الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (التَّوَجُّهُ) لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ (شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ) عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] أَيْ جِهَتَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ عَلَيْهِ]
بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ) وَتَعْبِيرُهُ هُنَا بِالْبَابِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْفَصْلِ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَذَانِ وَلِمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي بَابِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ إلَخْ، وَأَمَّا كَوْنُهُ شَرْطًا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ فَمَذْكُورٌ بِالتَّبَعِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا يَأْتِي اهـ شَيْخُنَا قَالَ السُّيُوطِيّ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ نَسَخَ اللَّهُ الْقِبْلَةَ مَرَّتَيْنِ وَنَسَخَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ مَرَّتَيْنِ وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ وَلَا أَحْفَظُ رَابِعًا وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْعَوْفِيُّ فِي رَابِعِهَا الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ قُلْت وَقَدْ نَظَمْت ذَلِكَ فَقُلْت
وَأَرْبَعٌ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا
…
جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ وَالْآثَارُ
لِقِبْلَةٍ وَمُتْعَةٍ تُحْسَبُ
…
كَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ
انْتَهَى اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالتَّنْوِينِ) أَيْ لِقَطْعِهِ عَنْ الْإِضَافَةِ كَمَا فِي سَابِعِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ بَعْدَهُ جُمْلَةٌ قُرِئَ بِالتَّنْوِينِ أَوْ مُفْرَدٌ قُرِئَ بِالْإِضَافَةِ مِثْلُ بَابِ الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالصَّدْرِ) الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ عَرْضِ الْبَدَنِ فَلَوْ اسْتَقْبَلَ طَرَفَهَا فَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الْعَرْضِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ لَمْ يَصِحَّ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِالصَّدْرِ) أَيْ إذَا كَانَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ بِجُمْلَتِهِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَلَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا فَالِاسْتِقْبَالُ بِمُقَدَّمِ الْبَدَنِ أَيْ بِالصَّدْرِ وَالْوَجْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي الْمُسْتَلْقِي لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَيْ وَالِاسْتِقْبَالُ بِالْوَجْهِ أَيْضًا) بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ كَمَا سَيَأْتِي فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِالصَّدْرِ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ وَكَذَا قَوْلُهُ لَا بِالْوَجْهِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ إنَّمَا قَيَّدَ بِالصَّدْرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي صَلَاةِ الْقَادِرِ فِي الْفَرْضِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَتْنِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ بِالْوَجْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَالَةُ عَجْزٍ وَسَيَأْتِي لَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَعْنِي ع ش عَلَى الشَّارِحِ قَوْلُهُ بِالصَّدْرِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَالْمُسْتَلْقِي وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا يَأْتِي أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِي حَقِّ الْمُسْتَلْقِي بِالْوَجْهِ وَفِي حَقِّ الْمُضْطَجِعِ بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ لَا بِالْوَجْهِ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ نَفْيًا لِمَا قَدْ يَقْتَضِيه التَّعْبِيرُ بِالتَّوَجُّهِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمُقَابَلَةِ بِالْوَجْهِ فَلَا يُقَالُ نَحْوُ الْيَدِ تَنَازَعَ فِيهَا الْمَفْهُومَانِ، فَإِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ بِالصَّدْرِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ خُرُوجُ نَحْوِ الْيَدِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَقَوْلُهُ لَا بِالْوَجْهِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ هَذَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بِالصَّدْرِ أَنَّ خُرُوجَ الْقَدَمَيْنِ عَنْ الْقِبْلَةِ لَا يَضُرُّ وَشَمِلَهُ قَوْلُ حَجّ فِيمَا لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ وَلَا بِنَحْوِ الْيَدِ أَيْ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ وَلَا بِنَحْوِ الْيَدِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقَدَمَانِ وَعَلَيْهِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ قَدَمَيْهِ خَارِجَ مُحَاذَاتِهَا مَعَ اسْتِقْبَالِهَا بِصَدْرِهِ وَبَقِيَّةِ بَدَنِهِ أَجْزَأَ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ فَلْيُرَاجَعْ أَقُولُ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَهُوَ عَدَمُ الضَّرَرِ بِخُرُوجِ الْقَدَمَيْنِ عَنْ الْقِبْلَةِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ اهـ وَعِبَارَتُهُ عَلَى شَرْحِ م ر قَوْلُهُ لَا بِوَجْهِهِ أَيْ وَلَا بِقَدَمَيْهِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ سم عَلَى حَجّ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَجْهَ لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِقْبَالِهِ بِمَا ذُكِرَ كَذَا بِهَامِشِ عَنْ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْبَابِلِيِّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصَّدْرِ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ؛ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الْوَارِدَةَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَيْهِمَا لِلْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا التَّوَجُّهُ بِالْوَجْهِ فَهُوَ بِدَلِيلٍ آخَرَ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: التَّوَجُّهُ شَرْطٌ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ بِجَهْلٍ وَلَا غَفْلَةٍ وَلَا إكْرَاهٍ وَلَا نِسْيَانٍ فَلَوْ اسْتَدْبَرَ نَاسِيًا وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِصَلَاةِ قَادِرٍ) أَيْ حِسًّا فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [البقرة: 144] الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ وَالْمُرَادُ بِالذَّاتِ بَعْضُهَا وَهُوَ الصَّدْرُ فَهُوَ مَجَازٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَجَازٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ جِهَتَهُ) لَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مِنْ اشْتِرَاطِ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ إجْمَاعًا، وَأَمَّا تَعَيُّنُ الْعَيْنِ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَهَا طَرِيقٌ آخَرُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ الْجِهَةَ الْمُفَسَّرَ بِهَا الشَّطْرُ فِي الْآيَةِ مُقَابِلَةٌ لِلْعَيْنِ فَقَدْ قَالَ جَدّ شَيْخِنَا الشَّرِيفُ عِيسَى فِي مُصَنَّفٍ لَهُ فِي وُجُوبِ إصَابَةِ عَيْنِ الْقِبْلَةِ مَا نَصُّهُ بَلْ التَّحْقِيقُ
وَالتَّوَجُّهُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قِبَلَ الْكَعْبَةِ أَيْ وَجْهَهَا وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ» مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ إجْمَاعًا
ــ
[حاشية الجمل]
أَنَّ إطْلَاقَ الْجِهَةِ فِي مُقَابِلِ الْعَيْنِ إنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحُ طَائِفَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَنْ انْحَرَفَ عَنْ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَلَيْسَ مُتَوَجِّهًا نَحْوَهُ وَلَا إلَى جِهَتِهِ بِحَسَبِ حَقِيقَةِ اللُّغَةِ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ بِمُسَامَحَةٍ أَوْ اصْطِلَاحٍ وَالشَّافِعِيُّ لَاحَظَ حَقِيقَةَ اللُّغَةِ وَحَكَمَ بِالْآيَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَصَالَةُ الْعَيْنِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَى عَيْنِ الْكَعْبَةِ كَمَا حَقَّقَهُ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ اهـ سم اهـ ع ش عَلَى م ر وَبِهَامِشِهِ مَنْسُوبًا لَهُ وَجَدُّهُ هُوَ السَّيِّدُ مُعِينُ الدَّيْنِ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ الْمَشْهُورِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ تُطْلَقُ الْجِهَةُ عَلَى الْعَيْنِ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ فِي الْحَوَاشِي فَلْيُرَاجَعْ وَفِي الْخَادِمِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الْجِدَارَ بَلْ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ وَهُوَ سَمْتُ الْبَيْتِ وَهَوَاؤُهُ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْأَرْضِ السَّابِعَةِ اهـ حَجّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّوَجُّهُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إلَخْ) مِنْ تَمَامِ الدَّلِيلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الضَّمِيمَةِ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ فِي الصَّلَاةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: قُبُلَ الْكَعْبَةِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الرِّوَايَةُ وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْبَاءِ مَعَ ضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرُ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: 177] قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهَا مُقَابِلَهَا وَبَعْضُهُمْ مَا اسْتَقْبَلَك مِنْهَا أَيْ وَجْهُهَا. وَسُمِّيَتْ كَعْبَةً لِتَكَعُّبِهَا أَيْ تَرَبُّعِهَا وَارْتِفَاعُهَا يُقَالُ كَعَّبْته أَيْ رَبَّعْته وَقِيلَ لِاسْتِدَارَتِهَا وَيُقَالُ لَهَا الْبَيْتُ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ وَيُقَال لَهَا أَيْضًا لَيْلَى، وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ مَرَّاتِ بِنَائِهَا وَغَايَتُهُ وِفَاقًا وَخِلَافًا عَشْرُ مَرَّاتٍ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحَلِّهِ وَكَانَتْ الْكَعْبَةُ قِبْلَةَ آبَائِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا يُصَلُّونَ إلَيْهَا فَكَانَ يَسْتَقْبِلُهَا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قِبْلَةُ الْأَنْبِيَاءِ الْمُرَادُ بِهِ مَأْوَاهُمْ لَا قِبْلَتُهُمْ ثُمَّ «أَمَرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَاسْتَقْبَلَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَكَانَ يَجْعَلُ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَيَقِفُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ فَلَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ اسْتَدْبَرَهَا لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ فَشَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَسَأَلَ جِبْرِيلَ عليه السلام أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ التَّحَوُّلَ إلَيْهَا فَسَأَلَهُ ثُمَّ نَزَلَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ فَتَحَوَّلَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ إلَيْهَا» وَقَوْلُ الْبُخَارِيِّ إنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا إلَى الْكَعْبَةِ الْعَصْرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَامِلَةِ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ عَشَرَ رَجَبَ وَقِيلَ نِصْفَهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ وَقِيلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِشَهْرَيْنِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَلَمْ يُبَيِّنُوا مَا فَعَلَتْهُ الصَّحَابَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ هَلْ تَحَوَّلُوا بِأَمْكِنَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَأَخُّرٍ أَمْ تَأَخَّرُوا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ فِي مَبْحَثِ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مَا نَصُّهُ فَاسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ وَالرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ تَحَوَّلَ مِنْ مَقَامِهِ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ إلَى مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ مَنْ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ بِالْمَدِينَةِ فَقَدْ اسْتَدْبَرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَهُوَ لَوْ دَارَ مَكَانَهُ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ مَكَانٌ يَسَعُ الصُّفُوفَ فَلَمَّا تَحَوَّلَ الْإِمَامُ تَحَوَّلَتْ الرِّجَالُ حَتَّى صَارُوا خَلْفَهُ وَتَحَوَّلَتْ النِّسَاءُ حَتَّى صَارُوا خَلْفَ الرِّجَالِ وَهَذَا يَسْتَدْعِي عَمَلًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ كَمَا كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ أَيْ كَالْحُكْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِهِ وَهُوَ إبَاحَتُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اُغْتُفِرَ الْعَمَلُ الْمَذْكُورُ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَمْ تَتَوَالَ الْخُطَى عِنْدَ التَّحَوُّلِ بَلْ وَقَعَتْ مُتَفَرِّقَةً اهـ ع ش عَلَى م ر وَنَظَّمَ شَيْخُنَا الْمَدَابِغِيُّ عَدَدَ مَرَّاتِ الْبِنَاءِ فَقَالَ
بَنَى بَيْتَ رَبِّ الْعَرْشِ عَشْرٌ فَخُذْهُمُو
…
مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْكِرَامُ وَآدَمُ
وَشِيثُ وَإِبْرَاهِيمُ ثُمَّ عَمَالِقُ
…
قُصَيٌّ قُرَيْشٌ قَبْلَ هَذَيْنِ جُرْهُمُ
وَعَبْدُ الْإِلَهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بَنَى كَذَا
…
بِنَاءٌ لِحَجَّاجٍ وَهَذَا مُتَمِّمٌ
وَقَوْلُهُ عَشْرُ مَرَّاتٍ هَذَا بِحَسَبِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَقَدْ ثَبَتَ مَرَّةً أُخْرَى حَادِيَةَ عَشْرَةَ عَامَ أَلْفٍ وَتِسْعٍ وَثَلَاثِينَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَلَّانَ الْمَكِّيُّ فِي رِسَالَةٍ لَهُ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَسَيَأْتِي نَقْلُ عِبَارَتِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ.
