المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قال الشيخ: الدم باعتبار حكمه لا يخرج عن خمسة أقسام: - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ١

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌قال الشيخ: الدم باعتبار حكمه لا يخرج عن خمسة أقسام:

(فـ) هو كله (حيض) وثبتت عادتها (1) فتجلسه في الشهر الرابع (2) ولا تثبت بدون ثلاث (3)(وتقضي ما وجب فيه) أي ما صامت فيه من واجب وكذا ما طافته أو اعتكفت فيه (4) .

(1) لقوله عليه الصلاة والسلام «دعي الصلاة أيام أقرائك» ، وهي جمع وأقله ثلاث فلا تثبت العادة بدونها، لأن ما اعتبر له التكرار اعتبر فيه الثلاث كالأقراء والشهور في عدة الحرة.

(2)

لأنه صار عادة لها.

(3)

لما تقدم ولا يشترط فيها التوالي، وعنه تثبت بدون ثلاث، واختار الشيخ وغيره أن المبتدأة تجلس في الثاني ولا تعيد.

(4)

يعني الوقت المجاوز لأقل الحيض من واجب منهما، وكذا قراءة لتبين أنها فعلته في زمن الحيض، وتقدم أن مذهب جمهور العلماء واختيار الشيخ وغيره جلوس ما رأته ما لم تصر مستحاضة، و‌

‌قال الشيخ: الدم باعتبار حكمه لا يخرج عن خمسة أقسام:

دم مقطوع بأنه حيض كالدم المعتاد الذي لا استحاضة معه، ودم مقطوع بأنه استحاضة كدم صفرة، ودم يحتمل الأمرين لكن الأظهر أنه حيض، وهو دم المعتادة والمميزة ونحوهما من المستحاضات الذي يحكم بأنه حيض ودم يحتمل الأمرين، والأظهر أنه دم فساد، وهو الدم الذي يحكم بأنه استحاضة من دماء هؤلاء، ودم مشكوك فيه لا يترجح فيه أحد الأمرين، ويقول به طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما، فيوجبون على من أصابها أن تصوم وتصلي ثم تقضي الصوم، والصواب أن هذا القول باطل لوجوه: منها أن الله بين لنا ما نتقيه، فكيف يقال إن الشريعة فيها شك؟ ولا يقولون نحن شككنا، فإن الشاك لا علم عنده، فلا يجزم، وهؤلاء يجزمون بوجوب الصيام وإعادته لشكهم، والثاني أن الشريعة ليس فيها إيجاب الصلاة مرتين، ولا الصيام مرتين إلا بتفريط والصواب ما عليه جمهور المسلمين، أن من فعل العبادة كما أمر بحسب وسعه فلا إعادة عليه.

ص: 386

وإن ارتفع حيضها ولم يعد (1) أو أيست قبل التكرار لم تقض (2)(وإن عبر) أي جاوز الدم (أكثره) أي أكثر الحيض (3) فـ (هي)(مستحاضة)(4) والاستحاضة سيلان الدم في غير وقته من العرق العاذل (5) .

(1) أي ثم لم تحض ثلاثا لم تقض، يقال: رفعت الناقة لبنها إذا لم تدر.

(2)

أي بلغت سن الإياس قبل التكرار ثلاثا لم تقض ما وجب فيه، لأنا لم نتحقق كونه حيضا والأصل براءتها.

(3)

يعني تعدي خمسة عشر يوما.

(4)

لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما ذلك عرق وليس بحيض» ، متفق عليه قال ابن رشد: إنما أجمعوا في الجملة على أن الدم إذا تمادى أكثر من مدة أكثر الحيض أنه استحاضة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت لبنت أبي حبيش «إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي اهـ» ، وعلم منه أن المستحاضة هي التي جاوز دمها أكثر الحيض، تبع في ذلك المنتهى والإنصاف، وفي الإقناع المستحاضة هي التي ترى دما لا يصلح أن يكون حيضا، ولا نفاسا، تبع صاحبي الشرح والمبدع، فعلى الأول ما نقص عن اليوم والليلة، وما تراه الحامل لا قرب الولادة، وماتراه قبل تسع سنين دم فساد لا يثبت له أحكام الاستحاضة، وعلى كلام الإقناع يكون ذلك داخلا في الاستحاضة، فتثبت له أحكامه، ولها من حيث هي سبعة أحوال تعرف بالاستقراء.

(5)

العذل الملامة، وربما قيل عاذر بالراء، قيل: سمي بذلك لأن المرأة تستليم إلى زوجها، فجعل العذر للعرق لكونه سببا له.

ص: 387

من أدنى الرحم دون قعره (1)(فإن كان) لها تمييز (2) بأن كان (بعض دمها أحمر وبعضه أسود (3) ولم يعبر) أي يجاوز الأسود (أكثره) أي أكثر الحيض (ولم ينقص عن أقله فهو) أي الأسود (حيضها)(4) وكذا إذا كان بعضه ثخينا أو منتنا وصلح حيضا (5) .

(1) إذ المرأة لها فرجان، داخل بمنزلة الدبر، منه الحيض، وخارج كالأليتين منه الاستحاضة.

(2)

مصدر ميز، بمعنى ماز الشيء، عزله وفرزه عن غيره، من باب باع، والتثقيل مبالغة، ويكون في المشتبهات، وتميز انفصل، وانعزل، أي فإن كان للمستحاضة المبتدأة تمييز.

(3)

فإن اجتمعت صفات متعارضة فذكر بعض الشافعية أنه يترجح بالكثرة، فإن استوت رجح بالسبق، قاله في المبدع، قال منصور: وكان محله إذا لم يمكن جعل الأسود والثخين والمنتن كله حيضا بأن زاد مجموعه على خمسة عشر.

