المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في النجاسة وإزالتها] - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ١

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا]

- ‌[فَرْعٌ دُخَانُ النَّجَاسَةِ]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّيَمُّمِ]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي مُقْتَضِي سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ النَّفْلِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعْهُمَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ قَصْرِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

الفصل: ‌[باب في النجاسة وإزالتها]

أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ (كَفَاهُ غُسْلٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ لِانْدِرَاجِ الْوُضُوءِ فِيهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْغَيْنِ وَبِفَتْحَتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَ لُغَاتٍ، وَالْجَمْعُ أَشْغَالٌ وَشَغَلَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ شَاغِلٌ وَلَا يُقَالُ أَشْغَلَهُ؛ لِأَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ اهـ ع ش عَلَى م ر لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ وَأَشْغَلَهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَتَّبًا) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَلَوْ مَعًا؛ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ هِيَ الَّتِي أَخَلَّ بِهَا الْأَصْلُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُغَيِّيَ بِهَا تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر قُلْت، وَلَوْ أَحْدَثَ، ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ أَيْ أَجْنَبَ، ثُمَّ أَحْدَثَ كَفَى الْغُسْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ نَوَى الْوُضُوءَ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ غَسَلَ الْأَعْضَاءَ مُرَتَّبَةً أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُمَا طَهَارَتَانِ فَتَدَاخَلَتَا، وَقَدْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَأَنَّ الْأَصْغَرَ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكْفِي الْغُسْلُ، وَإِنْ نَوَى مَعَهُ الْوُضُوءَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ مَعَهُ. وَالثَّالِثُ إنْ نَوَى مَعَ الْغُسْلِ الْوُضُوءَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالِاكْتِفَاءِ لِتَقَدُّمِ الْأَكْبَرِ فِيهَا فَلَا يُؤَثِّرُ بَعْدَهُ الْأَصْغَرُ، وَلَوْ وُجِدَ الْحَدَثَانِ مَعًا فَهُوَ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الْأَصْغَرُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ كَفَاهُ غُسْلٌ) ، مِثْلُ الْغُسْلِ بَدَلَهُ وَهُوَ التَّيَمُّمُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِانْدِرَاجِ الْوُضُوءِ) أَيْ لِانْدِرَاجِ مُوجِبِهِ فِيهِ أَيْ الْغُسْلِ أَيْ فِي مُوجِبِهِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ.

(خَاتِمَةٌ) يُبَاحُ لِلرِّجَالِ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ غَضُّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ نَظَرُهُ وَصَوْنُ عَوْرَاتِهِمْ عَنْ الْكَشْفِ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا أَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِاغْتِسَالِ وَنَهْيُهُمْ الْغَيْرَ عَنْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ، وَإِنْ ظَنُّوا أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ عَارِيًّا لَعَنَهُ مَلَكَاهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: 11] {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 12] . وَرَوَى النَّسَائِيّ وَالْحَاكِمُ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ دُخُولُ الْحَمَّامِ إلَّا بِمِئْزَرٍ» . وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ لِخَبَرِ «مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إلَّا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَالْخَنَاثَيْ كَالنِّسَاءِ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ الْعَادَةِ، وَآدَابُهُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا أَنْ يَقْصِدَ بِدُخُولِهِ التَّطْهِيرَ وَالتَّنْظِيفَ لَا التَّرَفُّهَ وَالتَّنَعُّمَ وَأَنْ يُسَلِّمَ الْأُجْرَةَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَأَنْ يُسَمِّيَ لِدُخُولِهِ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ كَمَا فِي دُخُولِ الْخَلَاءِ وَذَلِكَ عِنْدَ الْبَابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ لِلْمَسْلَخِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى دُخُولًا وَالْيُمْنَى خُرُوجًا وَأَنْ يَتَذَكَّرَ بِحَرَارَتِهِ نَارَ جَهَنَّمَ لِشَبَهِهِ بِهَا وَأَنْ لَا يَدْخُلَهُ إذَا رَأَى فِيهِ عُرْيَانًا وَأَنْ لَا يُعَجِّلَ بِدُخُولِ الْبَيْتِ الْحَارِّ حَتَّى يَعْرَقَ فِي الْأَوَّلِ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ الْكَلَامَ فِيهِ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يُوَرِّثُ الْجُنُونَ أَوْ الْوَسْوَسَةَ وَأَنْ يَدْخُلَهُ وَقْتَ الْخَلْوَةِ أَوْ يَتَكَلَّفَ إخْلَاءَهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْأَبَدَانِ مَكْشُوفَةً فِيهِ شَوْبٌ مِنْ قِلَّةِ الْحَيَاءِ وَأَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى قَبْلَ الْخُرُوجِ.

وَصِيغَةُ الِاسْتِغْفَارِ الْمَشْهُورَةُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ، وَمَعَهَا غَيْرُهَا مِنْ كُلِّ مَا يُفِيدُ طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ، نَحْوُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْخَلَاءِ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ خُرُوجِهِ غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ الذِّكْرِ بِالتَّنْظِيفِ فَيُعَدُّ بِهِ مُعْرِضًا كَمَا عُدَّ بِاشْتِغَالِهِ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ فِي الْخَلَاءِ كَذَلِكَ. وَيُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فِي غَيْرِ مَسْلَخِهِ وَيَنْوِيَ بِهِمَا سُنَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ يُطْلِقَ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ انْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ وَيُكْرَهُ أَيْضًا دُخُولُهُ لِصَائِمٍ وَصَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الرَّأْسِ وَالشُّرْبُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ الطِّبُّ وَلَا بَأْسَ بِدَلْكِ غَيْرِهِ لَهُ إلَّا عَوْرَةً أَوْ مَظِنَّةَ شَهْوَةٍ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِ دَاخِلِهِ لِمَنْ فِيهِ عَافَاكَ اللَّهُ أَوْ نَعِيمًا أَوْ بِمِنًى أَوْ حَمَّامَ الْعُمْرَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً فَلَا لَوْمَ عَلَى تَرْكِهَا. وَيُسَنُّ لِمَنْ يُخَالِطُ النَّاسَ التَّنَظُّفُ بِالسِّوَاكِ وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ وَالْأَوْسَاخِ وَالرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ وَيُنْدَبُ حُسْنُ الْأَدَبِ مَعَهُمْ وَمُلَاطَفَتُهُمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وع ش عَلَى م ر

[بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا]

وَهِيَ مُوجِبٌ أَيْ سَبَبٌ وَإِزَالَتُهَا مَقْصِدٌ فَهُوَ الْمَقْصِدُ الثَّالِثُ وَالْوَاجِبُ فِيهَا فِي غَيْرِ نَحْوِ الْكَلْبِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا يَأْتِي فَمَا قِيلَ غَسْلُهَا كَانَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نُسِخَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَإِنْ قَالَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ

ص: 167

(بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا) النَّجَاسَةُ لُغَةً مَا يُسْتَقْذَرُ وَشَرْعًا بِالْحَدِّ

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ نَقْلٍ مُعْتَبَرٍ فِي حَدِيثٍ أَوْ أَثَرٍ فَرَاجِعْهُ وَإِزَالَتُهَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ إرَادَةِ اسْتِعْمَالِ مَا هِيَ فِيهِ وَعِنْدَ التَّضَمُّخِ بِهَا عَبَثًا وَعِنْدَ تَنْجِيسِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ وَعِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَعَنْ الْمَيِّتِ إذَا خَرَجَتْ مِنْهُ، وَمِنْ الْمَسْجِدِ، وَالنَّجَاسَةُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ نَجِسَ يَنْجُسُ كَعَلِمَ يَعْلَمُ أَوْ حَسُنَ وَقُدِّمَتْ عَلَى التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ إزَالَتَهَا شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَلَوْ لِصَاحِبِ الضَّرُورَةِ فِيهِمَا، وَتَقَدَّمَ اشْتِرَاطُ تَقَدُّمِ اسْتِنْجَائِهِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَهِيَ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ إمَّا حُكْمِيَّةٌ بِأَنْ جَاوَزَتْ مَحِلَّهَا كَالْجَنَابَةِ وَإِمَّا عَيْنِيَّةٌ بِأَنْ لَمْ تُجَاوِزْهُ، وَهَذِهِ تُطْلَقُ عَلَى الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَعَلَى الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِمَحِلِّهَا وَإِطْلَاقُهَا عَلَى الْأَعْيَانِ مَجَازٌ مَشْهُورٌ أَوْ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَيُقَالُ لَهَا بِاعْتِبَارِهَا لُغَةً كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ وَشَرْعًا مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَإِسْنَادُ الْمَنْعِ إلَيْهَا صَحِيحٌ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَمَلَهَا أَوْ بِاعْتِبَارِ مَحِلِّهَا وَالْمُرَادُ الِاسْتِقْذَارُ الشَّرْعِيُّ لَا بِمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِ النَّفْسِ لِيَصِحَّ الِاسْتِدْلَال عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ بِعَدَمِ اسْتِقْذَارِهَا فِي التَّعْرِيفِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ كُلُّ عَيْنٍ حَرُمَ إلَخْ وَيُقَالُ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ وَصْفٌ يَقُومُ بِالْمَحِلِّ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَيُقَالُ لَهَا مَعَ وُجُودِ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ وَمَعَ عَدَمِهَا حُكْمِيَّةٌ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ، وَقَدْ تُعْرَفُ الْأَعْيَانُ بِالْعَدِّ وَهُوَ أَوْلَى فِيمَا قَلَّتْ أَفْرَادُهُ، وَلِذَلِكَ سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ هِيَ مُسْكِرٌ مَائِعٌ وَكَلْبٌ إلَخْ، وَقَدْ ضَبَطَهَا الْبُلْقِينِيُّ رحمه الله بِقَوْلِهِ الْأَعْيَانُ جَمَادٌ وَحَيَوَانٌ وَالْمُرَادُ بِالْجَمَادِ مَا لَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَلَا جُزْءِ حَيَوَانٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ حَيَوَانٍ فَالْجَمَادُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إلَّا الْمُسْكِرَ وَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَفَرْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَصْلُ الْحَيَوَانِ كَالْمَنِيِّ وَالْعَلَقَةِ تَابِعٌ لِحَيَوَانِهِ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً وَجُزْءُ الْحَيَوَانِ كَمَيْتَتِهِ كَذَلِكَ وَالْمُنْفَصِلُ عَنْ الْحَيَوَانِ إمَّا يَرْشَحُ رَشْحًا كَالْعَرَقِ وَلَهُ حُكْمُ حَيَوَانِهِ، وَإِمَّا لَهُ اسْتِحَالَةٌ فِي الْبَاطِنِ كَالْبَوْلِ فَهُوَ نَجِسٌ إلَّا مَا اسْتَثْنَى اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