(قَوْلُهُ: مَعَ خَبَرِ صَلُّوا إلَخْ) أَتَى بِهَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذِهِ الْقِبْلَةُ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ وَأَيْضًا يَحْتَمِلُ الْخُصُوصِيَّةَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ إجْمَاعًا) ، فَإِنْ قِيلَ حَيْثُ أُرِيدَ بِالْجِهَةِ الْعَيْنُ يَشْكُلُ قَوْلُهُ إجْمَاعًا قُلْت الْمُرَادُ بِالْقِبْلَةِ الَّتِي هِيَ مَرْجِعُ
أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْهُ كَمَرِيضٍ لَا يَجِدُ مَنْ يُوَجِّهُهُ إلَيْهَا وَمَرْبُوطٌ عَلَى خَشَبَةٍ فَيُصَلِّي عَلَى حَالِهِ وَيُعِيدُ وُجُوبًا (إلَّا فِي) صَلَاةِ (شِدَّةِ خَوْفٍ) مِمَّا يُبَاحُ مِنْ قِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا فَلَيْسَ التَّوَجُّهُ بِشَرْطٍ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَ) إلَّا فِي (نَفْلِ سَفَرٍ) بِقَيْدَيْنِ زِدْتُهُمَا بِقَوْلِي (مُبَاحٍ لِقَاصِدِ) مَحَلٍّ (مُعَيَّنٍ) ، وَإِنْ قَصُرَ السَّفَرُ لِأَنَّ النَّفَلَ يَتَوَسَّعُ فِيهِ كَجَوَازِهِ عَاقِدًا لِلْقَادِرِ
(فَلِمُسَافِرٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
ضَمِيرِ قَوْلِهِ بِدُونِهِ أَيْ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ الْأَعَمُّ مِنْ الْعَيْنِ وَالْجِهَةِ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَرِيضٍ لَا يَجِدُ مَنْ يُوَجِّهُهُ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ لَا يُقَالُ هُوَ عَاجِزٌ فَكَيْفَ يُمْكِنُ الطَّلَبُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِمَا دُونَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي عَلَى حَالِهِ وَيُعِيدُ وُجُوبًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ إنْ رَجَا زَوَالَ الْعُذْرِ لَا يُصَلِّي إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ زَوَالَهُ صَلَّى فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ إنْ زَالَ بَعْدُ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ اسْتَمَرَّ الْعُذْرُ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ كَانَتْ فَائِتَةً بِعُذْرٍ فَيُنْدَبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَلَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ كَسَائِرِ الْفَوَائِتِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَيُعِيدُ وُجُوبًا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَرِيضِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا مَرِيضٌ لَا يُطِيقُ التَّوَجُّهَ بِوَجْهٍ مَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إلَّا فِي صَلَاةِ شِدَّةِ خَوْفٍ) الْمُرَادُ بِهَا النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْهَا وَهُوَ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتْرُكَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِمَّا يُبَاحُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ خَوْفٍ أَيْ خَافَ مِنْ الَّذِي يُبَاحُ وَالْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقِ مَا يُبَاحُ وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْأَفْعَالِ كَالْقِتَالِ وَالْهَرَبِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ قِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ وَاقِعٌ عَلَى الْأَفْعَالِ وَالْمُتَعَلِّقُ الَّذِي خَافَ مِنْهُ كَالْعَدُوِّ وَالنَّارِ وَغَيْرِهِمَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَرْضًا كَانَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ أَوْ نَفْلًا تَعْمِيمٌ فِيمَا بَعْدُ إلَّا وَمَا قَبْلَهَا وَلَا يُصَلِّيهَا إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ فَلَوْ صَلَّى أَوَّلَهُ لِانْقِطَاعِ رَجَائِهِ ظَنًّا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ أَمِنَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ ظَنًّا فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ أَوْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي وُجُوبُ الْإِعَادَةِ وَمِنْ الْخَوْفِ الْمُجَوِّزِ لِتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ أَنْ يَكُونَ بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَيَخَافُ فَوْتَ الْوَقْتِ فَيُحْرِمُ وَيَتَوَجَّهُ لِلْخُرُوجِ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ التَّوَجُّهُ بِشَرْطٍ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا بَلْ يُصَلِّي إلَى أَيْ جِهَةٍ كَانَتْ وَتُغْتَفَرُ لَهُ الضَّرَبَاتُ وَالطَّعَنَاتُ وَالْخُطُوَاتُ الْمُتَوَالِيَاتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَمِنَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ رَاكِبًا وَأَمِنَ وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِلَ اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ فِي نُزُولِهِ، فَإِنْ اسْتَدْبَرَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ قَاعِدًا لَا قَائِمًا صَلَّى قَاعِدًا مُسْتَقْبِلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ تَرْكُ الْقِيَامِ كَمَا فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي نَفْلِ سَفَرٍ) أَيْ نَفْلٍ يُفْعَلُ فِيهِ، وَإِنْ فَاتَ حَضَرًا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْفَرْضِ وَلَوْ مَنْذُورًا أَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ جَازَ لَهُ فِعْلُهُمَا عَلَيْهَا وَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْتَزَمَهَا كَذَلِكَ فَلَا يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَقْيِيدُ قَوْلِهِمْ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَزِمًا لَهُ عَلَى صِفَةٍ لَا تَتَأَتَّى فِي الْوَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِلَّا فِي نَفْلِ سَفَرٍ) يَنْبَغِي غَيْرُ الْمُعَادَةِ وَصَلَاةُ الصَّبِيِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَإِلَّا فِي نَفْلِ سَفَرٍ أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي مِنْ أَنَّ الرَّاكِبَ يُتِمُّ إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ وَالْمَاشِي يَسْتَقْبِلُ فِي أَرْبَعٍ فِي التَّحَرُّمِ إلَخْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مُبَاحٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْحَرَامَ فَشَمِلَ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمَكْرُوهَ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ لِقَاصِدِ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ) تَعْيِينُ الْمَحَلِّ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَقْصِدَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْمَعْلُومُ مِنْ حَيْثُ الْمَسَافَةُ بِأَنْ يَقْصِدَ قَطْعَ مَسَافَةٍ يُسَمَّى فِيهَا مُسَافِرًا عُرْفًا لَا خُصُوصَ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ. وَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ السُّورِ وَالْعُمْرَانِ فَيُشْتَرَطُ هُنَا جَمِيعُ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَصْرِ إلَّا طُولَ السَّفَرِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ السَّفَرُ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ طُولُ سَفَرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ وَقِيَاسًا عَلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَعَدَمِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ، وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: مِثْلُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى ضَيْعَةٍ مَسِيرَتُهَا مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَانِهِ لَا تَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ قَالَ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ وَلَعَلَّ كَلَامَ غَيْرِهِ رَاجِعٌ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيّ اعْتَبَرَ الْحِكْمَةَ، وَغَيْرَهُ اعْتَبَرَ الْمَظِنَّةَ اهـ.
وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ كَالْقَصْرِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ النَّفَلَ أَخَفُّ وَلِهَذَا جَازَ قَاعِدًا فِي الْحَضَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيّ اعْتَبَرَ الْحِكْمَةَ وَهِيَ مُفَارَقَةُ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ وَالْمَظِنَّةُ هِيَ الْمَيْلُ وَنَحْوُهُ، فَإِنَّهُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ سَمَاعِ النِّدَاءِ وَقَدْ يُفِيدُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ إلَى
سَفَرًا مُبَاحًا (تَنَفُّلٌ) وَلَوْ رَاتِبًا صَوْبَ مَقْصِدَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (رَاكِبًا وَمَاشِيًا)«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ» أَيْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ» وَقِيسَ بِالرَّاكِبِ الْمَاشِي وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ وَالْهَائِمِ وَالْمُقِيمِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ تَرْكُ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ كَرَكْضٍ وَعَدْوٍ بِلَا حَاجَةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
بَعْضِ بَسَاتِينِ الْبَلَدِ أَوْ غِيطَانِهَا الْبَعِيدَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّنَفُّلُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسَافِرًا عُرْفًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ ضَابِطًا لِمَا يُسَمَّى سَفَرًا فَيُفِيدُ جَوَازَ التَّنَفُّلِ عِنْدَ قَصْدِهِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ مَا قُصِدَ الذَّهَابُ إلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَارَقَ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ بِالْبَلَدِ بِالثَّانِي وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ زِيَارَةَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَانَ بَيْنَ مَبْدَأِ سَيْرِهِ وَمَقَامِ الْإِمَامِ الْمِيلُ وَنَحْوُهُ جَازَ لَهُ التَّرَخُّصُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ السُّورِ إنْ كَانَ دَاخِلَهُ وَمُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِمَا خَرَجَ مِنْهُ سُوَرٌ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّوَجُّهِ إلَى بَرَكَةِ الْمُجَاوِرِينَ مِنْ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَنَحْوِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَكَانَ بَيْنَ مَبْدَإِ سَيْرِهِ إلَخْ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْمَسَافَةَ تُحْسَبُ وَتُعْتَبَرُ مِنْ مَبْدَأِ السَّيْرِ وَلَوْ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ (فَرْعٌ) نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ نَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ فَشَرَعَ فِي السَّفَرِ فِي نَافِلَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِقْرَارُ يَنْبَغِي نَعَمْ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهَا نَفْلًا وَمِنْ ثَمَّ جَازَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا لَوْ أَفْسَدَهَا وَأَرَادَ قَضَاءَهَا فَهَلْ لَهُ صَلَاتُهَا عَلَى الدَّابَّةِ وَجَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَجِبْ أَوَّلُهَا لِذَاتِهِ بَلْ إنَّمَا وَجَبَ وَسِيلَةً لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْ الْوَاجِبِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(وَقَوْلُهُ: وَلَوْ رَاتِبًا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ نَحْوَ عِيدٍ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ اهـ زي وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالرَّاتِبِ مَا لَهُ وَقْتٌ فَيَشْمَلُ الْعِيدَ لَكِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْكُسُوفَ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ أَيْضًا وَيَشْمَلُ نَحْوَ الضُّحَى وَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَيُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ أَيْضًا اهـ ع ش وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْإِشَارَةَ إلَى الْخِلَافِ وَالتَّعْمِيمِ مَعًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ م ر وَقَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ أَيْ وَهُوَ الَّذِي تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: صَوْبَ مَقْصِدِهِ) أَيْ جِهَتَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِقْبَالُ جِهَةِ الْمَقْصِدِ لَا عَيْنِهِ وَفَارَقَ الْكَعْبَةَ بِأَنَّهَا أَصْلٌ وَهُوَ بَدَلٌ اهـ شَيْخُنَا وَلَا يَضُرُّ التَّحَوُّلُ عَنْهَا لِمُنْعَطَفَاتِ الطَّرِيقِ وَلَا لِنَحْوِ زَحْمَةٍ أَوْ غُبَارٍ وَلَا يُكَلَّفُ التَّحَفُّظَ وَلَا الِاحْتِيَاطَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَنْحَرِفُ إلَّا لِقِبْلَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ) وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ تَرْكَ الدَّابَّةِ تَمُرُّ إلَى أَيِّ جِهَةٍ أَرَادَتْ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ عَبَثًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُسَيِّرُهَا جِهَةَ مَقْصِدِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالْهَائِمُ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ مَسَافَةٍ يُسَمَّى فِيهَا مُسَافِرًا عُرْفًا اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَتْنِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا دَوَامُ سَفَرِهِ فَلَوْ صَارَ مُقِيمًا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْتَقْبِلًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَلَوْ صَارَ مُقِيمًا إلَخْ أَيْ أَوْ وَصَلَ الْمَحَلُّ الْمُنْقَطِعُ بِهِ السَّيْرُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ خُصُوصُ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَسِيرُ بَعْدَهُ بَلْ يَنْزِلُ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَحَطُّ مُتَّسِعًا وَوَصَلَ إلَيْهِ يَتَرَخَّصُ إلَى وُصُولِ خُصُوصِ مَا يُرِيدُ النُّزُولَ فِيهِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَرْضِ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ فَلَوْ بَلَغَ الْمَحَطَّ الْمُنْقَطِعَ بِهِ السَّيْرُ أَوْ طَرَفَ مَحَلِّ الْإِقَامَةِ أَوْ نَوَاهَا مَاكِثٌ بِمَحِلٍّ صَالِحٍ لَهَا نَزَلَ وَأَتَمَّهَا بِأَرْكَانِهَا لِلْقِبْلَةِ مَا لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ عَلَيْهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ بِلَا حَاجَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَهُ الرَّكْضُ لِلدَّابَّةِ وَالْعَدْوُ لِحَاجَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الرَّكْضُ وَالْعَدْوُ لِحَاجَةِ السَّفَرِ كَخَوْفِ تَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ أَمْ لِغَيْرِ حَاجَتِهِ كَتَعَلُّقِهَا بِصَيْدٍ يُرِيدُ إمْسَاكَهُ كَمَا اقْتَضَى ذَلِكَ كَلَامُهُمْ وَكَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْأَوْجَهَ بُطْلَانُهَا فِي الثَّانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجْرَى الدَّابَّةَ أَوْ عَدَا الْمَاشِيَ فِي صَلَاتِهِ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ دَابَّتُهُ أَوْ وَطِئَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَوْطَأَهَا نَجَاسَةً لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُلَاقِهَا وَلَوْ دَمِيَ فَمُ الدَّابَّةِ وَفِي يَدِهِ لِجَامُهَا فَسِيَاقُ الْكَلَامِ قَدْ يُفْهِمُ صِحَّتَهَا وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ صَلَّى وَفِي يَدِهِ حَبْلٌ طَاهِرٌ عَلَى نَجَاسَةٍ وَقَضِيَّتُهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِمَا ذُكِرَ كُلُّ نَجَاسَةٍ اتَّصَلَتْ بِالدَّابَّةِ وَعَنَانُهَا بِيَدِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ أَمَّا الْمَاشِي فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ وَطِئَ نَجَاسَةً عَمْدًا وَلَوْ يَابِسَةً، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ
(فَإِنْ سَهُلَ تَوَجُّهُ رَاكِبٍ غَيْرِ مَلَّاحٍ بِمَرْقَدٍ) كَهَوْدَجٍ وَسَفِينَةٍ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ (وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ) كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِتْمَامُ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِتَيَسُّرِهِ عَلَيْهِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ
ــ
[حاشية الجمل]
التَّحْقِيقِ بِخِلَافِ وَطْئِهَا نَاسِيًا وَهِيَ يَابِسَةٌ لِلْجَهْلِ بِهَا مَعَ مُفَارِقَتِهَا حَالًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ فَنَحَّاهَا حَالًا، فَإِنْ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا كَذَرْقِ طُيُورٍ عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى وَلَا رُطُوبَةَ ثَمَّ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا لَمْ تَضُرَّ وَلَا يُكَلَّفُ التَّحَفُّظَ وَلَا الِاحْتِيَاطَ فِي مَشْيِهِ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ ذَلِكَ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ غَرَضَ سَيْرِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَعَنَانُهَا بِيَدِهِ أَيْ، وَإِنْ طَالَ وَهَلْ مِثْلُ الْعَنَانِ الرِّكَابُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَمْلِهِ عَلَى رِجْلِهِ وَرَفَعَهَا وَهُوَ عَلَيْهَا لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضُرَّ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُتَّصِلًا بِهِ عُرْفًا.
