المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا) تصح من (كافر) لعدم صحة النية منه - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ١

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌لا) تصح من (كافر) لعدم صحة النية منه

لأنه لا يعقل النية (1) (و‌

‌لا) تصح من (كافر) لعدم صحة النية منه

(2) ولا تجب عليه، بمعنى أنه لا يجب عليه القضاء إذا أسلم (3) ويعاقب عليها وعلى سائر فروع الإسلام (4) .

(1) أي المجنون وغير المميز، والصلاة من شرطها النية، ولا تمكن منه.

(2)

أي من الكافر الأصلي، يهوديا كان أو نصرانيا أو مجوسيا أو غيرهم، حكاه الشيخ وغيره إجماعا، لفقد شرطها، وهو الإسلام، وقال المازري، لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفا بمن تقرب إليه، والكافر ليس كذلك.

(3)

إشارة إلى أنه لا يفهم من عدم الوجوب عدم العقاب، وإلا فإنه يؤاخذ بها، كما يؤاخذ بالتوحيد، وقال في الإنصاف، الكافر لا يخلو، إما أن يكون أصليا أومرتدا، فإن كان أصليا لم تجب عليه، بمعنى أنه إذا أسلم لم يقضها، وهو إجماع وأما وجوبها بمعنى أنه مخاطب بها، فالصحيح من المذهب أنهم مخاطبون بفروع الإسلام، وعليه الجمهور وإن كان مرتدا فالصحيح من المذهب أنه يقضي ما تركه قبل ردته، إلا الحج، وقال النووي: لا يلزم المرتد قضاء ما فاته في الردة، وفاقا لأبي حنيفة ومالك، قال: والذي عليه المحققون بل نقل بعضهم الإجماع فيه أن الكافر إذا فعل أفعالا جميلة ثم أسلم يكتب له، لقوله: أسلمت على ما أسلفت وقال الشيخ: اختار الأكثر أن الردة لا تحبط العمل إلا بالموت عليها لقوله: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} فعلق الحبوط بشرطين: الردة والموت عليها، والمعلق بشرطين لا يثبت بأحدهما.

(4)

لأن الكفار ولو كانوا مرتدين مخاطبون بفروع الإسلام كالتوحيد إجماعا لقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} .

ص: 415

(فإن صلى) الكافر على اختلاف أنواعه (1) في دار الإسلام أو الحرب، جماعة أو منفردا بمسجد أو غيره (فمسلم حكما)(2) فلو مات عقب الصلاة فتركته لأقاربه المسلمين، ويغسل ويصلى عليه، ويدفن في مقابرنا (3) وإن أراد البقاء على الكفر، وقال: إنما أردت التهزئ لم يقبل (4) وكذا لو أذن ولو في غير وقته (5) .

(1) من ملل الكفر.

(2)

أي يحكم بإسلامه، ويصح بها إسلامه، كما يأتي، وهي لا تصح بدون الإسلام لأنها عبادة مختصة بشرعنا، أشبهت الأذان، وجزم به الشيخ وغيره، لحديث نهيت عن قتل المصلين، رواه أبو داود، ولقول أنس: وصلى صلاتنا فهو المسلم، ولقوله: بيننا وبينهم الصلاة، فثبتت العصمة بالصلاة، وهي لا تكون بدون الإسلام ويحكم بكفر من سجد لصنم، فكذا عكسه، قالوا: ولا تصح تلك ظاهرا لفقدان شرطها وهو الإسلام فيؤمر بالإعادة إلا إن علم أنه قد أسلم واغتسل، وصلى بنية صحيحة فصحيحة، وهذا بخلاف من هو مسلم وارتكب بعض البدع التي تخرجه من الإسلام، فإنا نحكم بكفره ولو صلى.

(3)

للحكم بإسلامه.

(4)

منه إلا الإسلام أو السيف، لأنا حكمنا بإسلامه بصلاته، فيكون مرتدا بقوله ذلك، وتجري عليه أحكام المرتدين، كما لو أتى بالشهادتين ثم قال: لم أرد الإسلام.

