الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة مؤلف الحاشية
هو الشيخ الإمام العالم العلامة العامل المحقق المدقق المجتهد المتفنن عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم العاصمي نسبة إلى عاصم وهو جد القبيلة المشهورة بنجد من قبائل قحطان ولد رحمه الله سنة 1312 هـ في بلدة البير القرية المعروفة شمال الرياض وابتدأ في صغره بحفظ القرآن الكريم حتى أتقنه عن ظهر قلب ثم قرأ في مبادئ العلوم على مشايخ بلده ومن بقربه ثم انتقل إلى الرياض وكانت إذ ذاك حافلة بالعلماء الكبار فواصل دراسته وجد واجتهد في التعلم بعد أن ذاق حلاوة العلم وأدرك من نفسه إقبالاً كلياً على القراءة والحفظ والاستفادة حتى فاق أقرانه ومن أشهر مشايخه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف والشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف والشيخ حمد بن فارس والشيخ سعد بن حمد بن عتيق والشيخ عبد الله العنقري والشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ محمد بن مانع وغيرهم من علماء ذلك الزمان. ولم يزل مكبا على الدراسة والحفظ والاستفادة حتى حصل على جانب كبير في أكثر العلوم وتضلع في علم التوحيد والفقه والحديث ونحوها من العلوم الدينية. وكان رحمه الله حسن الخط سريع الكتابة فنسخ بيده شيئاً كثيراً ورزقه الله الصبر والقوة بحيث لا يعتريه ملل ولا سآمة فأكب على المطالعة والبحث والاستفادة والتنقيب عن أفراد المسائل وأماكن الأدلة حتى نال ما تمناه، ثم حرص على العمل والتطبيق فانطبعت في أخلاقه آثار تلك الفوائد فلا يخلو حديثه من فائدة دينية أو مسألة فقهية أو استشهاد بآية أو حديث.
وكان رحمه الله غيورًا على حرمات الله آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر يصدع
بالحق ولا يخاف في الله لومة لائم ثم هو مع ذلك حسن السمت دمث الأخلاق دائم البشر، كريم النفس متعززًا عن رزائل الأمور وسفاسف الأخلاق وكان متواضعًا لربه لا يستنكف ولا يرفع نفسه عن إجابة الصغير والكبير ومحادثة الغني والفقير مع ما رزقه الله من الهيبة والاحترام في قلوب الخاص والعام.
وقد نفع الله بعلومه وبارك في أوقاته فصنف عدة كتب في مختلف الفنون فمنها في الحديث:
1-
(أصول الأحكام) مختصر قيم انتقى فيه الأدلة الواضحة الصحيحة بإيجاز.
2-
(الأحكام شرح أصول الأحكام) وقد طبع منه ثلاثة أجزاء في حياته رحمه الله ثم طبع الجزء الرابع الأخير هذا الزمان. ومنها في الفقه.
3-
حاشية على كتاب الروض المربع شرح زاد المستقنع وتقع في عدة مجلدات هذا المجلد هو الأول منها والبقية تهيأ للطبع.
4-
حاشية على نظم الرحبية في علم الفرائض تكرر طبعها.
5-
نبذة مفيدة في تحريم حلق اللحى وقد طبعت مراراً.
6-
وظائف رمضان نبذة لخصها من لطائف المعارف.
ومنها في علوم القرآن:
7-
مقدمة في أصول التفسير مفيدة في بابها.
8-
حاشية مقدمة التفسير. وهي شرح للنبذة المذكورة وقد نشرت في حياة المؤلف ومنها في النحو:
9-
حاشية على متن الآجرومية طبعت ونشرت فانتفع بها.
ومنها في التوحيد:
10-
(السيف المسلول في الرد على عابد الرسول طبع قديماً وانتشر) .
11-
حاشية ثلاثة الأصول للشيخ محمد بن عبد الوهاب تكرر طبعها في حياة المؤلف وبعد وفاته.
12-
حاشية (كتاب التوحيد) طبعت قريباً وهي من أنفس ما كتب على هذا الكتاب.
13-
الدرر السنية في الأجوبة النجدية، ترتيب رسائل ومسائل علماء نجد الأعلام من زمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى زمن المؤلف وقد بذل جهدا في استقصائها وتتبعها في مختلف البلاد وصبر على ما لقي من صعوبات ونفقات وأخطار وسهر وتعب في البحث والنسخ والمقابلة والتصحيح ثم قسمها فنونا ورتبها على الكتب والأبواب فجاءت مجموعة ضخمة بلغت أحد عشر جزءا مختلفة الأحجام.
14-
تراجم أصحاب تلك الرسائل والأجوبة، ذيل به الدرر السنية في جزء مستقل هو الجزء الثاني عشر، وقد أحسن في السناء على أولئك المشايخ بما هم أهله.
