الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن لا يقيم إلا بإذن الإمام (1)(ولا يصح) الأذان (إلا مرتبا) كأركان الصلاة (2)(متواليا) عرفا لأنه لا يمكن المقصود منه إلا بذلك (3) فإن نكسه لم يعتد به (4) ولا تعتبر الموالاة بين الإقامة والصلاة، إذا أقام عند إرادة الدخول فيها (5) .
(1) لما في الصحيحين أن المؤذن كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ولمسلم أن بلالا لا يقيم حتى يخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم قال في المجمع: وينبغي للمؤذن أن لا يقيم حتى يحضر الإمام ويأذن له في الإقامة نص عليه، ولأن الإقامة منوط وقتها بنظر الإمام، لأنها للقيام إلى الصلاة، فلا تقام إلا بإشارته، فإن أقيمت بغير إشارة أجزأت لقوله: فلا تقوموا حتى تروني.
(2)
أي كترتيب أركان الصلاة، وفاقا، لأنه ذكر معتد به، فلا يجوز الإخلال بنظمه، ولأنه إذا نكسه لا يعلم السامع أن ذلك الأذان، ولا يصح إلا منويا وفاقا لمالك لحديث إنما الأعمال بالنيات.
(3)
أي لا يحصل المقصود وهو الإعلام بدخول الوقت من الأذان إلا بالترتيب والتوالي، لأن مشروعيته كانت كذلك، قال في الإنصاف، و
لا يصح الأذان إلا مرتبا متواليا
بلا نزاع.
(4)
لعدم ترتيب الجمل بأن قدم بعضها على بعض، قال في الإنصاف: بغير خلاف نعلمه، وسمي بذلك لأنه نكس أي قلب عما هو السنة، قال الجوهري: نكسه بمعنى قلبه.
(5)
لأنه عليه الصلاة والسلام لما ذكر أنه جنب ذهب فاغتسل ولم يعدها، وظاهر طول الفصل، قال شيخنا: هذا والله أعلم ما لم يخرج من المسجد، أو يشتغل بغير الصلاة، ويستحب الإحرام بعد فراغه من الإقامة، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده، واستمر عمل المسلمين عليه.
ويجوز الكلام بين الأذان وبعد الإقامة قبل الصلاة (1) ، ولا يصح الأذان إلا (من) واحد ذكر (عدل) ولو ظاهرا (2) فلو أذن واحد بعضه وكمله آخر (3) أو أذنت امرأة (4) أو خنثى (5) أو ظاهر الفسق لم يعتد به (6) ويصح الأذان (ولو) كان (ملحنا) أي مطربا به (7) .
(1) لأنه روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يكلم الرجل بعدما تقام الصلاة، وهو مذهب الشافعي، لكن الأولى تركه إلا لحاجة، ولو عبر بالفاء الدالة على التفريع لكان أصوب.
(2)
فيصح أذان مستور الحال: قال في الشرح: بغير خلاف علمناه، وزاد في الإقناع، وتشترط ذكوريته وعقله وإسلامه.
(3)
لم يعتد به، قال في الإنصاف: بغير خلاف أعلمه، ولو كان ذلك لعذر بأن مات أو جن ونحوه من شرع فيه فكمله الثاني.
(4)
للرجال لم يصح ولم يعتد به، إجماعا، حكاه الوزير وغيره، للنهي عن رفع صوتها، فإن أذنت للنساء فلا بأس لقصة عائشة.
(5)
مشكل لاحتمال أن يكون أنثى لم يعتد به، فإن اتضحت ذكوريته صح.
(6)
قال الشيخ: وفي إجزاء الأذان من الفاسق روايتان: أقواهما عدمه، لمخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأما نصب الفاسق مؤذنا فلا ينبغي قولا واحدا.
(7)
لحصول المقصود به، يقال: لحن في قراءته، إذا طرب وغرد، وفي التعريفات، اللحن في القرآن والأذان التطويل فيما يقصر، والتقصير فيما يطول اهـ، والتطريب تقطيع الصوت وترديده، وأصله خفة تصيب المرء من شدة الفرح، أو من شدة التحزين، من الإطراق أو الطربة.
