الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوله: " اسْتِصْحَاب الْحَال " إِلَى آخِره يُشِير إِلَى دَلِيل يرجع إِلَيْهِ عِنْد عدم الدَّلِيل الشَّرْعِيّ، وَهُوَ اسْتِصْحَاب الأَصْل الثَّابِت كَمَا لَو قيل هَل [يُوجد] صَلَاة وَاجِبَة زَائِدَة على الْخمس؟
قُلْنَا: لَا؛ لعدم الدَّلِيل الشَّرْعِيّ بِالزَّائِدِ. فَوَجَبَ التَّمَسُّك بِالْأَصْلِ، وَالله أعلم.
[التَّعَارُض وَالتَّرْجِيح]
قَالَ: (وَأما الْأَدِلَّة فَيقدم الْجَلِيّ على الْخَفي، والموجب للْعلم على الْمُوجب للظن، وَالْقِيَاس الْجَلِيّ على [الْقيَاس] الْخَفي، فَإِن وجد فِي النُّطْق مَا يُغير الأَصْل، وَإِلَّا: استصحب الْحَال) .
أَقُول: لما فرغ من الْحَظْر وَالْإِبَاحَة: شرع فِي كَيْفيَّة اسْتِعْمَال الْأَدِلَّة وَهُوَ: الْبَاب الْخَامِس عشر، فَأَشَارَ رحمه الله إِلَى أَنه إِذا تعَارض دليلان على الْمُجْتَهد: قدم الْجَلِيّ على الْخَفي كَرِوَايَة عَائِشَة رضي الله عنها: (إِذا التقى الختانان فقد وَجب الْغسْل) ثمَّ قَالَت: فعلته أَنا وَرَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- فاغتسلنا.
فَهَذِهِ مُقَدّمَة على رِوَايَة أبي هُرَيْرَة حِين روى: (المَاء من المَاء) ؛ لِأَن أَزوَاجه أعلم بِهَذَا من الرِّجَال.
وَكَذَا يقدم الدَّلِيل الْمُوجب للْعلم على الْمُوجب للظن كالدليل من الْكتاب، وَالسّنة المتواترة على الْآحَاد؛ فَإِن سنَنه الآحادية لَا تفِيد إِلَّا ظنا، فَكَانَ الدَّلِيل الْقطعِي مقدما على الظني.
وَكَذَا يقدم دَلِيل النُّطْق على دَلِيل الْقيَاس؛ لِأَنَّهُ أقوى؛ فَإِن الدَّلِيل إِذا ورد من الْكتاب، أَو السّنة قدم على الْقيَاس؛ إِلَّا إِذا دلّ الْقيَاس على الْخُصُوص فَإِنَّهُ مقدم كَمَا سبق من حمل الْعُمُوم على الْخُصُوص.
وَكَذَا يقدم الْقيَاس الْجَلِيّ على الْقيَاس الْخَفي.
والجلي هُوَ: الَّذِي يفهم بديهياً عِنْد سَمَاعه من غير تَأمل كقياس الْعلَّة مقدم على قِيَاس الشّبَه، كَمَا سبق: أَن قِيَاس الشّبَه أخْفى مِنْهُ.
وَكَذَا يقدم الْقيَاس الَّذِي توَافق عِلّة أَصله أصولاً كَثِيرَة على مَا توَافق أصولاً قَليلَة.
وَأما قَوْله رحمه الله: " فَإِن وجد فِي النُّطْق مَا يُغير الأَصْل، وَإِلَّا: فيستصحب الْحَال "[ف] فِيهِ نظر؛ لِأَنَّهُ قيد اسْتِصْحَاب الْحَال بِعَدَمِ وجود النُّطْق - فَقَط -، بل لَا يجوز اسْتِصْحَاب الْحَال إِلَّا عِنْد عدم وجود النُّطْق والفهم وَالْقِيَاس وَالله أعلم