الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقرينة في الآية الكريمة الدالة على المضاف المحذوف قوله: {فَمَحَوْنَآ آيَةَ الَّيْلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} فإضافة الآية إلى الليل والنهار دليل على أن الآيتين المذكورتين لهما لا هما أنفسهما. وحذف المضاف كثيرة في القرآن كقوله: {وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا وَالّعِيْرَ الَّتِى أَقْبَلْنَا فِيهَا} ، وقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الاٌّخِ وَبَنَاتُ الاٍّخْتِ} أي نكاحها، وقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} أي أكلها، ونحو ذلك.] (1).
47 - أمرته فعصاني. أي أمرته بالطاعة فعصى
.
[قوله تعالى: {وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} . في معنى قوله {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} في هذه الآية الكريمة ثلاثة مذاهب معروفة عند علماء التفسير:
الأول: وهو الصواب الذي يشهد له القرآن، وعليه جمهور العلماء أن الأمر في قوله {أَمْرُنَا} هو الأمر الذي هو ضد النهي، وأن متعلق الأمر محذوف لظهوره. والمعنى:{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} بطاعة الله وتوحيده، وتصديق رسله وأتباعهم فيما جاؤوا به {فَفَسَقُواْ} أي خرجوا عن طاعة أمر ربهم، وعصوه وكذبوا رسله {فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} أي وجب عليها الوعيد {فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} أي أهلكناها إهلاكاً مستأصلاً. وأكد فعل التدمير بمصدره للمبالغة في شدة الهلاك الواقع بهم
…
وبهذا التحقيق تعلم: أن ما زعمه الزمخشري في كشافه من أن معنى {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أي أمرناهم بالفسق ففسقوا، وأن هذا مجاز تنزيلاً لإسباغ النعم عليهم الموجب لبطرهم وكفرهم منزلة الأمر بذلك كلام كله ظاهر السقوط والبطلان. وقد أوضح إبطاله أبو حيان في «البحر» ، والرازي في تفسيره، مع أنه لا يشك منصف عارف في بطلانه.
وهذا القول الصحيح في الآية جار على الأسلوب العربي المألوف، من قولهم: أمرته فعصاني. أي أمرته بالطاعة فعصى، وليس المعنى: أمرته بالعصيان كما لا
(1) - (3/ 421)(بني إسرائيل/11)، وانظر أيضاً (5/ 554)(الحج/28)، (6/ 271)(الفرقان/3)، (7/ 264)(الزخرف/61).