المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌وَأَمَّا الْخَضِرُ - الأموال - أبو عبيد

[أبو عبيد القاسم بن سلام]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ حَقِّ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَحَقِّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌بَابُ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَلِيهَا الْأَئِمَّةُ لِلرَّعِيَّةِ وَأُصُولِهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ الْأَمْوَالِ مَا كَانَ مِنْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصًا دُونَ النَّاسِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ: أَوَّلُهَا: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مَا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ

- ‌كِتَابُ الْفَيْءِ، وَوُجُوهِهِ، وَسُبُلِهِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ، وَالسُّنَّةِ فِي قَبُولِهَا، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌كِتَابُ سُنَنِ الْفَيْءِ، وَالْخُمُسِ، وَالصَّدَقَةِ، وَهِيَ الْأَمْوَالُ الَّتِي تَلِيهَا الْأَئِمَّةُ لِلرَّعِيَّةِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ عَرَبِ أَهْلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ

- ‌بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَمَنْ تَسْقُطُ عَنْهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِزْيَةِ، وَمَبْلَغِهَا، وَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَضِيَافَتِهِمْ

- ‌بَابُ اجْتِبَاءِ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الرِّفْقِ بِأَهْلِهَا وَيُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْعُنْفِ عَلَيْهِمْ فِيهَا

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَوْ مَاتَ وَهِيَ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ كَيْفَ تُجْتَبَى؟ وَمَا أُخِذَ بِهِ أَهْلُهَا مِنَ الزِّيِّ، وَخَتْمِ الرِّقَابِ

- ‌كِتَابُ فُتُوحِ الْأَرَضِينَ صُلْحًا وَسُنَنِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌بَابُ فَتْحِ الْأَرْضِ تُؤْخَذُ عَنْوَةً، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَجَدْنَا الْآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ قَدْ جَاءَتْ فِي افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ: أَرْضٌ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَهِيَ لَهُمْ مِلْكُ أَيْمَانِهِمْ، وَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهَا غَيْرُهُ

- ‌بَابُ أَرْضِ الْعَنْوَةِ تُقَرُّ فِي أَيْدِي أَهْلِهَا، وَيُوضَعُ عَلَيْهَا الطَّسْقُ، وَهُوَ الْخَرَاجُ

- ‌بَابُ شِرَاءِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ الَّتِي أَقَرَّ الْإِمَامُ فِيهَا أَهْلَهَا وَصَيَّرَهَا أَرْضَ خَرَاجٍ

- ‌بَابُ أَرْضِ الْخَرَاجِ مِنَ الْعَنْوَةِ يُسْلِمُ صَاحِبُهَا، هَلْ فِيهَا عُشْرٌ مَعَ الْخَرَاجِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُحْدِثُوا فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَفِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ مِنَ الْأُسَارَى وَالسَّبْيِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جَاءَنَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُكْمِ الْأُسَارَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِثَلَاثِ سُنَنٍ: الْمَنُّ، وَالْفِدَاءُ، وَالْقَتْلُ، وَبِهَا نَزَلَ الْكِتَابُ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ مِنَ الْأُسَارَى وَالسَّبْيِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْعَالِمُ الْأَمِيرُ الْوَرِعُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَلَفِ بْنِ مَعْزُوزٍ التِّلْمِسَانِيُّ عُرِّفَ الْكَوْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَتْنَا الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ فَخْرُ النِّسَاءِ الْكَاتِبَةُ شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نَصْرِِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ عُمَرَ الْإِبَرِيُّ - قِرَاءَةً

- ‌كِتَابُ افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ صُلْحًا وَأَحْكَامِهَا، وَسُنَنِهَا، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا تَكُونُ غَنِيمَةً

- ‌بَابُ الْوَفَاءِ لِأَهْلِ الصُّلْحِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ الشُّرُوطِ الَّتِي اشْتُرِطَتْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ حِينَ صُولِحُوا وَأَقَرُّوا عَلَى دِينِهِمْ

- ‌بَابُ مَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَوْقَ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَهْلِ الصُّلْحِ يُتْرَكُونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ

- ‌بَابُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ كَيْفَ تَكُونُ أَرْضُهُ، أَرْضُ خَرَاجٍ أَمْ أَرْضُ عُشْرٍ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَى مُدَّةٍ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ وَالْمُوَادَعَةِ تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَى وَقْتٍ، ثُمَّ يَنْقَضِي ذَلِكَ الْوَقْتُ، كَيْفَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَصْنَعُوا

- ‌بَابُ أَهْلِ الصُّلْحِ وَالْعَهْدِ يَنْكُثُونَ، مَتَى تُسْتَحَلُّ دِمَاؤُهُمْ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الصُّلْحِ، وَهَلْ يَحِلُّ سِبَاؤُهُمْ، أَمْ هُمْ أَحْرَارٌ

- ‌بَابُ كُتُبِ الْعُهُودِ الَّتِي كَتَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لِأَهْلِ الصُّلْحِ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ هَجَرَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ أَيْلَةَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خُزَاعَةَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ صُلْحِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى 0 أَهْلِ دِمَشْقَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ صُلْحِ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِأَهْلِ تَفْلِيسَ مِنْ بِلَادِ إِرْمِينِيَةَ

- ‌كِتَابُ مَخَارِجِ الْفَيْءِ وَمَوَاضِعَهُ الَّتِي يُصْرَفُ إِلَيْهَا، وَيُجْعَلُ فِيهَا

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ، وَمَعْرِفَةِ مَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ مِمَّنْ لَا حَقَّ لَهُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْأَعْطِيَةِ مِنَ الْفَيْءِ، وَمَنْ يُبْدَأُ بِهِ فِيهَا

- ‌بَابُ فَرْضِ الْعَطَاءِ لِأَهْلِ الْحَاضِرِ، وَتَفْضِيلِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلْمَوَالِي مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلذُّرِّيَّةِ مِنَ الْفَيْءِ وَإِجْرَاءِ الْأَرْزَاقِ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلنِّسَاءِ وَالْمَمَالِيكِ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ إِجْرَاءِ الطَّعَامِ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ إِخْرَاجِ الْفَيْءِ وَقِسْمَتِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ فَصْلِ مَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، وَمِنْ أَيِّهِمَا تَكُونُ أَعْطِيَةُ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَرْزَاقُ الذُّرِّيَّةِ

- ‌بَابُ الْعَطَاءِ يَمُوتُ صَاحِبُهُ بَعْدَمَا يَسْتَوْجِبُهُ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، وَعَلَى سَابِقَةِ الْآبَاءِ

- ‌بَابُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْفَيْءِ

- ‌بَابُ تَوْفِيرِ الْفَيْءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِيثَارِهِمْ بِهِ

- ‌بَابُ الْإِقْطَاعِ

- ‌بَابُ إِحْيَاءِ الْأَرَضِينَ وَاحْتِجَارِهَا وَالدُّخُولِ عَلَى مَنْ أَحْيَاهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جَاءَتِ الْأَحْكَامُ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ فَيُحْيِيهَا وَيُعَمِّرَهَا، ثُمَّ يَثِبَ عَلَيْهَا رَجُلٌ آخَرُ فَيُحْدِثُ غَرْسًا أَوْ بُنْيَانًا؛ لِيَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ مَا كَانَ أَحْيَا الَّذِي قَبْلَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي:

- ‌بَابُ حِمَى الْأَرْضِ ذَاتِ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ

- ‌كِتَابُ الْخُمُسِ وَأَحْكَامِهِ وَسُنَنِهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَنْفَالِ وَتَأْوِيلِهَا وَمَا يُخَمَّسُ مِنْهَا