(4)

تدع زمنه الصلاة والصوم ونحوهما، لحديث فاطمة بنت أبي حبيش قالت:(يا رسول الله إني استحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: «إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي» ) ، متفق عليه ولأبي داود، «إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة» ، فلو رأت دما أسود ثم أحمر، وعبر أكثر الحيض، فحيضها زمن الدم الأسود، وما عداه استحاضة.

(5)

أي وكذا إذا كان لها تمييز بأن كان بعضه ثخينا وبعضه رقيقا، أو بعضه منتنا وبعضه غير منتن، والمنتن هو كريه الرائحة، يقال نتن الشيء ونتن بفتح التاء وضمها وأنتن فهو منتن بضم الميم وكسرها لغة، وصلح بفتح اللام وضمها أي صلح الثخين والمنتن أن يكون حيضا، وذلك بأن ينقص عن أقله، ولم يجاوز أكثره فلو رأت خمسة أسود، ثم خمسة أحمر، ثم أطبقت الشقرة، فالأولى هي الأقوى، ومحله إذا لم يمكن جعل الجميع حيضا، بأن زاد مجموعه على خمسة عشر.

ص: 388

(تجلسه في الشهر الثاني) ولو لم يتكرر أو يتوال (1)(والأحمر) والرقيق وغير المنتن (استحاضة) تصوم فيه وتصلي (2)(وإن لم يكن دمها متميزا (3) جلست) عن الصلاة ونحوها أقل الحيض من كل شهر (4) .

(1) أي تدع زمنه الصلاة والصوم ونحوهما مما تشترط له الطهارة، ولو لم يتكرر ما صلح أن يكون حيضا، ولم يتوال أي يتتابع، ومن صور عدم التكرار أن ترى في الشهر الأول عشرة أيام أسود، وفي الثاني سبعة، وفي الثالث ثمانية، فتجلس الأسود كله من كل شهر، والتوالي بأن كانت ترى يوما أسود ويوما أحمر إلى خمسة عشر يوما فما دون، ثم أطبق الأحمر، فتضم الأسود بعضه إلى بعض وتجلسه، وما عداه استحاضة، والحاصل أنها تجلس زمن الأسود الصالح، في أول شهر وما بعد، ولا تتوقف على تكراره، وتجلسه أيضا ولو انتفى التوالي، لأن التمييز أمارة في نفسه، فلا تحتاج إلى ضم غيره إليه، وتثبت العادة بالتمييز إذا تكرر ثلاثة أشهر أو أقل على ما تقدم، وإن لم يكن متميزا.

(2)

لأنه لا يصلح حيضا.

(3)

بأن كان كله على صفة واحدة، أو الأسود منه ونحوه دون اليوم والليلة أو جاوز الخمسة عشر.

(4)

أي تدع الصلاة والصيام والطواف والقراءة ونحو ذلك يوما وليلة من كل شهر هلالي لأن العادة لا تثبت بدون ذلك.

ص: 389

حتى يتكرر ثلاث فتجلس (غالب الحيض) ستا أو سبعا بتحر (1)(من كل شهر) من أول وقت ابتدائها إن علمته (2) وإلا فمن أول كل هلالي (3)(والمستحاضة المعتادة) أي التي تعرف شهرها، ووقت حيضها وطهرها منه (4)(ولو) كانت (مميزة تجلس عادتها)(5) .

(1) لا للتخيير بل بالاجتهاد في حال الدم، وعادة أقاربها من النساء فيما يغلب على ظنها أنه أقرب عادتها وعادة نسائها، لحديث حمنة قالت:(يا رسول الله إني استحاض حيضة شديدة كبيرة منعتني الصوم والصلاة فقال: «تحيضي في علم الله ستا أو سبعا ثم اغتسلي» ) ، رواه أحمد وغيره، وعملا بالغالب.

(2)

أي علمت ابتداءها بالدم جلسته من أول ابتدائها من كل شهر، والمراد شهر المرأة وهو ما يجتمع لها فيه حيض وطهر صحيحان لا الشهر الهلالي.

(3)

أي وإن لم تعلم وقت ابتدائها فتجلس من أول كل شهر هلالي ستا أو سبعا بتحر، والحاصل أن للمبتدأة ثلاثة أحوال: إما أن لا يجاوز دمها أكثر الحيض، أو يجاوز والثانية هي المستحاضة، وهي قسمان: مميزة وغير مميزة، ففي الأولى والأخيرة تجلس الأقل حتى يتكرر، ثم تنتقل إلى المتكرر في الأولى، والغالب في الآخرة وفي الوسطى تجلس المميزة التمييز الصالح من غير تكرار وتقدم أنها تجلس ما تراه ما لم تكن مستحاضة.

(4)

لما أنهى الكلام على المستحاضة المبتدأة شرع في أقسام المستحاضة المعتادة وسميت معتادة لأنها تعرف أنها تحيض خمسة مثلا من ابتدائه وتطهر في باقيه، ويتكرر حيضها ثلاثة أشهر، وإلا فلا تسمى معتادة وشهرها هو ما اجتمع لها فيه حيض وطهر صحيحان كما تقدم سواء كان شهرا هلاليا أو أقل أو أكثر.

(5)

يعني المستحاضة المعتادة وفاقا لأبي حنيفة، قال الزركشي: هو اختيار

الجمهور وجزم به وصححه غير واحد، وقال الشيخ: هي أظهر الروايتين عن أحمد، وهو ظاهر الحديث اهـ ولا تجلس ما نقصته عن عادتها قبل استحاضتها، فإذا كانت عادتها ستة أيام فصارت أربعة ثم استحيضت جلست الأربع فقط، وإن لم يتكرر النقص، وإن كانت مختلفة.

ص: 390

ثم تغتسل بعدها وتصلي (1)(وإن نسيتها) أي نسيت عادتها (عملت بالتمييز الصالح)(2) بأن لا ينقص الدم الأسود ونحوه عن يوم وليلة، ولا يزيد على خمسة عشر، ولو تنقل، أو لم يتكرر (3) .

