الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ مِنَ الْأُسَارَى وَالسَّبْيِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْعَالِمُ الْأَمِيرُ الْوَرِعُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَلَفِ بْنِ مَعْزُوزٍ التِّلْمِسَانِيُّ عُرِّفَ الْكَوْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَتْنَا الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ فَخْرُ النِّسَاءِ الْكَاتِبَةُ شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نَصْرِِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ عُمَرَ الْإِبَرِيُّ - قِرَاءَةً
عَلَيْهَا وَأَنَا أَسْمَعُ ، فِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَانِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ - قِيْلَ لَهَا: أَخْبَرَكُمْ الْكَامِلُ أَبُو الْفَوَارِسِ طَرَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ؟ فَأَقَرَّتْ بِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْبَادِيِّ قاَلَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِِّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُهُمْ فِي مُفَادَاةِ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ، وَكُلُّهُمْ يَرَى أَنْ يُفَادَى الرَّجِالُ وَالنِّسَاءُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ.
⦗ص: 165⦘
326 -
فَأَمَّا الصِّبْيَانُ مِنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ يُحْكَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يُرَدُّوا إِلَيْهِمْ أَبَدًا، بَعْدَ أَنْ يُبَاعُوا، أَوْ يُقْسَمُوا بِفِدَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ وَيَرَى أَنَّ الصَّغِيرَ إِذَا صَارَ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ جَمِيعًا، وَهُمَا كَافِرَانِ، وَيَقُولُ: الْمِلْكُ أَوْلَى بِهِ مِنَ النَّسَبِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ بِمُفَادَاةِ الصَّغِيرِ بَأْسًا إِذَا كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ عَلَى دِينِهِ إِذَا سُبِيَ مَعَهُ، وَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ عَنْ مَالِكِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِيهِ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَمَا بَالُ أَبَوَيْهِ يَكُونَانِ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، وَهُمَا مَا دَامَا مَمْلُوكَيْنِ، وَهُوَ مَمْلُوكٌ، فَلَيْسَ بَيْنَهَمَا وَبَيْنَهُ وِلَايَةٌ وَلَا مِيرَاثٌ، وَسَيِّدُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمَا فِي مَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ فَكَذَلِكَ الدِّينُ، بَلِ الدِّينُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى
327 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: أَحْسِبُهُ
⦗ص: 166⦘
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي أُسَارَى الْمُشْرِكِينَ فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّ ذَرَارِيَّهُمْ وَنِسَاءَهُمْ مِثْلُ رِجَالِهِمْ فِي الْفِدَاءِ، يَحِقُّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُسْلِمِينَ فِكَاكُهُمْ وَاسْتِنْقَاذُهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ بِكُلِّ وَجْهٍ وَجَدُوا إِلَيْهِ سَبِيلًا، إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِرِجَالٍ أَوْ مَالٍ، وَهُوَ شَرْطُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
328 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بَنْ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ بِهَذَا الْكِتَابِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، مِنْ قُرَيْشِ وَأَهْلِ يَثْرِبَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ، فَحَلَّ مَعَهُمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ: أَنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ دُونَ النَّاسِ: الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رَبَعَاتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ بَيْنَهُمْ مَعَاقِلَهُمُ الْأُولَى، وَهُمْ يَفُكُّونَ عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي الْمَعَاقِلِ
329 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، مِثْلِ ذَلِكَ بِطُولِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَلَى رَبَاعَتِهِمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الْمَحْفُوظُ
330 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، قَالَ: فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَهْلِ يَثْرِبَ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ
⦗ص: 167⦘
، وَجَاهَدَ مَعَهُمْ: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مَفْدُوحًا مِنْهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ: مُفْرَحًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ: وَهُوَ الْمُثْقَلُ بِالدَّيْنِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَالْعَانِي وَالْمَفْدُوحُ قَدْ تَشْتَرِكُ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ، وَقَدْ يَدْخُلُ الصَّغِيرُ فِي مَعْنَى الْعَانِي فَاشْتَرَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا، وَكَأَنَّهُ مُفَسَّرٌ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ
331 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ غَالِبٍ، قَالَ: سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام: عَلَى مَنْ فِدَاءُ الْأَسِيرِ؟ قَالَ: «عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي يُقَاتِلُ عَنْهَا» ، قِيلَ: فَمَتَى يَجِبُ سَهْمُ الْمَوْلُودِ؟ قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: إِذَا اسْتَهَلَّ، يَعْنِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْفِدَاءَ
⦗ص: 168⦘
وَيَسْتَحِقُّ الْعَطَاءَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ
332 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَبَّارُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى،
333 -
أَوْ أَحَدُهُمَا، بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ أَهْلُ الذِّمَّةِ يُجَاهَدُ مِنْ دُونِهِمْ، وَيَفْتَكُّ عُنَاتِهِمْ، فَإِذَا اسْتُنْقِذُوا رَجَعُوا إِلَى ذِمَّتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ أَحْرَارًا وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ
334 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَانَ فِي وَصِيَّتِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: أُوْصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِكَذَا وَكَذَا وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا: أَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ
335 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي نَاسٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ سَبَاهُمُ الْعَدُوُّ فَاسْتَنْقَذَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، قَالَ:«لَا يُسْتَرَقُّونَ»
336 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ سَبَاهَا الْعَدُوُّ فَصَارَتْ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَهْمِهِ، قَالَ أَرَى أَنْ تُرَدَّ إِلَى عَهْدِهَا وَذِمَّتِهَا
337 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ رِفَاعَةَ كَتَبَ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي نَاسٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ سَبَاهُمُ الْعَدُوُّ فَبَاعُوهُمْ مِنْ أَهْلِ قُبْرُسَ ثُمَّ بَاعَهُمْ أَهْلُ قُبْرُسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا خَاصَمُوهُمْ فَكَتَبَ هِشَامٌ: أَنْ أَجْرِ بَيْعَهُمْ لِمَنِ اشْتَرَاهُمْ
338 -
وَقَالَ اللَّيْثُ: أَرَى أَنْ يَفْدُوهُمْ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَيُقَرُّوا عَلَى ذِمَّتِهِمْ
339 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَعْطَى رَجُلًا مَالًا يَخْرُجُ بِهِ لِفِدَاءِ الْأُسَارَى، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا سَنَجِدُ نَاسًا فَرُّوا إِلَى الْعَدُوِّ طَوْعًا أَفَنَفْدِيهِمْ؟ قَالَ:«نَعَمْ» ، قَالَ: وَعَبِيدًا فَرُّوا طَوْعًا وَإِمَاءً؟ فَقَالَ: «افْدُوهُمْ» ، قَالَ: وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ صِنْفٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ إِلَّا أَمَرَ بِفِدَائِهِمْ
340 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي حُرٍّ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: يَسْعَى لَهُ فِي ثَمَنِهِ، وَلَا يَسْتَرِقُّهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ أَهْلُ الذِّمَّةِ
⦗ص: 170⦘
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَهَذَا مَا جَاءَ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى
341 -
وَأَمَّا قَتْلُهُمْ: فَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أُسَرَاءَ الْمُشْرِكِينَ يُقْتَلُونَ وَلَا يُفَادُوهُمْ حَتَّى يُثْخِنَ فِيهِمُ الْقَتْلُ وَقَرَأَ: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشَدُّوا الْوَثَاقَ، فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4]
342 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تبارك وتعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] قَالَ: " كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سُلْطَانُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] فَجَعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْأُسَارَى بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ وَإِنْ شَاءُوا فَادُوهُمْ ". قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَظُنُّهُ قَالَ: «وَإِنْ شَاءُوا مَنُّوا عَلَيْهِمْ - شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ - وَلَمْ يَصِيرُوا عَبِيدًا»
343 -
قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَحَجَّاجٌ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تبارك وتعالى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَهَا قَوْلُهُ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]
344 -
قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ، قَدْ قَتَلَ
⦗ص: 171⦘
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا
345 -
قَالَ وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ - أَوْ حُدِّثْتُ عَنْهُ -، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " قَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَةً صَبْرًا: عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هَكَذَا حَدِيثُ هُشَيْمٍ، فَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي فَيُنْكِرُونَ مَقْتَلَ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ يَوْمَئِذٍ، يَقُولُونَ: مَاتَ بِمَكَّةَ مَوْتًا قَبْلَ بَدْرٍ، وَإِنَّمَا قُتِلَ أَخُوهُ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ، وَلَمْ يُقْتَلْ صَبْرًا، قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَمِمَّا يُصَدِّقُ قَوْلَهُمُ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ حِينَ كَلَّمَهُ فِي الْأُسَارَى شَيْخٌ لَوْ كَانَ أَتَانَا لَشَفَّعْنَاهُ، يَعْنِي أَبَاهُ مُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ فَكَيْفَ يَكُونُ مَقْتُولًا يَوْمَئِذٍ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِيهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ؟ وَأَمَّا مَقْتَلُ عُقْبَةَ وَالنَّضْرِ فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ
346 -
قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ قِيلَ لَهُمُ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا نَنْزِلُ عَلَى
⦗ص: 172⦘
حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ لَهُمُ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدٍ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: احْكُمْ فِيهِمْ فَحَكَمَ فِيهِمْ: أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ»
347 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ»
348 -
قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رُمِيَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّارِ فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَحَسَمَهُ أُخْرَى، فَانْتَفَخَتْ يَدَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُخْرِجْ نَفْسِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَحَكَمَ أَنْ تُقْتَلَ رِجَالُهُمْ، وَتُسْتَحْيَى نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ؛ لِيَسْتَعِينَ بِهِمُ
⦗ص: 173⦘
الْمُؤْمِنُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ أَصَبْتَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ» وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ قَتْلِهِمُ انْفَتَقَ عِرْقُهُ، فَمَاتَ
349 -
قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، فَقَضَى بِأَنْ تُقْتَلَ رِجَالُهُمْ، وَتُقْسَمَ ذَرَارِيُّهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ كَذَا كَذَا
قَالَ وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَشَكُّوا فِيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: انْظُرُوا، هَلْ أَنْبَتَ؟ فَنَظَرُوا فَلَمْ أَكُنْ أَنْبَتُّ، فَجُعِلْتُ فِي الذُّرِّيَّةِ
351 -
قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقِيلَ: هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَهَذَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلِ الْأُسَارَى، وَقَدْ عَمِلَتْ بِهِ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ
352 -
قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: كُتِبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي أَسِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أُعْطِيَ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَكَتَبَ: أَنْ لَا تُفَادُوا بِهِ وَاقْتُلُوهُ
353 -
قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُلْوَانُ بْنُ دَوَادَ، مَوْلَى أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: مَا أَرَى بِكَ بَأْسًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا تَأْسَ عَلَى الدُّنْيَا، فَوَاللَّهِ إِنْ عَلِمْنَاكَ إِلَّا كُنْتَ صَالِحًا مُصْلِحًا، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلَّا عَلَى ثَلَاثٍ فَعَلْتُهُمْ، وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْهُمْ، وَثَلَاثٍ لَمْ أَفْعَلْهُمْ وَوَدِدْتُ أَنِّي فَعَلْتُهُمْ، وَثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ، فَأَمَّا الَّتِي فَعَلْتُهَا وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْهَا: فَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا لِخَلَّةٍ ذَكَرَهَا - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا أُرِيدُ ذِكْرَهَا - وَوَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ كُنْتُ قَذَفْتُ الْأَمْرَ فِي عُنُقِ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ، أَوْ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَكَانَ أَمِيرًا وَكُنْتُ وَزِيرًا، وَوَدِدْتُ أَنِّي حَيْثُ كُنْتُ وَجَّهْتُ خَالِدًا إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ أَقَمْتُ بِذِي الْقَصَّةِ، فَإِنْ ظَفَرَ الْمُسْلِمُونَ ظَفَرُوا وَإِلَّا كُنْتُ بِصَدَدِ لِقَاءٍ، أَوْ مَدَدٍ. وَأَمَّا الثَّلَاثُ الَّتِي تَرَكْتُهَا وَوَدِدْتُ أَنِّي فَعَلْتُهَا: فَوَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ أُتِيتُ بِالْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَسِيرًا كُنْتُ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُ لَا يَرَى شَرًّا إِلَّا أَعَانَ عَلَيْهِ
⦗ص: 175⦘
، وَوَدِدْتُ أَنَّنِي يَوْمَ أُتِيتُ بِالْفُجَاءَةِ لَمْ أَكُنْ أَحْرَقْتُهُ، وَكُنْتُ قَتَلْتُهُ سَرِيحًا، أَوْ أَطْلَقْتُهُ نَجِيحًا، وَوَدِدْتُ أَنِّي حَيْثُ وَجَّهْتُ خَالِدًا إِلَى أَهْلِ الشَّامِ كُنْتُ وَجَّهْتُ عُمَرَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَأَكُونُ قَدْ بَسَطْتُ يَدِي، يَمِينِي وَشِمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَأَمَّا الثَّلَاثُ الَّتِي وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَوَدِدْتُ أَنِّي سَأَلْتُهُ: فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ، فَلَا يُنَازَعُهُ أَهْلُهُ؟ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ سَأَلْتُهُ: هَلْ لِلْأَنْصَارِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ نَصِيبٍ؟ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ سَأَلْتُهُ عَنْ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَابْنَةِ الْأَخِ، فَإِنَّ فِي نَفْسِي مِنْهَا حَاجَةً
354 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُلْوَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، مِثْلَهُ
355 -
قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ حَبِيبٍ أَبِي يَحْيَى، عَنْ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ الْمُزَنِيِّ، وَكَانَتْ عَيْنُهُ أُصِيبَتْ بِالسُّوسِ
⦗ص: 176⦘
، قَالَ: حَاصَرْنَا مَدِينَتَهَا، فَلَقِيَنَا جَهْدًا، وَأَمِيرُ الْجَيْشِ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَصَالَحَهُ دِهْقَانُهَا عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ الْمَدِينَةَ وَيُؤَمِّنَ لَهُ مِائَةً مِنْ أَهْلِهِ، فَفَعَلَ فَأَخَذَ عَهْدَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ مَعَهُ فَقَالَ أَبُو مُوسَى:«اعْزِلْهُمْ» فَجَعَلَ يَعْزِلُهُمْ، وَجَعَلَ أَبُو مُوسَى يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَخْدَعَهُ اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَعَزَلَ الْمِائَةَ، وَبَقِيَ عَدُوُّ اللَّهِ، فَأَمَرَ بِهِ أَبُو مُوسَى، قَالَ: فَنَادَى، وَبَذَلَ مَالًا كَثِيرًا، فَأَبَى عَلَيْهِ وَضَرَبَ عُنُقَهُ
356 -
قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، رحمه الله يَقُولُ: بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ بِفَارِسَ بِأَسِيرٍ مُوثَقٍ، يَقْتُلَهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَا وَهُوَ مَصْرُورٌ فَلَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمَصْرُورُ: الْمُوثَقُ
357 -
قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُتِيَ بِأَسِيرٍ مِنَ الْخَزَرِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَأَقْتُلَنَّكَ، فَقَالَ الْأَسِيرُ
⦗ص: 177⦘
: إِذَنْ لَا يَنْقُصُ مِنْ عَدَدِ الْخَزَرِ شَيْءٌ، فَقَتَلَهُ عُمَرُ، قَالَ: وَلَمْ يَقْتُلْ أَسِيرًا فِي خِلَافَتِهِ غَيْرَهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذِهِ أَحْكَامُ الْأُسَارَى: الْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَالْقَتْلُ، وَكَانَتْ هَذِهِ فِي الْعَرَبِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا رِقَّ عَلَى رِجَالِهِمْ، وَبِذَلِكَ مَضَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ لَمْ يَسْتَرِقَّ أَحَدًا مِنْ ذُكُورِهِمْ وَكَذَلِكَ حَكَمَ عُمَرُ فِيهِمْ أَيْضًا حَتَّى رَدَّ سَبْيَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوْلَادَ الْإِمَاءِ مِنْهُمْ أَحْرَارًا إِلَى عَشَائِرِهِمْ، عَلَى فِدْيَةٍ يُؤَدُّونَهَا إِلَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا وَهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ، قَالَ: وَهَذَا مَشْهُورٌ مِنْ رَأْيِهِ
