الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد، ..
فمنذ زمن، وقضية المجاز تستحوذ على قدر غير قليل من تفكيري، لما لها من تعلق بمسائل شتى وفنون متعددة، وخاصة صفات الباري سبحانه وتعالى، فقد توصل قوم من خلال القول بوقوع المجاز في اللغة إلى نفي صفات الكمال الثابتة لله - عزوجل -.
ولقد كانت تعجبني طريقة العلامة الشنقيطي رحمه الله في الرد على القائلين بالمجاز في رسالته "منعُ جَوازِ المَجازِ في المُنزَّلِ للتَّعَبُّدِ والإعجَازِ" وذلك ببيان أن كل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازاً فهو - عند من يقول بنفي المجاز - أسلوب من أساليب اللغة العربية، وأنها حقائق تكلم بها العرب، ولا يجوز نفيها.
إلا أن رسالته هذه جاءت قصيرة، والأمثلة فيها قليلة، فقد صنفها رحمه الله لتكون أمثلتها، وطريقتها مثالاً يحتذى به، ويقاس عليه غيره مما لم يُذكر - فجزاه الله خيراً -.
ولقد منَّ الله - عزوجل - عليَّ بقراءة تفسيره "أضواء البيان" فرأيت فيه أنه رحمه الله قد عالج هذه القضية بأوسع مما في هذه الرسالة، فرحت أجوب بين جنباته، وألتقط من عباراته كل ما قد ذكر عنه أنه من الأساليب العربية، ثم رأيت
أن أضيف إليها ما قال أنه من الإطلاقات العربية، للشبه بينهما، فلما رأيت أنه قد تجمع لديَّ كم غير قليل من هذه الأساليب، والإطلاقات قمت بعرضها على من أظن أن لهم دراية أكثر مني بعلم البلاغة، وكنت أستفيد من ملاحظاتهم، فجزاهم الله، على حسن النصيحة، خير الجزاء، فكانت ثمرة ذلك هذه الرسالة النافعة بإذن الله، وسميتها:"تتمة منع جواز المجاز ببيان الأساليب والإطلاقات العربية التي ذكرها العلامة الشِّنقيطي محمد الأمين بن محمد المختار الجَكَنِي في تفسيره أضواء البيان"، وسوف أقدم بين يديها بمقدمة تبين مقصودها، وتشتمل على: الكلام على المجاز: وبيان أهميته، وتعريف المجاز في الاصطلاح، وأقسامه، وأمثلة على كل قسم، وتاريخ نشوء القول بالمجاز، وأقوال العلماء في المجاز، وأدلتهم، مع المناقشة والترجيح. ثم أبين من كلام العلامة الشنقيطي رحمه الله أهمية الأساليب العربية في الرد على القائلين بالمجاز، وأتبع ذلك ببعض الأمثلة حتى يتضح المقصود تمام الاتضاح.
والله - عزوجل - أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله في ميزان حسناتي، وميزان حسنات كل من شارك فيه بنصح، أو مشورة.
وأرجو من الله - عزوجل - أن تكون هذه الرسالة باكورة عمل لتجميع مثل هذه الأساليب والإطلاقات من بطون الكتب (1)، ومعالجتها على نحو طريقة الشنقيطي في الرد على القائلين بالمجاز؛ لتكون موسوعة شاملة، ومعولاً فعالاً لهدم طاغوت التأويل، ونفي الصفات، وأيضاً لفهم كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على الوجه الصحيح.
(1) - وانظر كتاب "سر العربية" للثعالبي، و "الصاحبي في فقه اللغة" لابن فارس.