(أو) كان (ملحونا) لحنا لا يحيل المعنى (1) ويكرهان (2) ومن ذي لثغة فاحشة (3) وبطل إن أحيل المعنى (4)(ويجزئ) أذان (من مميز) لصحة صلاته كالبالغ (5) .
(1) كرفع تاء الصلاة ونصبها، وحاء الفلاح، لأن ذلك لا يمنع إجزاء القراءة في الصلاة فهنا أولى:(ولحن القارئ في القراءة يلحن لحنا ولحونا ولحانة ولحانية ولحنا) أخطأ في الإعراب، وخالف وجه الصواب، فهو لاحن ولحان ولحانة.
(2)
أي الملحن والملحون، قال أحمد: كل شيء محدث أكرهه، مثل التطريب، وسمع عبد الله بن عمر رجلا يطرب في أذانه، فقال: لو كان عمر حيا لفك لحييك، لأنه ينافي الخشوع والوقار، وينحو إلى الغناء، ويكره ما فيه غلظه وفضاضة، أو تكلف أو زيادة، قال عمر بن عبد العزيز، أذن أذان سمحا، وإلا فاعتزلنا.
(3)
أي ويكرهان من صاحب لثغة وزن غرفة، حبسه في اللسان حتى تصبر الراء لاما أو غبنا، أو السين تاء ونحو ذلك، أو أن لا يتم رفع لسانه، وقال الأزهري: اللثغة أن يعدل بحرف وكذا اللكنة، (وفاحشة) أي مجاوزة الحد، فإن لم تكن اللثغة واللكنة فاحشتين لم يكره، فقد روي أن بلالا كان يبدل الشيء سينا، والفصيح أكمل، وعند المالكية والحنفية إن أدى إلى تغيير الكلمات حرم.
(4)
أي بطل الأذان إن أحيل معناه باللحن أو اللثغة أو اللكنة، ومثال الأول مد همزة: الله أكبر أو بائه ومثال الثاني إبدال الكاف فاء أو همزة وفي المبدع: إن فتح لام رسول الله بطل، ومعناه في الشرح، لإيهامه البدلية فلا يتم الكلام.
(5)
أي فيصح أذانه لصحة صلاته، كما تصح صلاة البالغ، لقول عبد الله بن أبي بكر بن أنس: كان عمومتي يأمرونني أن أؤذن لهم وأنا غلام لم أحتلم، وأنس ابن مالك شاهد لم ينكر ذلك، وهذا مما لا يخفى ولم ينكر فكان كالإجماع
وهو مذهب مالك وغيره، إذا اعتمد على بالغ، وحكى في كتاب (رحمة الأمة) الإجماع عليه، قال الشيخ: واختاره أكثر الأصحاب، وقال: والأشبه أن الأذان الذي يسقط به الفرض عن أهل القرية، ويعتمد في وقت الصلاة والصيام لا يجوز أن يباشره صبي قولا واحدا، ولا يسقط ولا يعتمد في مواقيت الصلوات وأما الأذان الذي يكون سنة مؤكدة في مثل المساجد التي في المصر ونحو ذلك ففيه روايتان، والصحيح جوازه، وفي الاختيارات: وأما صحة أذانه في الجملة وكونه جائزا إذا أذن غيره فلا خلاف في جوازه، وحكى الوزير وغيره الإجماع على استحباب أن يكون بالغا.
(ويبطلهما) أي: الأذان والإقامة (فصل كثير) بسكوت (1) أو كلام ولو مباحا (2)(و) كلام (يسير محرم) كقذف (3) وكره اليسير غيره (4)(ولا يجزئ) الأذان (قبل الوقت)(5) لأنه شرع للإعلام بدخوله (6) .
(1) طويل للإخلال بالموالاة، وكذا إن أغمي عليه، أو نام طويلا.
(2)
لفوات الموالاة.
(3)
وغيبة، لأنه فعل محرما فيه، كما لو ارتد في أثنائه، وفاقا، وفي الفروع: وقيل لا يبطل يسير كلام محرم وفاقا.
(4)
أي غير المحرم: زاد في الإقناع، بلا حاجة وصحح في الإنصاف جواز رد السلام بلا كراهة، ولا تبطل به عند جماهير العلماء كالخطبة.
(5)
بإجماع المسلمين نقله ابن جرير والنووي وغيرهما، لحديث إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم متفق عليه.
(6)
فلا يشرع قبل الوقت، لعدم حصول المقصود، بل وتغرير من يسمعه وتقدم قول الشيخ: إن الأذان إعلام بوقت الصلاة الذي تفعل فيه، لا الذي وجب فيه، ويظهر بوقت الظهر إذا أبرد بها وبالفائتة.
ويسن في أوله (1)(إلا الفجر) فيصح (بعد نصف الليل)(2) لحديث «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» متفق عليه (3) ويستحب لمن أذن قبل الفجر أن يكون معه من يؤذن في الوقت (4) .
(1) لحديث كان بلال يؤذن إذا زالت رواه أحمد ومسلم وغيرهما، فدل على المحافظة على الأذان عند دخول الوقت، وعمل المسلمين عليه، وليتأهب الناس للصلاة ويجوز مطلقا لا بعده.
(2)
يعني الأذان لها وهو مذهب مالك والشافعي وجمهور السلف.
(3)
من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم، وفي الصحيح وغيره أحاديث كثيرة بمعناه وليتأهب جنب ونحوه ليدرك فضيلة الوقت، وفي الصحيح ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم فهذا وجه مشروعيته، وقال الشيخ: الذي يعتبر نصفه ينبغي أن يكون أوله غروب الشمس وآخره طلوعها، كما كان النهار المعتبر نصفه أوله طلوع الشمس وآخره غروبها، وإن كان من غير التنصيف يكون آخر الليل طلوع الفجر وهو أول النهار، ولعل التنزل الإلهي في قوله صلى الله عليه وسلم حين يبقى ثلث الليل، وفي الآخر، حين يمضي نصف الليل، كذلك تقريبا، واسم ابن أم مكتوم عمرو ويقال عبد الله بن قيس بن زائدة من عامر بن لؤي وأمه عاتكة بنت عبد الله بن عتكم المخزومية، قدم المدينة مع مصعب، واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة ثلاث عشر مرة، وشهد القادسية وقتل بها رضي الله عنه.
(4)
كما كان بلال وابن أم مكتوم، ولأنه إذا لم يكن كذلك لم يحصل الإعلام بالوقت المقصود بالأذان.
وأن يتخذ ذلك عادة، لئلا يغر الناس (1) ورفع الصوت بالأذان ركن (2) ما لم يؤذن لحاضر فبقدر ما يسمعه (3) (ويسن جلوسه) أي: المؤذن (بعد أذان المغرب)(4) وصلاة يسن تعجيلها قبل الإقامة (يسيرا) لأن الأذان شرع للإعلام، فسن تأخير الإقامة للإدراك (5) .
(1) بالتقدم أو التأخر، فلا يتقدم ولا يتأخر في الليالي كلها، وفي الكافي: ما يقتضي اشتراط ذلك، واشترطه طائفة من علماء الحديث، ويكره الأذان للفجر في رمضان قبل وقتها، إلا في حق من عرفت عادته في الأذان بالليل، قال في الإنصاف: وعليه عمل الناس من غير نكير.
(2)
لقوله: فارفع صوتك بالنداء، وقوله: هو أندى منك صوتا، ليحصل السماع المقصود بالأذان، وكونه بقدر الطاقة مستحب وفي الإنصاف: يستحب رفع صوته بقدر طاقته ليحصل السماع، وتكره الزيادة فوق طاقته.
(3)
يعني الحاضر، واحدا كان أو جماعة، وكذا لنفسه، فيسر إن خاف تلبيسا، ورفع الصوت ما لم يغرر به.
