الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - يقال: سامت المواشي، إذا رعت في المرعى الذي ينبته الله بالمطر. وأسامها صاحبها: أي رعاها فيه
.
[قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} (1) أي ترعون مواشيكم السائمة
في ذلك الشجر الذي هو المرعى. والعرب تطلق اسم الشجر على كل ما تنبته الأرض من المرعى. ومنه قول النمر بن تولب العكلي:
إنا أتيناك وقد طال السفر
…
...
…
نقود خيلا ضمرا فيها صعر
نطعمها اللحم إذا عز الشجر
والعرب تقول: سامت المواشي إذا رعت في المرعى الذي ينبته الله بالمطر. وأسامها صاحبها: أي رعاها فيه، ومنه قول الشاعر:
مثل ابن بزعة أو كآخر مثله
…
...
…
أولى لك ابن مسيمة الأجمال
يعني يا ابن راعية الجمال التي تسيمها في المرعى] (2).
29 - يذكر وصف الأنثى باعتبار الشخص، وكذلك لا مانع من تأنيث صفة الذكر باعتبار النسمة أو النفس
(3).
(1) - ونوع المجاز في هذه الآية عند القائلين به هو المجاز في التركيب، ويسمى مجاز الإسناد، والمجاز العقلي، فقد أسند الفعل لعاقل، مع أن الأنعام هي التي تسوم، والعلاقة هنا الملابسة؛ لأن الناس متلبسون بالفعل، فهم الذين يسيمون أنعامهم، وانظر الإتقان (3/ 109).
(2)
- (3/ 204 - 205)(النحل/10).
(3)
- وتذكير المؤنث على تأويله بمذكر، أو تأنيث المذكر، فيه عند القائلين بالمجاز مجاز مفرد، ويسمى اللغوي، من نوع إقامة صيغة مقام أخرى، وقد مثل له السيوطي بأمثلة كثيرة، وانظر الإتقان (3/ 120 - 121). وقال الثعالبي في سر العربية (ص/359): [فصل في حمل اللفظ على المعنى في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر: من سنن العرب ترك حكم ظاهر اللفظ وحمله على معناه كما يقولون: ثلاثةُ أنفس والنفس مؤنثة وإنما حملوه على معنى الإنسان أو معنى الشّخص. قال الشاعر:
ما عندنا إلا ثلاثة أنفسِ
…
مِثلُ النُّجومِ تلألأتُ في الحِندِسِ
وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة:
فكان مِجَنِّي دون ما كنتُ أتَّقي
…
ثلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعْصِرُ
فحمل ذلك على أنهن نساء. وقال الأعشى:
لِقومٍ وكانوا هُمُ المُنْفِدِينَ
…
شَرَبَهُمُ قَبْلَ تَنْفادِها
فأنَّث الشراب لما كان الخمر المعني وهي مؤنثة كما ذكر الكفّ وهي مؤنثة في قوله:
أرى رجلا منهم أسيفاً كأنَّما
…
يَضُمُّ إلى كَشْحيه كفَّاً مُخَضَّبا
فحمل الكلام على العضو وهو مذكر. وكما قال الآخر:
يا أيها الرَّاكب المُزجي مَطِّيته
…
سائلْبني أسدٍ ما هذهِ الصَّوتُ
أي ما هذه الجَلَبة. وقال آخر:
مِنَ النَّاسِ إنسانان دَيْنِي عَليهما
…
مَليئان لو شَاءَا لقد قَضَياني
خليلَيَّ أمّا أمُّ عَمروٍ فَواحِدٌ
…
وأمَّا عنِ الثاني فلا تَسلاني
فحمل المعنى على الإنسان أو على الشخص. وفي القرآن: " وأعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالساعة سَعيراً " والسَّعير مذكر ثمَّ قال: " إذا رَأتهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعيدٍ " فحمله على النار فأنثه وقال عزَّ إسمه: " فأحْيَينا بهِ بَلْدَةً ميتاً " ولم يقل ميتة لأنه حمله على المكان. وقال جلّ ثناؤه: " السَّماء مُنْفَطِرٌ بِه " فذكر السّماء وهي مؤنثة لأنه حمل الكلام على السقف وكل ما علاك وأظلك فهو سماء والله أعلم].