- ‌بَابُ نَفَلِ السَّلَبِ، وَهُوَ الَّذِي لَا خُمُسُ فِيهِ

- ‌بَابُ النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ خَاصَّةً بَعْدَمَا يَصِيرُ إِلَى الْإِمَامِ

- ‌بَابُ النَّفَلِ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ

- ‌بَابُ سَهْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخُمُسِ

- ‌بَابُ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى مِنَ الْخُمُسِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِي الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِي الْمَالِ الْمَدْفُونِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِيمَا يُخْرِجُ الْبَحْرُ مِنَ الْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ، وَالسَّمَكِ

- ‌كِتَابُ الصَّدَقَةِ وَأَحْكَامِهَا وَسُنَنِهَا

- ‌بَابُ فَضَائِلِ الصَّدَقَةِ وَالثَّوَابِ فِي إِعْطَائِهَا

- ‌بَابُ مَنْعِ الصَّدَقَةِ وَالتَّغْلِيظِ فِي حَبْسِهَا

- ‌بَابُ فَرْضِ صَدَقَةِ الْإِبِلِ وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ وَسُنَنِهَا

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُجْتَمَعِ، وَتَرَاجُعِ الْخَلِيطَيْنِ فِي صَدَقَةِ الْمَوَاشِي

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَدِّقِ مِنَ الْعَدْلِ فِي عَمَلِهِ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ، وَفِي الْعُدْوَانِ مِنَ الْإِثْمِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِأَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَفْعَلُوهُ عِنْدَ إِتْيَانِ الْمُصَدِّقِ إِيَّاهُمْ

- ‌بَابُ فُرُوضِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي التِّجَارَاتِ وَالدُّيُونِ، وَمَا يَجِبُ فِيهَا، وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْحُلِيِّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ الِاخْتِلَافِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَّةِ وَالِاخْتِلَافِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ مَالِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا مِنْهَا وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ السُّنَّةِ

- ‌جِمَاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ مَا تُخْرِجُ الْأَرَضُونَ مِنَ الْحَبِّ وَالثِّمَارِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْعُشْرِ وَنِصْفُ الْعُشْرِ

- ‌بَابُ السُّنَّةِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي أَدْنَى مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ

- ‌بَابُ خَرْصِ الثِّمَارِ لِلصَّدَقَةِ، وَالْعَرَايَا، وَالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِ صَدَقَتِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: الْعَسَلُ، وَالزَّيْتُونُ، وَالْخَضِرُ

- ‌بَابُ وَأَمَّا الزَّيْتُونُ

- ‌وَأَمَّا الْخَضِرُ

- ‌جِمَاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يُمَرُّ بِهَا عَلَى الْعَاشِرِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالذِّمَّةِ وَالْحَرْبِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْعَاشِرِ وَصَاحِبِ الْمَكْسِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالتَّغْلِيظِ

- ‌بَابُ مَا يَأْخُذُ الْعَاشِرُ مِنْ صَدَقَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحَرْبِ

- ‌بَابُ الْعُشْرِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ، وَتَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ

- ‌هَذَا جِمَاعُ أَبْوَابِ مَخَارِجِ الصَّدَقَةِ وَسُبُلِهَا الَّتِي تُوضَعُ فِيهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ الَّذِينَ يَطِيبُ لَهُمْ أَخْذُهَا، وَفَرْقِ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ أَوْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَدْنَى مَا يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَكَمْ أَكْثَرِ مَا يَطِيبُ لَهُ مِنْهَا

- ‌بَابُ دَفْعِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْأُمَرَاءِ، وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ تَفْرِيقِ الصَّدَقَةِ فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَإِعْطَائِهَا بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ

- ‌بَابُ دَفْعِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْأَقَارِبِ، وَمَنْ يَكُونُ لَهَا مِنْهُمْ مَوْضِعًا أَوْ لَا يَكُونُ

- ‌بَابُ إِعْطَاءِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا مِنْ صَدَقَةِ مَالِهَا

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ، وَإِخْرَاجِهَا قَبْلَ أَوَانِهَا

- ‌بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَةِ فِي بَلَدِهَا، وَحَمْلِهَا إِلَى بَلَدٍ سِوَاهُ، وَمَنْ أَوْلَى بِأَنْ يُبْدَأَ بِهِ مِنْهَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ فَتَضِيعُ، أَوْ يَدْفَعُهَا إِلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فِي التَّأْوِيلِ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ

- ‌بَابُ سَهْمِ الرِّقَابِ، وَالْغَارِمِينَ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْغُزَاةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ

- ‌بَابُ إِعْطَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَمَا يُجْزِي مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُجْزِي

الفصل: ‌ ‌وَأَمَّا الْخَضِرُ

‌وَأَمَّا الْخَضِرُ

ص: 602

1506 -

فَإِنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: أَرَادَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَرْضِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ الصَّدَقَةَ مِنَ الْخَضْرَاوَاتِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى:«لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ» نَهَى عَنِ الْخَضْرَاوَاتِ "

ص: 602

1507 -

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ»

ص: 602

1508 -

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ عَلِيٌّ:«لَيْسَ فِي التُّفَّاحِ وَمَا أَشْبَهَهُ صَدَقَةٌ»

ص: 602

1509 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:«لَيْسَ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخَضِرِ صَدَقَةٌ»

⦗ص: 603⦘

قَالَ: قَالَ مُغِيرَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ، فَعَرَفَهُ، وَلَمْ يَعِبْهُ،

1510 -

قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ.

1511 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ

ص: 602

1512 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الْأَجْلَحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:«لَيْسَ فِي غَلَّةِ الصَّيْفِ صَدَقَةٌ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي هَذَا كُلِّهِ

ص: 603

حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ ابْنُ بُكَيْرٍ.

1513 -

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ مِثْلِ الرُّمَّانِ، وَالْفِرْسِكِ، وَالتِّينِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ صَدَقَةٌ. قَالَ: وَلَا فِي الْبُقُولِ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي أَثْمَانِهَا إِذَا بِيعَتْ حَتَّى يَحُولَ عَلَى الْأَثْمَانِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ تُقْبَضُ

1514 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ جَمِيعًا، غَيْرَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: فِي قَلِيلِ مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ وَكَثِيرِهِ الصَّدَقَةُ

1515 -

قَالَ: وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يُحَدِّثُهُ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِلَّا الْحَطَبَ وَالْقَصَبَ وَالْحَشِيشَ.

1516 -

وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا كَقَوْلِ الْآخَرِينَ. وَعَلَيْهِ الْآثَارُ كُلُّهَا، وَبِهِ تَعْمَلُ الْأُمَّةُ الْيَوْمَ.

⦗ص: 604⦘

1517 -

عَلَى أَنَّ شَيْئًا يُرْوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ يُوَافِقُ ذَلِكَ الْقَوْلَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا خِلَافُهُ

ص: 603

1518 -

قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:«كُلُّ شَيْءٍ خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، مِمَّا سَقَتِ السَّمَاءُ، أَوْ سُقِيَ بِالْعُيُونِ، فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِغَرْبٍ، أَوْ دَالِيَةٍ، أَوْ نَاعُورَةٍ، فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ»

1519 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَنْصُورٍ أَوْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوُ ذَلِكَ فَالَّذِي رَوَى مُغِيرَةُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ خِلَافُهُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُغِيرَةَ وَعَنْ أَبِي عَوَانَةَ وَسُفْيَانَ.

