المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌601 - باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٧

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌601 - بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ

- ‌602 - بَابُ إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ وَلَمْ تَجِدْ مَاءً تَيَمَّمَتْ لِلصَّلَاةِ

- ‌603 - بَابُ إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ قَبْلَ الغُرُوبِ بِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ صَلَّتِ الْعَصْرَ. وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الفَجْرِ بِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ صَلَّتِ الْعِشَاءَ

- ‌604 - بَابٌ: هَلْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ

- ‌605 - بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَعَلَيْهِ بَعْضُ ثَوْبِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ

- ‌606 - بَابُ إِصَابَةِ ثَوْبِ المُصَلِّي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ نَائِمَةٌ بِجِوَارِهِ

- ‌607 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي المُصَلِّي يَمَسُّ امْرَأَتَهُ بِيَدَيْهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌608 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَقْرَبُ الْحَائِضَ

- ‌609 - بَابٌ: هَلْ تَحِيضُ الْحَامِلِ

- ‌أَبْوَابُ الاسْتِحَاضَةِ

- ‌610 - بَابُ المُسْتَحَاضَةِ إِذَا كَانَتْ مُمَيِّزَةً، أوْ كَانَ لَهَا أَيَّامٌ مَعْلُومَةٌ

- ‌611 - بَابُ الاسْتِحَاضَةِ لَا تَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَتَطَوُّعِ المُسْتَحَاضَةِ بِالغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌612 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَمْرِ المُسْتَحَاضَةِ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌613 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْوُضُوءِ للمُسْتَحَاضَةِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌614 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَمْرِ المُسْتَحَاضَةِ بِالغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌615 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَمْرِ المُسْتَحَاضَةِ بِالغُسْلِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌616 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي جَمْعِ المُسْتَحَاضَةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ

- ‌617 - بَابُ تَخْيِيرِ المُسْتَحَاضَةِ فِي الجَمْعِ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ وَالغُسْلِ لَهُمَا، أَوِ الاغْتِسَالِ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الطُّهْرِ

- ‌618 - بَابُ مَا جَاءَ فِي البِكْرِ إِذَا ابْتُدِئَتْ مُسْتَحَاضَةً، أَوْ كَانَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ فَنَسِيَتْهَا

- ‌619 - بَابُ الْفَرْقِ بَيْنَ دَمِ الحَيْضِ وَدَمِ الاسْتِحَاضَةِ

- ‌620 - بَابُ ذِكْرِ الأَقْرَاءِ، وَمَنْ قَالَ: الأَقْرَاءُ: الحَيْضُ

- ‌621 - بَابُ وَطْءِ المُسْتَحَاضَةِ

- ‌622 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الاسْتِحَاضَةَ مِنَ الشَّيْطَانِ

- ‌623 - بَابُ مَا رُوِيَ فِيمَا تَفْعَلُ المَرْأَةُ إِذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنَ الحَيْضِ

- ‌624 - بَابُ الاعْتِكَافِ لِلمُسْتَحَاضَةِ

- ‌625 - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ

- ‌أَبْوَابُ النِّفَاسِ

- ‌626 - بَابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا، وَالحَيْضَ نِفَاسًا

- ‌627 - بَابُ مُدَّةِ النِّفَاسِ

- ‌628 - بَابٌ: هَلْ تَقْرَأُ النُّفَسَاءُ القُرْآنَ

- ‌629 - بَابٌ: إِذَا طَهُرَتِ النُّفَسَاءُ وَلَمْ تَجِدْ مَاءً، تَيَمَّمَتْ لِلصَّلَاةِ

- ‌630 - بَابٌ: هَلْ يَجُوزُ لِلنُّفَسَاءِ أَنْ تَدْخُلَ الحَمَّامَ

الفصل: ‌601 - باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر

‌601 - بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ

3354 -

حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ:

◼ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها [وَكَانَتْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم] 1 قَالَتْ: ((كُنَّا لَا نَعُدُّ الكُدْرَةَ والصُّفْرَةَ [بَعْدَ الطُّهْرِ] 2 شَيْئًا)).

[الحكم]:

صحيح (خ)؛ رواه البخاري دون الزيادة، وهي صحيحة. وصححه بها: ابن السكن، والحاكم، والنووي، والذهبي، وابن الملقن، والألباني.

وهو وإن كان موقوفًا. إلا أن له حكم الرفع كما قال ابن الملقن، وابن حجر، والعيني.

[الفوائد]:

أولًا: فائدة حديثية:

قال ابن حجر: ((قوله: (كُنَّا لَا نَعُدُّ) أي: في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بذلك. وبهذا يعطى الحديث حكم الرفع وهو مصير من البخاري إلى أن مثل هذه الصيغة تُعَد في المرفوع ولو لم يصرح الصحابي بذكر زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وبهذا جزم الحاكم وغيره خلافًا للخطيب)) (فتح الباري 1/ 426).

