الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُخَانُ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَبُخَارُهَا كَذَلِكَ إنْ تَصَاعَدَ بِوَاسِطَةِ نَارٍ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ تَفْصِلُهُ النَّارُ لِقُوَّتِهَا وَإِلَّا فَطَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ نَجَاسَتَهُ أَوْ طَهَارَتَهُ (وَاَلَّذِي يَطْهُرُ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ) شَيْئَانِ (خَمْرٌ) ، وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ (تَخَلَّلَتْ) أَيْ صَارَتْ خَلًّا (بِلَا) مُصَاحَبَةِ (عَيْنٍ) وَقَعَتْ فِيهَا، وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ أَوْ عَكْسُهُ
ــ
[حاشية الجمل]
أَيْ وَهُوَ الْحَيَوَانُ لَا الْمَنِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ فَلَا يُقَالُ مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ مِنْ الْآدَمِيِّ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ مَا ذُكِرَ اهـ ح ل.
[فَرْعٌ دُخَانُ النَّجَاسَةِ]
(قَوْلُهُ دُخَانُ النَّجَاسَةِ إلَخْ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي الطَّهَارَةِ، وَمِنْ دُخَانٍ نَجِسٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذِكْرُهُ هُنَا تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ وَبُخَارُهَا فَكَأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهُ دُخَانُ النَّدِّ الْمَعْجُونُ بِالْخَمْرِ وَدُخَانٌ انْفَصَلَ مِنْ لَهِيبِ شَمْعَةٍ وَقُودُهَا نَجِسٌ وَدُخَانُ خَمْرٍ أُغْلِيَتْ عَلَى النَّارِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَدُخَانُ حَطَبٍ أُوقِدَ بَعْدَ تَنَجُّسِهِ بِنَحْوِ بَوْلٍ. وَأَمَّا النُّوشَادِرُ وَتُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ بِالنَّشَادِرِ وَهُوَ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى، فَإِنْ تَحَقَّقَ انْعِقَادُهُ مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ أَوْ قَالَ عَدْلَانِ خَبِيرَانِ إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا مِنْ دُخَانِهَا، فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَإِلَّا فَلَا وَالسُّمُّ نَجِسٌ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمَا ظَهَرَ مِنْهُ لَا بِمَا خَفِيَ كَاَلَّذِي مِنْ الْعَقْرَبِ؛ لِأَنَّهُ فِي الدَّاخِلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا دُخَانُ النَّجَاسَةِ) ، وَكَذَا دُخَانُ الْمُتَنَجِّسِ كَحَطَبٍ تَنَجَّسَ بِنَحْوِ بَوْلٍ قَالَهُ شَيْخُنَا وَبِهِ يُعْلَمُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي الشِّتَاءِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَبُخَارُهَا كَذَلِكَ إلَخْ) ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ حَرْقِ الْجُلَّةِ حَتَّى تَصِيرَ جَمْرًا لَا دُخَانَ فِيهِ لَكِنْ يَصْعَدُ مِنْهُ بُخَارٌ فَهُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ بُخَارٌ بِوَاسِطَةِ نَارٍ، وَلَوْ أُوقِدَ مِنْ هَذَا الْجَمْرِ شَيْءٌ كَيَدِك وَدَوَاةِ دُخَانٍ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِحَيْثُ يَتَنَجَّسُ بِهَا الطَّاهِرُ كَانَ الدُّخَانُ الْمُتَصَاعِدُ نَجِسًا وَإِلَّا فَلَا اهـ عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبُخَارُهَا كَذَلِكَ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ نَشَّفَ شَيْئًا رَطْبًا عَلَى اللَّهَبِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الدُّخَانِ لَا يَتَنَجَّسُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ الْعِمَادِ مِنْ كِتَابِ دَفْعِ الْإِلْبَاسِ عَنْ وَهْمِ الْوَسْوَاسِ مَا نَصُّهُ السَّابِعُ إذَا أُوقِدَ بِالْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ تَصَاعَدَتْ النَّارُ وَتَصَاعَدَ مِنْ النَّارِ الدُّخَانُ، وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُ الدُّخَانِ. وَأَمَّا النَّارُ الْمُتَصَاعِدَةُ فِي حَالِ الْوُقُودِ فَلَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الْوُقُودِ، وَإِنَّمَا هِيَ تَأْكُلُ الْوُقُودَ وَيَخْرُجُ مِنْ الدُّخَانِ أَجْزَاءٌ لَطِيفَةٌ تَنْفَصِلُ مِنْ الْوُقُودِ وَلِهَذَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ الْهِبَابُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّارَ الْمُتَصَاعِدَةَ مِنْ الدُّخَانِ إذَا مَسَّتْ ثَوْبًا رَطْبًا لَمْ يُحْكَمْ بِتَنْجِيسِهِ إلَّا أَنَّهَا فِي الْغَالِبِ تَخْتَلِطُ بِالدُّخَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ الدُّخَانَ يَصْعَدُ مِنْ أَعْلَاهَا فِي حَالِ التَّلَهُّبِ وَالدُّخَانُ يَخْتَلِطُ بِهَا وَلِهَذَا إذَا لَاقَتْ النَّارُ شَيْئًا رَطْبًا أَسْوَدَ مِنْ الدُّخَانِ الَّذِي هُوَ مُخْتَلِطٌ بِهَا فَعَلَى هَذَا إذَا لَاقَاهَا شَيْءٌ رَطْبٌ تَنَجَّسَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ) وَهِيَ مَا أُمْسِكَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَإِنْ عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ كَمَا أَنَّ الْمُحْتَرَمَةَ مَا أُمْسِكَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، وَإِنْ عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ مَنْ يُبَاشِرُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤْكَلُ غَيْرُهُ وَبِقَصْدِ الْمُتَبَرِّعِ وَقَصْدُ الْمَجْنُونِ كَلَا قَصْدَ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ اهـ ح ل.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ الْمُحْتَرَمَةُ هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَغَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِهَا.
وَعِبَارَةُ سم.
(فَرْعٌ) مَا عَصَرَهُ نَحْوُ الْمَجْنُونِ مُحْتَرَمٌ، وَكَذَا مَا عَصَرَهُ السَّكْرَانُ بِلَا قَصْدٍ كَغَيْرِ السَّكْرَانِ. وَأَمَّا إذَا قَصَدَ السَّكْرَانُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ حَتَّى إذَا قَصَدَ الْخَلِّيَّةَ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَوْ الْخَمْرِيَّةَ كَانَتْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالصَّاحِي فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ اهـ م ر انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْ صَارَتْ خَلًّا) أَيْ بِنَفْسِهَا لَا بِمَعْنَى نَشَأَتْ عَنْ غَيْرِهَا، نَحْوُ عَيْنٍ تَفَجَّرَتْ أَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا نَحْوُ هِنْدُ تَكَلَّمَتْ وَيَحِلُّ اتِّخَاذُ الْخَلِّ بِالْإِجْمَاعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَيَكْفِي زَوَالُ النَّشْوَةِ وَغَلَبَةُ الْحُمُوضِيَّةِ وَلَا تُشْتَرَطُ نِهَايَتُهَا بِحَيْثُ لَا تَزِيدُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِلَا مُصَاحَبَةِ عَيْنٍ) أَيْ صَاحَبَتْهَا مِنْ وَقْتِ التَّخَمُّرِ إلَى وَقْتِ التَّخَلُّلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ إلَخْ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ النَّاشِئِ عَنْ النَّقْلِ عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَنْ اسْتَعْجَلَ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ، وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ إلَخْ وَلَا يَحْرُمُ التَّخْلِيلُ بِالنَّقْلِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِهِ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ فَيَحْرُمُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الرَّهْنِ وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى حُرْمَةِ التَّخْلِيلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنٍ أَوْ بِنَحْوِ نَقْلٍ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَيَرُدُّهُ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.
وَجَرَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَتَبِعَهُ مَشَايِخُنَا عَلَى التَّحْرِيمِ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَالنَّقْلُ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا حَرَامٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَحَدِيثُ أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا قَالَ لَا مَحْمُولٌ عَلَى الْعَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ، وَكَذَا مِنْ دِنٍّ إلَى آخَرَ أَوْ فَتَحَ رَأْسَ ظَرْفِهِ لِلْهَوَاءِ لِزَوَالِ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ تَخْلُفُهَا سَوَاءٌ قَصَدَ بِكُلٍّ
لِمَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا قَالَ لَا (بِدِنِّهَا) أَيْ فَتَطْهُرُ مَعَ دِنِّهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ خَلٌّ طَاهِرٌ مِنْ خَمْرٍ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، أَمَّا إذَا تَخَلَّلَتْ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ، وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي التَّخْلِيلِ كَحَصَاةٍ فَلَا تَطْهُرُ لِتَنَجُّسِهَا بَعْدَ تَخَلُّلِهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهَا وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا يُشْتَرَطُ طَرْحُ الْعَيْنِ فِيهَا، وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ إذَا نُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهَا قَبْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَنْزُوعَةُ قَبْلَهُ نَجِسَةً كَعَظْمِ مَيْتَةٍ لَمْ تَطْهُرْ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَالْخَمْرُ حَقِيقَةً الْمُسْكِرُ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَخَرَجَ بِهِ النَّبِيذُ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الزَّبِيبِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ لَكِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْهَا التَّخَلُّلَ أَوْ لَا، وَالنَّقْلُ حَرَامٌ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ م ر، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَحُمِلَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا قَالَ لَا عَلَى الْمُتَخَلِّلِ بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَنْبِطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لِمَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهَا تَكُونُ خَلًّا مِنْ غَيْرِ مُعَالَجَةٍ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْخَلَّ طَاهِرٌ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِالْمَفْهُومِ، وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَلَى سُؤَالٍ فَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِالْإِجْمَاعِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ لِمَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ اللِّعَانِ مَا نَصُّهُ وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ الْقَيْدُ عَلَى سَبَبٍ اهـ انْتَهَتْ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَامًّا وَمَا هُنَا عَامٌّ اهـ عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ) هُوَ أَبُو حَمْزَةَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ الْأَنْصَارِيُّ الصَّحَابِيُّ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يَفْتَخِرُ بِذَلِكَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ الْمُتَوَفَّى بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ عَنْ مِائَةٍ وَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ آخِرُ الصَّحَابَةِ مَوْتًا بِالْبَصْرَةِ وَدُفِنَ خَارِجَ الْبَصْرَةِ عَلَى نَحْوِ فَرْسَخٍ وَنِصْفٍ بِمَوْضِعٍ هُنَاكَ يُعْرَفُ بِقَصْرِ أَنَسٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَتُتَّخَذُ الْخَمْرُ خَلًّا) بِتَاءَيْنِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْأَعْلَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ أَتُعَالَجُ حَتَّى تَصِيرَ خَلًّا قَالَ لَا أَيْ لَا تُعَالَجُ، وَهَذَا الْجَوَابُ شَامِلٌ لِعِلَاجِهَا بِالْعَيْنِ وَبِغَيْرِهَا فَقَصَرَ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى عَلَى الْعِلَاجِ بِالْعَيْنِ إذْ غَيْرُهُ لَا يَضُرُّ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِدِنِّهَا) وَمِثْلُ دِنِّهَا مَا بَقِيَ فِي قَعْرِ الدَّنِّ مِنْ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ فَيَطْهُرُ تَبَعًا لِلدِّنِّ سَوَاءٌ اسْتَحْجَرَ أَمْ لَا اهـ ح ل.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الدَّنُّ مِثْلُ الْجُبِّ إلَّا أَنَّهُ أَطْوَلُ مِنْهُ وَأَوْسَعُ رَأْسًا وَجَمْعُهُ دِنَانٌ، مِثْلُ سَهْمٍ وَسِهَامٍ. (قَوْلُهُ أَيْ فَتَطْهُرُ مَعَ دِنِّهَا) أَيْ، وَإِنْ تَشَرَّبَ بِهَا أَوْ عَلَتْ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ مَعَ دِنِّهَا) أَيْ، وَإِنْ تَحَجَّرَتْ فِيهِ كَمَا لَوْ بَقِيَ فِي قَعْرِهِ دُرْدِيُّ خَمْرٍ، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ كَبَاطِنِ جَوْفِ الدَّنِّ بَلْ أَوْلَى وَلَيْسَ لَنَا عَصِيرٌ يَصِيرُ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: إحْدَاهَا أَنْ يُصَبَّ فِي الدَّنِّ الْمُعَتَّقُ بِالْخَلِّ، الثَّانِيَةُ أَنْ يُصَبَّ الْخَلُّ فِي الْعَصِيرِ، الثَّالِثَةُ إذَا تَجَرَّدَتْ حَبَّاتُ الْعِنَبِ مِنْ عَنَاقِيدِهِ وَمُلِئَ مِنْهَا الدَّنُّ وَطَيَّنَ رَأْسَهُ وَيُعْفَى عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَوْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَحَبَّاتٍ قَلِيلَةٍ وَنَوَى تَمْرٍ كَذَلِكَ إذَا بَقِيَ فِي الدَّنِّ. وَأَمَّا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْخَمْرِ بَعْدَ انْقِلَابِهِ خَلًّا فَقِيَاسُ حَبَّاتِ الْعِنَبِ الْعَفْوُ عَنْهُ وَهُوَ طَاهِرٌ لَا نَجِسٌ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا ع ش، وَلَوْ فَارَتْ بِالنَّارِ، ثُمَّ نَقَصَتْ، فَإِنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَارَتْ بِنَفْسِهَا، فَإِنَّهَا تَطْهُرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهَا، وَلَوْ ارْتَفَعَتْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا خَمْرٌ آخَرُ حَتَّى غَمَرَتْ مَا ارْتَفَعَ قَبْلَ الْجَفَافِ طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا قَبْلَ الْجَفَافِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ أَوْ لَا أَفْتَى الشِّهَابُ م ر بِأَنَّهُ شَرْطٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ خَلٌّ طَاهِرٌ مِنْ خَمْرٍ) اُعْتُرِضَ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الدَّنَّ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ ع ش عَلَى م ر وَفِي سم قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ إلَخْ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ مُلَاقَاةِ الدَّنِّ يَكْفِي فِي الطَّهَارَةِ تَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ بِلَا عَيْنٍ وَقَوْلُهُ بِدِنِّهَا مِنْ زِيَادَتِي اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهَا أَمَّا الَّتِي مِنْ جِنْسِهَا فَلَا تَضُرُّ فَلَوْ صُبَّ عَلَى الْخَمْرِ خَمْرٌ آخَرُ أَوْ نَبِيذٌ طَهُرَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ زي وَلَيْسَ مِنْ الْعَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْعَصِيرِ فَلَا يَضُرُّ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ تَخَمَّرَ مَا فِي أَجْوَافِ الْحَبَّاتِ، ثُمَّ تَخَلَّلَ حَيْثُ قَالُوا بِطَهَارَتِهِ وَمِمَّا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْعِنَبِ عِنْدَ الْعَصْرِ مِنْ النَّوَى، فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ ذَلِكَ أَسْهَلُ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ الدُّودِ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَمِنْ الْعَيْنِ الْمُضِرَّةِ تَلْوِيثُ مَا فَوْقَهَا مِنْ الدَّنِّ بِوَضْعِ الْعَيْنِ فِيهَا أَوْ بِغَيْرِهِ لَا ارْتِفَاعُهَا بِنَفْسِهَا، فَإِنْ وُضِعَ عَلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ مَا يَصِلُ إلَى مَحَلِّ ارْتِفَاعِهَا مِمَّا يَأْتِي طَهُرَتْ اهـ. (قَوْلُهُ كَحَصَاةٍ) مِثَالٌ لِلْعَيْنِ الَّتِي لَمْ تُؤَثِّرْ فِي التَّخَلُّلِ وَمِثَالُ الْعَيْنِ الَّتِي تُؤَثِّرُ الْبَصَلُ وَالْخُبْزُ الْحَارُّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَلَا ضَرُورَةَ) أَتَى بِهِ لِإِخْرَاجِ فُتَاتِ الْبِزْرِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ مَعَ أَنَّهُ عَيْنٌ لِلضَّرُورَةِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الدَّنِّ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ إلَخْ) ، وَكَذَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمَتْنِ بِمُلَاحَظَةِ مَا قَدَّرَهُ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ إذَا نُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهِيَ طَاهِرَةٌ، وَلَمْ يَتَخَلَّلْ مِنْهَا شَيْءٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْخَمْرُ حَقِيقَةً الْمُسْكِرُ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ) .
وَفِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَنَّهَا اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ لَكِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ) مُعْتَمَدٌ، فَإِنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ
؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ وَفِي مَعْنَى تَخَلُّلِ الْخَمْرِ انْقِلَابُ دَمِ الظَّبْيَةِ مِسْكًا (وَجِلْدٌ) ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ (نَجُسَ) بِالْمَوْتِ (فَيَطْهُرُ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (بِانْدِبَاغِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْعِنَبِ أَوْ الزَّبِيبِ أَوْ غَيْرِهَا يَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ طَهَارَةِ النَّبِيذِ بِالتَّخَلُّلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي بَابَيْ الرِّبَا وَالسَّلَمِ لِإِطْبَاقِهِمْ عَلَى صِحَّةِ السَّلَمِ فِي خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِطَهَارَتِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّجَسَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا السَّلَمُ فِيهِ اتِّفَاقًا وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِمْ ثَمَّ عَلَى خَلٍّ لَمْ يَتَخَمَّرْ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَصِيرِ بَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَغَيْرِهِ فَلَوْ جَعَلَ فِيهِ عَسَلًا أَوْ سُكَّرًا أَوْ اُتُّخِذَ مِنْ نَحْوِ عِنَبٍ وَرُمَّانٍ أَوْ بُرٍّ وَزَبِيبٍ طَهُرَ بِانْقِلَابِهِ خَلًّا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَيْسَ فِيهِ تَخْلِيلٌ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْعَسَلَ أَوْ الْبُرَّ وَنَحْوَهُمَا يَتَخَمَّرُ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَكَذَلِكَ السُّكَّرُ فَلَمْ تَصْحَبْ الْخَمْرَ عَيْنٌ أُخْرَى انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِقْصَاءِ مَا فِيهِ وَاسْتِخْرَاجِهِ لَا مِنْ أَصْلِ ضَرُورَةِ عَصْرِهِ لِسُهُولَتِهِ بِدُونِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ انْقِلَابُ دَمِ الظَّبْيَةِ مِسْكًا) أَيْ إنْ أُخِذَ مِنْهَا حَالَ حَيَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَقَدْ تَهَيَّأَ لِلْوُقُوعِ، وَكَذَا الدَّمُ لَبَنًا أَوْ مَنِيًّا وَبَيْضَةٌ اسْتَحَالَتْ دَمًا، ثُمَّ فَرْخًا وَمَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ نَجِسَ بِالْمَوْتِ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمُخْتَارِ: نَجَسَ الشَّيْءُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ فَهُوَ نَجِسٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ الْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ لَا لِلرَّدِّ وَقَوْلُهُ بِالْمَوْتِ أَيْ، وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَا لَوْ قُطِعَ عُضْوُ شَاةٍ حَيَّةٍ وَسُلِخَ جِلْدُهُ وَدَبَغَ، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ نَجِسَ بِالْمَوْتِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سُلِخَ جِلْدُ حَيَوَانٍ وَهُوَ حَيٌّ لَمْ يَطْهُرْ لِلدَّبْغِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِكَوْنِهِ نَجُسَ بِالْمَوْتِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْتِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَذَلِكَ أَنَّ الْجُزْءَ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ فَانْفِصَالُهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِمَنْزِلَةِ انْفِصَالِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَيَطْهُرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) بِانْدِبَاغِهِ بِأَنْ وَقَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَلْقَتْهُ رِيحٌ عَلَى الدِّبَاغِ أَوْ أَلْقَتْ الدِّبَاغَ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مَا ظَهَرَ مِنْ وَجْهَيْهِ وَالْبَاطِنُ مَا بَطَنَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إذَا قُلْنَا بِطَهَارَةٍ ظَاهِرَةٍ فَقَطْ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا فِيهِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَفِي كَلَامِ حَجّ الظَّاهِرُ مَا لَاقَاهُ الدِّبَاغُ وَالْبَاطِنُ مَا لَمْ يُلَاقِهِ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَهُمَا اهـ وَهُوَ وَاضِحٌ لَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِيَتَأَتَّى الْقَوْلُ الْقَائِلُ بِعَدَمِ طَهَارَةِ الْبَاطِنِ، إذْ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا يَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ قَائِلًا بِطَهَارَةِ مَا لَمْ يُلَاقِهِ الدِّبَاغُ وَبِعَدَمِ طَهَارَةِ مَا بَيْنَ مَا لَاقَاهُ الدِّبَاغُ وَمَا لَمْ يُلَاقِهِ وَلَا يَكَادُ يَقُولُ بِذَلِكَ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ مَا لَمْ يُلَاقِهِ الدِّبَاغُ سَبَبُهَا وُصُولُ الدِّبَاغِ إلَيْهِ وَهُوَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا تَأَمَّلْ، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَائِلَ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ عَلَيْهِ لَا فِيهِ لَمْ يُرَاعِ الْقَوْلَ الضَّعِيفَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. حَلَبِيٌّ.
وَقَالَ فِي الْخَادِمِ الْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا بَطَنَ وَبِالظَّاهِرِ مَا ظَهَرَ مِنْ وَجْهَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَةٍ ظَاهِرَةٍ فَقَطْ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا فِيهِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْت مِنْ يَغْلَطُ فِيهِ اهـ اهـ شَرْحُ م ر أَقُولُ لَوْ لَمْ يُصِبْ الدِّبَاغُ الْوَجْهَ الثَّابِتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَاطِنِ أَيْضًا حَتَّى يَجْرِيَ الْقَوْلُ الْقَائِلُ بِعَدَمِ طَهَارَةِ الْبَاطِنِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ الدَّابِغَ لَا يَصِلُ إلَى الْبَاطِنِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَهَلْ يُؤْكَلُ الْجِلْدُ بَعْدَ انْدِبَاغِهِ إذَا كَانَ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ أَوْ لَا وَالصَّحِيحُ حِلُّ أَكْلِهِ. وَأَمَّا جِلْدُ غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَلَا يَحِلُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ حِلُّ أَكْلِهِ عِبَارَةُ ح ل وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَلَوْ مِنْ مَيْتَةٍ مَأْكُولَةٍ لِانْتِقَالِهِ لِطَبْعِ الثِّيَابِ انْتَهَتْ.
وَفِي الْأُجْهُورِيِّ عَلَى مُخْتَصَرِ ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ مَا نَصُّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَتْ الْعُلَمَاءُ فِي طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ عَلَى سَبْعَةِ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جَمِيعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلِّدَ مِنْهُمَا، وَمِنْ أَحَدِهِمَا وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَبَاطِنُهُ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَائِعِ وَالْيَابِسِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي لَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنْ الْجُلُودِ الْمَذْكُورَةِ بِالدِّبَاغِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةُ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ أَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ. وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ. وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ تَطْهُرُ جُلُودُ جَمِيعِ الْمَيْتَاتِ إلَّا الْخِنْزِيرَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ إلَّا أَنَّهُ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسَاتِ دُونَ الْمَائِعَاتِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لَا فِيهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ عَنْهُ فِي حِكَايَةِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ. وَالْمَذْهَبُ
بِمَا يُنْزَعُ فُضُولُهُ) مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُعَفِّنُهُ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا كَزَرْقِ طَيْرٍ أَوْ عَارِيًّا عَنْ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّبْغَ إحَالَةٌ لَا إزَالَةٌ. وَأَمَّا خَبَرُ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ أَيْ الْجِلْدُ فَقَدْ طَهُرَ وَضَابِطُ النَّزْعِ أَنْ يَطِيبَ بِهِ رِيحُ الْجِلْدِ بِحَيْثُ لَوْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَخَرَجَ بِالْجِلْدِ الشَّعْرُ وَنَحْوُهُ لِعَدَمِ تَأَثُّرِهِمَا بِالدَّبْغِ وَبِتَنَجُّسِهِ بِالْمَوْتِ جِلْدُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَبِمَا يُنْزَعُ فُضُولُهُ مَا لَا يَنْزِعُهَا كَتَجْمِيدِ الْجِلْدِ وَتَشْمِيسِهِ وَتَمْلِيحِهِ (وَيَصِيرُ) الْمُنْدَبِغُ (كَثَوْبِ تَنَجَّسَ) فَيَجِبُ غَسْلُهُ لِتَنَجُّسِهِ بِالدَّابِغِ النَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ، وَلَوْ بِمُلَاقَاتِهِ وَتَعْبِيرِي بِالِانْدِبَاغِ وَبِتَنَجُّسٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالدَّبْغِ وَبِنَجِسٍ.
ــ
[حاشية الجمل]
السَّادِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ حَتَّى الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُد مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.
وَالْمَذْهَبُ السَّابِعُ أَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ، وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمَائِعَاتِ وَالْيَابِسَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ وَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ وَاحْتَجَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ بِأَحَادِيثَ وَغَيْرِهَا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ دَلِيلِ بَعْضٍ، وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْجَامِعِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَذْهَبِ الْخَامِسِ فِيهِ نَظَرٌ وَأَجَابَ أَئِمَّتُنَا عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ أَيُّمَا إهَابٍ إلَخْ بِأَنَّ الْمُرَادَ طَهُرَ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً اهـ. (قَوْلُهُ بِمَا يَنْزِعُ فُضُولَهُ) ، وَمِنْهُ الشَّبُّ بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ يُشْبِهُ الزَّاجَّ وَبِالْمُثَلَّثَةِ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ مُرُّ الطَّعْمِ يُدْبَغُ بِهِ أَيْضًا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ اهـ رَشِيدِيٌّ قَالَ ح ل وَلَمَّا كَانَ تَعَيُّنُ التُّرَابِ تَعَبُّدِيًّا لَمْ يَقِسْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْقَرَظِ فِي دَبْغِ الْجِلْدِ لَمَّا كَانَ مَعْقُولَ الْمَعْنَى قِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا فِيهِ حَرَافَةٌ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَفِي الْمِصْبَاحِ فَضَلَ فَضْلًا مِنْ بَابِ قَتَلَ زَادَ وَالْجَمْعُ فُضُولٌ، مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَفِيهِ أَيْضًا نَزَعْت الشَّيْءَ مِنْ مَوْضِعِهِ نَزْعًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَلَعْته وَحَوَّلْته اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَجِسًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَارِيًّا عَنْ الْمَاءِ هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يَجِبُ الْمَاءُ فِي أَثْنَائِهِ أَيْ الدَّبْغِ فِي الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إحَالَةٌ لَا إزَالَةٌ وَلِهَذَا جَازَ بِالنَّجَسِ الْمَحْضِ لِذَلِكَ. وَأَمَّا خَبَرُ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ أَوْ الطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا بُدَّ فِي الْجَافِّ مِنْ الْمَاءِ لِيَصِلَ الدَّوَاءُ بِهِ إلَى سَائِرِ أَجْزَائِهِ مَرْدُودٌ، إذْ الْقَصْدُ وُصُولُهُ، وَلَوْ بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَاءِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ لَطَافَتَهُ تُوَصِّلُ الدَّوَاءَ إلَى بَاطِنِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُوَصِّلُهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْإِحَالَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الدَّوَاءُ إلَى بَاطِنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَجِبُ الْمَاءُ تَغْلِيبًا لِمَعْنَى الْإِزَالَةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ كَذَرْقِ طَيْرٍ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَبِالزَّايِ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ فِي فَصْلِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مَا نَصُّهُ وَذَرْقُ الطَّيْرِ خَرْؤُهُ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ اهـ وَقَالَ فِي فَصْلِ الزَّايِ وَزَرَقَ الطَّيْرُ زَرْقًا وَبَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ) أَيْ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى غُسْلٍ فَالْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ مَا غُسِلَ بِالْمَاءِ بَعْدَ الدَّبْغِ طَاهِرٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَقَدْ طَهُرَ) يُقَالُ طَهُرَ الشَّيْءُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجِلْدِ الشَّعْرُ) أَيْ، وَإِنْ أَلْقَى فِي الْمَدْبَغَةِ وَعَمَّهُ الدَّابِغُ وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ يَطْهُرُ الْقَلِيلُ تَبَعًا، وَلَوْ نُتِفَ طَهُرَ مَحِلُّهُ بِغَسْلِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ نَعَمْ قَالَ النَّوَوِيُّ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ أَيْ الشَّعْرِ فَيَطْهُرُ تَبَعًا وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِالدَّبْغِ كَيْفَ يَطْهُرُ قَلِيلُهُ قَالَ وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَطْهُرُ، وَإِنَّمَا يُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ اهـ وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا لِلْمَشَقَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالدَّابِغِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَيَجِبُ غَسْلُهُ) أَيْ بِمَاءٍ طَهُورٍ مَعَ التَّرْتِيبِ وَالتَّسْبِيعِ إنْ أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ، وَإِنْ سُبِّعَ وَتُرِّبَ قَبْلَ الدَّبْغِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ اهـ حَجّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ عَنْهُ السُّؤَالُ وَهُوَ مَا لَوْ بَالَ كَلْبٌ عَلَى عَظْمِ مَيْتَةٍ فَغُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ فَهَلْ يَطْهُرُ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ حَتَّى لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا رَطْبًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّسْبِيعِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْبِيعِ ذَلِكَ الثَّوْبِ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَنَقَلَ ع ش عَلَى م ر عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَطْهُرُ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ بِالتَّسْبِيعِ وَعِبَارَتُهُ لَكِنْ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ.
