الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَلِيل على وجوب الْأَخْذ بقول كل وَاحِد مِنْهُم.
وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وَالله أعلم.
[تَعْرِيف الْخَبَر، وأقسامه، وتعريف الْمُتَوَاتر]
قَالَ: (وَأما الْأَخْبَار: فَالْخَبَر: مَا يدْخلهُ الصدْق وَالْكذب، وَهُوَ يَنْقَسِم إِلَى:
آحَاد، ومتواتر، فالمتواتر: مَا يُوجب الْعلم، وَهُوَ: أَن يروي جمَاعَة لَا يَقع التواطؤ على الْكَذِب من مثلهم إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الْمخبر عَنهُ، وَيكون فِي الأَصْل عَن مُشَاهدَة، أَو سَماع، لَا عَن اجْتِهَاد وأخبار) .
أَقُول: لما فرغ من بَيَان الْإِجْمَاع: شرع فِي بَيَان الْأَخْبَار، وَهُوَ الْبَاب الثَّانِي عشر.
وَالْأَخْبَار هِيَ: طَرِيق ثُبُوت السّنة الشَّرِيفَة إِلَيْنَا.
وَقد اخْتلفُوا فِي رسم الْخَبَر: - فَذهب جمَاعَة إِلَى عدم رسمه؛ إِذْ الرَّسْم للتعريف، وَالْخَبَر مَعْرُوف بِنَفسِهِ؛
إِذْ كل وَاحِد من الْعُقَلَاء يفرق بَين " قَامَ زيد " وَبَين " قُم يَا زيد " فَهَذَا ظَاهر من غير رسم.
وَذهب الشَّيْخ رحمه الله إِلَى رسمه بِأَنَّهُ [مَا] يدْخلهُ الصدْق وَالْكذب.
وَفِيه نظر؛ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ للْخَبَر، وَهُوَ جنس لَهَا، وَلَا يجوز تَعْرِيف الْجِنْس بالنوع؛ لِأَن النَّوْع لَا يعرف إِلَّا بِالْجِنْسِ.
وَفِيه نظر آخر: أَن الْخَبَر قد لَا يحْتَمل الْكَذِب الْبَتَّةَ كَقَوْل الْقَائِل: " الله رَبنَا " و " مُحَمَّد نَبينَا " و " النَّار حارة "، وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا لَا يحْتَمل الْكَذِب.
وَمن الْأَخْبَار مَا لَا يكون إِلَّا كذبا كَقَوْل الْكفَّار: " اتخذ الله ولدا " أَو " صاحبا " أَو " ثَالِث ثَلَاثَة " تَعَالَى الله عَن ذَلِك، و " الْجُزْء أعظم من الْكل " فَهَذَا لم
يحْتَمل الصدْق الْبَتَّةَ.
وَقَوله: " وَهُوَ يَنْقَسِم إِلَى آحَاد ومتواتر " ورسم الْمُتَوَاتر بِمَا يُوجب الْعلم يَقِينا من غير ظن، وَلِهَذَا أَشَارَ إِلَى حَقِيقَة التَّوَاتُر بقوله: وَهُوَ أَن يروي جمَاعَة لَا يَقع التواطؤ على الْكَذِب من مثلهم عَن جمَاعَة مثلهم - أَيْضا - وَكَذَلِكَ دَائِما: فَمَتَى خلت طبقَة من الطَّبَقَات لم يكن متواتراً؛ لِأَن التَّوَاتُر: تواصل شَيْء بعد شَيْء من غير انحصار عدد، بل إِذا أَفَادَ الْخَبَر الْعلم يَقِينا علم كَمَال عدد
التَّوَاتُر.
وَذهب جمَاعَة إِلَى حصرهم:
مِنْهُم من قَالَ: أَرْبَعَة؛ لأَنهم أَكثر نِصَاب الشَّهَادَة.
وَمِنْهُم من قَالَ: اثْنَي عشر، متمسكون بقوله تَعَالَى {وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا} [الْمَائِدَة الْآيَة: 12] .
وَمِنْهُم من قَالَ: سَبْعُونَ؛ لقَوْله تَعَالَى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا} [الْأَعْرَاف الْآيَة: 155]
وَمِنْهُم من قَالَ: ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثَة عشر رجلا كأصحاب بدر.