وقال بدر الدين العيني: ((قولها: (كنا) يعني في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، أي: مع

ص: 5

علمه بذلك وتقريره إياهن. وهذا في حكم المرفوع)) (عمدة القاري 3/ 309).

ولكن قَالَ ابن الملقن: ((المختار أنه مرفوع مطلقًا إضافة إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، أو لم نضفه)) (البدر المنير 3/ 134).

ثانيًا: فائدة فقهية:

قال ابن رجب: ((الصفرة والكدرة لهما ثلاث أحوال:

1 -

حال تكون في مدة عادة المعتادة. فتكون حيضًا عند جمهور العلماء، سواء سبقها دم أم لا.

2 -

وحال تكون بعد انقضاء العادة، فإن اتصلت بالعادة ولم يفصل بينهما طهر، وكانت في مدة أيام الحيض - أعني: الأيام التي يحكم بأنها حيض، وهي: الخمسة عشر، أو السبعة عشر، أو العشرة عند قوم، فهل تكون حيضًا بمجرد اتصالها بالعادة، أم لا تكون حيضًا حتى تتكرر ثلاثًا أو مرتين، أم لا تكون حيضًا وإن تكررت؟

فيه ثلاثة أقوال للعلماء:

الأول: ظاهر مذهب مالك والشافعي.

والثاني: رواية عن أحمد.

والثالث: قول أبي حنيفة والثوري، وأحمد في رواية.

وإن انقطع الدم عند تمام العادة، ثم رأت بعده صفرة أو كدرة في مدة الحيض، فالصحيح عند أصحابنا أنه لا يكون حيضًا وإن تكرر.

وقد قال أكثر السلف: إنها إذا رأت صفرة أو كدرة بعد الغسل أو بعد

ص: 6

الطهر فإنها تصلي. وممن رُوي ذلك عنه: عائشة، وسعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، وإبراهيم النخعي، ومحمد ابن الحنيفة

وغيرهم. وحديث أم عطية يدل على ذلك.

3 -

وحال ترى الصفرة والكدرة بعد أكثر الحيض. فهذا لا إشكال في أنه ليس بحيض)) (فتح الباري 2/ 157، 158).

وبهذا يُعلم الجواب على صنيع البيهقي، حيث أقام تعارضًا بين هذا الحديث وحديث عائشة، أنها كانت تنهى النساء أن ينظرن إلى أنفسهن ليلًا في الحيض، وتقول:((إنها قد تكون الصفرة والكدرة))، قال البيهقي:((وهذا أولى مما رُوي عن أم عطية، ولأن عائشة أعلم بذلك من أم عطية)) (المعرفة 2/ 155، 156).

فحديث عائشة مُنَزَّل على وجود الكدرة والصفرة أيام الحيض.

بينما حديث أم عطية في وجودهما بعد الطهر؛ ولذا بوَّب البخاري على حديث أم عطية: (باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض).

[التخريج]:

[خ 326 واللفظ له/ د 307 والزيادتان له ولغيره، 308/ ن 372/ جه 623/ مي 885/ ك 630، 631/ عب 1226/ طب (25/ 55/ 119)، (25/ 64/ 152، 153) / عبحم (ص 44) / حرب (رجب 2/ 157) / هق 1616 - 1618/ حداد 355].

[السند]:

قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن محمد، عن أم عطية، به دون الزيادة.

ص: 7

وتوبع عليه قتيبة:

فرواه أبو داود (308) وغيره عن مسدد، ورواه النسائي (372) عن عمرو بن زرارة الكلابي، ورواه الدارمي (885) عن محمد بن عيسى الطباع. ثلاثتهم عن إسماعيل وهو ابن عُلَيَّة، عن أيوب به نحوه.

وتوبع عليه ابن عُلَيَّة:

فرواه عبد الرزاق -ومن طريقه ابن ماجه (623)، والطبراني (25/ 55) -: عن معمر، عن أيوب به

(1)

.

وخالفهما وهيب بن خالد:

فرواه ابن ماجه (عقب رقم 647 دار إحياء الكتب العربية

(2)

من طريق وهيب، عن أيوب، عن حفصة، عن أم عطية، به.

فجعله من حديث أيوب عن حفصة بنت سيرين بدلًا من أخيها محمد.

قال ابن ماجه: ((قال محمد بن يحيى -[وهو الذهلي]-: وهيب أَولاهما عندنا بهذا)).