وَقَوْلُهُ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى وَلَا رُطُوبَةَ أَيْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْمُرَادُ بِعُمُومِهَا كَثْرَةُ وُقُوعِهَا فِي الْمَحَلِّ بِحَيْثُ يَشُقُّ تَحَرِّي الْمَحَلِّ الطَّاهِرِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ جِهَةٌ خَالِيَةٌ عَنْهُ رَأْسًا يَسْهُلُ الْمُرُورُ بِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا يُكَلَّفُ التَّحَفُّظَ إلَخْ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَهُلَ تَوَجُّهُ رَاكِبٍ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْصِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَحَلُّهُ فِيمَا بَعُدَ إلَّا الْأُولَى، وَأَمَّا قَبْلَهَا فَهُوَ كَغَيْرِهِ فَلِذَلِكَ فَصَّلَهُ وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى تِسْعِ صُوَرٍ بَيَانُهَا أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي بَعْضِهَا أَوْ لَا يَسْهُلُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يُمْكِنَهُ إتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ لَا يُمْكِنُهُ إتْمَامُ شَيْءٍ مِنْهَا وَثَلَاثَةٌ فِي مِثْلِهَا بِتِسْعَةٍ وَبَيَانُ أَخْذِهَا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْطُوقَ الشَّرْطَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ، فَإِنْ سَهُلَ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا يَشْتَمِلُ عَلَى صُورَتَيْنِ وَمَفْهُومُهُمَا الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا يَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعٍ بَيَانُ السَّبْعَةِ أَنَّ مُحْتَرَزَ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ سُهُولَةُ التَّوَجُّهِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ يَنْتَظِمُ فِيهِ سِتَّ صُوَرٍ.
لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْهُلْ التَّوَجُّهُ فِي الْكُلِّ إمَّا أَنْ يَسْهُلَ فِي الْبَعْضِ أَوْ لَا يَسْهُلَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ أَصْلًا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ إمَّا أَنْ يُمْكِنَهُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ لَا يُمْكِنَهُ إتْمَامُ شَيْءٍ مِنْهَا وَثِنْتَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ الثَّانِي وَهُوَ سُهُولَةُ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ بَيَانُهَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ إتْمَامُ الْكُلِّ وَلَا الْبَعْضِ وَتَيَسَّرَ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ إذَا عَرَفْت هَذَا عَرَفْت أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْعِ أَرْبَعَ صُوَرٍ يَسْهُلُ التَّوَجُّهُ فِيهَا مِنْ الْكُلِّ فِي وَاحِدَةٍ وَفِي الْبَعْضِ فِي ثَلَاثَةٍ وَالْبَعْضُ صَادِقٌ بِالتَّحَرُّمِ وَغَيْرِهِ فَلِذَلِكَ اسْتَثْنَى مِنْ السَّبْعَةِ قَوْلَهُ إلَّا تَوَجَّهَ فِي تَحَرُّمِهِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يَدْخُلُ فِيهِ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْعَةِ فَظَهَرَ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ إنْ سَهُلَ وَهَذَا التَّقْيِيدُ يَدْخُلُ فِيهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِيهَا التَّوَجُّهُ فِي الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَمَّا كَانَ صَادِقًا بِالتَّحَرُّمِ وَغَيْرِهِ احْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ إنْ سَهُلَ وَيُخْرِجُ الرَّابِعَةَ وَهِيَ سُهُولَةُ التَّوَجُّهِ فِي الْكُلِّ إذْ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذِهِ أَنْ يَقُولَ إنْ سَهُلَ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بِمَرْقَدٍ) هُوَ مَكَانُ الرُّقَادِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ غَيْرُهُ كَالْقَتَبِ وَالسَّرْجِ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَضْعُ جِهَتِهِ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَهَوْدَجٍ) الْهَوْدَجُ مَرْكَبٌ لِلنِّسَاءِ وَالْمَحْمِلُ كَمَجْلِسٍ شَفَتَانِ عَلَى الْبَعِيرِ فِيهِمَا الْعَدِيلَانِ وَالْجَمْعُ مَحَامِلُ اهـ قَامُوسٌ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ وَسَفِينَةٍ) قَدْ سَوَّى الشَّارِحُ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر بَيْنَ رَاكِبِ السَّفِينَةِ وَرَاكِبِ غَيْرِهَا فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ كَاَلَّذِي فِي بَيْتِهِ، فَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامِ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ تَنَفَّلَ وَإِلَّا تَرَكَ التَّنَفُّلَ اهـ شَيْخُنَا وَالْهَوْدَجُ كَالسَّرْجِ وَنَحْوِهِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ خِلَافًا لِمَنْ أَلْحَقَهُ بِالسَّفِينَةِ كَالْعَلَّامَةِ الْبِرْمَاوِيِّ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ سَهُلَ التَّوَجُّهُ وَالْإِتْمَامُ تَنَفَّلَ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَيْخُنَا ح ف نَقْلًا عَنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ) أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِالْبَعْضِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا) الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ مَعًا لَا مَا يَصْدُقُ بِأَحَدِهِمَا فَعِبَارَةُ الْأَصْلِ أَظْهَرُ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى إتْمَامِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ مَعَ التَّوَجُّهِ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك سُقُوطُ مَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي هُنَا اهـ شَيْخُنَا كَحَاشِيَةِ سم وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَذِنَ أَنَّهُ إنْ سَهُلَ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ سِوَى إتْمَامِ رُكُوعٍ أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ وَالْإِتْمَامُ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ فَقَطْ وَهُوَ كَلَامٌ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ عَمِيرَةُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) مِنْ جُمْلَةِ مَا صَدُقَاتِهِ مَا لَوْ كَانَ رَاكِبًا فِي غَيْرِ مَرْقَدٍ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَنْ فِي مَرْقَدٍ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ أَيْ عَلَى الرَّاكِبِ مُطْلَقًا أَيْ بِمَرْقَدٍ أَوْ لَا تَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ
ذَلِكَ (فَلَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُ (إلَّا تَوَجَّهَ فِي تَحَرُّمِهِ إنْ سَهُلَ) بِأَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً وَأَمْكَنَ انْحِرَافُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَحْرِيفُهَا أَوْ سَائِرَةً وَبِيَدِهِ زِمَامُهَا وَهِيَ سَهْلَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ صَعْبَةً أَوْ مَقْطُورَةً وَلَمْ يُمْكِنْهُ انْحِرَافُهُ عَلَيْهَا وَلَا تَحْرِيفُهَا لَمْ يَلْزَمْهُ تَوَجُّهٌ لِلْمَشَقَّةِ وَاخْتِلَالِ أَمْرِ السَّيْرِ عَلَيْهِ. وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي غَيْرُ مَلَّاحٍ مَلَّاحُ السَّفِينَةِ وَهُوَ مُسَيِّرُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَوَجُّهٌ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ ذَلِكَ يَقْطَعُهُ عَنْ النَّفْلِ أَوْ عَمَلِهِ وَمَا ذَكَرْته مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ، وَإِنْ سَهُلَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الِانْعِقَادَ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا ذَكَرَاهُ بَعِيدٌ ثُمَّ نَقَلَ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ مَا ذَكَرَاهُ
ــ
[حاشية الجمل]
ذَلِكَ) أَيْ التَّوَجُّهُ فِي الْجَمِيعِ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَهَذَا يَصْدُقُ بِمَا إذَا سَهُلَ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ مَعَ عَدَمِ إتْمَامِ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ وَبِمَا إذَا لَمْ يَسْهُلْ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ بَلْ فِي بَعْضِهَا وَأَمْكَنَهُ إتْمَامُ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا وَبِمَا إذَا سَهُلَ التَّوَجُّهُ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ مَعَ عَدَمِ إتْمَامِ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ أَوْ إتْمَامِ بَعْضِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّوَجُّهِ فِي كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَقَدْ سَهُلَ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ إلَى التَّوَجُّهِ خَاصَّةً دُونَ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي نَحْوِ الْهَوْدَجِ، وَأَمَّا فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْمَلَّاحِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّوَجُّهِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ، فَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَرَكَ التَّنَفُّلَ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُؤَلِّف إسْقَاطُ لَفْظِ السَّفِينَةِ اهـ ح ل.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ غَيْرُ الْمَلَّاحِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُقِيمِ، فَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَإِتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ تَنَفَّلَ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا الرَّاكِبُ فِي مَرْقَدٍ أَوْ هَوْدَجٍ أَوْ مَحْمِلٍ أَوْ عَلَى سَرْجٍ أَوْ بَرْذَعَةٍ أَوْ رَحْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَحُكْمُهُمْ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمَاتِنِ، فَإِنْ سَهُلَ تَوَجُّهُ رَاكِبٍ غَيْرِ مَلَّاحٍ بِمَرْقَدٍ إلَخْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بِمَرْقَدٍ أَيْ مَثَلًا كَمَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ قَوْلِهِ فَلِمُسَافِرٍ تَنَفَّلَ رَاكِبًا إذْ قَوْلُهُ رَاكِبًا يَشْمَلُ الرَّاكِبَ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَكَمَا أَنَّ هَذَا الْحَاصِلَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمُحَشِّي هُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الشَّوْبَرِيِّ وَالشَّيْخِ سُلْطَانٍ وَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الْبِرْمَاوِيِّ مِنْ أَنَّ رَاكِبَ الْمَرْقَدِ وَالْمِحَفَّةِ وَالْهَوْدَجِ مِثْلُ رَاكِبِ السَّفِينَةِ وَأَنَّ التَّفْصِيلَ الْوَاقِعَ فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ سَهُلَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِي رَاكِبٍ عَلَى سَرْجٍ أَوْ قَتَبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَتَدَبَّرْ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: إلَّا تَوَجَّهَ فِي تَحَرُّمِهِ) فَلَوْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَدَا لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى اسْتِقْبَالٍ عِنْدَ نِيَّةِ الزِّيَادَةِ أهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَلَّاحُ السَّفِينَةِ) وَمِثْلُهُ مُسَيِّرُ الْمَرْقَدِ وَحَامِلُ السَّرِيرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر فَحُكْمُ الْكُلِّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ إتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ وَلَا بَعْضِهَا، وَإِنْ سَهُلَ وَلَا التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْبَعْضِ، وَإِنْ سَهُلَ إلَّا فِي التَّحْرِيمِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمْ إنْ سَهُلَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت سُقُوطَ مَا لِلرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر مِنْ التَّنْظِيرِ فِي إلْحَاقِ مُسَيِّرِ الْمَرْقَدِ بِالْمَلَّاحِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُسَيِّرُهَا) أَيْ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا بِحَيْثُ يَخْتَلُّ أَمْرُهُ لَوْ اشْتَغَلَ عَنْهَا اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَهُوَ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُعَدِّينَ لِتَسْيِيرِهَا كَمَا لَوْ عَاوَنَ بَعْضَ الرُّكَّابِ أَهْلَ الْعَمَلِ فِيهَا فِي بَعْضِ أَعْمَالِهِمْ انْتَهَتْ وَوَصَفَ مُجْرِي السَّفِينَةِ بِالْمَلَّاحِ مِنْ الْمِلَاحَةِ لِإِصْلَاحِ شَأْنِ السَّفِينَةِ وَقِيلَ إنَّهُ وَصْفٌ لِلرِّيحِ وَيُسَمَّى بِهِ الْمُسَيِّرِ لَهَا لِمُلَابَسَتِهِ وَقِيلَ: إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ مُعَالَجَةِ الْمَاءِ الْمِلْحَ بِإِجْرَاءِ السَّفِينَةِ فِيهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِنْ فَصْلِ الِاصْطِدَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ تَوَجُّهٌ) أَيْ وَلَا إتْمَامٌ لِشَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَإِنْ سَهُلَ عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَوَجُّهٌ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَوْ فِي التَّحَرُّمِ، وَإِنْ سَهُلَ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهُ فِيهِ إنْ سَهُلَ وَلَا يَلْزَمُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ كَرَاكِبِ الدَّابَّةِ قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ ع ش وَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ مِنْ أَنَّ الْمَلَّاحَ لَا يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ لَا فِي التَّحَرُّمِ وَلَا فِي غَيْرِهِ لَا قَائِلَ بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: يَقْطَعُهُ عَنْ النَّفْلِ) أَيْ إنْ قَدَّمَ عَمَلَهُ أَيْ شَغَلَهُ الَّذِي يَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ النَّفْلِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَمَلَهُ أَيْ إنْ قَدَّمَ النَّفَلَ عَلَى الْعَمَلِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ إلَّا تَوَجَّهَ فِي تَحَرُّمِهِ إلَخْ اهـ ح ل وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ إلَّا فِي شِدَّةِ خَوْفٍ اهـ ح ل وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ إلَّا فِي شِدَّةِ خَوْفٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ نُقِلَ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ مَا ذَكَرَاهُ) وَهُوَ إيجَابُ التَّوَجُّهِ فِي كُلِّ مَا سَهُلَ عَلَيْهِ غَيْرُ التَّحَرُّمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُسَافِرٍ وَسُهُولَةُ مَا ذُكِرَ لَا تَتَقَيَّدُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ تُوجَدُ فِيهَا لَوْ كَانَتْ سَائِرَةً وَبِيَدِهِ زِمَامُهَا وَهِيَ سَهْلَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمَا فِيمَا إذَا كَانَتْ سَهْلَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ، وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إنَّهُ مَهْمَا دَامَ وَاقِفًا لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ انْتِظَارِ رُفْقَةٍ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ مَا دَامَ وَاقِفًا، فَإِنْ سَارَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ إنْ كَانَ سَيْرُهُ لِأَجْلِ سَيْرِ الرُّفْقَةِ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسِيرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْوُقُوفِ لَزِمَهُ فَرْضُ التَّوَجُّهِ
(وَلَا يَنْحَرِفُ) عَنْ صَوْبِ طَرِيقِهِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقِبْلَةِ (إلَّا لِقِبْلَةٍ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، فَإِنْ انْحَرَفَ إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَمَحَتْ دَابَّتُهُ وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ (وَيَكْفِيه إيمَاءٌ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيُومِئُ (بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (أَخْفَضَ) مِنْ الرُّكُوعِ تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَذَا الْبُخَارِيُّ لَكِنْ بِدُونِ تَقْيِيدِ السُّجُودِ بِكَوْنِهِ أَخْفَضَ وَبِذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي سُجُودِهِ وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ أَوْ سَرْجِهَا أَوْ
ــ
[حاشية الجمل]
انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا ذَكَرَاهُ) وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى سَهُلَ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَلَوْ فِي السَّلَامِ وَجَبَ وَمِمَّا ذَكَرَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا التَّوَجُّهُ فِي التَّحَرُّمِ إنْ سَهُلَ وَلَا يَجِبُ التَّوَجُّهُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ سَهُلَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَا يَنْحَرِفُ إلَّا لِقِبْلَةٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا الْمَفْرُوضُ فِي الرَّاكِبِ لَكِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ الْمَاشِي لِيَرْجِعَ لَهُ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَيَكْفِيه إيمَاءٌ إلَخْ رَاجِعٌ أَيْضًا لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَيْخُنَا.
وَلَا نَاهِيَةٌ وَعَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَيَحْرُمُ انْحِرَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ إذْ الشَّيْءُ قَدْ يَحْرُمُ مَعَ الصِّحَّةِ بِخِلَافِ النَّهْيِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي مُخَالَفَتِهِ الْفَسَادُ وَقَدْ يُقَالُ الْحُرْمَةُ أَيْضًا يَلْزَمُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نَهْيٌ فَمَا حِكْمَةُ الْعُدُولِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا أَخْصَرُ أَوْ يُقَالُ فَرْقٌ بَيْنَ دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ وَدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ تَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَعَدَمُ السُّنِّيَّةِ وَالْبُطْلَانِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَتْ نَصًّا فِي الْبُطْلَانِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْ صَوْبِ طَرِيقِهِ) إنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ مَعَ مُضِيِّهِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الِانْحِرَافِ مَعَ قَطْعِهَا فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ لَهُ تَرْكَهَا وَيَجُوزُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ مَقْلُوبًا بِالْجِهَةِ الْقِبْلَةَ لَكِنْ لَا يُكَلَّفُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقِبْلَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَيُصَلِّي صَوْبَ مَقْصِدِهِ، وَإِنْ كَانَ لِمَقْصِدِهِ طَرِيقٌ آخَرُ يَسْتَقْبِلُ فِيهِ الْقِبْلَةَ مُسَاوٍ لَهُ مَسَافَةً وَسُهُولَةً وَسَلَكَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ لَا لِغَرَضٍ لِتَوَسُّعِهِمْ فِي النَّفْلِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا إلَّا لِقِبْلَةٍ) أَيْ وَلَوْ بِرُكُوبِهِ مَقْلُوبًا فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ أَمْ يَسَارِهِ أَمْ خَلْفِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لِكَوْنِهِ وَصَلَةً لِلْأَصْلِ إذْ لَا يَتَأَتَّى الرُّجُوعُ إلَيْهِ إلَّا بِهِ فَيَكُونُ مُغْتَفَرًا كَمَا لَوْ تَغَيَّرَتْ نِيَّتُهُ عَنْ مَقْصِدِهِ الَّذِي صَلَّى إلَيْهِ وَعَزَمَ أَنْ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِهِ أَوْ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ، فَإِنَّهُ يَصْرِفُ وَجْهَهُ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَتَكُونُ هِيَ قِبْلَتَهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْأُولَى قِبْلَتَهُ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الْعَزِيمَةُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ جَمَحَتْ دَابَّتُهُ) وَلَوْ انْحَرَفَتْ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ جِمَاحٍ وَهُوَ غَافِلٌ عَنْهَا ذَاكِرًا لِلصَّلَاةِ فَفِي الْوَسِيطِ إنْ قَصُرَ الزَّمَانُ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ اهـ وَأَوْجُهُمَا الْبُطْلَانُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي الْمُخْتَارِ جَمَحَ الْفَرَسُ أَعْجَزَ رَاكِبَهُ وَغَلَبَهُ وَبَابُهُ خَضَعَ وَجِمَاحًا أَيْضًا بِالْكَسْرِ فَهُوَ فَرَسٌ جَمُوحٌ بِالْفَتْحِ وَجَمَحَ أَسْرَعَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 57] اهـ (قَوْلُهُ: وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَكِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّ عَمْدَ ذَلِكَ مُبْطِلٌ وَفِعْلُ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَحَّحَاهُ فِي الْجِمَاحِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي النِّسْيَانِ وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نَقَلَا عَنْ الشَّافِعِيِّ عَدَمَ السُّجُودِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيَكْفِيه إيمَاءٌ) مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الرَّاكِبُ غَيْرُ الْمَلَّاحِ الْمُتَعَذِّرُ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر لَكِنْ هُوَ صَحِيحٌ حُكْمًا لَا مَرْجِعًا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيُومِئُ) أَيْ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْإِيمَاءَ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ جِهَتِهِ عَلَى عُرْفِهَا مَثَلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا الْإِيهَامُ إنَّمَا هُوَ فِي السُّجُودِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر وَيُومِئُ بِالْهَمْزَةِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا) وَلَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى أَكْمَلِ الرُّكُوعِ دُونَ مَا زَادَ كَرَّرَهُ مَرَّتَيْنِ كَمَا فِي الْخَادِمِ اهـ ح ل وَفِي الْمُخْتَارِ أَوْمَأْت إلَيْهِ أَشَرْت وَلَا تَقُلْ أَوْ مَيْت وَوَمَأْت إلَيْهِ أَمَأُ وَمْأً مِثْلُ وَضَعْت أَضَعُ وَضْعًا لُغَةً اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَمَأْت إلَيْهِ إيمَاءً أَشَرْت إلَيْهِ بِحَاجِبٍ أَوْ يَدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَفِي لُغَةِ وَمَأْت أَمَأُ وَمْأً مِنْ بَابِ وَقَعَ وَسَقَطَتْ الْوَاوُ كَمَا سَقَطَتْ مِنْ يَقَعْ اهـ وَفِي هَامِش الْقَسْطَلَّانِيِّ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي الْعِزِّ الْعَجَمِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْإِيمَاءُ الْإِشَارَةُ بِالْأَعْضَاءِ كَالرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ يُقَالُ أَوْمَأْت إلَيْهِ أُومِئُ إيمَاءً وَوَمَأْت لُغَةً فِيهِ وَلَا يُقَالُ أَوْ مَيْت وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْحَدِيثِ غَيْرَ مَهْمُوزَةٍ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ فِي قَرَأْت قَرَيْت وَهَمْزَةُ الْإِيمَاءِ زَائِدَةٌ وَبَابُهَا الْوَاوُ (قَوْلُهُ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ) شَامِلٌ لِغَيْرِ الْفَرَسِ وَفِي الْمُخْتَارِ الْعُرْفُ ضِدُّ النُّكُرِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْعُرْفُ أَيْضًا عُرْفُ الْفَرَسِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُضَافُ لِغَيْرِ الْفَرَسِ مِنْ الدَّوَابِّ ثُمَّ قَالَ وَالْمَعْرِفَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْعُرْفُ اهـ وَفِي الْقَامُوسِ وَالْعُرْفُ بِالضَّمِّ شَعْرُ عُنُقِ الرَّأْسِ وَتُضَمُّ رَاؤُهُ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَعُرْفُ الدَّابَّةِ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي مُحَدَّبِ
نَحْوِهِ (وَالْمَاشِي يُتِمُّهُمَا) أَيْ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ (وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا وَفِي تَحَرُّمِهِ) وَفِيمَا زِدْته بِقَوْلِي (وَجُلُوسِهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ وَلَهُ الْمَشْيُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ لِطُولِ زَمَنِهِ أَوْ سُهُولَةِ الْمَشْيِ فِيهِ.
(وَلَوْ صَلَّى) شَخْصٌ (فَرْضًا) عَيْنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (عَلَى دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ وَتَوَجَّهَ) الْقِبْلَةَ (وَأَتَمَّهُ) أَيْ الْفَرْضَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ (جَازَ) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً لِاسْتِقْرَارِهِ فِي نَفْسِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَكُونَ سَائِرَةً أَوْ لَمْ يَتَوَجَّهْ أَوْ لَمْ يُتِمَّ الْفَرْضَ (فَلَا) يَجُوزُ لِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقَةِ وَلِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا فِي نَفْسِهِ نَعَمْ إنْ خَافَ مِنْ نُزُولِهِ عَنْهَا انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ أَوْ نَحْوِهِ صَلَّى عَلَيْهَا وَأَعَادَ كَمَا مَرَّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنْ قَوْلِي وَإِلَّا فَلَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سَائِرَةً فَلَا وَلَوْ صَلَّى عَلَى سَرِيرٍ
ــ
[حاشية الجمل]
رَقَبَتِهَا اهـ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ الشَّارِحِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْمَاشِي يُتِمُّهُمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إتْمَامُهُمَا أَوْ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ فِيهِمَا لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ مَثَلًا لَمْ يَتَنَفَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بِالْمَعْنَى أَقُولُ وَلَوْ قِيلَ يَتَنَفَّلُ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ الْمُجَوِّزَةَ لِتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ فِي السَّفَرِ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ بِالطَّرِيقِ وَحْلٌ إلَخْ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَالْمَاشِي يُتِمُّهُمَا) أَيْ إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ يَمْشِي فِي وَحْلٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ مَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ كَمَالُ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ لُزُومُهُ وَاشْتِرَاطُهُ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يَكْفِيه الْإِيمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَتَلْوِيثِ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ بِالطِّينِ، وَقَدْ وَجَّهُوا وُجُوبَ إكْمَالِهِ بِالتَّيَسُّرِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَإِلْزَامُهُ بِالْكَمَالِ يُؤَدِّي إلَى التَّرْكِ جُمْلَةً اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَنْ يُقَالَ يَكْفِيه الْإِيمَاءُ إلَخْ وَلَا تُسَنُّ إعَادَةُ النَّفْلِ الرَّاتِبِ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِيه الْإِيمَاءُ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يُبَالِغُ فِي ذَلِكَ بِحَيْثُ يَقْرُبُ مِنْ الْوَحْلِ كَمَنْ حُبِسَ بِمَوْضِعٍ نَجِسٍ وَكَمَا فِي مَنْ يُصَلِّي النَّفَلَ قَاعِدًا إذَا عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ فِي السَّفَرِ خُفِّفَ فِيهِ وَحَيْثُ وُجِدَتْ مَشَقَّةٌ سَقَطَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَيَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ الْإِيمَاءِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجُلُوسُهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) هَذَا فِي غَيْرِ الْمَاشِي زَحْفًا أَوْ حَبْوًا أَمَّا هُوَ فَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي حَقِّهِ كَالِاعْتِدَالِ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْمَشْيُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قِيَامٍ وَاعْتِدَالٍ وَتَشَهُّدٍ وَلَوْ أَوَّلَ وَكَذَا سَلَامٌ وَبِهِ يَنْتَظِمُ قَوْلُهُمْ يَسْتَقْبِلُ فِي أَرْبَعٍ وَيَمْشِي فِي أَرْبَعٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَبَيْنَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنَّ مَشْيَ الْقَائِمِ سَهْلٌ فَسَقَطَ عَنْهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ لِيَمْشِيَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ سَفَرِهِ قَدْرَ مَا يَأْتِي بِهِ بِالذِّكْرِ الْمَسْنُونِ فِيهِ وَمَشْيُ الْجَالِسِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْقِيَامِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَزِمَهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى فَرْضًا) هَذَا مَفْهُومُ النَّفْلِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ السَّابِقِ لَكِنَّهُ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ لِلْمُقِيمِ أَيْ فَلَا يَجُوزُ الْفَرْضُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا بِهَذِهِ الشُّرُوطِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْمُعَادَةِ وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ فَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَالْفُرُوضِ الْعَيْنِيَّةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ م ر مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ أَصْلِهِ فَاغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ الْحَوَاشِي فَنَقْلُهُ كَلَامٌ غَيْرُ مُحَرَّرٍ؛ لِأَنَّهُ سَاقَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ) وَكَالْوَاقِفَةِ مَا لَوْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ مُمَيِّزٍ وَكَذَا حَامِلُ السَّرِيرِ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْ حَامِلِيهِ حَيْثُ ضُبِطَ بَاقِيهِمْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُسَيِّرُ السَّفِينَةِ غَيْرَهُ لِعَدَمِ نِسْبَةِ سَيْرِ مَا ذَكَرَهُ إلَيْهِ وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ طَوَافُهُ عَلَيْهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقَةِ) هِيَ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ وَلَمْ يُؤْخَذْ بِقَضِيَّتِهَا فَيُمْنَعُ مِنْ صَلَاتِهِ عَلَيْهَا وَاقِفَةً مَعَ التَّوَجُّهِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تُرِكَ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا لِمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ الْخَلَلِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ وَثَبَتَ وَثْبَةً فَاحِشَةً أَوْ سَارَتْ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةً بُطْلَانَ الصَّلَاةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ز ي اهـ شَوْبَرِيٌّ وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ غَيْرِهِ وَكَانَ مُمَيِّزًا وَالْتَزَمَ بِهَا الْقِبْلَةَ وَاسْتَقْبَلَ الرَّاكِبُ وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ م ر وَصَرَّحَ بِهِ سم اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَيْهَا) أَيْ بِخِلَافِ السَّفِينَةِ، فَإِنَّهَا كَالدَّارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَافَ مِنْ نُزُولٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ إنْ خَافَ مِنْ النُّزُولِ عَنْهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، وَإِنْ قَلَّ أَوْ فَوَّتَ رُفْقَتَهُ إذَا اسْتَوْحَشَ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ أَوْ خَافَ وُقُوعَ مُعَادِلِهِ لِمَيْلِ الْحَمْلِ أَوْ تَضَرُّرَ الدَّابَّةِ أَوْ احْتَاجَ فِي نُزُولِهِ إذَا رَكِبَ إلَى مُعَيَّنٍ وَلَيْسَ مَعَهُ أَجِيرٌ لِذَلِكَ وَلَمْ يَتَوَسَّمْ مِنْ نَحْوِ صَدِيقٍ إعَانَتَهُ فَلَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ عَلَيْهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ وَيُعِيدُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا نَعَمْ إنْ خَافَ مِنْ نُزُولِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الرَّاكِبِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَاشِي الْخَائِفُ كَذَلِكَ فَيُصَلِّي مَاشِيًا كَالنَّافِلَةِ وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ لِنُدْرَةِ الْعُذْرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ حَجّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى سَرِيرٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّرِيرَ مَنْسُوبٌ لِحَامِلِهِ دُونَ رَاكِبِهِ وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّابَّةِ
مَحْمُولٍ عَلَى رِجَالٍ سَائِرِينَ بِهِ صَحَّ.
(وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَلَوْ فِي عَرْصَتِهَا لَوْ انْهَدَمَتْ (أَوْ عَلَى سَطْحِهَا وَتَوَجَّهَ شَاخِصًا مِنْهَا) كَعَتَبَتِهَا أَوْ بَابِهَا وَهُوَ مَرْدُودٌ أَوْ خَشَبَةٍ مَبْنِيَّةٍ أَوْ مُسَمَّرَةٍ فِيهِ أَوْ تُرَابٍ جُمِعَ مِنْهَا (ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ (تَقْرِيبًا) مِنْ زِيَادَتِي (جَازَ) أَيْ مَا صَلَّاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ لِأَنَّهُ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَ
ــ
[حاشية الجمل]
السَّائِرَةِ بِنَفْسِهَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ السَّائِرِينَ بِالسَّرِيرِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُرَاعَى جِهَةُ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ مَنْ يَلْزَمُ لِجَامَهَا أَيْ وَهُوَ مُمَيِّزٌ وَيُسَيِّرُهَا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ ذَلِكَ مِنْهُ مَسْأَلَةُ الْبَدْرِ بْنِ شُهْبَةَ وَهِيَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي الْمِحَفَّةِ السَّائِرَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ زِمَامُ الدَّابَّةِ يُرَاعِي الْقِبْلَةَ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ أَيْ فِي آخِرِ التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ الْعُذْرَ النَّادِرَ تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ أَوْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي الْعَاجِزِ أَوْ فِيهِمَا اهـ شَيْخُنَا وَفِي ع ش عَلَى الْمَوَاهِبِ مَا نَصُّهُ عِبَارَةُ شَيْخِنَا ح ل وَاخْتُلِفَ هَلْ أَذَّنَ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ فَقِيلَ نَعَمْ أَذَّنَ مَرَّةً وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَيْ وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ فِي السَّفَرِ وَصَلَّى وَهُمْ عَلَى رَوَاحِلِهِمْ فَتَقَدَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهِمْ يُومِئُ إيمَاءً بِجَعْلِ السُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ» اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ سَنَدَهُ.
وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ لِمَانِعٍ مَنَعَهُمْ مِنْ النُّزُولِ وَفِي تُحْفَةِ حَجّ عَلَى الْمِنْهَاجِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَوْ صَلَّى فَرْضًا عَلَى دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ النُّزُولِ عَنْهَا كَأَنْ خَشِيَ مِنْهُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً أَوْ خَوْفَ الرُّفْقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْوَحْشَةِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فَيُصَلِّي عَلَيْهَا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ اهـ وَخَالَفَهُ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ يُومِئُ وَيُعِيدُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: عَلَى سَرِيرٍ) وَمِنْهُ الْأُرْجُوحَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهِيَ مَا تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ بِالْمُرْجِيحَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَلَى سَرِيرٍ أَوْ أُرْجُوحَةٍ مُعَلَّقَةٍ بِحِبَالٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى رِجَالٍ) أَيْ عُقَلَاءَ، فَإِنْ كَانُوا مَجَانِينَ فَكَالدَّابَّةِ لِنِسْبَةِ السَّيْرِ إلَى الرَّاكِبِ اهـ عَبْدُ رَبِّهِ فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَجَانِينَ وَبَعْضُهُمْ عُقَلَاءَ أَفْتَى شَيْخُنَا إنْ كَانَ غَيْرُ الْعُقَلَاءِ تَابِعِينَ لِلْعُقَلَاءِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ سم قَالَ الْأَطْفِيحِيُّ الْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ) وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَفْضَلُهَا جِهَةُ الْبَابِ وَالصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَهَا إلَّا لِنَحْوِ جَمَاعَةٍ خَارِجَهَا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَحَلِّهَا كَالْجَمَاعَةِ بِبَيْتِهِ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَالنَّافِلَةِ بِبَيْتِهِ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهَا بِالْمَسْجِدِ وَلَوْ الْكَعْبَةَ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ أَفْضَلَ مِنْهُ بَلْ نَقَلَ الطُّرْطُوشِيُّ الْمَالِكِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ النَّافِلَةَ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ حَتَّى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ نَعَمْ النَّفَلُ ذُو السَّبَبِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي بَيْتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَوَجَّهَ شَاخِصًا مِنْهَا إلَخْ) أَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ مَا ذُكِرَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى فِيهِ أَيْ فِي الْبَيْتِ لَا إلَيْهِ، وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا لِمَنْ هُوَ خَارِجُهَا هُدِمَتْ أَوْ وُجِدَتْ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى عُرْفًا مُسْتَقْبِلًا لَهَا بِخِلَافِ مَنْ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ فِي هَوَائِهَا فَلَا يُسَمَّى عُرْفًا مُسْتَقْبِلًا لَهَا اهـ حَجّ وَلَوْ زَالَ ذَلِكَ الشَّاخِصُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ بِخِلَافِ زَوَالِ الرَّابِطَةِ اهـ زي؛ لِأَنَّ أَمْرَ الِاسْتِقْبَالِ فَوْقَ أَمْرِ الرَّابِطَةِ اهـ سم، وَإِنَّمَا كَانَ الِاسْتِقْبَالُ فَوْقَ الرَّابِطَةِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَالرَّابِطَةُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجَمَاعَةِ اهـ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَمَّرَةٍ فِيهَا) مِنْ سَمَّرَهُ وَبَابُهُ قَتَلَ وَالتَّثْقِيلُ مُبَالَغَةٌ فِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَلَوْ سَمَّرَهَا هُوَ لِيُصَلِّيَ إلَيْهَا ثُمَّ يَأْخُذَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَمَالَ م ر إلَى هَذَا الْخِلَافِ وَارْتَضَاهُ اهـ سم وَفِي حَجّ أَنَّهُ يَكْفِي اسْتِقْبَالُ الْوَتَدِ الْمَغْرُوزِ فَتَقْيِيدُ الْخَشَبَةِ بِالْمُسَمَّرَةِ وَالْمَبْنِيَّةِ لَيْسَ لِلتَّخْصِيصِ بَلْ يَكْفِي ثُبُوتُهَا وَلَوْ بِغَيْرِ بِنَاءٍ وَسَمْرٍ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ح ل وزي اهـ (قَوْلُهُ أَوْ تُرَابٍ جُمِعَ مِنْهَا) أَيْ دُونَ مَا تُلْقِيهِ الرِّيَاحُ وَالْأَحْجَارُ الْمَقْلُوعَةُ مِنْهَا كَالتُّرَابِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) أَيْ ارْتِفَاعِهِ ذَلِكَ أَيْ وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرَ وَخَرَجَ بَعْضُ بَدَنِهِ عَنْ مُحَاذَاةِ الشَّاخِصِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ بِبَعْضِ بَدَنِهِ جُزْءًا مِنْهَا وَبِبَاقِيهِ هَوَاءَهَا لَكِنْ تَبَعًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ إنْ بَعُدَ عَنْهُ إلَخْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي وَقَاضِي الْحَاجَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ السَّتْرُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا مَعَ الْقُرْبِ وَهُنَا إصَابَةُ الْعَيْنِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْبُعْدِ وَالْقُرْبِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَمَّا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ دُونَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا كَحَشِيشٍ نَابِتٍ وَعَصًا مَغْرُوزَةٍ بِهَا فَلَا يَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ اهـ زي وَهُوَ يُخَالِفُ مَا فِي حَجّ فِي الْعَصَا الْمَغْرُوزَةِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي) أَيْ كَسُتْرَةِ
كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلِي شَاخِصًا مِنْهَا أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ (وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَلَا حَائِلَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَأَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ أَوْ سَطْحٍ بِحَيْثُ يُعَايِنُهَا (لَمْ يَعْمَلْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ مِنْ تَقْلِيدٍ أَوْ قَبُولِ خَبَرٍ أَوْ اجْتِهَادٍ لِسُهُولَةِ عِلْمِهَا فِي ذَلِكَ وَكَالْحَاكِمِ إذَا وَجَدَ النَّصَّ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّقْلِيدِ وَالِاجْتِهَادِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْهُ عِلْمُهَا أَوْ أَمْكَنَهُ وَثَمَّ حَائِلٌ كَجَبَلٍ وَبِنَاءٍ (اعْتَمَدَ ثِقَةً) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ) لَا عَنْ اجْتِهَادٍ كَقَوْلِهِ أَنَا أُشَاهِدُ الْكَعْبَةَ وَلَا يُكَلَّفُ الْمُعَايَنَةَ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُصَلِّي فَالْمَعْنَى عَلَى التَّشْبِيهِ وَقَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا بَيَانٌ لِلْجَامِعِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا أَيْ عَنْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي بَيَانٌ لِحُكْمِ الْأَصْلِ أَيْ لِدَلِيلِ حُكْمِ الْأَصْلِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) بِمِيمٍ مَضْمُونَةٍ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ مَكْسُورَةٌ أَوْ مَفْتُوحَةٌ مُخَفَّفَةٌ فِيهِمَا وَيُقَالُ مُؤَخَّرَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَوْ الْمَكْسُورَةِ وَقَدْ تُبْدَلُ الْهَمْزَةُ وَاوًا يُقَالُ آخِرُهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ مَعَ كَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْحَقِيبَةُ الْمَحْشُوَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الرَّاكِبُ خَلْفَهُ مِنْ كُورِ الْبَعِيرِ وَالرَّحْلُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي التَّوْشِيحِ لِلسُّيُوطِيِّ أَنَّهَا الْعُودُ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ الرَّاكِبُ فِي آخِرِ الرَّحْلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ سَهُلَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ رَقِيقًا بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْكَعْبَةُ) أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَالْقُطْبِ وَمَوْقِفُهُ صلى الله عليه وسلم إذَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ، وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ بِالْآحَادِ فَكَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ كَالْقُطْبِ أَيْ بَعْدَ الِاهْتِدَاءِ إلَيْهِ وَمَعْرِفَتِهِ يَقِينًا وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ بِهِ فِي كُلِّ قُطْرٍ، وَأَمَّا إذَا فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يَجْتَهِدُ مَعَهَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَهُوَ بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ فِي بَنَاتِ نَعْشِ الصُّغْرَى اهـ شَيْخُنَا ح فُ (قَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ الْكَعْبَةُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلِمَ الْقِبْلَةَ وَهِيَ أَوْلَى إذْ مِثْلُ الْكَعْبَةِ مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِينَ الْمُعْتَمَدَةُ فِي أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا لَمْ يَعْمَلْ بِغَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) أَيْ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِهَا، وَإِنْ احْتَمَلَ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الْأَعْمَى مَثَلًا إذَا أَمْكَنَهُ التَّحْسِيسُ عَلَيْهَا لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ لِكَثْرَةِ الصُّفُوفِ وَالزِّحَامِ فَيَكُونُ كَالْحَائِلِ هَكَذَا ظَهَرَ وَعَرَضْته عَلَى شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ فَوَافَقَ اهـ سم وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَعْمَى مُسْتَفَادٌ مِنْ تَفْسِيرِهِمْ الْإِمْكَانَ بِالسُّهُولَةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ عَلَى الصَّفَا وَكَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأَمِينَ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ كَانَ مُودَعًا فِيهِ عَامَ الطُّوفَانِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ آدَمَ عليه الصلاة والسلام اقْتَبَسَ مِنْهُ النَّارَ الَّتِي فِي أَيْدِي النَّاسِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُعَايِنُهَا) قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ أَيْ بِحَيْثُ تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهَا كَأَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ لَا أَنَّهُ يُعَايِنُهَا بِالْفِعْلِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُعَايِنُهَا بِالْفِعْلِ فَيُقَالُ لَهُ عَالِمٌ بِهَا لَا أَنَّهُ يُمْكِنُهُ عِلْمُهَا فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ هَذِهِ أَمْثِلَةً لِقَوْلِهِ وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِأَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ بِمَكَّةَ وَلَا حَائِلَ أَوْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ أَوْ عَلَى سَطْحٍ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُعَايَنَتِهَا وَحَصَلَ لَهُ شَكٌّ فِيهَا لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ مُرَادُهُ بِالظُّلْمَةِ الظُّلْمَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ الْمُعَايَنَةِ فِي الْحَالِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّوَصُّلِ إلَى الْمُعَايَنَةِ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ إذْ هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَالْحَاكِمِ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ إذَا وَجَدَ النَّصَّ فَلَا يَرْجِعُ لِتَقْلِيدِ غَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اعْتَمَدَ ثِقَةً إلَخْ) مَعَ قَوْلِهِ قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا يَقْتَضِي هَذَا الصَّنِيعُ أَنَّ اعْتِمَادَ الثِّقَةِ الْمَذْكُورِ لَا يُسَمَّى تَقْلِيدًا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ التَّقْلِيدَ أَخْذُ قَوْلِ الْمُجْتَهِدِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ وَالْمُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ لَيْسَ مُجْتَهِدًا حَتَّى يَكُونَ أَخَذَ قَوْلَهُ تَقْلِيدًا،.
وَعِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ التَّقْلِيدُ أَخْذُ قَوْلِ الْمُجْتَهِدِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً) قَدْ يَشْمَلُ التَّعْبِيرُ بِالثِّقَةِ دُونَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ مَنْ يَرْتَكِبُ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الْفِسْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَشْعُرُ بِهِ قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ غَيْرُهُ كَفَاسِقٍ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ قَبُولِ خَبَرِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ أَنَا أُشَاهِدُ الْكَعْبَةَ) أَيْ أَوْ الْمِحْرَابَ الْمُعْتَمَدَ أَوْ قَالَ: رَأَيْت الْقُطْبَ أَوْ نَحْوَهُ أَوْ رَأَيْت الْجَمْعَ الْكَثِيرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُصَلَّوْنَ هَكَذَا فَفِي هَذَا كُلِّهِ يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ بَلْ يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ، فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ لَزِمَهُ سُؤَالُهُ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي سُؤَالِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَيَسْأَلُ مَنْ دَخَلَ دَارِهِ وَلَا يَجْتَهِدُ نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُخْبِرُ عَنْ اجْتِهَادٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ زي.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ الْمُعَايَنَةَ إلَخْ) وَمِنْهَا تَكْلِيفُ الْأَعْمَى الذَّهَابَ إلَى حَائِطِ الْمِحْرَابِ مَعَ وُجُودِ الصُّفُوفِ أَوْ تَعَثُّرِهِ بِالْجَالِسِينَ أَوْ السَّوَارِي أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ تَكْلِيفُهُ الصَّلَاةَ خَلْفَ إمَامٍ بَعِيدٍ عَنْ حَائِطِ الْمِحْرَابِ وَقَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْأَعْمَى إذَا اسْتَدَلَّ عَلَى الْقِبْلَةِ بِنَصْبِ حَصِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ وَجَّهَهُ شَخْصٌ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَابِ سَوَاءٌ سَهُلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْمِحْرَابِ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ خَالِيًا.
فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْمِحْرَاب إلَّا فِي أَيَّامِ الْعِيدِ وَنَحْوِهِ إذَا كَثُرَ النَّاسُ وَعَجَزَ عَنْ مَسِّ
بِصُعُودِ حَائِلٍ أَوْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلْمَشَقَّةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ مَعَ وُجُودِ إخْبَارِ الثِّقَةِ، وَفِي مَعْنَاهُ رُؤْيَةُ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ بِبَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ يَكْثُرُ طَارِقُوهُ، وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ غَيْرُهُ كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمِحْرَابِ، وَإِجْمَاعُ الْعُمْيَان عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ جَهْلٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الشبراملسي فِي ذَلِكَ وَهُوَ فُسْحَةٌ عَظِيمَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِصُعُودِ حَائِلٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَثَلَاثِ دَرَجٍ (وَقَوْلُهُ أَوْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ قَرُبَ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ.
وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ نَعَمْ إنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ ثِقَةٍ مُخْبِرٍ عَنْ عِلْمٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ إخْبَارِ الثِّقَةِ) وَيُكَلَّفُ الذَّهَابَ إلَى مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ وَسُؤَالَهُ، وَإِذَا سَأَلَهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْشَادُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ إرْشَادَهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَمَنْ سُئِلَ شَيْئًا مِنْهَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ حَيْثُ لَا عُذْرَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ صُعُودَ السَّطْحِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِخِلَافِ الصُّعُودِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ فِي السُّؤَالِ مَشَقَّةٌ كَانَ كَذَلِكَ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَسْأَلَهُ هَلْ إخْبَارُهُ عَنْ عِلْمٍ أَوْ اجْتِهَادٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ رُؤْيَةُ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِمَادُ لَا مِنْ حَيْثُ امْتِنَاعُ الِاجْتِهَادِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ اهـ عَزِيزِيٌّ قَالَ سم عَلَى حَجّ.
فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ قَبْلَ الْإِقْدَامِ أَيْ عَلَى اعْتِمَادِ الْمِحْرَابِ الْبَحْثُ عَنْ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الطَّعْنِ، فَإِذَا صَلَّى قَبْلَهُ بِدُونِ اجْتِهَادٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ لَمْ يَكْثُرْ طَارِقُوهُ وَاحْتَمَلَ الطَّعْنَ فِيهِ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ اهـ ع ش عَلَى م ر (فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى وَكَذَا مَنْ فِي ظُلْمَةٍ الْمِحْرَابِ بِالْمَسِّ وَلَوْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى كَمَا يَعْتَمِدُهُ الْبَصِيرُ الَّذِي لَيْسَ فِي ظُلْمَةٍ بِالْمُشَاهَدَةِ فَالْمِحْرَابُ الْمُعْتَمَدُ كَصَرِيحِ الْخَبَرِ فَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوَاضِعُ لَمَسَهَا صَبَرَ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ وَأَعَادَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي ظُلْمَةٍ كِلَيْهِمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَلَا يُقَلِّدَانِ الْمُخْبِرَ عَنْ الْمِحْرَابِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْعُبَابِ نَصُّهَا وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ فِي ظُلْمَةٍ الْمِحْرَابَ بِالْمَسِّ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى، فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ قَلَّدَ بَصِيرًا، فَإِنْ فَقَدَهُ صَبَرَ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ صَلَّاهَا كَيْفَ شَاءَ وَأَعَادَ إذَا قَدَرَ اهـ اهـ سم (قَوْلُهُ: رُؤْيَةُ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ) جَمْعُ مِحْرَابٍ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ صَدْرُ الْمَجْلِسِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَارِبُ الشَّيْطَانَ فِيهِ وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَا بِمَنْ فِيهِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ.
(فَائِدَةٌ) لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الْمِائَةِ الْأُولَى مِحْرَابٌ، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ الْمَحَارِيبُ فِي أَوَّلِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِهَا؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَلِأَنَّهَا مِنْ بِنَاءِ الْكَنَائِسِ وَاِتِّخَاذُهَا فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَة ع ش عَلَى م ر وَالْمِحْرَابُ الْمُجَوَّفُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ حَدَثَ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي طَاقَةِ الْمِحْرَابِ وَرَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ وَلَا يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي الطَّاقَةِ خِلَافًا لِلسُّيُوطِيِّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرٍ يَكْثُرُ طَارِقُوهُ) أَيْ وَسَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ فِيهَا فَلَا يُجْتَهَدُ مَعَ وُجُودِهَا بِخِلَافِ مَا يَنْدُرُ طَارِقُوهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَخْفَى كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُمْتَنِعَ مَعَ وُجُودِ مَا ذُكِرَ الِاجْتِهَادُ فِي الْجِهَةِ، وَأَمَّا فِي الْيَمْنَةِ أَوْ الْيَسْرَةِ فَلَا يَمْتَنِعُ فِي غَيْرِ مَوْقِفِهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَإٍ حَتَّى وَلَوْ تَخَيَّلَ حَاذِقٌ فِيهِ انْحِرَافًا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً كَانَ خَيَالًا بَاطِلًا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَخَرَجَ بِسَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ مَا لَمْ تَسْلَمْ مِنْهُ كَمَحَارِيبِ الْقَرَافَةِ وَأَرْيَافِ مِصْرَ فَلَا يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهَا بَلْ يَجِبُ لِامْتِنَاعِ اعْتِمَادِهَا وَيَكْفِي الطَّعْنُ مِنْ وَاحِدٍ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِيقَاتِ أَوْ ذَكَرَ لَهُ مُسْتَنَدًا قَالَ شَيْخُنَا وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى بَيْتِ الْإِبْرَةِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ لِإِفَادَتِهَا الظَّنَّ بِذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ الِاجْتِهَادُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهَا وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَحَارِيبِ وَقَدْ جَعَلُوهَا فِي دُخُولِ الْوَقْتِ كَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَكَافِرٍ فَلَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ بِمَا ذُكِرَ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي خَبَرِ الدِّينِ، نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ تَعَلَّمَ مُسْلِمٌ مِنْ مُشْرِكٍ دَلَائِلَ الْقِبْلَةِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ وَاجْتَهَدَ لِنَفْسِهِ فِي جِهَاتِ الْقِبْلَةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى اجْتِهَادِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا قُبِلَ خَبَرُ الْمُشْرِكِ فِي غَيْرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَظُنُّهُمْ يُوَافِقُونَهُ عَلَيْهِ وَنَظَرَ فِيهِ الشَّاشِيُّ وَقَالَ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي الْأَدِلَّةِ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ وَسُكُونُ نَفْسِهِ إلَى خَبَرِهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ
(فَإِنْ فَقَدَهُ) أَيْ الثِّقَةَ الْمَذْكُورَةَ (وَأَمْكَنَهُ اجْتِهَادٌ) بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْكَعْبَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا عَلَيْهَا (اجْتَهَدَ لِكُلِّ فَرْضٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَيْهِ الْحُكْمُ اهـ وَهَذَا التَّنْظِيرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَكَافِرٌ قَالَ حَجّ إلَّا إنْ عَلَّمَهُ قَوَاعِدَ صَيَّرَتْ لَهُ مَلَكَةً يَعْلَمُ بِهَا الْقِبْلَةَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَيْهَا، وَإِنْ نَسِيَ تِلْكَ الْقَوَاعِدَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْمُخَالِفُ لِذَلِكَ ضَعِيفٌ اهـ وَأَقُولُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِمُخَالَفَةِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّمَ مِنْهُ الْأَدِلَّةَ وَقَلَّدَهُ فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا كَأَنْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ النَّجْمَ الْفُلَانِيَّ إذَا اسْتَقْبَلْته أَوْ اسْتَدْبَرْته عَلَى صِفَةِ كَذَا كُنْت مُسْتَقْبِلًا لِلْكَعْبَةِ وَهُوَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ضَعِيفٌ أَمَّا إذَا لَمْ تُعْلَمْ أَصْلُ الْأَدِلَّةِ مِنْهُ ثُمَّ تَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى اسْتِخْرَاجِهَا مِنْ الْكُتُبِ وَاجْتُهِدَ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَ لَهُ مَلَكَةٌ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ صَحِيحِ الْأَدِلَّةِ مِنْ فَاسِدِهَا لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَهُ حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَفَاسِقٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ الْأَخْذُ بِخَبَرِهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الْقِبْلَةِ مَبْنِيًّا عَلَى الْيَقِينِ وَكَانَتْ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ أَعْظَمَ مِنْ الصَّوْمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِهَا بِحَالٍ بِخِلَافِ الصَّوْمِ اُحْتِيطَ لَهَا اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ هُوَ تَصْوِيرٌ لِإِمْكَانِ الِاجْتِهَادِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَعْرِفَةُ الْأَدِلَّةِ مِنْ مُعَلِّمٍ مُسْلِمٍ أَوْ مِنْ كَافِرٍ بَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ أَوْ أَقَرَّ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ عَارِفٌ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِهَا وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا، وَإِنْ صَدَّقَ الْمُعَلَّمُ عَلَيْهِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَاعْتَمَدَهُ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا اعْتِبَارُ التَّصْدِيقِ اهـ (قَوْلُهُ: وَصَبِيٌّ مُمَيِّزٌ) أَيْ وَإِنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ عَلَى الرَّاجِحِ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا قَالُوهُ فِي الْمِيَاهِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ:، فَإِنْ فَقَدَهُ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلُ الْمَاءِ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ اهـ ع ش.
1 -
(قَوْلُهُ: وَالنُّجُومِ) عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمِنْهَا قَلْبُ الْعَقْرَبِ الَّذِي هُوَ نَصٌّ فِي قِبْلَةِ مِصْرَ عِنْدَ طُلُوعِهِ مِنْ الْأُفُقِ، وَمِنْهَا الْكَوْكَبُ الْمُسَمَّى بِالْجُدَيِّ بِالتَّصْغِيرِ وَبِالْقُطْبِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَبِالْوَتَدِ وَبِفَاسِ الرَّحَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا عَلَيْهَا) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا كَالْعِلْمِ بِأَنَّهَا فِي بُرْجِ كَذَا أَوْ مُقَارِنَةٌ لِكَذَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَقْبَلُ بِهِ فِي جَمِيعُ الْأَمَاكِنِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشِ الصُّغْرَى بَيْنَ الْجَدْيِ وَالْفَرْقَدَيْنِ سُمِّيَ نَجْمًا لِمُجَاوَرَتِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَيْسَ بِنَجْمٍ بَلْ نُقْطَةٌ تَدُورُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْكَوَاكِبُ بِقُرْبِ النَّجْمِ فَيُجْعَلُ فِي الْيَمَنِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ وَنَجْرَانَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ.
وَلِذَلِكَ قِيلَ: إنَّ قِبْلَتَهَا أَعْدَلُ الْقِبَلِ وَقِيلَ: إنَّهُ يَنْحَرِفُ بِدِمَشْقَ وَمَا قَارَبَهَا إلَى الشَّرْقِ قَلِيلًا وَفِي الْعِرَاقِ خَلْفَ الْأُذُنِ الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْفَ الْأُذُنِ الْيُسْرَى وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ
مَنْ وَاجَهَ الْقُطْبَ بِأَرْضِ الْيَمَنِ
…
وَعَكْسُهُ الشَّامُ وَخَلْفَ الْأُذُنِ
الْيُمْنَى عِرَاقٌ وَيُسْرَى مِصْرُ
…
قَدْ صُحِّحَ اسْتِقْبَالُهُ فِي الْعُمْرِ
وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الْجِبَالُ وَالرِّيَاحُ وَهِيَ أَضْعَفُهَا لِاخْتِلَافِهَا وَأُصُولُهَا أَرْبَعٌ الشَّمَالُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَيُقَالُ لَهَا الْبَحْرِيَّةُ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ الْقُطْبِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَهَا حُكْمُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَيُقَاسُ غَيْرُهَا بِمَا يُنَاسِبُهَا، وَيُقَابِلُهَا الْجَنُوبُ وَيُقَالُ لَهَا الْقِبْلِيَّةُ لِكَوْنِهَا إلَى جِهَةِ قِبْلَةِ الْمَدِينَةِ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْجَنُوبِ، وَالصَّبَا وَيُقَالُ لَهَا الشَّرْقِيَّةُ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْمَشْرِقِ، وَيُقَابِلُهَا الدَّبُّورُ وَيُقَالُ لَهَا الْغَرْبِيَّةُ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْمُغْرِبِ وَلِكُلٍّ مِنْهَا طَبْعٌ فَالشَّمَالُ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ وَهِيَ رِيحُ الْجَنَّةِ الَّتِي تَهُبُّ عَلَيْهِمْ، وَالْجَنُوبُ حَارَّةٌ رَطْبَةٌ، وَالصَّبَا حَارَّةٌ يَابِسَةٌ وَالدَّبُورُ يَابِسَةٌ رَطْبَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ بَنَاتُ نَعْشٍ الْكُبْرَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا نَعْشٌ وَثَلَاثٌ بَنَاتٌ وَكَذَا بَنَاتُ نَعْشٍ الصُّغْرَى وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ
بَنُو نَعْشٍ
وَاتَّفَقَ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءُ عَلَى تَرْكِ صَرْفِ نَعْشٍ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ اهـ وَفِي الْقَامُوسِ وَبَنَاتُ نَعْشٍ الْكُبْرَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا نَعْشٌ وَثَلَاثٌ بَنَاتٌ وَكَذَا الصُّغْرَى تَنْصَرِفُ نَكِرَةً لَا مَعْرِفَةً الْوَاحِدُ ابْنُ نَعْشٍ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ بَنُو نَعْشٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: اجْتَهِدْ لِكُلِّ فَرْضٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَالتَّقْلِيدِ فِي نَحْوِ الْأَعْمَى لِكُلِّ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ عَيْنِيَّةٍ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً وَلَوْ مَنْذُورَةً انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مَنْذُورَةً قَالَ حَجّ وَمُعَادَةً مَعَ جَمَاعَةٍ اهـ وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّافِلَةِ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ
بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّلِيلَ) الْأَوَّلَ إذْ لَا ثِقَةَ بِبَقَاءِ الظَّنِّ بِالْأَوَّلِ وَتَعْبِيرِي بِالْفَرْضِ أَيْ الْعَيْنِيِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّلَاةِ وَمَحَلُّ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَّ حَائِلٌ أَنْ لَا يَبْنِيَهُ بِلَا حَاجَةٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِتَفْرِيطِهِ (، فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُهُ) عَنْ الِاجْتِهَادِ هَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ تَحَيَّرَ) الْمُجْتَهِدُ لِظُلْمَةٍ أَوْ تَعَارُضِ أَدِلَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (صَلَّى) إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ لِلضَّرُورَةِ (وَأَعَادَ) وُجُوبًا فَلَا يُقَلِّدُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَلِجَوَازِ زَوَالِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُعَادَةَ لَمَّا قِيلَ بِفَرْضِيَّتِهَا وَعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْ قُعُودٍ مَعَ الْقُدْرَةِ أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ فَلَمْ تَلْحَقْ بِالنَّوَافِلِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ وَمُعَادَةٌ مَعَ جَمَاعَةٍ يَنْبَغِي أَوْ فُرَادَى لِفَسَادِ الْأُولَى ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَمُعَادَةٌ لِفَسَادِ الْأُولَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ اهـ وَبَقِيَ مَا لَوْ سُنَّ إعَادَتُهَا عَلَى الِانْفِرَادِ لِجَرَيَانِ قَوْلٍ بِبُطْلَانِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ فَهَلْ يُجَدِّدُ لَهَا أَيْضًا لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يُجَدِّدُ لَهَا اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ وَمُعَادَةٌ؛ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَقِبَ السَّلَامِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ أَقُولُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي وُجُوبِ تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْإِعَادَةُ لِفَسَادِ الْأُولَى أَوْ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَفْسَدَهَا بِأَنَّ الْأُولَى حَيْثُ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا كَانَتْ كَمَا لَوْ لَمْ تُفْعَلْ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُعَادَةَ هِيَ الْأُولَى وَقَدْ تَأَخَّرَ الْإِحْرَامُ بِهَا عَنْ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ، وَهَلْ يَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ إذَا سَلَّمَ مِنْهُمَا كَالضُّحَى أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يَصِحُّ الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ رَكَعَاتٍ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ كَالضُّحَى فَيَكْفِي لَهُ اجْتِهَادٌ وَاحِدٌ بَيْنَ مَا لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَالتَّرَاوِيحِ فَيَجِبُ فِيهِ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ إحْرَامٍ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِمَا فِي التَّيَمُّمِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ الرَّاجِحُ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي لِلتَّرَاوِيحِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ هُنَا لِمَا مَرَّ أَيْضًا أَنَّهَا كُلَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَالْكَلَامُ فِي الْمَنْذُورَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لِكُلِّ فَرْضٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مَوْضِعِهِ بَلْ يَجِبُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ الْوَاحِدِ إذَا فَسَدَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مَوْضِعِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّلِيلَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ الثَّانِي أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ الْأَوَّلِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَذَكُّرِ الدَّلِيلِ كَمَا تَرَاخَى فِعْلُهُ عَنْ الِاجْتِهَادِ لِتَذَكُّرِ الدَّلِيلِ عِنْدَهُ بَلْ يَكْفِي الِاهْتِدَاءُ إلَى الْجِهَةِ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ مَعْنَى ذِكْرِ الدَّلِيلِ أَنْ لَا يَنْسَى مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ كَالشَّمْسِ وَالْقُطْبِ وَقِيلَ أَنْ لَا يَنْسَى الْجِهَةَ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا أَوَّلًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّلَاةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ النَّفَلَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لَهُمَا بَلْ هُمَا تَابِعَانِ لِاجْتِهَادِ الْفَرْضِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ الَّذِي صَلَّى بِهِ الْفَرْضَ حِينَ كَانَ عَالِمًا بِالْجِهَةِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَهُمَا ابْتِدَاءً اجْتَهَدَ لَهُمَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ) أَيْ وَالْأَخْذِ بِقَوْلِ الثِّقَةِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ أَيْ وَلَا الْأَخْذُ بِقَوْلِ الثِّقَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَبْنِيَهُ بِلَا حَاجَةٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ غَيْرُهُ بِلَا حَاجَةٍ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ صُعُودَهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِتَفْرِيطِهِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَطْرَأْ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِلَا حَاجَةٍ) ، فَإِذَا بَنَاهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ مَنْعُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ وَلَا يَأْخُذُ بِقَوْلِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ أَخَذَ بِقَوْلِ غَيْرِهِ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْبِرَ عَنْ عِلْمٍ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ رُؤْيَةُ الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي مَرْتَبَتِهَا بَيْتُ الْإِبْرَةِ الْمَعْرُوفُ لِعَارِفٍ بِهِ ثُمَّ إخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ ثُمَّ رُؤْيَةُ الْقُطْبِ ثُمَّ إخْبَارُ شَخْصٍ أَنَّهُ رَأَى الْجَمَّ الْغَفِيرَ يُصَلُّونَ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ ثُمَّ الِاجْتِهَادُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَاقَ وَقْتٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ عِلْمُهَا دُونَ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ اسْتِوَاءَهُمَا فِي هَذَا كَمَا لَا يَخْفَى اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِضِيقِهِ ضِيقُهُ عَنْ إيقَاعِهَا كُلِّهَا فِيهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَكَانَ لَوْ صَلَّاهَا خَرَجَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ حَيْثُ وَقَعَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاجْتِهَادِ ظُهُورُ الصَّوَابِ فَرُوعِيَ الْوَقْتُ وَشَبَهُ ذَلِكَ مَنْ تَوَهَّمَ الْمَاءَ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الطَّلَبِ أَمْنُهُ عَلَى الْوَقْتِ وَالِاخْتِصَاصُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: صَلَّى وَأَعَادَ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ لَهُ فِي صُورَةِ التَّخَيُّرِ أَنْ يُصَلِّيَ، وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إنْ جَوَّزَ زَوَالَ التَّحَيُّرِ صَبَرَ لِضِيقِ الْوَقْتِ وَإِلَّا صَلَّى أَوَّلَهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَيْضًا صَلَّى وَأَعَادَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي النَّفَلَ حِينَئِذٍ وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ مَنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ النَّفَلَ إلَّا فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهَا وَالْعَاجِزُ عَنْ السُّتْرَةِ فَلْيُحَرِّرْ الْحَصْرَ مَعَ هَذَا الْمَحَلِّ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَحْوِ الْمَرْبُوطِ عَلَى خَشَبَةٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ ضَرُورَةِ حُرْمَةِ الْوَقْتِ أَيْ وَضَاقَ الْوَقْتُ أَيْضًا بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا قَدْرُ الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ قَطْعًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَنَازَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ بِأَنَّهُ شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ التَّعْمِيمُ اهـ أَيْ جَرَيَانُ الْخِلَافِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَإِنَّمَا جَازَ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِتَحَقُّقِ عَجْزِهِ ثُمَّ مِنْ غَيْرِ نِسْبَتِهِ لِتَقْصِيرٍ
التَّحَيُّرِ فِي صُورَتِهِ (، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْكَعْبَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا (كَأَعْمَى) الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ (قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا) بِأَدِلَّتِهَا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّقْلِيدِ (وَمَنْ أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا لَزِمَهُ) تَعَلُّمُهَا كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ تَعَلُّمُهَا (فَرْضُ عَيْنٍ لِسَفَرٍ) فَلَا يُقَلِّدُ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِهَا صَلَّى كَيْفَ كَانَ وَأَعَادَ وُجُوبًا (وَ) فَرْضُ (كِفَايَةٍ لِحَضَرٍ) وَإِطْلَاقُ الْأَصْلِ أَنَّهُ وَاجِبٌ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ السَّفَرَ
ــ
[حاشية الجمل]