[قال مقيّده عفا اللَّه عنه وغفر له: أظهر القولين عندي فيمن قال لذكر: يا زانية بصيغة التأنيث، أو قال لامرأة: يا زاني بصيغة التذكير، أنه يلزمه الحدّ.
وإيضاحه أن القاذف بالعبارتين المذكورتين لا يخلو من أحد أمرين، إما أن يكون عاميًّا لا يعرف العربية، أو يكون له علم باللغة العربية، فإن كان عاميًّا فقد يكون غير عالم بالفرق بين العبارتين، ونداؤه للشخص بلفظ الزنى ظاهر في قصده قذفه، وإن كان عالمًا باللغة، فاللغة يكثر فيها إطلاق وصف الذكر على الأنثى باعتبار كونها شخصًا.
وقد قدّمنا بعض أمثلة ذلك في سورة «النحل» (1)، في الكلام على قوله:{وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} ، ومما ذكرنا من الشواهد هناك قول حسان رضي الله عنه:
منع النوم بالعشاء الهموم
…
...
…
وخيال إذا تغار النجوم
من حبيب أصاب قلبك منه
…
...
…
سقم فهو داخل مكتوم
(1) - (3/ 223)(النحل/13).
ومراده بالحبيب أنثى، بدليل قوله بعده:
لم تفتها شمس النهار بشىء
…
...
…
غير أن الشباب ليس يدوم
وقول كثير:
لئن كان يرد الماء هيمان صاديًا
…
... إلى حبيبًا إنها لحبيب
ومن أمثلة ذلك قول مليح بن الحكم الهذلي:
ولكن ليلى أهلكتني بقولها
…
...
…
نعم ثم ليلى الماطل المتبلح
يعني ليلى الشخص الماطل المتبلح.
وقول عروة بن حزام العذري:
وعفراء أرجى الناس عندي مودّة
…
...
…
وعفراء عني المعرض المتواني
أي: الشخص المعرض.
وإذا كثر في كلام العرب تذكير وصف الأنثى باعتبار الشخص كما رأيت أمثلته، فكذلك لا مانع من تأنيثهم صفة الذكر باعتبار النسمة أو النفس، وورود ذلك لتأنيث اللفظ مع تذكير المعنى معروف؛ كقوله:
أبوك خليفة ولدته أخرى
…
...
…
وأنت خليفة ذاك الكمال] (1).
30 -
الفلك يطلق على الواحد وعلى الجمع (2)، وأنه إن أطلق على الواحد ذكر، وإن أطلق على الجمع أنّث.
(1) - (6/ 112 - 113)(النور/4، 5).
(2)
- ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو المجاز اللفظي، فإذا أطلقت على الواحد فهو من باب: إطلاق الجمع على المفرد، ومثلوا له أيضاً بقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} (المؤمنون:99)، أي: أرجعني، وإذا أطلقت وأريد بها الجمع فيكون من باب: إطلاق المفرد على الجمع، ومثلوا له أيضاً بقوله تعالى:{إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (العصر:2)، أي: الأناسي. وانظر الإتقان (3/ 117 - 118).وقال الثعالبي في سر العربية (ص/362): [فصل فيما يقع على الواحد والجمع: من ذلك الفُلك قال الله تعالى: " في الفُلكِ المَشحونِ " فلما جمعه قال: " والفُلكِ التي تَجري في البَحرِ ". ومن ذلك قولهم: رَجُل جُنُبٌ ورِجال جُنُبٌ وفي القرآن: " وإن كنتم جُنُبا فاطَّهَروا ". ومن ذلك العدو. قال تعالى: " فإنهُمْ عَدُوٌ لي إلا رَبَّ العالمين " وقال: " وإن كانَ مِن قومٍ عَدوٍ لَكُم وهوَ مُؤمِنٌ ". ومن ذلك الضيف: قال الله عز وجل: " هؤلاء ضَيْفِي فَلا تَفْضَحونِ "].