358 -
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَامَ عُمَرُ، قَالَ:«لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مِلْكٌ، وَلَسْنَا بِنَازِعِي مِنْ يَدِ رَجُلٍ شَيْئًا أَسْلَمَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّا نُقَوِّمُهُمُ الْمِلَّةَ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ»
359 -
قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ لَا يَزَالُ قَدْ عَرَفَ ذَا قَرَابَتِهِ فِي بَعْضِ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ قَدْ سُبِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَفَدَى كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَفَدَى عُثْمَانُ رَجُلًا مِنْ هَمَذَانَ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ
360 -
قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا غَاضِرَةُ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ فِي نِسَاءٍ أَوْ إِمَاءٍ مُبَاعِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، «فَأَمَرَ بِأَوْلَادِهِنَّ أَنْ يَقُومُوا عَلَى آبَائِهِمْ، وَأَنْ لَا يُسْتَرَقُّوا»
361 -
قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ عِنْدَ مَوْتِهِ اعْقِلْ عَنِّي ثَلَاثًا: «الْإِمَارَةُ شُورَى، وَفِي فِدَاءِ الْعَرَبِيِّ عَبْدٌ، وَفِي ابْنِ الْأَمَةِ بَعِيرَانِ» ، قَالَ: وَكَتَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ الثَّالِثَةَ
362 -
قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ فَرَضَ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ فُودِيَ مِنَ الْعَرَبِ بِسِتِّ قَلَائِصَ، وَكَانَ يَقْضِي بِذَلِكَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ الْوَلِيدَةَ مِنَ الْعَرَبِ: أَنْ يُفَادَى كُلُّ إِنْسَانٍ بِسِتِّ قَلَائِصَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي أَوْلَادَهُمْ مِنَ الْإِمَاءِ. فَهَذِهِ أَحْكَامُ الْأُسَارَى إِذَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُؤْسَرُ وَتُسْبَى، فَقَدِ انْقَرَضَ ذَلِكَ، وَافْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَ الْعَجَمِ، فَاسْتَرَقُّوا الْأُسَارَى أَيْضًا مَعَ الْأَحْكَامِ الثَّلَاثَةِ، فَأَمْرُ النَّاسِ عَلَى هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي الْأَسِيرِ مِنَ الرِّجَالِ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ: الْمَنُّ، وَالْفِدَاءُ، وَالْقَتْلُ، وَالرِّقُّ، وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عُمَرَ
363 -
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: مَا كَانَ عُمَرُ يَصْنَعُ بِالْأَسَارَى؟ قَالَ: رُبَّمَا قَتَلَهُمْ، وَرُبَّمَا بَاعَهُمْ
⦗ص: 179⦘
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا إِلَّا عَلَى الْعَجَمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ بِلَادٍ افْتُتِحَتْ فِي دَهْرِهِ إِنَّمَا كَانَتْ بِلَادَ الْعَجَمِ، فَارِسُ، وَالرُّومُ وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
364 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:" لَقَدْ قَعَدْتُ مَقْعَدِي هَذَا وَمَا لِأَحَدٍ مِنْ قِبْطِ مِصْرَ عَلَيَّ عَهْدٌ وَلَا عَقْدٌ، إِنْ شِئْتُ قَتَلْتُ، وَإِنْ شِئْتُ بِعْتُ، وَإِنْ شِئْتُ خَمَّسْتُ، إِلَّا أَهْلَ إِنْطَابُلْسَ: فَإِنَّ لَهُمْ عَهْدًا يُوَفَّى لَهُمْ بِهِ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي الْأُسَارَى الْقَتْلَ وَالْبَيْعَ، وَأَمَّا الْمَنُّ وَالْفِدَاءُ فَفِي التَّنْزِيلِ، مَعَ مَا جَاءَ فِيهِمَا مِنَ الْأَحَادِيثِ، فَهَذِهِ أَحْكَامٌ أَرْبَعَةٌ، وَإِنَّمَا هَذِهِ فِي الرِّجَالِ خَاصَّةً، فَأَمَّا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ فَلَيْسَ فِيهِمْ إِلَّا حُكْمٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الرِّقُّ لَا غَيْرُ، وَلَيْسَ الْمَنُّ عَلَى الْأَسِيرِ أَنْ يُتْرَكَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ كَافِرًا وَلَكِنَّهُ يَكُونُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ذِمِّيًّا يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ، كَفِعْلِ عُمَرَ بِأَهْلِ السَّوَادِ، وَكَحَدِيثِهِ الْآخَرِ
365 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَيُّوبَ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ أَبَا مُوسَى، فَأَصَابَ سَبْيًا، فَقَالَ عُمَرُ: خَلُّوا سَبِيلَ كُلِّ أَكَّارٍ وَزَرَّاعٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي الْأُسَارَى مَا لَمْ يُقِرُّوا بِالْإِسْلَامِ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِهِ زَالَتْ عَنْهُمْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ إِلَّا سَبِيلُ الرِّقِّ خَاصَّةً، إِنْ كَانُوا قَدْ بِيعُوا أَوْ قُسِمُوا وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ
366 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَسِيرٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ وَلَا أَتُوبُ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«عَرَفَ الْحَقَّ لِأَهْلِهِ، دَعُوهُ»
367 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:«إِذَا أَسْلَمَ الْأَسِيرُ حَرُمَ دَمَهُ»
368 -
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ الْمِصْرِيُّ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: إِنِّي قَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَمَنِ اسْتَجَابَ لَكَ قَبْلَ الْقِتَالِ فَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ سَهْمُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَمَنِ اسْتَجَابَ لَكَ بَعْدَ الْقِتَالِ وَبَعْدَ الْهَزِيمَةِ فَمَالُهُ
⦗ص: 181⦘
فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا أَحْرَزُوهُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ فَهَذَا أَمْرِي وَكِتَابِي إِلَيْكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَرَى عُمَرَ قَدْ جَعَلَ مَالَهُ فَيْئًا، وَلَمْ يَجْعَلْ رَقَبَتَهُ فَيْئًا، وَأَطْلَقَهُ لِإِسْلَامِهِ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمُ الْحُكْمُ بِبَيْعٍ أَوْ قِسْمَةٍ، فَأَمَّا إِذَا حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، حَتَّى يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ خُمْسُ اللَّهِ وَسِهَامُ الْمُسْلِمِينَ فَقَدِ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الرِّقُّ، فَلَا يُسْقِطُ الْإِسْلَامُ عَنْهُمْ حِينَئِذٍ رِقًّا وَهَذَا مُفَسَّرٌ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ مُجَاهِدٍ
369 -
قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَيُّمَا مَدِينَةٍ افْتُتِحَتْ عَنْوَةً فَأَسْلَمَ أَهْلُهَا قَبْلَ أَنْ يَقْسِمُوا فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَأَمْوَالُهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَذْهَبُ فِي أَمْرِ أَهْلِ السَّوَادِ إِلَى هَذَا، يَقُولُ: إِنَّمَا تُرِكُوا أَحْرَارًا، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا قَسَمُوا.
370 -
وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا هَذَا فِي الْعَرَبِ خَاصَّةً، لِأَنَّهُمْ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ رَقٌّ.
⦗ص: 182⦘
371 -
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُمْ إِذَا أُخِذُوا مَرَّةً عَنْوَةً فَقَدْ لَزِمَهُمُ الرِّقُّ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ. وَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا مِنَ الْأَثَرِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَيْسَ الْقَوْلُ عِنْدِي إِلَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِيهِمْ مَا لَمْ يَقْسِمُوا، فَإِذَا قَسَمُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ، إِلَّا بِاسْتِيهَابٍ وَطِيبِ أَنْفُسِ الَّذِينَ صَارُوا لَهُمْ، كَفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِ حُنَيْنٍ، حِينَ لَمْ يَرْتَجِعْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنَ السَّبْيِ إِلَّا بِاسْتِيهَابٍ وَطِيبٍ مِنَ الْأَنْفُسِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَسَمَهُمْ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِأَهْلِ خَيْبَرَ، وَلَكِنَّهُ تَرَكَهُمْ أَحْرَارًا، وَلَمْ يَسْتَوْهِبْهُمْ مِنْ أَحَدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ جَرَى عَلَيْهِمُ الْقَسْمُ.
372 -
وَمِمَّا يُبَيِّنُ قَسْمَ أَهْلِ حُنَيْنٍ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ كَانَا اسْتَيْسَرَا الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُمَا، حَتَّى خَيَّرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَارَتَا قَوْمَهُمَا.
373 -
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَصَبْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ، فَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ، وَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ
374 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ
⦗ص: 183⦘
، عَنْ أَبِيهِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا، فَلَمَّا غَشَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ، فَاسْتَقْبَلَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، ثُمَّ قَالَ:«شَاهَتِ الْوُجُوهُ» فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأَ عَيْنَهُ تُرَابًا فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
