الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
498 - بَابٌ: فِي فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذَا ابْتَكَرَ، فَدَنَا، وَأَنْصَتَ، وَلَمْ يَلْغُ
2972 -
حديثُ أَوْسِ بنِ أَوْسٍ:
◼ عَنِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَنْ غَسَلَ
(1)
يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ (غَدَا) وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ [وَأَنْصَتَ] 1، وَلَمْ يَلْغُ [حَتَّى يَنْصَرِفَ الإِمَامُ] 2، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا)).
[الحكم]:
صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: الأوزاعيُّ، وابنُ خُزيمةَ، والعُقيليُّ، وابنُ السكنِ، وابنُ حِبَّانَ، والحاكمُ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ العطَّارِ، والعينيُّ، وابنُ حَجرٍ الهيتميُّ، والألبانيُّ، وحَسَّنَهُ: الترمذيُّ، والبغويُّ، وابنُ الصَّلاحِ، والنوويُّ.
[الفوائد]:
اختلفَ العلماءُ في معنى قوله (غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ):
فقال مكحولٌ، وسعيد بن عبد العزيز:"غسل رأسه وغسل جسده"، أسندَهُ عنهما أبو داود في (السنن 349، 350)، وبنحوهما قال ابنُ المبارك، كما حَكَاه عنه الترمذيُّ عقب الحديث.
(1)
رواه بعضهم بتشديد السين، وبعضهم بتخفيفها، وذكر الخطابي، والنووي، وغيرهما، أن الصواب: بالتخفيف، كما تجده في (الفوائد).
وأسندَ عن كيعٍ أنه قال: "اغتسلَ هو، وغَسَّل امرأته".
وقال ابنُ حِبَّانَ -عقبه-: " (مَنْ غَسَّلَ) يريد: غسل رأسه، (وَاغْتَسَلَ) يريد: اغتسل بنفسه؛ لأن القوم كانت لهم جُمَمٌ احتاجوا إلى تعاهدها، وقوله: (بَكَّرَ وَابْتَكَرَ) يريد به: بَكَّرَ إلى الغسل، وابتكر إلى الجمعة".
وقال ابنُ قتيبة: "أكثر الناس يذهبون في (غَسَّلَ) إلى أنه أرادَ مجامعة الرجل أهله قبل خروجه إلى الصلاة؛ لأنه لا يؤمن عليه أن يرى في طريقه ما يحرك منه ويشغل قلبه.
ويذهب آخرون أنه أراد بقوله (غَسَّلَ): توضأ للصلاة، فغسل جوارح الوضوء وثقل الفعل؛ لأنه أراد غسلًا بعد غسل؛ لأنه إذا أسبغ وأكمل الطهور غسل كل عضو ثلاث مرات، ثم اغتسل بعد ذلك غسل الجمعة" (غريب الحديث 1/ 289).
وقال الخطابيُّ: " (غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ). يرويه بعضهم: (غَسَّلَ)، بتشديد السين، وليس بجيد، وإنما هو (غَسَلَ)، بالتخفيف. ويتأول على وجهين: أحدهما: أن يكون أراد به اتباع اللفظ، والمعنى واحد. كما قال في هذا الحديث: (اسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ). والوجه الآخر: أن يكون قوله (غَسَلَ) إنما أراد: غسل الرأس، وخص الرأس بالغسل لما على رؤوسهم من الشعر، ولحاجتهم إلى معالجته وتنظيفه، وأما الاغتسال فإنه عام للبدن كله"(إصلاح غلط المحدثين صـ 25).
وقال النوويُّ: "وَرُوِي (غَسَلَ) بتخفيف السين، و (غَسَّلَ) بتشديدها، روايتان مشهورتان والأرجح عند المحققين بالتخفيف.
فعلى رواية التشديد في معناه ثلاثة أوجه؛ أحدها: غسل زوجته بأن جامعها
فألجأها إلى الغسل، واغتسل هو، قالوا: ويستحب له الجماع في هذا اليوم ليأمن أن يرى في طريقه ما يشغل قلبه.
والثاني: أن المراد غسل أعضاءه في الوضوء ثلاثًا ثلاثًا ثم اغتسل للجمعة.
والثالث: غسل ثيابه ورأسه، ثم اغتسل للجمعة.
وعلى رواية التخفيف في معناه هذه الأوجه الثلاثة؛ أحدها: الجماع، قاله الأزهري قال: ويقال: غسل امرأته إذا جامعها.
والثاني: غسل رأسه وثيابه.
والثالث: توضأ" (المجموع 4/ 543).