(فَرْعٌ) سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْإِنَاءِ الْعَاجِ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَوْ نَحْوُهُ وَغُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا بِتُرَابٍ فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ تَطْهِيرِهِ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَاجَ يَطْهُرُ بِمَا ذُكِرَ عَنْ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ اهـ مِنْ بَابِ الْأَوَانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ اهـ بِحُرُوفِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَتَيْ سُلْطَانٍ وَالْحَلَبِيِّ، مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ مِنْ أَنَّ النَّجَسَ الَّذِي تَنَجَّسَ بِمُغَلَّظٍ لَا يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ إلَّا فِي الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَهُوَ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْ شَيْخِنَا الْخَلِيفِيِّ اهـ. (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِالِانْدِبَاغِ وَبِتَنَجُّسِ أَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِسَلَامَتِهِ مِمَّا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْفِعْلِ فِي الدَّبْغِ، وَإِنَّهُ يَكْفِي حُصُولُهُ بِغَيْرِ فِعْلٍ كَوُقُوعِ الْجِلْدِ بِمَدْبَغَةٍ أَوْ إلْقَاءِ الرِّيحِ الدَّابِغِ عَلَيْهِ وَإِيهَامِ تَعْبِيرِهِ بِنَجَسٍ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ
(وَمَا نَجُسَ) مِنْ جَامِدٍ (وَلَوْ مَعَضًّا) مِنْ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِشَيْءٍ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ) مِنْ خِنْزِيرٍ وَفَرْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا
ــ
[حاشية الجمل]
وَاَلَّذِي يَطْهُرُ إلَخْ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَنَصُّ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فَيَطْهُرُ بِدَبْغِهِ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَدْبُوغُ كَثَوْبٍ نَجِسٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَمَا نَجِسَ إلَخْ) لَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ إزَالَتِهَا وَنَجُسَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا لَكِنَّ الضَّمَّ قَلِيلٌ وَضَبَطَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَقَوْلُهُ مِنْ جَامِدٍ تَخْصِيصٌ لِمَا الَّتِي هِيَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَقَرِينَةُ التَّخْصِيصِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي، وَلَوْ تَنَجَّسَ مَائِعٌ تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْجَامِدُ طَاهِرًا أَمْ نَجِسًا كَعَظْمِ مَيْتَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إذَا تَنَجَّسَ شَيْءٌ مِنْ نَحْوِ الْكَلْبِ يَطْهُرُ عَنْ الْمُغَلَّظَةِ بِالْغَسْلِ سَبْعًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ حَتَّى لَوْ لَاقَى شَيْئًا مَعَ الرُّطُوبَةِ بَعْدَ غَسْلِهِ سَبْعًا بِالتُّرَابِ وَجَبَ تَسْبِيعُ ذَلِكَ الْمُصَابِ اهـ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ طَهَارَتِهِ عَنْ الْمُغَلَّظَةِ لِابْنِ حَجَرٍ وَأَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَفْتَى بِطَهَارَتِهِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ مِنْ جَامِدٍ) خَرَجَ بِهِ الْمَائِعُ وَسَيَأْتِي وَخَرَجَ بِهِ الْمَاءُ أَيْضًا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا تَنَجَّسَ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَإِذَا كُوثِرَ فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ طَهُرَ دُونَ الْإِنَاءِ أَمَّا الْإِنَاءُ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِالتَّسْبِيعِ مَعَ التَّتْرِيبِ اهـ زي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَضًّا) بِفَتْحِ الْمِيمِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الْمَكَانِ أَيْ مَكَانِ عَضٍّ وَذَلِكَ الْمَكَانُ مِنْ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَبَهِيمَةٍ أَوْ آدَمِيٍّ وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ وَلِلتَّعْمِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّيْدِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّ مَحَلَّ الْعَضُدِ مِنْهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَتْنِ، وَقِيلَ يَجِبُ تَقْوِيرُهُ وَلَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ أَصْلًا، وَقِيلَ يُعْفَى عَنْهُ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَصْلًا، وَقِيلَ يَكْفِي غَسْلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقِيلَ يَكْفِي غَسْلُهُ سَبْعًا مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ، وَقَدْ عَلِمْت الْمُعْتَمَدَةَ مِنْهَا بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ فِيهِ عَشَرَةَ أَقْوَالٍ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحِ م ر فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجِسٌ كَغَيْرِهِ مِمَّا تَنَجَّسَ مِنْهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ فَلَوْ أَصَابَ ثَوْبًا فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ وَتَعْفِيرِهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ فَأَشْبَهَ الدَّمَ الَّذِي فِي الْعُرُوقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ سَبْعًا كَغَيْرِهِ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ وَيُطْرَحَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ وَالثَّانِي يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ تَشَرَّبَ لُعَابَهُ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ بِشَيْءٍ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِجُزْءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ فَضَلَاتِهِ أَوْ بِمَاءٍ تَنَجَّسَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا كَأَنْ وَلَغَ فِي بَوْلٍ أَوْ مَاءٍ كَثِيرٍ مُتَغَيِّرٍ بِنَجَاسَةٍ، ثُمَّ أَصَابَ ذَلِكَ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ ثَوْبًا مَثَلًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ نَعَمْ إنْ مَسَّ مِنْ الْكَلْبِ شَيْئًا دَاخِلَ مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَتَنَجَّسْ عَلَى كَلَامِ الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ التَّحْقِيقِ خِلَافَهُ وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُ الْأَوَّلِ بِمَا إذَا عَدَّ الْمَاءَ حَائِلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى نَحْوِ رِجْلِ الْكَلْبِ دَاخِلَ الْمَاءِ قَبْضًا شَدِيدًا بِحَيْثُ لَا يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَاءٌ فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا التَّنْجِيسُ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ التَّنْجِيسِ بِمُمَاسَّتِهِ دَاخِلَ الْمَاءِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ مُبْطِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُنَجِّسْ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى نَجِسٍ جَافٍّ قَالَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، ثُمَّ ذَكَرَ ع ش عَلَى م ر بَعْدَ مِثْلِ هَذَا مَا نَصُّهُ وَتَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ فَرْجَهُ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ مَاسٌّ قَطْعًا اهـ، وَلَوْ وَصَلَ شَيْءٌ مِنْ مُغَلَّظٍ وَرَاءَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ فَهَلْ يُنَجِّسُهُ فَيَتَنَجَّسُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ كَذَكَرِ الْمُجَامِعِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَ لَا يُنَجِّسُ مَا لَاقَاهُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ فَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ الْمَتْنِ اهـ حَجّ، وَلَوْ أَكَلَ شَخْصٌ لَحْمَ كَلْبٍ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ دُبُرِهِ مِنْ خُرُوجِهِ، وَإِنْ خَرَجَ بِعَيْنِهِ قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَ مُحِيلٌ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حَمَّامٍ غُسِلَ دَاخِلَهُ كَلْبٌ، وَلَمْ يُعْهَدْ تَطْهِيرُهُ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى دُخُولِهِ وَالِاغْتِسَالِ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَانْتَشَرَتْ النَّجَاسَةُ إلَى حُصْرِهِ وَفُوَطِهِ وَنَحْوِهِمَا بِأَنَّ مَا تَيَقَّنَ إصَابَةَ شَيْءٍ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ وَيَطْهُرُ الْحَمَّامُ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا بِطَفْلٍ، وَلَوْ مِمَّا يُغْتَسَلُ بِهِ فِيهِ لِحُصُولِ التَّتْرِيبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَحْتَمِلُ فِيهَا أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَوْ بِوَاسِطَةِ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالٍ دَاخِلِيَّةٍ لَمْ يُحْكَمْ بِالنَّجَاسَةِ لِدَاخِلَيْهِ كَمَا فِي الْهِرَّةِ إذَا أَكَلَتْ نَجَاسَةً وَغَابَتْ غَيْبَةً يُحْتَمَلُ فِيهَا طَهَارَةُ فَمِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش.
قَوْلُهُ، وَلَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ إلَخْ خَرَجَ بِاللَّحْمِ الْعَظْمُ فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الدُّبُرِ، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ اللَّحْمِ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ الَّذِي يُؤْكَلُ عَادَةً مَعَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا تَنَجَّسَ بِهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُ حَتَّى لَوْ تَقَايَأَهُ بَعْدَ اسْتِحَالَتِهِ لَمْ يَجِبْ التَّسْبِيعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تُحِيلُهُ الْمَعِدَةُ تُلْقِيهِ إلَى أَسْفَلَ فَمَا يَتَقَايَأَهُ لَيْسَ مِنْ
وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ (غَسَلَ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ فِي غَيْرِ تُرَابٍ بِتُرَابٍ طَهُورٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِتُرَابٍ» وَفِي
ــ
[حاشية الجمل]
شَأْنِهِ الِاسْتِحَالَةُ فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا.
وَعِبَارَةُ زي بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَايَأَهُ أَيْ اللَّحْمَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْبِيعُ فَمِهِ مَعَ التَّتْرِيبِ انْتَهَتْ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتْرِيبُ مَعَ الْقَيْءِ إذَا اسْتَحَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ زي مِنْ وُجُوبِ التَّسْبِيعِ إذَا خَرَجَ مِنْ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ يُفْهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ دُبُرِهِ مِنْ خُرُوجِهِ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الدُّبُرِ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِالنَّجَاسَةِ لِدَاخِلَيْهِ أَيْ أَمَّا هُوَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ لِتَيَقُّنِهَا وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا يُزِيلُهَا حَتَّى لَوْ صَلَّى شَخْصٌ فِيهِ بِلَا حَائِلٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ اهـ (قَوْلُهُ غَسَلَ سَبْعًا) أَيْ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ بِسَبْعِ جَرِيَّاتٍ أَوْ تَحْرِيكِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي التَّحْرِيكِ أَنَّ الذَّهَابَ يُعَدُّ مَرَّةً وَالْعَوْدَةَ مَرَّةً أُخْرَى وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي تَحْرِيكِ الْيَدِ بِالْحَكِّ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْعُرْفِ فِي التَّحْرِيكِ وَهُوَ يَعُدُّ الذَّهَابَ وَالْعَوْدَةَ مَرَّةً وَهُنَا عَلَى جَرْيِ الْمَاءِ وَالْحَاصِلُ فِي الْعَوْدِ غَيْرُ الْحَاصِلِ فِي الذَّهَابِ وَالْمُرَادُ السَّبْعُ، وَلَوْ احْتِمَالًا لِيُدْخِلَ مَسْأَلَةَ الْحَمَّامِ وَالْحَمَّامُ مِثَالٌ فَكَذَا كُلُّ مَكَان تَنَجَّسَ وَاحْتُمِلَ تَطْهِيرُهُ وَيَكْفِي الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ بِشَرْطِهِ وَهُوَ التَّتْرِيبُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَالِغُ أَوْ الْوُلُوغُ.
وَقِيلَ لَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَسْلِ سَبْعًا، وَقِيلَ إنْ تَكَرَّرَ الْوُلُوغُ مِنْ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ كَفَى فِيهِ سَبْعُ مَرَّاتٍ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ سَبْعٌ، وَقَدْ فَرَّعَ الدَّارِمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فَرْعًا حَسَنًا، فَقَالَ لَوْ غَسَلَ بَعْضَ الْغَسَلَاتِ، ثُمَّ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ، فَإِنْ قُلْنَا لِلْجَمِيعِ سَبْعٌ أَتَمَّ غَسْلَهُ وَأَعَادَ مَا كَانَ فَعَلَهُ قَبْلَ وُلُوغِ الثَّانِي، وَإِنْ قُلْنَا لِكُلٍّ سَبْعٌ أَتَمَّ الْجَمِيعَ وَابْتَدَأَ وَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُ الْمُغَلَّظَةِ؛ لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يَكْبَرُ كَمَا أَنَّ الْمُصَغَّرَ لَا يَصْغُرُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ بَالَغَ فِي تَكْبِيرِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الشَّيْءَ إذَا صُغِّرَ مَرَّةً فَلَا يُصَغَّرُ مَرَّةً أُخْرَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الشَّيْءُ إذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَكَقَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ لَا تَغْلُظُ فِيهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ غَلُظَتْ فِي الْخَطَأِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ وَيَقْرَبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْجِزْيَةِ إنَّ الْجُبْرَانَ لَا يُضْعِفُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ إحْدَاهُنَّ) فِي نُسْخَةِ إحْدَاهَا وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا لَا يَعْقِلُ إنْ كَانَ مُسَمَّاهُ عَشَرَةً فَمَا دُونَ فَالْأَكْثَرُ الْمُطَابِقَةُ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَالْأَكْثَرُ الْإِفْرَادُ، وَقَدْ جَاءَ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} [التوبة: 36] الْآيَةَ فَأَفْرَدَ فِي قَوْلِهِ مِنْهَا لِرُجُوعِهِ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ وَجَمَعَ فِي قَوْلِهِ {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ} [التوبة: 36] لِرُجُوعِهِ لِلْأَرْبَعَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بِتُرَابٍ) أَيْ مَصْحُوبَةً بِتُرَابٍ وَالْمُرَادُ بِتُرَابٍ، وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَا لَوْ غَسَلَ بِقِطْعَةِ طِينٍ أَوْ طَفْلٍ، فَإِنَّهُ يَكْفِي اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ بِتُرَابٍ أَيْ، وَلَوْ طِينًا رَطْبًا؛ لِأَنَّهُ تُرَابٌ بِالْقُوَّةِ، وَكَذَا الطِّينُ الْأَرْمَنِيُّ وَيُجْزِي الرَّمَلُ النَّاعِمُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ يُكَدِّرُ الْمَاءَ، وَإِنْ كَانَ نَدِيًّا وَالتُّرَابُ الْمُخْتَلِطُ بِنَحْوِ دَقِيقٍ حَيْثُ كَانَ يُكَدِّرُ الْمَاءَ وَكَوْنُ الْغَسْلِ سَبْعًا وَكَوْنُهُ بِالتُّرَابِ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا بِتُرَابٍ طَهُورٍ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَظْهَرُ تَعْيِينُ التُّرَابِ، وَلَوْ غُبَارَ رَمْلٍ، وَإِنْ عُدِمَ أَيْ التُّرَابُ أَوْ أَفْسَدَ الثَّوْبَ أَوْ زَادَ فِي الْغَسَلَاتِ فَجَعَلَهَا ثَمَانِيًا مَثَلًا.