(4)
قبل الإقامة جلسة خفيفة بقدر حاجته ووضوئه وصلاة ركعتين، صححه في تصحيح الفروع، وعليه أكثر الأصحاب.
(5)
وليفرغ الآكل من أكله ونحوه، لحديث جابر قال لبلال اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته رواه أبو داود والترمذي، والمراد ما عدى العشاء، ويأتي، ولا يحرم إمام والمقيم في الإقامة، نص عليه، ويستحب عقيب فراغه منها.
(ومن جمع) بين صلاتين لعذر، أذن للأولى وأقام لكل منهما (1) سواء كان جمع تقديم أو تأخير (2)(أو قضى) فرائض (فوائت أذن للأولى، ثم أقام لكل فريضة) من الأولى وما بعدها (3) وإن كانت الفائتة واحدة أذن لها وأقام (4) ثم إن خاف من رفع صوته تلبيسا أسر، وإلا جهر (5) فلو ترك الأذان لها فلا بأس (6) .
(1) أي المجموعتين لعذر كسفر ومرض، لحديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بمزدلفة بأذان وإقامتين رواه مسلم.
(2)
عند فعلها، لأن وقتها هو الذي تفعل فيه كما تقدم.
(3)
قال النووي وغيره: بلا خلاف، لحديث الخندق، شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء، رواه أحمد والترمذي، وقال: ليس بإسناده بأس، والطحاوي بإسناد صحيح.
(4)
لأمره عليه الصلاة والسلام بلالا بالأذان والإقامة، رواه مسلم وغيره، وقال الشيخ: الأذان مشروع للفائتة عند الأئمة الأربعة وغيرهم، وليس بواجب، وإذا صلى وحده أداء أو قضاء وأذن وأقام فقد أحسن، وإن اكتفى بالإقامة أجزأه.
(5)
أي وإن لم يخف من رفع صوته تلبيسا أي تخليطا جهر لعموم الأخبار.
(6)
لأنه للإعلام، ولا حاجة للإعلام هنا، لكن إن رجا اجتماع الناس فالأولى له أن يؤذن، وإن لم يرج اجتماعهم فلا بأس بتركه، ولا يسن لفاسدة # أعيدت في الوقت، ولا لظهر يوم الجمعة في مصر، ولا فيما يقضي من الفوائت في مسجد، لأنه فيه تشويشا وتغليظا، أما إن كان منفردا أو يؤذن بقدر ما يسمع نفسه فلا.
(ويسن لسامعه) أي لسامع المؤذن (1) أو المقيم (2) ولو أن السامع امرأة (3) أو سمعه ثانيا وثالثا، حيث سن (4) .
(1) إجابته إجماعا، على أي حال كان، من طهارة وغيرها، ولو جنبا أو حائضا، إلا حال جماع وتخل لقوله:«إذا سمعتم النداء فقولا مثل ما يقول المؤذن» رواه الجماعة وقيل بالوجوب، فلو لم يجاوبه حتى فرغ استحب له التدارك، ما لم يطل الفصل، ويدل على الندب حديث عمر عند مسلم «إذا قال المؤذن الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر، إلى قوله: قال لا إله إلا الله دخل الجنة» وللبخاري نحوه من حديث معاوية.
(2)
أي يستحب لسامع المقيم. صححه في الإنصاف، وهو قول جمهور أصحاب الأئمة الثلاثة، لما روى أبو داود عن أبي أمامة، وقال في سائر ألفاظ الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان، لكن قال المنذري وغيره: في سنده مجهول وشهر، وهو متكلم فيه، وقال النووي: وكيف كان فهو حديث ضعيف منقطع قال ابن حوشب لم يسمع من ابن أبي أوفى، وقال الحافظ: استدل به يعني قولوا إذا سمعتم المؤذن إلخ على مشروعية إجابة المؤذن في الإقامة اهـ وهل يعتبر فهم الصوت أولا؟ استظهر بعضهم أنه يعتبر فهمه، فإن سمع بعضه تابعه فيما سمع فقط لقوله: إذا سمعتم.