(1) لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة «امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي» رواه مسلم ولأن العادة أقوى، لكونها لا تبطل دلالتها بخلاف اللون إذا زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته ولا فرق بين أن تكون العادة متفقة أو مختلفة.

(2)

للحيض قال في الإنصاف: بلا نزاع، لحديث بنت أبي حبيش «إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئ وصلي، فإنما هو عرق» ولأنها مستحاضة لا تعلم عادتها فلزمها العمل بالتمييز كالمبتدأة وقد تبين أن شرط عمل المستحاضة به أن لا تكون عالمة العادة.

(3)

تنقله بأن يكون تارة في أول الشهر، وتارة في وسطه، وتارة في آخره، وتكرره يعني ثلاثا كما تقدم في المبتدأة، ونحو الأسود الثخين والمنتن، ولا تبطل دلالة التمييز الصالح بزيادة الدمين، وهما الأسود والأحمر، والثخين والرقيق، والمنتن وغيره على شهر، نحو أن ترى عشرة أسود وثلاثين فأكثر أحمر، فتجلس الأسود والأحمر بمنزلة الطهر، ولا حد لأكثره ولا تلتفت لتمييز إلا مع استحاضة، فتجلس جميع دم لا يجاوز أكثر الحيض، لأنه يصلح كله حيضا، وإن اتفقت العادة والتمييز جلستها بلا نزاع.

ص: 391

(فإن لم يكن لها تمييز) صالح (1) ونسيت عدده ووقته (2)(فغالب الحيض) تجلسه من أول كل مدة علم الحيض فيها وضاع موضعه (3) وإلا فمن أول كل هلالي (4)(كالعالمة بموضعه) أي موضع الحيض (الناسية لعدده)(5) فتجلس غالب الحيض في موضعه (6) .

(1) وذلك بأن كان الدم على نسق واحد، والصالح أن لا ينقص عن يوم وليلة، وأن لا يجاوز الخمسة عشر.

(2)

أي نسيت المستحاضة غير المميزة عدد أيام الحيض ووقته لنحو غفلة أو علة عارضة وهو القسم الرابع من أقسام المستحاضة، وهي الناسية، ولها ثلاثة أحوال: أحدها أن تكون ناسية لوقتها وعددها، ويسمونها المتحيرة، لأنها قد تحيرت في حيضها بجهل العادة وعدم التمييز، قال النووي وغيره: لا تطلق المتحيرة إلا على من نسيت عادتها قدرا ووقتا ولا تمييز لها.

(3)

أي فتجلس الناسية لعدد الحيض ووقته غالبه من أول كل مدة علم الحيض فيها، إناطة للحكم بالأكثر كأن علمت أن الدم كان يأتيها في أول العشر الأوسط من الشهر، أو أول النصف الأخير منه، وضاع موضع الحيض كنصف الشهر الثاني أو الأول أو العشر الأوسط منه.

(4)

أي وإن لم تعلم مدة الحيض وموضعه فتجلس من أول كل شهر هلالي غالب الحيض، كمبتدأة، لقوله:«تحيضي في علم الله ستا أو سبعا» .

(5)

بأن علمت بأنها تحيض في العشر الأوسط مثلا ونسيت عدد أيام الحيض وهي الحالة الثانية للناسية.

(6)

أي موضع حيضها من أوله، لحديث حمنة وهي امرأة كبيرة لم يسألها عن تمييزها ولا عادتها فلم يبق إلا أن تكون ناسية، فإن لم تعلم إلا شهرها ففيه

إن اتسع له، كأن يكون شهرها عشرين، فتجلس ستا أو سبعا بالتحري، وتغتسل وتصلي بقية العشرين، ثم تعود إلى فعلها ذلك أبدا، وإلا يتسع جلست الفاضل بعد أقل الطهر.

ص: 392

(وإن علمت) المستحاضة (عدده) أي عدد أيام حيضها (1)(ونسيت موضعه من الشهر (2) ولو) كان موضعه من الشهر (في نصفه (3) جلستها) أي جلست أيام عادتها (من أوله) أي أول الوقت الذي كان الحيض يأتيها فيه (4)(كمن) أي كمبتدأة (لا عادة لها ولا تمييز) فتجلس من أول وقت ابتدائها على ما تقدم (5) .

(1) أي علمت بأنها تحيض خمسة من الشهر مثلا.

(2)

بأن لم تدر أكانت تحيض في أول الشهر، أو وسطه أو آخره؟

(3)

أي العشر الأوسط منه، لكنها لا تدري أي العشر كان يأتيها فيها؟

(4)

كأول العشر، لحديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها.

(5)

في قوله: من أول وقت ابتدائها، يعني أنها إذا نسيت عدد حيضها، ووقته وموضعه، فلم تعلم أول وقت كان الدم ابتدأها فيه، فإنها تجلس غالب الحيض من أول كل شهر هلالي، كما أن المبتدأة المستحاضة إذا لم يكن لها تمييز صالح، ولم تعلم أوله وقت ابتدائها، فإنها تجلس غالب الحيض من أول كل شهر هلالي، لكن بعد التكرار، بخلاف المميزة فاستحاضتها لا تحتاج إلى تكرار، ومتى ذكرت الناسية عادتها رجعت إليها وقضت الواجب زمنها، وزمن جلوسها في غيرها، وما تجلسه ناسية من مشكوك فيه فكحيض يقينا، وما زاد إلى أكثره فكطهر متيقن، وغيرهما استحاضة، هذا مقتضى كلامه رحمهم الله.

ص: 393

(ومن زادت عادتها) مثل أن يكون حيضها خمسة من كل شهر فيصير ستة (1)(أو تقدمت) مثل أن تكون عادتها من أول الشهر فتراه في آخره (2)(أو تأخرت) عكس التي قبلها (3) .

(فما تكرر) من ذلك (ثلاثا) فهو (حيض)(4) ولا تلتفت إلى ما خرج عن العادة قبل تكرره، كدم المبتدأة الزائد على أقل الحيض، فتصوم فيه وتصلي قبل التكرار، وتغتسل عند انقطاعه ثانيا، فإذا تكرر ثلاثا صار عادة، فتعيد ما صامته ونحوه من فرض (5) .

(1) أي فما تكرر من ذلك ثلاثا فحيض، كالحالة الثانية من المبتدأة وهي بخلاف المميزة فإن استحاضتها لا تحتاج إلى تكرار فالتشبيه ليس تاما.

(2)

كأنه سبق قلم، وصوابه من آخر الشهر فتراه في أوله، يعني فما تكرر منه حيض.

(3)

وهو قوله: مثل أن تكون عادتها من أول الشهر فتراه في آخره، وكذا انتقال بأن تكون الخمسة الأول، فتكون الخمسة الثانية، وهو في معنى ما تقدم.

(4)

لأنه زمنه، وصار عادة لها فتنتقل إليه.

(5)

كصلاة وطواف واعتكاف ونحوها، وعنه: تصير إليه من غير تكرار، وتدع الصلاة ونحوها، أومأ إليه في رواية ابن منصور، واختاره الشيخ والموفق وجمع، قال في الإنصاف، وهو الصواب، قال ابن عبيدان: وهو الصحيح، قال في الفائق: وهو المختار، وعليه العمل، ولا يسع النساء العمل بغيره، قال في الاختيارات والمنتقلة إذا تغيرت عادتها بزيادة أو نقص أو انتقال فذلك حيض

حتى تعلم أنها استحاضته باستمرار الدم، وقوله: من فرض فيه قصور إلا أن يراد ما يعم الفرض والواجب، كطواف واعتكاف قالوا: وإن لم يعد وأيست قبل تكراره لم تقض.

ص: 394

(وما نقص عن العادة طهر)(1) فإن كانت عادتها ستا فانقطع لخمس اغتسلت عند انقطاعه وصلت، لأنها طاهرة (2)(وما عاد فيها) أي في أيام عادتها (3) كما لو كانت عشرا، فرأت الدم ستا ثم انقطع يومين، ثم عاد في التاسع والعاشر (جلسته) فيهما (4) لأنه صادف زمن العادة كما لو لم ينقطع (5) .

(1) حكمها فيه حكم الطاهرات.

(2)

وكذا لو طهرت في أثناء عادتها طهرا خالصا لا تتغير معه القطنة إذا احتشتها فهي طاهر تغتسل، لقول ابن عباس: فلتغتسل وتصل، وتفعل ما فعلته الطاهرات.

(3)

ولم يجاوزها جلسته.

(4)

وإن لم يتكرر كما تقدم.

(5)

ولا تجلس ما جاوز العادة، ولو لم يزد على أكثره حتى يتكرر، فإن عبر الأكثر فليس بحيض، قال شيخ الإسلام: للعلماء نزاع في الاستحاضة فإن أمرها مشكل، لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة، فلا بد من فاصل، والعلامات التي قيل بها ست، وإما العادة فإن العادة أقوى العلامات، لأن الأصل مقام الحيض دون غيره، وإما التمييز، لأن الدم الأسود والثخين، أولى أن يكون حيضا من الأحمر، وإما اعتبار غالب عادة النساء لأن الأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب، فهذه العلامات الثلاث تدل عليها السنة والاعتبار، ومن الفقهاء من يجلسها ليلة، وهو أقل الحيض، ومنهم من يجلسها الأكثر، لأنه أصل دم الصحة ومنهم

من يلحقها بعادة نسائها، وأصوب الأقوال اعتبار العلامات التي جاءت بها السنة وإلغاء ما سوى ذلك.

ص: 395

(والصفرة والكدرة في زمن العادة حيض) فتجلسهما (1) لا بعد العادة ولو تكررتا (2) لقول أم عطية: (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا) ، رواه أبو داود (3) .

(1) الصفرة شيء كالصديد يعلوه صفرة، والكدرة كلون الماء الوسخ الكدر، وليسا على لون من ألوان الدماء، فإذا رأتهما في زمن العادة فحيض، تجلسهما وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي وإسحاق وغيرهم، قال ابن رشد: لا خلاف أن الصفرة والكدرة حيض، ما لم تر ذلك عقيب طهرها، قال تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} وهو يتناولهما ولأن النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الصفرة والكدرة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، يعني الطهر، والدرجة قطنة تدخلها المرأة فرجها ثم تخرجها لتنظر هل بقي شيء من أثر الحيض أم لا؟

(2)

أي ليست الصفرة والكدرة بعد العادة حيضا ولو تكررتا، فلا تجلسه واختاره الشيخ وغيره، وروي أحمد وأبو داود وغيرهما: في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر؟ قال: إنما هو عرق أو إنما هو عروق، قال البغوي: وهو قول أكثر الفقهاء.

(3)

واللفظ له: والبخاري ولم يذكر بعد الطهر، وله حكم الرفع عند أهل الحديث وغيرهم، فيكون تقريرا منه صلى الله عليه وسلم فما ليس بدم غليظ أسود يعرف فلا يعد حيضها بعد الطهر، ومفهومه أن الصفرة والكدرة قبل الطهر حيض، وهو إجماع، كما تقدم والطهر انقطاع الدم، فالذي يأتي الحائض عقب انقطاع الحيض هو الطهر الصحيح وماتراه الحائض من النشاف في أيام الحيض طهر، وإن لم تر معه بياضا، فعليها أن تغتسل وتصلي، والحاصل أن الطهر بجفوف أو قصة، فإن كانت ممن ترى القصة البيضاء اغتسلت حين تراها، وقال:

مالك: هو أمر معلوم عندهن، وإن كانت ممن لا تراها، فحين ترى الجفوف تغتسل وتصلي، والجفوف أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة ليس عليها شيء من الدم ولا من الصفرة ولا من الكدرة، لأن فرج المرأة لا يخلو من الرطوبة غالبا، والقصة بفتح القاف ماء أبيض يتبع الحيض، يشبه ماء الحص شبهت الرطوبة النقية لبياضها بالجص، وقال بعضهم: يشبه ماء العجين، وقيل يشبه المني، ويحتمل أنه يختلف باعتبار النساء وأسنانهن، وباختلاف الفصول والبلدان والطباع، وغالب ما يذكره النساء شبه المني، وقال بعض السلف: لا يلزم المرأة أن تتفقد طهرها بالليل، ولا يعجبني ذلك، ولم يكن للناس مصابيح كما قالته عائشة وغيرها: وإنما يلزمها ذلك إذا أرادت النوم، أو قامت لصلاة الصبح، وعليهن أن ينظرن في أوقات الصلوات، وليس تفقد طهراها بالليل من عمل الناس، وقال ابن رشد: كان القياس يجب عليها أن تنظر قبل الفجر بقدر ما يمكنها إن رأت الطهر أن تغتسل وتصلي المغرب والعشاء قبل طلوع الفجر، إذ لا اختلاف في أن الصلاة تتعين في آخر الوقت، فسقط ذلك عنها من ناحية المشقة، فإن استيقظت بعد الفجر وهي طاهر فلم تدر لعل طهرها كان من الليل حملت تلك الصلاة على ما فات عليه، ولم يجب عليها صلاة الليل حتى توقن أنها طهرت قبل الفجر، وأم عطية هي نسيبة بنت الحارث الأنصارية، غزت مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات.

ص: 396

(ومن رأت يوما) أو أقل أو أكثر (دما ويوما) أو أقل أو أكثر (نقاء (1) فالدم حيض) حيث بلغ مجموعه أقل الحيض (2) .

(1) متخللا لتلك الدماء، لا يبلغ أقل الطهر، والنقاء بالفتح والمد مصدر نقي كتعب بمعنى، نظف.

(2)

ويسمى التلفيق، أي ضم الدماء بعضها إلى بعض، وجعلها حيضة واحدة إن تخللها طهر، وصلح زمانه، كما لو لم يفصل بينهما طهر، قال ابن رشد: لا تخلو الأيام إما أن تكون أيام حيض، أو أيام طهر، فإن كانت أيام حيض فيجب أن

تلفقها إلى أيام الدم، وإن كانت أيام طهر فليس يجب أن تلفق أيام الدم إذا كان قد تخللها طهر.

ص: 397

(والنقاء طهر) تغتسل فيه وتصوم وتصلي (1) ويكره وطؤها فيه (2)(ما لم يعبر) أي يجاوز مجموعهما (أكثره) أي أكثر الحيض (3) فيكون استحاضة (4) .

(والمستحاضة ونحوها) ممن به سلس البول أو مذي أو ريح أو جرح لا يرقأ دمه (5) أو رعاف دائم (6) .

(1) لأنه طهر حقيقة، واختاره الشيخ وغيره وفاقا لمالك، وتقدم قول ابن عباس: أما ما رأت الطهر ساعة فلتغتسل.

(2)

قدمه في الرعاية، وعنه يجوز، وهو قول أكثر الفقهاء.

(3)

كأن ترى يوما دما ويوما نقاء إلى ثمانية عشر مثلا.

(4)

فترد إلى عادتها إن علمتها، وإلا فبالتمييز، وإلا فمتحيرة على ما تقدم، لا إن كانت مبتدأة فلها حكم المبتدأة.

(5)

أي لا يسكن، وهو مهموز، يقال: رقأ الدم رقوءا سكن، والسلس بفتح اللام، وهو الذي لا يمكنه إمساكه وكذا من به استطلاق بطن، وذكر ابن الصلاح وغيره أن ما ذكر مع الاستحاضة فهو بفتح اللام، وهو عبارة عن المصدر، وما ذكر مع المستحاضة، فهو بكسر اللام وهو الشخص الذي يكون به ذلك.

(6)

الرعاف هو الدم الذي يسبق من الأنف، على وزن البزاق، سمي به لسبقه إلى الأنف، وكل سابق راعف، وفعله رعف بفتح العين، وهو فصحاها، وبضمها وحكي كسرها، وهو يطلق على خروج الدم من الأنف، وعلى الدم نفسه

والمراد أن نحو المستحاضة في الجملة من حدثه دائم، قياسا عليها، لتساويهم معنى وهو عدم القدرة على التحرز، فوجب تساويهما حكما، قال في الإنصاف: بلا نزاع، فحكمه غسل محل الملوث بالحدث، لإزالته عنه والوضوء مع القدرة، لا غسل ثوبه ونحوه لكل فرض، وإلا فالتيمم وعمر صلى وجرحه يثعب، وكان زيد بن ثابت إذا غلبه يصلي ولا يبالي ما أصاب ثوبه.

ص: 398

(تغسل فرجها) لإزالة ما عليه من الخبث (1)(وتعصبه) عصبا يمنع الخارج حسب الإمكان (2) فإن لم يمكن عصبه كالباسور صلى على حسب حاله (3) ولا يلزم إعادتهما لكل صلاة ما لم يفرط (4) .

(1) وتحتشي بقطن أو ما يقوم مقامه، ليمنع خروج الخارج.

(2)

ويكون ما تعصبه به شيئا طاهرا، كأن تجعل خرقة كالتبان تتلجم بها، وتوثق طرفيها في شيء آخر شدتها على وسطها، لقوله عليه الصلاة والسلام أنعت لك الكرسف تحشين به المكان، قالت: إنه أكثر من نذلك، قال تلجمي فإن غلب الدم وقطر لم تبطل طهارتها، ولا يلزمها إذا إعادة الشد، وإن قصرت فخرج وجب التجديد بلا خلاف، حكاه إمام الحرمين وغيره، وذلك ما لم تتأذ بالشد ويحرقها اجتماع الدم فلا، لما فيه من الضرر.

(3)

لقوله: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} والباسور ورم تدفعه الطبيعة بإذن الله إلى كل موضع من البدن يقبل الرطوبة من المقعدة والأنثيين والأشفار وداخل الأنف والشفة جمعه بواسير، وقيل: عجمي وكذا الناسور.

(4)

أي لا يلزم إعادة الغسل والعصب عند فعل كل صلاة، لأن الحدث مع غلبته لا يمكنه التحرز منه، وفي الصحيح أن إحدى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اعتكفت معه، فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي، وكذا حكم الجرح الذي لا يمكن شده، فإن فرط أعادهما.

ص: 399

(وتتوضأ لـ) دخول (وقت كل صلاة) إن خرج شيء (1)(وتصلي) ما دام الوقت (فروضا ونوافل)(2) فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء (3) وإن اعتيد انقطاعه زمنا زمنا يتسع للوضوء والصلاة تعين (4) لأنه أمكن الإتيان بها كاملة (5) .

(1) بعد الوضوء لقوله: توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت، وفي لفظ لوقت كل صلاة صححه الترمذي، وكذا حكم من حدثه دائم، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي وجمهور أهل العلم، ولما تقدم من الأدلة على وجوب الطهارة من الخارج من السبيلين، واستحب مالك لمن به سلس البول أن يتوضأ لكل صلاة إلا أن يؤذيه البرد.

(2)

لبقاء وضوئها إلى خروج الوقت، وكالمتيميم وأولى.

(3)

قد يقال: إنه مخالف لمقتضى ما تقدم من قوله: وتتعين نية الاستباحة لمن حدثه دائم لفرضه، وقولهم في شروط الوضوء، ودخول وقت على من حدثه دائم لفرضه، فإن قضيته أن يتوضأ لوقت كل صلاة دائما، ويجاب بأن ما تقدم مخصوص بما إذا لم يمكنه تعصيب المحل، كمن به باسور ونحوه، وهنا فيما إذا أمكنه ولم يخرج شيء.

(4)

يعني زمن انقطاع دم الاستحاضة ونحوه.

(5)

يعني الإتيان بالعبادة كاملة، على وجه لا عذر معه ولا ضرورة فتعين، كمن لا عذر له، وإن وجد قبل الدخول في الصلاة لم يجز الشروع فيها، وإن عرض هنا الانقطاع لمن عادته الاتصال بطل وضوءه، وعنه لا عبرة بانقطاعه اختاره المجد وصاحب الفائق وجماعة، وقالوا: ولو كثر الانقطاع، واختلف بتقدم وتأخر، وقلة وكثرة، ووجد مرة وعدم أخرى، قال ابن تميم: وهو أصح.

ص: 400

ومن يلحقه السلس قائما صلى قاعدا (1) أو راكعا أو ساجدا يركع ويسجد (2)(ولا توطأ) المستحاضة (إلا مع خوف العنت) منه أو منها (3) ولا كفارة فيه (4)(ويستحب غسلها) أي غسل المستحاضة (لكل صلاة)(5) .

(1) وكذا من تمتنع قراءته قائما.

(2)

نص عليه فيمن يلحقه السلس راكعا أو ساجدا، كالمكان النجس، ولا يكفيه الإيماء لأنه لا نظير له في حالة الاختيار.

(3)

لقول عائشة في المستحاضة، لا يغشاها زوجها، فإن خافه أو خافته أبيح، وكذا إن كان به شبق، وعنه يباح وطؤها مطلقا وفاقا، وهو قول أكثر الفقهاء لأن حمنة تستحاض، وكان زوجها طلحة يطؤها، وأم حبيبة كذلك، رواه أبو داود، وليست المستحاضة كالحائض من كل وجه، فتنقاس عليها، بل فرق الشارع بينهما، لأن دم الحيض أعظم وأدوم وأضر من دم الاستحاضة، ودم الاستحاضة، دم عرق، وهو في الفرج بمنزلة الرعاف في الأنف، وخروجه مضر وانقطاعه دليل الصحة، ودم الحيض عكس ذلك، ولا يستوي الدمان حقيقة ولا حكما ولا سببا، قال النووي: يجوز في الزمن المحكوم بأنه طهر، ولا كراهة في ذلك، وإن كان الدم جاريا، هذا مذهبنا ومذهب جمهور العلماء، ولا يثبت لها شيء من أحكام الحيض بلا خلاف، ونقل ابن جرير الإجماع على أنها تقرأ القرآن، وأن عليها جميع الفرائض التي على الطاهر، وحكى نحو ذلك غيرهما، لأنها كالطاهر في الصلاة والصوم وغيرهما، فكذلك في الجماع، ولا يكره إلا عن دليل، وقال ابن عباس: المستحاضة يأتيها زوجها إذا صلت، الصلاة أعظم، والعنت الفجور والزنا والوقوف في أمر شاق.

(4)

إجماعا.

(5)

وليس بواجب عند أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها أن تغتسل لكل صلاة، وإنما أمرها بالغسل مطلقا، فكانت هي تغتسل لكل صلاة، بل الواجب الوضوء لكل صلاة عند الجمهور، لأمره صلى الله عليه وسلم المستحاضة بالوضوء عند كل صلاة، ورواه البخاري والترمذي وغيرهما.

ص: 401

لأن أم حبيبة استحيضت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمرها أن تغتسل، فكانت تغتسل عند كل صلاة، متفق عليه (1) .

(وأكثر مدة النفاس) وهو دم ترخيه الرحم للولادة وبعدها، وهو بقية الدم الذي احتبس في مدة الحمل لأجله (2) وأصله لغة من التنفس وهو الخروج من الجوف (3) .

(1) من حديث عائشة أن أم حبيبة اشتكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم فقال: «امثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي» أي غسل الخروج من الحيض فكانت تغتسل لكل صلاة، من غير أمر منه صلى الله عليه وسلم لها بذلك، وفي رواية للبخاري: وتوضئي لكل صلاة، فلا يجب عليها الغسل لشيء من الصلوات إلا مرة واحدة، في وقت انقطاع حيضها، قال غير واحد: وهومذهب جمهور السلف والخلف للأخبار، واستحيضت استمر بها الدم كما تقدم، وأم حبيبة هي بنت جحش أخت زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تحت عثمان رضي الله عنه.

(2)

جعله الله غذاء له، وفي التعريفات، النفاس دم يعقب الولد.

(3)

أي خروج النفس من الرئة بعد إدخاله إليها، أو من التنفس الذي هو التشقق والانصداع يقال: تنفست القوس إذا تشققت وسميت ولادة المرأة نفاسا لأنه يصحبها خروج النفس وهو الدم، ثم سمي الدم نفاسا، لأنه خارج بسبب الولادة، تسمية للمسبب باسم السبب، يقال: نفست المرأة، بضم النون لا غير إذا ولدت

والمصدر النفاس بالكسر، ويقال للمرأة نفساء بضم النون وفتح الفاء، وضم النون أفصح من فتحها، ومن ضم فسكون، وهي بالمد على اللغات الثلاث، ومثناها نفساوان، ويقال أيضا نفست بضم النون وفتحها مع كسر الفاء فيهما إذا حاضت.

ص: 402

أو من: نفس الله كربته، أي فرجها (1)(أربعون يوما)(2) وأول مدته من الوضع (3) وما رأته قبل الولادة بيومين أو ثلاثة، بأمارة فنفاس وتقدم (4) ويثبت حكمه بشيء فيه خلق الإنسان (5) .

(1) ويقال نفسه بمعنى أمهله، أو نفس كربه.

(2)

من ابتداء خروج بعض الولد، حكاه أحمد عن عمر وغيره، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة لحديث أم سلمة: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما، رواه الترمذي وغيره، وأثنى عليه البخاري، ومعناه: كانت تؤمر أن تجلس إذ محال اتفاق عادة نساء عصر في نفاس أو حيض، واحتج أيضا الجمهور بأحاديث في معناه، وقال الترمذي: أجمع أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي، قال أبو عبيد: وعلى هذا جماعة الناس، وقال إسحاق: هو السنة المجتمع عليها، وقال الشيخ: لا حد لأكثره ولو زاد على السبعين وانقطع، ولكن إن اتصل فهو دم فساد، وحينئذ فالأربعون منتهى الغالب.

(3)

وفاقا: وقال ابن رشد والنووي وغيرهما: لا خلاف أن الدم الذي يهراق بعد الولادة نفاس.

(4)

أي في قوله: إلا أن تراه قبل ولادتها إلخ، وقوله: أمارة، بفتح الهمزة أي علامة على الولادة كالتألم، وإلا فلا تجلسه، ولا تعتد به من الأربعين.

(5)

لا علقة أو مضغة لا تخطيط فيها فليس بنفاس، والمدة التي يتبين فيها غالبا ثلاثة أشهر، وأقله أحد وثمانون يوما، فمتى رأت دما على طلق قبلها لم تلتفت

إليه، وبعدها تمسك عن الصلاة والصوم ثم إن تبين فيه خلق الإنسان رجعت فاستدركت وإلا استمر الحكم على الظاهر.

ص: 403

ولا حد لأقله (1) لأنه لم يرد تحديده (2) وإن جاوز الدم الأربعين وصادف عادة حيضها ولم يزد أو زاد وتكرر فحيض إن لم يجاوز أكثره (3) ولا يدخل حيض واستحاضة في مدة نفاس (4)(ومتى طهرت قبله) أي قبل انقضاء أكثره (تطهرت) أي اغتسلت (وصلت) وصامت كسائر الطاهرات (5) .

(1) أي لا حد لأقل زمنه وفاقا، فيثبت حكمه ولو بقطرة قال أبو الطيب: وهو قول جمهور العلماء.

(2)

فرجع فيه إلى الوجود وقد وجد قليلا وكثيرا، حتى وجد من لم تر نفاسا أصلا، وحكى البخاري في تاريخه أن عائشة قالت لامرأة لم تره: أنت امرأة قد طهرك الله والنقاء زمنه طهر.

(3)

وكذا إن لم يصادف عادة، ولم يجاوز أكثر الحيض، وتكرر فحيض، كما صرح به غير واحد، وإن لم يصادف عادة حيض فهو استحاضة، إن لم يتكرر، لأنه لا يصلح حيضا ولا نفاسا، ولو هجرها الدم ثم أتاها في عادتها فهو حيض، لأنه لا حد لأكثر الطهر، وإن زاد على العادة وجاوز أكثر الحيض فاستحاضة، وقال مالك والشافعي، أكثره ستون، وتقدم أنه لا حد لأكثره، وأن المرجع في ذلك إلى الوجود.

(4)

كما لا تدخل في مدة حيض، لأن الحكم للأقوى، فلو ولدت المستحاضة واستمر الدم أربعين يوما فإنه نفاس، لا تصوم فيه ولا تصلي.

(5)

لانقطاع دم النفاس، وروي عن أم سلمة مرفوعا، كم تجلس المرأة إذا ولدت؟ قال أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك ذكره في المبدع.

ص: 404

كالحائض إذا انقطع دمها في عادتها (1)(ويكره وطؤها قبل الأربعين بعد) انقطاع الدم و (التطهير) أي الاغتسال، قال أحمد: ما يعجبني أن يأتيها زوجها، على حديث عثمان بن أبي العاص (2)(فإن عاودها الدم) في الأربعين (3)(فمشكوك فيه) كما لو لم تره ثم رأته فيها (4)(تصوم وتصلي) أي تتعبد، لأنها واجبة في ذمتها بيقين، وسقوطها بهذا الدم مشكوك فيه (وتقضي الواجب) من صوم ونحوه احتياطا (5) .

(1) تغتسل وتصلي وتصوم ونحوه.

