الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فُرُوضِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ السُّنَنِ
1106 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ فِي الصَّدَقَةِ أَنَّ «الذَّهَبَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَإِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَفِيهِ نِصْفُ دِينَارٍ، وَالْوَرِقُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ»
1107 -
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: فِي كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ، وَفِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ
1108 -
قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا نَسَخَهُ مِنْ صَحِيفَةٍ كَانَتْ مَرْبُوطَةً بِقُرَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قَالَ: وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ إِذَا بَلَغَتْ رِقَةُ أَحَدِهِمْ خَمْسَ أَوَاقِيَّ
1109 -
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ صَدَقَةِ عُمَرَ.
⦗ص: 501⦘
1110 -
قَالَ اللَّيْثُ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّهُ عَرَضَهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرَّاتٍ.
1111 -
قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ عُمَرَ فِي الصَّدَقَةِ
1112 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ الَّذِي يُحَدِّثُونَهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ ذُكِرَ الذَّهَبُ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ
1113 -
يُحَدِّثُونَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ فِي أَقَلِّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالَا مِنَ الذَّهَبِ، وَلَا فِي أَقَلِّ مِنْ دِرْهَمٍ صَدَقَةٌ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِذَا كَانَ الرَّجُلُ قَدْ مَلَكَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ مِنَ الْمَالِ مَا تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الصَّدَقَةُ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، أَوْ عِشْرُونَ دِينَارًا، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، أَوْ ثَلَاثُونَ مِنَ الْبَقَرِ، أَوْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْغَنَمِ، فَإِذَا مَلَكَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إِلَى آخِرِهِ، فَالصَّدَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ النَّاسِ جَمِيعًا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ نِصَابَ الْمَالِ، كَذَلِكَ حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ ابْنُ بُكَيْرٍ.
1114 -
وَهُوَ عِنْدَ اللَّيْثِ مِثْلُ ذَلِكَ يُسَمِّيهِ نِصَابًا، حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ.
1115 -
وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يُسَمُّونَهُ أَصْلَ الْمَالِ
فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ النِّصَابِ وَالْأَصْلِ، فَإِنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ قَالَ: عَلَيْهِ فِي الْمَاشِيَةِ زَكَاةُ جَمِيعِ مَا فِي يَدَيْهِ
1116 -
حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ أَيْضًا فِي الْمَاشِيَةِ، حَدَّثَنَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا أَدْرِي مَا كَانُوا يَقُولُونَ فِي الصَّامِتِ.
1117 -
وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَيَرَوْنَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ وَاجِبَةً فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مِنَ الصَّامِتِ وَالْمَاشِيَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَالِ عِنْدَهُمْ كَانَ مِمَّا يَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ. قَالُوا: فَكَذَلِكَ، مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ كَانَ مِثْلَهُ
1118 -
وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ عُمَرَ فِي اعْتِدَادِهِ بِالْبَهْمِ وَالسَّخْلَةِ أَنَّهُمَا يُحْسَبَانِ مَعَ الْغَنَمِ. يَقُولُونَ: فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ السَّخْلَةَ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، وَلَكِنَّهَا لَمَّا أُضِيفَتْ إِلَى مَا تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الصَّدَقَةُ لَحِقَتْ بِهِ، فَشَبَّهَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الصَّامِتَ مِنَ الْمَالِ بِالْمَاشِيَةِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ فِي الْبَهْمِ وَالسِّخَالِ.
1119 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا أَنَا، فَإِنَّ الَّذِي عِنْدِي فِيهِ الِاتِّبَاعُ لِمَا قَالَ عُمَرُ فِي الْمَاشِيَةِ خَاصَّةً، وَأَرَى الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ مُفَارِقَيْنِ لَهَا فِي التَّشْبِيهِ؛ وَذَلِكَ لِخَلَّتَيْنِ مِنَ الْمَرَافِقِ جُعِلَتَا لِأَهْلِ الْمَوَاشِي فِي السُّنَّةِ، لَيْسَ لِأَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنْهُمَا وَاحِدَةٌ.
1120 -
أَمَّا الْأُولَى: فَإِنَّ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنَ الْأَشْنَاقِ وَالْأَوْقَاصِ فِي الْمَاشِيَةِ مَعْفُوٌّ لِأَهْلِهِ عَنْهُ.
1121 -
وَالْخَلَّةُ الْأُخْرَى هِيَ الَّتِي فَسَّرَهَا عُمَرُ نَفْسُهُ، فَقَالَ: إِنَّا نَدَعُ لَهُمُ الرُّبَّى، وَالْمَاخِضَ، وَالْفَحْلَ، وَشَاةَ اللَّحْمِ. فَاسْتَجَازَ الِاحْتِسَابَ بِالْبَهْمِ عَلَيْهِمْ؛ لِمَا
⦗ص: 503⦘
أَدْخَلَ لَهُمْ مِنَ الْمَرَافِقِ، فَكَانَ هَذَا بِذَا، وَإِنَّ أَهْلَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ هَذَا كُلِّهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمُ الِاسْتِقْصَاءُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوا دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا فِيهِ خَسَاسَةٌ مَكَانَ جَيِّدٍ، وَلَيْسَ فِي مَالَهُمْ شَنَقٌ، وَلَا وَقَصٌ، إِنَّمَا هُوَ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ، أَوْ عَلَى عِشْرِينَ مِثْقَالَا، فَعَلَيْهِمْ بِالْحِسَابِ، إِلَّا فِي قَوْلٍ غَيْرِ مَعْمُولٍ بِهِ، فَمَا تُشْبِهُ أَمْوَالُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَمْوَالِ أُولَئِكَ، وَقَدِ افْتَرَقَا فِي السُّنَّةِ وَالنَّظَرِ جَمِيعًا. عَلَى أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا خَصَّ فِي حَدِيثِهِ الْمَاشِيَةَ خَاصَّةً، وَقَدْ كَانَ يَأْخُذُ زَكَاةَ النَّاسِ مِنَ الصَّامِتِ، وَلَمْ يَأْتِنَا عَنْهُ فِيهَا مِنْ هَذَا شَيْءٌ، فَنَحْنُ نَخُصُّ مَا خَصَّ، وَنَعُمُّ مَا عَمَّ، فَلَا نَرَى فِيمَا سِوَى الْمَاشِيَةِ صَدَقَةً إِلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ يُسْتَفَادُ الْمَالُ، وَبِهَذَا تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ
1122 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه قَالَ:«لَيْسَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ»
1123 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ
⦗ص: 504⦘
1124 -
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَ ذَلِكَ
1125 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: قَاطَعْتُ مُكَاتَبًا لِي، فَسَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: أَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلَ عَطَاءَهُ سَأَلَهُ: هَلْ عِنْدَهُ مَالٌ قَدْ حَلَّتْ فِيهِ الزَّكَاةُ؟ فَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ عِنْدَهُ مَالًا قَدْ حَلَّتْ فِيهِ الزَّكَاةُ قَاصَّهُ مِمَّا يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ قَدْ حَلَّتْ فِيهِ الزَّكَاةُ سَلَّمَ إِلَيْهِ عَطَاءَهُ
1126 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، مِثْلَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْمُكَاتَبَ
1127 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، قَالَتْ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِذَا خَرَجَ الْعَطَاءُ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَالٌ قَدْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ حَاسَبْنَاكَ بِهِ مِنْ عَطَائِكَ
1128 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ، قَالَ:«كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُعْطِيَنَا الْعَطَاءَ فِي زُبُلٍ صِغَارٍ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ الزَّكَاةَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا وَجْهُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا عِنْدِي عَلَى مَذْهَبِ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ، أَنَّهُمَا إِنَّمَا كَانَا يَأْخُذَانِ الزَّكَاةَ لِمَا قَدْ وَجَبَ قَبْلَ الْعَطَاءِ لَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ.
