الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَةِ فِي بَلَدِهَا، وَحَمْلِهَا إِلَى بَلَدٍ سِوَاهُ، وَمَنْ أَوْلَى بِأَنْ يُبْدَأَ بِهِ مِنْهَا
1901 -
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:«تُقْسَمُ الصَّدَقَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَلَى الْمَاءِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا نَظَرَ إِلَى أَقْرَبِ الْمِيَاهِ إِلَيْهِمْ، فَقَسَمَهَا فِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ»
1902 -
قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ ضَعُوا شَطْرَ الصَّدَقَةِ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي فِي مَوَاضِعِهَا - وَابْعَثُوا إِلَيَّ بِشَطْرِهَا. قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ أَنْ ضَعُوهَا كُلَّهَا
1903 -
قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ «كَانَ يَكْرَهُ أَنْ تُخْرَجَ الزَّكَاةُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، إِلَّا لِذِي قَرَابَةٍ»
1904 -
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَ ذَلِكَ
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، قَالَ: حَمَلْتُ زَكَاةَ مَالِي لِأَقْسِمَهَا بِمَكَّةَ، فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ:«ارْدُدْهَا، فَاقْسِمْهَا فِي بَلَدِكَ»
1906 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ زَكَاةً حُمِلَتْ مِنَ الرَّيِّ إِلَى الْكُوفَةِ، فَرَدَّهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الرَّيِّ
1907 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ طَاوُسًا عَنْ مِخْلَافٍ، فَكَانَ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ فَيَضَعُهَا فِي الْفُقَرَاءِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ: ارْفَعْ حِسَابَكَ. فَقَالَ: «مَالِي حِسَابٌ، كُنْتُ آخُذُ مِنَ الْغَنِيِّ، فَأُعْطِيهِ الْمِسْكِينَ»
1908 -
قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ:«أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِكَذَا، وَأُوصِيهِ بِكَذَا، وَأُوصِيهِ بِالْأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ، أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ، فَيَرُدَّ فِي فُقَرَائِهِمْ»
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وَصِيَّتِهِ مُعَاذًا حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالصَّلَاةِ، قَالَ:" فَإِذَا أَقَرُّوا لَكَ بِذَلِكَ فَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صَدَقَةَ أَمْوَالِكُمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِكُمْ " قَالَ: وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ لِمُعَاذٍ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
1910 -
قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل فَرَضَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ مَا يَكْفِي للْفُقَرَاءِ، فَإِنْ جَاعُوا أَوْ عَرُوا أَوْ جُهِدُوا، فَبِمَنْعِ الْأَغْنِيَاءِ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ تبارك وتعالى أَنْ يُحَاسِبَهُمْ وَيُعَذِّبَهُمْ
1911 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْعُلَمَاءُ الْيَوْمَ مُجْمِعُونَ عَلَى هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا أَنَّ أَهْلَ
⦗ص: 710⦘
كُلِّ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ، أَوْ مَاءٍ مِنَ الْمِيَاهِ، أَحَقُّ بِصَدَقَتِهِمْ، مَا دَامَ فِيهِمْ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَاحِدٌ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ صَدَقَتِهَا، حَتَّى يَرْجِعَ السَّاعِي وَلَا شَيْءَ مَعَهُ مِنْهَا. بِذَلِكَ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ مُفَسَّرَةً
1912 -
قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَلَّادٌ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ " لَمْ يَزَلْ بِالْجُنْدِ، إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ حَتَّى مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، فَرَدَّهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاذٌ بِثُلُثِ صَدَقَةِ النَّاسِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ، وَقَالَ:«لَمْ أَبْعَثْكَ جَابِيًا وَلَا آخِذَ جِزْيَةٍ، وَلَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَأْخُذَ مِنْ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ فَتَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ» . فَقَالَ مُعَاذٌ: «مَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ وَأَنَا أَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهُ مِنِّي» . فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّانِي بَعَثَ إِلَيْهِ شَطْرَ الصَّدَقَةِ، فَتَرَاجَعَا بِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّالِثُ بَعَثَ إِلَيْهِ بِهَا كُلِّهَا، فَرَاجَعَهُ عُمَرُ بِمِثْلِ مَا رَاجَعَهُ قَبْلُ، فَقَالَ مُعَاذٌ:«مَا وَجَدْتُ أَحَدًا يَأْخُذُ مِنِّي شَيْئًا»
1913 -
قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الْأَبْيَضِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ مُعَاذًا سَاعِيًا عَلَى بَنِي كِلَابٍ، أَوْ عَلَى بَنِي سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ، فَقَسَمَ فِيهِمْ حَتَّى لَمْ يَدَعْ شَيْئًا، حَتَّى جَاءَ مَجْلِسَهُ الَّذِي خَرَجَ بِهِ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ مَا جِئْتَ بِهِ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الْعُمَّالُ مِنْ عُرَاضَةِ أَهْلِيهِمْ؟ فَقَالَ: كَانَ مَعِي ضَاغِطٌ. فَقَالَتْ: قَدْ كُنْتَ أَمِينًا عِنْدَ
⦗ص: 711⦘
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، أَفَبَعَثَ عُمَرُ مَعَكَ ضَاغِطًا؟ فَقَامَتْ بِذَلِكَ فِي نِسَائِهَا، وَاشْتَكَتْ عُمَرَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَدَعَا مُعَاذًا، فَقَالَ: أَنَا بَعَثْتُ مَعَكَ ضَاغِطًا؟ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَعْتَذِرُ بِهِ إِلَيْهَا إِلَّا ذَلِكَ. قَالَ: فَضَحِكَ عُمَرُ، وَأَعْطَاهُ شَيْئًا، وَقَالَ: أَرْضِهَا بِهِ
1914 -
قَالَ: قَالَ حَجَّاجٌ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَقُولُ: إِنَّ قَوْلَهُ: ضَاغِطًا، يَعْنِي بِهِ رَبَّهُ
1915 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمِنْ هَذَا حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: خَرَجَ سَعْدٌ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ:«أَيْنَ تُرِيدُ؟» فَقَالَ: الْجِهَادَ. فَقَالَ: «ارْجِعْ، فَإِنَّ عَمَلًا بِالْحَقِّ جِهَادٌ حَسَنٌ» . فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ قَالَ لَهُ عُمَرُ: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِصَاحِبِ الْمَالِ فَلَا تَنْسَوُا الْحَسَنَةَ، وَلَا تُنْسُوهَا صَاحِبَهَا، وَفَرِّقُوا الْمَالَ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَخَيِّرُوا صَاحِبَ الْمَالِ ثُلُثًا، ثُمَّ اخْتَارُوا مِنْ أَحَدِ الثُّلُثَيْنِ، ثُمَّ ضَعُوهَا فِي كَذَا وَفِي كَذَا» قَالَ: أُمُورٌ وَصَفَهَا قَالَ سَعْدٌ: وَكُنَّا نَخْرُجُ لِنَأْخُذَ الصَّدَقَةَ، فَمَا نَرْجِعُ إِلَّا بِسِيَاطِنَا
1916 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تُثْبِتُ أَنَّ كُلَّ قَوْمٍ أَوْلَى بِصَدَقَتِهِمْ حَتَّى يَسْتَغْنُوا عَنْهَا، وَنَرَى اسْتِحْقَاقَهُمْ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ، إِنَّمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ، وَقُرْبِ دَارِهِمْ مِنْ دَارِ الْأَغْنِيَاءِ.
⦗ص: 712⦘
1917 -
فَإِنْ جَهِلَ الْمُصَدِّقُ، فَحَمَلَ الصَّدَقَةَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى آخَرَ سِوَاهُ، وَبِأَهْلِهَا فَقْرٌ إِلَيْهَا، رَدَّهَا الْإِمَامُ إِلَيْهِمْ، كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَمَا أَفْتَى بِهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنَ تَرَخَصَّا فِي الرَّجُلِ يُؤْثِرُ بِهَا قَرَابَتَهُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ هَذَا لِلْإِنْسَانِ فِي خَاصَّةِ مَالِهِ، فَأَمَّا صَدَقَاتُ الْعَوَامِّ الَّتِي تَلِيهَا الْأَئِمَّةُ فَلَا. وَمِثْلُ قَوْلِهِمَا حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، أَنَّهُ «كَانَ يَحْمِلُ زَكَاتَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا نَرَاهُ خَصَّ بِهَا إِلَّا أَقَارِبَهُ أَوْ مَوَالِيَهُ.
1919 -
فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْإِمَامُ بِحَاجَةِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَقْسِمَهَا فِي غَيْرِهِمْ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْضُ عُمَّالِهِ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ هُوَ بَعْدُ، فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَضْعَفَ الصَّدَقَةَ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ قَابِلٍ
1920 -
قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَيْرَ بْنَ سَلَمَةَ الدُّؤَلِيَّ، يَذْكُرُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ أَخْبَرَ عُمَيْرًا مَنْ كَانَ مَعَ عُمَرَ قَالَ: مَعَ أَنَّ عُمَيْرًا قَدْ كَانَ شَيْخًا قَدِيمًا قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ نِصْفَ النَّهَارِ قَائِلٌ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، وَإِذَا أَعْرَابِيَّةٌ، فَتَوَسَّمَتِ النَّاسَ فَجَاءَتْهُ، فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ مِسْكِينَةٌ، وَلِي بَنُونَ، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ سَاعِيًا، فَلَمْ يُعْطِنَا، فَلَعَلَّكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنْ تَشْفَعَ لَنَا إِلَيْهِ. قَالَ
⦗ص: 713⦘
: فَصَاحَ بِيَرْفَأَ أَنِ ادْعُ لِي مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ. فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَنْجَحُ لِحَاجَتِي أَنْ تَقُومَ مَعِي إِلَيْهِ. فَقَالَ: إِنَّهُ سَيَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَجَاءَهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: أَجِبْ. فَجَاءَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَاسْتَحْيَتِ الْمَرْأَةُ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا آلُو أَنْ أَخْتَارَ خِيَارَكُمْ، كَيْفَ أَنْتَ قَائِلٌ إِذَا سَأَلَكَ اللَّهُ عز وجل عَنْ هَذِهِ؟ فَدَمَعَتْ عَيْنَا مُحَمَّدٍ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، فَصَدَّقْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ، فَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، فَجَعَلَ الصَّدَقَةَ لِأَهْلِهَا مِنَ الْمَسَاكِينِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَعَمِلَ بِسُنَّتِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَنِي، فَلَمْ آلُ أَنْ أَخْتَارَ خِيَارَكُمْ، إِنْ بَعَثْتُكَ فَأَدِّ إِلَيْهَا صَدَقَةَ الْعَامِ وَعَامَ أَوَّلَ، وَمَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَبْعَثُكَ. ثُمَّ دَعَا لَهَا بِجَمَلٍ فَأَعْطَاهَا دَقِيقًا وَزَيْتًا، وَقَالَ: خُذِي هَذَا حَتَّى تَلْحَقِينَا بِخَيْبَرَ، فَإِنَّا نُرِيدُهَا. فَأَتَتْهُ بِخَيْبَرَ، فَدَعَا لَهَا بِجَمَلَيْنِ آخَرَيْنَ، وَقَالَ: خُذِي هَذَا، فَإِنَّ فِيهِ بَلَاغًا حَتَّى يَأْتِيَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ يُعْطِيَكِ حَقَّكِ لِلْعَامِ وَعَامَ أَوَّلَ
1921 -
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ، أَوْ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى رَجُلٍ نَائِمٍ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَخَذَتْ بِبَعْضِ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ، فَاسْتَيْقَظَ بِهَا، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ فَقَصَّتْ عَلَيْهِ قِصَّةَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: اذْهَبِي إِلَيْهِ، فَقُولِي لَهُ: هَذَا الرَّجُلُ يَدْعُوكَ. فَقَالَتْ لَهُ: لَيْسَ هَكَذَا يَقُولُ الشَّفِيعُ. فَقَالَ: اذْهَبِي إِلَيْهِ، فَقُولِي كَمَا أَقُولُ لَكَ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِي. قَالَ: فَتَخَلَّلَتِ الْقَوْمَ حَتَّى لَقِيَتْهُ، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَوَثَبَ وَاتَّبَعَتْهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى عُمَرَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ
⦗ص: 714⦘
1922 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ جَاءَتْ مَعَ هَذَا أَحَادِيثُ فِيهَا دَلَائِلُ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي حَمْلِهَا مِنْ بَلَدِهَا إِلَى غَيْرِهِ، كَحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ فِي الْحَمَالَةِ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَإِمَّا أَنْ نُعِينَكَ عَلَيْهَا، وَإِمَّا أَنْ نَحْمِلَهَا عَنْكَ. فَرَأَى إِعْطَاءَهُ إِيَّاهَا مِنْ صَدَقَاتِ الْحِجَازِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَرَأَى حَمْلَهَا مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ إِلَى أَهْلِ الْحِجَازِ.
1923 -
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ حِينَ حَمَلَ صَدَقَاتِ قَوْمِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِي أَيَّامِ الرِّدَّةِ.
1924 -
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عُمَرَ حِينَ قَالَ لِابْنِ أَبِي ذُبَابٍ وَبَعْثَهُ بَعْدَ عَامِ الرَّمَادَةِ، فَقَالَ: اعْقِلْ عَلَيْهِمْ عِقَالَيْنِ، فَاقْسِمْ فِيهِمْ أَحَدَهُمَا، وَائْتِنِي بِالْآخَرِ.
1925 -
وَكَذَلِكُ حَدِيثُ مُعَاذٍ حِينَ قَالَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ: ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذْهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الصَّدَقَةِ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَأَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَيْسَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَحْمَلٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فَضْلًا عَنْ حَاجَتِهِمْ، وَبَعْدَ اسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهَا، كَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَمُعَاذٍ
1926 -
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] قَالَ: الْفَضْلُ عَنِ الْغِنَى