1520 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَالْعُلَمَاءُ الْيَوْمَ مُجْمِعُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالْحِجَازِ، وَالشَّامِ عَلَى أَنْ لَا صَدَقَةَ فِي قَلِيلِ الْخَضِرِ وَلَا فِي كَثِيرِهَا، إِذَا كَانَتْ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، وَكَذَلِكَ الْفَوَاكِهُ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي غَيْرِهَا مِنَ الْحُبُوبِ وَالْقَطَانِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي مَوْضِعِهِ، إِلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمَاضِينَ كَانَ يَرَى فِي أَثْمَانِهَا الصَّدَقَةَ إِذَا بِيعَتْ.

⦗ص: 605⦘

1521 -

مِنْهُمْ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَابْنُ شِهَابٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَظُنُّ الْأَوْزَاعِيَّ ثَالِثَهُمَا

ص: 604

1522 -

قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ عَنِ الْخُضَرِ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ حَتَّى تُبَاعَ، فَإِذَا بِيعَتْ فَبَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنَّ فِيهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ

ص: 605

1523 -

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: مَا كَانَ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَالْخَضِرِ، فَإِنَّمَا صَدَقَتُهَا فِي أَثْمَانِهَا حِينَ تُبَاعُ، صَدَقَةُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ

1524 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَدًا يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَلَا الْعِرَاقِ، وَلَيْسَ يُمْكِنُ فِي النَّظَرِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ، وَكَيْفَ تَجِبُ الصَّدَقَةُ فِي الْفَرْعِ، وَهِيَ سَاقِطَةٌ عَنِ الْأَصْلِ؟ وَإِنَّمَا الْفُرُوعُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأُصُولِ، تَابِعَةٌ لَهَا؟ وَهَلِ الْخَضِرُ - إِذَا كَانَتْ لَا تَجِبُ فِيهَا صَدَقَةٌ بِأَعْيَانِهَا - إِلَّا كَالْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ الَّتِي لَا صَدَقَةَ فِي شُخُوصِهَا؟ فَهَلْ تَكُونُ الصَّدَقَةُ فِي أَثْمَانِهَا إِذَا بِيعَتْ إِلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ تُقْبَضُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ؟ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَنْ لَا صَدَقَةَ فِي أَثْمَانِهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ.

1525 -

وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ عِنْدِي لَا صَدَقَةَ فِيهِ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّهُ بِهَا أَشْبَهُ مِنْهُ

⦗ص: 606⦘

بِالْأَطْعِمَةِ الَّتِي سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا الصَّدَقَةَ مِنَ الْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَلَا أَرَاهُ أَيْضًا يُشْبِهُ الْقَطَانِيَّ الَّتِي أَوْجَبَ فِيهَا الصَّدَقَةَ مَنْ أَوْجَبَهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ يَابِسَةٌ تُدَّخَرُ، وَهَذَا رَطْبٌ يَفْسَدُ وَيَتَغَيَّرُ، فَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ مِنْهَا شَيْئًا فَلَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالسِّمْسِمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا جَمِيعًا تُؤْكَلُ ثَمْرَتُهُمَا، وَيُؤْتَدَمُ بِعَصِيرِهِمَا.

1526 -

وَقَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ وَهُوَ مَعْدِنُ السِّمْسِمِ فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ أَمَرَهُ فِي حَبِّهِ، وَلَا دُهْنِهِ بِشَيْءٍ.

1527 -

وَكَذَلِكَ الزَّيْتُ، لَمْ يَأْتِنَا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَوْجَبَ فِيهِ شَيْئًا، وَقَدْ كَانَ يَعْرِفُهُ وَيَسْتَحِبُّهُ فِي طَعَامِهِ، وَيَأْمُرُ بِالِادِّهَانِ بِهِ فِيمَا يُرْوَى عَنْهُ، وَقَدْ نَزَلَ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ، فَلَمْ يَسُنَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُنَّةً عَلِمْنَاهَا، وَلَا ذَكَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ صَدَقَاتِهِ حِينَ ذَكَرَ الثِّمَارَ، وَعُشُورَ الْأَرَضِينَ.

1528 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَالزَّيْتُونُ عِنْدَنَا مِمَّا عَفَا عَنْهُ، كَعَفْوِهِ عَنِ الْخَضْرَاوَاتِ وَالْفَوَاكِهِ، وَلَا صَحَّ مَعَ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ فِيهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ لَا نَرَاهُ مَحْفُوظًا؛ لِأَنَّ اللَّيْثَ يُحَدِّثُهُ

⦗ص: 607⦘

عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَلَا يَرْفَعُهُ إِلَى عُمَرَ، وَلَوْ كَانَ أَيْضًا مَحْفُوظًا مَا كَانَ أَيْضًا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ.

1529 -

وَكَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ - وَإِنْ كَانَ أَمْثَلَ إِسْنَادًا مِنْ ذَلِكَ - فَإِنَّ فِيهِ مَقَالَا.

1530 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمَعَ هَذَا، إِنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ صَدَقَةِ مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعَنْ شُرَيْحٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالْحَسَنِ، حِينَ ذَكَرُوا الْأَصْنَافَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، فَسَمَّوْهَا، وَأَسْقَطُوا الصَّدَقَةَ عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِي الزَّيْتُونِ شَيْئًا، فَصَارَ هَذَا رَأْيَ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا، مَعَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ.

1531 -

ثُمَّ هُوَ رَأْيُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَسُفْيَانَ، عَلَى مَذْهَبِهِمَا.

1532 -

وَكَذَلِكَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ الْمُسَمَّيْنَ جَمِيعًا فِي الْعَسَلِ أَنَّهُ لَا صَدَقَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ خَصُّوا مَا رَأَوْهَا تَجِبُ فِيهِ، وَأَلْغَوْا مَا سِوَى ذَلِكَ، فَالْعَسَلُ مِمَّا أَسْقَطُوهَا عَنْهُ

⦗ص: 608⦘

، مَعَ تَأْوِيلِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذٍ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ فِي الْعَسَلِ بِشَيْءٍ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، وَهِيَ بِلَادُ الْعَسَلِ، فَجَاءَتْ هَذِهِ الْآثَارُ بِإِسْقَاطِ الصَّدَقَةِ عَنْهُ، وَجَاءَتْ تِلْكَ الْأُخْرَى الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِإِيجَابِهَا فِيهِ، فَاعْتَدَلَ الْوَجْهَانِ فِي الْعَسَلِ.

1533 -

وَأَشْبَهُ الْوُجُوهِ فِي أَمْرِهِ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ أَرْبَابُهُ يُؤْمَرُونَ بِأَدَاءِ صَدَقَتِهِ، وَيُحَثُّونَ عَلَيْهَا، وَيُكْرَهُ لَهُمْ مَنْعُهَا، وَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِمُ الْمَأْثَمُ فِي كِتْمَانِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَرْضًا، كَوُجُوبِ صَدَقَةِ الْأَرْضِ وَالْمَاشِيَةِ، وَلَا يُجَاهَدُ أَهْلُهُ عَلَى مَنْعِ صَدَقَتِهِ، كَمَا يُجَاهَدُ مَانِعُو ذَيْنِكَ الْمَالَيْنِ.

1534 -

وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَصِحَّ فِيهِ كَمَا صَحَّتْ فِيهِمَا، وَلَا وُجِدَتْ فِي كُتُبِ صَدَقَاتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ بِمَنْزِلَتِهِمَا.

1535 -

قَالَ: وَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ: وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ السُّلْطَانُ قَدْ أَجْبَرَهُ عَلَى نَفَقَتِهِمْ، فَأَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ إِجْبَارًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنِ دَاوُدَ فِي مَعْنَى الْعِيَالِ، وَهُمَا مَذْهَبَانِ لِمَنْ شَاءَ.