1129 -
يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثٌ لَهُ آخَرُ،
يُحَدِّثُونَهُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
⦗ص: 505⦘
خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ
1130 -
قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: كَانَتْ أُعْطِيَاتُنَا تَخْرُجُ فِي زَمَنِ عُمَرَ لَمْ تُزَكَّ، حَتَّى كُنَّا نَحْنُ نُزَكِّيهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَكُنْ تُؤْخَذُ مِنَ الْعَطَاءِ إِلَّا لِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ، وَلَوْ كَانَ لِلْعَطَاءِ لَأُخِذَ مِنْهُ الزَّكَاةُ. وَقَوْلُهُ: حَتَّى نَكُونَ نَحْنُ نُزَكِّيهَا. فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ: إِنَّا نُخْبِرُهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ مِنَ الزَّكَاةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ عَنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا مَا يُضَافُ إِلَى الْمَالِ أَنَّهُ يُزَكَّى مَعَهُ، وَلَوْ أَرَادُوا هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ لَدَفَعُوا إِلَيْهِمُ الْعَطَاءَ حَتَّى يَصِيرَ مُضَافًا إِلَى مَا عِنْدَهُمْ، ثُمَّ يَأْخُذُوا الزَّكَاةَ مِنَ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا مِثْلُ هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ، إِلَّا أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ شَيْئًا
1131 -
قَالَ: سَمِعْتُ شُجَاعَ بْنَ الْوَلِيدِ، يُحَدِّثُهُ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ»
⦗ص: 506⦘
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِنْ كَانَ لِهَذَا أَصْلٌ فَهُوَ السُّنَّةُ، وَإِلَّا فَفِيمَنْ سَمَّيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ قُدْوَةٌ وَمُتَّبَعٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْءٌ كَأَنَّهُ سِوَى هَذَا كُلِّهِ
1132 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الرَّجُلِ يَسْتَفِيدُ الْمَالَ قَالَ: يُزَكِّيهِ يَوْمَ يَسْتَفِيدُهُ
1133 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ تَأَوَّلَ النَّاسُ أَوْ مَنْ تَأَوَّلَهُ مِنْهُمْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَرَادَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَلَا أَحْسِبُهُ أَنَا أَرَادَ ذَلِكَ، وَكَانَ عِنْدِي أَفْقَهَ مِنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ قَوْلِ الْأُمَّةِ، وَلَكِنِّي أَرَاهُ أَرَادَ زَكَاةَ مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، فَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَ الْأَرَضِينَ أَمْوَالًا، وَلَا نَعْلَمُ فِي السُّنَّةِ مَالًا يَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ حِينَ يَمْلِكُهُ رَبُّهُ سِوَى مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ رحمه الله أَرَادَ هَذَا، فَلَا أَدْرِي مَا وَجْهُ حَدِيثِهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ أَوَّلُهُ مَا يَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالَ لَهُ النِّصَابُ وَالْأَصْلُ.
⦗ص: 507⦘
1134 -
فَإِذَا كَانَ الْمَالُ لَيْسَ بِنِصَابٍ وَلَا أَصْلٍ، وَلَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ، كَرَجُلٍ مَلَكَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ أَرْبَعًا مِنَ الْإِبِلِ، فَإِنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ قَالَ فِيهَا: إِنْ كَانَ تَجَرَ فِي تِلْكَ الدَّنَانِيرِ الْخَمْسَةِ، فَنَمَتْ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا، وَهِيَ عِشْرُونَ فَصَاعِدًا، أَوْ نَتَجَتِ الْإِبِلُ الْأَرْبَعُ، فَصَارَتْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ رِبْحَ الْمَالَ إِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إِلَى أَصْلِهِ، وَأَنَّ الْأَوْلَادَ مِنْ أُمَّهَاتِهَا، فَجَعَلَهَا لَاحِقَةً بِهَا.
1135 -
قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ مِنْ وِلَادَةٍ وَلَا شِفٍّ، وَلَكِنَّهَا مِنْ فَائِدَةٍ اسْتَفَادَهَا مِثْلِ الْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ، وَلَا فِي الْفَائِدَةِ، وَلَكِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ اسْتَفَادَهُ. فَفَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الْفَائِدَةِ وَبَيْنَ الْوِلَادَاتِ وَالْأَرْبَاحِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَذَلِكَ حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، أَوْ بِكَلَامٍ هَذَا مَعْنَاهُ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَ هَذَيْنِ قَبْلَهُ.
1136 -
وَأَمَّا سُفْيَانُ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ غَيْرَ مَالِكٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَرْقٌ، وَلَا يَرَوْنَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، حَتَّى يَسْتَأْنِفَ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ صَارَتِ الزِّيَادَةُ فِي يَدَيْهِ، إِنْ كَانَتْ مِنْ نِتَاجٍ أَوْ نَمَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، بَعْدَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ تَجِبُ فِي مِثْلِهَا الزَّكَاةُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلُ ذَلِكَ
1137 -
قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي رَجُلٍ أَصَابَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَصَابَ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَصَابَ تَمَامَ الْمِائَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْ يَوْمِ يَحُولُ الْحَوْلُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ
1138 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَنَا، نَرَى النَّمَاءَ فِي الْمَالِ النِّتَاجِ كَغَيْرِهِمَا مِنَ الْفَوَائِدِ، إِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ هِبَةٌ مِنْ هِبَاتِ اللَّهِ وَسَيْبِهِ الَّذِي يُفِيدُ بِهِ الْعِبَادَ.
1139 -
وَهَذَا الْبَابُ كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَالِ الَّذِي يَسْتَأْنِفُ صَاحِبُهُ مِلْكَهُ اسْتِئْنَافًا فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ، ثُمَّ يُضَافُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَالُ الْأَوَّلُ مِنْ بَقِيَّةِ مَالٍ قَدْ كَانَتِ الزَّكَاةُ حَلَّتْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أُضِيفَ إِلَى هَذِهِ الْبَقِيَّةِ مَالٌ آخَرُ، فَهَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ إِنَّهُ يُزَكَّى الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ
1140 -
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا فِي مَنْزِلِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ الرَّجُلَ يَسْتَفِيدُ الْمَالَ قَبْلَ حُلُولِ الزَّكَاةِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَحَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ:«يُزَكِّيهِ مَعَ مَالِهِ» . قَالَ: فَرَأَيْتُهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ
1141 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ حِينَ تَحِلُّ زَكَاتُهُ
1142 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: إِذَا حَضَرَ الشَّهْرُ الَّذِي وَقَّتَ الرَّجُلُ أَنْ يُؤَدِّيَ فِيهِ زَكَاةَ مَالِهِ، أَدَّى عَنْ كُلِّ مَالٍ لَهُ
1143 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ
⦗ص: 509⦘
الثَّانِي مُضَافًا إِلَى بَقِيَّةِ مَالٍ قَدْ كَانَتِ الزَّكَاةُ حَلَّتْ فِيهِ، فَيُلْحِقُونَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ فِي كُلِّ الْحَالَاتِ عِنْدِي، إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَالِ الْمُخْتَلَطُ، الَّذِي لَا يُوقَفُ عَلَى وَقْتِ اسْتِفَادَتِهِ، كَالرَّجُلِ التَّاجِرِ أَوْ غَيْرِهِ يَسْتَفِيدُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ فِي الْأَيَّامِ مِنَ الْأَرْبَاحِ أَوْ غَيْرِهَا، فَيَأْتِي عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ لَا يُحْصِي مَا مَضَى مِنْ فَوَائِدِهِ، وَلَا يَقِفُ عَلَى أَوْقَاتِهَا، فَهَذَا الَّذِي يَضُمُّ بَعْضَ مَالِهِ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ يُزَكِّيهِ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى زَكَاةِ الْمَالِ الْأَوَّلِ إِلَّا بِهَذَا الْفِعْلِ، فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ فِي ذَلِكَ بِالِاحْتِيَاطِ، فَيُزَكِّيَهُ أَجْمَعَ. فَأَمَّا مَنْ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ أَفَادَهُ بِعَيْنِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَعَلِمَ مَبْلَغَهُ وَوَقْتَهُ، فَمَا بَالُ هَذَا يُضِيفُهُ إِلَى الْأَوَّلِ؟ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ إِلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ، فَكَيْفَ يَنْتَقِلُ حَقٌّ لَزِمَ مَالًا إِلَى مَالٍ سِوَاهُ؟ وَإِنَّمَا الْحُكْمُ أَنْ لَا يَلْزَمَ كُلَّ مَالٍ إِلَّا حَقُّهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَيْءٌ يُفَسِّرُ هَذَا
