الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب السواك وسنن الوضوء
(1)
وما ألحق بذلك من الإدهان والاكتحال (2) والاختتان والاستحداد ونحوها (3) .
(1) قيل: إن أول من استاك الخليل عليه السلام وأنه أول من شاب وهو ابن مائة وخمسين سنة، وأول من اختتن، وجاء أنه من سنن المرسلين، والسواك يذكر ويؤنث والأكثر على تذكيره وجمعه سوك ككتب ويقال سؤك بالهمزة مشتق من التساوك وهو التمايل، والتردد ومنه جاءت الإبل تساوك، أي تمايل هزالا لأن السواك يتردد في الفم، أو من ساك الشيء إذا دلكه، واستن الرجل استنانا استاك، والوضوء بالضم اسم للفعل الذي هو المصدر، وبالفتح اسم للماء الذي يتوضأ به.
(2)
أي ما ألحق بالسواك وسنن الوضوء لما له به من التعلق، أو المقاربة من الإدهان بالكسر، والدهن بالفتح مصدر، والدهن بالضم الاسم، من دهن الشيء إذا بله، وكذا الاكتحال، وهو مصدر وكحل العين يكحلها كحلا جعل فيها الكحل، والكحل الإثمد وكلما وضع في العين يستشفي به، والإكحال أصناف كثيرة معروفة، لها أسماء متعددة، يصنعونها من مواد تناسب أمراض العيون.
(3)
أي نحو ما ألحق بذلك كتقليم الأظفار، وقص الشارب، وإعفاء اللحيةوإبقاء شعر الرأس، وغير ذلك وأدخلوها في الباب لكونها من خصائص الفطرة فإنهم قد يذكرون في الباب أشياء لها تعلق بمقصود الباب، وإن لم تكن مما ترجم له وذكر سنن الوضوء في هذا الباب لكون السواك من آكدها، والاختتان مصدر والختان اسم من الختن، وموضع القطع من الذكر والأنثى، والاستحداد هو حلق العانة سمي استحدادا لاستعمال آلة الحديد فيه وهي الموسى ونحوها.
السواك والمسواك: اسم للعود الذي يستاك به، ويطلق السواك على الفعل (1) أي دلك الفم بالعود لإزالة نحو تغير، كالتسوك (2)(التسوك بعود لين) سواء كان رطبا أو يابسا (3) مندى من أراك أو زيتونا أو عرجون أو غيرها (4)(منق) للفم (غير مضر)(5) .
(1) قاله الشيخ وغيره، والمسواك بكسر الميم.
(2)
أي والسواك شرعا استعمال العود في الأسنان لإزالة نحو تغير كصفرة ورائحة، كالتسوك أي كما يطلق التسوك على الفعل يطلق عليه السواك، فالمراد بالسواك الاستياك.
(3)
الرطب ضد اليابس، وهو الأخضر وهو أبلغ في الإنقاء.
(4)
أي مما يستاك به، كقتاد ونحوه، واقتصر بعضهم على الثلاثة، وقال الآزجي، لا يعدل عنها إلا لتعذرها والمندى المبلول قال ابن القيم: وأجود ما استعمل مبلولا بماء الورد اهـ ثم بالماء ثم بالريق، ثم اليابس غير المندى، والأراك واحدته أراكة. شجر من الحمض معروف له حمل كعناقيد العنب، يستاك بفروعه وعروقه، وهي أجود، وهو أفضل ما استيك به، وأكثر ما استعمل عند العرب، وفي حديث أبي خيرة وكان في وفد عبد القيس، قال: فأمر لنا بأراك فقال: استاكوا بهذا، ولأبي يعلي عن ابن مسعود: كنت اجتنيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأحمد عنه موقوفا، والزيتون شجر عظيم النفع، طويل البقاء في الأرض، حتى إنه قد يجاوز ألف سنة وهي يحي ويثمر، ويقال لدهنه الزيت ولثمره الزيتون، والعرجون واحد العراجين وهو شماريخ العذق، وكان صلى الله عليه وسلم يحب العراجين.
(5)
أي منظف: غير جالب للضرر.
احترازا من الرمان والآس وكل ما له رائحة طيبة (1)(لا يتفتت) ولا يجرح (2) ويكره بعود يجرح أو يضر أو يتفتت (3) و (لا) يصيب السنة من استاك (بإصبعه وخرقة) ونحوهما (4) .
