المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب فرض صدقة الإبل وما فيها من السنن - الأموال - أبو عبيد

[أبو عبيد القاسم بن سلام]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ حَقِّ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَحَقِّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْإِمَامِ

- ‌بَابُ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَلِيهَا الْأَئِمَّةُ لِلرَّعِيَّةِ وَأُصُولِهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ الْأَمْوَالِ مَا كَانَ مِنْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصًا دُونَ النَّاسِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ: أَوَّلُهَا: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مَا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ

- ‌كِتَابُ الْفَيْءِ، وَوُجُوهِهِ، وَسُبُلِهِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ، وَالسُّنَّةِ فِي قَبُولِهَا، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌كِتَابُ سُنَنِ الْفَيْءِ، وَالْخُمُسِ، وَالصَّدَقَةِ، وَهِيَ الْأَمْوَالُ الَّتِي تَلِيهَا الْأَئِمَّةُ لِلرَّعِيَّةِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ عَرَبِ أَهْلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ

- ‌بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَمَنْ تَسْقُطُ عَنْهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِزْيَةِ، وَمَبْلَغِهَا، وَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَضِيَافَتِهِمْ

- ‌بَابُ اجْتِبَاءِ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الرِّفْقِ بِأَهْلِهَا وَيُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْعُنْفِ عَلَيْهِمْ فِيهَا

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَوْ مَاتَ وَهِيَ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ كَيْفَ تُجْتَبَى؟ وَمَا أُخِذَ بِهِ أَهْلُهَا مِنَ الزِّيِّ، وَخَتْمِ الرِّقَابِ

- ‌كِتَابُ فُتُوحِ الْأَرَضِينَ صُلْحًا وَسُنَنِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌بَابُ فَتْحِ الْأَرْضِ تُؤْخَذُ عَنْوَةً، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَجَدْنَا الْآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ قَدْ جَاءَتْ فِي افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ: أَرْضٌ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَهِيَ لَهُمْ مِلْكُ أَيْمَانِهِمْ، وَهِيَ أَرْضُ عُشْرٍ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهَا غَيْرُهُ

- ‌بَابُ أَرْضِ الْعَنْوَةِ تُقَرُّ فِي أَيْدِي أَهْلِهَا، وَيُوضَعُ عَلَيْهَا الطَّسْقُ، وَهُوَ الْخَرَاجُ

- ‌بَابُ شِرَاءِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ الَّتِي أَقَرَّ الْإِمَامُ فِيهَا أَهْلَهَا وَصَيَّرَهَا أَرْضَ خَرَاجٍ

- ‌بَابُ أَرْضِ الْخَرَاجِ مِنَ الْعَنْوَةِ يُسْلِمُ صَاحِبُهَا، هَلْ فِيهَا عُشْرٌ مَعَ الْخَرَاجِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُحْدِثُوا فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَفِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ مِنَ الْأُسَارَى وَالسَّبْيِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جَاءَنَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُكْمِ الْأُسَارَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِثَلَاثِ سُنَنٍ: الْمَنُّ، وَالْفِدَاءُ، وَالْقَتْلُ، وَبِهَا نَزَلَ الْكِتَابُ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ مِنَ الْأُسَارَى وَالسَّبْيِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْعَالِمُ الْأَمِيرُ الْوَرِعُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَلَفِ بْنِ مَعْزُوزٍ التِّلْمِسَانِيُّ عُرِّفَ الْكَوْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَتْنَا الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ فَخْرُ النِّسَاءِ الْكَاتِبَةُ شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نَصْرِِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ عُمَرَ الْإِبَرِيُّ - قِرَاءَةً

- ‌كِتَابُ افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ صُلْحًا وَأَحْكَامِهَا، وَسُنَنِهَا، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا تَكُونُ غَنِيمَةً

- ‌بَابُ الْوَفَاءِ لِأَهْلِ الصُّلْحِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ الشُّرُوطِ الَّتِي اشْتُرِطَتْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ حِينَ صُولِحُوا وَأَقَرُّوا عَلَى دِينِهِمْ

- ‌بَابُ مَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَوْقَ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَهْلِ الصُّلْحِ يُتْرَكُونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ

- ‌بَابُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ كَيْفَ تَكُونُ أَرْضُهُ، أَرْضُ خَرَاجٍ أَمْ أَرْضُ عُشْرٍ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَى مُدَّةٍ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ وَالْمُوَادَعَةِ تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَى وَقْتٍ، ثُمَّ يَنْقَضِي ذَلِكَ الْوَقْتُ، كَيْفَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَصْنَعُوا

- ‌بَابُ أَهْلِ الصُّلْحِ وَالْعَهْدِ يَنْكُثُونَ، مَتَى تُسْتَحَلُّ دِمَاؤُهُمْ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الصُّلْحِ، وَهَلْ يَحِلُّ سِبَاؤُهُمْ، أَمْ هُمْ أَحْرَارٌ

- ‌بَابُ كُتُبِ الْعُهُودِ الَّتِي كَتَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لِأَهْلِ الصُّلْحِ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ هَجَرَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ أَيْلَةَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خُزَاعَةَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ صُلْحِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى 0 أَهْلِ دِمَشْقَ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ صُلْحِ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ

- ‌وَهَذَا كِتَابُ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِأَهْلِ تَفْلِيسَ مِنْ بِلَادِ إِرْمِينِيَةَ

- ‌كِتَابُ مَخَارِجِ الْفَيْءِ وَمَوَاضِعَهُ الَّتِي يُصْرَفُ إِلَيْهَا، وَيُجْعَلُ فِيهَا

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ، وَمَعْرِفَةِ مَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ مِمَّنْ لَا حَقَّ لَهُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْأَعْطِيَةِ مِنَ الْفَيْءِ، وَمَنْ يُبْدَأُ بِهِ فِيهَا

- ‌بَابُ فَرْضِ الْعَطَاءِ لِأَهْلِ الْحَاضِرِ، وَتَفْضِيلِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلْمَوَالِي مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلذُّرِّيَّةِ مِنَ الْفَيْءِ وَإِجْرَاءِ الْأَرْزَاقِ عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ لِلنِّسَاءِ وَالْمَمَالِيكِ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ إِجْرَاءِ الطَّعَامِ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْفَيْءِ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ إِخْرَاجِ الْفَيْءِ وَقِسْمَتِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ فَصْلِ مَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، وَمِنْ أَيِّهِمَا تَكُونُ أَعْطِيَةُ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَرْزَاقُ الذُّرِّيَّةِ