1144 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَطَنِ بْنِ فُلَانٍ، قَالَ: مَرَرْتُ بِوَاسِطَ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالُوا: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنْ «لَا تَأْخُذُوا مِنْ أَرْبَاحِ التُّجَّارِ شَيْئًا، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ»
1145 -
قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ، وَقَدْ قُرِئَ الْكِتَابُ، فَقَالَ صَاحِبٌ لِي: لَوْ شَهِدْتَ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَرْبَاحِ التُّجَّارِ أَنْ لَا يُعْرَضَ لَهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَفَلَسْتَ تَرَى أَنَّ عُمَرَ اسْتَأْنَفَ بِالرِّبْحِ حَوْلًا، وَلَمْ يَضُمَّهُ إِلَى أَصْلِ
⦗ص: 510⦘
الْمَالِ، ثُمَّ يُزَكِّيهِ مَعًا؟ فَإِذَا كَانَ لَا يَرَى أَنْ يَضُمَّ نَمَاءَ الْمَالِ إِلَيْهِ وَهُوَ مِنْهُ، فَالْفَائِدَةُ مِنْ ذَلِكَ أَبْعَدُ.
1146 -
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ، إِذْ رَأَى أَنْ يَضُمَّ الرِّبْحَ إِلَى أَصْلِ الْمَالِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الرِّبْحِ وَالْفَائِدَةِ، وَهُوَ عِنْدَنَا عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الرِّبْحِ أَيْضًا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَقَدْ كَانَ اللَّيْثُ يَقُولُ نَحْوَ هَذَا
1147 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: إِنَّمَا يُزَكِّي مَا أُضِيفَ إِلَى نِصَابِ الْمَالِ مِنَ الْمَاشِيَةِ، فَأَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِمَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ اسْتَفَادَهُمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سِوَى ذَلِكَ كُلِّهِ
1148 -
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:«إِنْ كَانَ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ أَكْثَرَ، وَالْفَائِدَةُ أَقَلَّ زَكَّاهُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَفَادَ أَكْثَرَ، فَلَا يُزَكِّيهِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي زَكَاةِ الدَّرَاهِمِ إِذَا بَلَغَتْ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ مِائَتَيْنِ، وَفِي الدَّنَانِيرِ إِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ، فَإِذَا نَقَصْنَا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّ فِي هَذَا خَمْسَةَ أَقْوَالٍ
1149 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَجُلٍ
⦗ص: 511⦘
لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَقَالَ:«يُعْطِي مِنْ هَذِهِ بِحِصَّتِهَا، وَمِنْ هَذِهِ بِحِصَّتِهَا»
1150 -
قَالَ: وَسَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ، فَقَالَ: يَحْسِبُ الْأَقَلَّ عَلَى الْأَكْثَرِ، فَإِذَا بَلَغَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ زَكَّاهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي أَنْ يَحْسِبَ الْأَقَلَّ بِقِيمَتِهِ وَسِعْرِهِ يَوْمَئِذٍ، فَهَذَانِ قَوْلَانِ.
1151 -
وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ: فَأَنْ يَجْعَلَ قِيمَةَ الدَّنَانِيرِ عَشَرَةً عَشَرَةً إِذَا ضَمَّهَا إِلَى الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ.
1152 -
وَأَمَّا الْقَوْلُ الرَّابِعُ: فَأَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ هِيَ الْمَضْمُومَةُ إِلَى الدَّرَاهِمِ بِقِيمَتِهَا أَبَدًا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَكْثَرَ.
