الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْخُمُسِ فِي الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ
857 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ»
858 -
قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ»
859 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ - لَا أَدْرِي أَسْنَدَهُ إِسْمَاعِيلُ أَمْ لَا؟ -: أَنَّ الْمُزَنِيَّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ تُوجَدُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِرِ، أَوْ قَالَ: الْمِيتَاءُ، فَقَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا يُوجَدُ فِي الْخَرِبِ الْعَادِيِّ؟ قَالَ: فِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ
860 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يُسْنِدْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
⦗ص: 422⦘
. قَالَ أًبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عَجْلَانَ يُسْنِدْهُ أَيْضًا.
861 -
حَدَّثَنِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى الرِّكَازِ.
862 -
فَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: هُوَ الْمَعْدِنُ وَالْمَالُ الْمَدْفُونُ كِلَاهُمَا، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخُمُسُ.
863 -
وَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ: الرِّكَازُ هُوَ الْمَالُ الْمَدْفُونَ خَاصَّةً، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْخُمُسُ، قَالُوا: فَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَلَيْسَ بِرِكَازٍ، وَلَا خُمْسَ فِيهِ، إِنَّمَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَقَطْ، وَكُلُّهُمْ قَدِ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِرِوَايَةٍ وَتَأْوِيلٍ
864 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْحِجَازِ، وَهِيَ فِي نَاحِيَةِ الْفَرْعِ، قَالَ: فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا تُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَّا الزَّكَاةُ إِلَى الْيَوْمِ
865 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ: أَنَّهُ أَقْطَعَهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ: غَوْرِيَّهَا وَجَلْسِيَّهَا
866 -
وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْغَوْرِيُّ: مَا كَانَ مِنْ بِلَادِ تِهَامَةَ، وَالْجَلْسِيُّ: مَا كَانَ مِنْ أَرْضِ نَجْدٍ
867 -
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي مَكِينٍ، عَنْ أَبِي عِكْرِمَةَ مَوْلَى بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ قَالَ:«أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا أَرْضَ كَذَا، مِنْ مَكَانِ كَذَا إِلَى كَذَا، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَبَلٍ أَوْ مَعْدِنٍ» ، قَالَ: فَبَاعَ بَنُو بِلَالٍ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَخَرَجَ فِيهَا مَعْدِنَانِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا بِعْنَاكَ أَرْضَ حَرْثٍ، وَلَمْ نَبِعْكَ الْمَعْدِنَ، وَجَاءُوا بِكِتَابِ الْقَطِيعَةِ الَّتِي قَطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِيهِمْ فِي جَرِيدَةٍ، قَالَ فَجَعَلَ عُمَرُ يَمْسَحُهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَقَالَ لِقَيِّمِهِ: انْظُرْ مَا اسْتَخْرَجْتَ مِنْهَا، وَمَا أَنْفَقْتَ عَلَيْهَا، فَقَاضِهِمْ بِالنَّفَقَةِ، وَرُدَّ
⦗ص: 424⦘
عَلَيْهِمُ الْفَضْلَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ رَأْيُ عُمَرَ فِي الْمَعَادِنِ كَالَّذِي يُرْوَى فِي الْقَبَلِيَّةِ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ
868 -
قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ مِنَ الْمَعَادِنِ الزَّكَاةَ
869 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ: أَنْ خُذْ مِنَ الْمَعَادِنِ الصَّدَقَةَ، وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا الْخُمُسَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ
870 -
قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:«الْمَعْدِنُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ، يُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ، كَمَا تُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ حِينَ يُحْصَدُ» ، قَالَ:" وَهَذَا لَيْسَ بِرِكَازٍ، إِنَّمَا الرِّكَازُ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ بِمَالٍ، وَلَا يَتَكَلَّفُ لَهُ كَبِيرُ عَمَلٍ، قَالَ: وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا، قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ يُؤْخَذُ مِمَّا يُخْرَجُ مِنَ الْمَعْدِنِ شَيْءٌ، حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا، أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَا زَادَ أُخِذَ مِنْهُ بِحِسَابٍ، مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ، فَإِذَا انْقَطَعَ عِرْقُهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ، يُبْتَدَأُ فِيهِ بِالزَّكَاةِ كَمَا ابْتُدِئَ بِهَا فِي الْأَوَّلِ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا رَأْيُ مَالِكٍ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ.
