الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا الْعقل دَال على وجوب الْعَمَل بِالْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَن الحكم إِذا تعلق بِالْأَصْلِ: كَانَ تعلقه بالفرع أولى.
فَهَذِهِ أَدِلَّة من الْكتاب، وَالسّنة، وَالْإِجْمَاع، وَالْعقل وَالله أعلم.
[بَيَان أَقسَام الْقيَاس]
قَالَ: (فَقِيَاس الْعلَّة: مَا كَانَت الْعلَّة فِي مُوجبَة، وَقِيَاس الدّلَالَة هُوَ: الِاسْتِدْلَال بِأحد النظيرين على الآخر، وَهُوَ: أَن تكون الْعلَّة دَالَّة على الحكم، وَلَا تكون مُوجبَة، وَقِيَاس الشّبَه هُوَ: الْفَرْع المتردد بَين أصلين فَيلْحق بأكثرهما شبها) .
أَقُول: لما قسم الْقيَاس ثَلَاثَة إقسام - إِجْمَالا - شرع فِي تَفْصِيله، فَبَدَأَ بِقِيَاس الْعلَّة؛ لِأَنَّهَا أعظم أَرْكَان الْقيَاس.
وَغَايَة مُرَاد الشَّيْخ رحمه الله: أَن الْعلَّة الْمَوْجُودَة فِي الأَصْل لَا بُد أَن تكون فِي الْفَرْع؛ إِذا لَا يحسن عقلا أَن نقيس الْفَرْع عَلَيْهِ مَعَ خلو الْعلَّة.
مِثَاله: قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ وَلَا تنهرهما} [الْإِسْرَاء الْآيَة: 23] فَهَذَا التَّحْرِيم للإكرام لَهما، فقسنا على التأفيف الضَّرْب؛ إِذْ لَا يحسن تَحْرِيم التأفيف وَإِبَاحَة الضَّرْب.
وَكَذَا قيس على الزِّنَا اللواط، لِأَن الْعلَّة فِي الأَصْل: (الايلاج فِي فرج محرم، وَهِي مَوْجُودَة فِي اللواط.
وَكَذَا قيس على نَهْيه عليه السلام عَن العوراء فِي الْأُضْحِية: العمياء؛ لِأَنَّهَا أَسْوَأ مِنْهَا؛ إِذْ لَا يحسن النَّهْي عَن العوراء، وَالْإِبَاحَة فِي العمياء مَعَ وجود الْعلَّة فيهمَا وَهُوَ " النَّقْص ".
وَأما قِيَاس الدّلَالَة كوجوب الزَّكَاة فِي مَال الصَّبِي؛ قِيَاسا على مَال الْبَالِغ؛
فَإِن الْعلَّة الجامعة بَينهمَا: دفع حَاجَة الْفَقِير بِجُزْء من المَال النامي.
وَهَذَا قريب - أَيْضا - من الْقيَاس الأول.
وَلِهَذَا بعض الْعلمَاء جَعلهمَا قِيَاسا وَاحِدًا؛ لِأَن الْفرق بَينهمَا خَفِي وَهُوَ الحكم، قد يجوز فِي الْعقل [أَن مَال الصَّبِي لَا تجب] فِيهِ الزَّكَاة بِهَذِهِ الْعلَّة، بل بعلة أُخْرَى.
و [لهَذَا قَالَ]رحمه الله أَن تكون الْعلَّة دَالَّة على الحكم [وَلَا تكون مُوجبَة أَي] : مقتضية للْحكم؛ لجَوَاز خلوها عَنهُ.
بِخِلَاف [الْقيَاس الأول فَلَا بُد] مِنْهَا.
وَأما قِيَاس الشّبَه، وَهُوَ: تردد الْفَرْع بَين أصلين - كَمَا ذكر الشَّيْخ رحمه الله يلْحق بأكثرهما شبها.
[مِثَاله: " كَعبد] قتل عمدا " فضمانه مُتَرَدّد بَين اصلين وَهُوَ: " ضَمَان الْإِنْسَان " و " ضَمَان الْبَهَائِم "؛ لِأَنَّهُ يشبه الْإِنْسَان فِي الذَّات، والبهائم فِي الْملك.
فرجح الشَّافِعِي إِلْحَاقه بالبهائم، لِكَثْرَة شبهه بالبهائم، دون الْأَحْرَار؛ لكَونه يُبَاع، وَيُوقف، وَيُورث، وَضَمان أَجْزَائِهِ بِالنَّقْصِ.
وَذهب ابْن علية إِلَى إِلْحَاقه بالأحرار؛ تَغْلِيبًا للصورة.