1153 -
وَأَمَّا الْقَوْلُ الْخَامِسُ: فَإِسْقَاطُ الزَّكَاةِ مِنَ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا، فَلَا يَكُونُ فِيهِمَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ الدَّرَاهِمُ مِائَتَيْنِ، وَالدَّنَانِيرُ عِشْرِينَ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَجْهٌ يَحْتَمِلُهُ، فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْحِصَصِ، فَيَقُولُ: إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْمَالِ الزَّكَاةُ فِي ذَاتِهِ، وَلَا يَتَحَوَّلُ
⦗ص: 512⦘
حَقٌّ لَزِمَهُ إِلَى غَيْرِهِ؛ وَلِذَلِكَ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ. وَهَذِهِ حُجَّةٌ لِإِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ إِلَى ضَمِّ الْأَقَلِّ إِلَى الْأَكْثَرِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُمَا مَالًا وَاحِدًا يَقُولُ: رَأَيْتُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ ثَمَنًا لِلْأَشْيَاءِ، وَلَا تَكُونُ الْأَشْيَاءُ ثَمَنًا لَهُمَا، وَرَأَيْتُهُمَا مَعَ هَذَا لَا يَحِلُّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسْئًا، فَدَلَّنِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا نَوْعٌ وَاحِدٌ، فَأَضُمُّ الْأَقَلَّ إِلَى الْأَكْثَرِ بِسِعْرِهِ. فَهَذِهِ حُجَّةُ الشَّعْبِيِّ فِيمَا نَرَى، وَبِهِ كَانَ يَقُولُ الْأَوْزَاعِيُّ. حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ كَثِيرٍ.
1154 -
وَبِهِ كَانَ يَقُولُ سُفْيَانُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَمَّا الَّذِي جَعَلَ الدَّنَانِيرَ مَضْمُومَةً إِلَى الدَّرَاهِمِ أَبَدًا إِذَا جَامَعَتْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الدَّرَاهِمِ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا جَاءَتْ فِي زَكَاةِ الدَّرَاهِمِ، وَهِيَ الَّتِي ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: وَإِنَّمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ الزَّكَاةَ فِي الذَّهَبِ تَشْبِيهًا بِالدَّرَاهِمِ، فَأَنَا أَجْعَلُهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَرْضِ فِي أَمْوَالِ التُّجَّارِ، وَأَضُمُّهَا إِلَى الدَّرَاهِمِ بِقِيمَتِهَا. وَهَذَا مَذْهَبٌ يَذْهَبُ إِلَيْهِ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِالْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ.
1155 -
وَقَدْ رُوِيَ شَيْءٌ يُشْبِهُهَ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْعَلَانِ الدَّنَانِيرَ بِمَنْزِلَةِ الْعَرْضِ. وَأَمَّا الَّذِي يَجْعَلُ الدَّنَانِيرَ بِعَشَرَةٍ عَشَرَةٍ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى قِيمَتِهَا، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ
⦗ص: 513⦘
إِلَى أَنَّهَا كَذَا عُدِلَتْ فِي الْأَصْلِ بِهَا، يَقُولُ: أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ، كَمَا لَا تَجِبُ فِي الدَّرَاهِمِ زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ؟ فَلَمَّا تَسَاوَيَا وَجَبَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رُبْعُ عُشْرِهَا.
1156 -
وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُهُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّ ذَلِكَ رَأْيُهُ، وَخَالَفَ فِيهِ أَصْحَابَهُ، وَأَمَّا الَّذِي يُسْقِطُ الزَّكَاةَ مِنَ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا، حَتَّى تَبْلُغَ الدَّرَاهِمُ مِائَتَيْنِ، وَالدَّنَانِيرُ عِشْرِينَ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى السُّنَّةِ نَفْسِهَا. قَالَ: رَأَيْتُهَا قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا، وَجَعَلَتْهُمَا نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
1157 -
وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ رِبًا، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَسَوَّى بَيْنَهُمَا إِذَا كَانَتَا نَوْعًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، ثُمَّ أَحَلَّ صلى الله عليه وسلم الذَّهَبَ بِأَضْعَافِ الْفِضَّةِ، إِذْ كَانَا نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. يَقُولُ: فَكَيْفَ أَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَأَجْعَلُهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا، وَقَدْ جَعَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِنْسَيْنِ؟ .
