الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ سَهْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخُمُسِ
832 -
حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ الْجَزَّارِ عَنْ سَهْمِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: خُمُسِ الْخُمُسِ
833 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، مِثْلَ ذَلِكَ
834 -
قَالَ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:" رَأَيْتُ الْمَغَانِمَ تُجَزَّأُ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ يُسْهَمُ عَلَيْهَا، فَمَا صَارَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ لَهُ: لَا يُحْتَازُ "
835 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتِ الْغَنِيمَةُ تُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا، وَخُمُسٌ وَاحِدٌ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ، فَرُبُعٌ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى، يَعْنِي قَرَابَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَمَا كَانَ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ مِنْهَا فَهُوَ لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخُمُسِ شَيْئًا، وَالرُّبُعُ الثَّانِي لِلْيَتَامَى، وَالرُّبُعُ الثَّالِثُ لِلْمَسَاكِينِ، وَالرُّبُعُ الرَّابِعُ لِابْنِ السَّبِيلِ، وَهُوَ الضَّيْفُ الْفَقِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ
836 -
قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤْتَى بِالْغَنِيمَةِ، فَيَضْرِبُ بِيَدِهِ، فَمَا وَقَعَ فِيهَا
⦗ص: 409⦘
مِنْ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ، وَهُوَ سَهْمُ بَيْتِ اللَّهِ، ثُمَّ يَقْسِمُ مَا بَقِيَ عَلَى خَمْسَةٍ، فَيَكُونُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَهْمٌ، وَلِذِي الْقُرْبَى سَهْمٌ، وَلِلْيَتَامَى سَهْمٌ، وَلِلْمَسَاكِينِ سَهْمٌ، وَلِابْنِ السَّبِيلِ سَهْمٌ، قَالَ: وَالَّذِي جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ فَهُوَ سَهْمُ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي قَوْلَهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] يَقُولُ: فَقَوْلُهُ: «لِلَّهِ» سَهْمُ الْكَعْبَةِ، وَفِي هَذَا الْحَرْفِ تَفْسِيرٌ آخَرُ
837 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ قَوْلِهِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] فَقَالَ: " هَذَا مِفْتَاحُ كَلَامٍ: لِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ ثُمَّ اخْتَلَفَتِ النَّاسُ فِي هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
838 -
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: خُمُسُ اللَّهِ وَخُمُسُ رَسُولِهِ وَاحِدٌ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَحْمِلُ مِنْهُ وَيُعْطِي، وَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ، وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسِهَامُ الْأَخْمَاسِ، وَمَوَاضِعُهَا الَّتِي تَفَرَّقُ فِيهَا عَلَى مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ: أَنَّهَا هَكَذَا تُقْسَمُ فِي دَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رُوِيَتْ أَشْيَاءُ سِوَى هَذَا فِي الرُّخْصَةِ فِي النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدِي يُنَاقِضُ الْآخَرَ، إِلَّا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخُمُسِ عِنْدِي
⦗ص: 410⦘
: أَنْ يُوضَعَ فِي أَهْلِهِ الْمُسَمَّيْنَ فِي التَّنْزِيلِ، لَا يُعْدَا بِهِ غَيْرُهُمْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَرْفُهُ إِلَى نَفَلِ الْمُقَاتِلَةِ خَيْرًا لِلْمُعْلَمِينَ عَامَّةً مِنْ أَنْ يُوضَعَ فِي الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ، فَيُصْرَفُ حِينَئِذٍ إِلَيْهِمْ، عَلَى مَا جَاءَتِ الْأَخْبَارُ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَصْنَافُ الْمُسَمَّوْنَ أَحْوَجَ إِلَيْهِ فَلَا. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ
كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يُحَدِّثُهُ.
839 -
بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْهُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي الْفَيْضِ عَنْ عُمَرَ أَبِي حَفْصٍ الْحِمْصِيِّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَعْطَى الْمِقْدَادَ حِمَارًا، فَقَبِلَهُ، فَقَالَ لَهُ الْعِرْبَاضُ: مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَكَ، فَكَأَنِّي بِكَ قَدْ جِئْتَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْمِلُهُ، قَالَ: فَرَدَّهُ الْمِقْدَادُ قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، فَعَرَفَهُ، وَقَالَ: كَانَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ مِنَ الْخُمُسِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا لَيْسَ لَهُ عِنْدِي وَجْهٌ، إِذْ جَاءَتْ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَصْنَافُ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْخُمُسِ كَانُوا يَوْمَئِذٍ أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ
⦗ص: 411⦘
، فَهَذَا حُكْمُ الْخُمُسِ: أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ إِلَى الْإِمَامِ، وَهُوَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى، فَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَلَمْ يَأْتِنَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَلَا الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ رَأَى صَرْفَهَا إِلَى أَحَدٍ سِوَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا: فَاخْتَلَفَ حُكْمُ الْخُمُسِ وَحُكْمُ الصَّدَقَةِ فِي ذَلِكَ، وَكِلَاهُمَا قَدْ سُمِّيَ أَهْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَنَرَى أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْخُمُسَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْفَيْءِ، وَالْفَيْءُ وَالْخُمُسُ جَمِيعًا أَصْلُهُمَا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ، فَرَأَوْا رَدَّ الْخُمُسِ إِلَى أَصْلِهِ عِنْدَ مَوْضِعِ الْفَاقَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى ذَلِكَ.
840 -
وَمِمَّا يُقَرِّبُ أَحَدَهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ: أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى ذَكَرَ أَوَّلَهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: فِي الْخُمُسِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] فَاسْتَفْتَحَ الْكَلَامَ بِأَنْ نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَهْلَهُ بَعْدُ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْفَيْءِ:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ} [الحشر: 7] فَنَسَبَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ اقْتَصَّ ذِكْرَ أَهْلِهِ، فَصَارَ فِيهِمَا الْخِيَارُ إِلَى الْإِمَامِ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُرَادُ اللَّهُ بِهِ، فَكَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الصَّدَقَةَ فَقَالَ:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] وَلَمْ يَقُلْ: لِلَّهِ، وَلِكَذَا وَلِكَذَا، فَأَوْجَبَهَا لَهُمْ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهَا خِيَارًا: أَنْ يَصْرِفَهَا عَنْ أَهْلِهَا إِلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً، فَحُكْمُهَا أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدَّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ مِنْهَا نَفَلٌ وَلَا عَطَاءٌ: فَهَذِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَاكَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ، فَافْتَرَقَ حُكْمُ الْخُمُسِ وَالصَّدَقَةِ لِمَا ذَكَرْنَا.
⦗ص: 412⦘
841 -
وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ مَعَ هَذَا، فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى إِنَّمَا اسْتَفْتَحَ الْكَلَامَ فِي الْفَيْءِ وَالْخُمُسِ بِذِكْرِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُمَا أَشْرَفُ الْكَسْبِ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ يُشَرَّفُ وَيُعَظَّمَ، قَالَ: وَلَمْ يَنْسُبِ الصَّدَقَةَ إِلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا أَوْسَاخٌ النَّاسِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَيْسَ هَذَا بَرَّادٍ لِمَذْهَبِنَا، بَلْ هُوَ يُحَقِّقُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَرَنَ الْفَيْءَ وَالْخُمُسَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَهُمَا، وَأَبَانَ الصَّدَقَةَ مِنْ ذَلِكَ بِمَعْنًى سِوَى هَذَا، فِيمَا نَرَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