375 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ طُولٌ وَالْحَدِيثُ فِي أَمْرِ حُنَيْنٍ وَخَيْبَرَ كَثِيرٌ. فَهَذَا فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ، وَهُمَا سُنَّتَانِ قَائِمَتَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ لِلْإِمَامِ الْخِيَارَ فِي السَّبْيِ، مَا لَمْ يَقْسِمُوا، وَأَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إِذَا قَسَمُوا كَفِعْلِهِ بِأَهْلِ خَيْبَرَ، وَفِعْلِ عُمَرَ بِأَهْلِ السَّوَادِ فِي قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُمْ سُبُوا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِمْ سِبَاءٌ وَلَا رِقٌّ
376 -
قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسَاوِرٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، جَالِسَهُ بِمَكَّةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ الرُّفَيْلَ وَرُءُوسًا مِنْ رُءُوسِ أَهْلِ السَّوَادِ أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا كُنَّا قَدْ ظَهَرَ
⦗ص: 184⦘
عَلَيْنَا أَهْلُ فَارِسَ، فَأَضَرُّوا بِنَا وَأَسَاءُوا إِلَيْنَا، وَذَكَرُوا مَا افْتَرَطُوا فِيهِمْ مِنَ الشَّرِّ بَعْدُ، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِكُمْ أَعْجَبَنَا مَجِيئُكُمْ وَفَرِحْنَا فَلَمْ نَهْدِكُمْ عَنْ شَيْءٍ، وَلَمْ نُقَاتِلْكُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِآخِرَةٍ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْتَرِقُّونَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَالْآنَ فَإِنْ شِئْتُمْ فَالْإِسْلَامُ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَالْجِزْيَةُ وَإِلَّا قَاتَلْنَاكُمْ قَالَ: فَاخْتَارُوا الْجِزْيَةَ
377 -
قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، قَالَ: حَاصَرْنَا مَنَاذِرَ، فَأَصَابُوا سَبْيًا، فَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ، «إِنَّ مَنَاذِرَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى السَّوَادِ، فَرَدُّوا إِلَيْهِمْ مَا أَصَبْتُمْ»
378 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ كَيْسَانَ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُوَيْسٌ أَبُو الرُّقَادِ، قَالَ: أَخَذْتُ الدِّرْهَمَيْنِ وَالْأَلْفَيْنِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَسَبَيْتُ
⦗ص: 185⦘
جَارِيَةً مِنْ أَهْلِ مِيسَانَ، فَوَطِئْتُهَا زَمَانًا، ثُمَّ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ: أَنْ خَلُّوا مَا فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ سَبْيِ مِيسَانَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهَا فِيمَا خُلِّيَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي عَلَى أَيِّ وَجْهٍ خَلَّيْتُهَا، أَحَامٍلًا كَانَتْ أَمْ غَيْرَ حَامِلٍ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صُلْبِي بِمِيسَانَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي أَرْضِ السَّوَادِ أَنَّهَا عَنْوَةٌ، لِأَنَّهَا انْتُزِعَتْ مِنْ أَيْدِي فَارِسَ، إِلَّا ثَلَاثَةَ مَوَاضِعَ مِنْهَا قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ. وَاخْتَلَفُوا فِي رِقَابِ أَهْلِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُخِذُوا عَنْوَةً، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يُقْسَمُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُعْرَضْ لَهُمْ، وَلَمْ يُسْبَوْا، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحَارِبُوا، وَلَمْ يَمْتَنِعُوا، فَأَيُّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَلَا اخْتِلَافَ فِي جِزْيَتِهِمْ، لِأَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ عَلَيْهِمْ سِبَاءٌ، فَهُمْ أَحْرَارٌ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِمُ السِّبَاءُ، ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمُ الْإِمَامُ وَلَمْ يَقْسِمْهُمْ فَقَدْ صَارُوا أَحْرَارًا أَيْضًا، كَأَهْلِ خَيْبَرَ، فَهُمْ أَحْرَارٌ فِي شَهَادَاتِهِمْ وَمُنَاكَحَاتِهِمْ وَمَوَارِيثِهِمْ وَجَمِيعِ أَحْكَامِهِمْ، وَمِمَّا يُثْبِتُ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ أَخْذُ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ، وَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَكُونَ الْجِزْيَةُ إِلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ
379 -
قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ السَّوَادِ عَهْدٌ، فَلَمَّا أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ صَارَ لَهُمْ عَهْدٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ قِبْطُ مِصْرَ قِصَّتُهُمْ شَبِيهَةٌ بِقِصَّةِ أَهْلِ السَّوَادِ، إِنَّمَا كَانَتِ
⦗ص: 186⦘