- ‌بَابُ الْعَطَاءِ يَمُوتُ صَاحِبُهُ بَعْدَمَا يَسْتَوْجِبُهُ

- ‌بَابُ الْفَرْضِ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، وَعَلَى سَابِقَةِ الْآبَاءِ

- ‌بَابُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْفَيْءِ

- ‌بَابُ تَوْفِيرِ الْفَيْءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِيثَارِهِمْ بِهِ

- ‌بَابُ الْإِقْطَاعِ

- ‌بَابُ إِحْيَاءِ الْأَرَضِينَ وَاحْتِجَارِهَا وَالدُّخُولِ عَلَى مَنْ أَحْيَاهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جَاءَتِ الْأَحْكَامُ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ فَيُحْيِيهَا وَيُعَمِّرَهَا، ثُمَّ يَثِبَ عَلَيْهَا رَجُلٌ آخَرُ فَيُحْدِثُ غَرْسًا أَوْ بُنْيَانًا؛ لِيَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ مَا كَانَ أَحْيَا الَّذِي قَبْلَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي:

- ‌بَابُ حِمَى الْأَرْضِ ذَاتِ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ

- ‌كِتَابُ الْخُمُسِ وَأَحْكَامِهِ وَسُنَنِهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَنْفَالِ وَتَأْوِيلِهَا وَمَا يُخَمَّسُ مِنْهَا

- ‌بَابُ نَفَلِ السَّلَبِ، وَهُوَ الَّذِي لَا خُمُسُ فِيهِ

- ‌بَابُ النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ خَاصَّةً بَعْدَمَا يَصِيرُ إِلَى الْإِمَامِ

- ‌بَابُ النَّفَلِ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ

- ‌بَابُ سَهْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخُمُسِ

- ‌بَابُ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى مِنَ الْخُمُسِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِي الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِي الْمَالِ الْمَدْفُونِ

- ‌بَابُ الْخُمُسِ فِيمَا يُخْرِجُ الْبَحْرُ مِنَ الْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ، وَالسَّمَكِ

- ‌كِتَابُ الصَّدَقَةِ وَأَحْكَامِهَا وَسُنَنِهَا

- ‌بَابُ فَضَائِلِ الصَّدَقَةِ وَالثَّوَابِ فِي إِعْطَائِهَا

- ‌بَابُ مَنْعِ الصَّدَقَةِ وَالتَّغْلِيظِ فِي حَبْسِهَا

- ‌بَابُ فَرْضِ صَدَقَةِ الْإِبِلِ وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ وَسُنَنِهَا

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُجْتَمَعِ، وَتَرَاجُعِ الْخَلِيطَيْنِ فِي صَدَقَةِ الْمَوَاشِي

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَدِّقِ مِنَ الْعَدْلِ فِي عَمَلِهِ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ، وَفِي الْعُدْوَانِ مِنَ الْإِثْمِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِأَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَفْعَلُوهُ عِنْدَ إِتْيَانِ الْمُصَدِّقِ إِيَّاهُمْ

- ‌بَابُ فُرُوضِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ السُّنَنِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي التِّجَارَاتِ وَالدُّيُونِ، وَمَا يَجِبُ فِيهَا، وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْحُلِيِّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ الِاخْتِلَافِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَّةِ وَالِاخْتِلَافِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ مَالِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا مِنْهَا وَمَا لَا يَجِبُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ السُّنَّةِ

- ‌جِمَاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ مَا تُخْرِجُ الْأَرَضُونَ مِنَ الْحَبِّ وَالثِّمَارِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْعُشْرِ وَنِصْفُ الْعُشْرِ

- ‌بَابُ السُّنَّةِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ فِي أَدْنَى مَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ

- ‌بَابُ خَرْصِ الثِّمَارِ لِلصَّدَقَةِ، وَالْعَرَايَا، وَالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِ صَدَقَتِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: الْعَسَلُ، وَالزَّيْتُونُ، وَالْخَضِرُ

- ‌بَابُ وَأَمَّا الزَّيْتُونُ

- ‌وَأَمَّا الْخَضِرُ

- ‌جِمَاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يُمَرُّ بِهَا عَلَى الْعَاشِرِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالذِّمَّةِ وَالْحَرْبِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْعَاشِرِ وَصَاحِبِ الْمَكْسِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالتَّغْلِيظِ

- ‌بَابُ مَا يَأْخُذُ الْعَاشِرُ مِنْ صَدَقَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْحَرْبِ

- ‌بَابُ الْعُشْرِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ، وَتَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ

- ‌هَذَا جِمَاعُ أَبْوَابِ مَخَارِجِ الصَّدَقَةِ وَسُبُلِهَا الَّتِي تُوضَعُ فِيهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ الَّذِينَ يَطِيبُ لَهُمْ أَخْذُهَا، وَفَرْقِ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ أَوْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ أَدْنَى مَا يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَكَمْ أَكْثَرِ مَا يَطِيبُ لَهُ مِنْهَا

- ‌بَابُ دَفْعِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْأُمَرَاءِ، وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابُ تَفْرِيقِ الصَّدَقَةِ فِي الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَإِعْطَائِهَا بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ

- ‌بَابُ دَفْعِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْأَقَارِبِ، وَمَنْ يَكُونُ لَهَا مِنْهُمْ مَوْضِعًا أَوْ لَا يَكُونُ

- ‌بَابُ إِعْطَاءِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا مِنْ صَدَقَةِ مَالِهَا

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ، وَإِخْرَاجِهَا قَبْلَ أَوَانِهَا

- ‌بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَةِ فِي بَلَدِهَا، وَحَمْلِهَا إِلَى بَلَدٍ سِوَاهُ، وَمَنْ أَوْلَى بِأَنْ يُبْدَأَ بِهِ مِنْهَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ فَتَضِيعُ، أَوْ يَدْفَعُهَا إِلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فِي التَّأْوِيلِ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ

- ‌بَابُ سَهْمِ الرِّقَابِ، وَالْغَارِمِينَ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌بَابُ سَهْمِ الْغُزَاةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ

- ‌بَابُ إِعْطَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَمَا يُجْزِي مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُجْزِي

الفصل: ‌باب فرض صدقة الإبل وما فيها من السنن

‌بَابُ فَرْضِ صَدَقَةِ الْإِبِلِ وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ

ص: 447

934 -

قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَرِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَرْسَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَلْتَمِسُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَاتِ، وَكِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَوَجَدَ عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الصَّدَقَاتِ، وَوَجَدَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ كِتَابَ عُمَرَ فِي الصَّدَقَاتِ مِثْلَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَنُسِخَا لَهُ. قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ هَرِمٍ أَنَّهُ طَلَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ يَنْسَخَهُ مَا فِي ذَيْنِكَ الْكِتَابَيْنِ، فَنَسَخَ لَهُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ صَدَقَةِ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ، وَالتَّمْرِ - أَوِ الثَّمَرِ - وَالْحَبِّ، وَالزَّبِيبِ، أَنَّ «الْإِبِلَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ، حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ، فَإِذَا صَارَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي الْإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتِّينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا جَذَعَةٌ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَسَبْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا بَلَغَتِ الْإِبِلُ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْعَشْرِ

⦗ص: 448⦘

شَيْءٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتِّينَ وَمِائَةً، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ وَمِائَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سَبْعِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَمَانِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ أَوْ أَرْبَعُ حِقَاقٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عَشْرًا وَمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ عَشْرًا وَمِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتَا لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ فَفِيهَا سِتُّ بَنَاتِ لَبُونٍ، أَوْ أَرْبَعُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ فَفِيهَا سَبْعُ بَنَاتِ لَبُونٍ، أَوْ أَرْبَعُ حِقَاقٍ وَبِنْتَا لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ فَفِيهَا سِتُّ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، أَوْ خَمْسُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ، إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثَمِائَةٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ فَفِيهَا سِتُّ حِقَاقٍ، أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ، وَمِنْ أَيِّ هَاتَيْنِ السِّنِينَ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُصَدِّقُ أَخَذَ، فَإِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ»

⦗ص: 449⦘

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ ذَكَرَ سَائِرَ أَنْوَاعِ الصَّدَقَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَسَتَأْتَيِ فِي مَوَاضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

935 -

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَاتِ. قَالَ: وَكَانَتْ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَهَذَا كِتَابُ تَفْسِيرِهَا: أَلَّا يُؤْخَذَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْإِبِلِ الصَّدَقَةُ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَ ذَوْدٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يَزِيدَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، لَمْ يَخْتَلِفَا فِي شَيْءٍ إِلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ: فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ. وَفِي حَدِيثِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً. ثُمَّ يَلْتَقِي الْحِسَابَانِ فِي الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا، فَلَا يَخْتَلِفَانِ إِلَى الْمِائَتَيْنِ، ثُمَّ لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ حِسَابٌ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ حِينَ بَلَغَهَا: فَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ أُخِذَ مِنْهَا بِحِسَابِ مَا كَتَبْنَا.

936 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، بِمِثْلِ هَذِهِ النُّسْخَةِ وَالْقِصَّةِ.

937 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَحْسِبُهُ عَنْ أَبِيهِ - بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا أَوْ نَحْوِهِ.

⦗ص: 450⦘

938 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ حُدِّثْتُ بِذَلِكَ عَنْهُ،

939 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَعْطَانِي عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ كِتَابًا كَتَبَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ وَهُوَ عَامِلٌ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ: وَهُوَ زَعَمُوا الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا فَرْضُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرِيضَةَ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْإِبِلِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ فِي حِسَابِهَا عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقَالَ: فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ.

940 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَتَبَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ نَسَخَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ صَحِيفَةٍ وَجَدَهَا مَرْبُوطَةً بِقُرَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ، وَلَمْ يَزِدْ فِي حِسَابِهَا عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ.

941 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: هَذَا كِتَابُ الصَّدَقَةِ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ، فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا، وَقَالَ: قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَكَانَتْ

⦗ص: 451⦘

مَقْرُونَةً مَعَ وَصِيَّتِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّهُ عَرْضَهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرَّاتٍ.

942 -

قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الصَّدَقَةِ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابُ الصَّدَقَةِ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا.

943 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَمُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالْأَجْلَحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُمْ قَالُوا فِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَيْضًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَةِ، وَكِتَابِ عُمَرَ، وَمَا أَفْتَى بِهِ التَّابِعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ مَقُولٌ وَاحِدٌ فِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ، مِنْ لَدُنْ خَمْسِ ذَوْدٍ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَلَمْ يَخْتَلِفُوا إِلَّا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ، لَا نَرَاهُ حُفِظَ عَنْهُ.

944 -

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا، إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ خَمْسُ شِيَاهٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا قَوْلٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَلَا أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَلَا غَيْرِهِمْ نَعْلَمُهُ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ كَلَامِ

⦗ص: 452⦘

عَلِيٍّ، وَيَقُولُ: كَانَ أَفْقَهَ مِنْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَبَى النَّاسُ ذَلِكَ عَلَى عَلِيٍّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مَا جَاءَ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، لَمْ يَخْتَلِفُوا إِلَّا فِي هَذَا الْحَرْفِ الْوَاحِدِ وَحْدَهُ، فَإِذَا جَاوَزَتْ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَهُنَاكَ الِاخْتِلَافُ

ص: 447

945 -

قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ اسْتُؤْنِفَ بِهَا الْفَرِيضَةُ بِالْحِسَابِ الْأَوَّلِ»

ص: 452

946 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ - الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ - إِنَّ الْإِبِلَ إِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ

ص: 452

947 -

وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ فِي كِتَابِ صَدَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ فِي الصَّدَقَةِ أَنَّ الْإِبِلَ إِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْعَشْرِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ يُسْتَأْنَفُ بِهَا الْفَرِيضَةُ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ يَقُولُ بِهِ أَهْلُ

⦗ص: 453⦘

الْعِرَاقِ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَشَاةٌ، وَفِي ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَشَاتَانِ، وَفِي خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَأَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ عَلَى تَأْوِيلِ حَدِيثِ عَلِيٍّ حِقَّتَانِ وَخَمْسُ شِيَاهٍ، وَفِي قَوْلِ سُفْيَانَ، وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِذَا كَمَّلَتِ الْإِبِلُ خَمْسِينَ وَمِائَةً كَانَتْ فِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا اسْتُؤْنِفَ بِهَا أَيْضًا كَمَا ابْتُدِئَتْ أَوَّلَ مَرَّةٍ إِلَى الْمِائَتَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا كَانَتْ فِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ، فَإِذَا زَادَتِ اسْتُؤْنِفَ بِهَا أَيْضًا عَلَى مَا فَسَّرْنَا، فَهَذَا مَذْهَبُ قَوْلِ عَلِيٍّ، وَمَا يَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا إِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ كَانَتْ فِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ هَذَا الْحَرْفَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ سِوَى هَذَا، وَلَا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا، وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْفُوظٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ عَلَى حِسَابِ أَوَّلِ الْفَرَائِضِ، وَلَا عَلَى آخِرِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهَا فِي الِابْتِدَاءِ إِذَا كَانَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَانَتْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً انْتَقَلَتِ الْفَرِيضَةُ بِتِلْكَ الْوَاحِدَةِ إِلَى السِّنِّ الَّتِي فَوْقَهَا، فَصَارَ فِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ، ثُمَّ أَسْنَانُ الْفَرَائِضِ كُلُّهَا عَلَى هَذَا، فَذَاكَ حِسَابُ أَوَّلِ الْفَرِيضَةِ، فَلَوْ جَعَلَهُ عَلَيْهِ لَكَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ فِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، فَهَذَا حِسَابُ أَوَّلِهَا، وَأَمَّا آخِرُهَا فَإِنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَلَوْ جَعَلَهَا عَلَى هَذَا لَكَانَتْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إِنَّمَا تَجِبُ فِي

⦗ص: 454⦘

عِشْرِينَ وَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ وَاحِدَةً، وَهَذِهِ قَدْ زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ، ثُمَّ لَا أَرَاهُ نَقَلَهَا إِلَى السِّنِّ الَّتِي فَوْقَهَا، فَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى حِسَابِ أَدْنَى الْفَرَائِضِ، وَلَا أَقْصَاهَا. وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ الَّذِي فِي حَدِيثِ حَبِيبٍ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، ثُمَّ يَكُونَ فِيهَا حِينَئِذٍ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ. فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَعْمُولُ بِهِ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ شَنَقٌ كَسَائِرِ الْأَشْنَاقِ الَّتِي لَا يُحْتَسَبُ بِهَا، وَهِيَ الْأَوْقَاصُ فِي الْبَقَرِ، وَذَلِكَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ، ثُمَّ هِيَ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ أَيْضًا، وَلَا تَعُودُ إِلَى الْغَنَمِ. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْحِجَازِ أَنَّ الْإِبِلَ إِذَا أَفْرَضَتْ مَرَّةً، وَلَمْ تَعُدْ صَدَقَتُهَا غَنَمًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِفْرَاضُهَا أَنْ تَبْلُغَ فِي الِابْتِدَاءِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، فَتَنْتَقِلَ مِنَ الْغَنَمِ إِلَى بِنْتِ مَخَاضٍ. وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى دَارَتِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا كُلَّهَا، سِوَى حَدِيثِ عَلِيٍّ إِنْ كَانَ حُفِظَ عَنْهُ. وَمِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَرْوِيهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 452

948 -

يُحَدِّثُونَهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْإِبِلِ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ»

⦗ص: 455⦘

وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ.

949 -

قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَوْ أَحَدِهِمَا، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ سَوَاءً، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا. أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِبِلَ لَا تَعُودُ إِلَى الْغَنَمِ بَعْدَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ؛ أَلَا تَرَاهُ لَمْ يُعِدْ ذِكْرَهَا؟ وَالْآخَرُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَشْنَاقِ شَيْءٌ؛ لِقَوْلِهِ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ. وَسَكَتَ عَمَّا بَيْنَهُمَا، مَعَ أَنَّهُ مَحْسُوبٌ مُفَسَّرٌ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فِي حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. فَهَذَا مَا جَاءَ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ، إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَسْنَانُ مَوْجُودَةً عِنْدَ أَرْبَابِهَا، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مَعْدُومَةً، وَاحْتَاجَ الْمُصَدِّقُ إِلَى أَخْذِ غَيْرِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ

ص: 454

950 -

قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ فِي كِتَابِ صَدَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ أَنَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ

ص: 455

951 -

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ

ص: 455

952 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:«لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ ذَكَرٌ مَكَانَ أُنْثَى، إِلَّا ابْنُ لَبُونٍ مَكَانَ بِنْتِ مَخَاضٍ»

ص: 455

953 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ سِنًّا فَوْقَ سِنٍّ، رَدَّ شَاتَيْنِ، أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ

ص: 455

954 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَدِّقُ ابْنَةَ مَخَاضٍ أُعْطِيَ ابْنَ مَخَاضٍ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ شَاتَيْنِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي هَذَا الْبَابِ سُفْيَانُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ، فَأَمَّا سُفْيَانُ، فَأَخَذَ بِالْأَثَرِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، لَمْ يَجُزْهُ إِلَى غَيْرِهِ. قَالَ: إِذَا لَمْ يَجِدِ السِّنَّ الَّتِي يَجِبُ، أَخَذَ فَوْقَهَا، وَرَدَّ شَاتَيْنِ أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. أَوْ قَالَ: رَدَّ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ غَيْرَ ذَلِكَ

ص: 456

955 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، يَقُولُ:«إِذَا لَمْ يَجِدِ السِّنَّ الَّتِي تَجِبُ، أَخَذَ قِيمَتَهَا» قَالَ مَالِكٌ قَوْلًا ثَالِثًا

ص: 456

956 -

قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: لَا يُؤْخَذُ سِنٌّ فَوْقَ سِنٍّ إِلَّا ابْنُ لَبُونٍ مَكَانَ ابْنَةِ مَخَاضٍ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَذْهَبُ مَالِكٌ فِيمَا نَرَى إِلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا جَاءَتْ فِي هَذَا خَاصَّةً - قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا إِذَا وَجَبَتْ فِي الْمَالِ ابْنَةُ لَبُونٍ، أَوْ حِقَّةٌ، أَوْ جَذَعَةٌ، فَإِنَّ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا. قَالَ: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْمُصَدِّقُ قِيمَتَهَا. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ

⦗ص: 457⦘

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكُلٌّ قَدْ ذَهَبَ مَذْهَبًا، فَأَمَّا سُفْيَانُ، فَقَصَدَ إِلَى الْأَثَرِ، لَمْ يَعْدُهُ، وَأَمَّا الْأَوْزَاعِيُّ فَحُجَّتُهُ أَنْ يَقُولَ فِيمَا نَرَى: إِنَّ الْأَسْنَانَ تَخْتَلِفُ، فَيَكُونُ بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ دِينَارٍ، أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. يَقُولُ: فَأَرُدَّ ذَلِكَ إِلَى سَائِرِ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ مَنْ لَزِمَهُ ضَمَانُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الْعُرُوضِ فَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ لَمْ يَجِدْهُ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ. وَحُجَّةُ مَالِكٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الصَّدَقَةَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تبارك وتعالى، وَلَيْسَ حُكْمُهَا كَحُقُوقِ النَّاسِ الَّتِي تَحُولُ دَيْنًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عَيْنًا، وَإِنَّمَا هِيَ مِثْلُ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يَجْرِي مَكَانَهَا غَيْرُهَا، إِذَا وُجِدَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ. وَهَذَا الَّذِي قَالَ مَالِكٌ مَذْهَبٌ، لَوْلَا الْمَشَقَّةُ الَّتِي فِيهِ عَلَى النَّاسِ مِنْ تَحْرِيمِ الطَّلَبِ، وَتَكَلُّفِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ.

957 -

وَقَدْ جَاءَ الثَّبْتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ مُعَاذًا حِينَ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ بِالتَّيْسِيرِ عَلَى النَّاسِ، وَأَنْ لَا يَأْخُذَ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ.

958 -

ثُمَّ جَاءَ مُفَسَّرًا عَنْ مُعَاذٍ فِي حَدِيثٍ لَهُ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ: ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذْهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الصَّدَقَةِ؛ فَإِنَّهُ أَيْسَرُ عَلَيْكُمْ، وَأَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. فَالْأَسْنَانُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ أَشْبَهُ مِنَ الْعُرُوضِ بِهَا، وَقَدْ قَبِلَهَا مُعَاذٌ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ مِثْلُهُ فِي الْجِزْيَةِ أَنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ مَكَانَهَا غَيْرَهَا

ص: 456

959 -

قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيَهِ مِنَ الشَّامِ نَعَمٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْجِزْيَةِ

ص: 457

960 -

قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَنْتَرَةَ، عَنْ

⦗ص: 458⦘

عَلِيٍّ، أَنَّهُ «كَانَ يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِبَرِ الْإِبَرَ، وَمِنْ أَصْحَابِ الْمَسَالِّ الْمَسَالَّ، وَمِنْ أَصْحَابِ الْحِبَالِ الْحِبَالَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَرَاهُمَا قَدْ رَخَّصَا فِي أَخْذِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ مَكَانَ الْجِزْيَةِ، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَالطَّعَامُ

961 -

وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُهُمَا فِي الدِّيَاتِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْخَيْلِ، إِنَّمَا أَرَادَا التَّسْهِيلَ عَلَى النَّاسِ، فَجَعَلَا عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مَا يُمْكِنُهُمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَالصَّدَقَةُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا أَنَّ الْأَسْنَانَ يُؤْخَذُ بَعْضُهَا مَكَانَ بَعْضٍ، إِذَا لَمْ تُوجَدِ السِّنُّ الَّتِي تَجِبُ، عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمَا كَانَ يَأْخُذُ بِهِ سُفْيَانُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَيْسِيرًا عَلَى الَّذِينَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَوَفَاءً لِلَّذِينَ تُؤْخَذُ لَهُمْ. فَهَذَا مَا جَاءَ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا مَسَانَّ، أَوْ خَالَطَتْهَا صِغَارُهَا مِنَ الْخِيرَانِ وَالسِّقَابِ، فَإِذَا كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا لَا مُسِنَّةَ فِيهَا، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا أَرْبَعَةً.

962 -

قَالَ سُفْيَانُ: يُؤْخَذُ مِنْهَا مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْكِبَارِ مِنَ الْأَسْنَانِ، إِلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَضْلَ مَا بَيْنَ السِّنِّ الَّتِي أَخَذَ، وَبَيْنَ الرُّبَعِ أَوِ السَّقِيبِ الَّذِي وَجَبَ فِي الْمَالِ.

963 -

وَقَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ مِنْهَا مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَسَانِّ مِنَ الْأَسْنَانِ، وَلَا يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَضْلَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ

964 -

وَقَالَ غَيْرُهُمَا قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ لَا صَدَقَةَ فِي الصِّغَارِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهَا.

965 -

وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ أَنَّ فِيهَا وَاحِدَةً مِنْهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلِكُلٍّ مَذْهَبٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ

⦗ص: 459⦘

، فَأَمَّا سُفْيَانُ فَنَرَاهُ أَرَادَ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْمَاشِيَةِ، كِبَارًا كَانَتْ أَوْ صِغَارًا، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُؤْخَذَ فِيهَا مِنَ الْأَسْنَانِ دُونَ بِنْتِ مَخَاضٍ، فَتُؤْخَذُ مِنْ رَبِّهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ، ثُمَّ يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فَضْلَ مَا بَيْنَ السِّنِّ الَّتِي أَخَذَ، وَبَيْنَ الْحُوَارِ الَّذِي وَجَبَ، فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ قَدْ أُخِذَتْ عَلَى فَرَائِضِهَا وَسُنَّتِهَا، وَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهِ الْفَضْلُ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ. وَأَمَّا مَالِكٌ فَحُجَّتُهُ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ يَكُونُ فِيهَا الْأَسْنَانُ الْجِلَّةُ مِثْلُ الثَّنِيَّةِ، وَالرُّبَاعِيَّةِ، وَالسَّدِيسِ، وَالْبَازِلِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ، فَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَسْنَانِ الْعَالِيَةِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا الْفَرَائِضُ دُونَهَا، مِثْلُ بَنَاتِ الْمَخَاضِ، وَبَنَاتِ اللَّبُونِ، وَالْحِقَاقِ، وَالْجِذَاعِ. يَقُولُ: فَكَمَا يُعْفَى لَهُمْ عَنْ أَخْذِ تِلْكَ الْجِلَّةِ، فَكَذَلِكَ يُحْتَسَبُ عَلَيْهِمْ بِالْخِيرَانِ وَالرِّبَاعِ وَالسِّقَابِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسِنٌّ وَاحِدٌ. وَأَمَّا الَّذِي قَالَ: لَا صَدَقَةَ فِيهَا، فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِإِبِلٍ، وَإِنَّمَا جَاءَتِ الصَّدَقَةُ فِي الْإِبِلِ، وَإِنَّمَا يُقَالَ لِهَذِهِ رِبَاعٌ، وَفُصْلَانٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا شَيْءَ فِيهَا. وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ: فِيهَا وَاحِدَةٌ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ حَوَاشِي الْأَمْوَالِ لَا مِنْ خِيَارِهَا، فَكَيْفَ يُؤْخَذُ مِنْ رَبِّهَا أَعْلَى مِنَ الْأَسْنَانِ الَّتِي يَمْلِكُ؟ يَقُولُ: فَإِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ وَاحِدَةً مِنْ عَرْضِهَا لَيْسَتْ بِأَحْسَنِ الْمَالِ فَقَدِ اسْتَوْفَى مِنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، أَوْ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ

⦗ص: 460⦘

. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَقَالَ، إِلَّا أَنَّ أَشْبَهَهَا بِتَأْوِيلِ كُتُبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسُنَّتِهِ فِي الصَّدَقَةِ عِنْدِي قَوْلُ مَالِكٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ فَرَضَ فَرَائِضَ الصَّدَقَةِ وَذَكَرَ أَسْنَانَهَا، قَدْ عَلِمَ أَنَّ الْمَاشِيَةَ قَدْ تَكُونُ جِلَّةً وَصِغَارًا، فَلَمْ يَأْتِنَا عَنْهُ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ أَنَّهُمْ خَصُّوا مِنْهَا كَبِيرًا دُونَ صَغِيرٍ، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ بِالْعُمُومِ لِحِلَّتِهَا، فَقَالَ: فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ أَوِ الذَّوْدِ شَاةٌ، وَفِي كُلِّ عَشْرٍ شَاتَانِ. ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا، فَإِذَا جَاءَتِ السُّنَّةُ عَامَّةً لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ شَيْئًا مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ، إِلَّا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ.

966 -

كَالَّذِي جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَرَايَا حِينَ اسْتَثْنَاهَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ، فَأَرْخَصَ فِيهَا.

967 -

وَكَمَا خَصَّ الْحَائِضَ بِالنَّفْرِ فِي حَجِّهَا قَبْلَ تَوْدِيعِ الْبَيْتِ دُونَ النَّاسِ.

968 -

وَالْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ يُضَحَّى بِهِ خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ، وَأَشْبَاهٌ لِهَذَا فِي السُّنَّةِ كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا نَخُصُّ مَا خَصَّتْ، وَنَعُمُّ مَا عَمَّتْ، مَعَ أَنَّ الْإِبِلَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اسْمٌ شَامِلٌ يَجْمَعُ صِغَارَهَا وَمَسَانَّهَا، كَمَا أَنَّ النَّاسَ اسْمٌ لِبَنِي آدَمَ يَشْمَلُ أَطْفَالَهُمْ وَرِجَالَهُمْ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي كِتَابِهِ الْأَنْعَامَ، فَسَوَّى بَيْنَ صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا، فَسَمَّاهَا جَمِيعًا نَعَمًا، فَقَالَ:{وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام: 142]

ص: 457

969 -

قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ:{وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام: 142] قَالَ: الْحَمُولَةُ: مَا حَمَلَ، وَالْفَرْشُ: الصِّغَارُ

⦗ص: 461⦘

970 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رَأَيْنَا الْعُلَمَاءَ مَعَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ صِغَارَ الْإِبِلِ إِذَا خَالَطَتْ كِبَارَهَا فَهِيَ مَحْسُوبَةٌ مَعَهَا فِي الصَّدَقَةِ، وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ الْبَقَرِ مَعَ أُمَّهَاتِهَا، وَسِخَالُ الْغَنَمِ مَعَ مَسَانِّهَا.

971 -

وَمِنَ ذَلِكَ حَدِيثُ عُمَرَ حِينَ قَالَ لِسُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: احْتَسِبْ عَلَيْهِمْ بِهَا حَتَّى بِالْبَهْمَةِ يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَمَا بَالُهَا يُعْتَدُّ عَلَيْهِمْ بِهَا إِذَا اخْتَلَطَتْ بِالْكِبَارِ، وَتُلْغَى إِذَا كَانَتْ وَحْدَهَا؟ وَمَا سَبِيلُهَا فِي الْوَجْهَيْنِ إِلَّا وَاحِدٌ. عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الِاحْتِسَابَ بِالصِّغَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مُسِنَّةٌ، وَاحِدَةً وَاحِدَةً، أَلَا تَرَاهُ لَمْ يَشْتَرِطِ الْمَسَانَّ فِي حَدِيثِهِ؟ فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا، أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى صِغَارِهَا كَوُجُوبِهَا عَلَى كِبَارِهَا، لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ لِمَا فَسَّرْنَا. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ.

972 -

فَإِنْ تَعَدَّدَتِ السِّنُّ الَّتِي تَجِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، فَإِنَّهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَلَا أُحِبُّ قَوْلَهُ هَذَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَى النَّاسِ، مَعَ خِلَافِ الْأَثَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ الَّذِي يُحَدِّثُهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 460

973 -

وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ قَالَ: فَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ جَذَعَةً، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ، وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ حِقَّةً، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا جَذَعَةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ حِقَّةً، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا

⦗ص: 462⦘

وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ حِقَّةً ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا جَذَعَةً ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ حِقَّةً وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ ابْنَةُ َلبُونٍ ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا حِقَّةً ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ ابْنَةَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ.، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَاتِّبَاعُ الْأَثَرِ أَحَبُّ إِلَيْنَا. فَهَذَا حُكْمُ صَدَقَةِ الْإِبِلِ إِذَا جَاءَهَا الْمُصَدِّقُ، فَوَجَدَهَا خَمْسًا فَصَاعِدًا.

974 -

فَأَمَّا إِذَا وَجَدَهَا أَرْبَعًا، وَقَدْ كَانَ الْحَوْلُ حَالَ عَلَيْهَا وَهِيَ خَمْسٌ، ثُمَّ هَلَكَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ، فَجَاءَ الْمُصَدِّقُ وَهِيَ أَرْبَعٌ، فَإِنَّ سُفْيَانَ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ قَالُوا: عَلَى رَبِّهَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ. يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ قَدْ كَانَتْ وَجَبَتْ فِيهَا مَعَ مُضِيِّ الْحَوْلِ شَاةٌ، فَلَمَّا ذَهَبَ بَعْضُ الْإِبِلِ سَقَطَ مِنَ الصَّدَقَةِ بِحِسَابِ الذَّاهِبِ، وَبَقِيَ فِيهَا بِحِسَابِ الْبَاقِي.

⦗ص: 463⦘

975 -

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا

ص: 461

976 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: «إِنَّمَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يَوْمَ يُصَدِّقُ مَالَهُ، فَإِنْ هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ مِمَّا هَلَكَ شَيْءٌ، إِنَّمَا يُؤْخَذُ بِمَا وَجَدَهُ الْمُصَدِّقُ فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ نَمَتِ الْمَاشِيَةُ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ مَا يَكُونُ عِنْدَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا أَشْبَهُ عِنْدِي بِسُنَّةِ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَتْ مُطْلَقَةً: فِي كَذَا وَكَذَا مِنَ الْإِبِلِ كَذَا وَكَذَا. وَهَذَا إِنَّمَا يَقَعُ مَعْنَاهُ عَلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الصَّدَقَةِ أَنَّ أَهْلَ الْمَاشِيَةِ يُحَاسَبُونَ بِمَا كَانُوا يَمْلِكُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ هَلَكَ، وَلَا يُسْأَلُونَ عَمَّا ضَاعَ مِنْهَا.

977 -

وَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ، فَإِنَّهُمْ أَنْزَلُوا الصَّدَقَةَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ إِذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْمَالِ، وَلَوْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ تَحِلُّ الدَّيْنَ، لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ الَّتِي هَلَكَتْ إِحْدَاهُنَّ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ الشَّاةُ كُلُّهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَتْ إِبِلُهُ مِنْ عِنْدِ آخِرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْقِطُ هَلَاكُهَا عَنْهُ دَيْنًا قَدْ لَزِمَهُ مَرَّةً. وَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدِي فِيهَا إِلَّا مَا قَالَ مَالِكٌ؛ لِمُوَافَقَتِهِ تَأْوِيلَ الْآثَارِ وَالسُّنَّةِ.

987 -

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَاعَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلَانِ اثْنَانِ، وَهِيَ خَمْسٌ تَامَّةٌ، ثُمَّ جَاءَ الْمُصَدِّقُ، فَإِنَّ سُفْيَانَ يُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ فِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ لِلسَّنَةِ الْأُولَى، وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ

⦗ص: 464⦘

وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ شَاتَانِ، لِكُلِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَذْهَبِهِ هَذَا الْقَوْلَ؛ لِأَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي الْعَامِ الْمَاضِي، ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِخَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ، لِمَكَانِ الدَّيْنِ الَّذِي لَزِمَهُ مِنْ تِلْكِ الشَّاةِ، فَصَارَتْ لَهُ خَمْسٌ غَيْرُ قِيمَةِ شَاةٍ، فَأَسْقَطَ عَنْهُ الصَّدَقَةَ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَجْلِ هَذِهِ. وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَتَلَفَّتُ إِلَى الدَّيْنِ الَّذِي لَزِمَهُ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى مَا وَجَدَ الْمُصَدِّقُ فِي أَيْدِيهِمْ قَائِمًا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَحْوَالِ عَلَى الْمَاشِيَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ هَذَا عِنْدِي؛ لِمَا تَأَوَّلْنَا فِيهِ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ أَعْيَانِ الْمَاشِيَةِ إِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ أَوْ أَكْثَرُ، وَلَا يُحَاسَبُ أَحَدٌ بِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، وَلَا تَعُودُ الصَّدَقَةُ دَيْنًا يَتَّسِعُ بِهِ صَاحِبُهَا وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَتِ الْمَاشِيَةُ إِنَّمَا هَلَكَتْ مِنْ حَادِثٍ يَحْدُثُ بِهَا غَيْرُ اسْتِهْلَاكٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لَهَا بِبَيْعٍ أَوْ نَحْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ هُوَ الْجَانِيَ عَلَيْهَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ فِي الْأَقْوَالِ كُلِّهَا. وَمِمَّا يُقَوِّي مَا تَأَوَّلْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ حَيًّا حَاضِرًا يَوْمَ يَأْتِي الْمُصَدِّقُ؛ حَدِيثَ عُمَرَ

ص: 463

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَوْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْمَحْفُوظُ عِنْدِي أَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ، أَنَّ عُمَرَ أَخَّرَ الصَّدَقَةَ عَامَ الرَّمَادَةِ. قَالَ: فَلَمَّا أَحْيَا النَّاسُ بَعَثَنِي، فَقَالَ: اعْقِلْ عَلَيْهِمْ عِقَالَيْنِ، فَاقْسِمْ فِيهِمْ عِقَالَا، وَائْتِنِي بِالْآخَرِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ قَدْ أَخَذَهُمْ بِصَدَقَةِ عَامَيْنِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِي مِثْلِ هَذِهِ

⦗ص: 465⦘

الْمُدَّةِ وَأَقَلَّ مِنْهَا مَا تَكُونُ الْحَوَادِثُ بِالْمَاشِيَةِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُحَاسَبُوا بِشَيْءٍ مِمَّا تَلَفَ؟ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ فِيمَا أَظُنُّ

ص: 464

حُدِّثْتُ بِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا ثِنَى فِي الصَّدَقَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَصْلُ الثِّنَى فِي كَلَامِهِمْ تَرْدِيدُ الشَّيْءِ وَتَكْرِيرُهُ، وَوَضْعُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ يَقُولُ: فَإِذَا تَأَخَّرَتِ الصَّدَقَةُ عَنْ قَوْمٍ عَامًا لِحَادِثَةٍ تَكُونُ حَتَّى تَتْلَفَ أَمْوَالُهُمْ، لَمْ تُثْنَ عَلَيْهَا فِي قَابِلٍ صَدَقَةُ الْعَامِ الْمَاضِي، وَلَكِنَّهُمْ يُؤْخَذُونَ بِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ لِلْعَامِ الَّذِي يُصَدِّقُونَ فِيهِ، وَمَا لَمْ يَتْلَفْ مِنْهَا فَإِنَّهُمْ يُؤْخَذُونَ بِصَدَقَتِهَا كُلِّهَا وَإِنْ أَتَى عَلَيْهَا أَعْوَامٌ. وَلَيْسَ هَذَا حِينَئِذٍ بِثِنَى؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يُؤْخَذُ مِنْ أَعْيَانِ الْمَاشِيَةِ وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي مِلْكِهِمْ، فَكَذَلِكَ يُؤْخَذُونَ بِصَدَقَةِ مَا مَضَى. وَفِي الثِّنَى وَجْهٌ آخَرُ: أَنْ لَا تُؤْخَذَ الصَّدَقَةُ مِنْ عَامٍ مَرَّتَيْنِ. وَهَذَا أَيْضًا مِنْ وَضَعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى مُفَسَّرًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

ص: 465

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الثِّنَى:«إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تُثْنَى، وَلَكِنَّهَا تُؤْخَذُ فِي الْخِصْبِ وَالسِّمَنِ وَالْعَجَفِ» . قَالَ: «وَأَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِمَّا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِذَا كَانَتِ الْإِبِلُ عَوَامِلَ، وَلَمْ تَكُنْ سَائِمَةً، فَإِنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ

ص: 465

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ

⦗ص: 466⦘

، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ وَهُوَ خَلِيفَةٌ أَنْ تُؤْخَذَ الصَّدَقَةُ مِنَ الْإِبِلِ الَّتِي تَعْمَلُ فِي الرِّيفِ، وَقَالَ: حَضَرْتُ ذَا وَعَايَنْتُهُ مِنْ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

ص: 465

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الْإِبِلَ الَّتِي تُكْرَى لِلْحَجِّ تُزَكَّى بِالْمَدِينَةِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حُضُورٌ لَا يُنْكِرُونَهُ، وَيَرَوْنَهُ مِنَ السُّنَّةِ، إِذَا لَمْ تَكُنِ الْإِبِلُ مُفْتَرِقَةً قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَهُوَ رَأْيُ اللَّيْثِ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْآثَارَ إِنَّمَا جَاءَتْ مُجْمَلَةً فِي الْإِبِلِ، وَلَمْ يُسْتَثْنَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ. يَقُولَانِ: فَكُلُّهَا دَاخِلٌ فِي الصَّدَقَةِ. وَكَذَلِكَ نَرَى مَذْهَبَ عُمَرَ، وَرَبِيعَةَ، وَيَحْيَى. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا وَجْهٌ وَمَذْهَبٌ، لَوْلَا أَنَّا وَجَدْنَا السُّنَّةَ قَدْ خَصَّتِ السَّائِمَةَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ، فَلَا نَخُصُّ إِلَّا مَا خَصَّتْ، وَلَا نَعُمُّ إِلَّا مَا عَمَّتْ

ص: 466

قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ، فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، لَا تُفَرَّقُ عَنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنْعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَا يَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ»

ص: 466

988 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يُحَدِّثُونَهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ

⦗ص: 467⦘

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلَمَّا جَاءَنَا هَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُفَسَّرَيْنِ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ بِذِكْرِ السَّائِمَةِ اتَّبَعْنَاهُمَا، وَتَرَكْنَا مَا سِوَاهُمَا، وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ مَعَ هَذَا يُفْتِي بِهِ

ص: 466

989 -

قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ، عنُ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَيْسَ فِي الْإِبِلِ الْعَوَامِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ

990 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ جَمِيعًا، لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا.

991 -

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ، ثُمَّ ضَاعَ مِنْهَا بَعْضُهَا، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ الْبَاقِيَ بِحِسَابِهِ، وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْخَمْسَ مِنَ الْإِبِلِ، هَذَا إِذَا مَاتَ مِنْهَا وَاحِدٌ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا؛ لِأَنَّ الصَّامِتَ إِنَّمَا يُزَكِّيهِ صَاحِبُهُ لِشَهْرٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا إِلَى السُّلْطَانِ، إِنَّمَا يَبْعَثُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً مَنْ يُزَكِّيهَا، وَقَدْ تَخْتَلِفُ أَوْقَاتُهُ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا جَاءَهُ الْمُصَدِّقُ مَعَ حُئُولِ الْحَوْلِ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ حِينَئِذٍ؛ فَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ فِي الْمَوَاشِي عِنْدَ مَجِيءِ الْمُصَدِّقِينَ. وَفَرَّقُوا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ.

992 -

وَقَدْ كَانَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَنَاسٌ مَعَهُ يُفْتُونَ بِخِلَافِ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا، يَقُولُونَ: إِذْ جَاءَ الْمُصَدِّقُ، وَقَدْ ذَهَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنَ الْإِبِلِ الْخَمْسِ، فَعَلَيْهِ الشَّاةُ كُلُّهَا، فَجَعَلُوهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ اللَّازِمِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمَنْ قَالَ هَذَا لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ: لَوْ ذَهَبَتِ الْمَاشِيَةُ كُلُّهَا كَانَتْ هَذِهِ الشَّاةُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهَا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ سِوَى الزَّكَاةِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ هَذِهِ الشَّاةِ، كَانَتِ الزَّكَاةُ تَحَاصَّ الْغُرَمَاءُ فِي دَيْنِهِمْ. وَهَذَا قَوْلٌ

⦗ص: 468⦘

يَفْحُشُ، وَيَخْرُجُ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ

ص: 467