1536 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي أَخْتَارَ فِيهِ سِوَاهُمَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا عِنْدِي إِنَّمَا هُوَ كُلُّ مَا كَانَ عَوْلُهُ فَرْضًا عَلَى الْعَائِلِ وَاجِبًا، لَا يَسَعُهُ تَضْيِيعُهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حِينَ ذَكَرَ الصَّدَقَةَ، فَقَالَ:«ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» . ثُمَّ جَاءَنَا

⦗ص: 609⦘

عَنْهُ ذَلِكَ مُفَسَّرًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي دِينَارٌ. قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ. أَوْ قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ

ص: 605

1537 -

وَمِثْلُ ذَلِكَ أَوْ نَحْوُهُ قَوْلُهُ لِهِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ، وَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، أَفَآخُذُ مِنْ مَالِهِ؟ فَقَالَ:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَبَنِيكِ بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

1538 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَؤُلَاءِ الْأَهْلُ وَالْوَلَدُ، وَكَذَلِكَ الْوَالِدَانِ إِذَا كَانَا ذَوَيْ خَلَّةٍ وَفَاقَةٍ، فَعَلَى وَلَدِهِمَا الْمُوسِرِ أَنْ يَعُولَهُمَا، كَعَوْلِهِ وَلَدَهُ وَأَهْلَهُ، بِسُنَّةٍ ثَابِتَةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ضَرْبَانِ مِنَ التَّمْرِ: أَحَدُهُمَا إِنَّمَا يَصِيرُ قِشْرًا عَلَى نَوًى، وَالْآخَرُ إِذَا أَتْمَرَ صَارَ حَشَفًا

ص: 609

1539 -

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لَوْنَيْنِ مِنَ التَّمْرِ أَنْ يُؤْخَذَا فِي الصَّدَقَةِ: الْجُعْرُورِ، وَلَوْنِ حُبَيْقٍ، وَكَانُوا يَتَيَمَّمُونَ شَرَّ أَمْوَالِهِمْ فِي الصَّدَقَةِ، فَنَزَلَتْ:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]

ص: 609

1540 -

قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]

⦗ص: 610⦘

قَالَ: كَانُوا يَتَيَمَّمُونَ الْحَشَفَ، وَشَرَّ أَمْوَالِهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ

ص: 609

1541 -

قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَقِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:«لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ الْجُعْرُورُ وَلَا مُصْرَانُ الْفَارَةِ، وَلَا عِذْقٌ ابْنُ حُبَيْقٍ، وَهُوَ يُعَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ»

ص: 610

1542 -

وَزَادَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: " وَمِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ السِّخَالِ تُعَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ. قَالَ: وَفِي الثَّمَرِ أَيْضًا أَوْ قَالَ: فِي التَّمْرِ الْبُرْدِيِّ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ جَيِّدِ التَّمْرِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ وَسَطِ الْمَالِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي الْمَكْرُوهِ مِنْ خَسِيسِ الثِّمَارِ. وَأَمَّا الصَّدَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ

ص: 610

1543 -

فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَالِحٍ حَدَّثَنَا، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَسَلَّفَ فِي حَائِطٍ لَهُ، أَوْ فِي حَرْثِهِ، حَتَّى أَحَاطَ بِمَا خَرَجَ لَهُ، أَيُزَكِّي حَائِطَهُ ذَلِكَ، أَوْ حَرْثَهُ؟ فَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ فِي السُّنَّةِ أَنْ يُتْرَكَ ثَمَرُ رَجُلٍ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَكِنَّهُ يُصَدِّقُ، وَعَلَيْهِ دِينُهُ، فَأَمَّا رَجُلٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ وَرِقٌ أَوْ ذَهَبٌ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدِّقُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَقْضِيَ دِينَهُ

ص: 610

1544 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ:«كَانُوا يَرْصُدُونَ الْعَيْنَ فِي الدَّيْنِ، وَلَا يَرْصُدُونَ الثِّمَارَ فِي الدَّيْنِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حُدِّثْتُ بِذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ النَّظَرِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ سِيرِينَ يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَمَّا الَّذِي يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، فَغَيْرُ هَذَا

ص: 611

1545 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثُونَا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ فِي الرَّجُلِ يَسْتَدِينُ، فَيُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ وَأَرْضِهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «يَقْضِي مَا أَنْفَقَ عَلَى أَرْضِهِ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «يَقْضِي مَا أَنْفَقَ عَلَى أَرْضِهِ وَأَهْلِهِ»

ص: 611

1546 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ يُحَدَّثُ بِهِ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ يَدَيِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالزَّرْعِ.

1547 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حُدِّثْتُ بِهِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ، وَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ زَكَّاهُ، إِذَا كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ

1548 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ.

1549 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَالَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ الْيَوْمَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُقَاصُ بِهِ الرَّجُلُ فِيمَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ خَاصَّةً، وَلَكِنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ صَدَقَةٌ أَرْضِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِثَمْرَتِهِ وَزَرْعِهِ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا.

1550 -

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِمِثْلِ مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمَكْحُولٍ، وَقَالُوا جَمِيعًا: أَمَّا إِذَا كَانَ دَيْنُهُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَعِنْدَهُ مِنْهُمَا مِثْلُهُ، فَإِنَّهُ

⦗ص: 612⦘

لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. فَاتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى إِسْقَاطِهَا عَنْهُ فِي الصَّامِتِ مَعَ الدَّيْنِ، وَاتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى إِيجَابِهَا عَلَيْهِ فِي الْأَرْضِ مَعَ الدَّيْنِ، إِلَّا مَنِ اتَّبَعَ تِلْكَ الْآثَارَ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَاشِيَةِ.

1551 -

فَقَالَ مَالِكٌ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: الْمَاشِيَةُ مِثْلُ صَدَقَةِ الْأَرْضِ، تُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاتُهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ.

1552 -

وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: الْمَاشِيَةُ مِثْلُ الصَّامِتِ، لَا تُؤْخَذُ زَكَاتُهَا مَعَ الدَّيْنِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ الْأَخْذُ بِالْمَذْهَبَيْنِ جَمِيعًا فِي الْإِسْقَاطِ وَالْإِيجَابِ، وَإِنْ كَانَا فِي الظَّاهِرِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَنَقُولُ:

1553 -

إِذَا كَانَ الدَّيْنُ صَحِيحًا قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلَكِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ لِدَيْنِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَمَكْحُولٌ، وَمَعَ قَوْلِهِمْ أَيْضًا إِنَّهُ مُوَافِقٌ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا سَنَّ أَنْ تُؤْخَذَ الصَّدَقَةُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ، فَتُرَدَّ فِي الْفُقَرَاءِ؟ وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، فَكَيْفَ تُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا؟ أَمْ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا فَقِيرًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ؟ وَمَعَ هَذَا إِنَّهُ مِنَ الْغَارِمِينَ، أَحَدِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، فَقَدِ اسْتَوْجَبَهَا مِنْ جِهَتَيْنِ

ص: 611

1554 -

وَنَرَى أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «لَأُكَرِّرَنَّ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ إِنْ رَاحَ عَلَى أَحَدِهِمْ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» - أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ مَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ

⦗ص: 613⦘

: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ، وَيَزِيدَ يُحَدِّثَانِهِ عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عُمَرَ

1555 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ إِذَا عُلِمَتْ صِحَّةُ دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِقَوْلِهِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ جَمِيعًا، كَقَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَمَنْ قَالَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

1556 -

وَمَعَ قَوْلِهِمْ أَيْضًا إِنَّكَ إِذَا صِرْتَ إِلَى النَّظَرِ وَجَدْتَهُ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ الزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ حَقٌّ وَاجِبٌ ظَاهِرٌ قَدْ لَزِمَ صَاحِبَهُ، وَالدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ يَدَّعِيهِ بَاطِنٌ، لَا يُدْرَى لَعَلَّهُ فِيهِ مُبْطِلٌ، فَلَيْسَ بِمَقْبُولٍ مِنْهُ، إِنَّمَا هَذَا كَرَجُلٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ لِقَوْمٍ، فَادَّعَى الْمَخْرَجَ مِنْهَا وَأَدَاءَهَا إِلَيْهِمْ، فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ.

