذَا فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ بِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ النَّقْضِ بِهِ هُنَا إجْرَاءً لِلْأَبْوَابِ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لَا جَامَعْتُمْ) قَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ حَقِيقَةٌ فِي تَمَاسِّ الْبَدَنَيْنِ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْيَدِ وَعَلَى هَذَا فَالْجِمَاعُ مِنْ أَفْرَادِ مُسَمَّى الْحَقِيقَةِ فَيَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ حَقِيقَةً اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: الْمُثِيرِ لِلشَّهْوَةِ) فِيهِ أَنَّ غَايَةَ الْإِثَارَةِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ غَيْرُ نَاقِضٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي الْعِلَّةِ نَقْصٌ وَتَمَامُهَا أَنْ يُقَالَ: وَثَوَرَانُ الشَّهْوَةِ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُتَعَبِّدِ الَّذِي مِنْ أَفْرَادِهِ الْمُتَوَضِّئُ؛ لِأَنَّهُ فِي عِبَادَةٍ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ) قِيلَ اللَّذَّاتُ أَرْبَعٌ لَذَّةُ سَاعَةٍ وَهِيَ الْجِمَاعُ وَلَذَّةُ يَوْمٍ وَهِيَ الْحَمَّامُ وَلَذَّةُ جُمُعَةٍ وَهِيَ النُّورَةُ وَلَذَّةُ حَوْلٍ وَهِيَ تَزَوُّجُ الْبِكْرِ وَأَلَذُّ أَحْوَالِ جِمَاعِ الْمَرْأَةِ يَوْمَ انْتِتَافِهَا وَالرَّجُلِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ الِاسْتِحْدَادِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَلَحْمِ الْأَسْنَانِ) أَيْ وَاللِّسَانِ وَسَقْفِ الْحَلْقِ وَدَاخِلِ الْعَيْنِ، وَالْأَنْفِ وَكَذَا الْعَظْمُ إذَا وَضَحَ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ حَجّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَا الْحَامِلُ) مِنْ الْحَائِلِ مَا يَتَجَمَّدُ مِنْ غُبَارٍ يُمْكِنُ فَصْلُهُ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ لَا مِنْ نَحْوِ عَرَقٍ حَتَّى صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْجِلْدِ اهـ س ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَقِيقًا) وَمِنْهُ الزُّجَاجُ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ اللَّوْنَ، وَالْقَشَفُ الْمَيِّتُ عَلَى الْجِلْدِ بِخِلَافِ الْعَرَقِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُ نَحْوِ إصْبَعٍ مِنْ نَحْوِ نَقْدٍ، وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ عَنْ الْحَدَثِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالظُّفُرُ) فِي الْمِصْبَاحِ الظُّفُرُ لِلْإِنْسَانِ يُذَكَّرُ وَفِيهِ لُغَاتٌ أَفْصَحُهَا بِضَمَّتَيْنِ وَبِهَا قَرَأَ السَّبْعَةُ وَالثَّانِيَةُ الْإِسْكَانُ لِلتَّخْفِيفِ وَبِهَا قَرَأَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْجَمْعُ أَظْفَارٌ وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى أَظْفُرٍ كَرُكْنٍ وَأَرْكُنٍ، وَالثَّالِثَةُ بِكَسْرِ الظَّاءِ وِزَانُ حِمْلٍ، وَالرَّابِعَةُ بِكَسْرَتَيْنِ لِلْإِتْبَاعِ وَقُرِئَ بِهِمَا فِي الشَّاذِّ، وَالْخَامِسَةُ أُظْفُورٌ، وَالْجَمْعُ أَظَافِيرُ مِثْلُ أُسْبُوعٍ وَأَسَابِيعَ، وَقَوْلُ الصِّحَاحِ فَيُجْمَعُ الظُّفُرُ عَلَى أُظْفُورٍ سَبْقُ قَلَمٍ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ وَيُجْمَعُ عَلَى أَظْفُرٍ فَطَغَى الْقَلَمُ إلَى زِيَادَةِ وَاوٍ اهـ.
(فَائِدَةٌ) الْأَظَافِيرُ حُلَّةٌ مِنْ نُورٍ كَانَتْ تَحْتَ حُلَلِ آدَمَ الْحَرِيرِ فِي الْجَنَّةِ فَلَمَّا أَكَلَ مِنْ الشَّجَرَةِ تَطَايَرَ عَنْهُ لِبَاسُ الْجَنَّةِ وَبَقِيَتْ حُلَّةُ النُّورِ فَانْقَضَتْ مِنْ وَسَطِهَا وَتَقَلَّصَتْ وَانْعَقَدَتْ عَلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ وَصَارَتْ ظُفُرًا فَكَانَ إذَا نَظَرَ إلَى أَظَافِيرِهِ بَكَى وَصَارَ عَادَةً فِي أَوْلَادِهِ إذَا هَجَمَ الضَّحِكُ عَلَى أَحَدِهِمْ يَنْظُرُ إلَى أَظَافِيرِ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ يَسْكُنُ عَنْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى) الْأَلِفُ فِيهِ لِلتَّأْنِيثِ فَيَكُونُ غَيْرَ مَصْرُوفٍ وَالضَّمَائِرُ الْعَائِدَةُ إلَيْهِ يُؤْتَى بِهَا مُذَكَّرَةً، وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ شَخْصٌ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا اهـ أَسْنَوِيٌّ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ يُقَالُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ خُنْثَى إلَّا فِي الْآدَمِيِّ وَالْإِبِلِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَيَكُونُ فِي الْبَقَرِ جَاءَنِي جَمَاعَةٌ أَثِقُ بِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَالُوا إنَّ عِنْدَهُمْ بَقَرَةٌ خُنْثَى لَيْسَ لَهَا فَرْجُ أُنْثَى وَلَا ذَكَرُ الثَّوْرِ، وَإِنَّمَا لَهَا خِرَقٌ عِنْدَ ضَرْعِهَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ وَسَأَلُوا عَنْ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ بِهَا فَقُلْت لَهُمْ إنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكِلَاهُمَا يَجْزِي وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَنْقُصُ اللَّحْمَ وَاسْتَثْبَتَهُمْ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ اتَّضَحَ الْخُنْثَى بِمَا يَقْتَضِي النَّقْضَ عُمِلَ بِهِ وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ لَامَسَتْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَالْعُضْوُ الْمُبَانُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعُضْوَ الْمُبَانَ مَتَى الْتَصَقَ وَحَلَّتْهُ الْحَيَاةُ نَقَضَ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ حُلُولَ الْحَيَاةِ وَاكْتَفَى بِالِاتِّصَالِ بِحَرَارَةِ الدَّمِ، وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِابْنِ قَاسِمٍ وَحَجّ وَالشَّيْخِ سُلْطَانٍ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالْعُضْوُ الْمُبَانُ)
مَعَ الصِّغَرِ لَا يَنْقُضُ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّتِهَا (لَا) تَلَاقِي بَشَرَتَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (مَحْرَمٍ) لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ فَلَا يَنْقُضُ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ.
(وَ) رَابِعُهَا (مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ أَوْ مَحَلِّ قَطْعِهِ) وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَيِّتًا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا قُبُلًا كَانَ الْفَرْجُ أَوْ دُبُرًا سَلِيمًا أَوْ أَشَلَّ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا (بِبَطْنِ كَفٍّ) وَلَوْ شَلَّاءَ لِخَبَرِ مَنْ «مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَمَسُّ فَرْجِ غَيْرِهِ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّ فَرْجِهِ لِهَتْكِ حُرْمَةِ غَيْرِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَمَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مَعَ الصِّغَرِ) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ الصَّغِيرُ حَدًّا يُشْتَهَى اهـ مَحَلِّيٌّ وَقَوْلُهُ: يُشْتَهَى أَيْ لِلطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِسَبْعِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ فَهَلْ بُلُوغُ حَدِّ الشَّهْوَةِ يُوجَدُ فِيمَا دُونَهَا أَوْ لَا يُوجَدُ إلَّا فِيمَا فَوْقَهَا رَاجِعْهُ وَعَلَى ذَلِكَ فَمَا مِقْدَارُهُ فِيهِمَا حَرَّرَهُ اهـ ق ل عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَا مَحْرَمٍ) أَيْ وَلَوْ احْتِمَالًا فَلَوْ شَكَّ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ لَمْ يَنْتَقِضْ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ عَمَلًا بِأَصْلِ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ مَنْ شَكَّ هَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ أَمْ لَا وَاخْتَلَطَتْ مَحْرَمُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ وَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِشَرْطِهِ وَلَمَسَهَا لَمْ يَنْتَقِضْ طُهْرُهُ وَلَا طُهْرُهَا؛ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ الطُّهْرِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بُعْدَ فِي تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ وَثَبَتَ نَسَبُهَا مِنْهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَيْثُ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ مَعَ ثُبُوتِ أُخُوَّتِهَا مِنْهُ وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ زَوْجَانِ لَا نَقْضَ بَيْنَهُمَا وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ النَّقْضِ مَا لَمْ يَلْمِسْ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ عَدَدًا أَكْثَرَ مِنْ عِدَّةِ مَحَارِمِهِ، وَإِلَّا انْتَقَضَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَلْمَسْ إلَخْ أَيْ فِي طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ: وَرَابِعُهَا مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ) وَمِثْلُ الْمَسِّ الِانْمِسَاسُ كَأَنْ وَضَعَ شَخْصٌ ذَكَرَهُ فِي كَفِّ شَخْصٍ آخَرَ وَمِثْلُ الْآدَمِيِّ الْجِنِّيُّ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّعَبُّدَ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَالْجِنِّيُّ كَالْآدَمِيِّ عَلَى مَا مَرَّ فِي اللَّمْسِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَرْجِ آدَمِيٍّ) أَيْ وَلَوْ مُبَانًا كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ بِحَيْثُ يُسَمَّى فَرْجًا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْجٌ بِأَنْ كَانَ مَحَلُّهُ أَمْلَسَ كَالْكَفِّ فَهَلْ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ حُكْمُ الْفَرْجِ أَمْ لَا الْأَقْرَبُ الثَّانِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ: أَوْ مُنْفَصِلًا أَيْ إذَا سُمِّيَ فَرْجًا فَتَنْقُضُ الْقُلْفَةُ مُتَّصِلَةً لَا مُنْفَصِلَةً اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) أَيْ لِشُمُولِ الِاسْمِ لَهُ وَهَتْكِ الْحُرْمَةِ بِخِلَافِ لَمْسِ الصَّغِيرَةِ وَانْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ ذَلِكَ نَحْوَ السِّقْطِ إذَا نَزَلَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَيَنْقُضُ مَسُّ فَرْجِهِ أَمْ لَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ م ر فَأَجَابَ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ أَخْذًا بِعُمُومِ قَوْلِهِمْ وَلَوْ صَغِيرًا قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى فَرْجَ آدَمِيٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ أَصْلُ آدَمِيٍّ، وَفُرِّقَ مَا بَيْنَهُمَا فَدَعْوَى أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: مِنْ قُبُلِ الْآدَمِيِّ شَمِلَ إطْلَاقُهُ السِّقْطَ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ.
وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ هَلْ يَنْقُضُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ جَمَادٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْقُضُ وَلَمْ يُعَلِّلْهُ وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِشُمُولِ الِاسْمِ لَهُ وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا وَمَالَ إلَى عَدَمِ النَّقْضِ لِتَعْلِيقِهِمْ النَّقْضَ بِمَسِّ فَرْجِ الْآدَمِيِّ وَهَذَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ اهـ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِبَطْنِ كَفٍّ) أَيْ وَلَوْ تَعَدَّدَ إلَّا زَائِدًا يَقِينًا لَيْسَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعُ عَلَى مِعْصَمٍ أَيْ سَاعِدٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ.
وَشَمِلَتْ الْأَصَابِعُ الْأَصْلِيَّ مِنْهَا وَالزَّائِدَ، وَالْمُسَامِتَ وَغَيْرَهُ وَمَا فِي دَاخِلِ الْكَفِّ، أَوْ ظَهْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ شَيْخِنَا وَقِيلَ يَنْقُضُ مَا فِي دَاخِلِ الْكَفِّ مُطْلَقًا وَلَا يَنْقُضُ مَا فِي خَارِجِهِ مُطْلَقًا كَالسَّلْعَةِ فِيهِمَا وَرُدَّ بِالْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُمَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلَوْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدٍ فِي الْفَرْجِ وَالْيَدِ نَقَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَلَّاءَ) أَيْ وَلَوْ قُطِعَتْ وَصَارَتْ مُعَلَّقَةً بِجِلْدَةٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» ) كَتَبَ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ إنْ قُلْت لِمَ قَدَّمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ أَنَصُّ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِفْضَاءَ هُوَ الْجَسُّ بِالْيَدِ بِخِلَافِ الْمَسِّ قُلْت كَأَنَّهُ لِكَثْرَةِ مَخْرَجَيْهِ وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ إنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ اهـ أَقُولُ وَأَيْضًا فَلِلتَّرَقِّي وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ كَالتَّفْسِيرِ لَهُ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِ بِالْإِفْضَاءِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسِّ وَالتَّفْسِيرُ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ) بِفَتْحِ السِّينِ إنْ أُرِيدَ الْمَصْدَرُ وَبِكَسْرِهَا إنْ أُرِيدَ السَّاتِرُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِيهِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يُقَالُ فِيهِ بَيْنَهُمَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا حِجَابٌ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ لِشُمُولِ الْحِجَابِ نَحْوَ الزُّجَاجِ فَإِنَّهُ حَاجِبٌ وَلَيْسَ بِسَاتِرٍ اهـ عَشْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِهَتْكِ حُرْمَةِ غَيْرِهِ) أَيْ غَالِبًا؛ إذْ نَحْوُ يَدِ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي كَغَيْرِهِمَا بَلْ رِوَايَةُ مَنْ مَسَّ ذَكَرًا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِ النَّكِرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: لِهَتْكِ حُرْمَةِ غَيْرِهِ) أَيْ انْهِتَاكِهِ
وَلِأَنَّهُ أَشْهَى لَهُ وَمَحَلُّ الْقَطْعِ فِي مَعْنَى الْفَرْجِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ الْبَهِيمَةُ فَلَا نَقْضَ بِمَسِّ فَرْجِهَا إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا فِي وُجُوبِ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ وَلَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا وَبِبَطْنِ الْكَفِّ غَيْرُهُ كَرُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَمَا بَيْنَهَا وَحَرْفِهَا وَحَرْفِ الرَّاحَةِ وَاخْتُصَّ الْحُكْمُ بِبَطْنِ الْكَفِّ وَهُوَ الرَّاحَةُ مَعَ بُطُونِ الْأَصَابِعِ لِأَنَّ التَّلَذُّذَ إنَّمَا يَكُونُ بِهِ وَلِخَبَرِ الْإِفْضَاءِ بِالْيَدِ السَّابِقِ إذْ الْإِفْضَاءُ بِهَا لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الْمَسِّ فِي بَقِيَّةِ الْأَخْبَارِ وَالْمُرَادُ بِفَرْجِ الْمَرْأَةِ النَّاقِضِ مُلْتَقَى شُفْرَيْهَا عَلَى الْمَنْفَذِ وَبِالدُّبُرِ مُلْتَقَى مَنْفَذِهِ وَبِبَطْنِ الْكَفِّ مَا يَسْتَتِرُ عِنْدَ وَضْعِ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى مَعَ تَحَامُلٍ يَسِيرٍ
(وَحَرُمَ بِهَا)
ــ
[حاشية الجمل]
لِأَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِسَتْرِهِ وَصَوْنِهِ عَنْ النَّاسِ اهـ ح ل فَيَشْمَلُ مَا لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ هَتَكَ زَيْدٌ السِّتْرَ خَرَقَهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَهَتَكَ اللَّهُ سِتْرَ الْفَاجِرِ فَضَحَهُ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَشْهَى لَهُ) أَيْ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَشْتَهِي فَرْجَ نَفْسِهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَلِأَنَّهُ أَشْهَى لَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي النَّقْضِ بِذَلِكَ وُجُودُ اللَّذَّةِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذِهِ هِيَ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي النَّقْضِ التَّلَذُّذُ فَكَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَوْلَى اهـ ح ل وَإِنَّمَا كَانَتْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَجِبُ فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةً فِي الْمَقِيسِ، وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ اهـ لِكَاتِبِهِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا) الْمُرَادُ بِالْحُرْمَةِ الِاحْتِرَامُ وَقَوْلُهُ: فِي وُجُوبِ سَتْرِهِ أَيْ بِسَبَبِ وُجُوبِ سَتْرِهِ إلَخْ فَفِي سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَنْفِيِّ بِمَعْنَى أَنَّ وُجُوبَ السَّتْرِ وَتَحْرِيمَ النَّظَرِ يَنْشَأُ عَنْهُمَا الِاحْتِرَامُ كَمَا فِي الْآدَمِيِّ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ الْأَصَابِعِ وَهُوَ مَا يَسْتَتِرُ عِنْدَ انْضِمَامِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ لَا خُصُوصُ النُّقْرَةِ وَقَوْلُهُ: وَحَرْفِهَا أَيْ حَرْفِ الْأَصَابِعِ وَهِيَ حَرْفُ الْخِنْصَرِ وَحَرْفُ السَّبَّابَةِ وَحَرْفُ الْإِبْهَامِ وَقَوْلُهُ: وَحَرْفِ الرَّاحَةِ وَهُوَ مِنْ أَصْلِ الْخِنْصَرِ إلَى رَأْسِ الزَّنْدِ، ثُمَّ مِنْهُ إلَى أَصْلِ الْإِبْهَامِ وَمِنْ أَصْلِ الْإِبْهَامِ إلَى أَصْلِ السَّبَّابَةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّلَذُّذَ إنَّمَا يَكُونُ بِهِ) أَيْ وَالْعِلَّةُ فِي النَّقْضِ بِالْمَسِّ التَّلَذُّذُ فَكَانَ الْأَوْلَى فِيمَا سَبَقَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: إذْ الْإِفْضَاءُ بِهَا لُغَةً) إنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِهَا وَلَمْ يُسْقِطْهُ كَمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ الْمُطْلَقَ لَيْسَ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ مَخْصُوصًا بِالْمَسِّ فَضْلًا عَنْ تَقْيِيدِهِ بِبَطْنِ الْكَفِّ بَلْ هَذَا إنَّمَا هُوَ مَعْنَى الْإِفْضَاءِ بِالْيَدِ.
