الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُحْدِثُوا فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَفِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا لَا يَجُوزُ
259 -
حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ أَبُو عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي تَوْبَةُ بْنُ النَّمِرِ الْحَضْرَمِيُّ، قَاضِي مِصْرَ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا خِصَاءَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا كَنِيسَةَ
260 -
حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا كَنِيسَةَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا خِصَاءَ
261 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُمَرَ، مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ
262 -
وَحَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «لَا تَهْدِمُوا كَنِيسَةً وَلَا بَيْعَةً وَلَا بَيْتَ نَارٍ، وَلَا تُحْدِثُوا كَنِيسَةً وَلَا بَيْعَةً وَلَا بَيْتَ نَارٍ، وَلَا تُحِدُّوا شَفْرَةً عَلَى رَأْسِ
⦗ص: 124⦘
بَهِيمَةٍ، وَلَا تَجْمَعُوا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ»
263 -
وَحَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَاوُسًا، يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي لَبَيْتِ رَحْمَةٍ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَيْتِ عَذَابٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أُرَاهُ يَعْنِي الْكَنَائِسَ وَالْبِيعَ وَبُيُوتَ النِّيرَانِ، يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَعَ الْمَسَاجِدِ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَبُيُوتِ النَّارِ، وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ وَالْخَنَازِيرُ، قَدْ جَاءَ فِيهِمَا النَّهْيُ عَنْ عُمَرَ
264 -
حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ
⦗ص: 125⦘
: أَدِّبُوا الْخَيْلَ، وَإِيَّايَ وَأَخْلَاقِ الْأَعَاجِمِ، وَمُجَاوَرَةِ الْخَنَازِيرِ، وَأَنْ يُرْفَعَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمُ الصَّلِيبُ
265 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ «يَأْمُرَهُمْ بِقَتْلِ الْخَنَازِيرِ، وَنَقْصِ أَثْمَانِهَا مِنَ الْجِزْيَةِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي الْخَنَازِيرِ، وَأَمَّا الْخَمْرُ
266 -
فَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ قَدْ أَثَرَى فِي تِجَارَةِ الْخَمْرِ، فَكَتَبَ: أَنِ اكْسِرُوا كُلَّ شَيْءٍ قَدَرْتُمْ لَهُ عَلَيْهِ، وَسَيِّرُوا كُلَّ مَاشِيَةٍ لَهُ، وَلَا يُؤْوِيَنَّ أَحَدٌ لَهُ شَيْئًا
267 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَجَدَ عُمَرُ فِي بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ شَرَابًا، فَأَمَرَ بِهِ فَأُحْرِقَ، وَكَانَ يُقَالَ لَهُ: رُوَيْشِدٌ، فَقَالَ: أَنْتَ فُوَيْسِقٌ
268 -
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ الْمُكْتِبُ، حَدَّثَنَا حَذْلَمٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ زَكَّاءٍ أَوْ رَبِيعَةَ بْنِ زَكَّارٍ - هَكَذَا ذَكَرَ مَرْوَانُ - قَالَ: نَظَرَ
⦗ص: 126⦘
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه إِلَى زُرَارَةَ، فَقَالَ:«مَا هَذِهِ الْقَرْيَةُ؟» قَالُوا: قَرْيَةٌ تُدْعَى زُرَارَةُ، يُلَحَّمُ فِيهَا، تُبَاعُ فِيهَا الْخَمْرُ، فَقَالَ:«أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَيْهَا؟» فَقَالُوا: بَابُ الْجِسْرِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نَأْخُذُ لَكَ سَفِينَةً تَجُوزُ مَكَانَكَ، قَالَ:«تِلْكَ سُخْرَةٌ، وَلَا حَاجَةَ لَنَا فِي السُّخْرَةِ، انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى بَابِ الْجِسْرِ» ، فَقَامَ يَمْشِي حَتَّى أَتَاهَا، فَقَالَ:«عَلَيَّ بِالنِّيرَانِ، أَضْرِمُوهَا فِيهَا فَإِنَّ الْخَبِيثَ يَأْكُلُ بَعْضُهُ بَعْضًا» ، قَالَ: فَاحْتَرَقَتْ مِنْ غَرْبِيِّهَا حَتَّى بَلَغَتْ بُسْتَانَ خواستَا بْنِ جبرونا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا هُوَ يُلْحِمُ مَنْ فِيهَا - مُخَفَّفَةً - وَلَكِنْ هَكَذَا قَالَ الْفَقِيهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنْ يَكُونَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ السَّوَادِ يَوْمَئِذٍ، إِلَّا حَدِيثَ رُوَيْشِدٍ خَاصَّةً، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا وُجُوهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي مُنِعَ فِيهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْكَنَائِسِ وَالْبَيْعِ، وَبُيُوتِ النِّيرَانِ، وَالصَّلِيبِ وَالْخَنَازِيرِ، وَالْخَمْرِ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً وَبَيَانُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
269 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الرَّحَبِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَأَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ بَيْعَةً، وَلَا يُبَاعَ فِيهِ خَمْرٌ، وَلَا يُقْتَنَى فِيهِ خِنْزِيرٌ، وَلَا يُضْرَبَ فِيهِ بِنَاقُوسٍ، وَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَفُّوا لَهُمْ بِهِ
⦗ص: 127⦘
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَوْلُهُ: كُلُّ مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ، يَكُونُ التَّمْصِيرُ عَلَى وُجُوهٍ: فَمِنْهَا الْبِلَادُ الَّتِي يُسْلِمُ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، مِثْلُ الْمَدِينَةِ وَالطَّائِفِ، وَالْيَمَنِ، وَمِنْهَا كُلُّ أَرْضٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَهْلٌ فْاخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ اخْتِطَاطًا ثُمَّ نَزَلُوهَا، مِثْلَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَكَذَلِكَ الثُّغُورُ، وَمِنْهَا كُلُّ قَرْيَةٍ افْتُتِحَتْ عَنْوَةً، فَلَمْ يَرَ الْإِمَامُ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى الَّذِينَ أُخِذَتْ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ قَسَمَهَا بَيْنَ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا كَفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِ خَيْبَرَ، فَهَذِهِ أَمْصَارُ الْمُسْلِمِينَ، الَّتِي لَا حَظَّ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا، إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ مُعَامَلَةً لِحَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا اسْتُغْنِيَ عَنْهُمْ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ، وَعَادَتْ كَسَائِرِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فَهَذَا حُكْمُ أَمْصَارِ الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا نَرَى أَصْلَ هَذَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ
270 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ
271 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لَا أَدَعَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا» . قَالَ: فَأَخْرَجُهُمْ عُمَرُ
272 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَجْلَى عُمَرُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَقَالَ: لَا يَجْتَمِعُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ، وَضَرَبَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْهُمْ أَجَلًا قَدْرَ مَا يَبِيعُونَ سِلَعَهُمْ
273 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالُوا: شَفَاعَتُكَ بِلِسَانِكَ، وَكِتَابُكَ بِيَدِكَ، أَخْرَجَنَا عُمَرُ مِنْ أَرْضِنَا، فَرُدَّهَا إِلَيْنَا صَنِيعَةً، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ، «إِنَّ عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الْأَمْرِ، فَلَا أُغَيِّرُ شَيْئًا صَنَعَهُ عُمَرُ»
274 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ الْأَعْمَشُ: فَكَانُوا يَقُولُونَ
⦗ص: 129⦘
: لَوْ كَانَ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَاغْتَنَمَ هَذَا
275 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَمَّنْ سَمِعَ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لَمَّا قَدِمَ هَاهُنَا - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي الْكُوفَةَ -: «مَا قَدِمْتُ لِأَحُلَّ عُقْدَةً شَدَّهَا عُمَرُ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا نَرَى عُمَرَ اسْتَجَازَ إِخْرَاجَ أَهْلِ نَجْرَانَ وَهُمْ أَهْلُ صُلْحٍ لِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ خَاصَّةً
276 -
يُحَدِّثُونَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ، مَوْلَى آلِ سَمُرَةَ، عَنِ ابْنِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ، وَأَخْرِجُوا أَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا نُرَاهُ قَالَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم لِنَكْثٍ كَانَ مِنْهُمْ، أَوْ لِأَمْرٍ أَحْدَثُوهُ بَعْدَ الصُّلْحِ: وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ عُمَرُ إِلَيْهِمْ قَبْلَ إِجْلَائِهِ إِيَّاهُمْ مِنْهَا
277 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: انْظُرْ كِتَابًا قَرَأْتُهُ عِنْدَ فُلَانِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَكَلِّمْ فِيهِ زِيَادَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: فَكَلَّمَتْهُ فَأَعْطَانِي فَإِذَا فِي الْكِتَابِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَهْلِ رُعَاشٍ كُلِّهِمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكُمْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ مُسْلِمُونَ، ثُمَّ ارْتَدَدْتُمْ بَعْدُ، وَإِنَّهُ مَنْ يَتُبْ مِنْكُمْ وَيُصْلِحْ لَا يَضُرُّهُ ارْتِدَادُهُ، وَنُصَاحِبُهُ صُحْبَةً حَسَنَةً، فَادَّكِرُوا وَلَا تَهْلِكُوا، وَلْيُبْشِرْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ، فَمَنْ أَبَى إِلَّا النَّصْرَانِيَّةَ فَإِنَّ ذِمَّتِي بَرِيئَةٌ مِمَّنْ وَجَدْنَاهُ بَعْدَ عَشْرٍ تَبْقَى مِنْ شَهْرِ الصَّوْمِ مِنَ النَّصَارَى بِنَجْرَانَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ يَعْلَى كَتَبَ يَعْتَذِرُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَهَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ عَذَّبَهُ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَسْرًا جَبْرًا وَوَعِيدًا لَمْ يَنْفُذْ إِلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَمَرْتُ يَعْلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْكُمْ نِصْفَ مَا عَلِمْتُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي لَنْ أُرِيدَ نَزْعَهَا مِنْكُمْ مَا أَصْلَحْتُمْ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذِهِ الْأَمْصَارُ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَأَشْبَاهِهَا مِمَّا مَصَّرَ الْمُسْلِمُونَ هِيَ الَّتِي لَا سَبِيلَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا إِلَى إِظْهَارِ شَيْءٍ مِنْ
⦗ص: 131⦘
شَرَائِعِهِمْ، وَأَمَّا الْبِلَادُ الَّتِي لَهُمْ فِيهَا السَّبِيلُ إِلَى ذَلِكَ فَمَا كَانَ مِنْهَا صُلْحًا صُولِحُوا عَلَيْهِ، فَلَنْ يُنْتَزَعُ مِنْهُمْ، وَهُوَ تَأْوِيلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَفُّوا لَهُمْ بِهِ. فَمِنْ بِلَادِ الصُّلْحِ: أَرْضُ هَجَرَ وَالْبَحْرَيْنِ، وَأَيْلَةُ، وَدَوْمَةُ الْجَنْدَلِ، وَأَذْرُحُ، فَهَذِهِ الْقُرَى الَّتِي أَدَّتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ، فَهُمْ عَلَى مَا أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ بَعْدَهُ مِنَ الصُّلْحِ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ
⦗ص: 132⦘
، افْتَتَحَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ صُلْحًا، وَكَذَلِكَ مَدِينَةُ دِمَشْقَ، افْتَتَحَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ صُلْحًا، وَعَلَى هَذَا مُدُنُ الشَّامِ كَانَتْ كُلُّهَا صُلْحًا، دُونَ أَرْضِهَا، عَلَى يَدَيْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ، وَأَبِي عُبَيْدَةِ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَكَذَلِكَ بِلَادُ الْجَزِيرَةِ يُرْوَى أَنَّهَا كُلُّهَا صُلْحٌ، صَالَحَهُمْ عَلَيْهَا عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ، وَكَذَلِكَ قِبْطُ مِصْرَ صَالَحَهُمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَكَذَلِكَ بِلَادُ خُرَاسَانَ يُقَالَ إِنَّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا صُلْحًا عَلَى يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ، وَكَانَ مُنْتَهَى ذَلِكَ إِلَى مَرْوَ الرُّوذِ وَهَذَا فِي دَهْرِ عُثْمَانَ، وَأَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا افْتُتِحَتْ بَعْدُ عَلَى يَدَيْ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَالْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، وَقُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَؤُلَاءِ عَلَى شُرُوطِهِمْ، لَا يُحَالُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ بِلَادٍ أُخِذَتْ عَنْوَةً، فَرَأَى الْإِمَامُ رَدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَإِقْرَارَهَا فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ وَدِينِهِمْ، كَفِعْلِ عُمَرَ بِأَهْلِ السَّوَادِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ عَنْوَةً عَلَى يَدَيْ سَعْدٍ وَكَذَلِكَ بِلَادُ الشَّامِ كُلُّهَا عَنْوَةً، مَا خَلَا مُدُنَهَا عَلَى يَدَيْ يَزِيدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَشُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَكَذَلِكَ الْجَبَلُ أُخِذَ
⦗ص: 133⦘
عَنْوَةً فِي وَقْعَةِ جَلُولَاءَ وَنَهَاوَنْدَ عَلَى يَدَيْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، وَكَذَلِكَ الْأَهْوَازُ، أَوْ أَكْثَرُهَا، كَذَلِكَ فَارِسُ عَلَى يَدَيْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ عَلَى يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ
278 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«الْمَغْرِبُ كُلُّهُ عَنْوَةٌ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ الثُّغُورُ
279 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَصْمَاءِ الْخَثْعَمِيِّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ فَتْحَ قَيْسَارِيَّةَ قَالَ: حَاصَرَهَا مُعَاوِيَةُ سَبْعَ سِنِينَ إِلَّا أَشْهُرًا ثُمَّ فَتَحُوهَا وَبَعَثُوا بِفَتْحِهَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عُمَرُ، فَنَادَى:«أَلَا إِنَّ قَيْسَارِيَّةَ فُتِحَتْ قَسْرًا» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذِهِ بِلَادُ الْعَنْوَةِ، وَقَدْ أَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَى مِلَلِهِمْ وَشَرَائِعِهِمْ، وَلِكُلٍّ هَذِهِ قِصَصٌ وَأَنْبَاءٌ، نَأْتِي بِمَا عَلِمْنَا مِنْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَّا الَّذِي فَعَلَهُ عُمَرُ بِالَّذِي أَثَرَى فِي تِجَارَةِ الْخَمْرِ مِنْ تَسْيِيرِ مَاشِيَتِهِ وَكَسْرِ مَتَاعِهِ، وَمَا فَعَلَهُ عليه السلام بِأَهْلِ زُرَارَةَ مِنْ إِحْرَاقِهَا، وَهُمْ مِمَّنْ قَدْ أُقِرَّ عَلَى مِلَّتِهِ، فَإِنَّمَا وَجْهُهُ عِنْدَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ لِأَنَّ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ لَمْ تَكُنْ مِمَّا شُرِطَ لَهُمْ، إِنَّمَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِمْ شُرْبُهَا، فَأَمَّا الْمُتَاجَرَةُ
⦗ص: 134⦘
فِيهَا وَحَمْلُهَا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَادٍ فَلَا وَهُوَ بَيِّنٌ، فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
280 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْكُوفَةِ أَنْ لَا تَحْمِلِ الْخَمْرَ مِنْ رُسْتَاقٍ إِلَى رُسْتَاقٍ، وَمَا وَجَدْتَ مِنْهَا فِي السُّفُنِ فَصَيِّرْهُ خَلًّا، فَكَتَبَ عَبْدُ الْحَمِيدِ إِلَى عَامِلِهِ بِوَاسِطَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ بِذَلِكَ فَأَتَى السُّفُنَ، فَصَبَّ فِي كُلِّ رَاقُودٍ مَاءً وَمِلْحًا فَصَيَّرُهُ خَلًّا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَمْ يَحُلْ عُمَرُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ شُرْبِهَا، لِأَنَّهُمْ صُولِحُوا، وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ حَمْلِهَا وَالتِّجَارَةِ فِيهَا، وَإِنَّمَا نَرَاهُ أَمَرَ بِتَصْيِيرِهَا خَلًّا، وَتَرَكَهُ أَنْ يَصُبَّهَا فِي الْأَرْضِ صَبًّا، لِأَنَّهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ مَا جَازَ إِلَّا هِرَاقَتُهَا فِي الْأَرْضِ، يَتَّبِعُ فِي ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ
281 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو
⦗ص: 135⦘
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَتَّجِرُ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى، فَاشْتَرَى بِهَا خَمْرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَهْرِقْهَا» فَقَالَ: إِنَّهَا أَمْوَالُ الْيَتَامَى، فَقَالَ:«أَهْرِقْهَا» فَقَالَ: إِنَّهَا أَمْوَالُ الْيَتَامَى، فَقَالَ:«أَهْرِقْهَا» فَهَرَاقَهَا، حَتَّى سَالَتْ فِي الْوَادِي قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَوْ جَاءَتِ الرُّخْصَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَصْيِيرِهَا خَلًّا، لَكَانَتْ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ
282 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ فَقَالَ: لَا
283 -
وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا يَعْمَلُ لَهُ بِهِ فَخَرَجَ فَاشْتَرَى بِهِ خَمْرًا، ثُمَّ قَدِمَ فَأَرْبَحَ فِيهِ مَالًا كَثِيرًا، فَأَتَى عُثْمَانَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِ اشْتَرَى بِهِ بَيْعًا فَأَرْبَحَ فِيهِ مَالًا
⦗ص: 136⦘
كَثِيرًا، فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: خَمْرٌ، قَالَ: فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى شَاطِئِ النَّهَرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْخَمْرِ فَهُرِيقَتْ فِي دِجْلَةَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: لَا وَأَمَرُ بِهَا فَصُبَّتْ كُلُّهَا
284 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي رَجُلٍ وَرِثَ خَمْرًا، أَيَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ:«كَانَ يَكْرَهُهُ، وَنَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْحَرَامَ حَلَالًا، وَالْحَلَالَ حَرَامًا»
285 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي رَجُلٍ وَرِثَ خَمْرًا فَقَالَ: يُهْرِقُهَا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ صَبَّ عَلَيْهَا مَاءً فَتَحَوَّلَتْ خَلًّا؟ قَالَ إِنْ تَحَوَّلَتْ خَلَا فَلْيَبِعْهُ
286 -
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمُعَلِّمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: وَرِثَ رَجُلٌ أَصْنَامًا مِنْ فِضَّةٍ، وَخَمْرًا وَخَنَازِيرَ، فَسَأَلَ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأَمَرُوهُ أَنْ يَكْسِرَ الْأَصْنَامَ فَيَجْعَلَهَا فِضَّةً، وَنَهَوْهُ عَنِ الْخَمْرِ وَثَمَنِ الْخَنَازِيرِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ فَعَلَ عُمَرُ بِمَالِ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ حِينَ أَحْرَقَ عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ، فَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا خَلًّا
287 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَجَدَ عُمَرُ فِي بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ شَرَابًا، فَأُمِرَ بِهِ فَأُحْرِقَ، وَكَانَ يُقَالَ لَهُ: رُوَيْشِدٌ، فَقَالَ لَهُ:«أَنْتَ فُوَيْسِقٌ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَسْتُ أَرَى أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ، رَخَّصَ فِي نَقْلِ الْخَمْرِ إِلَى الْخَلِّ، وَلَا دَلَّ فِي ذَلِكَ عَلَى حِيلَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَالْكَرَاهَةُ لَهُ بِعَيْنِهِ
288 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئبٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْلَمَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا تَأْكُلْ خَلًّا مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ، حَتَّى يَبْدَأَ اللَّهُ بِفَسَادِهَا، وَذَلِكَ حِينَ طَابَ الْخَلُّ، وَلَا بَأْسَ عَلَى امْرِئٍ أَصَابَ خَلًّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ يَبْتَاعَهُ، مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا إِفْسَادَهَا
289 -
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خَلِّ التَّمْرِ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَفِيهِ حُجَّةٌ بَيِّنَةٌ
290 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ - أَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
⦗ص: 138⦘
، إِنَّا خَرَجْنَا مِنْ حَيْثُ عَلِمْتَ، فَنَزَلْنَا بَيْنَ ظَهْرَيْ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ فَمَنْ وَلِيَنَا؟ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَصْحَابَ كَرْمٍ وَخَمْرٍ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَا نَصْنَعُ بِالْكَرْمِ؟ قَالَ: تَجْعَلُونَهُ زَبِيبًا قَالُوا: وَمَا نَصْنَعُ بِالزَّبِيبِ؟ قَالَ: تَنْقَعُونَهُ فِي الشِّنَانِ، تُنْقِعُونَهُ عَلَى غَدَائِكُمْ وَتَشْرَبُونَهُ عَلَى عَشَائِكُمْ، وَتَنْقَعُونَهُ عَلَى عَشَائِكُمْ، وَتَشْرَبُونَهُ عَلَى غَدَائِكُمْ، فَإِنَّهُ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ الْعَصْرَانِ صَارَ خَلًّا، قَبْلَ أَنْ يَكُونَ خَمْرًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الدِّيلمِيِّ هُوَ عِنْدَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ وَقَعَ إِلَى الدَّيْلَمِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَفَلَا تَرَاهُ صلى الله عليه وسلم، إِنَّمَا رَضِيَ مَا انْتَقَلَ مِنَ الْحَلَالِ إِلَى الْحَلَالِ، وَلَمْ يَعْرِضْ بَيْنَهُمَا حَرَامٌ
291 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ، عَنْ سُلَيْمَانَ
⦗ص: 139⦘
التَّيْمِيِّ، عَنْ أُمِّ خِدَاشٍ، قَالَتْ:«رَأَيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَصْطَبِغُ بِخَلِّ الْخَمْرِ» وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ رحمه الله: فَاحْتَجَّ قَوْمٌ بِهَذَا، أَنَّهُ مِنْ خَمْرٍ تَحَوَّلَتْ خَلًّا، وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالُوا، وَهَلْ يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه إِذَا كَانَ حَدِيثُهُ مُبْهَمًا، إِلَّا مِثْلَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ إِلَّا فِيمَا تَخَلَّلَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهُ تَحْرِيمٌ، أَوْ كَمَذْهَبِ عُمَرَ حِينَ قَالَ: لَا بَأْسَ عَلَى امْرِئٍ أَصَابَ خَلًّا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ يَبْتَاعَهُ، مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا إِفْسَادَهَا، وَلِهَذَا كَانَ يَقُولُ ابْنُ سِيرِينَ فِيمَا نَرَى، لَا يَقُولُ: خَلُّ الْخَمْرِ
292 -
حَدَّثَنِي أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُسَمِّيهِ خَلُّ الْخَمْرِ، وَيُسَمِّيهِ خَلُّ الْعِنَبِ، قَالَ: وَكَانَ يَأْكُلُهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ عَصِيرُ عِنَبٍ تَحَوَّلَ خَلًّا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ حَدَّثُونِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ بِالثَّغْرِ يَأْمُرُهُمْ، إِذَا أَرَادُوا اتِّخَاذَ الْخَلِّ مِنَ الْعَصِيرِ أَنْ يُلْقُوا فِيهِ شَيْئًا مِنْ خَلٍّ سَاعَةَ يُعْصَرُ فَتَدْخُلَهُ حُمُوضَةُ الْخَلِّ قَبْلَ أَنْ يَنِشَّ فَلَا يَعُودُ خَمْرًا أَبَدًا، وَإِنَّمَا فَعَلَ الصَّالِحُونَ هَذَا كُلَّهُ تَنَزُّهًا عَنِ الِانْتِفَاعِ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَمْرِ، بَعْدَ أَنْ تَسْتَحْكِمَ مَرَّةً خَمْرًا وَإِنْ آلَتْ إِلَى الْخَلِّ، وَمَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِنَ الْمَاضِينَ رَخَّصَ لِمُسْلِمٍ وَلَا أَفْتَاهُ بِتَخْلِيلِ الْخَمْرِ إِلَّا شَيْئًا يُرْوَى عَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ
293 -
فَإِنِّي سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الْحَارِثِ، فِي رَجُلٍ وَرِثَ خَمْرًا، قَالَ: يُلْقِي فِيهَا مِلْحًا، حَتَّى تَصِيرَ خَلًّا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَيْنَ هَذَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا؟ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءٍ فِي الْمُرِّيِّ فَغَيْرُ هَذَا
294 -
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ قَالَ:«لَا بَأْسَ بِالْمُرِّيِّ ذَبَحَتْهُ الشَّمْسُ وَالْمِلْحُ وَالْحِيتَانُ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا هَذَا شَيْءٌ يَتَّخِذُهُ أَهْلُ الشَّامِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ فَيَبْتَاعُهُ الْمُسْلِمُونَ مُرِّيًّا، لَا يَدْرُونَ كَيْفَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَهَذَا كَقَوْلِ عُمَرَ: وَلَا بَأْسَ عَلَى امْرِئٍ أَصَابَ خَلًّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ يَبْتَاعَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا إِفْسَادَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا رَخَّصَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ وَكَذَلِكَ فَعَلَ عَامِلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، حِينَ أَلْقَى فِي خَمْرِ أَهْلِ السَّوَادِ مَاءً، إِنَّمَا فَعَلَهُ بِخَمْرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي خَمْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