الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ
128 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حُدِّثْنَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَعْلَى الْجُعْفِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ نَاسًا يَأْخُذُونَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْخَنَازِيرِ، وَقَامَ بِلَالٌ فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، فَقَالَ عُمَرُ:«لَا تَفْعَلُوا، وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا»
129 -
وَحَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّ عُمَّالَكَ يَأْخُذُونَ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ فِي الْخَرَاجِ فَقَالَ: لَا تَأْخُذُوا مِنْهُمْ، وَلَكِنْ وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا أَنْتُمْ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُرِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ، مِنْ جِزْيَةِ رُءُوسِهِمْ وَخَرَاجِ أَرَضِيهِمْ، بِقِيمَتِهَا، ثُمَّ يَتَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ بَيْعَهَا فَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ بِلَالٌ، وَنَهَى عَنْهُ عُمَرُ، ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ أَثْمَانِهَا، إِذَا كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْمُتَوَلِّينَ لِبَيْعِهَا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا تَكُونُ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ
⦗ص: 63⦘
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثٌ لِعُمَرَ آخَرُ
130 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى الْعُمَّالِ، «يَأْمُرُهُمْ بِقَتْلِ الْخَنَازِيرِ وَتُقْتَصُّ أَثْمَانُهَا لِأَهْلِ الْجِزْيَةِ مِنْ جِزْيَتِهِمْ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهُوَ لَمْ يَجْعَلُهَا قِصَاصًا مِنَ الْجِزْيَةِ إِلَّا وَهُوَ يَرَاهَا مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وَأَمَّا إِذَا مَرَّ الذِّمِّيُّ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْعَاشِرِ، فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ أَنْ يُعَشِّرَهَا، وَلَا يَأْخُذَ ثَمَنَ الْعُشْرِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِبَيْعِهَا أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا لَيْسَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُشْبِهُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ وَجَبَ عَلَى رِقَابِهِمْ وَأَرْضِيهِمْ، وَإِنَّ الْعُشْرَ هَاهُنَا إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُوضَعُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ أَنْفُسِهَا، فَكَذَلِكَ ثَمَنُهَا لَا يَطِيبُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهِ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَفْتَى فِي هَذَا بِغَيْرِ مَا أَفْتَى بِهِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
131 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيِّ، أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِأَرْبَعِينَ
⦗ص: 64⦘
أَلْفَ دِرْهَمٍ، صَدَقَةَ الْخَمْرِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: بَعَثْتَ إِلَيَّ بِصَدَقَةِ الْخَمْرِ، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّاسَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى شَيْءٍ بَعْدَهَا، قَالَ: فَتَرَكَهُ
132 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ الضُّبَعِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِفَضْلِ الْأَمْوَالِ الَّتِي قِبَلَكَ مِنْ أَيْنَ دَخَلَتْ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، وَصَنَّفَهُ لَهُ: فَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ: مِنْ عُشْرِ الْخَمْرِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، قَالَ: فَلَبِثْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ جَوَابُ كِتَابِهِ إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَذْكُرُ مِنْ عُشُورِ الْخَمْرِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَإِنَّ الْخَمْرَ لَا يُعَشِّرُهَا مُسْلِمٌ، وَلَا يَشْرَبُهَا وَلَا يَبِيعُهَا، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَاطْلُبِ الرَّجُلَ فَارْدُدْهَا عَلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى بِمَا كَانَ فِيهَا، فَطَلَبَ الرَّجُلَ فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الْأَرْبَعَةُ الْآلَافِ، وَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، إِنِّي لَمْ أَعْلَمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا عِنْدِي الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَإِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَدْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ
133 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي الذِّمِّيِّ يَمُرُّ بِالْخَمْرِ عَلَى الْعَاشِرِ، قَالَ:«يُضَاعَفُ عَلَيْهِ الْعُشُورُ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إِذَا مُرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِالْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ
⦗ص: 65⦘
عَشَّرَ الْخَمْرَ وَلَمْ يُعَشِّرِ الْخَنَازِيرَ، وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ عَنْهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ، عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ: أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْخَمْرِ عُشْرٌ أَيْضًا