الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إِذا لم يدل دَلِيل على أَن فعله عليه السلام خَاص بِهِ فعلى مَاذَا يحمل
؟]
قَالَ: (وَإِن لم يدل: لم يخْتَص بِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} فَيحمل على الْوُجُوب عِنْد بعض أَصْحَابنَا، وَمِنْهُم من قَالَ: يحمل على النّدب، وَمِنْهُم من قَالَ: يتَوَقَّف فِيهِ، وَإِن كَانَ على غير الْقرْبَة وَالطَّاعَة فَيحمل على الْإِبَاحَة) .
أَقُول: هَذَا شُرُوع فِي تَقْسِيم أَفعاله عليه السلام: -
فَذهب قوم إِلَى أَن أَفعاله عليه السلام تحمل على الْوُجُوب، مِنْهُم: أَبُو سعيد الاصطخري، وَأَبُو الْعَبَّاس بن سُرَيج، وَأَبُو عَليّ بن خيران.
واحتجزوا بقوله تَعَالَى: {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني} [سُورَة آل عمرَان: 31] فَدلَّ على أَن محبته تَعَالَى مستلزمة لمتابعة رَسُوله عليه السلام
وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ} [سُورَة الْحَشْر: 7] وَفعله عليه السلام من جملَة مَا أَتَى بِهِ فَدلَّ - أَيْضا - على أَن الْأَخْذ بأفعاله وَاجِب.
وَمَا ذكر الشَّيْخ رحمه الله من قَوْله تَعَالَى: {لقد كَانَ لكم} [سُورَة الْأَحْزَاب: 21] دَالَّة على الْوُجُوب فِيهِ نظر على مَا يَأْتِي.
وَذهب الشَّافِعِي إِلَى أَنه يحمل على النّدب؛ لِأَن قَوْله تَعَالَى: (لقد كَانَ
لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} لِأَن الأسوة الْحَسَنَة فِي أَفعاله قد يكون وَاجِبا، وَقد يكون ندبا.
وَالْأَصْل: عدم الْوُجُوب، فَحمل على النّدب حَتَّى يدل دَلِيل على الْوُجُوب.
وَذهب أَبُو بكر الصَّيْرَفِي وَأَبُو حَامِد الْغَزالِيّ، وَالْإِمَام الرَّازِيّ إِلَى
التَّوَقُّف؛ لِأَن أَفعاله تدل على الْوُجُوب تَارَة، وعَلى النّدب تَارَة، وعَلى الْإِبَاحَة تَارَة فَتعين التَّوَقُّف ليدل دَلِيل على أحدهم.
وَغَايَة مَا فِي هَذَا الْبَاب: أَن أَفعاله عليه السلام لَا تَخْلُو: أَن تخْتَص بِهِ أَو لَا: -
فَإِن اخْتصّت بِهِ كالوصال: فَلَا بحث فِيهِ.
وَإِن لم تخْتَص بِهِ فَلَا يَخْلُو: -
أَن تكون على وَجه الطَّاعَة أَو لَا: -
فَإِن كَانَت على وَجه الطَّاعَة: نظر: -
إِن دلّ دَلِيل على وُجُوبه: حمل عَلَيْهِ، كغسله من التقاء الختانين، وَزِيَادَة الرُّكُوع فِي صَلَاة الْكُسُوف دون سَائِر الصَّلَوَات.
وَإِن دلّ على النّدب: حمل عَلَيْهِ كالسنة الرَّاتِبَة، والتهجد لَيْلًا وَغير ذَلِك.
أما إِذا لم تكن على وَجه الطَّاعَة فمباحة كنومه عليه السلام، وَأكله، وَالله أعلم.