الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَتَرَادُّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَحِلَّهَا عَلَى قُرْبٍ وَالْمَائِعُ بِخِلَافِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(بَابُ التَّيَمُّمِ)
هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا إيصَالُ تُرَابٍ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا
ــ
[حاشية الجمل]
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ مِنْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ إذَا صَبَّهُ وَالْمُضَارِعُ مِنْهُ يَهْرِيقُ الْمَاءَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهُ خُمَاسِيٌّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ. (قَوْلُهُ مَا يَمْلَأُ مَحِلَّهَا عَلَى قُرْبٍ) أَيْ عُرْفًا اهـ شَيْخُنَا.
[بَابُ التَّيَمُّمِ]
(بَابُ التَّيَمُّمِ) هَذَا الْبَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَطْرَافٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِهِ وَذِكْرُهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ، الثَّانِي فِي كَيْفِيَّتِهِ وَسَيَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ فَصْلٌ يُتَيَمَّمُ بِتُرَابٍ طَهُورٍ إلَخْ. وَالثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهِ وَسَيَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ إلَخْ وَهُوَ رُخْصَةٌ، وَقِيلَ عَزِيمَةٌ وَفِي الْمُسْتَصْفَى لِلْغَزَالِيِّ أَنَّ التَّيَمُّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ عَزِيمَةٌ وَلِنَحْوِ الْمَرَضِ رُخْصَةٌ فَالْأَوَّلُ يَصِحُّ مِنْ الْعَاصِي وَغَيْرِهِ مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ مِنْ الْعَاصِي كَذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ هَذَا الشَّرْحِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ نَعَمْ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ أَيْ الْمُسَافِرِ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُوبِ إعَادَةِ مَا صَلَّاهُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا لَكِنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى مَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَعَلَى إطْلَاقِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ سَوْقِ الْكَلَامِ يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهُ عَزِيمَةٌ مُطْلَقًا. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَفِي الْقَوَاعِدِ لِلزَّرْكَشِيِّ أَنَّ مِنْ الرُّخْصَةِ التَّيَمُّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ أَوْ لِلْخَوْفِ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ عَزِيمَةٌ، وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ لِعَدَمِ الْمَاءِ فَعَزِيمَةٌ أَوْ لِلْمَرَضِ أَوْ لِبُعْدِ الْمَاءِ عَنْهُ أَوْ لِبَيْعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَرُخْصَةٌ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهُوَ رُخْصَةٌ مُطْلَقًا انْتَهَتْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ وَهُوَ رُخْصَةٌ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْفَقْدُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ هُوَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَقِيلَ عَزِيمَةٌ، وَقِيلَ إنْ كَانَ لِلْفَقْدِ الْحِسِّيِّ فَعَزِيمَةٌ وَإِلَّا فَرُخْصَةٌ، وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْأَقْرَبُ لِمَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ تَيَمُّمِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ إنْ فَقَدَ الْمَاءَ حِسًّا وَبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ قَبْلَهَا إنْ فَقَدَهُ شَرْعًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ اهـ. (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ) مَأْخُوذٌ مِنْ أَمَّمْته وَتَأَمَّمْته وَتَيَمَّمْتُهُ قَصَدْته اهـ ق ل. (قَوْلُهُ إيصَالُ تُرَابٍ إلَخْ) يَتَضَمَّنُ الْإِيصَالُ النَّقْلَ وَالْقَصْدَ وَقَوْلُهُ بِشُرُوطٍ إلَخْ مُرَادُهُ مَا يَشْمَلُ الْأَرْكَانَ فَدَخَلَ فِيهِ النِّيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ فَاشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى الْأَرْكَانِ السَّبْعَةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ إلَخْ) ، وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفُرِضَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ، وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ اهـ ح ل قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَالْأَخِيرُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ. .
(قَوْلُهُ جُعِلَتْ لَنَا) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأُمَّتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ جُعِلَتْ لِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كُلُّهَا مَسْجِدًا) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إلَّا فِيمَا تَيَقَّنُوا طَهَارَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَخُصِّصْنَا نَحْنُ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ إلَّا مَا تَيَقَّنَّا نَجَاسَتَهُ، وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ أَمَّا كَوْنُهَا مَسْجِدًا فَلَمْ يَأْتِ فِي أَثَرٍ أَنَّهَا مُنِعَتْ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَ عِيسَى عليه الصلاة والسلام يَسِيحُ فِي الْأَرْضِ وَيُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَجُعِلَتْ لِغَيْرِي مَسْجِدًا، وَلَمْ تُجْعَلْ لَهُ طَهُورًا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ الصَّلَوَاتُ فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ كَالْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْأُمَمُ السَّابِقَةُ مُسَافِرِينَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُمَمِ لَا فِي أَنْبِيَائِهَا أَوْ إلَّا لِعُذْرٍ، ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْحَلَبِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْمِعْرَاجِ فَرَاجِعْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا إنْ قُلْت الْمُقَرَّرُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَدْ احْتَجَجْتُمْ بِهِ حَيْثُ قُلْتُمْ لَا يَكْفِي التَّيَمُّمُ بِغَيْرِ التُّرَابِ، وَأَجَابَ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ عَنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ مَحَلُّ كَوْنِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ غَيْرَ حُجَّةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ كَالِامْتِنَانِ أَوْ الْعُدُولِ عَنْ الْعُمُومِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ حُجَّةً وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ التُّرَابِ مِنْ عُمُومِ الْأَرْضِ قَبْلَهُ قَرِينَةٌ عَلَى الْعَمَلِ بِمَفْهُومِهِ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا» فَتَخْصِيصُ التُّرَابِ بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا ح ف وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَمَا قِيلَ إنَّ لَفْظَ التُّرْبَةِ لَقَبٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ، وَلِذَلِكَ جَوَّزَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِمَا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ كَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالزَّرْنِيخِ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا لَا غُبَارَ فِيهِ
وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» (يَتَيَمَّمُ مُحْدِثٌ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ) ، وَلَوْ مَسْنُونًا (لِلْعَجْزِ) عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ لِأَسْبَابٍ (وَأَسْبَابُهُ) أَيْ الْعَجْزُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا (فَقْدُ مَاءٍ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (فَإِنْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ فَقْدَ الْمَاءِ (تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ) ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَمْ لَا وَقَوْلُ الْأَصْلِ، فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ فَقْدَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَإِلَّا)
ــ
[حاشية الجمل]
كَالْحَجَرِ الصُّلْبِ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْعَامِّ بَلْ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ كَمَا فِي تَقْيِيدِ الرَّقَبَةِ وَإِطْلَاقِهَا فِي الْكَفَّارَةِ وَبِأَنَّ الْآيَةَ الشَّرِيفَةَ دَالَّةٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]، إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ مِنْ إلَّا التَّبْعِيضُ نَحْوُ مَسَحْت الرَّأْسَ مِنْ الدُّهْنِ وَهُوَ الْغُبَارُ وَالْغَالِبُ أَنْ لَا غُبَارَ لِغَيْرِ التُّرَابِ فَتَعَيَّنَ وَجَعْلُ مِنْ لِلِابْتِدَاءِ خِلَافُ الْحَقِّ وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4] وَأُجِيبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْرَفُ مِنْ مَحِلِّهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا) بِفَتْحِ الطَّاءِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَبِضَمِّهَا الْفِعْلُ أَيْ الطُّهْرُ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا كَذَا بِخَطِّ ابْنِ الْمُؤَلِّفِ بِهَامِشِ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ لِوَالِدِهِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَمَأْمُورٌ بِطُهْرٍ لِيَشْمَلَ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ الْمَسْنُونَيْنِ اهـ ع ش وَالْوُضُوءُ الْمَسْنُونُ كَالْمُجَدَّدِ فَيُتَيَمَّمُ عَنْهُ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ)
وَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ، ثُمَّ أَرَادَ صَلَاةً قَبْلَ الْحَدَثِ وَعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ أَيْ أَوْ وُضُوءٍ مَسْنُونٍ كَالتَّجْدِيدِ فَلَوْ قَالَ وَمَأْمُورٌ بِطُهْرٍ عَنْ غَيْرِ نَجَسٍ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ الْمَيِّتِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِيَحِلَّ وَطْؤُهَا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّوَافِ وَنَحْوِهِ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَوْلَوِيَّةُ عُمُومٍ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجُنُبُ وَأَوْلَوِيَّةُ إيهَامٍ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِلْعَجْزِ، إذْ قَوْلُ الْأَصْلِ لِأَسْبَابٍ يُوهِمُ أَنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ لِلتَّيَمُّمِ مُتَعَدِّدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَجْزُ لَهُ أَسْبَابٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَلِهَذَا قَالَ حَجّ (تَنْبِيهٌ)
جَعْلُهُ هَذِهِ أَسْبَابًا نَظَرَ فِيهِ لِلظَّاهِرِ أَنَّهَا الْمُبِيحَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُبِيحَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ سَبَبٌ وَاحِدٌ هُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَتِلْكَ أَسْبَابٌ لِهَذَا الْعَجْزِ اهـ. (قَوْلُهُ فَقْدُ مَاءٍ) أَيْ حِسًّا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ السَّبَبَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَضَابِطُ الْحِسِّيِّ أَنْ يَتَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ، وَمِنْ الْحِسِّيِّ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدُوٌّ أَوْ سَبُعٌ أَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَخَافَ غَرَقًا لَوْ اسْتَقَاءَ. وَأَمَّا وُجُودُ مَاءٍ مُسَبَّلٍ فَهُوَ مِنْ الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ اهـ شَيْخُنَا لَكِنْ سَيَأْتِي لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ فِي آخِرِ الْبَابِ مَا نَصُّهُ وَكَالْمَرَضِ حَيْلُولَةٌ نَحْوُ سَبُعٍ أَوْ خَوْفِ رَاكِبِ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ اهـ. وَأَمَّا وُجُودُ مَاءٍ مُسَبَّلٍ فَهُوَ مِنْ الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ اهـ شَيْخُنَا وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ الْفَقْدِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحِلِّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ لَا فِي الْحِسِّيِّ وَعَدَمِهِ فِي الشَّرْعِيِّ فَلَا يُعِيدُ فِي السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ مُطْلَقًا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فِي الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ إلَّا إنْ تَابَ وَيَصِحُّ فِي الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ فَقْدُ مَاءٍ أَيْ حِسًّا كَأَنْ عُدِمَ مُطْلَقًا أَوْ شَرْعًا كَالْمُسَبَّلِ لِلشُّرْبِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا، وَلَوْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَالسِّقَايَاتِ الَّتِي عَلَى الطُّرُقِ وَالصَّهَارِيجِ الْمُسَبَّلَةِ لِلشُّرْبِ بِخِلَافِ الْمُسَبَّلَةِ لِلِانْتِفَاعِ، وَمِنْهَا صِهْرِيجُ ابْنِ طُعْمَةَ بِصَحْنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، فَإِنَّهُ عُمِّمَ فِي وَقْفِهِ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَتَّى غَسْلُ خِرَقِ الْحَيْضِ بِإِرْشَادٍ مِنْ الْعَلَّامَةِ الزِّيَادِيِّ، وَلَوْ تَوَضَّأَ مِنْ صِهْرِيجٍ مُسَبَّلٍ لِلشُّرْبِ صَحَّ وُضُوءُهُ مَعَ الْحُرْمَةِ كَمَا فِي الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ السِّقَايَةِ وَالصِّهْرِيجِ وَهُوَ كَقِنْدِيلٍ مَوْضِعٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، وَلَوْ مَرَّ بِأَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِ كُلٍّ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ عَادَةً انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ تَيَقَّنَ الْفَقْدَ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ وَهُوَ حَدُّ الْغَوْثِ أَوْ الْقُرْبِ، وَإِنْ عَلِمَهُ فِي غَيْرِهِ وَكَانَ الْمُنَاسِبَ، فَإِنْ تَيَقَّنَاهُ أَيْ الْمُحْدِثُ وَالْمَأْمُورُ بِالْغُسْلِ وَيُمْكِنُ التَّأْوِيلُ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْ ذُكِرَ الشَّامِلُ لِلْقِسْمَيْنِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِلَا طَلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ لَا) وَقَوْلُهُ إنْ أَمِنَ مَعَ مَا يَأْتِي إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ صَنِيعَهُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا جُوِّزَ وُجُودُ الْمَاءِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ إلَّا إنْ أَمِنَ مَا ذُكِرَ الَّذِي مِنْهُ الْوَقْتُ وَفِيهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ الْمُقِيمَ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ التَّجْوِيزِ أَيْ فِيمَا إذَا ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ، وَإِنْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ التَّيَقُّنِ دُونَ غَيْرِهِ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ لَا خَاصًّا بِمُتَيَقَّنِ الْفَقْدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فَاعِلُ طَلَبَهُ الْمُسَافِرَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ مِنْ رَحْلِهِ وَرُفْقَتِهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ
بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَهُ (طَلَبَهُ) ، وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ (لِكُلِّ تَيَمُّمٍ فِي الْوَقْتِ مِمَّا جَوَّزَهُ فِيهِ مِنْ رَحْلِهِ وَرُفْقَتِهِ) الْمَنْسُوبَيْنِ إلَيْهِ وَيَسْتَوْعِبُهُمْ
ــ
[حاشية الجمل]
الرَّوْضِ لَمَّا ذَكَرَ حَدَّ الْغَوْثِ وَحَدَّ الْقُرْبِ وَحَدَّ الْبُعْدِ وَأَحْكَامَهَا قَالَ أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى، وَإِنْ فَاتَ بِهِ الْوَقْتُ اهـ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعُدْ مُسَافِرًا فِي طَلَبِ الْمَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ الْمُتَيَقَّنِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَيَقَّنًا وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الطَّلَبِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْرِجَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ أَوْ الشَّكِّ أَوْ الظَّنِّ لَكِنْ يَبْعُدُ جَعْلُ الظَّنِّ كَالتَّيَقُّنِ فِي وُجُوبِ الطَّلَبِ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَسَيُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقِيمِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَبِالْمُسَافِرِ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَوْ مُقِيمًا بِمَحِلٍّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ بِأَنْ جُوِّزَ وُجُودُهُ) التَّجْوِيزُ إمَّا بِالظَّنِّ أَوْ الشَّكِّ أَوْ الْوَهْمِ فَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ وَلِلتَّجْوِيزِ بِالْيَقِينِ اهـ شَوْبَرِيٌّ لَكِنَّ التَّجْوِيزَ بِالْيَقِينِ يَجْرِي فِي حَدِّ الْغَوْثِ وَالْقُرْبِ وَمَا عَدَاهُ خَاصٌّ بِحَدِّ الْغَوْثِ فَفِي الْكَلَامِ تَوْزِيعٌ لِمَصْدُوقِ إلَّا كَمَا صَنَعَ م ر فِي شَرْحِهِ فَالْمُرَادُ بِالتَّجْوِيزِ بِالنِّسْبَةِ لِحَدِّ الْغَوْثِ مَا قَابَلَ الْيَقِينَ لِيَصِحَّ التَّفْصِيلُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ نَظَرَ حَوَالَيْهِ إلَخْ، إذْ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ إنْ أَمِنَ لَا يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمَاءَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَيْهِ إلَّا فِي حَدِّ الْقُرْبِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَهُ أَيْ بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ فَقْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَشَمِلَ صُورَةَ تَيَقُّنِ الْوُجُودِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي قَوْلِهِ فَلَوْ عَلِمَ مَاءً إلَخْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ) أَيْ الثِّقَةِ، وَلَوْ وَاحِدًا عَنْ جَمَاعَةٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الطَّلَبُ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِ الْمَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لِكُلِّ تَيَمُّمٍ فِي الْوَقْتِ) ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَعْدَ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ مَاءً تَيَمَّمَ؛ لِأَنَّ الْفَقْدَ حَاصِلٌ، وَتَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ عَنْ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَحْدُثْ سَبَبٌ يُحْتَمَلُ مَعَهُ وُجُودُ الْمَاءِ فَلَوْ طَلَبَ كَمَا مَرَّ وَتَيَمَّمَ وَمَكَثَ مَوْضِعَهُ، وَلَمْ يَتَيَقَّنْ عَدَمَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ وُجُودُهُ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الطَّلَبِ ثَانِيًا لِمَا يَطْرَأُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَرَيَانُهُ لِلْحَدَثِ أَمْ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَوْ قَضَاءِ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ أَمْ غَيْرِ مُتَوَالِيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ اطِّلَاعِهِ عَلَى بِئْرٍ خَفِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ وُجُودِ مَنْ يَدُلُّهُ عَلَى الْمَاءِ لَكِنَّ الطَّلَبَ الثَّانِيَ أَخَفُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَاءٌ لَظَفِرَ بِهِ فِي الطَّلَبِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَدَامَ نَظَرُهُ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ نَظَرُهَا حَتَّى دَخَلَ الْوَقْتُ كَفَى قَالَهُ ابْن الصَّبَّاغ وَغَيْرُهُ وَلَا يُجْزِيهِ مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ صَادَفَهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ إنْ طَلَبَ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ فَلَوْ طَلَبَهُ قَبْلَهُ لِفَائِتَةٍ فَدَخَلَ الْوَقْتُ اكْتَفَى بِذَلِكَ الطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ وَقَعَ صَحِيحًا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَمِلْ تَجَدُّدَ مَاءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ مَا دَامَ التَّوَهُّمُ وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ قَبْلَهُ، وَإِنْ عَلِمَ اسْتِغْرَاقَ الْوَقْتِ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر، وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحِهِ وَفَارَقَ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ بِخِلَافِهَا وَبِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ وَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ قَطَعَ الطَّلَبَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى نَعَمْ لَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِعَطَشٍ أَوْ فَائِتَةٍ كَفَى وَخَرَجَ بِالطَّلَبِ الْإِذْنُ فِيهِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا قَبْلَ الْوَقْتِ وَفَارَقَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِبْلَةِ بِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الِاجْتِهَادِ وَلَا يَقُومُ اجْتِهَادُ شَخْصٍ عَنْ آخَرَ اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ رَحْلِهِ) أَيْ بِأَنْ يُفَتِّشَ فِيهِ، ثُمَّ إطْلَاقُ الطَّلَبِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّفْتِيشِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَأَنَّ الطَّلَبَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّفْتِيشِ وَالسُّؤَالِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُسْعَى بِهِ فِي تَحْصِيلِ مُرَادِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْبَيْضَاوِيِّ عَنْ الطِّيبِيِّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 102] مِنْ أَنَّ الطَّلَبَ وَالسُّؤَالَ وَالِاسْتِخْبَارَ وَالِاسْتِفْهَامَ وَالِاسْتِعْلَامَ أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ، وَإِنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ فَالطَّلَبُ أَعَمَّهَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الطَّلَبَ مِنْ نَفْسِهِ، وَمِنْ غَيْرِهِ وَالسُّؤَالُ خَاصٌّ بِالطَّلَبِ مِنْ الْغَيْرِ إلَى آخِرِ مَا بَيَّنَ بِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلَبَ مِنْ النَّفْسِ لَيْسَ عِبَارَةً إلَّا عَنْ التَّأَمُّلِ فِي الشَّيْءِ لِيَظْهَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ فَهُوَ كَالْبَحْثِ وَالتَّفْتِيشِ فِي الرَّحْلِ عَنْ الْمَاءِ اهـ ع ش.