[التخريج]:
[د 345 (واللفظُ لَهُ) / ت 501/ ن 1397، 1400، 1414/ كن 1851، 1857، 1858، 1875، 1876 (والزيادةُ الثانيةُ لَهُ ولغيرِهِ)، 1904/ جه 1054/ حم 16172، 16174 (والروايةُ لَهُ ولغيرِهِ)، 16175، 16176، 16178، 16961، 16962، 16963/ مي 1573 (والزيادةُ الثالثةُ له) / خز 1843، 1852/ حب 2781/ ك 1055، 1056/ طي 1210/ سعد (8/ 72) / ش 5028/ أسلم 12/ غقت (1/ 290) / مث 1573 - 1576/ جم 51/ نو 27/ لا 920، 921/ طوسي 466/ طح (1/ 368) / قا (1/ 27) / طب (1/ 214 - 216/ 582 - 588) / طس 1753/ طش 340، 556، 557، 900 - 902، 1100، 1267/ رشيق 79/ غافل 417/ مخلص 2625/ تمام 2، 348، 1256، 1530، 1531/ صحا 986، 987/ بشن 1606/ هق 5944/ هقع 6591/ شعب 2728/ هقف 270/ حنائي 92/ ضح (2/
345 -
346) / بغ 1064، 1065/ بغت (8/ 122) / غيب 899، 920/ كر (8/ 363)، (9/ 398 - 402)، (36/ 120، 200)، (43/ 299)، (45/ 281)، (53/ 71، 73 - 74)، (57/ 314)، (64/ 106) / أسد (1/ 312)].
[السند]:
قال أبو داود: حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي حبي، حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعي، حدثني حسان بن عطية، حدثني أبو الأشعث الصنعاني، حدثني أوس بن أوس الثقفي، به.
ورواه ابنُ أبي شيبة في (المصنف)، وأحمدُ (16962، 16963) وغيرهما: من طريق ابن المبارك، به.
ورواه أحمدُ (16172، 16961)، وابنُ خُزيمةَ (1843)، عن محمد بن العلاء بن كريب، ومحمد بن يحيى بن الضريس، وعبدة بن عبد الله الخزاعي. أربعتهم: عن حسين الجعفي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، به.
ورواه أحمدُ (16178)، والترمذيُّ، وغيرهما، من طرقٍ عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن عيسى، عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعث الصنعاني، به.
ورواه النسائيُّ: من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن يحيى بن الحارث، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُه ثقاتٌ؛ فأبو الأشعث الصنعاني وهو شراحيل بن
آدة: ثقةٌ من كبار التابعين، من رجال مسلم، وَثَّقَهُ العجليُّ في (معرفة الثقات وغيرهم 2080)، وذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 4/ 365)، وقال في (مشاهير علماء الأمصار 866):"كان متقنًا"، وقال ابنُ عبدِ البرِّ: تابعيٌّ ثقةٌ" (إكمال تهذيب الكمال 6/ 227)، وقال الذهبيُّ: "من كبار علماء دمشق" (سير أعلام النبلاء 4/ 357)، وقال في (الكاشف 2254): "ثقةٌ"، وكذا قال الحافظ في (التقريب 2761).
وقد صَحَّحَ حديثَه هذا جماعة من العلماء، كما سيأتي.
وَرَوَى هذا الحديثَ عنه جماعةٌ من الثقات، منهم:
حسان بن عطية: ثقةٌ، فقيه عابد، من أئمة الشام.
وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر: ثقةٌ من رجال الشيخين.
ويحيى بن الحارث الذماري: ثقةٌ من رجال الأربعة.
وأبو قلابة الجرمي: ثقةٌ من رجال الشيخين، كما سيأتي في الرواية التالية.
ولذا صحَّح هذا الحديثَ جماعةٌ من العلماء:
فقال الأوزاعيُّ: "ثبتَ الحديثُ أن له بكل قدمٍ عمل سنة"(المعجم الكبير للطبراني 1/ 215).
وقال الترمذيُّ: "حديثٌ حسنٌ".
وَرَوَى نحوه العقيليُّ من حديثِ ابنِ عباسٍ وَضَعَّفَهُ، ثم قال:"وهذا الكلام يُروَى بغير هذا الإسناد، بإسناد صالح، عن أوس بن أوس الثقفي وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بإسناد صالح"(الضعفاء 2/ 270).
وصَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ، وابنُ حِبَّانَ في (صحيحيهما)، وابنُ السكنِ -كما في
(تحفة المحتاج 638) -، وابنُ العطارِ في (العدة في شرح العمدة 2/ 688)، وابنُ حَجرٍ الهيتميُّ في (المنهاج القويم صـ 182).
وقالَ الحاكم: "قد صَحَّ هذا الحديثَ بهذه الأسانيد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وذكره عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 2/ 97)، وسكتَ عنه مصححًا له.
وذكره في (الأحكام الصغرى 1/ 313) التي اشترط فيها الصحة.
وحَسَّنَهُ: البغوي في (شرح السنة 4/ 236)، والنوويُّ في (المجموع 4/ 542).
وقال ابنُ الصلاح: "حديثٌ ثابتٌ له مرتبة الحديث الحسن"(شرح مشكل الوسيط 2/ 297).
وقال ابنُ كَثيرٍ: "رواه أحمدُ، وأهلُ السننِ، وله إسنادٌ على شرطِ مسلمٍ، ومنهم من علله"(إرشاد الفقيه 1/ 199).
كذا قال، ولم يذكر ابنُ كَثيرٍ من علله، وبم أعلوه، فإنا لم نقفْ على أحدٍ تكلَّم فيه، والله أعلم.
وقال العينيُّ: "إسناده رجالُه ثقاتٌ"(نخب الأفكار 6/ 44).