1557 -

وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ حِينَ شَبَّهُوا الْمَاشِيَةَ بِالصَّامِتِ، فَجَعَلُوا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي دَعْوَاهُ، فَكَيْفَ يُشْبِهُهُ؟ وَهُمْ يَقُولُونَ فِي صَاحِبِ الْمَاشِيَةِ إِنَّهُ إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ قَدْ قَسَّمَ صَدَقَتَهُ فِي الْفُقَرَاءِ، أَنَّهَا لَا تُجْزِيهِ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيَةً، وَيَقُولُونَ: إِنِ ادَّعَى ذَلِكَ فِي الصَّامِتِ قُبِلَ مِنْهُ.

1558 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَانِ حُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ

⦗ص: 614⦘

، فَأَمَّا الصَّامِتُ فَلَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا ادَّعَى؛ وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ لَيْسَ إِلَى السُّلْطَانِ، إِنَّمَا هُوَ إِلَى أَمَانَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَصَدَقَةُ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ إِنَّمَا هِيَ إِلَى الْأَئِمَّةِ، تُؤْخَذُ مِنَ النَّاسِ عَلَى الْكُرْهِ وَالرِّضَا.

1559 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِذَا بِيعَ النَّخِيلُ بَعْدَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَيَطِيبَ قَبْلَ أَنْ يُجَدَّ، وَالزَّرْعُ قَبْلَ أَنْ يُحْصَدَ، فَإِنَّهُ يُحْكَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ:«الصَّدَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ» . قَالَ: «وَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي» . قَالَ: «وَإِذَا مَاتَ رَبُّ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يُحْصَدَ، أَوْ بَعْدَمَا يُحْصَدُ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْوَارِثِ» . قَالَ: «وَكُلُّ ثَمَرَةٍ يَأْكُلُ مِنْهَا أَرْبَابُهَا فَإِنَّهُ يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ مَا أَكَلُوا» . قَالَ: " وَإِذَا أَكْرَى الرَّجُلُ أَرْضَهُ مِنْ رَجُلٍ فَزَرَعَهَا، وَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ، فَإِنَّ عُشْرَهَا عَلَى الزَّارِعِ الْمُكْتَرِي، وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهَا لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ،

1560 -

قَالَ: وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ فِي هَذِهِ الْخِلَالِ كُلِّهَا، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَرِثَ الْوَارِثُ الْأَرْضَ بَعْدَمَا يُحْصَدُ زَرْعُهَا، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ

1561 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ

⦗ص: 615⦘

لَيْسَ يُنْظَرُ فِي مِلْكِهِمَا إِلَى حُئُولِ الْحَوْلِ، إِنَّمَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ فِيهِمَا حِينَ يَطِيبُ، وَيَبْدُو صَلَاحُهُمَا، وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ وَالصَّامِتُ فَإِنَّهُ تَجِبُ الصَّدَقَةُ فِيهِمَا بَعْدَ الْحَوْلِ، فَهُمَا مُخَالِفَانِ لِمَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذِهِ أَحْكَامُ الْأَرَضِينَ الْعُشْرِيَّةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَرْضِ خَرَاجٍ، وَلَا تَكُونُ الْأَرْضُ كَذَلِكَ إِلَّا مِنْ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٍ.

1562 -

أَحَدُهَا: كُلُّ أَرْضٍ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، فَهُمْ مَالِكُونَ لِرِقَابِهَا، كَالْمَدِينَةِ، وَالطَّائِفِ، وَالْيَمَنِ، وَالْبَحْرَيْنِ، وَكَذَلِكَ مَكَّةَ، إِلَّا أَنَّهَا كَانَتِ افْتُتِحَتْ بَعْدَ الْقِتَالِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنَّ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يَغْنَمْ أَمْوَالَهُمْ

ص: 612

1563 -

وَيُرْوَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَحِلُّ غَنِيمَتُهَا» كَذَلِكَ حُدِّثْتُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَلَمَّا خَلَصَتْ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ، ثُمَّ أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ، كَانَ إِسْلَامُهُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ، فَلَحِقَتْ أَرَضُوهُمْ بِالْعُشْرِ. وَلِمَكَّةَ أَحَادِيثُ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

1564 -

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: كُلُّ أَرْضٍ أُخِذَتْ عَنْوَةً، ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرَ أَنْ يَجْعَلَهَا فَيْئًا مَوْقُوفًا، وَلَكِنَّهُ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهَا غَنِيمَةً، فَخَمَسَهَا، وَقَسَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا بَيْنَ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا خَاصَّةً، كَفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْضِ خَيْبَرَ. فَهَذِهِ أَيْضًا مِلْكُ أَيْمَانِهِمْ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ الْعُشْرِ. وَكَذَلِكَ الثُّغُورُ كُلُّهَا، إِذَا قُسِّمَتْ

⦗ص: 616⦘

بَيْنَ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا خَاصَّةً، وَعُزِلَ الْخُمُسُ لِمَنْ سَمَّى اللَّهُ تبارك وتعالى.

1565 -

وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ: كُلُّ أَرْضٍ عَادِيَّةٍ لَا رَبَّ لَهَا، وَلَا عَامِرَ، أَقْطَعَهَا الْإِمَامُ رَجُلًا إِقْطَاعًا مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، أَوْ غَيْرِهَا، كَفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ فِيمَا أَقْطَعُوا مِنْ بِلَادِ الْيَمَنِ، وَالْيَمَامَةِ، وَالْبَصْرَةِ، وَمَا أَشْبَهَهَا.

1566 -

وَالنَّوْعُ الرَّابِعُ: كُلُّ أَرْضٍ مَيْتَةٍ اسْتَحْيَاهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَحْيَاهَا بِالْمَاءِ وَالنَّبَاتِ. فَهَذِهِ الْأَرَضُونَ الَّتِي جَاءَتْ فِيهَا السُّنَّةُ بِالْعُشْرِ، أَوْ نِصْفِ الْعَشْرِ، وَكُلُّهَا مَوْجُودٌ فِي الْأَحَادِيثِ، فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تبارك وتعالى مِنْ هَذِهِ فَهِيَ صَدَقَةٌ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا، كَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَالصَّامِتِ، تُوضَعُ فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، خَاصَّةً لَهُمْ دُونَ النَّاسِ.

1567 -

وَمَا سِوَى هَذِهِ مِنَ الْبِلَادِ فَلَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ أَرْضَ عَنْوَةٍ صُيِّرَتْ فَيْئًا، كَأَرْضِ السَّوَادِ وَالْجِبَالِ، وَالْأَهْوَازِ، وَفَارِسَ، وَكَرْمَانَ، وَأَصْبَهَانَ، وَالرَّيِّ، وَأَرْضِ الشَّامِ سِوَى مُدُنِهَا، وَمِصْرَ، وَالْمَغْرِبِ، أَوْ تَكُونُ أَرْضَ صُلْحٍ مِثْلَ نَجْرَانَ، وَأَيْلَةَ، وَأَذْرُحَ، وَدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَفَدَكَ، وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا صَالَحَهُمْ صلى الله عليه وسلم صُلْحًا، أَوْ فَعَلَتْهُ الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ كَبِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَبَعْضِ بِلَادِ إِرْمِينِيَةَ، وَكَثِيرٍ مِنْ كُوَرِ خُرَاسَانَ. فَهَذَانِ النَّوْعَانِ مِنَ الْأَرَضِينَ - الصُّلْحُ وَالْعَنْوَةُ الَّتِي تَصِيرُ فَيْئًا -

⦗ص: 617⦘

تَكُونَانِ عَامًّا لِلنَّاسِ فِي الْأَعْطِيَةِ وَأَرْزَاقِ الذُّرِّيَّةِ، وَمَا يَنُوبُ الْإِمَامُ مِنْ أُمُورِ الْعَامَّةِ

ص: 615

بَابُ الصَّاعِ الَّذِي تُعْرَفُ بِهِ صَدَقَةُ الْأَرَضِينَ، وَزَكَاةُ الْفِطْرِ، وَكَفَّارَةُ الْأَيْمَانِ، وَفِدْيَةُ الْمَنَاسِكِ، وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ، مَعَ جَمِيعِ مَا جَاءَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْمَكَايِيلِ كُلِّهَا.