وَلَا يُقَالُ إنَّ الثَّامِنَةَ تَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّطْهِيرُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْحَدِيثِ عَلَيْهِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَالتَّيَمُّمِ وَلِأَنَّهُ غَلَّظَ فِي ذَلِكَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ جِنْسَيْنِ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا كَزِنَا الْبِكْرِ غَلَّظَ فِيهِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ فَلَمْ يَكْتَفِ بِأَحَدِهِمَا وَخَرَجَ الْمَزْجُ بِنَحْوِ أُشْنَانٍ وَصَابُونٍ وَنُخَالَةٍ وَدَقِيقٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْحَقْ بِالتُّرَابِ نَحْوُ الصَّابُونِ، وَإِنْ سَاوَاهُ فِي كَوْنِهِ جَامِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُبْطِلُهُ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَتَعَيَّنُ وَيَقُومُ مَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ مَقَامَهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا الرَّمَلُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ، وَإِنْ كَانَ نَدِيًّا وَالتُّرَابُ، وَلَوْ اخْتَلَطَ بِنَحْوِ دَقِيقٍ بِحَيْثُ كَانَ لَوْ مُزِجَ بِالْمَاءِ لَاسْتُهْلِكَتْ أَجْزَاءُ الدَّقِيقِ وَوَصَلَ التُّرَابُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَاءِ إلَى جَمِيعِ الْمَحِلِّ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِ فِي التَّيَمُّمِ لِظُهُورِ الْفَارِقِ انْتَهَتْ وَهُوَ أَنَّ نَدَاوَةَ الرَّمَلِ وَنَحْوِ الدَّقِيقِ يَمْنَعَانِ مِنْ وُصُولِ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ وَلَا يَمْنَعَانِ مِنْ كُدُورَةِ الْمَاءِ بِالتُّرَابِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ هُنَا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
1 -
(قَوْلُهُ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ إلَخْ) الْوُلُوغُ أَخْذُ الْمَاءِ بِطَرَفِ اللِّسَانِ يُقَالُ وَلَغَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ يَلَغُ بِالْفَتْحِ وَلْغًا وَوُلُوغًا وَيُقَالُ أَوْلَغَهُ صَاحِبُهُ وَالْوُلُوغُ فِي الْكَلْبِ وَالسِّبَاعِ أَنْ يُدْخِلَ لِسَانَهُ فِي الْمَاءِ فَيُحَرِّكُهُ وَلَا يُقَالُ وَلَغَ بِشَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِهِ غَيْرَ اللِّسَانِ وَلَا يَكُونُ الْوُلُوغُ لِشَيْءٍ مِنْ الطَّيْرِ إلَّا الذُّبَابَ وَيُقَالُ لَحِسَ الْكَلْبُ الْإِنَاءَ إذَا كَانَ فَارِغًا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ قِيلَ وَلَغَ وَالشُّرْبُ
رِوَايَةٍ لَهُ «وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَالْمُرَادُ أَنَّ التُّرَابَ يَصْحَبُ السَّابِعَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ وَهِيَ مُعَارَضَةٌ لِرِوَايَةِ أُولَاهُنَّ فِي مَحِلِّ التُّرَابِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحِلِّهِ وَيُكْتَفَى بِوُجُودِهِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بَلْ مَحْمُولَتَانِ عَلَى الشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ أُخْرَاهُنَّ أَوْ قَالَ أُولَاهُنَّ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَيِّدُ بِهِمَا رِوَايَةَ إحْدَاهُنَّ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِمَا بِالتَّعَارُضِ أَوْ بِالشَّكِّ وَلِجَوَازِ حَمْلِ رِوَايَةِ إحْدَاهُنَّ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَعَمُّ مِنْ الْوُلُوغِ فَكُلُّ شُرْبٍ وُلُوغٌ وَلَا عَكْسَ وَيُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ بِشَرَابِنَا وَفِي شَرَابِنَا، وَمِنْ شَرَابِنَا نُقِلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْضُهُ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَبَعْضُهُ عَنْ غَيْرِهِ اهـ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ لَلْمُؤَلِّفِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ لَحِسْت الْقَصْعَةَ مِنْ بَابِ تَعِبَ لَحْسًا، مِثْلُ فَلِسَ أَخَذْت مَا عَلِقَ بِجَوَانِبِهَا بِالْأُصْبُعِ أَوْ بِاللِّسَانِ وَلَحِسَ الدُّودُ الصُّوفَ لَحْسًا أَيْضًا أَكَلَهُ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ يُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ يَلَغُ بِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا وُلُوغًا إذَا شَرِبَ بِطَرَفِ لِسَانِهِ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ يُقَالُ وَلَغَ الْكَلْبُ شَرَابَنَا، وَمِنْ شَرَابِنَا وَفِي شَرَابِنَا وَيُقَالُ وَلَغَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَمُضَارِعُهُ يَلَغُ وَيَلَغُ وَيُولِغُ بِوَزْنِ وَقَعَ يَقَعُ وَوَرِثَ يَرِثُ وَوَجِلَ يُوجِلُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَعَفِّرُوهُ) أَيْ الْإِنَاءَ وَالثَّامِنَةُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ وَعَفِّرُوهُ بِالتُّرَابِ فِي الثَّامِنَةِ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ التُّرَابَ إلَخْ) أَيْ فَتَسْمِيَتُهَا ثَامِنَةً تَسَمُّحٌ فَلَمَّا اشْتَمَلَتْ السَّابِعَةُ عَلَى مَاءٍ وَتُرَابٍ صَارَتْ كَأَنَّهَا ثِنْتَانِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ يَصْحَبُ السَّابِعَةَ أَيْ فَنَزَلَ التُّرَابُ الْمُصَاحِبُ لِلسَّابِعَةِ مَنْزِلَةَ الثَّامِنَةِ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهَا انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ أَيْ فَالتُّرَابُ هُوَ الثَّامِنَةُ وَتُسْتَحَبُّ ثَامِنَةً أَيْضًا بِالْمَاءِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ مُعَارَضَةٌ) أَيْ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ الثَّانِيَةُ مُعَارَضَةٌ لِرِوَايَتِهِ الْأُولَى وَلَا يُقَالُ وَهِيَ أَيْ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَارِضُ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ لِضَعْفِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا لَكِنَّ عِبَارَةَ م ر صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُعَارَضَةَ هِيَ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد وَهَكَذَا اسْتَنَدَ إلَيْهَا ح ل وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ خَمْسُ رِوَايَاتٍ ثِنْتَانِ لِمُسْلِمٍ وَوَاحِدَةٌ لِأَبِي دَاوُد وَوَاحِدَةٌ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَوَاحِدَةٌ لِلتِّرْمِذِيِّ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَنَجْرِي عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَنَقُولُ إنَّهُ لَا تَعَارُضَ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَلْ مَحْمُولَتَانِ أَيْ رِوَايَتَا مُسْلِمٍ وَفِيهِ أَنَّ الشَّاكَّ يَرْوِي الْمَشْكُوكَ فِيهِ فِي سَنَدٍ وَاحِدٍ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُسْلِمٌ رَوَى كِلَاهُمَا بِسَنَدٍ مُسْتَقِلٍّ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الشَّكِّ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ الشَّكُّ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الشَّكِّ بَيْنَ أُولَاهُنَّ وَأُخْرَاهُنَّ الشَّكُّ بَيْنَ أُولَاهُنَّ وَالثَّامِنَةِ بِالتُّرَابِ وَقَوْلُهُ وَبِالْجُمْلَةِ أَيْ وَأَقُولُ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْجُمْلَةِ أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّعَارُضِ أَوْ بِالشَّكِّ وَقَوْلُهُ وَلِجَوَازِ حَمْلِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِمَا إلَخْ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَيَتَسَاقَطَانِ) أَيْ وَلَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ حَمْلِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِقَيْدَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ وَإِلَّا سَقَطَ الْقَيْدَانِ وَبَقِيَ الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ اهـ حَجّ.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ فَيَتَسَاقَطَانِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَقَدْ يُقَالُ لَا تَسَاقُطَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ رِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِالْبَطْحَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ التُّرَابُ وَأَصْلُهُ مَسِيلٌ وَاسِعٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْأَبْطَحُ مَسِيلٌ وَاسِعٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى وَالْجَمْعُ الْأَبَاطِيحُ وَالْبِطَاحُ بِالْكَسْرِ وَالْبَطِيحَةُ وَالْبَطْحَاءُ كَالْأَبْطُحِ، وَمِنْهُ بَطْحَاءُ مَكَّةَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَيِّدُ بِهِمَا إلَخْ) أَيْ لَا يُقَيِّدُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَالتَّقْيِيدُ بِهِمَا مَعًا غَيْرُ مُمْكِنٍ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَيِّدُ بِهِمَا إلَخْ دَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا رِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَعْلُومَةِ أَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْ الْحَمْلِ إذَا أَمْكَنَ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَمَا هُنَا لَمْ يُحْمَلْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَيْهِمَا لَا يُمْكِنُ لِتَنَافِي قَيْدَيْهِمَا وَعَلَى إحْدَاهُمَا تُحْكَمُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِالشَّكِّ) أَيْ مِنْ الرَّاوِي فِي أَيِّهِمَا الْوَارِدُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلِجَوَازِ حَمْلِ رِوَايَةِ إحْدَاهُنَّ إلَخْ) أَجَابَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ فِي مَبْحَثٍ أَوْ بِجَوَابٍ نَفِيسٍ فَلْيُرَاجَعْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَتُهُ الْأَوَّلُ مُفْتَتَحُ الْعَدَدِ وَهُوَ الَّذِي لَهُ ثَانٍ وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ، وَمِنْهُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ هُوَ الْوَاحِدُ الَّذِي لَا ثَانِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمُصَنِّفِينَ فِي قَوْلِهِمْ وَلَهُ شُرُوطٌ الْأَوَّلُ كَذَا لَا يُرَادُ بِهِ السَّابِقُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْوَاحِدُ وَقَوْلُ الْقَائِلِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدُهُ الْأَمَةُ حُرٌّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَاحِدِ أَيْضًا حَتَّى يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَلَدِ الَّذِي تَلِدُهُ حُرًّا سَوَاءٌ وَلَدَتْ غَيْرَهُ أَمْ لَا إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ فَالْمُؤَنَّثَةُ هِيَ الْأُولَى بِمَعْنَى الْوَاحِدَةِ أَيْضًا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِلا الْمَوْتَةَ} [الدخان: 56] الْأُولَى أَيْ سِوَى الْمَيْتَةِ الْأُولَى الَّتِي ذَاقُوهَا
وَأُولَاهُنَّ عَلَى بَيَانِ النَّدْبِ وَأُخْرَاهُنَّ عَلَى بَيَانِ الْإِجْزَاءِ وَقِيسَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ وَالْفَرْعُ وَبِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ وَعَرَقِهِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحِلِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْمَاءِ وَلَا مَزْجُهُ بِغَيْرِ مَاءٍ نَعَمْ إنْ مَزَجَهُ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَزْجِهِ بِغَيْرِهِ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ كَثِيرًا كَفَى وَلَا مَزْجُ غَيْرِ تُرَابٍ طَهُورٍ كَأُشْنَانٍ وَتُرَابٍ نَجِسٍ وَتُرَابٍ مُسْتَعْمَلٍ وَهُوَ خَارِجٌ بِتَعْبِيرِي بِطَهُورٍ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَالْوَاجِبُ مِنْ التُّرَابِ مَا يُكَدِّرُ الْمَاءَ وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحِلِّ.
ــ
[حاشية الجمل]
فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ بَعْدَهَا أُخْرَى وَتَقَدَّمَ فِي الْآخَرِ أَنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ وَأَنَّ الْأُخْرَى بِمَعْنَى الْوَاحِدَةِ فَقَوْلُهُ عليه السلام فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ يُغْسَلُ سَبْعًا فِي رِوَايَةٍ أُولَاهُنَّ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَاهُنَّ وَفِي رِوَايَةٍ إحْدَاهُنَّ الْكُلُّ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ فَتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الدَّقِيقَةِ وَتَخْرِيجِهَا عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ وَاسْتَغْنَى بِهَا عَمَّا قِيلَ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ، فَإِنَّهَا إذَا عُرِضَتْ عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ لَا يَقْبَلُهَا الذَّوْقُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ، فَإِنَّمَا جَعَلَ التُّرَابَ ثَامِنَةً بِاعْتِبَارِ مُغَايَرَتِهِ لَهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ عَلَى بَيَانِ النَّدْبِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَّبَ فِي الْأُولَى وَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ الْغَسَلَاتِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَتْرِيبُ الْمُصَابِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَأُخْرَاهُنَّ عَلَى بَيَانِ الْإِجْزَاءِ) أَيْ الِاكْتِفَاءِ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ فَالْإِجْزَاءُ أَقَلُّ مَرْتَبَةً فِي الْجَوَازِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الْإِجْزَاءُ بِالْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يُتَوَهَّمُ فِيهَا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِنْزِيرَ كَالْكَلْبِ؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَتَحْرِيمُ الْكَلْبِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْكَلْبِ، وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ قَتْلُهُ لِإِضْرَارِهِ، وَالْفَرْعُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا يَتْبَعُ الْآخَرَ فِي النَّجَاسَةِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالثَّانِي يَكْفِي غَسْلُ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ وَارِدٌ فِي الْكَلْبِ وَمَا ذُكِرَ لَا يُسَمَّى كَلْبًا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَبِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ إلَخْ) أَيْ وَقِيسَ بِوُلُوغِهِ غَيْرُهُ قِيَاسًا أَوْلَوِيًّا حَيْثُ أَمَرَ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِهِ بِفَمِهِ وَهُوَ أَطْيَبُ أَجْزَائِهِ فَغَيْرُهُ مِنْ بَوْلِهِ وَعَرَقِهِ وَرَوْثِهِ وَنَحْوِهَا أَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر. وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَقْدِيمَ هَذَا الْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيسَ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُنَاسِبَ إتْمَامُ الدَّلِيلِ عَلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ، ثُمَّ يَقِيسُ عَلَيْهِ الْخِنْزِيرَ وَأَوْرَدَ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّ الْحَصْرَ فِي السَّبْعِ وَاشْتِرَاطَ التَّتْرِيبِ تَعَبُّدِيٌّ وَالتَّعَبُّدِيَّات لَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي أَصْلِ التَّنْجِيسِ وَإِذَا ثَبَتَ لَزِمَ الْغَسْلُ سَبْعًا بِالتُّرَابِ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَقِيسَ عَلَى الْوُلُوغِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ وَعَرَقِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ مَا ذُكِرَ فِي فَمِهِ مَعَ أَنَّهُ أَطْيَبُ مَا فِيهِ بَلْ هُوَ أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَيْهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ إلَخْ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِالنَّجَاسَةِ وَإِذَا ثَبَتَ لَزِمَ الْغَسْلُ سَبْعًا بِالتُّرَابِ إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَ فَضَلَاتِهِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا قِيَاسَ فِي التَّعَبُّدِيَّاتِ.
(قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ وَمِمَّا قَرَّرَهُ فِي الرِّوَايَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى مُصَاحَبَةِ التُّرَابِ لِلْمَاءِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ ذَرُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحِلِّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَضَعَهُ بَعْدَ تَمَامِ السَّابِعَةِ وَوَجْهُ عِلْمِ ذَلِكَ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْمَتْنِ وَالْحَدِيثِ عَلَى كَوْنِ التُّرَابِ مُصَاحِبًا لِإِحْدَى الْغَسَلَاتِ وَهُوَ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَصْحَبْهَا بَلْ وُضِعَ بَعْدَ تَمَامِ الْغَسَلَاتِ اهـ شَيْخُنَا وَذَرَرْت الْحَبَّ وَالْمِلْحَ وَالدَّوَاءَ فَرَّقْته مِنْ بَابِ رَدَّ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْمَاءِ، فَإِنْ أَتْبَعَهُ بِالْمَاءِ وَامْتَزَجَ مَعَهُ عَلَى الْمَحِلِّ كَفَى اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَلَا مَزَجَهُ بِغَيْرِ مَاءٍ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحِ حَجّ وَلَا تُرَابٍ مَمْزُوجٍ بِمَائِعٍ وَهُوَ هُنَا مَا عَدَا الْمَاءَ الطَّهُورَ فِي الْأَصَحِّ لِلنَّصِّ عَلَى غَسْلِهِ بِالْمَاءِ سَبْعًا مَعَ مُصَاحَبَةِ التُّرَابِ لِإِحْدَاهُنَّ انْتَهَتْ قَالَ م ر وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَكْفِي التُّرَابُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَائِعِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ كَأُشْنَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرِ لُغَةً اهـ مِصْبَاحٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَتُرَابٍ مُسْتَعْمَلٍ) وَلَيْسَ مِنْهُ حَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ فَيَجْزِي هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا حَجَرَ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَحِلَّ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَزَلَ الْمُسْتَجْمِرُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ أَوْ حَمَلَهُ مُصَلٍّ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِابْنِ قَاسِمٍ حَيْثُ قَالَ، وَمِنْ الْمُسْتَعْمَلِ حَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ) أَيْ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ النَّجَسَ لَا يَكْفِي اهـ ع ش وَعِبَارَتُهُ أَيْ الْأَصْلُ وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ نَجِسٌ فِي الْأَصَحِّ فَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُتَنَجِّسِ وَالْمُسْتَعْمَلِ يَكْفِي، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافٍ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ أَيْ النَّجَسُ يَكْفِي كَالدِّبَاغِ بِشَيْءٍ نَجِسٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ مِنْ التُّرَابِ إلَخْ) وَيَقُومُ مَقَامَ التَّتْرِيبِ الْمَاءُ الْكَدِرُ كَالنِّيلِ فِي أَيَّامِ زِيَادَتِهِ وَالسَّيْلِ الْمُتَتَرِّبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي فِي غَيْرِ تُرَابٍ التُّرَابُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَتْرِيبٍ، إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَلَوْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ التُّرَابُ) أَيْ، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ الْهَوَاءِ أَوْ مُرُورِ الْأَقْدَامِ وَقَوْلُهُ، إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا كَأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُرَخَّمَةً أَوْ مُبَلَّطَةً، وَلَوْ تَطَايَرَ مِنْ الْغُسَالَةِ شَيْءٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْغَسَلَاتِ، فَإِنْ تَطَايَرَ مِنْ الْأُولَى غُسِلَ سِتًّا، ثُمَّ إنْ وُجِدَ تُرَابٌ فِيهَا أَوْ الْأُولَى فَلَا حَاجَةَ إلَى تَتْرِيبٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَهَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَ مَاءُ الْغَسَلَاتِ السَّبْعِ، ثُمَّ تَرَشْرَشَ مِنْهُ شَيْءٌ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ التَّتْرِيبُ فِي أُولَى السَّبْعِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَتْرِيبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَخْلُوطٌ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَهُوَ مَاءُ الْأُولَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ مَا فِيهَا تُرَابٌ، وَلَوْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهَا ثَوْبًا قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعِ اشْتَرَطَ فِي تَطْهِيرِهِ تَتْرِيبَهُ وَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهَا عَنْهُ وَهِيَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ وَأَيْضًا فَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ تَتْرِيبِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ إلَّا الْأَرْضَ التُّرَابِيَّةَ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ نُسِبَ إلَيْهِ أَنَّهُ أَفْتَى قَبْلَهُ بِخِلَافِهِ نَعَمْ لَوْ جَمَعَ التُّرَابَ الْمُتَطَايِرَ وَأَرَادَ تَطْهِيرَهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَتْرِيبِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ ع ش. وَأَمَّا الْغَسَلَاتُ إذَا جُمِعَتْ مِنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ بِأَنَّ الْإِنَاءَ الَّذِي جُمِعَتْ فِيهِ يُغْسَلُ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ وَخَالَفَ الْعَلَّامَةَ ابْنَ قَاسِمٍ، وَقَالَ إنْ كَانَ التَّتْرِيبُ فِي أُولَى السَّبْعِ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَاءَ الْأُولَى وَكُلِّ مِمَّا بَعْدَهَا لَا يَحُوجُ لِلتَّتْرِيبِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ اهـ شَبْشِيرِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَجَاسَةً مُسْتَقِلَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا سَبْعًا وَتَتْرِيبِهَا انْتَهَتْ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف مَا قَالَهُ الشِّهَابُ سم اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ) قَدْ يُقَالُ لَهُ مَعْنًى وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُطَهِّرَيْنِ أَعْنِي الْمَاءَ وَالتُّرَابَ الطَّهُورَ وَالتُّرَابُ الطَّهُورُ مَفْقُودٌ هُنَا؛ لِأَنَّ التُّرَابَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ مُتَنَجِّسٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اهـ عَشْمَاوِيٌّ أَيْ فَلَوْ تَرَّبَهُ لَمْ يَصِرْ التُّرَابُ مُسْتَعْمَلًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَهِّرْ شَيْئًا إنَّمَا سَقَطَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِيهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا، إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ) قَالَ شَيْخُنَا مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّهُورِ وَالْمُسْتَعْمَلِ وَعَلَى قِيَاسِهِ يُقَالُ وَلَا بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ. وَأَمَّا لَوْ أَصَابَ مَا تَطَايَرَ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعِ فَيُشْتَرَطُ فِي تَطْهِيرِهِ تَتْرِيبُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ التُّرَابُ أَيْ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا أَوْ نَجِسًا حَيْثُ قَصَدَ تَطْهِيرَهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْغَسَلَاتُ الْمُزِيلَةُ لِلْعَيْنِ تُعَدُّ وَاحِدَةً، وَإِنْ كَثُرَتْ، وَإِنَّمَا حَسِبَ الْعَدَدَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَخْفِيفٍ وَمَا هُنَا مَحَلُّ تَغْلِيظٍ فَلَا يُقَاسُ هَذَا بِذَاكَ انْتَهَتْ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ مَا يَشْمَلُ الْوَصْفَ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ الْأَوْصَافِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهَا قَبْلَ وَضْعِ التُّرَابِ اهـ سم وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَضَعَ التُّرَابَ أَوَّلًا، ثُمَّ يُتْبِعُهُ بِالْمَاءِ أَوْ يَعْكِسُ أَوْ يَمْزُجُهُمَا خَارِجَ الْمَحِلِّ وَيَصُبُّ الْمَاءَ الْمَمْزُوجَ هَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، ثُمَّ يَنْقُلُ النَّظَرَ إلَى النَّجَاسَةِ، فَإِنْ كَانَ جِرْمُهَا بَاقِيًا لَمْ تَكْفِ وَاحِدَةٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِحَيْلُولَةِ الْجِرْمِ بَيْنَ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحَلِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِرْمٌ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا لِتَنَجُّسِهِ بِالرُّطُوبَةِ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَيَكْفِي الصُّورَتَانِ الْأُخْرَيَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ بَعْضُ الْأَوْصَافِ أَوْ كُلُّهَا وَهِيَ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ كَفَى كُلٌّ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَلَكِنْ لَا تُحْسَبُ غَسْلَةٌ إلَّا إنْ زَالَتْ الْأَوْصَافُ، وَلَوْ بِمَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ لِتَتْرِيبٍ مَعَ وُجُودِ الْأَوْصَافِ وَبَيْنَ عَدَمِ حُسْبَانِ الْغَسْلَةِ إلَّا بِزَوَالِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَوْصَافٌ أَصْلًا فَالْأَمْرُ هُنَا ظَاهِرٌ اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ رَبِّهِ نَصُّهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَضَعَ التُّرَابَ عَلَى جِرْمِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكْفِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجِرْمُ مَوْجُودًا وَلَا شَيْءَ مِنْ الْأَوْصَافِ وَوَضَعَ التُّرَابَ كَفَى مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ مَزَجَهُ بِالْمَاءِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَحِلُّ رَطْبًا أَوْ جَافًّا، وَإِنْ بَقِيَتْ الْأَوْصَافُ، فَإِنْ كَانَ الْمَحِلُّ جَافًّا وَوَضَعَ التُّرَابَ مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ وَزَالَتْ الْأَوْصَافُ كَفَى، وَإِنْ وَضَعَهُ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ لِتَنَجُّسِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ
إلَّا بِسِتِّ غَسَلَاتٍ مَثَلًا حُسِبَتْ وَاحِدَةً كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهَا سِتٌّ وَقَوَّاهُ فِي الْمُهِّمَّاتِ.
(أَوْ) نَجُسَ (بِبَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يَطْعَمْ) أَيْ لَمْ يَتَنَاوَلْ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ (غَيْرَ لَبَنٍ
ــ
[حاشية الجمل]
أَيْضًا، وَلَوْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَقْيِيدِ الْمَتْنِ أَيْ وَلَا تُحْسَبُ السَّبْعُ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ، وَلَوْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ أَيْ جِرْمُهَا أَوْ أَحَدُ أَوْصَافِهَا إلَّا بِسِتِّ غَسَلَاتٍ حُسِبَتْ وَاحِدَةٌ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَحِلَّ غَلَّظَ فِيهِ بِخِلَافِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ حَيْثُ حَسَبَ فِيهِ الْعَدَدَ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْنِ أَيْ تُحْسَبُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُزِيلَ لِلْعَيْنِ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَخْفِيفٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ هُنَا الْجِرْمُ لَا مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ وَبَقِيَّةُ الْأَوْصَافِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ وَإِلَّا عُدَّ مَرَّةً وَاحِدَةً وَزَوَالُ الْعَيْنِ بِأَنْ تَنْفَصِلَ الْغُسَالَةُ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ وَغَيْرَ زَائِدَةِ الْوَزْنِ فَلَوْ انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةً أَوْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ لَمْ تُحْسَبْ مِنْ السَّبْعِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ مُزِيلُ الْعَيْنِ يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعِ، وَإِنْ انْفَصَلَ مُتَغَيِّرًا أَوْ زَائِدَ الْوَزْنِ أَوْ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ مَا عَدَا السَّابِعَةَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ وَلَا زَائِدَ الْوَزْنِ وَمَا عَدَا السَّابِعَةَ لَمْ يُزِلْ النَّجَاسَةَ، وَإِنْ انْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) ضَعِيفٌ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ نَجُسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَمَا نَجُسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ إلَخْ انْتَهَتْ وَكَتَبَ عَلَيْهَا ع ش مَا نَصُّهُ دَخَلَ فِي مَا غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَإِنَاءٍ وَأَرْضٍ فَيَطْهُرُ بِالنَّضْحِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَفَارَقَتْ الذِّكْرَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ الْمَذْكُورَ حِكْمَةٌ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي تَخَلُّفُهُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَعُمُومُ الْحُكْمِ اهـ سم عَلَى حَجّ قَالَ شَيْخُنَا ح ل لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَأَصَابَ شَيْئًا وَجَبَ غَسْلُهُ وَلَا يَكْفِي نَضْحُهُ، وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ الْبَوْلُ الصَّرْفُ شَيْئًا كَفَى النَّضْحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ خُرُوجِهِ بِأَنْ كَانَ فِي إنَاءٍ كَالْقَصْرِيَّةِ مَثَلًا أَخْذًا بِعُمُومِ قَوْلِهِمْ مَا نَجُسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ إلَخْ لِصِدْقِهِ بِغَيْرِ أَوَّلِ خُرُوجِهِ وَلَا تَتَوَقَّفُ الرُّخْصَةُ عَلَى مُلَاقَاتِهِ مِنْ مَحِلِّهِ وَمَعْدِنِهِ اهـ أَقُولُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِالنَّضْحِ فِي الْمُتَنَجِّسِ مِنْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَنَجَّسَ بِالْبَوْلِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ صَدَقَ عَلَى مُصَابِهِ أَنَّهُ تَنَجَّسَ بِغَيْرِ الْبَوْلِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ بِبَوْلِ صَبِيٍّ) أَيْ، وَلَوْ مُخْتَلِطًا بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ كَانَ مُتَطَايِرًا مِنْ ثَوْبِ أُمِّهِ وَخَرَجَ بَقِيَّةُ فَضَلَاتِهِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَطْعَمْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَقَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَتَنَاوَلْ أَيْ لَا مَأْكُولًا وَلَا مَشْرُوبًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمُخْتَارِ الطُّعْمُ بِالضَّمِّ الطَّعَامُ، وَقَدْ طَعِمَ بِالْكَسْرِ طُعْمًا بِضَمِّ الطَّاء إذَا أَكَلَ أَوْ ذَاقَ فَهُوَ طَاعِمٌ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمِصْبَاحِ طَعِمْته أَطْعِمَةً مِنْ بَابِ تَعِبَ طَعْمًا وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ مَا يُسَاغُ حَتَّى الْمَاءِ وَذَوْقُ الشَّيْءِ وَالطُّعْمُ بِالضَّمِّ الطَّعَامُ اهـ. (قَوْلُهُ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ) أَمَّا بَعْدَهُمَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَبِرَ غَلُظَتْ مَعِدَتُهُ وَقَوِيَتْ عَلَى الْإِحَالَةِ فَرُبَّمَا كَانَتْ تُحِيلُ إحَالَةً مَكْرُوهَةً فَالْحَوْلَانِ أَقْرَبُ مَرَدٍّ فِيهِ وَلِهَذَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ لَا يَتَنَاوَلُونَ إلَّا اللَّبَنَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر فَلَوْ شَرِبَ اللَّبَنَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، ثُمَّ بَالَ بَعْدَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ غَيْرَ اللَّبَنِ فَهَلْ يَكْفِي فِيهِ النَّضْحُ أَوْ يَجِبُ الْغَسْلُ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْحَوْلَيْنِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ أَكْلِ غَيْرِ اللَّبَنِ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ، وَكَذَا لَوْ أَكَلَ غَيْرَ اللَّبَنِ لِلتَّغَذِّي فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَصَارَ يَقْتَصِرُ عَلَى اللَّبَنِ فَهَلْ يُقَالُ لِكُلِّ زَمَنٍ حُكْمُهُ أَوْ يُقَالُ يُغْسَلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَكَلَ غَيْرَ اللَّبَنِ لِلتَّغَذِّي الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ أَيْضًا، وَلَوْ اخْتَلَطَ اللَّبَنُ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ أَكْثَرَ غُسِلَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا فَلَا غَسْلَ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُغْسَلُ مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ يَتَنَاوَلُهُ عَلَى وَجْهِ التَّغَذِّي اهـ زي اهـ ع ش.
(فَرْعٌ) لَوْ أَصَابَهُ بَوْلُ صَبِيٍّ وَشَكَّ هَلْ هُوَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُ فَهَلْ يَكْتَفِي بِالرَّشِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ س ل فِي دَرْسِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ؛ لِأَنَّ الرَّشَّ رُخْصَةٌ وَالرُّخَصُ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا يُخَالِفُهُ، وَقَالَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بُلُوغِ الْحَوْلَيْنِ وَعَدَمُ كَوْنِ الْبَوْلِ بَعْدَهُمَا اهـ وَالْحَوْلَانِ تَحْدِيدٌ كَمَا قَالَهُ ع ش خِلَافًا لِلشَّيْخِ خَضِرٍ فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْحِفْنِيِّ وَمِثْلُ مَا قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ الْبَوْلُ الْمُصَاحِبُ لِآخِرِهِمَا كَمَا قَالَهُ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ع ش عَلَى م ر وَأَقَرَّهُ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْحِفْنِيِّ فَقَوْلُهُ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِبَوْلٍ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَالَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ مَا ذُكِرَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. (قَوْلُهُ غَيْرَ لَبَنٍ) مِنْ
لِلتَّغَذِّي نُضِحَ) بِأَنْ يُرَشَّ عَلَيْهِ مَا يَعُمُّهُ وَيَغْلِبُهُ بِلَا سَيَلَانٍ بِخِلَافِ الصَّبِيَّةِ وَالْخُنْثَى لَا بُدَّ فِي بَوْلِهِمَا مِنْ الْغَسْلِ عَلَى الْأَصْلِ وَيَتَحَقَّقُ بِالسَّيَلَانِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ «أُمِّ قَيْسٍ أَنَّهَا جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ» وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الِائْتِلَافَ بِحَمْلِ الصَّبِيِّ أَكْثَرُ فَخَفَّفَ فِي بَوْلِهِ وَبِأَنَّ بَوْلَهُ أَرَقُّ مِنْ بَوْلِهَا فَلَا يَلْصَقُ بِالْمَحِلِّ لُصُوقَ بَوْلِهَا بِهِ وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي لِلتَّغَذِّي تَحْنِيكُهُ بِتَمْرٍ وَنَحْوِهِ وَتَنَاوُلُهُ السَّفُوفَ وَنَحْوَهُ لِلْإِصْلَاحِ فَلَا يَمْنَعَانِ النَّضْحَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(أَوْ)
ــ
[حاشية الجمل]
اللَّبَنِ هُنَا الْقِشْطَةُ وَالزُّبْدُ وَالْجُبْنُ الْخَالِي عَنْ الْإِنْفَحَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ حَلِيبًا أَوْ رَائِبًا أَوْ خَائِرًا أَوْ أَقِطًا مِنْ أُمِّهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ فَهَذَا كُلُّهُ لَا يَمْنَعُ النَّضْحَ اهـ شَيْخُنَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ح ل وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا ح ف خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي ع ش. (قَوْلُهُ نَضَحَ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَقِيلَ مُعْجَمَةٌ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ النَّضْخُ بِالْمُعْجَمَةِ مِثْلُ النَّضْحِ بِالْمُهْمَلَةِ، وَقِيلَ النَّضْخُ بِالْمُعْجَمَةِ لِمَا ثَخُنَ كَالطِّينِ وَبِالْمُهْمَلَةِ لِمَا رَقَّ كَالْمَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ نَضَحْت الثَّوْبَ نَضْحًا فِي بَابَيْ ضَرَبَ وَنَفَعَ وَهُوَ الْبَلُّ بِالْمَاءِ وَالرَّشُّ وَيُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ أَيْ يُرَشُّ وَنَضَحَ الْفَرَسُ عَرِقَ وَنَضَحَ الْعَرَقُ خَرَجَ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا نَضَخْت الثَّوْبَ نَضْخًا مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَنَفَعَ إذَا بَلَلْته أَكْثَرَ مِنْ النَّضْحِ فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ وَغَيْثٌ نَضَّاخٌ أَيْ كَثِيرٌ غَزِيرٌ وَعَيْنٌ نَضَّاخَةٌ أَيْ فَوَّارَةٌ غَزِيرَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا نَضَحَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ حُكْمِيَّةً، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنِيَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ جِرْمِهَا وَأَوْصَافِهَا، فَإِنْ لَمْ تَزُلْ بِالنَّضْحِ وَجَبَ الْغَسْلُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ كَمُتَنَجِّسٍ بِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْمُصَابُ بِالْبَوْلِ رَطْبًا بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ سَالَ مِنْهُ الْبَوْلُ وَجَبَ عَصْرُهُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا نَضَحَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهِ التَّثْلِيثُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ تَوْجِيهُهُمْ التَّثْلِيثُ فِي غَيْرِهِ وَتَصْرِيحُهُمْ بِذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِالرَّشِّ مَعَ بَقَاءِ أَوْصَافِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي اللَّوْنِ وَالرِّيحِ قَالَ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَكْتَفِ بِهِ لَأَوْجَبْنَا غَسْلَهُ اهـ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ سُهُولَةِ زَوَالِهِ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرُشَّ عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ إزَالَةِ أَوْصَافِهَا وَلَا تَضُرُّ طَرَاوَةُ مَحِلِّهِ بِلَا رُطُوبَةٍ تَنْفَصِلُ مِنْهُ وَتَكْفِي إزَالَةُ الْأَوْصَافِ مَعَ الرَّشِّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ) وَاسْمُهَا أُمَيْمَةُ، وَقِيلَ بَرَكَةُ بِنْتُ مُحْصَنٍ الْأَسَدِيَّةُ أَسْلَمَتْ قَدِيمًا وَهَاجَرَتْ وَبَايَعَتْ وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ الْحَدِيثَ رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْهَا قُتَيْبَةُ وَغَيْرُهُ وَعَمَرَتْ كَثِيرًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ حَوْلَيْنِ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ نَقَلَ أَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي حِجْرِهِ) هُوَ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ يَدَيْك مِنْ ثَوْبِك وَبِمَعْنَى الْمَنْعِ مُثَلَّثٌ اهـ قَامُوسٌ.