(3)
لعموم الأخبار.
(4)
أي حيث كان الأذان مشروعا، قال في المبدع: ظاهر كلامهم أنه يجيب ثانيا وثالثا حيث سن، واختاره الشيخ. لكن لو سمع المؤذن وأجابه وصلى في جماعته لم يجب الثاني، لأنه غير مدعو بهذا الأذان وإجابة الأول أفضل، إلا أذاني الفجر فهما سواء.
(متابعته سرا) بمثل ما يقول (1) ولو في طواف أو قراءة (2) ويقضيه المصلي والمتخلي (3)(و) تسن (حوقلته في الحيعلة)(4) .
(1) أي قولا بمثل ما يقول المؤذن لما تقدم من قوله فقولا مثل ما يقول وفي حديث عمر، من قال مثل ما يقول صدقا من قلبه دخل الجنة، رواه مسلم، وله أيضا من قال حين يسمع النداء وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأن محمدا عبده، ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا غفر له ذنبه.
(2)
أو ذكر فيقطع القراءة والذكر ويجيبه، لعموم الأخبار، قال الشيخ: ولأن موافقة الأذان عبادة مؤقتة يفوت وقتها، وهذه الأذكار لا يفوت وقطع الموالاة فيها لسبب شرعي جائز بخلاف الصلاة.
(3)
أي يقضي المصلي إذا فرغ من صلاته والمتخلي إذا خرج من الخلاء ما فاته من إجابة المؤذن حين سماعه، ولا يقضي إذا سمع البعض فقط، وإن أجابه المصلي بطلت بلفظ الحيعلة فقط، دون باقي ألفاظ الأذان لأنها أقوال مشروعة في الصلاة في الجملة، وكرهه مالك وغيره، وهل يجيب المستنجي في حال الاستنجاء أو بعده، ظاهر يجيب لتعميمهم غير المصلي والمتخلي.
(4)
كلمة استعجال مولدة وهي حكاية قول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، كما تقدم أنهم أخذوا الحاء والياء من حي، والعين واللام من على، كما يقال الحوقلة لا حول ولا قوة إلا بالله، أخذوا الحاء والواو من حول، والقاف من قوة واللام من اسم الله تعالى، والحكمة في إبدال الحوقلة من الحيعلة، أن الحيعلة دعاء إلى الصلاة معناه هلموا، وإنما يحصل الأجر فيه بالإسماع، فأمر السامع بالحوقلة، لأن الأجر يحصل لقائلها، سواء أعلنها أوأخفاها، ولمناسبتها لقول المؤذن، وتكون جوابا له، بأن تبرأ من الحول والقوة على إتيان الصلاة والفلاح إلا بحول الله وقوته.
أي أن يقول السامع: لا حول ولا قوة إلا بالله (1) إذا قال المؤذن أو المقيم: حي على الصلاة، حي على الفلاح (2) وإذا قال: الصلاة خير من النوم، ويسمى التثويب (3) قال السامع: صدقت وبررت (4) .
(1) تقدم معناه: وفي الصحيحين «لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة» ، أي أجر مدخر لقائلها، كما يدخر الكنز، وأخرج النسائي في اليوم والليلة وغيره: إن العبد إذا قالها قال الله: أسلم عبدي واستسلم.
(2)
لحديث عمر عند مسلم ثم قال: حي على الصلاة، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وللبخاري عن معاوية إذا قال: حي على الصلاة، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، وإنما لم يتابعه لأن الحيعلة المقصود بها الدعاء إلى الصلاة، وذلك يحصل من المؤذن فعوض السامع عما يفوته من ثواب الحيعلة ثواب الحوقلة، ولأنها خطاب فإعادته عبث، بل سبيله الطاعة وسؤال الحول والقوة الدالين على الاعتراف بالعجز وطلب المعونة من الله في كل الأمور.
