المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابعإمارة ألبونت - دولة الإسلام في الأندلس - جـ ٢

[محمد عبد الله عنان]

فهرس الكتاب

- ‌العصر الثانيدُوَل الطَّوَائِف مُنْذ قيامِهَا حَتّى الفتحْ المرابِطي

- ‌مقدمةالطبعة الأولى

- ‌تصدير

- ‌تمهيدنذر الانحلال والتفكك

- ‌الكِتابُ الأوّلقرطبة ودول الطوائفْ في الأندلس الغربية والوسطى

- ‌الفصل الأوّلدولة بني جهور في قرطبة

- ‌الفصل الثانيبنو عباد ومملكة إشبيلية

- ‌الفصل الثالِثبنو عباد ومملكة إشبيلية

- ‌الفصل الرّابعبنو الأفطس ومملكة بطليوس

- ‌الفصل الخامِسُمملكة بني ذى النون في طليطلة

- ‌الكِتابُ الثانيالدّول البربريَّة في جنوبيِّ الأندلس

- ‌الفصل الأوّلدولة بني مناد البربرية في غرناطة ومالقة

- ‌الفصْل الثاني الإمارات البربرية الأخرى

- ‌الكتابُ الثالِثدول الفتيان الصقالبة وخلفائهم في شرقيّ الأندلس

- ‌الفصْل الأوّل مملكة ألمرية

- ‌الفصل الثانِيمملكة مرسية

- ‌الفصل الثالِثمملكة دانية والجزائر

- ‌الكتاب الرابعدول الطوائف في منطقة بلنسية

- ‌الفصْل الأوّل مملكة بلنسية

- ‌الفصل الثانِيمملكة بلنسية

- ‌الفصل الثالِثإمارة شنتمرية الشرق

- ‌الفصل الرابعإمارة ألبونت

- ‌الكتاب الخامِسدول الطوائف في الثغر الأعلى

- ‌الفصْل الأوّلمملكة سرقسطة

- ‌الفصل الثانيمملكة سرقسطة

- ‌الكتِاب السادسموقعة الزلاّقة والفتح المرابطيّ

- ‌الفصْل الأوّلنشأة المرابطين

- ‌الفصل الثانِىموقعة الزلاّقة

- ‌الفصل الثالِثالفتح المرابطي

- ‌الفصل الرّابعالفتح المرابطي

- ‌الكِتابُ السابعالممالك الإسبانية النصرانيّة خلال القرن الحادي عشر الميلاديّ

- ‌الفصل الأوّلالمملكة الإسبانية الكبرى

- ‌الفصل الثانِيإسبانيا النصرانية عقب وفاة فرناندو الأول

- ‌الفصل الثالِثالنصارى المعاهدون

- ‌ثبت المراجع

الفصل: ‌الفصل الرابعإمارة ألبونت

‌الفصل الرابع

إمارة ألبونت

ألبونت وموقعها. قيام عبد الله بن قاسم بها. انضواؤه تحت لواء الخلافة الأموية. إيواؤه للمرتضي وأخيه المعتد بالله قبل توليهما للخلافة. وفاة عبد الله وقيام ولده محمد مكانه. تلقبه بيمن الدولة. ولده أحمد بن محمد الملقب بعز الدولة. وفاته وولاية ولده الطفل. خلع الأمير الطفل وولاية عمه عبد الله بن محمد. حكمه الطويل. زحف السيد على ألبونت. خضوع عبد الله واعترافه بطاعة ملك قشتالة وأداؤه الجزية. استيلاء المرابطين على ألبونت. عبد الله بن محمد ومواهبه الأدبية والشعرية.

على مقربة من شنتمرية الشرق، وإلى الجنوب الشرقي منها، كانت تقع إمارة صغيرة أخرى من إمارات الطوائف، هي إمارة ألبونت أو ألبنت.

وتقع مدينة ألبونت (1) هذه، في وسط الطريق بين قسطلونة وقونقة، على مقربة من نهر طورية في حمى الجبال. وقد قام بها منذ بداية الفتنة عبد الله بن قاسم الفهري، وهو من زعماء البيوت العربية في تلك المنطقة، فحكمها واستقل بها وبما حولها من الأراضي. وقد كان بنو قاسم هؤلاء من نسل عبد الملك بن قطن الفهري، الذي ولى إمارة الأندلس عقب موقعة بلاط الشهداء، ومقتل أمير الأندلس عبد الرحمن الغافقي، وذلك في أواخر سنة 114 هـ (732 م)(2).

ولم يشترك عبد الله في شىء من الحوادث، التي كانت تجري يومئذ، في شرقي الأندلس أو جنوبه، نظراً لبعد إمارته عن مصرح الحوادث. بيد أنه كان من أنصار الخلافة الأموية، يعترف بطاعتها ويدعو لها، مع طائفة الفتيان العامريين.

وكانت بلدة ألبونت منزل عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الناصر، وأخيه هشام، يعيشان في كنفه، وتحت رعايته، ومن ألبونت خرج عبد الرحمن حينما رشحه خيران وزملاؤه الفتيان العامريون للخلافة، باسم المرتضي. ولما قتل المرتضي في المعركة التي نشبت بين أنصاره، وبين البربر أمام غرناطة، في سنة 409 هـ، لجأ أخوه هشام إلى حماية عبد الله بن قاسم، ولبث في ألبونت

(1) وهي بالإسبانية Alpuente

(2)

المقري نقلا عن الحجاري في نفح الطيب ج 2 ص 58.

ص: 260

حتى اختاره أهل قرطبة للخلافة، وذلك في ربيع الآخر سنة 418 هـ، وعندئذ تلقب بالمعتد بالله، ولبث مقيماً في ألبونت مدة عامين وسبعة أشهر، وهو يخطب له في قرطبة. ثم سار بعدئذ إلى قرطبة، ودخلها في ذي الحجة سنة 420 هـ، حيث جددت له البيعة، واستمر في كرسي الخلافة عامين آخرين (1).

واستمر عبد الله بن قاسم في حكم إمارته الصغيرة، حتى توفي سنة 421 هـ (1030 م)، فخلفه ولده محمد بن عبد الله الملقب بيمن الدولة، وحكم ألبونت زهاء اثنتى عشرة عاماً. ولم تدون لنا الرواية أية حوادث وقعت في عهده.

ولما توفي في سنة 434 هـ (1042 م)، خلفه في الحكم ولده أحمد بن محمد بن عبد الله الملقب بعز الدولة، وحكم حتى وفاته في سنة 440 هـ (1048 م)، فأقام بعض أصحابه للحكم مكانه ولده الطفل محمداً، وكان في نحو السابعة من عمره، وقام بالوصاية عليه جده لأمه المدعو قاسم، وهو الذي دبر ولاية الأمير الطفل. ولكن هذا العمل لم يرق في نظر عبد الله بن محمد عم الأمير الطفل، وأخى والده أحمد، وكان يرى نفسه أحق بالولاية، وتؤازره في ذلك جماعة قوية من الأنصار، فدبروا أمرهم ووثبوا بالوصي قاسم واعتقلوه، وصرف الأمير الصبي إلى حجر أمه، ولما يمض على حكمه بضعة أشهر، وتسلم عبد الله مقاليد الحكم وتلقب بجناح الدولة، أو نظام الدولة وفقاً لرواية أخرى، وتزوج من والدة الصبي أرملة أخيه اتقاء لأطماعها ودسائسها، وسار في حكم الإمارة دون منازع.

واستمر عبد الله بن محمد في حكم إمارة البونت أكثر من أربعين عاماً، ولم تقع في عهده الطويل حوادث ذات شأن، إلا حينما غدت هذه المنطقة كلها فريسة لعدوان السيد إلكمبيادور ومغامراته، حسبما فصلنا ذلك من قبل في تاريخ مملكة بلنسية. ففي سنة 482 هـ (1089 م) زحف السيد بقواته على إمارة ألبونت وعاث فيها وخرب أراضيها، واضطر صاحبها عبد الله بن محمد إلى الاعتراف بطاعة ملك قشتالة، وإلى أن يؤدي جزية قدرها عشرة آلاف دينار، وذلك أسوة بما فرض على جاره أبي مروان بن زرين صاحب شنتمرية الشرق.

ولما استولى المرابطون على بلنسية في سنة 495 هـ (1102 م)، استولوا

(1) راجع البيان المغرب ج 3 ص 127 و 145.

ص: 261

بسرعة على معظم القواعد والحصون الواقعة في تلك المنطقة، ومنها ألبونت. وفي رواية أخرى أن آل قاسم أصحاب ألبونت استمروا في حكمها حتى سنة 500 هـ (1106 م)(1). ولكن الرواية الأولى أرجح فيما يبدو، لأن المرابطين استولوا على شنتمرية الشرق في سنة 497 هـ، وأغلب الظن أنهم استولوا قبل ذلك على ألبونت الواقعة في جنوبها، وذلك في سنة 496 هـ (1103 م)(2).

وكان الأمير عبد الله بن محمد قاسم أديباً شاعراً جيد النثر والنظم، وقد أورد له الحجاري صاحب " المسهب " هذه الأبيات:

خلعت عن الملك لكنني

عن الصبر والمجد لا أخلع

رماني الزمان بأرزائه

وغيري من خطبه يجزع

فليس فؤادي بالملتظى

ولا مقلتي حسرة تدمع

ولي أمل ليته لم يكن

فكم ذا يغر وكم يخدع

ومن قوله من قصيدة:

أما لكل نبيه في العلا حيل

تفضي الحقوق بها والمرء منقبض

كن كيف شئت فمن دأبي محافظة

على الذمام وعهد ليس ينتقض

وهمة لم تضق ذرعاً بحادثة

إن الكريم على العلات ينتهض

والحر حر وصنع الله منتظر

والذكر يبقى وعمر المرء ينقرض (3)

(1) البيان المغرب ج 3 ص 215.

(2)

راجع في أخبار إمارة ألبونت: البيان المغرب ج 3 ص 127 و 145 و 215، وأعمال الأعلام ص 208. وكذلك: R.M.Pidal ; ibid.p. 360 & 448

(3)

راجع في رسائل عبد الله وقصائده: قلائد العقيان ص 127 - 132؛ والمغرب في حلي المغرب ج 2 ص 396 - 398.

ص: 262