(1) أي وكل عود ذكي الرائحة، والآس هو المعروف بالريحان عند بعض العامة وهو شجر ورقة عطر، قيل إنه مضر بلحم الفم.
(2)
أي لا يتكسر وفتات الشيء بضم الفاء ما تكسر منه، ولا يجرح أي لا يشق وجرحه كقطعه.
(3)
أي يجرح فمه أو يضره كالرمان، والطرفاء، والقصب الفارسي ونحوها، أو يتفتت في فيه، لأن ذلك مضاد لغرض السواك.
(4)
كإشنان أي يخطئ السنة، والصواب الحق، وضد الخطأ والأمر الثابت في نفس الأمر، الذي لا يسوغ إنكاره وقالت طائفة من أهل العلم: بل يصيب السنة، واختاره ابن عبدوس، وصححه في التصحيح والنظم، وقالت طائفة: عند عدم السواك قال في الإنصاف: وما هو ببعيد واختار المجد وغيره بالإصبع في المضمضة، وقال النووي وغيره: وبأي شيء استاك مما يزيل التغير حصل الاستياك كالخرقة والسعد والإشنان والإصبع، وهذا مذهب أبي حنيفة، لعموم ما ورد، وفي المغني والشرح وغيرهما أنه يصيب بقدر ما يحصل من الإنقاء، ولا يترك القليل من السنة للعجز عن أكثرها، وذكرا أنه الصحيح، وروى البيهقي والحافظ في المختارة وقال: لا بأس بإسناده عن أنس مرفوعا، يجزي من السواك الأصابع، وفي المغني بلفظ أصبعيك سواك، عند وضوئك أمرهما على أسنانك وعن علي في صفة الوضوء: فأدخل بعض أصابعه في فيه، رواه أحمد، وروي عنه أيضا التشويص بالمسبحة والإبهام سواك، وفي الطبراني عن عائشة قالت: يدخل إصبعه في فيه، وإصبع بكسر الهمزة وفتح الباء معروفة، تذكر وتؤنث، وفيها عشر لغات، فتح الهمزة، وضمها وكسرها مع الحركات الثلاث في الباء، والعاشرة أصبوع.
لأن الشرع لم يرد به (1) ولا يحصل به الإنقاء كالعود (2)(مسنون كل وقت) خبر قوله: التسوك أي يسن كل وقت لحديث «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» (3) رواه الشافعي وأحمد وغيرهما (4)(لغير صائم بعد الزوال) فيكره فرضا كان الصوم أو نفلا (5) .
(1) وكذا حكاه بعض الأصحاب ولعل من قال به لم يبلغه ما ورد مما تقدم وغيره.
(2)
أي لا يحصل بالإصبع والخرقة ونحوهما الإتقاء، كما يحصل بالعود.
(3)
بأن يكون في حال كمال ونظافة إظهارًا لشرف العبادة، والرب بالتعريف لا يطلق إلى على الله تعالى، ومطهرة بفتح الميم وكسرها كل آلة يتطهر بها، شبه السواك بها لأنه ينظف الفم، والطهارة النظافة، وورد في فضل السواك أكثر من مائة حديث، حتى عد في المتواتر، واتفق العلماء على أنه سنة مؤكدة، لحث الشارع ومواظبته عليه، وترغيب فيه، وندبه إليه، قال في المبدع: وليس بواجب إجماعا لخبر أبي هريرة وغيره، وقيل بوجوبه، وقال النووي: سنة وليس بواجب في حال من الأحوال، لا في الصلاة ولا في غيرها بإجماع من يعتد به في الإجماع اهـ.
وقول بعض أهل العلم بوجوبه يدل على آكدية سنيته، قال الشارح: لا نعلم خلاف في استحبابه وتأكده وإن أكل نجسا وجب إزالة دسومته بسواك أو غيره.
(4)
فرواه النسائي وابن خزيمة والبخاري تعليقا عن عائشة مرفوعا، قال النووي: بأسانيد صحيحة، والشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم، القرشي المكي أحد الأئمة الأربعة المتوفي سنة أربع ومائتين.
(5)
هذا المذهب وهو قول الشافعي.