(5)

فيحكم بإسلامه إذا أذن لإتيانه بالشهادتين وعلى قياسه الإقامة أيضا لإتيانه بالشهادتين وينبغي أن يقيد بغير من يعتقد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى العرب خاصة، وإلا فلا بد من إقراره برسالته إلى الناس كافة، ولا يعتد بأذانه، لفقد شرطه، وكذا لو سجد للتلاوة أو زكى السائمة، لا إن صلى في غير الوقت، أو أفسدها أو فعل بقية العبادات التي لا تختص بشريعتنا.

ص: 416

(ويؤمر بها صغير لسبع)(1) أي يلزم أن يأمره بالصلاة لتمام سبع سنين (2) .

(1) إذا فهم الخطاب ولا خلاف في صحتها من مميز، ويشترط لصحة صلاته مايشترط لصحة صلاة الكبير، إلا في السترة، والثواب له وفاقا، واختاره الشيخ، لعموم قوله (من جاء بالحسنة) ولقوله عليه الصلاة والسلام لما رفعت إليه امرأة صبيا وقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر، وكذا أعمال البر كلها، فهو يكتب له ما عمله من الحسنات، وفي الحديث رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن علي وعائشة، قال النووي وغيره: بإسناد صحيح، ولا تجب على صبي ولا صبية، ولا يلزمها قضاؤها بعد البلوغ بالاتفاق، وفي الاختيارات: ولو بلغ عشرا، وقاله جمهور العلماء، لأنها عبادة بدنية فلم تلزمه كالحج، والطفل لا يعقل، والمدة التي يكمل فيها عقله ونيته تخفى، وتختلف فنصب الشارع عليه علامة ظاهرة، وهي البلوغ.

(2)

نص عليه، أبا كان الولي أو جدا أو وصيا، أو قيما من جهة القاضي، أو أما وكذا وجوب الضرب لبلوغ العشر، لما يأتي وقال الشيخ: ويجب على كل مطاع أن يأمر من يطيعه بالصلاة حتى الصغار لقوله: مروهم بالصلاة، ومن عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويعزر تعزيرا بليغا لأنه عصى الله ورسوله، وقال النووي وغيره: الصبي إذا بلغ حدا يعقل أولى من قولهم سبع سنين، لأن المراد إذا كان مميزا صحت صلاته وإمامته، والتمييز يختلف وقته باختلاف الصبيان، فمنهم من يحصل له من سبع، ومنهم قبلها، ومنهم وإن بلغ عشرا، أو أكثر، وقال أهل التحقيق، الصواب يعتبر لكل صبي بنفسه، فقد يميز لدون خمس، وقد يتجاوز الخمس ولا يميز، وقال الشافعي وغيره، ويؤمر الصبي بحضور المساجد وجماعات الصلاة ليعتادها.

ص: 417

وتعليمه إياها، والطهارة ليعتادها، ذكرا كان أو أنثى، وأن يكفه عن المفاسد (1) .

(و) أن (يضرب عليها لعشر) سنين (2) لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه (3)«مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أحمد وغيره (4) .

(1) أي ويلزمه تعليمه أحكام الصلاة والطهارة من الحدث والخبث وكذا الصوم ونحوه وتحريم الزنا والسرقة والغيبة ونحوها، ويكف عن جمع المفاسد، قال إبراهيم: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار، لينشئووا على ذلك ويعتادوه فلا يتركونه من اعتاد الشيء صيره عادة لنفسه، فإن من شب على شيء شاب عليه، وكما يلزم الولي فعل ما فيه صلاح ماله، فإن احتاج لأجرة فمن مال الصبي، فإن لم يكن فعلى من تلزمه نفقته.

(2)

ضربا غير مبرح أي شديد، وجوبا للخبر، لتمرينه عليها حتى يألفها.

(3)

يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعمرو بن شعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، أحد علماء زمانه، قال الذهبي: روايته عن أبيه عن جده من قبيل الحسن، ليست بمرسلة ولا منقطعة، ولا من أقسام الصحيح وقال غير واحد: الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هو الصواب، وقال البخاري: ما تركه أحد من المسلمين مات رحمه الله بالطائف سنة مائة وسبع عشرة.

