الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ سُنَنِ الْفَيْءِ، وَالْخُمُسِ، وَالصَّدَقَةِ، وَهِيَ الْأَمْوَالُ الَّتِي تَلِيهَا الْأَئِمَّةُ لِلرَّعِيَّةِ
بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ عَرَبِ أَهْلِ الْكِتَابِ
62 -
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:«أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقَاتَلَ الْعَرَبُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرُهُ، وَأَمَرَ أَنْ يُقَاتَلَ أَهْلَ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا نَرَى الْحَسَنَ أَرَادَ بِالْعَرَبِ هَهُنَا أَهْلَ الْأَوْثَانِ مِنْهُمُ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدْ قَبِلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي أَحَادِيثَ
63 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: هَلْ قَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ الْجِزْيَةَ؟ فَقَالَ: «مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُقْبَلَ مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنَ الْعَرَبِ الْجِزْيَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مِنْهُمْ وَإِلَيْهِمْ»
64 -
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كَلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً بَقَرَةً - أَوْ قَالَ: تَبِيعًا - وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً
⦗ص: 35⦘
، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ " قَالَ الْأَعْمَشُ: وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ مِثْلَ ذَلِكَ
65 -
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُعَاذٍ وَهُوَ بِالْيَمَنِ: «إِنَّ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ غَيْلًا الْعُشْرَ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالْغَرْبِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَفِي الْحَالِمِ أَوِ الْحَالِمَةِ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ، وَلَا يُفْتَنُ يَهُودِيُّ عَنْ يَهُودِيَّتِهِ»
66 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:" كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: إِنَّهُ مَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يُفْتَنُ عَنْهَا، وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، عَلَى كُلِّ حَالِمٍ: ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، عَبْدٍ أَوِ أَمَةٍ، دِينَارٌ وَافٍ أَوْ قِيمَتُهُ مِنَ الْمَعَافِرِ، فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى رُسُلِي فَإِنَّهُ لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، وَمَنْ مَنَعَهُ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ قَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَهُمْ عَرَبٌ، إِذْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَقَبِلَهَا مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ، وَهُمْ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ
67 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:«أَوَّلُ مَنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ أَهْلُ نَجْرَانَ، وَكَانُوا نَصَارَى»
68 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَشُرَيْحِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ قَيْلِ ذِي رُعَيْنٍ وَمَعَافِرَ وَهَمْدَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ إِنْ أَبَوُا الْإِسْلَامَ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى أَسَدِ عُمَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ»
⦗ص: 36⦘
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ قَبِلَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، حِينَ افْتَتَحَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ صُلْحًا، وَبَعَثَ بِالْجِزْيَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَبِلَهَا، وَهُمْ أَخْلَاطٌ مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ: مِنْ تَمِيمٍ وَطَيِّئٍ وَغَسَّانَ وَتَنُوخٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَخْبَرَنِيهِ ابْنُ الْكَلْبِيِّ وَغَيْرُهُ
69 -
قَالَ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ غَزَا أَهْلَ الْحِيرَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَالَحَ أَهْلَ الْحِيرَةِ وَلَمْ يُقَاتِلُوا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بِبَنِي تَغْلِبَ
70 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ السَّفَّاحِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ، قَالَ:«صَالَحْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ بَنِي تَغْلِبَ، بَعْدَمَا قَطَعُوا الْفُرَاتَ وَأَرَادُوا اللُّحُوقَ بِالرُّومِ، عَلَى أَنْ لَا يَصْبِغُوا صِبْيَانَهُمْ، وَلَا يُكْرَهُوا عَلَى دِينٍ غَيْرِ دِينِهِمْ، وَعَلَى أَنَّ عَلَيْهِمُ الْعُشْرَ مُضَاعَفًا مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ» ، قَالَ: فَكَانَ دَاوُدُ يَقُولُ: «لَيْسَ لِبَنِي تَغْلِبَ ذِمَّةٌ، قَدْ صَبَغُوا فِي دِينِهِمْ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ: لَا يَصْبُغُوا أَوْلَادَهُمْ أَيْ لَا يُنَصِّرُوا أَوْلَادَهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ الْمُلَائِيُّ يَزِيدُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ: بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْهُ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ السَّفَّاحِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ عُمَرَ
71 -
قَالَ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُغِيرَةُ، عَنِ السَّفَّاحِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَوِ النُّعْمَانِ بْنِ زُرْعَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
⦗ص: 37⦘
وَكَلَّمَهُ فِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ هَمَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ فَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ، فَقَالَ النُّعْمَانُ أَوْ زُرْعَةُ بْنُ النُّعْمَانِ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَنِي تَغْلِبَ قَوْمٌ عَرَبٌ، يَأْنَفُونَ مِنَ الْجِزْيَةِ، وَلَيْسَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ، إِنَّمَا هُمْ أَصْحَابُ حُرُوثٍ وَمَوَاشٍ، وَلَهُمْ نِكَايَةً فِي الْعَدُوِّ، فَلَا تُعِنْ عَدُوَّكَ عَلَيْكَ بِهِمْ، قَالَ:«فَصَالَحَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، عَلَى أَنْ أَضْعَفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُنَصِّرُوا أَوْلَادَهُمْ»
قَالَ مُغِيرَةُ: فَحُدِّثْتُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: لَئِنْ تَفَرَّغْتُ لِبَنِي تَغْلِبَ لَيَكُونَنَّ لِي فِيهِمْ رَأْيٌ: لَأَقْتُلَنَّ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَلَأَسْبِيَنَّ ذَرَارِيَّهُمْ، فَقَدْ نَقَضُوا الْعَهْدَ، وَبَرِئَتْ مِنْهُمُ الذِّمَّةِ، حِينَ نَصَّرُوا أَوْلَادَهُمْ
72 -
قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ: أَنَّ عُمَرَ «أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ الْعُشْرَ، وَمِنْ نَصَارَى أَهْلِ الْكِتَابِ نِصْفَ الْعُشْرِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسٍ، وَزُرْعَةَ أَوِ النُّعْمَانِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِمُ الضِّعْفَ مِمَّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَلَا تَسْمَعْهُ يَقُولُ: مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا مَرُّوا بِأَمْوَالِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ فَذَاكَ ضِعْفُ هَذَا، وَهُوَ الْمُضَاعَفُ الَّذِي اشْتَرَطَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَمْوَالِهِمْ: مِنَ الْمَوَاشِي وَالْأَرَضِينَ يَكُونُ عَلَيْهَا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ الضِّعْفُ أَيْضًا، فَيَكُونُ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاتَانِ، وَفِي الْعَشْرِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ عَلَى هَذَا مَا زَادَتْ وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ، وَعَلَى هَذَا الْحَبُّ وَالثِّمَارُ فَيَكُونُ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فِيهِ عُشْرَانِ، وَمَا سُقِيَ بِالْغُرُوبِ وَالدَّوَالِي فِيهِ عُشْرٌ، وَفِي مَذْهَبِ عُمَرَ رحمه الله عَلَيْهِ أَيْضًا وَشَرْطِهِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَمْوَالِ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ مِثْلُ مَا عَلَى أَمْوَالِ رِجَالِهِمْ كَذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَقَالُوا أَيْضًا: إِنْ أَسْلَمَ التَّغْلِبِيُّ أَوِ اشْتَرَى مُسْلِمٌ أَرْضَهُ تَحَوَّلَتِ الْأَرْضُ إِلَى الْعُشْرِ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ
⦗ص: 38⦘
. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يُخْبِرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: أَمَّا نِسَاؤُهُمْ فَهُنَّ بِمَنْزِلَةِ رِجَالِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَأَمَّا صِبْيَانُهُمْ فَإِنَّمَا يَكُونُونَ مَثَلَهُمْ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَرْضِ خَاصَّةً، فَأَمَّا الْمَوَاشِي وَمَا يَمُرُّونَ بِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ أَسْلَمَ التَّغْلِبِيُّ أَوِ اشْتَرَى مُسْلِمٌ أَرْضَهُ فَإِنَّ الْعُشْرَ عَلَيْهِ مُضَاعَفٌ عَلَى الْحَالِ الْأُولَى قَالَ أبو عبيد وَمَعْنَى حَدِيثِ عُمَرَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ أَشْبَهُ، لِأَنَّهُ عَمَّهُمْ بِالصُّلْحِ، فَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُمْ صَغِيرًا دُونَ كَبِيرٍ، فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، كَمَا جَازَ عَلَى نِسَائِهِمْ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ جَمِيعًا مِنَ الذُّرِّيَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا بِهَذَا الصُّلْحِ عَلَى ذَرَارِيِّهِمْ مِنَ النِّسَاءِ، كَمَا أَمِنُوا بِهِ عَلَى رِجَالِهِمْ مِنَ الْقَتْلِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي أَرْضِهِ: إِنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ أَوِ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ إِنَّهَا تَكُونُ عَلَى حَالِهَا الْأُولَى، فَإِنَّ عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِلَى النَّاسِ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ غَيْرَ هَذَا، أَلَا تَرَى أَنَّ كُتُبَهُ إِنَّمَا كَانَتْ تَجْرِي إِلَى النَّاسِ: أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ؟ فَالْمُسْلِمُونَ فِي هَذَا شَرْعٌ سَوَاءٌ.
73 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِجَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيِّ مِثْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا
74 -
حَدَّثَنِي أَبُو مُسْهِرٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِجَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيِّ: «يَا جُبَيْلَةُ» ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ قَالَ:«يَا جُبَيْلَةُ» ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ قَالَ:«يَا جُبَيْلَةُ» ، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ: " اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُسْلِمَ، فَيَكُونُ
⦗ص: 39⦘
لَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ، وَإِمَّا أَنْ تُؤَدِّيَ الْخَرَاجَ، وَإِمَّا أَنْ تَلْحَقَ بِالرُّومِ "، قَالَ: فَلَحِقَ بِالرُّومِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَعَلَى هَذَا تَتَابَعَتِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ فِي الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ: أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الْقَتْلُ، كَمَا قَالَ الْحَسَنُ، وَأَمَّا الْعَجَمُ فَتَقْبَلُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ كِتَابٍ، لِلسُّنَّةِ الَّتِي جَاءَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجُوسِ، وَلَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ، وَقَبِلَتْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّابِئِينَ فَأَمْرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَبِذَلِكَ جَاءَ التَّأْوِيلُ أَيْضًا مَعَ السُّنَّةِ