قَالَ الرَّحْمَانِيُّ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ مِنْ خَصَائِصِنَا قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} [البقرة: 286] أَيْ أَمْرًا يَثْقُلُ عَلَيْنَا حَمْلُهُ يَأْصِرُ صَاحِبَهُ أَيْ يَحْبِسُهُ فِي مَكَانِهِ يُرِيدُ التَّكَالِيفَ الشَّاقَّةَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ فِي التَّوْبَةِ وَإِخْرَاجِ رَيْعِ الْمَالِ فِي الزَّكَاةِ وَقَطْعِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَخَمْسِينَ صَلَاةٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ وَقَطْعِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ هَلْ الْمُرَادُ، وَلَوْ مِنْ الْبَدَنِ أَوْ الْمُرَادُ مِنْ غَيْرِهِ فَقَطْ وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ قَطْعُ ذَلِكَ مِنْ الْفَرْوَةِ وَالْخُفِّ لَا مِنْ الْبَدَنِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّحْمَانِيَّ أَعَادَ الْكَلَامَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ وَإِزَالَتُهَا بِالْمَاءِ مِنْ خَصَائِصِنَا، وَغَيْرُنَا كَانَ يَقْطَعُ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ أَيْ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَمَا فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ قَطْعِ جُلُودِهِمْ يُحْمَلُ عَلَى جِلْدِ الْفَرْوَةِ الَّتِي عَلَى أَحَدِهِمْ قُلْت وَلَعَلَّهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ مَحَلِّ النَّجْوِ مِنْهُمْ أَوْ لَيْسَ بِخَاصٍّ كَمَا أَنَّ قَبُولَ تَوْبَتِهِمْ بِقَتْلِهِمْ وَلَهُ تَعَالَى تَكْلِيفُ الْعَبْدِ بِمَا لَا يُطِيقُ اهـ بِالْحَرْفِ، ثُمَّ أَعَادَهَا فِي فَصْلِ الِاسْتِنْجَاءِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ قُلْت وَتَقَدَّمَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} [البقرة: 286] أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا قَطْعُ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ دُونَ الْحَيَوَانَاتِ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِغَيْرِ مُكَلَّفٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ الضَّرُورِيِّ كَتَنَجُّسِ الْمَخْرَجَيْنِ بِالْخَارِجِ مِنْهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ فِي النَّجَاسَةِ) أَيْ بِمَعْنَى الْأَعْيَانِ وَالضَّمِيرُ فِي إزَالَتِهَا يَرْجِعُ لَهَا بِمَعْنَى الْوَصْفِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ اهـ ح ل قِيلَ وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا عَنْ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا قَبْلَهَا لَا عَنْهَا أَوْ تَقْدِيمُهَا عَقِبَ الْمِيَاهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِهَذَا الصَّنِيعِ وَجْهًا أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ إزَالَتَهَا لَمَّا كَانَتْ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى مَا مَرَّ وَكَانَ لَا بُدَّ فِي بَعْضِهَا مِنْ تُرَابِ التَّيَمُّمِ كَانَتْ آخِذَةً طَرَفًا مِمَّا قَبْلَهَا وَطَرَفًا مِمَّا بَعْدَهَا فَتَوَسَّطَتْ بَيْنَهُمَا إشَارَةً لِذَلِكَ اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهَا أُخِّرَتْ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِمَا تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا بَلْ تَكْفِي مُقَارَنَةُ إزَالَتِهَا لَهُمَا وَقُدِّمَتْ عَلَى التَّيَمُّمِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لُغَةً مَا يُسْتَقْذَرُ) أَيْ، وَلَوْ طَاهِرًا كَالْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَالْمَنِيِّ وَيُقَالُ أَنَّهَا لُغَةً الشَّيْءُ الْبَعِيدُ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْمَالِكِيُّ بِأَنَّهَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ عَلَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَشَرْعًا بِالْحَدِّ مُسْتَقْذَرٌ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ اعْتِبَارُ الِاسْتِقْذَارِ فِيهَا يُنَاقِضُ اعْتِبَارَ

ص: 168

مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَبِالْحَدِّ.

ــ

[حاشية الجمل]

عَدَمِهِ فِي الْحَدِّ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ كُلُّ عَيْنٍ حُرِّمَ تَنَاوُلُهَا إلَى أَنْ قَالَ لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا إلَخْ وَنَفْيُهُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ وَلَا مُسْتَقْذَرٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ، ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّجَاسَةَ مُسْتَقْذَرَةٌ إلَّا أَنَّ حُرْمَتَهَا لَيْسَتْ لِاسْتِقْذَارِهَا اهـ أَيْ وَتَرَتُّبُ مَنْعِ الصَّلَاةِ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ غَيْرُ تَرَتُّبِ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْقَضِيَّتَيْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ تَكُونُ حُرْمَتُهُ لِاسْتِقْذَارِهِ، وَقَدْ تَكُونُ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ فَمِثْلُ الْمَيْتَةِ فِيهَا جِهَتَانِ الِاسْتِقْذَارُ، وَنَهَى الشَّارِعُ عَنْ تَنَاوُلِهَا فَهِيَ قَدْ حُرِّمَتْ لِلضَّرَرِ النَّاظِرِ إلَيْهِ الشَّارِعُ، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ فِي التَّحْرِيمِ وَبِهِ زَالَ الْإِشْكَالُ بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَفِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ أَنَّ النَّجَاسَةَ كُلَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ وَلَكَ مَنْعُهُ فِي الْكَلْبِ الْحَيِّ وَلِهَذَا يَأْلَفُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ نَجَاسَتَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ الذِّئْبِ وَلَا يُقَالُ الْمُرَادُ اسْتِقْذَارُهَا شَرْعًا إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الدَّوْرُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ إلَخْ) وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ الْحَدُّ بِأَنَّهُ حَدٌّ لِلنَّجَسِ لَا لِلنَّجَاسَةِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا تَحْرِيمُ مُلَابَسَةِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ فَهِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَكَيْفَ تُفَسَّرُ بِالْأَعْيَانِ رُدَّ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ تُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَعْيَانِ وَعَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَحَدُّهَا بِالْأَعْيَانِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يُرِدْ بِهَا مَعْنَاهَا الثَّانِي بَلْ الْأَوَّلَ وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِيهِ أَوْ مَجَازٌ مَشْهُورٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا إنَّ النَّجَاسَةَ وَالنَّجَسَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَعَرَّفَهَا الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهَا كُلُّ عَيْنٍ حُرِّمَ تَنَاوُلُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ مَعَ سُهُولَةِ التَّمْيِيزِ لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا وَلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ عَقْلٍ فَخَرَجَ بِالْإِطْلَاقِ مَا يُبَاحُ قَلِيلُهُ كَبَعْضِ النَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ الِاخْتِيَارِ حَالَةَ الضَّرُورَةِ فَيُبَاحُ فِيهَا تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ وَسُهُولَةُ التَّمْيِيزِ نَحْوُ دُودِ الْفَاكِهَةِ فَيُبَاحُ تَنَاوُلُهُ مَعَهَا، وَإِنْ سَهُلَ تَمْيِيزُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهُ عُسْرُ التَّمْيِيزِ وَلَا يَتَنَجَّسُ فَمُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ، وَهَذَا الْقَيْدُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِلْإِدْخَالِ لَا لِلْإِخْرَاجِ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ إمْكَانِ التَّنَاوُلِ لِيَخْرُجَ بِهِ الْأَشْيَاءُ الصُّلْبَةُ كَالْحَجَرِ لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا تَحْرِيمٍ وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ وَبِلَا لِحُرْمَتِهَا لَحْمَ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ، وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ مُطْلَقًا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ لَكِنْ لَا لِنَجَاسَتِهِ بَلْ لِحُرْمَتِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَحْمُ الْحَرْبِيِّ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ مَعَ عَدَمِ احْتِرَامِهِ، إذْ الْحُرْمَةُ تَنْشَأُ مِنْ مُلَاحَظَةِ الْأَوْصَافِ الذَّاتِيَّةِ أَوْ الْعَرَضِيَّةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُولَى لَازِمَةٌ لِلْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الذَّاتِيَّةَ لَا تَخْتَلِفُ وَالثَّانِيَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ وَحِينَئِذٍ فَالْآدَمِيُّ ثَبَتَتْ لَهُ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَارَةً، وَمِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ أُخْرَى فَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهَا وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا فَلَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ وَالثَّانِيَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ تَقْتَضِي احْتِرَامَهُ وَتَوْقِيرَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ الْأُولَى فَكَانَ طَاهِرًا حَيًّا وَمَيِّتًا حَتَّى يَمْتَنِعَ اسْتِعْمَالُ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْحُرْمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يُحْتَرَمْ، وَلَمْ يُعَظَّمْ فَلِهَذَا جَازَ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَرِدُ عَلَى الْحَدِّ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ لِحُرْمَتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ وَبِلَا لِاسْتِقْذَارِهَا مَا حَرُمَ تَنَاوُلُهُ لَا لِمَا تَقَدَّمَ بَلْ لِاسْتِقْذَارِهِ كَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ أَكْلِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ عَقْلٍ مَا ضَرَّ الْعَقْلَ كَالْأَفْيُونِ وَالزَّعْفَرَانِ أَوْ الْبَدَنَ كَالسُّمِّيَّاتِ وَالتُّرَابِ وَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ اهـ شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ كَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ إلَخْ أَيْ، وَلَوْ مِنْهُ كَأَنْ مَخَطَ أَوْ بَصَقَ، ثُمَّ أَرَادَ تَنَاوُلَهُ وَمَحِلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي مَعِدَتِهَا كَالرِّيقِ فِي الْفَمِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ الْمُخَاطُ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِبُصَاقِ مَنْ يَعْتَقِدُ صَلَاحَهُ فَتَنَاوَلَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَطْفَالِ كَأَنْ أَمَرَ الْوَلِيَّ بِالْبَصْقِ فِي فَمِهِ أَوْ فَمِ وَلَدِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ الْبَصْقُ فِي فَمِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ التَّمْكِينُ مِنْ الْبَصْقِ فِي فَمِ الطِّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ بِغَيْرِهِ كَأَنْ اخْتَلَطَ بِمَاءٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَقْذِيرٌ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرَادًا فِيهِمَا لِقَصْدِ

ص: 169

(مُسْكِرٌ مَائِعٌ) كَخَمْرٍ وَخَرَجَ بِالْمَائِعِ غَيْرُهُ كَبَنْجٍ وَحَشِيشٍ مُسْكِرٍ فَلَيْسَ بِنَجِسٍ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرُهُ حَرَامًا وَلَا تَرِدُ الْخَمْرَةُ الْمَعْقُودَةُ وَلَا الْحَشِيشُ الْمُذَابُ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا

ــ

[حاشية الجمل]

التَّبَرُّكِ فِي الْأَوَّلِ وَلِاسْتِهْلَالِهِ فِي الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَسَائِرُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ ضَرَّهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الطَّاهِرِ إلَّا نَحْوُ تُرَابٍ وَحَجَرٍ، وَمِنْهُ مَدَرٌ وَطَفْلٌ لِمَنْ يَضُرُّهُ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمِيعِ حُرْمَتِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

1 -

(قَوْلُهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ) إنْ قُلْت هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ وَإِدْخَالُ الْحُكْمِ فِي التَّعْرِيفِ يُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ؛ لِأَنَّ تَصَوُّرَ النَّجَاسَةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ أَعْنِي كَوْنَهُ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جُزْءٌ مِنْ تَعْرِيفِهَا، وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ رَسْمٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَالَ وَبِالْحَدِّ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْحَدِّ مَا قَابَلَ الْعَدَّ فَيَشْمَلُ الرَّسْمَ اهـ.