أَلْبَتَّةَ بِخِلَافِ هَذَا اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ إتْيَانِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ حَيْثُ يَأْتِي الْمَاءُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِأَنَّ الْمَاءَ هُنَاكَ مُحَقَّقُ الْحُصُولِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ هُنَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْأَدِلَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ إذْ الْعَالِمُ بِهَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ كَمَا مَرَّ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ بِتَأَمُّلٍ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْعَالِمَ بِالْفِعْلِ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَغَيْرُ الْعَالِمِ بِالْفِعْلِ يُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ وَامْتَنَعَ التَّقْلِيدُ، فَإِنْ قَلَّدَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ قَالَ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(فَرْعٌ) فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم مَا نَصُّهُ يُؤْخَذُ مِنْ جَوَازِ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ عِنْدَ وُجُودِ الْحَائِلِ الْمَذْكُورِ أَيْ لِلْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْ الشِّهَابِ حَجّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عُرْفًا أَنَّ الْأَعْمَى إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدًا مِحْرَابُهُ مُعْتَمَدٌ وَشَقَّ عَلَيْهِ لَمْسُ الْكَعْبَةِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الْمِحْرَابِ فِي الثَّانِي لِامْتِلَاءِ الْمَحَلِّ بِالنَّاسِ أَوْ لِامْتِدَادِ الصُّفُوفِ لِلصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ اللَّمْسِ وَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ قَالَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَفِي ذَلِكَ مَزِيدٌ فِي شَرْحِنَا لِأَبِي شُجَاعٍ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا) هَذَا إنَّمَا يَكُونُ قَيْدًا إذَا قُلْنَا إنَّ التَّعَلُّمَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ التَّعَلُّمَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيُقَلِّدُ مُطْلَقًا بَلْ قِيلَ إنَّ هَذَا مُدْرَجٌ مِنْ خَطِّ وَلَدِهِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ عَيْنًا وَكَتَبَ أَيْضًا يَتَعَيَّنُ إسْقَاطُ هَذَا وَقَدْ وُجِدَ بِخَطِّ وَلَدِهِ عَلَى الْهَامِشِ مُلْحَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ تَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ عَيْنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَيْنًا وَكَانَ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ كَانَ لَهُ تَقْلِيدُ الثِّقَةِ الْعَارِفِ بِالْأَدِلَّةِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ بِعَدَمِ التَّعَلُّمِ لَهَا اهـ (قَوْلُهُ: قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا) وَيَجِبُ تَكْرِيرُ سُؤَالِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ تَحْضُرْ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ إخْبَارُهُ الثَّانِي عَنْ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ثِقَةً عَارِفًا فَهُوَ كَالْمُتَحَيِّرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُ أَدَاتِهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ إذَا عَلِمَ تَعَلَّمَ وَالْمُرَادُ تَعَلَّمَ الظَّاهِرَ مِنْهَا دُونَ دَقَائِقِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَرْضُ عَيْنٍ لِسَفَرٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَقْصِدِ الْمُسَافِرِ بِلَادٌ مُتَقَارِبَةٌ فِيهَا مَحَارِيبُ مُعْتَمَدَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
(وَقَوْلُهُ كِفَايَةٍ لِحَضَرٍ) أَيْ إنْ كَثُرَ فِيهِ الْعَارِفُونَ وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ اهـ حَجّ وم ر لَا يُقَالُ حَيْثُ اكْتَفَى بِتَعَلُّمِ وَاحِدٍ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْ الْبَاقِي لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُهُ فَرْضَ عَيْنٍ إذْ الْمُطَالَبُ بِهِ كُلُّ مُكَلَّفٍ طَلَبًا جَازِمًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ عَدَمُ جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مُخَاطَبٌ بِالتَّعَلُّمِ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لَهُ يُرْشَدُ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يُقَلَّدُ إلَخْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِفَرْضِ الْعَيْنِ مَعْنَاهُ الْأُصُولِيُّ الْمَذْكُورُ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْعَارِفِ أَنْ يُقَلِّدَ الْعَارِفَ وَلَا يُكَلَّفَ التَّعَلُّمَ لِيَجْتَهِدَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالتَّعَلُّمِ لِيَجْتَهِدَ اهـ شَيْخُنَا ح ف وَلَهُ تَقْرِيرٌ آخَرُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ نَصُّهُ قَوْلُهُ فَرْضُ عَيْنٍ لِسَفَرٍ إلَخْ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّفَرَ وَالْحَضَرَ لَيْسَا بِقَيْدَيْنِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى قِلَّةِ الْعَارِفِ وَكَثْرَتِهِ وَمُرَادُهُمْ بِالْقِلَّةِ عَدَمُ الْعَارِفِ بِالْكُلِّيَّةِ وَبِالْكَثْرَةِ وُجُودُهُ وَلَوْ وَاحِدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ.
وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِمَّا كَتَبَهُ الطَّبَلَاوِيُّ أَنَّ ضَابِطَ كَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ أَنْ لَا يُوجَدَ عَارِفٌ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا أَوْ وُجِدَ وَلَمْ تَسْهُلْ مُرَاجَعَتُهُ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ بِالْأَدِلَّةِ أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّ ضَابِطَ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَنْ يُوجَدَ عَارِفٌ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ تَفْرِيعُ الشَّارِحِ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فَلَا يُقَلِّدُ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِهِ أَنْ يُوجَدَ الْعَارِفُ وَلَمْ تَسْهُلْ مُرَاجَعَتُهُ لِامْتِنَاعِهِ مَثَلًا لَكِنْ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْأَدِلَّةِ لَا مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْقِبْلَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَرْضَى بِالْإِخْبَارِ بِهَا دُونَ أَدِلَّتِهَا فَحِينَئِذٍ لَا يُقَلِّدُهُ فِيهَا وَفِي هَذَا الْمَقَامِ وَقْفَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ هُوَ مَا خُوطِبَ بِهِ كُلُّ مُكَلَّفٍ بِعَيْنِهِ بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْخِطَابُ وَيَأْثَمُ بِالتَّرْكِ فَعَلَى مَا قُلْتُمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ لَيْسَ فِيهِمْ عَارِفٌ فَمُقْتَضَى كَوْنِ التَّعَلُّمِ فَرْضَ عَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّمَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَسْقُطْ الْإِثْمُ عَلَى الْبَاقِينَ وَيَكُونُونَ مُكَلَّفِينَ بِالتَّعَلُّمِ مَعَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْطَبِقُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ضَابِطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الْعَارِفُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ الْبَاقُونَ فَهَذَا
بِمَا يَقِلُّ فِيهِ الْعَارِفُ بِالْأَدِلَّةِ، فَإِنْ كَثُرَ كَرَكْبِ الْحَاجِّ فَكَالْحَضَرِ.
(وَمَنْ صَلَّى بِاجْتِهَادٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْ مُقَلِّدِهِ (فَتَيَقَّنَ خَطَأً مُعَيَّنًا) فِي جِهَةٍ أَوْ تَيَامُنٍ أَوْ تَيَاسُرٍ (أَعَادَ) وُجُوبًا صَلَاتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يَأْمَنَ مِثْلَهُ فِي الْإِعَادَةِ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْإِعَادَةِ عَنْ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا وَالْخَطَأُ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِيهَا (فَلَوْ تَيَقَّنَهُ فِيهَا اسْتَأْنَفَهَا) وُجُوبًا، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ وَخَرَجَ بِتَيَقُّنِ الْخَطَإِ ظَنُّهُ وَالْمُرَادُ بِتَيَقُّنِهِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ فَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُ الثِّقَةِ عَنْ مُعَايَنَةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
تَنَافٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَنَّ الْجَمِيعَ مُخَاطَبُونَ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكُوا أَثِمَ كُلُّ وَاحِدٍ وَلَوْ فَعَلَ الْبَعْضُ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَهَذَا مَعْنَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ فَيَكُونُ فِي إطْلَاقِ فَرْضِ الْعَيْنِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنَّ الْمُخَاطَبَ الْبَعْضُ لَا الْكُلُّ وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ مُبْهَمٌ، وَقِيلَ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ، وَعَلَى كُلٍّ فَيَسْقُطُ الْإِثْمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْعَلْ إذَا فَعَلَ غَيْرُهُ فَتَكُونُ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَ فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ قِيلَا فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَيَنْبَنِي حِينَئِذٍ عَلَى الْمُقَابَلَةِ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَهْجُمُ وَيُصَلِّي وَيَعْبُدُ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يُصَلِّي بَلْ يَشْتَغِلُ بِتَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ إذْ الْفَرْضُ فِيهَا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ فِي الْأَدِلَّةِ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ كَمَا عَرَفْت بِخِلَافِ الْأُولَى إذْ الْفَرْضُ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَارِفٌ تَسْهُلُ مُرَاجَعَتُهُ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَلَا يَنْبَغِي حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَيُصَلِّي وَيُعِيدُ حَرَّرَهُ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) لَوْ سَافَرَ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى أُخْرَى قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَالْحَضَرِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُسَافِرِ أَصْحَابُ الْخِيَامِ وَالنُّجْعَةِ إذَا قَلُّوا وَكَذَا مَنْ قَطَنَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْ بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِمَا يَقِلُّ فِيهِ الْعَارِفُ بِالْأَدِلَّةِ) أَيْ لَا يُوجَدُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ أَيْ وُجِدَ وَلَوْ وَاحِدًا؛ لِأَنَّ بِهِ يَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَثْرَةِ أَنْ يَكُونَ فِي الرَّكْبِ جَمَاعَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِيهِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ السُّؤَالَ عَنْ الصَّلَاةِ وُجُودُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ قَوِيَّةٍ تَحْصُلُ فِي قَصْدِهِ لَهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ كَرَكْبِ الْحَاجِّ إلَخْ) ضَابِطُ الْكَثْرَةِ أَنْ تَسْهُلَ مُرَاجَعَةُ عَارِفٍ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَضَابِطُ الْقِلَّةِ أَنْ لَا تَسْهُلَ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ وَامْتَنَعَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ صَلَّى بِاجْتِهَادٍ إلَخْ) الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا فِي الْجِهَةِ أَوْ التَّيَامُنِ أَوْ التَّيَاسُرِ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ قَلَّدَ غَيْرَهُ أَوْ لَا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا فَهَذِهِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ صُورَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَتَيَقَّنَ خَطَأً مُعَيَّنًا) التَّعْقِيبُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْفَاءِ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَأَمَّا التَّرْتِيبُ فَهُوَ قَيْدٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَعَادَ وُجُوبًا) أَيْ عِنْدَ ظُهُورِ الصَّوَابِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ الْآنَ أَوْ نَقُولُ مَعْنَى أَعَادَ وُجُوبًا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ وَلَكِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ الصَّلَاةِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ كَالْمُتَحَيِّرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَأَعَادَ وُجُوبًا أَيْ تَرَتَّبَ الْقَضَاءُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ بِالْفِعْلِ إلَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَى وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ لِلْمُعَادَةِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ لَهَا ثَانِيًا وَيُفَرَّقُ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ بِأَنَّ الْقِبْلَةَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ كَانَ فِي الْإِعَادَةِ هُنَا فَائِدَةٌ فَعَلَيْهِ لَمْ يُصَادِفْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَتَصِحُّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَجْزِهِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بَانَ فَسَادُ الْأُولَى أَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ الثَّانِيَةُ بِخِلَافِ إعَادَةِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا مَعَ كَوْنِهَا نَفْلًا؛ لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِالتَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يَأْمَنُ مِنْ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ فَلَا يَأْمَنُ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْإِعَادَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ الصَّبْرُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى جِهَةٍ يَظْهَرُ لَهُ فِيهَا الصَّوَابُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا الْمُفَسِّرَةِ بِفِعْلٍ بِقَيْدِ تَعَلُّقِ الْخَطَإِ بِهِ أَيْ الْخَطَإِ فِي فِعْلٍ يَأْمَنُ مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِقَيْدِهِ وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي الْعَائِدِ لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَالْأَوْلَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْخَطَإِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ أَلْ فِيهِ عِوَضٌ عَنْ الضَّمِيرِ فَالرَّابِطُ مَأْخُوذٌ مِنْهَا اهـ (قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَهَا) أَيْ اسْتَقَرَّ اسْتِئْنَافُهَا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا إذَا تَيَقَّنَ الصَّوَابَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الصَّوَابِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ حَيْثُ قَالُوا لَا يَقْضِي بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْقُطُ فِيهِ الْفَرْضُ بِتَيَمُّمِهِ قُلْنَا لَا إشْكَالَ وَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا اسْتَقَرَّ وُجُوبُ اسْتِئْنَافِهَا فِي ذِمَّتِهِ لَكِنْ لَا يَفْعَلُهَا إلَّا بَعْدَ ظُهُورِ الصَّوَابِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِتَيَقُّنِ الْخَطَإِ ظَنُّهُ) وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَاتِنِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُ الثِّقَةِ عَنْ مُعَايَنَةٍ) وَيَدْخُلُ