(4)

فمنهم أبو داود والترمذي والحاكم، وفي رواية للترمذي علموا الصبي للصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر، وصححه هو وغيره ولأبي داود مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها، وفي رواية مروا أولادكم، وفي رواية إذا عرف يمينه من شماله فمروه

بالصلاة، قال النووي: والصبي يتناول الصبية بلا خلاف، وشمول أولادكم للإناث ظاهر، وأمر بالتفريق بينهما في المضاجع، لأن نومهما في فراش واحد ذريعة إلى نسج الشيطان بينهما المواصلة المحرمة، ولا سيما مع الطول، والرجل قد يعبث في نومه بالمرأة في نومها إلى جانبه وهو لا يشعر.

ص: 418

(فإن بلغ في أثنائها)(1) بأن تمت مدة بلوغه وهو في الصلاة (أو بعدها في وقتها أعاد) أي لزمه إعادتها لأنها نافلة في حقه، فلم تجزئه عن الفريضة (2) ويعيد التيمم (3) لا الوضوء والإسلام (4) .

(ويحرم) على من وجبت عليه (تأخيرها عن وقتها) المختار (5) .

(1) البلوغ الوصول، وبلغ الغلام أدرك، والمراد والله أعلم بلوغ حد التكليف وهو ما عرفوه به في الحج وغيره، والثني واحد أثناء الشيء، أي تضاعيفه تقول: أنفذت كذا ثني كتابي، أي في طيه.

(2)

وقال بعضهم: لا يعيد واختاره الشيخ وصاحب الفائق وغيرهما وفاقا للشافعي، وذلك أن الصبي مأمور بالصلاة قبل البلوغ أمر ندب، مضروب على تركها، وإذا كان مأمورا بها وفعلها امتنع أن يؤمر بصلاة ثانية قال النووي: وهو خلاف ما جاءت به النصوص، وانعقد عليه الإجماع فلا إعادة عليه، وكذا نبه عليه المجد.

(3)

يعني لأن تيممه كان لنافلة فلا يستبيح به فريضة وتقدم.

(4)

لأن وضوءه رافع للحدث، ولأن الإسلام أصل الدين فلا يصح نفلا، بل إذا وجد فهو على وجه الوجوب، ولأنه يصح بفعل غيره كأبيه.

(5)

فيما له وقتان، أو عن وقت الجواز، وهو الوقت المعلوم وسيأتي

والتحريم ما لم يكن عذر، وكان ذاكرا لها، قادرا على فعلها إجماعا، لما روى أبو قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر الصلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى، رواه مسلم، ولأنه يجب إيقاعها في الوقت، فإذا خرج ولم يأت بها كان تاركا للواجب، مخالفا للأمر، وهو عاص مستحق للعقاب، وقال الشيخ: وأما تأخير صلاة النهار إلى الليل أو الليل إلى النهار، أو الفجر بعد طلوع الشمس، فلا يجوز لمرض ولا لسفر ولا لشغل، ولا لصناعة باتفاق العلماء، وقال أيضا: لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة، ولا غير ذلك بل يصلي في الوقت بحسب حاله.

ص: 419

أو تأخير بعضها (1)(إلا لناوي الجمع) لعذر فيباح له التأخير، لأن وقت الثانية يصير وقتا لهما (2) .

(و) إلا (لمشتغل بشرطها الذي يحصله قريبا) كانقطاع

ثوبه الذي ليس عنده غيره، إذا لم يفرغ من خياطته حتى خرج الوقت (3) .

(1) بأن يؤخر القيام إليها إلى وقت لا يتسع لكلها، بأن لم يبق من وقت الاختيار إلا ما يتسع لركعة مثلا.

(2)

لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخر الأولى في الجمع، ويصليها في وقت الثانية، وسيأتي وقال الوزير، أجمعوا على أنه لا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، لمن كان مستيقظا ذاكرا لها قادرا على فعلها غير ذي عذر ولا مريد الجمع.