1568 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَجَدْنَا الْآثَارَ قَدْ نُقِلَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ بِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ مِنَ الْمَكَايِيلِ: الصَّاعِ، وَالْمُدِّ، وَالْفَرَقِ، وَالْقِسْطِ، وَالْمُدْيِ، وَالْمَخْتُومِ، وَالْقَفِيزِ، وَالْمَكُّوكِ، إِلَّا أَنَّ عِظَمَ ذَلِكَ فِي الْمُدِّ وَالصَّاعِ

ص: 617

قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَطَهَّرُ بِالْمُدِّ» قَالَ إِسْمَاعِيلُ: أَوْ قَالَ: وَيُطَهِّرُهُ الْمُدُّ

ص: 617

1570 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ

⦗ص: 618⦘

سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَطَهَّرُ بِالْمُدِّ

ص: 617

1571 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِقَدْرِ الْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِقَدْرِ الصَّاعِ

1572 -

قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ

ص: 618

1573 -

قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي عِيسَى الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجَنَابَةِ بِصَاعٍ مِنْ مَاءٍ جَمِيعًا»

ص: 618

1574 -

قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْفَرَقُ

ص: 618

1575 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ فِي قَدَحٍ وَهُوَ الْفَرَقُ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

ص: 618

1576 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ قَالَتْ:«كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَحَبِيبِي صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ» . قَالَ: وَأَشَارَتْ إِلَى إِنَاءٍ فِي الْبَيْتِ قَدْرَ الْفَرَقِ قَالَ: وَالْفَرَقُ سِتَّةُ أَقْسَاطٍ

ص: 619

1577 -

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ فِي قَدَحٍ مِنَ الْجَنَابَةِ يَسَعُ الْفَرَقَ. قَالَ: وَذَلِكَ الْيَوْمَ نَحْوُ خَمْسَةِ أَمْدَادٍ

ص: 619

1578 -

قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ اللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتِ امْرَأَةَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا كَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ قَالَ اللَّيْثُ فِي حَدِيثِهِ: أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَاكَ

ص: 619

1579 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مُجَاهِدٍ، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ، أَوْ تِسْعَةً، أَوْ عَشَرَةً، فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا»

ص: 619

1580 -

قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، قَالَ: أَتِيَ مُجَاهِدٌ بِإِنَاءٍ يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ، فَقَالَ: حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا

ص: 619

1581 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَحُدِّثْتُ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ جَبْرٍ

⦗ص: 620⦘

الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِرَطْلَيْنِ

1582 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَجَاءَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الْغُسْلِ بِأَلْفَاظٍ يَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الْمَعَانِي لِاخْتِلَافِ لَفْظِهَا، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى فِيهَا كُلِّهَا إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى وَقْتَيْنِ مِنَ الْمَاءِ، أَقْصَاهُمَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ، وَأَدْنَاهُمَا صَاعٌ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ. وَسَائِرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِنَّمَا تَرْجِعُ إِلَى أَحَدِهِمَا، لَا يَخْلُو مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ عَرَفَهُ. فَكَانَ غُسْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا يَتَرَدَّدُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْضُرُهُ مِنَ الْمَاءِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِصُ مِنَ الصَّاعِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَلَا يَزِيدُ عَلَى صَاعٍ وَنِصْفٍ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ.

1583 -

فَمِنَ الثَّمَانِيَةِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الْفَرَقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَائِشَةَ جَمِيعًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا، فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ.

1584 -

فَكَذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَقْسَاطِ هِيَ مِثْلُ الْفَرَقِ سَوَاءٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقِسْطَ نِصْفُ صَاعٍ، وَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ، حِينَ ذَكَرَ الْفَرَقَ، فَقَالَ: وَهُوَ سِتَّةُ أَقْسَاطٍ، فَرَجَعَ مَعْنَاهُ إِلَى الثَّمَانِيَةِ أَيْضًا.

1585 -

وَأَمَّا الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ الْأَمْدَادُ الْخَمْسَةُ يَغْتَسِلُ بِهَا وَحْدَهُ، فَهُوَ مِثْلُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْغُسْلِ بِالصَّاعِ، وَالْوُضُوءِ بِالْمُدِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ قَبْلَ الْغُسْلِ بِمُدٍّ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالصَّاعِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، فَتِلْكَ خَمْسَةٌ لِاغْتِسَالِهِ خَاصَّةً.

⦗ص: 621⦘

1586 -

وَأَمَّا الَّذِي فِيهِ ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَائِشَةَ، فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ لِهَذَا وَجْهًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَذَا الْمُدِّ الْكَبِيرِ الَّذِي يُكَالُ بِهِ التَّمْرُ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ، فَتَكُونَ الْأَمْدَادُ إِنَّمَا هِيَ تَفْسِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِ بِالْحَدِيثِ، جَعَلَهُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ.

1587 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعَائِشَةُ يَغْتَسِلَانِ بِصَاعٍ وَاحِدٍ جَمِيعًا، فَإِنَّمَا وَجْهُهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ هُوَ بِصَاعٍ، وَهِيَ بِصَاعٍ آخَرَ. فَهَذَا مَا فِي سُنَنِ الْغُسْلِ بِالصَّاعِ، وَالْفَرَقِ، وَالْقِسْطِ، وَالْأَمْدَادِ. وَأَمَّا ذِكْرُ الصَّاعِ فِي صَدَقَةِ الْأَرَضِينَ

ص: 619

1588 -

فَإِنَّ الْأَشْجَعِيَّ حَدَّثَنَا، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ:«الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا»

ص: 621

1589 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَمُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا

ص: 621

1590 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُعَاذٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا

ص: 621

1591 -

قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ

⦗ص: 622⦘

أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَفَعَهُ قَالَ:«لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» . وَالْوَسْقُ سِتُّونَ مَخْتُومًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْمَخْتُومُ هَاهُنَا هُوَ الصَّاعُ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَخْتُومًا؛ لِأَنَّ الْأُمَرَاءَ جَعَلَتْ عَلَى أَعْلَاهُ خَاتَمًا مَطْبُوعًا لِئَلَّا يُزَادَ فِيهِ، وَلَا يُنْتَقَصَ مِنْهُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْحِجَازِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ فِي مَبْلَغِ الصَّاعِ كَمْ هُوَ؟

ص: 621

1592 -

فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ صَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ، وَمُدُّهُ رَطْلَيْنِ

1593 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الصَّاعُ أَقَلُّ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ، وَأَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةٍ

ص: 622

1594 -

قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ: الصَّاعُ يَزِيدُ عَلَى الْحَجَّاجِيِّ مِكْيَالًا

1595 -

وَكَانَ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَاضِي الْكُوفَةِ يَقُولُ: الصَّاعُ مِثْلُ الْحَجَّاجِيِّ، أَوْ أَرْجَحُ شَيْئًا

1596 -

وَأَمَّا سُفْيَانُ فَكَانَ يَقُولُ: هُوَ مِثْلُ الْقَفِيزِ الْحَجَّاجِيِّ وَلَمْ يَصِفْهُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا نُقْصَانٍ.