وتعقبه ابن رجب، فقال:((وزعم محمد بن يحيى الذهلي أن قول وهيب أصح. وفيه نظر)) (الفتح 2/ 155).

وهذا النظر بَيَّنه ابن حجر بقوله: ((وما ذهب إليه البخاري من تصحيح رواية

(1)

- ولأيوب أيضًا متابعة عند الحاكم (620) من طريق هشام بن حسان، عن ابن سيرين، ولكن لهذه المتابعة علة كما ستراه عقب الرواية الثالثة.

(2)

سقط من طبعة التأصيل، وهو مثبة في طبعة دار الرسالة العالمية، ودار الجيل، ودار الصديق، وكذا ذكره المزي في (التحفة 13/ 42 - 43).

ص: 8

إسماعيل أرجح؛ لموافقة معمر له، ولأن إسماعيل أحفظ لحديث أيوب من غيره، ويمكن أن أيوب سمعه منهما)) (فتح الباري 1/ 426).

قلنا: رواية حفصة محفوظة من طريق آخر:

رواها الطبراني (25/ 64/ 153) من طريق زائدة، عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، بمثل لفظ البخاري.

وقد رواه جماعة عن هشام بسياقة أخرى كما سيأتي في الرواية الثالثة لهذا الحديث.

ورواه قتادة أيضًا عن حفصة به مع الزيادة كما يلي.

تحقيق الزيادة [بَعْدَ الطُّهْرِ]:

رواه بها أبو داود (307) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا حماد، عن قتادة، عن أم الهذيل، عن أم عطية، به.

ورواه الدارمي (891)، والطبراني (25/ 63)، وابن المنذر (816)، والحاكم (631)، من طريق حجاج بن المنهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، به، إلا أنه وقع عند الدارمي والطبراني وابن المنذر بلفظ:((بَعْدَ الْغُسْلِ)).

والظاهر أنها رواية بالمعنى، فالمراد بالغسل الاغتسال من الحيضة، وهو لا يكون إلا بعد الطهر، فالمعنى واحد، وإن كان لفظ الطهر أصح، إذ توبع عليه حماد:

فقد رواه الطبراني (25/ 64) من طريق ابن أبي عروبة.

ورواه حرب في (مسائله) -كما نقله ابن رجب- من طريق شعبة.

ورواه البيهقي (1617) من طريق أبان.

ص: 9

ثلاثتهم عن قتادة به بمثل رواية أبي داود.

وهذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، أُم الهذيل هي حفصة بنت سيرين، ثقة من رجال الشيخين، وقتادة هو ابن دعامة السَّدوسي، ثقة ثَبْت من رجال الشيخين، والرواة عنه كلهم ثقات.

ولذا صححه جماعة من العلماء:

فقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين))! ! .

بينما قال النووي: ((رواية أبي داود إسنادها صحيح على شرط البخاري))! (المجموع 2/ 388 بتصرف يسير). ولعله عنى طريق ابن سيرين، وسيأتي ما فيه في التنبيهات.

وقال في موضع آخر: ((رواه أبو داود بإسناد صحيح)) (الخلاصة 1/ 233).

وقال ابن الملقن: ((إسناده على شرط الصحيح)) (البدر المنير 3/ 134).

وقال الألباني عقب ذكره تصحيح الحاكم: ((ووافقه الذهبى، وهو كما قالا))! (الإرواء 1/ 219).

بينما قال في موضع آخر: ((صحيح على شرط مسلم)) (صحيح أبي داود 2/ 114).

وتَعقب الحاكم في موضع ثالث قائلًا: ((إنما هو على شرط مسلم من أجل حماد بن سلمة

، واستدراكه على البخاري لا معنى له)) (الثمر المستطاب ص 37).

قلنا: قولهم: (على شرط الصحيح) فيه نظر؛ إذ ليس في واحد من الصحيحين رواية لقتادة عن أم الهذيل. وحماد بن سلمة إنما أخرج له البخاري تعليقًا،

ص: 10

نعم هو متابع، ولكنهم أسقطوا كلامهم عليها.

وجاءت الزيادة بلفظ الطهر من طريق هشام عن حفصة، انظر الرواية الثالثة.

[تنبيه]:

أحال أبو داود لفظ رواية محمد على لفظ رواية حفصة قائلًا: ((مثله))، وليس في حديث ابن سيرين قوله:((بعد الطهر))؛ ولذا قال الألباني: ((فقول المصنف في حديث ابن سيرين: ((بمثله)) فيه مسامحة)) (صحيح أبي داود 2/ 115).

وقد أبدى ابن رجب اعتراضه على هذه الإحالة، فنقل عن شعبة قوله:(((مثله)، ليس بحديث))، ثم قال:((يشير إلى أنه قد يقع التساهل في لفظه)) (الفتح 2/ 156).