(3)
أي إلى العود بالإعلام بعد الإعلام بإقام الصلاة، من ثاب إذا رجع، لأن المؤذن رجع إلى الدعاء للصلاة بعد أن دعا إليها بالحيعلة، وهو في الأصل الإعلام بالشيء والإنذار بوقوعه، وهو مخصوص بأذان الفجر.
(4)
أي صدقت في دعائك إلى الطاعة، وبررت بكسر الراء الأولى وسكون الثانية، ودعاء له أي بر عملك، أو صيرك الله دابر، أي خير كثير، وهذا استحسان من قائليه وإلا فليس فيه سنة تعتمد، ولا أصل له، لعدم وروده، والصواب ما ذهب إليه مالك وغيره أن يقول مثل ما يقول، لقوله:«قولوا كما يقول المؤذن» متفق عليه، زاد النسائي حتى ينتهي.
وإذا قال المقيم: قد قامت الصلاة، قال السامع: أقامها الله وأدامها (1) وكذا يستحب للمؤذن والمقيم إجابة أنفسهما (2) للجمع بين ثواب الأذان والإجابة (3) .
(و) يسن (قوله) أي قول المؤذن وسامعه (بعد فارغه (4) اللهم) أصله: يا الله، والميم بدل من يا (5) قاله الخليل وسيبويه (6) .
(1) لما روى أبو داود عن أبي أمامة أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال: أقامها الله وأدامها وتقدم الكلام فيه والله أعلم.
(2)
أي بعد كل كلمة كالسامع.
(3)
صرح به جماعة وعنه لا يجيب نفسه، وقال ابن رجب: الأرجح أن المؤذن لا يجيب نفسه، وهو ظاهر كلام جماعة اهـ.
فالمقيم أولى للأمر بالإسراع فيها.
(4)
أي يقول المؤذن بعد فراغه وكذا سامعه بعد فراغه من إجابته وبعد فراغه من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لحديث عبد الله بن عمرو «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليها بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة» رواه مسلم.
(5)
أي حذف حرف النداء من قولك يا الله، وعوض عنه ميم مشددة في الأخر.
(6)
أي الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم أبو عبد الرحمن الفراهيدي اليحمدي الأزدي الإمام في علم النحو، واستنبط علم العروض، ومن تأسيسه بناء كتاب العين، وكتاب العروض والشواهد وغيرها توفي سنة مائة وسبعين، وسيبويه بكسر السين وسكون الهاء أبو بكر عمرو بن عثمان بن قنبر، اشتهر بلقبه سيبويه، وهو لقب فارسي معناه بالعربية رائحة التفاح، صاحب الكتاب المشهور، جميع كتب الناس في النحو عيال عليه، خرج من بغداد لما تعصبوا عليه للكسائي، وتوفي بشيراز سنة مائة وثمانين وله نيف وأربعون.
(رب هذه الدعوة) بفتح الدال (1) أي دعوة الأذان (التامة) أي الكاملة السالمة من نقص يتطرق إليها (2)(والصلاة القائمة) أي التي ستقوم وتفعل بصفاتها (3)(آت محمدا الوسيلة)(4) منزلة في الجنة (5) .
(1) احتراز عن الدعوة بالكسر للنسب، وأما دعوة الوليمة فبالفتح: وقيل بالضم.
(2)
لكمالها وعظم موقعها، والمراد دعوة التوحيد لقوله تعالى:{لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} وقيل لدعوة التوحيد تامة لأنه لا يدخلها تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم القيامة، وقال ابن التين: وصفت الدعوة بالتمام لأنها ذكر الله، ويدعى به إلى عبادته.
(3)
والدائمة التي لا يغيرها ملة، ولا ينسخها شريعة، وإنها قائمة ما قامت السموات والأرض.
(4)
أي أعط نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الوسيلة، من الإيتاء وهو الإعطاء، والوسيلة هي ما يتقرب به إلى الكبير، يقال: توسلت أي تقربت، والوسيلة علم على أعلم منزلة في الجنة، وهي منزلة الله صلى الله عليه وسلم وداره، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش.