وَالرَّحْلُ مَسْكَنُ الشَّخْصِ وَمَأْوَاهُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ وَيُجْمَعُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى رِحَالٍ وَفِي الْقِلَّةِ عَلَى أَرْحُلٍ وَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى مَا يَسْتَصْحِبُهُ الْمُسَافِرُ مِنْ الْأَثَاثِ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ أَمْتِعَتُهُ وَأَوْعِيَةُ زَادِهِ وَمَرْكَبُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ الْحَرِيرِيُّ وَخَطَّأَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَرُفْقَتُهُ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَحُكِيَ فَتْحُهَا فَهِيَ مُثَلَّثَةٌ وَهُمْ الْجَمَاعَةُ يَنْزِلُونَ مَعَاوِيرَ يَرْتَحِلُونَ مَعًا سُمُّوا
كَأَنْ يُنَادِيَ فِيهِمْ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَجُودُ بِهِ وَقَوْلِي فِي الْوَقْتِ مِمَّا جَوَّزَهُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِي (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فِي ذَلِكَ (نَظَرَ حَوَالَيْهِ) يَمِينًا وَشِمَالًا وَأَمَامًا وَخَلْفًا إلَى الْحَدِّ الْآتِي وَخَصَّ مَوْضِعَ الْخُضْرَةِ وَالطَّيْرِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ (إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ) مِنْ الْأَرْضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ وَهْدَةٌ أَوْ جَبَلٌ. (تَرَدَّدَ إنْ أَمِنَ) مَعَ مَا يَأْتِي اخْتِصَاصًا وَمَا لَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ طَهَارَتِهِ (إلَى حَدِّ غَوْثٍ) أَيْ إلَى حَدٍّ يَلْحَقُهُ فِيهِ غَوْثُ رُفْقَتِهِ لَوْ اسْتَغَاثَ بِهِمْ فِيهِ مَعَ
ــ
[حاشية الجمل]
بِذَلِكَ لِارْتِفَاقِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَمُسَاعِدَتِهِ وَمَا زَادَ دَاخِلٌ فِيمَا بَعْدَهُ فَيَكْفِي فِيهِ النَّظَرُ وَالتَّرَدُّدُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَأَنْ يُنَادِيَ فِيهِمْ إلَخْ) وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْ كُلٍّ بِعَيْنِهِ بَلْ يَكْفِي نِدَاءٌ يَعُمُّ جَمِيعَهُمْ بِأَنْ يَقُولَ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَجُودُ بِهِ مَنْ يَبِيعُهُ فَيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْذُلُهُ وَلَا يَهَبُهُ وَلَا يَبِيعُهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَنْ يَجُودُ بِهِ سَكَتَ مَنْ لَا يَبْذُلُهُ مَجَّانًا أَوْ عَلَى إطْلَاقِ النِّدَاءِ سَكَتَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهَا بِهِ وَلَا يَسْمَحُ إلَّا بِبَيْعِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ يَجُودُ بِهِ) أَيْ إنْ ظَنَّ مِنْهُمْ السَّمَاحَ بِهِ وَإِلَّا فَيَزِيدُ، وَلَوْ بِثَمَنِهِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّامِعَ قَدْ يَكُونُ بَخِيلًا فَلَا يَسْمَحُ بِهِ إلَّا بِثَمَنِهِ وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا جَوَّزَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا عَطَفَهُ بِثُمَّ لِتَرَاخِيهِ عَمَّا قَبْلَهُ اهـ ح ل.
وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالتَّرَاخِي هُنَا اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى النَّظَرِ إلَّا بَعْدَ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْتِيشِ وَالطَّلَبِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَسْهَلَ مَا ذَكَرَ وَرُبَّمَا تُوهِمُ عِبَارَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ انْتَهَتْ فَالتَّرْتِيبُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمَتْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يُقَدَّمَ النَّظَرُ وَالتَّرَدُّدَ الْآتِي عَلَى الطَّلَبِ مِنْ رَحْلِهِ وَرُفْقَتِهِ. (قَوْلُهُ حَوَالَيْهِ) جَمْعُ حَوْلٍ بِمَعْنَى جِهَةٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيَاسُهُ أَحْوَالٌ، وَهَذَا الْجَمْعُ عَلَى صُورَةِ الْمُثَنَّى اهـ شَيْخُنَا ح ف وَفِي الْمُخْتَارِ يُقَالُ قَعَدَ حَوْلَهُ وَحَوَالَهُ وَحَوَالَيْهِ وَحَوْلَيْهِ وَلَا يُقَالُ حَوَالِيه بِكَسْرِ اللَّامِ وَقَعَدَ حِيَالَهُ وَبِحِيَالِهِ أَيْ بِإِزَائِهِ اهـ. (قَوْلُهُ إلَى الْحَدِّ الْآتِي) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ إلَى حَدِّ غَوْثٍ مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلَيْنِ أَيْ نَظَرٌ وَتَرَدُّدٌ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَخَصَّ مَوْضِعَ الْخُضْرَةِ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَتُوقَفُ غَلَبَةُ ظَنِّ الْفَقْدِ عَلَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَرَدَّدَ إنْ أَمِنَ إلَخْ) بِأَنْ يَمْشِيَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ إلَى آخِرِ حَدِّ الْغَوْثِ إنْ كَانَ لَا يُحِيطُ بِهِ إلَّا بِهَذَا الْمَشْيِ وَإِلَّا مَشَى بِقَدْرِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْإِحَاطَةُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَلَوْ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ وَهْدَةٌ) فِي الْمُخْتَارِ الْوَهْدَةُ كَالْوَرْدَةِ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ وَالْجَمْعُ وَهْدٌ كَوَعْدٍ وَوِهَادٌ كَمِهَادٍ اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي حَدِّ الْقُرْبِ بِأَنْ يَأْمَنَ نَفْسًا أَوْ عُضْوًا أَوْ مَالًا زَائِدًا عَلَى مَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ طَهَارَتِهِ وَانْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَةٍ وَخُرُوجِ الْوَقْتِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي الْوَقْتُ وَمَحِلُّ اشْتِرَاطِ الْأَمْنِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ التَّجْوِيزُ بِغَيْرِ الْعِلْمِ أَمَّا إنْ كَانَ بِالْعِلْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَمْلِ التَّجْوِيزِ بِالنِّسْبَةِ لِحَدِّ الْغَوْثِ عَلَى مَا عَدَا الْعِلْمَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا مَعَ مَا يَأْتِي) مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي أَمْنُ الْوَقْتِ وَمَحِلُّ اشْتِرَاطِهِ فِيمَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ أَمَّا مَنْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمْنُ الْوَقْتِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ نِزَاعٍ طَوِيلٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ الْعِلْمِ الْآتِيَةِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ. وَأَمَّا مَا هُنَا أَيْ مَا فِي حَدِّ الْغَوْثِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَضَاءُ يَلْزَمُ الْمُتَيَمِّمَ أَمْ لَا اهـ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالطَّلَبِ، فَإِنَّهُ لَا يَطْلُبُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَحِلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْأُجْهُورِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُجَوِّزٌ لِلْمَاءِ لَا عَالِمٌ بِهِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا وَجَبَ طَلَبُهُ، وَلَوْ أَدَّى الطَّلَبُ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.
وَهَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ مَفْرُوضٌ فِي حَدِّ الْغَوْثِ أَمَّا حَدُّ الْقُرْبِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ لَكِنْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَحِلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ يُسْتَوَى الْأَمْرَانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالطَّلَبِ، فَإِنَّهُ لَا يَطْلُبُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي لِأَجْلِ إدْرَاكِ الْوَقْتِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَحِلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، فَإِنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالطَّلَبِ، وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِوُجُودِ الْمَاءِ كَمَا يُؤْخَذُ هَذَا التَّفْصِيلُ مِنْ حَوَاشِي التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ أَيْ إلَى حَدٍّ يَلْحَقُهُ فِيهِ غَوْثُ رُفْقَتِهِ) أَيْ مَعَ اعْتِدَالِ أَسْمَاعِهِمْ وَمَعَ اعْتِدَالِ صَوْتِهِ، وَابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِّ مِنْ آخِرِ رُفْقَتِهِ الْمَنْسُوبِينَ إلَيْهِ لَا مِنْ آخِرِ الْقَافِلَةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَأَوَّلُهُ مِنْ مَحِلِّهِ، وَقِيلَ مِنْ آخِرِ رَحْلِهِ، وَقِيلَ مِنْ آخِرِ رُفْقَتِهِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ سُؤَالُهُمْ وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَيْهِ لَا مِنْ آخِرِ الْقَافِلَةِ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَقَدْ تَتَّسِعُ جِدًّا بِحَيْثُ تَأْخُذُ قَدْرَ فَرْسَخٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَوْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ مِنْ آخِرِهَا لَزِمَ مِنْهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَرُبَّمَا تَزِيدُ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ شَيْخُنَا الشبراملسي
تَشَاغُلِهِمْ بِأَشْغَالِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ أَيْ فِي الْمُسْتَوِي وَبِقَوْلِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرَدَّدَ غَلْوَةَ سَهْمٍ أَيْ غَايَةَ رَمْيِهِ وَقَوْلِي إنْ أَمِنَ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) مَاءً (تَيَمَّمَ) لِظَنِّ فَقْدِهِ.
(فَلَوْ عَلِمَ مَاءً) بِمَحِلٍّ (يَصِلُهُ مُسَافِرٌ لِحَاجَتِهِ) كَاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ، وَهَذَا فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُسَمَّى حَدَّ الْقُرْبِ (وَجَبَ طَلَبُهُ) مِنْهُ. (إنْ أَمِنَ غَيْرَ اخْتِصَاصٍ وَمَالٌ يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ طَهَارَتِهِ) ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً مِنْ نَفْسٍ وَعُضْوٍ وَمَالٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِلْمَاءِ وَانْقِطَاعٌ عَنْ رُفْقَةٍ لَهُ وَخُرُوجُ وَقْتٍ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ طَلَبُهُ بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ وَوَصْفُ الْمَالِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية الجمل]
انْتَهَتْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَغَاثَهُ إغَاثَةً إذَا أَعَانَهُ وَنَصَرَهُ فَهُوَ مُغِيثٌ وَالْغَوْثُ اسْمٌ مِنْهُ اهـ أَيْ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْإِغَاثَةِ فَالْإِضَافَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ يَلْحَقُهُ فِيهِ رُفْقَتُهُ الْمُسْتَغَاثُ بِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ لِحَدِّ الْغَوْثِ بِقَوْلِهِ أَيْ إلَى حَدٍّ يَلْحَقُهُ فِيهِ غَوْثُ رُفْقَتِهِ إلَخْ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ إلَخْ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ الصَّغِيرِ تَرَدَّدَ غَلْوَةَ سَهْمٍ فَالْعِبَارَاتُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى ثَلَاثَةٌ عِبَارَةُ الْأَصْلِ.
وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.
وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ وَهِيَ قَوْلُهُ إلَى حَدِّ غَوْثٍ اِ هـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ) مُتَعَلَّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوَى وَقَوْلُهُ أَيْ فِي الْمُسْتَوَى مُتَعَلِّقٌ بِنَظَرِهِ فَضَابِطُ التَّرَدُّدِ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوَى بِقَدْرِ النَّظَرِ فِي الْمُسْتَوَى وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَى الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَمْشِيَ إلَى آخِرِ حَدِّ الْغَوْثِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْإِحَاطَةُ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ حَدِّ الْغَوْثِ إلَّا بِهَذَا الْمَشْيِ، فَإِنْ حَصَلَتْ بِأَقَلَّ مِنْهُ لَمْ تَجِبْ الزِّيَادَةُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ غَلْوَةَ سَهْمٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْغَلْوَةُ الْغَايَةُ وَالْجَمْعُ غَلَوَاتٌ مِثْلُ شَهْوَةٍ وَشَهَوَاتٍ وَقَوْلُهُ أَيْ غَايَةَ رَمْيِهِ أَيْ فِي أَبْعَدِ مَا يَقْدِرُ وَيُقَالُ هِيَ قَدْرُ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقَوْلِي إنْ أَمِنَ مِنْ زِيَادَتِي) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِي إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّا إذَا اشْتَرَطْنَا الْأَمْنَ فِي حَالَةِ تَيَقُّنِ الْمَاءِ فَفِي حَالَةِ تَوَهُّمِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَشْتَرِطُ الْأَمْنَ عَلَيْهِ فِي حَدِّ الْغَوْثِ أَعَمُّ مِمَّا يَشْتَرِطُ الْأَمْنَ عَلَيْهِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَصَدَقَ حِينَئِذٍ أَنَّ لَفْظَ إنْ أَمِنَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَعْنَاهَا يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى مِمَّا بَعْدَهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً) أَيْ، وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَرَكَ التَّرَدُّدَ لِعَدَمِ الْأَمْنِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْوُجْدَانُ بِإِخْبَارِ فَاسِقٍ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَنَا صُورَةٌ يُقْبَلُ خَبَرُ الْفَاسِقِ وَهِيَ مَا إذَا فَقَدَ الْمُسَافِرُ الْمَاءَ فَأَخْبَرَهُ فَاسِقٌ بِأَنَّهُ لَا مَاءَ فِيهِ اعْتَمَدَهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَسَبَبُهُ أَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ هُوَ الْأَصْلُ، وَلِذَلِكَ لَوْ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَاءَ فِيهِ لَمْ يَعْتَمِدْهُ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ وَإِلَّا فَالْحُدُودُ الثَّلَاثَةُ مُشْتَرَكَةٌ فِي الْمَبْدَأِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى حَدَّ الْقُرْبِ) وَقَدَّرُوهُ بِنِصْفِ فَرْسَخٍ وَقُدِّرَ نِصْفُ الْفَرْسَخِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَدِلَةِ إحْدَى عَشْرَةَ دَرَجَةً وَرُبُعَ دَرَجَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَقَدْرُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً وَمَسَافَةُ الْقَصْرِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا فَإِذَا قُسِمَتْ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الدَّرَجِ كَانَ مَا يَخُصُّ كُلَّ فَرْسَخٍ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَنِصْفُ دَرَجَةٍ وَنِصْفُ الْفَرْسَخِ مَا ذَكَرَ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَمَنْ ضَبَطَهُ بِنِصْفِ فَرْسَخٍ أَدْخَلَ فِيهِ حَدَّ الْغَوْثِ السَّابِقَ. (قَوْلُهُ وَجَبَ طَلَبُهُ) أَيْ قَصْدُهُ وَتَحْصِيلُهُ فَالطَّلَبُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَصْدِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ عَالِمٌ وَثُمَّ بِمَعْنَى التَّفْتِيشِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ يَجُوزُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ إنْ أَمِنَ غَيْرَ اخْتِصَاصٍ) أَيْ وَكَانَ الْعِلْمُ بِغَيْرِ خَبَرِ عَدْلٍ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ أَمْنُ الِاخْتِصَاصِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَمَالٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِلْمَاءِ) أَيْ، وَلَوْ لِغَيْرِهِ وَكَالْمَالِ الْبُضْعُ، وَلَوْ لِغَيْرِهِ أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَانْقِطَاعٌ عَنْ رُفْقَةٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْحِشْ عَلَى الْأَوْجَهِ وَفَارَقَ الْجُمُعَةُ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهَا اهـ ز ي.
وَعِبَارَةُ ع ش بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرِّفْقَةِ لَا يُجَوِّزُ السَّفَرَ مَعَهُمْ بَعْدَ الْفَجْرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرُورَةٍ تَدْعُو إلَى السَّفَرِ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ يَوْمٍ بِخِلَافِهَا انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَخَافَ الِانْقِطَاعَ عَنْ رُفْقَةٍ أَيْضًا، وَلَوْ لِمُجَرَّدِ الْوَحْشَةِ وَفَارَقَتْ الْوَحْشَةُ هُنَا مَا فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا مَقْصِدٌ قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ بِالْوَحْشَةِ أَنْ يَسْتَوْحِشَ إذَا ذَهَبَ لِطَلَبِ الْمَاءِ فَلَهُ تَرْكُ الطَّلَبِ وَالتَّيَمُّمُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْوَحْشَةَ بِرَحِيلِهِمْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا م ر لَهُ أَنْ يَرْحَلَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ وَحْشَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ وَحْدَهُ، إذْ لَيْسَ لِصَلَاتِهِ مَحَلٌّ يَلْزَمُهُ وُقُوعُهَا فِيهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَخُرُوجُ وَقْتٍ) أَيْ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ بِأَنْ كَانَ فَقْدُ الْمَاءِ أَكْثَرَ مِنْ وُجُودِهِ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، فَإِنْ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ بِأَنْ كَانَ وُجُودُ الْمَاءِ أَكْثَرَ مِنْ فَقْدِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ الْأَمْنُ عَلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ اهـ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ طَلَبُهُ) أَيْ وَإِلَّا يَأْمَنْ عَلَى مَا ذُكِرَ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الْوَقْتُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ إلَخْ مُقَابِلٌ لِبَعْضِ الصُّوَرِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ إلَّا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ إنْ أَمِنَ الْمُتَعَلِّقِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ عَلِمَ مَاءً مِنْ حَيْثُ
وَلَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا الْأَمْنُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَلَا عَلَى الْمَالِ الَّذِي يَجِبُ بَذْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ لِتَيَقُّنِ وُجُودِ الْمَاءِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ (، فَإِنْ كَانَ) الْمَاءُ بِمَحِلٍّ (فَوْقَ ذَلِكَ) الْمَحِلِّ الْمُتَقَدِّمِ وَيُسَمَّى حَدَّ الْبُعْدِ (تَيَمَّمَ) وَلَا يَجِبُ قَصْدُ الْمَاءِ لِبُعْدِهِ.
(فَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) مِنْ تَعْجِيلِ
ــ
[حاشية الجمل]
شُمُولُهُ لِلْوَقْتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلًا أَيْضًا لِقَوْلِهِ إنْ أَمِنَ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي حَدِّ الْغَوْثِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهَا لِلْوَقْتِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ أَيْ مُحَصَّلٌ عِنْدَهُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ وَهُوَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِ مَنْ يُحَصِّلُهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْمَنَ عَلَى الْوَقْتِ فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْتَبَرْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا أَيْ الْأَصْحَابُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ الْأَمْنُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَيْ إنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ اُعْتُبِرَ الْأَمْنُ عَلَيْهِ أَيْضًا اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِالْمَالِ الِاخْتِصَاصَاتُ وَالْمَالُ الَّذِي يَجِبُ بَذْلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً فَلَا أَثَرَ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ هُنَا، وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ ثَمَّ فِي حَالَةِ التَّوَهُّمِ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ دَانِقًا مِنْ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَثُرَتْ وَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْكَلْبِ إلَّا إنْ حَلَّ قَتْلُهُ وَإِلَّا فَلَا طَلَبَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ سَقْيُهُ وَالتَّيَمُّمُ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَيُضَيِّعُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْخَشْيَةَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ هُنَا إنَّمَا هِيَ خَشْيَةُ أَخْذِ الْغَيْرِ لَهُ لَوْ قَصَدَ الْمَاءَ وَتَرَكَهُ لَا خَشْيَةَ ذَهَابِ رُوحِهِ بِالْعَطَشِ وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمَجْمُوعِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لِتَيَقُّنِ وُجُودِ الْمَاءِ) أَيْ وَالْعِلْمُ لَيْسَ مُسْتَنِدًا إلَى الظَّنِّ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ الْأَمْنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مَا مَرَّ مَحِلُّهُ فِي ظَنٍّ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى خَبَرِ مَا ذُكِرَ أَمَّا إذَا كَانَ بِأَخْبَارِهِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ مَا هُنَا وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَوْقَ ذَلِكَ الْمَحِلِّ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ كَقَدَمٍ مَثَلًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ لَا يُعَدُّ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ، فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إذَا عَلِمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ عُرْفًا وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِمَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ وَإِذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ طَلَبَ الْمَاءَ فَوَصَلَ إلَى غَايَةِ حَدِّ الْقُرْبِ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَوْقَهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَجَبَ طَلَبُهُ اهـ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ فَوْقَ ذَلِكَ الْمَحِلِّ أَيْ عُرْفًا وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الْحُدُودِ بِذَاتِهَا لَا بِنَفْسِ الشَّخْصِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ إلَى آخِرِ الْمَسَافَةِ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ مَاءً لَكِنْ وَجَدَ مَاءً خَارِجَ الْحَدِّ قَرِيبًا مِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ لَهُ بَلْ يَعُودُ إلَى مَحِلِّهِ وَيَتَيَمَّمُ، وَلَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَخَافَ غَرَقًا لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ الْبَحْرِ تَيَمَّمَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ سَبُعٌ مَثَلًا وَلِمُسْتَوْطِنٍ بِمَحِلٍّ لَا مَاءَ فِيهِ الْجِمَاعُ وَيَتَيَمَّمُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ النَّقْلَةُ عَنْهُ وَيَلْزَمُ الْبَدْوِيَّ النَّقْلَةُ لِفَقْدِ التُّرَابِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْمُتَيَمِّمِ أَحْوَالًا فِي حُدُودٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا الْغَوْثُ، فَإِنْ تَيَقَّنَ فَقْدَ الْمَاءِ تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ، وَإِنْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فِيهِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ وَلَا يَتَيَمَّمُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ أَيْضًا بِشَرْطِ الْأَمْنِ عَلَى مَا مَرَّ وَعَلَى الِاخْتِصَاصِ وَالْوَقْتِ ثَانِيهَا حَدُّ الْقُرْبِ، فَإِنْ عَلِمَ فَقْدَ الْمَاءِ فِيهِ تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ، وَإِنْ عَلِمَ وُجُودَهُ فِيهِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ بِشَرْطِ الْأَمْنِ أَيْضًا، وَمِنْهُ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ لَا عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَالْمَالُ الَّذِي يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ طَهَارَتِهِ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ مُطْلَقًا ثَالِثُهَا حَدُّ الْبُعْدِ وَهُوَ مَا فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الطَّلَبُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ وَمَا وَقَعَ لِلْعَلَّامَةِ ابْن قَاسِمٍ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ هُنَا الْوُثُوقُ بِحُصُولِ الْمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَادَةً لَا مَا يَنْتَفِي مَعَهُ عَدَمُ الْحُصُولِ عَقْلًا وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَعْجِيلُ تَيَمُّمٍ أَيْ فِي الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ إنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، ثُمَّ أَعَادَهَا آخِرَهُ مَعَ الْكَمَالِ فَهُوَ الْغَايَةُ فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ وَيُجَابُ عَنْ اسْتِشْكَالِ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِأَنَّ الْفَرْضَ الْأَوْلَى، وَلَمْ تَشْمَلْهَا فَضِيلَةُ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا كَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى كَانَتْ جَابِرَةً لِنَقْصِهَا لَا يُقَالُ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحِلُّهُ فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ كَلَامِهِمْ وَمَحِلُّ مَا ذَكَرَ فِي الْأُولَى إذَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي الْحَالَيْنِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ، أَمَّا لَوْ كَانَ إذَا قَدَّمَهَا صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ فِي جَمَاعَةٍ وَإِذَا أَخَّرَ لِلْوُضُوءِ انْفَرَدَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى وَجْهٍ تَحْصُلُ مَعَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَمَّا فِيهَا عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ
التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ، وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ أَبْلَغُ مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ جَزْمًا (وَإِلَّا) بِأَنْ ظَنَّهُ أَوْ ظَنَّ أَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ آخِرَ الْوَقْتِ (فَتَعْجِيلُ تَيَمُّمٍ أَفْضَلُ) لِتَحَقُّقِ فَضِيلَتِهِ دُونَ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ.
ــ
[حاشية الجمل]
رُكُوعِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ مُتَأَخِّرًا أَوْ مُنْفَرِدًا لِإِدْرَاكِهَا، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَتِهَا فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَيَقِفَ فِي الصَّفِّ الْمُتَأَخِّرِ لِتَصِحَّ جُمُعَتُهُ إجْمَاعًا وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ تَثْلِيثِ الْوُضُوءِ وَسَائِرِ آدَابِهِ فَإِذَا خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ لَوْ أَكْمَلَ الْوُضُوءَ بِآدَابِهِ فَإِدْرَاكُهَا أَوْلَى مِنْ إكْمَالِهِ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ الْمَاءُ عَنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ وَجَبَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى فَرَائِضِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَإِذَا خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا بِذَلِكَ بَلْ خَافَ فَوْتَ بَعْضٍ مِنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ لَوْ ثَلَّثَ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ مَثَلًا كَانَ تَثْلِيثُ الْوُضُوءِ أَوْلَى فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضٌ فَثَوَابُهَا يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ السُّنَنِ فَيَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ فَاتَتْ سُنَنُ الْوُضُوءِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَوْ ثَلَّثَ فَاتَتْ الْجَمَاعَةُ مَعَ إمَامٍ عَدْلٍ وَأَدْرَكَهَا مَعَ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ تَرْكَ التَّثْلِيثِ فِيهِ أَفْضَلُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
1 -
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَوْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ تَيَقَّنَ طَرَيَانَهُ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ وَهُوَ حَدُّ الْغَوْثِ وَالْقُرْبِ أَوْ تَيَقَّنَ طَرَيَانَهُ بِمَنْزِلِهِ أَيْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ نَازِلٌ بِهِ فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فِي حَدِّ الْغَوْثِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَيَمَّمَ وَلِقَوْلِهِ فَلَوْ عَلِمَ مَاءً إلَخْ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَى مَا ذُكِرَ تَيَمَّمَ أَيْ فَمَحِلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ طَرَيَان الْمَاءِ آخِرَ الْوَقْتِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ آخِرَ الْوَقْتِ الْمُرَادُ بِالْآخِرِ هُنَا مَا زَادَ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ فَيَشْمَلُ الْآخِرَ الْحَقِيقِيَّ وَالْوَسَطَ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ فَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ أَيْ بِأَنْ بَقِيَ مِنْهُ وَقْتٌ يَسَعُ الصَّلَاةَ كُلَّهَا وَطُهْرَهَا، وَلَوْ فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَحِلُّ أَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ حَيْثُ لَمْ يَقْتَرِنْ التَّقْدِيمُ بِنَحْوِ جَمَاعَةٍ وَإِلَّا كَانَ التَّقْدِيمُ أَفْضَلَ وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي تَيَقُّنِ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْقِيَامِ آخِرَهُ أَوْ ظَنِّهَا، فَإِنْ تَيَقَّنَ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ أَوْ ظَنَّ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَيْ الْمَتْنِ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِير، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَلَوْ عَلِمَ ذُو النَّوْبَةِ مِنْ مُتَزَاحِمِينَ عَلَى نَحْوِ بِئْرٍ أَوْ سُتْرَةِ عَوْرَةٍ أَوْ مَحَلِّ صَلَاةٍ أَنَّهَا لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ صَلَّى فِيهِ بِلَا إعَادَةٍ وَيَتَيَمَّمُ رَاكِبُ سَفِينَةٍ خَافَ غَرَقًا لَوْ اسْتَقَى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ سَبُعٌ مَثَلًا وَلِمُسْتَوْطِنٍ بِمَحِلٍّ لَا مَاءَ بِهِ الْجِمَاعُ وَالتَّيَمُّمُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ النَّقْلَةُ عَنْهُ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش.
قَوْلُهُ خَافَ غَرَقًا لَوْ اسْتَقَى قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ وَنَحْوُهُ كَالْتِقَامِ حُوتٍ وَسُقُوطِ مُتَمَوَّلٍ أَوْ سَرِقَتِهِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي مَسْأَلَتِنَا بَلْ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ فِي مُقِيمٍ تَيَمَّمَ لِلْخَوْفِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَلْيُنْظَرْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ سَبُعٌ فَيَتَيَمَّمُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ أَنْ يُلْغَزَ بِذَلِكَ فَيُقَالُ لَنَا رَجُلٌ سَلِيمُ الْأَعْضَاءِ غَيْرُ فَاقِدٍ لِلْمَاءِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَصُورَتُهُ لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَيْ، وَإِنْ قَصُرَ السَّفَرُ قَالَ سم وَمَحِلُّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ مِمَّا لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا فِيهِ السَّفِينَةُ، إذْ لَوْ غَلَبَ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا ذُكِرَ وَجَبَ الْقَضَاءُ اهـ بِالْمَعْنَى وَقَوْلُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا فِيهِ السَّفِينَةُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ الْغَالِبُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وُجُودُ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَاتَّفَقَ احْتِيَاجُهُ إلَى النُّزُولِ فِي السَّفِينَةِ فِي وَقْتٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ مِنْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ لِمَا سَبَقَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَحِلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ فِي غَالِبِ السَّنَةِ لَكِنْ اتَّفَقَ وُجُودُهُ مِنْ نِيلٍ مَثَلًا فِي بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ انْتَهَى لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّيَمُّمَ فِي السَّفِينَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ سَبَبُهُ الْفَقْدُ الشَّرْعِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا إعَادَةَ فِي الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) هَذَا ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَاءَ يَأْتِي إلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ وَيُمْكِنُ شُمُولُهُ لِذَلِكَ وَلِعَكْسِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) مَرْجُوحٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِمَحِلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ وَيُفِيدُهُ مَا جُمِعَ بِهِ بَيْنَ كَلَامَيْ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ الْمَارِّ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ لَهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَطْرَأُ وُجُودُهُ آخِرَ الْوَقْتِ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ لَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، إذْ لَوْ كَانَ
(وَمَنْ وَجَدَهُ غَيْرَ كَافٍ) لَهُ (وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ) فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (ثُمَّ تَيَمَّمَ) عَنْ الْبَاقِي فَلَا يُقَدِّمُهُ لِئَلَّا يَتَيَمَّمَ وَمَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ وَلَا يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ بِثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ لَا يَذُوبُ، وَقِيلَ يَجِبُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ.
(وَيَجِبُ فِي الْوَقْتِ شِرَاؤُهُ) أَيْ الْمَاءِ لِطُهْرِهِ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) مَكَانًا وَزَمَانًا فَلَا يَجِبُ شِرَاؤُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْت نَعَمْ إنْ بِيعَ مِنْهُ لِأَجَلٍ بِزِيَادَةٍ لَائِقَةٍ بِذَلِكَ الْأَجَلِ وَكَانَ مُمْتَدًّا إلَى وُصُولِهِ مَحِلًّا يَكُونُ غَنِيًّا فِيهِ وَجَبَ الشِّرَاءُ (إلَّا أَنْ يَحْتَاجَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (لِدَيْنِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
مَوْجُودًا بِهِ بِالْفِعْلِ لَجَاءَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَمَا دُونَهُ وَجَبَ طَلَبُهُ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَمَنْ وَجَدَهُ غَيْرَ كَافٍ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ) ، وَلَوْ وَجَدَ مُحْدِثٌ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ مَاءٌ لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ لِلْخَبَثِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِإِزَالَتِهِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ تَنَجُّسَ الثَّوْبِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ نَزْعُهُ كَتَنَجُّسِ الْبَدَنِ فِيمَا ذُكِرَ فَيَغْسِلُهُ وَيَتَيَمَّمُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ نَزْعُهُ أَيْ كَانَ خَافَ الْهَلَاكَ لَوْ نَزَعَهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ تَوَضَّأَ وَنَزَعَ الثَّوْبَ وَصَلَّى عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فَقْدَ السُّتْرَةِ مِمَّا يَكْثُرُ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ) أَيْ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ جُنُبًا وَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ إنْ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ شِرَاءُ بَعْضِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَقَبَةً وَبَعْضُ الْمَاءِ مَاءٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ إلَخْ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ إنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَغْسِلُ بِهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الثَّلْجِ وَإِلَّا بِأَنْ لِمَ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش وَصُورَةُ الشَّارِحِ أَنَّهُ وَجَدَ الثَّلْجَ فَقَطْ أَمَّا إذَا وَجَدَ مَاءً يَكْفِيهِ لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَوَجَدَ ثَلْجًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ حِينَئِذٍ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ، وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ فَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، ثُمَّ يَمْسَحُ الرَّأْسَ بِالثَّلْجِ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ الرِّجْلَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ شِرَاؤُهُ) أَيْ الْمَاءِ وَمِثْلُهُ التُّرَابُ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ هُمَا مَعًا، وَلَوْ بِمَحِلٍّ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَشِرَاءُ آلَتِهِ كَدَلْوٍ وَرِشَاءٍ كَذَلِكَ وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمَدُّ حَبْلٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْمَاءِ وَالْجَمْعُ أَرْشِيَةٌ مِثْلُ كِسَا وَأَكْسِيَةٍ وَالرِّشَاءُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَلَدُ الظَّبْيَةِ إذَا تَحَرَّكَ وَمَشَى وَبَعْدَهُ رِيمٌ وَبَعْدَهُ ظَبْيٌ وَبِضَمِّهَا جَمْعُ رِشْوَةٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الشِّرَاءَ فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ بَيْعِ عَبْدِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِلْكَفَّارَةِ أَوْ وَفَاءَ دَيْنٍ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ مَحْدُودٌ وَالدُّيُونُ مُتَعَلِّقُهَا الذِّمَمُ، وَقَدْ رَضِيَ بِهَا رَبُّهَا كَذَلِكَ فَلَا حَجْرَ فِي الْأَعْيَانِ، وَهَلْ يَجِبُ شِرَاؤُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ إذَا لَمْ يَسَعْ الْوَقْتُ الشِّرَاءَ مَعَ الصَّلَاةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ فِي الطَّلَبِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ، وَقَالَ شَيْخُنَا يُسَنُّ. وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، ثُمَّ دَخَلَ الْوَقْتُ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْفَسْخَ فِي الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ إنْ كَانَ هُنَاكَ خِيَارٌ وَإِلَّا فَلَا وَتَحْرُمُ هِبَتُهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَكِنْ لَوْ أَتْلَفَهُ وَتَيَمَّمَ صَلَّى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَعَهُ إلَّا ثَمَنَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ قَدَّمَ السُّتْرَةَ لِدَوَامِ نَفْعِهَا مَعَ عَدَمِ الْبَدَلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهُ شِرَاءُ سَاتِرِ عَوْرَةٍ قِنِّهِ لَا مَاءِ طَهَارَتِهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ، ثُمَّ دَخَلَ الْوَقْتُ وَهُوَ عِنْدَهُ لَزِمَ الْأَصْلَ الرُّجُوعُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ صَاعَانِ مِنْ مَاءٍ وَأَحَدُهُمَا يَكْفِيهِ وَبَاعَهُمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَهَلْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِيهِمَا أَوْ فِي صَاعٍ وَاحِدٍ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِهِمَا وَيُحْتَمَلُ فَسْخُ أَحَدِهِمَا حَرِّرْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ ثَمَنُ مِثْلِ الْمَاءِ الَّذِي يَكْفِي لِوَاجِبِ الطَّهَارَةِ أَمَّا الزَّائِدُ لِلسُّنَنِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُهُ اهـ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ مَكَانًا وَزَمَانًا) أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ حَالَةُ الِاضْطِرَارِ فَقَدْ تُسَاوِي الشَّرْبَةُ فِيهَا دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ شِرَاؤُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ بَلْ يُسَنُّ نَعَمْ يَجِبُ شِرَاءُ الْآلَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَدْرِ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ.
(فَرْعٌ) يَجِبُ قَطْعُ ثَوْبِهِ لِيَجْعَلَهُ رِشَاءً إنْ لَمْ يَزِدْ نَقْضُهُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ أَوْ أُجْرَتِهِ. وَقَوْلُهُ، وَإِنْ قُلْت شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَدْرًا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ بَيْعِهِ فَاشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِزِيَادَةِ قَدْرٍ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَحِيحٌ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوُضُوءَ هُنَا لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ بِيعَ مِنْهُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ ثَمَنُ مِثْلٍ، إذْ الزَّائِدُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ وَلِهَذَا لَمْ يُورِدْهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فَلِلَّهِ دَرُّهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَوْ زِيدَ فِي ثَمَنِهِ بِسَبَبِ التَّأْجِيلِ زِيَادَةً لَائِقَةً بِالْأَجَلِ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا عَنْ كَوْنِهِ ثَمَنَ مِثْلِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَهُ لِدَيْنِهِ) أَيْ، وَلَوْ مُؤَجَّلًا نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُلُولُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى وَطَنِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ فِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ شِرَاؤُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّسِيئَةِ السَّابِقَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ كَعَيْنٍ أَعَارَهَا فَرَهَنَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِإِذْنِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كَعَيْنٍ أَعَارَهَا إلَخْ لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمُسْتَعِيرِ تَعَذَّرَ وَأَرَادَ الْمُعِيرُ
أَوْ مُؤْنَةِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَمَمْلُوكِهِ وَرَفِيقِهِ حَضَرًا وَسَفَرًا ذَهَابًا وَإِيَابًا فَيَصْرِفُ الثَّمَنَ إلَى ذَلِكَ وَيَتَيَمَّمُ وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَلَا حَاجَةَ لِوَصْفِ الدَّيْنِ بِالْمُسْتَغْرِقِ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ.
(وَ) يَجِبُ فِي الْوَقْتِ (اقْتِرَاضُ الْمَاءِ وَاتِّهَابُهُ وَاسْتِعَارَةُ آلَتِهِ) إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهَا، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ الْمَالِكُ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ طَلَبِ الْمَاءِ وَخَرَجَ بِالْمَاءِ ثَمَنُهُ فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ لِثِقَلِ الْمِنَّةِ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالِاقْتِرَاضِ وَتَالِيَيْهِ
ــ
[حاشية الجمل]
فَكَّ عَيْنِهِ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّ إعَارَةَ الْعَيْنِ لِرَهْنِهَا ضَمَانٌ لِلدَّيْنِ فِيهَا وَلَا يَصِحُّ تَصْوِيرُهُ بِاحْتِيَاجِهِ لِبَيْعِ تِلْكَ الْعَيْنِ لِلْمَاءِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ.