وقبل الزوال يستحب له بيابس (1) ، ويباح برطب (2) لحديث «إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشى» ، أخرجه البيهقي عن علي رضي الله عنه (3)(متأكد) خبر ثان للتسوك (4)(عند صلاة) فرضًا كانت أو نفلاً (5) .
(1) قولا واحدا.
(2)
يعني قبل الزوال، والفرق بين الرطب واليابس: أن الرطب له أجزاء تتحلل واليابس ليس له أجزاء تتحلل.
(3)
لكن قال الحافظ: إسناده ضعيف ولا يعارض به ما تواتر من الأحاديث المطلقة وعن أحمد يسن مطلقا، اختاره الشيخ وتلميذه وغيرهما، واستظهره في الفروع، وقال الزركشي، هو أظهر دليلا وهو قول أكثر العلماء، وهو المختار لحديث عائشة «خير خصال الصائم السواك» ، رواه ابن ماجه، ولحديث عامر رأيته ما لا أحصي يستاك وهو صائم، رواه أصحاب السنن والبخاري تعليقا، وقال ابن عمر: يستاك أول النهار وآخره، وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن عمر وابن عباس وعائشة وجمع، ومذهب مالك وأبي حنيفة عدم الكراهة ونقل عن الشافعي، واختاره جماعة من أصحابه، قاله غير واحد فهو مذهب جمهور الأئمة، وأكثر الأحاديث الواردة فيه تدل على استحبابه للصائم بعد الزوال، كما يستحب قبله، والإطلاق في سائرها يدل عليه، ولم يثبت في كراهته شيء، والخلوف ليس في محل السواك إنما هو من أبخرة المعدة، ومرضاة الرب أطيب من ريح المسك، والقياس يقول بموجبه، حكاه الشيخ وغيره.
(4)
أي التسوك مسنون استنانا متأكدا، بمعنى أن طلبه مؤكد زيادة على سائر الأوقات ولهذا كانت السنة المؤكدة قريبة من الواجب في لحوق الإثم.
(5)
لحديث أبي هريرة مرفوعا لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند
كل صلاة رواه الجماعة، وروى أبو نعيم بسند جيد لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي بسبعين ركعة، يعني بلا سواك، ولأنا مأمورون في كل حال من أحوال التقرب إلى الله أن نكون في حال كمال ونظافة، لا سيما طرق ومجاري الذكر والتلاوة، إظهار لشرف العبادة.
(و) عند (انتباه) من نوم ليل أو نهار (1)(و) عند (تغير) رائحة (فم) بمأكول أو غيره (2) وعند وضوء وقراءة (3) .
(1) أي عند استيقاظ من نبهه من نومه، أيقظه لحديث حذيفة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك، رواه الجماعة إلا الترمذي، والشوص الدلك ولأحمد وأبي داود عن عائشة: لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ وله شواهد.
(2)
ككثرة كلام، وإطالة سكوت، أو وجوع، أو عطش لأن السواك مشروع لتطيب الفم، وإزلة رائحته، فتأكد عند تغيره، وحكى الوزير الاتفاق على استحبابه عند تغير الفم، والفم مثلث الفاء، أصله فوه حذفت منه الهاء فعوضت منها الميم، واقتصر المنقح والموفق وغيرهما على هذه الثلاثة، والأدلة ظاهرة في تأكدها.
(3)
أي ومتأكد عند وضوء حال المضمضة لحديث أبي هريرة لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء، ورواه أحمد ومالك وغيرهما بإسناد صحيح. والبخاري تعليقا وله شواهد قال الحافظ بعضها حسن، وقال بعض أهل العلم: مستحب لأن السنة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم والذين نقلوا وضوءه لم يذكروه، فغاية ما يفيد هذا الخبر الندب، فيكفي التعبد به أحيانا. ويستحب عند قراءة القرآن، تطييبا للفم، لحديث علي مرفوعا إن أفواهكم طرق القرآن فطيبوها بالسواك، رواه ابن ماجه وأبو نعيم والبزار، ولفظه طيبوا أفواهكم بالقرآن والموقوف أشبه، وحكى ابن الجوزي وغيره الاستحباب فيهما.
زاد الزركشي والمصنف في الإقناع: ودخول مسجد، ومنزل، وإطالة سكوت، وخلو المعدة من الطعام، واصفرار الأسنان (1) .
