المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب خرص الثمار للصدقة، والعرايا، والسنة في ذلك - الأموال - أبو عبيد

[أبو عبيد القاسم بن سلام]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ حَقِّ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَحَقِّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌بَابُ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَلِيهَا الْأَئِمَّةُ لِلرَّعِيَّةِ وَأُصُولِهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ الْأَمْوَالِ مَا كَانَ مِنْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصًا دُونَ النَّاسِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ: أَوَّلُهَا: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مَا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ

- ‌كِتَابُ الْفَيْءِ، وَوُجُوهِهِ، وَسُبُلِهِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ، وَالسُّنَّةِ فِي قَبُولِهَا، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌كِتَابُ سُنَنِ الْفَيْءِ، وَالْخُمُسِ، وَالصَّدَقَةِ، وَهِيَ الْأَمْوَالُ الَّتِي تَلِيهَا الْأَئِمَّةُ لِلرَّعِيَّةِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ عَرَبِ أَهْلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ

- ‌بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَمَنْ تَسْقُطُ عَنْهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِزْيَةِ، وَمَبْلَغِهَا، وَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَضِيَافَتِهِمْ

- ‌بَابُ اجْتِبَاءِ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الرِّفْقِ بِأَهْلِهَا وَيُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْعُنْفِ عَلَيْهِمْ فِيهَا

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَوْ مَاتَ وَهِيَ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ كَيْفَ تُجْتَبَى؟ وَمَا أُخِذَ بِهِ أَهْلُهَا مِنَ الزِّيِّ، وَخَتْمِ الرِّقَابِ

- ‌كِتَابُ فُتُوحِ الْأَرَضِينَ صُلْحًا وَسُنَنِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌بَابُ فَتْحِ الْأَرْضِ تُؤْخَذُ عَنْوَةً، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَجَدْنَا الْآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ قَدْ جَاءَتْ فِي افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ: أَرْضٌ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَهِيَ لَهُمْ مِلْكُ أَيْمَانِهِمْ، وَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهَا غَيْرُهُ

- ‌بَابُ أَرْضِ الْعَنْوَةِ تُقَرُّ فِي أَيْدِي أَهْلِهَا، وَيُوضَعُ عَلَيْهَا الطَّسْقُ، وَهُوَ الْخَرَاجُ

- ‌بَابُ شِرَاءِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ الَّتِي أَقَرَّ الْإِمَامُ فِيهَا أَهْلَهَا وَصَيَّرَهَا أَرْضَ خَرَاجٍ

- ‌بَابُ أَرْضِ الْخَرَاجِ مِنَ الْعَنْوَةِ يُسْلِمُ صَاحِبُهَا، هَلْ فِيهَا عُشْرٌ مَعَ الْخَرَاجِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُحْدِثُوا فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَفِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ مِنَ الْأُسَارَى وَالسَّبْيِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جَاءَنَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُكْمِ الْأُسَارَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِثَلَاثِ سُنَنٍ: الْمَنُّ، وَالْفِدَاءُ، وَالْقَتْلُ، وَبِهَا نَزَلَ الْكِتَابُ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ مِنَ الْأُسَارَى وَالسَّبْيِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْعَالِمُ الْأَمِيرُ الْوَرِعُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَلَفِ بْنِ مَعْزُوزٍ التِّلْمِسَانِيُّ عُرِّفَ الْكَوْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَتْنَا الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ فَخْرُ النِّسَاءِ الْكَاتِبَةُ شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نَصْرِِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ عُمَرَ الْإِبَرِيُّ - قِرَاءَةً

- ‌كِتَابُ افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ صُلْحًا وَأَحْكَامِهَا، وَسُنَنِهَا، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا تَكُونُ غَنِيمَةً

- ‌بَابُ الْوَفَاءِ لِأَهْلِ الصُّلْحِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ الشُّرُوطِ الَّتِي اشْتُرِطَتْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ حِينَ صُولِحُوا وَأَقَرُّوا عَلَى دِينِهِمْ

- ‌بَابُ مَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَوْقَ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَهْلِ الصُّلْحِ يُتْرَكُونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ

- ‌بَابُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ كَيْفَ تَكُونُ أَرْضُهُ، أَرْضُ خَرَاجٍ أَمْ أَرْضُ عُشْرٍ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَى مُدَّةٍ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ وَالْمُوَادَعَةِ تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَى وَقْتٍ، ثُمَّ يَنْقَضِي ذَلِكَ الْوَقْتُ، كَيْفَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَصْنَعُوا

- ‌بَابُ أَهْلِ الصُّلْحِ وَالْعَهْدِ يَنْكُثُونَ، مَتَى تُسْتَحَلُّ دِمَاؤُهُمْ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الصُّلْحِ، وَهَلْ يَحِلُّ سِبَاؤُهُمْ، أَمْ هُمْ أَحْرَارٌ

- ‌بَابُ كُتُبِ الْعُهُودِ الَّتِي كَتَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لِأَهْلِ الصُّلْحِ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ هَجَرَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ أَيْلَةَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خُزَاعَةَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ صُلْحِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى 0 أَهْلِ دِمَشْقَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ صُلْحِ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِأَهْلِ تَفْلِيسَ مِنْ بِلَادِ إِرْمِينِيَةَ