1158 -
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَشَرِيكٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ
⦗ص: 514⦘
، وَهَذَا عِنْدِي هُوَ أَلْزَمُ الْأَقْوَالِ لِتَأْوِيلِ الْآثَارِ، وَأَصَحُّهَا فِي النَّظَرِ، مَعَ الِاتِّبَاعِ لِهَذِهِ الْحُجَّةِ الَّتِي فِي الصَّرْفِ، وَلِحُجَّةٍ أُخْرَى فِي الزَّكَاةِ نَفْسِهَا أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ مَلَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ غَيْرِ دَرَاهِمَ، وَسِعْرُ الدَّنَانِيرِ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، كَانَتِ الزَّكَاةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَقِيمَةُ الدَّنَانِيرِ يَوْمَئِذٍ عِشْرُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرُ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ، وَهُوَ مَالِكٌ لِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا، أَفَلَسْتَ تَرَى أَنَّ مَعْنَى الدَّرَاهِمِ قَدْ زَالَ هَاهُنَا عَنْ مَعْنَى الدَّنَانِيرِ وَبَانَ مِنْهُ؟ فَمَا بَالُ الدَّنَانِيرِ تُضَمُّ إِلَى الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ تَكُونُ مَرَّةً عُرُوضًا إِذَا نَقَصَتْ مِنَ الْعِشْرِينَ، وَتَكُونُ عَيْنًا إِذَا تَمَّتْ عِشْرِينَ؟ وَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدِي إِلَّا عَلَى مَا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَشَرِيكٌ وَالْحَسَنُ أَنَّهُمَا مَالَانِ مُخْتَلِفَانِ، كَالْإِبِلِ مَعَ الْغَنَمِ، وَكَالْبُرِّ مَعَ التَّمْرِ، لَا يُضَمُّ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا إِلَى صَاحِبِهِ. فَهَذَا مَا فِي الدَّرَاهِمِ إِذَا نَقَصَتْ مِنَ الْمِائَتَيْنِ، وَفِي الدَّنَانِيرِ إِذَا نَقَصَتْ مِنَ الْعِشْرِينَ.
⦗ص: 515⦘
1159 -
فَإِذَا بَلَغَتْ هَذِهِ مِائَتَيْنِ، وَهَذِهِ عِشْرِينَ، اسْتَوَتِ الْأَقْوَالُ فِيهِمَا، وَزَالَ الِاخْتِلَافُ، فَإِنْ زَادَتَا عَلَى ذَلِكَ كَانَ فِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
1160 -
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«فِي كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ، وَفِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ»
1161 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَ ذَلِكَ
1162 -
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ
قَالَ:
1163 -
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ
1164 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَيَّانَ الدِّمَشْقِيِّ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ زُرَيْقٌ، أُولَئِكَ أَعْلَمُ بِهِ يَعْنِي أَهْلَ مِصْرَ قَالَ: وَكَانَ رُزَيْقٌ عَلَى جَوَازِ مِصْرَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ، وَسُلَيْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ «انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا يُدِيرُونَ فِي التِّجَارَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ
⦗ص: 516⦘
دِينَارًا دِينَارًا، وَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا»
1165 -
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ
1166 -
وَأَمَّا الثَّانِي: فَإِنَّ ابْنَ طَارِقٍ حَدَّثَنَا، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ إِلَى الْعِرَاقِ، فَجَعَلَ أَبَا مُوسَى عَلَى الصَّلَاةِ، وَجَعَلَنِي عَلَى الْجِبَايَةِ، وَقَالَ:«إِذَا بَلَغَ مَالُ الْمُسْلِمِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَخُذْ مِنْهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ»
1167 -
قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: وَلَّانِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الصَّدَقَاتِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ
⦗ص: 517⦘
مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفَ دِينَارٍ، وَمَا زَادَ فَبَلَغَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، فَفِيهِ دِرْهَمٌ، وَأَنْ آخُذَ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَبَلَغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، فِيهِ دِرْهَمٌ
1168 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي الدَّرَاهِمِ تَزِيدُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا قَالَ:«لَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ الْفَضْلِ حَتَّى تَكُونَ ثَمَانِينَ، ثُمَّ كَذَلِكَ»
1169 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:«لَيْسَ فِي النَّيِّفِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ شَيْءٌ، حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا»
