الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: مطر حجارة السجيل الموصوف بسوئه من وقع عليه، وعذاب أهل النار الموصوف بهون من وقع عليه، والمسوغ لإضافة خصوص الجناح إلى الذلّ مع أن الذل من صفة الإنسان لا من صفة خصوص الجناح، أن خفض الجناح كني به عن ذلّ الإنسان، وتواضعه ولين جانبه لوالديه رحمة بهما، وإسناد صفات الذات لبعض أجزائها من أساليب اللغة العربية، كإسناد الكذب والخطيئة إلى الناصية في قوله تعالى:{نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} ، وكإسناد الخشوع، والعمل، والنصب إلى الوجوه في قوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ} ، وأمثال ذلك كثيرة في القرءان، وفي كلام العرب. وهذا هو الظاهر في معنى الآية، ويدلّ عليه كلام السلف من المفسّرين.
وقال ابن القيّم في «الصواعق» : إن معنى إضافة الجناح إلى الذلّ أن للذلّ جناحًا معنويًّا يناسبه لا جناح ريش، واللَّه تعالى أعلم، انتهى. وفيه إيضاح معنى خفض الجناح.
والتحقيق أن إضافة الجناح إلى الذل من إضافة الموصوف إلى صفته؛ كما أوضحنا، والعلم عند اللَّه تعالى.] (1)
121 - حذف المنادى مع ذكر أداة النداء
.
…
اعلم أن جمهور أهل العلم على ما ذكرنا في قراءة الكسائي من أن لفظة {أَلَّا} للاستفتاح والتنبيه، وأن يا حرف نداء حذف منه الألف في الخط، واسجدوا فعل أمر، قالوا: وحذف المنادى مع ذكر أداة النداء أسلوب عربي معروف، ومنه قول الأخطل:
ألا يا اسلمي يا هند هند بني بكر
…
... وإن كان حيّانا عدى آخر الدهر
وقول ذي الرمّة:
ألا يا سلمى يا دارمي على البلا
…
...
…
ولا زال منهلاً بجرعائك القطر
(1) - (6/ 385 - 387)(الشعراء/215).
فقوله في البيتين: ألا يا اسلمي، أي: يا هذه اسلمي، وقول الآخر: لا يا اسلمي ذات الدماليج والعقد.
وقول الشمّاخ:
ألا يا اصبحاني قبل غارة سنجالي
…
...
…
وقبل منايا قد حضرن وآجالي
يعني: ألا يا صحبي اصبحاني، ونظيره قول الآخر:
ألا يا اسقياني قبل خيل أبي بكر
ومنه قول الآخر:
فقالت ألا يا اسمع أعظك بخطبة
…
فقلت سمعنا فانطقي وأصيبي
يعني: ألا يا هذا اسمع، وأنشد سيبويه لحذف المنادى مع ذكر أداته، قول الشاعر:
يا لعنة اللَّه والأقوام كلّهم
…
...
…
والصالحين على سمعان من جار
بضمّ التاء من قوله: لعنة اللَّه، ثم قال: فيالغير اللعنة، يعني أن المراد: يا قوم لعنة اللَّه، إلى آخره. وأنشد صاحب اللسان لحذف المنادى، مع ذكر أداته مستشهدًا لقراءة الكسائي المذكورة، قول الشاعر:
يا قاتل اللَّه صبيانًا تجيء بهم
…
...
…
أم الهنينين من زندلها وارى
ثم قال: كأنه أراد: يا قوم قاتل اللَّه صبيانًا، وقول الآخر:
يا من رأى بارقًا أكفكفه
…
... بين ذراعي وجبهة الأسد
ثم قال: كأنه دعا يا قوم يا إخوتي، فلمّا أقبلوا عليه قال: من رأى. وأنشد بعضهم لحذف المنادى مع ذكر أداته، قول عنترة في معلّقته:
يا شاة ما قنص لمن حلّت له
…
...
…
حرمت على وليتها لم تحرم
قالوا: التقدير: يا قوم انظروا شاة ما قنص.
واعلم أن جماعة من أهل العلم، قالوا: إن يا على قراءة الكسائي، وفي جميع الشواهد التي ذكرنا ليست للنداء، وإنما هي للتنبيه فكل من ألا ويا: حرف تنبيه كرّر للتوكيد، وممّن روي عنه هذا القول: أبو الحسن بن عصفور، وهذا القول اختاره أبو حيّان في «البحر المحيط» ، قال فيه: والذي أذهب إليه أن مثل هذا التركيب الوارد عن العرب ليست يا فيه للنداء، وحذف المنادى؛ لأن المنادى عندي لا يجوز حذفه، لأنه قد حذف الفعل العامل في النداء، وانحذف فاعله لحذفه، ولو حذف