الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَن سُكُوته إِقْرَار لَهُ فِيمَا سمع مِنْهُ.
وَإِن لم يقْرَأ الشَّيْخ، وَلَا هُوَ: فَلَا يجوز إِلَّا " أجازني "، أَو " أَخْبرنِي إجَازَة ".
وَفِيه دَلِيل على جَوَاز رِوَايَة الحَدِيث إجَازَة عِنْد الْمُتَأَخِّرين.
وَذهب قوم إِلَى عدم جَوَازهَا؛ لِأَنَّهَا لم تكن فِي الصَّدْر الأول. وَالله أعلم.
[تَعْرِيف الْقيَاس، وَذكر أقسامه]
قَالَ: (وَأما الْقيَاس: فَهُوَ رد الْفَرْع إِلَى الأَصْل فِي الحكم بعلة تجمعهما، وَهُوَ يَنْقَسِم إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام: قِيَاس عِلّة، وَقِيَاس دلَالَة، وَقِيَاس شبه) .
أَقُول: لما فرغ من بَيَان الْأَخْبَار: شرع فِي الْقيَاس، وَهُوَ الْبَاب الثَّالِث عشر.
وأصل الْقيَاس فِي اللُّغَة: التَّقْدِير، يُقَال:" قست الثَّوْب بالذراع " إِذا قدرته بِهِ
وَقد رسم الْقيَاس برسوم:
أظهرها عِنْد الشَّيْخ: " رد الْفَرْع إِلَى الأَصْل فِي الحكم بعلة تجمعهما ".
يُشِير إِلَى إِمْكَان الْقيَاس وَهُوَ: لَا يحصل إِلَّا بِثَلَاثَة أَرْكَان: " أصل "، و " فرع " و " عِلّة بَينهمَا "؛ ليحكم على الْفَرْع بِمَا حكم على الأَصْل.
مِثَاله: بيع الْحِنْطَة بِمِثْلِهَا مُتَفَاضلا حَرَامًا اتِّفَاقًا للْحَدِيث، فقسنا عَلَيْهَا بيع الذّرة بِمِثْلِهَا مُتَفَاضلا؛ لِأَن الْعلَّة فِي تَحْرِيم التَّفَاضُل فِي الأَصْل هُوَ: الطّعْم، وَهُوَ مَوْجُود فِي الذّرة، فَحكم على الذّرة [ب] مَا حكم على الأَصْل؛ لعِلَّة بَينهمَا.
وَهَذَا دَلِيل ظَاهر على وجوب الْعَمَل بِالْقِيَاسِ.
وَبِه قَالَ جُمْهُور أهل السّنة.
وَذهب قوم إِلَى عدم الْعَمَل بِهِ.
وَبِه قَالَ دَاوُد الظَّاهِرِيّ.
مُتَمَسِّكِينَ بقوله تَعَالَى: {مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} [الْأَنْعَام الْآيَة: 38، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} [النِّسَاء الْآيَة: 59] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا} [يُونُس الْآيَة: 36]
واحتجزوا - أَيْضا - بِأَحَادِيث من السّنة، وَأجِيب عَن جَمِيعهَا وَالْحَمْد لله، فَلَا نطول فِيمَا لَا حَاجَة لنا فِيهِ.
إِنَّمَا اقْتصر على أَدِلَّة الْجُمْهُور وَالله الْمُسْتَعَان. أَقُول: من الْأَدِلَّة على وجوب الْعَمَل بِالْقِيَاسِ قَوْله تَعَالَى {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} [الْحَشْر الْآيَة: 2] فَإِن الِاعْتِبَار مُشْتَقّ من العبور، وَهُوَ الْمُجَاوزَة من شَيْء إِلَى آخر، وَهَذَا عين الْقيَاس؛ لِأَنَّهُ مُجَاوزَة الحكم من الأَصْل إِلَى الْفَرْع.
وَمِنْهَا: قصَّة معَاذ، وَأبي مُوسَى حِين أرسلهما قاضيين إِلَى الْيمن قَالَ:
لَهما: (بِمَ تقضيان؟) قَالَا: بِكِتَاب الله، قَالَ:(فَإِن لم تجداه؟) قَالَا: (بِسنة رَسُول الله - تَعَالَى -) قَالَ: (فَإِن لم تجداه؟) قَالَا: (نجتهد رَأينَا) فأقرهما على ذَلِك.
وَمِنْهَا: إِجْمَاع الصَّحَابَة على عدم الْإِنْكَار على من فعله فِي زمنهم كاختلافهم فِي تَوْرِيث الْجد والأكدرية، وَمن قَالَ لزوجته: أَنْت [عَليّ] حرَام فَكل مِنْهُم ذهب إِلَى قِيَاسه، وَعمل بِهِ، وَلم يُنكر غَيره عَلَيْهِ.