المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الغسل للإحرام - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٣

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أَبْوَابُ: أَنْوَاعِ الأَغْسَالِ الوَاجِبَةِ وَالمُسْتَحَبَةِ

- ‌484 - بَابُ الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ

- ‌485 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ غُسْلَ الجَنَابَةِ نَسَخَ كُلَّ غُسْلٍ

- ‌486 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَجَاسَةِ المُتَلَوِّطِ وَاغْتِسَالِهِ

- ‌487 - بَابُ الغُسْلِ مِنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ

- ‌488 - بَابُ غُسْلِ المَيِّتِ

- ‌أبواب غسل من غسل ميتا

- ‌489 - بَابُ فيما وَرَدَ فِي غُسْلِ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا

- ‌490 - باب فِيمَا وَرَدَ فِي تَرْكِ الغُسْلِ مِنْ تَغْسِيلِ المَيِّتِ

- ‌491 - بَابُ المُسْلِمِ يَدْفِنُ المُشْرِكَ أَوْ يَغْسِلْهُ يَغْتَسِلُ أَمْ لَا

- ‌أَبْوَابُ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌492 - بَابٌ فِيمَا وَرَدَ فِي الأَمْرُ بِالغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌493 - بَابٌ: فِيمَا وَرَدَ أَنَّ الغُسْلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ

- ‌494 - بَابٌ: فِيمَا وَرَدَ فِي عِلَّةِ الأَمْرِ بِالغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌495 - بَابٌ: فِي أَنَّ الغُسْلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ حَقٌّ لِلَّهِ

- ‌496 - بَابٌ: فِيمَا رُوِي أَنَّ غُسْلَ الجُمُعَةِ مِنَ الفِطْرَةِ

- ‌497 - بَابٌ: فِي فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ مَعَ الرَّوَاحِ

- ‌498 - بَابٌ: فِي فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذَا ابْتَكَرَ، فَدَنَا، وَأَنْصَتَ، وَلَمْ يَلْغُ

- ‌بَابٌ: هَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ الرِّجَالِ غُسْلٌ

- ‌بَابٌ: فِيمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابٌ: فِيمَا رُوِيَ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ لِلْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ

- ‌بَابٌ: فِيمَا رُوِيَ فِي أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَى النِّسَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِلْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِذَا أَفَاقَ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ

- ‌بَابُ الْاِغْتِسَالِ مِنَ الْغَضَبِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنَ الْخَلُوقِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْحِجَامَةِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِيَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنْ مَاءِ الْحَمَّامِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْغُسْلِ مِنْ نَتْفِ الْإِبِطِ

الفصل: ‌باب الغسل للإحرام

‌بَابُ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ

حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ:

◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما -فِي حَدِيثِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الطَّوِيلِ- وَفِيهِ: ((حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: ((اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي)).

[الحكم]:

صحيح (م).

[اللغة]:

* (ذُو الْحُلَيْفَةِ): قال ابنُ ناصرِ الدينِ الدمشقيُّ: ((الْحُلَيْفَةُ: تصغير حلفة -بفتح اللام وكسرها- واحدة الحلفا بالإسكان: النبت المعروف، وذُو الْحُلَيْفَةِ ماءٌ لبني جشم على أربعة أميال من المدينة. وقيل: ستة أميال فيما جزم به أبو عبيد البكري، وحكى قولًا آخر أنها: على سبعة أميال من المدينة)) (جامع الآثار في السير ومولد 5/ 420).

* (وَاسْتَثْفِرِي): قال ابن الأثير: ((استِثْفَارُ الحائضِ: هو أن تَشُدَّ فَرْجَها بخِرقَةٍ عَريضةٍ، تُوثِقُ طرَفيها في شَيءٍ آخر قد شدَّتْهُ على وسطها، ليمتنعَ الدَّمُ أن يجريَ ويَقْطُرَ)) (جامع الأصول 3/ 473).

[الفوائد]:

قال النوويُّ رحمه الله: ((وفيه صحةُ إحرامِ النُّفَسَاءِ والحائِضِ، واستحبابُ اغتسالهما للإحرامِ، وهو مجمعٌ على الأمرِ به، لكنْ مذهبُنا ومذهبُ مالكٍ وأبي حنيفة والجمهورِ أنه مُسْتَحَبٌّ، وقال الحسنُ وأهلُ الظاهرِ هو واجبٌ، والحائِضُ والنُّفَسَاءُ يصحُّ منهما جميعُ أفعالِ الحَجِّ إلَّا الطوافَ وركعتيه، لقولِهِ صلى الله عليه وسلم: ((اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي))، وفيه: أن ركعتي الإحْرَامِ سنةٌ ليستا بشرطٍ لصحةِ الحجِّ؛ لأن أسماءَ لم تُصَلِّهِمَا)) (شرح مسلم 8/ 133).

وقال النوويُّ: ((اتفقَ العلماءُ على أنه يُسْتَحَبُّ الغسلُ عند إرادةِ الإحرامِ بحجٍّ أو عُمْرةٍ أو بهما، سواءٌ كان إحرامُهُ من الميقاتِ الشرعيِّ أو غيرِهِ، ولا يجبُ هذا الغسلُ وإنما هو سُنَّةٌ

ص: 453

متأكّدةٌ يُكرَهُ تركُها، نصَّ عليه الشافعيُّ في (الأُمِّ) واتفقَ عليه الأصحابُ كما سأذكره قريبًا، إن شاء الله تعالى)) (المجموع 7/ 212).

وقال ابنُ المنذرِ: ((وقد أجمعَ عوام أهل العلم على أن الإحرامَ جائزٌ بغيرِ اغتسالٍ.

وأجمعوا على (أنَّ)

(1)

الاغتسالَ للإحرامِ غيرُ وَاجبٍ إلا ما رُوِيَ عن الحسنِ البصريِّ، فإنَّ الحسنَ قال: إذَا نَسِيَ الغُسْلَ عندَ إحرامِهِ يغتسلُ إذا ذَكَرَ)) (الإشراف 3/ 184).

[التخريج]:

[م 1218)) واللفظ له) (/ د 1896/ ن 296، 434، 2781، 2782/ كن 349، 3929، 3930/ جه 2925، 3090/ حم 14440/ مي 1875/ خز 2659/ حب 3947، 3948/ جع 339 / طي 1773/ عب 9976/ سعد (10/ 268) / ش 14925/ حميد 1135/ عل 2027، 2126، 6739/ جا 471، 475/ عه 3871، 4032/ نجاد (دوست- ق 187/ أ، ب) / تجر (صـ 362) / مسن 2827/ ودع 40/ هق 8897/ هقل (5/ 433 - 434) / بر (درر صـ 260 - 268) / خطل (2/ 668 - 671) / مستطرف (2/ 41 - 46) / بغ 1918].

[السند]:

قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، جميعًا عن حاتم، قال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله .... فذكره.

قال مسلم: وحدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا جعفر بن محمد، حدثني أبي، قال: أَتَيْتُ جَابرَ بنَ عبدِ اللهِ، به.

(1)

سقطتْ من المطبوع، وهي لازمة للسياق، وهي مثبتة في كتابه (الإجماع صـ 61 ط. مكتبة الفرقان).

ص: 454

روايةُ: ((أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما -فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، ((فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ)).

[الحكم]:

صحيح (م).

[اللغة]:

قال القاضي عياض: ((يُقال في الحيضِ والولادةِ: نُفِسَتْ وَنَفِسَتْ بالضم والفتح، والضم في الولادةِ، والفتح في الحيضِ أكبر، وحكى الحربيُّ وغيرُ واحدٍ أنه لا يُقال في الحيض إلا بالفتح، وحكى الوجهين فيهما صاحب (الأفعال))) (إكمال المعلم 4/ 228).

وقال ابنُ الأثير: (((نفِسَت) المرأة: بفتح النون وضمها إذا ولدت، وبالفتح وحده إذا حاضت)) (جامع الأصول 3/ 73).

[التخريج]:

[م 1210 ((واللفظ له)) / ن 219، 397/ كن 274، 219/ مي 1831/ تخث (السفر الثاني 3720) / مث 661/ عه 3871/ عد (3/ 71) / مسن 2793/ حل (3/ 199) / هق 9012/ هقغ 1501/ حسيني (حمام 98)].

[السند]:

قال مسلم: حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، به.

روايةُ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((فَلَمَّا كُنَّا بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْغُسْلِ وَالْإِحْرَامِ)).

[الحكم]:

صحيحٌ لغيرِهِ.

ص: 455

[الفوائد]:

قال أبو محمد البغويُّ: ((الغسل للإحرام مستحبٌّ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما أَمرَ أسماءَ بالغسلِ في حال نفاسها، مع أن الغسلَ لا يبيحُ لها شيئًا حَرَّمَهُ النفاس، فالطاهر به أولى، وكذلك الحائض يُستحبُّ لها الغسل للإحرام، وقد يُستحبُّ لمن لا يصحُّ منه العبادةُ التشبه بالمتعبدين، رجاء لمشاركتهم في نيل المثوبة، كما أَمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بإمساكِ بقيةِ النهارِ من يوم عاشوراء لمن كان مُفْطرًا، أو يُؤْمَر عادمُ الماءِ، والتُّرابِ، والمصلوب على الخشبِ، والمحبوس في الحُشِّ؛ بالصلاةِ حسب الإمكان، ثم يعيدُ عند الخَلَاصِ والقُدرةِ)) (شرح السنة للبغوي 1862).

[التخريج]:

[أم 1030 ((واللفظ له)) / شف 853/ مث 662/ هقع 9454/ بغ 1862].

[السند]:

قال الشافعيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ، وأبو محمدٍ البغويُّ-: أخبرنا الدراورديُّ، وحاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: حدثنا جابر بن عبد الله، به.

وقال ابنُ أبي عاصم: حدثنا ابن كاسب، نا عبد العزيز بن محمد، وحاتم، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ كلُّهم ثقاتٌ؛ غير عبد العزيز بن محمد الداروردي وهو "صدوقٌ" كما في (التقريب 4119)، وقد قُرِنَ بحاتم بن إسماعيل، ورواية حاتم عند مسلم بلفظ:((اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي)).

ولذا قال البيهقيُّ: ((أخرجه مسلم في (الصحيح) من حديث حاتم)) (معرفة السنن والآثار 9454).

وقال أبو محمدٍ البغويُّ: ((هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن حاتم بن إسماعيل المدنيِّ، بإسناده ..... )) (شرح السنة للبغوي 1862).

وقال ابنُ الأثيرِ: ((هذا الحرفُ من حديثٍ طويلٍ صحيحٌ أخرجه مسلم، وأبو داود، وأخرج النسائيُّ منه طرفًا)) (الشافي في شرح مسند الشافعي 3/ 337).

ص: 456

روايةُ لَمَّا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: فَلَمَّا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:((مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ)). -أَوْ قَالَ: ((مُرُوهَا فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتُهِلَّ)). الشَّكُّ مِنَ الشَّافِعِيِّ-.

[الحكم]:

صحيحٌ.

[الفوائد]:

قال أبو بكرِ ابنُ العربيِّ: ((قوله في هذا الحديث: (بِالْبَيْدَاءِ)، وقوله في الحديث الثاني:(بِذِي الْحُلَيْفَةِ)؛ ليس بمختلف فيه؛ لأن البيداءَ متصلةٌ بذي الحليفة، فالبيداءُ صحراءُ متصلةٌ بذي الحليفة)) (المسالك في شرح موطأ مالك 4/ 280).

وقال ابنُ الملقنِ: (((البَيداءُ) -بفتح الباء وبالمد- والمراد به هنا: مكان بذي الحليفة، كما في الرواية الأخرى)) (البدر المنير 6/ 133).

[التخريج]:

[ثو 515 ((واللفظ له)) / هقع 9455].

[السند]:

رواه الشافعيُّ في (السنن المأثورة) -ومن طريقه البيهقيُّ-: عن حاتم بن إسماعيل، وإبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ؛ عدا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى فإنه "متروكٌ" كما في (التقريب 241)؛ بل كذَّبه غيرُ واحدٍ، كما تقدَّم مِرارًا.

نعم قُرِنَ بحاتم بن إسماعيل، ولكن رواية حاتم تقدمتْ عند مسلمٍ وغيرِهِ، بلفظ:(بِذِي الْحُلَيْفَةِ)، وليس بلفظ:(بِالْبَيْدَاءِ)، فهذا يؤكد أن هذه رواية إبراهيم وحده، فهي منكرةٌ، ولا حاجةَ في الجمعِ بينها وبين روايةِ غيرِهِ من الثقاتِ، كما أشارَ لذلك ابنُ العربيِّ، وغيرُهُ.

قلنا: ولهذا الحديث روايات أخري وشواهد بنحو الألفاظ التي ذكرناها ستأتي بكاملها في ((كتاب الحج))، إن شاء الله.

ص: 457

حديثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ أَسْمَاءَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ (بِذِي الْحُلَيْفَةِ)، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ)).

[الحكم]:

صحيح (م).

[الفوائد]:

قال النوويُّ: ((قوله: (نُفِسَتْ بِالشَّجَرَةِ)، وفي روايةٍ:(بِذِي الْحُلَيْفَةِ)، وفي رواية:(بِالْبَيْدَاءِ)؛ هذه المواضع الثلاثة متقاربة: فالشجرة بذي الحليفة، وأما البيداء فهي بطرف ذي الحليفة، قال القاضي: يحمل أنها نزلت بطرف البيداء لتبعد عن الناس، وكان منزل النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة حقيقة، وهناك بات وأحرم، فسمي منزل الناس كلهم باسم منزل إمامهم)) (شرح النووي على مسلم 8/ 133، 134).

[التخريج]:

[م 1209 ((واللفظ له)) / د 1737/ جه 2923/ مي 1830/ تخ (1/ 124) / شيبة (ناصر - آثار 5/ 421) / سرج 3 / عه 8 / بغج 13/ غيل 541، 542، 543/ مخلص 1188/ مسن 2792 ((والرواية له ولغيره)) / صحا 640/ محلى (2/ 26) / ودع 39 / هق 9013/ تمهيد (19/ 315) / علائي (الفوائد 271) / كرغي (صـ 201، 202) / تخث (السفر الثاني 3714)].

[السند]:

قال مسلم: حدثنا هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، وزُهير بن حربٍ، وعثمان بن أبي شيبةَ، كلُّهم عن عَبدةَ، قال زهيرٌ: حدثنا عبدة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت:

فذكره.

[تنبيه]:

أَعَلَّ الدارقطنيُّ هذا الحديثَ في (العلل 62)، وفي (التتبع صـ 347)، بأن مالكًا رواه عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن أسماءَ بنتِ عُمَيسٍ

الحديث، لم يذكرْ فيه عائشةَ.

وسيأتي الكلامُ عن ذلك وما أجابه العلماء عليه، مع تتمة روايات الحديث وشواهده في (كتاب الحج)، إن شاء الله تعالى.

ص: 458

حَديثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ حَيْضَةِ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: ((أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَأَقْبَلَتْ (أَهَلَّتْ) عَائِشَةُ رضي الله عنها بِعُمْرَةٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ عَرَكَتْ ..... ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَوَجَدَهَا تَبْكِي، فَقَالَ:((مَا شَأْنُكِ؟)) قَالَتْ: شَأْنِي أَنِّي قَدْ حِضْتُ وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحْلِلْ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ إِلَى الْحَجِّ الآنَ، فَقَالَ:((إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلِي ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ))، فَفَعَلَتْ، وَوَقَفَتِ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إِذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ،

)) الحديث.

[الحكم]:

صحيح (م).

[التخريج]:

[م (1213/ 136 ((واللفظ له))، 137 ((والرواية له)) / د 1779/ ن 2783/ كن 3931/ طاو 152/ حم 14322، 15244/ ......... ].

سيأتي تخريجُهُ برواياتِهِ وزياداتِهِ في: (بَاب بَدْءِ الْحَيْضِ).

ص: 459

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ

الحديث، وَفِيهِ:

فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:((دَعِي (ارْفُضِي) 1 عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي (وَاغْتَسِلِي) 2 وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ

)) الحديث.

[الحكم]:

متفقٌ عليه (خ، م). دون الرواية الثانية فلأحمد، وهي صحيحة على شرطهما.

[التخريج]:

[خ 316، 317 ((واللفظ له))، 319، 1556، 1783 ((والرواية الأولى له))، 1786، 4395/ م 1211 / حم 25307، 25441، 26086، 25587، 25588 والرواية الثانية له / .... ]

وسبقَ في بابِ (نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ)، وسيأتي أيضًا في ((كتاب الحيض))، كما سيأتي بتمامه في ((كتاب الحج)) إن شاء الله.

ص: 460

حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:

◼ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيه أَنَّهُ:((رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ (لِإِحْرَامِهِ)، وَاغْتَسَلَ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه، قَالَ:((اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِإِحْرَامِهِ حِينَ (حَيْثُ) أَحْرَمَ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ، واستغربه ابنُ صَاعد -وأقرَّه الدارقطنيُّ، وأبو طاهر المخلص-، وأبو بكر ابنُ العربي، واستنكره العقيليُّ، وضعَّفه ابنُ القطان، وابنُ مفلح.

[الفوائد]:

قال الترمذي -عقبه-: ((وقد استحبَّ قومٌ من أهل العلم الاغتسالَ عند الإحرامِ، وبه يقولُ الشافعيُّ)).

[التخريج]:

تخريج السياق الأول: [ت 841 ((واللفظ له)) / مي 1820/ خز 2660/ هق 9016/ فكر (5/ 211) ((والرواية له))].

تخريج السياق الثاني: [ضعف (3/ 555) ((واللفظ له)) / طب (5/ 135/4862) ((والرواية له)) / قط 2434، 2435/ مخلص 2980/ هق 9015/ صحا 2923].

[السند]:

قال الترمذيُّ، والدارميُّ، وابنُ خزيمةَ: حدثنا عبد الله بن أبي زياد، قال: حدثنا عبد الله بن يعقوب المدنيُّ، عن ابنِ أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، به.

ورواه العقيليُّ، والدارقطنيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ-، وأبو طاهر المخلص من طريق: أبي غزية محمد بن موسى.

ورواه البيهقيُّ من طريق: الأسود بن عامر شاذان.

ورواه أبو نُعَيمٍ عثمان بن اليمان بن هارون.

كلُّهم: عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، به.

فمدار الحديث عند الجميعِ على: عبد الرحمن بن أبي الزناد، به.

ص: 461

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ مداره على عبد الرحمن بن أبي الزناد؛ والجمهور على تضعيفه، انظر (تهذيب التهذيب 6/ 170).

وقد رُوِيَ عنه من طرقٍ كلها لا تخلو من ضَعْفٍ؛ فرواه الترمذيُّ، والدارميُّ، وابنُ خزيمةَ من طريقِ: عبد الله بن يعقوب المدنيِّ، عنه.

وعبد الله بن يعقوب المدنيُّ: ((مجهول الحال)) كما في (التقريب 3720).

ومع ذلك قال الترمذيُّ: ((هذا حديث حسن غريب))، وأقرَّه عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 2/ 260)، والشوكانيُّ في (السيل الجرار صـ 308).

وحسَّنه أيضًا: ابنُ قدامة في (الكافي في فقه الإمام أحمد 1/ 476)، وابنُ حَجَرٍ في (نتائج الأفكار 5/ 211).

قلنا: وهو متعقب بما ذكرنا من ضعفِ ابنِ أبي الزناد، وجهالةِ حال عبد الله بن يعقوب.

ولذا تَعَقَّبَ ابنُ القطانِ قولَ الترمذيِّ وإقرارِ عبدِ الحقِّ له فقال: ((كذا قال، ولم يُبَيِّنْ لِمَ لَا يصحُّ، وذلك أن الترمذيَّ سَاقَهُ هكذا: حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثنا عبد الله بن يعقوب المدني عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، .... فذكره؛ فالذي لأجله حسنه، هو الاختلاف في عبد الرحمن بن أبي الزناد، ولعلَّه عرف عبد الله بن يعقوب المدني، وما أدري كيف ذلك؟!، ولا أراني تلزمني حجته، فإني أَجْهَدتُ نفسي في تعرفه فلم أجدْ أحدًا ذكره)) (بيان الوهم والإيهام 3/ 449). وأقرَّه الزيلعيُّ في (نصب الراية 3/ 17)، وابنُ الملقنِ في (البدر المنير 6/ 129 - 130)، وفي (تحفة المحتاج 2/ 147، 148)، وانظر (تهذيب التهذيب 6/ 85).

وقال ابن القطان في موضع آخر: ((فيه: عبد الله بن يعقوب، ولا يُعرف)) (بيان الوهم والإيهام 3/ 51).

وقال ابنُ حجرٍ: ((حسَّنه الترمذيُّ، وضعَّفه العقيليُّ)) (التلخيص الحبير 2/ 450).

وقال ابنُ مُفْلحٍ: ((رواه الترمذيُّ وحسَّنه، لكنه من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو مُتَكلَّمٌ فيه)) (المبدع في شرح المقنع 1/ 165).

ص: 462

قلنا: ورواه العقيليُّ في (الضعفاء)، والدارقطني في (السنن) -ومن طريقه البيهقيُّ في (السنن الكبرى) -، والطبرانيُّ في (المعجم الكبير)، وأبو طاهر المخلص في (المخلصيات) من طرق: عن أَبي غزيَّة محمد بن موسى بن مسكين الفرويِّ، عن ابن أبي الزناد.

وأبو غَزِيَّةَ هذا قال عنه البخاري: ((عنده مناكير))، وقال أبو حاتم:((ضعيف))، وقال ابن حبان: ((كان يسرق الحديث ويروي عن الثقات الموضوعات

))، وقال ابنُ عَدِيٍّ:((روى أشياء أنكرت عليه))، واتَّهمه الدارقطنيُّ بالوضع، انظر (لسان الميزان 7462).

لذا فقد استغربه ابنُ صاعد من حديثه فقال: ((هذا حديثٌ غريبٌ ما سمعناه إلا منه))، نقله عنه الدارقطني في (السنن 2434) وأقره.

وذكر العقيليُّ هذا الحديث من مناكيره ثم قال: ((ولا يُتابع عليه إلا من طريق فيها ضعف)) (الضعفاء 4/ 138).

وضعَّفه بأبي غَزِيَّةَ -أيضًا- البيهقيُّ فقال: ((رَوَى أبو غَزِيَّة محمد بن موسى، وليس بالقوي

)) (السنن الكبرى 9015)، وابنُ الملقنِ في (الدر المنير 6/ 130).

ولكن قال البيهقيُّ -عقبه-: "وَرُوِيَ عن غيرِ أبي غَزيَّةَ"(السنن الكبرى 9015).

ورواه البيهقيُّ في (السنن الكبرى) من طريق: محمد بن إسماعيل السكريِّ، عن محمد بن سليمان الدلال، عن نصر بن عبد الله بن مروان النيسابوريِّ، عن الأسود بن عامر، عن ابن أبي الزناد.

وفي إسناده: محمد بن إسماعيل السكريُّ، لم نقفْ له على ترجمةٍ.

ورواه أبو نُعَيمٍ في (معرفة الصحابة) من طريق: محمد بن يونس، عن عثمان بن اليمان بن هارون.

ومحمد بن يونس الكديميُّ، مُتَّهَمٌ كما في (التهذيب)، وشيخُهُ عثمان بن اليمان ضعيف أيضًا؛ قال عنه أبو زُرعةَ الرازيُّ:((شيخ في حديثه مناكير)) (سؤالات البرذعي صـ 241)، ولم نقفْ على أَحدٍ وَثَّقَهُ سوى ابن حبان ذكره في (الثقات 8/ 450) وقال:((ربما أخطأ))، وقال الحافظ:((مقبول)) (التقريب 4530).

قلنا: وعلى كلٍّ فمداره على ابن أبي الزناد، والجمهورُ على ضَعْفِهِ، والله أعلم.

ص: 463

وقد قال ابنُ كَثَيرٍ: ((هو من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد، وقد اختُلِفَ فيه)) (إرشاد الفقيه 1/ 70).

ومع ما ذكر من الضعف في إسناد هذا الحديث فقد حسَّنه الألبانيُّ في (إرواء الغليل 1/ 178 - 179).

قلنا: وهو مُتَعَقَّبٌ بما ذكرنا من ضعفِ إسنادِهِ؛ وقد استغربَ أبو بكر ابنُ العربي ما رواه الترمذيُّ في (السنن) فقال: ((غريبٌ))، وكذا استغربَ كلَّ ما وَرَدَ من فعلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنه اغتسلَ للإحرامِ فقال: ((أما غُسْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم للإحرامِ فغَريبٌ، وأما أَمْرُهُ به لغيرِهِ فصحيحٌ؛ من أوكد أمره عليه السلام لأسماءَ بنتِ عُمَيسٍ حين ولدتْ الخليفةَ محمد بن أبى بكر

)) (عارضة الأحوذي 4/ 47).

[تنبيه]:

قال ابنُ الأثير في (جامع الأصول 3/ 43) عقب رواية الترمذي لهذا الحديث: ((وذكر رزين رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ لإحرامِهِ، ولطوافِهِ بالبيتِ، ولوقوفِهِ بعرفةَ)).

قلنا: يعني رزين بن معاوية في كتابه (تجريد الصحاح الستة)

(1)

، ولم نقفْ على أَحدٍ ذكرَ هذا الحديثَ بهذه الزيادةِ أو بهذا التمامِ إلا رزين بن معاوية في كتابه المذكور.

ولرزين مثل هذا كثير في كتابه، يذكر روايات وزيادات للأحاديث لا نجد لها أصلًا عند غيره.

ولذا قال الشوكانيُّ -عقب هذا الحديث وذكره من طريق رزين-: ((وهذه الأحاديث التي ذكرها لا يُعرف أصلها، ولا مَن خرَّجها، فلا عمل عليها ولا تقوم بها الحجة)) (السيل الجرار صـ 75).

وقال في (الفوائد المجموعة صـ 49 - 50): ((ومما أوجبَ طولَ الكلامِ عليها، وقوعُها في كتابِ رزين بنِ معاويةَ العبدريِّ، ولقد أدخلَ في كتابِهِ الذي جمع فيه بين دواوين الإسلام بلايا وموضوعات لا تُعرف، ولا يُدرى مِن أين جاءَ بها، وذلك خِيَانَةٌ للمسلمين، وقد أخطأَ ابنُ الأثيرِ خطأً بَيِّنًا بذكرِ ما زَادَهُ رزين في (جامع الأصول) ولم يُنَبِّهْ على عدم صحته في نفسه إلَّا نادرًا)).

(1)

قال ابن الأثير: ((أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي، فجمع بين كتب البخاري ومسلم و (الموطأ) لمالك، و (جامع أبي عيسى الترمذي)، و (سنن أبي داود السجستاني)، و (سنن أبي عبد الرحمن النسائي) رحمة الله عليهم، ورتب كتابه على الأبواب دون المسانيد)) (جامع الأصول 1/ 48).

ص: 464

حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي اغْتِسَالِ النَّبِيِّ لِلإِحْرَامِ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:((كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ اغْتَسَلَ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يُحَرِمَ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[طس 4889].

[السند]:

قال الطبرانيُّ: حدثنا عيسى بن محمد السمسار، قال: حدثنا محمد بن عمرويه الهرويُّ، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفيُّ، قال: حدثنا خالد بن إلياس، عن صالح بن أبي حسان، عن عبد الملك بن مروان، عن عائشة، به.

قال الطبرانيُّ: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن عبد الملك بن مروان إلَّا صالح بن أبي حسان، ولا عن صالح إلَّا خالد بن إلياس، تفرَّدَ به عبيد الله بن عبد المجيد)) (المعجم الأوسط 4889).

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: خالد بن إلياس بن صخر العدويُّ؛ وهو "متروك الحديث" كما في (التقريب 1617).

الثانية: عبد الملك بن مروان بن الحكم، وهو الخليفة، قال عنه ابن حبان:"هو بغير الثقات أشبه"(الثقات 5/ 120)، وقال ابن حجر:"كان طالب علم قبل الخلافة، ثم اشتغل بها، فتغير حاله"(التقريب 4213).

الثالثة: عيسى بن محمد السِّمْسَارُ شيخُ الطبرانيِّ، لم نقفْ له على ترجمةٍ، وانظر (إرشاد القاصي والداني صـ 456).

ص: 465

حديثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ:((اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لَبِسَ ثِيَابَهُ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، فَلَمَّا اسْتَوَى بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دون ذكر ((الاغتسال)) فإنه منكرٌ، وضَعَّفَهُ: البيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، والضياءُ المقدسيُّ، وابنُ تيميةَ، وابنُ عبدِ الهادي، والذهبيُّ، وابنُ حجرٍ، والأميرُ الصنعانيُّ، والشوكانيُّ، وصديق حسن خان، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[ك 1658 / قط 2432 ((اللفظ له)) / هق 9017/ تحقيق (2/ 120)].

[السند]:

رواه الدارقطنيُّ -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ- قال: حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، نا أحمد بن أبي الطيب، قال: قرئ على أبي بكر بن عياش -وأنا أنظر في هذا الكتاب فأقرَّ به-: عن يعقوبَ بنِ عطاءٍ، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ، به.

ورواه الحاكم -وعنه البيهقيُّ-: عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسحاق الصغاني، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: يعقوب بن عطاء بن أبي رباح؛ وهو "ضعيف" كما في (التقريب 7892).

وبه أعلَّهُ البيهقيُّ في (السنن الكبرى 9017)، وابنُ الجوزي في (التحقيق 2/ 121)، والضياءُ المقدسيُّ في (السنن والأحكام 4/ 29)، وابنُ تيميةَ في (شرح عمدة الفقه 2/ 402)، وابنُ عبدِ الهادي في (تنقيح التحقيق 3/ 418)، والذهبيُّ في (تنقيح التحقيق 2/ 13)، وابنُ حجرٍ في (التلخيص الحبير 2/ 450)، وفي (الدراية 2/ 8)، والأميرُ الصنعانيُّ في (سبل السلام 1/ 618)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 300)، وصديقُ حسن خان كما في (التعليقات الرضية على الروضة الندية 2/ 69).

قلنا: ومع ضَعْفِ يعقوبَ بنِ عطاءٍ فقد تفرَّدَ بزيادةِ: ((الاغتسال)) في هذا الحديث عن عطاءٍ، عن ابن عباس؛ والمحفوظُ في حديثِ ابنِ عباسٍ -من رواية أبي حسان الأعرج عنه كما عند مسلم (1243) - بدون ذكر ((الاغتسال)) فيه، وسيأتي برواياته في "كتاب الحج".

ومع هذا كلِّه، قال الحاكم:((هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ، فإن يعقوبَ بنَ عطاءِ بنِ أَبي رَباحٍ مَنْ جَمعَ أَئِمةُ الإسْلامِ حديثَهُ، ولم يخرِّجَاه، وله شاهدٌ صحيحٌ على شرطهما)) (المستدرك 1658).

وهو مُتَعَقَّبٌ بما ذكرناه مِن ضعفِ يعقوبَ بنِ عطاءٍ مع مخالفتِهِ؛ وقد ذكر البيهقيُّ هذا الحديثَ عن شيخِهِ الحاكمِ بإسنادِهِ ثم قال: ((يعقوبُ بنُ عطاءٍ غيرُ قويٍّ)) (السنن الكبرى 9017).

وقد تَعَقَّبَ الألبانيُّ قولَ الحاكمِ فقال: ((

مع أن يعقوب بن عطاء أورده في (الميزان) وحكى تضعيفَه عن أحمدَ وغيرِهِ ولم يذكرْ أحدًا وَثَّقَهُ، فأنَّى له الصحة؟!،

)) (إرواء الغليل 1/ 179).

ص: 466

حَديثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ تَغْتَسِلَانِ، وَتُحْرِمَانِ، وَتَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ [حَتَّى تَطْهُرَ])).

[الحكم]:

حسنٌ بشواهدِهِ؛ وإسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَ إسنادَهُ الزيلعيُّ، والمنذريُّ، والشوكانيُّ، والحسنُ الرِّباعيُّ الصنعانيُّ، والألبانيُّ إلَّا أنه صحَّحَهُ بشواهدِهِ، وقال الترمذيُّ:((حسن غريب من هذا الوجه)).

[اللغة]:

((الْمَنَاسِكُ)) قال ابنُ الأثير: ((جَمْعُ مَنْسَكٍ: وهو المُتَعَبَّدُ، وأمورُ الحجِّ كلُّها مَنَاسِكٌ)) (جامع الأصول 3/ 75).

[التخريج]:

[د 1744 ((واللفظ له)) / ت 961 ((والزيادة له ولغيره)) / حم 3435/ بز 4798، 4931 ((إلا أنه لم يذكر فيه الاغتسال)) / طب (11/ 364/ 12030) / طس 6498/ طص 367/ تمهيد (19/ 315) / استذ (11/ 10)].

[السند]:

قال أبو داود: حدثنا محمد بنُ عيسى، وإسماعيل بنُ إبراهيم أبو معمرٍ، قالا: حدثنا مروان بنُ شُجَاعٍ، عن خُصَيْفٍ، عن عكرمةَ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، عن ابنِ عباسٍ، به.

وقال: قال أبو معمر في حديثه: ((حَتَّى تَطْهُرَ))، ولم يذكرِ ابنُ عيسى عكرمةَ، ومجاهدًا، قال: عن عطاء، عن ابن عباس، ولم يقلِ ابنُ عيسى:((كُلَّهَا))، قال:((الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ)).

ومداره -عند الجميع- على مَرْوَانَ بنِ شُجَاعٍ الجَزَرِيِّ عن خُصَيْفٍ؛ إلا أن بعضَهم ذكره (عن عكرمةَ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ)، وبعضُهم ذَكَرَهُ (عن عكرمةَ وَحْدَهُ)، وبعضُهم ذَكَرَهُ (عن عطاءٍ وَحْدَهُ).

ص: 467

قال البزارُ: ((وهذا الحديثُ لا نعلمه يُروى بهذا اللفظِ إلَّا عنِ ابنِ عباسٍ، وقد رُوِيَ نحوٌ منه عن غيرِ ابنِ عباسٍ، ولا نَعْلَمُ حدَّثَ به عن خُصَيْفٍ إلَّا مروان بن شُجاعٍ، وهو شيخٌ ليس به بأس)) (المسند 4931).

قال الطبرانيُّ: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن خُصَيْفٍ إلَّا مروان بن شُجاعٍ)) (المعجم الأوسط 6498).

وقال الطبرانيُّ: ((لم يَرْوِهِ عن خُصَيْفٍ إلَّا مروان بن شُجاعٍ وهو لا بأس به، روى عنه أحمد بن حنبل)) (المعجم الصغير 367).

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ لينٌ؛ فيه: خُصَيْفُ بنُ عبدِ الرَّحمَنِ الجَزَرِيُّ، قال عنه ابن حجر:"صدوقٌ سيئُ الحفظِ، خلط بأَخَرَةٍ"(التقريب 1718).

وبه ضَعَّفَهُ غيرُ واحدٍ من أهل العلم:

فقال المنذريُّ: ((في إسناده خصيف

، وقد ضعَّفه غيرُ واحدٍ)) (مختصر سنن أبي داود 2/ 286).

وبنحوه قال الزيلعيُّ في (نصب الراية 3/ 123).

وقال الشوكانيُّ: ((في إسناده خصيف بن عبد الرحمن الحراني وقد ضعَّفه جماعةٌ من قِبَلِ حفظه مع كونه صدوقًا)) (السيل الجرار صـ 308)، وانظر (نيل الأوطار 4/ 359).

وقال الحسن الرِّباعيُّ الصنعانيُّ: ((رواه أبو داود، والترمذيُّ بإسنادٍ فيه مقال)) (فتح الغفار 2/ 961).

وقال الألبانيُّ: ((هذا إسنادٌ فيه ضعفٌ، رجالُه ثقاتٌ، غير أن خُصيفًا وهو ابنُ عبد الرحمن

الجزريُّ سيئ الحفظ)) (السلسلة الصحيحة 4/ 432).

قلنا: إلَّا أن لمعناه شواهد صحيحة؛ فقد سبقَ من حديث جابر، وعائشة -عند مسلم- في قصة أسماء بنت عميس حينما نفست: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالاغتسال والإحرام.

وفي (الصحيحين) من حديث عائشة حينما حاضت وهي محرمة؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: ((لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟)) قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى

ص: 468

بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي)). وسيأتي تخريجه في "باب بدء الحيض"، من "كتاب الحيض".

ولعلَّ لذلك قال الترمذيُّ عن حديث ابن عباس هذا: ((حديث حسن غريب من هذا الوجه)) (السنن 961). فهو حسنٌ باعتبارِ متنه، غريبٌ باعتبارِ سنده.

ولعلَّ لذلك أيضًا: رمز لحسنه السيوطيُّ في (الجامع الصغير 3772)، وصحَّحَهُ أحمد شاكر في (تعليقه على المسند 3435).

وقد نصَّ على ذلك الألبانيُّ فقال -بعدما ضعَّف سنده بخصيف-: ((

؛ لكن الحديث صحيح، يشهد له حديث جابر في حديث أسماء بنت عميس حين نفست بذي الحليفة:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ))، رواه مسلم وغيره

، وحديث عائشة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا حِينَ حَاضَتْ وَهِي مُحْرِمَةٌ:((اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي وَلَا تُصَلِّي)). متفق عليه، ولعلَّه من أجلِ ذلك صَحَّحَ الحديثَ العلامةُ أحمد شاكر في تعليقه على (المسند)، والله أعلم)) (السلسلة الصحيحة 4/ 432).

ص: 469

حديثُ ابْنِ عُمَرَ:

◼ عنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: ((مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ [وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ])).

[الحكم]:

صحيحٌ، وصَحَّحَهُ: الحاكمُ، وعبدُ الحقِّ الإشبيليُّ، وابنُ حَجَرٍ، والألبانيُّ.

وقال الهيثميُّ: ((رجالُ البزارِ ثقاتٌ كلُّهم)).

[التخريج]:

[ك 1659/ ش 15847 ((واللفظ له)) / بز 6158 / طب (13/ 275، 276/ 14034) / طس 8046 / قط 2433 ((والزيادة له ولغيره)) / هق 9018].

[السند]:

قال ابنُ أبي شيبة: حدثنا سهل بن يوسف، عن حميد، عن بكر، عن ابن عمر، به.

ومداره -عندهم- على حميد بن أبي حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، به.

قال البزارُ: ((هذا الحديثُ لا نعلمه يُروى عنِ ابنِ عمرَ من وجهٍ أحسن من هذا الوجه)) (المسند 6158).

وقال الطبراني: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن بكر إلا حميد، تفرَّدَ به: سفيان بن حبيب)) (المعجم الأوسط 8046).

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُه كلُّهم ثقاتٌ؛ وإن كان حميد بن أبي حميد الطويل ((ثقة مدلس)) كما في (التقريب 1544)؛ إلا أن أكثرَ الأَئِمةِ على أنه يُدَلِّسُ عن أنسٍ فقط، وفي هذا الحديث إنما يرويه عن بكر بن عبد الله المزنيِّ، وله رواية عنه في (الصحيحين).

ولذا صَحَّحَهُ عددٌ من أهل العلم:

فقال أبو عبد الله الحاكم: ((صَحِيحٌ على شرط الشيخين)) (المستدرك 1659).

قلنا: بل الطريق الذي أخرجه ليس على شرطِ واحدٍ منهما؛ فإن في سنده سهل بن يوسف لم يَرْوِ له الشيخان أو أحدهما.

لذا صَحَّحَهُ الألبانيُّ ثم تَعَقَّبَ الحاكمَ بقولِهِ: ((إنما هو صحيحٌ فقط، فإن فيه: سهل بن يوسف، ولم يَرْوِ له الشيخان)) (إرواء الغليل 1/ 179).

ص: 470

وذكره عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 2/ 260). وسكتَ عنه مُصححًا له.

وقال الهيثميُّ: ((رواه البزارُ، والطبرانيُّ في (الكبير) إلَّا أنه قال: ((عِنْدَ إِحْرَامِهِ وَعِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ)). ورجالُ البزارِ ثقاتٌ كلُّهم)) (مجمع الزوائد 5323).

وصَحَّحَهُ ابنُ حَجَرٍ في (نتائج الأفكار 5/ 213)، وفي (مختصر زوائد مسند البزار 1/ 384) مُتَعَقِّبًا قولَ البزارِ:((هذا الحديثُ لَا نعلمُهُ يُرْوَى عَنِ ابنِ عُمَرَ من وجهٍ أحسن من هذا الوجه))؛ فقال ابنُ حجر: ((هو إسنادٌ صحيحٌ)).

قلنا: وقولُ الصحابيِّ: ((مِنَ السُّنَّةِ كَذَا))؛ له حكمُ المرفوعِ عندَ أكثرِ أهلِ العلمِ، فقولُ ابنِ عُمَرَ هنا: ((مِنَ السُّنَّةِ

)) جَزَمَ غيرُ واحدٍ أنَّه مرفوعٌ.

فقالَ ابنُ حجر: ((وقولُ الصحابيِّ: ((مِنَ السُّنَّةِ كَذَا))؛ مرفوعٌ)) (نتائج الأفكار 5/ 213).

وقال الألبانيُّ: ((وهذا وإن كانَ موقوفًا فإن قولَهُ: ((مِنَ السُّنَّةِ))؛ إنما يعني سنته صلى الله عليه وسلم كما هو مقررٌ في علمِ أُصولِ الفقهِ)) (إرواء الغليل 1/ 179).

ص: 471