الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
القسم الثالث والخمسون ومئتان: ما ورد في فضائل رجل من الأنصار رضي الله عنه
-
1800 -
[8] عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:(يطلعُ عليكُمْ الآنَ رجلٌ منْ أهلِ الجنَّةِ)، فطلع رجل من الأنصار، تنطف
(1)
لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال. فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى. فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته - أيضًا -، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى. فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت
(2)
أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت. قال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئًا غير أنه إذا تعار
(3)
، وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبَّر حتى يقوم لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا. فلما مضت الثلاث ليال، وكدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، إني لم يكن بيني، وبين أبي غضب، ولا هجر. ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار: (يطلعُ
(1)
أي: تقطر. كما في النهاية (باب: النون مع الطاء) 5/ 75.
(2)
- بالحاء المهملة، بعدها ياء مثناة تحت - أي: خاصمت. عن المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 551).
(3)
- بتشديد الراء - أي: استيقظ. عن المنذري - أيضًا - في كتابه المذكور - آنفا -.
عليكمْ الآنَ رجلٌ منْ أهلِ الجنَّةِ)، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوى إليك؛ لأنظر ما عملك، فاقتدى به، فلم أرك تعمل كثير عمل. فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: ما هو إلا ما رأيت. قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشًا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق.
رواه: الإمام أحمد
(1)
- وهذا حديثه -، والبزار
(2)
عن زهير بن محمد، كلاهما عن عبد الرزاق عن معمر
(3)
، ورواه: البزار
(4)
عن محمد بن علي الأهوازي عن عمرو بن خالد عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد، كلاهما عن
(1)
(20/ 124) ورقمه/ 12697، ورواه من طريقه: الضياء في المختارة (7/ 186 - 188) ورقمه/ 2619.
(2)
كما في: كشف الأستار (2/ 409 - 410) ورقمه/ 1981.
(3)
والحديث في جامعه (11/ 287) ورقمه/ 20559، ورواه عنه: عبد بن حميد في مسنده (المنتخب ص/ 350 - 351 ورقمه/ 1159). وكذا رواه: الطبراني في مكارم الأخلاق (ص/ 62 - 63) ورقمه/ 72، والخرائطي في في مساوئ الأخلاق (ص/ 342 - 343) ورقمه/ 770، والبيهقي في الشعب (5/ 264 - 265) ورقمه/ 6605، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 121 - 122)، والبغوي في شرح السنة (13/ 112 - 114) ورقمه/ 3535، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1/ 466) ورقمه/ 1108، كلهم من طرق عن عبد الرزاق به
…
وعندهم جميعًا أن الزهري صرح بالإخبار عن أنس إلَّا ما ورد عند ابن عبد البر فإن فيه: (الزهري عن أنس)، وفيه تدليس - كما سيأتي -.
(4)
كما في: كشف الأستار (2/ 409 - 410) ورقمه/ 1981.
الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك - وقال ابن لهيعة: عن عقيل أنه سمع ابن شهاب (هو: الزهري) يخبر عن أنس - به
…
قال المنذري
(1)
: (رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري، ومسلم
(2)
) اهـ، ومثله قال العراقي
(3)
. وقال الهيثمي
(4)
: (رجال أحمد رجال الصحيح، وكذلك أحد إسنادي البزار) اهـ، وما قالوه رحمهم الله بنوه على حال ظاهر الإسناد؛ لأن عبد الرزاق هو: ابن همام الصنعاني، ومعمر هو: ابن راشد الأزدي، والزهري اسمه: محمد بن مسلم بن شهاب. والزهري تابعي
(5)
، له سماع من أنس بن مالك رضي الله عنه
(6)
-، وقد تفرد برواية هذا الحديث عنه
(7)
، ولكنه في الأظهر لم يسمعه من أنس بن مالك.
والدليل ورود الحديث عن الزهري من طرق عدة يذكر فيها واسطة لم
(1)
الترغيب والترهيب (3/ 548 - 549) رقم/ 10.
(2)
وتعقبه برهان الدين الناجي في كتابه العجالة على الترغيب والترهيب (ص/ 463 - 464) بأن الزهري لم يسمعه من أنس، بل رواه عن رجل عنه، ثم قال:(وهذه العلة التي فيه لم ينتبه لها المصنف) اهـ.
(3)
المغني عن حمل الأسفار (2/ 862) رقم/ 3168. وقد تراجع العراقي رحمه الله عن هذا الحكم فيما بعد، فقد ذكر الزبيدي في إتحاف السادة (8/ 51) أنه وجد بخط العراقي عن قوله المتقدم في المغني: (له علة، فإن الزهري لم يسمعه عنه أنس - فيما يقال -) اهـ، وهذا هو الصواب - كما سيأتي -.