وهو ما وقع هنا كما صرح به الألباني. وعليه فقول النووي فيما سبق عن الزيادة ((إسنادها على شرط البخاري)) ليس بجيد إن أراد به طريق محمد، وهو ما فهمه منه الألباني. فأمَّا إن أراد طريق حفصة، فقد سبق ما فيه.

ص: 11

رِوَايَةُ ((بَعْدَ الْغُسْلِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((كُنَّا لَا نَعْتَدُّ بِالْكُدْرَةِ وَالصُّفْرَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ شَيْئًا)).

[الحكم]:

صحيح. وصححه النووي، وهو رواية بالمعنى للفظ:((بعد الطهر)).

[التخريج]:

[مي 891 / منذ 816 / طب (25/ 63/ 151)].

[السند]:

رواه الدارمي قال: أخبرنا حجاج، حدثنا حماد، عن قتادة، عن أم الهذيل، عن أم عطية، به.

ورواه الطبراني والدارمي من طريق حجاج بن المنهال، به. ولفظ الطبراني:((كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الْغُسْلِ شَيْئًا)).

[التحقيق]:

إسناده صحيح كما قال النووي في (الخلاصة 1/ 232)، وانظر تحقيقنا للرواية السابقة.

ص: 12

رِوَايَةُ ((كُنَّا لَا نَرَى التَّرِيَّةَ

)):

•وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: ((كُنَّا لَا نَرَى التَّرِيَّةَ [بَعْدَ الطُّهْرِ] شَيْئًا، [وَهِيَ: الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ])).

[الحكم]:

صحيح. وصححه ابن السكن، وأقره ابن الملقن.

[اللغة]:

قال الأصمعي: ((التَّرِيَّةُ: هُوَ مَا تَرَاهُ المَرْأَةُ بَعْدَ الحَيْضِ مِنْ صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ)) (غريب الحديث للحربي 2/ 780).

وقال أبو عبيد القاسم بن سَلَّام: ((هي الشيء الخفي اليسير، وهو أقل من الصفرة والكدرة، ولا تكون الترية إلا بعد الاغتسال، فأما ما كان بعد في أيام الحيض فهو حَيض وليس بِتَريّة)) (غريب الحديث 1/ 278).

وقال ابن الأثير: ((التريّة -بالتشديد-: ما تراه المرأة بعد الحيض والاغتسال منه من كُدْرة أو صُفْرة. وقيل: هو البياض الذي تراه عند الطُّهر. وقيل: هي الخِرْقة التي تَعرف بها المرأة حيضَها من طُهْرها. والتاء فيها زائدة؛ لأنه من الرؤية، والأصل فيها الهمز، ولكنهم تركوه وشددوا الياء، فصارت اللفظة كأنها (فَعِيلة) وبعضهم يُشدّ الراء والياء.

ومعنى الحديث: أنّ الحائض إذا طهُرت واغتَسلت ثم عادت رأت صُفْرة أو كُدْرة، لم تَعْتَدَّ بها، ولم يؤثر في طُهْرها)) (النهاية 1/ 499).

[التخريج]:

[ش 1004 "واللفظ له" / قط 850 "والزيادة الأولى له والثانية له وللباقين" / حق 2359/ غحر (2/ 779) / منذ 815].

ص: 13

[السند]:

رواه ابن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن هشام، عن حفصة، عن أم عطية به دون الزيادتين.

ورواه ابن راهويه عن عيسى بن يونس.

ورواه الحربي من طريق حماد بن زيد.

ورواه ابن المنذر من طريق ابن عُلَيَّة.

والدَّارَقُطْنِيّ من طريق عبد الوهاب الخفاف.

أربعتهم: عن هشام بن حسان، عن حفصة، به مع تفسير الترية بالكدرة والصفرة، وزاد الخفاف وحده:((بَعْدَ الطُّهْرِ)).

فمداره عندهم على هشام.

[التحقيق]:

إسناده من المدار صحيح على شرط الشيخين، ورواية حماد عن هشام في الصحيحين، ورواية ابن عُلَيَّة وعيسى عنه في صحيح مسلم.

وتَفَرَّد عبد الوهاب الخفاف بزيادة: ((بَعْدَ الطُّهْرِ)) في حديث هشام بن حسان، والخفاف صدوق موثق، وفيه كلام يسير من جهة حفظه، وكل واحد من الباقين أوثق منه، فاجتماعهم قد يُعِل رواية الخفاف، إلا أنها قد وردت في حديث حفصة من رواية قتادة عنها كما سبق، وصححها جماعة من العلماء.

وقد ذكرها ابن السكن في صحاحه من هذا الوجه كما في (البدر المنير 3/ 135).