(3)

وكالمشتغل بنحو الوضوء والغسل حتى خرج الوقت. وقال الشيخ: هذا خلاف المذهب المعروف عن أحمد وأصحابه، وجماهير العلماء، وقال: قول بعض الأصحاب لا يجوز تأخيرها إلا لمشتغل بشرطها، لم يقله أحد قبله من الأصحاب، ولا من سائر طوائف المسلمين، إلا أن يكون بعض أصحاب الشافعي ولا ريب

إنه ليس على عمومه، وإنما أرادوا صورا معروفة كما إذا أمكن الواصل إلى البئر أن يصنع حبلا يستقي به، أو أمكن العريان أن يخيط ثوبا، ولا يفرغ إلا بعد الوقت ونحو هذه الصور، ومع هذا فالذي قاله هو خلاف المذهب المعروف عن أحمد وأصحابه، وجماهير أهل العلم، ويؤيده أن العريان لو أمكنه أن يذهب إلى قرية يشتري ثوبا، ولا يصل إلا بعد الوقت لا يجوز له التأخير بلا نزاع.

ص: 420

فإن كان بعيدًا عرفًا صلى (1) ولمن لزمته التأخير في الوقت مع العزم عليه (2) ما لم يظن مانعا (3) وتسقط بموته (4) ولم يأثم (5) .

(1) أي في الوقت على حسب حاله، تقديما للوقت، لسقوط الشرط إذن بالعجز عنه.

(2)

أي ولمن لزمته الصلاة تأخير فعلها في وقت الجواز، مع العزم على فعلها وقت الجواز، فإن لم يعزم على فعلها فيه أثم، حكاه الموصلي وغيره إجماعا وقيل: يجوز بدونه اختاره أبو الخطاب المجد وغيرهما.

(3)

يمنعه من فعلها، كموت وقتل وحيض ونحوها، فيصليها أول الوقت، وكذا من أعير سترة أول الوقت فقط، ومتوضئ عدم الماء في السفر وطهارته لا تبقي إلى آخر الوقت، ولا يرجو وجود الماء في الوقت، ومستحاضة لها عادة بانقطاع دمها في وقت يتسع لفعلها، فيتعين فعلها ذلك الوقت، وقال عثمان: يؤخذ منه أنه إذا نام بعد دخول الوقت وظن أنه لا يستيقظ إلا بعد خروج الوقت فإنه يحرم عليه، وإن كان يمكنه القضاء كمن ظنت حيضا أو نفاسا.

(4)

أي ومن له التأخير ممن تقدم تسقط بموته وفاقا، لأنها لا تدخلها النيابة، فلا فائدة لبقائها في الذمة، قال الوزير وغيره: أجمعوا على أنها لا تصح فيها النيابة بنفس ولا مال.

(5)

وفاقا: لأنه لم يقصر، وقال بعض الحنفية، لا يكون عاصيا بالإجماع، قال الشيخ: ونظيره قضاء رمضان، فإنه وقت موسع.

ص: 421

(ومن جحد وجوبها كفر) إذا كان ممن لا يجهله، وإن فعلها (1) لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع الأمة (2) وإن ادعى الجهل كحديث عهد بالإسلام (3) عرف وجوبها ولم يحكم بكفره لأنه معذور (4) .

(1) أي ومن جحد وجوب صلاة من الخمس، صار كافرا مرتدا بإجماع المسلمين حكاه الموفق وغيره، ويجب قتله ردة، إذا كان ممن لا يجهله، كمن نشأ بين المسلمين في الأمصار، لظهور وجوب الصلاة، وإن فعلها لم ينفعه مع جحود الوجوب، وقال شيخ الإسلام، فرض متأخروا الفقهاء مسألة يمتنع وقوعها، وهو أن المقر بوجوب الصلاة ودعي إليها ثلاثا فامتنع مع تهديده بالقتل فقتل هل يموت كافرا أو فاسقا؟ على قولين؟ وهذا الفرض باطل ممتنع، ولا يقوله أحد قط، وقال في الإنصاف، العقل يشهد بما قاله ويقطع به، وهو عين الصواب الذي لا شك فيه، وأنه لا يقتل إلا كافرا اهـ والجحد الإنكار ضد الإقرار، ولا يكون الجحود إلا مع علم، والفرق بين الجحد والإنكار أن الجحد أخص، لأنه إنكار الشيء الظاهر، والإنكار لشيء خفي، ويجوز أن يقال: الجحد إنكار الشيء مع العلم به.

(2)

قال في المبدع وغيره: ويكون مرتدا بغير خلاف نعلمه.

(3)

أي قريب علمه وحاله به، أو من نشأ ببادية بعيدة عن المسلمين، بحيث أنه يمكن أن يخفى عليه وجوبها والجهل خلاف العلم، والجهل جهلان جهل بسيط وجهل مركب، فالبسيط هو عدم العلم عما من شأنه العلم، والمركب هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه.

(4)

فإن قال: أنسيتها قيل له: صل الآن، وإن قال: أعجز لعذر كمرض أو عجز عن أركانها، أعلم أنه لايسقطها، ويصلي على حسب حاله.

ص: 422

فإن أصر كفر (1)(وكذا تاركها تهاونا) أو كسلا (2) لا جحودا (3)(ودعاه إمام أو نائبه) لفعلها (فأصر (4) وضاق وقت الثانية عنها) أي عن الثانية (5) لحديث «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة» (6) .

(1) بإجماع المسلمين كأن يقول: تعمدت تركها ولا أريد فعلها.

(2)

أي تثاقلا من غير استحقار، فإن كان فهو التهاون ويكفر فإن ترك الصلاة كسلا من غير جحود لها كفر مستقل، وهو الصواب الذي تدل عليه السنة، وهو قول جمهور السلف من الصحابة والتابعين، وقال أيوب السختياني، ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه، وحكى إسحاق إجماع أهل العلم عليه.

(3)

فإن من جحد فرضا مجمعا عليه كفر ولو فعله وتقدم.

(4)

يعني على الترك كفر، وأصر على الشيء أقام عليه وداوم.

(5)

بأن يدعى إلى الظهر مثلا فيأبى حتى يتضايق وقت العصر عنها فيقتل كفرا، وفاقا لمالك والشافعي.

(6)

رواه الطبراني عن شداد بن أوس، ولحديث جابر «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» ، رواه مسلم وحديث بريدة «من تركها فقد كفر» ، صححه الترمذي، وقال عبد الله بن شقيق، لم يكونوا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة وقال إسحاق صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وقال ابن القيم: تارك الصلاة قد شهد بكفره الكتاب والسنة واتفاق الصحابة اهـ وعن أحمد: إذا أبى حتى تضايق وقت الأولى، اختاره صاحب المحرر وغيره، واستظهره في الفروع، وهو مذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء، وظاهر إطلاق النصوص، بل الأدلة طافحة بذلك، والتقييد بالزيادة لا دليل عليه.

ص: 423

قال أحمد: كل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء (1) فإن لم يدع لفعلها لم يحكم بكفره (2) لاحتمال أنه تركها لعذر يعتقد سقوطها لمثله (3) .

(ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثا (4) فيهما) أي فيما إذا جحد وجوبها، وفيما إذا تركها تهاونا (5) .

(1) وقال: كل شيء ذهب آخره فقد ذهب جميعه، فتمسكوا رحمكم الله بآخر دينكم، فإذا ذهبت صلاة المرء ذهب دينه، وليعلم المتهاون في صلاته أنه أذهب دينه فعظموا الصلاة وتمسكوا بها، واتقوا الله فيها خاصة، وفي أعمالكم عامة.

(2)

وقضاها فيما بعد، أو كان في نفسه قضاها، قال الزركشي: لا نزاع في عدم تكفيره وقتله.

