الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
431 -
قَالَ: وَحَدَّثَنِي هِشَامٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: تَسَخَّرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْبَاطَ أَهْلِ فِلَسْطِينَ فِي كَنْسِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَتْ فِيهِ مَزْبَلَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَفَلَسْتَ تَرَى أَنَّ عُمَرَ حَازَ الْمَسْجِدَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَحَالَ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَهُ، فَهُمْ عَلَى هَذَا إِلَى الْيَوْمِ لَا يُدْخِلُونَهُ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْبِلَادُ صُلْحًا، فَلَمْ يَجْعَلْ عُمَرُ الْمَسْجِدَ دَاخِلًا فِي الصُّلْحِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِهِمْ
بَابُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ كَيْفَ تَكُونُ أَرْضُهُ، أَرْضُ خَرَاجٍ أَمْ أَرْضُ عُشْرٍ
؟
432 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:«قَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبِلَ إِسْلَامَهُ، وَأَحْرَزَ إِسْلَامُهُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ، إِلَّا الْأَرْضَ فَإِنَّهَا فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ فِي مَنَعَةٍ
433 -
وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، مِثْلَ ذَلِكَ
⦗ص: 204⦘
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَيْسَ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ أَرْضَهُ، فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، أَنَّهَا تُنْزَعُ مِنْهُ إِذَا أَسْلَمَ، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهَا تَكُونُ أَرْضَ خَرَاجٍ عَلَى حَالِهَا، لِأَنَّهَا فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَرْضَى مِنْهُ بِالْعُشْرِ كَأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَمْلِكُونَهَا، وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ كَرِهَ شِرَاءَ أَرْضِ أَهْلِ الصُّلْحِ، وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَيْءٌ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا
434 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَيُّمَا قَوْمٍ صُولِحُوا عَلَى جِزْيَةٍ يُعْطُونَهَا، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ كَانَتْ أَرْضُهُ لِبَقِيَّتِهِمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَقُولُ: تَكُونُ سُنَّتُهُ كَسُنَّتِهِمْ، وَحُكْمُهُ فِي الْأَدَاءَ عَنْهَا كَحُكْمِهِمْ، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا
435 -
قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، أَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعَنْوَةِ فَإِنَّ أَرْضَهُمْ وَمَالَهُمْ
⦗ص: 205⦘
لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعَنْوَةِ قَدْ غُلِبُوا عَلَى بِلَادِهِمْ، وَصَارَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا بِلَادَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ حَتَّى صُولِحُوا عَلَيْهِا، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلَّا مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رَوَى أَشْعَثُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ شَيْئًا يُشْبِهُ هَذَا
436 -
قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ:«مِنَ السَّوَادِ مَا أُخِذَ عَنْوَةً وَمِنْهُ كَانَ صُلْحًا، فَمَا كَانَ صُلْحًا فَهُوَ مَالُهُمْ، وَمَا كَانَ عَنْوَةً فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَعَلَى تَأْوِيلِ مَذْهَبِ ابْنِ سِيرِينَ وَمَالِكٍ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِشِرَى أَرْضِ الصُّلْحِ، لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ.
437 -
قَالَ: وَكَذَا يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، وَيَكْرَهُ شِرَى أَرْضِ الْعَنْوَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ أَيْضًا: أَنَّهُمْ إِذَا أَسْلَمُوا صَارَتْ أَرْضُوهُمْ أَرْضَ عُشْرٍ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ أَيْمَانِهِمْ وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ فَغَيْرُ هَذَا.
438 -
أَخْبَرَنِي عَنْهُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، أَوِ اشْتَرَى أَرْضَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ، فَإِنَّ الصُّلْحَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ.
439 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا الَّذِي أَخْتَارُ أَنَا فَذَاكَ الْقَوْلُ، أَنَّهُمْ إِذَا أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ رُدَّتْ أَحْكَامُهُمْ إِلَى أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَتْ أَرَضُوهُمْ أَرْضَ عُشْرٍ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَهْدِهِ: أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ فَلَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِ
⦗ص: 206⦘
ذَلِكَ إِذَا أَسْلَمُوا، فَكَذَلِكَ بِلَادُهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجُ مَا كَانُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ فَإِذَا أَسْلَمُوا وَجَبَ عَلَيْهِمْ فَرْضُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الزَّكَاةِ وَكَانُوا كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