وَعِبَارَةُ الْمَطَالِعِ: أَصْلُ الْإِفْضَاءِ مُبَاشَرَةُ الشَّيْءِ وَمُلَاقَاتُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى الْأَرْضِ مَسَّهَا بِبَطْنِ رَاحَتِهِ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَحَقِيقَةُ الْإِفْضَاءِ الِانْتِهَاءُ وَأَفْضَى إلَى امْرَأَتِهِ بَاشَرَهَا وَجَامَعَهَا وَأَفْضَيْت إلَى الشَّيْءِ وَصَلَتْ إلَيْهِ اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَيَتَقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ الْمَسِّ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ، وَالْمُقَيَّدِ بَلْ مِنْ بَابِ الْعَامِّ، وَالْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ هُنَا وَقَعَ صِلَةً لِلْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ مَنْ وَهِيَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَالْإِفْضَاءُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْعَامِّ وَذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَدَّعِيَ تَخْصِيصَ عُمُومِ الْمَسِّ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْإِفْضَاءِ؛ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْإِفْضَاءِ لَا يَنْقُضُ فَقَوْلُهُ: مَنْ مَسَّ أَيْ أَفْضَى اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مُلْتَقَى شُفْرَيْهَا) الْمُلْتَقَى الْمُتَحَاذِي وَمِثْلُهُ الْمُنْضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَنْفَذِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَهُوَ مَا يَنْضَمُّ كَفَمِ الْكِيسِ لَا مَا فَوْقَهُ وَمَا تَحْتَهُ فَالْبَظْرُ لَا يَنْقُضُ مُتَّصِلًا وَلَا مُنْفَصِلًا وَمَا نُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ م ر مِنْ أَنَّ الْبَظْرَ - قَبْلَ قَطْعِهِ -، وَمَحَلَّهُ - بَعْدَ قَطْعِهِ - نَاقِضٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ح ل: قَوْلُهُ: مُلْتَقَى شُفْرَيْهَا أَيْ وَمَا تَحْتَهُمَا مِنْ اللَّحْمِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُ مُلْتَقَى الشُّفْرَيْنِ مَا يُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ مِنْهَا وَلَوْ بَارِزًا حَالَ اتِّصَالِهِ كَمَا يَنْقُضُ مَا يُقْطَعُ مِنْ الذَّكَرِ عِنْدَ الْخِتَانِ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَنْفَذِ أَيْ الْمُحِيطَيْنِ بِهِ إحَاطَةَ الشَّفَتَيْنِ بِالْفَمِ دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ فِي شَرَحَ الْأَصْلِ مُلْتَقَى شُفْرَيْهَا انْتَهَتْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِمَا عَلَى الْمَنْفَذِ فَأَفَادَ النَّقْضَ بِغَيْرِ الْمُحَاذِي لِلْمَنْفَذِ مِنْ الشُّفْرَيْنِ، وَالْمُرَادُ ظَاهِرُهُمَا أَيْ مَا يَظْهَرُ مِنْهُمَا عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْهُ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الِاسْتِرْخَاءِ الْمَطْلُوبِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ الْمُرَادُ بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ الشُّفْرَانِ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْ أَوَّلِهِمَا إلَى آخِرِهِمَا لَا مَا هُوَ عَلَى الْمَنْفَذِ مِنْهُمَا كَمَا وَهِمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ انْتَهَتْ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَبِالدُّبُرِ مُلْتَقَى مَنْفَذِهِ) أَيْ وَأَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ بَاطِنِ الْأَلْيَتَيْنِ وَبَاقِي بَاطِنِ الْمَنْفَذِ وَهُوَ الْمُنْطَبِقُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَهَلْ يَنْقُضُ، أَوْ لَا قَالَ سم عَلَى الْبَهْجَةِ: فِيهِ نَظَرٌ قُلْت: وَمُقْتَضَى تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِالْمُلْتَقَى عَدَمُ النَّقْضِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمُلْتَقَى بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلُّ الِالْتِقَاءِ وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مِنْ الِانْتِقَاضِ بِمَسِّ أَحَدِ الشُّفْرَيْنِ مِنْ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ النَّقْضُ هُنَا بِبَاطِنِ الْمَنْفَذِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ تَحَامُلٍ يَسِيرٍ) قَيَّدَ بِهِ لِيُقِلَّ غَيْرَ النَّاقِضِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَلِيُدْخِلَ فِي النَّاقِضِ الْمُنْحَرِفَ الَّذِي يَلِي الْكَفَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ بِهَا صَلَاةٌ) تَعَمُّدُ نَحْوِ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ كَبِيرَةٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ نَحْوَ
أَيْ بِالْأَحْدَاثِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا حَيْثُ لَا عُذْرَ (صَلَاةٌ) إجْمَاعًا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَسَجْدَتَا التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (وَطَوَافٌ)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ لَهُ وَقَالَ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ
(وَمَسُّ مُصْحَفٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
مَسِّ الْمُصْحَفِ مَعَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي الرِّدَّةِ أَنَّ اسْتِحْلَالَ الصَّلَاةِ مَعَهُ كُفْرٌ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم وَالْمُرَادُ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَلَوْ سَهْوًا وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي إثْمُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَحْرُمُ ابْتِدَاءً بِحَيْثُ يَشْرَعُ فِيهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ وَدَوَامًا بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا بِأَنْ يُلَاحِظَ وَيَنْوِيَ أَنَّهُ يُصَلِّي أَيْ يَدُومُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَصْلًا فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَّا إنْ نَوَى قَطْعَهَا، وَالْخُرُوجَ مِنْهَا فَالْحُرْمَةُ فِي صُورَتَيْنِ، وَالْجَوَازُ فِي صُورَةٍ هَكَذَا حَقَّقَهُ ع ش عَلَى ابْنِ قَاسِمٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْأَحْدَاثِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْأَسْبَابُ وَيَصِحُّ إرَادَةُ الْمَنْعِ لَكِنْ بِتَكَلُّفٍ؛ إذْ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ بِسَبَبِ الْمَنْعِ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ صَلَاةٌ إلَخْ وَذَلِكَ الْمَنْعُ هُوَ التَّحْرِيمُ فَيَكُونُ الشَّيْءُ سَبَبًا لِنَفْسِهِ، أَوْ بَعْضِهِ اهـ حَجّ وَيَصِحُّ إرَادَةُ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ اهـ وَهَذَا يَقْتَضِي فَسَادَ إرَادَةِ الْمَنْعِ لَا صِحَّتَهَا بِتَكَلُّفٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا عُذْرَ) أَيْ كَدَوَامِ الْحَدَثِ وَفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ وَأَمَّا فَقْدُ الْمَاءِ مَعَ وُجُودِ التَّيَمُّمِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ أَحَدِ الْأَسْبَابِ نَعَمْ إنْ نَظَرَ لِلْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ السَّبَبِ فَوَاضِحٌ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: صَلَاةٌ) أَيْ وَلَوْ نَفْلًا وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ خِلَافًا لِلشَّعْبِيِّ الْقَائِلِ إنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ تَصِحُّ مَعَ الْحَدَثِ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) قَدَّمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ النَّصُّ فِي الْمَقْصُودِ إذْ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُثِيبُ عَلَيْهَا مَعَ صِحَّتِهَا كَمَا وَرَدَ نَفْيُ الْقَبُولِ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا لِفَسَادِهَا اهـ شَيْخُنَا، وَالْمُرَادُ الْإِجْمَاعُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ اللَّمْسُ، وَالْمَسُّ اهـ ع ش فَقَوْلُهُ: إجْمَاعًا أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ بَعْضَ تِلْكَ الْأَسْبَابِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَحِينَئِذٍ فَالدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى؛ إذْ هُوَ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ بِكُلٍّ مِنْهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالدَّلِيلُ إنَّمَا أَثْبَتَ التَّحْرِيمَ بِالْبَعْضِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: إجْمَاعًا قَدَّمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْقَبُولِ نَفْيُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ:«لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ) أَيْ عِبَادَاتِكُمْ وَمِنْهَا الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ) قَدْ يُقَالُ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ غَيْرَهُ كَالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ فَلِمَ خَصَّ النُّطْقَ بِالذِّكْرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خَصَّهُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَةَ ذَلِكَ اهـ طُوخِيٌّ، وَالْمَنْطِقُ مَصْدَرٌ سُمِّيَ مَعْنَاهُ النُّطْقُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَمَنْ نَطَقَ إلَخْ، وَالْمَصْدَرُ الْمِيمِيُّ هُوَ الْمَبْدُوءُ بِمِيمٍ زَائِدَةٍ نَحْوُ مُقَاتَلَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ) هُوَ بِالرَّفْعِ؛ لِأَنَّ " لَا " نَافِيَةٌ لَا نَاهِيَةٌ فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ هَلْ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِالْجَزْمِ، أَوْ الرَّفْعِ، وَرُوِيَ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ مُؤَكَّدًا بِالنُّونِ وَهِيَ تُشْعِرُ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ هُنَا بِالْجَزْمِ؛ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ بَعْدَ النَّهْيِ كَثِيرٌ، وَالْأَصْلُ تَوَافُقُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ) أَيْ بِسَائِرِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ وَلَوْ بِحَائِلٍ كَمَا يُشِيرُ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَلَّبَهُ بِيَدِهِ وَلَوْ بِلَفِّ خِرْقَةٍ عَلَيْهَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ أَيْ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَدَخَلَ فِي الْمَسِّ مَا لَوْ كَانَ بِحَائِلٍ وَلَوْ ثَخِينًا حَيْثُ يُعَدُّ مَاسَّا لَهُ عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ بِخِلَافِ مَسِّ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِحَائِلٍ؛ إذْ الْمَدَارُ فِيهِ عَلَى ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْحَائِلِ وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَجْهًا غَرِيبًا بِعَدَمِ حُرْمَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ مُطْلَقًا وَقَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ الْمَكْتُوبِ وَحْدَهُ لَا الْهَامِشِ وَلَا مَا بَيْنَ السُّطُورِ وَشَمِلَ الْمُسْلِمَ، وَالْكَافِرَ، وَإِنَّمَا جَازَ تَعْلِيمُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا إهَانَةَ فِيهِ مَعَ احْتِمَالِ رَجَاءِ الْإِسْلَامِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ أَيْ وَلَوْ بِصَدْرِهِ وَبَطْنِهِ وَلِسَانِهِ وَشَعْرِهِ وَسِنِّهِ وَظُفُرِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِطٍ وَبِبَاطِنِ الْكَفِّ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَسِّ الذَّكَرِ مَعَ وُرُودِ الْمَسِّ فِيهِمَا وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَعْظِيمُ الْمُصْحَفِ بِإِبْعَادِ الْمُحْدِثِ عَنْهُ وَبِأَنَّ حَدِيثَ الْإِفْضَاءِ قَيَّدَ مَا أُطْلَقَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَمَسُّ مُصْحَفٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصْحَفَ اسْمٌ لِلْوَرَقِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ الْقُرْآنُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأَوْرَاقَ بِجَمِيعِ جَوَانِبِهَا حَتَّى مَا فِيهَا مِنْ الْبَيَاضِ وَحِينَئِذٍ فَمَا فَائِدَةُ عَطْفِ الْأَوْرَاقِ وَقَدْ يُقَالُ فَائِدَةُ
بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ (وَ) مَسُّ (وَرَقِهِ) قَالَ تَعَالَى {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] أَيْ الْمُتَطَهِّرُونَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَالْحَمْلُ أَبْلَغُ مِنْ الْمَسِّ نَعَمْ إنْ خَافَ عَلَيْهِ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ كَافِرًا أَوْ نَحْوَهُ جَازَ حَمْلُهُ بَلْ قَدْ يَجِبُ وَخَرَجَ بِالْمُصْحَفِ غَيْرُهُ كَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَمَنْسُوخِ تِلَاوَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ.
(وَ) مَسُّ (جِلْدِهِ) الْمُتَّصِلِ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَيَانِ الْحِلُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ عُصَارَةِ الْمُخْتَصَرِ لِلْغَزَالِيِّ
ــ
[حاشية الجمل]
ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمَسَّ الْجُمْلَةَ، أَوْ بَعْضَ الْأَجْزَاءِ الْمُتَّصِلَةِ، أَوْ الْمُنْفَصِلَةِ اهـ ح ل فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ) أَيْ وَالضَّمُّ أَفْصَحُ، ثُمَّ الْكَسْرُ وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ فِيهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُسَمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا وَلَوْ قَلِيلًا كَحِزْبٍ مَثَلًا وَلَا عِبْرَةَ فِيهِ بِقَصْدِ غَيْرِ الدِّرَاسَةِ وَهَلْ يَحْرُمُ تَصْغِيرُهُ بِأَنْ يُقَالَ فِيهِ مُصَيْحِفٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْخَطُّ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَطَهِّرُونَ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُطَهَّرِينَ فِي الْآيَةِ الْمُطَهَّرُونَ مِنْ الْمُخَالَفَةِ وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ كَمَا قِيلَ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ وَبِالْمُطَّهِرِينَ الْمَلَائِكَةُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْخِطَابَ إنَّمَا هُوَ لَنَا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة: 80] انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ خَبَرٌ) أَيْ وَإِلَّا لَزِمَ وُقُوعُ الْجُمْلَةِ الطَّلَبِيَّةِ نَعْتًا وَلَا تَقَعُ كَذَلِكَ إلَّا بِتَأْوِيلٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ح ل وَقَوْلُهُ: بِمَعْنَى النَّهْيِ أَيْ، وَإِلَّا لَزِمَ وُقُوعُ الْكَذِبِ فِي خَبَرِهِ تَعَالَى لِمُشَاهَدَةِ أَنَّ نَاسًا كَثِيرِينَ يَمَسُّونَ الْمُصْحَفَ مِنْ غَيْرِ تَطْهِيرٍ اهـ تَقْرِيرُ دَلْجِيٍّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْخُلْفُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْمَسِّ الْمَشْرُوعِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ أَبْلَغُ مِنْ الْمَسِّ) لَيْسَ فِي الْمَتْنِ التَّعَرُّضُ لِلْحَمْلِ حَتَّى يَتَعَرَّضَ لَهُ فِي الدَّلِيلِ بِقِيَاسِهِ عَلَى الْمَسِّ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُقَدَّرُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَسُّ مُصْحَفٍ أَيْ وَحَمْلُهُ اهـ لِكَاتِبِهِ.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَخَرَجَ بِحَمْلِهِ وَمَسِّهِ حَمْلُ حَامِلِهِ وَمَسُّهُ فَلَا يَحْرُمَانِ مُطْلَقًا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
وَفِي حَجّ أَنَّ فِي حَمْلِ الْمَتَاعِ الْآتِي، وَكَلَامُ الْخَطِيبِ يُوَافِقُهُ وَعِنْدَ شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ أَنَّ مَحَلَّ الْحِلِّ إنْ كَانَ الْمَحْمُولُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْحَمْلُ لَا نَحْوَ طِفْلٍ اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَافَ عَلَيْهِ) أَيْ وَعَجَزَ عَنْ الطَّهَارَةِ وَعَنْ إيدَاعِهِ مُسْلِمًا ثِقَةً اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: جَازَ حَمْلُهُ) أَيْ فِيمَا إذَا خَافَ عَلَيْهِ ضَيَاعًا وَلَوْ حَالَ تَغَوُّطِهِ وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ لَهُ إنْ أَمْكَنَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ يَجِبُ) أَيْ فِيمَا إذَا خَافَ عَلَيْهِ غَرَقًا، أَوْ حَرْقًا، أَوْ كَافِرًا أَوْ تَنْجِيسًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ بَلْ لِلِانْتِقَالِ لَا لِلْإِبْطَالِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِذَلِكَ أَيْ انْتَقَلَ مِنْ بَعْضِ صُوَرِ الْجَوَازِ إلَى بَعْضِ صُوَرِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَرَقِ، وَالْحَرْقِ فِيهِ إتْلَافٌ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ فِي الضَّيَاعِ فَإِنَّ عَيْنَهُ بَاقِيَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَتَوَسُّدُهُ كَحَمْلِهِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لَا لِنَحْوِ الضَّيَاعِ وَيَجُوزُ تَوَسُّدُ كُتُبِ الْعِلْمِ لِخَوْفِ الضَّيَاعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَسُّ جِلْدِهِ) أَيْ الْمُصْحَفِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ فَإِذَا وُضِعَ مُصْحَفٌ وَكِتَابٌ فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ حَرُمَتْ الدَّفَّةُ الَّتِي بِجَنْبِ الْمُصْحَفِ دُونَ غَيْرِهَا، وَأَمَّا الْكَعْبُ فَيَحْرُمُ مِنْهُ مَا حَاذَى الْمُصْحَفَ دُونَ مَا حَاذَى الْكِتَابَ، وَأَمَّا اللِّسَانُ فَإِنْ كَانَ فِي جِهَةِ الْمُصْحَفِ حَرُمَ مَسُّهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فِي جِهَةِ الْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ مُنْطَبِقًا حَرُمَ مِنْهُ مَا حَاذَى الْمُصْحَفَ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا حُرْمَةَ أَصْلًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَحْرُمُ مِنْهُ مَا يُحَاذِي الْمُصْحَفَ إذَا طُبِّقَ لِأَنَّهُ مُحَاذٍ بِالْقُوَّةِ اهـ ح ف وَانْظُرْ لَوْ جُعِلَ الْمُصْحَفُ بَيْنَ كِتَابَيْنِ وَجُعِلَ لِلثَّلَاثَةِ جِلْدٌ وَاحِدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي الْمَتَاعِ الْآتِي أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَمْلِ، وَأَمَّا الْمَسُّ فَيَحْرُمُ مَسُّ مَا حَاذَاهُ وَلَوْ جُعِلَ بَيْنَ الْمُصْحَفِ كِتَابٌ بِأَنْ جُعِلَ بَعْضُ الْمُصْحَفِ مِنْ جِهَةٍ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَفْصِيلِهِ فِي الْجِلْدِ بَيْنَ الِانْفِصَالِ وَعَدَمِهِ وَسُكُوتِهِ عَنْ الْوَرَقِ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ مُطْلَقًا مُتَّصِلًا، أَوْ مُنْفَصِلًا وَلَوْ هَوَامِشَهُ الْمَقْصُوصَةَ لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ أَنَّهُ اسْتَقْرَبَ جَرَيَانَ تَفْصِيلِ الْجِلْدِ فِي الْوَرَقِ اهـ ع ش.
وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلَوْ قُطِعَتْ الْهَوَامِشُ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهَا مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُ الْجِلْدِ الْآتِي اهـ. (قَوْلُهُ: فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَيَانِ إلَخْ) حَمَلَ كَلَامَ الْبَيَانِ فِي جِلْدِ الْمُصْحَفِ عَلَى مَا إذَا انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْمُصْحَفِ وَكَلَامَ الْعُصَارَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَنْقَطِعْ النِّسْبَةُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: عَنْ عُصَارَةِ الْمُخْتَصَرِ) هُوَ مَتْنُ الْوَجِيزِ لِلْغَزَالِيِّ وَلَعَلَّ تَسْمِيَتَهُ بِالْعُصَارَةِ لِكَوْنِهِ عَصَرَ زَبَدَ الْمُخْتَصَرِ أَيْ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْهُ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: عَنْ عُصَارَةِ الْمُخْتَصَرِ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ خُلَاصَتُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ مُخْتَصَرُ الْمُزَنِيّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: لِلْغَزَالِيِّ) هُوَ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَزَالِيُّ الطُّوسِيُّ وُلِدَ بِطُوسَ سَنَةَ خَمْسِينَ
أَنَّهُ يَحْرُمُ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ (وَ) مَسُّ (ظَرْفِهِ) كَصُنْدُوقٍ (وَهُوَ فِيهِ) لِشَبَهِهِ بِجِلْدِهِ وَعِلَاقَتُهُ كَظَرْفِهِ (وَ) مَسُّ (مَا كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ لِدَرْسِهِ)
ــ
[حاشية الجمل]
وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَأَخَذَ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى بِطُوسَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَلَهُ مِنْ الْعُمُرِ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ الْأَصَحُّ) أَيْ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ وَلَوْ انْعَدَمَتْ تِلْكَ الْأَوْرَاقُ الَّتِي كَانَ جِلْدًا لَهَا وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ لَمْ يُجْعَلْ جِلْدَ الْكِتَابِ، أَوْ مِحْفَظَةً، وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ قَطْعًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِانْقِطَاعِ النِّسْبَةِ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] كَمَا هُوَ شَأْنُ جُلُودِ الْمَصَاحِفِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَلْقَمِيُّ اهـ ح ل وَهَلْ هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي الْجِلْدِ يَجْرِي فِي الْوَرَقِ الْمَفْصُولِ عَنْ الْمُصْحَفِ؟ لَا يَبْعُدُ الْجَرَيَانُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَظَرْفِهِ) وَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الْخَزَائِنِ الْمَوْضُوعَةِ فِيهَا الْمَصَاحِفُ، وَإِنْ أُعِدَّتْ لِذَلِكَ اهـ عَنَانِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّرْفِ مَا أُعِدَّ لَهُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى حَجْمِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَدِّ فَلَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ الْمُحَاذِي مِنْهُ فَقَطْ اهـ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَشَرْطُ الظَّرْفِ أَنْ يُعَدَّ ظَرْفًا لَهُ عَادَةً فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الْخَزَائِنِ وَفِيهَا الْمَصَاحِفُ وَإِنْ اُتُّخِذَتْ لِوَضْعِ الْمَصَاحِفِ فِيهَا اهـ م ر اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرِيطَةٌ وَصُنْدُوقٌ فِيهِمَا مُصْحَفٌ وَقَدْ أُعِدَّا لَهُ أَيْ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذَا لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِشَبَهِهِمَا بِجِلْدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا، أَوْ انْتَفَى إعْدَادُهُمَا لَهُ حَلَّ حَمْلُهُمَا وَمَسُّهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا أُعِدَّا لَهُ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى حَجْمِهِ، أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مِثْلُهُ لَهُ عَادَةً وَهُوَ قَرِيبٌ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَصُنْدُوقٍ) أَيْ لَا نَحْوِ خَلْوَةٍ وَغِرَارَةٍ، وَإِنْ أُعِدَّتَا لَهُ وَلَا نَحْوِ صُنْدُوقِ أَمْتِعَةٍ هُوَ فِيهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ بِالسِّينِ وَالزَّايِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يُقَالُ لِمَا تُجْعَلُ فِيهِ الثِّيَابُ صُوَانٌ فَإِنْ كَانَ مُجَلَّدًا وَفِيهِ مَسَامِيرُ فَهُوَ الصُّنْدُوقُ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يُجْعَلُ فِيهِ الطِّيبُ فَهُوَ الرَّبْعَةُ وَمِنْ الصُّنْدُوقِ بَيْتُ الرَّبْعَةِ الْمَعْرُوفُ فَيَحْرُمُ مَسُّهُ إذَا كَانَتْ أَجْزَاءُ الرَّبْعَةِ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ، وَأَمَّا الْخَشَبُ الْحَائِلُ بَيْنَهَا فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ وَكَذَا الْخَزَائِنُ الَّتِي فِيهَا الْمَصَاحِفُ وَإِنْ اُتُّخِذَتْ لِوَضْعِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالصُّنْدُوقُ فُنْعُولٌ، وَالْجَمْعُ صَنَادِيقُ مِثْلُ عُصْفُورٍ وَعَصَافِيرَ وَفَتْحُ الصَّادِ فِي الْمُفْرَدِ عَامِّيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَمِنْ الصُّنْدُوقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَيْتُ الرَّبْعَةِ الْمَعْرُوفُ فَيَحْرُمُ مَسُّهُ إنْ كَانَتْ أَجْزَاءُ الرَّبْعَةِ، أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ، وَأَمَّا الْخَشَبُ الْحَائِلُ بَيْنَهَا فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ وَكَذَا لَا يَحْرُمُ مَسُّ مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ كُرْسِيًّا مِمَّا يُجْعَلُ فِي رَأْسِهِ صُنْدُوقُ الْمُصْحَفِ.
(مَسْأَلَةٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ خِزَانَتَيْنِ مِنْ خَشَبٍ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى كَمَا فِي خَزَائِنِ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وُضِعَ الْمُصْحَفُ فِي السُّفْلَى فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُ النِّعَالِ وَنَحْوهَا فِي الْعُلْيَا فَأَجَابَ م ر بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ إخْلَالًا بِحُرْمَةِ الْمُصْحَفِ قَالَ بَلْ يَجُوزُ فِي الْخِزَانَةِ الْوَاحِدَةِ أَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي الرَّفِّ الْأَسْفَلِ وَنَحْوُ النِّعَالِ فِي رَفٍّ آخَرَ فَوْقَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجَوَازِ مَا لَوْ وُضِعَ النَّعْلُ فِي الْخِزَانَةِ وَفَوْقَهُ حَائِلٌ كَفَرْوَةٍ، ثُمَّ وُضِعَ الْمُصْحَفُ فَوْقَ الْحَائِلِ كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى ثَوْبٍ مَفْرُوشٍ عَلَى نَجَاسَةٍ أَمَّا لَوْ وَضَعَ الْمُصْحَفَ عَلَى خَشَبِ الْخِزَانَةِ، ثُمَّ وَضَعَ عَلَيْهِ حَائِلًا، ثُمَّ وَضَعَ النَّعْلَ فَوْقَهُ فَمَحَلُّ نَظَرٍ وَلَا تَبْعُدُ الْحُرْمَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ إهَانَةً لِلْمُصْحَفِ.
(فَائِدَةٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ جُعِلَ الْمُصْحَفُ فِي خُرْجٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَرَكِبَ عَلَيْهِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً بِهِ كَانَ وَضْعُهُ تَحْتَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرْذَعَةِ، أَوْ كَانَ مُلَاقِيًا لَا عَلَى الْخُرْجِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَ الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ الْخُرْجِ حَرُمَ، وَإِلَّا فَلَا فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَعِلَاقَتُهُ كَظَرْفِهِ) مُقْتَضَاهُ حُرْمَةُ مَسِّ ذَلِكَ وَلَوْ بِحَائِلٍ وَفِيهِ نَظَرٌ حَرِّرْ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَعِلَاقَتُهُ كَظَرْفِهِ) أَيْ فَيَحْرُمُ مَسُّهَا فِي نَحْوِ كِيسِهِ وَكَذَا مَا زَادَ مِنْهَا عَنْهُ، أَوْ مِنْ الْخَرِيطَةِ إنْ كَانَ مُسَامِتًا وَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الزَّائِدِ إنْ كَانَ مِنْهُمَا مُفْرِطًا فِي الطُّولِ، وَأَمَّا مَسُّ مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ كُرْسِيًّا مِمَّا يُجْعَلُ فِي رَأْسِهِ صُنْدُوقُ الرَّبْعَةِ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ وَمِثْلُهُ كُرْسِيٌّ مِنْ خَشَبٍ أَوْ جَرِيدٍ وُضِعَ عَلَيْهِ مُصْحَفٌ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ: يَحْرُمُ مَسُّهُ سَوَاءٌ الْمُحَاذِي لَهُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَاذَى الْمُصْحَفَ لَا مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ، وَأَمَّا كُرْسِيُّ الْقَارِئِ كَالْكَرَاسِيِّ الْكِبَارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْخَزَائِنِ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ شَيْءٍ مِنْهَا نَعَمْ الدَّفَّتَانِ الْمُنْطَبِقَتَانِ عَلَى الْمُصْحَفِ يَحْرُمُ مَسُّهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الصُّنْدُوقِ الْمُتَقَدِّمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَسُّ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ) أَيْ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ قَالَ حَجّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ أَنَّ نَحْوَ الْحَرْفِ كَافٍ وَفِيهِ بُعْدٌ بَلْ يَنْبَغِي
كَلَوْحٍ لِشَبَهِهِ بِالْمُصْحَفِ بِخِلَافِ مَا كُتِبَ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَالتَّمَائِمِ وَمَا عَلَى النَّقْدِ
(وَحَلَّ حَمْلُهُ فِي مَتَاعٍ) تَبَعًا لَهُ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يُقْصَدْ) أَيْ الْمُصْحَفُ بِأَنْ قُصِدَ الْمَتَاعُ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يُقْصَدْ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قُصِدَ وَلَوْ مَعَ الْمَتَاعِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْحِلَّ فِيمَا إذَا قَصَدَهُمَا وَتَعْبِيرِي بِمَتَاعٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَمْتِعَةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ كَوْنُهُ كَلِمَةً مُفِيدَةً، وَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الْكَاتِبِ وَقْتَ الْكِتَابَةِ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِ - مُتَبَرِّعًا -، أَوْ آمِرِهِ وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِقَصْدِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ: لِدَرْسِهِ أَيْ وَحْدَهُ فَخَرَجَ بِهِ مَا قُصِدَ لِلتَّمِيمَةِ وَلَوْ مَعَ الْقُرْآنِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهَا وَلَا حَمْلُهَا. (قَوْلُهُ: وَمَا كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ إلَخْ) ظَاهِرُ عَطْفِ هَذَا عَلَى الْمُصْحَفِ أَنَّ مَا يُسَمِّيهِ مُصْحَفًا عُرْفًا لَا عِبْرَةَ فِيهِ بِقَصْدِ دِرَاسَةٍ وَلَا تَبَرُّكٍ وَأَنَّ هَذَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لَا يُسَمَّاهُ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (فَرْعٌ) يُطْلَقُ الْقُرْآنُ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ يُطْلَقُ عَلَى النُّقُوشِ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْبَابِ وَيُطْلَقُ عَلَى اللَّفْظِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْغُسْلِ: وَتَحِلُّ أَذْكَارُهُ لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالصَّدْرِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ: وَتَقْدِيمُ الْأَفْقَهِ عَلَى الْأَقْرَأِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَكُلُّ الْإِطْلَاقَاتِ صَحِيحَةٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَلَوْحٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ مَا يُعَدُّ لِلْكِتَابَةِ عُرْفًا لَا نَحْوِ عَمُودٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ الْأَحْرُفِ وَحَرِيمِهَا وَلَوْ مُحِيَتْ أَحْرُفُ الْقُرْآنِ مِنْ اللَّوْحِ، أَوْ الْوَرَقِ بِحَيْثُ لَا تُقْرَأُ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُمَا وَلَا حَمْلُهُمَا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ انْقِطَاعُ النِّسْبَةِ عُرْفًا وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْجِلْدَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(فَائِدَةٌ) سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ هَلْ تَحْرُمُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى لَفْظِهِ الْعَزِيزِ وَلَيْسَ فِيهَا تَغْيِيرٌ لَهُ بِخِلَافِ تَرْجَمَتِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا.