(3)

أي العذر كمرض ونحوه، واللام بمعنى عن، ويهدد فيقال له: إن صليت وإلا قتلناك فإن أبى حتى تضايق وقت التي بعدها وجب قتله، لقوله تعالى:{اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} وقوله صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقاتل الناس حتى» إلى قوله: «ويقيموا الصلاة» متفق عليه، قال الشيخ: وإذا تركها عمدا لا يشرع له قضاؤها، ولا تصح منه، بل يكثر من التطوع، وليس في الأدلة ما يخالف هذا بل يوافقه.

(4)

أي حتى تطلب منه التوبة ثلاثة أيام بلياليها، كمرتد نصا، ويضيق عليه، ويدعى كل وقت إليها، وتوبته أن يصلي، بخلاف جاحدها فتوبته بإقراره بما جحده.

(5)

لكن التارك جحودا لا بد فيه من الإقرار بالوجوب، فإن أجاب إلى فعل الصلاة ترك وأمر بها فإن قال: أصلي في منزلي وصدق وكل إلى أمانته، ولم يجبر على فعلها بمشهد من الناس صرح به في الأحكام السلطانية وقال ابن رجب

ظاهر كلام أحمد وغيره من الأئمة الذين يرون كفر تارك الصلاة أن من تركها كفر بخروج الوقت عليه، ولم يعتبروا أن يستتاب، ولا أن يدعى إليها، وعليه يدل كلام المتقدمين من أصحابنا، لقوله: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة وقوله: «فمن تركها فقد كفر» .

ص: 424

فإن تابا وإلا ضربت عنقهما (1) والجمعة كغيرها (2) وكذا ترك ركن أو شرط (3) وينبغي الإشاعة عن تاركها بتركها حتى يصلي (4) .

(1) أي فإن تابا بفعلها زمن الاستتابة خلي سبيلهما وإن لم يتوبا ضربت أعناقهما بالسيف، لكفرهما وكونه بالسيف لقوله:«وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة» ، رواه مسلم، ومتى رجع إلى الإسلام قضي ما تركه مدة الاستتابة ولعله مرادهم.

(2)

بل آكد، للأخبار الواردة فيها.

(3)

أي وكترك الصلاة ترك ركن أو شرط مجمع عليه، لا مختلف فيه يعتقد وجوبه وهو ظاهر كلامهم، واختاره الشيخ: ولا يقتل بترك فائتة، ولا كفارة ونذر للاختلاف في وجوبها وقال الوزير في قول حذيفة وقد رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم فيه أن إنكار المنكر في مثل هذا يغلظ له لفظ الإنكار، وفيه إشارة إلى تكفير تارك الصلاة، وإلى تغليظ الأمر في الصلاة، حتى أن من أساء في صلاته ولا يتم ركوعها ولا سجودها، فإن حكمه حكم تاركها اهـ، وحيث كفر فإنه يقتل ولا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرق، ولا يسبى له أهل ولا مال ولا ولد.

(4)

أي ينبغي الإذاعة والإشهار والإظهار بذلك عنه زجرا له ولغيره.

ص: 425

ولا ينبغي السلام عليه، ولا إجابة دعوته، قال الشيخ تقي الدين (1) ويصير مسلما بالصلاة (2) ولا يكفر بترك غيرها من زكاة وصوم وحج تهاونا وبخلا (3) .

(1) رحمه الله تعالى في مواضع وذلك فيما إذا كان هجره أنفع له، كما هو معلوم من قواعده، وقال: يعفى عن النائم والناسي إن كان محافظا على الصلاة حال اليقظة والذكر وأما من لم يكن محافظا عوقب على الترك مطلقا.

(2)

قال الشيخ الأصوب أنه يصير مسلما بالصلاة من غير إعادة الشهادتين وعن أحمد: توبته أن يصلي، وصوبه الشيخ، لأن كفره بالامتناع كإبليس، والمحافظة عليها أقرب إلى الرحمة ممن لا يصليها ولو فعل ما فعل.

(3)

وفاقا، وتقدم قول عبد الله بن شقيق، لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.

ص: 426