ص: 14

3355 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: ((مَا كُنَّا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم).

[الحكم]:

صحيح المتن من حديث أم عطية، منكر من حديث عائشة، وسنده ضعيف. وضَعَّفه: البيهقي -وأقره النووي وابن دقيق ومغلطاي-، وابن الملقن، وابن حجر.

[التخريج]:

[هق 1619/ خلد 81].

[السند]:

أخرجه البيهقي في (السنن)، قال: أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن المبارك الحناط، ثنا محمد بن أشرس السلمي، حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيات العبدي، عن بحر السقاء، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.

وابن أشرس ضعيف. وإبراهيم الزيات ليس بالقوي.

ولكن جاء من غير طريقهما:

فرواه ابن مخلد العطار في (الثاني من المنتقى من حديثه) عن حاتم بن الليث، قال: ثنا عبيد الله، قال: ثنا بحر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، بنحوه.

وحاتم وعبيد الله -وهو ابن موسى- ثقتان، فمداره عندهما على بحر السقاء، به.

ص: 15

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه بحر بن كنيز السقاء، وهو متفق عل ضعفه ووهائه، قال الذهبي:((وهَّوه، قال الدَّارَقُطْنِيّ: متروك)) (الكاشف 537). وانظر: (الميزان 2/ 5)، و (تهذيب التهذيب 1/ 419).

ولذا قال البيهقي: ((رُوي عن عائشة بإسناد ضعيف لا يسوى ذكره

(1)

)) (السنن الكبرى، عقب رقم 1618).

وأقره النووي في (المجموع 2/ 388)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 218)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 181)، والعيني في (العمدة 3/ 310).

وقال ابن الملقن: ((ضعيف بمرة، رواه البيهقي وقال: إسناده ضعيف)) (البدر المنير 3/ 132، 133).

وضعفه ببحر السقاء الحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 301).

[تنبيه]:

قال البيهقي -عقب ذكره لهذا الحديث-: ((ورُوي معناه عن عائشة بإسناد أمثل من ذلك))، ثم ساقه من طريق محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عطاء عن عائشة، أنها قالت:((إِذَا رَأَتِ المَرْأَةُ الدَّمَ فَلْتُمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَرَاهُ أَبَيْضَ كَالقُصَّةِ، فَإِذَا رَأَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ، فَإِذَا رَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً فَلْتَتَوضَّأْ وَلْتُصَلِّ، فَإِذَا رَأَتْ دَمًا أَحْمَرَ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ)).

(1)

- كذا وقع في (طبعة هجر 2/ 471)، وكذا وقع في (الإمام 3/ 218)، و (شرح ابن ماجه 3/ 181)، و (البدر المنير 3/ 133)، و (عمدة القاري 3/ 310)، ووقع في الطبعة الهندية والعلمية:((لا يسوءني ذكره))! .

ص: 16

وهذا ظاهر وقفه، كما جزم به مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 182)، ومع ذلك فهو وارد في الحامل ترى الدم كما عند عبد الرزاق (1214)، وغيره.

رِوَايَةُ ((كُنَّا لَا نَعْتَدُّ

)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كُنَّا لَا نَعْتَدُّ بِالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا)).

[الحكم]:

خطأ بذكر عائشة، وإنما هو من حديث أم عطية، وبهذا أعله: الإمام أحمد والدَّارَقُطْنِيّ.

[التخريج]:

[علحم 1697].

[السند]:

قال أحمد: حدثني عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أم الهذيل، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، لكن قوله:((عن عائشة)) وهمٌ؛ فقد رواه ابن أبي عروبة، وشعبة، وأبان، ثلاثتهم: عن قتادة، عن حفصة، عن أم عطية، به. وقد تقدم.

ولذا قال الإمام أحمد: ((إنما هو قتادة، عن حفصة، عن أم عطية)) (العلل 2/ 101).

ص: 17

وقد سئل الدَّارَقُطْنِيّ عنه، فقال:((رواه حماد بن سلمة عن قتادة عن أم الهذيل -وهي حفصة بنت سيرين- ووهم فيه؛ وإنما رواه قتادة عن حفصة عن أم عطية)) (العلل 3786).

قلنا: وقد رواه موسى التبوذكي وحجاج بن المنهال عن حماد بن سلمة على الصواب عن قتادة، عن حفصة، عن أم عطية كما سبق.

رِوَايَةُ ((مَا كُنَّا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ حَيْضًا)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((مَا كُنَّا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ حَيْضًا)).

[الحكم]:

متنه صحيح بما سبق. وهذا إسناده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه: ابن رجب ومغلطاي.

[التخريج]:

[محلى (2/ 166)].

[السند]:

رواه ابن حزم فقال: حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا عبد الله بن نصر، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا ابن وضاح، ثنا موسى بن معاوية، حدثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن معاذة العدوية، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا، وعلته: أبو بكر الهذلي، فهو واهٍ جدًّا، وقال ابن حجر:((إخباري متروك الحديث)(التقريب 8002).

ص: 18

وبهذا أعله مغلطاي، فقال:((وراويه أبو بكر الهذلي، وهو كذاب متروك الحديث منكره، لا يُحتج به)) (شرح ابن ماجه 3/ 182).

وقال العيني: ((سنده واهٍ لأجل أبي بكر النهشلي الكذاب)) (العمدة 3/ 310).

وقَصَّر ابن رجب فقال: ((وروى وكيع عن أبي بكر الهذلي عن معاذة عن عائشة، قالت: ((مَا كُنَّا نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا)). وأبو بكر الهذلي ضعيف)) (الفتح 2/ 156).

وباقي رجاله ثقات.

[تنبيه]:

ذكر الرافعي هذا الحديث في شرحه الكبير (2/ 487)، وكذا أبو إسحاق الشيرازي في (المهذب 1/ 79) بلفظ:((كُنَّا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالكُدْرَةَ حَيْضًا)). أي: عكس الوارد.

قال النووي: ((لا أعلم من رواه بهذا اللفظ)) (المجموع 2/ 388).

ثم ذكره في فصل الضعيف من كتابه (خلاصة الأحكام 616).

وقال ابن الملقن: ((هذا الحديث غريب بهذا اللفظ)) (البدر المنير 3/ 131).

ص: 19

3356 -

حَدِيثُ ثَوْبَانَ:

◼ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: سَأَلْتُ ثَوْبَانَ عَنْ التَّرِيَّةِ فَقَالَ: ((لَا بَأْسَ بِهَا، تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي)). قَالَ: قُلْتُ: أَشَيْئًا تَقُولُهُ أَمْ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ: ((بَلْ سَمِعْتُهُ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قِيلَ لِثَوْبَانَ: الْمَرْأَةُ تَرَى الصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ (بَعْدَ الْغُسْلِ مِنَ الْمَحِيضِ؟ ) قَالَ: ((لَا بَأْسَ، لِتَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِتُصَلِّ

(1)

))، قِيلَ لَهُ: أَشَيْئًا قُلْتَهُ [بِرَأْيِكَ] أَمْ [شَيْئًا] سَمِعْتَهُ [مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: (([لَا]، بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم).

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [عب 1227].

تخريج السياقة الثانية: [طش 1188، 3480 "واللفظ له"، 3481 "والزيادات والرواية له"].

[التحقيق]:

مداره على مكحول، ورُوي عنه من ثلاثة طرق:

الطريق الأول:

(1)

- جاء في الموضع الأول (1188) بدل هذه الكلمة: ((تَغْتَسِلُ". وهو خطأ من الناسخ، فالحديث في الموضع الثاني (3480) بنفس الإسناد، وبلفظ:«لتُصَلِّ» ، وكذا في الموضع الثالث من طريق آخر، ثم إن ذكر الغسل يتنافي مع قوله: «لا بأس))، والله أعلم.

ص: 20

أخرجه عبد الرزاق، عن ابن المبارك، عن رجل سمع مكحولًا يقول: سألت ثوبان.

وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي سمع مكحولًا.

وقوله: (أن مكحولًا سأل ثوبان) خطأ، فمكحول لم يسمع من ثوبان كما سيأتي.

الطريق الثاني:

أخرجه الطبراني في (مسند الشاميين 1188، 3480) قال: حدثنا الحسن بن جرير الصوري، [وسليمان بن أيوب بن حذلم، قالا: ] ثنا سليمان بن عبد الرحمن [الدمشقي]، ثنا الحسن بن يحيى [الخُشَنِي]، عن زيد بن واقد، عن مكحول، به، بلفظ السياقة الثانية، والزيادات من الموضع الأول.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الحسن بن يحيى الخُشَني: ((صدوق، كثير الغلط)) (التقريب 1295).

الثانية: الانقطاع، فمكحول لا يثبت له سماع من ثوبان. قال المزي:((مكحول عن ثوبان، يقال: مرسل)(التهذيب 28/ 465).

قلنا: مقتضى كلام أبي حاتم والترمذي أنه لم يسمع منه. انظر (المراسيل لابن أبي حاتم 789)، و (تهذيب التهذيب 10/ 290، 291).

وأما رواية عبد الرزاق التي يقول فيها مكحول: (سألت ثوبان) فإسنادها ضعيف، فلا يُعتمد عليها في إثبات السماع.

الطريق الثالث:

أخرجه الطبراني أيضًا في (مسند الشاميين 3481) قال: حدثنا محمد بن

ص: 21

عمرو بن خالد الحراني، حدثني أبي، ثنا محمد بن سلمة الحراني، عن مكي بن حسن، عن عطاء بن عجلان، عن مكحول به.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علل:

الأولى: الانقطاع كما سبق.

الثانية: عطاء بن عجلان، قال ابن حجر:((متروك، بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب)) (التقريب 4594).

الثالثة: مكي بن حسن، ولم نعرفه.

ولا يمكن أن يتقوى الحديث بهذه الطرق؛ لأن علة الانقطاع باقية فيها جميعًا، والله أعلم.

ص: 22

3357 -

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ -فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي تَرَى مَا يُرِيبُهَا (الشَّيْءَ مِنَ الدَّمِ يُرِيبُهَا) بَعْدَ الطُّهْرِ-: ((إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ)) أَوْ قَالَ: ((عُرُوقٌ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: ((إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ -أَوْ: عُرُوقٌ-)).

[الحكم]:

صحيح المتن بشواهده، وإسناده ضعيف. وضَعَّفه ابن دقيق، ومغلطاي، وابن رجب. وصححه البوصيري لذاته! والألباني بشواهده.

[الفوائد]:

بَوَّب ابن ماجه عليه: (بَابُ مَا جَاءَ فِي الحَائِضِ تَرَى بَعْدَ الطُّهْرِ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ).

[التخريج]:

تخريج السياق الأولى: [د 293/ جه 622/ حم 24428 واللفظ له، 25269، 25803، 26388 والرواية له/ طش 2831/ هق 1621، 1622/ حق 1736/ جا 116/ ميمي 354/ كما (35/ 333) / عيل (كثير - إمام 3/ 220)، (مغلطاي 3/ 180)].

تخريج السياق الثاني: [فحيم 31 / عيل (كثير - إمام 3/ 220، 221)].

[التحقيق]:

رواه أحمد (24428) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، حدثنا حسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، أن أم بكر أخبرته أن عائشة،

ص: 23

به.

ورواه أبو داود (293) عن أبي معمر المقعد، حدثنا عبد الوارث، عن الحسين، به.

والحسين هو ابن ذَكْوان المعلم، وقد توبع:

فرواه أحمد (25803، 25269)، وابن راهويه من طريق علي بن المبارك.

ورواه أحمد (26388)، وابن ماجه، وابن الجارود، والإسماعيلي والبيهقي من طريق شيبان النحوى.

ورواه الطبراني في مسنده، والبيهقي (1621) من طريق معاوية بن سَلَّام.

ثلاثتهم عن يحيى، عن أبي سلمة به، إلا أن شيبان ومعاوية قالا: ((عن أم أبي بكر

(1)

)، وصححه أبو حاتم في (العلل 118)، والدَّارَقُطْنِيّ في (العلل 8/ 441).

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أم بكر، أو: أم أبي بكر، فهي مجهولة، قال الذهبي:((لا تُعرف)) (الميزان 4/ 611).

وكذلك قال ابن حجر: ((لا يُعرف حالها)) (التقريب 8707).

وانفرد بالرواية عنها أبو سلمة، وهو ابن عبد الرحمن، وقد رُوي عنه عن عائشة بلا واسطة:

(1)

وقع في (طبعة دار الكتب العلمية) لسنن ابن ماجه: ((أُمّ بَكْرٍ))، وفي (تحفة الأشراف 12/ 439) وفي التأصيل:((أم أبي بكر))، ولعله الصواب، فهو عند ابن الجارود من نفس طريق ابن ماجه كما في التحفة، ولكن ذكر ابن دقيق أنه ورد:(أم بكر) من وجه آخر عن شيبان، وانظر بقية التحقيق.

ص: 24

فرواه ابن أخي مِيمِي في (فوائده)، والإسماعيلي في (حديث يحيى) كما في (شرح ابن ماجه) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة به.

فأسقط منه أم بكر، قال الإسماعيلي:((أدخل بعضهم في هذا الحديث بين أبي سلمة وعائشة: أم بكر)) (شرح ابن ماجه 3/ 180).

قال مغلطاي: ((ويقال: أم أبي بكر، مجهولة الحال والعين. وأبو سلمة صحيح السماع من عائشة، لا ينكره أحد، فلو صرح هنا بالسماع لكان الحديث صحيحًا)) (شرح ابن ماجه 3/ 180).

قلنا: لم يصرح، وحتى لو ورد فيه تصريح فسيكون خطأ؛ لأن المحفوظ من رواية جمع من الثقات عن يحيى ذكر واسطة بين أبي سلمة وعائشة.

ولعل سقوطها هنا من قِبل الوليد بن مسلم، فإنه يدلس ويسوي، وقد خولف فيه:

فرواه ابن دحيم في (فوائده 31) من طريق دحيم عن بشر (بن بكر) التِّنِّيسي،

ومن طريق محمود بن خالد السلمي عن عبد الله بن كثير القارئ الدمشقي، كلاهما عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثتني أم أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قالت: حدثتني عائشة. بلفظ السياقة الثانية.

فأثبت الواسطة، وسماها:((أم أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم))! !

وكذا رواه الإسماعيلي عن ابن أبي حسان، عن دحيم وعن غيره، ثم قال الإسماعيلي:((كذا قال ابن أبي حسان، ثم رجع فقال: أم أبي بكر بنت محمد بن عمرو بن حزم)) (الإمام 3/ 221).

ص: 25

وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أمه هي كبشة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، ولم نقف على أخت له تكنى بأم أبي بكر.

وذكر الدَّارَقُطْنِيّ أن يحيى البابلتي رواه أيضًا عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أم أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عائشة به

(1)

.

وهذا الوجه هو الذي صححه الدَّارَقُطْنِيّ في (العلل 8/ 441).

وعلى كل، فذِكر أم بكر أو أم أبي بكر فيه هو المحفوظ، وهي علة الإسناد، وبها أعله غير واحد:

فقال ابن رجب: ((أم بكر - ويقال: أم أبي بكر -، لم يَرْوِ عنها غير هذا الحديث، وليست بمشهورة)) (فتح الباري 2/ 156).

وقال ابن دقيق: ((ليس في إسناده من يحتاج إلى الكشف عن حاله إلا أم أبي بكر، وقد اختُلف في اسمها)) (الإمام 3/ 219).

قال الشوكاني: ((وأم بكر لا يُعرف حالها، وبقية الإسناد ثقات)) (نيل الأوطار 1/ 341).

وتساهل البوصيري رحمه الله، فقال:((هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات)) (مصباح الزجاجة 1/ 83)، وأقره السندي في (الحاشية 1/ 223).

بينما قال الألباني -متعقبًا البوصيري-: ((كذا قال! وقد اغتر بتوثيق ابن حبان لأم بكر هذه، وقد عَرَفتَ حالها)) (صحيح أبي داود 2/ 85).

وكان قد قال قبله: ((هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير

(1)

- وظاهر صنيع ابن دقيق أن ابن كثير، والبابلتي، وبشر -وقد تحرف في مطبوعته إلى ((بكر"! -، قالوا فيه: ((أم بكر))، ولم ينسبوها، (الإمام 3/ 220، 221).

ص: 26

أم بكر، قال الذهبي والعسقلاني:((لا تُعرف)). قلت: لكن حديثها هذا صحيح؛ فقد تابعها عليه عروة عن عائشة، وهو وعمرة عنها أيضًا)) (صحيح أبي داود 2/ 85).

قلنا: يعني بحديث عروة عن عائشة، حديثها في قصة فاطمة بنت حبيش أنها قالت: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ

))، وهو متفق عليه، خرجناه في فصل الاستحاضة، ومثله حديث عروة وعمرة، وهو في قصة أم حبيبة.

[تنبيهات]:

الأول: قال الطبراني عقب الحديث مشيرًا إلى نسب ابن أم أبي بكر راويته: ((أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام)).

كذا نسبه، وأبو بكر هذا أمه هي فاختة بنت عنبة بن سهيل بن عمرو، مشهورة، وليست هي صاحبة الحديث، والله أعلم.

الثاني: ذكر الدَّارَقُطْنِيّ أن الإمام أحمد روى هذا الحديث عن الأشيب وحسين المروذي عن شيبان عن يحيى عن أم بكر، ولم يذكر أبا سلمة))! (العلل 8/ 441).

والذي في (المسند 26388) عن حسن بن موسى الأشيب وحسين بن محمد المروذي، قالا: حدثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أم أبي بكر، أنها أخبرته أن عائشة قالت في المرأة ترى الشيء من الدم يريبها بعد الطهر؟ قال:((إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ -أَوْ: عُرُوقٌ-)).

فذكر فيه أبا سلمة خلافًا لما قاله الدَّارَقُطْنِيّ! !

ص: 27

وقولها: ((قَالَ: إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ

)) إلخ، القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم. ووقع في (الطبعة الميمنية 6/ 279): قالت))، فأوهم أنه موقوف!

الثالث: قال الشوكاني: ((والحديث حسنه المنذري)) (نيل الأوطار 1/ 341).

والذي في (المختصر 1/ 189) أنه سكت عنه، فالله أعلم.

ص: 28