15-
ترتيب مجموعة رسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، عثر على بعضها أثناء جمعه لرسائل علماء نجد فواصل البحث في المكاتب القريبة والبعيدة بمساعدة ابنه محمد وقد تكبد في سبيل جمعها من الشدة والمشقة ما يرجى له به جزيل البر والأجر عند الله وقد رتبها وقسمها فنونا وأبوابا وأضاف إليها المطبوع من الرسائل الصغيرة والفتاوى فبلغت خمسة وثلاثين مجلدا احتوت على علم جم لا يقدر قدره ثم عمل عليها ابنه محمد وفقه الله فهرسا مفصلا كان كالتقريب لها ويقع في مجلدين ضخمين.
وقد اشتغل المؤلف رحمه الله أيضا بالتحقيق لكثير من الكتب المفيدة التي طبعت بعد أن تولى تصحيحها والتعليق عليها.
وأما أعماله الإدارية فقد تنقل مدة تزيد على اثنين وثلاثين عاما بين التدريس في المساجد وإدارة المكاتب والإشراف على طبع الكتب ونحو ذلك وقد أدى جهدا كبيرا وأنتج ثمرة يانعة لا يزال أثرها باقيا بين المسلمين.
وقبل وفاته بثمان سنين طلب الإحالة للتقاعد فهناك تفرغ للكتابة وإتمام ما ابتدأ فيه من المؤلفات وأصيب بألم في الرأس بسبب حادث سيارة لازمه عدة سنوات حتى وافاه الأجل المحتوم وذلك لثمان خلت من شعبان عام 1392 هـ فوقع بالمسلمين الخطب الجسيم والكارثة العظمى حيث فقدوا الرجل الفذ العامل المخلص الناصح للأمة فرحمه الله وأكرم مثواه.
ولم ينقطع عمله والحمد لله حيث خلف علماً جماً ينتفع به من بعده كما خلف ذرية صالحين إن شاء الله يخلفونه بخير ويزودونه بالدعوات والصدقات، وقد رثاه كثير من العلماء وأظهروا الحزن والأسى على فقده فمن ذلك مرثية للشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل جزاه الله خيراً مطلعها:
مصاب على الإسلام بين العوالم
…
على العلم والدين القوي الدعائم
رحيل رجال العلم والمجد والتقى
…
أولي الصدق والإخلاص من كل عالم
نجوم الهدى والرشد والحق والعلى
…
رجوم العدا من كل غاو وآثم
فكم فاضل حبر جليل مهذب
…
حكيم حليم ثابت الجأش حازم
تصرمت الأيام أيام عمره
…
وبات بأطباق الثرى المترادم
وفي اليوم ذا تجري الدموع غزيرة
…
كهتان وبل من خلال السواجم
وتتقد الأحشاء حزنا ولوعة
…
تجيش بها الأشجان مثل الضرائم
لفد التقي الألمعي أخي الوفا
…
أخي السبق في شأو العلى والمكارم
هو العابد الرحمن نجل محمد
…
أكيد الإخا الشيخ الأديب ابن قاسم
هو الصالح المحبوب والناصح الذي
…
يسير على النهج المنير المعالم
على الأصل والتقوى وحسن عقيدة
…
وصحة إيمان ورشد القوادم
عفاف وزهد صادق وتورع
…
وحسن اعتناء في الأدا والتفاهم
ونصح وإرشاد وحزم وغيره
…
بحكمة داع مشفق غير ناقم
وحرب على الإلحاد والغي والردى
…
وكل انحراف زائغ أو جرائم
سخاء ونبل فائق وسماحة
…
وعون مع الإخوان أوفى مساهم
وترتيل آيات الكتاب تدبرا
…
وخشية رب بالسرائر عالم
مفيد بما يدري وما صح علمه
…
بحسن بيان واضح غير كاتم
وما ليس بالمعنيه عنه بمعزل
…
وعن كل خوض سيئ أو تخاصم
له في سبيل العلم والحق والهدى
…
جهاد بمجهود الدءوب الملازم
حريص على نشر العلوم ونصرها
…
وتأليفها والجمع بين الملازم
فنون بحوث ضم بعضا لبعضها
…
بترتيب فن لائق متلائم
له القلم الموهوب عزما وقوة
…
بخط رشيد شيق السطر راقم
بعزم وجد واهتمام مواظب
…
ولم يثنه وهن ولا لوم لائم
إلى آخر ما قال والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم.
بقلم المشرف على الطبع والتصحيح
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن جبرين
مقدمة
ينبغي لكل مبتدئ في فن من فنون العلم أن يعرف مبادئه قبل الشروع فيه، ولما كان فن الفقه من أنفع العلوم وأهمها، كما قال ابن الجوزي رحمه الله:«الفقه عليه مدار العلوم، فإن اتسع الزمان للتزيد فليكن من الفقه، فإنه الأنفع، وقيد المهم من كل علم، فهو سيد العلوم» انتهى، فلذلك نذكر المبادئ العشرة المشارة إليها في قول بعضهم، ونمثل لها بالفقه وهي هذه:
إن مبادئ كل فن عشره
…
الحد والموضوع ثم الثمره
وفضله ونسبة والواضع
…
والاسم الاستمداد حكم الشارع
مسائل والبعض بالبعض اكتفى
…
ومن درى الجميع حاز الشرفا
فالمهم من ذلك معرفة الحد وهو أصل كل علم، ومعناه الوصف المحيط الكاشف عن ماهية الشيء، وشرطه طرد وعكس، ومعنى الطرد إدخال المحدود، والعكس إخراج ما عداه، فإن لم يطرد وينعكس فليس بحد، والموضوع وهو ما يقصد بيانه، والثمرة ويقال لها الفائدة أيضا، وهي ما ينتجه، إذا عرفت ذلك فحد الفقه: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية، وموضوعه أعمال المكلفين من العبادات والمعاملات، وثمرته الاحتراز من الخطأ في القيام بالعبودية، وفضله ما فضل به على غيره، ونسبته إلى العلوم كنسبة الفرع إلى أصله، والواضع هو الله تعالى، والاسم يعني الفقه، والاستمداد يعني من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وحكمه أنه فرض عين فيما يجب، وفرض كفاية فيما زاد على ذلك، ومسائله ما يذكر في كل باب من أبوابه، وهي جمع مسألة وهي القضايا المبرهن عنها في العلم، ويقال في كل فن من العلم كما في فن الفقه، فافهم ذلك والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتوحد في الكمال، الأحد الصمد الحكم العدل ذي العزة والجلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا مثال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أكمل الله به الدين، وأوضح به السبيل للسالكين، فاتضح الحرام من الحلال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين أعلام الهداية والبيان، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فإن زاد المستقنع وشرحه وقد رغب فيهما طلاب العلم غاية الرغب، واجتهدوا في الأخذ بهما أشد اجتهاد وطلب، لكونهما مختصرين لطيفين، ومنتخبين شريفين، حاويين جل المهمات، فائقين أكثر المطولات والمختصرات، بحيث إنه يحصل منهما الحظ للمبتدي، والفصل للمنتهي، وخدمهما علماء العصر كالشيخ عبد الله أبا بطين، والشيخ عبد الله العنقري، عبد الوهاب بن فيروز بالحواشي مفردة، وعلى الهوامش، من لا أحصيهم مكثر ومقل. فتطلفت بوضع هذه الحاشية منتخبة من تلك الحواشي، ومن تقرير شيخنا محمد بن إبراهيم آل الشيخ ومن كتب الأصحاب. كالتنقيح والمغني والزركشي والشرح والمبدع، والمطلع والمحرر، والفروع والتصحيح، والإنصاف، والإقناع والمنتهى، وحواشيهما ومن كتب فتاوى شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وابن رجب، ومن كتب الحديث وشروحها، وكتب أهل المذاهب كالبغوي، والنووي وابن رشد وغيرهم، مجتهدا في نقل الإجماع عمن تقدم ذكرهم، وعن ابن جرير وابن كثير وابن عبد البر وابن المنذر، وابن هبيرة وغيرهم من أهل التحقيق، مفتشا على خلاف يعتبر ومجتهدا في إبراز الدليل والتعليل، وتوضيح القول الصحيح (1) .
(1) إثبات المسألة بدليلها تحقيق، وبدليل آخر تدقيق، والتعبير عنها بفائق العبارة ترقيق، وبمراعاة علم المعاني والبديع في تركيبها تنميق، والسلامة فيها من اعتراض الشرع توفيق، ونسأل الله بأسمائه الحسنى الهداية والتوفيق، لما اختلف فيه من الحق إلى أقوم طريق.
وقد انتشرت في هذا العصر فكرة التوسع في الاطلاع على المذاهب الأربعة وغيرها، والأخذ منها، وعدم الاقتصار على مذهب واحد، ليبنى الحكم على الأقوى دليلا، فأذكر غالبا ما أجمع عليه إن كان، أو ما عليه الجمهور أو ما انفرد به أحد الأئمة وساعده الدليل حسب الإمكان، بحيث يغني عن مطالعة الأسفار الضخمة، ولست وإن بذلت الجهد قد بلغت النهاية، بل خطوة في البداية، فميدان العمل فيه سعة لمن شحذ همته، وبذل نصحه، وشرعه لمن خلصت نيته، وأحرص إن شاء الله أن لا أطيلها إلا بقواعد وبراهين ومهمات تثلج الصدر وتبرد الوحر، ويطمئن لها قلب من له طلب مليح. وقصد صحيح، إذ لا التفات لكراهة ذوي البطالة والمهانة، بل قال ابن رشد: ما من مسألة وإن كانت جلية في ظاهرها إلا وهي مفتقرة إلى الكلام على ما يخفى من باطنها. وقد يتكلم الشخص على ما يظنه مشكلا، وهو غير مشكل على كثير من الناس، وقد يشكل عليهم ما يظنه هو جليا، والكلام على بعض المسائل دون بعض تعب وعناء بدون فائدة تامة. وإنما الفائدة التامة التي يعظم نفعها، ويستسهل العناء فيها، أن يتكلم الشخص على جميع المسائل كي لا يشكل على أحد مسألة إلا وجد التكلم عليها، والشفاء مما في نفسه منها، والحال دون ما ذكر ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله.