الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ بكامل الْأَدِلَّة مَا يذكرهُ - بعد - مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي [استنباط] الْأَحْكَام من النَّحْو، واللغة، إِلَى آخِره، فَيعلم من النَّحْو والتصريف مَا يحْتَاج - فَقَط - لَا غوامضه وشواهده، وَمن اللُّغَة مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ من آيَات الْأَحْكَام الَّتِي فِي الْكتاب وَالسّنة.
وَلَا بُد من معرفَة الرِّجَال؛ ليَأْخُذ بِرِوَايَة الْعدْل، دون الْمَجْرُوح، لَكِن لَو أَخذ. من الصَّحِيحَيْنِ: جَازَ الِاقْتِصَار عَلَيْهِمَا من غير معرفَة رجالهما.
وَلَا بُد أَن يكون عَالما بتفسير الْآيَات وَالْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي الْأَحْكَام؛ ليتَمَكَّن بالإفتاء مِنْهَا وَالله أعلم.
[مَا يشْتَرط فِي المستفتي]
قَالَ: (وَمن شَرط المستفتي: أَن يكون من أهل التَّقْلِيد، فيقلد الْمُفْتِي فِي الْفَتْوَى،
وَلَيْسَ للْعَالم أَن يُقَلّد، وَقيل: يُقَلّد) .
أَقُول: لما فرغ من بَيَان الْمُفْتِي: شرع فِي بَيَان المستفتي، وَهُوَ الْبَاب السَّابِع عشر.
فَقَوله: " من شَرط المستفتي: أَن يكون من أهل التَّقْلِيد " احْتِرَاز عَمَّن اجْتمعت فِيهِ شَرَائِط الِاجْتِهَاد، فَلَا يجوز لَهُ أَن يُقَلّد.
بِخِلَاف الْعَاميّ فَيجوز لَهُ أَن يَأْخُذ دينه من غَيره؛ إِذا لَو كلف النَّاس - كلهم -[بِالِاجْتِهَادِ] : لبطلت مَعَايشهمْ بِسَبَب اشتغالهم بأدوات الِاجْتِهَاد.
وَقَوله: " فيقلد الْمُفْتِي " يُشِير إِلَى مَسْأَلَتَيْنِ:
إِحْدَاهمَا: انه لَا يجوز للعامي أَن يُقَلّد كل أحد، بل لمن يكون أَهلا للتقليد،
ليخرج عَن الْعهْدَة، ويتحملها الْمُفْتِي.
وَالثَّانيَِة: أَنه لَا يجوز أَن يُقَلّد الْعَالم بِمُجَرَّد فعله؛ لاحْتِمَال أَن يكون ترخص فِيهِ: وَذَلِكَ بِأَن يرى الْعَاميّ الْعَالم يفعل شَيْئا، فَلَا يقلده فِيهِ، بل يسْأَل عَنهُ: إِن أفتاه بِهِ جَازَ، وَإِلَّا: فَلَا.
وَقَوله: " وَقيل: يُقَلّد " يُشِير إِلَى أَن الْعَالم يجوز لَهُ التَّقْلِيد فِيمَا أشكل عَلَيْهِ.
وَبِه قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل، وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وسُفْيَان
الثَّوْريّ.
وَالْأول: أظهر لِأَنَّهُ مُكَلّف بِالنّظرِ وَالِاسْتِدْلَال. وَالله أعلم