(قَوْلُهُ مُسْكِرٌ) أَيْ صَالِحٌ لِلْإِسْكَارِ، وَلَوْ بِانْضِمَامِهِ لِغَيْرِهِ فَدَخَلَتْ الْقَطْرَةُ مِنْ الْمُسْكِرِ أَوْ يُقَالُ مُسْكِرٌ أَيْ، وَلَوْ بِاعْتِبَارِ نَوْعِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ كَخَمْرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَلْحَقْهَا التَّاءُ يُقَالُ شَرِبْت الْخَمْرَ بِغَيْرِ تَاءٍ وَشَرِبْت الْخَمْرَةَ بِالتَّاءِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُخَامِرُ الْعَقْلَ أَيْ تُخَالِطُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا تُخَمِّرُهُ وَتَسْتُرُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى أَدْرَكَتْ وَاخْتَمَرَتْ وَالْمُرَادُ بِهَا حَقِيقَتُهَا وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، وَإِنْ كَانَتْ بِبَاطِنِ حَبَّاتِ الْعُنْقُودِ كَأَنْ تَخَمَّرَتْ فِيهِ أَوْ مُحْتَرَمَةً بِأَنْ عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَلَوْ مُثَلَّثَةً وَهِيَ الَّتِي أُغْلِيَتْ عَلَى النَّارِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ طَهَّرَتْهَا النَّارُ وَأُلْحِقَ بِهَا غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ الْمُسْكِرَاتِ قِيَاسًا عَلَيْهَا لِوُجُودِ الْإِسْكَارِ الْمُسَبِّبِ عَنْ ذَلِكَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ عَطْفُهُ عَلَى الْخَمْرِ مَا لَيْسَ نَجِسًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ النَّجَسَ فِي مَعْنَيَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، إذْ الثَّلَاثَةُ الْمَقْرُونَةُ مَعَهَا مُعَارَضَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَتْ هِيَ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَخَمْرٍ لِلتَّمْثِيلِ فَيَدْخُلُ النَّبِيذُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَبَنْجٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ الْمُتَّخَذِ مِنْهُ وَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَ مُخَدِّرَانِ لَا مُسْكِرَانِ فَهُمَا خَارِجَانِ بِقَيْدِ الْإِسْكَارِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِهِمَا إلَى زِيَادَةِ مَائِعٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَ مُسْكِرَانِ اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ فَتَعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ مُسْكِرَيْنِ بَدَلَ قَوْله مُسْكِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اهـ لِكَاتِبِهِ، وَمِنْ الْبَنْجِ الْأَفْيُونُ وَجَوْزَةُ الطِّيبِ وَكَثِيرُ الْعَنْبَرِ وَالزَّعْفَرَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ تَكْدِيرٌ وَتَغْطِيَةٌ لِلْعَقْلِ، وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ لِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا اللَّقَانِيُّ، وَمِنْهُ شُرْبُ الدُّخَانِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ فَقَدْ قِيلَ أَنَّهُ يَفْتَحُ مَجَارِي الْبَدَنِ وَيُهَيِّئُهَا لِقَبُولِ الْمَوَادِّ الْمُضِرَّةِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ التَّرَهُّلُ وَالتَّنَافِيسُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الْعَمَى كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهُ دَوَرَانُ الرَّأْسِ وَضَرَرُهُ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْمَكْمُورِ الَّذِي حَرَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَكْلَهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ شُرْبُهُ حَلَالٌ وَحُرْمَتُهُ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِأَمْرٍ طَارِئٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا س ل لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الشبراملسي اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَقَوْلُهُ، وَمِنْ الْبَنْجِ الْأَفْيُونُ إلَخْ لَعَلَّ هَذَا تَحْرِيفٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ وَحَقُّ الْعِبَارَةِ وَكَالْبَنْجِ الْأَفْيُونُ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَنْجَ حَقِيقَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَمُغَايِرَةٌ لِلْمَذْكُورَاتِ فَفِي الْمِصْبَاحِ الْبَنْجُ مِثَالٌ فَلْسٍ نَبَاتٌ لَهُ حَبٌّ يَخْلِطُ الْعَقْلَ وَيُوَرِّثُ الْخَبَالَ وَرُبَّمَا أَسْكَرَ إذَا شَرِبَهُ الْإِنْسَانُ بَعْدَ ذَوْبِهِ وَيُقَالُ إنَّهُ يُوَرِّثُ النِّسْيَانَ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا الْحَشِيشُ الْمُذَابُ) أَيْ لَكِنْ لَوْ صَارَ فِي مُذَابِهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَصَارَ مُسْكِرًا حَرُمَ وَصَارَ نَجِسًا بَحَثَهُ الطَّبَلَاوِيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْبُوظَةُ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ أَوْ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ نَجِسَةٌ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ. وَأَمَّا الْكِشْكُ فَظَاهِرٌ مَا لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ أَيْضًا وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا) لَوْ صَارَ فِي الْحَشِيشِ الْمُذَابِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٍ اُتُّجِهَ النَّجَاسَةُ كَالْمُسْكِرِ الْمَائِعِ الْمُتَّخَذِ مِنْ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ وَخَالَفَ م ر، ثُمَّ جَزَمَ بِالْمُوَافَقَةِ اهـ سم وَفِي الْإِيعَابِ لَوْ انْتَفَتْ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ عَنْ الْخَمْرِ لِجُمُودِهَا وَوُجِدَتْ فِي الْحَشِيشَةِ لِذَوْبِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ بَقَاءُ الْخَمْرِ عَلَى نَجَاسَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالتَّخَلُّلِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَنَجَاسَةُ نَحْوِ الْحَشِيشَةِ إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا صَارَتْ كَالْخَبَرِ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا) أَيْ فَمَا كَانَ مَائِعًا حَالَ إسْكَارِهِ كَانَ نَجِسًا، وَإِنْ جَمَدَ وَمَا كَانَ جَامِدًا حَالَ الْإِسْكَارِ يَكُونُ طَاهِرًا، وَإِنْ انْمَاعَ كَالْحَشِيشِ الْمُذَابِ وَكَالْكِشْكِ الْمُسْكِرِ حَالَ جُمُودِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِيهِ شِدَّةٌ

ص: 170

(وَكَلْبٌ) ، وَلَوْ مُعَلَّمًا لِخَبَرِ طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ الْآتِي (وَخِنْزِيرٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ (وَفَرْعُ كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

مُطْرِبَةٌ نَجِسٌ سَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا أَوْ جَامِدًا فَالْكِشْكُ الْجَامِدُ لَوْ صَارَ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ كَانَ نَجِسًا، وَقَدْ يُقَالُ مَا فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَهُوَ جَامِدٌ إنْ كَانَ مُسْكِرًا قَبْلَ جُمُودِهِ كَانَ نَجِسًا كَالْخَمْرَةِ الْمُنْعَقِدَةِ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ كَالْكِشْكِ وَمَا لَا شِدَّةَ فِيهِ غَيْرُ نَجِسٍ مَائِعًا أَوْ جَامِدًا فَإِسْقَاطُ مَائِعٍ مُتَعَيِّنٌ إنْ أُرِيدَ بِالْمُسْكِرِ مَا فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ لَا الْمُغَطِّي لِلْعَقْلِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَكَلْبٌ وَخِنْزِيرٌ) فَرْعٌ قَالَ سم عَلَى حَجّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكِيَّ الَّذِي أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ، وَلَمْ يُسَبِّعْهُ مَعَ التُّرَابِ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ لَكِنْ هَلْ لِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ لِتَضَرُّرِ غَيْرِهِ بِدُخُولِهِ حَيْثُ يَتَلَوَّثُ الْمَسْجِدُ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى أَقُولُ قُلْت الْأَقْرَبُ لَا يَمْنَعُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ مَا وَقَعَ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ لَا يُعْتَرَضُ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى صَاحِبِهِ وَأَنَّ دَعْوَى الْحِسْبَةِ لَا تَدْخُلُ فِي الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا ضَرَرُهُ قَاصِرٌ عَلَى الْمُقَلِّدِ كَمَا لَوْ مَسَّ فَرْجَهُ، ثُمَّ صَلَّى فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ أَمَّا مَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى غَيْرِ الْمُقَلِّدِ كَمَا هُنَا فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُهُ وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى حَجّ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ أَيْ حَيْثُ خِيفَ التَّلْوِيثُ وَيُوَجَّهُ مَا أَفْتَى بِهِ بِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ يُلْزِمُ عَلَيْهِ إفْسَادَ عِبَادَةِ غَيْرِهِ اهـ.

وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَكَلْبٌ وَخِنْزِيرٌ) فِي شَرْحِ شَيْخِنَا ابْنِ حَجَرٍ لِلْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ وَتَجِبُ إرَاقَةُ مَا وَلَغَ فِيهِ فَوْرًا إنْ أُرِيدَ اسْتِعْمَالُهُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ إلَّا نَحْوَ الْخَمْرِ غَيْرِ الْمُحَرَّمَةِ فَيَجِبُ إرَاقَتُهَا فَوْرًا مُطْلَقًا لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا وَإِلَّا إذَا عَصَى بِالتَّنْجِيسِ بِأَنْ تَضَمَّخَ بِهَا فِي بَدَنٍ بِلَا حَاجَةٍ كَوَطْءِ مُسْتَحَاضَةٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَوْ نَجَّسَ ثَوْبَ غَيْرِهِ أَيْ، وَلَمْ يَنْقُضْهُ الْغُسْلُ أَوْ خَرَجَتْ نَجَاسَةٌ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ رَأَى نَجَاسَةً فِي الْمَسْجِدِ اهـ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ وَيَجِبُ تَطْهِيرُ الْمَسْجِدِ مِنْ النَّجَاسَةِ عَلَى الْفَوْرِ انْتَهَتْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُعَلَّمًا) الْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ لَا لِلرَّدِّ لِعَدَمِ خِلَافٍ فِي خُصُوصِ الْمُعَلَّمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرَّاحِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَشْهَرُ فِيهِ ضَمُّ الطَّاءِ وَيُقَالُ بِفَتْحِهَا لُغَتَانِ هَكَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَقَوْلُ الْمَحَلِّيِّ أَيْ مُطَّهِرُهُ ظَاهِرٌ فِي الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الْمُطَهِّرُ هُوَ الْآلَةُ وَمُحْتَمِلٌ لِلضَّمِّ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ الْمُطَهِّرُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ) أَيْ فَنَجَاسَتُهُ ثَابِتَةٌ بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ حَيْثُ جَعَلَ ضَمِيرَ فَإِنَّهُ رَاجِعًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْخِنْزِيرُ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ رُجُوعَهُ لِلْمُضَافِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ لِلَحْمِهِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ فَيَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ لَحْمِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ جُمْلَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ وَاضِحَةٍ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهِ الِاحْتِمَالُ سَقَطَ بِهِ الِاسْتِدْلَال اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ) أَيْ مَعَ تَأَتِّي الِانْتِفَاعِ بِهِ فَحِينَئِذٍ هَذَا الْمَنْعُ لَيْسَ إلَّا لِنَجَاسَتِهِ فَلَا تَرِدُ الْحَشَرَاتُ؛ لِأَنَّ مَنْعَ اقْتِنَائِهَا لِعَدَمِ نَفْعِهَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ، وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ عَقُورًا لَكِنْ فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ الْبَيْعِ وُجُوبُ قَتْلِ الْعَقُورِ وَجَوَازُ قَتْلِ غَيْرِهِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَى م ر. وَأَمَّا الْكَلْبُ فَيَحْرُمُ قَتْلُ غَيْرِ الْعَقُورِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ أَوْ لَا كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِابْنِ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ مَعَ غَيْرِ كُلٍّ، وَإِنَّمَا قَصَرَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فَرْعَ كُلٍّ مِنْ الْآخَرِ دَخَلَ فِي الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَالْأَوْلَوِيَّةُ إنَّمَا هِيَ لِدَفْعِ إيهَامِ أَنَّ فَرْعَ كُلٍّ مَعَ الْغَيْرِ طَاهِرٌ مَعَ وُقُوعِهِ فِي التَّكْرَارِ اهـ شَيْخُنَا وَشَمِلَ الْغَيْرُ الْآدَمِيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ اتِّفَاقًا، فَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ، وَلَوْ فِي نِصْفِهِ الْأَعْلَى فَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ بِطَهَارَتِهِ وَثُبُوتِ سَائِرِ أَحْكَامِ الْآدَمِيِّينَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ يُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ فِي الطِّهَارَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ كَدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ وَعَدَمِ النَّجَاسَةِ بِمَسِّهِ مَعَ الرُّطُوبَةِ وَعَدَمِ تَنْجِيسِ نَحْوِ مَائِعٍ بِمَسِّهِ وَصِحَّةِ صَلَاتِهِ وَإِمَامَتِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَصِحَّةِ قَضَائِهِ وَتَزْوِيجِهِ مُوَلِّيَتَهُ وَوِصَايَتِهِ وَيُعْطَى حُكْمَ النَّجِسِ فِي عَدَمِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَمُنَاكَحَتِهِ وَتَسَرِّيهِ وَارِثَهُ، وَلَوْ مِنْ أُمِّهِ وَأَوْلَادِهِ وَعَدَمِ قَتْلِ قَاتِلِهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى قَاتِلِهِ فَقِيلَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَقِيلَ أَوْسَطُ الدِّيَاتِ، وَقِيلَ أَحْسَنُهَا، وَقِيلَ قِيمَتُهُ، وَقَالَ الْخَطِيبُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْوِلَايَاتِ.