1597 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْحَجَّاجِيُّ قَفِيزٌ كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ اتَّخَذَهُ عَلَى صَاعِ عُمَرَ. كَذَلِكَ يُرْوَى عَنْهُ

ص: 622

1598 -

قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ:«الْقَفِيزُ الْحَجَّاجِيُّ صَاعُ عُمَرَ»

ص: 623

1599 -

قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: الْقَفِيزُ الْحَجَّاجِيُّ صَاعُ عُمَرَ

ص: 623

1600 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ: الْحَجَّاجِيُّ هُوَ رُبْعُ الْهَاشِمِيِّ، وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ

1601 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا تَرَى أَهْلَ الْعِرَاقِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الصَّاعَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ؛ لِأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَسَمِعُوا فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ بِثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِرَطْلَيْنِ، فَتَوَهَّمُوا أَنَّ الصَّاعَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ لِهَذَا. وَقَدِ اضْطَرَبَ مَعَ هَذَا قَوْلُهُمْ، فَجَعَلُوهُ أَنْقَصَ مِنْ ذَلِكَ.

1602 -

وَأَمَّا أَهْلُ الْحِجَازِ فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيهِ أَعْلَمُهُ أَنَّ الصَّاعَ عِنْدَهُمْ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، يَعْرِفُهُ عَالِمُهُمْ وَجَاهِلُهُمْ، وَيُبَاعُ فِي أَسْوَاقِهِمْ، وَيَحْمِلُ عِلْمُهُ قَرْنٌ عَنْ قَرْنٍ.

1603 -

وَقَدْ كَانَ يَعْقُوبُ زَمَانًا يَقُولُ كَقَوْلِ أَصْحَابِهِ فِيهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

⦗ص: 624⦘

1604 -

وَبِهِ كَانَ يُفْتِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ.

1605 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدِي؛ لِأَنِّي مَعَ اجْتِمَاعِ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَيْهِ تَدَبَّرْتُهُ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، فَوَجَدْتُهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِهِمْ

ص: 623

1606 -

حَدَّثَنِي ابْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ غَنَجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ «ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْحِنْطَةِ مُدْيَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَقْسَاطِ زَيْتٍ لِكُلِّ إِنْسَانٍ كُلَّ شَهْرٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ، وَلَا أَحْفَظُ مَا ذُكِرَ مَا فِي الْوَدَكِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَنَظَرْتُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا، فَإِذَا هُوَ قَدْ عَدَلَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الدَّنَانِيرِ أَنْ يُعْدَلَ الدِّينَارُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَكَذَلِكَ عَدَلَ مُدْيَيْنِ مِنْ طَعَامٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَجَعَلَهَا مُوَازِيَةً لَهُمَا، فَغَايَرْتُ الْأَمْدَادَ وَالصِّيعَانَ وَجَمَعْتُ بَيْنَهَا، ثُمَّ اعْتَبَرْتُهَا بِالْوَزْنِ، فَوَجَدْتُ الْمُدْيَيْنِ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ رَطْلًا، وَوَجَدْتُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا ثَمَانِينَ رَطْلًا، عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. فَهَذِهِ زِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ مُتَقَارِبَةٌ، وَإِنَّمَا زَادَ ذَلِكَ النَّيِّفُ عَلَى الثَّمَانِينَ فِيمَا ظَنَنْتُ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ مِنَ الرَّزَانَةِ وَالْخِفَّةِ، وَوَجَدْتُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رِطْلٍ. فَهَذِهِ زِيَادَةٌ مُتَفَاوِتَةٌ، فَعَرَفْتُ بِهَذَا أَنَّ الصَّاعَ كَقَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ،

ص: 624

ثُمَّ صَدَّقَ ذَلِكَ وَثَبَّتَهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ، وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ مَكَّةَ

⦗ص: 625⦘

1607 -

سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ يُحَدِّثُهُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

1608 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ: الْمِيزَانُ مِيزَانُ الْمَدِينَةِ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ مَكَّةَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَاجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَلَاثُ خِلَالٍ: حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَتَدَبُّرُ حَدِيثِ عُمَرَ، وَاتِّفَاقُ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَيْهِ، فَأَيْنَ الْمَذْهَبُ عَنْ هَذَا؟

1609 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا أَمْرُ الصَّاعِ فِي مَبْلَغِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ الْفَرَقِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَعْلَمُهُ فِي ذَلِكَ، أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ. وَفِيهِ أَحَادِيثُ تُفَسِّرُهُ أَيْضًا

ص: 624

1610 -

قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لِي، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي - أَوْ قَالَ: عَلَى حَاجِبَيَّ - فَقَالَ: أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاحْلِقْهُ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ شَاةً قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ.

1611 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَيُّوبَ، بِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ طَعَامٍ

ص: 625

1612 -

قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ «أَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ طَعَامٍ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ تَبَيَّنَ الْآنَ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَهُوَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَيْضًا

ص: 626

1613 -

قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ:«هَلْ مَعَكَ مِنْ دَمٍ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ تَمْرًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَاحْلِقْ رَأْسَكَ»

1614 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ وَضَحَ الْآنَ أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، إِذْ كَانَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، وَحَدِيثِ سُفْيَانَ: أَطْعِمْ فَرَقًا. وَقَالَ هَاهُنَا: أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ. وَمِمَّا يَزِيدُهُ وُضُوحًا حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ مُجَاهِدٍ

ص: 626

1615 -

قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَقَالَ: فَرِّقْ بَيْنَ عَشَرَةٍ قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، فَقَالَ: مُدَّانِ لِإِدَامِهِ وَحَطَبِهِ

1616 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَفَسَّرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ مَذْهَبَ مُجَاهِدٍ أَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. قَالَ: وَالْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَالصَّاعُ

⦗ص: 627⦘

أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، اثْنَا عَشَرَ مُدًّا، فَتُقَسَّمُ هَذِهِ كُلُّهَا بَيْنَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، فَيَكُونُ عَشَرَةٌ مِنْهَا لِطَعَامِهِمْ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ، وَيَكُونُ الْمُدَّانِ زِيَادَةً مُتَفَرِّقَةً بَيْنَهُمْ، لِمَا يَلْزَمُ الطَّعَامُ مِنْ مَؤُونَةِ الْأُدْمِ وَالْحَطَبِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا الَّذِي أَرَادَ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ.

1617 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَعَلَى هَذَا الصَّاعِ الَّذِي فَسَّرْنَاهُ، تَدُورُ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَا يَنُوبُهُمْ مِنْ أَمْرِ الْكَيْلِ فِي دِينِهِمْ. مِنْ ذَلِكَ زَكَاةُ الْأَرَضِينَ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَفِدْيَةُ النُّسُكِ. وَقَدْ عَايَرْتُ مِكْيَالَنَا هَذَا الْمُلْجَمَ، الَّذِي يَعْتَمِلُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ، فَإِذَا هُوَ صَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَمْدَادٍ إِذَا مَسَحْتَ أَعْلَاهُ، عَلَى مَا يُكَالُ الْيَوْمَ فِي الْأَسْوَاقِ.

1618 -

فَأَمَّا زَكَاةُ الْأَرَضِينَ فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ بِهَذَا الْمَكُّوكِ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ حِنْطَةٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَإِنْ كَانَ سَقْيُهَا بَعْلًا أَوْ غَيْلًا فَالْعُشْرُ، وَإِنْ كَانَ بِالنَّوَاضِحِ وَالْغَرْبِ فَنِصْفُ الْعُشْرِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا، فَجَمِيعُهَا ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ، وَهِيَ عِشْرُونَ وَمِائَةُ مَكُّوكٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَعْلَمْتُكَ صَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَمَبْلَغُهَا مِنْ أَقْفِزَتِنَا هَذِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَفِيزًا سَوَاءٌ. فَهَذِهِ صَدَقَةُ الْأَرَضِينَ.