وقال الألبانيُّ: "إسنادُهُ صحيحٌ"(صحيح أبي داود 373).
روايةُ وذَلكَ عَلَى اللَّهِ يَسيرٌ:
• وَزَادَ فِي رِوَايةٍ: ((وذَلكَ عَلَى اللَّهِ يَسيرٌ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ.
[التخريج]:
[عب 5640 (واللفظُ لَهُ) / طب (1/ 214/ 581) / صحا 988/ معكر 1019].
[السند]:
رواه عبدُ الرَّزاقِ -ومن طريقه الطبراني، وأبو نُعيم، وابن عساكر-، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُه ثقاتٌ، رجال الصحيح.
روايةُ غَسَلَ رَأْسَهُ:
• وَزَادَ فِي رِوَايةٍ: ((مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ
…
)).
[الحكم]:
صحيح المتن، دون زيادة:(رَأْسَهُ) فموضوعةٌ.
[التخريج]:
[د 346 (واللفظُ لَهُ) / حم 16161/ عب 1007/ طب (1/ 216/ 587)].
[السند]:
رواه أبو داود، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبادة بن نسي، عن أوس الثقفي، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ، عدا سعيد بن أبي هلال، ففيه كلام؛ وَثَّقَهُ جماعةٌ، ولكن قال أحمدُ:"ما أدري أيُّ شيء يخلط في الأحاديث"(تهذيب التهذيب 4/ 95)، وقال الحافظ:"صدوقٌ، لم أَرَ لابنِ حزمٍ في تضعيفه سلفًا، إلا أن الساجيَّ حكى عن أحمدَ أنه اختَلط"(التقريب 2410).
وهذا الحديث لم يسمعه من عبادة بن نسي؛ فقد رواه الطبرانيُّ في (المعجم الكبير 1/ 216/ 588) من طريقين: عن ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن سعيد بن أبي هلال حدثه، عن محمد بن سعيد، عن عبادة بن نسي، عن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَنْ غَسَلَ وَاغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، ثُمَّ غَدَا،
…
))، الحديث كذا بدون زيادة:(رَأْسَهُ).
ورواه عبدُ الرَّزاقِ-ومن طريقه أحمدُ، والطبرانيُّ-، عنِ ابنِ جُريجٍ،
عن عمر بن محمد، عن سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن سعيد الأسدي، عن أوس بن أوس، به. كذا بإسقاط (عبادة)، وبإثبات الزيادة.
ومحمد بن سعيد الأسدي هذا هو: ابن حسان الكذَّاب الوضَّاع المصلوب في الزندقة، فيبدو أن هذه الزيادة من وضعه، والله أعلم.
* * *
روايةُ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ:
• وَفِي رِوَايةٍ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: ((مَنْ غَسَلَ وَاغْتَسَلَ، وَغَدَا وَابْتَكَرَ، وَدَنَا، وَأَنْصَتَ وَاسْتَمَعَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى فَقَدْ لَغَا)).
[الحكم]:
صحيحٌ المتنِ من غير هذا الوجه؛ لكن المحفوظ من حديث أوس الثقفي أنه بذكر أجر سنة صيامها وقيامها لكل خطوة.
[التخريج]:
[ك 1054 (واللفظُ لَهُ) / حذلم (أوزاعي 13) / هق 5931/ هقف 269].
[التحقيق]:
هذا الحديث بهذا اللفظ له طريقان:
الطريق الأول:
رواه الحاكمُ -وعنه البيهقي في (السنن)، و (فضائل الأوقات) - قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الحميد
الحارثي، ثنا حسين بن علي الجعفي، ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، به.
وهذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ؛ إلا أن أحمد بن عبد الحميد الحارثي قد خُولِفَ في متنه:
فقد رواه أحمدُ (16172، 16961).
والنسائي في (الكبرى 1904)، عن موسى بن عبد الرحمن الكوفي.
وابنُ خُزيمةَ (1843)، عن محمد بن العلاء بن كريب، ومحمد بن يحيى بن الضريس، وعبدة بن عبد الله الخزاعي.
والسمرقنديُّ في (تنبيه الغافلين 418) من طريق محمد بن فضيل.
ستتهم: عن حسين الجعفي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، به بلفظ:((مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، وغَدَا وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، فدَنَا وَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ كَأَجْرِ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا)).
وكذا رواه جماعةٌ من الثقاتِ عن أبي الأشعثِ الصنعانيِّ، كما تقدَّم بيانُه.
وعليه؛ فهذه الرواية شاذَّةٌ، لتفرد أحمد بن عبد الحميد الحارثي بها، ومخالفته لرواية الثقات الأثبات من أصحاب حسين الجعفي.
وأحمد بن عبد الحميد ليس بذاك الحافظ، فإنما ذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 51)، وَثَّقَهُ الدارقطنيُّ في (سؤالات الحاكم له 2)، وقال مسلمةٌ:"لا بأسَ به"(الثقات لابن قطلوبغا 360).
فمخالفة مثله لجبل الحفظ والإتقان الإمام أحمد -وحده-، تعد شاذةً، كيف وقد تابع أحمدَ جماعةٌ من الثقات الأثبات؟ ! .
ولعلَّ الوَهْمَ منَ الحاكمِ نفسِه، فإن له في كتاب (المستدرك) أوهامًا نحو ذلك كثيرًا.
وقد أشارَ البيهقيُّ إلى شذوذِ هذه الرواية بقوله -عقبها-: "ورواه حسان بن عطية، عن أبي الأشعث؛ غير أنه قَالَ: ((ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ، وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ، أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا)) "(فضائل الأوقات صـ 490).
الطريق الثاني:
رواه ابنُ حذلم في (جزء من حديث الأوزاعي)، قال: حدثنا أبو زُرعة عبد الرحمن بن عمرو، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي الأشعث، عن أوس بن أوس، به.
وهذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ، إلا أن الحديثَ بهذا اللفظِ مع هذا الإسنادِ شاذٌّ لا يصحُّ؛
فقد رواه ابنُ أبي شيبةَ في (مصنفه 5028)، بهذا الإسنادِ، باللفظِ المحفوظِ:((عَمَلُ سَنَةٍ، أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا)).
وكذا رواه من طريقِ ابنِ أبي شيبةَ: ابنُ ماجه (1054)، وابنُ أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 1573)، وأبو بكر المروزيُّ في (الجمعة 51)، والطبرانيُّ في (المعجم الكبير 1/ 215/ 585)، عن الحسن بن علي المعمري، وعبيد بن غنام.
خمستهم (ابن ماجه، وابن أبي عاصم، والمروزي، والمعمري، وابن غنام): عن ابن أبي شيبة، به.
وتابع ابن أبي شيبةَ على هذه الرواية، عن ابن المبارك، عددٌ منَ الثقات منهم:
يحيى بن آدم، كما في (مسند أحمد 16173).
وإبراهيم بن إسحاق الطالقاني، كما في (مسند أحمد 16174).
ومحمد بن حاتم الجرجرائي، كما في (سنن أبي داود 345).
وحِبَّانَ بن موسى، كما في (صحيح ابن حِبَّانَ 2781).
وعبدان، كما في (المستدرك 1056).
ومحمد بن مقاتل المروزي، كما في (معجم الصحابة لابن قانع 1/ 27).
روايةُ أَعْمَالِ البِرِّ:
• وَفِي رِوَايةٍ بِلَفْظِ: ((مَنْ أَصْبَحَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَغَسَلَ وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا وَلَمْ يَلْغُ، فَإِنَّ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ البِرِّ، الصَّوْمِ وَالصَّلاةِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ فيه ضعفٌ، ويشهدُ لمعناه ما تقدَّم.
[التخريج]:
[طس 1452].
[السند]:
قال الطبرانيُّ: حدثنا أحمد [بن محمد بن صدقة]، قال: حدثنا المنذر بن الوليد [الجارودي]، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حميد بن مهران، عن صالح الغداني، عن الحسن، عن أوس بن أوس، به.
قال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن الحسن إلا صالح، ولا عن صالح إلا حميد، تفرَّدَ به الجارودي، عن أبيه".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ؛ إلا صالح الغداني؛ فلم نقفْ له على ترجمةٍ، إلا أن خليفة بن خياط ذكر في (تاريخه صـ 324)، في عمال عمر بن عبد العزيز:"الخراج والجند: صالح بن جبير الغداني" وهو مترجم في (التهذيب) لكن اسمه هناك: "صالح بن جبير الصدائي"، وهو:"صدوقٌ" كما في (التقريب 2846)، فإن لم يكن ما في (تاريخ خليفة) تصحيفًا فهو راوي هذا الحديث فهذه طبقته، وإلا فلا نعرفه.
قال الهيثميُّ: "فيه صالح [الغداني]
(1)
؛ ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقاتٌ" (مجمع الزوائد 3066).
والحسنُ البصريُّ لا نعرفُ له سماعًا من أوس بن أوس.
والذي يظهرُ لنا أنه لم يسمعْ منه.
(1)
في المطبوع: [العداني] وهو: تصحيف.
2973 -
حديثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَغَدَا وَابْتَكَرَ، وَدَنَا فَاقْتَرَبَ، وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ قِيَامِ سَنَةٍ وَصِيَامِهَا)).
[الحكم]:
صحيحُ المتن، وإسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ: الحاكمُ، والبيهقيُّ، والنخشبيُّ.
[التخريج]:
[حم 6954 (واللفظُ لَهُ) / ك 1057/ حث 201/ طش 452/ هق 5932/ كر (9/ 401)].
[السند]:
قال أحمدُ-ومن طريقه ابن عساكر-: حدثنا روح، حدثنا ثور بن يزيد، عن عثمان الشامي
(1)
، أنه سمع أبا الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس الثقفي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، به.
ومداره عندهم على ثور بن يزيد، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: عثمان الشامي، وهو: عثمان بن خالد الشامي، وهو مجهول، لم يَرْوِ عنه إلا ثور بن يزيد.
ترجمَ له البخاريُّ في (التاريخ الكبير 6/ 219)، وابنُ أبي حاتم في
(1)
تحرَّف اسم (عثمان الشامي) في (إتحاف المهرة 2/ 420) إلى: (عطاء الشيباني).
(الجرح والتعديل 6/ 148)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 193)، على قاعدتِهِ في توثيقِ المجاهيلِ!
وقال الحاكمُ -عن هذا الحديث-: "حديثٌ واهٍ
…
لا يعلل الأحاديث الثابتة الصحيحة من أوجه:
أولها: أن حسانَ بنَ عطيةَ قد ذكرَ سماعَ أوس بن أوس من النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وثانيها: أن ثور بن يزيد دون أولئك في الاحتجاج به.
وثالثها: أن عثمانَ الشيبانيَّ مجهولٌ" (المستدرك 2/ 186 - 187).
وقال البيهقيُّ: "هكذا رواه جماعةٌ عن ثورِ بنِ يزيدَ، والوَهْمُ في إسنادِهِ ومتنه من عثمانَ الشاميِّ هذا، والصحيحُ رواية الجماعة عن أبي الأشعث، عن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، واللَّه أعلم"(السنن الكبرى 6/ 382).
قلنا: لا يوجدُ وَهْمٌ في متنِ الحديثِ؛ فهو نحو متن حديث أوس، وقد سبقَ تخريجُه.
ولذا تعقب ابنُ التركماني البيهقيَّ فقال: "لا وَهْمَ في متنه؛ فإنه بمعنى المتن الذي ذكره أبو داود، وابن أبي شيبة"، يعني: حديث أوس، (الجوهر النقي 3/ 227).
وقال الحافظ عبد العزيز النخشبي: "المحفوظُ من حديثِ أبي الأشعثِ الصنعانيِّ، عن أوس بن أوس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأوس بن أوس له صحبة. ورواه روح بن عبادة، عن ابن عون، عن عثمان الشامي وهو ابنُ خالدٍ، أنه سمع أبا الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا وَهْمٌ قبيحٌ، وخطأٌ صريحٌ، والمحفوظُ هو
الأولُ، والله أعلم" (الحنائيات 1/ 553).
ومع ما ما ذكرناه من علة هذا الإسناد، فقد قال المنذريُّ:"رجاله رجال الصحيح"(الترغيب والترهيب 1036)، وتبعه على ذلك الدمياطيُّ في (المتجر الرابح 428)، والهيثميُّ في (مجمع الزوائد 3041).
وفي هذا كلِّه نظر ظاهر؛ فعثمان الشامي ليس من رجال الصحيح؛ بل هو مجهولٌ، كما سبقَ بيانُه.
وقال البوصيريُّ: "رواه الحارثُ، وأبو يعلى بسندِ الصحيحِ"(إتحاف الخيرة 1475).
وصَحَّحَ كذلك إسنادَ الحديثِ السيوطيُّ في (اللمعة في خصائص يوم الجمعة صـ 51).
وأحمد شاكر في (تحقيق المسند 6954).
وفي تصحيحه إسناد الحديث قصورٌ، لما سبقَ بيانُه من جهالة عثمان الشامي، إلا أن يكون رواه أبو يعلى بإسنادٍ آخرَ رأى البوصيريُّ صحته، وهذا بعيد، والظاهرُ أن البوصيريَّ قلَّدَ المنذريَّ في الحكمِ على إسنادِ الحديثِ.
وصَحَّحَ الحديثَ الألبانيُّ في (صحيح الترغيب 693)، والذي يظهرُ أنه إنما صَحَّحَهُ لشواهدِهِ.
[تنبيه]:
ترجمَ ابنُ حَجرٍ لعثمانَ الشاميِّ في (لسان الميزان 5174)، فقال: "عن أوس بن أوس، عن عبد الله بن عَمْرو بحديث: ((مَنْ غسَّلَ وَاغْتَسَلَ
…
))
أخرجه الحاكمُ من طريق روح بن عبادة، عن ثور، وقال: عثمان مجهول.
وقد صرَّحَ حسان بن عطية، عن أبي الأشعث، عن أوس بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: فيكون زيادة (عبد الله) وَهْمًا من عثمان، ومثله لا تُعَلُّ به الرواية الثابتة. وليس عثمان هذا بابن مطر؛ لأن ابن مطر متأخر عن هذه الطبقة".
وفي (اللسان 5109) أيضًا: "عثمان بن خالد، عن محمد بن خثيم، عن شداد بن أوس بخبر منكرٍ. لا يعرف من هو. وعنه شيخ لين، انتهى.
والخبرُ المذكورُ أورده الأزديُّ في هذه الترجمة ولفظه: ((أنه قال لأهله: زَوِّجُونِي فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَانِي أَنْ لا أَلْقَى اللَّهَ أَعْزَبًا)). قال الأزديُّ: مجهولٌ، ولا يصحُّ حديثُه.
والراوي عنه هو أبو رجاء الخراساني.
وفي (ثقات ابن حِبَّانَ): عثمان بن خالد الشامي يروي عن أبي الأشعث الصنعاني، روى عنه ثور بن يزيد. فالظاهر أنه هو" اهـ.
2974 -
حديثُ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ:
◼ عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَغَدَا وَابْتَكَرَ، ثُمَّ جَلَسَ قَرِيبًا مِنَ الإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ خَطَاهَا عَمَلَ سَنَةٍ، صِيَامَهَا وَقِيَامَهَا))
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ساقطٌ، وَضَعَّفَهُ: الهيثميُّ.
[التخريج]:
[طب (7/ 279/ 7134)].
[السند]:
قال الطبرانيُّ: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي، ثنا عبد الوهاب بن الضحاك، ثنا إسماعيل بن عياش، عن راشد بن داود، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه علتان:
الأُولى: عبد الوهاب بن الضحاك العرضي؛ كذَّبه أبو حاتم، وقال أبو داود:"كان يضعُ الحديثَ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"كان يسرقُ الحديثَ، لا يحلُّ الاحتجاجُ به"، وقال الدارقطنيُّ:"له عن إسماعيل بن عياش وغيره مقلوباتٌ وبواطيلُ"، وقال الحاكم:"روى أحاديث موضوعة"، (تهذيب التهذيب 6/ 446 - 448)، وقال الحافظُ:"متروكٌ كذَّبه أبو حاتم"(التقريب 4257).
وبه ضَعَّفَهُ الهيثميُّ فقال: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه: عبد الوهاب
ابن الضحاك، وهو متروكٌ " (مجمع الزوائد 3087).
الثانية: إبراهيم بن محمد بن عرق؛ قال الذهبيُّ: "شيخ للطبراني غير معتمد"(الميزان 1/ 63)، وانظر:(إرشاد القاصي 33).
وأما المتنُ فقد صَحَّ من حديثِ أوس بن أوس رضي الله عنه، كما تقدَّم.
2975 -
حديثُ أَبِي بَكْرٍ:
◼ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((مَنْ غَسَّلَ، وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ
…
)) الحديث.
[الحكم]:
صحيحُ المتن؛ وإسنادُهُ منكرٌ من حديث أبي بكر، والمحفوظُ من حديث أوس بن أوس، وأعلَّهُ: الدارقطنيُّ من حديثِ أبي بكرٍ.
[التخريج]:
[علقط 45].
[السند]:
ذكره الدارقطنيُّ معلقًا عن الحسن بن ذكوان، عن يحيى بن الحارث الذماري، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، عن أبي بكر الصديق، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: الحسن بن ذكوان، وقد ضَعَّفَهُ جمهورُ النقادِ؛ ابنُ مَعِينٍ، وأبو حاتم، والنسائيُّ، وغيرهم، وقال أحمدُ:"أحاديثُه أباطيل"، انظر:(تهذيب التهذيب 2/ 276).
وقد خُولِفَ في سندِهِ؛ فقد رواه جماعةٌ منَ الثقاتِ عن يحيى بن الحارث، فجعلوه من مسند (أوس بن أوس)، وليس من مسند (أبي بكر)، منهم:
1.
عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، كما في (مسند أحمد 16178).
2.
صدقة بن خالد، كما في (سنن الدارمي 1588).
3.
سعيد بن عبد العزيز التنوخي، كما في (سنن النسائي 1397).
4.
عمر بن عبد الواحد بن قيس، كما في (سنن النسائي 1414).
5.
محمد بن شعيب بن شابور، كما في (الآحاد والمثاني 1576).
ولذا قال الدارقطنيُّ: "وخالفه -أي: الحسن بن ذكوان- جماعةٌ من الشاميين، وغيرهم، فرووه عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعث، عن أوس بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكروا فيه أبا بكر، وهو الصواب"(العلل 45).
2976 -
حديثُ أَبِي طَلْحَةَ:
◼ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ غَسَلَ وَاغْتَسَلَ، وَغَدَا وَابْتَكَرَ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ، فَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ خَطَاهَا إِلَى المَسْجِدِ صِيَامَ سَنَةٍ وَقِيَامَهَا)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[طب (5/ 102/ 4726) (واللفظُ لَهُ) / محد (2/ 170)].
[السند]:
قال الطبرانيُّ: حدثنا أحمد بن عمرو البزار، وأحمد بن عبد الله البزار التستري، قالا: ثنا محمد بن مسكين [اليمامي]
(1)
، ثنا إبراهيم بن محمد بن جناح، ثنا يحيى بن [سعيد]
(2)
، قال: سمعت إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
(3)
يحدث عن أبيه، عن جده، به.
ورواه أبو الشيخِ في (طبقات المحدثين)، قال: حدثنا عبد الله، قال: ثنا موسى، قال: ثنا فليح بن محمد، قال: ثنا يحيى، به.
(1)
في (الأصل المطبوع): [اليماني] وهو: تصحيف، والصواب: ما أثبتناه، وقد جاء على الصواب في (جامع المسانيد 10/ 61).
(2)
تحرَّف اسمه في (المعجم الكبير)، و (جامع المسانيد 10/ 61)، إلى:[يحيى بن شعبة]، ولذا قال الألباني عنه:"لم أجدْ له ترجمة"(الضعيفة 3/ 475).
وتحرَّف اسمه في (طبقات المحدثين) إلى: [يحيى بن سعيد بن زيد بن النجار]. والصواب ما أثبتناه، والله أعلم.
(3)
تحرَّف اسمه في (طبقات المحدثين)، إلى:[إسحاق بن يحيى بن طلحة].
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: يحيى بن سعيد بن يزيد الحنفي؛ وهو: مجهولٌ، ذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 9/ 253)، على قاعدتِهِ المعروفة في توثيق المجاهيل.
وإسنادُ الطبرانيِّ فيه: إبراهيم بن محمد بن جناح، لم نقفْ له على ترجمةٍ.
ولذا قال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه: إبراهيم بن محمد بن جناح؛ ولم أجدْ مَن ذكره، وبقية رجالِه ثقاتٌ"(مجمع الزوائد 3088).
2977 -
حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ غَدَا وَبَكَّرَ، [وَابْتَكَرَ] [وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ] وَدَنَا [وَلَمْ يَلْهُ] حَيْثُ يَسْمَعُ خُطْبَةَ الإِمَامِ [وَلَمْ يَلْغُ]، ثُمَّ أَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ عَمُلُ سَنَةٍ، صِيَامَهَا، وَقِيَامَهَا)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ؛ وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ: البزارُ، والعقيليُّ، والهيثميُّ.
[التخريج]:
[طس 4414 (واللفظُ لَهُ) / طش 2474/ بز 4869/ عق (2/ 270) (والزيادات له) / زهر 723].
[التحقيق]:
رُوي هذا الحديثُ من طريقين:
الطريق الأول:
أخرجه البزارُ، والطبرانيُّ، من طريق عطاء بن عَجْلان، عن المغيرة بن حكيم، عن طاوس، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، به.
وهذا إسنادٌ واهٍ؛ فيه: عطاء بن عجلان؛ وهو: "متروكٌ، بل أطلقَ عليه ابنُ مَعِينٍ، والفلَّاسُ، وغيرهما، الكذبَ" كما في (التقريب 4594).
قال البزارُ: "وهذا الحديثُ لا نعلمه يُرْوَى عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظِ إلا مِن هذا الوجه، وعطاء بن عَجْلان ليس بالقوي في الحديث، والمغيرة بن حكيم ثقة، ولَا نَعْلَمُ أسند المغيرة بن حكيم عن طاوس غير هذا الحديث، وعطاء
ابن عَجْلان بصري روى عنه جماعة، حماد بن سلمة، وروى عنه إسماعيل بن عياش، ومروان بن معاوية، وجماعة كثيرة، ويُقَال له: عطاء العطار، وليس بالحافظ".
وقال الهيثميُّ: "رواه البزارُ والطبرانيُّ في (الأوسط)، وفيه عطاء بن عجلان؛ وهو كذابٌ"(مجمع الزوائد 3045).
الطريق الثاني:
رواه أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ في (جزء من حديثه 723) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن عباد بن كثير، عن الحسن بن ذكوان، عن طاوس، عن ابن عباس، به.
وهذا إسنادٌ واهٍ؛ فيه: عباد بن كثير الثقفي، وهو:"متروكٌ، قال أحمدُ: روى أحاديثَ كذب"(التقريب 3139).
ورواه العقيليُّ في (الضعفاء 680) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن الصلت بن عبد الرحمن، عن عائذ، عن الحسن بن ذكوان، به.
وهذا إسنادٌ واهٍ كسابقه؛ فيه: الصلت بن عبد الرحمن الزبيدي، قال الأزديُّ:"لا تقوم به حجة"(ميزان الاعتدال 3911)، وانظر (لسان الميزان 3940).
وذكره العقيليُّ في (الضعفاء) وقال: "مجهولٌ بالنقلِ، لا يُتَابع على حديثِهِ"، وذكر له حديثًا عن الثوري، وقال:"غير محفوظ"، ثم ذكر هذا الحديث، وقال:"وهذا أيضًا غير محفوظ بهذا الإسناد، ولا أعرف عائذ أيضًا، وهذا الكلام يروى بغير هذا الإسناد، بإسناد صالح، عن أوس بن أوس الثقفي وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بإسناد صالح".
قلنا: ويحتمل أن يكون عائذ هذا محرف من عباد، ولهذا لم يعرفه العقيليُّ؛ فإنه معروف بالرواية عن الحسن بن ذكوان، كما أشار لذلك محقق طبعة التأصيل، والله أعلم.
والمتنُ صحيحٌ من حديث أوس، كما قال العقيليُّ وقد تقدَّم.
2978 -
حديثُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيِّ:
◼ عَنْ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي غُسْلِ الجُمُعَةِ:((مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ أَوِ (وَ) اغْتَسَلَ، ثُمَّ غَدَا وَابْتَكَرَ، ثُمَّ دَنَا، فَأَنْصَتَ وَاسْتَمَعَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرَ سَنَةٍ قِيَامَهَا وَصِيَامَهَا)).
[الحكم]:
صحيحُ المتن دون قوله ((غَسَلَ رَأْسَهُ))، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[تخ 1/ 94)، (5/ 257) (معلقًا) / مث 2746 (واللفظُ لَهُ) / ضح (2/ 348) (والروايةُ لَهُ)].
[السند]:
قال ابنُ أبي عاصم: حدثنا محمد بن مسكين، نا سعيد بن أبي مريم، نا يحيى بن أيوب، حدثني ابن عجلان، عن أبي المصفى، عن عبد الرحمن بن امرئ القيس، عن محمد الطبري به.
ورواه الخطيبُ: من طريق ابن أبي مريم، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:
الأُولى: عبد الرحمن بنُ امرئ القيس: مجهولٌ، لم يَرْوِ عنه إلا أبا المصفى وهو مثله أو أسوأ -كما سيأتي-، وذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 94)، على قاعدتِهِ في توثيقِ المجاهيلِ، فقال: "يروي عن رجلٍ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
، روى ابنُ عجلانَ عن أبي المصفى عنه، ولا أدرى مَن
(1)
كذا قال ابن حبان، وليس ذلك صريحًا في الرواية، وقد قال البخاريُّ:"مرسل"، كما سيأتي.
أبو المصفى".
الثانية: أبو المصفى، لم نعرفْه، وتقدَّم قول ابن حِبَّانَ:"لا أدري مَن أبو المصفى".
ولذا ذَكَرَهُ ابنُ حَجرٍ في (لسان الميزان 9081).
قلنا: وفي (تهذيب الكمال 34/ 296): "أبو المصفى. عن: عبد الرحمن بن أبي ليلى، روى عنه: سعيد بن أبي هلال، روى له النسائيُّ في (اليوم والليلة) ".
وهذا قال عنه الذهبيُّ في (الميزان 4/ 573)، وابنُ حَجرٍ في (التقريب 8371):"مجهولٌ".
والحديثُ ذَكره البخاريُّ في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب، فقال: "محمد بن سعيد، الشامي، ويقال: ابنُ أبي قيس، ويقال: ابنُ الطبري، ويقال: ابنُ حسان، أبو عبد الرحمن. كان صلب، متروك الحديث، قتل في الزندقة.
قال المقرئ: عن سعيد، عن ابن عجلان، عن محمد بن سعيد بن حسان بن قيس.
وروى عبدُ الرَّزاقِ، عنِ ابنِ جُريجٍ، عن عمر بن محمد، عن سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن سعيد الأسدي، عن أوس بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ في غسل يوم الجمعة.
وقال بعضُهم: أبو عبد الله، وقال بعضهم: عن ابن عجلان، عن
(أبي)
(1)
المصفى، عن عبد الرحمن بن امرئ القيس، عن محمد الطبري، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ في غسل يوم الجمعة" (التاريخ الكبير 1/ 94).
وقال في ترجمة عبد الرحمن بن امرئ القيس: "عن محمد الطبري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل. قاله ابن عجلان، عن أبي المصفى"(التاريخ الكبير 5/ 258).
(1)
تصحَّف في المطبوع: "ابن"، وقد جاء على الصواب في موضع آخر من (التاريخ الكبير 5/ 258)، وكذا نقله ابن عساكر في (تاريخ دمشق 53/ 74)، عن البخاري على الصواب، إلا أن محققه -عفا الله عنه-، حرّفه إلى:"ابن"، وقال:"في الأصل، و (د)، و (ز): أبي المصفى، والمثبت من التاريخ الكبير"! ! .
[*]
حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُجَامِعَ أَهْلَهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ؛ فَإِنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ؛ أَجْرُ غُسْلِهِ، وَأَجْرُ غُسْلِ امْرَأَتِهِ)).
[الحكم]:
منكرٌ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وأشارَ إلى ضعْفِهِ البيهقيُّ. وضعَّفه السيوطيُّ، وحكم عليه الألبانيُّ بالنكارة.
[التخريج]:
[أصم 212 ((واللفظ له)) / نُعَيم (طب 454) / شعب 2731/ فر (ملتقطة ق 357)].
[السند]:
قال أبو العباسِ الأَصْمُّ -ومن طريقه البيهقيُّ-: حدثنا أبو عتبة، حدثنا بقية، حدثنا يزيد بن سنان، عن بُكيرِ بنِ فَيْرُوزٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ، به.
ورواه أبو نُعَيمٍ، وأبو منصور الديلميُّ من طريق بقية، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: بكير بن فيروز، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 76)، وقال ابن حجر:((مقبول)) (التقريب 764). أي: لَيِّن إلَّا إذا تُوبِعَ.
الثانية: يزيد بن سنان الرهاويُّ، ضعيف كما في (التقريب 7727).
الثالثة: بقية بن الوليد يُدَلِس ويُسَوِّي عن الضعفاء، ولم يصرِّحْ بسماع يزيد بن سنان من بكير بن فيروز.
وأشارَ البيهقيُّ إلى ضَعْفِ الحديثِ فقال: ((
…
وفي روايات بقية نظر، فإن صحَّ
…
)).
وضعَّف إسنادَهُ السيوطيُّ في (خصائص الجمعة صـ 36).
وقال الألبانيُّ: ((منكر)) (الضعيفة 6194).
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه الصفحات من هنا إلى نهاية الجزء، ملحق غير موجود بنسخة الـ «بي دي اف»