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ طَرَفَ الثَّوْبِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَحِجْرُ الْإِنْسَانِ بِالْفَتْحِ، وَقَدْ يُكْسَرُ حَضْنُهُ وَهُوَ مَا دُونَ إبْطِهِ إلَى الْكَشْحِ وَهُوَ فِي حِجْرِهِ أَيْ فِي كَنَفِهِ وَحِمَايَتِهِ وَالْجَمْعُ حُجُورٌ، ثُمَّ قَالَ وَالْحَضْنُ مَا دُونَ الْإِبْطِ إلَى الْكَشْحِ وَالْجَمْعُ أَحْضَانٌ، مِثْلُ حَمْلٍ وَأَحْمَالٍ اهـ ع ش عَلَى م ر وَبِالْكَسْرِ الْعَقْلُ وَمَا حَوَاهُ الْحَطِيمُ الدَّائِرُ بِالْكَعْبَةِ مِنْ جَانِبِ الشِّمَالِ وَدِيَارِ ثَمُودَ وَالْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ وَالْقَرَابَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْحِجْرُ الْقَرَابَةُ وَالْحِجْرُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا الْفَرَسُ إلَى آخِرِ هَذِهِ السَّبْعَةِ اهـ فَلَهُ مَعَانٍ سَبْعَةٌ قَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ
رَكِبْت حِجْرًا وَطُفْت الْبَيْتَ خَلْفَ الْحِجْر
…
وَحُزْت حِجْرًا عَظِيمًا مَا دَخَلْت الْحِجْر
لِلَّهِ حِجْرٌ مَنَعَنِي مِنْ دُخُولِ الْحِجْرِ
…
مَا قُلْت حِجْرًا وَلَوْ أُعْطِيت مِلْءَ الْحِجْر
. (قَوْلُهُ فَخَفَّفَ فِي بَوْلِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، وَهَذِهِ حِكْمَةٌ فَلَا يَضُرُّ تَخَلُّفُهَا فِي نَحْوِ الْإِنَاءِ وَالْأَرْضِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ بَوْلَهُ أَرَقُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ وَطِينٍ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ وَهُوَ آدَم وَالْأُنْثَى مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهَا وَهُوَ حَوَّاءُ وَالْغَالِبُ عَلَى الشَّيْءِ مُحَاكَاةُ أَصْلِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الذَّكَرَ لُوحِظَ فِيهِ أَصْلُ نَوْعِهِ وَهُوَ آدَم وَالْأُنْثَى لُوحِظَ فِيهَا أَصْلُ نَوْعِهَا وَهُوَ حَوَّاءُ فَأَلْحَقْنَا أَفْرَادَ كُلٍّ بِنَوْعِهِ وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مَخْلُوقٌ مِنْ النُّطْفَةِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا ح ف، وَقِيلَ لَمَّا كَانَ بُلُوغُ الصَّبِيِّ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ وَهُوَ الْمَنِيُّ وَبُلُوغُهَا بِمَائِعٍ كَذَلِكَ وَنَجِسٍ وَهُوَ الْحَيْضُ جَازَ أَنْ يَفْتَرِقَا فِي طَهَارَةِ الْبَوْلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ بَوْلَهَا بِسَبَبِ اسْتِيلَاءِ الرُّطُوبَةِ وَالْبُرُودَةِ عَلَى مِزَاجِهَا أَغْلَظُ وَأَنْتَنُ اهـ قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ. (قَوْلُهُ فَلَا يَلْصَقُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ لَصِقَ يَلْصَقُ كَعَلِمَ يَعْلَمُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ تَحْنِيكُهُ بِتَمْرٍ) بِالْمُثَنَّاةِ لَا بِالْمُثَلَّثَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَتَنَاوُلُهُ السَّفُوفَ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ وَكُلُّ مَا يُؤْخَذُ غَيْرَ مَعْجُونٍ فَهُوَ سَفُوفٌ بِفَتْحِ السِّينِ اهـ ع ش عَلَى
نَجُسَ (بِغَيْرِهِمَا) أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ وَغَيْرِ بَوْلِ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ (وَكَانَ حُكْمِيًّا) كَبَوْلٍ جَفَّ، وَلَمْ تُدْرَكْ لَهُ صِفَةٌ (كَفَى جَرْيُ مَاءٍ) عَلَيْهِ مَرَّةً (أَوْ) كَانَ
ــ
[حاشية الجمل]
م ر أَمَّا بِضَمِّهَا فَهُوَ الْفِعْلُ وَهُوَ التَّنَاوُلُ اهـ لِكَاتِبِهِ وَقَوْلُهُ لِلْإِصْلَاحِ أَيْ إنْ حَصَلَ بِهِ التَّغَذِّي اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِهِمَا) وَكَانَ حُكْمِيًّا بِأَنْ لَمْ يُدْرَكْ لَهُ عَيْنٌ وَلَا وَصْفٌ مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ لِجَفَاءِ أَثَرِهَا بِالْجَفَافِ أَمْ لَا، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ مَعَ انْضِمَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِذَلِكَ لَا يُقَالُ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ كَمُتَنَجِّسٍ بِهِمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْعَيْنِيِّ مِنْهُمَا إزَالَةُ أَوْصَافِهِ إلَّا مَا عَسِرَ مِنْ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا لَمْ يَفْصِلْ فِي الْمُغَلَّظَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ السَّبْعِ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَيْنِيَّةِ وَالْحُكْمِيَّةِ. وَأَمَّا بَوْلُ الصَّبِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْحُكْمِيَّةِ بِأَنْ جَفَّ وَلَا صِفَةَ لَهُ كَفَى نَضْحُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَيْنِيَّةِ فَلَا يُكْتَفَى بِالنَّضْحِ إلَّا إنْ زَالَتْ تِلْكَ الْأَوْصَافُ اهـ ح ل وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِوُجُوبِ غَسْلِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ، وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ وَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ عَلَى مَا فِيهِ فِيمَا إذَا مَسَّتْ النَّجَاسَةُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي نَحْوِ الْجِلْدِ وَالْحَوَاشِي وَمَا بَيْنَ السُّطُورِ اهـ حَجّ وم ر اهـ ع ش وَقَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ أَيْ وَالْغَاسِلُ لَهُ الْوَلِيُّ، وَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِعْلُ ذَلِكَ فِي مُصْحَفِ الْيَتِيمِ بَلْ.
وَفِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ لِعَدَمِ عِلْمِنَا بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مِنْهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ سِيَّمَا، وَقَدْ قَالَ عَلَى مَا فِيهِ الْمُشْعِرُ بِالتَّوَقُّفِ فِي حُكْمِهِ مِنْ أَصْلِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ كَبَوْلٍ جَفَّ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ، وَلَمْ تُدْرَكْ لَهُ صِفَةٌ سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ لِخَفَاءِ أَثَرِهَا بِالْجَفَافِ كَبَوْلٍ جَفَّ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَلَا أَثَرَ لَهُ وَلَا رِيحَ فَذَهَبَ وَصْفُهُ أَمْ لَا لِكَوْنِ الْمَحِلِّ صَقِيلًا لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ كَالْمِرْآةِ وَالسَّيْفِ اهـ شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ لِكَوْنِ الْمَحِلِّ صَقِيلًا صَرِيحُهُ أَنَّ نَجَاسَةَ الصَّقِيلِ حُكْمِيَّةٌ، وَلَوْ قَبْلَ الْجَفَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ نَجَاسَتُهُ حِينَئِذٍ عَيْنِيَّةٌ، وَإِنَّمَا نَصُّوا عَلَيْهِ لِلْإِشَارَةِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْمَسْحِ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قُلْت إذَا أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ شَيْئًا ثَقِيلًا كَسَيْفٍ وَسِكِّينٍ وَمِرْآةٍ لَمْ يَطْهُرْ بِالْمَسْحِ عِنْدَنَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ كَفَى جَرْيُ مَاءٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ كَمَطَرٍ، وَمِنْ ذَلِكَ السِّكِّينُ إذَا حُمِيَتْ، ثُمَّ سُقِيَتْ مَاءً نَجِسًا وَالْحَبُّ إذَا نُقِعَ فِي بَوْلٍ حَتَّى انْتَفَخَ وَاللَّحْمُ إذَا طُبِخَ بِبَوْلٍ فَيَطْهُرُ بَاطِنُهَا بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَالْآجُرُّ الْمَعْجُونُ بِنَجَسٍ سُئِلَ عَنْهُ الْمُزَنِيّ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ نَجِسٌ، ثُمَّ سُئِلَ عَنْهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسِعْ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَكُونُ مَعْفُوًّا عَنْهُ، وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ لِلْعَلَّامَةِ الزِّيَادِيِّ صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ فِي الْجِرَرِ وَالْأَزْيَارِ وَالْأَجَانَاتِ وَالْقِلَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَالْبَرَانِيِّ وَالصُّحُونِ مِمَّا يُعْجَنُ مِنْ الطِّينِ بِالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَيُحْكَمُ بِطَهَارَةِ مَا وُضِعَ فِيهَا مَعَ مَائِعٍ أَوْ مَاءٍ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ أَوْ لَا وَفِي الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ الْمُتَنَجِّسَةِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ حَتَّى لَوْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمِشِّ الْمَعْمُولِ بِهِ الْكِشْكُ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ وَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَلَا تَجِبُ الْمَضْمَضَةُ مِنْهُ وَلَا غَسْلُ مَا أَصَابَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى أَوْ لَا، وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الطُّوبِ الْمَعْجُونِ بِالزِّبْلِ إذَا أُحْرِقَ وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ بِهِ وَفَرْشُ أَرْضَهَا بِهِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِلَا حَائِلٍ وَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي أَوْ مَلْبُوسِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ أَوْ لَا أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَأَجَابَ بِمَا صُورَتُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ الْخَزَفُ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الطِّينِ وَيُضَافُ إلَيْهِ السِّرْجِينُ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَطَهَارَةِ مَا وُضِعَ فِيهِ مِنْ مَاءٍ أَوْ مَائِعٍ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلُبُ التَّيْسِيرَ.
وَقَدْ قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسِعْ وَالْجُبْنُ الْمَعْمُولُ بِالْإِنْفَحَةِ الْمُتَنَجِّسَةِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَيْضًا فَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَأَكْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَطْهِيرُ الْفَمِ مِنْهُ وَإِذَا أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهُ ثَوْبَ الْآكِلِ أَوْ بَدَنَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَطْهِيرُهُ لِلْمَشَقَّةِ. وَأَمَّا الْآجُرُّ الْمَعْجُونُ بِالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ بِهِ وَفَرْشُ أَرْضِهَا بِهِ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِلَا حَائِلٍ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءُ الْكَعْبَةِ بِهِ وَالْمِشُّ الْمُنْفَصِلُ عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ طَاهِرٌ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهُ بَدَنًا أَوْ ثَوْبًا لَمْ يَجِبْ تَطْهِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ عَلَى
(عَيْنِيًّا وَجَبَ إزَالَةُ صِفَاتِهِ) مِنْ طَعْمٍ، وَلَوْنٍ وَرِيحٍ (إلَّا مَا عَسِرَ) زَوَالُهُ (مِنْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ) فَلَا تَجِبُ إزَالَتُهُ بَلْ يُطَهَّرُ الْمَحِلُّ (كَمُتَنَجِّسٍ بِهِمَا) أَيْ بِنَحْوِ الْكَلْبِ وَبِبَوْلِ الصَّبِيِّ، فَإِنَّهُ تَجِبُ فِي الْعَيْنِيِّ مِنْهُمَا إزَالَةُ صِفَاتِهِ إلَّا مَا عَسِرَ مِنْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، أَمَّا إذَا اجْتَمَعَا فَتَجِبُ إزَالَتُهُمَا مُطْلَقًا لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ
ــ
[حاشية الجمل]
الزِّيَادِيِّ الشَّافِعِيُّ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَقَدْ سَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فِي دَرْسِهِ فَقَالَ قُلْته مِنْ عِنْدِي، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا صَرَّحَ بِهِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجْته عَلَى قَوَاعِدِ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَعَمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاةِ حَامِلِ الشَّيْءِ مِنْهَا، إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ إفْتَاءَ الزِّيَادِيِّ الْمَذْكُورَ بِالْحَرْفِ مَا نَصُّهُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ الْعِمَادِ وَشَرْحِهَا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ. (قَوْلُهُ وَجَبَ إزَالَةُ صِفَاتِهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُهَا بِالشَّمِّ وَالْبَصَرِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا عَلَى الْأَعْمَى أَوْ مَنْ بِعَيْنِهِ رَمَدٌ أَنْ يَسْأَلَ بَصِيرًا هَلْ زَالَتْ الْأَوْصَافُ أَوْ لَا اهـ ح ل وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْسِلَ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ بَعْدَ طُهْرِهَا غَسْلَتَيْنِ لِتَكْمُلَ الثَّلَاثُ، وَلَوْ مُخَفَّفَةً فِي الْأَوْجَهِ.
أَمَّا الْمُغَلَّظَةُ فَلَا كَمَا قَالَهُ الْجِيلُونِيُّ فِي بَحْرِ الْفَتَاوَى فِي شَرْحِ الْحَاوِي وَبِهِ الْتَقَى ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يَكْبَرُ كَمَا أَنَّ الْمُصَغَّرَ لَا يَصْغُرُ وَمَعْنَى أَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يَكْبَرُ أَنَّ الشَّارِعَ بَالَغَ فِي تَكْبِيرِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الشَّيْءَ إذَا صَغُرَ مَرَّةً أُخْرَى، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الشَّيْءُ إذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ فِي الْغَلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظُ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَكَقَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ لَا تَغْلُظَ فِيهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ غَلُظَتْ فِي الْخَطَأِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْجِزْيَةِ إنَّ الْجُبْرَانَ لَا يُضْعِفُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ نِيَّةٌ وَتَجِبُ إزَالَتُهَا فَوْرًا إنْ عَصَى بِهَا وَإِلَّا فَلِنَحْوِ صَلَاةٍ نَعَمْ تُسَنُّ الْمُبَادَرَةُ بِإِزَالَتِهَا حَيْثُ لَمْ تَجِبْ. وَأَمَّا الْعَاصِي بِجَنَابَتِهِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ بِالْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَجِّسَ مُتَلَبِّسٌ بِمَا عَصَى بِهِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ إلَّا مَا عَسِرَ زَوَالُهُ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ بِأَنْ لَمْ يَزُلْ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْغَسْلِ وَالْحَتِّ وَالْقَرْصِ، وَإِنْ طَالَ بَقَاءُ ذَلِكَ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ وَلَا بِالِاسْتِعَانَةِ بِالْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ حَيْثُ تَوَقَّفَتْ الْإِزَالَةُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَذَكَرَ حَجّ أَنَّهُ بَعْدَ ظَنِّ الطُّهْرِ لَا يَجِبُ شَمٌّ وَلَا نَظَرٌ نَعَمْ يَنْبَغِي سَنَّهُ اهـ ح ل وَخَرَجَ مَا سَهُلَ زَوَالُهُ فَلَا يَطْهُرُ مَعَ بَقَائِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ اهـ شَرْحُ م ر وَحَاصِلُ صُوَرِ النَّجَاسَةِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً فِي الْعَيْنِيِّ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ فِي الْمَحِلِّ إمَّا الْجِرْمُ أَوْ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ أَوْ الطَّعْمُ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْهَا وَفِيهِ سِتُّ صُوَرٍ أَوْ ثَلَاثٌ مِنْهَا وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَوْ الْجَمِيعُ وَهِيَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ فَهَذِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صُورَةً وَكُلُّهَا فِي الْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ وَالْمُتَوَسِّطَةِ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَفِي الْحُكْمِيَّةِ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُخَفَّفَةٌ أَوْ مُغَلَّظَةٌ أَوْ مُتَوَسِّطَةٌ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ اهـ مَدَابِغِيٌّ.
(قَوْلُهُ بَلْ يَطْهُرُ الْمَحِلُّ) أَيْ حَقِيقَةً لَا أَنَّهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ حَتَّى لَوْ أَصَابَهُ بَلَلٌ لَمْ يَتَنَجَّسْ، إذْ لَا مَعْنَى لِلْغَسْلِ إلَّا الطَّهَارَةُ وَالْأَثَرُ الْبَاقِي شَبِيهٌ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُغَلَّظَةِ وَغَيْرِهَا فَلَوْ عَسُرَتْ إزَالَةُ لَوْنِ نَحْوِ دَمٍ مُغَلَّظٍ أَوْ رِيحِهِ طَهُرَ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي خَادِمِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْفَ عَنْ قَلِيلِ دَمِهِ لِسُهُولَةِ إزَالَةِ جِرْمِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَمُتَنَجِّسٍ بِهِمَا) أَيْ فَمَا تَقَدَّمَ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالنَّضْحِ مَحِلُّهُ إنْ زَالَتْ بِهِ الْأَوْصَافُ وَمَحِلُّ الِاكْتِفَاءِ فِي الْمُغَلَّظَةِ بِالسَّبْعِ إنْ زَالَتْ بِهَا الْأَوْصَافُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ مَا إذَا اجْتَمَعَا) أَيْ بِمَحِلٍّ وَاحِدٍ مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَلَا لِفَوَاتِ الْعِلَّةِ الْآتِيَةِ وَأَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا بِنَجَاسَةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْبَحْرِ فَيُوجَدُ فِيهِ رِيحُ الزِّبْلِ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَيْ لَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، فَإِنْ بَقِيَا مَعًا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَإِنْ عَسِرَ زَوَالُهُمَا ضَرَّ عَلَى الصَّحِيحِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، فَإِنْ بَقِيَا فِي مَحِلَّيْنِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَوْ تَخَرَّقَتْ بِطَانَةُ الْخُفِّ وَطَهَارَتُهُ فِي مَحِلَّيْنِ غَيْرِ مُتَحَاذِيَيْنِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ قُوَّةُ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَائِهَا انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ ضَرَّ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْ إنْ كَانَ مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا مِنْ ثِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُسْتَقِلَّةٌ لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِالْأُخْرَى وَكُلُّ وَاحِدَةٍ بِانْفِرَادِهَا ضَعِيفَةٌ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَتَجِبُ إزَالَتُهُمَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَسِرَ أَوْ لَمْ يَعْسَرْ وَمَعْنَى الْوُجُوبِ فِيمَا إذَا عَسِرَ أَنَّهُ إذَا تَيَسَّرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إزَالَتُهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعِلَاجُ. وَأَمَّا الْمَحِلُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيُعْفَى عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَيُصَلِّي بِهِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا قَطْعُ الْمَحِلِّ اهـ شَيْخنَا اج وح ف
الْعَيْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا بَقَاءُ الطَّعْمِ وَحْدَهُ، وَإِنْ عَسِرَ زَوَالُهُ وَلَا تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ فِي زَوَالِ الْأَثَرِ بِغَيْرِ الْمَاءِ إلَّا إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَى كَلَامٍ فِيهِ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.
(وَشَرْطُ وُرُودِ مَاءٍ) إنْ (قَلَّ)
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَوْلُهُ وَيُصَلِّي بِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ فِي الْبَدَنِ أَوْ فِي الثَّوْبِ، وَقَدْ رَأَيْت لِشَيْخِنَا الَأَشْبُولِيِّ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ النَّجَاسَةُ فِي الْبَدَنِ فَالْحُكْمُ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الثَّوْبِ وَجَبَ نَزْعُهُ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ بَلْ يُصَلِّي بِدُونِهِ، وَلَوْ عَارِيًّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ اهـ وَيَأْتِي مِثْلُ هَذَا فِي بَقَاءِ الطَّعْمِ وَحْدَهُ وَفِي ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ لَكِنْ إذَا عَسِرَ عُفِيَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْعُسْرُ وَتَجِبُ إزَالَتُهُمَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَلَا تَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ مَعَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الطَّعْمِ إذَا عَسِرَ اهـ أَيْ فَيَكُونُ الْمَحِلُّ نَجِسًا مَعْفُوًّا عَنْهُ. (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا بَقَاءُ الطَّعْمِ) تَقَدَّمَ فِي الْأَوَانِي أَنَّ الْمُرَجَّحَ جَوَازُ الذَّوْقِ وَأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِ إذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهَا فِيمَا يُرِيدُ ذَوْقَهُ أَوْ انْحَصَرَتْ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَعْرِفُ بَقَاءَ الطَّعْمِ مَعَ حُرْمَةِ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ.
وَعِبَارَةُ سم يَعْرِفُ بَقَاءَ الطَّعْمِ فِيمَا إذَا دَمِيَتْ لِثَتُهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُهُ فَيَجُوزُ لَهُ ذَوْقُ الْمَحِلِّ اسْتِظْهَارًا وَفِي الْأَنْوَارِ وَيُصَوِّرُ وُجْدَانَ الطَّعْمِ بِدَمْيِ الْفَمِ أَوْ تَلَطُّخِهِ بِالْخَمْرِ أَوْ الْقَيْءِ لَا بِذَوْقِ الْمَحِلِّ اهـ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ فِي زَوَالِ الْأَثَرِ) أَيْ مِنْ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ هُمَا بِغَيْرِ الْمَاءِ مِنْ نَحْوِ صَابُونٍ أَوْ أُشْنَانٍ إلَّا إنْ تَعَيَّنَتْ أَيْ الِاسْتِعَانَةُ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذُكِرَ وَالتَّوَقُّفُ بِحَسَبِ ظَنِّ الْمُطَهِّرِ إنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ وَإِلَّا سَأَلَ خَبِيرًا وَقَوْلُهُ عَلَى كَلَامٍ فِيهِ إلَخْ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ مَا هُنَا مِنْ كَوْنِهَا إذَا تَعَيَّنَتْ وَجَبَتْ سَوَاءٌ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ أَوْ هُمَا أَوْ الطَّعْمُ وَاسْتِحْبَابُهَا حَيْثُ لَمْ تَتَوَقَّفْ إزَالَةُ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ ذَلِكَ فَاضِلًا عَمَّا يَفْضُلُ عَنْهُ ثَمَنُ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ قَالَ حَجّ، وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا التَّفْصِيلُ الْآتِي فِيمَا إذَا وَجَدَهُ بِحَدِّ الْغَوْثِ أَوْ الْقُرْبِ وَلَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَحْوِ الْحَتِّ وَجَبَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إذَا وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا ذُكِرَ فَلَوْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا عُفِيَ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ فَلَوْ زَالَ التَّعَذُّرُ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ لِزَوَالِ الْعُذْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ يَصِيرُ طَاهِرًا لَا مَعْفُوًّا عَنْهُ حَيْثُ قَالَ فِي بَيَانِ الْعُسْرِ بِأَنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ إزَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ أَوْ تَوَقَّفَتْ، نَحْوُ صَابُونٍ، وَلَمْ يَجِدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِلْمَشَقَّةِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ أَضْرَبَ عَنْهُ وَاسْتَوْجَهَ أَنَّ مَنْ فَقَدَ نَحْوَ الْأُشْنَانِ يَصِيرُ بِمَثَابَةِ مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ، وَقَدْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ أَيْ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ، وَإِنْ صَلَّى فِيهِ لِلضَّرُورَةِ أَعَادَ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ وَشَرْطُ وُرُودِ مَاءٍ إنْ قَلَّ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الْعَصْرَ إلَخْ أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ وُرُودُ الْمَاءِ عَلَى مَحِلِّهَا إنْ كَانَ قَلِيلًا لَا الْعَصْرُ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا لَكِنْ يُسْتَحَبُّ فِيمَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا لَهُ خَمْلٌ كَالْبِسَاطِ أَوْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فَقَوْلُ الْغَزِّيِّ يُشْتَرَطُ أَيْ الْعَصْرُ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ ضَعِيفٌ وَمُقَابِلُهُ فِي الْأَوَّلِ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْمَحِلُّ النَّجِسُ لِتَطْهِيرِهِ كَالثَّوْبِ يُغْمَسُ فِي إجَّانَةِ مَاءٍ لِذَلِكَ أَنَّهُ يُطَهِّرُهُ كَمَا لَوْ كَانَ وَارِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِيهِ فَيُنَجَّسُ بِهِ وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْعَصْرُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ وَيَقُومُ مَقَامَهُ الْجَفَافُ فِي الْأَصَحِّ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ مِنْهُ يَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ لِرِعَايَةِ الْخِلَافِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ يُسَنُّ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافًا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا هُنَا لَكِنْ ذُكِرَ حَجّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِاسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْهُ قُوَّةُ الْخِلَافِ وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَنُصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ أَمَّا هُوَ فَتُسَنُّ مُرَاعَاتِهِ، وَإِنْ شَذَّ قَالَ حَجّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَنُّهُمْ لَهُ لِدَلِيلٍ قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ إمَّا بِالِاعْتِرَاضِ عَلَى مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالشُّذُوذِ أَوْ بِكَوْنِهِ مَعَ شُذُوذِهِ عِنْدَنَا مُوَافِقًا لِبَعْضِ الْمَذَاهِبِ فَيَكُونُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ اهـ ع ش عَلَيْهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ لَوْ وَضَعَ ثَوْبًا فِي إجَّانَةٍ وَفِيهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَصَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ تَنَجَّسَ بِالْمُلَاقَاةِ؛ لِأَنَّ نَحْوَ دَمِ الْبَرَاغِيثِ لَا يَزُولُ بِالصَّبِّ فَلَا بُدَّ بَعْدَ زَوَالِهِ مِنْ صَبِّ مَاءٍ طَهُورٍ قَالَ، وَهَذَا مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَارِدَ الْقَلِيلَ يُنَجِّسُ إنْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحِلُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وسم وَفِي ع ش عَلَى م ر فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَا نَصُّهُ.
(فَرْعٌ) قَرَّرَ م ر أَنَّهُ لَوْ غُسِلَ ثَوْبٌ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ أَيْ، وَلَوْ نَجِسَةً لَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ الدَّمِ فِيهِ وَيُعْفَى
لَا إنْ كَثُرَ عَلَى الْمَحِلِّ لِئَلَّا يَتَنَجَّسَ الْمَاءُ لَوْ عَكَسَ فَلَا يَطْهُرُ الْمَحِلُّ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ لِمَا يَأْتِي مِنْ طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ وَقَوْلِي قَلَّ مِنْ زِيَادَتِي (وَغُسَالَةٌ قَلِيلَةٌ مُنْفَصِلَةٌ بِلَا تَغَيُّرٍ و) بِلَا (زِيَادَةٍ) وَزْنًا بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَتَشَرَّبُهُ الْمَحِلُّ (وَقَدْ طَهُرَ الْمَحِلُّ طَاهِرَةً) ؛ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْضُ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ، وَقَدْ فُرِضَ طُهْرُهُ، فَإِنْ كَانَتْ
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْ إصَابَةِ هَذَا الْمَاءِ لَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ أَمَّا إذَا قَصَدَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ الَّتِي هِيَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ أَثَرِ هَذَا الدَّمِ مَا لَمْ يَعْسَرْ، فَيُعْفَى عَنْ اللَّوْنِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ بِالْحَرْفِ. (قَوْلُهُ إنْ قَلَّ) قَدَّرَ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ الْجُمْلَةُ صِفَةً؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ أَقْوَى مِنْ مَفْهُومِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ خِلَافٌ بِخِلَافِ مَفْهُومِهَا اهـ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَحِلِّ) أَيْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ لَا عَلَى عَيْنِهَا أَوْ عَلَى عَيْنِهَا وَزَالَتْ بِهِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهَا فِي إنَاءٍ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَنَجَّسْ بِأَنْ يَرِدَ عَلَى مَحَلِّ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَنَجِّسُ لَهُ خَمْلٌ كَالْبُسُطِ لَا عَلَى عَيْنِهَا كَمَا لَوْ صُبَّ الْمَاءُ عَلَى بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ دَمٍ بِأَرْضٍ قَبْلَ جَفَافِهِ وَلَا نَظَرَ لِمَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا بَعْدَ جَفَافِ الدَّمِ وَالْخَمْرِ وَالْبَوْلِ إذَا لَمْ يَزُلْ بِإِيرَادِهِ وَجَامِعِهِ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْإِنَاءِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ) أَيْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ إزَالَةُ صِفَاتِهِ، وَمِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطُ وُرُودِ مَاءٍ قَلَّ وَوَجْهُ الْعِلْمِ اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذَيْنِ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ غَيْرُهُمَا كَالْعَصْرِ وَمِثْلُ الْعَصْرِ صَبُّ الْمَاءِ مِنْ الْإِنَاءِ الَّذِي يَطْهُرُ فَلَا يَجِبُ، وَكَذَا أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ الَّتِي تَطْهُرُ فَلَا يَجِبُ أَيْضًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ بَعْدَ زَوَالِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً، فَإِنَّ الْمَاءَ الَّذِي عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُغْسَلُ مُتَنَجِّسٌ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَغُسَالَةٌ) أَيْ، وَلَوْ لِمَصْبُوغٍ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ، وَقَدْ زَالَتْ عَيْنُ الصِّبْغِ النَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ اللَّوْنِ لِعُسْرِ زَوَالِهِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِصَفَاءِ الْغُسَالَةِ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَزِيدَ وَزْنُ الثَّوْبِ بَعْدَ الْغَسْلِ عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ الصِّبْغِ، فَإِنْ زَادَ ضَرَّ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ مِنْ النَّجَاسَةِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُعْمِلَ لِلْمَصْبُوغِ مَا يَمْنَعُ مِنْ انْفِصَالِ الصِّبْغِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اسْتِعْمَالِ مَا يُسَمُّونَهُ فِطَامًا لِلثَّوْبِ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَطْهُرْ بِالْغَسْلِ لِلْعِلْمِ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَهُوَ طَاهِرٌ إنْ اُشْتُرِطَ زَوَالُهَا بِأَنْ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْ مَخْلُوطَةً بِنَجِسِ الْعَيْنِ أَمَّا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ زَوَالُهَا بِأَنْ جَفَّتْ فَلَا يَضُرُّ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) إذَا غَسَلَ ثَوْبًا مُتَنَجِّسًا بِالصَّابُونِ حَتَّى زَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ قَالَ م ر جَوَابًا بِالسُّؤَالِ عَلَى الْفَوْرِ يَصِيرُ لِأَثَرِ الصَّابُونِ حُكْمُ الصِّبْغِ فَلَا يَطْهُرُ حَتَّى تَصْفُوَ الْغُسَالَةُ مِنْ لَوْنِ الصَّابُونِ مَعَ عَدَمِ الزِّيَادَةِ، ثُمَّ قَالَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَشُقُّ اسْتِقْصَاؤُهُ يَكُونُ مَعْفُوًّا عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم.
(فَرْعٌ) مِنْ الْغُسَالَةِ مَا لَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ بِدَمِ لِثَتِهِ أَوْ بِمَا يَخْرُجُ بِسَبَبِ الْجُشَاءِ فَتَفِلَهُ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَأَدَارَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ بِحَيْثُ عَمَّهُ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ، فَإِنَّ فَمَه يَطْهُرُ وَلَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ فَيَجُوزُ ابْتِلَاعُهُ لِطَهَارَتِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ، فَإِنَّهُ دَقِيقٌ هَذَا وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ تُدْمِي لِثَتُهُ مِنْ بَعْضِ الْمَأْكُولِ لِتَشْوِيشِهِ عَلَى لَحْمِ الْأَسْنَانِ دُونَ بَعْضٍ فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ فِيمَا تُدْمِي بِهِ لِثَتُهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ أَمْ لَا لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِتَنَاوُلِ الْبَعْضِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ مِنْهُ دَمْيُ اللِّثَةِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى حِينَئِذٍ وَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ يُمْكِنُ تَطْهِيرُ فَمِهِ مِنْهُ، وَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ صَفَاءِ غُسَالَةِ ثَوْبٍ صُبِغَ بِنَجَسٍ وَيَكْفِي غَمْرُ مَا صُبِغَ بِمُتَنَجِّسٍ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ صَبُّ مَاءٍ قَلِيلٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ فَيَطْهُرُ هُوَ وَصِبْغُهُ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَغُسَالَةٌ قَلِيلَةٌ إلَخْ) الْمُرَادُ بِغُسَالَةِ النَّجَاسَةِ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي وَاجِبِ الْإِزَالَةِ أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَنْدُوبِهَا كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَطَهُورٌ وَمَا غُسِلَ بِهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَقَلِيلِ دَمٍ غَيْرِ طَهُورٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَيَتَعَيَّنُ فِي نَحْوِ الدَّمِ إذَا أُرِيدَ غَسْلُهُ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ فِي نَحْوِ جَفْنَةٍ وَالْمَاءُ قَلِيلٌ إزَالَةُ عَيْنِهِ وَإِلَّا تَنَجَّسَ الْمَاءُ بِهَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ مَعَهَا فِيهَا اهـ شَرْحُ م ر وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ اللَّحْمَ يُغْسَلُ مِرَارًا وَلَا تَصْفُو غُسَالَتُهُ، ثُمَّ يُطْبَخُ وَيَظْهَرُ فِي مَرَقَتِهِ لَوْنُ الدَّمِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَمْ لَا فَأَقُولُ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الْعَفْوِ قِيَاسًا عَلَى الْمَيْتَةِ الَّتِي لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ، فَإِنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ عَنْهَا حَيْثُ لَمْ تُغَيِّرْ مَا وَقَعَتْ فِيهِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَتَشَرَّبُهُ الْمَحِلُّ) أَيْ وَيُلْقِيهِ مِنْ الْوَسَخِ الطَّاهِرِ وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِمَا بِالظَّنِّ وَقَوْلُهُ، وَقَدْ طَهُرَ الْمَحِلُّ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ بِهِ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ فِي الْمُغَلَّظِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ طَاهِرَةٌ) أَيْ غَيْرُ طَهُورَةٍ لِإِزَالَتِهَا لِلْخَبَثِ؛ لِأَنَّ مَا أُزِيلَ بِهِ الْخَبَثُ غَيْرُ طَهُورٍ، وَلَوْ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَدْ فُرِضَ طُهْرُهُ) أَيْ طُهْرُ الْمُتَّصِلِ فَكَذَا الْمُنْفَصِلُ وَقَوْلُهُ فَطَاهِرَةٌ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحِلُّ
كَثِيرَةً فَطَاهِرَةٌ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ أَوْ لَمْ تَنْفَصِلْ أَوْ لَمْ تَنْفَصِلْ فَطَاهِرَةٌ أَيْضًا، وَإِنْ انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةً أَوْ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ وَزَادَ وَزْنُهَا بَعْدَ مَا ذُكِرَ أَوْ لَمْ يَزِدْ، وَلَمْ يَطْهُرْ الْمَحِلُّ فَنَجِسَةٌ وَالتَّقْيِيدُ بِالْقَلِيلَةِ وَبِعَدَمِ الزِّيَادَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَوْ تَنَجَّسَ مَائِعٌ) غَيْرَ مَاءٍ، وَلَوْ دُهْنًا (تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْخَطَّابِيِّ فَأَرِيقُوهُ فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَالْجَامِدُ هُوَ الَّذِي إذَا أُخِذَ مِنْهُ قِطْعَةٌ لَا
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَوْلُهُ فَطَاهِرَةٌ أَيْضًا أَيْ إنْ طَهُرَ الْمَحِلُّ وَقَوْلُهُ فَنَجِسَةٌ أَيْ وَالْمَحَلُّ نَجِسٌ، إذْ هُمَا مُتَلَازِمَانِ مَتَى حُكِمَ بِطَهَارَةِ الْمَحِلِّ حُكِمَ بِطَهَارَةِ الْغُسَالَةِ وَمَتَى حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْغُسَالَةِ، وَلَوْ بِزِيَادَةِ الْوَزْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْمَحِلِّ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ تَنْفَصِلْ فَطَاهِرَةٌ أَيْضًا) أَيْ وَمُطَهِّرَةٌ لِلْمَحَلِّ الَّذِي هِيَ فِيهِ فَلَوْ وُضِعَ مَاءٌ فِي إنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ كُلُّهُ، وَلَمْ يَعُمَّ الْمَاءُ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ، فَإِنَّهُ يُدَارُ فِي جَوَانِبِهِ كُلِّهَا حَتَّى يَعُمَّهَا وَيُطَهِّرَ جَمِيعَهَا، فَإِنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْمَحِلِّ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ مَا بَقِيَتْ الْحَاجَةُ إلَى الِاسْتِعْمَالِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ مَوْجُودَةً فِي الْإِنَاءِ، وَلَوْ مَائِعَةً أَوْ مَعْفُوًّا عَنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً، فَإِنَّ الْمَاءَ يُنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ صَبِّهِ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ حَجّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِطَهَارَةِ مَا صُبَّ عَلَى بَوْلٍ فِي إجَّانَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى بَوْلٍ لَا جِرْمَ لَهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْغُسَالَةِ مَحِلُّهُ فِيمَا لَا جِرْمَ لِلنَّجَاسَةِ فِيهَا لَكِنَّ قَوْلَهُمْ لَوْ صُبَّ مَاءٌ عَلَى دَمِ نَحْوِ بَرَاغِيثَ فَزَالَتْ عَيْنُهُ طَهُرَ الْمَحِلُّ وَالْغُسَالَةُ بِشَرْطِهِ يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ فَطَاهِرَةٌ أَيْضًا) لَعَلَّ مَحِلَّهُ مَعَ عَدَمِ التَّغَيُّرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْعِبَارَةِ خِلَافُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ دُهْنًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَقِيلَ يَطْهُرُ الدُّهْنُ بِغَسْلِهِ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ بِأَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَيُكَاثِرَهُ، ثُمَّ يُحَرِّكُهُ بِخَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ يَظُنُّ وُصُولَهُ لِجَمِيعِهِ، ثُمَّ يُتْرَكُ لِيَعْلُوَ، ثُمَّ يَثْقُبُ أَسْفَلَهُ فَإِذَا خَرَجَ الْمَاءُ سَدَّ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ إذَا تَنَجَّسَ بِمَاءٍ لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ كَالْبَوْلِ وَإِلَّا لَمْ يَطْهُرْ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ صَارَ جَامِدًا وَعَلَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى صِبْغٌ جَمَدَ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ وَأَجْزَاءٌ صِبْغِيَّةٌ وَبِجُمُودِهِ زَالَتْ أَجْزَاءُ الْمَاءِ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْأَجْزَاءُ الصِّبْغِيَّةُ وَهِيَ جَامِدَةٌ فَلْيُحَرَّرْ.
(فَرْعٌ) السُّكَّرُ الْمُتَنَجِّسُ إنْ كَانَ تَنْجِيسُهُ حَالَ مَائِعِيَّتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْعَقِدَ بِأَنْ تَنَجَّسَ، ثُمَّ طُبِخَ سُكَّرًا لَمْ يَطْهُرْ، وَإِنْ كَانَ تَنْجِيسُهُ بَعْدَ انْعِقَادِهِ طَهُرَ بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ الْجَامِدُ بِفَتْحِ الْبَاءِ إنْ كَانَ تَنَجَّسَ حَالَ كَوْنِهِ لَبَنًا مَائِعًا لَمْ يَطْهُرْ، وَإِنْ جَمَدَ وَطَرَأَ التَّنَجُّسُ بَعْدَ جُمُودِهِ بِتَجْبِينٍ أَوْ غَيْرِهِ طَهُرَ بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ بِخِلَافِ الدَّقِيقِ إذَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ سَوَاءٌ انْتَهَى إلَى حَالَةِ الْمَائِعِيَّةِ بِأَنْ صَارَ يَتَرَادُّ مَوْضِعَ مَا أَخَذَ مِنْهُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ لَمْ يَنْتَبِهْ إلَيْهَا، فَإِنَّهُ إذَا جُفِّفَ، ثُمَّ نُقِعَ فِي الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يُجَفَّفُ حَيْثُ كَانَ جَامِدًا.
وَكَذَلِكَ التُّرَابُ إذَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ بَوْلٍ سَوَاءٌ صَارَ مَائِعًا أَوْ جَامِدًا، فَإِنَّهُ إذَا جُفِّفَ، ثُمَّ نُقِعَ فِي الْمَاءِ طَهُرَ، وَكَذَا إذَا لَمْ يُجَفِّفْ حَيْثُ كَانَ جَامِدًا وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الدَّقِيقِ وَالتُّرَابِ جَامِدٌ والْمَائِعِيَّةُ عَارِضَةٌ بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَنَحْوِهِمَا هَذَا حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ م ر وَأَفَادَهُ وَاعْتَمَدَهُ أَقُولُ، وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي الصِّبْغُ فَإِذَا صُبِغَ ثَوْبٌ بِصِبْغٍ مُتَنَجِّسٍ، ثُمَّ جَفَّ الثَّوْبُ، ثُمَّ غُمِسَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ حَتَّى غَمَرَهُ، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ هُوَ وَصِبْغُهُ؛ لِأَنَّ صَبْغَهُ بِمَنْزِلَةِ تُرَابٍ عُجِنَ بِبَوْلٍ أَوْ مَاءٍ نَجِسٍ أَوْ بِمَنْزِلَةِ عَجِينٍ بِبَوْلٍ أَوْ مَاءٍ نَجِسٍ فَقَوْلُهُمْ لَا بُدَّ فِي طُهْرِ الْمَصْبُوغِ بِنَجِسٍ مِنْ أَنْ تَصْفُوَ غُسَالَتُهُ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى صِبْغٍ نَجِسِ الْعَيْنِ أَوْ مَخْلُوطٍ بِأَجْزَاءٍ نَجِسَةِ الْعَيْنِ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي هَامِشِ التَّجْرِيدِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَإِذَا تَنَجَّسَ جُبْنٌ بِزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ طَهُرَ بِغَسْلٍ يُزِيلُ الزَّيْتَ اهـ أَيْ كَأَنْ يُغْسَلَ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ اهـ سم وَلَعَلَّ هَذَا فِي الْمُغَلَّظَةِ، وَمِنْ الْجَامِدِ الزِّئْبَقُ بِكَسْرِ الزَّايِ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَبَاءٍ مَفْتُوحَةٍ أَوْ مَكْسُورَةٍ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِوَضْعِهِ فِي نَحْوِ جِلْدِ كَلْبٍ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ وَإِلَّا فَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ التَّتْرِيبِ فِي النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ مَا لَمْ يَتَفَتَّتْ وَإِلَّا فَيَتَعَذَّرُ تَطْهِيرُهُ فَلَوْ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ لَمْ تُنَجِّسْهُ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ عَنْ الْفَأْرَةِ) بِالْهَمْزَةِ لَا غَيْرَ أَمَّا فَأْرَةُ الْمِسْكِ فَبِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ اهـ ع ش وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ فَأَرِيقُوهُ) قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّ وُجُوبِ إرَاقَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ وَقُودٍ وَعَمَلِ صَابُونٍ بِهِ وَاسْتِقَاءِ دَابَّةٍ اهـ ح ل، وَمِنْ ذَلِكَ الْعَسَلُ إذَا تَنَجَّسَ، فَإِنَّهُ يُسْقَى لِلنَّحْلِ وَلَا يُنَجَّسُ عَسَلُهَا بَعْدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(فَائِدَةٌ) فِي الْبُخَارِيِّ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُحَدِّثُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ قَالَ هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ» إلَخْ.
وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَيْهِ مِنْ هَرَاقَ الْمَاءَ يُهْرِيقُهُ هِرَاقَةً وَلِلْأَصِيلَيَّ أَهْرِيقُوا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ إهْرَاقِ الْمَاءِ يُهْرِقُهُ إهْرَاقًا أَيْ صُبُّوا انْتَهَى وَبِهَامِشِهِ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي الْعِزِّ الْعَجَمِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ هَرِيقُوا هُوَ فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ هَرْيَقَ يُهَرْيِقُ عَلَى وَزْنِ دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ وَأَصْلُهُ أَرْيَقَ يُؤَرْيِقُ فَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ هَرَاقَ الْمَاءَ نَظَرٌ. وَأَمَّا رِوَايَةُ أَهْرِيقُوا فَهِيَ