(2)

أنها أتته قبل الأربعين، فقال: لا تقربيني، ولأنها لا تأمن عود الدم في زمن الوطء وعنه: لا أكره وطأها، ذكره الزركشي وغيره، وقال جمهور أهل العلم: لا كراهة في وطئها لأن لها حكم الطاهرات في كل شيء، وليس للكراهة دليل يعتمد عليه، وإن اتصلت به صفرة أو كدرة فنفاس، وقيل: بلا خلاف.

(3)

يعني بعد انقطاعه.

(4)

فمشكوك فيه، يعني كونه نفاسا أو فسادا، لتعارض الأمارتين فيه، وعنه: هو نفاس تدع له الصوم والصلاة، وهو قول كثير من العلماء، واختاره الموفق وغيره.

(5)

تقدم قول الشيخ: إن قولهم: تصوم وتصلي وتقضي الواجب باطل من وجوه، وأن من فعل العبادة كما أمر بحسب وسعه فلا إعادة عليه، واحتاط الرجل، أخذ في أموره بالحزم، واحتاط لنفسه أخذ بالثقة، واحتاط على الشيء حافظ عليه، افتعال، وهو طلب الأحوط، والأخذ بأوثق الوجوه.

ص: 405

ولوجوبه يقينا (1) ولا تقضي الصلاة كما تقدم (2)(وهو) أي: النفاس (كالحيض (3) فيما يحل) كالاستمتاع بما دون الفرج (4)(و) فيما (يحرم) به كالوطء في الفرج والصوم والصلاة (5) والطلاق بغير سؤالها على عوض (6)(و) فيما (يجب) به كالغسل (7) والكفارة بالوطء فيه (8)(و) فيما (يسقط) به كوجوب الصلاة فلا تقضيها (9)(غير العدة) فإن المفارقة في الحياة تعتد بالحيض دون النفاس (10) .

(1) لا يقال إنها لا تقضي الصوم قياسا على الناسية إذا صامت في الدم الزائد على غالب الحيض، لأنه يتكرر فيشق بخلاف النفاس.

(2)

يعني في قولهما: وتقضي الحائض الصوم لا الصلاة إجماعا.

(3)

بلا خلاف في الجملة، لأنه حيض مجتمع، احتبس لأجل الحمل، فكان حكمه حكم الحيض، ونقل ابن جريج إجماع المسلمين عليه إلا ما استثني.

(4)

وله أن يستمتع منها كما يستمتع من الحائض.

(5)

أي النفساء كالحائض في ذلك اتفاقا.

(6)

ظاهره إن سألته بلا عوض، أو سأله غيرها لم يبح، وبذلك العوض يدل على إرادته حقيقة.

(7)

إجماعا.

(8)

قياسا على الحائض على القول بها.

(9)

إجماعا.

(10)

لأنه ليس بقرء، ولأن العدة تنقضي بوضع الحمل.

ص: 406

(و) غير (البلوغ) فيثبت بالحيض دون النفاس لحصول البلوغ بالإنزال السابق للحمل (1) ولا يحتسب بمدة النفاس على المولي (2) بخلاف مدة الحيض (3)(وإن ولدت) امرأة (توأمين) أي ولدين في بطن واحد (4)(فأول النفاس وآخره من أولهما) كالحمل الواحد (5) فلو كان بينهما أربعون فأكثر فلا نفاس للثاني (6) .

(1) لأن الحمل ينعقد من مائها، والبلوغ في الأصل الوصول، وبلغ الغلام أو الجارية: أدركا بلوغ حد التكليف، ويأتي في الحجر.

(2)

في مدة الإيلاء لأنه ليس بمعتاد.

(3)

لاعتياده، ولا يحصل بالنفاس استبراء، ولا فصل بين طلاقي السنة والبدعة.

(4)

فأكثر من ولدين، يقال: أتأمت المرأة، إذا ولدت اثنين في بطن واحد، فهي متئم، فإذا كان ذلك عادة لها فهي متآم، وهذا الولد تؤم لهذا.

(5)

وفاقا لمالك وأبي حنيفة، والوجه الثاني للشافعية، لأنه دم خرج عقب الولادة فكان نفاسا واحدا.

(6)

من التوأمين نص عليه، لأن الولد الثاني تبع للأول، فلم يعتبر في آخر النفاس كأوله، فما خرج مع الولد الثاني بعد الأربعين على القول بها دم فساد، لأنه لا يصلح حيضا ولا نفاسا، وعنه: من الثاني لأنها قبل وضعه حامل، ولا يضرب لها مدة النفاس، كما قبل الأول، ولهذا لا تنقضي العدة إلا بوضعهما، واختاره أبو المعالي وغيره، وقال: لا يختلف المذهب فيه، وقال بعض الشافعية، اتفق أئمتنا على استئناف نفاس، فإن الذي تقدمه نفاس كامل، ويستحيل أن تلد الثاني وترى الدم عقيبه ولا يكون نفاسا اهـ وللاتفاق على أن الدم المهراق بعد الولادة نفاس.

ص: 407

ومن صارت نفساء بتعديها بضرب بطنها أو بشرب دواء لم تقض (1) .

(1) أي الصلاة لأنه دم فساد، ولأن وجود الدم ليس معصية من جهتها وكذا حيض، كما لو كان التعدي من غيرها، وقيل: يجوز شرب دواء مباح لإلقاء نطفة، وقال الشيخ: الأحوط أن المرأة لا تستعمل دواء يمنع نفوذ المني في مجاري الحبل، وقال القاضي وغيره: لا يباح شرب دواء مباح لقطع الحيض إلا بإذن الزوج كالعزل، قال في الإنصاف: وهو الصواب، وقال في الفروع: وفعل ذلك بها من غير علم يتوجه تحريمه، لإسقاط حقها مطلقا من النسل المقصود، وقال: ويتوجه في الكافور ونحوه له كقطع الحيض، قال في الإنصاف، وهو الصواب فيهما الذي لا شك فيه، وأما إسقاط الحمل فقال الشيخ: حرام باتفاق المسلمين.

ص: 408