الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْفَيْءِ، وَوُجُوهِهِ، وَسُبُلِهِ
بَابُ الْجِزْيَةِ، وَالسُّنَّةِ فِي قَبُولِهَا، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ
43 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» أَوْ قَالَ: " لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ - شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ - حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالَوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ "
44 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ عِنْدَ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ»
45 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
46 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِهِ
47 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ حَرُمَ دَمُهُ وَمَالُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا تُوَجَّهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، وَقَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ بَرَاءَةَ وَيُؤْمَرُ فِيهَا بِقَبُولِ الْجِزْيَةِ، فِي قَوْلِهِ:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وَإِنَّمَا نَزَلَ هَذَا فِي آخِرِ الْإِسْلَامِ وَفِيهِ أَحَادِيثُ. سَمِعْتُ الْيَزِيدِيَّ يَحْكِي عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: قُبُولٌ، وَالْمَصْدَرُ قَبُولٌ، فَهَذَا عَجِيبٌ يَسْتَظْرِفُونَهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فِي قَوْلِهِ: {عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَنْ يَدٍ: نَقْدًا، يَدًا بِيَدٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَمْشُونَ بِهَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يُعْطُونَهَا قِيَامًا
48 -
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُثْمَانَ، رحمه الله قَالَ:«كَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ»
49 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ
⦗ص: 28⦘
عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] قَالَ: نَزَلَتْ حِينَ أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ بِغَزْوَةِ تَبُوكَ
قَالَ: وَسَمِعْتُ هُشَيْمًا يَقُولُ: كَانَتْ تَبُوكُ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
50 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، أَوْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46] قَالَ: «مَنْ قَاتَلَكَ وَلَمْ يُعْطِكَ الْجِزْيَةَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ جَرَتْ كُتُبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَبَوْا فَالْجِزْيَةُ، وَبِذَلِكَ كَانَ يُوصِي أُمَرَاءَ جُيُوشِهِ وَسَرَايَاهُ
51 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوِيٍّ: «سَلَامٌ أَنْتَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ الرَّسُولِ، فَمَنْ أَحَبَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَجُوسِ فَإِنَّهُ آمِنٌ، وَمَنْ أَبَى فَإِنَّ الْجِزْيَةَ عَلَيْهِ»
52 -
قَالَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لَعِبَادِ اللَّهِ الْأَسْبَذِيِّينَ مُلُوكِ عُمَانَ، وَأُسْدِ عُمَانَ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ أَنَّهُمْ إِنْ آمَنُوا، وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ، وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَعْطَوْا حَقَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَنَسَكُوا نُسُكَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ آمِنُونَ، وَإِنَّ لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ
⦗ص: 29⦘
، غَيْرَ أَنَّ مَالَ بَيْتِ النَّارِ ثُنْيَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنَّ عُشُورَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ، وَنِصْفَ عُشُورِ الْحَبِّ، وَإِنَّ لِلْمُسْلِمِينَ نَصْرَهُمْ وَنُصْحَهُمْ، وَإِنَّ لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَاءَهُمْ يَطْحَنُونَ بِهَا مَا شَاءُوا»
53 -
قَالَ: وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: «مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ» بِرِسَالَةٍ فِيهَا: «وَأَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، وَمَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ أَوْ نَصْرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْتَنُ عَنْهَا، وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ»
54 -
قَالَ وَكَتَبَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَشُرَيْحِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا سَمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ نُسِبُوا إِلَى عِبَادَةِ فَرَسٍ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ: أسب، فَنُسِبُوا إِلَيْهِ. قَوْلُهُ: لِعِبَادِ اللَّهِ، يَعْنِي بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَارَامَ، فَقَالَ
⦗ص: 30⦘
عِبَادِ اللَّهِ كَمَا قَالُوا: الْعَبَادِلَةُ، كَقَوْلِكَ: هَلَّلْتُ، وَمَنْ قَالَ الْأَسَدِيِّينَ فَإِنَّهُ نَسَبَهُمْ إِلَى هَذِهِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي مِنَ الْيَمَنِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْأَزْدُ وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّسَبِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْأَسَدُ بِالسِّينِ، وَهُوَ عِنْدِي الصَّوَابُ، كَذَلِكَ سَمِعْتُ ابْنَ الْكَلْبِيِّ يَقُولُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْفُرْسِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مِنَ الْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ بِهَا عَرَبٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ إِلَى هَؤُلَاءِ وَإِلَى هَؤُلَاءِ