(4)
مجمع الزوائد (8/ 78).
(5)
انظر: الثقات لابن حبان (5/ 349).
(6)
وحديثه عنه عند الجماعة، انظر: تهذيب الكمال (26/ 421).
(7)
قاله أبو حاتم، كما في: العلل لابنه (2/ 365) رقم/ 2611.
يسمها بينه، وبين أنس، وهي أربع، الأولى: طريق معاوية بن يحيى الصدفي، رواها: الخرائطي في مساوئ الأخلاق
(1)
بسنده عن الهقل بن زياد عنه به، بنحوه، وفيها:(الزهري: حدثني من لا أتهم عن أنس)
…
ومعاوية بن يحيى ضعفه أبو زرعة
(2)
، وأبو حاتم
(3)
، والنسائي
(4)
، وغيرهم. واختلف قول أهل العلم في حديث هقل بن زياد عنه عن الزهري بخاصة؛ فأثنى عليه البخاري
(5)
، وأبو حاتم
(6)
، وابن خراش
(7)
، وابن حبان
(8)
. قال البخاري، وأبو حاتم - وقد ذكرا روايته عن الزهري -:(روى عنه هقل بن زياد أحاديث مستقيمة، كأنها من كتاب) اهـ، وقال ابن خراش:(رواية الهقل عنه صحيحة، تشبه نسخة شعيب) اهـ، وقال ابن حبان:(وفي رواية الشاميين عن الهقل بن زياد، وغيره أشياء مستقيمة، تشبه حديث الثقات) اهـ، والحديث من رواية الهقل بن زياد عن معاوية الصدفي، ومعاوية من أهل الشام.
(1)
(ص/ 340 - 341) ورقمه/ 769.
(2)
الضعفاء (2/ 659).
(3)
كما في: الجرح (8/ 384) ت/ 1753.
(4)
الضعفاء (ص/ 237) ت/ 561.
(5)
التأريخ الكبير (7/ 336) ت/ 1447.
(6)
كما في: الجرح (8/ 384) ت/ 1753.
(7)
كما في: تهذيب الكمال (28/ 223).
(8)
المجروحين (3/ 3).
وضعف أبو أحمد الحاكم
(1)
رواية الهقل بن زياد عن معاوية بن يحيى، ووصفها أنها منكرة، شبه موضوعة. ولعله إنما أراد أحاديث بعينها هذا وصفها. وقول الجماعة أولى من قوله، لا سيما أن الحديث جاء كذلك من طرق عن الزهري، والرواية عن الزهري من هذا الوجه جيدة.
والثانية: طريق شعييب بن أبي حمزة، رواها: البيهقي
(2)
بسنده عن الحكم بن نافع أبي اليمان عنه به، بنحوه، وبمثل ما قال معاوية بن يحيى، وحيوة عن عقيل، كلاهما عن الزهرى
…
وقال: (وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري في الإسناد، غير أنه قال في مثنه: "فطلع سعد بن أبي وقاص" لم يقل رجل من الأنصار) اهـ، ورواية عقيل بن خالد ستأتي، وهى من رواية حيوة ابن شريح عنه. وتقدّم من رواية ابن لهيعة عنه، وفيه التصريح بالإخبار! وإسناد الطريق المتقدمة صحيح إلى الزهري.
والثالثة: طريق حيوة بن شريح عن عقيل بن خالد، رواها: ابن عساكر في تأريخه
(3)
بسنده عن حرملة بن يحيى التجيبي عن ابن وهب (يعني: عبد الله) عنه به، بنحوه، وسمى الرجل فيه: سعد بن أبي وقاص
…
وهذا إسناد حسن؛ فيه حرملة بن يحيى، وهو صدوق - كما تقدم -. وهذه الرواية هي المعروفة في حديث عقيل بن خالد. وأما ما رواه ابن لهيعة عنه فليست
(1)
كما في: تهذيب الكمال (28/ 223).
(2)
الشعب (5/ 265) ورقمه/ 6606.
(3)
(20/ 326 - 327).
كذلك؛ لضعف ابن لهيعة، وتدليسه - وتقدم -، وبه أعلها العراقي
(1)
.
والرابعة: طريق إسحاق بن راشد الجزري، ذكرها حمزة بن محمد الكتاني الحافظ فيما نقله المزي عنه في تحفة الأشراف
(2)
دون إسناد، وصوبها الكتاني في مقابل رواية سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك
(3)
عن معمر عن الزهري عن أنس به عند النسائي في السنن الكبرى
(4)
، وفي عمل اليوم والليلة
(5)
، قال في حديث النسائي:(لم يسمعه الزهري من أنس، رواه عن رجل عن أنس، كذلك رواه عقيل، وإسحاق بن راشد، وغير واحد عن الزهري، وهو الصواب) اهـ، ووافقه الحافظ ابن حجر في النكت الظراف
(6)
، وقال في حديث عبد الرزاق الذي فيه تصريح الزهري بالإخبار عن أنس بن مالك إنه معلول.
(1)
المغني (2/ 862) رقم/ 3168.
(2)
(1/ 395).
(3)
والحديث في الزهد له (1/ 546 - 548) ورقمه/ 646، والمسند (ص/ 3 - 4) ورقمه/ 1، وفيه:(الزهري عن أنس) اهـ، بالعنعنة! ورواه من طريق ابن المبارك - أيضًا -: الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 52 - 53) ورقمه/ 135، وَ (3/ 151 - 152) ورقمه/ 2274.
(4)
(6/ 215) ورقمه/ 10699.
(5)
(ص/ 493 - 494) ورقمه/ 863، ورواها عنه: ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص/ 263 - 264) ورقمه/ 754. ومن طريق ابن السني: السمعاني في أدب الإملاء (2/ 478) ورقمه/ 360.
(6)
(1/ 395).
ولعل الزهري لما عنعنه من هذا الوجه عنه عن أنس قد دلسه، وهو مدلس، عده الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين
(1)
، وتمييزها
(2)
: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقًا، ومنهم من قبلهم. فيكون رحمه الله لم يذكر الواسطة بينه، وبين أنس في هذا الحديث من هذا الوجه عنه، وصرح به في أوجه أخرى عنه، وهي واسطة مجهولة، لم تسم. وهذا مثل ما حكاه الإمام مالك بن أنس
(3)
، قال: كنا نجلس إلى الزهري، وإلى محمد بن المنكدر، فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا، وكذا. فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه، فقلنا له: الذي ذكرت عن ابن عمر، من أخبرك به؟ قال:(ابنه سالم) اهـ.
والحديث رواه كذلك - أيضًا - عن معمر عن الزهري به: إبراهيم بن زياد القرشي
(4)
، ذكر روايته: الدارقطنيّ في العلل
(5)
وقال: (هذا الحديث لم يسمعه الزهري من أنس) اهـ، وصوب روايتي شعيب بن أبي حمزة، وحيوة عن عقيل، كلاهما عن الزهري. ولتدليس الزهري ضعف الألباني روايته في
(1)
طبقات المدلسين (ص/ 45) ت/ 102.
(2)
كما في (ص/ 13)، من الكتاب نفسه.
(3)
كما في: التمهيد (1/ 37).
(4)
وقع في المخطوط: (العبسي)، والصواب ما أثبته، وله ترجمة في تأريخ بغداد (6/ 76) ت/ 3112.
(5)
[4/ 25/ ب].
ضعيف الترغيب والترهيب
(1)
.
وخلاصة القول في تخريج هذا الحديث: أنه لم يصح عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الزهري لم يسم من حدثه به عن أنس، وقول الزهري - من بعض الطرق عنه -:(حدثني من لا أتهم) لا يكفي منه لمعرفة حال من حدثه؛ لأنه قد يكون ضعيفًا، أو واهيًا عند غيره، أو عند الجمهور، خصوصًا أن الزهري معروف بالتدليس. وخصوصًا لما في متن الحديث من نكارة في قول ابن عمرو:(إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثًا)، ثم قوله للرجل لما أراد وداعه:(إني لم يكن بيني وبين أبي غضب، ولا هجر)، فإن في هذا أمرين منكرين، أولهما: عقوق الوالدين، وهو كبيرة من الكبائر. وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما صح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:(أطع أباك ما دام حيًا، ولا تعصه)، ولذا كان مع أبيه، ومعاوية، ومن معهم لما قاتلوا عليًا رضي الله عنهم جميعًا -، ولكنه لم يقاتل
(2)
. فهو لم يفارق أباه ويعصه ويهجره في هذه الحادثة العظيمة، فكيف يهجره فيما هو أهون منها؟! ولو افتُرض أن ذلك وقع من ابن عمرو قبل ورود حديث الأمر بالطاعة الخاصّة المذكورة آنفًا، فماذا نقوله فيما ورد في ذلك من الأمر بالطاعة في غير معصية الله، والنهي عن العقوق على وجه
(1)
(2/ 245) ورقمه/ 1728.
(2)
هذا طرف في الحديث المتقدم برقم/ 1641 عند الإمام أحمد، وغيره وفيه قوله صلى الله عليه وسلم في عمار:(تقتله الفئة الباغية)
…
فانظر:، والسير (3/ 92).