⦗ص: 425⦘
871 -
وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَيَرَوْنَ الْمَعْدِنَ رِكَازًا، وَيَجْعَلُونَ فِيهِ الْخُمُسَ، بِمَنْزِلَةِ الْمَغْنَمِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ عِنْدِي بِتَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْمَالِ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْخَرِبِ الْعَادِيِّ، فَقَالَ: فِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ تَبَيَّنَ لَنَا الْآنَ أَنَّ الرِّكَازَ سِوَى الْمَالِ الْمَدْفُونِ، لِقَوْلِهِ: فِيهِ وَفِي الرِّكَازِ فَجَعَلَ الرِّكَازَ غَيْرَ الْمَالِ، فَعَلِمَ بِهَذَا أَنَّهُ الْمَعْدِنُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ جَعَلَ الْمَعْدِنَ رِكَازًا، فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْهُ مُفَسَّرًا
872 -
قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ الْأَزْدِيِّ، أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مِنْ أَعْلَمَ النَّاسِ بِمَعْدِنٍ، وَأَنَّهُ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدِ اسْتَخْرَجَ مَعْدِنًا، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ مُتْبِعٍ، فَأَتَى أُمَّهُ فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ الْمِائَةَ ثَلَاثُمِائَةٍ، أُمَّهَاتُهَا مِائَةٌ، وَأَوْلَادُهَا مِائَةٌ، وَكُفَاتُهَا مِائَةٌ، فَارْجِعْ إِلَى صَاحِبِكَ فَاسْتَقِلَّهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ضَعْ عَنِّي خَمْسَ عَشْرَةَ، فَأَبَى
⦗ص: 426⦘
ذَلِكَ، قَالَ: فَأَخَذَهُ، فَأَذَابَهُ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ثَمَنَ أَلْفِ شَاةٍ، فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: رُدَّ عَلَيَّ الْبَيْعَ، فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ. فَقَالَ: لَآتِيَنَّ عَلِيًّا فَلَأُثِينُ عَلَيْكَ، فَأَتَى عَلِيًّا يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: إِنَّ أَبَا الْحَارِثِ أَصَابَ مَعْدِنًا، فَأَتَاهُ عَلِيٌّ، فَقَالَ:«أَيْنَ الرِّكَازُ الَّذِي أَصَبْتَ؟» فَقَالَ: مَا أَصَبْتُ رِكَازًا إِنَّمَا أَصَابَهُ هَذَا، فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ مُتْبِعٍ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ:«مَا أَرَى الْخُمُسَ إِلَّا عَلَيْكَ» ، فَقَالَ: فَخَمَّسَ الْمِائَةَ شَاةٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هَكَذَا وَفِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْمِائَةُ الشَّاةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ عَلِيًّا قَدْ سَمَّى الْمَعْدِنَ رِكَازًا وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْخُمُسَ؟ وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثِ الرِّكَازِ: أَنَّ فِيهِ الْخُمُسَ
873 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرِّكَازِ وَالْمَعَادِنِ؟ فَقَالَ: يُخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الْخُمُسُ
⦗ص: 427⦘
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدِي فِي النَّظَرِ، أَنْ يَكُونَ بِالْمَغْنَمِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالزَّرْعِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّفُ فِيهِ الْإِنْفَاقَ وَالتَّغْرِيرَ بِالنَّفْسِ فَكَذَلِكَ مُجَاهَدَةُ الْعَدُوِّ، بَلِ الْجِهَادُ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ خَطَرًا، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ مِنْهُمُ الْخُمُسَ، فَأَدْنَى مَا يَجِبُ فِي الْمَعْدِنِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ مَا يُنَالُ مِنَ الْعَدُوِّ، وَمَعَ هَذَا إِنَّ حُكْمَ الزَّرْعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لِأَنَّ الزَّرْعَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مَرَّةً وَاحِدَةً حِينَ يُحْصَدُ، ثُمَّ لَا يَكُونُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ مَكَثَ عِنْدَ صَاحِبِهِ سِنِينَ، وَإِنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لَا زَكَاةَ فِيهِمَا عِنْدَ الْفَائِدَةِ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ، فَتَجِبُ حِينَئِذٍ فِيهِمَا الزَّكَاةُ، ثُمَّ لَا تَزَالُ الزَّكَاةُ جَارِيَةً عَلَيْهِمَا فِي كُلِّ عَامٍ، فَأَرَى حُكْمَهُمَا قَدِ اخْتَلَفَ فِي الْأَصْلِ وَاخْتَلَفَ فِي الْفَرْعِ، وَأَبَيْنَ مِنْ هَذَا فِيمَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الزَّرْعِ مِنَ الزَّكَاةِ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَالْوَاجِبُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الزَّكَاةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، فَهَذَا اخْتِلَافٌ مُتَفَاوِتٌ شَدِيدٌ، فَكَيْفَ يُشَبَّهُ بِهِ مَعَ الْأَثَرِ الَّذِي يُحَدِّثُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِيهِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ شِهَابٍ مَعَ رِوَايَتِهِ؟
⦗ص: 428⦘
فَأَمَّا حَدِيثُ رَبِيعَةَ الَّذِي رَوَاهُ فِي الْقَبَلِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ، وَمَعَ هَذَا إِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِذَلِكَ، إِنَّمَا قَالَ: فَهِيَ تُؤْخَذُ مِنْهَا الصَّدَقَةُ إِلَى الْيَوْمِ وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ حُجَّةً لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا.
874 -
وَالَّذِي يَرَى الْمَعْدِنَ رِكَازًا يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمَعَادِنِ كُلِّهَا: مِنَ النَّحَّاسِ، وَالرَّصَاصِ، وَالْحَدِيدِ، كَمَا يَرَاهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالَّذِي يَرَى فِيهَا الزَّكَاةَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي قَوْلِهِ: أَنْ لَا يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا زَكَاةٌ إِلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَاصَّةً