المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌491 - باب المسلم يدفن المشرك أو يغسله يغتسل أم لا - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٣

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أَبْوَابُ: أَنْوَاعِ الأَغْسَالِ الوَاجِبَةِ وَالمُسْتَحَبَةِ

- ‌484 - بَابُ الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ

- ‌485 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ غُسْلَ الجَنَابَةِ نَسَخَ كُلَّ غُسْلٍ

- ‌486 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَجَاسَةِ المُتَلَوِّطِ وَاغْتِسَالِهِ

- ‌487 - بَابُ الغُسْلِ مِنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ

- ‌488 - بَابُ غُسْلِ المَيِّتِ

- ‌أبواب غسل من غسل ميتا

- ‌489 - بَابُ فيما وَرَدَ فِي غُسْلِ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا

- ‌490 - باب فِيمَا وَرَدَ فِي تَرْكِ الغُسْلِ مِنْ تَغْسِيلِ المَيِّتِ

- ‌491 - بَابُ المُسْلِمِ يَدْفِنُ المُشْرِكَ أَوْ يَغْسِلْهُ يَغْتَسِلُ أَمْ لَا

- ‌أَبْوَابُ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌492 - بَابٌ فِيمَا وَرَدَ فِي الأَمْرُ بِالغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌493 - بَابٌ: فِيمَا وَرَدَ أَنَّ الغُسْلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ

- ‌494 - بَابٌ: فِيمَا وَرَدَ فِي عِلَّةِ الأَمْرِ بِالغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌495 - بَابٌ: فِي أَنَّ الغُسْلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ حَقٌّ لِلَّهِ

- ‌496 - بَابٌ: فِيمَا رُوِي أَنَّ غُسْلَ الجُمُعَةِ مِنَ الفِطْرَةِ

- ‌497 - بَابٌ: فِي فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ مَعَ الرَّوَاحِ

- ‌498 - بَابٌ: فِي فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذَا ابْتَكَرَ، فَدَنَا، وَأَنْصَتَ، وَلَمْ يَلْغُ

- ‌بَابٌ: هَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ الرِّجَالِ غُسْلٌ

- ‌بَابٌ: فِيمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابٌ: فِيمَا رُوِيَ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ لِلْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ

- ‌بَابٌ: فِيمَا رُوِيَ فِي أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَى النِّسَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِلْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِذَا أَفَاقَ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ

- ‌بَابُ الْاِغْتِسَالِ مِنَ الْغَضَبِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنَ الْخَلُوقِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْحِجَامَةِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِيَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنْ مَاءِ الْحَمَّامِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْغُسْلِ مِنْ نَتْفِ الْإِبِطِ

الفصل: ‌491 - باب المسلم يدفن المشرك أو يغسله يغتسل أم لا

‌491 - بَابُ المُسْلِمِ يَدْفِنُ المُشْرِكَ أَوْ يَغْسِلْهُ يَغْتَسِلُ أَمْ لَا

؟

2886 -

حديثُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ:

◼ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ:((قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ (أَبَا طَالِبٍ) 1 (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَنْتَ، إِنَّ أَبِي) 2 قَدْ مَاتَ، [فَمَنْ يُوَارِيهِ؟ ] 1، قال:((اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ))، [قُلْتُ: إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا، قَالَ:((اذْهَبْ فَوَارِهِ] 2، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي))، فَذَهَبْتُ فَوَارَيْتُهُ وَجِئْتُهُ، فَأَمَرَنِي [أَنْ أَغْتَسِلَ] 3 فَاغْتَسَلْتُ، وَدَعَا لِي [بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي، مَا عَلَى الأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ (مَا يَسُرُّنِي بِهِنَّ حُمْرُ النَّعَمِ وَسُودُهَا) 3]4.

[الحكم]:

حديثٌ جيدٌ، وَصَحَّحَهُ: ابنُ خُزيمةَ، والرافعيُّ، والألبانيُّ.

وَحَسَّنَهُ: الذهبيُّ، وابنُ كَثيرٍ، وابنُ الملقنِ، وهو ظاهر كلام ابنِ حَجرٍ.

[التخريج]:

[د 3199 (واللفظُ لَهُ) / ن 195، 2024 (والزيادةُ الأُولى لَهُ) / كن 244 (والزيادةُ الثانيةُ لَهُ ولغيرِهِ)، 245، 2339، 8680 (والزيادةُ الثالثةُ والرابعةُ لَهُ ولغيرِهِ) / حم 759 (والروايةُ الأُولى لَهُ ولغيرِهِ)، 807، 1093، 1094 (والروايةُ الثالثةُ لَهُ ولغيرِهِ) / خز (إصا 12/ 395) / شف 102 (والروايةُ الثانيةُ لَهُ) / أم 3267/ طي 122 - 124/ تص 1042/ سعد (1/ 102) / ش 11267، 11963، 32752/ عم 1074 (واللفظُ

ص: 72

لَهُ) / عل 423 (والروايةُ الثالثةُ له)، 424/ معل 239/ جا 557/ بز 592/ طس 6322/ عد (3/ 522) / هق 1467 - 1469، 6747/ هقع 2131/ هقل (2/ 348، 349) / هقخ 1006، 1007/ علقط 475، 484/ مسد (الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة 2/ 54)

(1)

/ مخلص 1999/ ثوري 55، 228/ ضيا (2/ 276 - 277/ 656، 657)، (2/ 362/ 745)، (2/ 363 - 364/ 746، 747) / تحقيق 863/ جر 1562 - 1564/ علي 149/ منذ 2930/ خلدف 118/ إسحاق (زيادات يونس بن بكير صـ 239) / أثر (1/ 153) / تطبر (بطال 3/ 352) / بنس 4/ متشابه (2/ 632) / قشيخ 104، 400/ كر (66/ 333 - 335) / محلى (5/ 117) / المروزي (الجنائز- كنز 36383) / ابن حمدان (كنز 37873) / إخميم 39/ قطيعي 35/ من حديث أبي عمرو الحيري (ق 2/ أ) / منتظم (3/ 10) / كما (29/ 257 - 258) / نبلا (7/ 384 - 385)].

[السند]:

أخرجه أحمدُ (759)، عن محمدِ بنِ جعفرَ، حدثنا شعبةُ، عن أبي إسحاقَ، قال: سمعتُ ناجيةَ بنِ كعبٍ، به.

وأخرجه النسائيُّ في (الصغرى 195)، عن محمدِ بنِ المثنى، عن غندرٍ، به.

وأخرجه أحمدُ (1093)، وابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 11267، 11963، 32752)، عن وكيعٍ، عن سفيانَ الثوريِّ، عن أبي إسحاقَ، به.

(1)

وسقط من إسناده (يحيى)، ورواه أبو داود عنه على الصواب.

ص: 73

وأخرجه أبو داود، عن مسددٍ.

والنسائيُّ في (الصغرى 2024)، عن عُبيدِ اللهِ بنِ سعيدٍ.

كلاهما: عن يحيى القطانِ، عن سفيانَ الثوريِّ، به.

وأخرجه النسائيُّ في (الكبرى 8680)، من طريقِ القاسمِ بنِ يزيدَ، عن سفيانَ الثوريِّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ جيدٌ، رجالُه ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ عدا نَاجِيَة بنَ كَعْبٍ

(1)

، فمن رجالِ السننِ، قال ابنُ مَعِينٍ:"صالحٌ"، وتبعه ابنُ شَاهينَ في (تاريخ أسماء الثقات 1519)، وقال أبو حاتم:"شيخ"(الجرح والتعديل 8/ 486)، ووَثَّقَهُ أبو حاتم في موضع آخر: فقد سأله ابنُه أيهما أوثق ناجية بن كعب، أو ناجية بن المغيرة؟ قال:"جميعًا ثقتان"(الجرح والتعديل 8/ 487)، وقال العجليُّ:"كوفيٌّ تابعيٌّ ثقةٌ"(معرفة الثقات وغيرهم 1830)، وقال الحافظُ:"ثقةٌ"(التقريب 7065).

بينما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين)، وقال:"كان شيخًا صالحًا إلا أن في حديثِهِ تخليطًا لا يشبه حديث أقرانه الثقات عن عليٍّ، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، وفيما وافق الثقات، فإن احتجَّ به محتجٌّ أرجو أنه لم يجرح فعله ذلك"(المجروحين 2/ 401).

ولذا قال الذهبيُّ: "ما أدري لماذا توقف ابنُ حِبَّانَ فيه" (ديوان الضعفاء

(1)

وقد فرَّق بينه وبين (ناجية بن خفاف): الإمام أحمد، وعلي بن المديني، والبخاري، وغيرهم، انظر (تهذيب التهذيب 10/ 400 - 401)، وسيأتي بيانُ ذلك مفصلًا عند الكلام على حديث عمار في:(كتاب التيمم).

ص: 74

4335).

وأما قولُ الجوزجانيِّ بأنه "مذموم"(أحوال الرجال صـ 70): وَضَّحَهُ الحافظُ فقال: "ولم أرَ لأحدٍ فيه مقالًا إلا قول الجوزجاني: (مذموم)، وأشار بذلك إلى مذهبه في التشيع، والله أعلم"(الإصابة 11/ 171).

وقال البيهقيُّ: "لم تثبتْ عدالته عند صاحبَي (الصحيح) "(السنن الكبرى 2/ 392).

قلنا: وهذا ليس بجرحٍ، فلم يشترطا الاستيعاب، وقد أخرجا لمن هو في مثل حاله أو أقل.

فأقل أحواله أن يكون حسن الحديث، والله أعلم.

وقد صَحَّحَ حديثَه هذا جماعةٌ من العلماءِ، ومنهم من حَسَّنَهُ:

فصَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ، كما قال الحافظُ في (الإصابة 12/ 395 - 396)

(1)

.

وقال الرافعيُّ: "حديثٌ ثابتٌ مشهورٌ"(البدر المنير 5/ 239).

وقال الذهبيُّ: "رواه الطيالسيُّ في (مسنده) عن شعبةَ، عن أبي إسحاقَ فزادَ بعد ((اذْهَبْ فَوَارِهِ)):((فَقُلْتُ: إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا قال: اذْهَبْ فَوَارِهِ))، وفي حديثِهِ تصريحُ السماعِ من ناجيةَ قال: ((شَهِدْتُ عَلِيًّا يَقُولُ

))، وهذا حديثٌ حسنٌ متصلٌ" (تاريخ الإسلام 1/ 613).

وقال ابنُ كثيرٍ: "إسنادُهُ لا بأسَ به"(إرشاد الفقيه 1/ 221)

وقال ابنُ الملقنِ -بعد أن ذكر طرقه عن أبي إسحاق-: "وهذه أسانيدُ جيدةٌ"(البدر المنير 5/ 238).

(1)

ولم نقف على الحديث في المطبوع من (صحيح ابن خزيمة)، فالله أعلم.

ص: 75

وقال في (تحفة المحتاج 2/ 21): "رواه أبو داود، والنسائي، بإسنادٍ حسنٍ".

قال الألبانيُّ: "هذا سندٌ صحيحٌ رجالُه كلُّهم ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ غير ناجية بن كعب، وهو ثقةٌ كما في (التقريب) "(الإرواء 3/ 170).

وفي المقابل: ضَعَّفَهُ بعضُ أهلِ العلمِ:

فقال البيهقيُّ: "لم تثبتْ عدالتُه عند صاحبي (الصحيح) "، ثم أسندَ عن عليِّ بنِ المدينيِّ أنه قال:"حديث عليٍّ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُوَارِي أَبَا طَالِبٍ))، لم نجده إلا عند أهلِ الكوفةِ، وفي إسناده بعض الشيء، رواه أبو إسحاق عن نَاجِيَةَ، ولا نعلمُ أحدًا روى عن نَاجِيَةَ غير أبي إسحاقَ"(السنن الكبرى للبيهقي 2/ 392).

وتعقبه الذهبيُّ فقال: "بلى، وولده يونس بن أبي إسحاق"(ميزان الاعتدال 4/ 239).

قلنا: الصوابُ أن الذي روى عنه يونس: ناجية بن خفاف، وليس ابن كعب، ولكن روى عن ابن كعب غير أبي إسحاق، أبو حسان الأعرج، كما ذكر البخاريُّ وغيرُ واحدٍ، انظر (التاريخ الكبير 8/ 107).

وَضَعَّفَهُ أيضًا: النوويُّ فقال: "حديثُ عليٍّ رضي الله عنه رواه أبو داود وغيره وإسنادُهُ ضعيفٌ"(المجموع 5/ 281)، ونقل في (خلاصة الأحكام 2/ 940) عن البيهقيِّ قوله:"هذا حديثٌ باطلٌ، وأسانيدُهُ كلُّها ضعيفةٌ، وبعضُها منكرٌ".

ولم نقفْ على كلامِ البيهقيِّ هذا، في شيءٍ من كُتُبِهِ، والذي وقفنا عليه ما تقدَّم، وهو يفيدُ تضعيفه للحديث.

قال ابنُ المُلقنِ: "وحاصلُ كلام البيهقي تضعيفه"(البدر المنير 5/ 239)

ص: 76

وقال الحافظُ: "ومدارُ كلامِ البيهقيِّ على أنه ضعيفٌ، ولا يتبينْ وجه ضَعْفِهِ"(التلخيص الحبير 2/ 233). وانظر (الإصابة 12/ 395).

قلنا: وقد رُوِيَ من وجوهٍ أُخْرَى عن عليٍّ رضي الله عنه، منها:

ما أخرجه أحمدُ في (المسند 807) قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا الحسن بن يزيد الأصم، قال سمعت السُّدِّيَّ إسماعيلَ يذكره عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، به. وزاد في آخره:((وَكَانَ عَلِيٌّ إِذَا غَسَّلَ المَيِّتَ اغْتَسَلَ)).

والقائل: هو السُّدِّي، كما بينه عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند 1074) قال: حدثني زكريا بن يحيى زَحْمَوَيْه، وحدثنا محمد بن بكار، وحدثنا إسماعيل أبو معمر، وسريج بن يونس، قالوا: حدثنا الحسن بن يزيد الأصم، قال: أخبرني السُّدِّي، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن عليٍّ

، فذكره، وقال: "وقال ابنُ بكَّارٍ في حديثه: قال السُّدِّيُّ: ((وَكَانَ عَلِيٌّ إِذَا غَسَّلَ المَيِّتَ اغْتَسَلَ)).

وكذا رواه سعيدُ بنُ منصورٍ في (التفسير 1042) -ومن طريقه الطبرانيُّ في (الأوسط 6322) -، وغيرُ واحدٍ: عن الحسن بن يزيد الأصم

(1)

، به.

وهذا إسنادٌ مقاربٌ؛ إسماعيل السُّدِّي، قال عنه الحافظ:"صدوق يهم"(التقريب 463).

وأما الحسن بن يزيد الأصم: فوَثَّقَهُ جمهورُ الأئمةِ، قال أحمد بن حنبل:"ثقة، ليس به بأس، إلا أنه حدَّثَ عن السُّدِّيِّ، عن أوس بن ضمعج"، وأثنى

(1)

ولكن تحرف (الحسن) في مطبوع (المعجم الأوسط) إلى (يحيى).

ص: 77

عليه ابنُ مَعِينٍ خيرًا، وقال:"لا بأس به"، وقال أبو حاتم:"لا بأس به"(الجرح والتعديل 3/ 43)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 6/ 170)، وقال الدارقطنيُّ:"لا بأسَ به، ثقةٌ، مستقيمُ الحديثِ"(سؤالات البرقاني له 83).

بينما تكلَّم فيه ابنُ عَدِيٍّ، لاسيما في حديثِهِ عن السُّدِّيِّ؛ فقال:"الحسن بن يزيد الكوفي عن السُّدِّي ليس بالقوي، وحديثه عنه ليس بالمحفوظ"(الكامل 3/ 521).

ثم ذكر له عدة أحاديث لم يروها عن السُّدِّيِّ إلا الحسن هذا، وهي معروفةٌ من طريقٍ آخرَ، وذكر منها حديثنا، ثم قال:"وهذا لا أعلمُ يرويه عن السُّدِّيِّ غير الحسن هذا، ومدارُ هذا الحديثِ المشهور على أبي إسحاق السبيعي، عن نَاجِيَةَ بنِ كعبٍ عن عليٍّ رضي الله عنه"(الكامل 3/ 522).

وختم ترجمتَه بقوله: "وللحسن بن يزيد أحاديث غير ما ذكرت، وهذا أنكر ما رأيتُ له عن السُّدِّيِّ"(الكامل 3/ 523).

وَضَعَّفَهُ به البيهقيُّ فقال: "وقد رُوي من وجهٍ آخرَ ضعيفٌ عن عليٍّ هكذا"، ثم ذكرَ هذا الطريق، وقال:"تفرَّدَ به الحسنُ بنُ يزيدَ الأصمُ بإسنادِهِ هذا"(السنن عقب رقم 1469).

قلنا: وقريبٌ منَ الحسنِ هذا في (الطبقة) أبو يونس الحسن بن يزيد القويُّ، وهذا وَثَّقَهُ أحمدُ، وأبو حاتم، وغيرهما، ولهذا علَّقَ الذهبيُّ على قولِ ابنِ عَدِيٍّ:"ليس بالقوي". فقال في ترجمة أبي يونس في (الميزان): "إنما ذكرته للتمييز، فما أدري حيث قال ابنُ عَدِيٍّ في ترجمـ[ـة] سميه الأصم: "ليس بالقوي"، هل أرادَ نفي القوة عن الأصمِّ، أو أراد أنه ما هو القوي"(الميزان 1964).

ص: 78

قلنا: وقول السُّدِّيّ: ((وَكَانَ عَلِيٌّ إِذَا غَسَّلَ المَيِّتَ اغْتَسَلَ)) فيه علةٌ أُخرى؛ وهي الانقطاعُ بينه وبين عليٍّ، فإن إسماعيلَ السُّدِّيَّ لا يدرك عليًّا رضي الله عنه.

وعليه: فهي زيادةٌ منكرةٌ.

قلنا:

وقد رواه البزارُ في (مسنده 592)، عن حاتمِ بنِ الليثِ، عن إبراهيمَ بنِ أبي العباسِ، عن الحسنِ بنِ يزيدَ، عن السُّدِّيِّ، عن سعدِ بنِ عبيدةَ، عن أبي عبدِ الرحمنِ، عن عليٍّ، به. فزادَ في إسنادِهِ:(سعد بن عبيدة).

وقال البزارُ: "وهذا الحديثُ لا نعلمه يُروى عن السُّدِّيِّ إلا من هذا الوجه".

قلنا: وحاتمُ بنُ الليثِ وإن كان منَ الثقاتِ، إلا أنه قد خُولِفَ؛ خالفه الإمامُ أحمدُ، فرواه عن إبراهيم بن أبي العباس بإسقاط (سعد بن عبيدة)، وكذا رواه جماعةٌ منَ الثقاتِ عن الحسن بن يزيد، لاسيما وقد قال الحسينيُّ عن حاتمٍ:"فيه نظر"(الإكمال 118).

ولذا قال الدارقطنيُّ-وسُئِلَ عن هذا الحديثِ-: "يرويه السُّدِّيُّ، واختُلِفَ عنه:

فرواه سريج بن يونس، ومحمد بن بكار، وأبو مَعْمَرٍ القطيعيُّ، وزَحْمَوَيْه، وجمهورُ بنُ منصورٍ، وإبراهيم بن أبي العباس، عن الحسن بن يزيد بن الأصم، عن السُّدِّيِّ، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن عليٍّ.

وحدَّثَ به حاتم بن الليث، عن إبراهيم بن أبي العباس، عن الحسن بن يزيد، عن السُّدِّيِّ، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عليٍّ.

زاد فيه: سعد بن عبيدة، وهو وَهْمٌ، والقول الأول أصح" (العلل 484).

وانظر بقيةَ طرقِ الحديثِ فيما يأتي من رواياتٍ.

* * *

ص: 79

روايةُ فَأَجِنَّهُ:

• وفي روايةٍ: عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ:((أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ المُشْرِكَ قَدْ تُوُفِّيَ، قَالَ: ((اذْهَبْ فَأَجِنَّهُ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ مُعَلٌّ، وأعلَّه: الدارقطنيُّ، والمحفوظُ في متنه بلفظ:((اذْهَبْ فَوَارِهِ)).

[اللغة]:

" (أَجِنَّهُ)، يقال: جَنَّ عليه الليل وأَجَنَّهُ الليل: إذا أظلم حتى يستره بظلمته.

ويقال لكل ما ستر: قد جَنَّ، وقد أَجَنَّ" (تهذيب اللغة 10/ 268).

[التخريج]:

[معر 1921].

[السند]:

أخرجه ابنُ الأعرابيِّ في (معجمه)، قال: نا أبو رفاعة، نا عبد الله بن يحيى، نا عبد الواحد، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن عليٍّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ شاذٌّ؛ عبد الواحد بن زياد وإن كان ثقةً إلا أن حديثَهُ عن الأعمشِ فيه مقالٌ، كما في (التقريب 4240).

وهذا من حديثِهِ عن الأعمشِ، وقد وَهِمَ هنا في ذكر (هانئ بن هانئ)، والمحفوظ:(عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب).

وقد خالفه ابنُ نُميرٍ؛ فرواه عن الأعمش، عن أبي إسحاقَ، عن رجلٍ غير

ص: 80

مُسمَّى، عن عليٍّ، رواه أبو الشيخ في (ذكر الأقران 104).

وهذا أقربُ إلى حديثِ شعبةَ، والثوريِّ، وغيرهما، عن أبي إسحاقَ، إلا أنهم سموا مَن رَوى عن عليٍّ.

لذا قال الدارقطنيُّ: "والمحفوظُ قولُ الثوريِّ، وشعبة، ومن تابعهما، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن عليٍّ، وكذلك رواه فرات القزاز، عن ناجية بن كعب أيضًا"(العلل 475).

وكذا قوله في المتن: ((اذْهَبْ فَأَجِنَّهُ)) غير محفوظ، المحفوظ بلفظ:((اذْهَبْ فَوَارِهِ)).

روايةُ: وَعَلَيَّ أَثَرُ التُّرَابِ وَالغُبَارِ:

• عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:((قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ لِي: ((اذْهَبْ فَوَارِهِ وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي))، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَوَارَيْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْت إلَيْهِ وَعَلَيَّ أَثَرُ التُّرَابِ وَالغُبَارِ. [فَقَالَ:((انْطَلِقْ فَاغْتَسِلْ))، ثُمَّ أَتَيْتُهُ،] فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ)).

[الحكم]:

صحيح دون قوله: ((وَعَلَيَّ أَثَرُ التُّرَابِ وَالغُبَارِ))؛ فشاذَّةٌ.

[التخريج]:

[ش 11962 (واللفظُ لَهُ) / تص 1041 (والروايةُ لَهُ) / ثعلب 1466/ طس 5490 (والزيادةُ لَهُ)].

ص: 81

[السند]:

رواه ابنُ أبي شيبةَ (11962)، عن أبي الأحوصِ، عن أبي إسحاقَ، قال: قال عليٌّ

، فذكره.

ورواه سعيدُ بنُ منصورٍ في (التفسير 1041) -ومن طريقه الثعلبيُّ في (تفسيره 1466) - قال: نا أبو الأحوص، قال: نا أبو إِسحاق به

(1)

.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أن أبا الأحوصِ، قد خُولِفَ في متنِهِ، وسندِهِ:

فقد رواه الثوريُّ، وشعبةُ، وجماعةٌ منَ الثقاتِ من أصحابِ أبي إسحاقَ، عنه، عن ناجيةَ بنِ كعبٍ عن عليٍّ، به. ولم يردْ في روايةِ واحدٍ منهم:

(1)

إلا أن محقق (تفسير سعيد بن منصور)، أثبت (ناجية بن كعب) بين قوسين، وقال:"ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من (مصنف ابن أبي شيبة)؛ فإنه روى الحديثَ من طريقِ أبي الأحوصِ، وكذا باقي مصادر التخريج من غيرِ طريقِ أبي الأحوصِ" اهـ. كذا قال ولم يصبْ، بل الصواب في رواية أبي الأحوص عدم إثبات (ناجية)، وكذا رواه الثعلبي من طريق سعيد بن منصور، بدون ذكر (ناجية)، وأمّا ما ذكره من (مصنف ابن أبي شيبة) فهو -فيما يبدو لنا- خطأ أيضًا من بعض النساخ؛ حيث أن أكثر النسخ لم تذكر (ناجية) في سنده، كما هو ظاهر صنيع محققا طبعتي (دار القبلة) المعتمدة، وكذا طبعة (دار الفاروق)؛ حيث لم يثبتا (ناجية)، ولم يشيرا (إلى أية)، وكذا أثبته بدون ذكر (ناجية) محقق طبعة (دار كنوز إشبيليا 12201)، ولكنه أشار في الحاشية أنه وقع في نسخة (عن ناجية، عن عليٍّ)، قلنا: وكذا أثبته محقق طبعة (الرشد)، وكذا في (الطبعة الهندية).

وقد ذكرَ ابنُ أبي شيبةَ -عقبه- طريقَ سفيانَ الذي فيه (ناجية)، وقال:"بنحوه"، وذِكرُ المتابعاتِ ليس من عادةِ ابنِ أبي شيبة، فكأنه يشيرُ إلى الخلافِ في سندِهِ، والله أعلم.

ص: 82

زيادة: ((وَعَلَيَّ أَثَرُ التُّرَابِ وَالغُبَارِ)).

فخالفهم أبو الأحوص، فأسقط من إسناده (ناجية بن كعب)، وزاد في متنه ذكر:(الغبار والتراب)، فهذا يؤكد أنه لم يضبطْ هذا الحديث جيدًا.

وسبقَ قولُ الدارقطنيِّ في (العلل): "والمحفوظُ قولُ الثوريِّ، وشعبةَ، ومَن تابعهما، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن عليٍّ".

وقد وردَ ذكرُ (الغبار) من طريقٍ آخرَ:

رواه الطبرانيُّ في (الأوسط 5490)، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: نا عبد الله بن براد الأشعري، قال: نا زياد بن الحسن بن فرات القزاز، قال: حدثني أبي، قال: نا جدي فرات القزاز، عن ناجية بن كعب، عن عليٍّ به، وفيه: ((

ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَغْبَرُ، فَقَالَ:((انْطَلِقْ فَاغْتَسِلْ)

الحديث.

قال الطبراني: "لم يَروِ هذا الحديث عن فرات القزاز إلا ابنه الحسن، ولا عن الحسن إلا ابنه زياد".

قلنا:

وهذا إسنادٌ رجالُهُ رجالُ الصحيحِ إلا ناجية وزياد بن الحسن وأباه.

فأما ناجية، فقد سبقَ بيانُ حالِهِ.

وأما زياد بن الحسن بن فُرَاتٍ القَزَّازُ: فقال عنه أبو حاتم: "منكرُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 3/ 530)، وقال الدارقطنيُّ:"لا بأسَ به، ولا يحتجُّ به"(سؤالات البرقاني له 163)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 248)، وقال الحافظُ:"صدوقٌ يُخطئُ"(التقريب 2067).

وأما أبوه الحسن بن الفرات: فوَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ (الجرح والتعديل 3/ 33)،

ص: 83

والدارقطنيُّ في (سؤالات البرقاني له صـ 78)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 6/ 165).

وقال الذهبيُّ: "ثقة"(الكاشف 1059)، وقال الحافظ:"صدوق يَهِم"(التقريب 1277)

وأخرجَ له مسلمٌ حديثًا واحدًا.

بينما قال أبو حاتم: "منكرُ الحديثِ"، وَعَدَّ هذه الروايةَ من مناكيرِهِ، قال ابنُ أبي حاتمٍ في (مقدمة الجرح والتعديل): نا أبو سعيد الأشج بحديث زياد بن الحسن بن فرات القزاز نحو أربعين حديثًا، فسمعتُ أبي يقول: سبعة عشر حديثًا من هذا خطأ وغلط، من ذلك حديث قد حدثنا به أبو سعيد الأشج، عن زياد بن الحسن بن فرات القزاز، عن أبيه، عن جده، عن عدي ابنُ عَدِيٍّ الكندي، وحديث آخر عن زياد بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن التميمي، عن ابن عباس، ومن ذلك زياد بن الحسن، عن أبيه، عن إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ ثلاثة أحاديث، .... ومن ذلك عن أبيه، عن جده، عن ناجية بن كعب. قال: فسمعت أبي رحمه الله يقول: كلُّ هذه الأحاديث ليست من حديث فرات القزاز، لم يَروِ فرات عن هؤلاء المشيخة، إنما هذه أحاديث أبي إسحاق الهمداني عن هؤلاء المشيخة، ولا أعلم فرات القزاز رَوى عن أحد منهم شيئًا ولا أدركهم، وقد سمع فرات القزاز من أبي الطفيل، ومن سعيد بن جبير، ومن أبي حازم سلمان الأشجعي، ومن قيس، فهذه الأحاديث عنهم صحيحة من حديث فرات القزاز. قلت: فما قولك في الحسن بن فرات؟ قال: منكرُ الحديثِ" (الجرح والتعديل 1/ 351 - 352).

قلنا: وقد وَرَدَ ذِكرُ (الغبار) من طريق آخر ضعيف عن أبي إسحاق، عن ناجية، كما سيأتي في الرواية التالية.

* * *

ص: 84

روايةُ مَا أَنَا بِمُوَارِهِ:

• عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ:((لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ مَاتَ الشَّيْخُ الضَّالُّ -وَقَالَ أَحَدُهُمَا: الكَافِرُ- فَمَاذَا تَرَى؟ قَالَ: ((اذْهَبْ فَوَارِهِ))، قَالَ: مَا أَنَا بِمُوَارِهِ، قَالَ:((فَمَنْ يُوَارِهِ؟ اذْهَبْ فَوَارِهِ، وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَ))، قَالَ: فَوَارَيْتُهُ وَجِئْتُ وَعَلَيَّ غُبَارٌ، فَقَالَ:((اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ، ثُمَّ ائْتِنِي))، قَالَ: فَذَهَبَتُ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ، فَدَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ بِهَا حُمْرَ النَّعَمِ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دون قوله: ((مَا أَنَا بِمُوَارِهِ))، ودون ذكر:(الغبار)، وإسنادُهُ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[زهر 230 (واللفظُ لَهُ) / كر (66/ 334)].

[السند]:

رواه أبو الفضلِ الزهريُّ -ومن طريقه ابنُ عساكرَ-، قال: نا عبد الله، نا الحسن بن حماد سجادة، نا يحيى بن يعلى الأسلمي، عن سفيان، وإسرائيل، وشريك، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن عليٍّ رضي الله عنه، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: يحيى بن يعلى الأسلمي، قال فيه البخاريُّ:"مضطربُ الحديثِ"(الضعفاء الكبير 4/ 283) وقال أبو حاتم: "ليس بالقويِّ ضعيفُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 9/ 196)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 473)، وقال الحافظُ:"ضعيفٌ شيعيٌّ"(التقريب 7677).

ص: 85

لكن الحديث قد صَحَّ من غيرِ هذا الطريقِ كما سبقَ، لكن بدون ذكر:(الغبار)، فلم تثبتْ هذه اللفظة في هذا الحديث من أيِّ وجهٍ.

روايةُ اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وَكَفِّنْهُ:

• وفي روايةٍ: قَالَ: ((لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاتَ الشَّيْخُ الضَّالُّ. فَقَالَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم: ((اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وَكَفِّنْهُ)). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا؟ فَقَالَ: ((وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْكَ؟ اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وَكَفِّنْهُ وَجَنِّنْهُ، وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي)). فَانْطَلَقَتُ فَفَعَلْتُ، قَالَ: فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَالَ: ((اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ غُسْلَ الجَنَابَةِ)).

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياقِ، وأعلَّهُ: الدارقطنيُّ، والبيهقيُّ.

[التخريج]:

[هق 1471].

[السند]:

قال البيهقيُّ: أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر: أحمد بن إسحاق الفقيه، حدثنا صالح بن مقاتل بن صالح، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الزبرقان، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليِّ بن أبى طالب، به.

[التحقيق]:

هذا حديثٌ منكرٌ؛ سندًا ومتنًا:

ص: 86

فأما السندُ: فهو مسلسلٌ بالعللِ:

الأُولى: الحارث، وهو ابنُ عبدِ اللهِ الأعورُ صاحبُ عليٍّ، وهو ضعيفٌ، انظر (ميزان الاعتدال 1/ 435 - 437)، وقال الحافظُ:"في حديثِهِ ضعفٌ، كذَّبه الشَّعْبيُّ فِي رأيه، ورُمي بالرفضِ"(التقريب 1029).

الثانية: إسماعيل بن مسلم المكي، وهو متفق على ضَعْفِهِ، كما قال الذهبيُّ في (ديوان الضعفاء 448)، وتركه غيرُ واحدٍ من أئمة الحديث، بل قال علي بن المديني:"أجمع أصحابنا على ترك حديثه"(إكمال تهذيب الكمال 2/ 206).

الثالثة: مُقَاتِلُ بن صالحٍ، أبو صالح مولى المهدي أمير المؤمنين، ذكره الخطيب في (المتفق والمفترق 3/ 1953)، وابن منده في (الكنى والألقاب 3922) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا

وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "غير معروف"(تنقيح التحقيق 1/ 291)

وقال ابنُ المُلقنِ: "لا يُعرفُ"(البدر المنير 2/ 399)

الرابعة: صالح بن مقاتل بن صالح، قال الدارقطنيُّ:"يحدث عن أبيه ليس بالقوي"(سؤالات الحاكم له 112)، وقال الحافظ:"ضعيف"(التلخيص الحبير 1/ 202).

وبه أعلَّه البيهقيُّ فقال: "وصالح بن مقاتل بن صالح يروي المناكيرَ"(السنن الكبرى 2/ 396).

الخامسة: المخالفة؛ فإن المحفوظ عن أبي إسحاق، عن ناجية، عن عليٍّ، كذا رواه شعبة، والثوري، وغيرهما من الثقات الأثبات من أصحاب أبي إسحاق.

ص: 87

نعم، تابع إسماعيل المكي على ذكر (الحارث)؛ الحسين بن واقد، وأبو حمزة السكري، كما ذكر الدارقطني في (العلل 475) إلا أن روايةَ الجماعةِ أصحُّ.

قال الدارقطنيُّ: "يرويه أبو إسحاقَ السبيعيُّ، واختُلِفَ عنه؛ فرواه شعبة، والثوري، وإسرائيل، وشَريك، وزهير، وقيس، وورقاء، وإبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن عليٍّ.

وخالفهم: الحسين بن واقد، وأبو حمزة السكري، روياه عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ. وَوَهِمَا في ذكر الحارث" (العلل 475).

وقد أعلَّه البيهقيُّ بهذه العلةِ أيضًا، فقال:"هذا غلطٌ، والمشهورُ عن أبي إسحاق، عن ناجية، عن عليٍّ، كما تقدم"(السنن الكبرى 2/ 396).

هذا بخصوصِ السندِ.

وأما المتنُ: ففيه: ((أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عليًّا رضى الله عنه بتغسيلِ أبي طالبٍ وتكفينه" ولم يأتِ ذلك من طريقٍ صحيحٍ.

وإنما المحفوظُ من روايةِ الثقاتِ: عن أبي إسحاق، عن ناجية، عن عليٍّ، بلفظ:((اذْهَبْ فَوَارِهِ)).

ولذا قال الجوزجانيُّ: "ليس فيه: أنه غسَّلَ أبا طالبٍ، إنما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((اذْهَبْ فَوَارِهِ

)) " (المغني لابن قدامة 1/ 279)، وهو قولُ الطحاويِّ في (مختصر اختلاف العلماء 1/ 184)، والبيهقيِّ في (السنن الكبرى 2/ 392)، والزيلعيِّ في (نصب الراية 2/ 281)، والحافظِ في (التلخيص الحبير 2/ 233 - 234).

وقال ابنُ المُلقنِ: "ورُوي أنه أمره بغسله ولا أصلَ له، كما قاله القاضي

ص: 88

عبد الوهاب" (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 9/ 484)

وقد وَرَدَ من وجهٍ آخرَ أنه غَسَّلَهُ كما في الرواية التالية.

روايةُ

وَوَارِهِ غَفَرَ اللهُ لَهُ ورَحِمَهُ:

• وفي روايةٍ قَالَ: ((لَمَّا أَخْبَرتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بِمَوتِ أَبي طالِبٍ فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ لِي: ((اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وكَفِّنْهُ وَوَارِهِ غَفَرَ الله لَهُ ورَحِمَهُ)) قالَ: فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي:((اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ))، قَالَ: وجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَستَغفِرُ لَهُ أَيَّامًا ولَا يَخرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، حَتَّى نَزَلَ عَلَيهِ جِبْرِيلُ عليه السلام بِهَذِه الآيَةِ:{مَا كَانَ لِلنَّبيّ والَّذينَ آمَنوا أَنْ يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ} الآيَةَ، قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَرَني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلْتُ".

[الحكم]:

باطلٌ بهذا السياقِ.

[التخريج]:

[سعد (1/ 101) (واللفظُ لَهُ) / كر (66/ 336) / غيل (حبير 2/ 234)].

[السند]:

قال ابنُ سعدٍ: أخبرنا محمد بن عمر الواقديُّ، حدَّثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن عليٍّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه: الواقديُّ، وهو متروكٌ، وكذَّبه غيرُ واحدٍ منَ الأئمةِ

ص: 89

ونسبوه إلى الوضعِ، انظر (التاريخ الكبير 1/ 178)، و (الجرح والتعديل 8/ 21)، و (ميزان الاعتدال 6/ 273)، و (تهذيب التهذيب 9/ 364).

وقد تفرَّدَ بهذا السياقِ؛ وقد زادَ فيه: "أَمْرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بتغسيلِ أبي طالبٍ، وتكفينه، واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له، واعتزاله في بيته حتى نزلت الآية"، وكلُّ هذا لا أصلَ له في روايةِ الثقاتِ عن عليٍّ، ولعلَّه من وضعِ الواقديِّ، والله أعلم.

ومعاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 469).

وأما أبوه: فترجمَ له البخاريُّ في (التاريخ الكبير 5/ 138)، وابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 5/ 100)، وأخرجَ له مسلمٌ حديثًا واحدًا، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 32)، وابنُ خَلْفُوْنَ في (ثقاته)، كما في (إكمال تهذيب الكمال 8/ 45)، وقال الحافظُ:"مقبولٌ"(التقريب 3451).

وقد رُوي تغسيلُ أبي طالبٍ من حديثِ أسامةَ بنِ زيدٍ، ومرسل الشَّعْبي، وكلاهما منكر، وهما التاليان.

ص: 90

2887 -

حديثُ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ:

• عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ رضي الله عنه، قَالَ:((دَخَلَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: ((فَاذْهَبْ فَاغْسِلْهُ، وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي)). فَغَسَلْتُهُ وَوَارَيْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ:((اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ)).

[الحكم]:

منكرٌ لا أصلَ لَهُ، قاله البيهقيُّ.

[التخريج]:

[غيل 97، 98/ هق 1470 (واللفظُ لَهُ) / حلب (3/ 1196) / عطار (منتقى ق 78/ أ)].

[السند]:

قال البيهقيُّ: أخبرناه أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله النوقاني بها، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصفهاني الصفار، حدثنا جعفر بن محمد الطيالسي، حدثنا إسحاق بن محمد الفروي، حدثنا علي بن أبي علي اللهبي، عنِ الزهريِّ، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد، به.

ومدار الحديث عندهم إسحاق بن محمد الفروي، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفته علي بن أبي علي اللهبي، قال أحمد:"له مناكيرُ"، وقال ابنُ مَعِينٍ:"ليس بشيءٍ"، (لسان الميزان 5447)، وقال البخاريُّ، وأبو حاتمٍ، وأبو زُرعةَ:"منكرُ الحديثِ"، زاد أبو حاتم:"تركوه"، وزاد أبو زُرعة:"ضعيفُ الحديثِ"، انظر (التاريخ الكبير 6/ 288)، و (الجرح والتعديل 6/ 197)، وقال النسائيُّ وغيرُ واحدٍ:"متروكٌ"، وَضَعَّفَهُ جماعةٌ،

ص: 91

وقال ابنُ عَدِيٍّ: "أحاديثُه كلُّها غيرُ محفوظةٍ"، وقال الحاكم:"يروي عن ابنِ المنكدرِ أحاديثَ موضوعة يرويها عنه الثقات"(لسان الميزان 5447)، وقال ابنُ حِبَّانَ:"يروي عن الثقاتِ الموضوعاتِ، وعن الأثباتِ المقلوباتِ، لا يجوزُ الاحتجاجُ به"(المجروحين 2/ 82).

فكيفَ ينفردُ مثله عن مثلِ الزهريِّ في إمامتِهِ وكثرةِ أصحابه؟ !

ولذا قال البيهقيُّ: "وهذا منكرٌ لا أصلَ له بهذا الإسنادِ، وعليُّ بنُ أبي عليِّ اللهبيِّ ضعيفٌ، جَرَحَهُ أحمدُ بنُ حنبلٍ، ويحيى بنُ مَعِينٍ، وَجَرَحَهُ البخاريُّ، وأبو عبد الرحمن النسائيُّ"(السنن الكبرى 2/ 395).

قلنا: فأَتَى بإسنادٍ لا أصلَ له، على متنٍ مُنكرٍ؛ حيثُ ذَكَرَ فيه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَليًّا رضي الله عنه بتغسيل أبي طالب، والثابت أنه أمره بدفنه، كما تقدَّم في أول الباب من حديث علي.

ص: 92

2888 -

حديثُ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا:

◼ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:((لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ جَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الكَافِرَ قَدْ مَاتَ فَمَا تَرَى فِيهِ؟ ، قَالَ: ((أَرَى أَنْ تَغْسِلَهُ وَتُجِنَّهُ))، وَأَمَرَهُ بِالغُسْلِ)).

[الحكم]:

منكرٌ، قاله الألبانيُّ.

[التخريج]:

[ش 11970].

[السند]:

قال ابنُ أبي شيبةَ: حدثنا علي بن مسهر، عن الأجلح، عن الشعبي، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأُولى: الإرسالُ؛ فإن الشعبيَّ من الوسطى من التابعين، ولم يدركِ القصة.

الثانيةُ: الأجلح بن عبد الله؛ فيه ضعفٌ، قال أبو الوليد:" قلتُ ليحيى بن سعيد: أين كان الأجلح من مجالد؟ قال: كان أسوأُ حالًا منه"(الضعفاء للعقيلي 1/ 293)

وأما أحمد بن حنبل، فقد قال:"أجلح، ومجالد، متقاربان في الحديث؛ فقد روى أجلحُ غير حديثٍ منكرٍ"(الجرح والتعديل 2/ 347)

وقال أبو حاتم: " ليس بالقويِّ، يكتبُ حديثُه ولا يحتجُّ به".

وقال النَّسَائيُّ: " ضعيفٌ ليس بذاك، وكان له رأي سوء".

ص: 93

وقال ابن حِبَّانَ: "كان لا يدري ما يقول، يجعل أبا سفيان أبا الزبير، ويقلب الأسامي هكذا"(المجروحين 1/ 197)

بينما وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، والعجليُّ، وانظر (تهذيب الكمال 2/ 275 - 280)

ولذا قال الحافظُ: "صدوقٌ شيعيٌّ"(التقريب 285)

قلنا: وذِكرُ (تغسيل أبي طالب) منها.

وبهاتين العلتين ضَعَّفَهُ الشيخُ الألبانيُّ فقال: "أخرجه ابنُ أبي شيبةَ، عن الأجلحِ، عنه، وهنا مع إرسالِهِ فيه ضَعْفٌ من قبل الأجلحِ؛ ففيه كلام"(إرواء الغليل 3/ 171)

قلنا: وقد رُوي عن الشَّعْبيِّ من طريقٍ آخرَ، وهو طريقُ أبي حريزٍ السجستانيِّ، وفيه أيضًا كلام، ولفظه:((لَمَّا رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ دَفَنْتُهُ، قَالَ لِي قَوْلًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ الدُّنْيَا)) رواه الطيالسيُّ في (مسنده 123)؛ ومن هنا فليس للشعبيِّ في هذا الحديثِ إسناد يثبت، وإن كان الأخير أمثلها، ولم يأتِ بشيء منكر.

ورواه الجعفيُّ عنه، عن عليٍّ قوله:((مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ))، وهذا بيّن الضعف.

ص: 94

2889 -

حديثُ نَاجِيَةَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ نَاجِيَةَ بنِ كَعْبٍ الأَسْدِيِّ: ((أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا مَاتَ، انْطَلَقَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، فَمَنْ يُوَارِيهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَلَا تُحْدِثْ حَدَثًا حَتَّى تَأْتِيَنِي)) قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ مرسلٌ، والصوابُ: أن ناجيةَ أخذَهُ عن عليٍّ، كما تقدَّمَ.

[التخريج]:

[عب 9936].

[السند]:

قال عبدُ الرَّزاقِ: أخبرنا معمر، والثوري، عن ناجية بن كعب، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ، إلا أن عبدَ الرَّزاقِ قد خالفَ أصحاب الثوري، إذ رووه متصلًا عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن ناجية، عن عليٍّ.

وكذا رواه شعبة، وجماعة من الثقات، عن أبي إسحاق، كما تقدَّم في حديث عليٍّ.

* * *

ص: 95

2890 -

حديثُ أَبِي إِسْحَاقَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:((جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الشَّيْخَ الضَّالَّ -لأَبِي طَالِبٍ- قَدْ مَاتَ، قَالَ: ((فَاغْسِلْهُ ثُمَّ اغْتَسِلْ كَمَا تَغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ أَجِنَّهُ))، قَالَ: مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ، قَالَ:((فَأْمُرْ غَيْرَكَ)).

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياقِ.

[التخريج]:

[ش 9935].

[السند]:

قال عبدُ الرَّزاقِ: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني إسماعيل بن مسلم، عن أبي إسحاق، قال: جاء عليٌّ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: إسماعيل بن مسلم، وهو متفقٌ على ضَعْفِهِ، بل وتركه غيرُ واحدٍ، كما سبقَ بيانُه في حديثِ عليٍّ، وانظر (ميزان الاعتدال 1/ 248 - 250).

وقد خُولِفَ في متنِهِ وسنِدِه:

فقد رواه الحفاظُ الأثباتُ: (كشعبة، والثوري، وغيرهما)، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن عليٍّ، كذا موصولًا، وفيه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمره بدفنه، فلمَّا أَتَاهُ أَمَرَهُ أن يغتسلَ.

وهذا خلاف هذا المتن المنكر، الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بغسله، ثم يغتسل، ثم يدفنه، وفيه: أن عليًّا رضي الله عنه امتنع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:((فَأْمُرْ غَيْرَكَ))، وكل هذا منكرٌ لا يصحُّ.

* * *

ص: 96