العموم؟! ولو كان حصل الهجر منه في حال غضب فإنه سيكفّر عن يمينه، ويأتي الذي هو خير - وهو وصل أبيه، وبرّه - ولا يقيم على المنكر
(1)
. والآخر: الكذب. وهذان الأمران لا يقعان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين شهد لهم القرآن، والسنة بالعدالة، والخيرية، وكانوا خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، وأكملها علمًا، وعملًا.
وقد ضعف الحديث جماعة - كما تقدّم -: الدارقطني، وحمزة بن محمد الكتاني، والبيهقي، والعراقي، وابن حجر، والناجي، والألباني، وهو الصواب. وتصحيح من صححه بناه على حال ظاهر الإسناد، ولم يفطن لعلته متنًا، وإسنادًا - والله سبحانه الموفق -.
وللحديث شاهدان، أحدهما رواه: ابن عدي، والبيهقي، كلاهما من طريق صالح المري عن عمرو بن دينار - مولى آل الزبير - عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(ليطلعن عليكم رجل من هذا الباب من أهل الجنة)، فجاءه سعد بن مالك، فدخل منه .... فذكر نحو الحديث المتقدم غير أنه ذكر فيه قيامه بالليل باثنتي عشرة ركعة، ودعاءه، وشيئًا من عبادته.
وصالح هو: ابن بشير المري واه، منكر الحديث. وعمرو بن دينار ضعيف
(1)
روى البخاري (11/ 525) برقم/ 6622، ومسلم (3/ 1273 - 1274) برقم/ 1652 من حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه ينميه:(وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير)، في أحاديث أخر عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحيحين، وغيرهما في هذا المعنى.
الحديث، روى عن سالم بن عبد الله عن أبيه غير حديث منكر، وعامة حديثه منكر؛ فالحديث منكر واه من هذا الوجه، أورده ابن عدي، والذهبي في مناكير صالح المري.
وروي الحديث من طريق ابن عمر بذكر معاوية بن أبي سفيان - رضوان الله عليهم -، فقد رواه: ابن عدي، وابن الجوزي، وابن عساكر، وابن الجوزي، كلهم من طرق عن عبد الله بن بحر المؤدب (ويقال: المروزي)، ورواه: أبو نعيم بسنده عن عبد العزيز بن يحيى، وابن عساكر بسنده عن عيسى بن عبد الله بن سليمان. عن أبيه، ثلاثتهم عن إسماعيل بن عياش (هو: الحمصي)، ورواه: ابن عساكر بسنده عن محمد بن مروان بن عمر عن الحسن بن إسحاق بن يزيد العطار عن نوح بن يزيد المعلم، كلاهما عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن ابن عمر يرفعه:(الآن يطلع عليكم رجل من أهل الجنة)، فطلع معاوية. وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار الذي عليه يدور الإسنادان ضعيف لا يحتج بحديثه. قال ابن عدي:(بعض ما يرويه منكر لا يتابع عليه) اهـ، وهذا من ذلك. وفي الإسناد إليه جماعة من الضعفاء والمجهولين
…
والحديثان تقدمت دراستهما في فضائل: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
(1)
.
والآخر رواه: الحكيم الترمذي
(2)
عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: بلغنا أن رجلًا صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال النبي - صلى
(1)
في الحديث ذى الرقم/ 1227.
(2)
عزاه إليه: السيوطي في الدر المنثور (8/ 114 - 115).
الله عليه وسليم -: (هذا الرجل من أهل الجنة). قال عبد الله بن عمرو: فأتيته
…
فذكر الحديث غير أن الرجل رده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره، عن عمله، ورده النبي صلى الله عليه وسلم إليه ليخبره هو بنفسه، في زيادات أخر. وعبد العزيز بن أبي رواد من أتباع التابعين
(1)
؛ وحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم معضل. وهو صدوق يخطئ
(2)
، قال فيه ابن عدي
(3)
: (في بعض رواياته ما لا يتابع عليه). وقال ابن حبان
(4)
: (روى عن نافع أشياء لا يشك من الحديث صناعته إذا سمعها أنها موضوعة)، وقال علي بن الجنيد
(5)
: (أحاديثه منكرات) اهـ
…
والحديث منكر بلفظه من هذا الوجه، لا أعلم أحدًا تابع ابن أبي رواد على لفظه.
ويتضح مما سبق أن هذا الباب لم يصح شيء فيه. وما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في سعد بن أبي وقاص انظر فيه فضائل سعد رضي الله عنه، وتقدمت في موضعها من البحث.
(1)
انظر: التقريب (ص/ 612) ت/ 4124، وَ (ص/ 82).
(2)
انظر: الجرح (5/ 394) ت/ 1830، وتهذيب الكمال (18/ 136) ت/ 3447، والتقريب (ص/ 620) ت/ 4188.
(3)
الكامل (5/ 292).
(4)
المجروحين (2/ 136).
(5)
كما في: التهذيب (6/ 339).