المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يحرم على المحدث مس المصحف) - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ١

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌يحرم على المحدث مس المصحف)

وإذا سمع اثنان صوتا، أو شما ريحا من أحدهما لا بعينه فلا وضوء عليهما (1) ولا يأتم أحدهما بصاحبه، ولا يصاففه في الصلاة وحده (2) وإن كان أحدهما إماما أعادا صلاتهما (3) (و‌

‌يحرم على المحدث مس المصحف)

(4) .

(1) لأن كل واحد منهما لم يتحققه، فهو متيقن الطهارة شاك في الحدث.

(2)

حال من مفعول أمه أوصافه، قيد في إعادتهما وعلم منه أنه إن أمه مع غيره أوصافه معه فلا إعادة عليهما، وإلا فيجب على المؤتم منهما بالآخر الإعادة مطلقا لاعتقاده حدث إمامه وهو كالصريح في قولهم: ولا يأتم أحدهما بالآخر، وقال الشيخ: إذا تيقنا أن أحدهما أحدث ففيه قولان: الثاني أن ذلك بمنزلة الشخص الواحد وهو أقوى، لأن حكم الإيجاب يثبت قطعا في حق أحدهما فلا وجه لرفعه عنهما جميعا.

(3)

لتيقن كل منهماأن أحدهما محدث.

(4)

بتثليث الميم والضم أشهر ثم الكسر، من: أصحف بالضم أي جمعت فيه

الصحف قال تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ *} أي من الجنابة والحدث، وقال ابن عباس وغيره {إِلا الْمُطَهَّرُونَ *} يعني الملائكة، لا ينفي القول الذي قبله، قال الشيخ: مذهب الأئمة الأربعة أنه لا يمس المصحف إلا طاهر، كما في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، لا يمس القرآن إلا طاهر، ورواه النسائي وغيره متصلا، قال ابن عبد البر: إنه أشبه التواتر لتلقي الناس له بالقبول، وشهد له عمر بن عبد العزيز والزهري وغيرهما بالصحة، وقال أحمد: لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه له، واحتج بحديث ابن عمر، لا يمس المصحف إلا على طهارة، وهو قول سلمان وعبد الله بن عمر وغيرهما، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة، وقال الوزير: أجمعوا أنه لا يجوز للمحدث مس المصحف، وقال الزركشي، إذا كتب بعض القرآن مفردا عن تفسير وغيره فإنه لا يجوز للمحدث مسه، وإن لم يسم مصحفا.

ص: 261

وبعضه حتى جلده وحواشيه (1) بيد أو غيرها بلا حائل (2) لا حمله بعلاقة (3) أو في كيس أو كم من غير مس (4) .

(1) أي نواحيه والورق الأبيض المتصل به، لشمول اسم المصحف له.

(2)

أي يحرم مسه أو بعضه بيد أو غيرها من أعضائه ولو بصدره اتفاقا للعموم بلا حائل، لأن النهي إنما ورد عن مسه، والمس إذا للحائل، وكل شيء لاقي شيئا فقد مسه.

(3)

بكسر العين في المحسوسات على الصحيح كعلاقة السيف ونحوه، وفتحها في المعقولات، كعلاقة الحب، أي فلا يحرم حمله إذا لعدم العلة.

(4)

فلا يحرم لأن النهي إنما ورد عن اللمس، قال الشيخ: إذا حمله بكمه فلا بأس، لكن لا يمسه بيده، والكيس ما يخاط من خرقة ونحوها، سمي بذلك لأنه يجمع ما يجعل فيه ويضمه من دراهم وغيرها، وأما ما يشرج من أديم وخرق ونحوها فيقال له خريطة، والكم بضم الكاف مدخل اليد ويأتي.

ص: 262

ولا تصفحه بكمه أو عود (1) ولا صغير لوحا فيه قرآن من الخالي من الكتابة (2) ولا مس تفسير ونحوه (3) ويحرم أيضا مس مصحف بعضو متنجس (4) وسفر به لدار حرب (5) وتوسده (6) .

(1) ونحوه لأنه غير ماس له، وتصفحه قلب صفحاته وتفتيشها واحدة واحدة والصفحة من كل شيء جانبه، ومن الكتاب الوجه من الورق، وكذا نسخه بدون حمل ومس، قال أبو بكر: لا يختلف قوله في ذلك، وذكر عنه أن نصارى الحيرة كانوا يكتبون المصاحف لقلة من كان يكتبها.

(2)

أي لا يحرم على وليه تمكينه من مس اللوح من المحل الخالي من الكتابة، دون المكتوب، ودون المصحف أو بعضه، فلا يجوز تمكينه منه بدون طهارة وجوزه بعض أهل العلم لحاجة تعلمه، ومشقة استمراه.

(3)

ككتب حديث وفقه ورسائل فيها قرآن وظاهره قل أو كثر.

(4)

لأنه أولى من الحدث، وكذا بعضو رفع عنه الحدث قبل كمال الطهارة لأن رفع الحدث مراعى، فإن أكمله ارتفع، وإلا فلا، كما استظهره صاحب الإنصاف، لا بعضو طاهر على غيره نجاسة، على الصحيح من المذهب، وقال في الفروع: وكذا مس ذكر الله بنجس فيحرم.

(5)

لما في الصحيحين: نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، ولأنه عرضه إلى إلى استلاء الكفار عليه واستهانته.

(6)

أي ويحرم توسده، ولو خاف سرقته، لأن ذلك ابتذال له وكذا استناد عليه، ووزن به، ويحرم جلوس عليه إجماعا، ويجب احترامه حيث كتب إجماعا، ويحرم دوسه أو دوس ذكر، وقال النووي: أجمع العلماء على وجوب صيانة المصحف واحترامه، فلو ألقاه والعياذ بالله في قاذورة كفر.