1619 -

وَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فَإِنَّ صَاحِبَهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ جَعَلَهَا بُرًّا، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا تَمْرًا، أَوْ شَعِيرًا، أَوْ زَبِيبًا، فَإِنِ اخْتَارَ التَّمْرَ، أَوِ الشَّعِيرَ، أَوِ الزَّبِيبَ، فَإِنَّ هَذَا الْمَكُّوكَ يُجْزِي عَنْ نَفْسَيْنِ وَنِصْفٍ؛ لِأَنَّهُ صَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَإِنِ اخْتَارَ الْبُرَّ، فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ لَهُ أَنْ لَا يَنْتَقِصَ مِنْ مَكِيلَةِ الصَّاعِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ

⦗ص: 628⦘

أَكْثَرَ الْآثَارِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَفْضَلُ عِنْدِي مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، وَإِنْ جَعَلَهُ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ كَانَ مُجْزِيًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَفْتَى بِهِ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَصَاعُ تَمْرٍ، أَوْ صَاعُ شَعِيرٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ، وَإِنْ كَانَ مُجْزِيًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِلِاتِّبَاعِ.

1620 -

وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْوَاحِدَ بِهَذَا الْمَكُّوكِ بُرًّا كَافِيهِ فِي الْكَفَّارَةِ بَيْنَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ؛ لِأَنَّهُ عَشَرَةُ أَمْدَادٍ كَمَا أَعْلَمْتُكَ، فَيَكُونُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ. هَذَا عَلَى مَذْهَبِنَا.

1621 -

وَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ نِصْفَ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، رَأَى عَلَيْهِ مَكُّوكَيْنِ بِهَذَا بَيْنَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ.

1622 -

وَأَمَّا فِدْيَةُ الْمَنَاسِكِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ، وَلُبْسِ الثِّيَابِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِهِ الْفِدْيَةُ، فَإِنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ، وَأَهْلَ الْعِرَاقِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ أُولَئِكَ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ. وَقَالَ هَؤُلَاءِ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ. وَلِهَذَا مَوْضِعٌ سِوَى هَذَا، يَأْتِي فِيهِ مُفَسَّرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

1623 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ فَسَّرْنَا مَا فِي الصَّاعِ مِنَ السُّنَنِ، وَهُوَ كَمَا أَعْلَمْتُكَ

⦗ص: 629⦘

خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، وَالْمُدُّ رُبُعُهُ، وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ، وَذَلِكَ بِرِطْلِنَا هَذَا الَّذِي وَزْنُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَوُزِنَ فِي الدَّرَاهِمِ. وَمَعْرِفَةِ وَزْنِهَا عِلْمٌ أَيْضًا.

1624 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَمْرِ النَّاسِ كَانَ مَعْنِيًّا بِهَذَا الشَّأْنِ يَذْكُرُ قِصَّةَ الدَّرَاهِمِ وَسَبَبَ ضَرْبِهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَقَالَ: إِنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي كَانَتْ نَقَدَ النَّاسُ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ لَمْ تَزَلْ نَوْعَيْنِ: هَذِهِ السُّودَ الْوَافِيَةَ، وَهَذِهِ الطَّبَرِيَّةَ الْعُتُقَ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَهِيَ كَذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَأَرَادُوا ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ، نَظَرُوا فِي الْعَوَاقِبِ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ تَبْقَى مَعَ الدَّهْرِ، وَقَدْ جَاءَ فَرْضُ الزَّكَاةِ أَنَّ فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ أَوْ فِي كُلِّ خَمْسِ أَوَاقِيَّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ، فَأَشْفَقُوا إِنْ جَعَلُوهَا كُلَّهَا عَلَى مِثَالِ السُّودِ، ثُمَّ فَشَا فُشُوًّا بَعْدُ، لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَهَا، أَنْ يَحْمِلُوا مَعْنَى الزَّكَاةِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ حَتَّى تَبْلُغَ تِلْكَ السُّودُ الْعِظَامُ مِائَتَيْنِ عَدَدًا فَصَاعِدًا، فَيَكُونَ فِي هَذَا بَخْسٌ لِلزَّكَاةِ، وَأَشْفَقُوا إِنْ جَعَلُوهَا كُلَّهَا عَلَى مِثَالِ الطَّبَرِيَّةِ أَنْ يَحْمِلُوا الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ عَدَدًا حَلَّتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَيَكُونُ فِيهَا اشْتِطَاطٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، فَأَرَادُوا مَنْزِلَةً بَيْنَهُمَا يَكُونُ فِيهَا كَمَالُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالنَّاسِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ هَذَا مُوَافِقًا وَقْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الزَّكَاةِ. قَالَ: وَإِنَّمَا قَبْلَ ذَلِكَ يُزَكُّونَهَا شَطْرَيْنِ: مِنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ. فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى ضَرْبِ الدَّرَاهِمِ نَظَرُوا إِلَى دِرْهَمٍ وَافٍ، فَإِذَا هُوَ ثَمَانِيَةُ

⦗ص: 630⦘

دَوَانِيقَ، وَإِلَى دِرْهَمٍ مِنَ الصِّغَارِ، فَكَانَ أَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ، فَحَمَلُوا زِيَادَةَ الْأَكْبَرِ عَلَى نَقْصِ الْأَصْغَرِ، فَجَعَلُوهُمَا دِرْهَمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ، كُلُّ وَاحِدٍ سِتَّةُ دَوَانِيقَ، ثُمَّ اعْتَبَرُوهَا بِالْمَثَاقِيلِ، وَلَمْ يَزَلِ الْمِثْقَالَ فِي آبَادِ الدَّهْرِ مُؤَقَّتًا مَحْدُودًا، فَوَجَدُوا عَشَرَةً مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي وَاحِدُهَا سِتَّةُ دَوَانِيقَ، ثُمَّ اعْتَبَرُوهَا بِالْمَثَاقِيلِ تَكُونُ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ سَوَاءً، فَاجْتَمَعَتْ فِيهِ وُجُوهٌ ثَلَاثَةٌ: أَنَّهُ وَزْنُ سَبْعَةٍ، وَأَنَّهُ عَدْلٌ بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، وَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَةِ، وَلَا وَكْسَ فِيهِ، وَلَا شَطَطَ. فَمَضَتْ سُنَّةُ الدِّرْهَمِ عَلَى هَذَا، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ، فَلَمْ تَخْتَلِفْ أَنَّ الدِّرْهَمَ التَّامَّ هُوَ سِتَّةُ دَوَانِيقَ، فَمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ قِيلَ: دِرْهَمٌ زَائِدٌ وَنَاقِصٌ. فَالنَّاسُ فِي زَكَاتِهِمْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ السُّنَّةُ وَالْهُدَى، لَمْ يَزِيغُوا عَنْهُ، وَلَا الْتِبَاسَ فِيهِ. وَكَذَلِكَ الْمُبَايِعَاتُ وَالدِّيَاتُ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ، وَكُلُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهَا فِيهِ. هَذَا كَمَا بَلَغَنَا، أَوْ كَلَامٌ هَذَا مَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ هَذَا وَزْنَ سِتَّةٍ. بِذَلِكَ جَاءَ ذِكْرُهَا فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ

ص: 626

1635 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حُدِّثْتُ عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ

⦗ص: 631⦘

، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: زَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ عليها السلام عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَزْنَ سِتَّةٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَمْ تَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى نُقِلَتْ إِلَى السَّبْعَةِ كَمَا أَعْلَمْتُكَ

ص: 630