55 -
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلَ صَاحِبِ الرُّومِ: " مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ: إِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَسْلَمْتَ فَلَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْإِسْلَامِ فَأَعْطِ الْجِزْيَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ: أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ، أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ، لَمْ يُرِدِ الْفَلَّاحِينَ خَاصَّةً وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَنَّ الْعَجَمَ عِنْدَ الْعَرَبِ كُلُّهُمْ فَلَّاحُونَ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ زَرْعٍ وَحَرْثٍ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ يَزْرَعُ فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ فَلَّاحٌ، إِنْ وَلِيَ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَوْ وَلِيَهُ لَهُ غَيْرُهُ
56 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ الْأَيْلِيِّ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ، فِي الْمُدَّةِ الَّتِي مَادَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ فَأَتَوْهُ بِإِيلِيَاءَ، فَسَأَلَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 31⦘
فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي بَعَثَ بِهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَإِذَا فِيهِ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنٍ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي بِالْأَرِيسِيِّينَ أَعْوَانَهُ وَخَدَمَهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَرْسِيِّينَ، وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الْمَحْفُوظُ
57 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى كِسْرَى، وَأَمَرَ أَنْ يَدْفَعَ الْكِتَابَ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ، قَالَ: فَحَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: «فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ» يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ "
58 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَأَمَّا كِسْرَى فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ مَزَّقَهُ، وَأَمَّا قَيْصَرُ فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ طَوَاهُ ثُمَّ وَضَعَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" أَمَّا هَؤُلَاءِ - يَعْنِي: كِسْرَى - فَيُمَزَّقُونَ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَسَتَكُونُ لَهُمْ بَقِيَّةٌ "
59 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ كِتَابًا وَاحِدًا: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ، أَمَّا بَعْدُ {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] " فَأَمَّا كِسْرَى فَمَزَّقَ كِتَابَهُ وَلَمْ يَنْظُرْ فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مُزِّقَ وَمُزِّقَتْ أُمَّتُهُ» ، وَأَمَّا قَيْصَرُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا كِتَابٌ لَمْ أَرَهُ بَعْدَ سُلَيْمَانَ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَإِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - وَكَانَا تَاجِرَيْنِ بِالشَّامِ فَسَأَلَهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: بِأَبِي، لَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ، لَيَمْلُكَنَّ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ لَهُ مُدَّةً» ، وَأَمَّا النَّجَاشِيُّ فَآمَنَ - أَوْ قَالَ: فَأَسْلَمَ - وَآمَنَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَبَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِكِسْوَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، «اتْرُكُوهُ مَا تَرَكَكُمْ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُهُ: وَآمَنَ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْأَمَانَ، يَعْنِي مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ
60 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: " اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، لَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمُ
⦗ص: 33⦘
: ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا فَإِنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ "
61 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: حَاصَرَ سَلْمَانُ رحمه الله حِصْنًا مِنْ حُصُونِ فَارِسَ، فَقَالَ:«حَتَّى أَفْعَلَ بِهِمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ» ، فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ:«إِنِّي رَجُلٌ مِنْكُمْ أَسْلَمْتُ، فَقَدْ تَرَوْنَ إِكْرَامَ الْعَرَبِ إِيَّايَ، وَإِنَّكُمْ إِنْ أَسْلَمْتُمْ كَانَ لَكُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمُ الْجِزْيَةُ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ قَاتَلْنَاكُمْ» ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فِي غَيْرِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي قَوْلِ سَلْمَانَ: فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمُ الْجِزْيَةُ وَخاك بر سر بِالْفَارِسِيَّةِ، يَقُولُ: هُوَ التُّرَابُ عَلَى رُءُوسِكُمْ فَإِنْ أَبَيْتُمْ قَاتَلْنَاكُمْ، قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا، فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