(5)
وقد فسرها به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم.
والفضيلة (1)(وابعثه المقام المحمود الذي وعدته)(2) أي الشفاعة العظمة في موقف القيامة، لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون (3) ثم يدعو (4) .
(1) الرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون منزلة أخرى، أو تفسيرا للوسيلة، قال السخاوي: وأما الدرجة الرفيعة فيما يقال بعد الأذان فلم أره في شيء من الروايات.
(2)
أي ابعثه يوم القيامة فأقمه المقام المحمود الذي وعدته وهو الذي يغبطه فيه الأولون والآخرون، ومن سأل الله له الوسيلة حلت له الشفاعة يوم القيامة، زاد البيهقي إنك لا تخلف الميعاد، والموصول إما بدل، وإما خبر مبتدأ محذوف وإما مفعول بفعل محذوف، وقيل: بدل على رواية النكير، نعت على رواية التعريف، ورواه النسائي وغيره بالتعريف بإسناد صحيح، ورواه البخاري وأكثر أهل الحديث بالتنكير، قال ابن القيم: وهو الصحيح من وجوه:
(أحدها) اتفاق أكثر الرواة عليه.
(والثاني) موافقته للفظ القرآن.
و (الثالث) لفط التنكير قد يقصد به التعظيم.
(والرابع) دخول اللام يعينه وحذفها يقتضي إطلاقا وتعددا.
و (الخامس) محافظته عليه الصلاة والسلام على ألفاظ القرآن، وأراد بذلك قوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} .
(3)
لتعجيل الحساب والراحة من طول الموقف في المحشر، ويحمده الخالق جل وعلا، وهذه الشفاعة مختصة به صلى الله عليه وسلم يشفع في أهل الموقف، ليقضي بينهم، بعدما يستغيثون بآدم ثم بنوح ثم بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، وله صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات.
(4)
لحديث الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة، رواه أحمد والترمذي وغيرهما وحسنه، أي فادعوا قالوا: فما نقول؟ قال: سلوا الله العفو والعافية في الدنيا
والآخرة قال ابن القيم: حديث صحيح، ولحديث قل كما يقول فإذا انتهيت فسل تعطه رواه أبو داود، ويستحب أن يقول: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، لحديث سعد بن أبي وقاص رواه مسلم، وغيره، وتقدم ويقول عند أذان المغرب، «اللهم إن هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي» ، لحديث أم سلمة رواه أبو داود والترمذي.
ويحرم خروج من وجبت عليه الصلاة بعد الأذان في الوقت من مسجد، بلا عذر (1) أو نية رجوع (2) .
(1) مع صحتها منه، لحديث «من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة هو لا يريد الرجعة فهو منافق» ، رواه ابن ماجه، ولأحمد عن أبي هريرة: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم من المسجد حتى يصلي، ورأى أبو هريرة رجلا خرج من المسجد بعد الأذان فأتبعه بصره، وقال: إن هذا قد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم وقاله ابن عبد البر: أجمعوا على القول بهذا الحديث لمن لم يصل، وكان على طهارة اهـ ولأن خروجه بعد الأذان من المسجد ذريعة إلى اشتغاله عن الصلاة جماعة قال الشيخ: وإن كان التأذين للفجر قبل الوقت لم يكون الخروج، وأما خروجه لعذر فلا يحرم، كقضاء حاجة، ومثله لو خرج بعد الأذان ليصلي جماعة بمسجد آخر، لا سيما مع فضل إمامه.
(2)
أي إلى المسجد قبل فوت الجماعة، ويستحب أن لا يقوم إذا أخذ المؤذن في الأذان، بل يصبر قليلا لئلا يتشبه بالشيطان، ولو دخل المسجد والمؤذن قد شرع في الأذان لم يأت بتحية المسجد لا بغيرها، بل يجيب المؤذن، ثم يصلي تحية المسجد، ليجمع بين أجر الإجابة والتحية، والمراد غير أذان الخطبة، لأن استماع الخطبة أهم.