وَقَالَ حَجّ بِجَوَازِ تَسَرِّيهِ إذَا خَافَ الْعَنَتَ، وَقَالَ شَيْخُنَا بِإِرْثِهِ مِنْ أُمِّهِ وَأَوْلَادِهِ وَمَالَ

ص: 171

تَغْلِيبًا لِلنَّجَسِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَفَرْعُهُمَا.

(وَمَنِيُّهَا) تَبَعًا لِأَصْلِهِ بِخِلَافِ مَنِيِّ غَيْرِهَا لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحُكُّ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ» .

(وَمَيْتَةُ غَيْرِ بَشَرٍ وَسَمَكٌ وَجَرَادٌ) لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] .

أَمَّا مَيْتَةُ الْبَشَرِ

ــ

[حاشية الجمل]

إلَى وُجُوبِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ.

(فَائِدَةٌ) نَظَمَ بَعْضُهُمْ أَحْكَامَ الْفَرْعِ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ بِقَوْلِهِ

يَتْبَعُ الْفَرْعُ فِي انْتِسَابٍ أَبَاهُ

وَلِأُمٍّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّهْ

وَالزَّكَاةُ الْأَخَفُّ وَالدَّيْنُ الْأَعْلَى

وَاَلَّذِي اشْتَدَّ فِي جَزَاءٍ وَدِيَهْ

وَأَخَسُّ الْأَصْلَيْنِ رِجْسًا وَذَبْحًا

وَنِكَاحًا وَالْأَكْلَ وَالْأُضْحِيَّهْ

وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْكَلْبَ بَيْنَ آدَمِيَّيْنِ طَاهِرٌ وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ صُورَتِهِ كَالْمَسْخِ وَأَنَّ الْآدَمِيَّ بَيْنَ كَلْبَيْنِ نَجِسٌ قَطْعًا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ إعْطَائِهِ حُكْمَ الطَّاهِرِ فِي الطِّهَارَاتِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْآدَمِيَّ بَيْنَ شَاتَيْنِ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَخْطُبَ وَيَؤُمَّ بِالنَّاسِ وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ اهـ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْآدَمِيَّ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ كَذَلِكَ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ سَمَكٍ وَآدَمِيٍّ لَهُ حُكْمُ الْآدَمِيِّ اهـ وَمُقْتَضَاهُ حُرْمَةُ أَكْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَانْظُرْهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَفَرْعُهُمَا) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ فَرْعِهِمَا أَنَّهُ تَوَلَّدَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَشْمَلُ الْمُتَوَلِّدَ مِنْهُمَا مَعَ حَيَوَانٍ آخَرَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ) الْمُرَادُ بِأَصْلِهِ الْبَدَنُ الَّذِي انْفَصَلَ مِنْهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فَكَيْفَ يَكُونُ فَرْعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَصْلٌ بِاعْتِبَارِ التَّخَلُّقِ مِنْهُ فَرْعٌ بِاعْتِبَارِ انْفِصَالِهِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنِيِّ غَيْرِهِ) أَيْ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْآدَمِيِّ بَعْدَ التِّسْعِ، فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَهَا فَنَجِسٌ بِخِلَافِ اللَّبَنِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ اهـ شَيْخُنَا ح ف.

وَعِبَارَةُ ع ش.

(فَرْعٌ) أَذَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ فَخَرَجَ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي نَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ وَفِيهِ صِفَاتُ الْمَنِيِّ فَهَلْ هُوَ طَاهِرٌ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَنِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَبْلَ التِّسْعِ وَتِلْكَ الصِّفَاتُ لَيْسَتْ صِفَاتِ الْمَنِيِّ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ صِفَاتِهِ إذَا وُجِدَ فِي حَدِّ الْإِمْكَانِ وَالْأَصْلُ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْبَطْنِ النَّجَاسَةُ انْتَهَتْ، وَلَوْ بَالَ الشَّخْصُ، وَلَمْ يَغْسِلْ مَحِلَّهُ تَنَجَّسَ مَنِيُّهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَامَعَ رَجُلٌ مَنْ اسْتَنْجَتْ بِالْأَحْجَارِ تَنَجَّسَ مِنْهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ ذَكَرَهُ اهـ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ مَنْ اسْتَنْجَتْ بِالْأَحْجَارِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ جِمَاعُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا تَصِيرُ نَاشِزَةً بِالِامْتِنَاعِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَلَا يَكُونُ فَقْدُهُ عُذْرًا فِي جَوَازِهِ نَعَمْ إنْ خَافَ الزِّنَا اتَّجَهَ أَنَّهُ عُذْرًا فَيَجُوزُ الْوَطْءُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَجْمِرُ بِالْحَجَرِ الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ وَيَجِبُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّمْكِينُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ وَهِيَ بِالْمَاءِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ كَوْنُهُ خَارِجًا مِنْ مَحَلٍّ مُعْتَادٍ أَوْ مِمَّا قَامَ مَقَامَهُ مُسْتَحْكَمًا أَوْ لَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ، ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ فَضَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَأُجِيبَ بِصِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ مَنِيَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ مِنْ جِمَاعٍ فَيُخَالِطُ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ فَلَوْ كَانَ مَنِيُّهَا نَجِسًا لَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِفَرْكِهِ لِاخْتِلَاطِهِ بِمَنِيِّهِ فَيُنَجِّسُهُ، وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَمَيْتَةٌ غَيْرُ بَشَرٍ) أَيْ آدَمِيٍّ وَمِثْلُهُ الْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْسَامٌ وَلَهَا مَيْتَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أَشْبَاحٌ نُورَانِيَّةٌ تَنْعَدِمُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهَا كَالْفَتِيلَةِ فَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَنْعَدِمُ طَاهِرَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَجَرَادٌ) مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَرْدِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ جَرَادَةٌ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ بَرِّيٌّ وَبَحْرِيٌّ وَبَعْضُهُ أَصْفَرُ وَبَعْضُهُ أَبْيَضُ وَبَعْضُهُ أَحْمَرُ وَبَعْضُهُ كَبِيرُ الْجُثَّةِ وَبَعْضُهُ صَغِيرُهَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْيَضَّ الْتَمَسَ الْمَوَاضِعَ الصُّلْبَةَ وَضَرَبَهَا بِذَنْبِهِ فَتَنْفَرِجُ فَيُلْقِي بَيْضَهُ فِيهَا وَيَكُونُ حَاضِنًا لَهُ وَمُرَبِّيًا وَلَهُ سِتَّةُ أَرْجُلٍ يَدَانِ فِي صَدْرِهِ وَقَائِمَتَانِ فِي وَسَطِهِ وَرِجْلَانِ فِي مُؤَخِّرِهِ وَطَرَفِ رِجْلَيْهِ صَفْرَاوَانِ وَفِي خِلْقَتِهِ عَشَرَةٌ مِنْ جَبَابِرَةِ الْبَوَادِي وَجْهُ فَرَسٍ وَعَيْنُ فِيلٍ وَعُنُقُ ثَوْرٍ وَقَرْنُ أُيَّلٍ وَصَدْرُ أَسَدٍ وَبَطْنُ عَقْرَبٍ وَجَنَاحَا نَسْرٍ وَفَخْذَا جَمَلٍ وَرِجْلَا نَعَامَةٍ وَذَنَبُ حَيَّةٍ ` وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَانَاتِ أَكْثَرُ إفْسَادًا مِنْهُ وَلُعَابُهُ سَمِّ عَلَى الْأَشْجَارِ وَلَا يَقَعُ عَلَى شَيْءٍ إلَّا أَفْسَدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْذَارٍ فِيهَا فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْبُصَاقِ، وَمِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَا يَرِدُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ كَالسُّمِّيَّاتِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَمَّا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي مَيْتَةِ

ص: 172

وَتَالِيَيْهِ فَظَاهِرَةٌ لِحِلِّ تَنَاوُلِ الْأَخِيرَيْنِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] فِي الْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمُهُمْ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فَالْمُرَادُ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ.

وَالْمُرَادُ بِالْمَيْتَةِ الزَّائِلَةُ الْحَيَاةُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا جَنِينُ الْمُذَكَّاةِ وَالصَّيْدُ الْمَيِّتُ بِالضَّغْطَةِ وَالْبَعِيرُ النَّادُّ الْمَيِّتُ بِالسَّهْمِ (وَدَمٌ) لِمَا مَرَّ مِنْ تَحْرِيمِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] أَيْ سَائِلًا بِخِلَافِ غَيْرِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْآدَمِيِّ اهـ مُحَلِّي وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ نَجِسٌ وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ تُسْتَثْنَى الْأَنْبِيَاءُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالشُّهَدَاءُ، وَهَلْ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْبَغَوِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُ يَطْهُرُ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ اهـ ق ل عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَتَالِيَيْهِ) وَهُمَا السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَسَوَاءٌ مَاتَا بِاصْطِيَادٍ أَمْ بِقَطْعِ رَأْسٍ، وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ مِنْ الْكُفَّارِ أَمْ حَتْفَ أَنْفِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما بِأَنْ جَعَلَهُمْ يَأْكُلُونَ بِالْأَيْدِي وَغَيْرُهُمْ يَأْكُلُ بِفِيهِ مِنْ الْأَرْضِ، وَقِيلَ بِالْعَقْلِ، وَقِيلَ بِالنُّطْقِ وَالتَّمْيِيزِ وَالْخَطِّ وَالْفَهْمِ، وَقِيلَ بِاعْتِدَالِ الْقَامَةِ وَامْتِدَادِهَا، وَقِيلَ بِحُسْنِ الصُّورَةِ، وَقِيلَ الرِّجَالَ بِاللِّحَاءِ وَالنِّسَاءَ بِالذَّوَائِبِ، وَقِيلَ بِتَسْلِيطِهِمْ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ وَتَسْخِيرِهِ لَهُمْ، وَقِيلَ بِحُسْنِ تَدْبِيرِهِمْ أَمْرَ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَآدَمُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ أَبُو الْبَشَرِ وَيُقَالُ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَعْنِي النَّبِيَّ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ وَعَلَّمَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ مَا لَمْ تَعْلَمْ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَجَعَلَ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ نَسْلِهِ وَهُوَ اسْمٌ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ أَيْ وَجْهِهَا أَوْ مِنْ الْأُدْمَةِ وَهِيَ السُّمْرَةُ خُلِقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأُسْكِنَ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنُبِّئَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتِيبَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجْتَمَعَ بِحَوَّاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَهُ مِنْ الْعُمْرِ أَلْفُ سَنَةٍ عَلَى مَا قِيلَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَلَمْ يَمُتْ حَتَّى بَلَغَ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَعَاشَتْ حَوَّاءُ بَعْدَهُ سَنَةً، وَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَدُفِنَتْ بِجَنْبِهِ اهـ سُحَيْمِيٌّ عَلَى عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمِهِمْ) أَيْ وَقَضِيَّةُ عُمُومِ تَكْرِيمِهِمْ فِي الْآيَةِ، إذْ لَمْ يَرِدْ تَخْصِيصٌ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ) أَيْ فَسَادٌ فَهُوَ تَجَوُّزٌ، فَإِنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْأَعْيَانِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ الْأَحْيَاءِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْمَوْتَى اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ الزَّائِلَةُ الْحَيَاةُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ جَنِينُ الْمُذَكَّاةِ الَّذِي لَمْ تُحِلَّهُ الْحَيَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ لَهُ زَائِلَةٌ مَعَ أَنَّهُ طَاهِرٌ يَحِلُّ أَكْلُهُ كَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ شَوْبَرِيٌّ بِالْمَعْنَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّائِلَةِ الْحَيَاةِ الْمَعْدُومَةُ الْحَيَاةِ فَيَصْدُقُ بِعَدَمِ وُجُودِ حَيَاةٍ رَأْسًا اهـ شَيْخُنَا ح ف. وَقَوْلُ الشَّوْبَرِيِّ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ ضَعِيفٌ فَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ أَنَّ الْمُضْغَةَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا وَمِثْلُهَا الْعَلَقَةُ بِالْأَوْلَى وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَلَا بُدَّ فِي الْحِلِّ أَيْ حِلِّ الْجَنِينِ أَنْ تَكُونَ الذَّكَاةُ مُؤَثِّرَةً فِيهِ فَلَوْ كَانَ مُضْغَةً لَمْ تَتَبَيَّنْ بِهَا صُورَةٌ لَمْ تَحِلَّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ)، وَمِنْ الْمُذَكَّاةِ ذَكَاةً غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ غَيْرُ الْمَأْكُولِ إذَا ذُبِحَ وَالْمَأْكُولُ إذَا ذَبَحَهُ مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ كَمَجُوسِيٍّ أَوْ مُحْرِمٍ وَالْمَذْبُوحُ صَيْدٌ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فَهُوَ غَايَةٌ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَيْتَةُ غَيْرِ بَشَرٍ وَلَيْسَ غَايَةً فِي التَّعْرِيفِ وَالْغَرَضُ الرَّدُّ عَلَى الْقَفَّالِ الْقَائِلِ بِطَهَارَةِ هَذِهِ الْمَيْتَةِ وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ غَايَةً فِي مَدْخُولِ غَيْرِ وَهُوَ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمَّا مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ عِنْدَ الذَّبْحِ وَيَكُونُ الْغَرَضُ أَيْضًا الرَّدَّ عَلَى الْقَفَّالِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْمُذَكَّاةَ الَّتِي لَمْ يَسِلْ دَمُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهَا جَنِينَ الْمُذَكَّاةِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ ذَلِكَ ذَكَاةً لَهُ اهـ ح ف. (قَوْلُهُ بِالضَّغْطَةِ) أَيْ الزَّحْمَةِ وَالْإِلْجَاءِ إلَى حَائِطٍ يُقَالُ ضَغَطَهُ ضَغْطًا مِنْ بَابِ نَفَعَ زَحَمَهُ إلَى حَائِطٍ وَعَصَرَهُ وَمِنْهُ ضَغْطَةُ الْقَبْرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَدَمٌ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِهَا أَيْ، وَلَوْ تَحَلَّبَ مِنْ سَمَكٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] أَيْ سَائِلًا وَخَرَجَ بِالْمَسْفُوحِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ. وَأَمَّا الدَّمُ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ مِنْ الْمُذَكَّاةِ فَنَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَفْوَ لَا يُنَافِي النَّجَاسَةَ فَمُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِطَهَارَتِهِ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَنَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ ذُبِحَتْ شَاةٌ وَقُطِعَ لَحْمُهَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرٌ مِنْ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْبَقَرِ الَّتِي تُذْبَحُ فِي الْمَحِلِّ الْمُعَدِّ لِذَبْحِهَا الْآنَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِإِزَالَةِ الدَّمِ عَنْهَا، فَإِنَّ الْبَاقِي مِنْ الدَّمِ عَلَى اللَّحْمِ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَإِنْ قَلَّ لِاخْتِلَاطِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُبْتَلَى بِهِ كَالْجَزَّارِينَ وَغَيْرِهِمْ اهـ ع ش

ص: 173

السَّائِلِ كَطِحَالٍ وَكَبِدٍ وَعَلَقَةٍ (وَقَيْحٌ) ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ.

(وَقَيْءٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَالْغَائِطِ (وَرَوْثٌ)

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَدَمٌ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَنِيُّ إذَا خَرَجَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ اهـ زي (قَوْلُهُ وَكَبِدٌ) أَيْ، وَإِنْ سُحِقَ وَصَارَ كَالدَّمِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ) لَكَ أَنْ تَقُولَ كَوْنُهُ كَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ بِدَلِيلِ الْمَنِيِّ وَاللَّبَنِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ إلَى فَسَادٍ لَا إلَى صَلَاحٍ تَأَمَّلْ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَقَيْءٍ) حَاصِلُ مَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ قِسْمَانِ قِسْمٌ يَدْخُلُ مِنْ خَارِجٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَتَى جَاوَزَ فِي دُخُولِهِ مَخْرَجَ الْحَاءِ، ثُمَّ خَرَجَ فَهُوَ نَجِسٌ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَعِدَةِ وَقِسْمٌ يَخْرُجُ مِنْ دَاخِلٍ كَالْبَلْغَمِ فَلَا يَكُونُ نَجِسًا إلَّا إنْ خَرَجَ مِنْ الْمَعِدَةِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ فَوْقِهَا، وَلَوْ مِنْ الصَّدْرِ فَلَيْسَ بِنَجِسٍ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْبَلْغَمُ الصَّاعِدُ مِنْ الْمَعِدَةِ نَجِسٌ بِخِلَافِ النَّازِلِ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ أَوْ الصَّدْرِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَالْمَاءُ السَّائِلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ نَجِسٌ إنْ كَانَ مِنْ الْمَعِدَةِ كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ لَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ لَا، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ شَخْصٌ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْعَفْوُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْعَفْوُ أَيْ، وَإِنْ كَثُرَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسِيلَ عَلَى مَلْبُوسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ إذَا مَسَّهُ بِلَا حَاجَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ سم عَلَى حَجّ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ نَجَاسَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا عَلَى غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي حَقِّهِ حَيْثُ كَانَ مَسُّهُ بِلَا حَاجَةٍ اهـ بِالْمَعْنَى وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرِبَ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ وَمَسَّ الْمِلْعَقَةَ مَثَلًا بِفَمِهِ وَوَضَعَهَا فِي الطَّعَامِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ مَا فِي الْإِنَاءِ مِنْ الْمَاءِ وَلَا مِنْ الطَّعَامِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنَجُّسُ فَلَوْ انْصَبَّ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ شَيْءٌ عَلَى غَيْرِهِ لَا يُنَجِّسُهُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَحْكُمْ بِنَجَاسَةِ الطَّعَامِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مُتَغَيِّرًا، وَلَوْ مَا فَوْقَ الْقُلَّتَيْنِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ ادَّعَى أَنَّ الْمَاءَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ يَكُونُ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا يَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ قِيَاسًا عَلَى الْجُبِّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ تَأْثِيرَ الْبَاطِنِ فِي الْمَائِعِ فَوْقَ تَأْثِيرِهِ عَلَى غَيْرِهِ اهـ ح ل فَالْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِلَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْقُلَّتَيْنِ وَلِلرَّدِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَبْلُغُهُمَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْمَعِدَةِ الْإِحَالَةُ فَلَا يَجِبُ تَسْبِيعُ فَمِ مَنْ تَقَايَأَ مُغَلَّظًا قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ وَلَا دُبُرِهِ كَذَلِكَ وَنُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ وُجُوبُ تَسْبِيعِ الْفَمِ فِي غَيْرِ الْمُسْتَحِيلِ لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِهِ خِلَافُهُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ بِوُجُوبِ تَسْبِيعِ الدُّبُرِ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْمُسْتَحِيلِ، وَلَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ مِنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، وَإِنْ كَثُرَ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ، وَكَذَا مَنْ اُبْتُلِيَ بِسَيَلَانِ الْمَاءِ مِنْ فِيهِ وَهُوَ نَائِمٌ إنْ عُلِمَتْ نَجَاسَتُهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْمَعِدَةِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِتَغَيُّرِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَسَأَلْت الْأَطِبَّاءَ عَنْهُ فَأَنْكَرُوا كَوْنَهُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَمِثْلُهُ بِالْأُولَى مَا لَوْ اُبْتُلِيَ بِدَمْيِ لِثَتِهِ وَالْمُرَادُ بِالِابْتِلَاءِ بِذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ وُجُودُهُ بِحَيْثُ يَقِلُّ خُلُوُّهُ مِنْهُ وَالْبَلْغَمُ الصَّاعِدُ مِنْ الْمَعِدَةِ نَجِسٌ بِخِلَافِ النَّازِلِ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ أَوْ الصَّدْرِ وَيُقَالُ لَهُ النُّخَامَةُ بِالْمِيمِ أَوْ الْعَيْنِ، وَقِيلَ الثَّانِي اسْمٌ لِلنَّازِلِ مِنْ الرَّأْسِ.

(فَائِدَةٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ الْقَيْءِ عَسَلُ النَّحْلِ فَهُوَ طَاهِرٌ لَا نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ فَمِ النَّحْلَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ مِنْ دُبُرِهَا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الرَّوْثِ، وَقِيلَ مِنْ ثَدْيَيْنِ صَغِيرَيْنِ تَحْتَ جَنَاحِهَا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ لَبَنِ مَا لَا يُؤْكَلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَالْغَائِطِ) فِي هَذَا الصَّنِيعِ شَيْءٌ حَيْثُ قَاسَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَقِيسٌ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَلْيُرَاجَعْ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَقِيسِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا كَالْغَائِطِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْغَائِطِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْقَيْءَ مَقِيسًا عَلَى الْبَوْلِ بَلْ جَعَلَهُ مَقِيسًا عَلَى الْغَائِطِ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِهِ مِنْ الْبَوْلِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَرَوْثٍ) أَيْ، وَلَوْ مِنْ طَيْرٍ مَأْكُولٍ أَوْ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ أَوْ سَمَكٍ أَوْ جَرَادٍ وَالرَّوْثُ وَالْعَذِرَةُ مُتَرَادِفَانِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْعَذِرَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْآدَمِيِّ وَالرَّوْثُ أَعَمُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ الرَّوْثُ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ وَفِي الْمُحْكَمِ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِذِي الْحَافِرِ وَالْعَذِرَةُ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِوَزْنِ كَلِمَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَشَمِلَ الرَّوْثُ فَضَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ وَحَمَلَ الْقَائِلُ بِذَلِكَ الْأَخْبَارَ الَّتِي يَدُلُّ ظَاهِرُهَا لِلطَّهَارَةِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ صلى الله عليه وسلم شُرْبَ أُمِّ أَيْمَنَ بَوْلَهُ عَلَى التَّدَاوِي لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهُ بِهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ بِهِ الْفَتْوَى

ص: 174

بِمُثَلَّثَةٍ كَالْبَوْلِ نَعَمْ مَا أَلْقَاهُ الْحَيَوَانُ مِنْ حَبٍّ مُتَصَلِّبٍ لَيْسَ بِنَجِسٍ بَلْ مُتَنَجِّسٌ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ (وَبَوْلٌ) لِلْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ (وَمَذْيٌ) بِمُعْجَمَةٍ لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ غَالِبًا عِنْدَ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ قَوِيَّةٍ. (وَوَدْيٌ) بِمُهْمَلَةٍ كَالْبَوْلِ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ إمَّا عَقِبَهُ حَيْثُ اسْتَمْسَكَتْ الطَّبِيعَةُ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ.

(وَلَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ

ــ

[حاشية الجمل]

وَصَحَّحَهُ الْقَايَاتِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ الْحَقُّ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ تَكَاثَرَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ فِي خَصَائِصِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهَا اهـ.

وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهَلْ تَنَزُّهُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدٍ النَّظَافَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي طَرْدُ الطَّهَارَةِ فِي فَضَلَاتِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَنَازَعَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ نَعَمْ مَا أَلْقَاهُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَيْءِ وَالرَّوْثِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ مِنْ حَبٍّ مُتَصَلِّبٍ) أَيْ صَلَابَتُهُ بَاقِيَةٌ بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ لَنَبَتَ، وَكَذَا مَا أَلْقَاهُ مِنْ بَيْضَةٍ ابْتَلَعَهَا بِحَيْثُ لَوْ حُضِّنَتْ لَفَرَّخَتْ وَبَزْرُ الْقَزِّ وَهُوَ الْبَيْضُ الَّذِي يُجْمَعُ مِنْهُ دُودُ الْقَزِّ طَاهِرٌ، وَكَذَا نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَعَنْ الْعُدَّةِ وَالْحَاوِي الْجَزْمُ بِنَجَاسَةِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ وَالْقَزْوِينِيِّ أَنَّهُ مِنْ لُعَابِهَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهَا تَتَغَذَّى بِالذُّبَابِ الْمَيِّتِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الطَّهَارَةُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مِنْ لُعَابِهَا وَأَنَّهَا لَا تَتَغَذَّى إلَّا بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ النَّسْجَ قَبْلَ احْتِمَالِ طَهَارَةٍ فِيهَا وَأَنَّى بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَبَوْلٍ) وَالْحَصَاةُ الَّتِي تَخْرُجُ عَقِبَهُ إنْ تَيَقَّنَ انْعِقَادَهَا مِنْهُ فَهِيَ نَجِسَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ مُتَنَجِّسَةٌ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ سم.

(فَرْعٌ) أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِطَهَارَةِ الْحَصَاةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَجَرٌ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ وَلَيْسَ مُنْعَقِدًا مِنْ نَفْسِ الْبَوْلِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِانْعِقَادِهَا مِنْ نَفْسِ الْبَوْلِ فَيَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهَا اهـ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ بِمُعْجَمَةٍ) قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهَا إسْكَانُ الدَّالِ وَثَانِيهَا كَسْرُهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَثَالِثُهَا كَسْرُهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ كَشَجًى وَعَمًى اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ) أَيْ لَمَّا قَالَ كُنْت رَجُلًا مَذَّاذًا بِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ كَثِيرَ الْمَذْيِ وَكُنْت إذَا أَمَذَيْت اغْتَسَلْت حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي فَاسْتَحْيَيْت أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ لِقُرْبِ ابْنَتِهِ مِنِّي فَأَمَرْت الْمُغِيرَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ الْمِقْدَادِ وَفِي رِوَايَةٍ عَمَّارًا فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ بِحَضْرَتِي فَقَالَ «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَوْلُهُ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ أَيْ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَذْيِ كَمَا فِي رِوَايَةِ إذَا أَمَذَى الرَّجُلُ غَسَلَ الْحَشَفَةَ فَلَا تَجِبُ الْمُجَاوَزَةُ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ كُلَّهُ لِظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ فِي الْحَدِيثِ، وَهَلْ غَسْلُ كُلِّهِ عَلَى هَذَا مَعْقُولُ الْمَعْنَى أَوْ لِلتَّعَبُّدِ وَأَبْدَى الطَّحَاوِيُّ لَهُ حِكْمَةً وَهِيَ أَنَّهُ إذَا غَسَلَ الذَّكَرَ كُلَّهُ تَقَلَّصَ فَبَطَلَ خُرُوجُ الْمَذْيِ كَمَا فِي الضَّرْعِ إذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ يَتَفَرَّقُ اللَّبَنُ إلَى دَاخِلِ الضَّرْعِ فَيَنْقَطِعُ خُرُوجُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَبُّدِ تَجِبُ النِّيَّةُ اهـ قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ) فِي تَعْلِيقِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَبْيَضَ ثَخِينًا وَفِي الصَّيْفِ أَصْفَرَ رَقِيقًا وَرُبَّمَا لَا يُحِسُّ بِخُرُوجِهِ وَهُوَ أَغْلَبُ فِي النِّسَاءِ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ خُصُوصًا عِنْدَ هَيَجَانِهِنَّ اهـ شَرْحُ م ر.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ نَعَمْ يُعْفَى عَنْهُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِمَاعِ اهـ. وَذَكَرَ عُلَمَاءُ التَّشْرِيحِ أَنَّ فِي الذَّكَرِ ثَلَاثَ مَجَارٍ: مَجْرَى لِلْمَنِيِّ، وَمَجْرَى لِلْبَوْلِ وَالْوَدْيِ، وَمَجْرَى بَيْنَهُمَا لِلْمَذْيِ اهـ ح ل.

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ نَظَرٌ كَشَيْخِنَا م ر وحج وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَجَارِيَ الثَّلَاثَةَ مِنْ فَرْجِ الْآدَمِيِّ لَا فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَهِيمَةِ إلَّا مَنْفَذٌ وَاحِدٌ لِلْبَوْلِ وَالْجِمَاعِ فَرَاجِعْهُ اهـ. (قَوْلُهُ بِمُهْمَلَةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بِمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ وَيُقَالُ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِكَسْرِ الدَّالِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ انْتَهَتْ اهـ رَشِيدِيٌّ. وَقَوْلُهُ كَالْبَوْلِ هَلَّا قَاسَهُ عَلَى الْمَذْيِ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِهِ وَلَعَلَّهُ قَاسَهُ عَلَى الْبَوْلِ لِوُضُوحِ دَلِيلِهِ أَعْنِي صَبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، وَقِيلَ قَاسَهُ عَلَى الْبَوْلِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْمَذْيُ خَاصٌّ بِالْكَبِيرِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ حَيْثُ اسْتَمْسَكَتْ الطَّبِيعَةُ) أَيْ يَبِسَ مَا فِيهَا فَلَا يَخْرُجُ بِسُهُولَةٍ اهـ شَيْخُنَا عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ) أَيْ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْبَالِغِينَ. وَأَمَّا الْمَذْيُ فَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِهِمْ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ نَاشِئٌ عَنْ الشَّهْوَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَلَبَنِ مَا لَا يُؤْكَلُ) أَيْ بِخِلَافِ بَيْضِهِ وَمَنِيِّهِ، فَإِنَّهُمَا طَاهِرَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنِيِّ وَبَيْضِ مَا لَا يُؤْكَلُ حَيْثُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِمَا وَبَيْنَ لَبَنِهِ حَيْثُ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَنِيِّ وَالْبَيْضِ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ بِخِلَافِ

ص: 175

غَيْرَ بَشَرٍ) كَلَبَنِ الْأَتَانِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ مِنْ الْبَاطِنِ كَالدَّمِ.

أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ وَلَبَنُ الْبَشَرِ فَظَاهِرَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] . وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ نَجِسًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُنْثَى الْكَبِيرَةِ الْحَيَّةِ وَغَيْرِهَا كَمَا شَمِلَهُ تَعْبِيرُ الصَّيْمَرِيِّ بِلَبَنِ الْآدَمِيِّينَ وَالْآدَمِيَّاتِ، وَقِيلَ لَبَنُ الذَّكَرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَيِّتَةِ نَجِسٌ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَامَةَ الثَّابِتَةَ لِلْبَشَرِ الْأَصْلُ شُمُولُهَا لِلْكُلِّ وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالْآدَمِيَّاتِ الْمُوَافِقُ

ــ

[حاشية الجمل]

اللَّبَنِ، فَإِنَّهُ مُرَبَّاهُ وَالْأَصْلُ أَقْوَى مِنْ الْمُرَبِّي اهـ ح ل.

(فَرْعٌ) سَائِرُ الْبُيُوضِ طَاهِرَةٌ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ، وَإِنْ اسْتَحَالَتْ دَمًا بِحَيْثُ لَوْ حُضِنَتْ لَفَرَّخَتْ وَلَكِنْ يَحْرُمُ أَكْلُ مَا يَضُرُّ كَبَيْضِ الْحَيَّاتِ وَكُلُّهَا بِالضَّادِ إلَّا بَيْضَ النَّمْلِ فَبِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْمَعْفُوَّاتِ مَعَ شَرْحِهَا ل م ر

بَيْضُ الْحِدَاءِ وَبَيْضُ الصَّقْرِ حِلٌّ فَكُلْ

بَيْضَ الْغُرَابِ وَكُلْ مِنْ بَيْضِ بُومَتِهِ

والسُّلْحِفَاةُ كَذَا التِّمْسَاحُ مَعَ وَرَلٍ

حُكْمُ بَيْضِ الْغُرَابِ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَكُلْ مِنْ بَيْضِ لِقُوَّتِهِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا الْعُقَابِ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ بَيْضُ كُلِّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَذَا النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ صَنَّفَهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ مَنِيِّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَبَيْضُهُ طَاهِرٌ يَجُوزُ أَكْلُهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقْذَرٍ.

وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْقَمُولِيِّ لَا يُقْضَى بِحُرْمَتِهِ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِجَوَازِ أَكْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْبَيْع حَيْثُ قَالَ يَجُوزُ بَيْعُ بَيْضِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الْجَوَارِحِ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ، وَهَذِهِ الْبُيُوضُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا غَيْرُ الْأَكْلِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي الْبَاطِنِ كَالدَّمِ) الدَّلِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْقِيَاسُ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ بَيَانٌ لِلْجَامِعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِجَامِعِ الِاسْتِحَالَةِ فِي الْبَطْنِ فِي كُلٍّ، وَإِنْ كَانَ الدَّمُ مُسْتَحِيلًا عَنْ الْمَاءِ وَاللَّبَنُ عَنْ الدَّمِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ إلَخْ) أَيْ إنْ انْفَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ أَوْ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهِ، وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ كَالثَّوْرِ أَوْ مِمَّنْ وَلَدَتْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَخِنْزِيرٍ مِنْ شَاةٍ، فَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ فَنَجِسٌ إنْ كَانَ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ وَإِلَّا كَجَرَادٍ لَوْ كَانَ لَهُ لَبَنٌ فَيَنْبَغِي طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ كَالْبَيْضِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِنَجَاسَتِهِ اهـ قَلْيُوبِيٌّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِي اللَّبَنِ سَبْعُ فَضَائِلَ نَظَمَهَا شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ

وَسَبْعَةٌ فِي لَبَنٍ قَدْ حَصَلَتْ

مِنْ مِنَنِ اللَّهِ عَلَيْنَا الْعِظَامِ

غِذًى وَرَيٌّ دَسَمٌ وَالدَّوَا

عُذُوبَةٌ سَهْلُ مَسَاغٍ إدَامُ

اهـ مَدَابِغِيٌّ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا فَرْقَ بَيْنَ لَبَنِ الْبَقَرَةِ وَالْعِجْلَةِ وَالثَّوْرِ وَالْعِجْلِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ أَوْ لَا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ خَوَاصُّ اللَّبَنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَنِيِّ أَمَّا مَا أَخَذَهُ مِنْ ضَرْعِ بَهِيمَةٍ مَيِّتَةٍ، فَإِنَّهُ نَجِسٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْإِنْفَحَةُ طَاهِرَةٌ وَهِيَ لَبَنٌ فِي جَوْفِ نَحْوِ سَخْلَةٍ فِي جِلْدَةٍ تُسَمَّى أَنَفْحَةً أَيْضًا إنْ كَانَتْ مِنْ مُذَكَّاةٍ لَمْ تَطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ وَسَوَاءٌ فِي اللَّبَنِ لَبَنُ أُمِّهَا أَمْ غَيْرِهِ شَرِبَتْهُ أَمْ سُقِيَ لَهَا طَاهِرًا كَانَ أَمْ نَجِسًا، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ كَلْبَةٍ خَرَجَ عَلَى هَيْئَتِهِ حَالًا أَمْ لَا وَلَا فَرْقَ فِي طَهَارَتِهَا عِنْدَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ بَيْنَ مُجَاوَزَتِهَا زَمَنًا تُسَمَّى فِيهَا سَخْلَةً أَوْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ ذَكَرْت الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ سِوَى اللَّبَنَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَعَمْ يُعْفَى عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ مِنْ حَيَوَانٍ تَغَذَّى بِغَيْرِ اللَّبَنِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَصَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِالْعَفْوِ عَنْ النَّجَاسَةِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ الْمَشَقَّةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ اهـ شَرْحُ م ر.

وَالْإِنْفَحَةُ مَأْكُولَةٌ، وَكَذَا مَا فِيهَا إنْ أُخِذَتْ مِنْ مَذْبُوحٍ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ، وَإِنْ جَاوَزَ سَنَتَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّفْلِ غَيْرُ خَفِيٍّ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ نَعَمْ يُعْفَى عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ إلَخْ مُرَادُهُ بِالْعَفْوِ الطَّهَارَةُ كَمَا ذَكَرَهُ م ر عَلَى الْعُبَابِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ حَامِلِهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ فَمِهِ مِنْهُ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَلْ يَلْحَقُ بِالْإِنْفَحَةِ الْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالسِّرْجِينِ أَمْ لَا الظَّاهِرُ الْإِلْحَاقُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ) أَيْ مُرَبَّاهُ أَيْ الْغِذَاءُ الَّذِي يَتَرَبَّى بِهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ الصَّيْمَرِيُّ) هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحُسَيْنِ الصَّيْمَرِيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا نِسْبَةً إلَى صَيْمَرَ نَهْرٌ بِالْبَصْرَةِ عَلَيْهِ عِدَّةُ قُرَى تَفَقَّهَ عَلَى الْمَاوَرْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَأَخَذَ عَنْهُ كَثِيرٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) فَعُلِمَ أَنَّ لَبَنَ الصَّغِيرَةِ طَاهِرٌ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَنِيِّ الصَّغِيرَةِ حَيْثُ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ فِي طَهَارَةِ اللَّبَنِ كَوْنُهُ غِذَاءً وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ الصِّغَرِ وَثَمَّ كَوْنُهُ أَصْلَ آدَمِيٍّ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ فِي سِنِّهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ شَكَّ فِي اللَّبَنِ أَمِنْ مَأْكُولٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ لَا

ص: 176

لِتَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَمَا زِيدَ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ نَحْوِ الْجِرَّةِ وَمَاءِ الْمُتَنَفِّطِ فَهُوَ فِي مَعْنَاهُ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ (و) جُزْءٌ (مُبَانٌ مِنْ حَيٍّ كَمَيْتَتِهِ) طَهَارَةً وَنَجَاسَةً لِخَبَرِ «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَجُزْءُ الْبَشَرِ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ طَاهِرٌ دُونَ جُزْءِ غَيْرِهَا (إلَّا نَحْوَ شَعْرِ) حَيَوَانٍ (مَأْكُولٍ) كَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ وَمِسْكِهِ وَفَأْرَتِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

فَهُوَ طَاهِرٌ خِلَافًا لِلْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِتَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ فَلَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ نَجِسًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ الْجِرَّةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَجِرَّةٌ وَمِرَّةٌ وَمِثْلُهُمَا سُمُّ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَسَائِرِ الْهَوَامِّ فَيَكُونُ نَجِسًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِلَسْعَةِ الْحَيَّةِ؛ لِأَنَّ سُمَّهَا يَظْهَرُ عَلَى مَحَلِّ اللَّسْعَةِ لَا الْعَقْرَبِ؛ لِأَنَّ إبْرَتَهَا تَغُوصُ فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَتَمُجُّ السُّمَّ فِي بَاطِنِهِ وَهُوَ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ بُطْلَانِهَا بِالْحَيَّةِ دُونَ الْعَقْرَبِ هُوَ الْأَوْجَهُ إلَّا إنْ عَلِمَ مُلَاقَاةَ السُّمِّ لِلظَّاهِرِ أَوْ لِمَا لَاقَاهُ الظَّاهِرُ لِسُمِّهَا وَمَحِلُّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا أَمَّا هِيَ فَمُتَنَجِّسَةٌ كَالْكَرِشِ فَتَطْهُرُ بِغَسْلِهَا. وَأَمَّا الْخَرَزَةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَرَارَةِ وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي الْخَادِمِ نَجَاسَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَجَسَّدَتْ مِنْ النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاءَ النَّجِسَ إذَا انْعَقَدَ مِلْحًا انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَمَحِلُّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَارَةِ يُعَبِّرُ فِيمَا مَرَّ بِالْمَرَارَةِ بَلْ بِالْمُرَّةِ وَهِيَ اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي فِي الْجِلْدَةِ وَالْجِلْدَةُ تُسَمَّى مَرَارَةً وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ.

وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْمَرَارَةُ الَّتِي فِيهَا الْمُرَّةُ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ نَحْوِ الْجِرَّةِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهِيَ مَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ وَنَحْوُهُ لِيَجْتَرَّ عَلَيْهِ أَيْ لِيَأْكُلَهُ ثَانِيًا. وَأَمَّا قُلَّةُ الْبَعِيرِ وَهِيَ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ جَانِبِ فِيهِ إذَا حَصَلَ لَهُ مَرَضُ الْهِيَاجِ فَظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اللِّسَانِ اهـ أُجْهُورِيٌّ وَجَمْعُ الْجِرَّةِ جِرَرٌ كَسِدْرَةٍ وَسِدَرٍ اهـ مِصْبَاحٌ. (قَوْلُهُ وَمَاءِ الْمُتَنَفِّطِ) ، وَكَذَا الْجُدَرِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِفَتْحِهِمَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْعَامَّةِ جِدْرِيٌّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ فَلَحْنٌ.

(تَنْبِيهٌ) اللَّبَنُ أَفْضَلُ مِنْ عَسَلِ النَّحْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ. وَأَمَّا اللَّبَنُ وَاللَّحْمُ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ أَفْتَى الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ اللَّبَنَ أَفْضَلُ مِنْ اللَّحْمِ لَكِنْ نَقَلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَدِيثَ «سَيِّدُ إدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» قَالَ وَلَدُهُ فَلَعَلَّ الْوَالِدَ لَمْ يَسْتَحْضِرْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ فَفَضَّلَ اللَّبَنَ عَلَى اللَّحْمِ وَوَرَدَ أَيْضًا أَفْضَلُ طَعَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ فَهِيَ فِي مَعْنَاهَا) فَالْجِرَّةُ فِي مَعْنَى الْقَيْءِ وَالْمُتَنَفِّطُ فِي مَعْنَى الْقَيْحِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ) وَهُوَ مَاءُ الْمُتَنَفِّطِ، وَقَوْلُهُ يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ عِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا كَالدَّمِ فِيمَا ذُكِرَ قَيْحٌ وَهُوَ مِدَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ وَصَدِيدٌ وَهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ يُخَالِطُهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا وَمَاءُ جُرُوحٍ وَمُتَنَفِّطٍ لَهُ رِيحٌ قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، أَمَّا مَا لَا رِيحَ لَهُ فَظَاهِرٌ كَالْعَرَقِ انْتَهَتْ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ نَفِطَتْ يَدُهُ نَفَطًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَنَفِيطًا إذَا صَارَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مَاءٌ الْوَاحِدَةُ نَفِطَةٌ وَالْجَمْعُ نَفِطٌ، مِثْلُ كَلِمَةٍ وَكَلِمٍ وَهُوَ الْجُدَرِيُّ وَرُبَّمَا جَاءَ عَلَى نَفِطَاتٍ، وَقَدْ تُخَفَّفُ الْوَاحِدَةُ وَالْجَمْعُ بِالسُّكُونِ اهـ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبَقَابِيقُ الَّتِي تَخْرُجُ فِي ظَاهِرِ الْبَدَنِ وَلَا يَكُونُ مَاؤُهَا نَجِسًا إلَّا إنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ. (قَوْلُهُ وَجُزْءٍ مُبَانٍ مِنْ حَيٍّ إلَخْ) ، وَمِنْهُ مَا يُسَمَّى ثَوْبُ الثُّعْبَانِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَانْظُرْ لَوْ اتَّصَلَ الْجُزْءُ الْمَذْكُورُ بِأَصْلِهِ وَحَلَّتْهُ الْحَيَاةُ هَلْ يَطْهُرُ وَيُؤْكَلُ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ أَوْ لَا وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَحْيَا اللَّهُ تَعَالَى الْمَيْتَةَ، ثُمَّ ذُكِّيَتْ وَلَا يَظْهَرُ فِي هَذِهِ إلَّا الْحِلُّ فَكَذَا الْأَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(فَائِدَةٌ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ اهـ كَرْخِيٌّ عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ فَجُزْءُ السَّمَكِ وَالْبَشَرِ إلَخْ) ، وَمِنْهُ الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ طَاهِرَةٌ مِنْ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا الْمُنْفَصِلُ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ حُكْمُ مَيْتَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ إلَّا نَحْوَ شَعْرِ مَأْكُولٍ) أَيْ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ مَعَ قِطْعَةِ لَحْمٍ تُقْصَدُ وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ تَبَعًا لَهَا، وَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ فَهُوَ طَاهِرٌ دُونَهَا وَتُغْسَلُ أَطْرَافُهُ إنْ كَانَ فِيهَا رُطُوبَةٌ أَوْ دَمٌ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا اهـ قَلْيُوبِيٌّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا إلَّا نَحْوَ شَعْرِ مَأْكُولٍ) أَيْ وَرِيشِهِ وَخَرَجَ بِالشَّعْرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ الظَّلْفُ وَالْقَرْنُ وَالظُّفُرُ وَالسِّنُّ فَهِيَ نَجِسَةٌ لِفَقْدِ الْمَعْنَى الَّذِي خَرَجَ بِهِ نَحْوُ الشَّعْرِ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَمِسْكِهِ وَفَأْرَتِهِ) أَيْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ انْفِصَالَ كُلٍّ مِنْ ظَبْيَةِ مَيْتَةٍ، وَمِنْ الْمِسْكِ نَوْعٌ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ هُوَ أَطْيَبُهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالتُّرْكِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ لِنَجَاسَتِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَفَأْرَتِهِ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ خُرَاجٌ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، مِثْلُ غُرَابٍ بِجَانِبِ سُرَّةِ الظَّبْيَةِ كَالسِّلْعَةِ تَحْتَكُّ لِإِلْقَائِهِ، وَقِيلَ بِجَوْفِهَا تُلْقِيهَا كَالْبَيْضَةِ بِخِلَافِ الْمِسْكِ التُّرْكِيِّ، فَإِنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَمٍ مُضَافٍ إلَيْهِ، وَقِيلَ إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَأْكُولٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ فَرْجِ الظَّبْيَةِ كَالْحَيْضِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَقَوْلُهُ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ أَيْ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَهُوَ بِالْهَمْزِ فَقَطْ

ص: 177

(فَطَاهِرٌ) قَالَ تَعَالَى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] وَخَرَجَ بِالْمَأْكُولِ نَحْوُ شَعْرِ غَيْرِهِ فَنَجِسٌ، وَمِنْهُ نَحْوُ شَعْرِ عُضْوٍ أُبِينَ مِنْ مَأْكُولٍ؛ لِأَنَّ الْعُضْوَ صَارَ غَيْرَ مَأْكُولٍ (كَعَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ وَرُطُوبَةِ فَرْجٍ مِنْ) حَيَوَانٍ (طَاهِرٍ) ، وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ، فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ كَأَصْلِهَا وَقَوْلِي: نَحْوُ، وَمِنْ طَاهِرٍ مِنْ زِيَادَتِي.

(فَرْعٌ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَكَذَلِكَ جَمْعُهُ وَهُوَ فِئْرَانٌ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْفَأْرَةُ تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ وَتَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْجَمْعُ فَأْرٌ، مِثْلُ فَلْسٍ وَفِئْرَانٌ وَفَأْرَةُ الْمِسْكِ مَهْمُوزَةٌ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ فَارِسٍ. (قَوْلُهُ فَطَاهِرٌ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُهُ مِنْ مَيْتَةٍ وَمِثْلُهُ الْعَظْمُ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمِسْكُ طَاهِرٌ، وَكَذَا فَأْرَتُهُ بِشَعْرِهَا إنْ انْفَصَلَتْ فِي حَالِ حَيَاةِ الظَّبْيَةِ، وَلَوْ احْتِمَالًا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ بَعْدَ ذَكَاتِهَا وَإِلَّا فَنَجِسَانِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْمِسْكِ قِيَاسًا عَلَى الْإِنْفَحَةِ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَطَاهِرٌ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْمَجْزُورِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمُنْتَتِفِ سَوَاءٌ انْتَتَفَ أُمّ نُتِفَ وَالشَّعْرُ الْمَجْهُولُ انْفِصَالُهُ، هَلْ هُوَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ، أَوْ كَوْنُهُ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَهُ طَاهِرٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ؟ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْعَظْمَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَوَاهِرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَيْنَا قِطْعَةَ لَحْمٍ مُلْقَاةً وَشَكَكْنَا هَلْ هِيَ مِنْ مُذَكَّاةٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ وَمِثْلُ الْعَظْمِ اللَّبَنُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَوْ كَوْنُهُ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَهُ، وَمِنْهُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرَ مِنْ الْفِرَاءِ الَّتِي تُبَاعُ وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُ حَيَوَانِهَا الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَأْكُولُ اللَّحْمِ أَوْ لَا، وَهَلْ أُخِذَ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَصْوَافِهَا) مَحْمُولٌ عَلَى مَا أُخِذَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ كَمَيْتَتِهِ اهـ سم. (قَوْلُهُ فَنَجِسٌ) ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ شَعْرُ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ هَلْ أَبْيَنَ حَالَ الْحَيَاةِ أَوْ الْمَوْتِ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَالْعَظْمُ الْمَشْكُوكُ فِي طَهَارَتِهِ كَذَلِكَ، وَكَذَا قَطْعُ جِلْدٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ نَحْوِ خِرْقَةٍ أَوْ زِنْبِيلٍ وَفَارَقَ اللَّحْمَ بِأَنَّ شَأْنَهُ الْحِفْظُ بِخِلَافِ الْعَظْمِ وَالْجِلْدِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش، وَلَوْ شَكَّ فِي نَحْوِ شَعْرٍ أَوْ رِيشٍ أَهُوَ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ فِي عَظْمٍ أَوْ جِلْدٍ هَلْ هُوَ مِنْ مُذَكَّى الْمَأْكُولِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ فِي لَبَنٍ أَهُوَ لَبَنُ مَأْكُولٍ أَوْ لَبَنُ غَيْرِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ.

وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ طَهَارَةُ الْفَأْرَةِ أَيْ فَأْرَةِ الْمِسْكِ مُطْلَقًا إذَا شَكَّ فِي أَنَّ انْفِصَالَهَا مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ خِلَافًا فَالتَّفْصِيلُ فِيهَا لِلْإِسْنَوِيِّ وَفَارَقَ الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهَا الْحُكْمَ بِنَجَاسَةِ قِطْعَةِ لَحْمٍ وُجِدَتْ مَرْمِيَّةً فِي غَيْرِ ظَرْفٍ وَيُفَرَّقُ بِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِرَمْيِ اللَّحْمِ الطَّاهِرِ بِخِلَافِ الْمَذْكُورَاتِ انْتَهَتْ وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ شَعْرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَعَنْ قَلِيلِ شَعْرِ الْمَرْكُوبِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَعَنْ رَوْثِ السَّمَكِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ الْمَاءَ وَلِمَا يَغْلِبُ تَرَشُّحُهُ كَدَمْعٍ وَبُصَاقٍ وَمُخَاطٍ حُكْمُ حَيَوَانِهِ طَهَارَةٌ وَنَجَاسَةٌ وَيُعْفَى عَنْ مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ وَفَمِهِ وَرِجْلِهِ الْمُتَيَقَّنِ نَجَاسَتُهَا إنْ وَقَعَ فِي مَائِعٍ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَعَلَقَةٍ) وَهِيَ دَمٌ غَلِيظٌ اسْتَحَالَ عَنْ الْمَنِيِّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُلُوقِهِ بِكُلِّ مَا لَامَسَهُ وَالْمُضْغَةُ قِطْعَةُ لَحْمٍ بِقَدْرِ مَا يُمْضَغُ اسْتَحَالَتْ عَنْ الْعَلَقَةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَرُطُوبَةٍ فَرْجٍ) هِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا خَرَجَتْ مِنْ مَحَلٍّ يَجِبُ غَسْلُهُ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ مَحِلٍّ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَهِيَ نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهَا رُطُوبَةٌ جَوْفِيَّةٌ وَهِيَ إذَا خَرَجَتْ إلَى الظَّاهِرِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا وَإِذَا لَاقَاهَا شَيْءٌ مِنْ الطَّاهِرِ تَنَجَّسَ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ قَوْلُهُمْ بِعَدَمِ تَنْجِيسِ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ مَعَ أَنَّهُ يُجَاوِزُ فِي الدُّخُولِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ عُفِيَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا عُفِيَ عَنْ الْوَلَدِ الْخَارِجِ مِنْ الْبَاطِنِ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ اهـ أَيْ بِأَنْ تَحَقَّقْنَا أَنَّ تِلْكَ الرُّطُوبَةَ مِنْ الْبَاطِنِ وَابْنِ حَجَرٍ جَعَلَ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: طَاهِرَةٌ قَطْعًا وَهِيَ الْخَارِجَةُ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَنَجِسَةٌ قَطْعًا وَهِيَ الْخَارِجَةُ مِنْ الْبَاطِنِ، وَطَاهِرَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ الْخَارِجَةُ مِنْ بَيْنِ الْبَاطِنِ وَمَا يَجِبُ غَسْلُهُ اهـ ح ل.

وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يُلَاقِيهِ بَاطِنُ الْفَرْجِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ هَلْ يَتَنَجَّسُ بِهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يَتَنَجَّسُ أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ نَجِسٌ كَالنَّجَاسَاتِ الَّتِي فِي الْبَاطِنِ، فَإِنَّهَا مَحْكُومٌ بِنَجَاسَتِهَا وَلَكِنَّهَا لَا تُنَجِّسُ مَا أَصَابَهَا إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ بِالظَّاهِرِ وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَتَنَجَّسُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ لِكَثْرَةِ الِابْتِلَاءِ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ أَدْخَلَتْ أُصْبُعَهَا لِغَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الِابْتِلَاءُ بِهِ كَالْجِمَاعِ لَكِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَيْهِ كَأَنْ أَرَادَتْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَنْظِيفِ الْمَحِلِّ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ طَالَ ذَكَرُهُ وَخَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ أَنْ لَا يَتَنَجَّسَ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي لَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ الْمُعْتَدِلُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ فَاشْتَبَهَ مَا لَوْ اُبْتُلِيَ النَّائِمُ بِسَيَلَانِ الْمَاءِ مِنْ فَمِهِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ فَكَذَا هَذَا اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ كَأَصْلِهَا)

ص: 178