الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْحُلِيِّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ الِاخْتِلَافِ
1260 -
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، فِي يَدِهَا مَسَكَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:«هَلْ تُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟» قَالَتْ: لَا. قَالَ: «أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا بِسُوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟»
1261 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ لِيَ حُلِيًّا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَيَبْلُغُ مِائَتَيْنِ؟ إِذَا بَلَغَ مِائَتَيْنِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ؟ قَالَتْ: عِنْدِي بَنُو أَخٍ لِي أَيْتَامٌ، أَفَأَضَعُهُ فِيهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ
1262 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ، كَانَ لَهَا طَوْقٌ فِيهِ عِشْرُونَ مِثْقَالَا مِنْ ذَهَبٍ، فَسَأَلَتْهُ: أُؤَدِّي زَكَاتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَدِّي زَكَاتَهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ. قَالَتْ: أُعْطِيهَا لِبَنِي أَخٍ لِي أَيْتَامٍ فِي حِجْرِي؟ قَالَ: نَعَمْ
1263 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو «حَلَّى ثَلَاثَ بَنَاتٍ لَهُ بِسِتَّةِ آلَافِ دِينَارٍ، فَكَانَ يَبْعَثُ مَوْلًى لَهُ جَلِيدًا كُلَّ عَامٍ، فَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ مِنْهُ»
1264 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَأْمُرُنِي أَنْ أَجْمَعَ حُلِيَّ بَنَاتِهِ كُلَّ عَامٍ، فَأُخْرِجَ زَكَاتَهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَرَاهُ مَوْلَاهُ: يَعْنِي سَالِمًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
1265 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحُلِيِّ إِذَا أَعْطِيَتْ زَكَاتُهُ
1266 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ:«فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ»
1267 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ
1268 -
قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ
1269 -
قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، فِي زَكَاةِ الْحُلِيِّ قَالَا:«إِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، أَوْ عِشْرِينَ مِثْقَالَا، فَفِيهِ الزَّكَاةُ»
1270 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، كِلَاهُمَا عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَ ذَلِكَ
1271 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ كُلَّ سَنَةٍ إِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالَا، أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ
1272 -
قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، فِي الْحُلِيِّ قَالَ:«فِي عِشْرِينَ مِثْقَالَا نِصْفُ مِثْقَالَ، وَفِي أَرْبَعِينَ مِثْقَالَا مِثْقَالَ»
1273 -
قَالَ: وَسُئِلَ عَنْهُ الْحَسَنُ، فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنَا فِيهِ شَيْءٌ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُزَكَّى
1274 -
قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ عَنْ زَكَاةِ الْحُلِيِّ، فَقَالَ:«إِنَّ لَنَا طَوْقًا لَقَدْ زَكَّيْتُهُ حَتَّى أُتِيَ عَلَى نَحْوِ ثُمُنِهِ»
⦗ص: 540⦘
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا قَوْلُ مَنْ رَأَى الزَّكَاةَ فِي الْحُلِيِّ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنْ لَا زَكَاةَ فِيهِ
1275 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سُئِلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَفِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: وَإِنْ بَلَغَ عَشَرَةَ آلَافٍ؟ قَالَ: كَثِيرٌ
1276 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ مِنْ بَنَاتِهِ عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ، فَيَجْعَلُ حُلِيَّهَا مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ. قَالَ: فَكَانُوا لَا يُعْطُونَ عَنْهُ. يَعْنِي الزَّكَاةَ
1277 -
قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عُمَرَ الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ سَيْفٍ عَلَيْهِ الْفِضَّةُ الْكَثِيرَةُ أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: «لَا»
1278 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مُغِيرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ زَكَاةِ الْحُلِيِّ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ عَائِشَةَ أَمَرَتْ بِهِ نِسَاءَهَا، وَلَا بَنَاتِ أَخِيهَا
1279 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ صَدَقَةِ الْحُلِيِّ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ
1280 -
قَالَ: وَسَأَلْتُ عَمْرَةَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ:«مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ، وَقَدْ كَانَ لِي عِقْدٌ فِيهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ مِائَةً، فَمَا كُنْتُ أُصَدِّقُهُ»
1281 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: زَكَاةُ الْحُلِيِّ أَنْ يُلْبَسَ وَيُعَارَ
1282 -
قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: زَكَاةُ الْحُلِيِّ عَارِيَتُهُ
1283 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ الْحَكِيمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ:«الْحُلِيُّ إِذَا لُبِسَ وَانْتُفِعَ بِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يُلْبَسْ وَلَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمِصْرِيُّونَ يَقُولُونَ: ابْنُ الْحَكِيمِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ: ابْنُ حَكِيمٍ بِغَيْرِ أَلْفٍ وَلَامٍ، وَرُزَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ الَّذِي كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ حَكِيمِ بْنِ رُزَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ مَالِكٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثَانِ عَنْ رُزَيْقِ نَفْسِهِ
1284 -
قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ يُقَالَ: زَكَاةُ الْحُلِيِّ أَنْ يُعَارَ وَيُلْبَسَ
1285 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: زَكَاةُ الْحُلِيِّ عَارِيَتُهُ
1286 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:«لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَارُ وَيُلْبَسُ»
1287 -
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: إِذَا كَانَ الْحُلِيُّ يُنْتَفَعُ
⦗ص: 542⦘
بِهِ وَيُلْبَسُ، فَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُلْبَسُ أَوْ كَانَ مَكْسُورًا أَوْ تِبْرًا، فَفِيهِ الزَّكَاةُ
1288 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا سُفْيَانُ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، أَوْ أَكْثَرُهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ فِي الْحُلِيِّ الزَّكَاةَ، مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، مَكْسُورٍ كَانَ أَوْ غَيْرِ مَكْسُورٍ. فَقَدِ اخْتَلَفَ فِي هَذَا الْبَابِ صَدْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَتَابِعُوهَا، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ هَذَا الِاخْتِلَافُ أَمْكَنَ النَّظَرُ فِيهِ، وَالتَّدَبُّرُ لِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَنَّ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سُنَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا فِي الْبُيُوعِ، وَالْأُخْرَى فِي الصَّدَقَةِ.
1289 -
فَسُنَّتُهُ فِي الْبُيُوعِ قَوْلُهُ: الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ. فَكَانَ لَفْظُهُ: بِالْفِضَّةِ مُسْتَوْعِبًا لِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِهَا، مَصُوغًا وَغَيْرَ مَصُوغٍ، فَاسْتَوَتْ فِي الْمُبَايَعَةِ وَرِقُهَا وَحُلِيُّهَا وَنُقَرُهَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَاسْتَوَتْ فِيهِ دَنَانِيرُهُ وَحُلِيُّهُ وَتِبْرُهُ.
1290 -
وَأَمَّا سُنَّتُهُ فِي الصَّدَقَةِ، فَقَوْلُهُ: إِذَا بَلَغَتِ الرِّقَةُ خَمْسَ أَوَاقِيَّ فَفِيهَا رُبْعُ الْعُشْرِ. فَخَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ الرِّقَةَ مِنْ بَيْنِ الْفِضَّةِ، وَأَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ
⦗ص: 543⦘
سِوَاهَا، فَلَمْ يَقُلْ: إِذَا بَلَغَتِ الْفِضَّةُ كَذَا فَفِيهَا كَذَا، وَلَكِنَّهُ اشْتَرَطَ الرِّقَةَ مِنْ بَيْنِهَا، وَلَا نَعْلَمُ هَذَا الِاسْمَ فِي الْكَلَامِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ الْعَرَبِ يَقَعُ إِلَّا عَلَى الْوَرِقِ الْمَنْقُوشَةِ ذَاتِ السِّكَّةِ السَّائِرَةِ فِي النَّاسِ، وَكَذَلِكَ الْأَوَاقِيُّ لَيْسَ مَعْنَاهَا إِلَّا الدَّرَاهِمُ، كُلُّ أُوقِيَّةٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ كَالدَّرَاهِمِ، وَقَدْ ذُكِرَ الدَّنَانِيرُ أَيْضًا فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ
1291 -
يُحَدِّثُونَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالَا مِنَ الذَّهَبِ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ صَدَقَةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِيهِمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْحُلِيِّ، وذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَمْتَعُ بِهِ وَيَكُونُ جَمَالًا، وَأَنَّ الْعَيْنَ وَالْوَرِقَ لَا يَصْلُحَانِ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَا ثَمَنًا لَهَا، وَلَا يُنْتَفَعُ مِنْهُمَا بِأَكْثَرَ مِنَ الْإِنْفَاقِ لَهُمَا، فَبِهَذَا بَانَ حُكْمُهُمَا مِنْ حُكْمِ الْحُلِيِّ الَّذِي يَكُونُ زِينَةً وَمَتَاعًا، فَصَارَ هَاهُنَا كَسَائِرِ الْأَثَاثِ وَالْأَمْتِعَةِ؛ فَلِهَذَا أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْهُ مَنْ أَسْقَطَهَا. وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: لَا صَدَقَةَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ؛ لِأَنَّهَا شُبِّهَتْ بِالْمَمَالِيكِ وَالْأَمْتِعَةِ، ثُمَّ أَوْجَبُوا الصَّدَقَةَ فِي الْحُلِيِّ، وَأَوْجَبَ أَهْلُ الْحِجَازِ الْصَّدَقَةَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ، وَأَسْقَطُوهَا مِنَ الْحُلِيِّ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ قَدْ كَانَ يَلْزَمُهُ فِي مَذْهَبِهِ أَنْ يَجْعَلَهَا وَاحِدًا، إِمَّا إِسْقَاطَ الصَّدَقَةِ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِمَّا إِيجَابَهَا فِيهِمَا جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ هُمَا عِنْدَنَا سَبِيلُهُمَا وَاحِدٌ، لَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمَا؛ لِمَا قَصَصْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا
⦗ص: 544⦘
، فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ، حِينَ قَالَ لِلْيَمَانِيَّةِ ذَاتِ الْمَسَكَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ: أَتُعْطِينَ زَكَاتَهُ؟ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ بِإِسْنَادٍ قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ عَلَى مَا رُوِيَ، وَكَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَحْفُوظًا، فَقَدْ يَحْتَمِلُ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالزَّكَاةِ الْعَارِيَةَ، كَمَا فَسَّرَتْهُ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، فِي قَوْلِهِمْ: زَكَاتُهُ عَارِيَتُهُ. وَلَوْ كَانَتِ الزَّكَاةُ فِي الْحُلِيِّ فَرْضًا كَفَرْضِ الرِّقَةِ، مَا اقْتَصَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَقُولَهُ لِامْرَأَةٍ يَخُصُّهَا بِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْحُلِيَّ عَلَيْهَا دُونَ النَّاسِ، وَلَكَانَ هَذَا كَسَائِرِ الصَّدَقَاتِ الشَّائِعَةِ الْمُنْتَشِرَةِ عَنْهُ فِي الْعَالَمِ مِنْ كُتُبِهِ وَسُنَّتِهِ، وَلَفَعَلَتْهُ الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ، وَقَدْ كَانَ الْحُلِيُّ مِنْ فِعْلِ النَّاسِ فِي آبَادِ الدَّهْرِ، فَلَمْ نَسْمَعْ لَهُ ذِكْرًا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ صَدَقَاتِهِمْ.
1292 -
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهَا: لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحُلِيِّ إِذَا أُعْطِيَتْ زَكَاتُهُ. لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي سِوَى الْعَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يُنْكِرُ عَنْهَا أَنْ تَكُونَ أَمَرَتْ بِذَلِكَ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهَا أَوْ بَنَاتِ أَخِيهَا، وَلَمْ تَصِحَّ زَكَاةُ الْحُلِيِّ عِنْدَنَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِلَّا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
1293 -
فَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي تَزْكِيَتِهِ حُلِيَّ بَنَاتِهِ، فَفِي إِسْنَادِهِ نَحْوٌ مِمَّا فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ.
1294 -
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ هُوَ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسِ
⦗ص: 545⦘
بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ مَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ بَعْدُ. وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ مَا تَأَوَّلْنَا فِيهِ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُصَدِّقَةِ لِمَذْهَبِهِمْ عِنْدَ التَّدَبُّرِ وَالنَّظَرِ.
1295 -
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي الْحُلِيِّ: إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] . قَالَ: وَالْحُلِيُّ مِنَ الْكُنُوزِ، وَفِيهِ الزَّكَاةُ لِذَلِكَ. فَيُقَالَ لَهُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ حِينَ ذَكَرَ الْإِبِلَ: فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، حَتَّى عَدَّ صَدَقَةَ الْمَوَاشِي، وَلَمْ يَشْتَرِطْ سَائِمَةً وَلَا غَيْرَهَا، فَإِنْ وَجَبَتِ الصَّدَقَةُ فِي الْحُلِيِّ لِأَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ عَامَّةٌ، فَأَوْجِبِ الصَّدَقَةَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامٌّ فِيهِمَا.
1296 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا النُّقَرُ وَالتِّبْرُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِيهِمَا وَاجِبَةٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمَا كَالْوَرِقِ وَالتِّبْرِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ مِنْهُمَا بِأَكْثَرَ مِنَ الْإِنْفَاقِ، وَهُمَا مُفَارِقَانِ لِلْحُلِيِّ فِي مَعْنَاهُ مِنَ اللُّبْسِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهِ، فَلِهَذَا وَجَبَتْ فِيهِمَا الزَّكَاةُ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ
1297 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
1298 -
وَعَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمَكْحُولٍ، قَالُوا:«فِي التِّبْرِ زَكَاةٌ»