- ‌كِتَابُ مَخَارِجِ الْفَيْءِ وَمَوَاضِعَهُ الَّتِي يُصْرَفُ إِلَيْهَا، وَيُجْعَلُ فِيهَا

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ، وَمَعْرِفَةِ مَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ مِمَّنْ لَا حَقَّ لَهُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْأَعْطِيَةِ مِنَ الْفَيْءِ، وَمَنْ يُبْدَأُ بِهِ فِيهَا

- ‌بَابُ فَرْضِ الْعَطَاءِ لِأَهْلِ الْحَاضِرِ، وَتَفْضِيلِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلْمَوَالِي مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلذُّرِّيَّةِ مِنَ الْفَيْءِ وَإِجْرَاءِ الْأَرْزَاقِ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلنِّسَاءِ وَالْمَمَالِيكِ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ إِجْرَاءِ الطَّعَامِ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ إِخْرَاجِ الْفَيْءِ وَقِسْمَتِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ فَصْلِ مَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، وَمِنْ أَيِّهِمَا تَكُونُ أَعْطِيَةُ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَرْزَاقُ الذُّرِّيَّةِ

- ‌بَابُ الْعَطَاءِ يَمُوتُ صَاحِبُهُ بَعْدَمَا يَسْتَوْجِبُهُ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، وَعَلَى سَابِقَةِ الْآبَاءِ

- ‌بَابُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْفَيْءِ

- ‌بَابُ تَوْفِيرِ الْفَيْءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِيثَارِهِمْ بِهِ

- ‌بَابُ الْإِقْطَاعِ

- ‌بَابُ إِحْيَاءِ الْأَرَضِينَ وَاحْتِجَارِهَا وَالدُّخُولِ عَلَى مَنْ أَحْيَاهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جَاءَتِ الْأَحْكَامُ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ فَيُحْيِيهَا وَيُعَمِّرَهَا، ثُمَّ يَثِبَ عَلَيْهَا رَجُلٌ آخَرُ فَيُحْدِثُ غَرْسًا أَوْ بُنْيَانًا؛ لِيَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ مَا كَانَ أَحْيَا الَّذِي قَبْلَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي:

- ‌بَابُ حِمَى الْأَرْضِ ذَاتِ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ

- ‌كِتَابُ الْخُمُسِ وَأَحْكَامِهِ وَسُنَنِهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَنْفَالِ وَتَأْوِيلِهَا وَمَا يُخَمَّسُ مِنْهَا

- ‌بَابُ نَفَلِ السَّلَبِ، وَهُوَ الَّذِي لَا خُمُسُ فِيهِ

- ‌بَابُ النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ خَاصَّةً بَعْدَمَا يَصِيرُ إِلَى الْإِمَامِ

- ‌بَابُ النَّفَلِ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ

- ‌بَابُ سَهْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخُمُسِ

- ‌بَابُ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى مِنَ الْخُمُسِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِي الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِي الْمَالِ الْمَدْفُونِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِيمَا يُخْرِجُ الْبَحْرُ مِنَ الْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ، وَالسَّمَكِ

- ‌كِتَابُ الصَّدَقَةِ وَأَحْكَامِهَا وَسُنَنِهَا

- ‌بَابُ فَضَائِلِ الصَّدَقَةِ وَالثَّوَابِ فِي إِعْطَائِهَا

- ‌بَابُ مَنْعِ الصَّدَقَةِ وَالتَّغْلِيظِ فِي حَبْسِهَا

- ‌بَابُ فَرْضِ صَدَقَةِ الْإِبِلِ وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ وَسُنَنِهَا

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُجْتَمَعِ، وَتَرَاجُعِ الْخَلِيطَيْنِ فِي صَدَقَةِ الْمَوَاشِي

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَدِّقِ مِنَ الْعَدْلِ فِي عَمَلِهِ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ، وَفِي الْعُدْوَانِ مِنَ الْإِثْمِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِأَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَفْعَلُوهُ عِنْدَ إِتْيَانِ الْمُصَدِّقِ إِيَّاهُمْ

- ‌بَابُ فُرُوضِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي التِّجَارَاتِ وَالدُّيُونِ، وَمَا يَجِبُ فِيهَا، وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْحُلِيِّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ الِاخْتِلَافِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَّةِ وَالِاخْتِلَافِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ مَالِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا مِنْهَا وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ السُّنَّةِ

- ‌جِمَاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ مَا تُخْرِجُ الْأَرَضُونَ مِنَ الْحَبِّ وَالثِّمَارِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْعُشْرِ وَنِصْفُ الْعُشْرِ

- ‌بَابُ السُّنَّةِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي أَدْنَى مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ

- ‌بَابُ خَرْصِ الثِّمَارِ لِلصَّدَقَةِ، وَالْعَرَايَا، وَالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِ صَدَقَتِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: الْعَسَلُ، وَالزَّيْتُونُ، وَالْخَضِرُ