قَوْلُهُ لِدَيْنِهِ أَيْ الْمُتَعَلِّقِ بِذِمَّتِهِ أَوْ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ كَأَنْ أَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ آخَرُ بِدَيْنِهِ فَرَهَنَهُ بِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَوْ مُؤْنَةُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَمْ غَيْرَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ احْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ حَالًا أَوْ مَآلًا وَلَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ رَقِيقِهِ وَرُفْقَتِهِ وَزَوْجَتِهِ سَوَاءٌ فِيهِ الْكُفَّارُ وَالْمُسْلِمُونَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا أَيْضًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ مُؤْنَةُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ أَوْسَعُ هُنَا وَلِوُجُودِ الْبَدَلِ أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ حَضَرًا وَسَفَرًا) وَلَا بُدَّ أَنْ يَفْضُلَ فِي الْحَاضِرِ عَنْ مُؤْنَةِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ اهـ ح ل وَلَا بُدَّ فِي الْمُسَافِرِ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ مُؤْنَةِ مَمُونِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا اهـ شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ سَفَرُهُ الَّذِي يُرِيدُهُ، وَلَوْ مَآلًا وَسَفَرُ غَيْرِهِ إذَا لَزِمَهُ كَسَفَرِهِ، وَمِنْهُ أَجْنَبِيٌّ خِيفَ انْقِطَاعُهُ عَنْ رُفْقَتِهِ وَنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ عِنْدَ خَوْفِ ضَرَرِهِ كَذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ نَصُّهَا وَالْعِبْرَةُ بِالْمُؤْنَةِ مُؤْنَةِ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ لَا مُؤْنَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَالْفِطْرَةِ وَلَا الْعُمُرِ الْغَالِبِ كَالزَّكَاةِ هَذَا فِي الْمُسَافِرِ أَمَّا الْمُقِيمُ فَيَتَّجِهُ اعْتِبَارُ مَا فِي الْفِطْرَةِ اهـ حَاشِيَةُ الْإِيضَاحِ لِابْنِ حَجَرٍ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) أَيْ وَكَكَلْبٍ عَقُورٍ. وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقُورِ فَمُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي مَوْضِعِ جَوَازِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَحْتَاجُهُ لِلْعَطَشِ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثَمَنِهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا وَقَدَرَ عَلَى شَدِّهِ فِي الدَّلْوِ أَوْ عَلَى إدْلَائِهِ فِي الْبِئْرِ وَعَصْرِهِ أَوْ عَلَى شَقِّهِ وَإِيصَالِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لِيَصِلَ وَجَبَ إنْ لَمْ يَزِدْ نُقْصَانُهُ عَلَى أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَأُجْرَةِ مِثْلِ الْحَبْلِ، وَلَوْ وَجَدَ ثَمَنَ الْمَاءِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى سُتْرَةٍ لِلصَّلَاةِ قَدَّمَهَا لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهَا، وَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ مَحِلَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِحَفْرٍ يَسِيرٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَهَلْ تُذْبَحُ شَاةُ الْغَيْرِ الَّتِي لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا لِكَلْبِهِ الْمُحْتَرَمِ الْمُحْتَاجِ إلَى طَعَامٍ وَجْهَانِ فِي الْمَجْمُوعِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَالْمَاءِ فَيَلْزَمُ مَالِكَهَا بَذْلُهَا لَهُ وَعَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَثَانِيهمَا لَا لِكَوْنِ الشَّاةِ ذَاتَ حُرْمَةٍ أَيْضًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَزَانٍ مُحْصَنٌ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ صَاحِبِ الْمَاءِ أَمَّا لَوْ كَانَ هُوَ صَاحِبَ الْمَاءِ فَيَتَيَمَّمُ وَيَشْرَبُ الْمَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ عَلَى نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ إلَخْ) مُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا فَضَلَ عَنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي احْتَرَزَ عَنْهَا الْأَصْلُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُسْتَغْرَقِ وَالشَّارِحُ يَقُولُ التَّعْبِيرُ بِالِاحْتِيَاجِ يُخْرِجُهَا، فَإِنَّ مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِيهِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ خَارِجَةٌ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَهُ فَيَلْزَمُ مِنْ الِاحْتِيَاجِ الِاسْتِغْرَاقُ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر مُسْتَغْرَقٌ هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ أَتَى بِهِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ فِي كَلَامِهِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ، إذْ مِنْ لَازِمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِأَجْلِهِ اسْتِغْرَاقُهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ) أَيْ لِشُمُولِهِ الْأَثَاثَ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَأُجْرَةَ التَّدَاوِي وَنَحْوَ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ الْمُؤْنَةُ فِي اللُّغَةِ الْقِيَامُ بِالْكِفَايَةِ قُوتًا أَوْ غَيْرَهُ وَالْإِنْفَاقُ بَذْلُ الْقُوتِ وَالْقُوتُ نَفْسُهُ هُوَ النَّفَقَةُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ اهـ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّفَقَةَ دُونَ الْمُؤْنَةِ أَيْ أَخَصُّ مِنْهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ فِي الْوَقْتِ اقْتِرَاضُ الْمَاءِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ إعْدَامَ الْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَمَا هُنَا أَوْلَى وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ وُجُوبِ طَلَبِ الْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ إذَا اتَّسَعَتْ الْقَافِلَةُ كَمَا لَا يَخْفَى خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ وَاقْتِرَاضُ الْمَاءِ إلَخْ) أَظْهَرُ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَضْمَرَ لِرُبَّمَا تُوُهِّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلثَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ اقْتِرَاضُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَاسْتِعَارَةُ آلَتِهِ) أَيْ، وَإِنْ جَاوَزَتْ قِيمَتُهَا أَضْعَافَ ثَمَنِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَلَا يَلْزَمُ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ بَذْلُهُ لِمُحْتَاجِ طَهَارَةٍ بِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ قَبُولُهُمَا مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ، وَلَوْ كَانَ قَابِلُ الْقَرْضِ مُوسِرًا بِمَالٍ غَائِبٍ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالِاقْتِرَاضِ وَتَالِيَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ مَاءٌ أَوْ
مَا يَعُمُّ الْقَبُولَ وَالسُّؤَالَ فَتَعْبِيرِي بِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقَبُولِ وَقَوْلِي فِي الْوَقْتِ مَعَ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِآلَتِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالدَّلْوِ (وَلَوْ نَسِيَهُ) أَيْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْمَاءِ وَالثَّمَنِ وَالْآلَةِ. (أَوْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ فَتَيَمَّمَ) وَصَلَّى، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ أَوْ وَجَدَهُ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ لِوُجُودِ الْمَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مَعَهُ وَنِسْبَتُهُ فِي إهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى تَقْصِيرٍ وَخَرَجَ بِإِضْلَالِ ذَلِكَ فِي رَحْلِهِ مَا لَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، ثُمَّ وَجَدَهُ وَفِيهِ الْمَاءُ أَوْ الثَّمَنُ أَوْ الْآلَةُ فَلَا يُعِيدُ إنْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ، إذْ لَا مَاءَ مَعَهُ حَالَ التَّيَمُّمِ وَفَارَقَ إضْلَالُهُ فِي رَحْلِهِ بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَقْرَضَهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ أُعِيرَ دَلْوًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ آلَاتِ الِاسْتِقَاءِ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِيهِ غَالِبَةٌ فَلَا تَعْظُمُ فِيهِ الْمِنَّةُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ وَتَيَمَّمَ بَعْدَ فَقْدِهِ أَوْ امْتِنَاعِ مَالِكِهِ عَنْ هِبَتِهِ أَثِمَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ مَا يَعُمُّ الْقَبُولَ وَالسُّؤَالَ) ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ أَوْ السُّؤَالِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ مَا دَامَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَحَاصِلُ الْخِلَافِ فِي الْمَاءِ وَالثَّمَنِ وَالْآلَةِ أَنَّ الْمَاءَ يَجِبُ فِيهِ الْجَمِيعُ مِنْ الشِّرَاءِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالسُّؤَالِ وَالْآلَةُ يَجِبُ فِيهَا ثَلَاثَةٌ الْإِجَارَةُ وَالشِّرَاءُ وَالْعَارِيَّةُ وَالثَّمَنُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ إلَخْ) لَوْ ذَكَرَ هَذَا آخِرَ الْبَابِ عِنْدَ ذِكْرِ مَا يُقْضَى مِنْ الصَّلَاةِ وَمَا لَا يُقْضَى كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ هُنَا فِي السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ. وَأَمَّا الْقَضَاءُ وَعَدَمُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ اهـ زِيَادِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَتَمَ السَّبَبَ الْأَوَّلَ بِهَاتَيْنِ مَعَ أَنَّهُمَا بِآخِرِ الْبَابِ الْمَبْحُوثِ فِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ أَنْسَبُ كَمَا يَظْهَرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ تَذْيِيلًا لِهَذَا الْمَبْحَثِ لِمُنَاسَبَتِهِمَا لَهُ وَلِإِفَادَتِهِمَا مَسَائِلَ حَسَنَةٍ فِي الطَّلَبِ وَهِيَ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ وُجُودِ التَّقْصِيرِ وَأَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ عُذْرًا مُقْتَضِيًا لِسُقُوطِهِ وَأَنَّ الْإِضْلَالَ يُغْتَفَرُ تَارَةً وَلَا يُغْتَفَرُ أُخْرَى فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الشُّرَّاحِ عَلَيْهِ فِي ذِكْرِ هَاتَيْنِ وَوَضَح أَنَّهُمَا هُنَا أَنْسَبُ انْتَهَتْ، ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَهُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنْظِيفِ ثَوْبٍ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا، وَكَذَا لِغَيْرِ غَرَضٍ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ وَيُقَاسُ بِهِ مَا لَوْ أَحْدَثَ فِي الْوَقْتِ عَبَثًا وَلَا مَاءَ ثَمَّ، وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَوْ وَهَبَهُ فِيهِ بِلَا حَاجَةٍ لَهُ وَلَا لِلْمُشْتَرَى أَوْ الْمُتَّهِبِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ لِلْعَجْزِ عَنْهُ شَرْعًا لِتَعَيُّنِهِ لِلطُّهْرِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّةِ هِبَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ أَوْ دُيُونٌ فَوَهَبَ مَا يَمْلِكُهُ بِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ رَضِيَ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ فَلَا حَجْزَ لَهُ فِي الْعَيْنِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً مِنْ تَعَلُّقِ غُرَمَائِهِ بِعَيْنِ مَالِهِ وَيَلْزَمُهُ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ تَمَكُّنِهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِرْدَادِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَقَضَى تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي وَقَعَ تَفْوِيتُ الْمَاءِ فِي وَقْتِهَا لِتَقْصِيرِهِ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَلَوْ تَلِفَ الْمَاءُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُتَّهِبِ، ثُمَّ تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمَاءَ لَا الْمُتَّهَبُ، إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ.
وَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَاءِ الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْوَقْتِ بِبَيْعٍ جَائِزٍ وَهِبَةٍ لِفَرْعٍ لَزِمَ الْأَصْلَ الرُّجُوعُ فِيهِ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ لَهُ لِطَهَارَتِهِ وَلَزِمَ الْبَائِعَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ خِيَارٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ (قَوْلُهُ أَوْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ) أَيْ تَسَبَّبَ فِي ضَيَاعِهِ فِيهِ وَفِي الْمُخْتَارِ وَأَضَلَّهُ أَضَاعَهُ وَأَهْلَكَهُ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ تَقُولُ أَضْلَلْت بَعِيرِي إذَا ذَهَبَ مِنْك وَضَلَلْت الْمَسْجِدَ وَالدَّارَ إذَا لَمْ تَعْرِفْ مَوْضِعَهُمَا، وَكَذَا لِكُلِّ شَيْءٍ مُقِيمٍ لَا يُهْتَدَى لَهُ اهـ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ مَا لَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ يُقْرَأُ فِيهِ رَحْلُهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ ضَلَّ الرَّجُلُ الطَّرِيقَ وَضَلَّ عَنْهُ يَضِلُّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ضَلَالًا وَضَلَالَةً زَلَّ عَنْهُ فَلَمْ يَهْتَدِ إلَيْهِ وَأَضْلَلْته بِالْأَلِفِ فَقَدْته قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَأَضْلَلْت الشَّيْءَ بِالْأَلِفِ إذَا ضَاعَ مِنْك فَلَمْ تَعْرِفْ مَوْضِعَهُ كَالدَّابَّةِ وَالنَّاقَةِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا، فَإِنْ أَخْطَأْت مَوْضِعَ الشَّيْءِ الثَّابِتِ كَالدَّارِ قُلْت ضَلَلْته وَضَلِلْته وَلَا تَقُلْ أَضْلَلْته اهـ. (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْمَاءِ حَقِيقَةً) أَيْ فِيمَا لَوْ وَجَدَهُ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الَّذِي وَجَدَهُ الثَّمَنَ أَوْ الْآلَةَ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَنَسَبْته فِي إهْمَالِهِ إلَخْ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ أَدْرَجَ لَهُ مَاءً فِي رَحْلِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ أَوْ وَرِثَهُ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إذَا تَيَمَّمَ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا مَعَهُ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ إلَى التَّقْصِيرِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ) أَيْ خِيَامَهُمْ وَفِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الرِّحَالُ خِيَامًا أَوْ لَا اهـ شَيْخُنَا وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ لَا مَخِيمٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ اتَّسَعَ جِدًّا كَمُخَيَّمِ أَمِيرِ الْحَاجِّ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ اهـ ع ش وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الِاتِّسَاعِ وَعَدَمِهِ الِاتِّسَاعُ بِالْفِعْلِ لَا الشَّأْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر اهـ شَيْخُنَا ح ف لَكِنَّ مُخَيَّمَ بِمَعْنَى الْخِيَامِ لَمْ نَجِدْهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَلَا فِي الْمُخْتَارِ وَلَا فِي الْقَامُوسِ وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ الْخَيْمَةُ أَكَمَةٌ فَوْقَ أَبَانِينَ وَكُلُّ بَيْتٍ مُسْتَدِيرٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ يُلْقَى عَلَيْهَا الثُّمَامُ وَيُسْتَظَلُّ بِهَا فِي الْحَرِّ أَوْ كُلُّ بَيْتٍ يُبْنَى مِنْ
(وَ) ثَانِي الْأَسْبَابِ (حَاجَتُهُ) إلَيْهِ (لِعَطَشِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ، وَلَوْ) كَانَتْ حَاجَتُهُ إلَيْهِ لِذَلِكَ (مَآلًا) أَيْ فِيهِ أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ صَوْنًا لِلرُّوحِ أَوْ غَيْرِهَا عَنْ التَّلَفِ فَيَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الطُّهْرَ بِهِ، ثُمَّ جَمَعَهُ وَشَرِبَهُ لِغَيْرِ دَابَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ عَادَةً وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمَا مَرَّ.
ــ
[حاشية الجمل]
عِيدَانِ الشَّجَرِ وَالْجَمْعُ خَيْمَاتٌ وَخِيَامٌ وَخِيمٌ وَخَيْمٌ بِالْفَتْحِ وَكَعِنَبٍ وَتَخَيَّمَ بِالْمَكَانِ ضَرَبَ خَيْمَتَهُ بِهِ وَالْمُخَيَّمُ كَمُكَتَّلِ أَنْ تَجْمَعَ جُزُرَ الْحَصِيدِ وَوَادٍ أَوْ جَبَلٍ وَالْمُخَيَّمُ وَالْمُخَيَّمَاتُ نَخْلٌ لِبَنِي سَلُولَ بِبَطْنِ بِيشَةَ وَخَيَّمَ وَذُو خِيَمٍ وَذَاتُ خِيَمٍ مَوَاضِعُ وَالْخِيمَاءُ بِالْكَسْرِ مَاءٌ لِبَنِي أَسَدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَحَاجَتُهُ إلَيْهِ) أَيْ الْمَاءِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْمَاءِ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ لَا يُنَاسِبُ مَا بَعْدَهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّكْرَارِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ مُحْتَرَمٌ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ صَاحِبُ الْمَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِعَطَشٍ أَوْ مَرَضٍ عَاصٍ بِسَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ حَتَّى يَتُوبَ، فَإِنْ شَرِبَ الْمَاءَ، ثُمَّ تَيَمَّمَ لَمْ يُعِدْ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ لِغَيْرِ الْعَطَشِ مَآلًا كَبَلِّ كَعْكٍ وَفَتِيتٍ وَطَبْخِ لَحْمٍ بِخِلَافِ حَاجَتِهِ لِذَلِكَ حَالًا فَلَهُ التَّيَمُّمُ مِنْ أَجْلِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا غِنَى عَنْ دَفْعِ الْعَطَشِ بِوَجْهٍ مَا. وَأَمَّا بَلُّ نَحْوِ الْكَعْكِ فَيُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ فَاعْتَبَرْنَاهُ حَالًا لَا مَآلًا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ كَالْعَطَشِ وَكَلَامُ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ مَعَ حُضُورِهِ عَلَى الْحَاجَةِ الْمَالِيَّةِ اهـ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ كَبَلِّ كَعْكٍ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ اسْتِعْمَالُهُ وَأَخَذَ سم عَلَيْهِ بِمُقْتَضَاهُ فَقَالَ لَوْ عَسِرَ اسْتِعْمَالُهُ بِدُونِ الْبَلِّ كَانَ كَالْعَطَشِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِعَطَشِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَهُوَ مَا حَرُمَ قَتْلُهُ، وَمِنْهُ الْكَلْبُ غَيْرُ الْعَقُورِ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا مَنْفَعَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَلْ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ فَخَرَجَ نَحْوُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْمَاءِ إلَيْهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِهِ، وَإِنْ أَفْضَى إلَى تَلَفِهَا وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ مَعَهُ الْمَاءُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ شُرْبُهُ وَتَيَمَّمَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهُ قَتْلُ نَفْسِهِ اهـ سم وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ يُقَدِّمُ شُرْبَ نَفْسِهِ عَلَى تَيَمُّمِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ عَلَى نَفْسِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ فِيهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَآلًا مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ الْمُسْتَقْبَلِ إلَى أَنَّ مَآلًا بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ صَوْنًا لِلرُّوحِ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الِاحْتِيَاجِ سَبَبًا لِلْعَجْزِ اهـ ع ش وَقَوْله أَوْ غَيْرِهَا كَسُقُوطِ طَرَفٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَخَوْفِ مَحْذُورٍ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ إلَخْ فَسَقَطَ مَا لِلْحَلَبِيِّ هُنَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَيَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ) وَيَحْرُمُ تَطَهُّرُهُ بِهِ، وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ ظَنَّ وُجُودَ مُحْتَرَمٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْقَافِلَة، وَإِنْ كَبُرَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ وَكَثِيرٌ يَجْهَلُونَ فَيُتَوَهَّمُونَ أَنَّ التَّطْهِيرَ بِالْمَاءِ قُرْبَةٌ حِينَئِذٍ وَهُوَ خَطَأٌ قَبِيحٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَشُرْبُهُ لِغَيْرِ دَابَّةٍ) أَمَّا لَهَا فَيُكَلَّفُ الطُّهْرُ بِهِ، ثُمَّ جَمْعُهُ لِسَقْيِهَا اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُ الدَّابَّةِ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ اهـ حَجّ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمُحْتَاجُ لِلْمَاءِ غَيْرَ حَاضِرٍ فَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ مَعَهُ الْمَاءُ اسْتِعْمَالُهُ وَجَمْعُهُ وَدَفْعُهُ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ فِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الثَّانِي، وَلَوْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمَا مَرَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ فَلَا يَكُونُ عَطَشُهُ مُجَوِّزًا لِبَذْلِ الْمَاءِ لَهُ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ الِاحْتِرَامُ فِي مَالِكِ الْمَاءِ أَيْضًا أَوْ لَا فَيَكُونُ أَحَقَّ بِمَائِهِ، وَإِنْ كَانَ مُهْدَرًا لِزِنَاهُ مَعَ إحْصَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّا مَعَ ذَلِكَ لَا نَأْمُرُهُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهَا وَيُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي الْعَاصِي بِسَفَرِهِ بِقُدْرَةِ ذَاكَ عَلَى التَّوْبَةِ وَهِيَ تُجَوِّزُ تَرَخُّصَهُ وَتَوْبَةُ هَذَا لَا تَمْنَعُ إهْدَارَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ إهْدَارُهُ يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ كَتَرْكِهِ الصَّلَاةَ بِشَرْطِهِ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ كَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَائِهِ إلَّا إنْ تَابَ إلَّا أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ اسْتَشْكَلَ اسْتَشْكَلَ عَدَمَ حِلِّ بَذْلِ الْمَاءِ لِغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ بِأَنَّ عَدَمَ احْتِرَامِهِ لَا يُجَوِّزُ عَدَمَ سَقْيِهِ، وَإِنْ قَتَلَ شَرْعًا؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ بِأَنْ يُسْلَكَ أَسْهَلُ طُرُقِ الْقَتْلِ وَلَيْسَ الْعَطَشُ وَالْجُوعُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أَنَّمَا يَجِبُ أَنْ لَوْ مَنَعْنَاهُ الْمَاءَ مَعَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلطُّهْرِ أَمَّا مَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَلَا مَحْذُورَ فِي مَنْعِهِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فِي الْجَوَابِ (فَرْعٌ)
ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ نَحْوِ ثَمَنِ الْمَاءِ فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ حَيَوَانِهِ الْمُحْتَرَمِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ الْحَيَوَانِ أَوْ لَا، وَقَدْ قَيَّدُوا الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِالْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَانِعَ هُنَا خَوْفُ هَلَاكِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ اتَّحَدَ الْحَيَوَانُ أَوْ تَعَدَّدَ وَالْكَلَامُ ثَمَّ فِيمَا لَوْ احْتَاجَ لِبَيْعِ الْخَادِمِ وَالْمَسْكَنِ لِطَهَارَتِهِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُ سم أَنَّهُ لَوْ كَانَ
وَالْعَطَشُ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ مُعْتَبَرٌ بِالْخَوْفِ الْمُعْتَبَرِ فِي السَّبَبِ الْآتِي وَلِلْعَطْشَانِ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا بِبَذْلِهِ أَنْ يَبْذُلَهُ.
(وَ) ثَالِثُهَا (خَوْفُ مَحْذُورٍ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَاءِ مُطْلَقًا أَوْ الْمَعْجُوزُ عَنْ تَسْخِينِهِ (كَمَرَضٍ وَبُطْءِ بَرْءٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا (وَزِيَادَةُ أَلَمٍ وَشَيْنٌ فَاحِشٌ
ــ
[حاشية الجمل]
مَعَهُ حَيَوَانَاتٌ زَائِدَةٌ عَلَى حَاجَتِهِ وَأَمْكَنَ بَيِّعُهَا لِمَنْ يَسْقِيهَا لَا يُكَلَّفُ بَيْعُهَا بَلْ يَسْقِيهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى طَهَارَتِهِ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ فَيَأْتِي الْإِشْكَالُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنْ فُرِضَ ذَلِكَ كُلِّفَ بَيْعَهُ وَيَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ فِي الطَّهَارَةِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَاءِ فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَهَذَا مِنْهُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ مُعْتَبَرٌ بِالْخَوْفِ إلَخْ) أَيْ مُعْتَبَرٌ فِيهِ الْخَوْفُ أَيْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْخَوْفُ الْمُعْتَبَرُ فِي السَّبَبِ الْآتِي أَيْ ضَابِطُ الْعَطَشِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ أَنْ يَخَافَ مِنْهُ مَحْذُورًا كَمَرَضٍ وَبُطْءِ بُرْءٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي اهـ شَيْخُنَا، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَشْرَبُهُ إلَّا بَعْدَ إخْبَارِ طَبِيبٍ عَدْلٍ بِأَنَّ عَدَمَ الشُّرْبِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَيُعْتَبَرُ فِي الْحَاجَةِ لِلْعَطَشِ مَا يَأْتِي فِي خَوْفِ الْمَرَضِ مِنْ قَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَمُقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِهِ، وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً خُصُوصًا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ طَبِيبٍ وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى وَمَحَاسِنُ الشَّرِيعَةِ تَأْبَى ذَلِكَ صِيَانَةً لِلرُّوحِ فَهُوَ كَالِاضْطِرَارِ (فَرْعٌ)
يُقَدَّمُ فِي الْحَاجَةِ إلَى الْمَاءِ الْعَطْشَانُ، ثُمَّ الْمَيِّتُ، ثُمَّ أَسْبَقُ الْمَيِّتِينَ، ثُمَّ الْمُتَنَجِّسُ، ثُمَّ الْحَائِضُ، ثُمَّ النُّفَسَاءُ، ثُمَّ الْجُنُبُ، ثُمَّ الْمُحْدِثُ نَعَمْ إنْ كَفَى الْمُحْدِثَ دُونَ الْجُنُبِ قُدِّمَ وَإِذَا اسْتَوَى اثْنَانِ قُدِّمَ بِالرَّحِمِ، ثُمَّ بِالْأَفْضَلِيَّةِ، ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ نَعَمْ إنْ كَفَى أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ عَلَى نَظِيرِ مَا قَبْلَهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَلِلْعَطْشَانِ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ) أَيْ الْغَيْرِ الْعَطْشَانِ وَلَهُ مُقَاتَلَتُهُ وَيُهْدَرُ الْمَالِكُ اهـ ح ل. وَمِثْلُ عَطَشِ الْمَالِكِ عَطَشُ آدَمِيٍّ مَعَهُ مُحْتَرَمٍ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فِي الْأَمْدَادِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْذُلْهُ لَهُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَذَلَ كَنَصَرَ لَا مِنْ أَبْذَلَ، فَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى هَلَاكِهِ كَانَ هَدَرًا؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِمَنْعِهِ أَوْ إلَى إهْلَاكِ الظَّامِي كَانَ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ، وَلَوْ احْتَاجَ مَالِكُ مَاءٍ إلَيْهِ مَآلًا وَثَمَّ مَنْ يَحْتَاجُهُ حَالًا لَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِ وَمَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ حَاجَةَ غَيْرِهِ لَهُ مَآلًا لَزِمَهُ التَّزَوُّدُ لَهُ إنْ قَدَرَ وَإِذَا تَزَوَّدَ لِلْمَآلِ، ثُمَّ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَإِنْ سَارُوا عَلَى الْعَادَةِ، وَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَالْقَضَاءُ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ لَمَّا كَانَتْ تَكْفِيهِ تِلْكَ الْفَضْلَةُ بِاعْتِبَارِ عَادَتِهِ الْغَالِبَةِ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ يَجِبُ قَضَاءُ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا لَا لِمَا تَكْفِيهِ تِلْكَ الْفَضْلَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَوَجْهُهُ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا فُعِلَتْ وَمَعَهُمْ مَاءٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْعَلَّامَةُ سم اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَكَذَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَخَوْفُ مَحْذُورٍ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ) شَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِالْخَوْفِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ كَأَنْ قَالَ لَهُ الْعَدْلُ قَدْ يُخْشَى مِنْهُ التَّلَفُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ يُقَالُ حَذِرَ الشَّيْءَ إذَا خَافَهُ فَالشَّيْءُ مَحْذُورٌ أَيْ مَخُوفٌ وَحَذَّرْته الشَّيْءَ بِالتَّثْقِيلِ فِي التَّعَدِّيَةِ أَيْ خَوَّفْته اهـ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ قَدَرَ عَلَى تَسْخِينِهِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَعْجُوزُ عَنْ تَسْخِينِهِ، فَإِنْ وَجَدَ مَا يُسَخِّنُهُ بِهِ وَجَبَ تَسْخِينُهُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَكَذَا يَجِبُ تَحْصِيلُ مَا يُسَخِّنُهُ بِهِ إنْ عَلِمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ اهـ سم وَخَرَجَ بِالتَّسْخِينِ التَّبْرِيدُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ انْتِظَارُهُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّبْرِيدَ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ التَّسْخِينِ اهـ ع ش قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَهُوَ الَّذِي تَلَقَّيْنَاهُ خِلَافًا لَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَيَجْرِي هُنَا فِيمَا يُسَخَّنُ بِهِ مَا مَرَّ فِي طَلَبِ الْمَاءِ مِنْ الْحُدُودِ السَّابِقَةِ وَأَحْوَالِهَا. (قَوْلُهُ وَبُطْءُ بُرْءٍ) أَيْ طُولُ مُدَّتِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ قَدْرُ وَقْتِ صَلَاةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَقَلُّهُ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَقَلُّهُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا) أَيْ فِيهِمَا فَهِيَ أَرْبَعُ لُغَاتٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَقُولُ بَرِئَ بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ بَرْءًا بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَمَفْتُوحُ الْبَاءِ أَفْصَحُ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِلْمَفْتُوحِ أَيْضًا. وَأَمَّا الْمَضْمُومُ فَهُوَ مَصْدَرٌ لِلْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ بَرَأَ مِنْ الْمَرَضِ يَبْرَأُ مِنْ بَابَيْ نَفَعَ وَتَعِبَ وَبَرُأَ بَرْءًا مِنْ بَابِ قَرُبَ لُغَةٌ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا بَطُؤَ بُطْأً مِنْ بَابِ قَرُبَ اهـ وَمِثْلُهُ الْمُخْتَارُ اهـ. (قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ أَلَمٍ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً بِخِلَافِ أَلَمٍ يَسِيرٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ اهـ حَجّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِ الْأَلَمِ أَوْ زِيَادَتِهِ مُبِيحَةً بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حُصُولُهُ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَبَيْنَ كَوْنِ الْأَلَمِ يَنْشَأُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَمْ يَكُنْ حَاصِلًا قَبْلُ، لَكِنْ فِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ أَلَمٍ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَذَا قَالَاهُ وَلَا يُبِيحُهُ التَّأَلُّمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِجُرْحٍ أَوْ بَرْدٍ لَا يَخَافُ مِنْ
فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) لِلْعُذْرِ وَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَالشَّيْنُ الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ وَنُحُولٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ وَالظَّاهِرُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمَهْنَةِ غَالِبًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ، وَذَكَرَ فِي الْجِنَايَاتِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ وَخَرَجَ بِالْفَاحِشِ الْيَسِيرُ كَقَلِيلِ سَوَادٍ وَبِالظَّاهِرِ الْفَاحِشُ فِي الْبَاطِنِ فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ وَيُعْتَمَدُ فِي خَوْفِ مَا ذُكِرَ قَوْلُ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ وَذِكْرُ زِيَادَةِ الْأَلَمِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ الْأَسْبَابَ ثَلَاثَةٌ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ، وَذَكَرَهَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
ــ
[حاشية الجمل]
الِاسْتِعْمَالِ مَعَهُ مَحْذُورًا فِي الْعَاقِبَةِ اهـ وَالتَّأَلُّمُ بِالِاسْتِعْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشَأَ أَلَمٌ مِنْهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ بِخِلَافِ التَّأَلُّمِ النَّاشِئِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ فَتَدَبَّرْ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَزِيَادَةُ الْعِلَّةِ وَهِيَ إفْرَاطُ الْأَلَمِ انْتَهَتْ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لِلْعُذْرِ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّمَ الْعُذْرَ عَلَى الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ خَاصَّةٌ وَالْعُذْرَ عَامٌّ فَلِهَذَا قَدَّمَهُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَنُحُولٌ وَاسْتِحْشَافٌ) أَيْ، وَإِنْ قَلَّا اهـ ع ش وَالنُّحُولُ هُوَ الْهُزَالُ مَعَ طَرَاوَةِ الْبَدَنِ وَالِاسْتِحْشَافُ هُوَ الْهُزَالُ مَعَ يُبُوسَتِهِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ نَحَلَ الْجِسْمُ يَنْحَلُ نُحُولًا سَقِمَ، وَمِنْ بَابِ تَعِبَ وَأَنْحَلَهُ الْهَمُّ بِالْأَلِفِ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا وَاسْتَحْشَفَتْ الْأُذُنُ يَبِسَتْ وَاسْتُحْشِفَ الْأَنْفُ يَبِسَ غُضْرُوفُهُ فَعَدَمُ الْحَرَكَةِ الطَّبِيعِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَثُغْرَةٌ تَبْقَى وَلَحْمَةٌ تَزِيدُ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ صَغُرَ كُلٌّ مِنْ اللَّحْمَةِ وَالثُّغْرَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَسْمِيَتِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِهِمَا فِي الْعُضْوِ يُورِثُ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بَلْ إنْ كَانَ فَاحِشًا تَيَمَّمَ أَوْ يَسِيرًا فَلَا وَالْوَاوُ فِي الْجَمِيعِ بِمَعْنَى أَوْ وَبِهَا عَبَّرَ حَجّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ عِنْدَ الْمَهْنَةِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْمَهْنَةُ بِالْفَتْحِ الْخِدْمَةُ وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ وَالْكِسَائِيُّ الْمِهْنَةَ بِالْكَسْرِ وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَفِي الْقَامُوسِ الْمِهْنَةُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ وَكَكِلْمَةٍ الْحِذْقُ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَمَلُ مَهَنَهُ كَمَنَعَهُ وَنَصَرَهُ مَهْنًا وَمِهْنَةً وَيُكْسَرُ خَدَمَهُ وَضَرَبَهُ، ثُمَّ قَالَ وَأَمْهَنَهُ وَامْتَهَنَهُ اسْتَعْمَلَهُ لِلْمَهْنَةِ فَامْتَهَنَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ اهـ ع ش عَلَى م ر فَفِيهَا اللُّغَاتُ الْأَرْبَعُ فِي نَحْوِ مَعِدَةٍ وَحَاصِلُ الْأَرْبَعَةِ مَهْنَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَعَ سُكُونِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا وَمِهْنَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَعَ سُكُونِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ) أَيْ الرَّافِعِيُّ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَقَالَ فِي بَابِ اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ أَزَالَ طَرَفًا ظَاهِرًا حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا يُعْتَادُ سَتْرُهُ مُرُوءَةً وَبِالظَّاهِرِ غَيْرُهُ اهـ. (قَوْلُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْكَسْرُ لَحْنٌ كَذَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ وَضَبَطَهَا فِي الْمُخْتَارِ بِضَمِّ الْمِيمِ بِضَبْطِ الْقَلَمِ، وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَنِ الْمُرُوءَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مَلَكَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ، وَقَالَ الْمَوْلَى شِهَابٌ فِي شَرْحِ الشِّفَاء الْمُرُوءَةُ فُعُولَةٌ بِالضَّمِّ مَهْمُوزٌ، وَقَدْ تُبْدَلُ هَمْزَتُهُ وَاوًا وَتُدْغَمُ وَتُسَهَّلُ بِمَعْنَى الْمَلَكَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَرْءِ وَهُوَ تَعَاطِي الْمَرْءِ مَا يُسْتَحْسَنُ وَتَجَنُّبُهُ مَا يُسْتَرْذَلُ كَالْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ وَالْمُلَابِسِ الْخَسِيسَةِ وَالْجُلُوسِ فِي الْأَسْوَاقِ وَفِي تَقْرِيبِ التَّقْرِيبِ مَرُأَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ مُرُوءَةً كَسُهُولَةٍ، وَقَدْ تُسَهَّلُ وَتُشَدَّدُ وَاوُهُ أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ وَالْبَاءَ إذَا زِيدَتَا وَوَقَعَ بَعْدَهُمَا هَمْزَةٌ أُبْدِلَتْ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا وَاوًا أَوْ يَاءً، ثُمَّ تُدْغَمُ فِيهَا الْوَاوُ أَوْ الْيَاءُ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمُرُوءَةُ آدَابٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَحْمِلُ مُرَاعَاتُهَا الْإِنْسَانَ عَلَى الْوُقُوفِ عَلَى مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَجَمِيلِ الْعَادَاتِ وَهِيَ الْآنَ قَلِيلَةٌ أَوْ مَعْدُومَةٌ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ
مَرَرْت عَلَى الْمُرُوءَةِ وَهْيَ تَبْكِي
…
فَقُلْت عَلَامَ تَنْتَحِبُ الْفَتَاةُ
فَقَالَتْ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَأَهْلِي
…
جَمِيعًا دُونَ خَلْقِ اللَّهِ مَاتُوا
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الَّذِي لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ هُوَ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمَهْنَةِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ) وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمُتَطَهِّرِ قَدْ يَكُونُ رَقِيقًا، وَلَوْ أَمَةً حَسْنَاءَ فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ نَقْصًا فَاحِشًا وَيُفَارِقُ عَدَمُ وُجُوبِ بَذْلِ فَلْسٍ زَائِدٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْخُسْرَانَ ثَمَّ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّقْصِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَيْضًا، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ وَلَيْسَ فِي مَحِلِّهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِشْكَالَ فِيهِ أَيْضًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرْنَاهُ هُنَا بِالِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ تَحَقَّقَ نَقْصٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى بِالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَلَمْ نَعْتَبِرْ حَقَّ السَّيِّدِ بِدَلِيلٍ مَا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، فَإِنَّا نَقْتُلُهُ بِهِ، وَإِنْ فَاتَ حَقُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ بَذْلِ الزِّيَادَةِ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ مَا أَطْلَقُوهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْقَلِيلِ فِي الظَّاهِرِ وَالْكَثِيرِ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فِي الظَّاهِرِ فَأَنَاطُوا الْحُكْمَ بِالْغَالِبِ فِيهِمَا، وَلَمْ يُعَوِّلُوا عَلَى خِلَافِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَذْلِ زَائِدٍ عَلَى الثَّمَنِ بِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ غَبْنًا فِي الْمُعَامَلَةِ وَلَا يَسْمَحُ بِهَا أَهْلُ الْعَقْلِ كَمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يَشُحُّ فِيهَا بِالتَّافِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ ذَاكَ عَقْلِي، وَهَذَا جُودِي اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُ فِي خَوْفِ مَا ذُكِرَ إلَخْ) ، وَكَذَا يَعْمَلُ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ عَارِفًا بِالطَّلَبِ، وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا بِخِلَافِ تَجْرِبَةِ نَفْسِهِ لَا يَعْمَلُ بِهَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ قَوْلُ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ
سَبْعَةٌ وَكُلُّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَرْجِعُ إلَى فَقْدِ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا.
(وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْمَاءِ (فِي عُضْوٍ) لِعِلَّةِ (وَجَبَ تَيَمُّمٌ) لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عَنْ طُهْرٍ وَيُمِرُّ التُّرَابَ مَا أَمْكَنَ عَلَى الْعِلَّةِ إنْ كَانَتْ بِمَحِلِّ التَّيَمُّمِ (وَ) وَجَبَ (غَسْلُ صَحِيحٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى الْعُضْوِ سَاتِرٌ كَلَصُوقٍ يُخَافُ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورًا أَمْ لَا لِخَبَرِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَيَتَلَطَّفُ فِي غَسْلِ الصَّحِيحِ الْمُجَاوِرِ لِلْعَلِيلِ بِوَضْعِ خِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ بِقُرْبِهِ وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهَا لِيَنْغَسِلَ
ــ
[حاشية الجمل]
أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِالطِّبِّ، فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِهِ، فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِ، وَلَمْ يَجِدْ طَبِيبًا وَخَافَ مَحْذُورًا فَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيّ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، ثُمَّ يُعِيدُ إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ أَوْ بِعَدَمِهِ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ عَدْلٌ فِي الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي لَمْ يُرْتَكَبْ كَبِيرَةً، وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ وَكَالْعَدْلِ فَاسِقٌ، وَلَوْ كَافِرًا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَيَعْمَلُ بِمَعْرِفَتِهِ لِنَفْسِهِ إنْ عَرَفَ الطِّبَّ مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّجْرِبَةِ وَاكْتَفَى بِهَا الْإِسْنَوِيُّ وحج وَغَيْرُهُمَا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا فِي جَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْمَيْتَةِ مَعَ الْخَوْفِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الظَّاهِرِ فِي الْمُضْطَرِّ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ لُزُومَ الصَّلَاةِ مُحَقَّقٌ لَا يُجْدِي نَفْعًا وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْخَوْفِ اتِّفَاقًا وَلَا بُدَّ مِنْ سُؤَالِ الطَّبِيبِ فِي كُلِّ وَقْتٍ اُحْتُمِلَ فِيهِ عَدَمُ الضَّرَرِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الطَّبِيبُ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ لَزِمَهُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ، وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ اهـ.
(فَرْعٌ)
لَوْ امْتَنَعَ الْعَدْلُ مِنْ الْإِخْبَارِ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَجَبَ دَفْعُهَا لَهُ إنْ كَانَ فِي الْإِخْبَارِ كُلْفَةٌ كَأَنْ احْتَاجَ فِي إخْبَارِهِ إلَى سَعْيٍ حَتَّى يَصِلَ إلَى الْمَرِيضِ أَوْ لِتَفْتِيشِ كُتُبٍ لِيُخْبِرَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ كَأَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْجَوَابُ بِكَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ لَمْ يَجِبْ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعًا جَازَ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ أَوْ كَافِرٌ لَا يَأْخُذُ بِخَبَرِهِ، فَإِنْ غَلَبَ ظَنَّهُ صِدْقُهُ عَمِلَ بِهِ وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ أَخْبَارُ عُدُولٍ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَوْثَقِ وَالْأَكْثَرِ عَدَدًا أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الْمِيَاهِ فَلَوْ اسْتَوَوْا وُثُوقًا وَعَدَالَةً تَسَاقَطُوا وَكَانَ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مُخْبِرًا فَيَأْتِي فِيهِ كَلَامُ السِّنْجِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِتَقْدِيمِ خَبَرِ مَنْ أَخْبَرَ بِالضَّرَرِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَرَضُ مَضْبُوطًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى مُرَاجَعَةِ الطَّبِيبِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَمِنْ التَّعَارُضِ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ يَعْرِفُ الطِّبَّ مِنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ آخَرُ بِخِلَافِ مَا يَعْرِفُهُ فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ سَبْعَةٌ) وَنَظَمَهَا صَاحِبُ الطِّرَازِ الْمُذَهَّبِ فَقَالَ
يَا سَائِلِي أَسْبَابَ حِلِّ تَيَمُّمٍ
…
هِيَ سَبْعَةٌ لِسَمَاعِهَا تَرْتَاحُ
فَقْدٌ وَخَوْفٌ حَاجَةٌ إضْلَالُهُ
…
مَرَضٌ يَشُقُّ جَبِيرَةٌ وَجِرَاحُ
وَعَدَّهَا الشَّارِحُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَكُلُّهَا فِي الْحَقِيقَةِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا ثَلَاثَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ انْتَفَى وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ أَيْ الْمَاءِ مَعْنَاهُ أَوْ حَرُمَ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ بِالِامْتِنَاعِ امْتِنَاعُ وُجُوبِ اسْتِعْمَالِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّ حُصُولِ الْمَحْذُورِ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فَالِامْتِنَاعُ عَلَى بَابِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنٍّ إلَخْ أَفْهَمَ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ مَا ذَكَرَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْخَوْفِ وَحِينَئِذٍ فَحَيْثُ أَخْبَرَهُ الطَّبِيبُ بِأَنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْمَرَضِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ لَمْ يَجِبْ التَّيَمُّمُ بَلْ يَجُوزُ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فِي عُضْوٍ) الْمُرَادُ بِالْعُضْوِ هُنَا الْجُزْءُ مِنْ الْبَدَنِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الصَّدْرِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْعُضْوُ كُلُّ عَظْمٍ وَافِرٍ مِنْ الْجَسَدِ قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِ وَضَمُّ الْعَيْنِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَالْجَمْعُ أَعْضَاءٌ وَعَضَّيْت الذَّبِيحَةَ بِالتَّشْدِيدِ جَعَلْتهَا أَعْضَاءً اهـ. (قَوْلُهُ وَجَبَ تَيَمُّمٌ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَجَبَ تَقْدِيمُ غَسْلِ الصَّحِيحِ عَلَى التَّيَمُّمِ لِأَجْلِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ لَا تَرْتِيبَ لِنَحْوِ جُنُبٍ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الْمُحْدِثَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بِأَنْ يُقَدِّمَ غَسْلَ الصَّحِيحِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَجَبَ تَيَمُّمٌ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَجَبَ التَّيَمُّمُ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَعَرَّفَ التَّيَمُّمَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ إشَارَةً لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُمِرُّ التُّرَابَ عَلَى الْمَحِلِّ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِئَلَّا يَبْقَى مَحَلُّ الْعِلَّةِ بِلَا طُهْرٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَيُمِرَّ التُّرَابَ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَيَمُّمٍ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ تَيَمُّمٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ، وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفَ إلَخْ فَحِينَئِذٍ تُفِيدُ الْعِبَارَةُ وُجُوبَ الْإِمْرَارِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ كَلَصُوقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجِرَاحَةُ مِنْ خِرْقَةٍ وَقُطْنَةٍ وَنَحْوِهِمَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَلَهُ وَلِمَحِلِّهِ حُكْمُ الْجَبِيرَةِ وَهِيَ أَلْوَاحٌ تُهَيَّأُ لِلْكَسْرِ وَالِانْخِلَاعِ تُجْعَلُ عَلَى مَوْضِعِهِ اهـ مَحَلِّيٌّ. (قَوْلُهُ وَيُتَلَطَّفُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ
بِالْمُتَقَاطَرِ مِنْهَا مَا حَوَالَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ إلَيْهِ (وَ) وَجَبَ (مَسْحُ كُلِّ السَّاتِرِ) إنْ كَانَ (إنْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ بِمَاءٍ) لَا بِتُرَابٍ اسْتِعْمَالًا لِلْمَاءِ مَا أَمْكَنَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ مَسْحُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّيَمُّمِ
ــ
[حاشية الجمل]
أَوْ الْمَفْعُولِ، وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَيَتَحَامَلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِالْمُتَقَاطَرِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَسْرَ مُتَعَيِّنٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ إمَّا لَازِمٌ أَصَالَةً كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ أَوْ مُطَاوِعٌ لِلْمُتَعَدِّي لِوَاحِدٍ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ إلَيْهِ) ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ إلَّا بِالسَّيَلَانِ إلَى الْعَلِيلِ أَمَسَّهُ الْمَاءَ مِنْ غَيْرِ إفَاضَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ غَسْلًا اهـ ح ل، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِمْسَاسُ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَأَعَادَ اهـ ع ش وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَضَعَ سَاتِرًا عَلَى الْعَلِيلِ لِيَمْسَحَ عَلَى السَّاتِرِ، إذْ الْمَسْحُ رُخْصَةٌ فَلَا يُنَاسِبُهَا وُجُوبُ ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَمَسْحُ كُلِّ السَّاتِرِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِهِ فَقَوْلُهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ مَسْحُ الْكُلِّ إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يُجْزِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ السَّاتِرِ؛ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ فَيَجِبُ فِيهِ التَّعْمِيمُ كَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ، وَقِيلَ يَكْفِيهِ مَسْحُ بَعْضِهِ كَالْخُفِّ وَالرَّأْسِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِي تَعْمِيمِهِ مَشَقَّةَ النَّزْعِ وَبَيْنَ الْخُفِّ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا، فَإِنَّ الِاسْتِيعَابَ يُبْلِيهِ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَمَسْحُ كُلِّ السَّاتِرِ أَيْ إنْ كَانَ كُلُّهُ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ وَالْأَلَمِ يَجِبُ مَسْحُ مَا حَاذَى الْخَارِجَ عَنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَمَسْحُ كُلِّ السَّاتِرِ) أَيْ حَيْثُ أَخَذَ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَسْلِهِ أَيْ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَا عَلَى إمْسَاسِهِ الْمَاءَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ أَيْ بِأَنْ خَافَ مِنْ نَزْعِهِ الْمَحْذُورَ السَّابِقَ وَسَتَرَ مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ بَدَلٌ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لَمْ يَجِبْ مَسْحُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يُوضَعَ عَلَى طُهْرٍ كَامِلٍ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ وَالْوَضْعُ عَلَى الطُّهْرِ إنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ مَسَحَ وَقَضَى اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ أَيْ بِأَنْ شَقَّ عَلَيْهِ نَزْعُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَبَ كَأَنْ وَضَعَ عَلَى حَدَثٍ وَتَعَذَّرَ نَزْعُهُ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَيُشْتَرَطُ فِي الْجَبِيرَةِ لِيَكْتَفِيَ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْجَبِيرَةَ إذَا وُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ أَوْ عَلَى حَدَثٍ وَجَبَ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ شَرْطًا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَالْمَسْحُ عَلَيْهَا وَاقِعٌ عَمَّا أَخَذَتْهُ مِنْ الصَّحِيحِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ بِأَخْذِ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ وَبِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا وَأَتْبَاعُهُ وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ لِيُكْتَفَى أَيْ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْمَسْحَ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْجُزْءِ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ بَلْ إنْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِ السَّاتِرِ عَنْهُ وَغَسْلِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى عَدَمِ الطَّهَارَةِ فَصَلَاتُهُ مَعَهُ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لِذَلِكَ لَا لِعَدَمِ وَضْعِ الْجَبِيرَةِ عَلَى طُهْرٍ فَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي إلَخْ.
(تَنْبِيهٌ)
عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ الْعَلِيلِ فَقَطْ وَأَنَّ الْمَسْحَ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ مِنْ الصَّحِيحِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا سَقَطَ الْمَسْحُ وَأَنَّ الْمَسْحَ رَافِعٌ كَالْغَسْلِ، وَإِنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِالتُّرَابِ، وَإِنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَا وَقَعَ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوَاجِبِ اهـ ق ل عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَمَسَحَ كُلَّ السَّاتِرِ) أَيْ، وَإِنْ أَصَابَهُ دَمٌ مِنْ الْجُرْحِ؛ لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَإِنْ اخْتَلَطَ الدَّمُ بِالْمَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ عَلَى دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ كَوُجُوبِ تَنَحْنُحِ مُصَلِّي الْفَرْضِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ دَمٌ إلَخْ عِبَارَةُ حَجّ، وَلَوْ نَفَذَ إلَيْهِ نَحْوُ دَمِ الْجُرْحِ وَعَمَّهُ عُفِيَ عَنْ مُخَالَطَةِ مَاسِحِهِ لَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ اخْتِلَاطِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ بِأَجْنَبِيٍّ يَحْتَاجُ إلَى مُمَاسَّتِهِ لَهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُعْفَى عَنْ الدَّمِ عَلَيْهَا، وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمَاءِ الْمَسْحِ قَصْدًا؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَتَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْمَسْحِ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ جَمَدَ الدَّمُ عَلَى الْعِلَّةِ حَتَّى صَارَ كَالْجَبِيرَةِ وَجَبَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَكَفَى اهـ. (قَوْلُهُ لَا بِتُرَابٍ) نَعَمْ يُسَنُّ كَسَتْرِ الْجُرْحِ لِيَمْسَح عَلَيْهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ وَاحْتَرَزَ بِالْمَاءِ عَنْ التُّرَابِ فَلَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِهِ إذَا كَانَتْ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ انْتَهَتْ أَيْ بَلْ يُنْدَبُ إذَا كَانَ مَعَهُ مَسْحٌ بِالْمَاءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي اهـ ق ل عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ مَسْحُ الْكُلِّ) أَيْ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِالْبَعْضِ كَالْخُفِّ.
وَتَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ حَيْثُ كَانَ مُحَصَّلُهُ أَنَّ الَّذِي أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يَجِبُ فِيهِ التَّعْمِيمُ وَاَلَّذِي أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ لَا يَجِبُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ الْمُتَبَادِرَ لِلنَّظَرِ الْعَكْسَ اهـ شَيْخُنَا وَتَأَمَّلْنَا فَوَجَدْنَا الدَّلِيلَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْقِيَاسُ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ بَيَانٌ لِلْجَامِعِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ
وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِالْمَاءِ (لَا تَرْتِيبَ) بَيْنَ الثَّلَاثَةِ (لِنَحْوِ جُنُبٍ) فَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا لِلْعِلَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاقِصِ، فَإِنَّهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَقْدِهِ بَلْ الْأَوْلَى هُنَا تَقْدِيمُهُ لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِلْجُنُبِ وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْجُنُبِ الْمُحْدِثُ فَيَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ بِالْمَاءِ وَقْتَ دُخُولِ غَسْلِ عَلِيلِهِ رِعَايَةً لِتَرْتِيبِ الْوُضُوءِ (أَوْ) امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ فِي (عُضْوَيْنِ فَتَيَمُّمَانِ) يَجِبَانِ وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَيُنْدَبُ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ كَعُضْوٍ أَوْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْضَاءٍ فَثَلَاثُ تَيَمُّمَاتٍ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَأَرْبَعَةٌ إنْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ الرَّأْسَ
ــ
[حاشية الجمل]
مَسْحُ الْكُلِّ كَالتَّيَمُّمِ قِيَاسًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَاتِرٌ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْغَسْلُ فَإِذَا تَعَذَّرَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْمَسْحِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) أَيْ التَّيَمُّمِ وَغَسْلِ الصَّحِيحِ وَالْمَسْحِ عَلَى السَّاتِرِ وَالتَّرْتِيبُ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْغَسْلَ عَلَى التَّيَمُّمِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِنَحْوِ جُنُبٍ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ حَتَّى بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَمَسْحِ كُلِّ السَّاتِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْوَاجِبَ عَلَى غَيْرِ الْجُنُبِ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالتَّيَمُّمِ فَقَطْ. وَأَمَّا التَّيَمُّمُ وَالْمَسْحُ فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَرْتِيبٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ مَجْمُوعِهَا وَيَكُونُ مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْجُنُبِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ فِي مَجْمُوعِ الثَّلَاثَةِ أَيْ بَعْضِهَا وَهُوَ الْغَسْلُ وَالتَّيَمُّمُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ لِنَحْوِ جُنُبٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ غَيْرَ الْجُنُبِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالتَّيَمُّمِ فَقَطْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ اهـ شَيْخُنَا ح ف وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا بَعْدُ وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْجُنُبِ الْمُحْدِثُ فَيَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ بِالْمَاءِ إلَخْ حَيْثُ أَتَى بِالْوَاوِ الدَّالَّةِ عَلَى مُطْلَقِ الْجَمْعِ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا يَعْنِي بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ اهـ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِنَحْوِ جُنُبٍ) كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمَأْمُورٍ بِغُسْلٍ مَنْدُوبٍ، وَمِنْ نَحْوِ الْجُنُبِ تَطْهِيرُ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ إذَا كَانَ هَذَا الْعُضْوُ فِيهِ غَسْلٌ فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ غَسْلِ مَا يُغْسَلُ مِنْهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ وَمَسْحِ سَاتِرِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ) غَرَضُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا لِلْعِلَّةِ إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَرُدَّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ غَسْلِ الصَّحِيحِ كَوُجُوبِ تَقْدِيمِ مَاءٍ لَا يَكْفِيهِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا لِلْعِلَّةِ وَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ وَهُنَاكَ لِعَدَمِ الْمَاءِ فَأَمَرَ بِاسْتِعْمَالِهِ أَوَّلًا لِيَصِيرَ عَادِمًا وَيُحْمَلُ النَّصُّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِيُذْهِبَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ بَلْ الْأَوْلَى هُنَا تَقْدِيمُ إلَخْ) نَظَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مَسْحِ السَّاتِرِ هَلْ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ التَّيَمُّمِ كَالْغَسْلِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ الْأَوْلَى ذَلِكَ لَكِنْ إنْ فَعَلَ السُّنَّةَ مِنْ مَسْحِهِ بِالتُّرَابِ لِيُزِيلَهُ مَاءُ الْمَسْحِ حِينَئِذٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِجُنُبٍ) أَيْ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغَسْلِ وَعِبَارَتُهُ وَجَبَ التَّيَمُّمُ، وَكَذَا غَسْلُ الصَّحِيحِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِلْجُنُبِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَيَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَيَغْسِلُ الصَّحِيحَ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ لِيُنَبِّهَ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُرَادِ، وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقْتُ دُخُولِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ وَقْتَ دُخُولِ تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ أَعْنِي يَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ وَقَوْلُهُ عَلِيلَهُ كَالْيَدَيْنِ مَثَلًا فَيَجِبُ أَنْ يُقَدِّمَ غَسْلَ الْوَجْهِ عَلَى التَّيَمُّمِ عَنْهُمَا وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ غَسْلِ الصَّحِيحِ مِنْهُمَا وَالتَّيَمُّمِ عَنْهُمَا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْوَجْهِ فَلَا تَرْتِيبَ هُنَا أَصْلًا فَمَحِلُّ كَوْنِ الْمُحْدِثِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغَسْلِ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الَّذِي بَعْدَ الْوَجْهِ مَثَلًا اهـ عَشْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ عُضْوَيْنِ فَتَيَمُّمَانِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَعُمَّ الْجِرَاحَةُ الْعُضْوَيْنِ وَإِلَّا كَفَى تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّلَاثَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعَدُّدَ التَّيَمُّمِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْغَسْلِ بِتَعَدُّدِ الْعُضْوِ، فَإِنْ سَقَطَ الْغَسْلُ عَنْ الْعُضْوَيْنِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ فَيَكْفِي تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ تَيَمَّمَ عَنْ الْوَجْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ تَيَمَّمَ عَنْ يَدَيْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَخْ) ، فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَغَسْلٍ صَحِيحٍ لِلْوَجْهِ أَوَّلًا جَازَ تَوَالِي تَيَمُّمَيْهِمَا فَلِمَ لَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ اهـ ز ي وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَأَرْبَعَةٌ) وَلَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ نِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَكْرِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ إنْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ الرَّأْسَ) أَيْ أَوْ بَقِيَ مَا يَسْتَمْسِكُ بِهِ السَّاتِرُ، فَإِنْ بَقِيَ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِهِ وَلَا يُجْزِيهِ التَّيَمُّمُ وَلَا مَسْحُ السَّاتِرِ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الصَّحِيحِ يَرْفَعُ الْحَدَثَ مُطْلَقًا وَمَسْحَ السَّاتِرِ يَرْفَعُهُ إلَى الْبُرْءِ وَأَيْضًا كُلٌّ مِنْ مَسْحِ السَّاتِرِ وَالتَّيَمُّمِ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِ مَسْحِ
وَإِنْ عَمَّتْ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ.
(وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ آخَرَ
ــ
[حاشية الجمل]
الصَّحِيحِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَيْضًا إنْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ الرَّأْسَ) أَيْ، وَلَمْ يَكُنَّ عَلَيْهَا سَاتِرٌ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَ قَدْرَ الِاسْتِمْسَاكِ كَفَاهُ مَسْحُ السَّاتِرِ بِالْمَاءِ وَلَا يَتَيَمَّمُ، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا تَيَمَّمَ فَقَطْ اهـ سم بِالْمَعْنَى وَعِبَارَتُهُ.
(فَرْعٌ)
عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ رَأْسَهُ إلَّا مِقْدَارَ مَا تَسْتَمْسِكُ بِهِ الْجَبِيرَةُ وَوَضَعَهَا بِحَيْثُ اسْتَتَرَ جَمِيعُ الرَّأْسِ عَلِيلُهُ، وَكَذَا صَحِيحُهُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ اسْتِمْسَاكِ الْجَبِيرَةِ فَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ يَمْسَحُ جَمِيعَ الْجَبِيرَةِ لِأَجْلِ طَهَارَةِ مَا تَحْتَهَا مِنْ صَحِيحِ الرَّأْسِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَسْحَ جَمِيعِهَا وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ الَّذِي تَحْتَهَا أَزْيَدَ مِمَّا يَكْفِي مَسْحُهُ عَنْ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّا لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي تَحْتَهَا مِقْدَارُ الْوَاجِبِ فَقَطْ وَجَبَ مَسْحُ جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الصَّحِيحِ إلَّا إذَا كَانَ لِجَمِيعِ الْجَبِيرَةِ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ زِيَادَةُ الْبَدَلِ عَلَى الْمُبْدَلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَمَّا أَوَّلًا فَلَا مَانِعَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْبَدَلَ لَا يَزِيدُ أَبَدًا بَلْ قَدْ يَزِيدُ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلَا تُسَلِّمُ الزِّيَادَةَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى السَّاتِرِ ضَعِيفٌ فَالْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ الْمَسْحِ الْمُجْزِئِ إلَّا أَنَّ ذَاكَ الْمِقْدَارَ أَقْوَى مِنْهُ فَالْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ الَّذِي هُوَ الْبَدَلُ لَيْسَ زَائِدًا، وَإِنْ كَانَ مِقْدَارُهُ أَكْثَرَ، وَهَلْ يَكْفِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ لِلْعَلِيلِ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ الْعَلِيلِ بِالْمَاءِ كَفَى يَتَّجِهُ الْآنَ عَدَمُ الْكِفَايَةِ وِفَاقًا لَمْ ر؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ فَرْضًا آخَرَ وَلَمْ يُحْدِثْ لَمْ يُعِدْ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ وَيُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ وَقَائِمٌ مَقَامَ غَسْلِ الصَّحِيحِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ، وَهَلْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ لِمَا تَحْتَهَا مِنْ عَلِيلِ الرَّأْسِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَوْ لَا يَجِبُ الَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ سُقُوطُ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ عَنْ الْعَلِيلِ وَالْعَلِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ يَكْفِي تَطْهِيرُ بَعْضِهِ، وَقَدْ حَصَلَ تَطْهِيرُ الصَّحِيحِ يُمْسَحُ جَمِيعُ الْجَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَسْحَهَا طَهَارَةٌ لِلصَّحِيحِ كَمَا قَرَّرُوهُ.
وَقَدْ سُئِلَ م ر فِي دَرْسِهِ عَنْ ذَلِكَ فَبَادَرَ إلَى عَدَمِ سُقُوطِ التَّيَمُّمِ فَبُحِثَ مَعَهُ بِمَا ذُكِرَ فَتَوَقَّفَ، وَقَالَ لَا أَقُولُ الْآنَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ إنَّهُ عُرِضَ ذَلِكَ عَلَى شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ فَجَزَمَ بِسُقُوطِ التَّيَمُّمِ، وَقَالَ لَا يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ وَعُرِضَ عَلَى شَيْخِنَا عَبْدِ الْحَمِيدِ فَوَافَقَهُ عَلَى عَدَمِ السُّقُوطِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ) ، فَإِنْ كَانَ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا سَاتِرٌ عَمَّهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ السَّاتِرِ عَنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ تَيَمُّمِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ التَّيَمُّمُ وَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِي لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَانْظُرْ لَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ الْوَجْهَ وَكَانَ عَلَيْهِ بِتَمَامِهِ سَاتِرٌ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ فِيهِ وَانْظُرْ هَلْ يَتَيَمَّمُ فِي الْيَدَيْنِ أَوْ لَا وَانْظُرْ أَيْضًا هَلْ يَغْسِلُ مَا عَدَا الْوَجْهَ أَوْ لَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ عَمَّ السَّاتِرُ الْيَدَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ فِي عُضْوٍ، وَمِنْهُ الْوَجْهُ فَيَتَيَمَّمُ عَلَى الْيَدَيْنِ بِنِيَّةٍ عِنْدَ هُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ آخَرَ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ فَرْضٍ آخَرَ وَهُوَ بِتَيَمُّمِهِ بِأَنْ لَمْ يُحْدِثْ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ لِذَلِكَ الْفَرْضِ وَيُعِيدُ تَيَمُّمًا وَاحِدًا، وَإِنْ تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ طُهْرَهُ بَاقٍ، وَإِنَّمَا أَعَادَ هَذَا التَّيَمُّمَ الثَّانِيَ لِضَعْفِ الْأَوَّلِ عَنْ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهِ فَرْضًا آخَرَ وَإِذَا كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ وَنَوَى بِالتَّيَمُّمِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ هَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ وَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ الثَّانِيَ إلَّا إذَا أَضَافَهُ لِلْأَكْبَرِ أَوْ أَطْلَقَ حَرِّرْ. قُلْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُعْلَمُ حُكْمُهَا مِنْ كَلَامِهِمْ عَلَى النِّيَّةِ الْآتِي، وَإِنَّهُ يَضُرُّ مَا لَمْ يُضِفْهُ لِلْأَكْبَرِ أَوْ يُطْلِقْ اهـ ح ل، وَلَوْ رَفَعَ الْجَبِيرَةَ عَنْ مَوْضِعِ الْكَسْرِ فَوَجَدَهُ قَدْ انْدَمَلَ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بَعْدَ الِانْدِمَالِ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَلَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَرِئَ أَوْ لَا كَانْقِطَاعِ الْخُفِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ لِتَوَهُّمِ الْبُرْءِ فَبَانَ خِلَافُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ وَلَعَلَّ صُورَةَ رَفْعِ السَّاتِرِ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ عَكْسُ صُورَةِ سُقُوطِ الْجَبِيرَةِ، إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهَا مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَلْحَظَ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَلْحَظِ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ وَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَا أَثَرَ لِظُهُورِ شَيْءٍ مِنْ الصَّحِيحِ فِي بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ الْعَلِيلِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّا لَمْ نَجْعَلْ هَذَا الظُّهُورَ سَبَبًا لِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بَلْ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَمَلْحَظُهُمَا مُخْتَلِفٌ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِذَا تَحَقَّقَ الْبُرْءُ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ كَانَ كَوُجْدَانِ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ فِي تَفْصِيلِهِ الْآتِي، وَلَوْ كَانَتْ لُصُوقًا تُنْزَعُ وَتُغَيَّرُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ فَحُكْمُهَا كَالْجَبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
بَلْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْجَبِيرَةُ عَلَى عُضْوَيْنِ فَرَفَعَ إحْدَاهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْأُخْرَى بِخِلَافِ مَاسِحِ الْخُفِّ
وَلَمْ يَحْدُثْ لَمْ يُعِدْ غَسْلًا وَ) لَا (مَسْحًا) بِالْمَاءِ لِبَقَاءِ طُهْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَفَّلُ بِهِ، وَإِنَّمَا أَعَادَ التَّيَمُّمَ لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ، فَإِنْ أَحْدَثَ أَعَادَ غَسْلَ صَحِيحِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ عَلِيلِهَا وَقْتَ غَسْلِهِ وَمَسَحَ السَّاتِرَ إنْ كَانَ بِالْمَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ تَيَمَّمَ لِحَدَثِهِ الْأَكْبَرِ وَتَوَضَّأَ لِلْأَصْغَرِ وَتَعْبِيرِي بِآخَرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ ثَانٍ وَقَوْلِي وَمَسْحًا مِنْ زِيَادَتِي.
(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا (يَتَيَمَّمُ بِتُرَابٍ طَهُورٍ لَهُ غُبَارٌ) حَتَّى مَا يُدَاوَى بِهِ قَالَ تَعَالَى
ــ
[حاشية الجمل]
لَوْ نَزَعَ أَحَدَ خُفَّيْهِ لَزِمَهُ نَزْعُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَلْبَسَهُمَا جَمِيعًا وَهُنَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ أَجْنَبَ صَاحِبُ الْجَبِيرَةِ اغْتَسَلَ وَتَيَمَّمَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِي إيجَابِ النَّزْعِ هُنَا مَشَقَّةً اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فِي تَفْصِيلِهِ الْآتِي أَيْ فَيُقَالُ إنَّ تَحَقُّقَ ذَلِكَ وَهُوَ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ بِهَا أَوْ وَهُوَ فِيهَا وَوَجَبَ قَضَاءٌ كَكَوْنِ السَّاتِرِ أَخَذَ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ بَطَلَتْ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ كَكَوْنِ السَّاتِرِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا أَتَمَّهَا اهـ ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ فَرَأَى الْعِلَّةَ قَدْ انْدَمَلَتْ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ كَانَتْ بِالْمَسْحِ مَعَ الِانْدِمَالِ، وَلَوْ احْتِمَالًا، وَلَوْ سَقَطَ السَّاتِرُ أَوْ تَوَهَّمَ الْبُرْءَ فَرَفَعَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِمَا مِنْ الصَّحِيحِ شَيْءٌ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرَدُّدِهِ فِي صِحَّتِهَا لَا تَيَمُّمُهُ لِبَقَاءِ مُوجِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْدُثْ) أَيْ، وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَى تَيَمُّمِهِ مُبْطِلٌ كَرِدَّةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لَمْ يُعِدْ غَسْلًا وَلَا مَسْحًا) مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَنْزِعْ السَّاتِرَ أَمَّا إذَا نَزَعَهُ وَوَضَعَ بَدَلَهُ فَتَجِبُ إعَادَتُهُمَا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْدَثَ أَعَادَ غَسْلَ إلَخْ) الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ، فَإِنْ أَحْدَثَ أَعَادَ جَمِيعَ مَا مَرَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ إلَخْ) أَيْ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ تَيَمَّمَ لِحَدَثِهِ الْأَكْبَرِ وَتَوَضَّأَ لِلْأَصْغَرِ وَيُعِيدُ التَّيَمُّمَ فَقَطْ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ تَيَمَّمَ لِحَدَثِهِ الْأَكْبَرِ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ هَذَا التَّيَمُّمِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ حَدَثًا أَكْبَرَ وَلَا أَصْغَرَ، فَإِنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ تَوَضَّأَ فَقَوْلُهُ وَتَوَضَّأَ لِلْأَصْغَرِ أَيْ إنْ أَحْدَثَ. وَأَمَّا إذَا أَرَادَ النَّفَلَ فَيُصَلِّي بِهَذَا التَّيَمُّمِ مَا شَاءَ مِنْهُ بِشَرْطِ وُضُوئِهِ فَإِذَا تَيَمَّمَ لِلْأَكْبَرِ، وَلَمْ يُحْدِثْ حَدَثًا أَصْغَرَ وَصَلَّى الْفَرْضَ فَتَيَمُّمُهُ بَاقٍ لِلنَّوَافِلِ. وَأَمَّا إذَا أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَتَيَمُّمُهُ بَاقٍ أَيْضًا وَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ فَإِذَا تَوَضَّأَ وَأَرَادَ فَرْضًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلًا لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَتَيَمَّمَ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَتَوَضَّأَ لِلْأَصْغَرِ، فَإِنْ خَرَجَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَغَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ، ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضًا لَزِمَهُ الْوُضُوءُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ، فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فَرْضًا، فَإِنْ أَرَادَ نَفْلًا كَفَاهُ الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ تَيَمُّمٍ أَوْ فَرْضًا آخَرَ وَجَبَ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ انْتَهَتْ.
(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا الْمُرَادُ بِكَيْفِيَّتِهِ أَرْكَانُهُ وَسُنَنُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا اسْتِعْمَالَ التُّرَابِ فِي الْعُضْوِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِهَا الْأَعَمُّ كَكَوْنِ التَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ طَهُورٍ وَكَوْنِهِ بِضَرْبَتَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، ثُمَّ الْكَلَامُ فِي التَّيَمُّمِ يَنْحَصِرُ فِي ثَلَاثَةِ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِهِ، وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا الثَّانِي فِي كَيْفِيَّتِهِ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهِ، وَقَدْ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّرَفِ الثَّانِي فَقَالَ فَصْلٌ إلَخْ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهَا وَهُوَ الْكَلَامُ عَلَى الطَّرَفِ الثَّالِثِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ يَتَيَمَّمُ) أَيْ يَصِحُّ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِ الْجَوَازِ وَهُوَ إمَّا بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ بِتُرَابٍ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ إنَّهُ جَمْعٌ وَاحِدُهُ تُرَابَهُ وَيُقَالُ لَهُ الرَّغَامُ بِفَتْحِ الرَّاءِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ، وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافُ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ بِعَدَدِ التُّرَابِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَقَعُ طَلْقَةً وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثًا كَمَا سَيَأْتِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِتُرَابٍ طَهُورٍ) أَيْ، وَلَوْ مَغْصُوبًا لَكِنَّهُ يَحْرُمُ كَتُرَابِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي وَقْفِيَّتِهِ لَا مَا حَمَلَهُ نَحْوُ رِيحٍ، وَلَوْ شَكَّ فِيمَا وَجَدَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ فَالْأَشْبَهُ بِكَلَامِهِمْ الْحِلُّ، وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ تُرَابُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لَهُ غُبَارٌ) الْغُبَارُ وَالْغَبَرَةُ بِفَتْحَتَيْنِ وَاحِدٌ وَالْغَبَرَةُ لَوْنُ الْأَغْبَرِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالْغُبَارِ، وَقَدْ اغْبَرَّ الشَّيْءُ اغْبِرَارًا وَالْغَبْرَاءُ الْأَرْضُ وَالْغُبَيْرَا بِوَزْنِ الْحُمَيْرَا مَعْرُوفٌ وَالْغُبَيْرَاءُ أَيْضًا شَرَابٌ تَتَّخِذُهُ الْحَبَشُ مِنْ الذُّرَةِ يُسْكِرُ وَفِي الْحَدِيثِ «إيَّاكُمْ وَالْغُبَيْرَاءَ، فَإِنَّهَا خَمْرُ الْعَالَمِ» وَغَبَرَ الشَّيْءُ بَقِيَ وَغَبَرَ أَيْضًا مَضَى فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ وَبَابُهُ دَخَلَ وَاغْبَرَّ وَغَبَرَ تَغْبِيرًا أَثَارَ الْغُبَارَ اهـ مُخْتَارٌ.
(قَوْلُهُ حَتَّى مَا يُدَاوَى بِهِ) أَيْ كَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ فِيهِمَا نِسْبَةً إلَى أَرْمِينِيَّةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، وَهَذَا تَعْمِيمٌ فِي إرَادَةِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ فَيَشْمَلُ الْأَصْفَرَ وَالْأَعْفَرَ وَهُوَ الْأَبْيَضُ لَيْسَ بِشَدِيدِ الْبَيَاضِ
{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالطَّاهِرِ الطَّهُورُ كَمَا عَبَّرْتُ بِهِ (وَلَوْ بِرَمْلٍ لَا يَلْصَقُ) بِالْعُضْوِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْأَحْمَرَ وَالْأَسْوَدَ وَالْأَبْيَضَ وَغَيْرَ ذَلِكَ كَالتَّعْمِيمِ فِي إرَادَةِ أَنْوَاعِ الْمَاءِ مِنْ مِلْحٍ وَعَذْبٍ وَكَدِرٍ وَصَافٍ وَسَائِرِ الْأَنْوَاعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ صَعِيدًا طَيِّبًا) اسْمُ الطَّيِّبِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الطَّاهِرُ كَمَا هُنَا الْحَلَالُ، وَمِنْهُ {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51] وَمَا لَا أَذًى فِيهِ كَقَوْلِهِمْ هَذَا يَوْمٌ طَيِّبٌ وَلَيْلَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ نَحْوُ هَذَا طَعَامٌ طَيِّبٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا إلَخْ)، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُرَابٌ لَهُ غُبَارٌ وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْ تَفْسِيرُهُ الصَّعِيدَ بِالتُّرَابِ قَوْله تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] ؛ لِأَنَّ مِنْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلتَّبْعِيضِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْسَحَ بِشَيْءٍ يَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلِابْتِدَاءِ ضَعَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعَرَبِ لَا يَفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ الدُّهْنِ، وَمِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ إلَّا مَعْنَى التَّبْعِيضِ وَالْإِذْعَانُ لِلْحَقِّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ اهـ ح ل وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِكُلِّ مَا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ كَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ بِكُلِّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالزِّرْنِيخِ وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا لَا غُبَارَ فِيهِ كَالْحَجَرِ الصُّلْبِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ) هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ الصَّحَابِيُّ حَبْرُ الْأُمَّةِ وَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُمُّهُ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ وُلِدَ بِالشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَحَنَّكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرِيقِهِ حِينَ وُلِدَ وَهُوَ أَحَدُ الْعَبَادِلَةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَحَدُ السِّتَّةِ الْمُكْثِرِينَ الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَوَى عَنْهُ الْخَلَائِقُ الْكَثِيرَةُ وَكَانَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ الْمُتَوَفَّى بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَالَ الْيَوْمَ مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمَّا وُضِعَ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ مِنْ وَجِّ الطَّائِفِ يُقَالُ لَهُ الْغُرْنُوقُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهِ التُّرَابُ سُمِعَ مَنْ يُسْمَعُ صَوْتُهُ وَلَا يُرَى شَخْصُهُ يَقْرَأُ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: 27] إلَخْ السُّورَةِ وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ شَهِيرَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالطَّاهِرِ الطَّهُورُ) قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ إنَّمَا جُعِلَ التُّرَابُ طَهُورًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا أَحَسَّتْ بِمَوْلِدِهِ صلى الله عليه وسلم انْبَسَطَتْ وَتَمَدَّدَتْ وَتَطَاوَلَتْ وَأَزْهَرَتْ وَأَيْنَعَتْ وَافْتَخَرَتْ عَنْ السَّمَاءِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ بِأَنَّهُ مِنِّي خُلِقَ وَعَلَى ظَهْرِي تَأْتِيهِ كَرَامَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى بِقَاعِي يَسْجُدُ بِجَبْهَتِهِ وَفِي بَطْنِي مَدْفِنُهُ فَلَمَّا زَادَ فَخْرُهَا جَعَلَ اللَّهُ تُرَابَهَا طَهُورًا لِأُمَّتِهِ فَالتَّيَمُّمُ هَدِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصَّةً لِتَدُومَ لَهُمْ الطَّهَارَةُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِرَمْلٍ لَا يَلْصَقُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَلَوْ رَمْلًا لِيَكُونَ غَايَةً لِلتُّرَابِ وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ غَايَةٌ لِلتُّرَابِ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ الْآتِي أَيْ. وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ رَمْلًا، وَلَوْ قَالَ، وَلَوْ رَمْلًا لَكَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ التُّرَابَ وَقَوْلُهُ جِنْسٌ لَهُ أَيْ فَهُوَ أَيْ الرَّمَلُ مِنْ أَنْوَاعِهِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش. قَوْلُهُ، وَلَوْ بِرَمْلٍ إلَخْ أَخَذَهُ غَايَةً لِيُبَيِّنَ أَنَّ فِيهِ قَيْدًا مَخْصُوصًا وَهُوَ عَدَمُ لُصُوقِهِ بِالْعُضْوِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا وُضِعَ لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التُّرَابِ انْتَهَتْ.
(تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ لَوْ سُحِقَ الرَّمَلُ الصِّرْفُ وَصَارَ لَهُ غُبَارٌ أَجْزَأَ أَيْ بِأَنْ صَارَ كُلُّهُ بِالسَّحْقِ غُبَارًا أَوْ أُبْقِيَ مِنْهُ خَشِنٌ لَا يَمْنَعُ لُصُوقَ الْغُبَارِ بِالْعُضْوِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ ذَلِكَ مَا يَأْتِي قَالَ بِخِلَافِ الْحَجَرِ الْمَسْحُوقِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ الرَّمَلُ ضَرْبَانِ مَا لَهُ غُبَارٌ فَيَجُوزُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ فَلَا لِعَدَمِ الْغُبَارِ لَا لِخُرُوجِهِ عَنْ جِنْسِ التُّرَابِ اهـ، إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تُرَابٌ حَقِيقَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غُبَارٌ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لَا يَلْصَقُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْمُضَارِعِ وَكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي مِنْ بَابِ تَعِبَ يَتْعَبُ وَيُقَالُ بِالسِّينِ وَالزَّاي اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ لَصِقَ الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ مِنْ بَابِ تَعِبَ لَصْقًا وَلُصُوقًا مِثْلَ لَزِقَ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ) قَالَ النَّيْسَابُورِيُّ فِي لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ إنَّمَا اُخْتُصَّتْ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ مِنْهُمَا آدَمَ عليه الصلاة والسلام فَامْتَازَا عَلَى غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ اسْمَ التُّرَابِ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ وَهِيَ سِتُّونَ نَوْعًا وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ مِنْ السِّتِّينَ فَجَاءَتْ أَوْلَادُهُ عَلَى أَلْوَانٍ وَصُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَهَذَا حِكْمَةُ إطْعَامِ السِّتِّينَ فِي الْكَفَّارَةِ كَمَا سَيَأْتِي لِيُسْتَوْفَى بِهِ جَمِيعُ الْأَنْوَاعِ، قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ الْأَرْضِ الْأُولَى وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَهَبَ
وَالتُّرَابُ جِنْسٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ لُصُوقِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَدَخَلَ فِي التُّرَابِ الْمَذْكُورِ الْمَحْرُوقُ مِنْهُ، وَلَوْ اسْوَدَّ مَا لَمْ يَصِرْ رَمَادًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَخَرَجَ بِهِ التُّرَابُ الْمُتَنَجِّسُ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ وَالْمُسْتَعْمَلُ وَسَيَأْتِي وَغَيْرُهَا كَنُورَةٍ وَزَرْنِيخٍ وَسَحَاقَةِ خَزَفٍ
ــ
[حاشية الجمل]
إلَيْهِ وَهْبٌ مِنْ أَنَّ رَأْسَهُ مِنْ الْأُولَى وَعُنُقَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ وَصَدْرُهُ مِنْ الثَّالِثَةِ وَيَدَيْهِ مِنْ الرَّابِعَةِ وَبَطْنَهُ مِنْ الْخَامِسَةِ وَفَخِذَيْهِ وَمَذَاكِيرَهُ وَعَجِيزَتَهُ مِنْ السَّادِسَةِ وَسَاقَيْهِ وَقَدَمَيْهِ مِنْ السَّابِعَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما خُلِقَ آدَم مِنْ أَقَالِيمِ الدُّنْيَا فَرَأْسُهُ مِنْ تُرْبَةِ الْكَعْبَةِ وَصَدْرُهُ مِنْ تُرْبَةِ الدَّهْنَاءِ وَبَطْنُهُ وَظَهْرُهُ مِنْ تُرْبَةِ الْهِنْدِ وَيَدَاهُ مِنْ تُرْبَةِ الْمَشْرِقِ وَرِجْلَاهُ مِنْ تُرْبَةِ الْمَغْرِبِ وَفِي سُؤَالَاتِ الْحَجَّاجِ لِلصَّبِيِّ حِينَ قَالَ لَهُ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خُلِقَ آدَم فَقَالَ مِنْ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ وَهِيَ أَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ مِنْ السَّحَابِ وَعَيْنَيْهِ مِنْ الشَّمْسِ وَنَفْسَهُ مِنْ الرِّيحِ وَرِئَتَهُ مِنْ الضَّبَابِ وَلَحْمَهُ مِنْ التُّرَابِ وَكَبِدَهُ مِنْ الْمَاءِ وَعَظْمَهُ مِنْ الْحَجَرِ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ وَمَا أَخَذْنَا مِنْهُ فَقَالَ الصَّبِيُّ إذَا رَأَيْت وَلَدَهُ مُسَافِرًا يَتَمَنَّى شَرْقًا وَغَرْبًا فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ شَعْرِهِ خُلِقَ وَشَعْرُهُ مِنْ السَّحَابِ وَهُوَ يَتَلَأْلَأُ شَرْقًا وَغَرْبًا وَإِذَا رَأَيْته أَدِيبًا يُعْطِي السُّؤَالَ لِكُلِّ أَحَدٍ.
فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ عَيْنَيْهِ خُلِقَ وَعَيْنَاهُ مِنْ الشَّمْسِ وَهِيَ تَطْلُعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَإِذَا رَأَيْته عَاجِزًا فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ نَفْسِهِ خُلِقَ وَنَفْسُهُ مِنْ الرِّيحِ وَهِيَ تَهُبُّ تَارَةً وَتَسْكُنُ أُخْرَى وَإِذَا رَأَيْته جَاهِلًا يُفْسِدُ مَا لَا يُصْلِحُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ رِئَتِهِ خُلِقَ وَرِئَتُهُ مِنْ الضَّبَابِ وَهُوَ يُفْسِدُ مَا لَا يُصْلِحُ وَإِذَا رَأَيْته عَاقِلًا يَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ لَحْمِهِ خُلِقَ وَلَحْمُهُ مِنْ التُّرَابِ وَهُوَ مِنْ الْأَرْضِ وَهِيَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَإِذَا رَأَيْته كَرِيمًا فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ كَبِدِهِ خُلِقَ وَكَبِدُهُ مِنْ الْمَاءِ وَهُوَ بِهِ كُلُّ شَيْءٍ وَإِذَا رَأَيْته شَحِيحًا بَخِيلًا فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ عَظْمِهِ خُلِقَ وَعَظْمُهُ مِنْ الْحَجَرِ وَهُوَ أَقْسَى كُلِّ شَيْءٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالتُّرَابُ جِنْسٌ لَهُ) وَوَقَعَ سُؤَالٌ اسْتِطْرَادِيٌّ عَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ رَمْلٌ لَهُ غُبَارٌ وَحَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ تُرَابٌ هَلْ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التُّرَابِ لِإِجْزَائِهِ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا وَالْأَيْمَانُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا الشبراملسي بِأَنَّ الظَّاهِرَ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ هُوَ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي التُّرَابِ الْمَذْكُورِ الْمَحْرُوقُ مِنْهُ) أَيْ وَالطَّفْلُ وَالسَّنْجُ الَّذِي لَمْ يَصِلْهُ مِلْحٌ وَمَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرَضَةُ مِنْ مَدَرٍ وَلَا أَثَرَ لِامْتِزَاجِهِ بِلُعَابِهَا كَطِينٍ عُجِنَ بِنَحْوِ خَلٍّ حَتَّى تَغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ وَجَفَّ وَكَانَ لَهُ غُبَارٌ وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ أَيْ بِالتُّرَابِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الطَّهُورُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ التُّرَابِ الْخَالِصِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ وَغَيْرُهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَوْلَى فِي الْإِخْرَاجِ أَنْ يَقُولَ خَرَجَ مَا لَيْسَ تُرَابًا كَنَوْرَةٍ وَالْمُخْتَلِطُ بِمَا يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ كَدَقِيقٍ وَخَرَجَ التُّرَابُ الْمُتَنَجِّسُ وَالْمُسْتَعْمَلُ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ الْمَحْرُوقُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهِ قُوَّةُ الْإِنْبَاتِ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَصِرْ رَمَادًا أَيْ بِأَنْ خَرَجَ عَنْ قُوَّةِ الْإِنْبَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ بِالتُّرَابِ بِقَيْدِهِ وَهُوَ طَهُورٌ فَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِلتُّرَابِ فَكَانَ الْأَنْسَبَ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِهِ التُّرَابُ الْمُتَنَجِّسُ وَالْمُسْتَعْمَلُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَهُورٌ يَخْرُجُ بِهِ شَيْئَانِ الْمُتَنَجِّسُ وَالْمُسْتَعْمَلُ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَهُ غُبَارٌ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى قَوْلِهِ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ وَأَجَابَ شَيْخُنَا الشبراملسي بِأَنَّهُ إنَّمَا ضُمَّ مَا لَا غُبَارَ لَهُ لِلْمُتَنَجِّسِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا آتِيَيْنِ فِي عِبَارَتِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَخَّرَ قَوْلَهُ وَغَيْرُهَا لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ أَيْ خَرَجَ بِالْمَجْمُوعِ الْمَجْمُوعُ لَكِنْ لَمْ يُرَاعِ التَّرْتِيبَ فِي الْإِخْرَاجِ، إذْ لَوْ رَاعَاهُ لَقَدَّمَ قَوْلَهُ كَنَوْرَةٍ عَلَى قَوْلِهِ التُّرَابُ الْمُتَنَجِّسُ وَالْمُسْتَعْمَلُ وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ أَنَّ مَفْهُومَ التُّرَابِ لَقَبٌ وَفِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ خِلَافٌ فَلِذَا أَخَّرَهُ أَوْ لِكَثْرَةِ الْمُخْرَجِ بِهِ وَقِلَّةِ الْمَخْرَجِ بِغَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ حَصَرَ الْمَخْرَجَ بِالطَّاهِرِ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ وَعَمَّمَ فِي الْمُخْرَجِ بِذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِهِ حَيْثُ قَالَ كَنَوْرَةٍ إلَخْ، فَإِنَّهُمْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ الْمُتَنَجِّسُ) ، وَمِنْهُ تُرَابُ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ يَقِينًا لِاخْتِلَاطِهِ بِصَدِيدِ الْمَوْتَى الْمُتَجَمِّدِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْمَطَرُ وَلَا يَضُرُّ أَخْذُهُ مِنْ عَلَى ظَهْرِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَمْ يُعْلَمْ الْتِصَاقُهُ بِهِ مَعَ رُطُوبَةٍ وَلَا اخْتِلَاطُهُ بِنَجِسٍ كَفُتَاتِ رَوْثٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَنَوْرَةٍ) وَهِيَ الْجِيرُ قَبْلَ الطَّفْيِ اهـ ح ل اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمِصْبَاحِ النُّورَةُ بِضَمِّ النُّونِ حَجَرُ الْكِلْسِ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى أَخْلَاطٍ تُضَافُ إلَى الْكِلْسِ مِنْ زِرْنِيخٍ وَغَيْرِهِ وَيُسْتَعْمَلُ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ. (قَوْلُهُ وَزِرْنِيخٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ هُوَ حَجَرٌ مَعْرُوفٌ مِنْهُ أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ وَأَصْفَرُ وَقَرْيَةٌ بِالصَّعِيدِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَسَحَاقَةُ خَزَفٍ) الْخَزَفُ مَا اتَّخَذَهُ مِنْ الطِّينِ وَشُوِيَ فَصَارَ فَخَّارًا وَاحِدَتُهُ خَزَفَةٌ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ
وَمُخْتَلِطٍ بِدَقِيقٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَعْلَقُ بِالْعُضْوِ، وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى التُّرَابِ وَلِأَنَّ الْخَلِيطَ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ (لَا بِمُسْتَعْمَلٍ) كَالْمَاءِ (وَهُوَ مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ)
ــ
[حاشية الجمل]
مِمَّا يَعْلَقُ) بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ بَابِ طَرِبَ يَطْرَبُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَسَوَاءٌ أَقَلَّ الْخَلِيطُ أَمْ كَثُرَ، وَقِيلَ إنْ قَلَّ الْخَلِيطُ جَازَ كَالْمَائِعِ الْقَلِيلِ إذَا اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ، فَإِنَّ الْغَلَبَةَ تُصَيِّرُ الْمُنْغَمِرَ الْقَلِيلَ عَدَمًا وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَائِعَ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ لِلَطَافَتِهِ وَالدَّقِيقُ وَنَحْوُهُ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَعْلَقُ بِهِ لِكَثَافَتِهِ وَالْأَرْجَحُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ضَبْطُ الْقَلِيلِ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الْمَاءِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ النُّورَةَ وَتَالِيَيْهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى التُّرَابِ أَيْ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا مِنْهُ فَهِيَ خَارِجَةٌ بِالتُّرَابِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُحْتَرَزَاتِ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْخَلِيطَ إلَخْ إنْ كَانَ هَذَا هُوَ السَّبَبَ فِي مَنْعِ التَّيَمُّمِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُخْرِجُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ فِي مَعْنَى التُّرَابِ وَإِلَّا فَيَتَوَقَّفُ فِي إخْرَاجِ هَذَا الْمُخْتَلِطِ بِالتُّرَابِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ صَنِيعِهِ، وَإِنَّمَا اُخْتُصَّ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» فَقَدْ خَصَّصَ بَعْدَ أَنْ عَمَّمَ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا احْتِجَاجٌ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ قُلْنَا نَعَمْ هُوَ حُجَّةٌ حَيْثُ وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ هُنَا الِامْتِنَانُ الْمُقْتَضِي تَكْثِيرَ مَا يُمْتَنُّ بِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لَا بِمُسْتَعْمَلٍ) صَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَهُوَ مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ إلَخْ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ إنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ طَهُورٌ وَالْمَفَاهِيمُ لَيْسَتْ مِنْ عَادَةِ الْمُتُونِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ لَا بِمُسْتَعْمَلٍ هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا طَهُورٌ، وَذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِلتَّعْرِيفِ قَالَ حَجّ فِي حَدَثٍ، وَكَذَا خَبَثٌ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَخَرَجَ بِهِ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ أَوْ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا لَا بِمُسْتَعْمَلٍ) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا بِتُرَابٍ مُسْتَعْمَلٍ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ أُدِّيَ بِهِ فَرْضٌ وَعِبَادَةٌ فَكَانَ مُسْتَعْمَلًا كَالْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَتْ بِهِ الْمُسْتَحَاضَةُ وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِالِاسْتِعْمَالِ انْتَهَتْ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَنْعَ انْتَقَلَ إلَى التُّرَابِ؛ لِأَنَّهُ أَبَاحَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَالْمَاءِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَنْعَ فِي الْمُسْتَعْمَلِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ) أَيْ الْمَاسِحِ وَالْمَمْسُوحِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ إلَى تَمَامِ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ مَا دَامَ عَلَى الْعُضْوِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ مَا بَقِيَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَهَتْ اهـ شَيْخُنَا وَقَضِيَّةُ هَذَا الْحَصْرِ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ تَعْرِيفُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْحَدَثِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ عُضْوِهِ الْمَاسِحِ وَالْمَمْسُوحِ جَمِيعًا، وَكَذَا مَا اُسْتُعْمِلَ فِي الطَّهَارَةِ الْمُغَلَّظَةِ، وَإِنْ غُسِلَ مِرَارًا، وَكَذَا حَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ لَا يُجْزِئُ هُنَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعُضْوِ أَيْ انْفَصَلَ عَنْهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ جَمِيعًا بَعْدَ مُمَاسَّةِ الْعُضْوِ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا سَوَاءٌ تَنَاثَرَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ بَقِيَ بِعُضْوِهِ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ، ثُمَّ انْفَصَلَ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مَا بَقِيَ إلَخْ. وَأَمَّا مَا دَامَ عَلَى الْعُضْوِ أَيْ الْمَاسِحِ وَالْمَمْسُوحِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْعُضْوِ فِي الْحَدَثِ فَلَوْ أَغْفَلَ لُمْعَةً فِي ذَلِكَ الْعُضْوِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ التُّرَابَ الَّذِي فِي الْمَاسِحِ أَوْ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ يَرْتَفِعُ حَدَثُهَا كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْمَاءِ خِلَافًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ مُسْتَعْمَلٌ، وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ اللُّمْعَةِ، وَإِنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ حَدَثٌ آخَرُ، ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْ التُّرَابَ وَرَدَّدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ لَا يُكْتَفَى بِهِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ جَمِيعًا هَذَا رُبَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُتَسَاقِطَ مِنْ الْكَفِّ بَعْدَ النَّقْلِ لِمَسْحِ الْيَدَيْنِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ دُونَ الْمَمْسُوحَةِ لِعَدَمِ حُصُولِ مَسْحٍ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَفَّ مَاسِحَةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَخْذِ بِهَا لِمَسْحِهَا وَمَمْسُوحَةٌ لِرَفْعِ التُّرَابِ حَدَثَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التُّرَابَ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ لِلْكَفَّيْنِ قَدْ أُدِّيَ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا فَإِذَا انْفَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ حُكِمَ بِاسْتِعْمَالِهِ كَالْمَاءِ قَالَ الْخَطِيبُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَيُنْدَبُ مَسْحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