ص: 263

وتوسد كتب فيها قرآن (1) ما لم يخف سرقة (2) ويحرم أيضا كتب القرآن بحيث يهان (3) وكره مد رجل إليه (4) واستدباره وتخطيه (5) وتحليته بذهب أو فضة (6) .

(1) فيحرم أيضا، وإلا يكن فيها قرآن فيكره.

(2)

أي سرقة الكتب التي فيها قرآن فلا يحرم، قال أحمد في كتب الحديث: إن خاف سرقة فلا بأس، وقال النووي وغيره: لو خاف المحدث على المصحف من حرق أو غرق أو وقوع نجاسة عليه أو وقوعه بيد كافر جاز أخذه مع الحدث صرح به الدارمي وغيره، بل يجب ذلك صيانة له اهـ والأولى وضع كتب النحو، ثم التعبير ثم الفقه، ثم الأخبار، ثم المواعظ، ثم الحديث، ثم التفسير، ثم القرآن الأعلى فالأعلى، رعاية للتعظيم.

(3)

بأن يكتب ببول حيوان ونحوه، قال الشيخ: إجماعا، فتجب إزالته ويحرم كتابة ذكر الله بنجس، أو عليه أو فيه، ويجب غسله، وقال في الفنون: إن قصد بكتبه بنجس إهانته فالواجب قتله، وكذا دوسه، وتكره كتابته في الستور، وفيما هو مظنة بذله، ولو بلي المصحف أو اندرس دفن، لأن الصحابة دفنوا المصحاف بين القبر والمنبر، ولا يجوز لف شيء في كاغد فيه فقه ونحوه، لا طب ونحوه بعد محو ما فيه من ذكر الله عز وجل، أو الرسول صلى الله عليه وسلم.

(4)

إذا لم يقصد إهانته فإن قصد إهانته حرم، بل يكفر كما يأتي في حكم المرتد.

(5)

ورميه إلى الأرض بلا وضع ولا حاجة، بل هو بمسألة التوسد أشبه، قاله صاحب الفروع وغيره، وكذا كتب علم فيها قرآن، قال الشيخ: وجعله عند القبر منهي عنه، ولو جعل للقراءة هناك.

(6)

نص عليه، وهو مذهب مالك والشافعي، وقيل: يكره تحليته للنساء، وقيل يحرم، جزم به الشيخ وغيره، ككتب العلم في الأصح، وقال ابن الزاغوني: يحرم كتبه بذهب.

ص: 264

وتحرم تحلية كتب علم (1)(و) يحرم على المحدث أيضا (الصلاة) ولو نفلا (2) حتى صلاة جنازة (3) وسجود تلاوة وشكر (4) .

(1) بذهب أو فضة على الصحيح، وتحرم مخالفة خط عثمان في ألف أو واو، أو ياء، أو غير ذلك نص عليه، واستفتاح الفأل فعله ابن بطة، قال الشيخ: ولم يره غيره، واختاره وحكى ابن العربي تحريمه، ولا يكره نقط المصحف وشكله، وكتابة الأعشار فيه، وأسماء السور وعدد الآيات، قال في تصحيح الفروع: وهو الصواب، وعليه عمل الناس، وجوز بعضهم تقبيله، لا جعله على عينيه لعدم نقله.

(2)

إجماعا لحديث لا يقبل الله صلاة بغير طهور، رواه الجماعة إلا البخاري، وفيهما لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ وسواء كان عالما أو جاهلا لكن إن صلى جاهلا أو ناسيا فلا إثم عليه.

(3)

فتحرم على المحدث، كما ثبت عن الصحابة، ودل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه الفقهاء من السلف والخلف، قال ابن القيم: صلاة الجنازة صلاة، لأن تحريمها التكبير وتحليلها التسليم، وهو قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف عنهم فيه خلاف، قول الأئمة الأربعة، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تسميتها صلاة، وكذلك عن الصحابة، وحملة الشرع كلهم يسمونها صلاة، وكل ما كان تحريمه التكبير، وتحليله التسليم فلا بد من افتتاحه بالطهارة اهـ ويأتي أنه إن خاف فوتها تيمم، وحكى ابن حزم والنووي وغيرهما عن بعض العلماء جوازها بلا وضوء ولا تيمم، واختاره الشيخ، وألحق بذلك سجود التلاوة والشكر.

(4)

قال الشيخ: والصحيح أنه يجوز، ولكن سجودها على الطهارة أفضل باتفاق المسلمين، وقد يقال: يكره مع القدرة على الطهارة، لقوله عليه الصلاة والسلام للذي سلم عليه كرهت أن أذكر الله إلا على طهر.

ص: 265

ولا يكفر من صلى محدثا (1)(و) يحرم على المحدث أيضا (الطواف)(2) لقوله صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام رواه الشافعي في مسنده (3) .

(1) وفاقا لمالك والشافعي، ولو عالما، خلافا لأبي حنيفة، وقال الشيخ: من صلى بلا وضوء فيما تشترط له الطهارة بالإجماع كالصلوات الخمس، فجمهور العلماء على أنه يغرز، ولا يكفر، إلا إذا استحل ذلك، واستهزأ بالصلاة.

(2)

بالبيت الحرام فرضا أو نفلا، وفاقا لمالك والشافعي.

(3)

وسنده ضعيف، وأخرجه أحمد والنسائي والترمذي والحاكم وغيرهم بلفظ إنما الطواف بالبيت صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام، قال الشيخ: أهل المعرفة بالحديث لا يصححونه إلا موقوفا، وبكل حال فلا حجة فيه اهـ وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ للطواف.

ص: 266