(1) الزركشي هو محمد بن عبد الله بن محمد المصري صاحب شرح الخرقي الذي لم يسبق إلى مثله، وله غيره توفي سنة سبعمائة وأربع وسبعين والمصنف الحجاوي، مصنف المتن (زاد المستنقع) وله الإقناع الكتاب المشهور في مذهب أحمد، وعليه المعول في الديار الشامية والمصرية والحجازية والنجدية وغيرها، أي زاد تأكد السواك عند دخول مسجد ومنزل إلخ، وسألت عائشة: بأي شيء كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يته؟ قالت: بالسواك، رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، والمسجد أولى، وكذا يتأكد عند إطالة سكوت، لما يتولد من البلغم، وعند خلو المعدة من الطعام، لما يتولد منه من الرائحة المستكرهة، والمعدة هي مقر الطعام والشراب، وموضع هضمه قبل انحداره إلى الأمعاء، سميت بذلك لشدتها أو لجذبها الطعام، أو لدفعها إياه.
ويتأكد عند الطواف والخطبة، وأكل المنتن ونحوه، وبعد الوتر وفي السحور وغير ذلك، ويتأكد عند اصفرار الأسنان، جمع سن بكسر السين، والإصفرار مصدر، والصفرة لون الأصفر، فالسواك باعتدال يطيب الفم، والنكهة ويجلو الأسنان، ويقويها ويشد اللثة ويزيل رخاوتها ويمنع الحفر والسلاق وهو التقشر في أصول الأسنان أو صفرة تعلوها، ويقطع البلغم، ويصفي الحلق، والصوت، ويفصح اللسان ويقوي القلب، ويزيد في العقل، ويذكي الفطنة، ويحسن الخلق بفتح الخاء، ويحلو البصر، ويقطع الرطوبة من العين، ويقوي عصبها، ويصحح المعدة، ويقيم الصلب، ويعين على الهضم، ويشهي الطعام، ويسهل مجاري الدم، وينشط، ويطرد النوم، ويخفف عن الرأس وفم المعدة، ويضاعف الأجر، ويرضي الرب، ويسخط الشيطان. ويزيد في ثواب الصلاة. والذكر. ونحو ذلك.
(ويستاك عرضا) استحبابا بالنسبة إلى الأسنان (1) بيده اليسرى على أسنانه ولثته ولسانه (2) ويغسل السواك (3) ولا بأس أن يستاك به اثنان فأكثر (4) .
(1) لا بالنسبة إلى الفم، لأنه إذا فعل طولا أدمي اللثة، وأفسد عمور الأسنان وإنما ينبغي أن يستاك من ثناياه إلى أضراسه، وذلك عرض بالنسبة إلى الأسنان وطول بالنسبة إلى شق الفم، وروى أبو داود في مراسيله أنه عليه الصلاة والسلام قال: استاكوا عرضا ورواه الطبراني والضياء بلفظ: أنه كان يستاك عرضا، وضعفه.
(2)
على الصحيح من المذهب وجزم به في الفائق، وقال الشيخ: ما علمت إماما خالف في الاستياك باليسرى، لأن الاستياك إنما شرع لإزالة ما في داخل الفم، وهذه العلة متفق عليها اهـ على أسنانه أي يضع طرف السواك على أسنانه، وعلى لثته بكسر اللام وفتح المثلثة مخففة، هي ما حول الأسنان من اللحم، قاله الجوهري وقال غيره: هي اللحم الذي تنبت فيه الأسنان، فأما اللحم الذي يتخلل الأسنان فهو عمر، بفتح فسكون وجمعه عمور وكذا يضع طرف السواك على لسانه كما في الصحيحين والسواك على لسانه وفيهما عن أبي موسى، فرأيته يستاك على لسانه ولأحمد وهو يستاك وهو واضع طرف السواك على لسانه يستن إلى فوق فوصف حماد كأنه يرفع سواكه، قال ووصفه غيلان كأنه يستاك طولا، فإن سقطت أسنانه استاك على لثته ولسانه، قال في الشرح: إن استاك على لسانه أو حلقه فلا بأس أن يستاك طولا.
(3)
أي يغسل ما على السواك إن كان، للحديث الآتي وغيره.
