الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد أشار إلى نفسه إشارة البعيد، ومعلوم أنه لا يمكن أن يكون بعيداً من نفسه] (1).
91 - تزحلق اللام عن محلها الأصلي
.
[واعلم أن اللام في {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ} فيها إشكال معروف. وللعلماء عن ذلك أجوبة. ذكر ابن جرير الطبري رحمه الله منها ثلاثة:
أحدها - وقال عنه أنه أقربهم عنده -: أن اللام متزحلقة عن محلها الأصلي، وأن ذلك من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن، والأصل: يدعو من لضره أقرب من نفعه، وعلى هذا فمن الموصولة في محل نصب مفعول به ليدعوا، واللام موطئة للقسم، داخلة على المبتدإ، الذي هو وخبره صلة الموصول، وتأكيد المبتدإ في جملة الصلة باللام، وغيرها لا إشكال فيه.
قال ابن جرير وحكي عن العرب سماعاً: منها عندي لما غيره خير منه: أي عندي ما لغيره خير منه، وأعطيتك لما غيره خير منه: أي ما لغيره خير منه.] (2).
92 - اليد تطلق على العضو إلى المرفق، وإلى المنكب
(3).
[وقد تقرر في الأصول أن فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا كان لبيان نص من كتاب الله، فهو على اللزوم والتحتم. ولذا أجمع العلماء على قطع يد السارق من الكوع؛ لأن قطع النَّبي صلى الله عليه وسلم للسارق من الكوع بيان، وتفصيل لما أجمل في قوله تعالى {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} لأن اليد تطلق على العضو إلى المرفق، وإلى المنكب.](4).
93 - تسمية الشيء باسم ما يحل فيه
.
[اعلم أن العلماء اختلفوا في المعنى الذي منه الجمرة، فقال بعض أهل العلم:
(1) - (5/ 331)(الحج/27)، وانظر أيضاً:(5/ 44)(الحج/10)، (7/ 337)(الجاثية/6).
(2)
- (5/ 47)(الحج/13).
(3)
- ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو المجاز في مفرد، ويسمى اللغوي، من نوع إطلاق الكل على الجزء، حيث أن حقيقة اليد تطلق على من المنكب إلى أطراف الأصابع، وانظر الإتقان (3/ 111)، وأسرار البيان (ص/122).
(4)
- (5/ 203)(الحج/27).
الجمرة في اللغة: الحصاة، وسميت الجمرة التي هي موضع الرمي بذلك، لأنها المحل الذي يرمى فيه بالحصى، وعلى هذا فهو من تسمية الشيء باسم ما يحل فيه، وهو أسلوب عربي معروف، وهو عند البلاغيين من نوع ما يسمونه المجاز المرسل، والتجمير: رمي الحصى في الجمار ومنه قول بن أبي ربيعة:
بدَا لِي منها معصمٌ يوم جَمَّرت
…
...
…
وكفٌّ خضيبٌ زُيِّنت ببنانِ
فوالله ما أدري وإني لحاسب
…
...
…
بسبع رميتَ الجمرَ أم بثمانِ
والمجمر بصيغة اسم المفعول مضعفاً: هو الموضع الذي ترمى فيه الجمار، ومنه قول حذيفة بن أنس الهذلي:
لأدركهم شُعْث النواصي كأنهم
…
... سوابقُ حجَّاج تُوافِي المجمَّرا
وقال بعض أهل العلم: أصل الجمرة من التجمر بمعنى التجمع، تقول العرب: تجمَّر القوم، إذا اجتمعوا، وانضم بعضهم إلى بعض، وجمرهم الأمر: أحوجهم إلى التجمر، وهو التجمع، وجمر الشيء: جمعه، وجمر الأمير الجيش، إذا أطال حبسهم مجتمعين بالثغر، ولم يأذن لهم في الرجوع والتفرق، وروى الربيع: أن الشافعي أنشده في ذلك قول الشاعر:
وجمَّرتْنا تجميرَ كسرى جُنوده
…
...
…
ومنيتنا حتى نسينا الأمَانِيَا
والجمار: القوم المجتمعون، ومنه قول الأعشى:
فَمِنْ مُبلغٍ وائلاً قومَنا
…
...
…
وأعني بذلك بكراً جمارا
أي مجتمعين، وعلى هذا فاشتقاق الجمرة من التجمر بمعنى: التجمع لاجتماع الحجيج عندها يرمونها، وقيل: لأن الحصى يتجمع فيها، وقيل: اشتقاق الجمرة من أجمر إذا أسرع؛ لأن الناس يأتون مسرعين لرميها. وقيل: أصلها من جمرته إذا نحيته، وأظهرها: القول الأول، والثاني. والعلم عند الله تعالى.] (1).
(1) - (5/ 298)(الحج/27) وقال الشيخ رحمه الله: في فتوى له عن محل العقل: [يغلب في الكتاب والسنة إطلاق القلب وإرادة العقل وذلك أسلوب عربي معروف لأن من أساليب اللغة العربية إطلاق المحل وارد الحال فيه كعكسه والقائلون بالمجاز يسمون ذلك الأسلوب العربي مجازا مرسلا ، ومن علاقات المجاز (المرسل) عندهم المحلية والحالية كإطلاق القلب وإرادة العقل لان القلب محل العقل و (كإطلاق) النهر الذي هو الشق في الأرض على الماء الجاري فيه كما هو معلوم في محله.].