الرُّومُ ظَاهِرَةً عَلَيْهِمْ، كَظُهُورِ فَارِسَ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلَا عِزٌّ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ عَنْهُمُ الرُّومُ صَارُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِيهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُخِذُوا عَنْوَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَالَحَتْ عَنْهُمُ الرُّومُ الْمُسْلِمِينَ صُلْحًا وَفِي كُلِّ ذَلِكَ أَحَادِيثُ
380 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: لَقَدْ قَعَدْتُ مَقْعَدِي هَذَا، وَمَا لِأَحَدٍ مِنْ قِبْطِ مِصْرَ عَلَيَّ عَهْدٌ وَلَا عَقْدٌ، إِنْ شِئْتُ قَتَلْتُ، وَإِنْ شِئْتُ بِعْتُ، وَإِنْ شِئْتُ خَمَّسْتُ، إِلَّا أَهْلَ أَنْطَابُلْسَ فَإِنَّ لَهُمْ عَهْدًا يُوفِي لَهُمْ بِهِ "
381 -
قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ بْنِ مَسْرُوحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فُتِحَتْ مِصْرُ بِغَيْرِ عَهْدٍ
382 -
قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: وَأَخْبَرَنِي الصَّلْتُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، كَاتِبُ حَيَّانَ بْنِ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَرَأَ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى حَيَّانَ بْنِ شُرَيْحٍ وَكَانَ عَامِلَهُ عَلَى مِصْرَ أَنَّ مِصْرَ فُتِحَتْ عَنْوَةً بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا عَهْدٍ
383 -
قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو مَرْحُومٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُنَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ زَعَمَ فِيمَنْ فَتَحَ مِصْرَ أَنَّهُمْ «دَخَلُوا مِصْرَ بِلَا عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ»
384 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ مَنْ يَرْضَى، عَنْ زَيْدِ
⦗ص: 187⦘
بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: لَمْ نَجِدْ صُلْحَ مِصْرَ فِي كُتُبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّتِي وَجَدْنَاهَا عُهُودًا لِمَنْ كَانَ عَاهَدَ مِنَ الْأَعَاجِمِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي الْعَنْوَةِ فِي حَدِيثِهِمْ
385 -
فَأَمَّا الصُّلْحُ، فَحَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ شَيْخًا مِنَ الْقُدَمَاءِ: هَلْ كَانَ لِأَهْلِ مِصْرَ عَهْدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، كِتَابٌ عِنْدَ طَلَمَا صَاحِبِ إِخْنَا، وَكِتَابٌ عِنْدَ فُلَانٍ، وَكِتَابٌ عِنْدَ فُلَانٍ، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ عَهْدُهُمْ؟ قَالَ: عَلَيْهِمْ دِينَارَانِ مِنَ الْجِزْيَةِ وَرِزْقُ الْمُسْلِمِينَ، قُلْتُ: أَتَعْلَمُ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الشُّرُوطِ؟ قَالَ: نَعَمْ، سِتَّةُ شُرُوطٍ: أَنْ لَا يَخْرُجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَأَنْ لَا تُنْزَعَ نِسَاؤُهُمْ، وَلَا أَبْنَاؤُهُمْ، وَلَا كُنُوزُهُمْ، وَلَا أَرَضُوهُمْ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ فِي أَمْرِهِمْ، وَأَنَا أَقُولُ: إِنَّ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا قَدْ كَانَا وَقَدْ صَدَقَ الْخَبَرَانِ كِلَاهُمَا، لِأَنَّهَا افْتُتِحَتْ مَرَّتَيْنِ، فَكَانَتِ الْمَرَّةُ الْأُولَى صُلْحًا ثُمَّ انْتَكَثَتِ الرُّومُ عَلَيْهِمْ، فَفُتِحَتِ الثَّانِيَةَ عَنْوَةً وَفِي ذَلِكَ غَيْرُ خَبَرٍ يُصَدَّقُ هَذَا
386 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ بِمِصْرَ، فَمَرَّ عَلَى نَاحِيَةِ قَرْنِ الشَّرْقِيَّةِ، فَهَادَنَهُمْ وَأَعْطَوْهُ، فَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَهَا
⦗ص: 188⦘
عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَاتَلَهُمْ وَانْتَقَضَ عَلَى الصُّلْحِ "
387 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ الْمُقَوْقِسَ الَّذِي كَانَ عَلَى مِصْرَ كَانَ صَالَحَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى أَنْ يَفْرِضَ عَلَى الْقِبْطِ دِينَارَيْنِ دِينَارَيْنِ فَبَلَغَ ذَلِكَ هِرَقْلَ صَاحِبَ الرُّومِ فَتَسَخَّطَهُ أَشَدَّ التَّسَخُّطِ، وَبَعَثَ الْجُيُوشَ، فَأَغْلَقُوا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ وَآذَنُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِالْحَرْبِ، فَقَاتَلَهُمْ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى فَتَحَ عَلَيْنَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ عَنْوَةً قَسْرًا، بِلَا عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ قَالَ: فَمِصْرُ كُلُّهَا صُلْحٌ فِي قَوْلِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ غَيْرَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قَالَ: وَبِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ يَقُولُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