(4)
لحديث عائشة: كان يعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به فأستاك، ثم أغسله وأدفعه إليه، وعنها كان يستن وعنده رجلان، فأوحي إليه، أعط السواك أكبرهما رواهما أبو داود.
قال في الرعاية: ويقول إذا استاك: اللهم طهر قلبي ومحص ذنوبي (1) قال بعض الشافعية: وينيوي به الإتيان بالسنة (2)(مبتدئا بجانب فمه الأيمن)(3) فتسن البداءة بالأيمن في سواك (4) وطهور وفي شأنه كله (5) غير ما يستقذر (6)(ويدهن) استحبابا (غبا) يوما يدهن ويوما لا يدهن (7) لأنه صلى الله
(1) استحبابه في هذا الموضع فيه نظر، لعدم وروده فيه بخصوصه، وإن كان الدعاء به ونحوه مشروعا في الجملة.
(2)
القائل به ابن حجر كما صرح به في الإمداد، وذلك لأن السواك مما يتعبد به.
(3)
قال في المبدع والإقناع، من ثناياه إلى أضراسه.
(4)
قال في الإنصاف: مستحب بلا نزاع أعلمه.
(5)
طهور بضم الطاء. أي تطهر كوضوء وغسل، وإزالة نجاسة، لحديث عائشة كان يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله متفق عليه ولأبي داود وسواكه قال منصور: وقد يحمل على أنه كان يبدأ بشق فمه الأيمن في السواك.
(6)
مما تقدم بيانه في باب الاستنجاء، من دخول خلاء ونحوه وغير ذلك مما فيه مرجوحية.
(7)
غب عن القوم يغب غبا أتاهم يوما وترك يوما، وغبت الماشية شربت يوما وظمئت يوما، وقال النووي: هو أن يدهن ثم يترك حتى يجف، ثم يدهن ثانيا، وقال في الفروع: وظاهره أن اللحية كالرأس وفي شرح العمدة: ودهن البدن.
عليه وسلم نهى عن الترجل إلا غبا (1) رواه النسائي والترمذي وصححه (2) والترجل تسريح الشعر ودهنه (3)(ويكتحل) في كل عين (وترا) ثلاثا، بالإثمد المطيب (4) كل ليلة قبل أن ينام لفعله عليه السلام، رواه أحمد وغيره عن ابن عباس (5) .
(1) والمراد النهي عن المواظبة عليه، لأنه مبالغة في التزيين وتهالك في التحسين ونهى عليه الصلاة والسلام أن يمتشط كل يوم، ويجوز كل يوم لحاجة، لخبر أبي قتادة: وكان له جمة، فأمره أن يحسن إليها، رواه النسائي، ورجاله رجال الصحيح.
واختار الشيخ فعل الأصلح للبدن، كالغسل بماء حار ببلد رطب، لأن المقصود ترجيل الشعر، ولأنه فعل الصحابة، وأن مثله نوع الملبس والمأكل ولما فتحوا الأمصار كان كل منهم يأكل من قوت بلده، ويلبس من لباسه اهـ ويستحب إصلاحه إذا شعث لقوله: أما يجد ما يسكن به شعره؟ رواه أبو داود بإسناد صحيح.
(2)
أي الترمذي، ورواه أحمد وأبو داود وغيرهم.
(3)
تسريحه إرسال وحله قبل المشط، يقال سرح الشعر خلص بعضه من بعض.
(4)
بالمسك ونحوه في كل عين، لحديث أبي هريرة من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، والإثمد بالكسر معدن، حجر معروف، يكتحل به، أسود سريح التفتت، وإذا تفتت كان لفتاته بريق ولمعان، ولكان ذا صفائح، أملس الباطن، ومعدنه بأصبهان، وهو أجوده وبالمغرب وهو أصلب، والكحل المطيب أي المضمخ بالطيب.
(5)
ولفظه: كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام، وكان يكتحل في كل عين ثلاثة أميال، ورواه ابن ماجه والترمذي وحسنه، وقال: روي من غير وجه أنه قال: عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر، وكان له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثة في هذه وثلاثة في هذه، ولأبي داود: إن خيرا كحالكم الإثمد وللطبراني فإنه منبتة للشعر مذهبة للقذى مصفاة للبصر.