- ‌بَابُ وَأَمَّا الزَّيْتُونُ

- ‌وَأَمَّا الْخَضِرُ

- ‌جِمَاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يُمَرُّ بِهَا عَلَى الْعَاشِرِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالذِّمَّةِ وَالْحَرْبِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْعَاشِرِ وَصَاحِبِ الْمَكْسِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالتَّغْلِيظِ

- ‌بَابُ مَا يَأْخُذُ الْعَاشِرُ مِنْ صَدَقَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحَرْبِ

- ‌بَابُ الْعُشْرِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ، وَتَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ

- ‌هَذَا جِمَاعُ أَبْوَابِ مَخَارِجِ الصَّدَقَةِ وَسُبُلِهَا الَّتِي تُوضَعُ فِيهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ الَّذِينَ يَطِيبُ لَهُمْ أَخْذُهَا، وَفَرْقِ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ أَوْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَدْنَى مَا يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَكَمْ أَكْثَرِ مَا يَطِيبُ لَهُ مِنْهَا

- ‌بَابُ دَفْعِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْأُمَرَاءِ، وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ تَفْرِيقِ الصَّدَقَةِ فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَإِعْطَائِهَا بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ

- ‌بَابُ دَفْعِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْأَقَارِبِ، وَمَنْ يَكُونُ لَهَا مِنْهُمْ مَوْضِعًا أَوْ لَا يَكُونُ

- ‌بَابُ إِعْطَاءِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا مِنْ صَدَقَةِ مَالِهَا

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ، وَإِخْرَاجِهَا قَبْلَ أَوَانِهَا

- ‌بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَةِ فِي بَلَدِهَا، وَحَمْلِهَا إِلَى بَلَدٍ سِوَاهُ، وَمَنْ أَوْلَى بِأَنْ يُبْدَأَ بِهِ مِنْهَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ فَتَضِيعُ، أَوْ يَدْفَعُهَا إِلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فِي التَّأْوِيلِ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ

- ‌بَابُ سَهْمِ الرِّقَابِ، وَالْغَارِمِينَ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْغُزَاةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ

- ‌بَابُ إِعْطَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَمَا يُجْزِي مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُجْزِي

الفصل: ‌باب خرص الثمار للصدقة، والعرايا، والسنة في ذلك

1430 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: إِذَا بَلَغَتْ أَوْسُقًا خَمْسَةً - قَالَ: يَعْنِي بِذَلِكَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ مُدْيًا - فَفِيهَا الْعُشُورُ، وَلَيْسَ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ عُشُورٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَبِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَوْسُقِ الْخَمْسَةِ كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ.

1431 -

حَدَّثَنِيهِ عَنْ مَالِكٍ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ.

1432 -

وَحَدَّثَنِي عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْهُ.

1433 -

وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، إِلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ وَسُفْيَانَ كَانَا لَا يَرَيَانِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ نَوْعَيْنِ فِي الصَّدَقَةِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى الْجَمْعَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ.

1434 -

وَبِمِثْلِ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَسُفْيَانَ يَقُولُ أَهْلُ الْعِرَاقِ غَيْرَ أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ

ص: 581

‌بَابُ خَرْصِ الثِّمَارِ لِلصَّدَقَةِ، وَالْعَرَايَا، وَالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ

ص: 581

1435 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ أَرْضَهَا، وَنَخْلَهَا، إِلَى أَهْلِهَا مُقَاسَمَةً عَلَى النِّصْفِ»

ص: 581

1436 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عَامَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ

ص: 582

1437 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ إِلَى أَهْلِهَا بِالنِّصْفِ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ لِيَخْرُصَ النَّخْلَ - أَوْ قَالَ الثَّمَرَ - عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمُ ابْنُ رَوَاحَةَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ. فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْدِلُ عَلَيْنَا، وَأَنْتَ هَكَذَا؟ فَقَالَ: لَيْسَ يَمْنَعُنِي ذَلِكَ مِنَ الْعَدْلِ عَلَيْكُمْ. قَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ. قَالَ: فَخَرَصَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ جَعَلَهُ نِصْفَيْنِ، فَخَيَّرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا. قَالَ: فَمَا زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا

ص: 582

1438 -

قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ

⦗ص: 583⦘

عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ وَهِيَ تَذْكُرُ شَأْنَ خَيْبَرَ فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى يَهُودَ، فَيَخْرُصُ الثَّمَرَ حِينَ يَطِيبُ، قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ. قَالَتْ: ثُمَّ يُخَيِّرُ يَهُودَ، أَيَأْخُذُونَهُ أَمْ يَدْفَعُونَهُ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ الْخَرْصِ؟ قَالَتْ: وَإِنَّمَا كَانَ أَمَرَ بِالْخَرْصِ لِتُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقُ "

ص: 582

1439 -

قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِخَرْصِ النَّخْلِ حِينَ طَابَ ثَمَرُهُمْ

ص: 583

1440 -

قَالَ: حَدَّثَنِي عَفَّانُ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ تَبُوكَ حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقُرَى، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: اخْرُصُوا، فَخَرَصَ الْقَوْمُ، وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ: أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا أَمَرَهَا النَّبِيُّ بِالْإِحْصَاءِ فِيمَا نَرَى لِتَعْلَمَ أَنَّهُ كَمَا خَرَصَ عَلَيْهَا، فَيَكُونَ أَطْيَبَ لِنَفْسِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَانَ لِارْتِيَابٍ مِنْهُ فِيمَا خَرَصَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 583

1441 -

قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ: «نَخْرُصُ النَّخْلَ وَالْعِنَبَ، وَلَا نَخْرُصُ الْحَبَّ»

ص: 584

1442 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يَخْرُصُ مِنَ الثَّمَرِ إِلَّا التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ

ص: 584

1443 -

قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: السُّنَّةُ أَنْ لَا يُخْرَصَ مِنَ الثَّمَرِ إِلَّا النَّخْلُ وَالْعِنَبُ. قَالَ: وَإِنَّمَا يَكُونُ الْخَرْصُ حِينَ يَبْدُو صَلَاحُ الثَّمَرِ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤْكَلُ رَطْبًا، فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ يُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ عَلَى مَا خُرِصَ. قَالَ: وَأَمَّا مَا لَا يُؤْكَلُ رَطْبًا فَإِنَّهُ لَا يُخْرَصُ، مِثْلُ الْحُبُوبِ. قَالَ: وَإِنَّمَا عَلَى أَهْلِهِ فِيهِ الْأَمَانَةُ إِذَا صَارَ ذَلِكَ حَبًّا

1444 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا يُصَدِّقُهُ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ لَا خَرْصَ إِلَّا فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ مَا يَزِيدُهُ تَثْبِيتًا

ص: 584

1445 -

قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: بَعَثَ مَرْوَانُ فُلَانًا

⦗ص: 585⦘

الْقُرَظِيَّ لَيَجْمَعَ خَرْصَ الْحَرْثِ، فَأَتَى عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَطْلُبُ زَكَاةَ حَرْثِهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ:«أَوَقَدْ فَعَلْتُمُوهَا؟ إِنَّهَا لَمْ تَكُنْ جِزْيَةً قَطُّ، إِلَّا وَبُدُوُّهَا زَكَاةً يُؤْخَذُ النَّاسُ بِهَا» .

1446 -

قَالَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ: وَكَانَ النَّاسُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُؤْتَوْنَ لِزَكَاةِ حَرْثِهِمْ، إِنَّمَا يُؤَدِّي الرَّجُلُ مَا قُدِّرَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ، لَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ، حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ مَرْوَانَ مَا كَانَ

1447 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَنْكَرَ عُثْمَانُ خَرْصَ الزَّرْعِ وَطَلَبَهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ. وَهَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْخَرْصَ يُحِيطُ بِالثَّمَرَةِ كُلِّهَا، إِذَا كَانَتْ تَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا، وَيَرَى أَنْ يُحْسَبَ عَلَى أَهْلِهَا مَا أَكَلُوا مِنْهَا. وَهَكَذَا الْعَمَلُ عِنْدَهُمُ الْيَوْمَ. وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تَقْوِيَةٌ لِقَوْلِهِمْ، مَعَ أَنَّهُ جَاءَتْ أَحَادِيثُ سِوَاهَا بِالتَّرْكِ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ أَيَّامَ الثِّمَارِ

ص: 584

1448 -

قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ نِيَارٍ، قَالَ: أَتَانَا سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا خَرَصْتُمْ فَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا - قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: أَوْ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا - الثُّلُثَ فَالرُّبُعَ

ص: 585

1449 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَيَزِيدُ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَ أَبَا حَثْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ عَلَى خَرْصِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: إِذَا وَجَدْتَ الْقَوْمَ فِي نَخْلِهِمْ، قَدْ خَرَفُوا، فَدَعْ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ لَا تَخْرُصْهُ عَلَيْهِمْ

ص: 586

1450 -

قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ أَبَا مَيْمُونٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ مَرْوَانَ بَعَثَهُ خَارِصًا لِلنَّخْلِ، فَخَرَصَ مَالَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ سَبْعَمِائَةِ وَسْقٍ، وَقَالَ:«لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُ فِيهِ أَرْبَعِينَ عَرِيشًا لَخَرْصُتُهُ تِسْعَمِائَةِ وَسْقٍ، وَلَكِنِّي تَرَكْتُ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَجَاءَتِ الرُّخْصَةُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِالتَّرْكِ لَهُمْ، وَالتَّخْفِيفِ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ جَاءَتْ فِي الْعَرَايَا

ص: 586

1451 -

قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ فِي الْعَرَايَا صَدَقَةٌ

ص: 586

1452 -

قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قُطَيْرٌ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا حَثْمَةَ كَانَ يَخْرُصُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ: لَا تَخْرُصِ الْعَرَايَا

ص: 586

1453 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ الْخُرَّاصَ قَالَ: «خَفِّفُوا، فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ وَالْوَطِيَّةَ»

ص: 586

1454 -

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: خَفِّفُوا عَلَى النَّاسِ فِي الْخَرْصِ، فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ وَالْأَكَلَةَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: الْوَطَأَةُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: الْوَطِئَةُ. فَأَمَّا الْوَطِئَةُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا الْوَاطِئَةُ وَالْوَطَأَةُ، فَهُمَا جَمِيعًا السَّابِلَةُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِوَطْئِهِمْ بِلَادَ الثِّمَارِ مُجْتَازِينَ.

1455 -

وَهُمُ الَّذِينَ جَاءَتْ فِيهِمُ الْأَحَادِيثُ: إِنَّ الْمُسَافِرَ يُصِيبُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَلَا خُبْنَةَ. وَيُقَالَ: وَلَا ثِبَانَ. وَالْآثَارُ فِيهِ كَثِيرَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ، وَلَهَا مَوْضِعٌ سِوَى هَذَا. وَقَوْلُهُ: وَالْأَكَلَةُ: هُمْ أَرْبَابُ الثِّمَارِ وَأَهْلُوهُمْ، وَمَنْ لَصَقَ بِهِمْ، فَكَانَ مَعَهُمْ.

1456 -

فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي مَالِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ حِينَ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُ فِيهِ أَرْبَعِينَ عَرِيشًا لَخَرَصْتُهُ تِسْعَمِائَةِ وَسْقٍ. فَكَانَتْ تِلْكَ الْعُرُوشُ مَظَالَّ وَمَسَاكِنَ لِهَؤُلَاءِ الْأَكَلَةِ أَيَّامَ الثِّمَارِ، وَأَمَّا الْعَرِيَّةُ فَإِنَّهَا تُفَسَّرُ تَفْسِيرَيْنِ.

1457 -

فَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: هِيَ النَّخْلَةُ يَهَبُ الرَّجُلُ ثَمْرَتَهَا لِلْمُحْتَاجِ، يُعْرِيهَا إِيَّاهُ، فَيَأْتِي الْمُعْرَى وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ إِلَى نَخْلَتِهِ تِلْكَ لِيَجْتَنِيَهَا، فَيَشُقُّ عَلَى الْمُعْرِي وَهُوَ الْوَاهِبُ دُخُولُهُ عَلَيْهِ؛ لِمَكَانِ أَهْلِهِ فِي النَّخْلِ. قَالَ: فَجَاءَتِ الرُّخْصَةُ لِلْوَاهِبِ خَاصَّةً أَنْ يَشْتَرِيَ ثَمَرَةَ تِلْكَ النَّخْلَةِ مِنَ الْمَوْهُوبَةِ لَهُ بِخَرْصِهَا ثَمَرًا. فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

⦗ص: 588⦘

1458 -

وَأَمَّا التَّفْسِيرُ الْآخَرُ فَهُوَ أَنَّ الْعَرَايَا هِيَ النَّخَلَاتُ يَسْتَثْنِيهَا الرَّجُلُ مِنْ حَائِطِهِ إِذَا بَاعَ ثَمْرَتَهُ، فَلَا يُدْخِلُهَا فِي الْبَيْعِ، وَلَكِنَّهُ يُبْقِيهَا لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، فَتِلْكَ الثُّنْيَا لَا تُخْرَصُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ عَفَى لَهُمْ عَمَّا يَأْكُلُونَ تِلْكَ الْأَيَّامَ، فَهِيَ الْعَرَايَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ لِأَنَّهَا أُعْرِيَتْ مِنْ أَنْ تُبَاعَ، أَوْ تُخْرَصَ فِي الصَّدَقَةِ. فَأَرْخَصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ الَّذِينَ لَا وَرِقَ لَهُمْ وَلَا ذَهَبَ، وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى التَّمْرِ أَنْ يَبْتَاعُوا بِتَمْرِهِمْ مِنْ ثِمَارِ هَذِهِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا. فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَرَفُّقًا بِأَهْلِ الْفَاقَةِ الَّذِينَ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الرُّطَبِ لِيُشَارِكُوا النَّاسَ فِيهِ، فَيُصِيبُوا مِنْهُ مَعَهُمْ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا مِنْهُ مَا يَكُونُ لِتِجَارَةٍ، وَلَا لِادِّخَارٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى عِنْدِي مِنَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ لَهُ شَاهِدَيْنِ فِي الْحَدِيثِ

ص: 587

1459 -

أَمَّا أَحَدُهُمَا فَشَيْءٌ كَانَ مَالِكٌ يُحَدِّثُهُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا

⦗ص: 589⦘

بِخَرْصِهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، أَوْ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: الشَّكُّ مِنْ دَاوُدَ. حَدَّثَنِيهِ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْهُ

1460 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَحْسِبُ أَنَا أَنَّ الْمَحْفُوظَ مِنْهُمَا إِنَّمَا هُوَ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؛ لِأَنَّ تَوْقِيتَهُ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، وَتَرْكَهُ الرُّخْصَةَ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ فِي قَدْرِ مَا لَا يَلْزَمُهُ الْصَدَقَةُ؛ لِأَنَّ سُنَّتَهُ أَنْ لَا صَدَقَةَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَأَنْ لَا صَدَقَةَ فِي الْعَرَايَا، فَهَذِهِ تِلْكَ بِأَعْيَانِهَا. وَالْحَدِيثُ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَتَقْلِيلُهُ ذَلِكَ يُخْبِرُكَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرْخَصَ لَهُمْ فِي قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ فَقَطْ. فَهَذَا أَحَدُ الشَّاهِدِينَ

ص: 588

1463 -

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ فَحَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَرْخَصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُؤْخَذَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا، يَأْكُلُهَا أَصْحَابُهَا رُطَبًا» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ وَضَحَ لَنَا الْآنَ أَنَّ الْعَرِيَّةَ هِيَ الَّتِي يَبْتَاعُهَا الْمَسَاكِينُ مِنْ رَبِّ النَّخْلِ لِيَأْكُلُوهَا رُطَبًا

⦗ص: 590⦘

، وَعَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ تَكُونُ هِيَ الَّتِي يَبِيعُونَهَا، فَهِيَ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ مُشْتَرَاةٌ، وَفِي ذَلِكَ مَبِيعَةٌ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَعْنَى الْبَيْعِ لَبَطَلَ قَوْلُهُ: يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا، وَكَيْفَ يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا وَقَدْ بَاعُوهَا؟ وَأَيُّ رِفْقٍ لَهُمْ فِي بَيْعِهِمْ إِيَّاهَا بِالتَّمْرِ، وَإِنَّمَا أَعْرَوْهَا لِيُصِيبُوا مِنَ الرُّطَبِ؟ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَمَذْهَبُهُمْ. وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ آخَرُ يُرْوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ

ص: 589

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ، يَقُولُ: لَا تُبَاعُ الثَّمَرَةُ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِالْأَوْسُقِ الْمُوَسَّقَةِ، إِلَّا الثَّلَاثَةَ، وَالْأَرْبَعَةَ، وَالْخَمْسَةَ، تُؤْكَلُ رُطَبًا، وَهِيَ الْمُزَابَنَةُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ، أَوْ بَعْضِهِمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَقَوْلُهُمْ فِي الْعَرَايَا غَيْرُ ذَلِكَ. قَالُوا: إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ - أَوْ مَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ - لَا يَجُوزُ؛ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ تَمْرٌ بِرُطَبٍ مُجَازَفَةً، فَلَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ مُزَابَنَةٌ. قَالُوا: وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَتِ الرُّخْصَةُ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا لِأَنَّهَا هِبَةٌ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ، فَهِيَ فِي مِلْكِ الْوَاهِبِ عَلَى حَالِهَا. قَالُوا: وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبَةُ لَهُ مَا حَلَّ بَيْعُهَا إِلَّا كَيْلًا مِثْلًا بِمِثْلٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ عِنْدِي لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ إِنْ كَانَتْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَإِنَّمَا هِيَ مَالُهُ عَلَى حَالِهَا الْأُولَى فَأَيُّ بَيْعٍ يَقَعُ هَاهُنَا؟ وَلِأَيِّ مَعْنًى جَاءَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ؟ وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرْخَصَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يَشْتَرِي مَا هُوَ مِلْكُ يَمِينِهِ؟ فَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي لِذِي عِلْمٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ

⦗ص: 591⦘

، وَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدِي إِلَّا عَلَى ذَلِكَ التَّأْوِيلِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا، خُصُوصِيَّةً خَصَّهَا بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْمُزَابَنَةِ.

1464 -

كَمَا أَرْخَصَ لِلرَّجُلِ الَّذِي ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْعِيدِ أَنْ يُضَحِّيَ بِجَذَعَةٍ مِنَ الْمَعْزِ.

1465 -

وَكَمَا أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ؛ لِحَاجَةٍ كَانَتْ إِلَيْهِ.

1466 -

وَكَمَا جَعَلَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ.

⦗ص: 592⦘

1467 -

وَكَمَا أَرْخَصَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِلْمُضْطَرِّ فِي الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، فِي أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا كَثِيرَةٍ، وَكَذَلِكَ الْعَرَايَا

1468 -

وَأَنْكَرَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَيْضًا مَعَ هَذَا خَرْصَ الثِّمَارِ لِلصَّدَقَةِ، وَرَدُّوهُ بِوُجُوهٍ تَأَوَّلُوهَا. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ الْخَرْصَ مِنَ الْمُزَابَنَةِ فِي الْبَيْعِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ. قَالَ: وَهُوَ أَيْضًا كَالْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ الَّتِي لَا يُدْرَى فِيهَا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ يَذْهَبُ بِمَالِ صَاحِبِهِ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ الْخَرْصُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُوَفَّقُ مِنَ الصَّوَابِ لِمَا لَا يُوَفَّقُ لَهُ غَيْرُهُ. قَالَ: وَكَذَا الْقُرْعَةُ لَا تَجُوزُ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ. فَهَذِهِ حُجَجُ مَنِ احْتَجَّ لَهُمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِلَالِ جَوَابٌ وَحُجَّةٌ تَدْخُلُ عَلَيْهِ. فَأَمَّا تَشْبِيهُهُ الْخَرْصَ بِالْمُزَابَنَةِ فِي الْبَيْعِ، وَإِبْطَالُهُ إِيَّاهُ فِي الصَّدَقَةِ مِنْ أَجْلِ الْبَيْعِ، فَلَيْسَتْ لَهُ هَاهُنَا حُجَّةٌ أَقْرَبَ إِلَى الْوَهْنِ وَالْغَيِّ مِنْ هَذِهِ، إِذْ جُعِلَتِ الصَّدَقَةُ قِيَاسًا عَلَى الْبُيُوعِ، وَشَرَائِعُ الْإِسْلَامِ أُمَّهَاتٌ لَا يُقَاسُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِ الْأُخْرَى، وَلَوِ احْتُجَّ مُحْتَجٌّ عَلَى قَائِلِ هَذَا، فَقَالَ: إِنْ جَازَ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْبَيْعَ أَصْلًا تَقِيسُ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ، فَإِنِّي أَجْعَلُ الصَّدَقَةَ أَصْلًا أَقِيسُ الْبَيْعَ عَلَيْهِ، مَا كَانَ فِي الدَّعْوَى

⦗ص: 593⦘

إِلَّا وَاحِدًا، وَكِلَاهُمَا أَخَذَ فِي غَيْرِ الصَّوَابِ، وَلَكِنْ تَمْضِي كُلُّ فَرِيضَةٍ عَلَى وَجْهِهَا وَسُنَّتِهَا.

1470 -

وَمَعَ هَذَا، أَنَّهُ لَوْ جَازَ لِلَّذِي شَبَّهَ الْبَيْعَ بِالصَّدَقَةِ قَوْلُهُ، مَا كَانَتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ إِلَّا عَلَيْهِ، لَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ فِي التَّمْرِ بِالتَّمْرِ رِبًا، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَهُوَ يَأْخُذُ مِنَ الثِّمَارِ فِي الصَّدَقَةِ عُشْرَهَا، وَيَكِيلُ لِأَرْبَابِهَا تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا، فَهَلْ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْبَيْعِ أَنْ يُبَاعَ الصَّاعُ مِنَ التَّمْرِ بِتِسْعَةِ أَمْثَالِهِ، إِنْ كَانَ مِثْلَ الْبَيْعِ عَلَى مَا زَعَمَ؟ فَأَيْنَ ذَهَبَ بِقَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ؟ وَهَلْ غَلَطَ غَلَطَهُ أَحَدٌ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِسُنَّةٍ أَوْ نَظَرٍ؟

1471 -

وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ الْخَرْصَ كَالْقِمَارِ، فَكَيْفَ يَتَسَاوَى هَذَانِ الْقَوْلَانِ؟ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِالْخَرْصِ قَصْدَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَوَضْعَ الْحُقُوقِ فِي مَوَاضِعِهَا، وَالْقِمَارُ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْفُجُورُ، وَالزَّيْغُ عَنِ الْحَقِّ، وَاجْتِيَاحُ الْأَمْوَالِ بِغَيْرِ حِلِّهَا، فَكَمْ بَيْنَ هَذَيْنِ؟ وَمَتَى سُوِّيَ الْغَيُّ بِالرَّشَادِ؟ مَعَ أَنَّ الَّذِيَ جَاءَ بِتَحْرِيمِ الْقِمَارِ هُوَ الَّذِي سَنَّ الْخَرْصَ وَأَبَاحَهُ، وَأْذِنَ فِيهِ، فَمَا جَعَلَ قَوْلَهُ هَاهُنَا مَقْبُولًا، وَهَاهُنَا مَرْدُودًا؟

1472 -

وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوَفَّقُ مِنَ الْخَرْصِ وَالْقُرْعَةِ لِمَا لَا يُوَفَّقُ لَهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ يُقَالَ لَهُ: هَلْ شَيْءٌ مِنَ الْأُمُورِ سِوَى هَذَيْنِ يُوَفَّقُ النَّاسُ لَهُ كَتَوْفِيقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا خَصَصْتَ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ لَهُ بِالتَّوْفِيقِ دُونَ الْأَشْيَاءِ؟ وَلَوْ كَانَ النَّاسُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا فِيمَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يُسَدَّدُونَ لِصَوَابِهِ كَتَسْدِيدِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام، وَإِلَّا اجْتَنَبُوهُ، لَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ إِذًا تَرْكُ الِاسْتِنَانِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَزِمَهُمُ اجْتِنَابُ أُمُورِهِ وَأَحْكَامِهِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ مُحِيطٌ بِأَنَّ مَنْ يَأْتِيهِ وَحْيُ السَّمَاءِ وَأَخْبَارُهَا، بَعِيدُ الشَّبَهِ مِمَّنْ يَعْمَلُ عَلَى عِلْمٍ مُغَيَّبٍ.

⦗ص: 594⦘

1473 -

فَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدِي مَا قَالَ هَذَا، وَلَيْسَتِ الطَّرِيقُ بِالَّتِي سَلَكَ، وَلَكِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى النَّاسِ إِحْيَاءُ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالِاقْتِفَاءُ لَأَمْرِهِ، وَالِاهْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ فِي تَسْهِيلِ مَا سَهَّلَ، وَتَغْلِيظِ مَا غَلَّظَ، وَعَلَى اللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْقَبُولُ.

1474 -

فَالْخَرْصُ وَالْقُرْعَةُ عِنْدَنَا سُنَّتَانِ مَاضِيَتَانِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ عَمِلَتْ بِهِمَا الْأَئِمَّةُ وَالْعُلَمَاءُ بَعْدَهُ.

1475 -

وَإِنَّمَا تُخْرَصُ الثِّمَارُ فِي أَوَّلِ بُلُوغِهَا، إِلَّا أَنَّهَا تُحْسَبُ عَلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ كَيْلُهَا إِذَا يَبِسَتْ وَصَارَتْ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا، وَهُمَا اللَّذَانِ يُؤْخَذَانِ فِي الصَّدَقَةِ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ يَرْفَعُهُ

ص: 590

1476 -

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ فِي زَكَاةِ الْكَرْمِ أَنْ يُخْرَصَ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، ثُمَّ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا. قَالَ: فَتِلْكَ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ

1477 -

وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ مَالِكٌ. حَدَّثَنِيهِ عَنْهُ ابْنُ بُكَيْرٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِذَا خَرَصَ الْخَارِصُ فَأَوْهَمَ، فَزَادَ، أَوْ نَقَصَ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ فُتْيَا تُرْوَى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنَ الرُّخْصَةِ

ص: 594

1478 -

قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: جَاءَ الْخَارِصُ فَخَرَصَ ثَمَرِي، فَنَقَصَ عَمَّا كَانَ فِيهِ، أَوْ زَادَ؟ فَقَالَ:«إِنَّمَا عَلَيْكَ مَا خَرَصَ، إِنَّمَا هُوَ الْخَرَّاصُ كَاسْمِهِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَبِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ يَقُولُ مَالِكٌ. قَالَ: إِذَا كَانَ الْخَارِصُ مَأْمُونًا عَالِمًا، فَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَزَادَ أَوْ نَقَصَ، فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا خَرَصَ يَذْهَبُ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ حُكْمٌ وَاقِعٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا وَجْهُ هَذَا عِنْدِي، إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَلَطُ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَيَغْلَطُونَ بِهِ، فَإِذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَفْحُشُ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ إِلَى الصَّوَابِ، وَلَيْسَ هَذَا بِالْمُفْسِدِ لِأَمْرِ الْخَرْصِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْغَلَطِ الْفَاحِشِ لَوْ وَقَعَ فِي الْكَيْلِ لَكَانَ مَرْدُودًا أَيْضًا، كَمَا يُرَدُّ فِي الْخَرْصِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا زَادَ أَوْ نَقَصَ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَى خَرْصِهَا وَأَخْذِ صَدَقَتِهَا مَوْقُوفَةً، وَتَكُونُ الْمَاشِيَةُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَقْفًا فِي السَّبِيلِ أَوِ الصَّامِتِ مِنَ الْمَالِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا

ص: 595

قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ نَخْلٍ جَعَلْتُ رِقَابَهَا صَدَقَةً، هَلْ تُخْرَصُ مَعَ النَّخْلِ؟ فَقَالَا: نَعَمْ

ص: 595

قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رحمه الله: إِنِّي جَعَلْتُ

⦗ص: 596⦘

عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهَلْ عَلَيَّ فِيهَا زَكَاةٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَضْلَةٌ أَوْ مُعْضِلَةٌ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، لَيْسَتْ بِأَدْنَى مِنَ الَّتِي فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَقُلْ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَسْتَعِينُ بِاللَّهِ، لَا زَكَاةَ عَلَيْكَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَصَبْتَ، كُلُّ مَا لَا يُحْمَلُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِضَرْعِهِ، وَلَا يُصَابُ مِنْ نِتَاجِهِ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: أَصَبْتُمَا

ص: 595

1484 -

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي نَحْو مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِثْلِهِ:«لَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ يَجْمَعُ الْمَسَاكِينَ، وَالْغَارِمِينَ، وَابْنَ السَّبِيلِ، وَالْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ، وَالَّذِينَ يَسْأَلُونَ»

1485 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا وَجْهُ هَذَا عِنْدِي أَنَّ الَّذِيَ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَابْنُ شِهَابٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْقُوفًا عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ، مُشْتَرَطًا ذَلِكَ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَخَذْتَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ، فَإِنَّمَا تُوضَعُ فِي مِثْلِ هَؤُلَاءِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَالُ مَوْقُوفًا عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الَّتِي أَفْتَى فِيهَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمٌ.

1486 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِذَا كَانَتِ الثِّمَارُ رُطَبًا لَا يَكُونُ مِنْهُ تَمْرٌ، أَوْ كَانَتْ عِنَبًا لَا يَكُونُ مِنْهُ زَبِيبٌ، فَإِنَّهُ يُحْكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا بَلَغَ خَرْصُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، كَانَ فِي ثَمَنِهِ إِذَا بِيعَ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ الَّذِي لَا يَكُونُ مِنْهُ الزَّيْتُ، صَدَقَتُهُ عَلَى هَذَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُخْرَصُ، إِنَّمَا هُوَ إِلَى مَا يَرْفَعُهُ أَهْلُهُ

ص: 596