وَعِبَارَةُ الْإِتْقَانِ لِلسُّيُوطِيِّ هَلْ يَحْرُمُ كِتَابَتُهُ بِقَلَمٍ غَيْرِ الْعَرَبِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ كَلَامًا لِأَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْسِنُهُ مَنْ يَقْرَؤُهُ، وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ انْتَهَتْ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَتَجُوزُ كِتَابَتُهُ لَا قِرَاءَتُهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَلِلْمَكْتُوبِ حُكْمُ الْمُصْحَفِ فِي الْحَمْلِ، وَالْمَسِّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَالتَّمَائِمِ) جَمْعُ تَمِيمَةٍ وَهِيَ وَرَقَةٌ يُكْتَبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَتُعَلَّقُ عَلَى الرَّأْسِ مَثَلًا لِلتَّبَرُّكِ وَيُكْرَهُ كِتَابَتُهَا وَتَعْلِيقُهَا إلَّا إذَا جُعِلَ عَلَيْهَا شَمْعٌ، أَوْ نَحْوُهُ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهَا وَلَا حَمْلُهَا مَا لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهَا مُصْحَفٌ عُرْفًا عِنْدَ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ وَعِنْدَ الْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهَا مُصْحَفٌ عُرْفًا قَالَ شَيْخُنَا وَدَخَلَ فِي التَّمِيمَةِ مَا لَوْ كُتِبَتْ لِكَافِرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَنَعَهَا بَعْضُهُمْ لَهُ، وَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الْكَاتِبِ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِ بِلَا أُجْرَةٍ وَلَا أَمْرٍ، وَإِلَّا فَبِقَصْدِ الْمَكْتُوبِ لَهُ وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ مِنْ التَّمِيمَةِ إلَى الدِّرَاسَةِ وَعَكْسُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَالْعِبْرَةُ فِي قَصْدِ الدِّرَاسَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِحَالِ الْكِتَابَةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَبِالْكَاتِبِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ مُتَبَرِّعًا، وَإِلَّا فَآمِرُهُ، أَوْ مُسْتَأْجِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ شَيْءٌ نُظِرَ لِلْقَرِينَةِ كَمَا بَحَثَهُ حَجّ وَلَوْ شَكَّ هَلْ قَصَدَ بِهِ الدِّرَاسَةَ، أَوْ التَّبَرُّكَ فَكَمَا لَوْ شَكَّ فِي التَّفْسِيرِ الْآتِي وَلَوْ نَوَى بِالْمُعَظَّمِ غَيْرَهُ كَأَنْ بَاعَهُ فَنَوَى بِهِ الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ اتَّجَهَ كَوْنُهُ غَيْرَ مُعَظَّمٍ حِينَئِذٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ شَيْخُنَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَحَلَّ حَمْلُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُصْحَفِ وَظَرْفِهِ وَمَا كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ لِدَرْسِهِ وَقَوْلُهُ: فِي مَتَاعٍ أَيْ أَيِّ مَتَاعٍ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَتَاعِ ظَرْفًا لَهُ كِبَرُ حُرْمَةٍ، أَوْ صِغَرٌ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَصْلُحَ لِلِاسْتِتْبَاعِ عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مَاسًّا لَهُ؛ لِأَنَّ مَسَّهُ بِحَائِلٍ حَرَامٌ قَالَ حَجّ وَمِثْلُ الْحَمْلِ الْمَسُّ فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ فَأَصَابَ بِبَعْضِهَا الْمُصْحَفَ وَبِبَعْضِهَا غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ اهـ ح ل هَذَا.
وَفِي ع ش عَلَى م ر أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ صَالِحًا لِلِاسْتِتْبَاعِ وَارْتَضَاهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ فِي مَتَاعٍ أَيْ أَيِّ مَتَاعٍ، وَإِنْ صَغُرَ جِدًّا كَخَيْطِ الْإِبْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ وَلَا نَظَرَ لِلْحَجْمِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ: لَا بُدَّ أَنْ يَصْلُحَ لِلِاسْتِتْبَاعِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فِي مَتَاعٍ) صُورَتُهُ أَنْ يَحْمِلَهُ مُعَلَّقًا فِيهِ لِئَلَّا يَكُونَ مَاسًّا، أَوْ يُقَالَ: لَا حُرْمَةَ مِنْ حَيْثُ الْحَمْلُ، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ الْمَسُّ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: فِي مَتَاعٍ) فِي هُنَا بِمَعْنَى مَعَ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا، وَإِنْ حَصَلَ بِهِ مَا قَصَدَهُ هُنَا لَكِنَّهُ يَقْتَضِي فِيمَا يَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ وَالدَّنَانِيرِ أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلُ الْقُرْآنِ إذَا كَانَ مُصَاحِبًا لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ الْأَوَّلِ وَلَا مَكْتُوبًا عَلَى الثَّانِيَةِ فَإِنْ جُعِلَتْ هُنَا بِمَعْنَى " مَعَ " وَفِيمَا يَأْتِي بَاقِيَةً عَلَى الظَّرْفِيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُهُ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِ حَرْفٍ وَاحِدٍ مُسْتَعْمَلًا فِي مَكَانَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا بِمَعْنًى وَفِي الْآخَرِ بِمَعْنًى آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُقْصَدْ) كَانَ عَلَيْهِ إبْرَازُ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ لَبْسٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْحِلَّ فِيمَا إذَا قَصَدَهُمَا) كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ بِخِلَافِ الْجُنُبِ إذَا قَصَدَ الْقُرْآنَ وَغَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِعَدَمِ
(وَ) فِي (تَفْسِيرٍ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ دُونَ الْقُرْآنِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ (أَكْثَرَ) مِنْ الْقُرْآنِ فَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ أَوْ تَسَاوَيَا حَرُمَ ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ يُكْرَهُ وَقَوْلِي " أَكْثَرَ " مِنْ زِيَادَتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَحِلُّ حَمْلُهُ فِي سَائِرِ مَا كُتِبَ هُوَ عَلَيْهِ لَا لِدِرَاسَةٍ كَالدَّنَانِيرِ الْأَحَدِّيَّةِ
(وَ) حَلَّ (قَلْبُ وَرَقِهِ بِعُودٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
التَّبَعِيَّةِ لِأَنَّهُ عَرَضٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِتْبَاعِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَفِي تَفْسِيرٍ) أَيْ وَحَلَّ حَمْلُهُ أَيْضًا فِي تَفْسِيرٍ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَتَاعٍ وَالضَّمِيرُ فِي حَمْلِهِ يَرْجِعُ لِلْقُرْآنِ لَا لِمَا رَجَعَ إلَيْهِ ضَمِيرُ " حَمْلُهُ فِي مَتَاعٍ " لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُصْحَفِ وَظَرْفِهِ وَمَا كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ لِدَرْسِهِ تَأَمَّلْ قَالَ حَجّ: وَأَمَّا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فَقَطْ حَرُمَ، وَالْعِبْرَةُ بِكَثْرَةِ الْحُرُوفِ الْمَرْسُومَةِ لَكِنْ فِي الْقُرْآنِ يُعْتَبَرُ رَسْمُ الْمُصْحَفِ وَفِي التَّفْسِيرِ يُعْتَبَرُ قَاعِدَةُ الْخَطِّ قَالَ شَيْخُنَا: وَالْعِبْرَةُ فِي الْكَثْرَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْمَسِّ بِحَالَةِ مَوْضِعِهِ وَفِي الْحَمْلِ بِالْجَمِيعِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَفِي تَفْسِيرٍ أَكْثَرَ) هَلْ وَإِنْ قَصَدَ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ؟ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ نَعَمْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَفِي تَفْسِيرٍ) قَالَ شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ: وَالْمُرَادُ فِيمَا يَظْهَرُ التَّفْسِيرُ وَمَا يَتْبَعُهُ مِمَّا يُذْكَرُ مَعَهُ وَلَوْ اسْتِطْرَادًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُنَاسَبَةٌ بِهِ، وَالْكَثْرَةُ مِنْ حَيْثُ الْحُرُوفُ لَفْظًا لَا رَسْمًا وَمِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَتَمَحُّضُ إحْدَى الْوَرَقَاتِ مِنْ إحْدَاهُمَا لَا عِبْرَةَ بِهِ اهـ سم وَبِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَفِي تَفْسِيرٍ) قَدَّرَ " فِي " لِيُفِيدَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَتَاعٍ فَهُوَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْجَادَّةِ فِي الْعَرَبِيَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ دُونَ الْقُرْآنِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُقْصَدُ لِلدِّرَاسَةِ مَعَ التَّفْسِيرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَصِّلَ فِي التَّفْسِيرِ بَيْنَ الْكَثِيرِ، وَالْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُفَسِّرِ أَنْ لَا يُثْبِتَ الْقُرْآنَ فِيهِ لِلدِّرَاسَةِ أَصْلًا فَإِنْ قِيلَ: نَظَرُوا لِمَا هُوَ الْغَالِبُ أَنَّ التَّفْسِيرَ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ لَا يُنْظَرُ إلَى الْقُرْآنِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ مُثْبِتَهُ قَصَدَ بِهِ الدِّرَاسَةَ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِهِ، وَإِذَا كَانَ التَّفْسِيرُ أَقَلَّ، أَوْ مُسَاوِيًا نُظِرَ لِلْقُرْآنِ، وَإِنْ قُصِدَ بِهِ عَدَمُ الدِّرَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ ذَلِكَ يُقْصَدُ لِلدِّرَاسَةِ وَحِينَئِذٍ يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا أَفَادَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَسِّ بِمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ، وَالتَّفْسِيرُ مَفْرُوضٌ، ذَلِكَ التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا كَانَتْ جُمْلَةُ التَّفْسِيرِ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ، أَوْ مُسَاوِيًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ مُطْلَقًا أَيْ وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَكْثَرَ مِنْ قُرْآنِهِ حَرِّرْ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ أَكْثَرَ)، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ لَا الْكَلِمَاتِ وَأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَثْرَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْمَسِّ بِحَالَةِ وَضْعِهِ وَفِي الْحَمْلِ بِالْجَمِيعِ وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ عَمَّا لَوْ كُتِبَ تَفْسِيرٌ عَلَى هَوَامِشِ مُصْحَفٍ مَثَلًا هَلْ يَبْقَى لَهُ حُكْمُ الْمُصْحَفِ أَمْ يَصِيرُ كَالتَّفْسِيرِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالتَّفْسِيرِ أَقُولُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْهَوَامِشَ قَبْلَ كِتَابَةِ التَّفْسِيرِ عَلَيْهَا تَحْرُمُ تَبَعًا لِلْقُرْآنِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَكْتُبُ الْآيَةَ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ يَكْتُبُ التَّفْسِيرَ عَلَى الْهَامِشِ فَوَاضِحٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَرُمَ ذَلِكَ) وَفَارَقَ حَالُ الِاسْتِوَاءِ هُنَا حَالَتَهُ فِي الثَّوْبِ الْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلتَّعْظِيمِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ؛ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ عُرْفًا وَكَذَا لَوْ شَكَكْنَا فِي الْكَثْرَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرْمَةُ تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ وَفَارَقَ الشَّكُّ فِي الضَّبَّةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقُرْآنِ الْحُرْمَةُ وَفِي الْإِنَاءِ الْحِلُّ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْحِلِّ إذَا كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ يَقِينًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْمَتَاعِ وَالتَّفْسِيرِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) الَّذِي تَقَرَّرَ هُوَ قَوْلُهُ: فِي مَتَاعٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ لِغَيْرِ الدِّرَاسَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَتَاعِ اهـ شَيْخُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الَّذِي تَقَرَّرَ هُوَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ دُونَ الْقُرْآنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ قَوْلُهُ: وَمَا كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ لِدَرْسِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مَجْمُوعُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: كَالدَّنَانِيرِ الْأَحَدِّيَّةِ أَيْ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهَا {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمَا عَلَى النَّقْدِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي الْحَمْلِ وَثَمَّ فِي الْمَسِّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: كَالدَّنَانِيرِ الْأَحَدِّيَّةِ) وَكَذَا جِدَارٌ وَسَقْفٌ وَثِيَابٌ وَيَحِلُّ النَّوْمُ فِيهَا وَلَوْ لِجُنُبٍ وَكَذَا نَوْمٌ عَلَيْهَا كَبِسَاطٍ مَثَلًا لَا الْوَطْءُ أَيْ الْمَشْيُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ الْوَطْءُ عَلَيْهَا لَا بِقَصْدِ إهَانَةٍ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَلَّ قَلْبُ وَرَقِهِ بِعُودٍ) وَمِنْهُ مَا لَوْ لَفَّ كُمَّهُ مِنْ غَيْرِ يَدٍ وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْمَسِّ بِالْعُودِ هُنَا بِخِلَافِ مَسِّهِ لِنَجَاسَةٍ وَهُوَ بِيَدِ الْمُصَلِّي قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ وَلَا إخْلَالَ مَعَ عَدَمِ الْمَسِّ بِالْيَدِ وَثَمَّ عَلَى التَّنَزُّهِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَمُمَاسَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا لِفُحْشِهَا صَارَ الْمُتَّصِلُ بِهَا مُتَّصِلًا بِالْمُصَلِّي اهـ فَيْض اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَحَلَّ قَلْبُ وَرَقِهِ بِعُودٍ) أَيْ إنْ كَانَ عَلَى هَيْئَةٍ
أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ وَلَا فِي مَعْنَاهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَلَبَهُ بِيَدِهِ وَلَوْ بِلَفِّ خِرْقَةٍ عَلَيْهَا.
(وَلَا يَجِبُ مَنْعُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) وَلَوْ جُنُبًا مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْحَمْلِ وَالْمَسِّ لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ مُتَطَهِّرًا فَمَحَلُّ عَدَمِ الْوُجُوبِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِلدِّرَاسَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَبِالْمُمَيِّزِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالْمُمَيِّزِ غَيْرُهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَتَحْرُمُ كِتَابَةُ مُصْحَفٍ بِنَجَسٍ وَمَسُّهُ بِعُضْوٍ نَجَسٍ وَالسَّفَرُ بِهِ إلَى بِلَادِ الْكُفْرِ.
(وَلَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ طُهْرٍ أَوْ حَدَثٍ بِظَنِّ ضِدِّهِ) وَلَا بِالشَّكِّ فِيهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى وَهُمَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِتَعْبِيرِهِ بِالشَّكِّ الْمَحْمُولِ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ فَيَأْخُذُ بِالْيَقِينِ اسْتِصْحَابًا لَهُ وَلِخَبَرِ
ــ
[حاشية الجمل]
لَا يُعَدُّ فِيهَا حَامِلًا لِلْوَرَقَةِ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ مَنْعُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ اهـ ح ل وَنَفْيُ الْوُجُوبِ غَيْرُ صَرِيحٍ فِي الْمُرَادِ الَّذِي هُوَ نَدْبُ الْمَنْعِ فَفِي الْعُبَابِ أَنَّهُ يُسَنُّ مَنْعُهُ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ مَنْعُ صَبِيٍّ أَيْ بَلْ يُنْدَبُ مَنْعُهُ مِنْ الْحَدَثِ فَمَعَ الْجَنَابَةِ أَوْلَى حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي بَابِ الْغُسْلِ مِنْ أَنَّهُ يَمْنَعُهُ نَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُتَعَلِّمِ وَهَذَا فِي الْمُتَعَلِّمِ وَدَخَلَ فِي الصَّبِيِّ الصَّبِيَّةُ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْرَارِ اللُّغَةِ وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْبَالِغُ، وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ دَوَامُ الطَّهَارَةِ كَمُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ لَكِنْ أَفْتَى الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ مُؤَدِّبَ الْأَطْفَالِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِيمَ بِلَا حَدَثٍ أَكْثَرَ مِنْ أَدَاءِ فَرِيضَةٍ يُسَامَحُ لَهُ فِي مَسِّ أَلْوَاحِ الصِّبْيَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ لَكِنْ يَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ زَمَنِ الْوُضُوءِ فَإِنْ اسْتَمَرَّتْ الْمَشَقَّةُ فَلَا حَرَجَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ) أَيْ أَوْ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِذَلِكَ كَحَمْلِهِ لِلْمَكْتَبِ، وَالْإِتْيَانِ بِهِ لِلْمُعَلِّمِ لِيُفْهِمَهُ مِنْهُ قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجّ أَيْ وَلَوْ كَانَ حَافِظًا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَفَرَغَتْ مُدَّةُ الْحِفْظِ إذَا أَفَادَتْ الْقِرَاءَةُ فِيهِ فَائِدَةً مَا وَلَوْ الِاسْتِظْهَارَ عَلَى حِفْظِهِ وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّمْيِيزُ الشَّرْعِيُّ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ وَمِنْهَا حَمْلُهُ فِي الْبَيْتِ إلَى الْمَكْتَبِ وَعَكْسُهُ إنْ اُحْتِيجَ لِنَقْلِهِ وَلَوْ لِحِفْظِهِ وَصِيَانَتِهِ، وَهَلْ حَاجَةُ تَعْلِيمِهِ كَذَلِكَ يَنْبَغِي؟ نَعَمْ وَخَرَجَ بِهَا تَعْلِيمُ غَيْرِهِ وَمِنْهُ حَمْلُ خَادِمِهِ الصَّغِيرِ لَهُ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الْمَكْتَبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَلِّمٍ وَيَحْرُمُ عَلَى الْبَالِغِ وَعَلَى وَلِيِّهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْمُصْحَفِ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْتَهِكَهُ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ الْمُعَلِّمُ لَهُ لَا يَحْرُمُ، حَرِّرْهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْعَلَّامَةَ سم صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَوْ تَأَنَّى تَعَلُّمَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْهُ لَمْ يَبْعُدْ تَمْكِينُهُ مِنْهُ إذَا رَاقَبَهُ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ مِنْ انْتِهَاكِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِنَجَسٍ) أَيْ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ: غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ لَا قِرَاءَتُهُ بِفَمٍ نَجَسٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَسُّهُ بِعُضْوٍ نَجَسٍ) أَيْ لَا بِعُضْوٍ طَاهِرٍ مِنْ بَدَنٍ نَجَسٍ وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ حَيْثُ كَانَ عَيْنًا لَا أَثَرًا وَيَحْتَمِلُ الْأَخْذَ بِالْإِطْلَاقِ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ قَالَ وَمَسُّهُ بِعُضْوٍ مُتَنَجِّسٍ بِرَطْبٍ مُطْلَقًا وَبِجَافٍّ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَيَحْرُمُ كَتْبُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَكُلِّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ، وَفِي الْكَبِيرِ: وَكُلِّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَمَا هُوَ آلَةٌ لَهُ بِمُتَنَجِّسٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالسَّفَرُ بِهِ إلَى بِلَادِ الْكُفْرِ) أَيْ إذَا خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِيهِمْ وَيَحْرُمُ تَوَسُّدُهُ وَلَصْقُ أَوْرَاقِهِ بِنَحْوِ نَشًا وَجَعْلُهَا وِقَايَةً وَلَوْ لِعَلَمٍ وَوَضْعُ مَأْكُولٍ عَلَيْهَا وَقْتَ أَكْلِهِ وَبَلْعُهَا بِلَا مَضْغٍ وَوَضْعُ نَحْوِ دَرَاهِمَ فِيهَا وَوَضْعُهَا عَلَى نَجَسٍ لَا حَرْقُهَا بَالِيَةً بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَسْلِهَا وَيَجِبُ غَسْلُ مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ، وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ وَكَانَ لِمَحْجُورٍ نَعَمْ لَا تَحْرُمُ الْوِقَايَةُ بِوَرَقَةٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا نَحْوُ الْبَسْمَلَةِ لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ وَلَوْ أَخَذَ فَأْلًا مِنْ الْمُصْحَفِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
(تَنْبِيهٌ) يَجْرِي فِي كُتُبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَآلَتِهِ مَا فِي الْمُصْحَفِ غَيْرَ تَحْرِيمِ الْمَسِّ وَالْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالْإِهَانَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَجُوزُ نَحْوُ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ وَشُرْبُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَلَعَ قِرْطَاسًا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا أَكْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ إلَّا وَقَدْ زَالَتْ صُورَةُ الْكِتَابَةِ وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ نَحْوِ ذَهَبٍ فِي كَاغَدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيُكْرَهُ حَرْقُ خَشَبَةٍ نُقِشَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِحَرْقِهَا إحْرَازَهَا لَمْ يُكْرَهْ، وَالْقَوْلُ بِحُرْمَةِ الْإِحْرَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِهِ عَبَثًا وَلَوْ جَعَلَ نَحْوَ كُرَّاسٍ فِي وِقَايَةٍ مِنْ وَرَقٍ كَتَبَ عَلَيْهَا نَحْوَ الْبَسْمَلَةِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ وَلَوْ أَخَذَ فَأْلًا مِنْ الْمُصْحَفِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ طُهْرٍ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا بِالْيَقِينِ حَقِيقَتَهُ؛ إذْ مَعَ ظَنِّ الضِّدِّ لَا يَقِينَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَقِينٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ اهـ تَقْرِيرُ عَشْمَاوِيٍّ، أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَلَا يَرْتَفِعُ اسْتِصْحَابُ يَقِينٍ أَيْ حُكْمُهُ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَالَ فِي الْإِمْدَادِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ فِي كَلَامِهِمْ هُنَا الْيَقِينَ الْجَازِمَ لِاسْتِحَالَتِهِ مَعَ الظَّنِّ بَلْ مَعَ الشَّكِّ، وَالْوَهْمِ فِي مُتَعَلَّقِهِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ مَا كَانَ يَقِينًا لَا يُتْرَكُ حُكْمُهُ بِالشَّكِّ بَعْدَهُ اسْتِصْحَابًا لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا ثَبَتَ الدَّوَامُ وَالِاسْتِمْرَارُ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عَمَلٌ بِالظَّنِّ اهـ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: يَقِينُ طُهْرٍ) شَامِلٌ لِلْوُضُوءِ
مُسْلِمٍ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» فَمَنْ ظَنَّ الضِّدَّ لَا يَعْمَلُ بِظَنِّهِ لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى مِنْهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ.
(فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا) أَيْ الطُّهْرَ وَالْحَدَثَ كَأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا) يَأْخُذُ بِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ سَوَاءٌ اعْتَادَ تَجْدِيدَ الطُّهْرِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ أَوْ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ حَدَثٍ " شَامِلٌ لِلْأَكْبَرِ اهـ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا) أَيْ رِيحًا يَجُولُ فِي جَوْفِهِ يَطْلُبُ الْخُرُوجَ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ أَيْ لَا يُبْطِلُ صَلَاةَ نَفْسِهِ بِمَا وَجَدَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْوُضُوءِ، أَوْ الْمُرَادُ لَا يَخْرُجُ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَمَّاهَا مَسْجِدًا مَجَازًا مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْحَالِ بِاسْمِ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا الْمُرَادُ مِنْهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بُطْلَانَ الطَّهَارَةِ بِسَمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ) فَاعِلُ أَشْكَلَ الْخُرُوجُ وَعَدَمُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ ظَنَّ الضِّدَّ إلَخْ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَعَادَهُ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بِالظَّنِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى مِنْهُ أَيْ لِأَنَّ ظَنَّ الضِّدِّ وَظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَمَنْ شَكَّ فِي الضِّدِّ لَا يَعْمَلُ بِشَكِّهِ؛ لِأَنَّ ظَنَّ إلَخْ، أَوْ يُقَالُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ إلَخْ، أَوْ يُقَالُ لَفْظَةُ " ظَنَّ " زَائِدَةٌ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا، أَوْ يَبْقَى الظَّنُّ الْأَوَّلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيُؤَوَّلُ الظَّنُّ الثَّانِي بِالْإِدْرَاكِ الشَّامِلِ لِلتَّوَهُّمِ اهـ تَقْرِيرُ عَشْمَاوِيٍّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: قَوْلُهُ: لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى هَذَا يَقْتَضِي إمْكَانَ اجْتِمَاعِ ظَنِّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ مَعَ ظَنِّ الضِّدِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ رُجْحَانِ إدْرَاكِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَدَمُ رُجْحَانِ إدْرَاكِ الْآخَرِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي وَيُؤَوَّلُ بِأَنْ يُرَادَ بِالظَّنِّ الْإِدْرَاكُ اهـ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ إلَخْ) إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ فَقَدْ يُسَلَّمُ وَذَلِكَ فِيمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَدْ التَّجْدِيدَ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ حَيْثُ لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا قَبْلَ حَدَثِهِ وَطُهْرِهِ الْوَاقِعَيْنِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ دَائِمًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سَوْقِ كَلَامِهِ فَمَمْنُوعٌ تَأَمَّلْ اهـ ح ل وَأُجِيبَ عَنْ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمَاءَ الْمَظْنُونَ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ يُرْفَعُ بِهِ يَقِينُ الْحَدَثِ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ: كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَطَهَّرَ بَعْدَ يَقِينِ الْحَدَثِ وَشَكَّ بَعْدَ طَهَارَتِهِ فِي تَرْكِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِيهَا وَقَدْ رَفَعْنَا هُنَا يَقِينَ الْحَدَثِ بِظَنِّ الطَّهَارَةِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ) أَيْ وَإِسْقَاطُهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ إلَخْ) جَعَلَهَا ابْنُ الْقَاصِّ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ وَرَدَّهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِمَا ذُكِرَ يَأْتِي عَلَى الْيَقِينِ لَا عَلَى الشَّكِّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ) عِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ طُهْرٌ وَحَدَثٌ وَلَكِنَّهُ جَهِلَ السَّابِقَ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِيمَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ حُدُوثَهُمَا مِنْهُ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَثَلًا نَظَرَ إلَى حَالِهِ قَبْلَ الطُّلُوعِ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا قُلْنَا لَهُ: أَنْتَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّك تَيَقَّنْتَ طَهَارَةً رَفَعَتْ حَدَثَك الْأَوَّلَ، وَالْحَدَثُ الثَّانِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهَا فَيُبْطِلَهَا وَأَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا، وَالْحَدَثَانِ مُتَوَالِيَانِ فَتَبْقَى، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُتَطَهِّرًا قُلْنَا: أَنْتَ الْآنَ مُحْدِثٌ؛ لِأَنَّك تَيَقَّنْتَ حَدَثًا رَفَعَ طَهَارَتَك الْأُولَى ثُمَّ الطَّهَارَةُ الثَّانِيَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَعْدَهُ فَتَرْفَعَهُ وَأَنْ تَكُونَ قَبْلَهُ وَالطَّهَارَتَانِ مُتَوَالِيَتَانِ فَتَكُونُ مُحْدِثًا، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَادَتِهِ التَّجْدِيدُ أَمَّا مَنْ لَا يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَيَبْعُدُ مَعَهُ تَقْدِيرُ تَوَالِي الطَّهَارَتَيْنِ وَتَأَخُّرِ الْحَدَثِ بَعْدَهُمَا بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ طَهَارَتَهُ وَقَعَتْ بَعْدَ حَدَثٍ فَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا، انْتَهَتْ. وَهِيَ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ فَإِنْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا طُهْرًا وَحَدَثًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا نَظَرَ فِيمَا قَبْلَهُمَا وَأَخَذَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا قَبْلَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ أَخَذَ بِضِدِّهِ وَهَكَذَا يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ بِضِدِّهِ وَفِي الشَّفْعِ بِمِثْلِهِ مَعَ اعْتِبَارِ عَادَةِ التَّجْدِيدِ اهـ عُبَابٌ اهـ ز ي.
وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ تَيَقَّنَ طُهْرًا وَحَدَثًا بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا وَتَيَقَّنَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ كَذَلِكَ وَتَيَقَّنَهُمَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَذَلِكَ فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ أُولَاهَا مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَاتِبِ الشَّكِّ وَمَا قَبْلَ الْفَجْرِ هُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ وَمَا بَعْدَ الشَّمْسِ هُوَ الثَّالِثَةُ فَيَنْظُرُ إلَى قَبْلِ مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَقَبْلِ الْمَغْرِبِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ - إذْ ذَاكَ - مُحْدِثًا فَهُوَ قَبْلَ الْعِشَاءِ مُتَطَهِّرٌ، أَوْ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ، وَإِلَّا فَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَى الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَ حُكِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالْحَدَثِ فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ، ثُمَّ يُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَى مَا بَعْدَ الشَّمْسِ مِثْلُ مَا سَبَقَ فَقَوْلُ الْمُحَشِّي