1170 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَشَيْءٌ يُرْوَى عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا زَادَتْ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعَمِائَةٍ، فَيَكُونَ فِيهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ إِنْ زَادَتْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ يُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ
1171 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَرَاهُ إِنَّمَا ذَهَبَ فِي هَذَا إِلَى تَأَوُّلِ الْحَدِيثِ: إِذَا بَلَغَتِ الرِّقَةُ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا رُبْعُ الْعُشْرِ، وَإِلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ: فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ. فَجَعَلَ الْمِائَتَيْنِ وَقْتًا وَاحِدًا، وَأَلْغَى مَا دُونَ ذَلِكَ، تَشْبِيهًا بِمَا جَاءَ فِي الْمَاشِيَةِ: فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ، وَفِي كُلِّ عَشْرٍ شَاتَانِ. وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ طَاوُسًا عَلَى هَذَا، وَلَا عَمِلَ بِهِ.
⦗ص: 518⦘
1172 -
وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ شِهَابٍ، فَإِنَّهُ عِنْدِي عَلَى تَأْوِيلِ الْأَوَاقِيِّ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ فِي الْأَثَرِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ شَيْءٌ، ثُمَّ فِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، رَأَوْا أَنَّ فِي كُلِّ أُوقِيَّةٍ دِرْهَمًا، وَلَمْ يَرَوْا فِي الْكُسُورِ شَيْئًا، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ.
1173 -
وَبِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ يَقُولُ الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَنْهُ ابْنُ كَثِيرٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ دِرْهَمٌ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُفْهِمَ النَّاسَ الْحِسَابَ، وَأَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَنَّ فِي كُلِّ أُوقِيَّةٍ دِرْهَمًا، وَهُوَ مَعَ هَذَا يَرَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ، وَعَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا، فَفِيهِ الزَّكَاةُ بِالْحِسَابِ.
1174 -
وَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي قَالَ بِهِ عَلِيُّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَإِنَّهُ عِنْدَنَا الْمَعْمُولُ بِهِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْأَعْظَمُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَبِهِ كَانَ يَقُولُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسُفْيَانُ، وَمَالِكٌ. وَمَعَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِتَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ
1175 -
قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ
⦗ص: 519⦘
صَدَقَةٌ»
1176 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَفَلَا تَرَى صلى الله عليه وسلم حِينَ أَخْبَرَ أَنْ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ شَيْءٌ، أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الْخَمْسَ حَدًّا فَاصِلًا فِيمَا بَيْنَ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَبَيْنَ مَا لَا تَجِبُ؟ .
1177 -
فَتَبَيَّنَ لَنَا بِقَوْلِهِ هَذَا أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْخَمْسِ سَوَاءٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَأَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِيهِ، إِذْ لَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ الْخَمْسِ وَقْتًا آخَرَ كَتَوْقِيتِهِ فِي الْمَاشِيَةِ حِينَ قَالَ: فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، وَفِي كُلِّ عَشْرٍ شَاتَانِ. فَجَعَلَ صَدَقَةَ الْمَاشِيَةِ خَاصَّةً مَرَاتِبَ، بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَأَلْغَى مَا بَيْنَهُمَا، وَجَعَلَ الصَّامِتَ وَمَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ كُلَّهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، إِذَا بَلَغَتِ الْخَمْسَ فَصَاعِدًا، ثُمَّ شَرَحَهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِمْ: وَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ. ثُمَّ اتَّبَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسُفْيَانُ، وَمَالِكٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا